كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس


مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 مايو 2022

مجلد 11.الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 152 .

 

11

مجلد 11.الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 152 .

 -------
(حوذ) : الحوذ أن يتبع السائق حاذيى البعير أي أدبار فخذيه فيعنف فى سوقه ، يقال حاذ الإبل يحوذها أي ساقها سوقا عنيفا ، وقوله : اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطانُ استاقهم مستوليا عليهم أو من قولهم استحوذ العير على الأتان أي استولى على حاذيها أي جانبى ظهرها. ويقال استحاذ وهو القياس واستعارة ذلك كقولهم : اقتعده الشيطان وارتكبه ، والأحوذى الخفيف الحاذق بالشيء من الحوذ ، أي السوق.
(حور) : الحور التردد إما بالذات وإما بالفكر ، وقوله عز وجل : إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ أي لن يبعث وذلك نحو قوله : زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ لَنْ يُبْعَثُوا قُلْ بَلى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ وحار الماء فى الغدير تردد فيه ، وحار فى أمره تحير ومنه المحور للعود الذي تجرى عليه البكرة لتردده وبهذا النظر قيل سير السواني أبدا لا ينقطع. ومحارة الأذن لظاهره المنقعر تشبيها بمحارة الماء لتردد الهواء بالصوت فيه كتردد الماء فى المحارة ، والقوم فى حوار فى تردد إلى نقصان وقوله نعوذ باللَّه من الحور بعد الكور أي من التردد فى الأمر بعد المضي فيه أو من نقصان وتردد فى الحال بعد الزيادة فيها ، وقيل حار بعد ما كان. والمحاورة والحوار المرادة فى الكلام ، ومنه التحاور قال اللَّه تعالى : وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحاوُرَكُما وكلمته فما رجع إلى حوار أو حوير أو محورة وما يعيش بأحور أي بعقل يحور إليه ، وقوله تعالى : حُورٌ مَقْصُوراتٌ فِي الْخِيامِ - وَحُورٌ عِينٌ جمع أحور وحوراء ، والحور قيل ظهور قليل من البياض فى العين من بين السواد وأحورت عينه وذلك نهاية الحسن من العين ، وقيل حورت الشيء بيضته ودورته ومنه الخبز الحوار.
و الحواريون أنصار عيسى عليه السلام ، قيل كانوا قصارين وقيل كانوا صيادين وقال بعض العلماء إنما سموا حواريين لأنهم كانوا يطهرون نفوس الناس بإفادتهم الدين والعلم المشار إليه بقوله تعالى : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً قال : وإنما قيل كانوا قاصرين على التمثيل والتشبيه وتصور منه من لم يتخصص بمعرفته الحقائق المهنة المتداولة بين العامة ، قال : وإنما كانوا صيادين لاصطيادهم نفوس الناس من الحيرة وقودهم إلى الحق ،
قال صلّى اللَّه عليه وسلّم : «الزبير ابن عمتى وحوارىّ»
و
قوله صلّى اللَّه عليه وسلّم : «لكل نبى حوارى وحوارى الزبير»
فتشبيه بهم فى النصرة حيث قال : مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللَّهِ قالَ الْحَوارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصارُ اللَّهِ.

(1/3265)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 153
(حاج) : الحاجة إلى الشيء الفقر إليه مع محبته وجمعها حاجات وحوائج ، وحاج يحوج احتاج قال تعالى : إِلَّا حاجَةً فِي نَفْسِ يَعْقُوبَ قَضاها وقال : حاجَةً مِمَّا أُوتُوا والحوجاء الحاجة ، قيل الحاج ضرب من الشوك.
(حير) : يقال يحار حيرة فهو حائر وحيران وتحير واستحار إذا تبلد فى الأمر وتردد فيه ، قال تعالى : كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ والحائر الموضع الذي يتحير به الماء قال الشاعر :
و استحار شبابها
و هو أن يمتلىء حتى يرى فى ذاته حيرة ، والحيرة موضع قيل سمى بذلك الاجتماع ماء كان فيه.
(حيز) : قال اللَّه تعالى : أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ أي صائرا إلى حيز وأصله من الواو وذلك كل جمع منضم بعضه إلى بعض ، وحزت الشيء أحوزه حوزا ، وحمى حوزته أي جمعه وتحوزت الحية وتحيزت أي تلوت ، والأحوزىّ الذي جمع حوزه متشمرا وعبر به عن الخفيف السريع.
(حاشى) : قال اللَّه تعالى : وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ أي بعدا منه قال أبو عبيدة : هى تنزيه واستثناء ، وقال أبو على الفسوي رحمه اللَّه : حاش ليس باسم لأن حرف الجر لا يدخل على مثله ، وليس بحرف لأن الحرف لا يحذف منه ما لم يكن مضعفا ، تقول حاش وحاشى ، فمنهم من جعل حاش أصلا فى بابه وجعله من لفظة الحوش أي الوحش ومنه حوشى الكلام. وقيل الحوش فحول جن نسبت إليها وحشة الصيد. وأحشته إذا جئته من حواليه لتصرفه إلى الحبالة ، واحتوشوه وتحوشوه : أتوه من جوانبه والحوش أن يأكل الإنسان من جانب الطعام ومنهم من حمل ذلك مقلوبا من حشى ومنه الحاشية وقال :
و ما أحاشى من الأقوام من أحد
كأنه قال لا أجعل أحدا فى حشا واحد فأستثنيه من تفضيلك عليه ، قال الشاعر :

(1/3266)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 154
و لا يتحشى الفحل إن أعرضت به ولا يمنع المرباع منه فصيلها (حاص) : قال تعالى : هَلْ مِنْ مَحِيصٍ وقوله تعالى : ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ أصله من حيص بيص أي شدة ، وحاص عن الحق يحيص أي حاد عنه إلى شدة ومكروه. وأما الحوص فخياطة الجلد ومنه حيصت عين الصقر.
(حيض) : الحيض الدم الخارج من الرحم على وصف مخصوص فى وقت مخصوص ، والمحيض الحيض ووقت الحيض وموضعه على أن المصدر فى هذا النحو من الفعل يجىء على مفعل نحو معاش ومعاد وقول الشاعر :
لا يستطيع بها القراد مقيلا
أي مكانا للقيلولة وإن كان قد قيل هو مصدر ويقال ما فى برك مكيل ومكال.
(حائط) : الحائط الجدار الذي يحوط بالمكان والإحاطة تقال على وجهين أحدهما فى الأجسام نحو أحطت بمكان كذا أو تستعمل فى الحفظ نحو :
أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ أي حافظ له من جميع جهاته وتستعمل فى المنع نحو : إِلَّا أَنْ يُحاطَ بِكُمْ أي إلا أن تمنعوا وقوله : أَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فذلك أبلغ استعارة وذاك أن الإنسان إذا ارتكب ذنبا واستمر عليه استجره إلى معاودة ما هو أعظم منه فلا يزال يرتقى حتى يطبع على قلبه فلا يمكنه أن يخرج عن تعاطيه ، والاحتياط استعمال ما فيه الحياطة أي الحفظ. والثاني فى العلم نحو قوله : أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً وقوله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ وقوله : إِنَّ رَبِّي بِما تَعْمَلُونَ مُحِيطٌ والإحاطة بالشيء علما هى أن تعلم وجوده وجنسه وكيفيته وغرضه المقصود به وبإيجاده وما يكون به ومنه ، وذلك ليس إلا للَّه تعالى ، وقال عز وجل : بَلْ كَذَّبُوا بِما لَمْ يُحِيطُوا بِعِلْمِهِ فنفى ذلك عنهم. وقال صاحب موسى : وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً تنبيها أن الصبر التام إنما يقع بعد إحاطة العلم بالشيء وذلك صعب إلا بفيض إليه. وقوله عز وجل : وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ فذلك إحاطة بالقدرة ، إلهى. وقوله عز وجل : وَظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ فذلك إحاطة بالقدرة ، وكذلك قوله عز وجل : وَأُخْرى لَمْ تَقْدِرُوا عَلَيْها قَدْ أَحاطَ اللَّهُ بِها وعلى ذلك قوله : إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ.
(حيف) : الحيف الميل فى الحكم والجنوح إلى أحد الجانبين ، قال اللَّه تعالى : أَمْ يَخافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أي يخافون أن يجور فى حكمه ويقال تحيفت الشيء أخذته من جوانبه.

(1/3267)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 155
(حاق) : قوله تعالى : وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ قال عزّ وجلّ : وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ أي لا ينزل ولا يصيب ، قيل وأصله حق فقلب نحو زل ورال وقد قرىء : فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ وأزلهما ، وعلى هذا : ذمه وذامه.
(حول) : أصل الحول تغير الشيء وانفصاله عن غيره وباعتبار التغير قيل حال الشيء يحول حؤولا واستحال تهيأ لأن يحول ، وباعتبار الانفصال قيل حال بينى وبينك كذا ، وقوله تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ فإشارة إلى ما قيل فى وصفه : يقلب القلوب وهو أن يلقى فى قلب الإنسان ما يصرفه عن مراده لحكمة تقتضى ذلك ، وقيل على ذلك وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ ما يَشْتَهُونَ وقال بعضهم فى قوله : يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ هو أن يهمله ويرده إلى أرذل العمر لكيلا يعلم من بعد علم شيئا ، وحولت الشيء فتحول : غيرته إما بالذات وإما بالحكم والقول ، ومنه أحلت على فلان بالدين. وقولك حولت الكتاب هو أن تنقل صورة ما فيه إلى غيره من غير إزالة الصورة الأولى وفى مثل : لو كان ذا حيلة لتحول ، وقوله عز وجل : لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا أي تحولا والحول السنة اعتبارا بانقلابها ودوران الشمس فى مطالعها ومغاربها ، قال اللَّه تعالى : وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ وقوله عز وجل :
مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ومنه حالت السنة تحول وحالت الدار تغيرت ، وأحالت وأحولت أتى عليها الحول نحو أعامت وأشهرت ، وأحال فلان بمكان كذا أقام به حولا ، وحالت الناقة تحول حيالا إذا لم تحمل وذلك لتغير ما جرت به عادتها والحال لما يختص به الإنسان وغيره من أموره المتغيرة فى نفسه وجسمه وقنيته ، والحول ما له من القوة فى أحد هذه الأصول الثلاثة ومنه قيل لا حول ولا قوة إلا باللَّه ، وحول الشيء جانبه الذي يمكنه أن يحول إليه قال عز وجل : الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ والحيلة والحويلة ما يتوصل به إلى حالة ما فى خفية وأكثر استعمالها فيما فى تعاطيه خبث ، وقد تستعمل فيما فيه حكمة ولهذا قيل فى وصف اللَّه عزّ وجلّ : وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ أي الوصول فى خفية من الناس إلى ما فيه حكمة ، وعلى هذا النحو وصف بالمكر والكيد لا على الوجه المذموم ، تعالى اللَّه عن القبيح. والحيلة من الحول ولكن قلبت واوها ياء لانكسار ما قبلها ، ومنه قيل رجل حول ، وأما المحال فهو ما جمع فيه بين المتناقضين وذلك يوجد فى المقال نحو أن يقال جسم واحد فى مكانين فى حالة واحدة ، واستحال الشيء صار محالا فهو مستحيل أي أخذ فى أن يصير محالا ، والحولاء لما يخرج مع الولد. ولا

(1/3268)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 156
أفعل كذا ما أرزمت أم حائل وهى الأنثى من أولاد الناقة إذا تحولت عن حال الاشتباه فبان أنها أنثى ، ويقال للذكر بإزائها سقب. والحال تستعمل فى اللغة للصفة التي عليها الموصوف وفى تعارف أهل المنطق لكيفية سريعة الزوال نحو حرارة وبرودة ويبوسة ورطوبة عارضة.
(حين) : الحين وقت بلوغ الشيء وحصوله وهو مبهم المعنى ويتخصص بالمضاف إليه نحو قوله تعالى : وَلاتَ حِينَ مَناصٍ ومن قال حين فيأتى على أوجه : للأجل نحو : وَمَتَّعْناهُمْ إِلى حِينٍ وللسنة نحو قوله تعالى : تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّها وللساعة نحو : حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ وللزمان المطلق نحو : هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ - وَلَتَعْلَمُنَّ نَبَأَهُ بَعْدَ حِينٍ وإنما فسر ذلك بحسب ما وجد قد علق به ، ويقال عاملته محاينة حينا وحينا ، وأحينت بالمكان أقمت به حينا ، وحان حين كذا أي قرب أوانه ، وحينت الشيء جعلت له حينا ، والحين عبر به عن حين الموت.
(حيى) : الحياة تستعمل على أوجه :
الأول : للقوة النامية الموجودة فى النبات والحيوان ومنه قيل نبات حى ، قال عز وجل : اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وقال تعالى : وَأَحْيَيْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً - وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.
الثانية : للقوة الحساسة وبه سمى الحيوان حيوانا ، قال عز وجل : وَما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَلَا الْأَمْواتُ وقوله تعالى : أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفاتاً أَحْياءً وَأَمْواتاً وقوله تعالى : إِنَّ الَّذِي أَحْياها لَمُحْيِ الْمَوْتى إِنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ فقوله إن الذي أحياها إشارة إلى القوة النامية ، وقوله لمحيى الموتى إشارة إلى القوة الحساسة.
الثالثة : للقوة العاملة العاقلة كقوله تعالى : أَوَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ ، وقول الشاعر :
و قد ناديت لو أسمعت حيّا ولكن لا حياة لمن تنادى والرابعة : عبارة عن ارتفاع الغم وبهذا النظر قال الشاعر :
ليس من مات فاستراح بميت إنما الميت ميت الأحياء
و على هذا قوله عز وجل : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ

(1/3269)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 157
أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ
أي هم متلذذون لما روى فى الأخبار الكثيرة فى أرواح الشهداء.
الخامسة : الحياة الأخروية الأبدية وذلك يتوصل إليه بالحياة التي هى العقل والعلم قال اللَّه تعالى : اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ ، وقوله :
يا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَياتِي يعنى بها الحياة الأخروية الدائمة.
والسادسة : الحياة التي يوصف بها الباري فإنه إذا قيل فيه تعالى : هو حى.
فمعناه لا يصح عليه الموت وليس ذلك إلا اللَّه عزّ وجلّ. والحياة باعتبار الدنيا والآخرة ضربان الحياة الدنيا والحياة الآخرة ، قال عزّ وجلّ : فَأَمَّا مَنْ طَغى ، وَآثَرَ الْحَياةَ الدُّنْيا وقال عز وجل : اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ وقال تعالى : وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مَتاعٌ أي الأعراض الدنيوية وقال : وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها وقوله تعالى : وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ أي حياة الدنيا ، وقوله عز وجل : وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى كان يطلب أن يريه الحياة الأخروية المعراة عن شوائب الآفات الدنيوية. وقوله عز وجل : وَلَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ أي يرتدع بالقصاص من يريد الإقدام على القتل فيكون فى ذلك حياة الناس. وقال عز وجل : وَمَنْ أَحْياها فَكَأَنَّما أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً أي من نجاها من الهلاك وعلى هذا قوله مخبرا عن إبراهيم : رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ - قالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ أي : أعفوا فيكون إحياء. والحيوان مقر الحياة ويقال على ضربين ، أحدهما : ماله الحاسة ، والثاني : ماله البقاء الأبدى وهو المذكور فى قوله عز وجل : وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ وقد نبه بقوله :
لَهِيَ الْحَيَوانُ أن الحيوان الحقيقي السرمدي الذي لا يفنى لا ما يبقى مدة ثم يفنى ، وقال بعض أهل اللغة : الحيوان والحياة واحد ، وقيل الحيوان ما فيه الحياة والموتان ما ليس فيه الحياة. والحيا المطر لأنه يحيى الأرض بعد موتها ، وإلى هذا أشار بقوله تعالى : وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ وقوله تعالى : إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيى فقد نبه أنه سماه بذلك من حيث إنه لم تمته الذنوب كما أماتت كثيرا من ولد آدم عليه السلام لا أنه كان يعرف بذلك فقط فإن هذا قليل الفائدة. وقوله عز وجل : يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ أي يخرج الإنسان من النطفة ، والدجاجة من البيضة ، ويخرج النبات من الأرض ويخرج النطفة من الإنسان. وقوله عز وجل : وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها وقوله تعالى : فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ

(1/3270)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 158
عِنْدِ اللَّهِ
فالتحية أن يقال حياك اللَّه أي جعل لك حياة وذلك إخبارهم ثم يجعل دعاء. ويقال حبا فلان فلانا تحية إذا قال له ذلك ، وأصل التحية من الحياة ثم جعل ذلك دعاء تحية لكون جميعه غير خارج عن حصول الحياة ، أو سبب حياة إما فى الدنيا وإما فى الآخرة ، ومنه التحيات للَّه. وقوله عز وجل : وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ أي يستبقونهن ، والحياء انقباض النفس عن القبائح وتركه لذلك يقال حيى فهو حى ، واستحيا فهو مستحى ، وقيل استحى فهو مستح ، قال اللَّه تعالى : إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها وقال عز وجل : وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ و
روى : «إن اللَّه تعالى يستحيى من ذى الشيبة المسلم أن يعذبه»
فليس يراد به انقباض النفس إذ هو تعالى منزه عن الوصف بذلك وإنما المراد به ترك تعذيبه ، وعلى هذا ما
روى : «إن اللَّه حيى»
أي تارك للقبائح فاعل للمحاسن.
(حوايا) : الحوايا جمع حوية وهى الأمعاء ، ويقال : للكساء الذي يلف به السنام حوية وأصله من حويت كذا حيا وحواية ، قال اللَّه تعالى : أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ.
(حوا) : قوله عز وجل : فَجَعَلَهُ غُثاءً أَحْوى أي شديد السواد وذلك إشارة إلى الدرين نحو :
و طال حبس بالدرين الأسود
و قيل تقديره وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى أحوى فجعله غثاء والحوة شدة الخضرة وقد احووى يحووى احوواء نحو ارعوى ، وقيل ليس لهما نظير ، وحوى حوة ومنه أحوى وحوى.

(1/3271)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 159
الخاء
(خبت) : الخبت المطمئن من الأرض وأخبت الرجل قصد الخبت أو نزله نحو أسهل وأنجد ، ثم استعمل الإخبات استعمال اللين والتواضع ، قال اللَّه تعالى : وَأَخْبَتُوا إِلى رَبِّهِمْ وقال تعالى : وَبَشِّرِ الْمُخْبِتِينَ أي المتواضعين ، نحو : لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ وقوله تعالى : فَتُخْبِتَ لَهُ قُلُوبُهُمْ أي تلين وتخشع والإخبات هاهنا قريب من الهبوط فى قوله تعالى : وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ.
(خبث) : المخبث والخبيث ما يكره رداءة وخساسة محسوسا كان أو معقولا ، وأصله الرديء الدخلة الجاري مجرى خبث الحديد كما قال الشاعر :
سبكناه ونحسبه لجينا فأبدى الكير عن خبث الحديد وذلك يتناول الباطل فى الاعتقاد والكذب فى المقال والقبيح فى الفعال ، قال عزّ وجلّ : وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبائِثَ أي ما لا يوافق النفس من المحظورات وقوله تعالى : وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ فكناية عن إتيان الرجال. وقال تعالى : ما كانَ اللَّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ حَتَّى يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ أي الأعمال الخبيثة من الأعمال الصالحة ، والنفوس الخبيثة من النفوس الزكية. وقال تعالى : وَلا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ أي الحرام بالحلال ، وقال تعالى : الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ أي الأفعال الردية والاختيارات المبهرجة لأمثالها وكذا : الْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ وقال تعالى : قُلْ لا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ أي الكافر والمؤمن والأعمال الفاسدة والأعمال الصالحة ، وقوله تعالى : وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ فإشارة إلى كل كلمة قبيحة من كفر وكذب ونميمة وغير ذلك ،
و قال صلّى اللَّه عليه وسلّم : «المؤمن أطيب من عمله ، والكافر أخبث من عمله»
و يقال خبيث مخبث أي فاعل الخبث.
(خبر) : الخبر العلم بالأشياء المعلومة من جهة الخبر وخبرته خبرا وخبرة وأخبرت أعلمت بما حصل لى من الخبر ، وقيل الخبرة المعرفة ببواطن الأمر والخبار والخبراء الأرض اللينة ، وقد يقال ذللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ
أي من أحوالكم التي نخبر عنها.
(خبز) : الخبز معروف قال اللَّه تعالى : أَحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزاً والخبزة ما يجعل فى الملة والخبر اتخاذه واختبزت إذا أمرت بخبزه والخبازة صنعته واستعير الخبز للسوق الشديد لتشبيه هيئة السائق بالخابز.
(خبط) : الخبط الضرب على غير استواء كخبط البعير الأرض بيده والرجل الشجر بعصاه ، ويقال للمخبوط خبط كما يقال للمضروب ضرب ، واستعير لعسف السلطان فقيل سلطان خبوط ، واختباط المعروف طلبه بعسف تشبيها بخبط الورق وقوله تعالى : يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ فيصح أن يكون من خبط الشجر وأن يكون من الاختباط الذي هو طلب المعروف ،
يروى عنه صلّى اللَّه عليه وسلّم «اللهم إنى أعوذ بك أن يتخبطنى الشيطان من المس».
(خبل) : الخبال الفساد الذي يلحق الحيوان فيورثه اضطرابا كالجنون والمرض المؤثر فى العقل والفكر ، ويقال خبل وخبل وخبال ويقال خبله وخبله فهو خابل والجمع الخبل ، ورجل مخبل ، قال اللَّه تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا وقال عز وجل : ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا و
فى الحديث : «من شرب الخمر ثلاثا كان حقا على اللَّه تعالى أن يسقيه من طينة الخبال»
. قال زهير :
هنالك إن يستخبلوا المال يخبلوا
أي إن طلب منهم إفساد شىء من إبلهم أفسدوه.
(خبو) : خبت النار تخبو سكن لهبها وصار علهيا خباء من رماد أو غشاء ، وأصل الخباء الغطاء الذي يتغطى به وقيل لغشاء السنبلة خباء قال عز وجل : كُلَّما خَبَتْ زِدْناهُمْ سَعِيراً.
(خب ء) : يخرج الخبء يقال ذلك لكل مدخر مستور ومنه قيل جارية خبأة وهى الجارية التي تظهر مرة وتخبأ أخرى ، والخباء سمة فى موضع خفى.

(1/3272)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 161
(ختر) : الختر غدر يختر فيه الإنسان أي يضعف ويكسر لاجتهاده فيه ، قال اللَّه تعالى : كُلُّ خَتَّارٍ كَفُورٍ.
(ختم) : الختم والطبع يقال على وجهين مصدر ختمت وطبعت وهو تأثير الشيء كنقش الخاتم والطابع والثاني الأثر الحاصل عن النقش ويتجوز بذلك تارة فى الاستيثاق من الشيء والمنع منه اعتبارا بما يحصل من المنع بالختم على الكتب والأبواب نحو : خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ - وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وتارة فى تحصيل أثر عن شىء اعتبارا بالنقش الحاصل ، وتارة يعتبر منه بلوغ الآخر ومن قيل ختمت القرآن أي انتهيت إلى آخره فقوله : خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وقوله تعالى : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَخَذَ اللَّهُ سَمْعَكُمْ وَأَبْصارَكُمْ وَخَتَمَ عَلى قُلُوبِكُمْ إشارة إلى ما أجرى اللَّه به العادة أن الإنسان إذا تناهى فى اعتقاد باطل أو ارتكاب محظور ولا يكون منه تلفت يوجه إلى الحق يورثه ذلك هيئة تمرنه على استحسان المعاصي وكأنما يختم بذلك على قلبه وعلى ذلك : أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ وعلى هذا النحو استعارة الإغفال فى قوله عز وجل :
وَ لا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا واستعارة الكن فى قوله تعالى :
وَ جَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ واستعارة القساوة فى قوله تعالى :
وَ جَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً قال الجبائي : يجعل اللَّه ختما على قلوب الكفار ليكون دلالة للملائكة على كفرهم فلا يدعون لهم ، وليس ذلك بشىء فإن هذه الكتابة إن كانت محسوسة فمن حقها أن يدركها أصحاب التشريح ، وإن كانت معقولة غير محسوسة فالملائكة باطلاعهم على اعتقاداتهم مستغنية عن الاستدلال. وقال بعضهم : ختمه شهادته تعالى عليه أنه لا يؤمن ، وقوله تعالى : الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ أي نمنعهم من الكلام وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ لأنه ختم النبوة أي تممها بمجيئه. وقوله عز وجل : خِتامُهُ مِسْكٌ قيل ما يختم به أي يطبع ، وإنما معناه منقطعه ، وخاتمة شربه : أي سؤره فى الطيب مسك ، وقول من قال يختم بالمسك أي يطبع فليس بشىء لأن الشراب يجب أن يطيب فى نفسه فأما ختمه بالطيب فليس مما يفيده ولا ينفعه طيب خاتمه ما لم يطب فى نفسه.
(خد) : قال اللَّه تعالى : قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ الخد والأخدود شق فى الأرض مستطيل غائص ، وجمع الأخدود أخاديد وأصل ذلك من خدى الإنسان وهما ما اكتنفا الأنف عن اليمين والشمال. والخد يستعار للأرض ولغيرها كاستعارة الوجه ، وتخدد اللحم زواله عن وجه الجسم ، يقال خددته فتخدد.

(1/3273)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 162
(خدع) : الخداع إنزال الغير عما هو بصدده بأمر يبديه على خلاف ما يخفيه ، قال تعالى : يُخادِعُونَ اللَّهَ أي يخادعون رسوله وأولياءه ونسب ذلك إلى اللَّه تعالى من حيث إن معاملة الرسول كمعاملته ولذلك قال تعالى :
إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ وجعل ذلك خداعا تفظيعا لفعلهم وتنبيها على عظم الرسول وعظم أوليائه ، وقول أهل اللغة إن هذا على حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه فيجب أن يعلم أن المقصود بمثله فى الحذف لا يحصل لو أتى بالمضاف المحذوف لما ذكرنا من التنبيه على أمرين ، أحدهما فظاعة فعلهم فيما تحروه من الخديعة وأنهم بمخادعتهم إياه يخادعون اللَّه ، والثاني التنبيه على عظم المقصود بالخداع وأن معاملته كمعاملة اللَّه كما نبه عليه بقوله تعالى : إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ الآية وقوله تعالى : وَهُوَ خادِعُهُمْ
قيل معناه مجازيهم بالخداع وقيل على وجه آخر مذكور فى قوله تعالى : وَهُوَ خادِعُهُمْ
قيل معناه مجازيهم بالخداع وقيل على وجه آخر مذكور فى قوله تعالى : وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وقيل خدع الضب أي استتر فى جحره واستعمال ذلك فى الضب أنه يعد عقربا تلدغ من يدخل يدى فى جحره حتى قيل العقرب بواب الضب وحاجبه. ولاعتقاد الخديعة فيه قيل أخدع من ضب ، وطريق خادع وخيدع مضل كأنه يخدع سالكه.
والمخدع بيت فى بيت كأن بانيه جعله خادعا لمن رام تناول ما فيه ، وخدع الريق إذا قل متصورا منه هذا المعنى ، والأخدعان تصور منهما الخداع لاستتارهما تارة وظهورهما تارة ، يقال خدعته : قطعت أخدعه ، و
فى الحديث : «بين يدى الساعة سنون خداعة»
أي محتالة لتلونها بالجدب مرة وبالخصب مرة.
(خدن) : قال اللَّه تعالى : وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ جمع خدن أي المصاحب وأكثر ذلك يستعمل فيمن يصاحب شهوة ، يقال خدن المرأة وخدينها ، وقول الشاعر :
خدين العلى
فاستعارة كقولهم يعشق العلى ويشبب بالندى وينسب بالمكارم.
(خذل) : قال تعالى : وَكانَ الشَّيْطانُ لِلْإِنْسانِ خَذُولًا أي كثير الخذلان ، والخذلان ترك من يظن به أن ينصر نصرته ، ولذلك قيل خذلت الوحشية ولدها وتخاذلت رجلا فلان ومنه قول الأعشى.
بين مغلوب تليل خده وخذول الرجل من غير كسح
و رجل خذلة كثيرا ما يخذل.

(1/3274)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 163
(خذ) : قال اللَّه تعالى : فَخُذْ ما آتَيْتُكَ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ وخذوه أصله من أخذ وقد تقدم.
(خر) : فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ وقال تعالى : فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ وقال تعالى : فَخَرَّ عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ فمعنى خر سقط سقوطا يسمع منه خرير ، والخرير يقال لصوت الماء والريح وغير ذلك مما يسقط من علو. وقوله تعالى : خَرُّوا لَهُ سُجَّداً فاستعمال الخر تنبيه على اجتماع أمرين : السقوط وحصول الصوت منهم بالتسبيح ، وقوله من بعده وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ ، فتنبيه أن ذلك الخرير كان تسبيحا بحمد اللَّه لا بشىء آخر.
(خرب) : يقال خرب المكان المكان خرابا وهو ضد العمارة ، قال اللَّه تعالى :
وَ سَعى فِي خَرابِها وقد أخربه ، وخربه قال اللَّه تعالى : يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فتخريبهم بأيديهم إنما كان لئلا تبقى للنبى صلّى اللَّه عليه وسلّم وأصحابه ، وقيل كان بإجلائهم عنها. والخربة شق واسع فى الأذن تصورا أنه قد خرب أذنه ، ويقال رجل أخرب وامرأة خرباء نحو أقطع وقطعاء ثم شبه به الخرق فى أذن المزادة فقيل خربة المزادة ، واستعارة ذلك كاستعارة الأذن له ، وجعل الخارب مختصا بسارق الإبل ، والخرب ذكر الحبارى وجمعه خربان قال الشاعر :
أبصر خربان فضاء فانكدر
(خرج) : خرج خروجا : برز من مقره أو حاله سواء كان مقره دارا أو بلدا أو ثوبا ، وسواء كان حاله حالة فى نفسه أو فى أسبابه الخارجة ، قال تعالى : فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ وقال تعالى : أخرج مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها وقال : وَما تَخْرُجُ مِنْ ثَمَراتٍ مِنْ أَكْمامِها - فَهَلْ إِلى خُرُوجٍ مِنْ سَبِيلٍ - يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها والإخراج أكثر ما يقال فى الأعيان نحو أَنَّكُمْ مُخْرَجُونَ وقال عز وجل : كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ - وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً وقال تعالى : أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ وقال : أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِنْ قَرْيَتِكُمْ ويقال فى التكوين الذي هو من فعل اللَّه تعالى : وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهاتِكُمْ - فَأَخْرَجْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى وقال تعالى : يُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ والتخريج أكثر ما يقال فى العلوم والصناعات ، وقيل لما يخرج من الأرض ومن وكر الحيوان ونحو ذلك خرج وخراج ، قال اللَّه تعالى : أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجاً فَخَراجُ رَبِّكَ

(1/3275)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 164
خَيْرٌ
فإضافته إلى اللَّه تعالى تنبيه أنه هو الذي ألزمه وأوجبه ، والخرج أعم من الخراج ، وجعل الخرج بإزاء الدخل ، وقال تعالى : فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً والخراج مختص فى الغالب بالضريبة على الأرض ، وقيل العبد يؤدى خرجه أي غلته والرعية تؤدى إلى الأمير الخراج ، والخرج أيضا من السحاب وجمعه خروج وقيل الخراج بالضمان أي ما يخرج من مال البائع فهو بإزاء ما سقط عنه من ضمان المبيع ، والخارجي الذي يخرج بذاته عن أحوال أقرانه ويقال ذلك تارة على سبيل المدح إذا خرج إلى منزلة من هو أعلى منه ، وتارة يقال على سبيل الذم إذا خرج إلى منزلة من هو أدنى منه ، وعلى هذا يقال فلان ليس بإنسان تارة على المدح كما قال الشاعر :
فلست بإنسى ولكن كملأك تنزل من جو السماء يصوب
و تارة على الذم نحو إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعامِ والخرج لونان من بياض وسواد ، ويقال ظليم أخرج ونعامة خرجاء وأرض مخترجة ذات لونين لكون النبات منها فى مكان دون مكان ، والخوارج لكونهم خارجين عن طاعة الإمام.
(خرص) : الخرص حرز الثمرة ، والخرص المحروز كالنقض للمنقوض ، وقيل الخرص الكذب فى قوله تعالى : إِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ قيل معناه يكذبون. وقوله تعالى : قُتِلَ الْخَرَّاصُونَ قيل لعن الكذابون وحقيقة ذلك أن كل قول مقول عن ظن وتخمين يقال خرص سواء كان مطابقا للشىء أو مخالفا له من حيث إن صاحبه لم يقله عن علم ولا غلبة ظن ولا سماع بل اعتمد فيه على الظن والتخمين كفعل الخارص فى خرصه ، وكل من قال قولا على هذا النحو قد يسمى كاذبا وإن كان قوله مطابقا للمقول المخبر عنه كما حكى عن المنافقين فى قوله عزّ وجلّ : إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ.
(خرط) : قال تعالى : سَنَسِمُهُ عَلَى الْخُرْطُومِ أي لزمه عار لا ينمحى عنه كقولهم جدعت أنفه ، والخرطوم أنف الفيل فسمى أنفه خرطوما استقباحا له.
(خرق) : الخرق قطع الشيء على سبيل الفساد من غير تدبر ولا تفكر ، قال تعالى : أَخَرَقْتَها لِتُغْرِقَ أَهْلَها وهو ضد الخلق وإن الخلق هو فعل الشيء بتقدير ورفق ، والخرق بغير تقدير ، قال تعالى : وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ

(1/3276)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 165
أي حكموا بذلك على سبيل الخرق وباعتبار القطع قيل خرق الثوب وخرّقه وخرق المفاوز واخترق الريح. وخص الخرق والخريق بالمفاوز الواسعة إما لاختراق الريح فيها وإما لتخرقها فى الفلاة ، وخص الخرق بمن ينخرق فى السحاب. وقيل لثقب الأذن إذا توسع خرق وصبى أخرق وامرأة خرقاء مثقوبة الأذن ثقبا واسعا ، وقوله تعالى : إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ فيه قولان : أحدهما لن تقطع والآخر لن تثقب الأرض إلى الجانب الآخر اعتبارا بالخرق فى الأذن ، وباعتبار ترك التقدير قيل رجل أخرق وخرق وامرأة خرقاء ، وشبه بها الريح فى تعسف مرورها فقيل ريح خرقاء و
روى «ما دخل الخرق فى شىء إلا شانه»
و من الخرق استعيرت المخرقة وهو إظهار الخرق توصلا إلى حيلة ، والمخراق شىء يلعب به كأنه يخرق لإظهار الشيء بخلافه ، وخرق الغزال إذا لم يحسن أن يعدو لخرقه.
(خزن) : الخزن حفظ الشيء فى الخزانة ثم يعبر به عن كل حفظ كحفظ السر ونحوه وقوله تعالى : وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنا خَزائِنُهُ - وَلِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فإشارة منه إلى قدرته تعالى على ما يريد إيجاده أو إلى الحالة التي أشار إليها
بقوله عليه السلام : «فرغ ربكم من خلق الخلق والرزق والأجل»
و قوله تعالى : فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ قيل معناه حافظين له بالشكر ، وقيل هو إشارة إلى ما أنبأ عنه قوله : أَفَرَأَيْتُمُ الْماءَ الَّذِي تَشْرَبُونَ أَأَنْتُمْ أَنْزَلْتُمُوهُ الآية والخزنة جمع الخازن وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها فى صفة النار وصفة الجنة وقوله : وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ أي مقدوراته التي منعها الناس لأن الخزن ضرب من المنع ، وقيل جوده الواسع وقدرته ، وقيل هو قوله :
كن. والخزن فى اللحم أصله الادخار فكنى به عن نتنه ، يقال خزن اللحم إذا أنتن وخنز بتقدم النون.
(خزى) : خزى الرجل لحقه انكسار إما من نفسه وإما من غيره.
فالذى يلحقه من نفسه هو الحياء المفرط ومصدره الخزاية ورجل خزيان وامرأة خزيى وجمعه خزايا.
وفى الحديث «اللهم احشرنا غير خزايا ولا نادمين»
و الذي يلحقه من غيره يقال هو ضرب من الاستخفاف ، ومصدره الخزي ورجل خزى. قال تعالى : ذلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيا وقال تعالى : إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ - فَأَذاقَهُمُ اللَّهُ الْخِزْيَ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا - لِنُذِيقَهُمْ عَذابَ الْخِزْيِ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وقال : مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى وأخزى من الخزاية والخزي جميعا وقوله : يَوْمَ لا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا فهو من الخزي

(1/3277)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 166
أقرب وإن جاز أن يكون منهما جميعا وقوله تعالى : رَبَّنا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ فمن الخزاية ويجوز أن يكون من الخزي وكذا قوله : مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وقوله : وَلا تُخْزِنا يَوْمَ الْقِيامَةِ - وَلِيُخْزِيَ الْفاسِقِينَ وقال :
وَ لا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي وعلى نحو ما قلنا فى خزى قولهم ذل وهان فإن ذلك متى كان من الإنسان نفسه يقال له الهون والذل ويكون محمودا ، ومتى كان من غيره يقال له الهون ، والهوان ، والذل ، ويكون مذموما.
(خسر) : الخسر والخسران انتقاص رأس المال وينسب ذلك إلى الإنسان فيقال خسر فلان ، وإلى الفعل فيقال خسرت تجارته ، قال تعالى : تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ ويستعمل ذلك فى المقتنيات الخارجة كالمال والجاه فى الدنيا وهو الأكثر ، وفى المقتنيات النفسية كالصحة والسلامة والعقل والإيمان والثواب ، وهو الذي جعله اللَّه تعالى الخسران المبين ، وقال : الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ - أَلا ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ وقوله : وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وقوله : الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ إلى أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ وقوله : فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ وقوله : فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخاسِرِينَ وقوله : وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزانَ يجوز أن يكون إشارة إلى تحرى العدالة فى الوزن وترك الحيف فيما يتعاطاه فى الوزن ، ويجوز أن يكون ذلك إشارة إلى تعاطى مالا يكون به ميزانه فى القيامة خاسرا فيكون ممن قال فيه : وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ وكلا المعنيين يتلازمان ، وكل خسران ذكره اللَّه تعالى فى القرآن فهو على هذا المعنى الأخير دون الخسران المتعلق بالمقتنيات. الدنيوية والتجارات البشرية.
(خسف) : الخسوف للقمر والكسوف للشمس ، وقيل الكسوف فيهما إذا زال بعض ضوئهما ، والخسوف إذا ذهب كله. ويقال خسفه اللَّه وخسف هو ، قال تعالى : فَخَسَفْنا بِهِ وَبِدارِهِ الْأَرْضَ وقال : لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا و
فى الحديث : «إن الشمس والقمر آيتان من آيات اللَّه لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته»
و عين خاسفة إذا غابت حدقتها فمنقول من خسف القمر ، وبئر مخسوفة إذا غاب ماؤها ونزف ، منقول من خسف اللَّه القمر. وتصور من خسف القمر مهانة تلحقه فاستعير الخسف للذل فقيل تحمل فلان خسفا.

(1/3278)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 167
(خسأ) : خسأت الكلب فخسأ أي زجرته مستهينا به فانزجر وذلك إذا قلت له اخسأ ، قال تعالى فى صفة الكفار : اخْسَؤُا فِيها وَلا تُكَلِّمُونِ وقال تعالى : فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ ومنه (خسأ البصر) أي انقبض عن مهانة قال : خاسِئاً وَهُوَ حَسِيرٌ.
(خشب) : قال تعالى : كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ شبهوا بذلك لقلة غنائهم وهو جمع الخشب ومن لفظ الخشب قيل خشبت السيف إذا صقلته بالخشب الذي هو المصقل ، وسيف خشيب قريب العهد بالصقل ، وجمل خشيب أي جديد لم يرض ، تشبيها بالسيف الخشيب ، وتخشبت الإبل أكلت الخشب ، وجبهة خشباء يابسة كالخشب ، ويعبر بها عمن لا يستحى ، وذلك كما يشبه بالصخر فى نحو قول الشاعر :
و الصخر هش عند وجهك فى الصلابة
و المخشوب المخلوط به الخشب وذلك عبارة عن الشيء الرديء.
(خشع) : الخشوع الضراعة وأكثر ما يستعمل الخشوع فيما يوجد على الجوارح. والضراعة أكثر ما تستعمل فيما يوجد فى القلب ولذلك قيل فيما روى : إذا ضرع القلب خشعت الجوارح ، قال تعالى : وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً وقال : الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ - وَكانُوا لَنا خاشِعِينَ - وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ - خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ - أَبْصارُها خاشِعَةٌ كناية عنها وتنبيها على تزعزعها كقوله : إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا - إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها - يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً. وَتَسِيرُ الْجِبالُ سَيْراً.
(خشى) : الخشية خوف يشوبه تعظيم وأكثر ما يكون ذلك عن علم بما يخشى منه ، ولذلك خص العلماء بها فى قوله : إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ وقال : وَأَمَّا مَنْ جاءَكَ يَسْعى وَهُوَ يَخْشى - مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ - فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما - فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي - يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وقال : الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ - وَلْيَخْشَ الَّذِينَ الآية ، أي ليستشعروا خوفا من معرته ، وقال تعالى :
خَشْيَةَ إِمْلاقٍ أي لا تقتلوهم معتقدين لمخافة أن يلحقهم إملاق مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ أي لمن خاف خوفا اقتضاه معرفته بذلك من نفسه.

(1/3279)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 168
(خص) : التخصيص والاختصاص والخصوصية والتخصص تفرد بعض الشيء بما لا يشاركه فيه الجملة ، وذلك خلاف العموم والتعمم والتعميم ، وخصان الرجل من يختصه بضرب من الكرامة ، والخاصة ضد العامة ، قال تعالى : وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً أي بل تعمكم وقد خصه بكذا يخصه واختصه يختصه ، قال : يَخْتَصُّ بِرَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ وخصاص البيت فرجة وعبر عن الفقر الذي لم يسد بالخصاصة كما عبر عنه بالخلة ، قال : وَيُؤْثِرُونَ عَلى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كانَ بِهِمْ خَصاصَةٌ وإن شئت قلت من الخصائص ، والخص بيت من قصب أو شجر وذلك لما يرى فيه من الخصاصة.
(خصف) : قال تعالى : وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما أي يجعلان عليهما خصفة وهى أوراق ومنه قيل لجلة التمر خصفة وللثياب الغليظة ، جمعه خصف ، ولما يطرق به الخف خصفه وخصفت النعل بالمخصف.
وروى «كان النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم يخصف نعله»
و خصفت الخصفة نسجتها والأخصف والخصيف قيل الأبرق من الطعام وهو لونان من الطعام وحقيقته ما جعل من اللبن ونحوه فى خصفة فيتلون بلونها.
(خصم) : الخصم مصدر خصمته أي نازعته خصما ، يقال خاصمته وخصمته مخاصمة وخصاما ، قال تعالى : وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ - وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ ثم سمى المخاصم خصما ، واستعمل للواحد والجمع وربما ثنى ، وأصل المخاصمة أن يتعلق كل واحد بخصم الآخر أي جانبه وأن يجذب كل واحد خصم الجوالق من جانب ، وروى نسبته فى خصم فراشى ، والجمع خصوم وأخصام وقوله : خَصْمانِ اخْتَصَمُوا أي فريقان ولذلك قالوا اختصموا وقال : لا تَخْتَصِمُوا وقال : وَهُمْ فِيها يَخْتَصِمُونَ والخصم الكثير المخاصمة ، قال : هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ والخصم المختص بالخصومة ، قال : قَوْمٌ خَصِمُونَ.
(خضد) : قال اللَّه فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ أي مكسور الشوك ، يقال خضدته فانخضد فهو مخضود وخضيد والخضد المخضود كالنقض فى المنقوض ومنه استعير خضد عنق البعير أي كسر.

(1/3280)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 169
(خضر) : قال تعالى : فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً - ثِياباً خُضْراً خضرة جمع أخضر والخضرة أحد الألوان بين البياض والسواد وهو إلى السواد أقرب ولهذا سمى الأسود أخضر والأخضر أسود قال الشاعر :
قد أعسف النازح المجهود معسفة فى ظل أخضر يدعو هامه البوم
و قيل سواد العرق للموضع الذي يكثر فيه الخضرة ، وسميت الخضرة بالدهمة فى قوله سبحانه : مُدْهامَّتانِ أي خضراوان و
قوله عليه السلام «إياكم وخضراء الدّمن فقد فسره عليه السلام حيث قال : «المرأة الحسناء فى منبت السوء»
و المخاضرة المبايعة على الخضر والثمار قبل بلوغها ، والخضيرة نخلة ينتثر بسرها أخضر.
(خضع) : قال اللَّه : فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ الخضوع الخشوع وقد تقدم ، ورجل خضعه كثير الخضوع ويقال خضعت اللحم أي قطعته ، وظليم أخضع فى عتقه تطامن.
(خط) : الخط كالمد ، ويقال لما له طول ، والخطوط أضرب فيما يذكره أهل الهندسة من مسطوح ومستدير ومقوس وممال ، ويعبر عن كل أرض فيها طول بالخط كخط اليمن وإليه ينسب الرمح الخطى ، وكل مكان يخطه الإنسان لنفسه ويحفره يقال له خط وخطة. والخطيطة أرض لم يصبها مطر بين أرضين ممطورتين كالخط المنحرف عنه ، ويعبر عن الكتابة بالخط قال تعالى : وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ.
(خطب) : الخطب والمخاطبة والتخاطب المراجعة فى الكلام ، ومنه الخطبة والخطبة لكن الخطبة تختص بالموعظة والخطبة بطلب المرأة ، قال تعالى :
وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ وأصل الخطبة الحالة التي عليه الإنسان إذا خطب نحو الجلسة والقعدة ، ويقال من الخطبة خاطب وخطيب ، ومن الخطبة خاطب لا غير والفعل منهما خطب. والخطب الأمر العظيم الذي يكثر فيه التخاطب قال تعالى : فَما خَطْبُكَ يا سامِرِيُّ - فَما خَطْبُكُمْ أَيُّهَا الْمُرْسَلُونَ وفصل الخطاب : ما ينفصل به الأمر من الخطاب.
(خطف) : الخطف والاختطاف الاختلاس بالسرعة ، يقال خطف يخطف وخطف يخطف وقرىء بهما جميعا قال : إِلَّا مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ وذلك وصف للشياطين المسترقة للسمع قال تعالى : فَتَخْطنه يخطف شيئا فى طيرانه ، ولما يخرج به الدلو كأنه يختطفه وجمعه خطاطيف وللحديدة التي تدور عليها البكرة ، وباز مخطف يختطف ما يصيده ، والخطيف سرعة انجذاب السير وأخطف الحشا ، ومختطفة ، كأنه اختطف حشاه لضموره.
(خطأ) : الخطأ العدول عن الجهة وذلك أضرب ، أحدها : أن يريد غير ما تحسن إرادته فيفعله وهذا هو الخطأ التام المأخوذ به الإنسان ، يقال خطىء يخطأ خطأ وخطأة قال تعالى : إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً وقال : وَإِنْ كُنَّا لَخاطِئِينَ والثاني أن يريد ما يحسن فعله ولكن يقع منه خلاف ما يريد فيقال أخطأ إخطاء فهى مخطئ ، وهذا قد أصاب فى الإرادة وأخطأ فى الفعل وهذا المعنى
بقوله عليه السلام : «رفع عن أمتى الخطأ والنسيان»
و بقوله : من اجتهد فأخطأ فله أجر» وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ والثالث أن يريد ما لا يحسن فعله ويتفق منه خلافه ، فهذا مخطئ فى الإرادة ومصيب فى الفعل فهو مذموم بقصده وغير محمود على فعله ، وهذا المعنى هو الذي أراده فى قوله :
أردت مساءتى فأجرت مسرتى وقد يحسن الإنسان من حيث لا يدرى
و جملة الأمر أن من أراد شيئا فاتفق منه غيره يقال أخطأ ، وإن وقع منه كما أراده يقال : أصاب ، وقد يقال لمن فعل فعلا ولا يحسن أو أراد إرادة لا تجمل إنه أخطأ ولهذا يقال أصاب الخطأ وأخطأ الصواب ، وأصاب الصواب وأخطأ الخطأ ، وهذه اللفظة مشتركة كما ترى مترددة بين معان يجب لمن يتحرى الحقائق أن يتأملها. وقوله تعالى : وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ والخطيئة والسيئة يتقاربان لكن الخطيئة أكثر ما تقال فيما لا يكون مقصودا إليه فى نفسه بل يكون القصد سببا لتولد ذلك الفعل منه كمن يرمى صيدا فأصاب إنسانا أو شرب مسكرا فجنى جناية فى سكره. والسبب سببان : سبب محظور فعله كشرب المسكر وما يتولد عنه من الخطأ غير متجاف عنه ، وسبب غير محظور كرمى الصيد ، قال تعالى :
وَ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ فِيما أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ. وقال تعالى :
وَ مَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً
فالخطيئة هاهنا هى التي لا تكون عن قصد إلى فعله ، قال تعالى : وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالًا. مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ - إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا خَطايانا - وَلْنَحْمِلْ خَطاياكُمْ - وَما هُمْ بِحامِلِينَ مِنْ خَطاياهُمْ مِنْ شَيْءٍ وقال تعالى : وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ والجمع

(1/3281)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 171
الخطيئات والخطايا. وقوله تعالى : نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ فهى المقصود إليها والخاطئ هو القاصد للذنب ، وعلى ذلك قوله : وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ. لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ وقد يسمى الذنب خاطئة فى قوله تعالى : وَالْمُؤْتَفِكاتُ بِالْخاطِئَةِ أي الذنب العظيم وذلك نحو قولهم شعر شاعر. فأما ما لم يكن مقصودا فقد ذكر عليه السلام أنه متجاف عنه ، وقوله تعالى : نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ ، فالمعنى ما تقدم.
(خطو) : خطوت أخطو خطوة أي مرة والخطوة ما بين القدمين ، قال تعالى : وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ أي لا تتبعوه وذلك نحو قوله :
وَ لا تَتَّبِعِ الْهَوى .
(خف) : الخفيف بإزاء الثقيل ويقال ذلك تارة باعتبار المضايقة بالوزن وقياس شيئين أحدهما بالآخر نحو درهم خفيف ، ودرهم ثقيل ، والثاني يقال باعتبار مضايقة الزمان نحو فرس خفيف وفرس ثقيل إذا عدا أحدهما أكثر من الآخر فى زمان واحد. الثالث يقال خفيف فيما يستحليه الناس وثقيل فيما يستوخمه فيكون الخفيف مدحا والثقيل ذما ومنه قوله تعالى : الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ - فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ وأرى أن من هذا قوله : حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً الرابع يقال خفيف فيمن يطيش وثقيل فيما فيه وقار فيكون الخفيف ذما والثقيل مدحا الخامس : يقال خفيف فى الأجسام التي من شأنها أن ترجحن إلى أسفل كالأرض والماء ، يقال خف يخف خفّا وخفة وخففه تخفيفا وتخفف تخففا واستخففته وخف المتاع الخفيف ومنه كلام خفيف على اللسان ، قال تعالى : فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطاعُوهُ أي حملهم أن يخفوا معه أو وجدهم خفافا فى أبدانهم وعزائمهم ، وقيل معناه وجدهم طائشين ، وقوله تعالى : وَمَنْ خَفَّتْ مَوازِينُهُ فإشارة إلى كثرة الأعمال الصالحة وقلتها وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ أي لا يزعجنك وعزيلنك عن اعتقادك بما يوقعون من الشبه ، وخفوا عن منازلهم ارتحلوا منها فى خفة ، والخف الملبوس ، وخف النعامة ، والبعير ، تشبيها بخف الإنسان.
(خفت) : قال تعالى : يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ - وَلا تُخافِتْ بِها المخافتة والخفت إسرار المنطق قال :
و شتان بين الجهر والمنطق الخفت

(1/3282)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 172
(خفض) : الخفض : ضد الرفع. والخفض : الدعة والسير اللين وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ فهو حث على تليين الجانب والانقياد كأنه ضد قوله : أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وفى صفة القيامة خافِضَةٌ رافِعَةٌ أي تضع قوما وترفع آخرين فخافضة إشارة إلى قوله : ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ.
(خفى) : خفى الشيء خفية استتر ، قال تعالى : ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً والخفاء ما يستر به كالغطاء ، وخفيته أزلت خفاه وذلك إذا أظهرته ، وأخفيته أوليته خفاء وذلك إذا سترته ويقابل به الإبداء والإعلان ، قال تعالى :
إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وقال تعالى : وَأَنَا أَعْلَمُ بِما أَخْفَيْتُمْ وَما أَعْلَنْتُمْ - بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ والاستخفاء طلب الإخفاء ومنه قوله تعالى : أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ لِيَسْتَخْفُوا مِنْهُ والخوافي جمع خافية ، وهى ما دون القوادم من الريش.
(خل) : الخلل فرجة بين الشيئين وجمعه خلال كخلل الدار والسحاب والرماد وغيرها ، قال تعالى فى صفة السحاب : فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ - فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ قال الشاعر :
أرى خلل الرماد وميض جمر
وَ لَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ أي سعوا وسطكم بالنميمة والفساد. والخلال لما تخلل به الأسنان وغيرها ، يقال خل سنه وخل ثوبه بالخلال يخله ، ولسان الفصيل بالخلال ليمنعه من الرضاع والرمية بالسهم ، و
فى الحديث : «خللوا أصابعكم»
و الخلل فى الأمر كالوهن فيه تشبيها بالفرجة الواقعة بين الشيئين ، وخل لحمه يخل خلا وخلالا صار فيه خلل وذلك بالهزال ، قال :
إن جسمى بعد خالى لخل
و الخلة الطريق فى الرمل لتخلل الوعورة أي الصعوبة إياه أو لكون الطريق متخللا وسطه ، والخلة أيضا الخمر الحامضة لتخلل الحموضة إياها. والخلة ما يغطى به جفن السيف لكونه فى خلالها ، والخلة الاختلال العارض للنفس إما لشهوتها لشىء أو لحاجتها إليه ، ولهذا فسر الخلة بالحاجة والخصلة ، والخلة المودة إما لأنها تتخلل النفس أي تتوسطها ، وإما لأنها تخل النفس فتؤثر تأثير السهم فى الرمية ، وإما لفرط الحاجة إليها ، يقال منه خاللته مخالة وخلالا فهو خليل ، وقوله تعالى :
وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا قيل سماه بذلك لافتقاره إليه سبحانه فى كل حال ،

(1/3283)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 173
الافتقار المعنى بقوله : إِنِّي لِما أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ وعلى هذا الوجه قيل :
اللهم أغننى بالافتقار إليك ولا تفقرنى بالاستغناء عنك. وقيل بل من الخلة واستعمالها فيه كاستعمال المحبة فيه ، قال أبو القاسم البلخي : هو من الخلة لا من الخلة ، قال : ومن قاسه بالحبيب فقد أخطأ لأن اللَّه يجوز أن يجد عبده فإن المحبة منه الثناء ولا يجوز أن يخاله ، وهذا منه اشتباه فإن الخلة من تخلل الود نفسه ومخالطته كقوله :
قد تخللت مسلك الروح منى وبه سمى الخليل خليلا
و لهذا يقال تمازج روحانا. والمحبة البلوغ بالود إلى حبة القلب من قولهم حببته إذا أصبت حبة قلبه ، لكن إذا استعملت المحبة فى اللَّه فالمراد بها مجرد الإحسان وكذا الخلة ، فإن جاز فى أحد اللفظين جاز فى الآخر فأما أن يراد بالحب حبة القلب ، والخلة التخلل فحاشا له سبحانه أن يراد فيه ذلك. وقوله تعالى : لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ أي لا يمكن فى القيامة ابتياع حسنة ولا استجلابها بمودة وذلك إشارة إلى قوله سبحانه : وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى وقوله : لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ فقد قيل هو مصدر من خاللت وقيل هو جمع ، يقال خليل وأخلة وخلال والمعنى كالأول.
(خلد) : الخلود هو تبرى الشيء من اعتراض الفساد وبقاؤه على الحالة التي هو عليها ، وكل ما يتباطأ عنه التغيير والفساد تصفه العرب بالخلود كقولهم للأثاقى خوالد ، وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها. يقال خلد يخلد خلودا ، قال تعالى : لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ والخلد اسم للجزء الذي يبقى من الإنسان على حالته فلا يستحيل مادام الإنسان حيا استحالة سائر أجزائه ، وأصل المخلد الذي يبقى مدة طويلة ومنه قيل رجل مخلد لمن أبطأ عنه الشيب ، ودابة مخلدة هى التي تبقى حتى تخرج رباعيتها ، ثم استعير للمبقى دائما. والخلود فى الجنة بقاء الأشياء على الحالة التي علهيا من غير اعتراض الفساد عليها ، قال تعالى : أُولئِكَ أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ - أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ - وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وقوله تعالى : يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ قيل مبقون بحالتهم لا يعتريهم استحالة ، وقيل مقرطون بخلدة ، والخالدة ضرب من القرطة ، وإخلاد الشيء جعله مبقى والحكم عليه بكونه مبقى ، وعلى هذا قوله سبحانه : وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ أي ركن إليها ظانا أنه يخلد فيها.

(1/3284)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 174
(خلص) : الخالص كالصافى إلا أن الخالص هو مازال عنه شوبه بعد أن كان فيه ، والصافي قد يقال لما لا شوب فيه ، ويقال خلصته فخلص ، ولذلك قال الشاعر :
خلاص الخمر من نسج الفدام
قال تعالى : وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا ويقال هذا خالص وخالصة نحو داهية ورواية ، وقوله تعالى : فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا أي انفردوا خالصين عن غيرهم. وقوله : وَنَحْنُ لَهُ مُخْلِصُونَ - إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ فإخلاص المسلمين أنهم قد تبرءوا مما يدعيه اليهود من التشبيه والنصارى من التثليث ، قال تعالى : مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وقال : لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وقال : وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ وهو كالأول وقال : إِنَّهُ كانَ مُخْلَصاً وَكانَ رَسُولًا نَبِيًّا فحقيقة الإخلاص التبري عن كل ما دون اللَّه تعالى.
(خلط) : الخلط هو الجمع بين أجزاء الشيئين فصاعدا سواء كانا مائعين أو جامدين أو أحدهما مائعا والآخر جامدا وهو أعم من المزج ، ويقال : اختلط الشيء ، قال تعالى : فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ ويقال للصديق والمجاور والشريك خليط ، والخليطان فى الفقه من ذلك قال تعالى : وَإِنَّ كَثِيراً مِنَ الْخُلَطاءِ لَيَبْغِي بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ ويقال الخليط للواحد والجمع ، قال الشاعر :
بان الخليط ولم يأووا لمن تركوا
و قال : خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً أي يتعاطون هذا مرة وذاك مرة ، ويقال أخلط فلان فى كلامه إذا صار ذا تخليط ، وأخلط الفرس فى جريه كذلك وهو كناية عن تقصيره فيه.
(خلع) : الخلع خلع الإنسان ثوبه والفرس جله وعذاره ، قال تعالى :
فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ قيل هو على الظاهر وأمره بخلع ذلك عن رجله لكونه من جلد حمار ميت ، وقال بعض الصوفية : هذا مثل وهو أمر بالإقامة والتمكن كقولك لمن رمت أن يتمكن انزع ثوبك وخفك ونحو ذلك ، وإذا قيل خلع فلان على فلان فمعناه أعطاه ثوبا ، واستفيد معنى العطاء من هذه اللفظة بأن وصل به على فلان بمجرد الخلع.

(1/3285)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 175
(خلف) : خلف ضد القدام ، قال تعالى : يَعْلَمُ ما بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَما خَلْفَهُمْ وقال تعالى : لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وقال تعالى : فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وخلف ضد تقدم وسلف ، والمتأخر لقصور منزلته ، يقال هل خلف ولهذا قيل الخلف الرديء والمتأخر لا لقصور منزلته يقال له خلف ، قال تعالى : فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وقيل : سكت ألفا ونطق خلفا. أي رديئا من الكلام ، وقيل للاست إذا ظهر منه حبقة خلفة ، ولمن فسد كلامه أو كان فاسدا فى نفسه يقال تخلف فلان فلانا إذ تأخر عنه وإذا جاء خلف آخر وإذا قام مقامه ومصدره الخلافة ، وخلف خلافة بفتح الحاء فسد فهو خالف أي ردىء أحمق ، ويعبر عن الرديء بخلف نحو : فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضاعُوا الصَّلاةَ ، ويقال لمن خلف آخر فسد مسده خلف والخلفة يقال فى أن يخلف كل واحد الآخر ، قال تعالى :
وَ هُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ خِلْفَةً وقيل أمرهم خلفة ، أي يأتى بعضه خلف بعض كما قال الشاعر :
بها العين والآرام يمشين خلفة
و أصابته خلفة كناية عن البطنة وكثرة المشي وخلف فلان فلانا قام بالأمر عنه إما معه وإما بعده ، قال تعالى : وَلَوْ نَشاءُ لَجَعَلْنا مِنْكُمْ مَلائِكَةً فِي الْأَرْضِ يَخْلُفُونَ والخلافة النيابة عن الغير إما لغيبة المنوب عنه وإما لموته وإما لعجزه وإما لتشريف المستخلف وعلى هذا الوجه الأخير استخلف اللَّه أولياءه فى الأرض ، قال تعالى : هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ فِي الْأَرْضِ - وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وقال : وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْماً غَيْرَكُمْ والخلائف جمع خليفة ، وخلفاء جمع خليف ، قال تعالى : يا داوُدُ إِنَّا جَعَلْناكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ - وَجَعَلْناهُمْ خَلائِفَ - جَعَلَكُمْ خُلَفاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ والاختلاف والمخالفة أن يأخذ كل واحد طريقا غير طريق الآخر فى حاله ، أو قوله ، والخلاف أعم من الضد لأن كل ضدين مختلفان وليس كل مختلفين ضدين ، ولما كان الاختلاف بين الناس فى القول قد يقتضى التنازع استعير ذلك للمنازعة والمجادلة ، قال :
فَاخْتَلَفَ الْأَحْزابُ - وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ - وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ - عَمَّ يَتَساءَلُونَ - عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ - الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ - إِنَّكُمْ لَفِي قَوْلٍ مُخْتَلِفٍ وقال : مُخْتَلِفاً أَلْوانُهُ وقال : وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وقال : فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ

(1/3286)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 176
بِإِذْنِهِ
- وَما كانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً واحِدَةً فَاخْتَلَفُوا - لَقَدْ بَوَّأْنا بَنِي إِسْرائِيلَ مُبَوَّأَ صِدْقٍ وَرَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ فَمَا اخْتَلَفُوا حَتَّى جاءَهُمُ الْعِلْمُ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ وقال فى القيامة : وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وقال : لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وقوله تعالى :
وَ إِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِي الْكِتابِ قيل معناه خلفوا نحو : كسب واكتسب ، وقيل أوتوا فيه بشىء خلاف ما أنزل اللَّه ، وقوله تعالى : لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ فمن الخلاف أو من الخلف وقوله تعالى : وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ وقوله تعالى : فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ وقوله تعالى :
إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ أي فى مجىء كل واحد منهما خلف الآخر وتعاقبهما ، والخلف المخالفة فى الوعد ، يقال وعدني فأخلفنى أي خالف فى الميعاد بِما أَخْلَفُوا اللَّهَ ما وَعَدُوهُ وقال : إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ وقال :
فَأَخْلَفْتُمْ مَوْعِدِي - قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وأخلفت فلانا وجدته مخلفا ، والإخلاف أن يسقى واحد بعد آخر ، وأخلف الشجر إذا اخضر بعد سقوط ورقه ، وأخلف اللَّه عليك يقال لمن ذهب ماله أي أعطاك خلفا وخلف اللَّه عليك أي كان لك منه خليفة ، وقوله : لا يَلْبَثُونَ خِلافَكَ بعدك ، وقرىء خِلافَكَ أي مخالفة لك ، وقوله : أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلافٍ أي إحداهما من جانب والأخرى من جانب آخر. وخلفته تركته خلفى ، قال : فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ أي مخالفين وَعَلَى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا - قُلْ لِلْمُخَلَّفِينَ والخالف المتأخر لنقصان أو قصور كالمتخلف قال : فَاقْعُدُوا مَعَ الْخالِفِينَ والخالفة عمود الخيمة المتأخر ، ويكنى بها عن المرأة لتخلفها عن المرتحلين وجمعها خوالف ، قال : رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ ووجدت الحي خلوفا أي تخلفت نساؤهم عن رجالهم ، والخلف حد الفأس الذي يكون إلى جهة الخلف وما تخلف من الأضلاع إلى ما يلى البطن ، والخلاف شجر كأنه سمى بذلك لأنه يخلف فيما يظن به أو لأنه يخلف مخبره منظره ، ويقال للجمل بعد بزوله مخلف عام ومخلف عامين. وقال عمر رضى اللَّه عنه : لولا الخليفى لأذنت.
أي الخلافة وهو مصدر خلف.
(خلق) : الخلق أصله التقدير المستقيم ويستعمل فى إبداع الشيء من غير أصل ولا احتذاء قال تعالى : خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أي أبدعهما بدلالة قوله :
بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ ويستعمل فى إيجاد الشيء من الشيء نحو :

(1/3287)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 177
خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ - خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ - خَلَقْنَا الْإِنْسانَ مِنْ سُلالَةٍ - وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ - خَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ وليس الخلق الذي هو الإبداع إلا اللَّه تعالى ولهذا قال فى الفصل بينه تعالى وبين غيره أَفَمَنْ يَخْلُقُ كَمَنْ لا يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ وأما الذي يكون بالاستحالة فقد جعله اللَّه تعالى لغيره فى بعض الأحوال كعيسى حيث قال : وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي والخلق لا يستعمل فى كافة الناس إلا على وجهين : أحدهما فى معنى التقدير كقول الشاعر :
فلأنت تفرى ما خلقت وبع ض القوم يخلق ثم لا يفرى
و الثاني فى الكذب نحو قوله : وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إن قيل قوله تعالى : فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ يدل على أنه يصح أن يوصف غيره بالخلق ، قيل إن ذلك معناه أحسن المقدرين ، أو يكون على تقدير ما كانوا يعتقدون ويزعمون أن غير اللَّه يبدع ، فكأنه قيل فاحسب أن هاهنا مبدعين وموجدين فاللَّه أحسنهم إيجادا على ما يعتقدون كما قال : خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ - وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ فقد قيل إشارة إلى ما يشوهونه من الخلقة بالخصاء ونتف اللحية وما يجرى مجراه ، وقيل معناه يغيرون حكمه وقوله : لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ فإشارة إلى ما قدره وقضاه وقيل معنى لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ نهى أي لا تغيروا خلقه اللَّه وقوله : وَتَذَرُونَ ما خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ فكناية عن فروج النساء.
وكل موضع استعمل فى الخلق فى وصف الكلام فالمراد به الكذب ومن هذا الوجه امتنع كثير من الناس من إطلاق لفظ الخلق على القرآن وعلى هذا قوله تعالى :
إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ وقوله : ما سَمِعْنا بِهذا فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ إِنْ هذا إِلَّا اخْتِلاقٌ والخلق يقال فى معنى المخلوق. والخلق والخلق فى الأصل واحد كالشرب والشرب ، والصّرم والصّرم لكن خص الخلق بالهيئات والأشكال والصور المدركة بالبصر ، وخص الخلق بالقوى والسجايا المدركة بالبصيرة. قال تعالى :
وَ إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ وقرىء : إِنْ هذا إِلَّا خُلُقُ الْأَوَّلِينَ والخلاق ما اكتسبه الإنسان من الفضيلة بخلقه قال تعالى : وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وفلان خليق بكذا ، أي كأنه مخلوق فيه ذلك كقولك مجبول على كذا أو مدعو إليه من جهة الخلق. وخلق الثوب وأخلق وثوب خلق ومخلق وأخلاق نحو جبل أرمام وأرمات ، وتصور من خلوقة الثوب الملامسة فقيل جبل أخلق وصخرة خلقاء وخلقت الثوب ملسته ، واخلولق السحاب منه أو من قولهم هو خليق بكذا ، والخلوق ضرب من الطيب.

(1/3288)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 178
(خلا) : الخلاء المكان الذي لا ساتر فيه من بناء ومساكن وغيرهما ، والخلو يستعمل فى الزمان والمكان لكن لما تصور فى الزمان المضي فسر أهل اللغة خلا الزمان بقولهم مضى الزمان وذهب ، قال تعالى : وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ - وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلاتُ - تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ - وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ وقوله : يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ أي تحصل لكم مودة أبيكم وإقباله عليكم. وخلا الإنسان صار خاليا ، وخلا فلان بفلان صار معه فى خلاء ، وخلا إليه انتهى إليه فى خلوة ، قال تعالى : وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ ، وخليت فلانا تركته فى خلاء ثم يقال لكل ترك تخلية نحو : فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ وناقة خلية مخلاة عن الحلب وامرأة خلية مخلاة عن الزوج. وقيل للسفينة المتروكة بلا ربان خلية. والخلى من خلاه الهم نحو المطلقة فى قول الشاعر :
مطلقة طورا وطورا تراجع
و الخلاء الحشيش المتروك حتى يبس ويقال خليت الخلاء جززته وخليت الدابة جززت لها ومنه استعير سيف يختلى به أي يقطع ما يضرب به قطعه للخلاء.
(خمد) : قوله تعالى : جَعَلْناهُمْ حَصِيداً خامِدِينَ كناية عن موتهم من قولهم خمدت النار خمودا طفن لهبها ومنه استعير خمدت الحمى ، سكنت ، وقوله تعالى : فَإِذا هُمْ خامِدُونَ.
(خمر) : أصل الخمر ستر الشيء ويقال لما يستر به خمار لكن الخمار صار فى التعارف اسما لما تغطى به المرأة رأسها ، وجمعه خمر ، قال تعالى :
وَ لْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ ، واختمرت المرأة وتخمرت وخمرت الإناء غطيته ، و
روى «خمروا آنيتكم»
،
و أخمرت العجين جعلت فيه الخمير ، والخميرة سميت لكونها مخمورة من قبل. ودخل فى خمار الناس أي فى جماعتهم الساترة له ، والخمر سميت لكونها خامرة لمقر العقل ، وهو عند بعض الناس اسم لكل مسكر. وعند بعضهم اسم للمتخذ من العنب والتمر لما
روى عنه صلّى اللَّه عليه وسلّم : «الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة
و منهم من جعلها اسم لغير المطبوخ ، ثم كمية الطبخ التي تسقط عنه اسم الخمر مختلف فيها ، والخمار الداء العارض من الخمر وجعل بناؤه بناء الأدواء كالزكام والسعال ، وخمرة الطيب ريحه. وخامره وخمره خالطه ولزمه ومنه استعير : خامرى أم عامر.

(1/3289)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 179
(خمس) : أصل الخمس فى العدد ، قال تعالى : وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ وقال : فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً والخميس ثوب طوله خمس أذرع ، ورمح مخموس كذلك ، والخمس من أظماء الإبل ، وخمست القوم أخمسهم أخذت خمس أموالهم ، وخمستهم أخمسهم كنت لهم خامسا والخميس فى الأيام معلوم.
(خمص) : قوله تعالى : فِي مَخْمَصَةٍ أي مجاعة تورث خمص البطن أي ضموره ، يقال رجل خامص أي ضامر ، وأخمص القدم باطنها وذلك لضمورها.
(خمط) : الخمط شجر لا شوك له ، قيل هو شجر الأراك ، والخمطة الخمر إذا حمضت ، وتخمط إذا غضب يقال تخمط الفحل هدر.
(خنزير) : قوله تعالى : وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ قيل عنى الحيوان المخصوص ، وقيل عنى من أخلاقه وأفعاله مشابهة لأخلاقها لا من خلقته خلقتها والأمران مرادان بالآية ، فقد روى أن قوما مسخوا خلقة وكذا أيضا فى الناس قوم إذا اعتبرت أخلاقهم وجدوا كالقردة والخنازير وإن
(خنس) :
َنَّما نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مالٍ وَبَنِينَ نُسارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْراتِ
و قوله تعالى :
إِنْ تَرَكَ خَيْراً أي مالا. وقال بعض العلماء لا يقال للمال خير حتى يكون كثيرا ومن مكان طيب كما
روى أن عليا رضى اللَّه عنه دخل على مولى له فقال :
ألا أوصى يا أمير المؤمنين؟ قال : لا ، لأن اللَّه تعالى قال : إِنْ تَرَكَ خَيْراً وليس لك مال كثير
و على هذا قوله : وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ أي المال الكثير. وقال بعض العلماء : إنما سمى المال هاهنا خيرا تنبيها على معنى لطيف وهو أن الذي يحسن الوصية به ما كان مجموعا من المال من وجه محمود وعلى هذا قوله : قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وقال : وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وقوله : فَكاتِبُوهُمْ إِنْ عَلِمْتُمْ فِيهِمْ خَيْراً قيل عنى به مالا من جهتهم ، وقيل إن علمتم أن عتقهم يعود عليكم وعليهم بنفع أي ثواب. والخير والشر يقالان على وجهين ، أحدهما : أن يكون اسمين كما تقدم وهو قوله : وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ والثاني : أن يكونا وصفين وتقديرهما تقدير أفعل منه نحو هذا خير من ذاك وأفضل وقوله : نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها وقوله : وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ فخير هاهنا يصح أن يكون اسما وأن يكون بمعنى أفعل ومنه قوله : وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى تقديره تقدير أفعل منه. فالخير يقابل به الشر مرة والضر مرة نحو قوله تعالى : وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ، وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وقوله : فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ قيل أصله خيرات فخفف ، فالخيرات من النساء الخيرات ، يقال رجل خير وامرأة خيرة وهذا خير الرجال وهذه خيرة النساء ، والمراد بذلك المختارات أي فيهن مختارات لا رذل فيهن.
و الخير الفاضل المختص بالخير ، يقال ناقة خيار وجمل خيار ، واستخار اللَّه العبد فخار له أي طلب منه الخير فأولاه ، وخايرت فلانا كذا فخرته ، والخيرة الحالة التي تحصل للمستخير والمختار نحو القعدة والجلسة لحال القاعد والجالس. والاختيار طلب ما هو خير وفعله ، وقد يقال لما يراه الإنسان خيرا وإن لم يكن خيرا ، وقوله : وَلَقَدِ اخْتَرْناهُمْ عَلى عِلْمٍ عَلَى الْعالَمِينَ يصح أن يكون إشارة إلى إيجاده تعالى إياهم خيرا ، وأن يكون إشارة إلى تقديمهم على غيرهم. والمختار فى عرف المتكلمين يقال لكل فعل يفعله الإنسان

(1/3290)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 181
لا على سبيل الإكراه ، فقولهم هو مختار فى كذا ، فليس يريدون به ما يراد بقولهم فلان له اختيار فإن الاختيار أخذ ما يراه خيرا ، والمختار قد يقال للفاعل والمفعول.
(خوار) : قوله تعالى : عِجْلًا جَسَداً لَهُ خُوارٌ الخوار مختص بالبقر وقد يستعار للبعير ، ويقال أرض خوارة ورمح خوار أي فيه خور. والخوران يقال لمجرى الروث وصوت البهائم.
(خوض) : الخوض هو الشروع فى الماء والمرور فيه ، ويستعار فى الأمور وأكثر ما ورد فى القرآن ورد فيما يذم الشروع فيه نحو قوله تعالى : وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ وقوله : وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خاضُوا - ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ - وَإِذا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آياتِنا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ وتقول أخضت دابتى فى الماء ، وتخاضوا فى الحديث تفاوضوا.
(خيط) : الخيط معروف وجمعه خيوط وقد خطت الثوب أخيطه خياطة ، وخيطته تخييطا. والخياط الإبرة التي يخاط بها ، قال تعالى : حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ - حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ أي بياض النهار من سواد الليل ، والخيطة فى قول الشاعر :
تدلى عليها بين سب وخيطة فهى مستعارة للحبل أو الوتد.
وروى «أن عدى بن حاتم عمد إلى عقالين أبيض وأسود فجعل ينظر إليهما ويأكل إلى أن يتبين أحدهما من الآخر ، فأخبر النبي عليه الصلاة والسلام بذلك فقال : إنك لعريض القفا ، إنما ذلك بياض النهار وسواد الليل. وخيط الشيب فى رأسه : بدا كالخيط ، والخيط النعام ، وجمعه خيطان ، ونعامة خيطاء : طويلة العنق ، كأنما عنقها خيط.
(خوف) : الخوف توقع مكروه عن أمارة مظنونة أو معلومة ، كما أن الرجاء والطمع توقع محبوب عن أمارة مظنونة أو معلومة ، ويضاد الخوف : الأمن ويستعمل ذلك فى الأمور الدنيوية والأخروية. قال تعالى : وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخافُونَ عَذابَهُ وقال : وَكَيْفَ أَخافُ ما أَشْرَكْتُمْ وَلا تَخافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ وقال تعالى : تَتَجافى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وقال : إِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا ، وقوله : وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فقد فسر ذلك بعرفتم ، وحقيقته وإن وقع لكم خوف من ذلك

(1/3291)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 182
لمعرفتكم. والخوف من اللَّه لا يراد به ما يخطر بالبال من الرعب كاستشعار الخوف من الأسد ، بل إنما يراد به الكف عن المعاصي واختيار الطاعات ، ولذلك قيل لا يعد خائفا من لم يكن للذنوب تاركا. والتخويف من اللَّه تعالى هو الحث على التحرز وعلى ذلك قوله تعالى : ذلِكَ يُخَوِّفُ اللَّهُ بِهِ عِبادَهُ ونهى اللَّه تعالى عن مخافة الشيطان والمبالاة بتخويفه فقال : إِنَّما ذلِكُمُ الشَّيْطانُ يُخَوِّفُ أَوْلِياءَهُ فَلا تَخافُوهُمْ وَخافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ أي فلا تأتمروا للشيطان وائتمروا للَّه ويقال تخوفناهم أي تنقضناهم تنقصا اقتضاه الخوف منه. وقوله تعالى :
وَ إِنِّي خِفْتُ الْمَوالِيَ مِنْ وَرائِي فخوفه منهم أن لا يراعوا الشريعة ولا يحفظوا نظام الدين ، لا أن يرثوا ماله كما ظنه بعض الجهلة فالقنيات الدنيوية أخس عند الأنبياء عليهم السلام من أن يشفقوا عليها. والخيفة الحالة التي عليها الإنسان من الخوف ، قال تعالى : فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى قُلْنا لا تَخَفْ واستعمل استعمال الخوف فى قوله : وَالْمَلائِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ وقوله : تَخافُونَهُمْ كَخِيفَتِكُمْ أَنْفُسَكُمْ أي كخوفكم وتخصيص لفظ الخيفة تنبيها أن الخوف منهم حالة لازمة لا تفارقهم والتخوف ظهور الخوف من الإنسان ، قال : أَوْ يَأْخُذَهُمْ عَلى تَخَوُّفٍ.
(خيل) : الخيال أصله الصورة المجردة كالصورة المتصورة فى المنام وفى المرآة وفى القلب بعيد غيبوبة المرئي ، ثم تستعمل فى صورة كل أمر متصور وفى كل شخص دقيق يجرى مجرى الخيال ، والتخييل تصوير خيال الشيء فى النفس والتخيل تصور ذلك ، وخلت بمعنى ظننت يقال اعتبارا بتصور خيال المظنون.
و يقال خيلت السماء : أبدت خيالا للمطر ، وفلان مخيل بكذا أي خليق وحقيقته أنه مظهر خيال ذلك. والخيلاء التكبر عن تخيل فضيلة تراءت للإنسان من نفسه ومنها يتأول لفظ الخيل لما قيل إنه لا يركب أحد فرسا إلا وجد فى نفسه نخوة ، والخيل فى الأصم اسم للأفراس والفرسان جميعا وعلى ذلك قوله تعالى : وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ ويستعمل فى كل واحد منهما منفردا نحو ما
روى : يا خيل اللَّه اركبي
، فهذا للفرسان ، و
قوله عليه السلام : «عفوت لكم عن صدقة الخيل»
يعنى الأفراس. والأخيل : الشقراق لكونه متلونا فيختال فى كل وقت أن له لونا غير اللون الأول ولذلك قيل :
كادت براقش كل لون لونه يتخيل

(1/3292)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 183
(خول) : قوله تعالى : وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ أي ما أعطيناكم ، والتخويل فى الأصل إعطاء الخول ، وقيل إعطاء ما يصير له خولا ، وقيل إعطاء ما يحتاج أن يتعهده ، من قولهم فلان خال مال وخايل مال أي حسن القيام به. والخال ثوب يعلق فيخيل للوحوش ، والخال فى الجسد شامة فيه.
(خون) : الخيانة والنفاق واحد إلا أن الخيانة تقال اعتبارا بالعهد والأمانة ، والنفاق يقال اعتبارا بالدين ، ثم يتداخلان ، فالخيانة مخالفة الحق بنقض العهد فى السر. ونقيض الخيانة : الأمانة ، يقال خنت فلانا وخنت أمانة فلان وعلى ذلك قوله : لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وقوله تعالى :
ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا امْرَأَتَ نُوحٍ وَامْرَأَتَ لُوطٍ كانَتا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبادِنا صالِحَيْنِ فَخانَتاهُما وقوله : وَلا تَزالُ تَطَّلِعُ عَلى خائِنَةٍ مِنْهُمْ أي على جماعة خائنة منهم. وقيل على رجل خائن ، يقال رجل خائن وخائنة نحو راوية وداهية وقيل خائنة موضوعة موضع المصدر نحو قم قائما وقوله : يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ على ما تقدم وقال تعالى : وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وقوله : عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ والاختيان مراودة الخيانة ، ولم يقل تخونون أنفسكم لأنه لم تكن منهم الخيانة بل كان منهم الاختيان ، فإن الاختيان تحرك شهوة الإنسان لتحرى الخيانة وذلك هو المشار إليه بقوله تعالى : إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ.
(خوى) : . صل الخواء الخلاء ، يقال خوى بطنه من الطعام يخوى خوى ، وخوى الجوز خوى تشبيها به ، وخوت الدار ، تخوى خواء ، وخوى النجم وأخوى إذا لم يكن منه عند سقوطه مطر ، تشبيها بذلك ، وأخوى أبلغ من خوى ، كما أن أسقى أبلغ من سقى. والتخوية : ترك ما بين الشيئين خاليا.

(1/3293)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 184
الدال
(دب) : الدب والدبيب مشى خفيف ويستعمل ذلك فى الحيوان وفى.
الحشرات أكثر ، ويستعمل فى الشراب والبلى ونحو ذلك مما لا تدرك حركته الحاسة ، ويستعمل فى كل حيوان وإن اختصت فى المتعارف بالفرس ، قال تعالى :
وَ اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ مِنْ ماءٍ الآية وقال : وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ - وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُها وقال تعالى : وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ وقوله تعالى : وَلَوْ يُؤاخِذُ اللَّهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ قال أبو عبيدة : عنى الإنسان خاصة ، والأولى إجراؤها على العموم. وقوله : وَإِذا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنا لَهُمْ دَابَّةً مِنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ فقد قيل إنها حيوان بخلاف ما نعرفه يختص خروجها بحين القيامة ، وقيل عنى بها الأشرار الذين هم فى الجهل بمنزلة الدواب فتكون الدابة جمعا اسما لكل شىء يدب. نحو خائنة جمع خائن ، وقوله : إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ فإنها عام فى جميع الحيوانات ، ويقال ناقة دبوب : تدب فى مشيها لبطئها ، وما بالدار دبى أي من يدب ، وأرض مدبوبة كثيرة ذوات الدبيب فيها.
(دبر) : دبر الشيء خلاف القبل ، وكنى بهما عن العضوين المخصوصين ، ويقال ، دبر ودبر وجمعه أدبار ، قال تعالى : وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ وقال :
يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ أي قدامهم وخلفهم ، وقال : فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ وذلك نهى عن الانهزام وقوله : وَأَدْبارَ السُّجُودِ أواخر الصلوات ، وقرىء وَإِدْبارَ النُّجُومِ ، وَإِدْبارَ النُّجُومِ ، فإدبار مصدر مجعول ظرفا نحو مقدم الحاج وخفوق النجم ، ومن قرأ أدبار فجمع. ويشتق منه تارة باعتبار دبر : الفاعل ، وتارة باعتبار دبر : المفعول ، فمن الأول قولهم دبر فلان وأمس الدابر وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ وباعتبار المفعول قولهم دبر السهم الهدف :
سقط خلفه ودبر فلان القوم : صار خلفهم ، قال تعالى : أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ وقال تعالى : فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا والدابر يقال للمتأخر وللتابع. إما باعتبار المكان ، أو باعتبار الزمان ، أو باعتبار المرتبة.
وأدبر : أعرض وولى دبره قال : ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ وقال : تَدْعُوا مَنْ أَدْبَرَ وَتَوَلَّى و
قال عليه السلام : «لا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا عباد اللَّه إخوانا»

(1/3294)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 185
و قيل لا يذكر أحدكم صاحبه من خلفه. والاستدبار طلب دبر الشيء ، وتدابر القوم إذا ولى بعضهم عن بعض ، والدبار مصدر دابرته أي عاديته من خلفه ، والتدبير التفكير فى دبر الأمور ، قال تعالى : فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً يعنى ملائكة موكلة بتدبير الأمور ، والتدبير عتق العبد عن دبر أو بعد موته. والدبار الهلاك الذي يقطع دابرتهم وسمى يوم الأربعاء فى الجاهلية دبارا ، قيل وذلك لتشاؤمهم به ، والدبير من الفتل المدبور أي المفتول إلى خلف ، والقبيل بخلافه. ورجل مقابل مدابر أي شريف من جانبيه. وشاة مقابلة مدابرة. مقطوعة الأذن من قبلها ودبرها. ودابرة الطائر أصبعه المتأخرة ، ودابرة الحافر ما حول الرسغ ، والدبور من الرياح معروف ، والدبرة من المزرعة جمعها دبار ، قال الشاعر :
على جرية تعلو الدبار غروبها
و الدبر النحل والزنابير ونحوهما مما سلاحها فى أدبارها ، الواحدة دبرة. والدبر المال الكثير الذي يبقى بعد صاحبه ولا يثنى ولا يجمع. ودبر البعير دبرا ، فهو أدبر ودبر : صار بقرحة دبرا ، أي متأخرا ، والدبرة : الإدبار.
(دثر) : قال اللَّه تعالى : يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ أصله المتدثر فأدغم وهو المتدرع دثاره ، يقال دثرته فتدثر ، والدثار ما يتدثر به ، وقد تدثر الفحل الناقة تسنمها والرجل الفرس وثب عليه فركبه ، ورجل دثور خامل مستتر ، وسيف داثر بعيد العهد بالصقال ، ومنه قيل للمنزل الدارس داثر لزوال أعلامه ، وفلان دثر مال أي حسن القيام به.
(دحر) : الدحر الطرد والإبعاد ، يقال دحره دحورا قال تعالى :
اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً وقال : فَتُلْقى فِي جَهَنَّمَ مَلُوماً مَدْحُوراً وقال : وَيُقْذَفُونَ مِنْ كُلِّ جانِبٍ دُحُوراً.
(دحض) : قال تعالى : حُجَّتُهُمْ داحِضَةٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي باطلة زائلة ، يقال أدحضت فلانا فى حجته فدحض قال تعالى : وَيُجادِلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالْباطِلِ لِيُدْحِضُوا بِهِ الْحَقَّ وأدحضت حجته فدحضت وأصله من دحض الرّجل وعلى نحوه فى وصف المناظرة :
نظرا يزيل مواقع الأقدام

(1/3295)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 186
و دحضت الشمس مستعار من ذلك.
(دحا) : قال تعالى : وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها أي أزالها عن مقرها كقوله : يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وهو من قولهم دحا المطر الحصى من وجه الأرض أي جرفها ، ومر الفرس يدحو دحوا إذا جر يده على وجه الأرض فيدحو ترابا ، ومنه أدحى النعام وهو أفعول من دحوت ، ودحية اسم رجل.
(دخر) : قال تعالى : وَهُمْ داخِرُونَ أي أذلاء ، يقال أدخرته فدخر أي أذللته فذل وعلى ذلك قوله : إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ وقوله : يدخر أصله يدتخر وليس من هذا الباب.
(دخل) : الدخول نقيض الخروج ويستعمل ذلك فى المكان والزمان والأعمال ، يقال دخل مكان كذا ، قال تعالى : ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ - ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ - فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها - وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وقال : يُدْخِلُ مَنْ يَشاءُ فِي رَحْمَتِهِ - وَقُلْ رَبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ فمدخل من دخل ، يدخل ، ومدخل من أدخل لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وقوله : مُدْخَلًا كَرِيماً قرىء بالوجهين وقال أبو على الفسوي : من قرأ مدخلا بالفتح كأنه إشارة إلى أنهم يقصدونه ولم يكونوا كمن ذكرهم فى قوله :
الَّذِينَ يُحْشَرُونَ عَلى وُجُوهِهِمْ إِلى جَهَنَّمَ وقوله : إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ ومن قرأ مُدْخَلًا فكقوله : لَيُدْخِلَنَّهُمْ مُدْخَلًا يَرْضَوْنَهُ وادّخل اجتهد فى دخوله قال تعالى : لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا والدخل كناية عن الفساد والعداوة المستنبطة كالدغل وعن الدعوة فى النسب ، يقال دخل دخلا ، قال تعالى : تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ فيقال دخل فلان فهو مدخول كناية عن بله فى عقله وفساد فى أصله ، ومنه قيل شجرة مدخولة. والدخال فى الإبل أن يدخل إبل فى أثناء ما لم تشرب لتشرب معها ثانيا. والدخل طائر سمى بذلك لدخوله فيما بين الأشجار الملتفة ، والدوخلة معروفة ، ودخل بامرأته كناية عن الإفضاء إليها ، قال تعالى : مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ.
(دخن) : الدخان كالعثان المستصحب للهيب ، قال : ثُمَّ اسْتَوى

(1/3296)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 187
إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ
،
أي وهى مثل الدخان إشارة إلى أنه لا تماسك لها ، ودخنت النار تدخن كثر دخانها ، والدخنة منه لكن تعورف فيما يتبخر به من الطيب. ودخن الطبيخ أفسده الدخان. وتصور من الدخان اللون فقيل شاة دخناء وذات دخنة ، وليلة دخنانة ، وتصور منه التأذى به فقيل هو دخن الخلق ، وروى هدنة على دخن ، أي على فساد دخلة.
(در) : قال تعالى : وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً - يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً وأصله من الدر والدرة أي اللبن ، ويستعار ذلك للمطر استعارة أسماء البعير وأوصافه ، فقيل للَّه دره ، ودر درك ، ومنه استعير قولهم للسوق درة أي نفاق ، وفى المثل سبقت درته غراره نحو سبق سيله مطره. ومنه اشتق استدرت المعزى أي طلبت الفحل وذلك أنها إذا طلبت الفحل حملت وإذا حملت ولدت فإذا ولدت درت فكنى عن طلبها الفحل بالاستدرار.
(درج) : الدرجة نحو المنزلة لكن يقال للمنزلة درجة إذا اعتبرت بالصعود دون الامتداد على البسيط كدرجه السطح والسلم ويعبر بها عن المنزلة الرفيعة قال تعالى : وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ تنبيها لرفعة منزلة الرجال عليهن فى العقل والسياسة ونحو ذلك من المشار إليه بقوله : الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ الآية ، وقال : لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وقال : هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ أي هم ذوو درجات عند اللَّه ودرجات النجوم تشبيها بما تقدم. ويقال لقارعة الطريق مدرجة ويقال فلان يتدرج فى كذا أي يتصعد فيه درجة درجة.
و درج الشيخ والصبى درجانا مشى مشية الصاعد فى درجه. والدرج طى الكتاب والثوب ، ويقال للمطوى درج. واستعير الدرج للموت كما استعير الطى له فى قولهم طوته المنية ، وقولهم من دب ودرج أي من كان حيا فمشى ومن مات فطوى أحواله ، وقوله : سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ قيل معناه سنطويهم طى الكتاب عبارة عن إغفالهم نحو : وَلا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا والدرج سفط يجعل فيه الشيء ، والدرجة خرقة تلف فتدخل فى حياء الناقة ، وقيل سنستدرجهم معناه نأخذهم درجة فدرجة ، وذلك إدناؤهم من الشيء شيئا فشيئا كالمراقى والمنازل فى ارتقائها ونزولها والدراج طائر يدرج فى مشيته.

(1/3297)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 188
(درس) : درس الدار معناه بقي أثرها وبقاء الأثر يقتضى انمحاءه فى نفسه فلذلك فسر الدروس بالانمحاء ، وكذا درس الكتاب ودرست العلم تناولت أثره بالحفظ. ولما كان تناول ذلك بمداومة القراءة عبر عن إدامة القراءة بالدرس ، قال تعالى : وَدَرَسُوا ما فِيهِ وقال : بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ - وَما آتَيْناهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَها وقوله تعالى : وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وقرىء دارست أي جاريت أهل الكتاب ، وقيل ودرسوا ما فيه تركوا العمل به من قولهم درس القوم المكان أي أبلوا أثره ، ودرست المرأة كناية عن حاضت ، ودرس البعير صار فيه أثر جرب.
(درك) : الدرك كالدرج لكن الدرج يقال اعتبارا بالصعود والدرك اعتبارا بالحدور ، ولهذا قيل درجات الجنة ودركات النار ، والتصور الحدور فى النار سميت هاوية ، وقال تعالى : إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ والدرك أقصى قعر البحر. ويقال للحبل الذي يوصل به حبل آخر ليدرك الماء درك ولما يلحق الإنسان من تبعة درك كالدرك فى البيع قال تعالى : لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى أي تبعة. وأدرك بلغ أقصى الشيء ، وأدرك الصبى بلغ غاية الصبا وذلك حين البلوغ ، قال : حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ وقوله :
لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ فمنهم من حمل ذلك على البصر الذي هو الجارحة ومنهم من حمله على البصيرة وذكر أنه قد نبه به على ما روى عن أبى بكر رضى اللَّه عنه فى قوله : يا من غاية معرفته القصور عن معرفته إذ كان غاية معرفته تعالى أن تعرف الأشياء فتعلم أنه ليس بشىء منها ولا بمثلها بل هو موجد كل ما أدركته. والتدارك فى الإغاثة والنعمة أكثر نحو قوله تعالى : لَوْ لا أَنْ تَدارَكَهُ نِعْمَةٌ مِنْ رَبِّهِ وقوله : حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً أي لحق كل بالآخر. وقال : بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ أي تدارك فأدغمت التاء فى الدال وتوصل إلى السكون بألف الوصل وعلى ذلك قوله تعالى : حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها ونحوه : اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الْأَرْضِ اطَّيَّرْنا بِكَ وقرىء بَلِ ادَّارَكَ عِلْمُهُمْ فِي الْآخِرَةِ وقال الحسن : معناه جهلوا أمر الآخرة وحقيقته انتهى علمهم فى لحوق الآخرة فجهلوها. وقيل معناه بل يدرك علمهم ذلك فى الآخرة أي إذا حصلوا فى الآخرة لأن ما يكون ظنونا فى الدنيا ، فهو فى الآخرة يقين.

(1/3298)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 189
(درهم) : قال تعالى : وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ الدرهم : الفضة المطبوعة المتعامل بها.
(درى) : الدراية المعرفة المدركة بضرب من الختل ، يقال دريته ودريت به درية نحو : فطنت ، وشعرت ، وأدريت قال الشاعر :
و ماذا يدرى الشعراء منى وقد جاوزت رأس الأربعين
و الدرية لما يتعلم عليه الطعن وللناقة التي ينصبها الصائد ليأنس بها الصيد فيستتر من ورائها فيرميه ، والمدرى لقرن الشاة لكونها دافعة به عن نفسها ، وعنه استعير المدرى لما يصلح به الشعر ، قال تعالى : لا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذلِكَ أَمْراً وقال : وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وقال : ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وكل موضع ذكر فى القرآن وَما أَدْراكَ ، فقد عقب ببيانه نحو :
وَ ما أَدْراكَ ما هِيَهْ - نارٌ حامِيَةٌ - وَما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ - لَيْلَةِ الْقَدْرِ - وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ - ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ وقوله : قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ من قولهم دريت ولو كان من درأت لقيل : ولا أدرأتكموه.
وكل موضع ذكر فيه «و ما يدريك» لم يعقبه بذلك نحو : وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى - وَما يُدْرِيكَ - لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ والدراية لا تستعمل فى اللَّه تعالى ، وقول الشاعر :
لا هم لا أدرى وأنت الداري
فمن تعجرف أجلاف العرب.
فمن تعجرف أجلاف العرب.
(درأ) : الدرء الميل إلى أحد الجانبين ، يقال قومت درأه ودرأت عنه دفعت عن جانبه ، وفلان ذو تدرىء أي قوى على دفع أعدائه ودارأته دافعته. قال تعالى : وَيَدْرَؤُنَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وقال : وَيَدْرَؤُا عَنْهَا الْعَذابَ و
فى الحديث : «ادرءوا الحدود بالشبهات»
تنبيها على تطلب حيلة يدفع بها الحد ، قال تعالى : قُلْ فَادْرَؤُا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ ، وقوله : فَادَّارَأْتُمْ فِيها هو تفاعلتم أصله تدارأتم فأريد منه الإدغام تخفيفا وأبدل من التاء دال فسكن للإدغام فاجتلب لها ألف الوصل فحصل على افاعلتم. قال بعض الأدباء : ادارأتم افتعلتم ، وغلط من أوجه ، أولا : أن ادارأتم على ثمانية أحرف وافتعلتم على سبعة أحرف.
والثاني : أن الذي بلى ألف الوصل تاء فجعلها دالا. والثالث : أن الذي يلى الثاني

(1/3299)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 190
دال فجعلها تاء. والرابع : أن الفعل الصحيح العين لا يكون ما بعد تاء الافتعال منه إلا متحركا وقد جعله هاهنا ساكنا. الخامس : أن هاهنا قد دخل بين التاء والدال زائد
أصله تظننت.
(دع) : الدع الدفع الشديد وأصله أن يقال : للعائر دع دع كما يقال له لعا ، قال تعالى : يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا وقوله : فَذلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ. وقال الشاعر :
دع الوصي على قفاء يتيمه
(دعا) : الدعاء كالنداء إلا أن النداء قد يقال بيا أو أيا ونحو ذلك من غير أن يضم إليه الاسم ، والدعاء لا يكاد يقال إلا إذا كان معه الاسم نحو يا فلان ، وقد يستعمل كل واحد منهما موضع الآخر قال تعالى : كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً ويستعمل استعمال التسمية نحو دعوت ابني زيدا أي سميته ، قال تعالى : لا تَجْعَلُوا دُعاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضاً حثا على تعظيمه وذلك مخاطبة من كان يقول يا محمد. ودعوته إذا سألته وإذا استغثته ، قال تعالى : قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ أي سله وقال : قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. بَلْ

(1/3300)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 191
إِيَّاهُ تَدْعُونَ
تنبيها أنكم إذا أصابتكم شدة لم تفزعوا إلا إليه وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً - وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ - وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ - وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ دَعانا لِجَنْبِهِ - وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ وقوله : لا تَدْعُوا الْيَوْمَ ثُبُوراً واحِداً وَادْعُوا ثُبُوراً كَثِيراً هو أن يقول يا لهفاه ويا حسرتاه ونحو ذلك من ألفاظ التأسف ، والمعنى يحصل لكم غموم كثيرة. وقوله : فَادْعُ لَنا رَبَّكَ أي سله والدعاء إلى الشيء الحث على قصده قالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وقال :
وَ اللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وقال : وَيا قَوْمِ ما لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ - تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ وقوله : لا جَرَمَ أَنَّما تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ أي رفعة وتنويه. والدعوة مختصة بادعاء النسبة وأصلها للحالة التي عليها الإنسان نحو القعدة والجلسة. وقولهم دع داعى اللبن أي غيره تجلب منها اللبن. والادعاء أن يدعى شيئا أنه له ، وفى الحرب الاعتزاء ، قال تعالى : وَلَكُمْ فِيها ما تَدَّعُونَ نُزُلًا
، أي ما تطلبون ، والدعوى الادعاء ، قال : فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا والدعوى الدعاء ، قال : وَآخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ.
(دفع) : الدفع إذا عدى بإلى اقتضى معنى الإنالة نحو قوله تعالى :
فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوالَهُمْ وإذا عدى بعن اقتضى معنى الحماية نحو : إِنَّ اللَّهَ يُدافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا وقال : وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ وقوله : لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ أي حام ، والمدافع الذي يدفعه كل أحد والدفعة من المطر والدفاع من السيل.
(دفق) : قال تعالى : ماءٍ دافِقٍ سائل بسرعة. ومنه استعير جاءوا دفقة ، وبعير أدفق : سريع ومشى الدفقى أي يتصبب فى عدوه كتصبب الماء المتدفق ، ومشوا دفقا.
(دفى ء) : الدفء خلاف البرد ، قال تعالى : لَكُمْ فِيها دِفْءٌ وَمَنافِعُ وهو لما يدفىء ورجل دفآن ، وامرأة دفأى ، وبيت دفىء.
(دك) : الدك الأرض اللينة السهلة. وقد دكه دكا ، قال تعالى :
وَ حُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ فَدُكَّتا دَكَّةً واحِدَةً وتقول : دكت الجبال دكا أي

(1/3301)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 192
جعلت بمنزلة الأرض اللينة. وقال اللَّه تعالى : فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا والدكداك رمل لينة وأرض دكاء مسواة والجمع الدك ، وناقة دكاء لا سنام لها تشبيها بالأرض الدكاء.
(دل) : الدلالة ما يتوصل به إلى معرفة الشيء كدلالة الألفاظ على المعنى ودلالة الإشارات والرموز والكتابة والعقود فى الحساب ، وسواء كان ذلك بقصد ممن يجعله دلالة أو لم يكن بقصد كمن يرى حركة إنسان فيعلم أنه حى ، قال تعالى : ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ أصل الدلالة مصدر كالكناية والأمارة ، والدال من حصل منه ذلك ، والدليل فى المبالغة كعالم ، وعليم ، وقادر ، وقدير ، ثم يسمى الدال والدليل دلالة كتسمية الشيء بمصدره.
(دلو) : دلوت الدلو إذا أرسلتها ، وأدليتها أي أخرجتها ، وقيل يكون بمعنى أرسلتها ، قاله أبو منصور فى الشامل : قال تعالى : فَأَدْلى دَلْوَهُ ، واستعير للتوصل إلى الشيء قال الشاعر :
و ليس الرزق عن طلب حثيث ولكن ألق دلوك فى الدلاء
و بهذا النحو سمى الوسيلة المائح قال الشاعر :
و لى مائح لم يورد الناس قبله معل وأشطان الطوى كثير
قال تعالى : وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ ، والتدلي الدنو والاسترسال ، قال تعالى : ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى.
(دلك) : دلوك الشمس ميلها للغروب ، قال تعالى : أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ هو من قولهم دلكت الشمس دفعتها بالراح ومنه دلكت الشيء فى الراحة. ودالكت الرجل إذا ماطلته. والدلوك ما دلكته من طيب ، والدليك طعام يتخذ من الزبد والتمر.
(دمدم) : فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ ، أي : أهلكهم وأزعجهم ، وقيل الدمدمة حكاية صوت الهرة ومنه دمدم فلان فى كلامه ، ودممت الثوب طليته بصبغ ما ، والدمام يطلى به ، وبعير. مدموم بالشحم ، والداماء ، والدممة جحر اليربوع. والداماء بالتخفيف ، والديمومة المفازة.

(1/3302)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 193
(دم) : أصل الدم دمى وهو معروف ، قال اللَّه تعالى : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وجمعه دماء. وقال : لا تَسْفِكُونَ دِماءَكُمْ وقد دميت الجراحة ، وفرس مدمى شديد الشقرة كالدم فى اللون ، والدمية صورة حسنة ، وشجة دامية.
(دمر) : قال : فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً وقال : ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ - وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ ، والتدمير إدخال الهلاك على الشيء ، ويقال ما بالدار تدمرى ، وقوله تعالى : دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ فإن مفعول دمر محذوف.
(دمع) : قال تعالى : تَوَلَّوْا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَناً فالدمع يكون اسما للسائل من العين ومصدر دمعت العين دمعا ودمعانا.
(دمغ) : قال تعالى : بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ أي يكسر دماغه ، وحجة دامغة كذلك. ويقال للطلعة تخرج من أصل النخلة فتفسده إذا لم تقطع : دامغة ، وللحديدة التي تشد على آخر الرجل دامغة وكل ذلك استعارة من الدمغ الذي هو كسر الدماغ.
(دنر) : قال تعالى : مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ أصله دنار فأبدل من إحدى النونين ياء ، وقيل أصله بالفارسية دين آر ، أي الشريعة جاءت به.
(دنا) : الدنو القرب بالذات أو بالحكم ، ويستعمل فى المكان والزمان والمنزلة. قال تعالى : وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وقال تعالى : ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى هذا بالحكم. ويعبر بالأدنى تارة عن الأصغر فيقابل بالأكثر نحو :
وَ لا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ وتارة عن الأرذل فيقابل بالخير نحو : أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ وعن الأول فيقابل بالآخر نحو : خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ وقوله : وَآتَيْناهُ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ وتارة عن الأقرب فيقابل بالأقصى نحو : إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وجمع الدنيا الدنى نحو الكبرى ، والكبر ، والصغرى والصغر. وقوله تعالى : ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ أي أقرب لنفوسهم أن تتحرى العدالة فى إقامة الشهادة وعلى ذلك قوله تعالى : ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وقوله

(1/3303)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 194
تعالى : لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ متناول للأحوال التي فى النشأة الأولى وما يكون فى النشأة الآخرة ، ويقال دانيت بين الأمرين وأدنيت أحدهما من الآخر. قال تعالى : يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ، وأدنت الفرس دنا نتاجها. وخص الدنيء بالحقير القذر ويقابل به السيّء ، يقال دنىء بين الدناءة.
وما
روى «إذا أكلتم فدنوا»
من الدون أي كلوا مما يليكم.
(دهر) : الدهر فى الأصل اسم لمدة العالم من مبدأ وجوده إلى انقضائه ، وعلى ذلك قوله تعالى : هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ ثم يعبر عن كل مدة كثيرة وهو خلاف الزمان فإن الزمان يقع على المدة القليلة والكثيرة ، ودهر فلان مدة حياته واستعير للعادة الباقية مدة الحياة فقيل ما دهر بكذا ، ويقال دهر فلانا نائبة دهرا أي نزلت به ، حكاه الخليل ، فالدهر هاهنا مصدر ، وقيل دهدره دهدرة ، ودهر داهر ودهير و
قوله عليه الصلاة والسلام : «لا تسبوا الدهر فإن اللَّه هو الدهر»
قد قيل معناه إن اللَّه فاعل ما يضاف إلى الدهر من الخير والشر والمسرة والمساءة ، فإذا سببتم الذي تعتقدون أنه فاعل ذلك فقد سببتموه تعالى عن ذلك. وقال بعضهم : الدهر الثاني فى الخبر غير الدهر الأول وإنما هو مصدر بمعنى الفاعل ، ومعناه أن اللَّه هو الداهر أي المصرف المدبر المفيض لما يحدث ، والأول أظهر. وقوله تعالى إخبارا عن مشركى العرب : ما هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَنَحْيا وَما يُهْلِكُنا إِلَّا الدَّهْرُ قيل عنى به الزمان.
(دهق) : قال تعالى : وَكَأْساً دِهاقاً أي مفعمة ، ويقال أدهقت وما
روى ى إذا أكلتم فدنوا»
من الدون أي كلوا مما يليكم.
(دهر) : الدهر فى الأصل اسم لمدة العالم من مبدأ وجوده إلى انقضائه ، عن الخضرة الكاملة اللون كما يعبر عن الدهمة بالخضرة إذا لم تكن كاملة اللون وذلك لتقاربهما باللون. قال اللَّه تعالى : مُدْهامَّتانِ وبناؤهم من الفعل مفعال ، يقال ادهام ادهيماما ، قال الشاعر فى وصف الليل :
فى ظل أخضر يدعو هامه البوم
(دهن) : قال تعالى : تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وجمع الدهن أدهان. وقوله تعالى : فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ قيل هو دردى الزيت والمدهن ما يجعل فيه

(1/3304)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 195
الدهن وهو أحد ما جاء على مفعل من الآلة ، وقيل للمكان الذي يستقر فيه ماء قليل مدهن تشبيها بذلك ، ومن لفظ الدهن استعير الدهين للناقة القليلة اللبن وهى فعيل فى معنى فاعل أي تعطى بقدر ما تدهن به. وقيل بمعنى مفعول كأنه مدهون باللبن أي كأنها دهنت باللبن لقلته والثاني أقرب من حيث لم يدخل فيه الهاء ، ودهن المطر الأرض بلها بللا يسيرا كالدهن الذي يدهن به الرأس ، ودهنه بالعصا كناية عن الضرب على سبيل التهكم كقولهم مسحته بالسيف وحييته بالرمح.
والإدهان فى الأصل مثل التدهين لكن جعل عبارة عن المداراه والملاينة ، وترك الجد ، كما جعل التقريد وهو نزع القراد عن البعير عبارة عن ذلك قال : أَفَبِهذَا الْحَدِيثِ أَنْتُمْ مُدْهِنُونَ قال الشاعر :
الحزم والقوة خير من ال إدهان والقلة والهاع
و داهنت فلانا مداهنة قال : وَدُّوا لَوْ تُدْهِنُ فَيُدْهِنُونَ.
(دأب) : الدأب إدامة السير ، دأب فى السير دأبا. قال تعالى :
وَ سَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ ، والدأب العادة المستمرة دائما على حالة ، قال تعالى : كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ ، أي كعادتهم التي يستمرون عليها.
(داود) : داود اسمى أعجمى.
(دار) : الدار المنزل اعتبارا بدورانها الذي لها بالحائط ، وقيل دارة وجمعها ديار ، ثم تسمى البلدة دارا والصقع دارا والدنيا كما هى دارا ، والدار الدنيا ، والدار الآخرة إشارة إلى المقرين فى النشأة الأولى والنشأة الأخرى. وقيل دار الدنيا ودار الآخرة ، قال تعالى : لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي الجنة ، ودار البوار. أي الجحيم. قال تعالى : قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ وقال :
أَ لَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ - وَقَدْ أُخْرِجْنا مِنْ دِيارِنا وقال :
سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ أي الجحيم ، وقولهم ما بها ديار أي ساكن وهو فيعال ، ولو كان فعالا لقيل دوار كقولهم قوال وجواز. والدائرة عبارة عن الخط المحيط ، يقال دار يدور دورانا ، ثم عبر بها عن المحادثة. والدوارى الدهر الدائر بالإنسان من حيث إنه يدور بالإنسان ولذلك قال الشاعر :
و الدهر بالإنسان دوارى

(1/3305)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 196
و الدورة والدائرة فى المكروه كما يقال دولة فى المحبوب ، وقوله تعالى : نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ والدوار صنم كانوا يطوفون حوله. والداري المنسوب إلى الدار وخصص بالعطار تخصيص الهالكى بالقين ،
قال صلّى اللَّه عليه وسلّم : «مثل الجليس الصالح كمثل الداري»
و يقال للازم الدار دارى. وقوله تعالى : وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ - عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ أي يحيط بهم السوء إحاطة الدائرة بمن فيها فلا سبيل لهم إلى الانفكاك منه بوجه. وقوله تعالى : إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ أي تتداولونها وتتعاطونها من غير تأجيل.
(دول) : الدولة والدولة واحدة ، وقيل الدولة فى المال والدولة فى الحرب والجاه. وقيل الدولة اسم الشيء الذي يتداول بعينه ، والدولة المصدر.
قال تعالى : كَيْ لا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِياءِ مِنْكُمْ وتداول القوم كذا أي تناولوه من حيث الدولة ، وداول اللَّه كذا بينهم. قال تعالى : وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ ، والدؤلول الداهية والجمع الدءاليل والدؤلات.
(دوم) : أصل الدوام السكون ، يقال دام الماء أي سكن ، ونهى أن يبول الإنسان فى الماء الدائم ، وأدمت القدر ودومتها سكنت غليانها بالماء ، ومنه دام الشيء إذا امتد عليه الزمان ، قال تعالى : وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ - إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً - لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها ويقال دمت تدام ، وقيل دمت تدوم ، نحو : مت تموت ودومت الشمس فى كبد السماء ، قال الشاعر :
و الشمس حيرى لها فى الجو تدويم
و دوم الطير فى الهواء حلق ، واستدمت الأمر تأنيت فيه ، وللظل الدوم الدائم ، والديمة مطر تدوم أياما.
(دين) : يقال دنت الرجل أخذت منه دينا وأدنته جعلته دائنا وذلك بأن تعطيه دينا. قال أبو عبيدة : دنته أقرضته ، ورجل مدين ، ومديون ، ودنته استقرضت منه قال الشاعر :
ندين ويقضى اللَّه عنا وقد نرى مصارع قوم لا يدينون ضيعا
أدنت مثل دنت ، وأدنت أي أقرضت ، والتداين والمداينة دفع الدين ، قال

(1/3306)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 197
تعالى : إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وقال : مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ والدين يقال للطاعة والجزاء واستعير للشريعة ، والدين كالملة لكنه يقال اعتبارا بالطاعة والانقياد للشريعة ، قال : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وقال :
وَ مَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ أي طاعة وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ وقوله تعالى : يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وذلك حث على اتباع دين النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم الذي هو أوسط الأديان كما قال : وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً وقوله : لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قيل يعنى الطاعة فإن ذلك لا يكون فى الحقيقة إلا بالإخلاص والإخلاص لا يتأتى فيه الإكراه ، وقيل إن ذلك مختص بأهل الكتاب الباذلين للجزية. وقوله : أَفَغَيْرَ دِينِ اللَّهِ يَبْغُونَ يعنى الإسلام لقوله : وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وعلى هذا قوله تعالى :
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ وقوله : وَلا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ وقوله : وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ - فَلَوْ لا إِنْ كُنْتُمْ غَيْرَ مَدِينِينَ أي غير مجزيين. والمدين والمدينة العبد والأمة ، قال أبو زيد :
هو من قولهم دين فلان يدان إذا حمل على مكروه ، وقيل هو من دنته إذا جازيته بطاعته ، وجعل بعضهم المدينة من هذا الباب.
(دون) : يقال للقاصر عن الشيء دون ، قال بعضهم : هو مقلوب من الدنو ، والأدون الدنى وقوله تعالى : لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ أي ممن لم يبلغ منزلته منزلتكم فى الديانة ، وقيل فى القرابة. وقوله : وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ أي ما كان أقل من ذلك وقيل ما سوى ذلك والمعنيان يتلازمان. وقوله تعالى : أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ أي غير اللَّه ، وقيل معناه إلهين متوصلا بهما إلى اللَّه. وقوله : لَيْسَ لَهُمْ مِنْ دُونِهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ - وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ أي ليس لهم من يواليهم من دون أمر اللَّه. وقوله : قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا مثله.
وقد يقرأ بلفظ دون فيقال دونك كذا أي تناوله ، قال القتيبي يقال : دان يدون دونا : ضعف.

(1/3307)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 198
الذال
(ذب) : الذباب يقع على المعروف من الحشرات الطائرة وعلى النحل والزنابير ونحوهما. قال الشاعر :
فهذا أوان العرض حى ذبابه زنابيره والأزرق المتلمس
و قوله تعالى : وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً فهو المعروف ، وذباب العين إنسانها سمى به لتصوره بهيئته أو لطيران شعاعه طيران الذباب. وذباب السيف تشبيها به فى إيذائه ، وفلان ذباب إذا كثر التأذى به. وذببت عن فلان طردت عنه الذباب ، والمذبة ما يطرد به ثم استعير الذب لمجرد الدفع فقيل ذببت عن فلان ، وذب البعير إذا دخل ذباب فى أنفه. وجعل بناؤه بناء الأدواء نحو ذكم. وبعير مذبوب وذب جسمه هزل فصار كذباب ، أو كذباب السيف ، والذبذبة حكاية صوت الحركة للشىء المعلق ، ثم استعير لكل اضطراب وحركة قال تعالى :
مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ أي مضطربين مائلين تارة إلى المؤمنين وتارة إلى الكافرين ، قال الشاعر :
ترى كل ملك دونها يتذبذب
و ذببنا إبلنا سقناها سوقا شديدا بتذبذب ، قال الشاعر :
يذبب ورد على إثره
(ذبح) : أصل الذبح شق حلق الحيوانات والذبح المذبوح ، قال تعالى :
وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ وقال : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً وذبحت الفارة شققتها تشبيها بذبح الحيوان ، وكذلك ذبح الدن ، وقوله : يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ على التكثير أي يذبح بعضهم إثر بعض. وسعد الذابح اسم نجم ، وتسمى الأخاديد من السيل مذابح.
(ذخر) : أصل الادخار اذتخار ، يقال ذخرته ، وادخرته إذا أعددته للعقبى.
وروى أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان لا يدخر شيئا لغد.
والمذاخر : الجوف والعروق المدخرة للطعام ، قال الشاعر :

(1/3308)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 199
فلما سقيناها العكيس تملأت مذاخرها وامتد رشحا وريدها
و الإذخر حشيشة طيبة الريح.
(ذر) : الذرية ، قال تعالى : وَمِنْ ذُرِّيَّتِي وقال : وَمِنْ ذُرِّيَّتِنا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وقال : إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ وقد قيل : أصله الهمز ، وقد تذكر بعد فى بابه.
(ذرع) : الذراع العضو المعروف ويعبر به عن المذروع : أي الممسوح بالذراع. قال تعالى : فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ يقال ذراع من الثوب والأرض وذراع الأسد نجم تشبيها بذراع الحيوان ، وذراع العامل صدر القناة ، ويقال هذا على حبل ذراعك كقولك هو فى كفك ، وضاق بكذا ذرعى نحو ضاقت به يدى ، وذرعته ضربت ذراعه ، وذرعت مددت الذراع ، ومنه ذرع البعير فى سيره أي مد ذراعه وفرس ذريع وذروع واسع الخطو ، ومذرع : أبيض الذراع ، وزق ذراع قيل هو العظيم وقيل هو الصغير ، فعلى الأول هو الذي بقي ذراعه وعلى الثاني هو الذي فصل ذراعه عنه. وذرعه القيء : سبقه. وقولهم ذرع الفرس وتذرعت المرأة الخوص وتذرع فى كلامه تشبيها بذلك ، كقولهم سفسف فى كلامه وأصله من سفيف الخوص.
(ذرأ) : الذرء إظهار اللَّه تعالى ما أبداه ، يقال ذرأ اللَّه الخلق أي أوجد أشخاصهم. قال تعالى : وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وقال :
وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً وقال : وَمِنَ الْأَنْعامِ أَزْواجاً يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ وقرىء تَذْرُوهُ الرِّياحُ والذرأة بياض الشيب والملح. فيقال ملح ذرآنى ، ورجل أذرأ ، وامرأة ذرآء ، وقد ذرىء شعره.
(ذرو) : ذروة السنام وذراه أعلاه ، ومنه قيل أنا فى ذراك فى أعلى مكان من جنابك. والمذروان طرفا الأليتين. وذرته الريح تذروه وتذريه. قال تعالى : وَالذَّارِياتِ ذَرْواً وقال : تَذْرُوهُ الرِّياحُ والذرية أصلها الصغار من الأولاد وإن كان قد يقع على الصغار والكبار معا فى التعارف ويستعمل للواحد والجمع وأصله الجمع قال تعالى : ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وقال :
ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ وقال : وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ

(1/3309)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 200
الْمَشْحُونِ
و قال : إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي وفى الذرية ثلاثة أقوال : قيل هو من ذرأ اللَّه الخلق فترك همزه نحو روية وبرية. وقيل أصله ذروية. وقيل هو فعلية من الذر نحو قمرية. وقال أبو القاسم البلخي. قوله تعالى : وَلَقَدْ ذَرَأْنا لِجَهَنَّمَ من قولهم : ذريت الحنطة ولم يعتبر أن الأول مهموز.
(ذعن) : مذعنين أي منقادين ، يقال ناقة مذعان أي منقادة.
(ذقن) : قوله تعالى : وَيَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ يَبْكُونَ الواحد ذقن وقد ذقنته ضربت ذقنه ، وناقة ذقون تستعين بذقنها فى سيرها ، ودلو ذقون ضخمة مائلة تشبيها بذلك.
(ذكر) : الذكر تارة يقال ويراد به هيئة للنفس بها يمكن للإنسان أن يحفظ ما يقتنيه من المعرفة وهو كالحفظ إلا أن الحفظ يقال اعتبارا بإحرازه ، والذكر يقال اعتبارا باستحضاره ، وتارة يقال لحضور الشيء القلب أو القول ، ولذلك قيل الذكر ذكران : ذكر بالقلب وذكر باللسان ، وكل واحد منهما ضربان ، ذكر عن نسيان وذكر لا عن نسيان بل عن إدامة الحفظ. وكل قول يقال له ذكر ، فمن الذكر باللسان قوله تعالى : لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ وقوله تعالى : وَهذا ذِكْرٌ مُبارَكٌ أَنْزَلْناهُ وقوله : هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي وقوله : أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنا أي القرآن ، وقوله تعالى : ص وَالْقُرْآنِ ذِي الذِّكْرِ وقوله : وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ أي شرف لك ولقومك ، وقوله : فَسْئَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ أي الكتب المتقدمة. وقوله : قَدْ أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكُمْ ذِكْراً. رَسُولًا فقد قيل الذكر هاهنا وصف للنبى صلّى اللَّه عليه وسلّم كما أن الكلمة وصف لعيسى عليه السلام من حيث إنه بشر به فى الكتب المتقدمة. فيكون قوله رسولا بدلا منه. وقيل رسولا منتصب بقوله ذكرا كأنه قال قد أنزلنا إليكم كتابا ذكرا رسولا يتلو نحو قوله :
أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً فيتيما نصب بقوله إطعام. ومن الذكر عن النسيان قوله : فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ ومن الذكر بالقلب واللسان معا قوله تعالى : فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً وقوله : فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ

(1/3310)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 201
و قوله : وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أي من بعد الكتاب المتقدم.
و قوله : هَلْ أَتى عَلَى الْإِنْسانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئاً مَذْكُوراً أي لم يكن شيئا موجودا بذاته وإن كان موجودا فى علم اللَّه تعالى. وقوله : أَوَ لا يَذْكُرُ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ أي أو لا يذكر الجاحد للبعث أول خلقه فيستدل بذلك على إعادته ، وكذلك قوله تعالى : قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَها أَوَّلَ مَرَّةٍ وقوله : وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وقوله وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ أي ذكر اللَّه لعبده أكبر من ذكر العبد له ، وذلك حث على الإكثار من ذكره.
والذكرى كثرة الذكر وهو أبلغ من الذكر ، قال تعالى : رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ - وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ فى آي كثيرة والتذكرة ما يتذكر به الشيء وهو أعم من الدلالة والأمارة ، قال تعالى : فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ - كَلَّا إِنَّها تَذْكِرَةٌ أي القرآن. وذكرته كذا قال تعالى :
وَ ذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ وقوله : فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى قيل معناه تعيد ذكره ، وقد قيل تجعلها ذكرا فى الحكم. قال بعض العلماء فى الفرق بين قوله :
فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وبين قوله : اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ أن قوله اذكروني مخاطبة لأصحاب النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم الذين حصل لهم فضل قوة بمعرفته تعالى فأمرهم بأن يذكروه بغير واسطة ، وقوله تعالى : اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ مخاطبة لبنى إسرائيل الذين لم يعرفوا اللَّه إلا بآلائه فأمرهم أن يتبصروا نعمته فيتوصلوا بها إلى معرفته والذكر ضد الأنثى ، قال تعالى : وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وقال : آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ وجمعه ذكور وذكران ، قال تعالى : ذُكْراناً وَإِناثاً وجعل الذكر كناية عن العضو المخصوص. والمذكر المرأة التي ولدت ذكرا ، والمذكار التي عادتها أن تذكر ، وناقة مذكرة تشبه الذكر فى عظم خلقها ، وسيف ذو ذكر ، ومذكر صارم تشبيها بالذكر ، وذكور البقل ، ما غلط منه.
(ذكا) : ذكت النار تذكو اتقدت وأضاءت ، وذكيتها تذكية ، وذكاء اسم للشمس وابن ذكاء للصبح ، وذلك أنه تارة يتصور الصبح ابنا للشمس وتارة حاجبا لها فقيل حاجب الشمس وعبر عن سرعة الإدراك وحدة الفهم بالذكاء كقولهم فلان هو شعلة نار. وذكيت الشاة ذبحتها. وحقيقة التذكية إخراج الحرارة الغريزية لكن خص فى الشرع بإبطال الحياة على وجه دون وجه ، ويدل على هذا الاشتقاق قولهم فى الميت خامد وهامد وفى النار الهامدة ميتة. وذكى

(1/3311)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 202
الرجل إذا أسن وحظى بالذكاء لكثرة رياضته وتجاربه ، وبحسب هذا الاشتقاق لا يسمى الشيخ مذكيّا إلا إذا كان ذا تجارب ورياضات ولما كانت التجارب والرياضات قلما توجد إلا فى الشيوخ لطول عمرهم استعمل الذكاء فيهم ، واستعمل فى العتاق من الخيل المسان وعلى هذا قولهم : جرى المذكيات غلاب.
(ذل) : الذل ما كان عن قهر ، يقال ذل يذل ذلا ، والذل ما كان بعد تصعب ، وشماس من غير قهر ، يقال ذل يذل ذلا. وقوله تعالى : وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ أي كن كالمقهور لهما ، وقرىء جَناحَ الذُّلِّ أي لن وانقد لهما ، يقال الذّل والقلّ ، والذلة والقلة ، قال تعالى : تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وقال : ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وقال : سَيَنالُهُمْ غَضَبٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَذِلَّةٌ وذلت الدابة بعد شماس ذلا وهى ذلول أي ليست بصعبة ، قال تعالى : لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ والذل متى كان من جهة الإنسان نفسه لنفسه فمحمود نحو قوله تعالى : أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ وقال : وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ وقال : فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا أي منقادة غير متصعبة ، قال تعالى : وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلًا أي : سهلت ، وقيل الأمور تجرى على أذلالها ، أي : مسالكها وطرقها.
(ذم) : يقال ذممته أذمة ذمّا فهو مذموم وذميم ، قال تعالى : مَذْمُوماً مَدْحُوراً وقيل ذمته أذمه على قلب إحدى الميمين تاء. والذمام ما يذم الرجل على إضاعته من عهد ، وكذلك الذمة والمذمة. وقيل : لى مذمة فلا تهتكها ، وأذهب مذمتهم بشىء. أي أعطهم شيئا لما لهم من الذمام. وأذم بكذا أضاع ذمامه ورجل مذم لا حراك به وبئر ذمة قليلة الماء ، قال الشاعر :
و ترى الذميم على مراسلهم يوم الهياج كمازن النمل
الذميم : شبه بثور صغار.
(ذنب) : ذنب الدابة وغيرها معروف ويعبر به عن المتأخر والرذل ، يقال هم أذناب القوم وعنه استعير مذانب التلاع لمسايل مياهها والمذنب ما أرطب من قبل ذنبه والذنوب الفرس الطويل الذنب والدلو التي لها ذنب واستعير

(1/3312)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 203
للنصيب كما استعير له السجل. قال تعالى : فَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذَنُوباً مِثْلَ ذَنُوبِ أَصْحابِهِمْ والذنب فى الأصل الأخذ بذنب الشيء ، يقال ذنبته أصبت ذنبه ، ويستعمل فى كل فعل يستوخم عقباه اعتبارا بذنب الشيء ولهذا يسمى الذنب تبعة اعتبارا لما يحصل من عاقبته ، وجمع الذنب ذنوب ، قال تعالى : فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وقال : فَكُلًّا أَخَذْنا بِذَنْبِهِ وقال : وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ إلى غير ذلك من الآي.
(ذهب) : الذهب معروف وربما قيل ذهبة ورجل ذهب : رأى معدن الذهب فدهش ، وشىء مذهب جعل عليه الذهب ، وكميت مذهب علت حمرته صفرة كأن علهيا ذهبا ، والذهاب المضيّ يقال ذهب بالشيء وأذهبه ويستعمل ذلك فى الأعيان والمعاني ، قال اللَّه تعالى : وَقالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى رَبِّي - فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ - فَلا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَراتٍ كناية عن الموت وقال : إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ وقال : وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ وقال : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وقوله تعالى : وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ أي لتفوزوا بشىء من المهر أو غير ذلك مما أعطيتموهن وقوله : وَلا تَنازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وقال : ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ - وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ - لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئاتُ عَنِّي.
(ذهل) : قال تعالى : يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ
الذهول شغل يورث حزنا ونسيانا ، يقال ذهل عن كذا وأذهله كذا.
(ذوق) : الذوق وجود الطعم بالفم وأصله فيما يقل نناوله دون ما يكثر ، فإن ما يكثر منه يقال له الأكل واختير فى القرآن لفظ الذوق فى العذاب لأن ذلك وإن كان فى المتعارف للقليل فهو مستصلح للكثير فخصه بالذكر ليعم الأمرين وكثر استعماله فى العذاب نحو : لِيَذُوقُوا الْعَذابَ - وَقِيلَ لَهُمْ ذُوقُوا عَذابَ النَّارِ - فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ - ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ - إِنَّكُمْ لَذائِقُوا الْعَذابِ الْأَلِيمِ - ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ - وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ وقد جاء فى الرحمة نحو : وَلَئِنْ أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً - وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ ويعبر به عن الاختبار فيقال أذقته كذا

(1/3313)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 204
فذاق ، ويقال فلان ذاق كذا وأنا أكلته أي خبرته فوق ما خبر ، وقوله :
فَأَذاقَهَا اللَّهُ لِباسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ فاستعمال الذوق مع اللباس من أجل أنه أريد به التجربة والاختبار ، أي فجعلها بحيث تمارس الجوع والخوف ، وقيل إن ذلك على تقدير كلامين كأنه قيل أذاقها طعم الجوع والخوف وألبسها لباسهما.
وقوله : وَإِنَّا إِذا أَذَقْنَا الْإِنْسانَ مِنَّا رَحْمَةً فإنه استعمل فى الرحمة الإذاقة وفى مقابلتها الإصابة فقال : وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ تنبيها على أن الإنسان بأدنى ما يعطى من النعمة يأشر ويبطر إشارة إلى قوله : كَلَّا إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى . أَنْ رَآهُ اسْتَغْنى .
(ذو) : ذو على وجهين أحدهما يتوصل به إلى الوصف بأسماء الأجناس والأنواع ويضاف إلى الظاهر دون المضمر ويثنى ويجمع ، ويقال فى المؤنث ذات وفى التثنية ذواتا وفى الجمع ذوات ، ولا يستعمل شىء منها إلا مضافا ، قال :
وَ لكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ وقال : ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى - وَذِي الْقُرْبى - وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ - ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى - إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ - وَنُقَلِّبُهُمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَذاتَ الشِّمالِ - وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وقال :
ذَواتا أَفْنانٍ وقد استعار أصحاب المعاني الذات فجعلوها عبارة عن عين الشيء جوهرا كان أو عرضا واستعملوها مفردة ومضافة إلى المضمر ، بالألف واللام وأجروها مجرى النفس والخاصة فقالوا ذاته ونفسه وخاصته ، وليس ذلك من كلام العرب والثاني : فى لفظ ذو لغة لطيئ يستعملونه استعمال الذي ، ويجعل فى الرفع ، والنصب ، والجر ، والجمع ، والتأنيث على لفظ واحد نحو :
و بئرى ذو حفرت وذو طويت
أي التي حفرت والتي طويت ، وأما ذا فى هذا فإشارة إلى شىء محسوس أو معقول ، ويقال فى المؤنث ذه وذى وهاتا فيقال هذه وهذى ، وهاتا ولا تثنى منهن إلا هاتا فيقال هاتان. قال تعالى : أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ - هذا ما تُوعَدُونَ - هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ - إِنْ هذانِ لَساحِرانِ إلى غير ذلك هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ - هذِهِ جَهَنَّمُ الَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا الْمُجْرِمُونَ ويقال بإزاء هذا فى المستبعد بالشخص أو بالمنزلة ذاك وذلك ، قال تعالى : الم ذلِكَ الْكِتابُ - ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ - ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى إلى غير ذلك.

(1/3314)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 205
و قولهم ما ذا يستعمل على وجهين : أحدهما : أن يكون ما مع ذا بمنزلة اسم واحد ، والآخر أن يكون ذا بمنزلة الذي ، فالأول نحو قولهم : عما ذا تسأل؟ فلم تحذف الألف منه لما لم يكن ما بنفسه للاستفهام بل كان مع ذا اسما واحدا وعلى هذا قول الشاعر :
دعى ما ذا علمت سأتقيه
أي دعى شيئا علمته. وقوله تعالى : وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ فإن من قرأ قُلِ الْعَفْوَ بالنصب فإنه جعل الاسمين بمنزلة اسم واحد كأنه قال أي شىء ينفقون؟ ومن قرأ قُلِ الْعَفْوَ بالرفع فإن ذا بمنزلة الذي وما للاستفهام أي ما الذي ينفقون؟ وعلى هذا قوله تعالى : ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ وأساطير بالرفع والنصب.
(ذيب) : الذيب الحيوان المعروف وأصله الهمز وقال تعالى : فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وأرض مذأبة كثيرة الذئاب وذئب فلان وقع فى غنمه الذئب وذئب صار كذئب فى خبثه ، وتذاءبت الريح أتت من كل جانب مجىء الذئب وتذاءبت للناقة على تفاعلت إذا تشبهت لها بالذئب فى الهيئة لتظأر على ولدها ، والذئبة من القتب ما تحت ملتقى الحنوين تشبيها بالذئب فى الهيئة.
(ذود) : ذدته عن كذا أذوده. قال تعالى : وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأَتَيْنِ تَذُودانِ أي تطردان ذودا ، والذود من الإبل العشرة.
(ذام) : قال تعالى : اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً أي مذموما يقال : ذمته أذيمه ذيما ، وذممته أذمه ذمّا ، وذأمته ذأما.

(1/3315)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 206
الراء
(رب) : الرب فى الأصل التربية هو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام ، يقال ربه ورباه ورببه. وقيل لأن يربنى رجل من قريش أحب إلى من أن يربنى رجل من هوازن. فالرب مصدر مستعار للفاعل ولا يقال الرب مطلقا إلا للَّه تعالى المتكفل بمصلحة الموجودات نحو قوله : بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ.
و على هذا قوله تعالى : وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أي آلهة وتزعمون أنهم الباري مسبب الأسباب ، والمتولى لمصالح العباد وبالإضافة يقال له ولغيره نحو قوله : رَبِّ الْعالَمِينَ - وَ - رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ ويقال رب الدار ورب الفرس لصاحبهما وعلى ذلك قال اللَّه تعالى : اذْكُرْنِي عِنْدَ رَبِّكَ فَأَنْساهُ الشَّيْطانُ ذِكْرَ رَبِّهِ وقوله تعالى : ارْجِعْ إِلى رَبِّكَ وقوله : قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ قيل عنى به اللَّه تعالى : وقيل عنى به الملك الذي رباه والأول أليق بقوله. والرباني قيل منسوب إلى الربان ، ولفظ فعلان من فعل يبنى نحو عطشان وسكران وقلما يبنى من فعل وقد جاء نعسان. وقيل هو منسوب إلى الرب الذي هو المصدر وهو الذي يرب العلم كالحكيم ، وقيل منسوب إليه ومعناه يرب نفسه بالعلم وكلاهما فى التحقيق متلازمان لأن من رب نفسه بالعلم فقد رب العلم ، ومن رب العلم فقد رب نفسه به. وقيل هو منسوب إلى الرب أي اللَّه تعالى فالربانى كقولهم إلهى وزيادة النون فيه كزيادته فى قولهم : لحيانى وجسمانى
قال على رضى اللَّه عنه : «أنا ربانى هذه الأمة»
و الجمع ربانيون. قال تعالى : لَوْ لا يَنْهاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبارُ - كُونُوا رَبَّانِيِّينَ وقيل ربانى لفظ فى الأصل سريانى وأخلق بذلك فقلما يوجد فى كلامهم ، وقوله تعالى : رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فالربى كالربانى.
و الربوبية مصدر يقال فى اللَّه عز وجل والربابة تقال فى غيره وجمع الرب أرباب قال تعالى : أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ ولم يكن من حق الرب أن يجمع إذ كان إطلاقه لا يتناول إلا اللَّه تعالى لكن أتى بلفظ الجمع فيه على حسب اعتقاداتهم لا على ما عليه ذات الشيء فى نفسه ، والرب لا يقال فى المتعارف إلا فى اللَّه ، وجمعه أربة ، وربوب ، قال الشاعر :

(1/3316)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 207
كانت أربتهم حفرا وغرهم عقد الجوار وكانوا معشرا غدرا وقال آخر :
و كنت امرا أفضت إليك ربابتى وقبلك ربتنى فضعت ربوب
و يقال للعقد فى موالاة الغير الربابة ولما يجمع فيه القدح ربابة واختص الراب والرابة بأحد الزوجين إذا تولى تربية الولد من زوج كان قبله ، والربيب والربيبة بذلك الولد ، قال تعالى : وَرَبائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ ورببت الأديم بالسمن والدواء بالعسل ، وسقاء مربوب ، قال الشاعر :
فكونى له كالسمن ربت له الأدم
و الرباب السحاب سمى بذلك لأنه يرب النبات وبهذا النظر سمى المطر درا ، وشبه السحاب باللقوح. وأربت السحابة دامت وحقيقته أنها صارت ذات ترببة ، وتصور فيه معنى الإقامة فقيل أرب فلان بمكان كذا تشبيها بإقامة الرباب ، ورب لاستقلال الشيء ولما يكون وقتا بعد وقت ، نحو : رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا.
(ربح) : الربح الزيادة الحاصلة فى المبايعة ، ثم يتجوز به فى كل ما يعود من ثمرة عمل ، وينسب الربح تارة إلى صاحب السلعة وتارة إلى السلعة نفسها نحو قوله تعالى : فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وقول الشاعر :
قروا أضيافهم ربحا ببح
فقد قيل الربح الطائر ، وقيل هو الشجر وعندى أن الربح هاهنا اسم لما يحصل من الربح نحو النقص ، وبح اسم للقداح التي كانوا يستقسمون بها ، والمعنى قروا أضيافهم ما حصلوا منه الحمد الذي هو أعظم الربح وذلك كقول الآخر :
فأوسعنى حمدا وأوسعته قرى وأرخص بحمد كان كاسبه الأكل
(ربص) : التربص الانتظار بالشيء سلعة كانت يقصد بها غلاء أو رخصا ، أو أمرا ينتظر زواله أو حصوله ، يقال تربصت لكذا ولى ربصة بكذا وتربص ، قال تعالى : وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ - قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ - قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنا إِلَّا إِحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ.
(ربط) : ربط الفرس شده بالمكان للحفظ ومنه رباط الجيش ، وسمى

(1/3317)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 208
المكان الذي يخص بإقامة حفظه فيه رباطا ، والرباط مصدر ربطت ورابطت ، والمرابطة كالمحافظة ، قال اللَّه تعالى : وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وقال يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا فالمرابطة ضربان : مرابطة فى ثغور المسلمين وهى كمرابطة النفس البدن فإنها كمن أقيم فى ثغر وفوض إليه مراعاته فيحتاج أن يراعيه غير مخل به وذلك كالمجاهدة و
قد قال عليه السلام : «من الرباط انتظار الصلاة بعد الصلاة»
و فلان رابط الجأش إذا قوى قلبه وقوله تعالى : وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ وقوله : لَوْ لا أَنْ رَبَطْنا عَلى قَلْبِها - وَلِيَرْبِطَ عَلى قُلُوبِكُمْ فذلك إشارة إلى نحو قوله : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ فإنه لم تكن أفئدتهم كما قال :
وَ أَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ وبنحو هذا النظر قيل فلان رابط الجأش.
(ربع) : أربعة وأربعون ، وربع ورباع كلها من أصل واحد ، قال اللَّه تعالى : ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ - وَ - أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ وقال :
أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وقال : وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ وقال : مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ وربعت القوم أربعهم : كنت لهم رابعا ، وأخذت ربع أموالهم ، وربعت الحبل جعلته على أربع قوى ، والربع من أظماء الإبل والحمى ، وأربع إبله أوردها ربعا ، ورجل مربوع ، ومربع أخذته حمى الربع. والأربعاء فى الأيام رابع الأيام من الأحد ، والربيع رابع الفصول الأربعة. ومنه قولهم : ربع فلان وارتبع أقام فى الربيع ، ثم يتجوز به فى كل إقامة وكل وقت حتى سمى كل منزل ربعا وإن كان ذلك فى الأصل مختصا بالربيع. والربع والربعي ما نتج فى الربيع ولما كان الربيع أولى وقت الولادة وأحمده استعير لكل ولد يولد فى الشباب فقيل أفلح من كان له ربعيون والمرباع ما نتج فى الربيع ، وغيث مربع يأتى فى الربيع. وربع الحجر والحمل تناول جوانبه الأربع ، والمربع خشب يربع به أي يؤخذ الشيء به ، وسمى الحجر المتناول ربيعة. وقولهم اربع على ظلعك يجوز أن يكون من الإقامة أي أقم على ظلعك ، ويجوز أن يكون من ربع الحجر أي تناوله على ظلعك.
والمرباع الربع الذي يأخذه الرئيس من الغنم ، من قولهم ربعت القوم ، واستعيرت الرباعة للرياسة اعتبارا بأخذ المرباع فقيل لا يقيم رباعة القوم غير فلان. والربيعة الجونة لكونها فى الأصل ذات أربع طبقات أو لكونها ذات أربع أرجل.
والرباعيتان قيل سميتا لكون أربع أسنان بينهما ، واليربوع فأرة لجحرها أربعة

(1/3318)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 209
أبواب. وأرض مربعة فيها يرابيع كما تقول مضبة فى موضع الضب.
(ربو) : ربوة وربوة وربوة ورباوة ورباوة ، قال تعالى : إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ قال أبو الحسن : الربوة أجود لقولهم ربى وربا فلان حصل فى ربوة ، وسميت الربوة رابية كأنها ربت بنفسها فى مكان ومنه ربا إذا زاد وعلا ، قال تعالى : فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ أي زادت زيادة المتربى فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً - فَأَخَذَهُمْ أَخْذَةً رابِيَةً وأربى عليه أشرف عليه ، وربيت الولد فربما من هذا وقيل أصله من المضاعف فقلب تخفيفا نحو تظنيت فى تظننت. والربا الزيادة على رأس المال لكن خص فى الشرع بالزيادة على وجه دون وجه ، وباعتبار الزيادة قال تعالى : وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ ونبه بقوله : يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ أن الزيادة المعقولة المعبر عنها بالبركة مرتفعة عن الربا ولذلك قال فى مقابلته : وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ والأربيتان لحمتان ناتئتان فى أصول الفخذين من باطن ، والربو الانبهار سمى بذلك تصورا لتصعده ولذلك قيل هو يتنفس الصعداء ، وأما الربيئة للطيعة فبالهمز وليس من هذا الباب.
(رتع) : الرتع أصله أكل البهائم ، يقال رتع يرتع رتوعا ورتعا ، قال تعالى : يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ ويستعار للإنسان إذا أريد به الأكل الكثير ، وعلى طريق التشبيه قال الشاعر :
و إذا يخلو له لحمى رتع
و يقال راتع ورتاع فى البهائم وراتعون فى الإنسان.
(رتق) : الرتق الضم والالتحام خلقة كان أم صنعة قال تعالى : كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما أي منضمتين. والرتقاء : الجارية المنضمة الشفرتين ، وفلان راتق وفاتق فى كذا أي هو عاقد وحال.
(رتل) : الرتل اتساق الشيء وانتظامه على استقامة ، يقال رجل رتل الأسنان والترتيل إرسال الكلمة من الفم بسهولة واستقامة. قال تعالى : وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا - وَرَتَّلْناهُ تَرْتِيلًا.

(1/3319)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 210
(رج) : الرج تحريك الشيء وإزعاجه ، يقال رجه فارتج قال تعالى :
إِذا رُجَّتِ الْأَرْضُ رَجًّا نحو : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها والرجرجة الاضطراب ، وكتيبة رجراجة ، وجارية رجراجة ، وارتج كلامه اضطرب والرجرجة ماء قليل فى مقره يضطرب فيتكدر.
(رجز) : أصل الرجز الاضطراب ومنه قيل رجز البعير رجزا فهو أرجز وناقة رجزاء إذا تقارب خطوها واضطرب لضعف فيها. وشبه الرجز به لتقارب أجزائه وتصور رجز فى اللسان عند إنشاده ، ويقال لنحوه من الشعر أرجوزة وأراجيز ، ورجز فلان وارتجز إذا عمل ذلك أو أنشد وهو راجز ورجاز ورجازة وقوله :
عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ فالرجز هاهنا كالزلزلة ، وقال تعالى إِنَّا مُنْزِلُونَ عَلى أَهْلِ هذِهِ الْقَرْيَةِ رِجْزاً مِنَ السَّماءِ وقوله : وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ قيل : هو صنم ، وقيل هو كناية عن الذنب فسماه بالمئال كتسمية الندى شحما. وقوله : وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُمْ مِنَ السَّماءِ ماءً لِيُطَهِّرَكُمْ بِهِ وَيُذْهِبَ عَنْكُمْ رِجْزَ الشَّيْطانِ والشيطان عبارة عن الشهوة على ما بين فى بابه. وقيل بل أراد برجز الشيطان ما يدعو إليه من الكفر والبهتان والفساد والرجازة كساء يجعل فيه أحجار فيعلق على أحد جانبى الهودج إذا مال ، وذلك لما يتصور فيه من حركته ، واضطرابه.
(رجس) : الرجس الشيء القذر ، يقال رجل رجس ورجال أرجاس.
قال تعالى : رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ والرجس يكون على أربعة أوجه :
إما من حيث الطبع ، وإما من جهة العقل ، وإما من جهة الشرع ، وإما من كل ذلك كالميتة ، فإن الميتة تعاف طبعا وعقلا وشرعا ، والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر ، وقيل إن ذلك رجس من جهة العقل وعلى ذلك نبه بقوله تعالى :
وَ إِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما لأن كل ما يوفى إثمه على نفعه فالعقل يقتضى تجنبه ، وجعل الكافرين رجسا من حيث إن الشرك بالعقل أقبح الأشياء ، قال تعالى :
وَ أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وقوله تعالى :
وَ يَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْقِلُونَ قيل الرجس النتن ، وقيل العذاب وذلك كقوله : إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ وقال : أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ

(1/3320)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 211
و ذلك من حيث الشرع وقيل رجس ورجز للصوت الشديد وبعير رجاس شديد الهدير وغمام راجس ورجاس شديد الرعد.
(رجع) : الرجوع العود إلى ما كان منه البدء أو تقدير البدء مكانا كان أو فعلا أو قولا ، وبذاته كان رجوعه أو بجزء من أجزائه أو بفعل من أفعاله.
فالرجوع العود ، والرجع الإعادة ، والرجعة فى الطلاق ، وفى العود إلى الدنيا بعد الممات ، ويقال فلان يؤمن بالرجعة. والرجاع مختص برجوع الطير بعد قطاعها. فمن الرجوع قوله تعالى : لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ - فَلَمَّا رَجَعُوا إِلى أَبِيهِمْ - وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ - وَإِنْ قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا ويقال رجعت عن كذا رجعا ورجعت الجواب نحو قوله : فَإِنْ رَجَعَكَ اللَّهُ إِلى طائِفَةٍ مِنْهُمْ وقوله : إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ وقوله : إِنَّ إِلى رَبِّكَ الرُّجْعى
و قوله تعالى : ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ يصح أن يكون من الرجوع كقوله : ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ويصح أن يكون من الرجع كقوله : ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وقد قرىء وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ بفتح التاء وضمها ، وقوله : لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ أي يرجعون عن الذنب وقوله : وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ أي حرمنا عليهم أن يتوبوا ويرجعوا عن الذنب تنبيها أنه لا توبة بعد الموت. كما قال : قِيلَ ارْجِعُوا وَراءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُوراً وقوله : بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ فمن الرجوع أو من رجع الجواب كقوله : يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ الْقَوْلَ وقوله : ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ ما ذا يَرْجِعُونَ فمن رجع الجواب لا غير ، وكذا قوله : فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ وقوله : وَالسَّماءِ ذاتِ الرَّجْعِ أي المطر ، وسمى رجعا لرد الهواء ما تناوله من الماء وسمى الغدير رجعا إما لتسميته بالمطر الذي فيه وإما لتراجع أمواجه وتردده فى مكانه. ويقال ليس لكلامه مرجوع أي جواب. ودابة لها مرجوع يمكن بيعها بعد الاستعمال ، وناقة راجع ترد ماء الفحل فلا تقبله ، وأرجع يده إلى سيفه ليستله والارتجاع الاسترداد ، وارتجع إبلا إذا باع لذكور واشترى إناثا فاعتبر فيه معنى الرجع تقديرا وإن لم يحصل فيه ذلك عينا ، واسترجع فلان إذا قال : إنا للَّه وإنا إليه راجعون. والترجيع ترديد الصوت باللحن فى القراءة وفى الغناء وتكرير قول مرتين فصاعدا ومنه الترجيع فى الأذان. والرجيع كناية عن أذى البطن للإنسان والدابة وهو من الرجوع ، ويكون بمعنى الفاعل أو من الرجع ويكون بمعنى

(1/3321)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 212
المفعول ، وجبة رجيع أعيدت بعد نقضها ومن الدابة ما رجعته من سفر إلى سفر ، والأنثى رجيعة. وقد يقال دابة رجيع. ورجع سفر كناية عن النضو ، والرجيع من الكلام المردود إلى صاحبه ، أو المكرر.
(رجف) : الرجف الاضطراب الشديد ، يقال رجفت الأرض والبحر ، وبحر رحاف. قال تعالى : يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ - يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ - فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ والإرجاف إيقاع الرجفة إما بالفعل وإما بالقول ، قال تعالى : وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ ويقال الأراجيف ملاقيح الفتن.
(رجل) : الرجل مختص بالذكر من الناس ولذلك قال تعالى :
وَ لَوْ جَعَلْناهُ مَلَكاً لَجَعَلْناهُ رَجُلًا ، ويقال رجلة للمرأة إذا كانت متشبهة بالرجل فى بعض أحوالها ، قال الشاعر :
لم ينالوا حرمة الرجلة
و رجل بين الرجولة والرجولية ، وقوله : وَجاءَ مِنْ أَقْصَا الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعى وقوله : وَقالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ ، فالأولى به الرجولية والجلادة ، وقوله : أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وفلان أرجل الرجلين.
والرجل العضو المخصوص بأكثر الحيوان ، قال تعالى : وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ واشتق من الرّجل رجل وراجل للماشى بالرجل ، ورجل بين الرجلة ، فجمع الراجل رجالة ورجل نحو ركب ورجال نحو ركاب لجمع الراكب. ويقال رجل راجل أي قوى على المشي ، جمعه رجال نحو قوله تعالى :
فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً وكذا رجيل ورجلة وحرة رجلاء ضابطة للأرجل بصعوبتها والأرجل الأبيض الرجل من الفرس ، والعظيم الرجل ورجلت الشاة علقتها بالرجل واستعير الرجل للقطعة من الجراد والزمان الإنسان ، يقال كان ذلك على رجل فلان كقولك على رأس فلان ، ولمسيل الماء ، الواحدة رجلة وتسميته بذلك كتسميته بالمذانب. والرجلة البقلة الحمقاء لكونها نابتة فى موضع القدم.
و ارتجل الكلام أورده قائما من غير تدبر وارتجل الفرس فى عدوه ، وترجل الرجل نزل عن دابته وترجل فى البئر تشبيها بذلك ، وترجل النهار انحطت الشمس عن

(1/3322)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 213
الحيطان كأنها ترجلت ، ورجل شعره كأنه أنزله إلى حيث الرجل والمرجل القدر المنصوبة ، وأرجلت الفصيل أرسلته مع أمه ، كأنما جعلت له بذلك رجلا.
(رجم) : الرجام الحجارة ، والرجم الرمي بالرجام. يقال رجم فهو مرجوم ، قال تعالى : لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يا نُوحُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمَرْجُومِينَ أي المقتولين أقبح قتلة وقال : وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ - إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ ويستعار الرجم للرمى بالظن والتوهم وللشتم والطرد نحو قوله تعالى : رَجْماً بِالْغَيْبِ ، قال الشاعر :
و ما هو عنها بالحديث المرجم
و قوله تعالى : لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا ، أي لأقولن فيكما تكره.
والشيطان الرجيم المطرود عن الخيرات وعن منازل الملأ الأعلى قال تعالى :
فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ وقال تعالى : فَاخْرُجْ مِنْها فَإِنَّكَ رَجِيمٌ وقال فى الشهب : رُجُوماً لِلشَّياطِينِ والرّجمة والرّجمة أحجار القبر ثم يعبر بها عن القبر وجمعها رجام ورجم وقد رجمت القبر وضعت عليه رجاما.
وفى الحديث «لا ترجموا قبرى»
، والمراجعة المسابة الشديدة ، استعارة كالمقاذفة.
والترجمان تفعلان من ذلك.
(رجا) : رجا البئر والسماء وغيرهما : جانبها والجمع أرجاء قال تعالى : وَالْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها والرجاء ظن يقتضى حصول ما فيه مسرة ، وقوله تعالى : ما لَكُمْ لا تَرْجُونَ لِلَّهِ وَقاراً قيل ما لكم لا تخافون وأنشد :
إذا لسعته النحل لم يرج لسعها وحالفها فى بيت نوب عوامل
و وجه ذلك أن الرجاء والخوف يتلازمان ، قال تعالى : وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ ما لا يَرْجُونَ - وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ وأرجت الناقة دنانتاجها ، وحقيقته جعلت لصاحبها رجاء فى نفسها بقرب نتاجها. والأرجوان لون أحمر يفرح تفريح الرجاء.
(رحب) : الرحب سعة المكان ومنه رحبة المسجد ، ورحبت الدار اتسعت واستعير للراسع الجوف فقيل رحب البطن ، والواسع الصدر ، كما استعير

(1/3323)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 214
الضيق لضده قال تعالى : وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ وفلان رحيب الفناء لمن كثرت غاشيته. وقولهم مرحبا وأهلا أي وجدت مكانا رحبا. قال تعالى : لا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صالُوا النَّارِ. قالُوا بَلْ أَنْتُمْ لا مَرْحَباً بِكُمْ.
(رحق) : قال اللَّه تعالى : يُسْقَوْنَ مِنْ رَحِيقٍ مَخْتُومٍ أي خمر.
(رحل) : الرحل ما يوضع على البعير للركوب ثم يعبر به تارة عن البعير وتارة عما يجلس عليه فى المنزل وجمعه رحال. وَقالَ لِفِتْيانِهِ اجْعَلُوا بِضاعَتَهُمْ فِي رِحالِهِمْ والرحالة الارتحال قال تعالى : رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ وأرحلت البعير وضعت عليه الرحل ، وأرحل البعير سمن كأنه صار على ظهره رحل لسمنه وسنامه ، ورحلته أظعنته أي أزلته عن مكانه. والراحلة : البعير الذي يصلح للارتحال؟ وراحله : عاونه على رحلته ، والمرحل برد عليه صورة الرحال.
(رحم) : الرحم رحم المرأة ، وامرأة رحوم تشتكى رحمها. ومنه استعير الرحم للقرابة لكونهم خارجين من رحم واحدة ، يقال رحم ورحم. قال تعالى : وَأَقْرَبَ رُحْماً ، والرحمة رقة تقتضى الإحسان إلى المرحوم ، وقد تستعمل تارة فى الرقة المجردة وتارة فى الإحسان المجرد عن الرقة نحو : رحم اللَّه فلانا. وإذا وصف به الباري فليس يراد به إلا الإحسان المجرد دون الرقة ، وعلى هذا
روى أن الرحمة من اللَّه إنعام وإفضال ، ومن الآدميين رقة وتعطف.
وعلى هذا
قول النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ذاكرا عن ربه «أنه لما خلق الرحم قال له أنا الرحمن وأنت الرحم ، شققت اسمك من اسمى فمن وصلك وصلته ومن قطعك بتته»
فذلك إشارة إلى ما تقدم وهو أن الرحمة منطوية على معنيين : الرقة والإحسان فركز تعالى فى طبائع الناس الرقة وتفرد بالإحسان فصار كما أن لفظ الرحم من الرحمة ، فمعناه الموجود فى الناس من المعنى الموجود للَّه تعالى فتناسب معناهما تناسب لفظيهما.
والرحمن والرحيم نحو ندمان ونديم ولا يطلق الرحمن إلا على اللَّه تعالى من حيث إن معناه لا يصح إلا له إذ هو الذي وسع كل شىء رحمة ، والرحيم يستعمل فى غيره وهو الذي كثرت رحمته. قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ وقال فى صفة النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم : لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وقيل إن اللَّه تعالى : هو رحمن الدنيا ورحيم الآخرة ، وذلك أن إحسانه فى الدنيا يعم المؤمنين والكافرين وفى الآخرة يختص بالمؤمنين

(1/3324)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 215
و على هذا قال : وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُها لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ ، تنبيها أنها فى الدنيا عامة للمؤمنين والكافرين ، وفى الآخرة مختصة بالمؤمنين.
(رخا) : الرخاء اللينة من قولهم شىء رخو وقد رخى يرخى ، قال تعالى : فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ ، ومنه أرخيت الستر وعن إرخاء الستر استعير إرخاء سرحان. وقول ابى ذؤيب :
و هى رخو تمزع
أي رخو السير كريح الرخاء ، وقيل فرس مرخاء أي واسع الجري من خيل مراخ ، وقد أرخيته خليته رخوا.
(رد) : الرد صرف الشيء بذاته أو بحالة من أحواله ، يقال رددته فارتد ، قال تعالى : وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ فمن الرد بالذات قوله :
وَ لَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ - ثُمَّ رَدَدْنا لَكُمُ الْكَرَّةَ ، وقال : رُدُّوها عَلَيَّ ، وقال : فَرَدَدْناهُ إِلى أُمِّهِ - يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ ومن الرد إلى حالة كان عليها قوله : يَرُدُّوكُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وقوله : وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ أي لا دافع ولا مانع له وعلى ذلك : عَذابٌ غَيْرُ مَرْدُودٍ ومن هذا الرد إلى اللَّه تعالى نحو قوله : وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْراً مِنْها مُنْقَلَباً - ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ - ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ فالرد كالرجع ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ومنهم من قال فى الرد قولان : أحدهما ردهم إلى ما أشار إليه بقوله مِنْها خَلَقْناكُمْ وَفِيها نُعِيدُكُمْ والثاني : ردهم إلى الحياة المشار إليها بقوله :
وَ مِنْها نُخْرِجُكُمْ تارَةً أُخْرى فذلك نظر إلى حالتين كلتاهما داخله فى عموم اللفظ.
وقوله تعالى : فَرَدُّوا أَيْدِيَهُمْ فِي أَفْواهِهِمْ قيل عضوا الأنامل. غيظا وقيل أومئوا إلى السكوت وأشار باليد إلى الفم ، وقيل ردوا أيديهم فى أفواه الأنبياء فأسكتوهم ، واستعمال الرد فى ذلك تنبيها أنهم فعلوا ذلك مرة بعد أخرى.
وقوله تعالى : لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً أي يرجعونكم إلى حال الكفر بعد أن فارقتموه ، وعلى ذلك قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ كافِرِينَ ، والارتداد والردة الرجوع فى الطريق الذي جاء منه لكن الردة تختص بالكفر والارتداد يستعمل فيه

(1/3325)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 216
و فى غيره ، قال : إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ ، وقال : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ وهو الرجوع من الإسلام إلى الكفر ، وكذلك وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ وقال عز وجل : فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً - إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى ، وقال تعالى : وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا وقوله تعالى : وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ أي إذا تحققتم أمرا وعرفتم خيرا فلا ترجعوا عنه. وقوله عز وجل : فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً أي عاد إليه البصر ، ويقال رددت الحكم فى كذا إلى فلان : فوضته إليه ، قال تعالى : وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ وقال : فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ ويقال راده فى كلامه. وقيل فى الخبر : البيعان يترادان. أي يرد كل واحد منهما ما أخذ ، وردة الإبل أن تتردد إلى الماء ، وقد أردت الناقة واسترد المتاع استرجعه.
(ردف) : الردف التابع ، وردف المرأة عجيزتها ، والترادف التتابع ، والرادف المتأخر ، والمردف المتقدم الذي أردف غيره قال تعالى : فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ ، قال أبو عبيدة : مردفين : جائين بعد ، فجعل ردف وأردف بمعنى واحد ، وأنشد :
إذا الجوزاء أردفت الثريا
و قال غيره معناه مردفين ملائكة أخرى ، فعلى هذا يكونون ممدين بألفين من الملائكة. وقيل عنى بالمردفين المتقدمين للعسكر يلقون فى قلوب العدى الرعب. وقرىء مردفين أي أردف كل إنسان ملكا ، ومردّفين يعنى مرتدفين فأدغم التاء فى الدال وطرح حركة التاء على الدال. وقد قال فى سورة آل عمران أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ. بَلى إِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا وَيَأْتُوكُمْ مِنْ فَوْرِهِمْ هذا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ وأردفته حملته على ردف الفرس ، والرداف مركب الردف ، ودابة لا ترادف ولا تردف ، وجاء واحد فأردفه آخر. وأرداف الملوك : الذين يخلفونهم.
(ردم) : الردم سد الثلمة بالحجر ، قال تعالى : أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً والردم المردم ، وقيل المردوم ، قال الشاعر :

(1/3326)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 217
هل غادر الشعراء من متردم
و أردمت عليه الحمى ، وسحاب مردم.
(ردأ) : الردء الذي يتبع غيره معينا له. قال تعالى : فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي وقد أردأه ، والرديء فى الأصل مثله لكن تعورف فى المتأخر المذموم يقال ردؤ الشيء رداءة فهو ردىء ، والردى الهلاك والتردي التعرض للهلاك ، قال تعالى : وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى وقال : وَاتَّبَعَ هَواهُ فَتَرْدى وقال : تَاللَّهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ والمرداة حجر تكسر بها الحجارة فترديها.
(رذل) : الرذل والرذال المرغوب عنه لرداءته قال تعالى : وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ وقال : إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وقال تعالى :
قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ جمع الأرذل.
(رزق) : الرزق يقال للعطاء الجاري تارة دنيويا كان أم أخرويا ، وللنصيب تارة ، ولما يصل إلى الجوف ويتغدى به تارة يقال أعطى السلطان رزق الجند ، ورزقت علما ، قال : وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ أي من المال والجاه والعلم وكذلك قوله : وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ - كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وقوله : وَتَجْعَلُونَ رِزْقَكُمْ أَنَّكُمْ تُكَذِّبُونَ أي وتجعلون نصيبكم من النعمة تحرى الكذب. وقوله : وَفِي السَّماءِ رِزْقُكُمْ قيل عنى به المطر الذي به حياة الحيوان. وقيل هو كقوله : وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً وقيل تنبيه أن الحظوظ بالمقادير وقوله تعالى : فَلْيَأْتِكُمْ بِرِزْقٍ مِنْهُ أي بطعام يتغذى به وقوله تعالى : وَالنَّخْلَ باسِقاتٍ لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ رِزْقاً لِلْعِبادِ قيل عنى به الأغذية ويمكن أن يحمل على العموم فيما يؤكل ويلبس ويستعمل وكل ذلك مما يخرج من الأرضين وقد قيضه اللَّه بما ينزله من السماء من الماء ، وقال فى العطاء الأخروى : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ أي يفيض اللَّه عليهم النعم الأخروية. وكذلك قوله : وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيها بُكْرَةً وَعَشِيًّا وقوله : إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ فهذا محمول على العموم. والرزاق يقال لخالق الرزق ومعطيه والمسبب له وهو اللَّه تعالى. ويقال

(1/3327)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 218
ذلك للإنسان الذي يصير سببا فى وصول الرزق. والرزاق لا يقال إلا اللَّه تعالى ، وقوله : وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ أي بسبب فى رزقه ولا مدخل لكم فيه ، وقوله : وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ أي ليسوا بسبب فى رزق بوجه من الوجوه وسبب من الأسباب. ويقال ارتزق الجند : أخذوا أرزاقهم ، والرزقة ما يعطونه دفعة واحدة.
(رس) : أصحاب الرس ، قيل هو واد ، قال الشاعر :
و هن لوادى الرس كاليد للفم
و أصل الرس الأثر القليل الموجود فى الشيء ، يقال سمعت رسا من خبر ، ورس الحديث فى نفسى ، ووجد رسا من حمى ، ورس الميت دفن وجعل أثرا بعد عين.
(رسخ) : رسوخ الشيء ثباته ثباتا متمكنا ورسخ الغدير نضب ماؤه ورسخ تحت الأرض والراسخ فى العلم المتحقق به الذي لا يعرضه شبهة.
فالراسخون فى العلم هم الموصوفون بقوله تعالى : الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وكذا قوله تعالى : لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ.
(رسل) : أصل الرسل الانبعاث على التؤدة ويقال : ناقة رسلة سهلة السير وإبل مراسيل منبعثة انبعاثا سهلا ، ومنه الرسول المنبعث. وتصور منه تارة الرفق فقيل على رسلك إذا أمرته بالرفق ، وتارة الانبعاث فاشتق منه الرسول ، والرسول يقال تارة للقول المتحمل كقول الشاعر :
ألا أبلغ أبا حفص رسولا
و تارة لمتحمل القول والرسالة. والرسول يقال للواحد والجمع قال تعالى :
لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ - قُولا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعالَمِينَ
و قال الشاعر :
ألكنى وخير الرسو ل أعلمهم بنواحي الخبر
و جمع الرسول رسل. ورسل اللَّه تارة يراد بها الملائكة وتارة يراد بها

(1/3328)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 219
الأنبياء. فمن الملائكة قوله تعالى : إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ ، وقوله : إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ ، وقوله : وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا لُوطاً سِي ءَ بِهِمْ وقال : وَلَمَّا جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى وقال : وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً - بَلى وَرُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ ومن الأنبياء قوله : وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ - يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وقوله : وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فمحمول على رسله من الملائكة والإنس. وقوله : يا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً قيل عنى به الرسول وصفوة أصحابه فسماهم رسلا لضمهم إليه كتسميتهم المهب وأولاده المهالبة والإرسال يقال فى الإنسان وفى الأشياء المحبوبة والمكروهة وقد يكون ذلك بالتسخير كإرسال الريح والمطر نحو :
وَ أَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً وقد يكون ببعث من له اختيار نحو إرسال الرسل ، قال تعالى : وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً - فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدائِنِ حاشِرِينَ وقد يكون ذلك بالتخلية وترك المنع نحو قوله : أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّياطِينَ عَلَى الْكافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا ، والإرسال يقابل الإمساك. قال تعالى :
ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَها وَما يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ والرسل من الإبل والغنم ما يسترسل فى السير ، يقال جاءوا أرسالا أي متتابعين ، والرسل اللبن الكثير المتتابع الدر.
(رسا) : يقال رسا الشيء يرسو ثبت وأرساه غيره ، قال تعالى :
وَ قُدُورٍ راسِياتٍ وقال : رَواسِيَ شامِخاتٍ أي جبالا ثابتات وَالْجِبالَ أَرْساها وذلك إشارة إلى نحو قوله تعالى : وَالْجِبالَ أَوْتاداً ، قال الشاعر :
و لا جبال إذا لم ترس أوتاد
و ألقت السحابة مراسيها نحو : ألقت طنبها وقال تعالى : ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها من أجريت وأرسيت ، فالمرسى يقال للمصدر والمكان والزمان والمفعول وقرىء : (مجريها ومرسيها) وقوله : يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها أي زمان ثبوتها ، ورسوت بين القوم ، أي : أثبت بينهم إيقاع الصلح.
(رشد) : الرّشد والرّشد خلاف الغى ، يستعمل استعمال الهداية ،

(1/3329)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 220
يقال رشد يرشد ، ورشد يرشد قال : لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ وقال قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ وقال تعالى : فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْداً - وَلَقَدْ آتَيْنا إِبْراهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وبين الرشدين أعنى الرشد المؤنس من اليتم والرشد الذي أوتى إبراهيم عليه السلام بون بعيد. وقال : هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً وقال : لِأَقْرَبَ مِنْ هذا رَشَداً وقال بعضهم : الرشد أخص من الرشد ، فإن الرشد يقال فى الأمور الدنيوية والأخروية ، والرشد يقال فى الأمور الأخروية لا غير. والراشد ، والرشيد يقال فيهما جميعا ، قال تعالى : أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ - وَما أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ.
(رص) : قال تعالى : كَأَنَّهُمْ بُنْيانٌ مَرْصُوصٌ أي محكم كأنما بنى بالرصاص ، ويقال رصصته ورصصته وتراصوا فى الصلاة أي تضايقوا فيها.
وترصيص المرأة. أن تشدد التنقيب ، وذلك أبلغ من الترصص.
(رصد) : الرصد الاستعداد للترقب ، يقال رصد له وترصد وأرصدته له. قال عز وجل : وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وقوله عز وجل : إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ تنبيها أنه لا ملجأ ولا مهرب. والرصد يقال للراصد الواحد وللجماعة الراصدين وللمرصود واحدا كان أو جمعا. وقوله تعالى : يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً يحتمل كل ذلك. والمرصد موضع الرصد ، قال تعالى : وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ والمرصاد نحوه لكن يقال للمكان الذي اختص بالترصد ، قال تعالى : إِنَّ جَهَنَّمَ كانَتْ مِرْصاداً تنبيها أن عليها مجاز الناس وعلى هذا قوله تعالى : وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وارِدُها.
(رضع) : يقال رضع المولود يرضع ، ورضع يرضع رضاعا ورضاعة ، وعنه استعير لئيم راضع لمن تناهى لؤمه وإن كان فى ا

(1/3330)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 221 (رضى) : يقال رضى يرضى رضا فهو مرضى ومرضو. ورضا العبد عن اللَّه أن لا يكره ما يجرى به قضاؤه ، ورضا اللَّه عن العبد هو أن يراه مؤتمرا لأمره ومنتهيا عن نهيه ، قال اللَّه تعالى : رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وقال تعالى : لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ وقال تعالى : وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً وقال تعالى : أَرَضِيتُمْ بِالْحَياةِ الدُّنْيا مِنَ الْآخِرَةِ وقال تعالى :
يُرْضُونَكُمْ بِأَفْواهِهِمْ وَتَأْبى قُلُوبُهُمْ وقال عز وجل : وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ والرضوان الرضا الكثير ، ولما كان أعظم الرضا رضا اللَّه تعالى خص لفظ الرضوان فى القرآن بما كان من اللَّه تعالى قال عز وجل : وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ وقال تعالى : يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْواناً وقال : يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وقوله تعالى :
إِذا تَراضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ أي أظهر كل واحد منهم الرضا بصاحبه ورضيه.
(رطب) : الرطب خلاف اليابس ، قال تعالى : وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ وخص الرطب بالرطب من التمر ، قال تعالى : وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا وأرطب النخل نحو أتمر وأجنى.
ورطبت الفرس ورطبته أطعمته الرطب ، فرطب الفرس أكله. ورطب الرجل رطبا إذا تكلم بما عن له من خطأ وصواب تشبيها برطب الفرس ، والرطيب عبادة عن الناعم.
(رعب) : الرعب الانقطاع من امتلاء الخوف ، يقال رعبته فرعب رعبا وهو رعب والترعابة الفروق. قال تعالى : وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرُّعْبَ وقال : سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً ولتصور الامتلاء منه ، قيل رعبت الحوض ملأته ، وسيل راعب يملأ الوادي ، وباعتبار القطع قيل رعبت السنام قطعته. وجارية رعبوبة شابة شطة تارة ، والجمع الرعابيب.
(رعد) : الرعد صوت السحاب ، وروى أنه ملك يسوق السحاب.
وقيل رعدت السماء وبرقت وأرعدت وأبرقت ويكنى بهما عن التهدد. ويقال

(1/3331)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 222
صلف تحت راعدة لمن يقول ولا يحقق. والرعديد المضطرب جبنا وقيل أرعدت فرائصه خوفا.
(رعى) : الرعي فى الأصل حفظ الحيوان إما بغذائه الحافظ لحياته ، وإما بذب العدو عنه. يقال رعيته أي حفظته وأرعيته جعلت له ما يرعى. والرعي ما يرعاه والمرعى موضع الرعي ، قال تعالى : كُلُوا وَارْعَوْا أَنْعامَكُمْ - أَخْرَجَ مِنْها ماءَها وَمَرْعاها - وَالَّذِي أَخْرَجَ الْمَرْعى وجعل الرعي والرعاء للحفظ والسياسة. قال تعالى : فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها أي ما حافظوا عليها حق المحافظة. ويسمى كل سائس لنفسه أو لغيره راعيا ، و
روى : «كلكم راع ، وكلكم مسئول عن رعيته»
قال الشاعر :
و لا المرعىّ فى الأقوام كالراعى
و جمع الراعي رعاء ورعاة. ومراعاة الإنسان للأمر مراقبته إلى ماذا يصير وماذا منه يكون ، ومنه راعيت النجوم ، قال تعالى : لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا وأرعيته سمعى جعلته راعيا لكلامه ، وقيل أرعنى سمعك ويقال أرع على كذا فيعدى بعلى أي ابق عليه ، وحقيقته أرعه مطلعا عليه.
(رعن) : قال تعالى : لا تَقُولُوا راعِنا - وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ كان ذلك قولا يقولونه للنبى صلّى اللَّه عليه وسلّم على سبيل التهكم يقصدون به رميه بالعرعونة ويوهمون أنهم يقولون راعنا أي احفظنا ، من قولهم رعن الرجل يرعن رعنا فهو رعن وأرعن وامرأة رعناء ، وتسميته بذلك لميل فيه تشبيها بالرعن أي أنف الجبل لما فيه من الميل ، قال الشاعر :
لو لا ابن عتبة عمرو والرجاء له ما كانت البصرة الرعناء لى وطنا
فوصفها بذلك إما لما فيها من الخفض بالإضافة إلى البدو تشبيها بالمرأة الرعنا ، وإما لما فيها من تكسر وتغير فى هوائها.
(رغب) : أصل الرغبة السعة فى الشيء ، يقال رغب الشيء التسع وحوض رغيب ، وفلان رغيب الجوف وفرس رغيب العدو. والرغبة والرغب والرغبى السعة فى الإرادة قال تعالى : وَيَدْعُونَنا رَغَباً وَرَهَباً فإذا قيل رغب فيه

(1/3332)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 223
و إليه يقتضى الحرص عليه ، قال تعالى : إِنَّا إِلَى اللَّهِ راغِبُونَ وإذا قيل رغب عنه اقتضى صرف الرغبة عنه والزهد فيه نحو قوله تعالى : وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ - أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي والرغيبة العطاء الكثير إما لكونه مرغوبا فيه فتكون مشتقة من الرغبة ، وإما لسعته فتكون مشتقة من الرغبة بالأصل ، قال الشاعر :
يعطى الرغائب من يشاء ويمنع
(رعد) : عيش رغد ورغيد : طيب واسع ، قال تعالى : وَكُلا مِنْها رَغَداً - يَأْتِيها رِزْقُها رَغَداً مِنْ كُلِّ مَكانٍ وأرغد القوم حصلوا فى رغد من العيش ، وأرغد ماشيته. فالأول من باب جدب وأجدب ، والثاني من باب دخل وأدخل غيره ، والمرغاد من اللبن المختلط الدال بكثرته على رغد العيش.
(رغم) : الرغام التراب الرقيق ، ورغم أنف فلان رغما وقع فى الرغام وأرغمه غيره ، ويعبر بذلك عن السخط كقول الشاعر :
إذا رغمت تلك الأنوف لم ارضها ولم أطلب العتبى ولكن أزيدها
فمقابلته بالإرضاء مما ينبه دلالته على الإسخاط. وعلى هذا قيل أرغم اللَّه أنفه وأرغمه أسخطه وراغمه ساخطه وتجاهدا على أن يرغم أحدهما الآخر ، ثم تستعار المراغمة للمنازعة. قال اللَّه تعالى : يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً أي مذهبا يذهب إليه إذا رأى منكرا يلزمه أن يغضب منه كقولك غضبت إلى فلان من كذا ورغمت إليه.
(رف) : رفيف الشجر انتشار أغصانه ، ورف الطير نشر جناحيه ، يقال رف الطائر يرف ورف فرخه يرفه إذا نشر جناحيه متفقدا له. واستعير الرف للمتفقد فقيل ما لفلان حاف ولا راف أي من يحفه أو يرفه ، وقيل :
من حفنا أو رفنا فليقتصد
و الرفرف المنتشر من الأوراق ، وقوله تعالى : عَلى رَفْرَفٍ خُضْرٍ فضرب من الثياب مشبه بالرياض ، وقيل الرفرف طرف الفسطاط والخباء الواقع على الأرض دون الأطناب والأوتاد ، وذكر عن الحسن أنها المخاد.

(1/3333)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 224
(رفت) : رفت الشيء أرفته رفتا فتته ، والرفات والفتات ما تكسر وتفرق من التبن ونحوه ، قال تعالى : وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً واستعير الرفات للحبل المنقطع قطعة قطعة.
(رفث) : الرفث كلام متضمن لما يستقبح ذكره من ذكر الجماع ودواعيه وجعل كناية عن الجماع فى قوله تعالى : أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ تنبيها على جواز دعائهن إلى ذلك ومكالمتهن فيه ، وعدى بإلى لتضمنه معنى الإفضاء وقوله : فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ يحتمل أن يكون نهيا عن تعاطى الجماع وأن يكون نهيا عن الحديث فى ذلك إذ هو من دواعيه والأول أصح لما روى عن ابن عباس رضى اللَّه عنه أنه أنشد فى الطواف :
فهن يمشين بنا هميسا إن تصدق الطير ننك لميسا
يقال رفث وأرفث فرفث فعل وأرفث صار ذا رفث وهما كالمتلازمين ولهذا يستعمل أحدهما موضع الآخر.
(رفد) : الرفد المعونة والعطية ، والرفد مصدر والمرفد ما يجعل فيه الرفد من الطعام ولهذا فسر بالقدح. وقد رفدته أنلته بالرفد ، قال تعالى : بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ وأرفدته جعلت له رفدا يتناوله شيئا فشيئا فرفده وأرفده نحو سقاه وأسقاه ، وأرفد فلان فهو مرفد استعير لمن أعطى الرياسة ، والرفود الناقة التي تملأ المرفد لبنا من كثرة لبنها فهى رفود فى معنى فاعل. وقيل المرافيد من النوق والشاة ما لا ينقطع لبنه صيفا وشتاء ، وقول الشاعر :
فأطعمت العراق ورافديه فزاريا أحذ يد القميص
أي دجلة والفرات. وترافدوا تعاونوا ومنه الرفادة وهى معاونة للحاج كانت من قريش بشىء كانوا يخرجونه لفقراء الحاج.
(رفع) : الرفع يقال تارة فى الأجسام الموضوعة إذا أعليتها عن مقرها نحو وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ قال تعالى : اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وتارة فى البناء إذا طولته نحو قوله : وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْراهِيمُ الْقَواعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وتارة فى الذكر إذا نوهته نحو قوله : وَرَفَعْنا لَكَ ذِكْرَكَ وتارة فى

(1/3334)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 225
المنزلة إذا شرفتها نحو قوله : وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ - نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ - رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ وقوله تعالى : بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ يحتمل رفعه إلى السماء ورفعه من حيث التشريف. وقال تعالى : خافِضَةٌ رافِعَةٌ وقوله : وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ فإشارة إلى المعنيين : إلى إعلاء مكانه ، وإلى ما خص به من الفضيلة وشرف المنزلة. وقوله عز وجل : وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ أي شريفة وكذا قوله : فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ. مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ وقوله :
فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ أي تشرف وذلك نحو قوله : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ ويقال رفع البعير فى سيره ورفعته أنا ومرفوع السير شديدة ، ورفع فلان على فلان كذا أذاع خبر ما احتجبه ، والرفاعة ما ترفع به المرأة عجيزتها ، نحو المرفد.
(رق) : الرقة كالدقة ، لكن الدقة تقال اعتبارا بمراعاة جوانبه ، والرقة اعتبارا بعمقه فمتى كانت الرقة فى جسم تضادها الصفاقة نحو ثوب رقيق وصفيق. ومتى كانت فى نفس تضادها الجفوة والقسوة ، يقال فلان رقيق القلب وقاسى القلب. والرق ما يكتب فيه شبه الكاغد : قال تعالى. فِي رَقٍّ مَنْشُورٍ وقيل لذكر السلاحف رق. والرق : ملك العبيد والرقيق المملوك منهم وجمعه أرقاء ، واسترق فلان فلانا جعله رقيقا. والرقراق ترقرق الشراب والرقراقة الصافية اللون. والرقة كل أرض إلى جانبها ماء لما فيها من الرقة بالرطوبة الواصلة إليها. وقولهم : أعن صبوح ترقق؟ أي تلين القول.
(رقب) : الرقبة اسم للعضو المعروف ثم يعبر بها عن الجملة وجعل فى المتعارف اسما للماليك كما عبر بالرأس وبالظهر عن المركوب فقيل فلان يربط كذا رأسا وكذا ظهرا قال تعالى : وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وقال :
وَ فِي الرِّقابِ أي المكاتبين منهم فهم الذين تصرف إليهم الزكاة. ورقبته أصبت رقبته ، ورقبته حفظته. والرقيب الحافظ وذلك إما لمراعاته رقبة المحفوظ ، وإما لرفعه رقبته قال تعالى : وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ وقال تعالى :
إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ وقال : لا يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلًّا وَلا ذِمَّةً والمرقب المكان العالي الذي يشرف عليه الرقيب وقيل محافظ أصحاب الميسر الذين يشربون بالقداح رقيب وللقدح الثالث رقيب وترقب احترز راقبا نحو قوله : فَخَرَجَ

(1/3335)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 226
مِنْها خائِفاً يَتَرَقَّبُ
و الرقوب المرأة التي ترقب موت ولدها لكثرة من لها من الأولاد ، والناقة التي ترقب أن يشرب صواحبها ثم تشرب ، وأرقبت فلانا هذه الدار هو أن تعطيه إياها لينتفع بها مدة حياته فكأنه يرقب موته ، وقيل لتلك الهبة الرقبى والعمرى.
(رقد) : الرقاد المستطاع من النوم القليل يقال رقد رقودا فهو راقد والجمع الرقود ، قال تعالى : وَهُمْ رُقُودٌ وإنما وصفهم بالرقود مع كثرة منامهم اعتبارا بحال الموت وذاك أنه اعتقد فيهم أنهم أموات فكان ذلك النوم قليلا فى جنب الموت. وقال تعالى : يا وَيْلَنا مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا وأرقد الظليم أسرع كأنه رفض رقاده.
(رقم) : الرقم الخط الغليظ وقيل هو تعجيم الكتاب. وقوله تعالى :
كِتابٌ مَرْقُومٌ حمل على الوجهين وفلان يرقم فى الماء يضرب مثلا للحذق فى الأمور ، وأصحاب الرقيم قيل اسم مكان وقيل نسبوا إلى حجر رقم فيه أسماؤهم ورقمتا الحمار للأثر الذي على عضديه وأرض مرقومة بها أثر تشبيها بما عليه أثر الكتاب والرقميات سهام منسوبة إلى موضع بالمدينة.
(رقى) : رقيت فى الدرج والسلم أرقى رقيا ارتقيت أيضا. قال تعالى :
فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ وقيل ارق على ظلعك أي اصعد وإن كنت ظالعا.
ورقيت من الرقية. وقيل كيف رقيك ورقيتك فالأول المصدر والثاني الاسم قال تعالى : لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ أي لرقيتك وقوله تعالى : وَقِيلَ مَنْ راقٍ
أي من يرقيه تنبيها أنه لا راقى يرقيه فيحميه وذلك إشارة إلى نحو ما قاله الشاعر :
و إذا المنية أنشبت أظفارها ألفيت كل تميمة لا تنفع
و قال ابن عباس : معناه من يرقى بروحه : أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ والترقوة مقدم الحلق فى أعلى الصدر حيثما يترقى فيه النفس كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ.
(ركب) : الركوب فى الأصل كون الإنسان على ظهر حيوان وقد يستعمل فى السفينة والراكب اختص فى المتعارف بممتطى البعير وجمعه ركب

(1/3336)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 227
و ركبان وركوب ، واختص الركاب بالمركوب قال تعالى : وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً - فَإِذا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ - وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ - فَرِجالًا أَوْ رُكْباناً وأركب المهر : حان أن يركب ، والمركّب اختص بمن يركب فرس غيره وبمن يضعف عن الركوب أولا يحسن أن يركب والمتراكب ما ركب بعضه بعضا. قال تعالى : فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً والركبة معروفة وركبته أصبت ركبته نحو فأدته ورأسته ، وركبته أيضا أصبته بركبتى نحو بديته وعنته أي أصبته بيدي وعينى والركب كناية عن فرج المرأة كما يكنى عنها بالمطية والعقيدة لكونها مقتعدة.
(ركد) : ركد الماء والريح أي سكن وكذلك السفينة ، قال تعالى :
وَ مِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ - إِنْ يَشَأْ يُسْكِنِ الرِّيحَ فَيَظْلَلْنَ رَواكِدَ عَلى ظَهْرِهِ وجفنة ركود عبارة عن الامتلاء.
(ركز) : الركز الصوت الخفي ، قال تعالى : هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً وركزت كذا أي دفنته دفنا خفيا ومنه الركاز للمال المدفون إما بفعل آدمي كالكنز وإما بفعل إلهى كالمعدن ويتناول الركاز الأمرين.
وفسر
قوله صلى اللّه عليه وآله وسلم : «و فى الركاز الخمس»
بالأمرين جميعا ويقال ركز رمحه ومركز الجند محطهم الذي فيه ركزوا الرماح.
(ركس) : الركس قلب الشيء على رأسه ورد أوله إلى آخره ، يقال أركسته فركس وارتكس فى أمره ، قال تعالى : وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِما كَسَبُوا أي ردهم إلى كفرهم.
(ركض) : الركض الضرب بالرجل ، فمتى نسب إلى الراكب فهو إعداء مركوب نحو ركضت الفرس ، ومتى نسب إلى الماشي فوطء الأرض نحو قوله تعالى : ارْكُضْ بِرِجْلِكَ وقوله : لا تَرْكُضُوا وَارْجِعُوا إِلى ما أُتْرِفْتُمْ فِيهِ فنهى عن الانهزام.
(ركع) : الركوع الانحناء فتارة يستعمل فى الهيئة المخصوصة فى الصلاة كما هى وتارة فى التواضع والتذلل إما فى العبادة وإما فى غيرها نحو : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

(1/3337)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 228
ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا
- وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ - وَالْعاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ - الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ قال الشاعر :
أخبر أخبار القرون التي مضت أدب كأنى كلما قمت راكع
(ركم) : يقال سحاب مركوم أي متراكم والركام ما يلقى بعضه على بعض ، قال تعالى : ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكاماً والركام يوصف به الرمل والجيش ، ومرتكم الطريق جادته التي فيها ركمة أي أثر متراكم.
(ركن) : ركن الشيء جانبه الذي يسكن إليه ويستعار للقوة ، قال تعالى : لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلى رُكْنٍ شَدِيدٍ وركنت إلى فلان أركن بالفتح ، والصحيح أن يقال ركن يركن وركن يركن ، قال تعالى : وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا وناقة مركّنه الضرع له أركان تعظمه ، والمركن الإجانة ، وأركان العبادات جوانبها التي عليها مبناها وبتركها بطلانها.
(رم) : الرم إصلاح الشيء البالي والرمة تختص بالعظم البالي ، قال تعالى : مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ وقال : ما تَذَرُ مِنْ شَيْءٍ أَتَتْ عَلَيْهِ إِلَّا جَعَلَتْهُ كَالرَّمِيمِ والرمة تختص بالحبل البالي ، والرم الفتات من الخشب والتبن. ورممت المنزل رعيت رمه كقولك تفقدت وقولهم : ادفعه إليه برمته معروف ، والإرمام السكوت ، وأرمت عظامه إذا سحقت حتى إذا نفخ فيها لم يسمع لها دوى ، وترمرم القوم إذا حركوا أفواههم بالكلام ولم يصرحوا ، والرمان فعلان وهو معروف.
(رمح) : قال تعالى : تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ وقد رمحه أصابه به ورمحته الدابة تشبيها بذلك والسماك الرامح سمى به لتصور كوكب يقدمه بصورة رمح له. وقيل أخذت الإبل رماحها إذا امتنعت عن نحرها بحسنها وأخذت البهمى رمحها إذا امتنعت بشوكتها عن راعيها.
(رمد) : يقال رماد ورمدد وأرمد وأرمداء قال تعالى : كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ ورمدت النار صارت رمادا وعبر بالرمد عن الهلاك كما عبر عنه

(1/3338)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 229
بالهمود ، ورمد الماء صار كأنه فيه رماد لأجونه ، والأرمد ما كان لون الرماد وقيل للبعوض رمد ، والرمادة سنة المحل.
(رمز) : الرمز إشارة بالشفة والصوت الخفي والغمر بالحاجب وعبر عن كل كلام كإشارة بالرمز كما عبر عن الشكاية بالغمز ، قال تعالى : قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وما ارماز أي لم يتكلم رمزا وكتيبة رمازة لا يسمع منها رمز من كثرتها.
(رمض) : شهر رمضان هو من الرمض أي شدة وقع الشمس يقال أرمضته فرمض أي أحرقته الرمضاء وهى شدة حر الشمس ، وأرض رمضة ورمضت الغنم رعت فى الرمضاء فقرحت أكبادها وفلان يترمض الظباء أي يتبعها فى الرمضاء.
(رمى) : الرمي يقال فى الأعيان كالسهم والحجر نحو : وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى ويقال فى المقال كناية عن الشتم كالقذف ، نحو :
وَ الَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْواجَهُمْ - يَرْمُونَ الْمُحْصَناتِ وأرمى فلان على مائة استعارة للزيادة ، وخرج يترمى إذا رمى فى الغرض.
(رهب) : الرهبة والرهب مخافة مع تحرز واضطراب ، قال : لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً وقال : جَناحَكَ مِنَ الرَّهْبِ وقرىء (من الرّهب) ، أي الفزع.
قال مقاتل : خرجت ألتمس تفسير الرهب فلقيت أعرابية وأنا آكل فقالت : يا عبد اللّه ، تصدق على ، فملأت كفى لأدفع إليها فقالت هاهنا فى رهبى أي كمى.
و الأول أصح. قال : رَغَباً وَرَهَباً وقال : تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وقوله :
وَ اسْتَرْهَبُوهُمْ أي حملوهم على أن يرهبوا وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ أي فخافون والترهب التعبد وهو استعمال الرهبة ، والرهبانية غلو فى تحمل التعبد من فرط الرهبة قال : وَرَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها والرهبان يكون واحدا وجمعا ، فمن جعله واحدا جمعه على رهابين ورهابنة بالجمع أليق. والإرهاب فزع الإبل وإنما هو من أرهبت. ومنه الرهب من الإبل ، وقالت العرب رهبوت خير من رحموت.
(رهط) : الرهط العصابة دون العشرة وقيل يقال إلى الأربعين ، قال :
تِسْعَةُ رَهْطٍ يُفْسِدُونَ وقال : وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ - يا قَوْمِ

(1/3339)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 230
أَ رَهْطِي
و الرهطاء جحر من جحر اليربوع ويقال لها رهطة ، وقول الشاعر :
أجعلك رهطا على حيض
فقد قيل أديم تلبسه الحيض من النساء ، وقيل الرهط خرقة تحشو بها الحائض متاعها عند الحيض ، ويقال هو أذل من الرهط.
(رهق) : رهقه الأمر غشيه بقهر ، يقال رهقته وأرهقته نحو ردفته وأردفته وبعثته وابتعثته قال : وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وقال : سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ومنه أرهقت الصلاة إذا أخرتها حتى غشى وقت الأخرى.
(رهن) : الرهن ما يوضع وثيقة للدين ، والرهان مثله لكن يختص بما يوضع فى الخطار وأصلهما مصدر ، يقال رهنت الرهن وراهنته رهانا فهو رهين ومرهون. ويقال فى جمع الرهن رهان ورهن ورهون ، وقرىء : (فرهن مقبوضة) وقيل فى قوله : كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ إنه فعيل بمعنى فاعل أي ثابتة مقيمة. وقيل بمعنى مفعول أي كل نفس مقامة فى جزاء ما قدم من عمله. ولما كان الرهن يتصور منه حبسه استعير ذلك لحبس أي شىء كان ، قال : بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ورهنت فلانا ورهنت عنده وارتهنت أخذت الرهن وأرهنت فى السلعة قيل غاليت بها وحقيقة ذلك أن يدفع سلعة تقدمة فى ثمنه فتجعلها رهينة لإتمام ثمنها.
(رهو) : وَاتْرُكِ الْبَحْرَ رَهْواً أي ساكنا وقيل سعة من الطريق وهو الصحيح ، ومنه الرهاء للمفازة المستوية ، ويقال لكل حومة مستوية يجتمع فيها الماء رهو ، ومنه قيل لا شفعة فى رهو ، ونظر أعرابى إلى بعير فالج فقال رهو بين سنامين.
(ريب) : يقال رابنى كذا وأرابنى ، فالريب أن تتوهم بالشيء أمرا ما فينكشف عما تتوهمه ، قال اللّه تعالى : يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ - فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا تنبيها أن لا ريب فيه ، وقوله : رَيْبَ الْمَنُونِ سماه ريبا لا أنه مشكك فى كونه بل من حيث تشكك فى وقت حصوله ، فالإنسان أبدا فى ريب المنون من جهة وقته لا من جهة كونه ، وعلى هذا قال الشاعر :

(1/3340)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 231
الناس قد علموا أن لا بقاء لهم لو أنهم علموا مقدار ما علموا
و مثله :
أمن المنون وريبها تتوجع؟
و قال تعالى : لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ - مُعْتَدٍ مُرِيبٍ والارتياب يجرى مجرى الإرابة ، قال : أَمِ ارْتابُوا أَمْ يَخافُونَ - ووَ تَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ ونفى من المؤمنين الارتياب فقال : وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ وقال :
ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وقيل : «دع ما يريبك إلى ما لا يريبك» وريب الدهر صروفه ، وإنما قيل ريب لما يتوهم فيه من المكر ، والريبة اسم من الريب قال : بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ أي تدل على دغل وقلة يقين.
(روح) : الرّوح والرّوح فى الأصل واحد ، وجعل الرّوح اسما للنفس ، قال الشاعر فى صفة النار :
فقلت له ارفعها إليك وأحيها بروحك واجعلها لها فيئة قدرا
و ذلك لكون النفس بعض الروح كتسمية النوع باسم الجنس نحو تسمية الإنسان بالحيوان ، وجعل اسما للجزء الذي به تحصل الحياة والتحرك واستجلاب المنافع واستدفاع المضار وهو المذكور فى قوله : وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي - وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وإضافته إلى نفسه إضافة ملك وتخصيصه بالإضافة تشريفا له وتعظيما كقوله : وَطَهِّرْ بَيْتِيَ - يا عِبادِيَ
و سمى أشراف الملائكة أرواحا نحو : يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا - تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ - نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ سمى به جبريل وسماه بروح القدس فى قوله : قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ - وَأَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ وسمى عيسى عليه السلام روحا فى قوله : وَرُوحٌ مِنْهُ وذلك لما كان له من إحياء الأموات ، وسمى القرآن روحا فى قوله : وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا وذلك لكون القرآن سببا للحياة الأخروية الموصوفة فى قوله : وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوانُ والروح التنفس وقد أراح الإنسان إذا تنفس. وقوله : فَرَوْحٌ وَرَيْحانٌ فالريحان ماله رائحة وقيل رزق ، ثم يقال للحب المأكول ريحان فى قوله : وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحانُ وقيل لأعرابى : إلى أين؟ فقال :

(1/3341)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 232
أطلب من ريحان اللّه ، أي من رزقه والأصل ما ذكرنا. وروى : الولد من ريحان اللّه ، وذلك كنحو ما قال الشاعر :
يا حبذا ريح الولد ريح الخزامى فى البلد
أو لأن الولد من رزق اللّه تعالى. والريح معروف وهى فيما قيل الهواء المتحرك. وعامة المواضع التي ذكر اللّه تعالى فيها إرسال الريح بلفظ الواحد فعبارة عن العذاب وكل موضع ذكر فيه بلفظ الجمع فعبارة عن الرحمة ، فمن الريح ، إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً - فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً - مَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ
- اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ وقال فى الجمع : وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ - أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ - يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً وأما قوله : يُرْسِلُ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فالأظهر فيه الرحمة وقرىء بلفظ الجمع وهو أصح. وقد يستعار الريح للغلبة فى قوله : وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وقيل أروح الماء تغيرت ريحه ، واختص ذلك بالنتن. وريح الغدير يراح أصابته الريح ، وأراحوا دخلوا فى الرواح ، ودهن مروح مطيب الريح.
وروى : «لم يرح رائحة الجنة»
أي لم يجد ريحها ، والمروحة مهب الريح والمروحة الآلة التي بها تستجلب الريح ، والرائحة تروّح هواء. وراح فلان إلى أهله ، أي إنه أتاهم فى السرعة كالريح أو إنه استفاد برجوعه إليهم روحا من المسرة. والراحة من الروح ، ويقال افعل ذلك فى سراح ورواح أي سهولة. والمراوحة فى العمل أن يعمل هذا مرة وذلك مرة ، واستعير الرواح للوقت الذي يراح الإنسان فيه من نصف النهار ، ومنه قيل أرحنا إبلنا ، وأرحت إليه حقه مستعار من أرحت الإبل ، والمراح حيث تراح الإبل ، وتروح الشجر وراح يراح تفطر. وتصور من الروح السعة فقيل قصعة روحاء ، وقوله :
لا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ أي من فرجه ورحمته وذلك بعض الرّوح.
(رود) : الرود التردد فى طلب الشيء برفق ، يقال راد وارتاد ومنه الرائد لطالب الكلأ وراد الإبل فى طلب الكلأ وباعتبار الرفق قيل رادت الإبل فى مشيها ترود رودانا ، ومنه بنى المرود. وأرود يرود إذا رفق ومنه بنى رويد نحو رويدك الشعر بغبّ. والإرادة منقولة من راد يرود إذا سعى فى طلب شىء والإرادة فى الأصل قوة مركبة من شهوة وحاجة وأمل وجعل اسما لنزوع النفس إلى الشيء مع الحكم فيه بأنه ينبغى أن يفعل أو لا يفعل ثم يستعمل مرة فى المبدأ

(1/3342)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 233
و هو نزوع النفس إلى الشيء وتارة فى المنتهى وهو الحكم فيه بأنه ينبغى أن يفعل أو لا يفعل ، فإذا استعمل فى اللّه فإنه يراد به المنتهى دون المبدأ فإنه يتعالى عن معنى النزوع ، فمتى قيل أراد اللّه كذا فمعناه حكم فيه أنه كذا وليس بكذا نحو : إِنْ أَرادَ بِكُمْ سُوءاً أَوْ أَرادَ بِكُمْ رَحْمَةً وقد تذكر الإرادة ويراد بها معنى الأمر كقولك أريد منك كذا أي آمرك بكذا نحو : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وقد يذكر ويراد به القصد نحو : لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ أي يقصدونه ويطلبونه. والإرادة قد تكون بحسب القوة التسخيرية والحسية كما تكون بحسب القوة الاختيارية. ولذلك تستعمل فى الجماد ، وفى الحيوانات نحو :
جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ ويقال : فرسى تريد التبن. والمراودة أن تنازع غيرك فى الإرادة فتريد غير ما يريد أو ترود غير ما يرود ، وراودت فلانا عن كذا.
قال : هِيَ راوَدَتْنِي عَنْ نَفْسِي وقال : تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ أي تصرفه عن رأيه وعلى ذلك قوله : وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ - سَنُراوِدُ عَنْهُ أَباهُ.
(رأس) : الرأس معروف وجمعه رءوس قال : وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً - وَلا تَحْلِقُوا رُؤُسَكُمْ ويعبر بالرأس عن الرئيس والأرأس العظيم الرأس ، وشاة رأساء اسود رأسها. ورئاس السيف مقبضه.
(ريش) : ريش الطائر معروف وقد يخص الجناح من بين سائره ويكون الريش للطائر كالثياب للإنسان استعير للثياب. قال تعالى : وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى وقيل أعطاه إبلا بريشها أي بما عليها من الثياب والآلات ، ورشت السهم أريشه ريشا فهو مريش : جعلت عليه الريش ، واستعير لإصلاح الأمر فقيل رشت فلانا فارتاش أي حسن حاله ، قال الشاعر :
فرشنى بحال طالما قد بريتنى فخير الموالي من يريش ولا يبرى
و رمح راش خوار ، نصور منه خور الريش.
(روض) : الروض مستنقع الماء ، والخضرة قال : فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ باعتبار الماء قيل أراض الوادي واستراض أي كثر ماؤه وأراضهم أرواهم.
والرياضة كثرة استعمال النفس ليسلس ويمهر ، ومنه رضت الدابة وقولهم افعل كذا ما دامت النفس مستراضة أي قابلة للرياضة أو معناه متسعة ، ويكون من الروض

(1/3343)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 234
و الإراضة. وقوله : فِي رَوْضَةٍ يُحْبَرُونَ فعبارة عن رياض الجنة ، وهى محاسنها وملاذها. وقوله : فِي رَوْضاتِ الْجَنَّاتِ فإشارة إلى ما أعد لهم فى العقبى من حيث الظاهر ، وقيل إشارة إلى ما أهلهم له من العلوم والأخلاق التي من تخصص بها ، طاب قلبه.
(ريع) : الريع المكان المرتفع الذي يبدو من بعيد ، الواحدة ريعة. قال أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً أي بكل مكان مرتفع ، وللارتفاع قيل ريع البئر للجثوة المرتفعة حواليها. وريعان كل شىء أوائله التي تبدو منه ، ومنه استعير الريع للزيادة والارتفاع الحاصل ومنه تريع السحاب.
(روع) : الروع الخلد و
فى الحديث : «إن روح القدس نفث فى روعى»
و الروع إصابة الروع واستعمل فيما ألقى فيه من الفزع ، قال : فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ ، يقال رعته وروعته وريع فلان وناقة روعاء فزعة.
والأروع الذي يروع بحسنه كأنه يفزع كما قال الشاعر :
يهولك أن تلقاه فى الصدر محفلا
(روغ) : الروغ الميل على سبيل الاحتيال ومنه راغ الثعلب يروغ روغانا ، وطريق رائغ إذا لم يكن مستقيما كأنه يراوغ ، وراوغ فلان فلانا وراغ فلان إلى فلان مال نحوه لأمر يريده منه بالاحتيال ، قال : فَراغَ إِلى أَهْلِهِ - فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ أي مال ، وحقيقته طلب بضرب من الروغان ، ونبه بقوله : على ، على معنى الاستيلاء.
(رأف) : الرأفة الرحمة وقد رؤف فهو رؤف ، ورؤوف ، ورئيف ، نحو رئف نحو يقظ ، وحذر ، قال تعالى : لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ.
(روم) : الم. غُلِبَتِ الرُّومُ ، يقال مرة للجيل المعروف ، وتارة لجمع رومى كالعجم.
(رين) : الرين صدأ يعلو الشيء الجليل ، قال : بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ أي صار ذلك كصدأ على جلاء قلوبهم فعمى عليهم معرفة الخير من الشر ، قال الشاعر :

(1/3344)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 235
إذا ران النعاس بهم
و قد رين على قلبه.
(رأى) : رأى : عينه همزة ولامه ياء لقولهم رؤية وقد قلبه الشاعر فقال :
و كل خليل راءنى فهو قائل من أجلك هذا هامة اليوم أوغد
و تحذف الهمزة من مستقبله فيقال ترى ويرى ونرى ، قال : فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَداً وقال : أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وقرىء (أرنا) والرؤية إدراك المرئي ، وذلك أضرب بحسب قوى النفس ، والأول : بالحاسة وما يجرى مجراها نحو : لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ. ثُمَّ لَتَرَوُنَّها عَيْنَ الْيَقِينِ - وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وقوله : فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ فإنه مما أجرى مجرى الرؤية الحاسة فإن الحاسة لا تصح على اللّه تعالى عن ذلك ، وقوله : إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ.
والثاني : بالوهم والتخيل نحو أرى أن زيدا منطلق ونحو قوله : وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا.
والثالث : بالتفكير نحو : إِنِّي أَرى ما لا تَرَوْنَ.
والرابع : بالعقل وعلى ذلك قوله : ما كَذَبَ الْفُؤادُ ما رَأى وعلى ذلك حمل قوله : وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى .
ورأى إذا عدى إلى مفعولين اقتضى معنى العلم نحو : وَيَرَى الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ وقال : إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ ويجرى أرأيت مجرى أخبرنى فيدخل عليه الكاف ويترك التاء على حالته فى التثنية والجمع والتأنيث ويسلط التغيير على الكاف دون التاء ، قال : أَرَأَيْتَكَ هذَا الَّذِي - قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ وقوله : أَرَأَيْتَ الَّذِي يَنْهى - قُلْ أَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ - قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ - قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ - أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا كل ذلك فيه معنى التنبيه.
والرأى اعتقاد النفس أحد النقيضين عن غلبه الظن وعلى هذا قوله :

(1/3345)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 236
يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ أي يظنونهم بحسب مقتضى مشاهدة العين مثليهم ، تقول فعل ذلك رأى عينى وقيل راءة عينى والروية والتروية التفكر فى الشيء والإمالة بين خواطر النفس فى تحصيل الرأى والمرتئى والمروي المتفكر ، وإذا عدى رأيت بإلى اقتضى معنى النظر المؤدى إلى الاعتبار نحو : أَلَمْ تَرَ إِلى رَبِّكَ وقوله : بِما أَراكَ اللَّهُ أي بما علمك. والراية العلامة المنصوبة للرؤية. ومع فلان رئى من الجن ، وأرأت الباقة فهى مرء إذا أظهرت الحمل حتى يرى صدق حملها. والرؤيا ما يرى فى المنام وهو فعلى وقد يخفف فيه الهمزة فيقال بالواو و
روى : «لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا»
قال : لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ - وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ وقوله : فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ أي تقاربا وتقابلا حتى صار كل واحد منهما بحيث يتمكن من رؤية الآخر ويتمكن الآخر من رؤيته. ومنه قوله لا يتراءى نارهما ، ومنازلهم رئاء أي متقابلة وفعل ذلك رئاء الناس أي مراءاة وتشيعا. والمرآة ما يرى فيه صورة الأشياء وهى مفعلة من رأيت نحو المصحف من صحف وجمعها مرائى والرئة العضو المنتشر عن القلب وجمعه من لفظه رؤون وأنشد أبو زيد :
حفظناهمو حتى أتى الغيظ منهمو قلوبا وأكبادا لهم ورئينا
و رئته إذا ضربت رئته.
روى : تقول ماء رواء وروى أي كثير مرو. فروى على بناء عدى ومكانا سوى ، قال الشاعر :
من شك فى فلج فهذا فلج ماء رواء وطريق نهج
و قوله : هُمْ أَحْسَنُ أَثاثاً وَرِءْياً فمن لم يهمز جعله من روى كأنه ريان من الحسن ، ومن همز فللذى يرمق من الحسن به ، وقيل هو منه على ترك الهمز ، والري اسم لما يظهر منه والرواء منه وقيل هو مقلوب من رأيت. قال أبو على الفسوي : المروءة هو من قولهم حسن فى مرآة العين كذا قال هذا غلط لأن الميم فى مرآة زائدة ومروءة فعولة. وتقول أنت بمرأى ومسمع أي قريب ، وقيل أنت منى مرأى ومسمع بطرح الباء ، ومرأى مفعل من رأيت.

(1/3346)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 237
الزاى
(زبد) : الزبد زبد الماء وقد أزبد أي صار ذا زبد ، قال فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً والزبد اشتق منه لمشابهته إياه فى اللون ، وزبدته زيدا أعطيته مالا كالزبد كثرة وأطعمته الزبد ، والزباد نور يشبهه بياضا.
(زبر) : الزبرة قطعة عظيمة من الحديد جمعه زبر ، قال. آتُونِي زُبَرَ الْحَدِيدِ وقد يقال الزبرة من الشعر جمعه زبر واستعير للمجزأ ، قال :
فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُراً أي صاروا فيه أحزابا. وزبرت الكتاب كتبته كتابة عظيمة وكل كتاب غليظ الكتابة يقال له زبور وخص الزبور بالكتاب المنزل على داود عليه السلام قال تعالى : وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً - وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ وقرىء زبورا بضم الزاى وذلك جمع زبور كقولهم فى جمع ظريف ظروف ، أو يكون جمع زبر ، وزبر مصدر سمى به كالكتاب ثم جمع على زبر كما جمع كتاب على كتب ، وقيل بل الزبور كل كتاب صعب الوقوف عليه من الكتب الإلهية ، قال : وَإِنَّهُ لَفِي زُبُرِ الْأَوَّلِينَ قال : وَالزُّبُرِ وَالْكِتابِ الْمُنِيرِ - أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ وقال بعضهم : الزبور اسم للكتاب المقصور على الحكم العقلية دون الأحكام الشرعية ، والكتاب لما يتضمن الأحكام والحكم ويدل على ذلك أن زبور داود عليه السلام لا يتضمن شيئا من الأحكام وزئبر الثوب معروف ، والأزبر ما ضخم زبرة كاهله ، ومنه قيل هاج زبرؤه لمن يغضب.
(زج) : الزجاج حجر شفاف ، الواحدة زجاجة ، قال : فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ والزج حديدة أسفل الرمح جمعه زجاج ، وزججت الرجل طعنته بالزج ، وأزججت الرمح جعلت له زجا ، وأزججته نزعت زجه. والزجج دقة فى الحاجبين مشبه بالزج ، وظليم أزج ونعامة زجاء للطويلة الرجل.
(زجر) : الزجر طرد بصوت ، يقال زجرته فانزجر ، قال : فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ ثم يستعمل فى الطرد تارة وفى الصوت أخرى. وقوله :

(1/3347)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 238
فَالزَّاجِراتِ زَجْراً أي الملائكة التي تزجر السحاب ، وقوله : ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ أي طرد ومنع عن ارتكاب المآثم. وقال : وَازْدُجِرَ أي طرد ، واستعمال الزجر فيه لصياحهم بالمطرود نحو أن يقال عزب وتنح ووراءك.
(زجا) : التزجية دفع الشيء لينساق كتزجية رديف البعير ونزجية الريح السحاب قال : يُزْجِي سَحاباً وقال : يُزْجِي لَكُمُ الْفُلْكَ ومنه رجل مزجى ، وأزجيت ردىء التمر فزجا ، ومنه استعير زجا الخراج يزجو وخراج زاج ، وقول الشاعر :
و حاجة غير مزجاة عن الحاج
أي غير يسيرة يمكن دفعها وسوقها لقلة الاعتداد بها.
(زحح) : فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ أي أزيل عن مقره فيها.
(زحف) : أصل الزحف انبعاث مع جر الرجل كانبعاث الصبى قبل أن يمشى وكالبعير إذا أعيا فجر فرسنه ، وكالعسكر إذا كثر فيعثر انبعاثه. قال :
إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً والزاحف السهم يقع دون الغرض.
(زخرف) : الزخرف الزينة المزوقة ، ومنه قيل للذهب زخرف ، وقال : أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وقال : بَيْتٌ مِنْ زُخْرُفٍ أي ذهب مزوق ، وقال : وَزُخْرُفاً وقال : زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً أي المزوقات من الكلام.
(زرب) : الزرابي جمع زرب وهو ضرب من الثياب محبر منسوب إلى موضع وعلى طريق التشبيه والاستعارة. قال : وَزَرابِيُّ مَبْثُوثَةٌ والزرب والزريبة موضع الغنم وقترة الرامي.
(زرع) : الزرع الإنبات وحقيقة ذلك تكون بالأمور الإلهية دون البشرية قال : أَأَنْتُمْ تَزْرَعُونَهُ أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ فنسب الحرث إليهم ونفى عنهم الزرع ونسبه إلى نفسه وإذا نسب إلى العبد فلكونه فاعلا للأسباب التي هى سبب الزرع كما تقول أثبت كذا إذا كنت من أسباب نباته ، والزرع فى الأصل مصدر وعبر به عن المزروع نحو قوله : فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً وقال : وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ

(1/3348)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 239
كَرِيمٍ
و يقال زرع اللّه ولدك تشبيها كما تقول أنبته اللّه ، والمزرع الزراع ، وازدرع النبات صار ذا زرع.
(زرق) : الزرقة بعض الألوان بين البياض والسواد ، يقال زرقت عينه زرقة وزرقانا ، وقوله تعالى : زُرْقاً يَتَخافَتُونَ أي عميا عيونهم لا نور لها.
و الزرق طائر ، وقيل زرق الطائر يزرق ، وزرقه بالمزراق رماه به.
(زرى) : زريت عليه عبته وأزريت به قصدت به وكذلك ازدريت وأصله افتعلت قال : تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ أي تستقلهم تقديره تزدريهم أعينكم ، أي تستقلهم وتستهين بهم.
(زعق) : الزعاق الماء الملح الشديد الملوحة ، وطعام مزعوق كثر ملحه حتى صار زعاقا وزعق به أفزعه بصياحه فانزعق أي فزع والزعق الكثير الزعق ، أي الصوت ، والزعاق النعار.
(زعم) : الزعم حكاية قول يكون مظنة للكذب ولهذا جاء فى القرآن فى كل موضع ذم القائلون به نحو : زَعَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا - لْ زَعَمْتُمْ
- كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ - زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ وقيل للضمان بالقول والرئاسة زعامة فقيل للمتكفل والرئيس زعيم للاعتقاد فى قوليهما إنهما مظنة للكذب. قال وَأَنَا بِهِ زَعِيمٌ - أَيُّهُمْ بِذلِكَ زَعِيمٌ إما من الزعامة أي الكفالة أو من الزعم بالقول.
(زف) : زف الإبل يزف زفا وزفيفا وأزفها سائقها وقرىء إِلَيْهِ يَزِفُّونَ أي يسرعون. ويزفون أي يحملون أصحابهم على الزفيف ، وأصل الزفيف فى هبوب الريح وسرعة النعام التي تخلط الطيران بالمشي. وزفزف النعام أسرع ومنه استعير زف العروس واستعارة ما يقتضى السرعة لا لأجل مشيتها ولكن للذهاب بها على خفة من السرور.
(زفر) : قال : لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ فالزفير تردد النفس حتى تنتفخ الضلوع منه وازدفر فلان كذا إذا تحمله بمشقة فتردد فيه نفسه ، وقيل للإماء الحاملات للماء زوافر.

(1/3349)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 240
(زقم) : إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ عبارة عن أطعمة كريهة فى النار ومنه استعير زقم فلان وتزقم إذا ابتلع شيئا كريها.
(زكا) : أصل الزكاة النمو الحاصل عن بركة اللّه تعالى ويعتبر ذلك بالأمور الدنيوية والأخروية ، يقال زكا الزرع يزكو إذا حصل منه نمو وبركة.
و قوله : أَيُّها أَزْكى طَعاماً إشارة إلى ما يكون حلالا لا يستوخم عقباه ومنه الزكاة لما يخرج الإنسان من حق اللّه تعالى إلى الفقراء وتسميته بذلك لما يكون فيها من رجاء البركة أو لتزكية النفس أي تنميتها بالخيرات والبركات أولهما جميعا فإن الخيرين موجودين فيها وقرن اللّه تعالى الزكاة بالصلاة فى القرآن بقوله : وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وبزكاة النفس وطهارتها يصير الإنسان بحيث يستحق فى الدنيا الأوصاف المحمودة ، وفى الآخرة الأجر والمثوبة. وهو أن يتحرى الإنسان ما فيه تطهيره وذلك ينسب تارة إلى العبد لكونه مكتسبا لذلك نحو : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وتارة ينسب إلى اللّه تعالى لكونه فاعلا لذلك فى الحقيقة نحو : بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ وتارة إلى النبي لكونه واسطة فى وصول ذلك إليهم نحو تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها - يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وتارة إلى العبادة التي هى آلة فى ذلك نحو : وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً - لِأَهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِيًّا
أي مزكى بالخلقة وذلك على طريق ما ذكرنا من الاجتباء وهو أن يجعل بعض عباده عالما وطاهر الخلق لا بالتعلم والممارسة بل بتوفيق إلهى كما يكون كل الأنبياء والرسل. ويجوز أن يكون تسميته بالمزكى لما يكون عليه فى الاستقبال لا فى الحال والمعنى سيتزكى وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكاةِ فاعِلُونَ أي يفعلون ما يفعلون من العبادة ليزكيهم اللّه أو ليزكوا أنفسهم ، والمعنيان واحد وليس قوله للزكاة مفعولا لقوله فاعلون بل اللام فيه للعلة والقصد وتزكية الإنسان نفسه ضربان : أحدهما بالفعل وهو محمود وإليه قصد بقوله : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها وقوله : قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى والثاني : بالقول كتزكية العدل غيره وذلك مذموم أن يفعل الإنسان بنفسه وقد نهى اللّه تعالى عنه فقال تعالى : فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ونهيه عن ذلك تأديب لقبح مدح الإنسان نفسه عقلا وشرعا ولهذا قيل لحكيم : ما الذي لا يحسن وإن كان حقا؟ فقال : مدح الرجل نفسه.
(زل) : الزلة فى الأصل استرسال الرجل من غير قصد ، يقال زلت

(1/3350)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 241
رجل تزل ، والزلة المكان الزلق ، وقيل للذنب من غير قصد زلة تشبيها بزلة الرجل. قال تعالى : فَإِنْ زَلَلْتُمْ - فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ واستزله إذا تحرى زلته وقوله : إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطانُ أي استجرهم الشيطان حتى زلوا فإن الخطيئة الصغيرة إذا ترخص الإنسان فيها تصير مسهلة لسبيل الشيطان على نفسه.
وقوله عليه السلام : «من أزلت إليه نعمة فليشكرها»
أي من أوصل إليه نعمة بلا قصد من مسديها تنبيها أنه إذا كان الشكر فى ذلك لازما فكيف فيما يكون عن قصده.
والتزلزل الاضطراب ، وتكرير حروف لفظه تنبيه على تكرير معنى الزلل فيه ، قال : إِذا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزالَها وقال : إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ - وَزُلْزِلُوا زِلْزالًا شَدِيداً أي زعزعوا من الرعب.
(زلف) : الزلفة المنزلة والحظوة ، وقوله : فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً قيل معناه لما رأوا زلفة المؤمنين وقد حرموها. وقيل استعمال الزلفة فى منزلة العذاب كاستعمال البشارة ونحوها من الألفاظ. وقيل لمنازل الليل زلف قال : وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ قال الشاعر :
طى الليالى زلفا فزلفا
و الزلفى الحظوة ، قال اللَّه تعالى : إِلَّا لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللَّهِ زُلْفى والمزالف المراقي وأزلفته جعلت له زلفى ، قال : وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ - وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ وليلة المزدلفة خصت بذلك لقربهم من منى بعد الإفاضة.
وفى الحديث «ازدلفوا إلى اللَّه بركعتين».
(زلق) : الزلق والزلل متقاربان قال : صَعِيداً زَلَقاً أي دحضا لا نبات فيه نحو قوله : فَتَرَكَهُ صَلْداً والمزلق المكان الدحض قال :
لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصارِهِمْ وذلك كقول الشاعر :
نظرا يزيل مواضع الأقدام
و يقال زلقه وأزلقه فزلق ، قال يونس : لم يسمع الزلق والإزلاق إلا فى القرآن ، وروى أن أبى بن كعب قرأ : وَأَزْلَفْنا ثَمَّ الْآخَرِينَ أي أهلكنا.
(زمر) : قال : وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَىالْجَنَّةِ زُمَراً
جمع زمرة

(1/3351)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 242
و هى الجماعة القليلة ، ومنه قيل شاة زمرة قليلة الشعر ورجل زمر قليل المروءة ، وزمرت النعامة تزمر زمارا وعنه اشتق الزمر ، والزمارة كناية عن الفاجرة.
(زمل) : يا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ أي المتزمل فى ثوبه وذلك على سبيل الاستعارة كناية عن المقصر والمتهاون بالأمر وتعريضا به ، والزميل الضعيف ، قالت أم تأبط شرا : ليس بزميل شروب للغيل.
(زنم) : الزنيم والمزنم الزائد فى القوم وليس منهم تشبيها بالزنمتين من الشاة وهما المتدليتان من أذنها ومن الحلق ، قال تعالى : عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ وهو العبد زلمة وزنمة أي المنتسب إلى قوم هو معلق بهم لا منهم وقال الشاعر :
فأنت زنيم نيط فى آل هاشم كما نيط خلف الراكب القدح الفرد
(زنا) : الزنا وطء المرأة من غير عقد شرعى ، وقد يقصر وإذا مد يصح أن يكون مصدر المفاعلة والنسبة إليه زنوى ، وفلان لزنية وزنية ، قال اللَّه تعالى :
الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُها إِلَّا زانٍ - الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي وزنا فى الجبل بالهمز زنأ وزنوءا والزناء الحاقن بوله ، ونهى الرجل أن يصلى وهو زناء.
(زهد) : الزهيد الشيء القليل والزاهد فى الشيء الراغب عنه والراضي منه بالزهيد أي القليل وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ.
(زهق) : زهقت نفسه خرجت من الأسف على الشيء قال : وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ.
(زيت) : زيتون وزيتونة نحو : شجر وشجرة ، قال تعالى : زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ والزيت عصارة الزيتون ، قال : يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ وقد زات طعامه نحو سمنه وزات رأسه نحو دهنه به ، وازدات ادهن.
(زوج) : يقال لكل واحد من القرينين من الذكر والأنثى فى الحيوانات المتزاوجة زوج ولكل قرينين فيها وفى غيرها زوج ، كالخف والنعل ، ولكل ما يقترن بآخر مماثلا له أو مضاد زوج. قال تعالى : فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ

(1/3352)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 243
وَ الْأُنْثى
قال : وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وزوجة لغة رديئة وجمعها زوجات قال الشاعر :
فبكا بناتي شجوهن وزوجتى
و جمع الزوج أزواج وقوله : هُمْ وَأَزْواجُهُمْ - احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ أي أقرانهم المقتدين بهم فى أفعالهم إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أي أشباها وأقرانا. وقوله : سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ - وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ فتنبيه أن الأشياء كلها مركبة من جوهر وعرض ومادة وصورة ، وأن لا شىء يتعرى من تركيب يقتضى كونه مصنوعا وأنه لا بدله من صانع تنبيها أنه تعالى هو الفرد ، وقوله : خَلَقْنا زَوْجَيْنِ فبين أن كل ما فى العالم زوج من حيث إن له ضدا أو مثلا ما أو تركيبا ما بل لا ينفك بوجه من تركيب ، وإنما ذكر هاهنا زوجين تنبيها أن الشيء وإن لم يكن له ضد ولا مثل فإنه لا ينفك من تركيب جوهر وعرض وذلك زوجان. وقوله : أَزْواجاً مِنْ نَباتٍ شَتَّى أي أنواعا متشابهة. وكذلك قوله : مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ - ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ أي أصناف. وقوله : وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً أي قرناء ثلاثا وهم الذين فسرهم بما بعد. وقوله : وَإِذَا النُّفُوسُ زُوِّجَتْ فقد قيل معناه قرن كل شيعة بمن شايعهم فى الجنة والنار نحو : احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ وقيل قرنت الأرواح بأجسادها حسبما نبه عليه قوله فى أحد التفسيرين : يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً أي صاحبك. وقيل قرنت النفوس بأعمالها حسبما نبه قوله : يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ وقوله : وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ أي قرناهم بهن ، ولم يجىء فى القرآن زوجناهم حورا كما يقال زوجته امرأة تنبيها أن ذلك لا يكون على حسب المتعارف فيما بيننا من المناكحة.
(زاد) : الزيادة أن ينضم إلى ما عليه الشيء فى نفسه شىء آخر ، يقال زدته فازداد وقوله : وَنَزْدادُ كَيْلَ بَعِيرٍ نحو ازددت فضلا أي ازداد فضلى وهو من باب سَفِهَ نَفْسَهُ وذلك قد يكون زيادة مذمومة كالزيادة على الكفاية مثل زيادة الأصابع والزوائد فى قوائم الدابة وزيادة الكبد وهى قطعة معلقة بها يتصور أن لا حاجة إليها لكونها غير ماكولة ، وقد تكون زيادة محمودة نحو قوله : لِلَّذِينَ

(1/3353)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 244
أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ
و روى من طرق مختلفة أن هذه الزيادة النظر إلى وجه اللَّه إشارة إلى إنعام وأحوال لا يمكن تصورها فى الدنيا وَزادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ أي أعطاه من العلم والجسم قدرا يزيد على ما أعطى أهل زمانه ، وقوله :
وَ يَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً ومن الزيادة المكروهة قوله : ما زادَهُمْ إِلَّا نُفُوراً وقوله : زِدْناهُمْ عَذاباً فَوْقَ الْعَذابِ - فَما تَزِيدُونَنِي غَيْرَ تَخْسِيرٍ وقوله : فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً فإن هذه الزيادة هو ما بنى عليه جبلة الإنسان أن من تعاطى فعلا إن خيرا وإن شرا تقوى فيما يتعاطاه فيزداد حالا فحالا. وقوله :
هَلْ مِنْ مَزِيدٍ يجوز أن يكون ذلك استدعاء للزيادة ويجوز أن يكون تنبيها أنها قد امتلأت وحصل فيها ما ذكر تعالى فى قوله : لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ يقال زدته وزاد هو وازداد ، قال : وَازْدَادُوا تِسْعاً وقال : ثُمَّ ازْدادُوا كُفْراً - وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وشر زائد وزيد. قال الشاعر :
و أنتمو معشر زيد على مائة فأجمعوا أمركم كيدا فكيدونى
و الزاد : المدخر الزائد على ما يحتاج إليه فى الوقت ، والتزود أخذ الزاد ، قال : وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى والمزود ما يجعل فيه الزاد من الطعام والمزادة ما يجعل فيه الزاد من الماء.
(زور) : الزور أعلى الصدر وزرت فلانا تلقيته بزورى أو قصدت زوره نحو وجهته ، ورجل زائر وقوم زور نحو سافر وسفر ، وقد يقال رجل زور فيكون مصدرا موصوفا به نحو ضيف ، والزور ميل فى الزور والأزور المائل الزور وقوله : تزاور عن كهفهم أي تميل ، قرىء بتخفيف الزاى وتشديده وقرىء تزور. قال أبو الحسن لا معنى لتزور هاهنا لأن الازورار الانقباض ، يقال تزاور عنه وازور عنه ورجل أزور وقوم زور وبئر زوراء مائلة الحفر وقيل للكذب زور لكونه مائلا عن جهته ، قال : ظُلْماً وَزُوراً وقول الزور من القول وزورا لا يشهدون الزور ، ويسمى الصم زورا فى قول الشاعر :
جاءوا بزور بينهم وجئنا بالأمم لكون ذلك كذبا وميلا عن الحق.

(1/3354)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 245
(زيغ) : الزيغ الميل عن الاستقامة والتزايغ التمايل ورجل زائغ وقوم زاغة وزائغون وزاغت الشمس وزاغ البصر وَإِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ يصح أن يكون إشارة إلى ما يداخلهم من الخوف حتى أظلمت أبصارهم ويصح أن يكون إشارة إلى ما قال : يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وقال : ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى - مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ - فَلَمَّا زاغُوا أَزاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لما فارقوا الاستقامة عاملهم بذلك.
(زال) : زال الشيء يزول زوالا : فارق طريقته جانحا عنه وقيل أزلته وزولته ، قال : أَنْ تَزُولا - وَلَئِنْ زالَتا - لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ والزوال يقال فى شىء قد كان ثابتا قيل فإن قيل قد قالوا زوال الشمس. ومعلوم أن لا ثبات للشمس بوجه ، قيل إن ذلك قالوه لاعتقادهم فى الظهيرة أن لها ثباتا فى كبد السماء ولهذا قالوا قام قائم الظهيرة وسار النهار. وقيل زاله يزيله زيلا قال الشاعر :
زال زوالها
أي أذهب اللَّه حركتها ، والزوال التصرف وقيل هو نحو قولهم أسكت اللَّه نأمته ، وقال الشاعر :
إذا ما رأتنا زال منها زويلها
و من قال زال لا يتعدى قال زوالها نصب على المصدر ، وتزيلوا تفرقوا ، قال : فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وذلك على التكثير فيمن قال زلت متعد نحو مزته وميزته ، وقولهم ما زال ولا يزال خصا بالعبارة وأجرى مجرى كان فى رفع الاسم ونصب الخبر وأصله من الياء لقولهم زيلت ومعناه معنى ما برحت وعلى ذلك :
وَ لا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ وقوله : لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ - وَلا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا - فَما زِلْتُمْ فِي شَكٍّ ولا يصح أن يقال ما زال زيد إلا منطلقا كما يقال ما كان زيد إلا منطلقا وذلك أن زال يقتضى معنى النفي إذ هو ضد الثبات وما ولا ، يقتضيان النفي ، والنفيان إذا اجتمعا اقتضيا الإثبات فصار قولهم ما زال يجرى مجرى كان فى كونه إثباتا فكما لا يقال كان زيد إلا منطلقا ، لا يقال ما زال زيد إلا منطلقا.
(زين) : الزينة الحقيقية ما لا يشين الإنسان فى شىء من أحواله لا فى

(1/3355)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 246
الدنيا ولا فى الآخرة ، فأما ما يزينه فى حالة دون حالة فهو من وجه شين ، والزينة بالقول المجمل ثلاث : زينة نفسية كالعلم والاعتقادات الحسنة ، وزينة بدنية كالقوة وطول القامة ، وزينة خارجية كالمال والجاه. فقوله : حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ فهو من الزينة النفسية. وقوله : مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ فقد حمل على الزينة الخارجية وذلك أنه قد روى أن قوما كانوا يطوفون بالبيت عراة فنهوا عن ذلك بهذه الآية ، وقال بعضهم : بل الزينة المذكورة فى هذه الآية هى الكرم المذكور فى قوله : إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ وعلى هذا قال الشاعر :
و زينة المرء حسن الأدب
و قوله : فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ هى الزينة الدنيوية من المال والأثاث والجاه ، يقال زانه كذا وزينه إذا أظهر حسنه إما بالفعل أو بالقول وقد نسب اللَّه تعالى التزيين فى مواضع إلى نفسه وفى مواضع إلى الشيطان ، وفى مواضع ذكره غير مسمى فاعله ، فمما نسبه إلى نفسه قوله فى الإيمان وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وفى الكفر قوله : زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ - زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ومما نسبه إلى الشيطان قوله : وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وقوله تعالى :
لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ ولم يذكر المفعول لأن المعنى مفهوم. ومما لم يسم فاعله قوله عز وجل : زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ - زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ وقال : زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا الْحَياةُ الدُّنْيا وقوله : زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ تقديره زينه شركاؤهم وقوله : زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وقوله : إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ - وَزَيَّنَّاها لِلنَّاظِرِينَ فإشارة إلى الزينة التي تدرك بالبصر التي يعرفها الخاصة والعامة وإلى الزينة المعقولة التي يختص بمعرفتها الخاصة وذلك إحكامها وسيرها. وتزيين اللَّه للأشياء قد يكون بإبداعها مزينة وإيجادها كذلك ، وتزيين الناس للشىء بتزويقهم أو بقولهم وهو أن يمدحوه ويذكروه بما يرفع منه.

(1/3356)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 247
السين
(سبب) : السبب الحبل الذي يصعد به النخل وجمعه أسباب قال تعالى : فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبابِ والإشارة بالمعنى إلى نحو قوله : أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ وسمى كل ما يتوصل به إلى شىء سببا ، قال تعالى : وَآتَيْناهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَباً فَأَتْبَعَ سَبَباً ومعناه أن اللَّه تعالى أتاه من كل شىء معرفة وذريعة يتوصل بها فأتبع واحدا من تلك الأسباب وعلى ذلك قوله تعالى : لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ أي لعلى أعرف الذرائع والأسباب الحادثة فى السماء فأتوصل بها إلى معرفة ما يدعيه موسى ، وسمى العمامة والخمار والثوب الطويل سببا تشبيها بالحبل فى الطول. وكذا منهج الطريق وصف بالسبب كتشبيهه بالخيط مرة وبالثوب المحدود مرة. السبب الشتم الوجيع قال تعالى :
وَ لا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وسبهم للَّه ليس على أنهم يسبونه صريحا ولكن يخوضون فى ذكره فيذكرونه بما لا يليق به ويتمادون فى ذلك بالمجادلة فيزدادون فى ذكره بما تنزه تعالى عنه وقول الشاعر :
فما كان ذنب بنى مالك بأن سبب منهم غلاما فسب
بأبيض ذى شطب قاطع يقد العظام ويبرى القصب
فإنه نبه على ما قاله الآخر :
و نشتم بالأفعال لا بالتكلم
و السبب المسابب ، قال الشاعر :
لا تسبننى فلست بسبى إن سبى من الرجال الكريم
و السبة ما يسب وكنى بها عن الدبر ، وتسميته بذلك كتسميته بالسوأة.
والسبابة سميت للإشارة بها عند السب ، وتسميتها بذلك كتسميها بالمسبحة لتحريكها بالتسبيح.

(1/3357)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 248
(سبت) : أصل السبت القطع ومنه سبت السير قطعه وسبت شعره حلقه وأنفه اصطلمه ، وقيل سمى يوم السبت لأن اللَّه تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها فى ستة أيام كما ذكره فقطع عمله يوم السبت فسمى بذلك ، وسبت فلان صار فى السبت وقوله : يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً قيل يوم قطعهم للعمل وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ قيل معناه لا يقطعون العمل وقيل يوم لا يكونون فى السبت وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة ، وقوله : إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ أي ترك العمل فيه وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً أي فطعا للعمل وذلك إشارة إلى ما قال فى صفة الليل : لِتَسْكُنُوا فِيهِ.
(سبح) : السبح المر السريع فى الماء وفى الهواء ، يقال سبح سبحا وسباحة واستعير لمر النجوم فى الفلك نحو : وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ ولجرى الفرس نحو : وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً ولسرعة الذهاب فى العمل نحو : إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلًا والتسبيح تنزيه اللَّه تعالى وأصله المر السريع فى عبادة اللَّه تعالى وجعل ذلك فى فعل الخير كما جعل الإبعاد فى الشر فقيل أبعده اللَّه ، وجعل التسبيح عاما فى العبادات قولا كان أو فعلا أو نية ، قال : فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ قيل من المصلين والأولى أن يحمل على ثلاثتها ، قال : وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ - وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ - فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ - لَوْ لا تُسَبِّحُونَ أي هلا تعبدونه وتشكرونه وحمل ذلك على الاستثناء وهو أن يقول إن شاء اللَّه ويدل على ذلك بقوله : إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ وقال : تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ فذلك نحو قوله : وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً - وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ فذلك يقتضى أن يكون تسبيحا على الحقيقة وسجودا له على وجه لا نفقهه بدلالة قوله :
وَ لكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ودلالة قوله : وَمَنْ فِيهِنَّ بعد ذكر السموات والأرض ولا يصح أن يكون تقديره : يسبح له من فى السموات ، ويسجد له من فى الأرض ، لأن هذا مما نفقهه ولأنه محال أن يكون ذلك تقديره ثم يعطف عليه بقوله : وَمَنْ فِيهِنَّ والأشياء كلها تسبح له وتسجد بعضها بالتسخير ، وبعضها بالاختيار ولا خلاف أن السموات والأرض والدواب مسبحات بالتسخير من حيث إن أحوالها تدل على حكمة اللَّه تعالى ، وإنما الخلاف

(1/3358)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 249
فى السموات والأرض هل تسبح باختيار؟ والآية تقتضى ذلك بما ذكرت من الدلالة ، وسبحان أصله مصدر نحو غفران قال : فَسُبْحانَ اللَّهِ حِينَ تُمْسُونَ - سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا وقول الشاعر :
سبحان من علقمة الفاجر
قيل تقديره سبحان علقمة على طريق التهكم فزاد فيه من راد إلى أصله ، وقيل أراد سبحان اللَّه من أجل علقمة فحذف المضاف إليه. والسبوح القدوس من أسماء اللَّه تعالى وليس فى كلامهم فعول سواهما وقد يفتحان نحو كلوب وسمور ، والسبحة التسبيح وقد يقال للخرزات التي بها يسبح سبحة.
(سبح) : قرىء : إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً أي سعة فى التصرف ، وقد سبخ اللَّه عنه الحمى فتسبخ أي تغشى والتسبيخ ريش الطائر والقطن المندوف ونحو ذلك مما ليس فيه اكتناز وثقل.
(سبط) : أصل السبط انبساط فى سهولة يقال شعر سبط وسبط وقد سبط سبوطا وسباطة وسباطا وامرأة سبطة الخلقة ورجل سبط الكفين ممتدهما ويعبر به عن الجود ، والسبط ولد الولد كأنه امتداد الفروع ، قال : وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ أي قبائل كل قبيلة من نسل رجل أسباطا أمما. والساباط المنبسط بين دارين. وأخذت فلانا سباط أي حمى تمطه ، والسباطة خير من قمامة ، وسبطت الناقة ولدها ، أي ألقته.
(سبع) : أصل السبع العدد قال : سَبْعَ سَماواتٍ - سَبْعاً شِداداً يعنى السموات السبع وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ - سَبْعَ لَيالٍ - سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ - سَبْعُونَ ذِراعاً - سَبْعِينَ مَرَّةً - سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي قيل سورة الحمد لكونها سبع آيات ، السبع الطوال من البقرة إلى الأعراف وسمى سور القرآن المثاني لأنه يثنى فيها القصص ومنه السبع والسبيع والسبع فى الورود. والأسبوع جمعه أسابيع ويقال طفت بالبيت أسبوعا وأسابيع وسبعت القوم كنت سابعهم ، وأخذت سبع أموالهم ، والسبع معروف وقيل سمى بذلك لتمام قوته وذلك أن السبع من الأعداد التامة وقول الهذلي :
كأنه عبد لآل أبى ربيعة مسبع أي قد وقع السبع فى غنمه وقيل معناه المهمل مع السباع ، ويروى مسبع بفتح

(1/3359)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 250
الباء وكنى بالمسبع عن الدعي الذي لا يعرف أبوه ، وسبع فلان فلانا اغتابه وأكل لحمه أكل السباع ، والمسبع موضع السبع.
(سبغ) : درع سابغ تام واسع قال اللَّه تعالى : أَنِ اعْمَلْ سابِغاتٍ وعنه استعير إسباغ الوضوء وإسباغ النعم قال : وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ.
(سبق) : أصل السبق التقدم فى السير نحو : فَالسَّابِقاتِ سَبْقاً والاستباق التسابق قال : إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ - وَاسْتَبَقَا الْبابَ ثم يتجوز به فى غيره من التقدم ، قال : ما سَبَقُونا إِلَيْهِ - سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ أي نفذت وتقدمت ، ويستعار السبق لإحراز الفضل والتبريز. وعلى ذلك : وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ أي المتقدمون إلى ثواب اللَّه وجنته بالأعمال الصالحة نحو قوله :
وَ يُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وكذا قوله : وَهُمْ لَها سابِقُونَ وقوله :
وَ ما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ أي لا يفوتوننا وقال : وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا وقال : وَما كانُوا سابِقِينَ تنبيه أنهم لا يفوتونه.
(سبل) : السبيل الطريق الذي فيه سهولة وجمعه سبل قال : وَأَنْهاراً وَسُبُلًا - وَجَعَلَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا - لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ يعنى به طريق الحق لأن اسم الجنس إذا أطلق يختص بما هو الحق وعلى ذلك : ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ وقيل لسالكه سابل وجمعه سابلة وسبيل سابل نحو شعر شاعر ، وابن السبيل المسافر البعيد عن منزله ، نسب إلى السبيل لممارسته إياه ، ويستعمل السبيل لكل ما يتوصل به إلى شىء خيرا كان أو شرّا ، قال : ادْعُ إِلى سَبِيلِ رَبِّكَ - قُلْ هذِهِ سَبِيلِي وكلاهما واحد ولكن أضاف الأول إلى المبلغ ، والثاني إلى السالك بهم ، قال : قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ - إِلَّا سَبِيلَ الرَّشادِ - وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ - فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ويعبر به عن المحجة ، قال : قُلْ هذِهِ سَبِيلِي - سُبُلَ السَّلامِ أي طريق الجنة ما عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِنْ سَبِيلٍ - فَأُولئِكَ ما عَلَيْهِمْ مِنْ سَبِيلٍ - إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ - إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا وقيل أسبل الستر والذيل وفرس مسبل الذنب وسبل المطر وأسبل وقيل للمطر سبل مادام سابلا أي سائلا فى الهواء وخص السبلة بشعر الشفة العليا لما فيها من التحدر ، والسنبلة جمعها سنابل وهى ما على الزرع ، قال : سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ وقال :
وَ سَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وأسبل الزرع صار ذا سنبلة نحو أحصد وأجنى ، والمسبل اسم القدح الخامس.

(1/3360)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 251
(سبأ) : وَجِئْتُكَ مِنْ سَبَإٍ بِنَبَإٍ يَقِينٍ سبأ اسم بلد تفرق أهله ولهذا يقال ذهبوا أيادى سبأ أي تفرقوا تفرق أهل هذا المكان من كل جانب ، وسبأت الخمر اشتريتها ، والسابياء جلد فيه الولد.
(ست) : قال : فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وقال : سِتِّينَ مِسْكِيناً فأصل ذلك سدس ويذكر فى بابه إن شاء اللَّه.
(ستر) : الستر تغطية الشيء ، والستر والسترة ما يستتر به قال : لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً - حِجاباً مَسْتُوراً والاستتار الاختفاء ، قال : وَما كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ.
(سجد) : السجود أصله التطامن والتذلل وجعل ذلك عبارة عن التذلل للَّه وعبادته وهو عام فى الإنسان والحيوانات والجمادات وذلك ضربان سجود باختيار وليس ذلك إلا للإنسان وبه يستحق الثواب نحو قوله : فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا أي تذللوا له وسجود تسخير وهو للإنسان والحيوانات والنبات وعلى ذلك قوله : وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً - وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وقوله : يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمائِلِ سُجَّداً لِلَّهِ فهذا سجود تسخير وهو الدلالة الصامتة الناطقة المنبهة على كونها مخلوقة وأنها خلق فاعل حكيم ، وقوله : وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ مِنْ دابَّةٍ وَالْمَلائِكَةُ وَهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ ينطوى على النوعين من السجود والتسخير والاختيار ، وقوله : وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ فذلك على سبيل التسخير وقوله : اسْجُدُوا لِآدَمَ قيل أمروا بأن يتخذوه قبلة ، وقيل أمروا بالتذلل له والقيام بمصالحه ومصالح أولاده فائتمروا إلا إبليس ، وقوله : ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً أي متذللين منقادين ، وخص السجود فى الشريعة بالركن المعروف من الصلاة وما يجرى مجرى ذلك من سجود القرآن وسجود الشكر ، وقد يعبر به عن الصلاة بقوله : وَأَدْبارَ السُّجُودِ أي أدبار الصلاة ويسمون صلاة الضحى سبحة الضحى وسجود الضحى وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قيل أريد به الصلاة والمسجد موضع للصلاة اعتبارا بالسجود وقوله : وَأَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ قيل عنى به الأرض إذ قد جعلت الأرض كلها مسجدا وطهورا كما روى فى الخبر ، وقيل
المساجد مواضع السجود الجبهة والأنف واليدان والركبتان والرجلان وقوله :

(1/3361)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 252
أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ أي يا قوم اسجدوا وقوله : وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً أي متذللين وقيل كان السجود على سبيل الخدمة فى ذلك الوقت سائغا وقول الشاعر :
وافى بها كدارهم الأسجاد
عنى بها دارهم عليها صورة ملك سجدوا له
(سجر) : السجر تهييج النار ، يقال : سجرت التنور ، ومنه وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ قال الشاعر :
إذا ساء طالع مسجورة ترى حولها النبع والسمسما
و قوله : وَإِذَا الْبِحارُ سُجِّرَتْ أي أضرمت نارا عن الحسن ، وقيل غيضت مياهها وإنما يكون كذلك لتسخير النار فيه. ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ نحو :
وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ وسجرت الناقة استعارة لا لتهابها فى العدو نحو اشتعلت الناقة ، والسجير الخليل الذي يسجر فى مودة خليله كقولهم فلان محرق فى مودة فلان ، قال الشاعر :
سجراء نفسى غير جمع إشابة
(سجل) : السجل الدلو العظيمة ، وسجلت الماء فانسجل أي صببته فانصب ، وأسجلته أعطيته سجلا ، واستعير للعطية الكثيرة والمساجلة المساقاة بالسجل وجعلت عبارة عن المباراة والمناضلة ، قال :
و من يساجلنى يساجل ما جدا
و السجيل حجر وطين مختلط وأصله فيما قيل فارسى معرب ، والسجل قيل حجر كان يكتب فيه ثم سمى كل ما يكتب فيه سجلا ، قال ت
(سحر) : السحر طرف الحلقوم ، والرئة وقيل انتفخ سحره وبعير سحر عظيم السحر والسحارة ما ينزع من السحر عند الذبح فيرعى به وجعل بناؤه بناء النفاية والسقاطة وقيل منه اشتق السحر وهو إصابة السحر والسحر يقال على معان : الأول الخداع وتخيلات لا حقيقة لها نحو ما يفعله المشعبذ بصرف الأبصار عما يفعله لخفة يد ، وما يفعله النمام بقول مزخرف عائق للأسماع وعلى ذلك قوله تعالى : سَحَرُوا أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ ، وقال : يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ

(1/3362)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 254
سِحْرِهِمْ
،
و بهذا النظر سموا موسى عليه السلام ساحرا فقالوا : يا أَيُّهَا السَّاحِرُ ادْعُ لَنا رَبَّكَ ، والثاني استجلاب معاونة الشيطان بضرب من التقرب إليه كقوله تعالى : هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّياطِينُ تَنَزَّلُ عَلى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ وعلى ذلك قوله تعالى : وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ والثالث ما يذهب إليه الأغتام وهو اسم لفعل يزعمون أنه من قوته يغير الصور والطبائع فيجعل الإنسان حمارا ولا حقيقة لذلك عند المحصلين. وقد تصور من السحر تارة حسنة فقيل : إن من البيان لسحرا وتارة دقة فعله حتى قالت الأطباء الطبيعية ساحرة وسموا الغذاء سحرا من حيث إنه يدق ويلطف تأثيره ، قال تعالى : بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ أي مصروفون عن معرفتنا بالسحر. وعلى ذلك قوله تعالى : إِنَّما أَنْتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ قيل ممن جعل له سحر تنبيها أنه محتاج إلى الغذاء كقوله تعالى : ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ونبه أنه بشر كما قال : ما أَنْتَ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُنا وقيل معناه ممن جعل له سحر يتوصل بلطفه ودقته إلى ما يأتى به ويدعيه ، وعلى الوجهين حمل قوله تعالى : إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً وقال تعالى : فَقالَ لَهُ فِرْعَوْنُ إِنِّي لَأَظُنُّكَ يا مُوسى مَسْحُوراً وعلى المعنى الثاني دل قوله تعالى : إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ قال تعالى : وَجاؤُ بِسِحْرٍ عَظِيمٍ وقال : أَسِحْرٌ هذا وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُونَ وقال : فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ - فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ والسحر والسحرة اختلاط ظلام آخر الليل بضياء النهار وجعل اسما لذلك الوقت ويقال لقيته بأعلى السحرين والمسحر. الخارج سحرا ، والسحور اسم للطعام المأكول سحرا والتسحر أكله.
(سحق) : السحق تفتيت الشيء تفتيت الشيء ويستعمل فى الدواء إذا فتت يقال سحقته فانسحق ، وفى الثوب إذا أخلق يقال أسحق والسحق الثوب البالي ومنه قيل أسحق الضرع أي صار سحقا لذهاب لبنه ويصح أن يجعل إسحق منه فيكون حينئذ منصرفا ، وقيل : أبعده اللَّه وأسحقه أي جعله سحيقا وقيل سحقه أي جعله باليا ، قال تعالى : فَسُحْقاً لِأَصْحابِ السَّعِيرِ وقال تعالى : أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ ودم منسحق وسحوق مستعار كقولهم مزرور.

(1/3363)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 255
(سحل) : قال : فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ أي شاطىء البحر أصله من سحل الحديد أي برده وقشره وقيل أصله أن يكون مسحولا لكن جاء على لفظ الفاعل كقولهم هم ناصب وقيل بل تصور منه أنه يسحل الماء أي يفرقه ويضيقه والسحالة البرادة ، والسحيل والسحال نهيق الحمار كأنه شبه صوته بصوت سحل الحديد ، والمسحل اللسان الجهير الصوت كأنه تصور منه سحيل الحمار من حيث رفع صوته لا من حيث نكرة صوته كما قال تعالى : إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ والمستحلتان : حلقتان على طرفى شكيم اللجام.
(سخر) : التسخير سياقة إلى الغرض المختص قهرا ، قال تعالى :
وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ - وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ - وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ - وَسَخَّرَ لَكُمُ الْفُلْكَ كقوله : سَخَّرْناها لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ - سُبْحانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنا هذا فالمسخر هو المقيض للفعل والسخرى هو الذي يقهر فيتسخر بإرادته ، قال : لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا ، وسخرت منه واستخرته للهزء منه ، قال تعالى : إِنْ تَسْخَرُوا مِنَّا فَإِنَّا نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ - بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ وقيل رجل سخرة لمن سخر وسخرة لمن يسخر منه. والسخرية والسخرية لفعل الساخر. وقوله تعالى : فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيًّا وسخريا ، فقد حمل على الوجهين على التسخير وعلى السخرية قوله تعالى : وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا. ويدل على الوجه الثاني قوله بعد :
وَ كُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ.
(سخط) : السخط والسخط الغضب الشديد المقتضى للعقوبة ، قال :
إِذا هُمْ يَسْخَطُونَ وهو من اللَّه تعالى إنزال العقوبة ، قال تعالى : ذلِكَ بِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا ما أَسْخَطَ اللَّهَ - أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ - كَمَنْ باءَ بِسَخَطٍ مِنَ اللَّهِ.
(سد) : السد والسد قيل هما واحد وقيل السد ما كان خلقة والسد ما كان صنعة ، وأصل السد مصدر سددته ، قال تعالى : بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا وشبه به الموانع نحو : وَجَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا وقرىء سدا. والسدة كالظلة على الباب تقيه من المطر وقد يعبر بها عن الباب كما قيل الفقير الذي لا يفتح له سدد السلطان ، والسداد والسدد الاستقامة ، والسداد ما يسد به الثلمة والثغر ، واستعير لما يسد به الفقر.

(1/3364)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 256
(سدر) : السدر شجر قليل الغناء عند الأكل ولذلك قال تعالى :
وَ أَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ وقد يخضد ويستظل به فجعل ذلك مثلا لظل الجنة ونعيمها فى قوله تعالى : فِي سِدْرٍ مَخْضُودٍ لكثرة غنائه فى الاستظلال وقوله تعالى : إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى فإشارة إلى مكان اختص النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فيه بالإضافة الإلهية والآلاء الجسيمة ، وقد قيل إنها الشجرة التي بويع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم تحتها فأنزل اللَّه تعالى السكينة فيها على المؤمنين. والسدر تحير البصر ، والسادر المتحير ، وسدر شعره ، قيل : هو مقلوب عن دسر.
(سدس) : السدس جزء من ستة ، قال تعالى : فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ والسدس فى الإظماء. وست أصله سدس وسدست القوم صرت سادسهم وأخذت سدس أموالهم وجاء سادسا وساتا وساديا بمعنى ، قال تعالى : وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وقال تعالى : وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ ويقال لا أفعل كذا سديس عجيس. أي أبدا والسدوس الطيلسان ، والسندس الرقيق من الديباج ، والإستبرق الغليظ منه.
(سرر) : الإسرار خلاف الإعلان ، قال تعالى : سِرًّا وَعَلانِيَةً وقال تعالى : يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ وقال تعالى : وَأَسِرُّوا قَوْلَكُمْ أَوِ اجْهَرُوا بِهِ ويستعمل فى الأعيان والمعاني ، والسر هو الحديث المكتم فى النفس. قال تعالى : يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى وقال تعالى : أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْواهُمْ وساره إذا أوصاه بأن يسره وتسار القوم وقوله : وَأَسَرُّوا النَّدامَةَ أي كتموها وقيل معناه أظهروها بدلالة قوله تعالى : يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وليس كذلك لأن الندامة التي كتموها ليست بإشارة إلى ما أظهروه من قوله : يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وأسررت إلى فلان حديثا أفضيت إليه فى خفية ، قال تعالى : وَإِذْ أَسَرَّ النَّبِيُّ وقوله :
تُسِرُّونَ إِلَيْهِمْ بِالْمَوَدَّةِ أي يطلعونهم على ما يسرون من مودتهم وقد فسر بأن معناه يظهرون وهذا صحيح فإن الإسرار إلى الغير يقتضى إظهار ذلك لمن يفضى إليه بالسر وإن كان يقتضى إخفاءه عن غيره ، فإذا قولهم أسررت إلى فلان يقتضى من وجه الإظهار ومن وجه الإخفاء وعلى هذا قوله : وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً وكنى عن النكاح بالسر من حيث إنه يخفى واستعير للخالص فقيل هو من سر

(1/3365)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 257
قومه ومنه سر الوادي وسرارته ، وسرة البطن ما يبقى بعد القطع وذلك لاستتارها بعكن البطن ، والسر والسرر يقال لما يقطع منها. وأسرة الراحة وأسارير الجبهة لغضونها ، والسرار اليوم الذي يستتر فيه القمر آخر الشهر. والسرور ما ينكتم من الفرح ، قال تعالى : وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوراً وقال : تَسُرُّ النَّاظِرِينَ وقوله تعالى فى أهل الجنة : وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً وقوله فى أهل النار :
إِنَّهُ كانَ فِي أَهْلِهِ مَسْرُوراً تنبيه على أن سرور الآخرة يضاد سرور الدنيا ، والسرير الذي يجلس عليه من السرور إذ كان ذلك لأولى النعمة وجمعه أسرة وسرر ، قال تعالى : مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ - فِيها سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ وسرير الميت تشبيها به فى الصورة وللتفاؤل بالسرور الذي يلحق الميت برجوعه إلى جوار اللَّه تعالى وخلاصه من سجنه المشار إليه
بقوله صلّى اللَّه عليه وسلّم «الدنيا سجن المؤمن».
(سرب) : السرب الذهاب فى حدور والسرب المكان المنحدر ، قال تعالى : فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً يقال سرب سربا وسروبا نحو : مر مرا ومرورا وانسرب انسرابا كذلك لكن سرب يقال على تصور الفعل من فاعله وانسرب على تصور الانفعال منه وسرب الدمع سال وانسربت الحية إلى جحرها وسرب الماء من السقاء وماء سرب وسرب متقطر من سقائه ، والسارب الذاهب فى سربه أي طريق كان ، قال تعالى : وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ والسرب جمع سارب نحو ركب وراكب وتعورف فى الإبل حتى قيل زعرت سربه أي إبله. وهو آمن فى سربه أي فى نفسه وقيل فى أهله ونسائه فجعل السرب كناية وقيل اذهبي فلا أنده سربك فى الكناية عن الطلاق ومعناه لا أرد إبلك الذاهبة فى سربها والسربة قطعة من الخيل نحو العشرة إلى العشرين. والمسربة الشعر المتدلى من الصدر ، والسراب اللامع فى المفازة كالماء وذلك لانسرابه فى مرأى العين وكان السراب فيما لا حقيقة له كالشراب فيما له حقيقة ، قال تعالى :
كَسَرابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً وقال تعالى : وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ فَكانَتْ سَراباً.
(سربل) : السربال القميص من أي جنس كان ، قال : سَرابِيلُهُمْ مِنْ قَطِرانٍ - سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ وَسَرابِيلَ تَقِيكُمْ بَأْسَكُمْ أي تقى بعضكم من بأس بعض.

(1/3366)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 258
(سرج) : السراج الزاهر بفتيلة ودهن ويعبر به عن كل مضىء ، قال :
وَ جَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً - سِراجاً وَهَّاجاً يعنى الشمس يقال أسرجت السراج وسرجت كذا جعلته فى الحسن كالسراج ، قال الشاعر :
و فاحما ومرسنا مسرجا
و السرج رحالة الدابة والسراج صانعه.
(سرح) : السرح شجر له ثمر ، الواحدة سرحة وسرحت الإبل أصله أن ترعيه السرح ثم جعل لكل إرسال فى الرعي ، قال تعالى : وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ والسارح الراعي والسرح جمع كالشرب ، والتسريح فى الطلاق نحو قوله تعالى : أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وقوله :
وَ سَرِّحُوهُنَّ سَراحاً جَمِيلًا مستعار من تسريح الإبل كالطلاق فى كونه مستعارا من إطلاق الإبل ، واعتبر من السرح المضي فقيل ناقة سرح تسرح فى سيرها ومضى سرحا سهلا. والمنسرح ضرب من الشعر استعير لفظه من ذلك.
(سرد) : السرد خرز ما يخشن ويغلظ كنسج الدرع وخرز الجلد واستعير لنظم الحديد قال : وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ ويقال سرد وزرد والسراد والزراد نحو سراط وصراط وزراط والمسرد المثقب.
(سردق) : السرادق فارسى معرب وليس فى كلامهم اسم مفرد ثالثه ألف وبعده حرفان ، قال تعالى : أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها وقيل : بيت مسردق ، مجعول على هيئة سرادق.
(سرط) : السراط الطريق المستسهل ، أصله من سرطت الطعام وزردته ابتلعته فقيل سراط ، تصورا أنه يبتلعه سالكه ، أو يبتلع سالكه ، ألا ترى أنه قيل : قتل أرضا عالمها ، وقتلت أرض جاهلها ، وعلى النظرين قال أبو تمام :
دعته الفيافي بعد ما كانه حقبة دعاها إذا ما المزن ينهل ساكبه
و كذا سمى الطريق اللقم والملتقم اعتبارا بأن سالكه يلتقمه.
(سرع) : السرعة ضد البطء ويستعمل فى الأجسام والأفعال يقال سرع فهو سريع وأسرع فهو مسرع وأسرعوا صارت إبلهم سراعا نحو : أبلدوا وسارعوا وتسارعوا. قال تعالى : وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ - وَيُسارِعُونَ

(1/3367)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 259
فِي الْخَيْراتِ
- يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ عَنْهُمْ سِراعاً وقال : يَوْمَ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ سِراعاً ، وسرعان القوم أوائلهم السراع وقيل سرعان ذا إهالة ، وذلك مبنى من سرع كوشكان من وشك وعجلان من عجل ، وقوله تعالى :
فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ - وَ - سَرِيعُ الْعِقابِ فتنبيه على ما قال : إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ.
(سرف) : السرف تجاوز الحد فى كل فعل يفعله الإنسان وإن كان ذلك فى الإنفاق أشهر. قال تعالى : وَالَّذِينَ إِذا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا - وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً ويقال تارة اعتبارا بالقدر وتارة بالكيفية ولهذا قال سفيان ما أنفقت فى غير طاعة اللَّه فهو سرف ، وإن كان قليلا ، قال اللَّه تعالى :
وَ لا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ - وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحابُ النَّارِ أي المتجاوزين الحد فى أمورهم وقال : إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ وسمى قوم لوط مسرفين من حيث إنهم تعدوا فى وضع البذر فى الحرث المخصوص له المعنى بقوله : نِساؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ وقوله : يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ فتناول الإسراف فى المال وفى غيره. وقوله فى القصاص : فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ فسرفه أن يقتل غيره قاتله إما بالعدول عنه إلى من هو أشرف منه أو بتجاوز قتل القاتل إلى غيره حسبما كانت الجاهلية تفعله ، وقولهم مررت بكم فسرفتكم أي جهلتكم من هذا وذاك أنه تجاوز ما لم يكن حقه أن يتجاوز فجهل فلذلك فسر به ، والسرفة دويبة تأكل الورق وسمى بذلك لتصور معنى الإسراف منه ، يقال سرفت الشجرة فهى مسروفة.
(سرق) : السرقة أخذ ما ليس له أخذه فى خفاء وصار ذلك فى الشرع لتناول الشيء من موضع مخصوص وقدر مخصوص ، قال تعالى : وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ وقال تعالى : قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ وقال :
أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ - إِنَّ ابْنَكَ سَرَقَ واسترق السمع إذا تسمع مستخفيا قال تعالى : إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ والسرق والسرقة واحد وهو الحرير.
(سرمد) : السرمد الدائم ، قال تعالى : قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللَّهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً وبعده النَّهارَ سَرْمَداً.

(1/3368)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 260
(سرى) : السرى سير الليل ، يقال سرى وأسرى. قال تعالى :
فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ وقال تعالى : سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا وقيل إن أسرى ليست من لفظة سرى بسرى وإنما هى من السراة ، وهى أرض واسعة وأصله من الواو ومنه قول الشاعر :
بسرو حمير أبوال البغال به
فأسرى نحو أجبل وأتهم وقوله تعالى : سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ أي ذهب فى سراة من الأرض وسراة كل شىء أعلاه ومنه سراة النهار أي ارتفاعه وقوله تعالى : قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا أي نهرا يسرى وقيل بل ذلك من السرو أي الرفعة يقال رجل سرو قال وأشار بذلك إلى عيسى عليه السلام وما خصه به من سروه ، يقال سروت الثوب عنى أي نزعته وسروت الجل عن الفرس وقيل ومنه رجل سرى كأنه سرى ثوبه بخلاف المتدثر والمتزمل والزميل وقوله :
وَ أَسَرُّوهُ بِضاعَةً أي خمنوا فى أنفسهم أن يحصلوا من بيعه بضاعة والسارية يقال للقوم الذين يسرون بالليل وللسحابة التي تسرى وللإسطوانة.
(سطح) : السطح أعلى البيت يقال : سطحت البيت جعلت له سطحا وسطحت المكان جعلته فى التسوية كسطح قال : وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ وانسطح الرجل امتد على قفاه ، قيل وسمى سطيح الكاهن لكونه منسطحا لزمانه والمسطح عمود الخيمة الذي يجعل به لها سطحا وسطحت الثريدة فى القصعة بسطتها.
(سطر) : السطر والسطر الصف من الكتابة ومن الشجر المغروس ومن القوم الوقوف ، وسطر فلان كذا كتب سطرا سطرا ، قال تعالى : ن وَالْقَلَمِ وَما يَسْطُرُونَ وقال تعالى : وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ وقال : كانَ ذلِكَ فِي الْكِتابِ مَسْطُوراً أي مثبتا محفوظا وجمع السطر أسطر وسطور وأسطار ، قال الشاعر :
إنى وأسطار سطرن سطرا
و أما قوله : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ فقد قال المبرد هى جمع أسطورة نحو أرجوحة وأراجيح وأثفية وأثافى وأحدوثة وأحاديث. وقوله تعالى : وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ أي شىء كتبوه كذبا ومينا فيما زعموا نحو قوله

(1/3369)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 261
تعالى : أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَها فَهِيَ تُمْلى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا وقوله تعالى :
فَذَكِّرْ إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ. لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ وقوله : أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ فإنه يقال تسيطر فلان على كذا ، وسيطر عليه إذا أقام عليه قيام سطر ، يقول لست عليهم بقائم واستعمال المسيطر هاهنا كاستعمال القائم فى قوله : أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وحفيظ فى قوله : وَما أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ وقيل معناه : (لست عليهم بحفيظ) فيكون المسيطر كالكاتب فى قوله :
وَ رُسُلُنا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ وهذه الكتابة هى المذكورة فى قوله : أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ.
(سطا) : السطوة البطش برفع اليد يقال سطا به. قال تعالى :
يَكادُونَ يَسْطُونَ بِالَّذِينَ يَتْلُونَ عَلَيْهِمْ آياتِنا وأصله من سطا الفرس على الرمكة يسطو إذا أقام على رجليه رافعا يديه إما مرحا وإما نزوا على الأنثى ، وسطا الراعي أخرج الولد ميتا من بطن أمه وتستعار السطوة للماء كالطغو ، يقال سطا الماء وطغى.
(سعد) : السعد والسعادة معاونة الأمور الإلهية للإنسان على نيل الخير ويضاده الشقاوة ، يقال سعد وأسعده اللَّه ورجل سعيد وقوم سعداء وأعظم السعادات الجنة فلذلك قال تعالى : وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ وقال :
فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ والمساعدة المعاونة فيما يظن به سعادة. وقوله لبيك وسعديك معناه أسعدك اللَّه إسعادا بعد إسعاد أو ساعدكم مساعدة بعد مساعدة ، والأول أولى. والإسعاد فى البكاء خاصة وقد استسعدته فأسعدنى. والساعد العضو تصورا لمساعدتها وسمى جناحا الطائر ساعدين كما سميا يدين والسعدان نبت يغزر اللبن ولذلك قيل : مرعى ولا كالسعدان ، والسعدانة الحمامة وعقدة الشسع وكركرة البعير وسعود الكواكب معروفة.
(سعر) : السعر التهاب النار وقد سعرتها وسعّرتها وأسعرتها ، والمسعر الخشب الذي يسعر به ، واستعر الحرب واللصوص نحو اشتعل وناقة مسعورة نحو موقدة ومهيجة والسعار حر النار ، وسعر الرجل أصابه حر ، قال تعالى : وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً وقال تعالى : وَإِذَا الْجَحِيمُ سُعِّرَتْ وقرىء بالتخفيف وقوله : عَذابِ السَّعِيرِ أي حميم فهو فعيل فى معنى مفعول وقال تعالى :
إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ والسعر فى السوق تشبيها باستعار النار.

(1/3370)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 262
(سعى) : السعى المشي السريع وهو دون العدو ويستعمل للجد فى الأمر خيرا كان أو شرّا ، قال تعالى : وَسَعى فِي خَرابِها وقال : نُورُهُمْ يَسْعى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وقال : وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً - وَإِذا تَوَلَّى سَعى فِي الْأَرْضِ - وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى ، وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرى - إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى وقال تعالى : وَسَعى لَها سَعْيَها - كانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُوراً وقال تعالى : فَلا كُفْرانَ لِسَعْيِهِ وأكثر ما يستعمل السعى فى الأفعال المحمودة ، قال الشاعر :
إن أجز علقمة بن سعد سعيه لا أجزه ببلاء يوم واحد
و قال تعالى : فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ أي أدرك ما سعى فى طلبه ، وخص السعى فيما بين الصفا والمروة من المشي. والسعاية بالنميمة وبأخذ الصدقة وبكسب المكاتب لعتق رقبته. والمساعاة بالفجور ، والمسعاة بطلب المكرمة ، قال تعالى : وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ أي اجتهدوا فى أن يظهروا لنا عجزا فيما أنزلناه من الآيات.
(سغب) : قال تعالى : أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ من السغب وهو الجوع مع التعب وقد قيل فى العطش مع التعب ، يقال سغب سغبا وسغوبا وهو ساغب وسغبان نحو عطشان.
(سفر) : السفر كشف الغطاء ويختص ذلك بالأعيان نحو سفر العمامة عن الرأس والخمار عن الوجه ، وسفر البيت كنسه بالمسفر أي المكنس وذلك إزالة السفير عنه وهو التراب الذي يكنس منه والإسفار يختص باللون نحو وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ أي أشرق لونه ، قال تعالى : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ مُسْفِرَةٌ و«أسفروا بالصبح تؤجروا» من قولهم أسفرت أي دخلت فيه نحو أصبحت وسفر الرجل فهو سافر ، والجمع السفر نحو ركب وسافر خص بالمفاعلة اعتبارا بأن الإنسان قد سفر عن المكان ، والمكان سفر عنه ومن لفظ السفر اشتق السفرة لطعام السفر ولما يوضع فيه قال تعالى : وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ والسفر الكتاب الذي يسفر عن الحقائق وجمعه أسفار ، قال تعالى : كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً وخص لفظ الأسفار فى هذا المكان تنبيها أن التوراة وإن كانت تحقق ما فيها فالجاهل لا يكاد يستبينها كالحمار الحامل لها ، وقوله تعالى :

(1/3371)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 263
بِأَيْدِي سَفَرَةٍ. كِرامٍ بَرَرَةٍ فهم الملائكة الموصوفون بقوله : كِراماً كاتِبِينَ والسفرة جمع سافر ككاتب وكتبة والسفير الرسول بين القوم يكشف ويزيل ما بينهم من الوحشة فهو فعيل فى معنى فاعل ، والسفارة الرسالة فالرسول والملائكة والكتب مشتركة فى كونها سافرة عن القوم ما استبهم عليهم ، والسفير فيما يكنس فى معنى المفعول ، والسفار فى قول الشاعر :
و ما السّفار قبح السّفار
فقيل هو حديدة تجعل فى أنف البعير ، فإن لم يكن فى ذلك حجة غير هذا البيت فالبيت يحتمل أن يكون مصدر سافرت.
(سفع) : السفع الأخذ بسفعة الفرس ، أي سواد ناصيته ، قال اللَّه تعالى : لَنَسْفَعاً بِالنَّاصِيَةِ وباعتبار السواد قيل للأثافى سفع وبه سفعة غضب اعتبارا بما يعلو من اللون الدخاني وجه من اشتد به الغضب ، وقيل للصقر أسفع لما به من لمع السواد وامرأة سفعاء اللون.
(سفك) : السفك فى الدم صبه ، قال تعالى : وَيَسْفِكُ الدِّماءَ وكذا فى الجوهر المذاب وفى الدمع.
(سفل) : السفل ضد العلو وسفل فهو سافل قال تعالى : فَجَعَلْنا عالِيَها سافِلَها وأسفل ضد أعلى قال تعالى : وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وسفل صار فى سفل ، وقال تعالى : ثُمَّ رَدَدْناهُ أَسْفَلَ سافِلِينَ وقال : وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وقد قوبل بفوق فى قوله : إِذْ جاؤُكُمْ مِنْ فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وسفالة الريح حيث تمر الريح والعلاوة ضده والسفلة من الناس النذل نحو الدون ، وأمرهم فى سفال.
(سفن) : السفن نحت ظاهر الشيء كسفن العود والجلد وسفن الرحى التراب عن الأرض ، قال الشاعر :
فجاء خفيا يسفن الأرض صدره
و السفن نحو النقض لما يسفن وخص السفن بجلدة قائم السيف وبالحديدة التي يسفن بها وباعتبار السفن سميت السفينة. قال اللَّه تعالى : أَمَّا السَّفِينَةُ ثم تجوز بالسفينة فشبه بها كل مركوب سهل
(سقر) : َيْكِ رُطَباً جَنِيًّا
أي تساقط النخلة وقرىء :
تُساقِطْ بالتخفيف : أي تتساقط فحذف إحدى التاءين وإذا قرىء تساقط فإن تفاعل مطاوع فاعل وقد عداه كما عدى تفعل فى نحو تجرعه ، وقرىء :
تُساقِطْ عَلَيْكِ أي يساقط الجذع.
(سقف) : سقف البيت جمعه سقف وجعل السماء سقفا فى قوله :
وَ السَّقْفِ الْمَرْفُوعِ وقال تعالى : وَجَعَلْنَا السَّماءَ سَقْفاً مَحْفُوظاً وقال :

(1/3372)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 265
لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ والسقيفة كل مكان له سقف كالصفة والبيت ، والسّقف طول فى انحناء تشبيها بالسّقف.
(سقم) : السّقم والسّقم المرض المختص بالبدن والمرض قد يكون فى البدن وفى النفس نحو : فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وقوله تعالى : إِنِّي سَقِيمٌ فمن التعريض أو الإشارة إلى ماض وإما إلى مستقبل وإما إلى قليل مما هو موجود فى الحال إذ كان الإنسان لا ينفك من خلل يعتريه وإن كان لا يحس به ، ويقال مكان سقيم إذا كان فيه خوف.
(سقى) : السقي والسقيا أن يعطيه ما يشرب ، والإسقاء أن يجعل له ذلك حتى يتناوله كيف شاء ، فالإسقاء أبلغ من السقي لأن الإسقاء هو أن تجعل له ما يسقى منه ويشرب ، تقول أسقيته نهرا ، قال تعالى : وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً وقال : وَسُقُوا ماءً حَمِيماً - وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وقال فى الاسقاء وَأَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً وقال : فَأَسْقَيْناكُمُوهُ أي جعلناه سقيا لكم وقال : نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِها بالفتح والضم ويقال للنصيب من السقي سقى ، وللأرض التي تسقى سقى لكونهما معفولين كالنقص ، والاستسقاء طلب السقي أو الاسقاء ، قال تعالى : وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى والسقاء ما يجعل فيه ما يسقى وأسقيتك جلدا أعطيتكه لتجعله سقاء ، وقوله تعالى : جَعَلَ السِّقايَةَ فِي رَحْلِ أَخِيهِ فهو المسمى صواع الملك فتسميته السقاية تنبيها أنه يسقى به وتسميته صواعا أنه يكال به.
(سكب) : ماء مسكوب مصبوب وفرس سكب الجري وسكبته فانسكب ودمع ساكب متصور بصورة الفاعل ، وقد يقال منسكب وثوب سكب تشبيها بالمنصب لدقته ورقته كأنه ماء مسكوب.
(سكت) : السكوت مختص بترك الكلام ورجل سكيت وساكوت كثير السكوت والسكتة والسكات ما يعترى من مرض ، والسكت يختص بسكون النفس فى الغناء والسكتات فى الصلاة السكوت فى حال الافتتاح وبعد الفراغ ، والسكيت الذي يجيىء آخر الحلبة ، ولما كان السكوت ضربا من السكون استعير له فى قوله : وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ.

(1/3373)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 266
(سكر) : السكر حالة تعرض بين المرء وعقله ، وأكثر ما يستعمل ذلك فى الشراب ، وقد يعترى من الغضب والعشق ، ولذلك قال الشاعر :
سكران سكر هوى وسكر مدام
و منه سكرات الموت ، قال تعالى : وَجاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ والسكر اسم لما يكون منه السكر ، قال تعالى : تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً والسكر حبس الماء ، وذلك باعتبار ما يعرض من السد بين المرء وعقله والسكر الموضع المسدود ، وقوله تعالى : إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا قيل هو من السكر ، وقيل هو من السكر ، وليلة ساكرة أي ساكنة اعتبارا بالسكون العارض من السكر.
(سكن) : السكون ثبوت الشيء بعد تحرك ، ويستعمل فى الاستيطان نحو : سكن فلان مكان كذا أي استوطنه ، واسم المكان مسكن والجمع مساكن ، قال تعالى : لا يُرى إِلَّا مَساكِنُهُمْ وقال تعالى : وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ - لِتَسْكُنُوا فِيهِ فمن الأول يقال سكنته ، ومن الثاني يقال أسكنته ، نحو قوله تعالى : رَبَّنا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي وقال تعالى :
أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وقوله تعالى : وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ فَأَسْكَنَّاهُ فِي الْأَرْضِ فتنبيه منه على إيجاده وقدرته على إفنائه ، والسكن السكون وما يسكن إليه ، قال تعالى : وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمْ سَكَناً وقال تعالى : إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ - وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً والسكن النار التي يسكن بها ، والسكنى أن يجعل له السكون فى دار بغير أجرة ، والسكن سكان الدار نحو سفر فى جمع سافر ، وقيل فى جمع ساكن سكان ، وسكان السفينة ما يسكن به ، والسكين سمى لإزالته حركة المذبوح ، وقوله تعالى :
أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ فقد قيل هو ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه ، كما روى أن أمير المؤمنين عليه السلام قال : إن السكينة لتنطق على لسان عمر ، وقيل هو العقل. وقيل له سكينة إذا سكن عن الميل إلى الشهوات ، وعلى ذلك دل قوله تعالى : وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ وقيل السكينة والسكن واحد وهو زوال الرعب ، وعلى هذا قوله تعالى : أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وما ذكر أنه شىء رأسه كرأس الهر فما أراه قولا يصح.
والمسكين قيل هو الذي لا شىء له وهو أبلغ من الفقير ، وقوله تعالى : أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ فإنه جعلهم مساكين بعد ذهاب السفينة أو لأن سفينتهم

(1/3374)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 267
غير معتد بها فى جنب ما كان لهم من المسكنة ، وقوله : ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ فالميم فى ذلك زائدة فى أصح القولين.
(سل) : سل الشيء من الشيء نزعه كسل السيف من العمد وسل الشيء من البيت على سبيل السرقة وسل الولد من الأب ومنه قيل للولد سليل قال تعالى :
يَتَسَلَّلُونَ مِنْكُمْ لِواذاً وقوله تعالى : مِنْ سُلالَةٍ مِنْ طِينٍ أي من الصفو الذي يسل من الأرض وقيل السلالة كناية عن النطفة تصور دونه صفو ما يحصل منه. والسل مرض ينزع به اللحم والقوة وقد أسله اللَّه و
قوله عليه السلام : «لا إسلال ولا إغلال»
و تسلسل الشيء اضطرب كأنه تصور منه تسلل متردد فردد لفظه تنبيها على تردد معناه ومنه السلسلة ، قال تعالى : فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً وقال تعالى : سَلاسِلَ وَأَغْلالًا وَسَعِيراً وقال : وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ و
روى : «يا عجبا لقوم يقادون إلى الجنة بالسلاسل».
وماء سلسل متردد فى مقره حتى صفا ، قال الشاعر :
أشهى إلى من الرحيق السلسل
و قوله : سَلْسَبِيلًا أي سهلا لذيذا سلسا جديد الجرية وقيل هو اسم عين فى الجنة وذكر بعضهم أن ذلك مركب من قولهم سل سبيلا نحو الحوقلة والبسملة ونحوهما من الألفاظ المركبة وقيل بل هو اسم لكل عين سريع الجرية ، وأسلة اللسان الطرف الرقيق.
(سلب) : السلب نزع الشيء من الغير على القهر قال تعالى : وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ والسليب الرجل المسلوب والناقة التي سلب ولدها والسلب المسلوب ويقال للحاء الشجر المنزوع منه سلب والسلب فى قول الشاعر :
فى السلب السود وفى الأمساح فقد قيل هى الثياب السود التي يلبسها المصاب وكأنها سميت سلبا لنزعه ما كان يلبسه قبل وقيل تسلبت المرأة مثل أحدث والأساليب الفنون المختلفة.

(1/3375)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 268
(سلح) : السلاح كل ما يقاتل به وجمعه أسلحة ، قال تعالى :
وَ لْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ أي أمتعتهم ، والإسليح نبت إذا أكلته الإبل غزرت وسمنت وكأنما سمى بذلك لأنها إذا أكلته أخذت السلاح أي منعت أن تنحر إشارة إلى ما قال الشاعر :
أزمان لم تأخذ على سلاحها إبلى بجلتها ولا أبكارها
و السلاح ما يقذف به البعير من أكل الإسليح وجعل كناية عن كل عذرة حتى قيل فى الحبارى سلاحه سلاحه.
(سلخ) : السلخ نزع جلد الحيوان ، يقال سلخته فانسلخ وعنه استعير سلخت درعه نزعتها وسلخ الشهر وانسلخ ، قال تعالى : فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ وقال تعالى : نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهارَ أي ننزع وأسود سالخ سلخ جلده أي نزعه ونخلة مسلاخ ينتثر بسره الأخضر.
(سلط) : السلاطة التمكن من القهر ، يقال سلطته فتسلط ، قال تعالى :
وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ وقال تعالى : وَلكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ ومنه سمى السلطان والسلطان يقال فى السلاطة نحو : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً - إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ - إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ - لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ وقد يقال لذى السلاطة وهو الأكثر وسمى الحجة سلطانا وذلك لما يلحق من الهجوم على القلوب لكن أكثر تسلطه على أهل العلم والحكمة من المؤمنين ، قال تعالى :
الَّذِينَ يُجادِلُونَ فِي آياتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطانٍ وقال : فَأْتُونا بِسُلْطانٍ مُبِينٍ وقال تعالى : وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ وقال : أَتُرِيدُونَ أَنْ تَجْعَلُوا لِلَّهِ عَلَيْكُمْ سُلْطاناً مُبِيناً - هَلَكَ عَنِّي سُلْطانِيَهْ يحتمل السلطانين.
والسليط الزيت بلغة أهل اليمن ، وسلاطة اللسان القوة على المقال وذلك فى الذم أكثر استعمالا يقال امرأة سليطة وسنابك سلطان لما تسلط بقوتها وطولها.
(سلف) : السلف المتقدم ، قال تعالى : فَجَعَلْناهُمْ سَلَفاً وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ أي معتبرا متقدما وقال تعالى : فَلَهُ ما سَلَفَ أي يتجافى عما تقدم من ذنبه وكذا قوله : إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ أي ما تقدم من فعلكم فذلك متجافى عنه ، فالاستثناء عن الإثم لا عن جواز الفعل ، ولفلان سلف كريم أي

(1/3376)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 269
آباء متقدمون جمعه أسلاف وسلوف. والسالفة صفحة العنق ، والسلف ما قدم من الثمن على المبيع والسالفة والسلاف المتقدمون فى حرب أو سفر وسلافة الخمر ما بقي من العصير والسلفة ما تقدم من الطعام على القرى ، يقال سلفوا ضيفكم ولهذوه.
(سلق) : السلق بسط بقهر إما باليد أو باللسان ، والتسلق على الحائط منه قال : سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدادٍ يقال سلق امرأته إذا بسطها فجامعها ، قال مسيلمة إن شئت سلقناك وإن شئت على أربع والسلق أن تدخل إحدى عروتى الجوالق فى الأخرى ، والسليقة خبز مرقق وجمعها سلائق ، والسليقة أيضا الطبيعة المتباينة ، والسلق المطمئن من الأرض.
(سلك) : السلوك النفاذ فى الطريق ، يقال سلكت الطريق وسلكت كذا فى طريقه ، قال تعالى : لِتَسْلُكُوا مِنْها سُبُلًا فِجاجاً وقال : فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا - يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ - وَسَلَكَ لَكُمْ فِيها سُبُلًا ومن الثاني قوله : ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ وقوله : كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ - كَذلِكَ سَلَكْناهُ - فَاسْلُكْ فِيها - يَسْلُكْهُ عَذاباً قال بعضهم : سلكت فلانا طريقا فجعل عذابا مفعولا ثانيا ، وقيل عذابا هو مصدر لفعل محذوف كأنه قيل نعذبه به عذابا ، والطعنة السلكة تلقاء وجهك ، والسلكة الأنثى من ولد الحجل والذكر السلك.
(سلم) : السلم والسلامة التعري من الآفات الظاهرة والباطنة ، قال : بِقَلْبٍ سَلِيمٍ أي متعر من الدغل فهذا فى الباطن ، وقال تعالى :
مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها فهذا فى الظاهر وقد سلم يسلم سلامة وسلاما وسلمه اللَّه ، وقال تعالى : وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ وقال : ادْخُلُوها بِسَلامٍ آمِنِينَ أي سلامة ، وكذا قوله : اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا والسلامة الحقيقية ليست إلا فى الجنة ، إذ فيها بقاء بلا فناء وغنى بلا فقر ، وعز بلا ذل ، وصحة بلا سقم ، كما قال تعالى : لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ أي السلامة ، قال : وَاللَّهُ يَدْعُوا إِلى دارِ السَّلامِ وقال تعالى : يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ يجوز أن يكون كل ذلك من السلامة. وقيل السلام اسم من أسماء اللَّه تعالى ، وكذا قيل فى قوله : لَهُمْ دارُ السَّلامِ - السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ قيل وصف بذلك من حيث لا يلحقه العيوب والآفات التي تلحق الخلق ، وقوله : سَلامٌ قَوْلًا مِنْ

(1/3377)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 270
رَبٍّ رَحِيمٍ - سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِما صَبَرْتُمْ - سلام على آل ياسين كل ذلك من الناس بالقول ، ومن اللَّه تعالى بالفعل وهو إعطاء ما تقدم ذكره مما يكون فى الجنة من السلامة ، وقوله : وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا سَلاماً أي نطلب منكم السلامة فيكون قوله سلاما نصبا بإضمار فعل ، وقيل معناه قالوا سلاما أي سدادا من القول فعلى هذا يكون صفة لمصدر محذوف. وقوله تعالى : إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فإنما رفع الثاني لأن الرفع فى باب الدعاء أبلغ فكأنه تحرى فى باب الأدب المأمور به فى قوله : وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها ومن قرأ سلم فلأن السلام لما كان يقتضى السلم ، وكان إبراهيم عليه السلام قد أوجس منهم خيفة فلما رآهم مسلمين تصور من تسليمهم أنهم قد بذلوا له سلما فقال فى جوابهم سلم تنبيها أن ذلك من جهتى لكم كما حصل من جهتكم لى. وقوله تعالى : لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا تَأْثِيماً إِلَّا قِيلًا سَلاماً سَلاماً فهذا لا يكون لهم بالقول فقط بل ذلك بالقول والفعل جميعا. وعلى ذلك قوله تعالى : فَسَلامٌ لَكَ مِنْ أَصْحابِ الْيَمِينِ وقوله : وَقُلْ سَلامٌ فهذا فى الظاهر أن تسلم عليهم ، وفى الحقيقة سؤال اللَّه السلامة منهم ، وقوله تعالى : سَلامٌ عَلى نُوحٍ فِي الْعالَمِينَ - سَلامٌ عَلى مُوسى وَهارُونَ - سَلامٌ عَلى إِبْراهِيمَ كل هذا تنبيه من اللَّه تعالى أنه جعلهم بحيث يثنى عليهم ويدعى لهم.
وقال تعالى : فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ أي ليسلم بعضكم على بعض. والسلام والسّلم والسّلم الصلح قال : وَلا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقى إِلَيْكُمُ السَّلامَ لَسْتَ مُؤْمِناً وقيل نزلت فيمن قتل بعد إقراره بالإسلام ومطالبته بالصلح.
و قوله تعالى : يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً - وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ وقرىء للسلم بالفتح ، وقرىء : وَأَلْقَوْا إِلَى اللَّهِ يَوْمَئِذٍ السَّلَمَ وقال :
يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سالِمُونَ أي مستسلمون ، وقوله : (ورجلا سالما لرجل) وقرىء سلما وسلما وهما مصدران وليسا بوصفين كحسن ونكد يقول سلم سلما وسلما وربح ربحا وربحا. وقيل السلم اسم بإزاء حرب ، والإسلام الدخول فى السلم وهو أن يسلم كل واحد منهما أن يناله من ألم صاحبه ، ومصدر أسلمت الشيء إلى فلان إذا أخرجته إليه ومنه السلم فى البيع. والإسلام فى الشرع على ضربين أحدهما دون الإيمان وهو الاعتراف باللسان وبه يحقن الدم حصل معه الاعتقاد أو لم يحصل وإياه قصد بقوله : قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا والثاني فوق الإيمان وهو أن يكون مع الاعتراف اعتقاد بالقلب

(1/3378)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 271
و وفاء بالفعل واستسلام للَّه فى جميع ما قضى وقدر ، كما ذكر عن إبراهيم عليه السلام فى قوله : إِذْ قالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وقوله تعالى : إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وقوله : تَوَفَّنِي مُسْلِماً أي اجعلنى ممن استسلم لرضاك ويجوز أن يكون معناه اجعلنى سالما عن أسر الشيطان حيث قال : وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ ، إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ وقوله : إِنْ تُسْمِعُ إِلَّا مَنْ يُؤْمِنُ بِآياتِنا فَهُمْ مُسْلِمُونَ أي منقادون للحق مذعنون له وقوله : يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا أي الذين انقادوا من الأنبياء الذين ليسوا من أولى العزم لأولى العزم الذين يهتدون بأمر اللَّه ويأتون بالشرائع. والسلم ما يتوصل به إلى الأمكنة العالية فيرجى به السلامة ، ثم جعل اسما لكل ما يتوصل به إلى شىء رفيع كالسبب ، قال تعالى : أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ وقال : أَوْ سُلَّماً فِي السَّماءِ وقال الشاعر :
و لو نال أسباب السماء بسلم
و السلم والسلام شجر عظيم ، كأنه سمى لاعتقادهم أنه سليم من الآفات ، والسلام الحجارة الصلبة.
(سلا) : قال تعالى : وَأَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى أصلها ما يسلى الإنسان ومنه السلوان والتسلي وقيل السلوى طائر كالسمانى. قال ابن عباس :
المن الذي يسقط من السماء والسلوى طائر ، قال بعضهم أشار ابن عباس بذلك إلى ما رزق اللَّه تعالى عباده من اللحوم والنبات وأورد بذلك مثالا ، وأصل السلوى من التسلي ، يقال سليت عن كذا وسلوت عنه وتسليت إذا زال عنك محبته. قيل والسلوان ما يسلى وكانوا يتداوون من العشق بخرزة يحكونها ويشربونها ، ويسمونها السلوان.
(سمم) : السم والسم كل ثقب ضيق كخرق الإبرة وثقب الأنف والأذن وجمعه سموم. قال تعالى : حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ وقد سمه أي دخل فيه ومنه السامة للخاصة الذين يقال لهم الدخلل الذين يتداخلون فى بواطن الأمر ، والسم القاتل وهو مصدر فى معنى الفاعل فإنه بلطف تأثيره يدخل بواطن البدن ، والسموم الريح الحارة التي تؤثر السم قال تعالى : وَوَقانا عَذابَ السَّمُومِ وقال : فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ - وَالْجَانَّ خَلَقْناهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نارِ السَّمُومِ.

(1/3379)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 272
(سمد) : السامد اللاهي الرافع رأسه من قولهم سمد البعير فى سيره.
قال : وَأَنْتُمْ سامِدُونَ وقولهم سمد رأسه وسبد أي استأصل شعره.
(سمر) : السمرة أحد الألوان المركبة بين البياض والسواد والسمراء كنى بها عن الحنطة والسمار اللبن الرقيق المتغير اللون والسمرة شجرة تشبه أن تكون للونها سميت بذلك والسمر سواد لليل ومنه قيل لا آتيك السمر والقمر ، وقيل للحديث بالليل السمر وسمر فلان إذا تحدث ليلا ومنه قيل لا آتيك ما سمر ابنا سمير وقوله تعالى : مُسْتَكْبِرِينَ بِهِ سامِراً تَهْجُرُونَ قيل معناه سمارا فوضع الواحد موضع الجمع وقيل بل السامر الليل المظلم يقال سامر وسمار وسمرة وسامرون وسمرت الشيء وإبل مسمرة مهملة والسامري منسوب إلى رجل.
(سمع) : السمع قوة فى الأذن به يدرك الأصوات وفعله يقال له السمع أيضا ، وقد سمع سمعا : ويعبر تارة بالسمع عن الأذن نحو : خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وتارة عن فعله كالسماع نحو : إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ وقال تعالى : أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ وتارة عن الفهم وتارة عن الطاعة تقول اسمع ما أقول لك ولم تسمع ما قلت وتعنى لم تفهم ، قال تعالى : وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا قالُوا قَدْ سَمِعْنا لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا وقوله : سَمِعْنا وَعَصَيْنا أي فهمنا قولك ولم نأتمر لك وكذلك قوله : سَمِعْنا وَأَطَعْنا أي فهمنا وارتسمنا.
وقوله : وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قالُوا سَمِعْنا وَهُمْ لا يَسْمَعُونَ يجوز أن يكون معناه فهمنا وهم لا يفهمون وأن يكون معناه فهمنا وهم لا يعلمون بموجبه وإذا لم يعمل بموجبه فهو فى حكم من لم يسمع. ثم قال تعالى : وَلَوْ عَلِمَ اللَّهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا أي أفهمهم بأن جعل لهم قوة يفهمون بها وقوله :
وَ اسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ يقال على وجهين أحدهما دعاء على الإنسان بالصمم والثاني دعاء له ، فالأول نحو أسمعك اللَّه أي جعلك اللَّه أصم والثاني أن يقال أسمعت فلانا إذا سببته وذلك متعارف فى السب ، وروى أن أهل الكتاب كانوا يقولون ذلك للنبى صلّى اللَّه عليه وسلّم يوهمون أنهم يعظمونه ويدعون له وهم يدعون عليه بذلك وكل موضع أثبت اللَّه السمع للمؤمنين أو نفى عن الكافرين أو حث على تحريه فالقصد به إلى تصور المعنى والتفكر فيه نحو : أَمْ لَهُمْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها ونحو : صُمٌّ بُكْمٌ ونحو : فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وإذا وصفت اللَّه تعالى بالسمع فالمراد به علمه بالمسموعات وتحريه بالمجازاة بها نحو : قَدْ سَمِعَ اللَّهُ

(1/3380)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 273
قَوْلَ الَّتِي تُجادِلُكَ فِي زَوْجِها
- لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا وقوله : إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعاءَ أي لا تفهمهم لكونهم كالموتى فى افتقادهم بسوء فعلهم القوة العاقلة التي هى الحياة المختصة بالإنسانية ، وقوله :
أَبْصِرْ بِهِ وَأَسْمِعْ أي يقول فيه تعالى ذلك من وقف على عجائب حكمته ولا يقال فيه ما أبصره وما أسمعه لما تقدم ذكره أن اللَّه تعالى لا يوصف إلا بما ورد به السمع ، وقوله فى صفة الكفار : أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ يَوْمَ يَأْتُونَنا معناه أنهم يسمعون ويبصرون فى ذلك اليوم ما خفى عليهم وضلوا عنه اليوم لظلمهم أنفسهم وتركهم النظر ، وقال : خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاسْمَعُوا - سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أي يسمعون منك لأجل أن يكذبوا سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ أي يسمعون لمكانهم ، والاستماع الإصغاء نحو : نَحْنُ أَعْلَمُ بِما يَسْتَمِعُونَ بِهِ ، إِذْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ - وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ - وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُونَ إِلَيْكَ - وَاسْتَمِعْ يَوْمَ يُنادِ الْمُنادِ وقوله : أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصارَ أي من الموجد
لأسماعهم وأبصارهم والمتولى لحفظها والمسمع والمسمع خرق الأذن وبه شبه
حلقة مسمع الغرب.
(سمك) : السمك سمك البيت وقد سمكه أي رفعه قال : رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وقال الشاعر :
إن الذي سمك السماء مكانها
و فى بعض الأدعية يا بارى السموات المسموكات وسنام سامك عال. والسماك ما سمكت به البيت ، والسماك نجم ، والسمك معزوف.
(سمن) : السمن ضد الهزال ، يقال سمين وسمان قال : أَفْتِنا فِي سَبْعِ بَقَراتٍ سِمانٍ وأسمنته وسمنته جعلته سمينا ، قال : لا يُسْمِنُ وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ وأسمنته اشتريته سمينا أو أعطيته كذا واستسمنته وجدته سمينا. والسمنة دواء يستجلب به السمنة والسمن سمى به لكونه من جنس السمن وتولده عنه والسمانى طائر.
(سما) : سماء كل شىء أعلاه ، قال الشاعر فى وصف فرس :
و أحمر كالديباج أما سماؤه فريا وأما أرضه فمحول

(1/3381)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 274
قال بعضهم كل سماء بالإضافة إلى ما دونها فسماء وبالإضافة إلى ما فوقها فأرض إلا السماء العليا فإنها سماء بلا أرض ، وحمل على هذا قوله : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ وسمى المطر سماء لخروجه منها ، قال بعضهم : إنما سمى سماء ما لم يقع بالأرض اعتبارا بما تقدم وسمى النبات سماء إما لكونه من المطر الذي هو سماء وإما لارتفاعه عن الأرض. والسماء المقابل للأرض مؤنث وقد يذكر ويستعمل للواحد والجمع لقوله : ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ وقد يقال فى جمعها سموات قال : خَلْقِ السَّماواتِ - قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وقال :
السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ فذكر وقال : إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ - إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ فأنث ووجه ذلك أنها كالنخل فى الشجر وما يجرى مجراه من أسماء الجنس الذي يذكر ويؤنث ويخبر عنه بلفظ الواحد والجمع ، والسماء الذي هو المطر يذكر ويجمع على أسمية. والسماوة الشخص العالي ، قال الشاعر :
سماوة الهلال حتى احقوقفا
و سمالى : شخص ، وسما الفحل على الشول سماوة لتخلله إياها ، والاسم ما يعرف به ذات الشيء وأصله سمو بدلالة قولهم أسماء وسمى وأصله من السمو وهو الذي به رفع ذكر المسمى فيعرف به قال : (باسم الله) وقال : ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها - بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ - وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ أي الألفاظ والمعاني مفرداتها ومركباتها. وبيان ذلك أن الاسم يستعمل على ضربين ، أحدهما :
بحسب الوضع الاصطلاحي وذلك هو فى المخبر عنه نحو رجل وفرس ، والثاني :
بحسب الوضع الأولى ويقال ذلك للأنواع الثلاثة المخبر عنه والخبر عنه ، والرابط بينهما المسمى بالحرف وهذا هو المراد بالآية لأن آدم عليه السلام كما علم الاسم علم الفعل والحرف ولا يعرف الإنسان الاسم فيكون عارفا لمسماه إذا عرض عليه المسمى
السنون دواء يعالج به الأسنان ، وسن الحديد إسالته وتحديده ، والمسن ما يسن به أي يحدد به ، والسنان يختص بما يركب فى رأس الرمح وسننت البعير صقلته وضمرته تشبيها بسن الحديد وباعتبار الإسالة قيل سننت الماء أي أسلته ، وتنح عن سنن الطريق وسننه وسننه ، فالسنن جمع سنة ، وسنة الوجه طريقته ، وسنة النبي طريقته التي كان يتحراها وسنة اللَّه تعالى قد تقال لطريقة حكمته وطريقة طاعته نحو : سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا - وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلًا فتنبيه أن فروع الشرائع وإن اختلفت صورها فالغرض المقصود منها لا يختلف ولا يتبدل وهو تطهير النفس وترشيحها للوصول إلى ثواب اللَّه تعالى وجواره ، وقوله : مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ قيل متغير وقوله : لَمْ يَتَسَنَّهْ معناه لم يتغير والهاء للاستراحة.
(سنم) : قال : وَمِزاجُهُ مِنْ تَسْنِيمٍ قيل هو عين فى الجنة رفيعة القدر وفسر بقوله : عَيْناً يَشْرَبُ بِهَا الْمُقَرَّبُونَ.
(سنا) : السنا الضوء الساطع والسناء الرفعة والسانية التي يسقى بها سميت لرفعتها ، قال : يَكادُ سَنا بَرْقِهِ وسنت الناقة تسنو أي سقت الأرض وهى السانية.

(1/3382)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 276
(سنة) : السنة فى أصلها طريقان أحدهما أن أصلها سنة لقولهم سانهت فلانا أي عاملته سنة فسنة ، وقولهم سنيهة قيل : ومنه لَمْ يَتَسَنَّهْ أي لم يتغير بمر السنين عليه ولم تذهب طراوته وقيل أصله من الواو لقولهم سنوات ومنه سانيت والهاء للوقف نحو كتابيه وحسابيه وقال : أَرْبَعِينَ سَنَةً - سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً - ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ - وَلَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ فعبارة عن الجدب وأكثر ما تستعمل السنة فى الحول الذي فيه الجدب ، يقال أسنت القوم أصابتهم السنة ، قال الشاعر :
لها أرج ما حولها غير مسنت
و قال آخر :
فليست بسنهاء ولا رجبية
فمن الهاء كما ترى ، وقول الآخر :
ما كان أزمان الهزال والسنى
فليس بمرخم وإنما جمع فعلة على فعول كمائة ومئين ومؤن وكسر الفاء كما كسر فى عصى وخففه للقافية ، وقوله : لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ فهو من الوسن لا من هذا الباب.
(سهر) : الساهرة قيل وجه الأرض ، وقيل هى أرض القيامة ، وحقيقتها التي يكثر الوطء بها ، فكأنها سهرت بذلك إشارة إلى قول الشاعر :
تحرك يقظان التراب ونائمه
و الأسهران عرقان فى الأنف.
(سهل) : السهل ضد الحزن وجمعه سهول ، قال : مِنْ سُهُولِها قُصُوراً وأسهل حصل فى السهل ورجل سهلى منسوب إلى السهل ، ونهر؟؟؟
سهل ، ورجل سهل الخلق وحزن الخلق ، وسهيل نجم.
(سهم) : السهم ما يرمى به وما يضرب به من القداح ونحوه قال :
فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ
و استهموا اقترعوا وبرد مستهم عليه صورة سهم ، وسهم وجهه تغير والسهام داء يتغير منه الوجه.

(1/3383)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 277
(سها) : السهو خطأ عن غفلة وذلك ضربان أحدهما ، أن لا يكون من الإنسان جوالبه ومولداته كمجنون سب إنسانا ، والثاني أن يكون منه مولداته كمن شرب خمرا ثم ظهر منه منكر لا عن قصد إلى فعله. والأول معفو عنه والثاني مأخوذ به ، وعلى نحو الثاني ذم اللَّه تعالى فقال : فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ - عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ.
(سيب) : السائبة التي تسيب فى المرعى فلا ترد عن حوض ولا علف وذلك إذا ولدت خمسة أبطن ، وانسابت الحية انسيابا ، والسائبة العبد يعتق ويكون ولاؤه لمعتقه ويضع ماله حيث شاء وهو الذي ورد النهى عنه ، والسيب العطاء والسيب مجرى الماء وأصله من سيبته فساب.
(ساح) : الساحة المكان الواسع ومنه ساحة الدار ، قال : فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ والسائح الماء الدائم الجرية فى ساحة ، وساح فلان فى الأرض مرمر السائح ، قال : فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ ورجل سائح فى الأرض وسياح ، وقوله : السَّائِحُونَ أي الصائمون ، وقال : سائِحاتٍ أي صائمات ، قال بعضهم : الصوم ضربان : حقيقى وهو ترك المطعم والمنكح ، وصوم حكمى وهو حفظ الجوارح عن المعاصي كالسمع والبصر واللسان ، فالسائح هو الذي يصوم هذا الصوم دون الصوم الأول ، وقيل السائحون هم الذين يتحرون ما اقتضاه قوله : أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِها أَوْ آذانٌ يَسْمَعُونَ بِها.
(سود) : السواد اللون المضاد البياض ، يقال اسود واسواد ، قال :
يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ فابيضاض الوجوه عبارة عن المسرة واسودادها عبارة عن المساءة ، ونحوه : وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ وحمل بعضهم الابيضاض والاسوداد على المحسوس ، والأول أولى لأن ذلك حاصل لهم سودا كانوا فى الدنيا أو بيضا ، وعلى ذلك وقوله فى البياض : وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ ، قوله : وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ - وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ تَرْهَقُها قَتَرَةٌ وقال : وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ - كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً وعلى هذا النحو ما
روى «أن المؤمنين يحشرون غرا محجلين من آثار الوضوء»
و يعبر بالسواد عن الشخص

(1/3384)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 278
المرئي من بعيد وعن سواد العين قال بعضهم : لا يفارق سوادى سواده أي عينى شخصه ، ويعبر به عن الجماعة الكثيرة نحو قولهم عليكم بالسواد الأعظم ، والسيد المتولى للسواد أي الجماعة الكثيرة وينسب إلى ذلك فيقال سيد القوم ولا يقال سيد الثوب وسيد الفرس ، ويقال ساد القوم يسودهم ، ولما كان من شرط المتولى للجماعة أن يكون مهذب النفس قيل لكل من كان فاضلا فى نفسه سيد. وعلى ذلك قوله : وَسَيِّداً وَحَصُوراً وقوله : وَأَلْفَيا سَيِّدَها فسمى الزوج سيدا لسياسة زوجته وقوله : رَبَّنا إِنَّا أَطَعْنا سادَتَنا أي ولاتنا وسائسينا.
(سار) : السير المضي فى الأرض ورجل سائر وسيار والسيارة الجماعة ، قال تعالى : وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ يقال سرت وسرت بفلان وسرته أيضا وسيرته على التكثير ، فمن الأول قوله : أَفَلَمْ يَسِيرُوا - قُلْ سِيرُوا - سِيرُوا فِيها لَيالِيَ ومن الثاني قوله : سارَ بِأَهْلِهِ ولم يجىء فى القرآن القسم الثالث وهو سرته. والرابع قوله : وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ - هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وأما قوله : فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فقد قيل حث على السياحة فى الأرض بالجسم ، وقيل حث على إجالة الفكر ومراعاة أحواله كما روى فى الخبر أنه قيل فى وصف الأولياء : أبدانهم فى الأرض سائرة وقلوبهم فى الملكوت جائلة ، ومنهم من حمل ذلك على الجد فى العبادة المتوصل بها إلى الثواب وعلى ذلك حمل
قوله عليه السلام : «سافروا تغنموا»
، والتسيير ضربان ، أحدهما بالأمر والاختيار والإرادة من السائر نحو :
هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ والثاني بالقهر والتسخير كتسخير الجبال : وَإِذَا الْجِبالُ سُيِّرَتْ وقوله : وَسُيِّرَتِ الْجِبالُ والسيرة الحالة التي يكون عليها الإنسان وغيره غريزيا كان أو مكتسبا ، يقال فلان له سيرة حسنة وسيرة قبيحة ، وقوله سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى أي الحالة التي كانت عليها من كونها عودا.
(سور) : السور وثوب مع علو ، ويستعمل فى الغضب وفى الشراب ، يقال سورة الغضب وسورة الشراب ، وسرت إليك وساورنى فلان وفلان سوار وثاب. والأسوار من أساورة الفرس أكثر ما يستعمل فى الرماة ويقال هو فارسى معرب. وسوار المرأة معرب وأصله دستوار وكيفما كان فقد استعمله العرب واشتق منه سورت الجارية وجارية مسورة ومخلخلة ، قال : أَسْوِرَةٌ مِنْ ذَهَبٍ -

(1/3385)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 279
أَساوِرَ مِنْ فِضَّةٍ واستعمال الأسورة فى الذهب وتخصيصها بقوله ألقى واستعمال أساور فى الفضة وتخصيصة بقوله : حُلُّوا فائدة ذلك تختص بغير هذا الكتاب. والسورة المنزلة الرفيعة ، قال الشاعر :
ألم تر أن اللَّه أعطاك سورة ترى كل ملك دونها يتذبذب
و سور المدينة حائطها المشتمل عليها وسورة القرآن تشبيها بها لكونه محاطا بها إحاطة السور بالمدينة أو لكونها منزلة كمنازل القمر ، ومن قال سؤرة فمن أسأرت أي أبقيت منها بقية كأنها قطعة مفردة من جملة القرآن وقوله : سُورَةٌ أَنْزَلْناها أي جملة من الأحكام والحكم ، وقيل أسأرت فى القدح أي أبقيت فيه سؤرا ، أي بقية ، قال الشاعر :
لا بالحصور ولا فيها بسأر
و يروى بسوار ، من السورة أي الغضب.
(سوط) : السوط الجلد المضفور الذي يضرب به وأصل السوط خلط الشيء بعضه ببعض ، يقال سطته وسوطته ، فالسوط يسمى به لكونه مخلوط الطاقات بعضها ببعض ، وقوله : فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ تشبيها بما يكون فى الدنيا من العذاب بالسوط ، وقيل إشارة إلى ما خلط لهم من أنواع العذاب المشار إليه بقوله حَمِيماً وَغَسَّاقاً.
(ساعة) : الساعة جزء من أجزاء الزمان ، ويعبر به عن القيادة ، قال :
اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ - يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ - وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ تشبيها بذلك لسرعة حسابه كما قال : وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ أو لما نبه عليه بقوله كَأَنَّهُمْ يَوْمَ يَرَوْنَها لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها - لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنْ نَهارٍ - وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ فالأولى هى القيامة والثانية الوقت القليل من الزمان. وقيل الساعات التي هى القيامة ثلاثة : الساعة الكبرى وهى بعث الناس للمحاسبة وهى التي أشار إليها
بقوله عليه السلام : «لا تقوم الساعة حتى يظهر الفحش والتفحش وحتى يعبد الدرهم والدينار»
إلى غير ذلك. وذكر أمورا لم تحدث فى زمانه ولا بعده. والساعة الوسطى وهى موت أهل القرن الواحد وذلك نحو

(1/3386)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 280
ما
روى أنه رأى عبد اللَّه بن أنيس فقال : «إن يطل عمر هذا الغلام لم يمت حتى تقوم الساعة»
فقيل إنه آخر من مات من الصحابة والساعة الصغرى وهى موت الإنسان ، فساعة كل إنسان موته وهى المشار إليها بقوله : قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً ومعلوم أن هذه الحسرة تنال الإنسان عند موته لقوله : وَأَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ الآية وعلى هذا قوله : قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ و
روى أنه كان إذا هبت ريح شديدة تغير لونه عليه السلام فقال : «تخوفت الساعة»
و
قال : «ما أمد طرفى ولا أغضها إلا وأظن أن الساعة قد قامت»
يعنى موته. ويقال عاملته مساوعة نحو معاومة ومشاهرة ، وجاءنا بعد سوع من الليل وسواع أي بعد هدء ، وتصور من الساعة الإهمال فقيل أسعت الإبل أسيعها وهو ضائع سائع ، وسواع اسم صنم. قال : وَدًّا وَلا سُواعاً.
(ساغ) : ساغ الشراب فى الخلق سهل انحداره ، وأساغه كذا. قال :
سائِغاً لِلشَّارِبِينَ - وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وسوغته مالا مستعار منه ، وفلان سوغ أخيه إذا ولد إثره عاجلا تشبيها بذلك.
(سوف) : سوف حرف يخصص أفعال المضارعة بالاستقبال ويجردها عن معنى الحال نحو : سَوْفَ أَسْتَغْفِرُ لَكُمْ رَبِّي وقوله : فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ تنبيه أن ما يطلبونه وإن لم يكن فى الوقت حاصلا فهو مما يكون بعد لا محالة ويقتضى معنى المماطلة والتأخير ، واشتق منه التسويف اعتبارا بقول الواعد سوف أفعل كذا والسوف شم التراب والبول ، ومنه قيل للمفازة التي يسوف الدليل ترابها مسافة ، قال الشاعر :
إذا الدليل استاف أخلاق الطرق
و السواف مرض الإبل يشارف بها الهلاك وذلك لأنها تشم الموت أو يشمها الموت وإما لأنه مما سوف تموت منه.
(ساق) : سوق الإبل جلبها وطردها ، يقال سقته فانساق ، والسيقة ما يساق من الدواب وسقت المهر إلى المرأة وذلك أن مهور هم كانت الإبل وقوله :
إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ نحو قوله : وَأَنَّ إِلى رَبِّكَ الْمُنْتَهى وقوله : سائِقٌ

(1/3387)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 281
وَ شَهِيدٌ
أي ملك يسوقه وآخر يشهد عليه وله ، وقيل هو كقوله : كَأَنَّما يُساقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وقوله : وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ قيل عنى التفاف الساقين عند خروج الروح وقيل التفافهما عند ما يلفان فى الكفن ، وقيل هو أن يموت فلا تحملانه بعد أن كانتا تقلانه ، وقيل أراد التفاف البلية بالبلية يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ من قولهم كشفت الحرب عن ساقها ، وقال بعضهم فى قوله :
يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ ساقٍ إنه إشارة إلى شدة وهو أن يموت الولد فى بطن الناقة فيدخل المذمر يده فى رحمها فيأخذ بساقه فيخرجه ميتا ، قال فهذا هو الكشف عن الساق فجعل لكل أمر فظيع. وقوله : فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ قيل هو جمع ساق نحو لابة ولوب وقارة وقور ، وعلى هذا فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ ورجل أسوق وامرأة سوقاء بينة السوق أي عظيمة الساق ، والسوق الموضع الذي يجلب إليه المتاع للبيع ، قال : وَقالُوا ما لِهذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ والسويق سمى لانسواقه فى الحلق من غير مضغ.
(سؤل) : السؤل الحاجة التي تحرص النفس عليها ، قال : قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يا مُوسى وذلك ما سأله بقوله : رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي الآية والتسويل تزيين النفس لما تحرض عليه وتصوير القبيح منه بصورة الحسن ، قال بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً - الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وقال بعض الأدباء :
سالت هذيل رسول اللَّه فاحشة
أي طلبت منه سؤلا. قال وليس من سأل كما قال كثير من الأدباء.
والسؤل يقارب الأمنية لكن الأمنية تقال فيما قدره الإنسان والسؤل فيما طلب فكأن السؤل يكون بعد الأمنية.
(سال) : سال الشيء يسيل وأسلته أنا ، قال : وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ أي أذبنا له والإسالة فى الحقيقة حالة فى القطر تحصل بعد الإذابة ، والسيل أصله مصدر وجعل اسما للماء الذي يأتيك ولم يصبك مطره ، قال : فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً - سَيْلَ الْعَرِمِ والسيلان الممتد من الحديد ، الداخل من النصاب فى المقبض.
(سأل) : السؤال استدعاء معرفة أو ما يؤدى إلى المعرفة واستدعاء مال

(1/3388)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 282
أو ما يؤدى إلى المال ، فاستدعاء المعرفة جوابه على اللسان واليد خليفة له بالكتابة أو الإشارة ، واستدعاء المال جوابه على اليد واللسان خليفة لها إما بوعد أو برد.
إن قيل كيف يصح أن يقال السؤال يكون للمعرفة ومعلوم أن اللَّه تعالى يسأل عباده نحو : وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قيل إن ذلك سؤال لتعريف القوم وتبيتهم لا لتعريف اللَّه تعالى فإنه علام الغيوب ، فليس يخرح عن كونه سؤالا عن المعرفة ، والسؤال للمعرفة يكون تارة للاستعلام وتارة للتبكيت كقوله تعالى :
وَ إِذَا الْمَوْؤُدَةُ سُئِلَتْ ولتعرف المسئول. والسؤال إذا كان للتعريف تعدى إلى المفعول الثاني تارة بنفسه وتارة بالجار ، تقول سألته كذا وسألته عن كذا وبكذا وبعن أكثر وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ - وَيَسْئَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ - يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ وقال تعالى : وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي وقال :
سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ وإذا كان السؤال لاستدعاء مال فإنه يتعدى بنفسه أو بمن نحو : وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ - وَسْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا وقال : وَسْئَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ ويعبر عن الفقير إذا كان مستدعيا لشىء بالسائل نحو : وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ وقوله : لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ.
(سام) : السوم أصله الذهاب فى ابتغاء الشيء ، فهو لفظ لمعنى مركب من الذهاب والابتغاء وأجرى مجرى الذهاب فى قولهم سامت الإبل فهى سائمة ومجرى الابتغاء فى قولهم سمت كذا قال يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ ومنه قيل سيم فلان الخسف فهو يسام الخسف ومنه السوم فى البيع فقيل صاحب السلعة أحق بالسوم ، ويقال سميت الإبل فى المرعى وأسمتها وسومتها ، قال : وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ والسيماء والسيمياء العلامة ، قال الشاعر :
له سيمياء لا تشق على البصر
و قال تعالى : سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ وقد سومته أي أعلمته ومسومين أي معلمين ومسومين معلمين لأنفسهم أو لخيولهم أو مرسلين لها و
روى عنه عليه السلام أنه قال : «تسوموا فإن الملائكة قد تسومت».
(سأم) : السآمة الملائكة مما يكثر لبثه فعلا كان أو انفعالا قال : وَهُمْ لا يَسْأَمُونَ وقال : لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ وقال الشاعر :

(1/3389)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 283
سئمت تكاليف : الحياة ومن يعش ثمانين حولا لا أبا لك يسأم
(سين) : طور سيناء جبل معروف ، قال : تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْناءَ قرىء بالفتح والكسر والألف فى سيناء بالفتح ليس إلا للتأنيث لأنه ليس فى كلامهم فعلا إلا مضاعفا كالقلقال والزلزال ، وفى سيناء يصيح أن تكون الألف فيه كالألف فى علباء وحرباء ، وأن تكون الألف للإلحاق بسرواح ، وقيل أيضا طور سينين والسين من حروف المعجم.
(سوا) : المساواة المعادلة المعتبرة بالذرع والوزن والكيل ، يقال هذا ثوب مساو لذاك الثوب ، وهذا الدرهم مساو لذلك الدرهم ، وقد يعتبر بالكيفية نحو هذا السواد مساو لذلك السواد وإن كان تحقيقه راجعا إلى اعتبار مكانه دون ذاته ولاعتبار المعادلة التي فيه استعمل استعمال العدل ، قال الشاعر :
أبينا فلا نعطى السواء عدونا
و استوى يقال على وجهين ، أحدهما : يسند إليه فاعلان فصاعدا نحو استوى زيد وعمرو فى كذا أي تساويا ، وقال : لا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللَّهِ والثاني أن يقال لاعتدال الشيء فى ذاته نحو : ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى وقال : فَإِذَا اسْتَوَيْتَ أَنْتَ - لِتَسْتَوُوا عَلى ظُهُورِهِ - فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ واستوى فلان على عمالته واستوى أمر فلان ، ومتى عدى بعلى اقتضى معنى الاستيلاء كقوله : الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى وقيل معناه استوى له ما فى السموات وما فى الأرض أي استقام الكل على مراده بتسوية اللَّه تعالى إياه كقوله : ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ وقيل معناه استوى كل شىء فى النسبة إليه فلا شىء أقرب إليه من شىء إذ كان تعالى ليس كالأجسام الحالة فكان دون مكان ، وإذا عدى بإلى اقتضى معنى الانتهاء إليه إما بالذات أو بالتدبير ، وعلى الثاني قوله : ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ وتسوية الشيء جعله سواء إما فى الرفعة أو فى الضعة ، وقوله : الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ أي جعل خلقتك على ما اقتضت الحكمة وقوله : وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فإشارة إلى القوى التي جعلها مقومة للنفس فنسب الفعل إليها وقد ذكر فى غير هذا الموضع أن الفعل كما يصح أن ينسب إلى الفاعل يصح أن ينسب إلى الآلة وسائر ما يفتقر الفعل إليه نحو سيف قاطع ، وهذا

(1/3390)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 284
الوجه أولى من قول من أراد قال : وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها يعنى اللَّه تعالى ، فإن مالا يعبر به عن اللَّه تعالى إذ هو موضوع للجنس ولم يرد به سمع يصح ، وأما قوله : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى. الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى فالفعل منسوب إليه تعالى وكذا قوله : فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي وقوله : رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها فتسويتها يتضمن بناءها وتزيينها المذكور فى قوله : إِنَّا زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِزِينَةٍ الْكَواكِبِ والسوي يقال فيما يصان عن الإفراط والتفريط من حيث القدر والكيفية ، قال تعالى : ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا وقال تعالى :
مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ ورجل سوى استوت أخلاقه وخلقته عن الإفراط والتفريط ، وقوله تعالى : عَلى أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ قيل نجعل كفه كخف الجمل لا أصابع له ، وقيل بل نجعل أصابعه كلها على قدر واحد حتى لا ينتفع بها وذاك أن الحكمة فى كون الأصابع متفاوتة فى القدر والهيئة ظاهرة ، إذ كان تعاونها على القبض أن تكون كذلك ، وقوله : فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها أي سوى بلادهم بالأرض نحو : خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها وقيل سوى بلادهم بهم نحو : لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وذلك إشارة إلى ما قال عن الكفار يَقُولُ الْكافِرُ يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً
و مكان سوى وسواء وسط ويقال سواء وسوى وسوى أي يستوى طرفاه ويستعمل ذلك وصفا وظرفا ، وأصل ذلك مصدر ، وقال : فِي سَواءِ الْجَحِيمِ - سَواءَ السَّبِيلِ - فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ أي عدل من الحكم. وكذا قوله : إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ وقوله :
سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ - سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ - سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا أي يستوى الأمران فى أنهما لا يغنيان سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ وقد يستعمل سوى وسواء بمعنى غير ، قال الشاعر :
فلم يبق منها سوى هامد
و قال آخر :
و ما قصدت من أهلها لسوائكا
و عندى رجل سواك أي مكانك وبدلك والسيء المساوى مثل عدل ومعادل وقتل ومقاتل ، تقول سيان زيد وعمرو ، وأسواء جمع سى نحو نقض وأنقاض يقال قوم أسواء ومستوون ، والمساواة متعارفة فى المثمنات ، يقال هذا الثوب

(1/3391)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 285
يساوى كذا وأصله من ساواه فى القدر ، قال : حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ.
(سوأ) : السوء كل ما يغم الإنسان من الأمور الدنيوية والأخروية ومن الأحوال النفسية والبدنية والخارجة من فوات مال وجاه وفقد حميم ، وقوله :
بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ أي من غير آفة بها وفسر بالبرص ، وذلك بعض الآفات التي تعرض لليد. وقال : إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ وعبر عن كل ما يقبح بالسوأى ، ولذلك قوبل بالحسنى ، قال : ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا السُّواى كما قال : لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى والسيئة الفعلة القبيحة وهى ضد الحسنة ، قال : بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً قال : لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ - يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ - ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ - فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا - ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ و
قال عليه الصلاة والسلام : «يا أنس أتبع السيئة الحسنة تمحها»
و الحسنة والسيئة ضربان : أحدهما بحسب اعتبار العقل والشرع نحو المذكور فى قوله : مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها ، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وحسنة وسيئة بحسب اعتبار الطبع ، وذلك ما يستخفه الطبع وما يستثقله نحو قوله : فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ وقوله :
ثُمَّ بَدَّلْنا مَكانَ السَّيِّئَةِ الْحَسَنَةَ وقوله تعالى : إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ ويقال ساءنى كذا وسؤتنى وأسأت إلى فلان ، قال : سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا وقال : لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ - مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ أي قبيحا ، وكذا قوله : زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمالِهِمْ - عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ أي ما يسوءهم فى العاقبة ، وكذا قوله : وَساءَتْ مَصِيراً - ساءَتْ مُسْتَقَرًّا وأما قوله تعالى : فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ - ساءَ ما يَعْمَلُونَ - ساءَ مَثَلًا فساء هاهنا تجرى مجرى بئس وقال : وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وقوله : سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا نسب ذلك إلى الوجه من حيث إنه يبدو فى الوجه أثر السرور والغم ، وقال : سِي ءَ بِهِمْ وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً - (حل بهم ما يسوءهم) وقال : سُوءُ الْحِسابِ - وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ وكنى عن الفرج بالسوأة. قال : كَيْفَ يُوارِي سَوْأَةَ أَخِيهِ - فَأُوارِيَ سَوْأَةَ أَخِي - يُوارِي سَوْآتِكُمْ - بَدَتْ لَهُما سَوْآتُهُما - لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما.

(1/3392)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 286
الشين
(شبه) : الشبه والشبه والشبيه حقيقتها فى المماثلة من جهة الكيفية كاللون والطعم وكالعدالة والظلم ، والشبهة هو أن لا يتميز أحد الشيئين من الآخر لما بينهما من التشابه عينا كان أو معنى ، قال : وَأُتُوا بِهِ مُتَشابِهاً أي يشبه بعضه بعضا لونا لا طعما وحقيقة ، وقيل متماثلا فى الكمال والجودة ، وقرىء قوله : مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ وقرىء : مُتَشابِهاً جميعا ومعناهما متقاربان. وقال : إِنَّ الْبَقَرَ تَشابَهَ عَلَيْنا على لفظ الماضي فجعل لفظه مذكرا وتشابه أي تتشابه علينا على الإدغام ، وقوله : تَشابَهَتْ قُلُوبُهُمْ أي فى الغى والجهالة ، قال : وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ والمتشابه من القرآن ما أشكل تفسيره لمشابهته بغيره إما من حيث اللفظ أو من حيث المعنى ، فقال : الفقهاء المتشابه مالا ينبىء ظاهره عن مراده ، وحقيقة ذلك أن الآيات عند اعتبار بعضها ببعض ثلاثة أضرب : محكم على الإطلاق ، ومتشابه على الإطلاق ، ومحكم من وجه متشابه من وجه. فالمتشابه فى الجملة ثلاثة أضرب متشابه من جهة اللفظ فقط ، ومتشابه من جهة المعنى فقط ، ومتشابه من جهتهما ، والمتشابه من جهة اللفظ ضربان :
أحدهما يرجع إلى الألفاظ المفردة ، وذلك إما من جهة غرابته نحو الأب ويزفون ، وإما من جهة مشاركة فى اللفظ كاليد والعين. والثاني يرجع إلى جملة الكلام المركب ، وذلك ثلاثة أضرب ، ضرب لاختصار الكلام نحو : وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ وضرب لبسط الكلام نحو : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لأنه لو قيل ليس مثله شىء كان أظهر للسامع.
و ضرب لنظم الكلام نحو : أَنْزَلَ عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً قَيِّماً تقديره الكتاب قيما ولم يجعل له عوجا وقوله : وَلَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ إلى قوله : لَوْ تَزَيَّلُوا. والمتشابه من جهة المعنى أوصاف اللَّه تعالى وأوصاف يوم القيامة فإن تلك الصفات لا تتصور لنا إذ كان لا يحصل فى نفوسنا صورة ما لم نحسه أو لم يكن من جنس ما نحسه. والمتشابه من جهة المعنى واللفظ جميعا خمسة أضرب ، الأول : من جهة الكمية كالعموم والخصوص نحو : فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ والثاني : من جهة الكيفية كالوجوب والندب نحو : فَانْكِحُوا

(1/3393)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 287
ما طابَ لَكُمْ
و الثالث : من جهة الزمان كالناسخ والمنسوخ نحو : اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ والرابع : من جهة المكان والأمور التي نزلت فيها نحو : وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وقوله : إِنَّمَا النَّسِي ءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ فإن من لا يعرف عادتهم فى الجاهلية يتعذر عليه معرفة تفسير هذه الآية. والخامس : من جهة الشروط التي بها يصح الفعل أو يفسد كشروط الصلاة والنكاح. وهذه الجملة إذا تصورت علم أن كل ما ذكره المفسرون فى تفسير المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم نحو قول من قال المتشابه الم وقول قتادة : المحكم الناسخ والمتشابه المنسوخ ، وقول الأصم المحكم ما أجمع على تأويله ، والمتشابه ما اختلف فيه. ثم جميع المتشابه على ثلاثة أضرب : ضرب لا سبيل للوقوف عليه كوقت الساعة وخروج دابة الأرض وكيفية الدابة ونحو ذلك. وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة والأحكام الغلقة. وضرب متردد بين الأمرين يجوز أن يختص بمعرفة حقيقته بعض الراسخين فى العلم ويخفى على من دونهم ، وهو الضرب المشار إليه
بقوله عليه السلام فى على رضى اللَّه عنه : «اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل».
و قوله : لابن عباس مثل ذلك وإذ عرفت هذه الجملة علم أن الوقف على قوله : وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ ووصله بقوله : وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ جائز وأن لكل واحد منهما وجها حسبما دل عليه التفصيل المتقدم.
وقوله : اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً فإنه يعنى ما يشبه بعضه بعضا فى الأحكام والحكمة واستقامة النظم. وقوله : وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ أي مثل لهم من حسبوه إياه ، والشبه من الجواهر ما يشبه لونه لون الذهب.
(شتت) : الشت تفريق الشعب ، يقال : شت جمعم شتا وشتاتا ، وجاءوا أشتاتا أي متفرقى النظام ، قال : يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً وقال :
مِنْ نَباتٍ شَتَّى أي مختلفة الأنواع وَقُلُوبُهُمْ شَتَّى أي هم بخلاف من وصفهم بقوله : وَلكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ وشتان اسم فعل نحو وشكان يقال شتان ما هما وشتان ما بينهما إذا أخبرت عن ارتفاع الالتئام بينهما.
(شتا) : رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ يقال شتى وأشتى وصاف وأصاف والمشتى والمشتاة للوقت والموضع والمصدر ، قال الشاعر :
نحن فى المشتاة ندعو الجفلى

(1/3394)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 288
(شجر) : الشجر من النبات ماله ساق ، يقال شجرة وشجر نحو ثمرة وثمر إِذْ يُبايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ وقال : أَأَنْتُمْ أَنْشَأْتُمْ شَجَرَتَها - وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ - مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ - إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ وواد شجير كثير الشجر ، وهذا الوادي أشجر من ذلك ، والشجار والمشاجرة والتشاجر المنازعة. قال : فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ وشجرنى عنه صرفنى عنه بالشجار و
فى الحديث : «فإن اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له»
و الشجار خشب الهودج ، والمشجر ما يلقى عليه الثوب وشجره بالرمح أي طعنه بالرمح وذلك أن يطعنه به فيتركه فيه.
(شح) : الشح بخل مع حرص وذلك فيما كان عادة قال : وَأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وقال : وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ يقال : رجل شحيح وقوم أشحة قال : أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ - أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ وخطيب شحشح ماض فى خطبته من قولهم : شحشح البعير فى هديره.
(شحم) : حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما وشحمة الأذن معلق القرط لتصوره بصورة الشحم وشحمة الأرض لدودة بيضاء ، ورجل مشحم كثر عنده الشحم ، وشحم محب للشحم وشاحم يطعمه أصحابه وشحيم كثر على بدنه.
(شحن) : قال : فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ أي المملوء والشحناء عداوة امتلأت منها النفس يقال : عدو مشاحن وأشحن للبكاء امتلأت نفسه لتهيئه له :
(شخص) : الشخص سواد الإنسان القائم المرئي من بعيد ، وقد شخص من بلده نفذ وشخص سهمه وبصره وأشخصه صاحبه قال : تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ - شاخِصَةٌ أَبْصارُ أي أجفانهم لا تطرف.
(شد) : الشد العقد القوى يقال : شددت الشيء قويت عقده قال وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ - فَشُدُّوا الْوَثاقَ والشدة تستعمل فى العقد وفى البدن وفى قوى النفس وفى العذاب قال : وَكانُوا أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً - عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى يعنى جبريل عليه السلام غِلاظٌ شِدادٌ - بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ - فِي الْعَذابِ الشَّدِيدِ والشديد والمتشدد البخيل قال : وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ فالشديد يجوز أن يكون بمعنى مفعول كأنه شد كما يقال غل عن الانفصال ، وإلى نحو

(1/3395)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 289
هذا : وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ ويجوز أن يكون بمعنى فاعل ، فالمتشدد كأنه شد صرته ، وقوله : حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً ففيه تنبيه أن الإنسان إذا بلغ هذا القدر يتقوى خلقه الذي هو عليه فلا يكاد يزايله بعد ذلك ، وما أحسن ما نبه له الشاعر حيث يقول :
إذا المرء وافى الأربعين ولم يكن له دون ما يهوى حياء ولا ستر
فدعه ولا تنفس علهى الذي مضى وإن جر أسباب الحياة له العمر
و شد فلان واشتد إذا أسرع ، يجوز أن يكون من قولهم شد حزامه للعدو ، كما يقال ألقى ثيابه إذا طرحه للعدو ، وأن يكون من قولهم اشتدت الريح ، قال : اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ.
(شر) : الشر الذي يرغب عنه الكل ، كما أن الخير هو الذي يرغب فيه الكل ، قال : شَرٌّ مَكاناً - إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللَّهِ الصُّمُّ وقد تقدم تحقيق الشر مع ذكر الخير وذكر أنواعه ، ورجل شرير وشرير متعاط للشر وقوم أشرار وقد أشررته نسبته إلى الشر ، وقيل أشررت كذا أظهرته واحتج بقول الشاعر :
إذا قيل أي الناس شر قبيلة أشرت كليب بالأكف الأصابعا
فإن لم يكن فى هذا إلا هذا البيت فإنه يحتمل أنها نسبت الأصابع إلى الشر بالإشارة إليه ، فيكون من أشررته إذا نسبته إلى الشر ، والشر بالضم حص بالمكروه ، وشرار النار ما تطاير منها وسميت بذلك لاعتقاد الشر فيه ، قال : تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ.
(شرب) : الشرب تناول كل مائع ماء كان أو غيره ، قال تعالى فى صفة أهل الجنة : وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً وقال فى صفة أهل النار : لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وجمع الشراب أشربه يقال : شربته شربا وشربا ، قال :
فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي - إلى قوله - فَشَرِبُوا مِنْهُ وقال فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ والشرب النصيب منه قال : هذِهِ ناقَةٌ لَها شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَعْلُومٍ - كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ والمشرب المصدر واسم زمان الشرب ومكانه قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ والشريب المشارب والشراب وسمى الشعر على الشفة العليا والعرق الذي فى باطن الحلق شاربا وجمعه شوارب لتصورهما بصورة الشاربين ، قال الهذلي فى صفة عير :

(1/3396)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 290
صخب الشوارب لا يزال كأنه
و قوله : وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ قيل هو من قولهم أشربت البعير شددت حبلا فى عنقه قال الشاعر :
فأشربتها الأقران حتى وقصتها بقرح وقد ألقين كل جنين
فكأنما شد فى قلوبهم العجل لشغفهم ، وقال بعضهم معناه أشرب فى قلوبهم حب العجل ، وذلك أن من عادتهم إذا أرادوا العبارة عن مخامرة حب أو بغض استعاروا له اسم الشراب إذ هو أبلغ إنجاع فى البدن ولذلك قال الشاعر :
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ولا حزن ولم يبلغ سرور
و لو قيل حب العجل لم تكن هذه المبالغة فإن فى ذكر العجل تنبيها أن لفرط شغفهم به صارت صورة العجل فى قلوبهم لا تنمحى ، وفى مثل أشربتنى ما لم أشرب أي ادعيت على ما لم أفعل.
(شرح) : أصل الشرح بسط اللحم ونحوه ، يقال شرحت اللحم وشرحته ومنه شرح الصدر أي بسطه بنور إليه وسكينة من جهة اللَّه وروح منه ، قال : رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي - أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ - أَفَمَنْ شَرَحَ اللَّهُ صَدْرَهُ وشرح المشكل من الكلام بسطه وإظهار ما يخفى من معانيه.
(شرد) : شرد البعير ند وشردت فلانا فى البلاد وشردت به أي فعلت به فعلة تشرد غيره أن يفعل فعله كقولك نكلت به أي جعلت ما فعلت به نكالا لغيره ، قال : فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ أي اجعلهم نكالا لمن يعرض لك بعدهم ، وقيل فلان طريد شريد.
(شرذم) : الشرذمة جماعة منقطعة ، قال : لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ وهو من قولهم ثوب شراذم أي متقطع.
(شرط) : الشرط كل حكم معلوم يتعلق بأمر يقع بوقوعه ، وذلك الأمر كالعلامة له وشريط وشرائط وقد اشترطت كذا ومنه قيل للعلامة الشرط وأشراط الساعة علاماتها فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها والشرط قيل سموا بذلك لكونهم ذوى علامة يعرفون بها وقيل لكونهم أرذال الناس فأشراط الإبل أرذالها. وأشرط

(1/3397)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 291
نفسه للهلكة إذا عمل عملا يكون علامة للهلاك أو يكون فيه شرط الهلاك.
(شرع) : الشرع نهج الطريق الواضح ، يقال : شرعت له طريقا والشرع مصدر ثم جعل اسما للطريق النهج فقيل له شرع وشرع وشريعة واستعير ذلك للطريقة الإلهية ، قال : شِرْعَةً وَمِنْهاجاً فذلك إشارة إلى أمرين :
أحدهما : ما سخر اللَّه تعالى عليه كل إنسان من طريق يتحراه مما يعود إلى مصالح العباد وعمارة البلاد ، وذلك المشار إليه بقوله : وَرَفَعْنا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا.
الثاني : ما قيض له من الدين وأمره به ليتحراه اختيارا مما تختلف فيه الشرائع ويعترضه النسخ ودل عليه قوله : ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها قال ابن عباس : الشرعة ما ورد به القرآن ، والمنهاج ما ورد به السنة ، وقوله : شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ فإشارة إلى الأصول التي تتساوى فيها الملل فلا يصح عليها النسخ كمعرفة اللَّه تعالى ونحو ذلك من نحو ما دل عليه قوله : وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قال بعضهم : سميت الشريعة شريعة تشبيها بشريعة الماء من حيث إن من شرع فيها على الحقيقة المصدوقة روى وتطهر ، قال وأعنى بالري ما قال بعض الحكماء : كنت أشرب فلا أروى فلما عرفت اللَّه تعالى رويت بلا شرب وبالتطهر ما قال تعالى : إِنَّما يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً وقوله تعالى : إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً جمع شارع. وشارعة الطريق جمعها شوارع ، وأشرعت الرمح قبله وقيل شرعته فهو مشروع وشرعت السفينة جعلت لها شراعا ينقذها وهم فى هذا الأمر شرع أي سواء أي يشرعون فيه شروعا واحدا. وشرعك من رجل زيد كقولك حسبك أي هو الذي تشرع فى أمره ، أو تشرع به فى أمرك ، والشرع خص بما يشرع من الأوتار على العود.
(شرق) : شرقت الشمس شروقا طلعت وقيل لا أفعل ذلك ما ذر شارق وأشرقت أضاءت ، قال : بِالْعَشِيِّ وَالْإِشْراقِ أي وقت الإشراق والمشرق والمغرب إذا قيلا بالإفراد فإشارة إلى ناحيتى الشرق والغرب وإذا قيلا بلفظ التثنية فإشارة إلى مطلعى ومغربى الشتاء والصيف ، وإذا قيلا بلفظ الجمع فاعتبار بمطلع كل يوم ومغربه أو بمطلع كل فصل ومغربه ، قال : رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ -

(1/3398)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 292
رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ
- بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ - مَكاناً شَرْقِيًّا
من ناحية الشرق والمشرقة المكان الذي يظهر للشرق وشرقت اللحم ألقيته فى المشرقة والمشرق مصلى العيد لقيام الصلاة فيه عند شروق الشمس ، وشرقت الشمس اصفرت للغروب ومنه أحمر شارق شديد الحمرة ، وأشرق الثوب بالصبغ ، ولحم شرق أحمر لا دسم فيه.
(شرك) : الشركة والمشاركة خلط الملكين ، وقيل هو أن يوجد شىء لاثنين فصاعدا عينا كان ذلك الشيء ومعنى كمشاركة الإنسان والفرس فى الحيوانية ، ومشاركة فرس وفرس فى الكمتة والدهمة ، يقال شركته وشاركته وتشاركوا واشتركوا وأشركته فى كذا. قال : وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي و
فى الحديث : «اللهم أشركنا فى دعاء الصالحين»
و
روى أن اللَّه تعالى قال لنبيه عليه السلام «إنى شرفتك وفضلتك على جميع خلقى وأشركتك فى أمرى»
أي جعلتك بحيث تذكر معى ، وأمرت بطاعتك مع طاعتى فى نحو : أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وقال : فِي الْعَذابِ مُشْتَرِكُونَ وجمع الشريك شركاء وَلَمْ يَكُنْ لَهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ - شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ - شُرَكاءُ شَرَعُوا لَهُمْ - أَيْنَ شُرَكائِيَ ، وشرك الإنسان فى الدين ضربان.
أحدهما : الشرك العظيم وهو إثبات شريك للَّه تعالى ، يقال أشرك فلان باللَّه وذلك أعظم كفر ، قال : إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وقال : وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً - مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ - يُبايِعْنَكَ عَلى أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وقال : سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللَّهُ ما أَشْرَكْنا.
الثاني : الشرك الصغير وهو مراعاة غير اللَّه معه فى بعض الأمور وهو الرياء والنفاق المشار إليه بقوله : شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ - وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ وقال بعضهم معنى قوله : إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ أي واقعون فى شرك الدنيا أي حبالها ، قال : ومن هذا ما
قال عليه السلام : «الشرك فى هذه الأمة أخفى من دبيب النمل على الصفا»
قال :
و لفظ الشرك من الألفاظ المشتركة وقوله : وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً محمول على الشركين وقوله : فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ فأكثر الفقهاء يحملونه على

(1/3399)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 293
الكفار جميعا لقوله : وقالت اليهود عزيز ابن الله الآية وقيل : هم من عدا أهل الكتاب لقوله : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا أفرد المشركين عن اليهود والنصارى.
(شرى) : الشراء والبيع يتلازمان فالمشترى دافع الثمن وآخذ المثمن ، والبائع دافع المثمن وآخذ الثمن ، هذا إذا كانت المبايعة والمشاراة بناض وسلعة.
فأما إذا كانت بيع سعلة بسلعة صح أن يتصور كل واحد منهما مشتريا وبائعا ومن هذا الوجه صار لفظ البيع والشراء يستعمل كل واحد منهما فى موضع الآخر.
و شريت بمعنى بعت أكثر وابتعت بمعنى اشتريت أكثر قال اللَّه تعالى : وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ أي باعوه وكذلك قوله : يَشْرُونَ الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ ويجوز الشراء والاشتراء فى كل ما يحصل به شىء نحو : إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ - لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ - اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا - اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ وقوله :
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فقد ذكر ما اشترى به وهو قوله : يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ ويسمى الخوارج بالشراة متأولين فيه قوله : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فمعنى يشرى يبيع فصار ذلك كقوله :
إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى الآية.
(شطط) : الشطط الإفراط فى البعد ، يقال : شطت الدار وأشط يقال فى المكان وفى الحكم وفى السوم ، قال :
شط المزار بجذوى وانتهى الأمل
و عبر بالشطط عن الجور ، قال : لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً. ى قولا بعيدا عن الحق وشط النهر حيث يبعد عن الماء من حافته.
(شطر) : شطر الشيء نصفه ووسطه قال : فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أي جهته ونحوه وقال : فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ويقال شاطرته شطارا أي ناصفته ، وقيل شطر بصره أي نصفه وذلك إذ أخذ ينظر إليك وإلى آخر ، وحلب فلان الدهر أشطره وأصله فى الناقة أن يحلب خلفين ويترك خلفين وناقة شطور يبس خلفان من أخلافها ، وشاة شطور أحد ضرعيها أكبر من الآخر وشطر إذا أخذ شطرا أي ناحية ، وصار يعبر بالشاطر عن البعيد وجمعه شطر نحو :

(1/3400)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 294
أشاقك بين الخليط الشطر
و الشاطر أيضا لمن يتباعد عن الحق وجمعه شطار.
(شطن) : الشيطان النون فيه أصلية وهو من شطن أي تباعد ومنه بئر شطون وشطنت الدار وغربة شطون ، وقيل بل النون فيه زائدة من شاط يشيط احترق غضبا فالشيطان مخلوق من النار كما دل عليه : وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مارِجٍ مِنْ نارٍ ولكونه من ذلك اختص بفرط القوة الغضبية والحمية الذميمة وامتنع من السجود لآدم. قال أبو عبيدة : الشيطان اسم لكل عارم من الجن والإنس والحيوانات قال : شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وقال : إِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ - وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ أي لصحابهم من الجن والإنس وقوله :
كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ قيل هى حية خفيفة الجسم وقيل أراد به عارم الجن فتشبه به لقبح تصورها وقوله : وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ فهم مردة الجن ويصح أن يكونوا هم مردة الإنس أيضا ، وقال الشاعر :
لو أن شيطان الذئاب العسل
جمع العاسل وهو الذي يضطرب فى عدوه واختص به عسلان الذئب.
وقال آخر :
ما ليلة الفقير إلا شيطان
و سمى كل خلق ذميم للإنسان شيطانا ،
فقال عليه السلام : «الحسد شيطان والغضب شيطان».
(شطا) : شاطى الوادي جانبه ، قال : نُودِيَ مِنْ شاطِئِ الْوادِ ويقال شاطأت فلانا ماشيته فى شاطىء الوادي ، وشطء الزرع فروخ الزرع وهو ما خرج منه وتفرع فى شاطئيه أي فى جانبيه وجمعه أشطاء ، قال : كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ أي فراخه وقرىء شطأه وذلك نحو الشمع والشمع والنهر والنهر.
(شعب) : الشعب القبيلة المتشعبة من حى واحد وجمعه شعوب ، قال : شُعُوباً وَقَبائِلَ والشعب من الوادي ما اجتمع منه طرف وتفرق طرف فإذا نظرت إليه من الجانب الذي تفرق أخذت فى وهمك واحدا يتفرق وإذا نظرت

(1/3401)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 295
من جانب الاجتماع أخذت فى وهمك اثنين اجتمعا فلذلك قيل شعبت إذا جمعت وشعبت إذا فرقت ، وشعيب تصغير شعب الذي هو مصدر أو الذي هو اسم أو تصغير شعب ، والشعيب المزادة الخلق التي قد أصلحت وجمعت. وقوله : إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ يختص بما بعد هذا الكتاب.
(شعر) : الشعر معروف وجمعه أشعار ، قال : وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها وشعرت أصبت الشعر ومنه استعير شعرت كذا أي علمت علما فى الدقة كإصابة الشعر ، وسمى الشاعر شاعرا لفطنته ودقة معرفته ، فالشعر فى الأصل اسم للعلم الدقيق فى قولهم ليت شعرى وصار فى المتعارف اسما للموزون المقفى من الكلام ، والشاعر للمختص بصناعته ، وقوله تعالى حكاية عن الكفار : بَلِ افْتَراهُ بَلْ هُوَ شاعِرٌ وقوله : لِشاعِرٍ مَجْنُونٍ - شاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ وكثير من المفسرين حملوه على أنهم رموه بكونه آتيا بشعر منظوم مقفى حتى تأولوا ما جاء فى القرآن من كل لفظ يشبه الموزون من نحو : وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ وقوله : تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ. وقال بعض المحصلين : لم يقصدوا هذا المقصد فيما رموه به وذلك أنه ظاهر من الكلام أنه ليس على أساليب الشعر ولا يخفى ذلك على الأغتام من العجم فضلا عن بلغاء العرب ، وإنما رموه بالكذب فإن الشعر يعبر به عن الكذب والشاعر الكاذب حتى سمى قوم الأدلة الكاذبة الشعرية ، ولهذا قال تعالى فى وصف عامة الشعراء :
وَ الشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ إلى آخر السورة ، ولكون الشعر مقر الكذب قيل أحسن الشعر أكذبه. وقال بعض الحكماء : لم ير متدين صادق اللهجة مغلقا فى شعره. والمشاعر الحواس وقوله : وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ ونحو ذلك معناه :
لا تدركونه بالحواس ولو قال فى كثير مما جاء فيه (لا يشعرون) : (لا يعقلون) لم يكن يجوز إذ كان كثير مما لا يكون محسوسا قد يكون معقولا. ومشاعر الحج معالمه الظاهرة للحواس والواحد مشعر ويقال شعائر الحج الواحد شعيرة ذلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ قال : عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ - لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ أي ما يهدى إلى بيت اللَّه ، وسمى بذلك لأنها تشعر أي تعلم بأن تدمى بشعيرة أي حديدة يشعر بها. والشعار الثوب الذي يلى الجسد للماسته الشعر ، والشعار أيضا ما يشعر به الإنسان نفسه فى الحرب أي يعلم. وأشعره الحب نحو ألبسه والأشعر الطويل الشعر وما استدار بالحافر من الشعر وداهية شعراء كقولهم داهية

(1/3402)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 296
و براء ، والشعراء ذباب الكلب لملازمته شعره ، والشعير الحب المعروف والشعرى نجم وتخصيصه فى قوله : وَأَنَّهُ هُوَ رَبُّ الشِّعْرى لكونها معبودة لقوم منهم.
(شعف) : قرىء : (شعفها) وهى من شعفة القلب وهى رأسه معلق النياط وشعفة الجبل أعلاه ، ومنه قيل فلان مشعوف بكذا كأنما أصيب شعفة قلبه.
(شعل) : الشعل التهاب النار ، يقال شعلة من النار وقد أشعلتها وأجاز أبو زيد شعلتها والشعيلة الفتيلة إذا كانت مشتعلة وقيل بياض يشتعل وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً تشبيها بالاشتعال من حيث اللون ، واشتعل فلان غضبا تشبيها به من حيث الحركة ، ومنه أشعلت الخيل فى الغارة نحو أوقدتها وهيجتها وأضرمتها.
(شغف) : شَغَفَها حُبًّا أي أصاب شغاف قلبها أي باطنه. عن الحسن. وقيل وسطه عن أبى على وهما يتقاربان.
(شغل) : الشّغل والشّغل العارض الذي يذهل الإنسان ، قال : فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ وقرىء : شُغُلٍ وقد شغل فهو مشغول ولا يقال أشغل وشغل شاغل.
(شفع) : الشفع ضم الشيء إلى مثله ويقال للمشفوع شفع والشفع والوتر قيل الشفع المخلوقات من حيث إنها مركبات ، كما قال : وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنا زَوْجَيْنِ والوتر هو اللَّه من حيث إن له الوحدة من كل وجه. وقيل الشفع يوم النحر من حيث إن له نظيرا يليه ، والوتر يوم عرفة وقيل الشفع ولد آدم والوتر آدم لأنه لا عن والد والشفاعة الانضمام إلى آخر ناصرا له وسائلا عنه وأكثر ما يستعمل فى انضمام من هو أعلى حرمة ومرتبة إلى من هو أدنى. ومنه الشفاعة فى القيامة قال : لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً - لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ - لا تُغْنِي شَفاعَتُهُمْ شَيْئاً - وَلا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضى - فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ أي لا يشفع لهم وَلا يَمْلِكُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ الشَّفاعَةَ - مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ - مَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً حَسَنَةً - وَمَنْ يَشْفَعْ شَفاعَةً سَيِّئَةً أي من انضم إلى غيره وعاونه وصار شفعا له أو شفيعا فى

(1/3403)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 297
فعل الخير والشر فعاونه وقواه وشاركه فى نفعه وضره. وقيل الشفاعة هاهنا أن يشرع الإنسان للآخر طريق خير أو طريق شر فيقتدى به فصار كأنه شفع له وذلك كما
قال عليه السلام : «من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها»
أي إثمها وإثم من عمل بها ، وقوله : ما مِنْ شَفِيعٍ إِلَّا مِنْ بَعْدِ إِذْنِهِ أي يدبر الأمر وحده لا ثانى له فى فصل الأمر إلا أن يأذن للمدبرات والمقسمات من الملائكة فيفعلون ما يفعلونه بعد إذنه. واستشفعت بفلان على فلان فتشفع لى وشفعة أجاب شفاعته ، ومنه
قوله عليه السلام : «القرآن شافع مشفع»
و الشفعة هو طلب مبيع فى شركته بما بيع به ليضمه إلى ملكه وهو من الشفع ، و
قال عليه السلام : «إذا وقعت الحدود فلا شفعة».
(شفق) : الشفق اختلاط ضوء النهار بسواد الليل عند غروب الشمس ، قال : فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ والإشفاق عناية مختلطة بخوف لأن المشفق يحب المشفق عليه ويخاف ما يلحقه ، قال : وَهُمْ مِنَ السَّاعَةِ مُشْفِقُونَ فإذا عدى بمن فمعنى الخوف فيه أظهر ، وإذا عدى بفي فمعنى العناية فيه أظهر قال : إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنا مُشْفِقِينَ - مُشْفِقُونَ مِنْها - مُشْفِقِينَ مِمَّا كَسَبُوا - أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا.
(شفا) : شفاء البئر وغيرها حرفه ويضرب به المثل فى القرب من الهلاك قال : عَلى شَفا جُرُفٍ - عَلى شَفا حُفْرَةٍ وأشفى فلان على الهلاك أي حصل على شفاه ومنه استعير : ما بقي من كذا إلا شفى : أي قليل كشفا البئر. وتثنية شفا شفوان وجمعه أشفاه ، والشفاء من المرض موافاة شفاء السلامة وصار اسما للبئر ، قال فى صفة العسل : فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ - هُدىً وَشِفاءٌ - وَشِفاءٌ لِما فِي الصُّدُورِ - وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ.
(شق) : الشق الخرم الواقع فى الشيء ، يقال شققته بنصفين ، قال :
ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا - يَوْمَ تَشَقَّقُ الْأَرْضُ - وَانْشَقَّتِ السَّماءُ - إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ - وَانْشَقَّ الْقَمَرُ وقيل انشقاقه فى زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، وقيل هو انشقاق يعرض فيه حين تقرب القيامة ، وقيل معناه وضح الأمر ، والشقة القطعة المنشقة كالنصف ومنه قيل طار فلان من الغضب شقاقا وطارت

(1/3404)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 298
منهم شقة كقولك قطع غضبا ، والشق المشقة والانكسار الذي يلحق النفس والبدن ، وذلك كاستعارة الانكسار لها ، قال : إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ والشقة الناحية التي تلحقك المشقة فى الوصول إليها ، وقال : بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ الشُّقَّةُ والشقاق المخالفة وكونك فى شق غير شق صاحبك أو من شق العصا بينك وبينه قال : وَإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما - فَإِنَّما هُمْ فِي شِقاقٍ أي مخالفة.
لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي - لَفِي شِقاقٍ بَعِيدٍ - مَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ
أي صار فى شق غير شق أوليائه نحو : مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ ونحوه : وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ ويقال : المال بينهما شق الشعرة وشق الإبلمة ، أي مقسوم كقسمتها ، وفلان شق نفسى وشقيق نفسى أي كأنه شق منى لمشابهة بعضنا بعضا ، وشقائق النعمان نبت معروف. وشقيقة الرمل ما يشقق ، والشقشقة لهاة البعير ، فيه من الشق ، وبيده شقوق وبحافر الدابة شقاق ، وفرس. شق إذا مال إلى أحد شقيه ، والشقة فى الأصل نصف ثوب وإن كان قد يسمى الثوب كما هو شقة.
(شقا) : الشقاوة خلاف السعادة وقد شقى يشقى شقوة وشقاوة وشقاء وقرىء : شِقْوَتُنا - و - (شقاوتنا) فالشقوة كالردة والشقاوة كالسعادة من حيث الإضافة ، فكما أن السعادة فى الأصل ضربان سعادة أخروية وسعادة دنيوية ، ثم السعادة الدنيوية ثلاثة أضرب : سعادة نفسية وبدنية وخارجية ، كذلك الشقاوة على هذه الأضرب وفى الشقاوة الأخروية قال : فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقى وقال : غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا وقرىء (شقاوتنا) وفى الدنيوية فَلا يُخْرِجَنَّكُما مِنَ الْجَنَّةِ فَتَشْقى قال بعضهم : قد يوضع الشقاء موضع التعب نحو شقيت فى كذا وكل شقاوة تعب وليس كل تعب شقاوة فالتعب أعم من الشقاوة.
(شكك) : الشك اعتدال النقيضين عند الإنسان وتساويهما وذلك قد يكون لوجود أمارتين متساويتين عند النقيضين أو لعدم الأمارة فيهما. والشك ربما كان فى الشيء هل هو موجود أو غير موجود؟ وربما كان فى جنسه ، من أي جنس هو؟ وربما كان فى بعض صفاته وربما كان فى الغرض الذي لأجله أوجد.
والشك ضرب من الجهل وهو أخص منه لأن الجهل قد يكون عدم العلم بالنقيضين رأسا فكل شك جهل وليس كل جهل شكا ، قال : فِي شَكٍّ

(1/3405)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 299
مُرِيبٍ
- بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ يَلْعَبُونَ - فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ. واشتقاقه إما من شككت الشيء أي خرقته قال :
و شككت بالرمح الأصم ثيابه ليس الكريم على القنا بمحرم
فكأن الشك الخرق فى الشيء وكونه بحيث لا يجد الرأى مستقرا يثبت فيه ويعتمد عليه ويصح أن يكون مستعارا من الشك وهو لصوق العضد بالجنب ، وذلك أن يتلاصق النقيضان فلا مدخل للفهم والرأى لتخلل ما بينهما ويشهد لهذا قولهم التبس الأمر واختلط وأشكل ونحو ذلك من الاستعارات. والشكة السلاح الذي به يشك : أي يفصل.
(شكر) : الشكر تصور النعمة وإظهارها ، قيل وهو مقلوب عن الكشر أي الكشف ، ويضاده الكفر وهو نسيان النعمة وسترها ، ودابة شكور مظهرة بسمنها إسداء صاحبها إليها ، وقيل أصله من عين شكرى أي ممتلئة ، فالشكر على هذا هو الامتلاء من ذكر المنعم عليه. والشكر ثلاثة أضرب : شكر القلب ، وهو تصور النعمة. وشكر اللسان ، وهو الثناء على المنعم ، وشكر سائر الجوارح ، وهو مكافأة النعمة بقدر استحقاقه اعْمَلُوا آلَ داوُدَ شُكْراً فقد قيل شكرا انتصب على التمييز. ومعناه اعملوا ما تعملونه شكرا للَّه. وقيل شكرا مفعول لقوله اعملوا وذكر اعملوا ولم يقل اشكروا لينبه على التزام الأنواع الثلاثة من الشكر بالقلب واللسان وسائر الجوارح. قال : اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ - وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ - وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وقوله : وَقَلِيلٌ مِنْ عِبادِيَ الشَّكُورُ ففيه تنبيه أن توفية شكر اللَّه صعب ولذلك لم يثن بالشكر من أوليائه إلا على اثنين ، قال فى إبراهيم عليه السلام : شاكِراً لِأَنْعُمِهِ وقال فى نوح : إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً وإذا وصف اللَّه بالشكر فى قوله : اللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ فإنما يعنى به إنعامه على عباده وجزاؤه بما أقاموه من العبادة. ويقال ناقة شكرة ممتلئة الضرع من اللبن ، وقيل هو أشكر من بروق وهو نبت يخضر ويتربى بأدنى مطر ، والشكر يكنى به عن فرج المرأة وعن النكاح قال بعضهم :
إن سألتك ثمن شكرها وشبرك أنشأت تظلها
و الشكير نبت فى أصل الشجرة غضن ، وقد شكرت الشجرة كثر غصنها.

(1/3406)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 300
(شكس) : الشكس السيء الخلق ، وقوله : شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ أي متشاجرون لشكاسة خلقهم.
(شكل) : المشاكلة فى الهيئة والصورة والند فى الجنسية والشبه فى الكيفية ، قال : وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْواجٌ أي مثله فى الهيئة وتعاطى الفعل ، والشكل قيل هو الدل وهو الحقيقة الأنس الذي بين المتماثلين فى الطريقة ، ومن هذا قيل الناس أشكال وآلاف وأصل المشاكلة من الشكل أي تقييد الدابة ، يقال شكلت الدابة والشكال ما يقيد به ، ومنه استعير شكلت الكتاب كقوله قيدته ، ودابة بها شكال إذا كان تحجيلها بإحدى رجليها وإحدى يديها كهيئة الشكال ، وقوله : قُلْ كُلٌّ يَعْمَلُ عَلى شاكِلَتِهِ أي على سجيته التي قيدته وذلك أن سلطان السجية على الإنسان قاهر حسبما بينت فى الذريعة إلى مكارم الشريعة ، وهذا كما
قال صلّى اللَّه عليه وسلّم : «كل ميسر لما خلق له»
و الأشكلة الحاجة التي تقيد الإنسان والإشكال فى الأمر استعارة كالاشتباه من الشبه.
(شكا) : الشكو والشكاية والشكاة والشكوى إظهار البث ، يقال شكوت وأشكيت ، قال : نَّما أَشْكُوا بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ
و قال :
وَ تَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وأشكاه أي يجعل له شكوى نحو أمرضه ويقال أشكاه أي أزال شكايته ، و
روى : «شكونا إلى رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم حر الرمضاء فى جباهنا وأكفنا فلم يشكنا»
و أصل الشكو فتح الشكوة وإظهار ما فيه وهى سقاء صغير يجعل فيه الماء وكأنه فى الأصل استعارة كقولهم : بثثت له ما فى وعائى ونفضت ما فى جرابى إذا أظهرت ما فى قلبك. والمشكاة كوة غير نافذة قال : كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ وذلك مثل القلب والمصباح مثل نور اللَّه فيه.
(شمت) : الشماتة الفرح ببلية من تعاديه ويعاديك يقال شمت به فهو شامت وأشمت اللَّه به العدو ، قال : فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ والتشميت الدعاء للعاطس كأنه إزالة الشماتة عنه بالدعاء له فهو كالتمريض فى إزالة المرض.
وقول الشاعر :
فبات له طوع الشوامت
أي على حسب ما تهواه اللاتي تشمت به ، وقيل أراد بالشوامت القوائم وفى ذلك نظر إذ لا حجة له فى هذا البيت.

(1/3407)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 301
(شمخ) : رَواسِيَ شامِخاتٍ أي عاليات ، ومنه شمخ بأنفه عبارة عن الكبر.
(شمأز) : قال : اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ أي نفرت.
(شمس) : يقال للقرصة وللضوء المنتشر عنها وتجمع على شموس ، قال :
وَ الشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَها وقال : الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ وشمس يومنا وأشمس صار ذا شمس وشمس فلان شماسا إذا ند ولم يستقر تشبيها بالشمس فى عدم استقرارها.
(شمل) : الشمال المقابل لليمين ، قال : عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمالِ قَعِيدٌ ويقال للثوب الذي يغطى به الشمال وذلك كتسمية كثير من الثياب باسم العضو الذي يستره نحو تسمية كم القميص يدا وصدره وظهره صدرا وظهرا ورجل السراويل رجلا ونحو ذلك ، والاشتمال بالثوب أن يلتف به الإنسان فيطرحه على الشمال و
فى الحديث : «نهى عن اشتمال الصماء»
و الشملة والمشمل كساء يشتمل به مستعار منه ، ومنه شملهم الأمر ثم تجوز بالشمال فقيل شملت الشاة علقت عليها شمالا وقيل للخليفة شمال لكونه مشتملا على الإنسان اشتمال الشمال على البدن ، والشمول الخمر لأنها تشتمل على العقل فتغطيه وتسميتها بذلك كتسميتها بالخمر لكونها خامرة له. والشمال الريح الهابة من شمال الكعبة وقيل فى لغة شمأل وشامل ، وأشمل الرجل من الشمال كقولهم أجنب من الجنوب وكنى بالمشمل عن السيف كما كنى عنه بالرداء ، وجاء مشتملا بسيفه نحو مرتديا به ومتدرعا له ، وناقة شملة وشملال سريعة كالشمال وقول الشاعر :
و لتعرفن خلائقا مشمولة ولتندمن ولات ساعة مندم
قيل أراد خلائق طيبة كأنها هبت عليها شمال فبردت وطابت.
(شنا) : شنئته تقذرته بغضا له ومنه اشتق أزد شنوءة وقوله : شَنَآنُ قَوْمٍ أي بغضهم وقرىء شنان فمن خفف أراد بغيض قوم ومن ثقل جعله مصدرا ومنه : إِنَّ شانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ.
(شهب) : الشهاب الشعلة الساطعة من النار الموقدة ، ومن العارض فى

(1/3408)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 302
الجو نحو : فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ - شِهابٌ مُبِينٌ - شِهاباً رَصَداً والشهبة البياض المختلط بالسواد تشبيها بالشهاب المختلط بالدخان ، ومنه قيل كتيبة شهباء ، اعتبارا بسواد القوم وبياض الحديد.
(شهد) : الشهود والشهادة الحضور مع المشاهدة إما بالبصر أو بالبصيرة وقد يقال للحضور مفردا قال : عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ لكن الشهود بالحضور المجرد أولى والشهادة مع المشاهدة أولى ويقال للمحضر مشهد وللمرأة التي يحضرها زوجها مشهد. وجمع مشهد مشاهد ومنه مشاهد الحج وهى مواطنه الشريفة التي يحضرها الملائكة والأبرار من الناس. وقيل مشاهد الحج مواضع المناسك. قال : لِيَشْهَدُوا مَنافِعَ لَهُمْ - وَلْيَشْهَدْ عَذابَهُما - ما شَهِدْنا مَهْلِكَ أَهْلِهِ أي ما حضرنا وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ أي لا يحضرونه بنفوسهم ولا بهمهم وإرادتهم والشهادة قول صادر عن علم حصل بمشاهدة بصيرة أو بصر. وقوله : أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ يعنى مشاهدة البصر ثم قال :
سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ تنبيها أن الشهادة تكون عن شهود وقوله : وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ أي تعلمون وقوله : ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ أي ما جعلتهم ممن اطلعوا ببصيرتهم على خلقها وقوله : عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أي ما يغيب عن حواس الناس وبصائرهم وما يشهدونه بهما. وشهدت يقال على ضربين :
أحدهما جار مجرى العلم وبلفظه تقام الشهادة ويقال أشهد بكذا ولا يرضى من الشاهد أن يقول أعلم بل يحتاج أن يقول أشهد. والثاني يجرى مجرى القسم فيقول أشهد باللَّه أن زيدا منطلق فيكون قسما ، ومنهم من يقول إن قال أشهد ولم يقل باللَّه يكون قسما ويجرى علمت مجراه فى القسم فيجاب بجواب القسم نحو قول الشاعر :
و لقد علمت لتأتين منيتى
و يقال شاهد وشهيد وشهداء قال : وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ قال :
وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ ويقال شهدت كذا. أي حضرته وشهدت على كذا ، قال : شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وقد يعبر بالشهادة عن الحكم نحو :
وَ شَهِدَ شاهِدٌ مِنْ أَهْلِها وعن الإقرار نحو : وَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ شُهَداءُ إِلَّا أَنْفُسُهُمْ فَشَهادَةُ أَحَدِهِمْ أَرْبَعُ شَهاداتٍ بِاللَّهِ أن كان ذلك شهادة لنفسه.

(1/3409)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 303
و قوله : وَما شَهِدْنا إِلَّا بِما عَلِمْنا أي ما أخبرنا وقال تعالى : شاهِدِينَ عَلى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أي مقرين لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنا وقوله : شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ فشهادة اللَّه تعالى بوحدانيته هى إيجاد ما يدل على وحدانيته فى العالم ، وفى نفوسنا كما قال الشاعر :
ففى كل شىء له آية تدل على أنه واحد
قال بعض الحكماء إن اللَّه تعالى لما شهد لنفسه كان شهادته أن أنطق كل شىء كما نطق بالشهادة له ، وشهادة الملائكة بذلك هو إظهارهم أفعالا يؤمرون بها وهى المدلول عليها بقوله : فَالْمُدَبِّراتِ أَمْراً وشهادة أولى العلم اطلاعهم على تلك الحكم وإقرارهم بذلك وهذه الشهادة تختص بأهل العلم فأما الجهال فمبعدون منها ولذلك قال فى الكفار : ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وعلى هذا نبه بقوله : إِنَّما يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ وهؤلاء هم المعنيون بقوله : وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وأما الشهيد فقد يقال للشاهد والمشاهد للشىء وقوله : سائِقٌ وَشَهِيدٌ أي من شهد له وعليه وكذا قوله : فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً وقوله : أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ أي يشهدون ما يسمعونه بقلوبهم على ضد من قيل فيهم : أُولئِكَ يُنادَوْنَ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ وقوله : أَقِمِ الصَّلاةَ إلى قوله مَشْهُوداً أي يشهد صاحبه الشفاء والرحمة والتوفيق والسكينات والأرواح المذكورة فى قوله : وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ ما هُوَ شِفاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وقوله : وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ فقد فسر بكل ما يقتضيه معنى الشهادة ، قال ابن عباس : معناه أعوانكم ، وقال مجاهد : الذين يشهدون لكم ، وقال بعضهم الذين يعتد بحضورهم ولم يكونوا كمن قيل فيهم شعر :
مخلفون ويقضى اللَّه أمرهمو وهم بغيب وفى عمياء ما شعروا
و قد حمل على هذه الوجوه قوله : وَنَزَعْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً وقوله : وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ - أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ - وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً فإشارة إلى قوله : لا يَخْفى عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ وقوله : يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفى ونحو ذلك مما نبه على هذا النحو ، والشهيد هو المحتضر فتسميته بذلك لحضور الملائكة إياه إشارة إلى ما قال : تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلائِكَةُ أَلَّا تَخافُوا الآية قال :

(1/3410)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 304
وَ الشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ أو لأنهم يشهدون فى تلك الحالة ما أعد لهم من النعيم ، أو لأنهم تشهد أرواحهم عند اللَّه كما قال : وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتاً الآية ، وعلى هذا دل قوله : وَالشُّهَداءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ وقوله :
شاهِدٍ وَمَشْهُودٍ قيل المشهود يوم الجمعة وقيل يوم عرفة ويوم القيامة وشاهد كل من شهده وقوله يوم مشهود أي مشاهد تنبيها أن لا بد من وقوعه ، والتشهد هو أن يقول أشهد أن لا إله إلا اللَّه وأشهد أن محمدا رسول اللَّه ، وصار فى المتعارف اسما للتحيات المقروءة فى الصلاة وللذكر الذي يقرأ ذلك فيه.
(شهر) : الشهر مدة مشهورة بإهلال الهلال أو باعتبار جزء من ثانى عشر جزءا من دوران الشمس من نقطة إلى تلك النقطة ، قال : شَهْرُ رَمَضانَ - فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ - الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ - إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً - فَسِيحُوا فِي الْأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ والمشاهرة المعاملة بالشهور كالمسانهة والمياومة ، وأشهرت بالمكان أقمت به شهرا ، وشهر فلان واشتهر يقال فى الخير والشر (شهق) : الشهيق طول الزفير وهو رد النفس والزفير مده قال : لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ - سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً وقال تعالى : سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وأصله من جبل شاهق أي متناهى الطول.
(شها) : أصل الشهوة نزوع النفس إلى ما تريده وذلك فى الدنيا ضربان صادقة وكاذبة فالصادقة ما يختل البدن من دونه كشهوة الطعام عند الجوع ، والكاذبة مالا يختل من دونه ، وقد يسمى المشتهى شهوه وقد يقال للقوة التي تشتهى الشيء شهوة وقوله : زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ يحتمل الشهوتين وقوله : اتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فهذا من الشهوات الكاذبة ومن المشتهيات المستغنى عنها وقوله فى صفة الجنة : وَلَكُمْ فِيها ما تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ
و قوله :
فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ وقيل رجل شهوان وشهوانى وشىء شهى.
(شوب) : الشوب الخلط قال : لَشَوْباً مِنْ حَمِيمٍ وسمى العسل شوبا إما لكونه مزاجا للأشربة وإما لما يختلط به من الشمع وقيل ما عنده شوب ولا روب أي عسل ولبن.

(1/3411)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 305
(شيب) : الشيب والمشيب بياض الشعر قال : وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وباتت المرأة بليلة شيباء إذا اقتضت وبليلة حرة إذا لم تفتض.
(شيخ) : يقال لمن طعن فى السن الشيخ وقد يعبر به فيما بيننا عمن يكثر علمه لما كان من شأن الشيخ أن يكثر تجاربه ومعارفه ويقال شيخ بين الشيخوخة والشيخ والتشييخ ، قال : هذا بَعْلِي شَيْخاً - وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ.
(شيد) : وَقَصْرٍ مَشِيدٍ أي مبنى بالشيد وقيل مطول وهو يرجع إلى الأول ويقال شيد قواعده أحكمها كأنه بناها بالشيد ، والإشادة عبارة عن رفع الصوت.
(شور) : الشوار ما يبدو من المتاع ويكنى به عن الفرج كما يكنى به عن المتاع ، وشورت به فعلت به ما حجلته كأنك أظهرت شوره أي فرجه ، وشرت العسل وأشرته أخرجته ، قال الشاعر :
و حديث مثل ماذى مشار
و شرت الدابة استخرجت عدوه تشبيها بذلك ، وقيل للخطب مشوار كثير العثار ، والتشاور والمشاورة والمشورة استخراج الرأى بمراجعة البعض إلى البعض من قولهم شرت العسل إذا اتخذته من موضعه واستخرجته منه ، قال :
وَ شاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ والشورى الأمر الذي يتشاور فيه ، قال : وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ.
(شيط) : الشيطان قد تقدم ذكره.
(شوظ) : الشواظ اللهب الذي لا دخان فيه قال : شُواظٌ مِنْ نارٍ وَنُحاسٌ.
(شيع) : الشياع الانتشار والتقوية ، يقال شاع الخبر أي كثر وقوى وشاع القوم انتشروا وكثروا ، وشيعت النار بالحطب قويتها والشيعة من يتقوى بهم الإنسان وينتشرون عنه ومنه قيل للشجاع مشيع ، يقال شيعة وشيع وأشياع قال : وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ - هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ - وَجَعَلَ أَهْلَها شِيَعاً - فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ وقال تعالى : وَلَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ.

(1/3412)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 306
(شوك) : الشوك ما يدق ويصلب رأسه من النبات ويعبر بالشوك والشكة عن السلاح والشدة ، قال : غَيْرَ ذاتِ الشَّوْكَةِ وسميت إبرة العقرب شوكا تشبيها به ، وشجرة شاكة وشائكة ، وشاكنى الشوك أصابنى وشوك الفرخ نبت عليه مثل الشوك وشوك ثدى المرأة إذا انتهد وشوك البعير طال أنيابه كالشوك.
(شأن) : الشأن الحال والأمر الذي يتفق ويصلح ولا يقال إلا فيما يعظم من الأحوال والأمور ، قال : كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ وشأن الرأس جمعه شؤون وهو الوصلة بين متقابلته التي بها قوام الإنسان.
(شوى) : شويت اللحم واشتويته ، قال : يَشْوِي الْوُجُوهَ وقال الشاعر :
فاشتوى ليلة ريح واجتمل
و الشوى الأطراف كاليد والرجل يقال رماه فأشواه أي أصاب شواه ، قال :
نَزَّاعَةً لِلشَّوى ومنه قيل للأمر الهين شوى من حيث إن الشوى ليس بمقتل.
والشاة قيل أصلها شايهة بدلالة قولهم شياة وشويهة.
(شى ء) : الشيء قيل هو الذي يصح أن يعلم ويخبر عنه وعند كثير من المتكلمين هو اسم مشترك المعنى إذا استعمل فى اللَّه وفى غيره ويقع على الموجود والمعدوم ، وعند بعضهم الشيء عبارة عن الموجود وأصله مصدر شاء وإذا وصف به تعالى فمعناه شاء وإذا وصف به غيره فمعناه المشيء وعلى الثاني قوله : قُلِ اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ فهذا على العموم بلا مثنوية إذا كان الشيء هاهنا مصدرا فى معنى المفعول. وقوله : قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً فهو بمعنى الفاعل كقوله :
فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ والمشيئة عند أكثر المتكلمين كالإرادة سواء وعند بعضهم المشيئة فى الأصل إيجاد الشيء وإصابته وإن كان قد يستعمل فى المتعارف موضع الإرادة فالمشيئة من اللَّه تعالى هى الإيجاد ، ومن الناس هى الإصابة ، قال والمشيئة من اللَّه تقتضى وجود الشيء ولذلك قيل ما شاء اللَّه كان وما لم يشأ لم يكن ، والإرادة منه لا تقتضى وجود المراد لا محالة ، ألا ترى أنه قال : يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ - وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ ومعلوم أنه قد

(1/3413)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 307
يحصل العسر والتظالم فيما بين الناس ، قالوا : ومن الفرق بينهما أن الإرادة الإنسان قد تحصل من غير أن تتقدمها إرادة اللَّه فإن الإنسان قد يريد أن لا يموت ويأبى اللَّه ذلك ومشيئته لا يتكون إلا بعد مشيئته لقوله : وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ روى أنه لما نزل قوله : لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ قال الكفار : الأمر إلينا إن شئنا استقمنا وإن شئنا لم نستقم ، فأنزل اللَّه تعالى : وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وقال بعضهم : لولا أن الأمور كلها موقوفة على مشيئته اللَّه تعالى وأن أفعالنا معلقة بها وموقوفة عليها لما أجمع الناس على تعليق الاستثناء به فى جميع أفعالنا نحو : سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ - سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ صابِراً - يَأْتِيكُمْ بِهِ اللَّهُ إِنْ شاءَ - ادْخُلُوا مِصْرَ إِنْ شاءَ اللَّهُ - قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ - وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا - وَلا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فاعِلٌ ذلِكَ غَداً إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ.
(شيه) : شية : أصلها وشية ، وذلك من باب الواو.

(1/3414)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 308
الصاد
(صبب) : صب الماء إراقته من أعلى ، يقال به فانصب وصببته فتصبب. قال تعالى : أَنَّا صَبَبْنَا الْماءَ صَبًّا - فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ - يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ وصبا إلى كذا صبابة مالت نفسه نحوه محبة له ، وخص اسم الفاعل منه بالصب فقيل فلان صب بكذا ، والصبة كالصرمة ، والصيب المصبوب من المطر ومن عصارة الشيء ومن الدم ، والصبابة والصبة البقية التي من شأنها أن تصب ، وتصاببت الإناء شربت صبابته ، وتصبصب ذهبت صبابته.
(صبح) : الصبح والصباح أول النهار وهو وقت ما احمر الأفق بحاجب الشمس ، قال : أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ - فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ والتصبح النوم بالغداة ، والصبوح شرب الصباح يقال صبحته سقيته صبوحا والصبحان المصطبح والمصباح ما يسقى منه ومن الإبل ما يبرك فلا ينهض حتى يصبح وما يجعل فيه المصباح ، قال : مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ ويقال للسراج مصباح والمصباح نفس السراج والمصابيح أعلام الكواكب ، قال : وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّماءَ الدُّنْيا بِمَصابِيحَ وصبحتهم ماء كذا أتيتهم به صباحا ، والصبح شدة حمرة فى الشعر تشبيها بالصبح والصباح ، وقيل صبح فلان أي وضؤ.
(صبر) : الصبر الإمساك فى ضيق ، يقال صبرت الدابة حبستها بلا علف وصبرت فلانا خلفته خلفة لا خروج له منها والصبر حبس النفس على ما يقتضيه العقل والشرع أو عما يقتضيان حبسها عنه ، فالصبر لفظ عام وربما خولف بين أسمائه بحسب اختلاف مواقعه فإن كان حبس النفس لمصيبة سمى صبرا لا غير ويضاده الجزع ، وإن كان فى محاربة سمى شجاعة ويضاده الجبن ، وإن كان فى نائبة مضجرة سمى رحب الصدر ويضاده الضجر ، وإن كان فى إمساك الكلام سمى كتمانا ويضاده المذل ، وقد سمى اللَّه تعالى كل ذلك صبرا ونبه عليه بقوله :
وَ الصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ - وَالصَّابِرِينَ عَلى ما أَصابَهُمْ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِراتِ وسمى الصوم صبرا لكونه كالنوع له و
قال عليه السلام : «صيام

(1/3415)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 309
شهر الصبر وثلاثة أيام فى كل شهر يذهب وحر الصدر»
و قوله : فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ قال أبو عبيدة : إن ذلك لغة بمعنى الجرأة واحتج بقول أعرابى قال لخصمه ما أصبرك على اللَّه وهذا تصور مجاز بصورة حقيقة لأن ذلك معناه ما أصبرك على عذاب اللَّه فى تقديرك إذا اجترأت على ارتكاب ذلك ، وإلى هذا يعود قول من قال : ما أبقاهم على النار ، وقول من قال ما أعملهم بعمل أهل النار ، وذلك أنه قد يوصف بالصبر من لا صبر له فى الحقيقة اعتبارا بحال الناظر إليه ، واستعمال التعجب فى مثله اعتبار بالخلق لا بالخالق ، وقوله تعالى :
اصْبِرُوا وَصابِرُوا أي احبسوا أنفسكم على العبادة وجاهدوا أهواءكم وقوله :
وَ اصْطَبِرْ لِعِبادَتِهِ أي تحمل الصبر بجهدك ، وقوله : أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا أي بما تحملوا من الصبر فى الوصول إلى مرضاة اللَّه ، وقوله :
فَصَبْرٌ جَمِيلٌ معناه الأمر والحث على ذلك ، والصبور القادر على الصبر والصبار يقال إذا كان فيه ضرب من التكلف والمجاهدة ، قال : إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ ويعبر عن الانتظار بالصبر لما كان حق الانتظار أن لا ينفك عن الصبر بل هو نوع من الصبر ، قال : فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ أي انتظر حكمه لك على الكافرين.
(صبغ) : الصبغ مصدر صبغت والصبغ المصبوغ وقوله : صِبْغَةَ اللَّهِ إشارة إلى ما أوجده اللَّه تعالى فى الناس من العقل المتميز به عن البهائم كالفطرة وكانت النصارى إذا ولد لهم ولد غمسوه بعد السابع فى ماء عمودية يزعمون أن ذلك صبغة فقال تعالى له ذلك وقال : وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وقال : وَصِبْغٍ لِلْآكِلِينَ أي أدم لهم ، وذلك من قولهم : أصبغت بالخل.
(صبا) : الصبى من لم يبلغ الحلم ، ورجل مصب ذو صبيان ، قال تعالى : قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا وصبا فلان يصبو صبوا وصبوة إذا نزع واشتاق وفعل فعل الصبيان ، قال : أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ وأصبانى فصبوت ، والصبا الريح المستقبل للقبلة. وصابيت السيف أغمدته مقلوبا ، وصابيت الرمح أملته وهيأته للطعن. والصابئون قوم كانوا على دين نوح وقيل لكل خارج من الدين إلى دين آخر صابىء من قولهم صبأ ناب

(1/3416)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 310
البعير إذا طلع ، ومن قرأ صابين فقد قيل على تخفيف الهمز كقوله : لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ وقد قيل بل هو من قولهم صبا يصبو ، قال : وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى . وقال أيضا : وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ.
(صحب) : الصاحب الملازم إنسانا كان أو حيوانا أو مكانا أو زمانا ولا فرق بين أن تكون مصاحبته بالبدن وهو الأصل والأكثر أو بالعناية والهمة وعلى هذا قال :
لئن غبت عن عينى لما غبت عن قلبى
و لا يقال فى العرف إلا لمن كثرت ملازمته ، ويقال للمالك للشىء هو صاحبه وكذلك لمن يملك التصرف فيه ، قال : إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ - قالَ لَهُ صاحِبُهُ وَهُوَ يُحاوِرُهُ - أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ - وَأَصْحابِ مَدْيَنَ - أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيها خالِدُونَ - أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ - مِنْ أَصْحابِ السَّعِيرِ وأما قوله : وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً أي الموكلين بها لا المعذبين بها كما تقدم. وقد يضاف الصاحب إلى مسوسه نحو صاحب الجيش وإلى سائسه نحو صاحب الأمير. والمصاحبة والاصطحاب أبلغ من الاجتماع لأجل أن المصاحبة تقتضى طول لبثه فكل اصطحاب اجتماع وليس كل اجتماع اصطحابا ، وقوله : وَلا تَكُنْ كَصاحِبِ الْحُوتِ وقوله :
ما بِصاحِبِكُمْ مِنْ جِنَّةٍ وقد سمى النبي عليه السلام صاحبهم تنبيها أنكم صحبتموه وجربتموه وعرفتموه ظاهره وباطنه ولم تجدوا به خبلا وجنة ، وكذلك قوله : وَما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ والأصحاب للشىء الانقياد له وأصله أن يصير له صاحبا ، ويقال أصحب فلان إذا كبر ابنه فصار صاحبه ، وأصحب فلان فلانا جعل صاحبا له ، قال : وَلا هُمْ مِنَّا يُصْحَبُونَ أي لا يكون لهم من جهتنا ما يصحبهم من سكينة وروح وترفيق ونحو ذلك مما يصحبه أولياءه ، وأديم مصحب أصحب الشعر الذي عليه ولم يجز عنه.
(صحف) : الصحيفة المبسوط من الشيء كصحيفة الوجه والصحيفة التي يكتب فيها وجمعها صحائف وصحف ، قال : صُحُفِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً. فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ قيل أريد بها القرآن وجعله صحفا فيها كتب من أجل تضمنه لزيادة ما فى كتب اللَّه المتقدمة. والمصحف ما جعل جامعا

(1/3417)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 311
للصحف المكتوبة وجمعه مصاحف ، والتصحيف قراءة المصحف وروايته على غير ما هو لاشتباه حروفه ، والصحفة مثل قصعة عريضة.
(صخ) : الصاخة شدة صوت ذى المنطق ، يقال صخ يصخ صخّا فهو صاخ ، قال : فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ وهى عبارة عن القيامة حسب المشار إليه بقوله : يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وقد قلب عنه أصاخ يصيخ.
(صخر) : الصخر الحجر الصلب ، قال : فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ وقال : وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ بِالْوادِ.
(صدد) : الصدود والصد قد يكون انصرافا عن الشيء وامتناعا نحو :
يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً وقد يكون صرفا ومنعا نحو : وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ - الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ - وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ - قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ - وَلا يَصُدُّنَّكَ عَنْ آياتِ اللَّهِ بَعْدَ إِذْ أُنْزِلَتْ إِلَيْكَ إلى غير ذلك من الآيات. وقيل صد يصد صدودا وصد يصد صدّا ، والصد من الجبل ما يحول ، والصديد ما حال بين اللحم والجلد من القيح وضرب مثلا لمطعم أهل النار ، قال : وَيُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ.
(صدر) : الصدر الجارحه ، قال : رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وجمعه صدور ، قال : وَحُصِّلَ ما فِي الصُّدُورِ - وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ ثم استعير لمقدم الشيء كصدر القناة وصدر المجلس والكتاب والكلام ، وصدره أصاب صدره أو قصد قصده نحو ظهره وكتفه ومنه قيل رجل مصدور يشكو صدره ، وإذا عدى صدر بعن اقتضى الانصراف تقول صدرت الإبل عن الماء صدرا ، وقيل الصدر ، قال : يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً والمصدر فى الحقيقة صدر عن الماء ولموضع المصدر ولزمانه ، وقد يقال فى تعارف النحويين للفظ الذي روعى فيه صدور الفعل الماضي والمستقبل عنه.
و الصدار ثوب يغطى به الصدر على بناء دثار ولباس ويقال له : الصدرة ، ويقال ذلك لسمة على صدر البعير. وصدر الفرس جاء سابقا بصدره ، قال بعض الحكماء : حيثما ذكر اللَّه تعالى القلب ، فإشارة إلى العقل والعلم نحو : إِنَّ فِي

(1/3418)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 312
ذلِكَ لَذِكْرى لِمَنْ كانَ لَهُ قَلْبٌ
و حيثما ذكر الصدر فإشارة إلى ذلك وإلى سائر القوى من الشهوة والهوى والغضب ونحوها وقوله : رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي فسؤال لإصلاح قواه ، وكذلك قوله : وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ إشارة إلى اشتفائهم ، وقوله : فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ أي العقول التي هى مندرسة فيما بين سائر القوى وليست بمهتدية ، واللَّه أعلم بذلك.
(صدع) : الصدع الشق فى الأجسام الصلبة كالزجاج والحديد ونحوهما ، يقال صدعته فانصدع وصدعته فتصدع ، قال : يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ وعنه استعير صدع الأمر أي فصله ، قال : فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وكذا استعير منه الصداع وهو شبه الاشتقاق فى الرأس من الوجع ، قال :
لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ ومنه الصديع للفجر وصدعت الفلاة قطعتها ، وتصدع القوم أي تفرقوا.
(صدف) : صدف عنه أعرض إعراضا شديدا يجرى مجرى الصدف أي الميل فى أرجل البعير أو فى الصلابة كصدف الجبل أي جانبه ، أو الصدف الذي يخرج من البحر ، قال : فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَّبَ بِآياتِ اللَّهِ وَصَدَفَ عَنْها - سَنَجْزِي الَّذِينَ يَصْدِفُونَ الآية إلى بِما كانُوا يَصْدِفُونَ.
(صدق) : الصدق والكذب أصلهما فى القول ماضيا كان أو مستقبلا وعدا كان أو غيره ، ولا يكونان بالقصد الأول إلا فى القول ، ولا يكونان فى القول إلا فى الخبر دون غيره من أصناف الكلام ، ولذلك قال : وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا - وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً - إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وقد يكونان بالعرض فى غيره من أنواع الكلام كالاستفهام والأمر والدعاء ، وذلك نحو قول القائل أزيد فى الدار؟ فإن فى ضمنه إخبارا بكونه جاهلا بحال زيد ، وكذا إذا قال واسني فى ضمنه أنه محتاج إلى المواساة ، وإذا قال لا تؤذ ففى ضمنه أنه يؤذيه والصدق مطابقة القول الضمير والمخبر عنه معا ومتى انخرم شرط من ذلك لم يكن صدقا تاما بل إما أن لا يوصف بالصدق وإما أن يوصف تارة بالصدق وتارة بالكذب على نظرين مختلفين كقول كافر إذا قال من غير اعتقاد : محمد رسول اللَّه ، فإن هذا يصح أن يقال صدق لكون المخبر عنه كذلك ، ويصح أن يقال

(1/3419)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 313
كذب لمخالفة قوله ضميره ، وبالوجه الثاني إكذاب اللَّه تعالى المنافقين حيث قالوا :
نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ الآية ، والصديق من كثر منه الصدق ، وقيل بل يقال لمن لا يكذب قط ، وقيل بل لمن لا يتأتى منه الكذب لتعوده الصدق ، وقيل بل لمن صدق بقوله واعتقاده وحقق صدقه بفعله ، قال : وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا وقال : وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ وقال : مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ فالصديقون هم قوم دوين الأنبياء فى الفضيلة على ما بينت فى الذريعة إلى مكارم الشريعة. وقد يستعمل الصدق والكذب فى كل ما يحق ويحصل فى الاعتقاد نحو صدق ظنى وكذب ، ويستعملان فى أفعال الجوارح ، فيقال صدق فى القتال إذا وفى حقه وفعل ما يجب وكما يجب ، وكذب فى القتال إذا كان بخلاف ذلك ، قال : رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ أي حققوا العهد بما أظهروه من أفعالهم ، وقوله : لِيَسْئَلَ الصَّادِقِينَ عَنْ صِدْقِهِمْ أي يسأل من صدق بلسانه عن صدق فعله تنبيها أنه لا يكفى الاعتراف بالحق دون تحريه بالفعل ، وقوله تعالى : لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِّ فهذا صدق بالفعل وهو التحقق أي حقق رؤيته ، وعلى ذلك قوله :
وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أي حقق ما أورده قولا بما تحراه فعلا ويعبر عن كل فعل فاضل ظاهرا وباطنا بالصدق فيضاف إليه ذلك الفعل الذي يوصف به نحو قوله : فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ وعلى هذا : أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ عِنْدَ رَبِّهِمْ وقوله : أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ - وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ فإن ذلك سؤال أن يجعله اللَّه تعالى صالحا بحيث إذا أثنى عليه من بعده لم يكن ذلك الثناء كذبا بل يكون كما قال الشاعر :
إذا نحن أثنينا عليك بصالح فأنت الذي نثنى وفوق الذي نثنى
و صدق قد يتعدى إلى مفعولين نحو : وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ وصدقت فلانا نسبته إلى الصدق وأصدقته وجدته صادقا ، وقيل هما واحد ويقالان فيهما جميعا قال : وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ - وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ ويستعمل التصديق فى كل ما فيه تحقيق ، يقال صدقنى فعله وكتابه ، قال : وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ - نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ - وَهذا كِتابٌ

(1/3420)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 314
مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا
أي مصدق ما تقدم وقوله : لسانا منتصب على الحال وفى المثل : صدقنى سن بكره. والصداقة صدق الاعتقاد فى المودة وذلك مختص بالإنسان دون غيره قال : فَما لَنا مِنْ شافِعِينَ وَلا صَدِيقٍ حَمِيمٍ وذلك إشارة إلى نحو قوله : الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ ، والصدقة ما يخرجه الإنسان من ماله على وجه القربة كالزكاة لكن الصدقة فى الأصل تقال للمتطوع به والزكاة للواجب ، وقد يسمى الواجب صدقة إذا تحرى صاحبها الصدق فى فعله قال : خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً وقال : إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ يقال صدق وتصدق قال : فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى - إِنَّ اللَّهَ يَجْزِي الْمُتَصَدِّقِينَ - إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقاتِ فى آي كثيرة. ويقال لما تجافى عنه الإنسان من حقه تصدق به نحو قوله : وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ أي من تجافى عنه ، وقوله : وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ - وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ فإنه أجرى ما يسامح به المعسر مجرى الصدقة.
وعلى هذا ما
ورد عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم : «ما تأكله العافية فهو صدقة».
وعلى هذا قوله : وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا فسمى إعفاءه صدقة ، وقوله :
فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقَةً - أَأَشْفَقْتُمْ أَنْ تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْواكُمْ صَدَقاتٍ فإنهم كانوا قد أمروا بأن يتصدق من يناجى الرسول بصدقة ما غير مقدرة. وقوله : رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ فمن الصدق أو من الصدقة. وصداق المرأة وصداقها وصدقتها ما تعطى من مهرها ، وقد أصدقتها ، قال : وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً.
(صدى) : الصدى صوت يرجع إليك من كل مكان صقيل ، والتصدية كل صوت يجرى مجرى الصدى فى أن لا غناء فيه ، وقوله :
وَ ما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً أي غناء ما يوردونه غناء الصدى ، ومكاء الطير والتصدي أن يقابل الشيء مقابلة الصدى أي الصوت الراجع من الجبل ، قال : أَمَّا مَنِ اسْتَغْنى فَأَنْتَ لَهُ تَصَدَّى والصدى يقال لذكر البوم وللدماغ لكون الدماغ متصورا بصورة الصدى ولهذا يسمى هامة وقولهم أصم اللَّه صداه فدعاء عليه بالخرس ، والمعنى لا جعل اللَّه له صوتا حتى لا يكون له صدى يرجع إليه بصوته ، وقد يقال للعطش صدى يقال رجل صديان وامرأة صدياء وصادية.

(1/3421)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 315
(صر) : الإصرار التعقد فى الذنب والتشدد فيه والامتناع من الإقلاع عنه وأصله من الصر أي الشد ، والصرة ما تعقد فيه الدراهم ، والصرار خرقة تشد على أطباء الناقة لئلا ترضع ، قال : ولم يصروا على ما فعلوا - ثم يصر مستكبرا - وأصبروا واستكبروا استكبارا - وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ والإصرار كل عزم شددت عليه ، يقال هذا منى صرّى وأصرّى وصرّى وأصرّى وصرّى وصرّى أي جد وعزيمة ، والصرورة من الرجال والنساء الذي لم يحج ، والذي لا يريد التزوج ، وقوله : رِيحاً صَرْصَراً لفظه من الصر ، وذلك يرجع إلى الشد لما فى البرودة من التعقد ، والصرة الجماعة المنضم بعضهم إلى بعض كأنهم صروا أي جمعوا فى وعاء ، قال : فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ وقيل : الصرة الصيحة.
(صرح) : الصرح بيت عال مزوق سمى بذلك اعتبارا بكونه صرحا عن الشوب أي خالصا ، قال : رْحٌ مُمَرَّدٌ مِنْ قَوارِيرَ
- يلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ
و لبن صريح بين الصراحة والصروحة وصريح الحق خلص عن محضه ، وصرح فلان بما فى نفسه ، وقيل عاد تعريضك تصريحا وجاء صراحا جهارا.
(صرف) : الصرف رد الشيء من حالة إلى حالة أو إبداله بغيره ، يقال صرفته فانصرف قال : ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ - أَلا يَوْمَ يَأْتِيهِمْ لَيْسَ مَصْرُوفاً عَنْهُمْ وقوله : ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ فيجوز أن يكون دعاء عليهم ، وأن يكون ذلك إشارة إلى ما فعله بهم وقوله : فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً أي لا يقدرون أن يصرفوا عن أنفسهم العذاب ، أو أن يصرفوا أنفسهم عن النار. وقيل أن يصرفوا الأمر من حالة إلى حالة فى التغيير ، ومنه قول العرب لا يقبل منه صرف ولا عدل ، وقوله : وَإِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ أي أقبلنا بهم إليك وإلى الاستماع منك ، والتصريف كالصرف إلا فى التكثير وأكثر ما يقال فى صرف الشيء من حالة إلى حالة ومن أمر إلى أمر وتصريف الرياح هو صرفها من حال إلى حال ، قال : وَصَرَّفْنَا الْآياتِ - وَصَرَّفْنا فِيهِ مِنَ الْوَعِيدِ ومنه تصريف الكلام وتصريف الدراهم وتصريف الناب ، يقال لنا به صريف ، والصريف اللبن إذا سكنت رغوته كأنه صرف عن الرغوة أو صرفت عنه الرغوة ، ورجل صيرف وصيرفى وصراف وعنز صارف كأنها تصرف الفحل إلى

(1/3422)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 316
نفسها. والصرف صبغ أحمر خالص ، وقيل لكل خالص عن غيره صرف كأنه صرف عنه ما يشوبه. والصرفان الرصاص كأنه صرف عن أن يبلغ منزلة الفضة.
(صرم) : الصرم القطيعة ، والصريمة إحكام الأمر وإبرامه ، والصريم قطعة منصرمة عن الرمل ، قال : فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ قيل أصبحت كالأشجار الصريمة أي المصروم حملها ، وقيل كالليل يقال له الصريم أي صارت سوداء كالليل لاحتراقها ، قال : إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ
أي يجتنونها ويتناولونها فَتَنادَوْا مُصْبِحِينَ أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صارِمِينَ والصارم الماضي وناقة مصرومة كأنها قطع ثديها فلا يخرج لبنها حتى يقوى. وتصرمت السنة ، وانصرم الشيء انقطع وأصرم ساءت حاله.
(صرط) : الصراط الطريق المستقيم ، قال : وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً ويقال له صراط وقد تقدم.
(صطر) : صطر وسطر واحد ، قال : أم هم المسيطرون وهو مفعيل من السطر ، والتسطير أي الكتابة أي هم الذين تولوا كتابة ما قدر لهم قبل أن خلق إشارة إلى قوله : إِنَّ ذلِكَ فِي كِتابٍ إِنَّ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ وقوله : فِي إِمامٍ مُبِينٍ وقوله : لست عليهم بمسيطر أي متول أن تكتب عليهم وتثبت ما يتولونه ، وسيطرت وبيطرت لا ثالث لهما فى الأبنية وقد تقدم ذلك فى السين.
(صرع) : الصرع الطرح ، يقال صرعته صرعا والصرعة حالة المصروع والصراعة حرفة المصارع ، ورجل صريع أي مصروع وقوم صرعى قال : فَتَرَى الْقَوْمَ فِيها صَرْعى وهما صرعان كقولهم قرنان. والمصراعان من الأبواب وبه شبه المصراعان فى الشعر.
(صعد) : الصعود الذهاب فى المكان العالي ، والصعود والحدور لمكان الصعود والانحدار وهما بالذات واحد وإنما يختلفان بحسب الاعتبار بمن يمر فيهما ، فمتى كان المار صاعدا يقال لمكانه صعود ، وإذا كان منحدرا يقال لمكانه حدور ، والصعد والصعيد والصعود فى الأصل واحد لكن الصعود والصعد يقال للعقبة ويستعار لكل شاق ، قال : وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً

(1/3423)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 317
أي شاقا وقال : سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً أي عقبة شاقة ، والصعيد يقال لوجه الأرض قال : فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً وقال : بعضهم الصعيد يقال للغبار الذي يصعد من الصعود ، ولهذا لا بد للمتيمم أن يعلق بيده غبار ، وقوله :
كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ أي يتصعد. وأما الإصعاد فقد قيل هو الإبعاد فى الأرض سواء كان ذلك فى صعود أو حدور وأصله من الصعود وهو الذهاب إلى الأمكنة المرتفعة كالخروج من البصرة إلى نجد وإلى الحجاز ، ثم استعمل فى الإبعاد وإن لم يكن فيه اعتبار الصعود كقولهم : تعالى فإنه فى الأصل دعاء إلى العلو ثم صار أمرا بالمجيء سواء كان إلى أعلى أو إلى أسفل ، قال : إِذْ تُصْعِدُونَ وَلا تَلْوُونَ عَلى أَحَدٍ وقيل لم يقصد بقوله : إِذْ تُصْعِدُونَ إلى الإبعاد فى الأرض وإنما أشار به إلى علوهم فيما تحروه وأتوه كقولك أبعدت فى كذا وارتقيت فيه كل مرتقى ، وكأنه قال إذا بعدتم فى استشعار الخوف والاستمرار على الهزيمة. واستعير الصعود لما يصل من العبد إلى اللَّه كما استعير النزول لما يصل من اللَّه إلى العبد فقال سبحانه : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وقوله : يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً أي شاقا ، يقال تصعدنى كذا أي شق على ، قال عمر : ما تصعدنى أمر ما تصعدنى خطبة النكاح.
(صعر) : الصعر ميل فى العنق والتصعير إمالته عن النظر كبرا ، قال :
وَ لا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وكل صعب يقال له مصعر والظليم أصعر خلقة.
(صعق) : الصاعقة والصاقعة يتقاربان وهما الهدة الكبيرة ، إلا أن الصقع يقال فى الأجسام الأرضية ، والصعق فى الأجسام العلوية. قال بعض أهل اللغة :
الصاعقة على ثلاثة أوجه : الموت كقوله : فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وقوله : فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ والعذاب كقوله : أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ والنار كقوله : وَيُرْسِلُ الصَّواعِقَ فَيُصِيبُ بِها مَنْ يَشاءُ وما ذكره فهو أشياء حاصلة من الصاعقة فإن الصاعقة هى الصوت الشديد من الجو ، ثم يكون منه نار فقط أو عذاب أو موت ، وهى فى ذاتها شىء واحد وهذه الأشياء تأثيرات منها.
(صغر) : الصغر والكبر من الأسماء المتضادة التي تقال عند اعتبار بعضها ببعض ، فالشىء قد يكون صغيرا فى جنب الشيء وكبيرا فى جنب آخر.
وقد تقال تارة باعتبار الزمان فيقال فلان صغير وفلان كبير إذا كان ماله من السنين

(1/3424)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 318
أقل مما للآخر ، وتارة تقال باعتبار الجثة ، وتارة باعتبار القدر والمنزلة ، وقوله :
وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَكَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ وقوله : لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وقوله : وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ كل ذلك بالقدر والمنزلة من الخير والشر باعتبار بعضها ببعض : يقال صغر صغرا فى ضد الكبير ، وصغر صغرا وصغارا فى الذلة ، والصاغر الراضي بالمنزلة الدنية ، حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صاغِرُونَ.
(صغا) : الصغو الميل ، يقال صغت النجوم والشمس صغوا مالت للغروب ، وصغيت الإناء وأصغيته وأصغيت إلى فلان ملت بسمعى نحوه قال :
وَ لِتَصْغى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وحكى صغوت إليه أصغو وأصغى صغوا وصغيا ، وقيل صغيت أصغى وأصغيت أصغى. وصاغية الرجل الذين يميلون إليه وفلان مصغى إناؤه أي منقوص حظه وقد يكنى به عن الهلاك.
وعينه صغواء إلى كذا والصغى ميل فى الحنك والعين.
(صف) : الصف أن تجعل الشيء على خط مستو كالناس والأشجار ونحو ذلك وقد يجعل فيما قاله أبو عبيدة بمعنى الصاف ، قال تعالى : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا - ثُمَّ ائْتُوا صَفًّا يحتمل أن يكون مصدرا وأن يكون بمعنى الصافين. وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ - وَالصَّافَّاتِ صَفًّا يعنى به الملائكة وَجاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا - وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ - فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ أي مصطفة ، وصففت كذا جعلته على صف ، قال : عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وصففت اللحم قددته وألقيته صفا صفا ، والصفيف اللحم المصفوف ، والصفصف المستوي من الأرض كأنه على صف واحد ، قال :
فَيَذَرُها قاعاً صَفْصَفاً لا تَرى فِيها عِوَجاً وَلا أَمْتاً والصفة من البنيان وصفة السرج تشبيها بها فى الهيئة ، والصفوف ناقة تصف بين محلبين فصاعدا لغزارتها والتي تصف رجليها ، والصفصاف شجر الخلاف.
(صفح) : صفح الشيء عرضه وجانبه كصفحة الوجه وصفحة السيف وصفحة الحجر. والصفح ترك التثريب وهو أبلغ من العفو ولذلك قال :
فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وقد يعفو الإنسان ولا يصفح قال :
فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلامٌ - فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ - أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ

(1/3425)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 319
صَفْحاً
و صفحت عنه أوليته منى صفحة جميلة معرضا عن ذنبه ، أو لقيت صفحته متجافيا عنه أو تجاوزت الصفحة التي أثبت فيها ذنبه من الكتاب إلى غيرها من قولك تصحفت الكتاب. وقوله : إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ فأمر له عليه السلام أن يخفف كفر من كفر كما قال : وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ والمصافحة الإفصاء بصفحة اليد.
(صفد) : الصفد والصفاد الغل وجمعه أصفاد والأصفاد الأغلال ، قال تعالى : مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ والصفد العطية اعتبارا بما قيل أنا مغلول أياديك وأسير نعمتك ونحو ذلك من الألفاظ الواردة عنهم فى ذلك.
(صفر) : الصفراء لون من الألوان التي بين السواد والبياض وهى إلى السواد أقرب ولذلك قد يعبر بها عن السواد ، قال الحسن فى قوله : بَقَرَةٌ صَفْراءُ فاقِعٌ لَوْنُها أي سوداء وقال بعضهم لا يقال فى السواد فاقع وإنما يقال فيها حالكة ، وقال : ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا - كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ قيل هى جمع أصفر وقيل بل أراد به الصفر المخرج من المعادن ، ومنه قيل للنحاس صفر وليبيس البهمى صفار ، وقد يقال الصفير للصوت حكاية لما يسمع ومن هذا صفر الإناء إذا خلا حتى يسمع منه صغير لخلوه ثم صار متعارفا فى كل حال من الآنية وغيرها. وسمى خلو الجوف والعروق من الغذاء صفرا ، ولما كانت تلك العروق الممتدة من الكبد إلى المعدة إذا لم تجد غذاء امتصت أجزاء المعدة اعتقدت جهلة العرب أن ذلك حية فى البطن تعض بعض الشراسف حتى نفى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم
فقال «لا صفر»
أي ليس فى البطن ما يعتقدون أنه فيه من الحية وعلى هذا قول الشاعر :
و لا يعض على شرسوقه الصفر
و الشهر يسمى صفرا لخلو بيوتهم فيه من الزاد والصفرى من النتاج ، ما يكون فى ذلك الوقت.
(صفن) : الصفن الجمع بين الشيئين ضاما بعضهما إلى بعض ، يقال صفن الفرس قوائمه قال : الصَّافِناتُ الْجِيادُ وقرىء : فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْها صَوافَّ والصافن عرق فى باطن الصلب يجمع نياط القلب ، والصفن وعاء يجمع الخصية والصفن دلو مجموع بحلقة.

(1/3426)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 320
(صفو) : أصل الصفاء خلوص الشيء من الشوب ومنه الصفا للحجارة الصافية قال : إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ وذلك اسم لموضع مخصوص ، والاصطفاء تناول صفو الشيء كما أن الاختيار تناول خيره والاجتباء تناول جبايته ، واصطفاء اللَّه بعض عباده قد يكون بإيجاده تعالى إياه صافيا عن الشوب الموجود فى غيره وقد يكون باختياره وبحكمه وإن لم يتعر ذلك من الأول ، قال تعالى : اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ - إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ - اصْطَفَيْتُكَ عَلَى النَّاسِ - وَإِنَّهُمْ عِنْدَنا لَمِنَ الْمُصْطَفَيْنَ الْأَخْيارِ واصطفيت كذا على كذا أي اخترت أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ - وَسَلامٌ عَلى عِبادِهِ الَّذِينَ اصْطَفى - ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنا مِنْ عِبادِنا والصفي والصفية ما يصطفيه الرئيس لنفسه ، قال الشاعر :
ذلك؟؟؟ المرباع منها والصفايا وقد يقالان للناقة الكثيرة اللبن والنخلة الكثيرة الحمل ، وأصفت الدجاجة إذا انقطع بيضها كأنها صفت منه ، وأصفى الشاعر إذا انقطع شعره تشبيها بذلك من قولهم أصفى الحافر إذا بلغ صفا أي صخرا منعه من الحفر كقولهم أكدى وأحجر ، والصفوان كالصفا الواحدة صفوانة ، قال : صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ ويقال يوم صفوان صافى الشمس ، شديد البرد.
(صلل) : أصل الصلصال تردد الصوت من الشيء اليابس ومنه قيل صل المسمار ، وسمى الطين الجاف صلصالا ، قال : مِنْ صَلْصالٍ كَالْفَخَّارِ - مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ والصلصلة بقية ماء سميت بذلك لحكاية صوت تحركه فى المزادة ، وقيل الصلصال المنتن من الطين من قولهم صل اللحم ، قال وكان أصله صلال فقلبت إحدى اللامين وقرىء (أ ئذا صللنا) أي أنتنا وتغيرنا من قولهم صل اللحم وأصل.
(صلب) : الصلب الشديد وباعتباره الصلابة والشدة سمى الظهر صلبا ، قال : يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرائِبِ وقوله : وَحَلائِلُ أَبْنائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلابِكُمْ تنبيه أن الولد جزء من الأب ، وعلى نحوه نبه قول الشاعر :
و إنما أولادنا بيننا أكبادنا تمشى على الأرض
و قال الشاعر :

(1/3427)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 321
فى صلب مثل العنان المؤدم
و الصلب والاصطلاب استخراج الودك من العظم ، والصلب الذي هو تعليق الإنسان للقتل ، قيل هو شد صلبه على خشب ، وقيل إنما هو من صلب الودك ، قال : وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ - وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ - وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ - أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا والصليب أصله الخشب الذي يصلب عليه ، والصليب الذي يتقرب به النصارى هو لكونه على هيئة الخشب الذي زعموا أنه صلب عليه عيسى عليه السلام ، وثوب مصلب أي إن عليه آثار الصليب ، والصالب من الحمى ما يكسر الصلب أو ما يخرج الودك بالعرق ، وصلبت السنان حددته ، والصلبية حجارة المسن.
(صلح) : الصلاح ضد الفساد وهما مختصان فى أكثر الاستعمال بالأفعال وقوبل فى القرآن تارة بالفساد وتارة بالسيئة ، قال : خَلَطُوا عَمَلًا صالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً - وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها - وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فى مواضع كثيرة والصلح يختص بإزالة النفار بين الناس يقال منه اصطلحوا وتصالحوا قال : أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً - وَالصُّلْحُ خَيْرٌ - وَإِنْ تُصْلِحُوا وَتَتَّقُوا - فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما - فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وإصلاح اللَّه تعالى الإنسان يكون تارة بخلقه إياه صالحا وتارة بإزالة ما فيه من فساد بعد وجوده ، وتارة يكون بالحكم له بالإصلاح ، قال : وَأَصْلَحَ بالَهُمْ - يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمالَكُمْ - وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي - إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ أي المفسد يضاد اللَّه فى فعله فإنه يفسد واللَّه تعالى يتحرى فى جميع أفعاله الصلاح فهو إذا لا يصلح عمله ، وصالح اسم للنبى عليه السلام قال : يا صالِحُ قَدْ كُنْتَ فِينا مَرْجُوًّا.
(صلد) : قال تعالى : فَتَرَكَهُ صَلْداً أي حجرا صلبا وهو لا ينبت ومنه قيل رأس صلد لا ينبت شعرا وناقة صلود ومصلاد قليلة اللبن وفرس صلود لا يعرق ، وصلد الزند لا يخرج ناره.
(صلا) : أصل الصلى لإيقاد النار ، ويقال صلى بالنار وبكذا أي بلى بها واصطلى بها وصليت الشاة ، وشويتها وهى مصلية ، قال : اصْلَوْهَا الْيَوْمَ وقال : يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرى - تَصْلى ناراً حامِيَةً - وَيَصْلى سَعِيراً - وَسَيَصْلَوْنَ

(1/3428)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 322
سَعِيراً
قرىء سيصلون بضم الياء وفتحها حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَها - سَأُصْلِيهِ سَقَرَ - وَتَصْلِيَةُ جَحِيمٍ وقوله : لا يَصْلاها إِلَّا الْأَشْقَى ، الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى فقد قيل معناه لا يصطلى بها إلا الأشقى الذي. قال الخليل : صلى الكافر النار قاسى حرها يَصْلَوْنَها فَبِئْسَ الْمَصِيرُ وقيل صلى النار دخل فيها وأصلاها غيره قال : فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً - ثُمَّ لَنَحْنُ أَعْلَمُ بِالَّذِينَ هُمْ أَوْلى بِها صِلِيًّا قيل جمع صال ، والصلاء يقال للوقود وللشواء. والصلاة قال كثير من أهل اللغة : هى الدعاة والتبرك والتمجيد ، يقال صليت عليه أي دعوت له وزكيت ، و
قال عليه السلام «إذا دعى أحدكم إلى طعام فليجب ، وإن كان صائما فليصل»
أي ليدع لأهله وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ - يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وصلوات الرسول وصلاة اللَّه للمسلمين هو فى التحقيق تزكيته إياهم.
و قال : أُولئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَواتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ومن الملائكة هى الدعاء والاستغفار كما هى من الناس ، وقال : إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ والصلاة التي هى العبادة المخصوصة أصلها الدعاء وسميت هذه العبادة بها كتسمية الشيء باسم بعض ما يتضمنه ، والصلاة من العبادات التي لم تنفك شريعة منها وإن اختلفت صورها بحسب شرع فشرع. ولذلك قال : إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً وقال بعضهم : أصل الصلاة من الصلاء ، قال ومعنى صلى الرجل أي إنه أزال عن نفسه بهذه العبادة الصلاء الذي هو نار اللَّه الموقدة. وبناء صلى كبناء مرض لإزالة المرض ، ويسمى موضع العبادة الصلاة ، ولذلك سميت الكنائس صلوات كقوله : لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ وكل موضع مدح اللَّه تعالى بفعل الصلاة أو حث عليه ذكر بلفظ الإقامة نحو : وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ - وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ - وَأَقامُوا الصَّلاةَ ولم يقل المصلين إلا فى المنافقين نحو قوله : فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسالى وإنما خص لفظ الإقامة تنبيها أن المقصود من فعلها توفية حقوقها وشرائطها ، لا الإتيان بهيئتها فقط ، ولهذا روى أن المصلين كثير والمقيمين لها قليل وقوله : لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ أي من أتباع النبيين ، وقوله : فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى تنبيها أنه لم يكن ممن يصلى أي يأتى بهيئتها فضلا عمن يقيمها. وقوله : وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً فتسمية صلاتهم مكاء وتصدية تنبيه على إبطال صلاتهم وأن فعلهم

(1/3429)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 323
ذلك لا اعتداد به بل هم فى ذلك كطيور تمكو وتصدى : وفائدة تكرار الصلاة فى قوله : قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ. الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خاشِعُونَ إلى آخر القصة حيث قال : وَالَّذِينَ هُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ فإنا نذكره فيما بعد هذا الكتاب إن شاء اللَّه.
(صمم) : الصمم فقدان حاسة السمع ، وبه يوصف من لا يصغى إلى الحق ولا يقبله ، قال : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ وقال : صُمًّا وَعُمْياناً - وَالْأَصَمِّ وَالْبَصِيرِ وَالسَّمِيعِ هَلْ يَسْتَوِيانِ وقال : وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا وشبه مالا صوت له به ، ولذلك قيل صمت حصاة بدم ، أي كثر الدم حتى لو ألقى فيه حصاة لم تسمع لها حركة ، وضربة صماء. ومنه الصمة للشجاع الذي يصم بالضربة ، وصممت القارورة شددت فاها تشبيها بالأصم الذي شد أزنه ، وصمم فى الأمر مضى فيه غير مصغ إلى من يردعه كأنه أصم ، والصمان أرض غليظة ، واشتمال الصماء مالا يبدو منه شىء.
(صمد) : الصمد السيد الذي يصمد إليه فى الأمر ، وصمد صمده قصد معتمدا عليه قصده ، وقيل الصمد الذي ليس بأجوف والذي ليس بأجوف شيئان : أحدهما لكونه أدون من الإنسان كالجمادات ، والثاني أعلى منه وهو الباري والملائكة ، والقصد بقوله : اللَّهُ الصَّمَدُ تنبيها أنه بخلاف من أثبتوا له الإلهية ، وإلى نحو هذا أشار بقوله : وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ.
(صمع) : الصومعة كل بناء متصمع الرأس أي متلاصقه ، جمعها صوامع. قال : لَهُدِّمَتْ صَوامِعُ وَبِيَعٌ والأصمع اللاصق أذنه برأسه؟ وقلب أصمع جرىء كأنه بخلاف من قال اللَّه فيه : وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ والصمعاء البهمى قبل أن تتفقا ، وكلاب صمع الكعوب ليسوا بأجوفها.
(صنع) : الصنع إجادة الفعل ، فكل صنع فعل وليس كل فعل صنعا ، ولا ينسب إلى الحيوانات والجمادات كما ينسب إليها الفعل ، قال : صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْ ءٍ - وَيَصْنَعُ الْفُلْكَ - وَاصْنَعِ الْفُلْكَ - أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً - صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ - تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ - بِما كانُوا يَصْنَعُونَ - حَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها - تَلْقَفْ ، ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا - وَاللَّهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ وللإجادة يقال للحاذق المجيد صنع وللحاذقة المجيدة صناع ، والصنيعة ما اصطنعته من خير ، وفرس

(1/3430)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 324
صنيع أحسن القيام عليه ، وعبر عن الأمكنة الشريفة بالمصانع ، قال :
وَ تَتَّخِذُونَ مَصانِعَ وكنى بالرشوة عن المصانعة والاصطناع المبالغة فى إصلاح الشيء وقوله : وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي - وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي إشارة إلى نحو ما قال بعض الحكماء : «إن اللَّه تعالى إذا أحب عبدا تفقده كما يتفقد الصديق صديقه».
(صنم) : الصنم جثة متخذة من فضة أو نحاس أو خشب كانوا يعبدونها متقربين به إلى اللَّه تعالى ، وجمعه أصنام قال تعالى : أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً - لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ قال بعض الحكماء : كل ما عبد من دون اللَّه بل كل ما يشغل عن اللَّه تعالى يقال له صنم ، وعلى هذا الوجه قال إبراهيم صلوات اللَّه عليه اجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ فمعلوم أن إبراهيم مع تحققه بمعرفة اللَّه تعالى واطلاعه على حكمته لم يكن ممن يخاف أن يعود إلى عبادة تلك الجثث التي كانوا يعبدونها فكأنه قال اجنبنى عن الاشتغال بما يصرفنى عنك.
(صنو) : الصنو الغصن الخارج عن أصل الشجرة ، يقال هما صنوا نخلة وفلان صنو أبيه ، والتثنية صنوان وجمعه صنوان قال : صِنْوانٌ وَغَيْرُ صِنْوانٍ.
(صهر) : الصهر الختن وأهل بيت المرأة يقال لهم الأصهار كذا قال الخليل. قال ابن الأعرابى : الاصهار التحرم بجوار أو نسب أو تزوج ، يقال رجل مصهر إذا كان له تحرم من ذلك قال : فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً والصهر إذابة الشحم قال : يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ والصهارة ما ذاب منه وقال أعرابى :
لأصهرنك بيمينى مرة ، أي لأذيبنك.
(صوب) : الصواب : يقال على وجهين ، أحدهما. باعتبار الشيء فى نفسه فيقال هذا صواب إذا كان فى نفسه محمودا ومرضيا بحسب مقتضى العقل والشرع نحو قولك : تحرى العدل صواب والكرم صواب. والثاني : يقال باعتبار القاصد إذا أدرك المقصود بحسب ما يقصده فيقال أصاب كذا أي وجد ما طلب كقولك أصابه السهم وذلك على أضرب الأول : أن يقصد ما يحسن قصده فيفعلة وذلك هو الصواب التام المحمود به الإنسان. والثاني أن يقصد ما يحسن فعله فيتأتى منه غيره لتقديره بعد اجتهاده أنه صواب وذلك هو المراد
بقوله عليه

(1/3431)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 325
السلام : «كل مجتهد مصيب»
و
روى «المجتهد مصيب وإن أخطأ فهذا له أجر»
كما
روى «من اجتهد فأصاب فله أجران ، ومن اجتهد فأخطأ فله أجر»
و الثالث :
أن يقصد صوابا فيتأتى منه خطأ لعارض من خارج نحو من يقصد رمى صيد فأصاب إنسانا فهذا معذور. والرابع : أن يقصد ما يقبح فعله ولكن يقع منه خلاف ما يقصده فيقال أخطأ فى قصده وأصاب الذي قصده أي وجده ، والصواب الإصابة يقال صابه وأصابه ، وجعل الصوب لنزول المطر إذا كان بقدر ما ينفع وإلى هذا القدر من المطر أشار بقوله : نَزَّلَ مِنَ السَّماءِ ماءً بِقَدَرٍ قال الشاعر :
فسقى ديارك غير مفسدها صوب الربيع وديمة تهمى
و الصيب السحاب المختص بالصوب وهو فيعل من صاب يصوب قال الشاعر :
فكأنما صابت عليه سحابة
و قوله : أَوْ كَصَيِّبٍ قيل هو السحاب وقيل هو المطر وتسميته به كتسميته بالسحاب ، وأصاب السهم إذا وصل إلى المرمى بالصواب ، والمصيبة أصلها فى الرمية ثم اختصت بالنائبة نحو : أَوَ لَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها - فَكَيْفَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ - وَما أَصابَكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعانِ - وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وأصاب جاء فى الخير والشر قال :
إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ - وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ - فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشاءُ - فَإِذا أَصابَ بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ قال بعضهم : الإصابة فى الخير اعتبارا بالصوب أي المطر ، وفى الشر اعتبارا بإصابة السهم ، وكلاهما يرجعان إلى أصل.
(صوت) : الصوت هو الهواء المنضغط عن قرع جسمين وذلك ضربان : صوت مجرد عن تنفس بشىء كالصوت الممتد ، وتنفس بصوت ما والتنفس ضربان : غير اختياري كما يكون من الجمادات ومن الحيوانات ، واختياري كما يكون من الإنسان وذلك ضربان : ضرب باليد كصوت العود وما يجرى مجراه ، وضرب بالفم. والذي بالفم ضربان : نطق ، وغير نطق ، وغير النطق كصوت الناى ، والنطق منه إما مفرد من الكلام ، وإما مركب كأحد

(1/3432)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 326
الأنواع من الكلام ، قال : وَخَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً وقال : إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ - لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وتخصيص الصوت بالنبي لكونه أعم من النطق والكلام ، ويجوز أنه خصه لأن المكروه رفع الصوت فوقه لا رفع الكلام ، ورجل صيت شديد الصوت وصائت صائح ، والصيت خص بالذكر الحسن ، وإن كان فى الأصل انتشار الصوت والإنصات هو الاستماع إليه مع ترك الكلام قال : وَإِذا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا وقال بعضهم : يقال للإجابة إنصات وليس ذلك بشىء فإن الإجابة تكون بعد الإنصات وإن استعمل فيه فذلك حث على الاستماع لتمكن الإجابة.
(صاح) : الصيحة رفع الصوت قال : إِنْ كانَتْ إِلَّا صَيْحَةً واحِدَةً - يَوْمَ يَسْمَعُونَ الصَّيْحَةَ بِالْحَقِّ أي النفخ فى الصور وأصله ت
(صيد) : الصيد مصدر صاد

(1/3433)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 327
و قيل فى قوله تعالى : ص وَالْقُرْآنِ وهو الحروف وقيل تلقه بالقبول من صاديت كذا واللَّه أعلم.
(صور) : الصور ما يتنقش به الأعيان ويتميز بها غيرها وذلك ضربان ، أحدهما محسوس يدركه الخاصة والعامة بل يدركه الإنسان وكثير من الحيوان كصورة الإنسان والفرس والحمار بالمعاينة ، والثاني معقول يدركه الخاصة دون العامة كالصورة التي اختص الإنسان بها من العقل والروية والمعاني التي خص بها شىء بشىء ، وإلى الصورتين أشار بقوله تعالى : ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ - وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وقال : فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ - يُصَوِّرُكُمْ فِي الْأَرْحامِ و
قال عليه السلام : «إن اللَّه خلق آدم على صورته»
فالصورة أراد بها ما خص الإنسان بها من الهيئة المدركة بالبصر والبصيرة وبها فضله على كثير من خلقه ، وإضافته إلى اللَّه سبحانه على سبيل الملك لا على سبيل البعضية والتشبيه ، تعالى عن ذلك ، وذلك على سبيل التشريف له كقوله : بيت اللَّه وناقة اللَّه ونحو ذلك : وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي - وَيَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ فقد قيل هو مثل قرن ينفخ فيه فيجعل اللَّه سبحانه ذلك سببا لعود الصور والأرواح إلى أجسامها و
روى فى الخبر «أن الصور فيه صورة الناس كلهم»
و قوله تعالى : فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ أي أملهن من الصور أي الميل ، وقيل قطعهن صورة صورة ، وقرىء : فَصُرْهُنَّ وقيل ذلك لغتان يقال صرته وصرته ، وقال بعضهم صرهن أي صح بهن وذكر الخليل أنه قال عصفور صوار وهو المجيب إذا دعى وذكره أبو بكر النقاش أنه قرىء فَصُرْهُنَّ بضم الصاد وتشديد الراء وفتحها من الصر أي الشد ، وقرىء فَصُرْهُنَّ من الصرير أي الصوت ومعناه صح بهن. والصوار القطيع من الغنم اعتبارا بالقطع نحو الصرمة والقطيع والفرقة وسائر الجماعة والمعتبر فيها معنى القطع.
(صير) : الصير الشق وهو المصدر ومنه قرىء : فَصُرْهُنَّ وصار إلى كذا انتهى إليه ومنه صير الباب لمصيره الذي ينتهى إليه فى تنقله وتحركه قال :
وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ وصار عبارة عن التنقل من حال إلى حال.
(صاع) : صواع الملك كان إناء يشرب به ويكال به ويقال له الصاع ويذكر ويؤنث قال تعالى : نَفْقِدُ صُواعَ الْمَلِكِ ثم قال : ثُمَّ اسْتَخْرَجَها ويعبر عن المكيل باسم ما يكال به فى قوله «صاع من بر أو صاع من شعير» وقيل الصاع بطن الأرض ، قال :
ذكروا بكفى لا عب فى صاع

(1/3434)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 328
و قيل بل الصاع هنا هو الصاع يلعب به مع كرة. وتصوع النبت والشعر هاج وتفرق ، والكمىّ يصوع أقرانه أي يفرقهم.
(صوغ) : قرىء (صوغ الملك) يذهب به إلى أنه كان مصوغا من الذهب.
(صوف) : قال تعالى : وَمِنْ أَصْوافِها وَأَوْبارِها وَأَشْعارِها أَثاثاً وَمَتاعاً إِلى حِينٍ وأخذ بصوفة قفاه ، أي بشعره النابت ، وكبش صاف وأصوف وصائف كثير الصوف. والصوفة قوم كان يخدمون الكعبة ، فقيل سموا بذلك ، لأنهم تشبكوا بها كتشبك الصوف بما نبت عليه ، والصوفان نبت أزغب والصوفي قيل منسوب إلى لبسه الصوف وقيل منسوب إلى الصوفة الذين كانوا يخدمون الكعبة لاشتغالهم بالعبادة ، وقيل منسوب إلى الصوفان الذي هو نبت لاقتصادهم واقتصارهم فى الطعم على ما يجرى مجرى الصوفان فى قلة الغناء فى الغذاء.
(صيف) : الصيف الفصل المقبل للشتاء ، قال : رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَالصَّيْفِ وسمى المطر الآتي فى الصيف صيفا كما سمى المطر الآتي فى الربيع ربيعا. وصافوا حصلوا فى الصيف ، وأصافوا دخلوا فيه.
(صوم) : الصوم فى الأصل الإمساك عن الفعل مطعما كان أو كلاما أو مشيا ، ولذلك قيل للفرس المسك عن السير أو العلف صائم قال الشاعر :
خيل صيام وأخرى غير صائمة
و قيل للريح الراكدة صوم ولاستواء النهار صوم تصورا لوقوف الشمس فى كبد السماء ، ولذلك قيل قام قائم الظهيرة ، ومصام الفرس ومصامته موقفه. والصوم فى الشرع إمساك المكلف بالنية من الخيط الأبيض إلى الخيط الأسود عن تناول الأطيبين والاستمناء والاستقاء وقوله : إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمنِ صَوْماً فقد قيل عنى به الإمساك عن الكلام بدلالة قوله تعالى : فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا.
(صيص) : مِنْ صَياصِيهِمْ أي حصونهم وكل ما يتحصن به يقال له صيصة وبهذا النظر قيل لقرن البقر صيصة وللشوكة التي يقاتل بها الديك صيصة ، واللَّه أعلم.

(1/3435)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 329
الضاد
(ضبح) : وَالْعادِياتِ ضَبْحاً قيل الضبح صوت أنفاس الفرس تشبيها بالضباح وهو صوت الثعلب ، وقيل هو حفيف العدو وقد يقال ذلك للعدو ، وقيل الضبح كالضبع وهو مد الضبع فى العدو ، وقيل أصله إحراق العود وشبه عدوه كتشبيهه بالنار فى كثرة حركتها.
(ضحك) : الضحك انبساط الوجه وتكشر الأسنان من سرور النفس ولظهور الأسنان عنده سميت مقدمات الأسنان الضواحك واستعير الضحك للسخرية وقيل ضحكت منه ورجل ضحكة يضحك من الناس وضحكة لمن يضحك منه ، قال : وَكُنْتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ - إِذا هُمْ مِنْها يَضْحَكُونَ - تَعْجَبُونَ وَتَضْحَكُونَ ويستعمل فى السرور المجرد نحو : مُسْفِرَةٌ ضاحِكَةٌ - فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا - فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً قال الشاعر :
يضحك الضبع لقتلى هذيل وترى الذئب لها تستهل
و استعمل للتعجب المجرد تارة ومن هذا المعنى قصد من قال الضحك يختص بالإنسان وليس يوجد فى غيره من الحيوان ، قال : ولهذا المعنى قال : وَأَنَّهُ هُوَ أَضْحَكَ وَأَبْكى - وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ وضحكها كان للتعجب أيضا بدلالة قوله : أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ ويدل على ذلك أيضا قوله : أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ إلى قوله : عَجِيبٌ وقول من قال حاضت فليس ذلك تفسير لقوله : فَضَحِكَتْ كما تصوره بعض المفسرين فقال ضحكت بمعنى حاضت وإنما ذكر ذلك تنصيصا لحالها وأن اللَّه جعل ذلك أمارة لما بشرت به فحاضت فى الوقت ليعلم أن حملها ليس بمنكر إذ كانت المرأة ما دامت تحيض فإنها تحبل ، وقول الشاعر فى صفة روضة.
يضاحك الشمس منها كوكب شرق
فإنه شبه تلألوها بالضحك ولذلك سمى البرق العارض ضاحكا ، والحجر يبرق ضاحكا وسمى البلح حين يتفتق ضاحكا ، وطريق صحوك واضح ، وضحك الغدير تلألأ من امتلائه وقد أضحكته.
(ضحى) : الضحى انبساط الشمس وامتداد النهار وسمى الوقت به قال :

(1/3436)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 330
وَ الشَّمْسِ وَضُحاها - إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها - وَالضُّحى وَاللَّيْلِ - وَأَخْرَجَ ضُحاها - وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى وضحى يضحى تعرض للشمس ، قال :
وَ أَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى أي لك أن تتصون من حر الشمس ، وتضحى أكل ضحى كقولك تغذى والضحاء والغذاء لطعامهما ، وضاحية كل شىء ناحيته البارزة ، وقيل للسماء الضواحي وليلة إضحيانة وضحياء مضيئة إضاءة الضحى. والأضحية جمعها أضاحى وقيل ضحية وضحايا وأضحاة وأضحى وتسميتها بذلك فى الشرع
لقوله عليه السلام : «من ذبح قبل صلاتنا هذه فليعد».
(ضد) : قال قوم الضدان الشيئان اللذان تحت جنس واحد ، وينافى كل واحد منهما الآخر فى أوصافه الخاصة ، وبينهما أبعد البعد كالسواد والبياض والشر والخير ، وما لم يكونا تحت جنس واحد لا يقال لهما ضدان كالحلاوة والحركة.
قالوا والضد هو أحد المتقابلات فإن المتقابلين هما الشيئان المختلفان للذات وكل واحد قبالة الآخر ولا يجتمعان فى شىء واحد فى وقت واحد وذلك أربعة أشياء :
الضدان كالبياض والسواد ، والمتناقضان كالضّعف والنصف ، والوجود والعدم كالبصر والعمى ، والموجبة والسالبة فى الأخبار نحو كل إنسان هاهنا ، وليس كل إنسان هاهنا. وكثير من المتكلمين وأهل اللغة يجعلون كل ذلك من المتضادات ويقول الضدان مالا يصح اجتماعهما فى محل واحد. وقيل : اللَّه تعالى لا ند له ولا ضد ، لأن الند هو الاشتراك فى الجوهر والضد هو أن يعتقب الشيئان المتنافيان على جنس واحد واللَّه تعالى منزه عن أن يكون جوهرا فإذا لا ضد له ولا ند ، وقوله : وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا أي منافين لهم.
(ضر) : الضر سوء الحال إما فى نفسه لقلة العلم والفضل والعفة ، وإما فى يديه لعدم جارحة ونقض ، وإما فى حالة ظاهرة من قلة مال وجاه ، وقوله :
فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ فهو محتمل لثلاثتها ، وقوله : وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ الضُّرُّ وقوله : فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنا إِلى ضُرٍّ مَسَّهُ يقال ضره ضرا جلب إليه ضرا وقوله : لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً ينبههم على قلة ما ينالهم من جهتهم ويؤمنهم من ضرر يلحقهم نحو : لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً - وَلَيْسَ بِضارِّهِمْ شَيْئاً - وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وقال تعالى :
وَ يَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وقال : يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا

(1/3437)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 331
يَنْفَعُهُ
و قوله : يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ. فالأول يعنى به الضر والنفع اللذان بالقصد والإرادة تنبيها أنه لا يقصد فى ذلك ضرّا ولا نفعا لكونه جمادا. وفى الثاني يريد ما يتولد من الاستعانة به ومن عبادته ، لا ما يكون منه بقصده ، والضراء يقابل بالسراء والنعماء والضر بالنفع ، قال : وَلَئِنْ أَذَقْناهُ نَعْماءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ - وَلا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً ورجل ضرير كناية عن فقد بصره وضرير الوادي شاطئه الذي ضره الماء ، والضرر المضار وقد ضاررته ، قال :
وَ لا تُضآرُّوهُنَّ وقال : وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ يجوز أن يكون مسندا إلى الفاعل كأنه قال لا يضارر ، وأن يكون مفعولا أي لا يضارر ، بأن يشغل عن صنعته ومعاشه باستدعاء شهادته لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها فإذا قرىء بالرفع فلفظه خبر ومعناه أمر ، وإذا فتح فأمر ، قال : ضِراراً لِتَعْتَدُوا والضرة أصلها الفعلة التي تضر وسمى المرأتان تحت رجل واحد كل واحدة منهما ضرة لاعتقادهم أنها تضر بالمرأة الأخرى ولأجل هذا النظر منهم
قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم : «لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفىء ما فى صحفتها»
و الضراء التزويج بضرة ، ورجل مضر دو زوجين فصاعدا ، وامرأة مضر لها ضرة ، والإضرار حمل الإنسان على ما يضره وهو فى المتعارف حمله على أمر يكرهه وذلك على ضربين :
أحدها : إضرار بسبب خارج كمن يضرب أو يهدد ، حتى يفعل منقادا ويؤخذ قهرا فيحمل على ذلك ، كما قال : ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ - ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ.
والثاني : بسبب داخل وذلك إما بقهر قوة له لا يناله بدفعها هلاك كمن غلب عليه شهوة خمر أو قمار ، وإما بقهر قوة له لا يناله بدفعها الهلاك كمن اشتد به الجوع فاضطر إلى أكل ميتة وعلى هذا قوله : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ - فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ وقال : أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذا دَعاهُ فهو عام فى كل ذلك والضروري يقال على ثلاثة أضرب :
أحدها : إما يكون على طريق القهر والقسر لا على الاختيار كالشجر إذا حركته الرياح الشديدة.
والثاني : ما لا يحصل وجوده إلا به نحو الغذاء الضروري للإنسان فى حفظ البدن.

(1/3438)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 332
و الثالث : يقال فيما لا يمكن أن يكون على خلافه نحو أن يقال الجسم الواحد لا يصح حصوله فى مكانين فى حالة واحدة بالضرورة.
وقيل الضرة الأنملة وأصل الضرع والشحمة المتدلية من الألية.
(ضرب) : الضرب إيقاع شىء على شىء ولتصور اختلاف الضرب خولف بين تفاسيرها كضرب الشيء باليد والعصاء والسيف ونحوها قال :
فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ - فَضَرْبَ الرِّقابِ - فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها
- أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ - فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ - يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وضرب الأرض بالمطر وضرب الدراهم اعتبارا بضرب المطرقة وقيل له الطبع اعتبارا بتأثير السكة فيه ، وبذلك شبه السجية وقيل لها الضريبة والطبيعة. والضرب فى الأرض الذهاب فيها هو ضربها بالأرجل. قال :
وَ إِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ - وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ وقال :
لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ ومنه : فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ وضرب الفحل الناقة تشبيها بالضرب بالمطرقة كقولك طرقها تشبيها بالطرق بالمطرقة ، وضرب الخيمة بضرب أوتادها بالمطرقة وتشبيها بالخيمة ، قال :
ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أي التحفتهم الذلة التحاف الخيمة بمن ضربت عليه وعلى هذا : وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ومنه استعير : فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً وقوله : فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ وضرب العود والناى والبوق يكون بالأنفاس وضرب اللبن بعضه على بعض بالخلط ، وضرب المثل هو من ضرب الدراهم وهو ذكر شىء أثره يظهر فى غيره ، قال : ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا - وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا - ضَرَبَ لَكُمْ مَثَلًا مِنْ أَنْفُسِكُمْ - وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ - وَلَمَّا ضُرِبَ ابْنُ مَرْيَمَ مَثَلًا - ما ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا - وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلَ الْحَياةِ الدُّنْيا - أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحاً والمضاربة ضرب من الشركة.
والمضرّبة ما أكثر ضربه بالخياطة والتضريب التحريض كأنه حث على الضرب الذي هو بعد فى الأرض ، والاضطراب كثرة الذهاب فى الجهات من الضرب فى الأرض ، واستضراب الناقة : استدعاء ضرب الفحل إياها.
(ضرع) : الضرع ضرع الناقة والشاة وغيرهما ، وأضرعت الشاة نزل اللبن فى ضرعها لقرب نتاجها وذلك نحو أتمر وألبن إذا كثر تمره ولبنه وشاة ضريع عظيمة الضرع ، وأما قوله : لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ فقيل هو يبيس

(1/3439)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 333
الشبرق ، وقيل نبات أحمر منتن الريح يرمى به البحر وكيفما كان فإشارة إلى شىء منكر. وضرع إليهم تناول ضرع أمه ، وقيل منه ضرع الرجل ضراعة ضعف وذل فهو ضارع وضرع وتضرع أظهر الضراعة. قال : تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً - لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ - لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ أي يتضرعون فأدغم : فَلَوْ لا إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا تَضَرَّعُوا والمضارعة أصلها التشارك فى الضراعة ثم جرد للمشاركة ومنه استعار النحويون لفظ الفعل المضارع.
(ضعف) : الضعف خلاف القوة وقد ضعف فهو ضعيف ، قال :
ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ والضعف قد يكون فى النفس وفى البدن وفى الحال وقيل الضّعف والضّعف لغتان. قال : وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً قال :
وَ نُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا قال الخليل رحمه اللَّه : الضعف بالضم فى البدن ، والضعف فى العقل والرأى ، ومنه قوله تعالى : فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً وجمع الضعيف ضعاف وضعفاء. قال تعالى : لَيْسَ عَلَى الضُّعَفاءِ واستضعفته وجدته ضعيفا ، قال : وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ - قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ - إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وقوبل بالاستكبار فى قوله : قالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا وقوله : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ ضَعْفٍ قُوَّةً ثُمَّ جَعَلَ مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ ضَعْفاً والثاني غير الأول وكذا الثالث فإن قوله :
خَلَقَكُمْ مِنْ ضَعْفٍ أي من نطفة أو من تراب والثاني هو الضعف الموجود فى الجنين والطفل. والثالث الذي بعد الشيخوخة وهو المشار إليه بأرذل العمر.
والقوتان : الأولى هى التي تجعل للطفل من التحرك وهدايته واستسقاء؟؟؟ اللبن ودفع الأذى عن نفسه بالبكاء ، والقوة الثانية هى التي بعد البلوغ ويدل على أن كل واحد من قوله ضعف إشارة إلى حالة غير الحالة الأولى ذكره منكرا والمنكر متى أعيد ذكره وأريد به ما تقدم عرف كقولك : رأيت رجلا فقال لى الرجل كذا.
ومتى ذكر ثانيا منكرا أريد به غير الأول ، ولذلك قال ابن عباس فى قوله :
فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً «لن يغلب عسر يسرين» وقوله :
وَ خُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً فضعفه كثرة حاجاته التي يستغنى عنها الملأ الأعلى وقوله : إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطانِ كانَ ضَعِيفاً فضعف كيده إنما هو مع من صار من عباد اللَّه المذكورين فى قوله : إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ والضعف هو من الألفاظ المتضايفة التي يقتضى وجود أحدهما وجود الآخر

(1/3440)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 334
كالنصف والزوج ، وهو تركب قدرين متساويين ويختص بالعدد ، فإذا قيل أضعفت الشيء وضعفته وضاعفته ضممت إليه مثله فصاعدا. قال بعضهم :
ضاعفت أبلغ من ضعفت ، ولهذا قرأ أكثرهم : يُضاعَفْ لَهَا الْعَذابُ ضِعْفَيْنِ - وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها وقال : مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها والمضاعفة على قضية هذا القول تقتضى أن يكون عشر أمثالها ، وقيل ضعفته بالتخفيف ضعفا فهو مضعوف ، فالضعف مصدر والضعف اسم كالشىء والشيء ، فضعف الشيء هو الذي يثنيه ، ومتى أضيف إلى عدد اقتضى ذلك العدد ومثله نحو أن يقال ضعف العشرة وضعف المائة فذلك عشرون ومائتان بلا خلاف ، وعلى هذا قول الشاعر :
جزيتك ضعف الود لما اشتكيته وما إن جزاك الضعف من أحد قبلى
و إذا قيل أعطه ضعفى واحد فإن ذلك اقتضى الواحد ومثليه وذلك ثلاثة لأن معناه الواحد واللذان يزاوجانه وذلك ثلاثة ، هذا إذا كان الضعف مضافا ، فأما إذا لم يكن مضافا فقلت الضعفين فإن ذلك يجرى مجرى الزوجين فى أن كل واحد منهما يزاوج الآخر فيقتضى ذلك اثنين لأن كل واحد منهما يضاعف الآخر فلا يخرجان عن الاثنين بخلاف ما إذا أضيف الضعفان إلى واحد فيثلثهما نحو ضعفى الواحد ، وقوله : فَأُولئِكَ لَهُمْ جَزاءُ الضِّعْفِ وقوله : لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً فقد قيل أتى باللفظين على التأكيد وقيل بل المضاعفة من الضّعف لا من الضّعف ، والمعنى ما يعدونه ضعفا فهو ضعف أي نقص كقوله :
وَ ما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وكقوله : يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقاتِ ، وهذا المعنى أخذه الشاعر فقال :
ريادة شيب وهى نقص زيادتى
و قوله : فَآتِهِمْ عَذاباً ضِعْفاً مِنَ النَّارِ فإنهم سألوه أن يعذبهم عذابا بضلالهم ، وعذابا بإضلالهم كما أشار إليه بقوله : لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ كامِلَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ وَمِنْ أَوْزارِ الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ وقوله : لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ أي لكل منهم ضعف ما لكم من العذاب وقيل أي لكل منهم ومنكم ضعف ما يرى الآخر فإن من العذاب ظاهرا وباطنا وكل يدرك من الآخر الظاهر دون الباطن فيقدر أن ليس له العذاب الباطن.
(ضغث) : الضغث قبضة ريحان أو حشيش أو قضبان وجمعه أضغاث.

(1/3441)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 335
قال : وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً وبه شبه الأحلام المختلطة التي لا يتبين حقائقها.
قالُوا أَضْغاثُ أَحْلامٍ حزم أخلاط من الأحلام.
(ضغن) : الضّغن والضّغن الحقد الشديد ، وجمعه أضغان ، قال :
أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللَّهُ أَضْغانَهُمْ وبه شبه الناقة فقالوا ذات ضغن ، وقناة ضغنة عوجاء والاضغان الاشتمال بالثوب وبالسلاح ونحوهما.
(ضل) : الضلال العدول عن الطريق المستقيم ويضاده الهداية ، قال تعالى : فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها ويقال الضلال لكل عدول عن المنهج عمدا كان أو سهوا ، يسيرا كان أو كثيرا ، فإن الطريق المستقيم الذي هو المرتضى صعب جدا ،
قال النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم : «استقيموا ولن تحصلوا»
و قال بعض الحكماء : كوننا مصيبين من وجه وكوننا ضالين من وجوه كثيرة ، فإن الاستقامة والصواب يجرى مجرى المقرطس من المرمى وما عداه من الجوانب كلها ضلال. ولما قلنا روى عن بعض الصالحين أنه رأى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فى منامه فقال : يا رسول اللَّه يروى لنا إنك قلت : «شيبتنى سورة هود وأخواتها فما الذي شيبك منها؟ فقال : قوله : فَاسْتَقِمْ كَما أُمِرْتَ» وإذا كان الضلال ترك الطريق المستقيم عمدا كان أو سهوا ، قليلا كان أو كثيرا ، صح أن يستعمل لفظ الضلال ممن يكون منه خطأ ما ولذلك نسب الضلال إلى الأنبياء وإلى الكفار ، وإن كان بين الضلالين بون بعيد ، ألا ترى أنه قال فى النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم :
وَ وَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى أي غير مهتد لما سيق إليك من النبوة. وقال فى يعقوب : إِنَّكَ لَفِي ضَلالِكَ الْقَدِيمِ وقال أولاده : إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ إشارة إلى شغفه بيوسف وشوقه إليه وكذلك : قَدْ شَغَفَها حُبًّا إِنَّا لَنَراها فِي ضَلالٍ مُبِينٍ وقال عن موسى عليه السلام : وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ تنبيه أن ذلك منه سهو ، وقوله : أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما أي تنسى وذلك من النسيان الموضوع عن الإنسان. والضلال من وجه آخر ضربان : ضلال فى العلوم النظرية كالضلال فى معرفة اللَّه ووحدانيته ومعرفة النبوة ونحوهما المشار إليهما بقوله : وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً وضلال فى العلوم العملية كمعرفة الأحكام الشرعية التي هى العبادات ، والضلال البعيد إشارة إلى ما هو كفر كقوله على ما تقدم من قوله : وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وقوله : إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا ضَلالًا

(1/3442)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 336
بَعِيداً
و كقوله : أولئك فِي الْعَذابِ وَالضَّلالِ الْبَعِيدِ أي فى عقوبة الضلال البعيد ، وعلى ذلك قوله : إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا فِي ضَلالٍ كَبِيرٍ - قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيراً وَضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ وقوله : أَإِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ كناية عن الموت واستحالة البدن. وقوله : وَلَا الضَّالِّينَ فقد قيل عنى بالضالين النصارى وقوله : فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى أي لا يضل عن ربى ولا يضل ربى عنه أي لا يغفله ، وقوله : كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ أي فى باطل وإضلال لأنفسهم. والإضلال ضربان ، أحدهما : أن يكون سببه الضلال وذلك على وجهين : إما بأن يضل عنك الشيء كقولك أضللت البعير أي ضل عنى ، وإما أن تحكم بضلاله ، والضلال فى هذين سبب الإضلال. والضرب الثاني : أن يكون الإضلال سببا للضلال وهو أن يزين للإنسان الباطل ليضل كقوله : لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ
- وَما يُضِلُّونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ أي يتحرون أفعالا يقصدون بها أن تضل فلا يحصل من فعلهم ذلك إلا ما فيه ضلال أنفسهم وقال عن الشيطان : وَلَأُضِلَّنَّهُمْ وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ وقال فى الشيطان :
وَ لَقَدْ أَضَلَّ مِنْكُمْ جِبِلًّا كَثِيراً - وَيُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيداً - وَلا تَتَّبِعِ الْهَوى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وإضلال اللَّه تعالى للإنسان على أحد وجهين : أحدهما أن يكون سببه الضلال وهو أن يضل الإنسان فيحكم اللَّه عليه بذلك فى الدنيا ويعدل به عن طريق الجنة إلى النار فى الآخرة وذلك إضلال هو حق وعدل ، فالحكم على الضال بضلاله والعدول به عن طريق الجنة إلى النار عدل وحق. والثاني من إضلال اللَّه هو أن اللَّه تعالى وضع جبلة الإنسان على هيئة إذا راعى طريقا محمودا كان أو مذموما ألفه واستطابه ولزمه وتعذر صرفه وانصرافه عنه ويصير ذلك كالطبع الذي يأبى على الناقل ، ولذلك قيل : العادة طبع ثان. وهذه القوة فى الإنسان فعل إلهي ، وإذا كان كذلك وقد ذكر فى غير هذا الموضع أن كل شىء يكون سببا فى وقوع فعل صح نسبة ذلك الفعل إليه فصح أن ينسب ضلال العبد إلى اللَّه من هذا الوجه فيقال أضله اللَّه لا على الوجه الذي يتصوره الجهلة ولما قلناه جِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ
و الختم على القلب فى قوله : خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وزيادة المرض فى قوله : فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً.
(ضم) : الضم الجمع بين الشيئين فصاعدا. قال : وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ - وَاضْمُمْ إِلَيْكَ جَناحَكَ والإضمامة جماعة من الناس أو من الكتب أو الريحان أو نحو ذلك ، وأسد ضمضم وضماضم يضم الشيء إلى نفسه. وقيل بل هو المجتمع الخلق ، وفرس سباق الأضاميم إذا سبق جماعة من الأفراس دفعة واحدة.
(ضمر) : الضامر من الفرس الخفيف اللحم من الأعمال لا من الهزال ، قال : وَعَلى كُلِّ ضامِرٍ يقال ضمر ضمورا واضطمر فهو مضطمر ، وضمرته أنا ، والمضمار الموضع الذي يضمر فيه. والضمير ما ينطوى عليه القلب ويدق على الوقوف عليه ، وقد تسمى القوة الحافظة لذلك ضميرا.
(ضن) : قال : وَما هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ أي ما هو ببخيل ، والضنة هو البخل بالشيء النفيس ولهذا قيل : علق مضنة ومضنة ، وفلان ضنى بين أصحابى أي هو النفيس الذي أضن به ، يقال : ضننت بالشيء ضنا وضنانة ، وقيل : ضننت.
(ضنك) : مَعِيشَةً ضَنْكاً أي ضيقا وقد ضنك عيشه ، وامرأة ضناك ، مكتنزة والضناك الزكام والمضنوك المزكوم.
(ضاهى) : يُضاهِؤُنَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي يأكلون ، وقيل أصله الهمز ، وقد قرىء به ، والضهياء المرأة التي لا تحيض وجمعه ضهى.
(ضير) : الضير المضرة يقال ضاره وضره ، قال : لا ضَيْرَ إِنَّا إِلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ ، وقوله : لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً.
(ضيز) : تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى أي ناقصة أصله فعلى فكسرت الضاد للياء ، وقيل ليس فى كلامهم فعلى.
(ضيع) : ضاع الشيء يضيع ضياعا ، وأضعته وضيعته ، قال :
لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ - إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا - وَما كانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمانَكُمْ - لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ وضيعة الرجل عقاره الذي يضيع ما لم يفتقد وجمعه ضياع ، وتضيع الريح إذا هبت هبوبا يضيع ما هبت عليه.

(1/3443)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 338
(ضيف) : أصل الضيف الميل ، يقال ضفت إلى كذا وأضفت كذا إلى كذا ، وضافت الشمس للغروب وتضيفت وضاف السهم عن الهدف وتضيف ، والضيف من مال إليك نازلا بك ، وصارت الضيافة متعارفة فى القرى وأصل الضيف مصدر ، ولذلك استوى فيه الواحد ، والجمع فى عامة كلامهم وقد يجمع فيقال أضياف وضيوف وضيفان ، قال : ضَيْفِ إِبْراهِيمَ - وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي - إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي ويقال استضفت فلانا فأضافنى وقد ضفته ضيفا فأنا ضائف وضيف. وتستعمل الإضافة فى كلام النحويين فى اسم مجرور يضم إليه اسم قبله ، وفى كلام بعضهم فى كل شىء يثبت بثبوته آخر كالأب والابن والأخ والصديق ، فإن كل ذلك يقتضى وجوده وجود آخر ، فيقال لهذه الأسماء المتضايفة.
(ضيق) : الضيق ضد السعة ، ويقال الضّيق أيضا : والضيقة يستعمل فى الفقر والبخل والغم ونحو ذلك ، قال : وَضاقَ بِهِمْ ذَرْعاً أي عجز عنهم وقال : وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ - وَيَضِيقُ صَدْرِي - ضَيِّقاً حَرَجاً - ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ - وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ - وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ كل ذلك عبارة عن الحزن وقوله : وَلا تُضآرُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ينطوى على تضييق النفقة وتضييق الصدر ، ويقال فى الفقر ضاق وأضاق فهو مضيق واستعمال ذلك فيه كاستعمال الوسع فى ضده.
(ضأن) : الضأن معروف ، قال : مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وأضأن الرجل إذا كثر ضأنه ، وقيل الضائنة واحد الضأن.
(ضوأ) : الضوء ما انتشر من الأجسام النيرة ويقال ضاءت النار وأضاءت وأضاءها غيرها قال : فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ - كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ - يَكادُ زَيْتُها يُضِي ءُ - يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ وسمى كتبه المهتدى بها ضياء فى نحو قوله : وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً.

(1/3444)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 339
الطاء
(طبع) : الطبع أن تصور الشيء بصورة ما كطبع السكة وطبع الدراهم وهو أعم من الختم وأخص من النقش ، والطابع والخاتم ما يطبع به ويختم. والطابع فاعل ذلك وقيل للطابع طابع وذلك كتسمية الفعل إلى الآلة نحو سيف قاطع ، قال : فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ - كَذلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلى قُلُوبِ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ - كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ وقد تقدم الكلام فى قوله : خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وبه اعتبر الطبع والطبيعة التي هى السجية فإن ذلك هو نقش النفس بصورة ما إما من حيث الخلقة وإما من حيث العادة وهو فيما ينقش به من حيث الخلقة أغلب ، ولهذا قيل.
وتأبى الطباع على الناقل
و طبيعة النار وطبيعة الدواء ما سخر اللَّه له من مزاجه وطبع السيف صدؤه ودنسه وقيل رجل طبع وقد حمل بعضهم : طَبَعَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وكَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ على ذلك ومعناه دنسه كقوله : بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ وقوله : أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ وقيل طبعت المكيال إذا ملأته وذلك لكون الملء كالعلامة المانعة من تناول بعض ما فيه ، والطبع المطبوع أي المملوء قال الشاعر :
كزوايا الطبع همت بالوجل
(طبق) : المطابقة من الأسماء المتضايفة وهو أن تجعل الشيء فوق آخر بقدره ، ومنه طابقت النعل ، قال الشاعر :
إذ لاوذ الظل القصير بخفه وكان طباق الخف أو قل زائدا
ثم يستعمل الطباق فى الشيء الذي يكون فوق الآخر تارة وفيما يوافق غيره تارة كسائر الأشياء الموضوعة لمعنيين ، ثم يستعمل فى أحدهما دون الآخر كالكأس والرواية : ونحوهما قال : الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً أي بعضها فوق بعض وقوله : لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ أي يترقى منزلا عن منزل وذلك إشارة إلى أحوال الإنسان من ترقيه فى أحوال شتى فى الدنيا نحو ما أشار إليه بقوله :

(1/3445)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 340
خَلَقَكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ وأحوال شتى فى الآخرة من النشور والبعث والحساب وجواز الصراط إلى حين المستقر فى إحدى الدارين. وقيل لكل جماعة متطابقة هم فى أم طبق ، وقيل الناس طبقات ، وطابقته على كذا وتطابقوا وأطبقوا عليه ومنه جواب يطابق السؤال. والمطابقة فى المشي كمشى المقيد ، ويقال لما يوضع عليه الفواكه ولما يوضع على رأس الشيء طبق ولكل فقرة من فقار الظهر طبق لتطابقها ، وطبقته بالسيف اعتبارا بمطابقة النعل ، وطبق الليل والنهار ساعاته المطابقة ، وأطبقت عليه الباب ، ورحل عياياء طبقاقاء لمن انغلق عليه الكلام من قولهم أطبقت الباب وفحل طبقاء انطبق عليه الضراب فعجز عنه وعبر عن الداهية ببنت الطبق ، وقولهم : وافق شن طبقة وهما قبيلتان.
(طحا) : الطحو كالدحو وهو بسط الشيء والذهاب به ، قال :
وَ الْأَرْضِ وَما طَحاها قال الشاعر :
طحا بك قلب فى الحسان طروب
أي ذهب.
(طرح) : الطرح إلقاء الشيء وإبعاده والطروح المكان البعيد ، ورأيته من طرح أي بعد ، والطرح المطروح لقلة الاعتداد به ، قال : اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً.
(طرد) : الطرد هو الإزعاج والإبعاد على سبيل الاستخفاف ، يقال طردته ، قال تعالى : وَيا قَوْمِ مَنْ يَنْصُرُنِي مِنَ اللَّهِ إِنْ طَرَدْتُهُمْ - وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ - وَما أَنَا بِطارِدِ الْمُؤْمِنِينَ - فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ ويقال أطرده السلطان وطرده إذا أخرجه عن بلده وأمر أن يطرد من مكان حله وسمى ما يثار من الصيد طردا وطريدة. ومطاردة الأقران مدافعة بعضهم بعضا ، والمطرد ما يطرد به ، واطراد الشيء متابعة بعضه بعضا.
(طرف) : طرف الشيء جانبه ويستعمل فى الأجسام والأوقات وغيرهما ، قال : فَسَبِّحْ وَأَطْرافَ النَّهارِ - أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ومنه استعير : هو كريم الطرفين أي الأب والأم وقيل الذكر واللسان إشارة إلى العفة ، وطرف العين جفنه ، والطرف تحريك الجفن وعبر به عن النظر إذ كان تحريك الجفن لازمه النظر ، وقوله : قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ - فِيهِنَّ قاصِراتُ

(1/3446)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 341
الطَّرْفِ
عبارة عن إغضائهن لعفتهن ، وطرف فلان أصيب طرفه ، وقوله :
لِيَقْطَعَ طَرَفاً فتخصيص قطع الطرف من حيث إن تنقيص طرف الشيء يتوصل به إلى توهينه وإزالته ، ولذلك قال : نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها والطراف بيت أدم يؤخذ طرفه ومطرف الخز ومطرف ما يجعل له طرف ، وقد أطرفت مالا ، وناقة طرفة ومستطرفة ترعى إسراف المرعى كالبعير والطريف ما يتناوله ، ومنه قيل مال طريف ورجل طريف لا يثبت على امرأة ، والطرف الفرس الكريم وهو الذي يطرف من حسنه ، فالطرف فى الأصل هو المطروف أي المنظور إليه كالنقض فى معنى المنقوض ، وبهذا النظر قيل هو قيد النواظر فيما يحسن حتى يثبت عليه النظر.
(طرق) : الطريق السبيل الذي يطرق بالأرجل أي يضرب ، قال :
طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ وعنه استعير كل مسلك يسلكه الإنسان فى فعل محمودا كان أو مذموما ، قال : وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى وقيل طريقة من النخل تشبيها بالطريق فى الامتداد والطرق فى الأصل كالضرب إلا أنه أخص لأنه ضرب توقع كطرق الحديد بالمطرقة ، ويتوسع فيه توسعهم فى الضرب ، وعنه استعير طرق الحصى للتكهن ، وطرق الدواب الماء بالأرجل حتى تكدره حتى سمى الماء الدنق طرقا ، وطارقت النعل وطرقتها تشبيها بطرق النعل فى الهيئة ، قيل طارق بين الدرعين ، وطرق الخوافي أن يركب بعضها بعضا ، والطارق السالك للطريق ، لكن خص فى المتعارف بالآتى ليلا فقيل : طرق أهله طروقا ، وعبر عن النجم بالطارق لاختصاص ظهوره بالليل ، قال : وَالسَّماءِ وَالطَّارِقِ قال الشاعر :
نحن بنات طارق
و عن الحوادث التي تأتى ليلا بالطوارق ، وطرق فلان قصد ليلا ، قال الشاعر :
كأنى أنا المطروق دونك بالذي طرقت به دونى وعينى تهمل
و باعتبار الضرب قيل طرق الفحل الناقة وأطرقتها واستطرقت فلانا فحلا ، كقولك ضربها الفحل وأضربتها واستضربته فحلا ، ويقال للناقة طروقة ، وكنى بالطروقة عن المرأة. وأطرق فلان أغضى كأنه صار عينه طارقا للأرض أي ضاربا له كالضرب بالمطرقة وباعتبار الطريق ، قيل جاءت الإبل مطاريق أي جاءت على طريق واحد ، وتطرق إلى كذا نحو توسل وطرقت له جعلت له طريقا ، وجمع الطريق طرق ، وجمع طريقة طرائق ، قال : كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً إشارة إلى

(1/3447)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 342
اختلافهم فى درجاتهم كقوله : هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللَّهِ وأطباق السماء يقال لها طرائق ، قال اللَّه تعالى : وَلَقَدْ خَلَقْنا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرائِقَ ورجل مطروق فيه لين ، واسترخاء من قولهم هو مطروق أي أصابته حادثة لينته أو لأنه مضروب كقولك مقروع أو مدوخ أو لقولهم ناقة مطروقة تشبيها بها فى الذلة.
(طرى) : قال : لَحْماً طَرِيًّا أي غضا جديدا من الطراء والطراوة ، يقال طريت كذا فطرى ، ومنه المطراة من الثياب ، والإطراء مدح يجدد ذكره وطرأ بالهمز طلع.
(طس) : هما حرفان وليس من قولهم طس وطموس فى شىء.
(طعم) : الطعم تناول الغذاء ويسمى ما يتناول منه طعم وطعام ، قال :
وَ طَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ قال وقد اختص بالبر فيما
روى أبو سعيد : «أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أمر بصدقة الفطر صاعا من طعام أو صاعا من شعير»
قال : وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ - طَعاماً ذا غُصَّةٍ - طَعامُ الْأَثِيمِ - وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ أي إطعامه الطعام فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وقال تعالى : لَيْسَ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جُناحٌ فِيما طَعِمُوا قيل وقد يستعمل طعمت فى الشراب كقوله : فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي وقال بعضهم : إنما قال : وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ تنبيها أنه محظور أن يتناول إلا غرفة مع طعام كما أنه محظور عليه أن يشربه إلا غرفة فإن الماء قد يطعم إذا كان مع شىء يمضغ ، ولو قال ومن لم يشربه لكان يقتضى أن يجوز تناوله إذا كان فى طعام ، فلما قال : وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ بين أنه لا يجوز تناوله على كل حال إلا قدر المستثنى وهو الغرفة باليد ، و
قول النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم فى زمزم : «إنه طعام طعم وشفاء سقم»
فتنبيه منه أنه يغذى بخلاف سائر المياه ، واستطعمه فأطعمه ، قال : اسْتَطْعَما أَهْلَها - وَأَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ - وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ - أَنُطْعِمُ - مَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ - الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ - وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ - وَما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ و
قال عليه الصلاة والسلام : «إذا استطعمكم الإمام فأطعموه»
أي إذ استخلفكم عند الارتياح فلقنوه ، ورجل طاعم حسن الحال ، ومطعم مرزوق ، ومطعام كثير الإطعام ، ومطعم كثير الطعم ، والطعمة ما يطعم.
(طعن) : الطعن الضرب بالرمح وبالقرن وما يجرى مجراهما ، وتطاعنوا واطعنوا واستعير للوقيعة ، قال : وَطَعْناً فِي الدِّينِ - وَطَعَنُوا فِي دِينِكُمْ.

(1/3448)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 343
(طغى) : طغوت وطغيت طغوانا وطغيانا وأطغاه كذا حمله على الطغيان ، وذلك تجاوز الحد فى العصيان ، قال : إِنَّهُ طَغى - إِنَّ الْإِنْسانَ لَيَطْغى وقال : قالا رَبَّنا إِنَّنا نَخافُ أَنْ يَفْرُطَ عَلَيْنا أَوْ أَنْ يَطْغى - وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي وقال تعالى : فَخَشِينا أَنْ يُرْهِقَهُما طُغْياناً وَكُفْراً - فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ - إِلَّا طُغْياناً كَبِيراً - وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ - قالَ قَرِينُهُ رَبَّنا ما أَطْغَيْتُهُ والطغوى الاسم منه ، وقال : كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها تنبيها أنهم لم يصدقوا إذا خوفوا بعقوبة طغيانهم. وقوله : هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى تنبيها أن الطغيان لا يخلص الإنسان فقد كان قوم نوح أطغى منهم فأهلكوا. وقوله :
إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ فاستعير الطغيان فيه لتجاوز الماء الحد وقوله : فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ فإشارة إلى الطوفان المعبر عنه بقوله : إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ والطاغوت عبارة عن كل متعد وكل معبود من دون اللَّه ويستعمل فى الواحد والجمع ، قال : فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ - وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ - أَوْلِياؤُهُمُ الطَّاغُوتُ - يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ فعبارة عن كل متعد ، ولما تقدم سمى الساحر والكاهن والمارد من الجن والصارف عن طريق الخير طاغوتا ووزنه فيما قيل فعلوت نحو جبروت وملكوت ، وقيل أصله طغووت ولكن قلب لام الفعل نحو صاعقة وصاقعة ثم قلب الواو ألفا لتحركه وانفتاح ما قبله.
(طف) : الطفيف الشيء النزر ومنه الطفافة لما لا يعتد به ، وطفف الكيل قل نصيب المكيل له فى إيفائه واستيفائه. قال : وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ.
(طفق) : يقال طفق يفعل كذا كقولك أخذ يفعل كذا ويستعمل فى الإيجاب دون النفي ، لا يقال ما طفق. قال : فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ - وَطَفِقا يَخْصِفانِ.
(طفل) : الطفل الولد مادام ناعما ، وقد يقع على الجمع ، قال : ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلًا - أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا وقد يجمع على أطفال قال :
وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ وباعتبار النعومة قيل امرأة طفلة وقد طفلت طفولة وطفالة ، والمطفل من الظبية التي معها طفلها ، وطفلت الشمس إذا همت بالدور ولما يستمكن الضح من الأرض قال :
و على الأرض غيابات الطفل

(1/3449)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 344
و أما طفل إذا أتى طعاما لم يدع إليه فقيل إنما هو من طفل النهار وهو إتيانه فى ذلك الوقت ، وقيل هو أن يفعل فعل طفيل العرائس وكان رجلا معروفا بحضور الدعوات يسمى طفيلا.
(طلل) : الطل أضعف المطر وهو ماله أثر قليل. قال : فَإِنْ لَمْ يُصِبْها وابِلٌ فَطَلٌّ وطل الأرض فهى مطلولة ومنه طل دم فلان إذا قل الاعتداد به ، ويصير أثره كأنه طل ، ولما بينهما من المناسبة قيل لأثر الدار طلل ولشخص الرجل المترائى طلل ، وأطل فلان أشرف طلله.
(طفى ء) : طفئت النار وأطفأتها ، قال : يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ - يُرِيدُونَ لِيُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ والفرق بين الموضعين أن فى قوله : يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا يقصدون إطفاء نور اللَّه وفى قوله : لِيُطْفِؤُا يقصدون أمرا يتوصلون به إلى إطفاء نور اللَّه.
(طلب) : الطلب الفحص عن وجود الشيء عينا كان أو معنى. قال :
فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً وقال : ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ وأطلبت فلانا إذا أسعفته لما طلب وإذا أحوجته إلى الطلب ، وأطلب الكلأ إذا تباعد حتى احتاج أن يطلب.
(طلت) : طالوت اسم أعجمى.
(طلح) : الطلح شجر ، الواحدة طلحة. قال : وَطَلْحٍ مَنْضُودٍ وإبل طلاحى منسوب إليه وطلحة مشتكية من أكله. والطلح والطليح المهزول المجهود ومنه ناقة طليح أسفار ، والطلاح منه ، وقد يقابل به الصلاح.
(طلع) : طلع الشمس طلوعا ومطلعا ، قال : وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ والمطلع موضع الطلوع حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ وعنه استعير طلع علينا فلان واطلع ، قال : هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ - فَاطَّلَعَ قال : فَأَطَّلِعَ إِلى إِلهِ مُوسى وقال :
أَطَّلَعَ الْغَيْبَ - لَعَلِّي أَطَّلِعُ إِلى إِلهِ مُوسى ، واستطلعت رأيه وأطلعتك على كذا ، وطلعت عنه غبت والطلاع ما طلعت عليه الشمس والإنسان ، وطليعة الجيش أول من يطلع ، وامرأة طلعة قبعة تظهر رأسها مرة وتستر أخرى ، وتشبيها

(1/3450)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 345
بالطلوع قيل طلع النخل لَها طَلْعٌ نَضِيدٌ - طَلْعُها كَأَنَّهُ رُؤُسُ الشَّياطِينِ أي ما طلع منها وَنَخْلٍ طَلْعُها هَضِيمٌ وقد أطلعت النخل وقوس طلاع الكف :
ملء الكف.
(طلق) : أصل الطلاق التخلية من الوثاق ، يقال أطلقت البعير من عقاله وطلقته ، وهو طالق وطلق بلا قيد ، ومنه استعير طلقت المرأة نحو خليتها فهى طالق أي مخلاة عن حبالة النكاح ، قال : فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ - الطَّلاقُ مَرَّتانِ - وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ فهذا عام فى الرجعية وغير الرجعية ، وقوله : وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ خاص فى الرجعية وقوله : فَإِنْ طَلَّقَها فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ أي بعد البين فَإِنْ طَلَّقَها فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يَتَراجَعا يعنى الزوج الثاني. وانطلق فلان إذ مر متخلفا ، وقال تعالى : فَانْطَلَقُوا وَهُمْ يَتَخافَتُونَ - انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ وقيل للحلال طلق أي مطلق لا حظر عليه ، وعدا الفرس طلقا أو طلقين اعتبارا بتخلية سبيله. والمطلق فى الأحكام ما لا يقع منه استثناء ، وطلق يده وأطلقها عبارة عن الجود ، وطلق الوجه وطليق الوجه إذا لم يكن كالحا ، وطلق السليم خلاه الوجع ، قال الشاعر :
تطلقه طورا وطورا تراجع
و ليلة طلقة لتخلية الإبل للماء وقد أطلقها.
(طم) : الطم البحر المطموم يقال له الطم والرم وطم على كذا وسميت القيامة طامة لذلك ، قال : فَإِذا جاءَتِ الطَّامَّةُ الْكُبْرى .
(طمث) : الطمث دم الحيض والافتضاض والطامث الحائض وطمث المرأة إذا افتضها ، قال : لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ ومنه استعير ما طمث هذه الروضة أحد قبلنا أي افتضها ، وما طمث الناقة جمل.
(طمس) : الطمس إزالة الأثر بالمحو ، قال : فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ - رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ أي أزل صورتها وَلَوْ نَشاءُ لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ أي أزلنا ضوأها وصورتها كما يطمس الأثر ، وقوله : مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً منهم من قال عنى ذلك فى الدنيا وهو أن يصير على وجوههم الشعر فتصير صورهم كصورة القردة والكلاب ، ومنهم من قال ذلك هو فى الآخرة إشارة إلى ما قال : وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ وَراءَ ظَهْرِهِ وهو أن تصير عيونهم فى

(1/3451)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 346
قفاهم ، وقيل معناه يردهم عن الهداية إلى الضلالة كقوله : وَأَضَلَّهُ اللَّهُ عَلى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ وقيل عنى بالوجوه الأعيان والرؤساء ومعناه نجعل رؤساءهم أذنابا وذلك أعظم سبب البوار.
(طمع) : الطمع نزوع النفس إلى الشيء شهوة له ، طمعت أطمع طمعا وطماعية فهو طمع وطامع ، قال : إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لَنا رَبُّنا - أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ - خَوْفاً وَطَمَعاً ولما كان أكثر الطمع من أجل الهوى قيل الطمع طبع والطمع يدنس الإهاب.
(طمن) : الطمأنينة والاطمئنان السكون بعد الانزعاج ، قال :
وَ لِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ - وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي - يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ وهى أن لا تصير أمارة بالسوء ، وقال تعالى : أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ تنبيها أن بمعرفته تعالى والإكثار من عبادته يكتسب اطمئنان النفس المسئول بقوله :
وَ لكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي وقوله : وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وقال : فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ - وَرَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا وَاطْمَأَنُّوا بِها واطمأن وتطامن يتقاربان لفظا ومعنى.
(طهر) : يقال طهرت المرأة طهرا وطهارة وطهرت والفتح أقيس لأنها خلاف طمثت ، ولأنه يقال طاهرة وطاهر مثل قائمة وقائم وقاعدة وقاعد والطهارة ضربان طهارة جسم وطهارة نفس وحمل عليها عامة الآيات ، يقال طهرته فطهر وتطهر واطهر فهو طاهر ومتطهر ، قال : وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا أي استعملوا الماء أو ما يقوم مقامه ، قال : وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ - فَإِذا تَطَهَّرْنَ فدل باللفظين على أنه لا يجوز وطؤهن إلا بعد الطهارة والتطهير ويؤكد ذلك قراءة من قرأ : حَتَّى يَطْهُرْنَ أي يفعلن الطهارة التي هى الغسل ، قال : وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ أي التاركين للذنب والعاملين للصلاح ، وقال فيه : رِجالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا - أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ - وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ فإنه يعنى تطهير النفس : وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أي مخرجك من جملتهم ومنزهك أن تفعل فعلهم وعلى هذا :
وَ يُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً - وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفاكِ - ذلِكُمْ أَزْكى لَكُمْ وَأَطْهَرُ - أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ - لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ أي إنه لا يبلغ حقائق معرفته إلا من طهر نفسه وتنقى من درن الفساد. وقوله : إِنَّهُمْ أُناسٌ يَتَطَهَّرُونَ فإنهم قالوا ذلك

(1/3452)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 347
على سبيل التهكم حيث قال لهم : هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ وقوله تعالى : لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ أي مطهرات من درن الدنيا وأنجاسها ، وقيل من الأخلاق السيئة بدلالة قوله : عُرُباً أَتْراباً وقوله فى صفة القرآن : مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ
و قوله : وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ قيل معناه نفسك فنقها من المعايب وقوله : وَطَهِّرْ بَيْتِيَ ، وقوله : وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ فحث على تطهير الكعبة من نجاسة الأوثان. وقال بعضهم فى ذلك حث على تطهير القلب لدخول السكينة فيه المذكورة فى قوله : هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ والطهور قد يكون مصدرا فيما حكى سيبويه فى قولهم : تطهرت طهورا وتوضأت وضوءا فهذا مصدر على فعول ومثله وقدت وقودا ، ويكون اسما غير مصدر كالفطور فى كونه اسما لما يفطر به ونحو ذلك الوجور والسعوط والذرور ، ويكون صفة كالرسول ونحو ذلك من الصفات وعلى هذا : وَسَقاهُمْ رَبُّهُمْ شَراباً طَهُوراً تنبيها أنه بخلاف ما ذكره فى قوله :
وَ يُسْقى مِنْ ماءٍ صَدِيدٍ - وَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً طَهُوراً قال أصحاب الشافعي رضى اللَّه عنه : الطهور بمعنى المطهر ، وذلك لا يصح من حيث اللفظ لأن فعولا لا يبنى من أفعل وفعل وإنما يبنى ذلك من فعل. وقيل إن ذلك اقتضى التطهير من حيث المعنى ، وذلك أن الطاهر ضربان : ضرب لا يتعداه الطهارة كطهارة الثوب فإنه طاهر غير مطهر به ، وضرب يتعداه فيجعل غيره طاهرا به ، فوصف اللَّه تعالى الماء بأنه طهور تنبيها على هذا المعنى.
(طيب) : يقال طاب الشيء يطيب طيبا فهو طيب. قال : فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ - فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ وأصل الطيب ما تستلذه الحواس وما تستلذه النفس ، والطعام الطيب فى الشرع ما كان متناولا من حيث ما يجوز ، وبقدر ما يجوز ، ومن المكان الذي يجوز فإنه متى كان كذلك كان طيبا عاجلا وآجلا لا يستوخم ، وإلا فإنه وإن كان طيبا عاجلا لم يطب آجلا وعلى ذلك قوله :
كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ - فَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّباً - لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ - كُلُوا مِنَ الطَّيِّباتِ وَاعْمَلُوا صالِحاً وهذا هو المراد بقوله : وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ وقوله : الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ قيل عنى بها الذبائح ، وقوله : وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ إشارة إلى الغنيمة ، والطيب من الإنسان من تعرى من نجاسة الجهل والفسق وقبائح الأعمال وتحلى بالعلم والإيمان ومحاسن الأعمال وإياهم قصد بقوله : الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ

(1/3453)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 348
طَيِّبِينَ
و قال : طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ وقال تعالى : هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً وقال تعالى : لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وقوله : وَالطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ تنبيه أن الأعمال الطيبة تكون من الطيبين كما
روى : «المؤمن أطيب من عمله ، والكافر أخبث من عمله».
وَ لا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ أي الأعمال السيئة بالأعمال الصالحة وعلى هذا قوله تعالى : مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ وقوله : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ - وَمَساكِنَ طَيِّبَةً أي طاهرة ذكية مستلذة وقوله : بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ وقيل أشار إلى الجنة وإلى جوار رب العزة ، وأما قوله : وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ إشارة إلى الأرض الزكية ، وقوله : صَعِيداً طَيِّباً أي ترابا لا نجاسة به ، وسمى الاستنجاء استطابة لما فيه من التطيب والتطهر. وقيل الأطيبان الأكل والنكاح ، وطعام مطيبة للنفس إذا طابت به النفس ، ويقال للطيب طاب وبالمدينة تمر يقال له طاب وسميت المدينة طيبة ، وقوله : طُوبى لَهُمْ قيل هو اسم شجرة فى الجنة ، وقيل بل إشارة إلى كل مستطاب فى الجنة من بقاء بلا فناء وعز بلا زوال وغنى بلا فقر.
(طود) : كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ الطود هو الجبل العظيم ووصفه بالعظم لكونه فيما بين الأطواد عظيما لا لكونه عظيما فيما بين سائر الجبال.
(طور) : طوار الدار وطواره ما امتد منها من البناء ، يقال عدا فلان طوره أي تجاوز حده ، ولا أطور به أي لا أقرب فناءه ، يقال فعل كذا طورا بعد طور أي تارة بعد تارة ، وقوله : وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً قيل هو إشارة إلى نحو قوله تعالى : خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ وقيل :
إشارة إلى نحو قوله : وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوانِكُمْ أي مختلفين فى الخلق والخلق. والطور اسم جبل مخصوص ، وقيل اسم لكل جبل ، وقيل هو جبل محيط بالأرض ، قال : وَالطُّورِ وَكِتابٍ مَسْطُورٍ - وَما كُنْتَ بِجانِبِ الطُّورِ - وَطُورِ سِينِينَ - وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ - وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ.
(طير) : الطائر كل ذى جناح يسبح فى الهواء ، يقال طار يطير طيرانا وجمع الطائر طير كراكب وركب ، قال : وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ - وَالطَّيْرَ مَحْشُورَةً - وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ - وَحُشِرَ لِسُلَيْمانَ جُنُودُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ وَالطَّيْرِ - وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ وتطير فلان ، وأطير أصله التفاؤل بالطير ثم يستعمل فى كل

(1/3454)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 349
ما يتفاءل به ويتشاءم ، قالوا : إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ ولذلك قيل لا طير إلا طيرك وقال : إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا أي يتشاءموا به أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللَّهِ أي شؤمهم ما قد أعد اللَّه لهم بسوء أعمالهم. وعلى ذلك قوله : قالُوا اطَّيَّرْنا بِكَ وَبِمَنْ مَعَكَ قالَ طائِرُكُمْ عِنْدَ اللَّهِ - قالُوا طائِرُكُمْ مَعَكُمْ - وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ أي عمله الذي طار عنه من خير وشر ، ويقال تطايروا إذا أسرعوا ويقال إذا تفرقوا ، قال الشاعر :
طاروا إليه زرافات ووحدانا
و فجر مستطير أي فاش ، قال : وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً وغبار مستطار خولف بين بنائهما فتصور الفجر بصورة الفاعل فقيل مستطير ، والغبار بصورة المفعول فقيل مستطار وفرس مطار للسريع ولحديد الفؤاد وخذ ما طار من شعر رأسك أي ما انتشر حتى كأنه طار.
(طوع) : الطوع الانقياد ويضاده الكره قال : ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً - وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً والطاعة مثله لكن أكثر ما تقال فى الائتمار لما أمر والارتسام فيما رسم ، قال : وَيَقُولُونَ طاعَةٌ - طاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ أي أطيعوا وقد طاع له يطوع وأطاعه يطيعه ، قال :
وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ - مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ - وَلا تُطِعِ الْكافِرِينَ وقوله فى صفة جبريل عليه السلام : مُطاعٍ ثَمَّ أَمِينٍ والتطوع فى الأصل تكلف الطاعة وهو فى المتعارف التبرع بما لا يلزم كالتنفل ، قال : فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وقرىء : (ومن يطوع خيرا) والاستطاعة استفالة من الطوع وذلك وجود ما يصير به الفعل متأتيا وهى عند المحققين اسم للمعانى التي بها يتمكن الإنسان مما يريده من إحداث الفعل وهى أربعة أشياء : بنية مخصوصة للفاعل. وتصور للفعل ، ومادة قابلة لتأثيره ، وآلة إن كان الفعل آليا كالكتابة فإن الكاتب يحتاج إلى هذه الأربعة فى إيجاده للكتابة ، وكذلك يقال فلان غير مستطيع للكتابة إذا فقد واحدا من هذه الأربعة فصاعدا ، ويضاده المجز وهو أن لا يجد أحد هذه الأربعة فصاعدا ، ومتى وجد هذه الأربعة كلها فمستطيع مطلقا ومتى فقدها فعاجز مطلقا ، ومتى وجد بعضها دون بعض فمستطيع من وجه عاجز من وجه ، ولأن يوصف بالعجز أولى. والاستطاعة أخص من القدرة ، قال : لا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَ أَنْفُسِهِمْ - فَمَا اسْتَطاعُوا مِنْ قِيامٍ - مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ

(1/3455)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 350
سَبِيلًا
فإنه يحتاج إلى هذه الأربعة ، و
قوله عليه السلام : «الاستطاعة الزاد والراحلة»
فإنه بيان ما يحتاج إليه من الآلة وخصه بالذكر دون الآخر إذا كان معلوما من حيث العقل ومقتضى الشرع أن التكليف من دون تلك الآخر لا يصح ، وقوله : لَوِ اسْتَطَعْنا لَخَرَجْنا مَعَكُمْ فإشارة بالاستطاعة هاهنا إلى عدم الآلة من المال والظهر والنحو وكذلك قوله : وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا وقوله : لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وقد يقال فلان لا يستطيع كذا لما يصعب عليه فعله لعدم الرياضة وذلك يرجع إلى افتقاد الآلة أو عدم التصور ، وقد يصح معه التكليف ولا يصير الإنسان به معذورا ، وعلى هذا الوجه قال : لَنْ تَسْتَطِيعَ مَعِيَ صَبْراً - ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ وقال :
وَ كانُوا لا يَسْتَطِيعُونَ سَمْعاً وقد حمل على ذلك قوله : وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا وقوله تعالى : هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا فقيل إنهم قالوا ذلك قبل أن قويت معرفتهم باللَّه وقيل إنهم لم يقصدوا قصد القدرة وإنما قصدوا أنه هل تقتضى الحكمة أن يفعل ذلك؟ وقيل يستطيع ويطيع بمعنى واحد ومعناه هل يجيب؟ كقوله : ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ أي يجاب ، وقرىء :
(هل تستطيع ربك) أي سؤال ربك كقولك هل تستطيع الأمير أن يفعل كذا ، وقوله : فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ نحو أسمحت له قرينته وانقادت له وسولت وطوعت أبلغ من أطاعت ، وطوعت له نفسه بإزاء قولهم تأبت عن كذا نفسه ، وتطوع كذا تحمله طوعا ، قال : وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ - الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وقيل طاعت وتطوعت بمعنى ويقال استطاع واسطاع بمعنى قال : فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وَمَا اسْتَطاعُوا لَهُ نَقْباً.
(طوف) : الطوف المشي حول الشيء ومنه الطائف لمن يدور حول البيوت حافظا ، يقال طاف به يطوف ، قال : يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ قال :
فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما ومنه استعير الطائف من الجن والخيال والحادثة وغيرها قال : إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ وهو الذي يدور على الإنسان من الشيطان يريد اقتناصه ، وقد قرىء طيف وهو خيال الشيء وصورته المترائى له فى المنام أو اليقظة ، ومنه قيل للخيال طيف ، قال : فَطافَ عَلَيْها طائِفٌ تعريضا بما نالهم من النائبة ، وقوله : أَنْ طَهِّرا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ أي لقصاده الذين يطوفون به ، والطوافون فى قوله : طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى

(1/3456)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 351
بَعْضٍ
عبارة عن الخدم ، وعلى هذا الوجه
قال عليه السلام فى الهرة «إنها من الطوافين عليكم والطوافات»
و الطائفة من الناس جماعة منهم ، ومن الشيء القطعة منه وقوله تعالى : فَلَوْ لا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ قال بعضهم قد يقع ذلك على واحد فصاعدا ، وعلى ذلك قوله : وَإِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ - إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ والطائفة إذا أريد بها الجمع فجمع طائف ، وإذا أريد بها الواحد فيصح أن يكون جمعا ويكنى به عن الواحد ويصح أن يجعل كراوية وعلامة ونحو ذلك ، والطوفان كل حادثة تحيط بالإنسان وعلى ذلك قوله : فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وصار متعارفا فى الماء المتناهي فى الكثرة لأجل أن الحادثة التي نالت قوم نوح كانت ماء. قال تعالى : فَأَخَذَهُمُ الطُّوفانُ وطائف القوس ما يلى أبهرها ، والطوف كنى به عن العذرة.
(طوق) : أصل الطوق ما يجعل فى العنق خلقة كطوق الحمام أو صنعة كطوق الذهب والفضة ، ويتوسع فيه فيقال طوقته كذا كقولك قلدته. قال :
سَيُطَوَّقُونَ ما بَخِلُوا بِهِ وذلك على التشبيه كما
روى فى الخبر «يأتى أحدكم يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان فيتطوق به فيقول أنا الزكاة التي منعتنى»
، والطاقة اسم لمقدار ما يمكن للإنسان أن يفعله بمشقة وذلك تشبيه بالطوق المحيط بالشيء فقوله : وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ أي ما يصعب علينا مزاولته وليس معناه لا تحملنا ما لا قدرة لنا به ، وذلك لأنه تعالى قد يحمل الإنسان ما يصعب عليه كما قال : وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ - وَوَضَعْنا عَنْكَ وِزْرَكَ أي خففنا عنك العبادات الصعبة التي فى تركها الوزر ، وعلى هذا الوجه قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ ، وقد يعبر بنفي الطاقة عن نفى القدرة. وقوله : وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ظاهرة يقتضى أن المطيق له يلزمه فدية أفطر أو لم يفطر لكن أجمعوا أنه لا يلزمه إلا مع شرط آخر.
وروى (وعلى الذين يطوقونه) أي يحملون أن يتطوقوا.
(طول) : الطول والقصر من الأسماء المتضايفة كما تقدم ، ويستعمل فى الأعيان والأغراض كالزمان وغيره قال : فَطالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ - سَبْحاً طَوِيلًا ويقال طويل وطوال وعريض وعراض وللجمع طوال وقيل طيال وباعتبار الطول قيل للحبل المرخى على الدابة طول ، وطول فرسك أي أرخ طوله ، وقيل طوال الدهر لمدته الطويلة ، وتطاول فلان إذا أظهر الطول أو الطول ، قال : فَتَطاوَلَ

(1/3457)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 352
عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ
و الطول خص به الفضل والمن ، قال : شَدِيدِ الْعِقابِ ذِي الطَّوْلِ وقوله تعالى : اسْتَأْذَنَكَ أُولُوا الطَّوْلِ مِنْهُمْ - وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا كناية عما يصرف إلى المهر والنفقة ، وطالوت اسم علم وهو أعجمى.
(طين) : الطين التراب والماء المختلط وقد يسمى بذلك وإن زال عنه قوة الماء ، قال : مِنْ طِينٍ لازِبٍ يقال طنت كذا وطينته قال : وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ، وقوله تعالى : فَأَوْقِدْ لِي يا هامانُ عَلَى الطِّينِ.
(طوى) : طويت الشيء طيا وذلك كطى الدرج وعلى ذلك قوله :
يَوْمَ نَطْوِي السَّماءَ كَطَيِّ السِّجِلِّ ومنه طويت الفلاة ، ويعبر بالطي عن مضى العمر ، يقال طوى اللَّه عمره ، قال الشاعر :
طوتك خطوب دهرك بعد نشر
و قيل : وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ يصح أن يكون من الأول وأن يكون من الثاني والمعنى مهلكات. وقوله : إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً قيل هو اسم الوادي الذي حصل فيه ، وقيل إن ذلك جعل إشارة إلى حالة حصلت له على طريق الاجتباء فكأنه طوى عليه مسافة لو احتاج أن ينالها فى الاجتهاد لبعد عليه ، وقوله : إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً قيل هو اسم أرض فمنهم من يصرفه ومنهم من لا يصرفه ، وقيل هو مصدر طويت فيصرف ويفتح أوله ويكسر نحو ثنى وثنى ومعناه ناديته مرتين.

(1/3458)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 353
الظاء
(ظعن) : يقال ظعن يظعن ظعنا إذا شخص قال : يَوْمَ ظَعْنِكُمْ والظعينة الهودج إذا كان فيه المرأة وقد يكنى به عن المرأة وإن لم تكن فى الهودج.
(ظفر) : الظفر يقال فى الإنسان وفى غيره قال : كُلَّ ذِي ظُفُرٍ أي ذى مخالب ويعبر عن السلاح به تشبيها بظفر الطائر إذ هو له بمنزلة السلاح ، ويقال فلان كليل الظفر وظفره فلان نشب ظفره فيه ، وهو أظفر طويل الظفر ، والظفرة جليدة يغشى البصر بها تشبيها بالظفر فى الصلابة ، يقال ظفرت عينه والظفر الفوز وأصله من ظفره عليه. أي نشب ظفره فيه. قال : مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ.
(ظلل) : الظل ضد الضح وهو أعم من الفيء فإنه يقال ظل الليل وظل الجنة ، ويقال لكل موضع لم تصل إليه الشمس ظل ولا يقال الفيء إلا لما زال عنه الشمس ، ويعبر بالظل عن العزة والمنعة وعن الرفاهة ، قال : إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ أي فى عزة ومناع ، قال : أُكُلُها دائِمٌ وَظِلُّها - هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ يقال ظللنى الشجر وأظلنى ، قال : وَظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وأظلنى فلان حرسنى وجعلنى فى ظله وعزه ومناعته. وقوله : يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ أي إنشاؤه يدل على وحدانية اللَّه وينبىء عن حكمته. وقوله : وَلِلَّهِ يَسْجُدُ إلى قوله : وَظِلالُهُمْ قال الحسن : أما ظلك فيسجد للَّه ، وأما أنت فتكفر به ، وظل ظليل فائض ، وقوله : وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا كناية عن غضارة العيش ، والظلة سحابة تظل وأكثر ما يقال فيما يستوخم ويكره ، قال : كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ - عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ - أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ أي عذابه يأتيهم ، والظلل جمع ظلة كغرفة وغرف وقربة وقرب ، وقرىء فِي ظِلالٍ وذلك إما جمع ظلة نحو غلبة وغلاب وحفرة وحفار ، وإما جمع ظل نحو : يَتَفَيَّؤُا ظِلالُهُ وقال بعض أهل اللغة : يقال للشاخص ظل ، قال ويدل على ذلك ، قول الشاعر :
لما نزلنا رفعنا ظل أخبية

(1/3459)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 354
و قال : ليس ينصبون الظل الذي هو الفيء إنما ينصبون الأخبية ، وقال آخر :
يتبع أفياء الظلال عشية
أي أفياء الشخوص وليس فى هذا دلالة فإن قوله : رفعنا ظل أخبية ، معناه رفعنا الأخبية فرفعنا به ظلها فكأنه رفع الظل. وقوله أفياء الظلال فالظلال عام والفيء خاص ، وقوله أفياء الظلال هو من إضافة الشيء إلى جنسه. والظلة أيضا شىء كهيئة الصفة وعليه حمل قوله تعالى : وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ كَالظُّلَلِ أي كقطع السحاب. وقوله تعالى : لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ وقد يقال ظل لكل ساتر محمودا كان أو مذموما ، فمن المحمود قوله : وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ وقوله : وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها ومن المذموم قوله : وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ وقوله : إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ الظلل هاهنا كالظلة لقوله :
ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ ، وقوله : لا ظَلِيلٍ لا يفيد فائدة الظل فى كونه واقيا عن الحر ، و
روى أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كان إذا مشى لم يكن له ظل
و لهذا تأويل يختص بغير هذا الموضع. وظلت وظللت بحذف إحدى اللامين يعبر به عما يفعل بالنهار ويجرى مجرى سرت : فَظَلْتُمْ تَفَكَّهُونَ - لَظَلُّوا مِنْ بَعْدِهِ يَكْفُرُونَ - ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً.
(ظلم) : الظلمة عدم النور وجمعها ظلمات ، قال : أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ - ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ وقال تعالى : أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ - وَجَعَلَ الظُّلُماتِ وَالنُّورَ ويعبر بها عن الجهل والشرك والفسق كما يعبر بالنور عن أضدادها ، قال اللَّه تعالى : يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ - أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ - فَنادى فِي الظُّلُماتِ - كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ هو كقوله : كَمَنْ هُوَ أَعْمى وقوله فى سورة الأنعام : وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ فقوله : فِي الظُّلُماتِ هاهنا موضوع موضع العمى فى قوله : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ وقوله فى : ظُلُماتٍ ثَلاثٍ أي البطن والرحم والمشيمة ، وأظلم فلان حصل فى ظلمة ، قال : فَإِذا هُمْ مُظْلِمُونَ والظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء.
وضع الشيء فى غير موضعه المختص به إما بنقصان أو بزيادة ، وإما بعدول عن وقته أو مكانه ، ومن هذا يقال ظلمت السقاء إذا تناولته فى غير وقته ، ويسمى ذلك اللبن الظليم وظلمت الأرض حفرتها ولم تكن موضعا للحفر وتلك الأرض

(1/3460)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 355
يقال لها المظلومة والتراب الذي يخرج منها ظليم والظلم يقال فى مجاوزة الحق الذي يجرى مجرى نقطة الدائرة ، ويقال فيما يكثر وفيما يقل من التجاوز ولهذا يستعمل فى الذنب الكبير وفى الذنب الصغير ولذلك قيل لآدم فى تعديه ظالم وفى إبليس ظالم وإن كان بين الظلمين بون بعيد. قال بعض الحكماء : الظلم ثلاثة :
الأول : ظلم بين الإنسان وبين اللَّه تعالى وأعظمه الكفر والشرك والنفاق ، ولذلك قال : إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وإياه قصد بقوله : أَلا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ - وَالظَّالِمِينَ أَعَدَّ لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً فى أي كثيرة. وقال :
فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ - وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً.
والثاني : ظلم بينه وبين الناس وإياه قصد بقوله : وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ إلى قوله : إِنَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ وبقوله : إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وبقوله : وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً.
والثالث : ظلم بينه وبين نفسه وإياه قصد بقوله : فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وقوله : لَمْتُ نَفْسِي
- إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ - فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ أي من الظالمين أنفسهم : وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وكل هذه الثلاثة فى الحقيقة ظلم للنفس فإن الإنسان فى أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه ، فإذا الظالم أبدا مبتدىء فى الظلم ولهذا قال تعالى فى غير موضع : ما ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ
- وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ وقوله :
وَ لَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ فقد قيل هو الشرك بدلالة أنه لما نزلت هذه الآية شق ذلك على أصحاب النبي عليه السلام وقال لهم ألم تروا إلى قوله : إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ وقوله : وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً أي لم تنقص وقوله :
وَ لَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً فإنه يتناول الأنواع الثلاثة من الظلم ، فما أحد كان منه ظلم ما فى الدنيا إلا ولو حصل له ما فى الأرض ومثله معه لكان يفتدى به ، وقوله : هُمْ أَظْلَمَ وَأَطْغى تنبيها أن الظلم لا يغنى ولا يجدى ولا يخلص بل يردى بدلالة قوم نوح. وقوله : وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعِبادِ وفى موضع وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ وتخصيص أحدهما بالإرادة مع لفظ العباد والآخر بلفظ الظلام للعبيد يختص بما بعد هذا الكتاب. والظليم ذكر النعام ، وقيل إنما سمى بذلك لاعتقادهم أنه مظلوم للمعنى الذي أشار إليه الشاعر :
فصرت كالهيق عدا يبتغى قرنا فلم يرجع بأذنين

(1/3461)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 356
و الظلم ماء الأسنان ، قال الخليل : لقيته أدنى ظلم أو ذى ظلمة ، أي أول شىء سد بصرك ، قال : ولا يشتق منه فعل ، ولقيته أدنى ظلم كذلك.
(ظمأ) : الظمء ما بين الشربتين ، والظمأ العطش الذي يعرض من ذلك ، يقال ظمىء يظمأ فهو ظمآن ، قال : لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى وقال : يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً.
(ظن) : الظن اسم لما يحصل عن أمارة ومتى قويت أدت إلى العلم ، ومتى ضعفت جدا لم يتجاوز حد التوهم ، ومتى قوى أو تصور تصور القوى استعمل معه أن المشددة وأن المخففة منها. ومتى ضعف استعمل أن وإن المختصة بالمعدومين من القول والفعل ، فقوله : الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وكذا يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ فمن اليقين وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ وقوله : أَلا يَظُنُّ أُولئِكَ وهو نهاية فى ذمهم. ومعناه ألا يكون منهم ظن لذلك تنبيها أن أمارات البعث ظاهرة. وقوله : وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها تنبيها أنهم صاروا فى حكم العالمين لفرط طمعهم وأملهم وقوله : وَظَنَّ داوُدُ أَنَّما فَتَنَّاهُ أي علم والفتنة هاهنا ، كقوله : وَفَتَنَّاكَ فُتُوناً ، وقوله : وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فقد قيل الأولى أن يكون من الظن الذي هو التوهم ، أي ظن أن لن نضيق عليه وقوله : وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنا لا يُرْجَعُونَ فإنه استعمل فيه أن المستعمل مع الظن الذي هو للعلم تنبيها أنهم اعتقدوا ذلك اعتقادهم للشىء المتيقن وإن لم يكن ذلك متيقنا ، وقوله : يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ أي يظنون أن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم لم يصدقهم فيما أخبرهم به كما ظن الجاهلية تنبيها أن هؤلاء المنافقين هم فى حيز الكفار ، وقوله : وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ أي اعتقدوا اعتقادا كانوا منه فى حكم المتيقنين ، وعلى هذا قوله : وَلكِنْ
إِنَّهُمْ إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ وظاهرته عاونته ، قال : وَظاهَرُوا عَلى إِخْراجِكُمْ - وَإِنْ تَظاهَر
ظَهَرَ الْفَسادُ فِي ال

(1/3462)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 358
الدين كله. وعلى هذا قول : إِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ يَرْجُمُوكُمْ وقوله :
تعالى : يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ - فَمَا اسْطاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ وصلاة الظهر معروفة والظهيرة وقت الظهر ، وأظهر فلان حصل فى ذلك الوقت على بناء أصبح وأمسى. قال تعالى : وَلَهُ الْحَمْدُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَعَشِيًّا وَحِينَ تُظْهِرُونَ.

(1/3463)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 359
العين
(عبد) : العبودية إظهار التذلل ، والعبادة أبلغ منها ، لأنها غاية التذلل ولا يستحقها إلا من له غاية الإفضال وهو اللَّه تعالى ولهذا قال : أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ والعبادة ضربان : عبادة بالتسخير وهو كما ذكرناه فى السجود ، وعباده بالاختيار وهى لذوى النطق وهى المأمور بها فى نحو قوله : اعْبُدُوا رَبَّكُمُ - وَاعْبُدُوا اللَّهَ والعبد يقال على أربعة أضرب :
الأول : عبد بحكم بالشرع وهو الإنسان الذي يصح بيعه وابتياعه نحو الْعَبْدُ بِالْعَبْدِ - عَبْداً مَمْلُوكاً لا يَقْدِرُ عَلى شَيْ ءٍ.
الثاني : عبد بالإيجاد وذلك ليس إلا للَّه وإياه قصد بقوله : إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً.
الثالث : عبد بالعبادة والخدمة والناس فى هذا ضربان :
عبد للَّه مخلصا وهو المقصود بقوله : وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً - نَزَّلَ الْفُرْقانَ عَلى عَبْدِهِ - عَلى عَبْدِهِ الْكِتابَ - إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ - كُونُوا عِباداً لِي - إِلَّا عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ - وَعَدَ الرَّحْمنُ عِبادَهُ بِالْغَيْبِ - وَعِبادُ الرَّحْمنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً - فَأَسْرِ بِعِبادِي لَيْلًا - فَوَجَدا عَبْداً مِنْ عِبادِنا.
و عبد للدنيا وأعراضها وهو المعتكف على خدمتها ومراعاتها وإياه قصد النبي عليه الصلاة والسلام
بقوله : «تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الدينار»
، وعلى هذا النحو يصح أن يقال ليس كل إنسان عبدا للَّه فإن العبد على هذا بمعنى العابد ، لكن العبد أبلغ من العابد والناس كلهم عباد اللَّه بل الأشياء كلها كذلك لكن بعضها بالتسخير وبعضها بالاختيار وجمع العبد الذي هو مسترق عبيد وقيل عبدّا ، وجمع العبد الذي هو العابد عباد ، فالعبيد إذا أضيف إلى اللَّه أعم من العباد. ولهذا قال : وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ فنبه أنه لا يظلم من يختص بعبادته

(1/3464)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 360
و من انتسب إلى غيره من الذين تسموا بعبد الشمس وعبد اللات ونحو ذلك.
ويقال طريق معبد أي مذلل بالوطء ، أو غير مذلل بالقطران وعبدت فلانا إذا ذللته وإذا اتخذته عبدا ، قال تعالى : أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرائِيلَ.
(عبث) : العبث أن يخلط بعمله لعبا من قولهم عبثت الأقط ، والعبث طعام مخلوط بشىء ومنه قيل العوبثانى لتمر وسمن وسويق مختلط ، قال : أَتَبْنُونَ بِكُلِّ رِيعٍ آيَةً تَعْبَثُونَ ويقال لما ليس له غرض صحيح عبث ، قال : أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّما خَلَقْناكُمْ عَبَثاً.
(عبر) : أصل العبر تجاوز من حال إلى حال ، فأما العبور فيختص بتجاوز الماء إما بسباحة أو فى سفينة أو على بعير أو على قنطرة ، ومنه عبر النهر لجانبه حيث يعبر إليه أو منه ، واشتق منه عبر العين للدمع والعبرة كالدمعة وقيل عابر سبيل ، قال تعالى : إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ وناقة عبر أسفار ، وعبر القوم إذا ماتوا كأنهم عبروا قنطرة الدنيا ، وأما العبارة فهى مختصة بالكلام العابر الهواء من لسان المتكلم إلى سمع السامع ، والاعتبار والعبرة بالحالة التي يتوصل بها من معرفة المشاهد إلى ما ليس بمشاهد ، قال : إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً - فَاعْتَبِرُوا يا أُولِي الْأَبْصارِ والتعبير مختص بتعبير الرؤيا وهو العابر من ظاهرها إلى باطنها نحو :
إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ وهو أخص من التأويل فإن التأويل يقال فيه وفى غيره ، والشعرى العبور سميت بذلك لكونها عابرة والعبرىّ ما ينبت على عبر النهر ، وشط معبر ترك عليه العبرى.
(عبس) : العبوس قطوب الوجه من ضيق الصدر قال : عَبَسَ وَتَوَلَّى - ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ومنه قيل عبوس ، قال : يَوْماً عَبُوساً قَمْطَرِيراً وباعتبار ذلك قيل العبس لما يبس على هلب الذنب من البعر والبول وعبس الوسخ على وجهه.
(عبقر) : عبقر قيل هو موضع للجن ينسب إليه كلّ نادر من إنسان

(1/3465)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 361
و حيوان وثوب ، ولهذا قيل فى عمر : لم أر عبقريا مثله ، قال : وَعَبْقَرِيٍّ حِسانٍ وهو ضرب من الفرش فيما قيل جعله اللَّه تعالى مثلا لفرش الجنة.
(عبأ) : ما عبأت به أي لم أبال به ، وأصله من العبء أي الثقل كأنه قال ما أرى له وزنا وقدرا قال : قُلْ ما يَعْبَؤُا بِكُمْ رَبِّي وقيل أصله من عبأت الطيب كأنه قيل ما يبقيكم لو لا دعاؤكم ، وقيل عبأت الجيش وعبّأته هيئته ، وعبأة الجاهلية ما هى مدخرة فى أنفسهم من حميتهم المذكورة فى قوله : فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ.
(عتب) : العتب كل مكان ناب بنازله ، ومنه قيل للمرقاة ولأسكفة الباب عتبة ، وكنى بها عن المرأة فيما روى أن إبراهيم عليه السلام قال لامرأة إسماعيل قولى لزوجك غير عتبة بابك. واستعير العتب ، والمعتبة لغلظة يجدها الإنسان فى نفسه على غيره وأصله من العتب وبحسبه قيل خشنت بصدر فلان ووجدت فى صدره غلظة ، ومنه قيل حمل فلان على عتبه صعبة أي حالة شاقة كقول الشاعر :
و حملناهم على صعبة زو راء يعلونها بغير وطاء
و قولهم أعتبت فلانا أي أبرزت له الغلظة التي وجدت له فى الصدر ، وأعتبت فلانا حملته على العتب. ويقال أعتبته أي أزلت عتبه عنه نحو أشكيته ، قال :
فَما هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ والاستعتاب أن يطلب من الإنسان أن يذكر عتبه ليعتب ، يقال استعتب فلان ، قال : (ولا مستعتبون) يقال لك العتبى وهو إزالة ما لأجله يعتب وبينهم أعتوبة أي ما يتعاتبون به ويقال عتب عتبا إذا مشى على رجل مشى المرتقى فى درجة.
(عتد) : العتاد ادخار الشيء قبل الحاجة إليه كالإعداد والعتيد المعد والمعد ، قال : هذا ما لَدَيَّ عَتِيدٌ - رَقِيبٌ عَتِيدٌ أي معتد أعمال العباد وقوله : أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً قيل هو أفعلنا من العتاد وقيل أصله أعددنا فأبدل من إحدى الدالين تاء. وفرس عتيد وعتد حاضر العدو ، والعتود من أولاد المعز جمعه أعتدة وعدا على الإدغام.

(1/3466)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 362
(عتق) : العتيق المتقدم فى الزمان أو المكان أو الرتبة ولذلك قيل للقديم عتيق وللكريم عتيق ولمن خلا عن الرق عتيق ، قال تعالى : وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ قيل وصفه بذلك لأنه لم يزل معتقا أن تسومه الجبابرة صغارا. والعاتقان ما بين المنكبين وذلك لكونه مرتفعا على سائر الجسد ، والعاتق الجارية التي عتقت عن الزوج ، لأن المتزوجة مملوكة وعتق الفرس تقدم بسبقه ، وعتق منى يمين :
تقدمت ، قال الشاعر :
على ألية عتقت قديما وليس لها وإن طلبت مرام
(عتل) : العتل الأخذ لمجامع الشيء وجره بقهر كعتل البعير ، قال :
فَاعْتِلُوهُ إِلى سَواءِ الْجَحِيمِ والعتل الأكول المنوع الذي يعتل الشيء عتلا ، قال : عُتُلٍّ بَعْدَ ذلِكَ زَنِيمٍ.
(عتا) : العتو النبو عن الطاعة ، يقال عتا يعتو عتوا وعتيا ، قال :
وَ عَتَوْا عُتُوًّا كَبِيراً - فَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ - عَتَتْ عَنْ أَمْرِ رَبِّها - بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ - مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا أي حالة لا سبيل إلى إصلاحها ومداواتها ، وقيل إلى رياضة وهى الحالة المشار إليها يقول الشاعر :
و من العناء رياضة الهرم
و قوله تعالى : أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا قيل العتى هاهنا مصدر ، وقيل هو جمع عات ، وقيل العاتي الجاسي.
(عثر) : عثر الرجل عثارا وعثورا إذا سقط ، ويتجوز به فيمن يطلع على أمر من غير طلبه ، قال تعالى : فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً يقال عثرت على كذا ، قال : وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ أي وقفناهم عليهم من غير أن طلبوا.
(عثى) : العيث والعثى يتقاربان نحو جذب وجبذ إلا أن العبث أكثر ما يقال فى الفساد الذي يدرك حسا ، والعثى فيما يدرك حكما. يقال عثى يعثى عثيا وعلى هذا وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ وعثا يعثو عثوا ، والأعثى لون إلى السواد وقيل للأحمق الثقيل أعثى.
(عجب) : العجب والتعجب حالة تعريض للإنسان عند الجهل بسبب

(1/3467)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 363
الشيء ولهذا قال بعض الحكماء : العجب مالا يعرف سببه ولهذا قيل لا يصح على اللَّه التعجب إذ هو علام الغيوب لا تخفى عليه خافية. يقال عجبت عجبا ، ويقال للشىء الذي يتعجب منه عجب ، ولما لم يعهد مثله عجيب ، قال : أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا تنبيها أنهم قد عهدوا مثل ذلك قبله ، وقوله : بَلْ عَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ - وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ - كانُوا مِنْ آياتِنا عَجَباً أي ليس ذلك فى نهاية العجب بل فى أمورنا ما هو أعظم وأعجب منه قُرْآناً عَجَباً أي لم يعهد مثله ولم يعرف سببه ويستعار مرة للموفق فيقال : أعجبنى كذا أي راقنى ، قال : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ - وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوالُهُمْ - وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ - أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ وقال : بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ أي عجبت من إنكارهم للبعث لشدة تحقق معرفته ويسخرون لجهلهم ، وقيل عجبت من إنكارهم الوحى وقرأ بعضهم بَلْ عَجِبْتَ يضم التاء وليس ذلك إضافة المتعجب إلى نفسه فى الحقيقة بل معناه أنه مما يقال عنده عجبت ، أو يكون عجبت مستعارا بمعنى أنكرت نحو أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ - إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ ، ويقال لمن يروقه نفسه فلان معجب بنفسه ، والعجب من كل دابة ، ما ضمر وركه.
(عجز) : عجز الإنسان مؤخره. وبه شبه مؤخر غيره ، قال : كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ والعجز أصله التأخر عن الشيء وحصوله عند عجز الأمر أي مؤخره كما ذكر فى الدبر ، وصار فى المتعارف اسما للقصور عن فعل الشيء وهو ضد القدرة ، قال : أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ وأعجزت فلانا وعجزته وعاجزته جعلته عاجزا قال : وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللَّهِ - وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ - وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آياتِنا مُعاجِزِينَ وقرىء معجزين ، فمعاجزين قيل معناه ظانين.
ومقدرين أنهم يعجزوننا لأنهم حسبوا أن لا بعث ولا نشور فيكون ثواب وعقاب ، وهذا فى المعنى كقوله : أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ أَنْ يَسْبِقُونا ومعجزين ينسبون إلى العجز من تبع النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم ، وذلك نحو جهلته وفسقته أي نسبته إلى ذلك ، وقيل معناه مثبطين أي يثبطون الناس عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم كقوله :
الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ والعجوز سميت لعجزها فى كثير من الأمور قال : إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ وقال : أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ.
(عجف) : قال : سَبْعٌ عِجافٌ جمع أعجف وعجفاء أي الدقيق من الهزال من قولهم نصل أعجف دقيق ، وأعجف الرجل صارت مواشيه عجافا ، وعجفت نفسى عن الطعام وعن فلان أي نبت عنهما.

(1/3468)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 364
(عجل) : العجلة طلب الشيء وتحريه قبل أوانه وهو من مقتضى الشهوة فلذلك صارت مذمومة فى عامة القرآن حتى قيل العجلة من الشيطان ، قال :
سَأُرِيكُمْ آياتِي فَلا تَسْتَعْجِلُونِ - وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ - وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ - وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ فذكر أن عجلته وإن كانت مذمومة فالذى دعا إليها أمر محمود وهو طلب رضا اللَّه تعالى ، قال : أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ - وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالسَّيِّئَةِ - لِمَ تَسْتَعْجِلُونَ بِالسَّيِّئَةِ قَبْلَ الْحَسَنَةِ - وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذابِ - وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ - خُلِقَ الْإِنْسانُ مِنْ عَجَلٍ قال بعضهم من حمأ وليس بشىء بل تنبيه على أنه لا يتعرى من ذلك وأن ذلك أحد الأخلاق التي ركب عليها وعلى ذلك قال : وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا ، وقوله : مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعاجِلَةَ عَجَّلْنا لَهُ فِيها ما نَشاءُ لِمَنْ نُرِيدُ أي الأعراض الدنيوية ، وهبنا ما نشاء لمن نريد أن نعطيه ذلك عَجِّلْ لَنا قِطَّنا - فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ والعجالة ما يعجل أكله كاللهنة وقد عجلتهم ولهنتهم ، والعجلة الإداوة الصغيرة التي يعجل بها عند الحاجة ، والعجلة خشبة معترضة على نعامة البئر وما يحمل على الثيران وذلك لسرعة مرها. والعجل ولد البقرة لتصور عجلتها التي تعدم منه إذا صار ثورا ، قال : عِجْلًا جَسَداً وبقرة معجل لها عجل.
(عجم) : العجمة خلاف الإبانة ، والإعجام الإبهام ، واستعجمت الدار إذا بان أهلها ولم يبق فيها غريب أي من يبين جوابا ، ولذلك قال بعض العرب : خرجت عن بلاد تنطق كناية عن عمارتها وكون السكان فيها. والعجم خلاف العرب ، والعجمي منسوب إليهم ، والأعجم من فى لسانه عجمة عربيا كان أو غير عربى اعتبارا بقلة فهمهم عن العجم. ومنه قيل للبهيمة عجماء والأعجمى منسوب إليه ، قال : وَلَوْ نَزَّلْناهُ عَلى بَعْضِ الْأَعْجَمِينَ على حذف الياءات ، قال : وَلَوْ جَعَلْناهُ قُرْآناً أَعْجَمِيًّا لَقالُوا لَوْ لا فُصِّلَتْ آياتُهُ - ءَ أَعْجَمِيٌّ وَعَرَبِيٌّ - يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وسميت البهيمة عجماء من حيث إنها لا تبين عن نفسها بالعبارة إبانة الناطق ، وقيل صلاة النهار عجماء أي لا يجهر فيها بالقراءة ، وجرح العجماء جبار ، وأعجمت الكلام ضد أعربت ، وأعجمت الكتابة أزلت عجمتها نحو أشكيته إذا أزلت شكايته. وحروف المعجم روى عن الخليل أنها هى الحروف المقطعة لأنها أعجمية ، قال بعضهم : معنى قوله : أعجمية ، أن الحروف المتجردة لا تدل على ما تدل عليه الحروف الموصولة. وباب معجم مبهم ، والعجم النوى الواحدة عجمة إما لاستتارها فى ثنى ما فيه ، وإما بما أخفى

(1/3469)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 365
من أجزائه بضغط المضغ ، أو لأنه أدخل فى الفم فى حال ما فض عليه فأخفى ، والعجم العض عليه ، وفلان صلب المعجم أي شديد عند المختبر.
(عد) : العدد آحاد مركبة وقيل تركيب الآحاد وهما واحد قال :
عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ وقوله تعالى : فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً فذكره للعدد تنبيه على كثرتها والعد ضم الأعداد بعضها إلى بعض ، قال تعالى : لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا - فَسْئَلِ الْعادِّينَ أي أصحاب العدد والحساب. وقال تعالى : كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ - وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ويتجوز بالعد على أوجه يقال شىء معدود ومحصور للقليل مقابلة لما لا يحصى كثرة نحو المشار إليه بقوله : بِغَيْرِ حِسابٍ ، وعلى ذلك إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً أي قليلة لأنهم قالوا تعذب الأيام التي فيها عبدنا العجل ، ويقال على الضد من ذلك نحو : جيش عديد : كثير ، وإنهم لذو عدد ، أي هم بحيث يجب أن يعدوا كثرة ، فيقال فى القليل هو شىء غير معدود ، وقوله : فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً يحتمل الأمرين ، ومنه قولهم : هذا غير معتد به ، وله عدة أي شىء كثير يعد من مال وسلاح وغيرهما ، قال : لَأَعَدُّوا لَهُ عُدَّةً وماء عد ، والعدة هى الشيء المعدود ، قال : وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ أي عددهم وقوله :
فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أي عليه أيام بعدد مافاته من زمان آخر غير زمان شهر رمضان إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ والعدة عدة المرأة وهى الأيام التي بانقضائها يحل لها التزوج ، قال : فَما لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَها - فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ - وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ والإعداد من العد كالإسقاء من السقي فإذا قيل أعددت هذا لك أي جعلته بحيث تعده وتتناوله بحسب حاجتك إليه ، قال : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ وقوله : أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ - وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ - أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً - وَأَعْتَدْنا لِمَنْ كَذَّبَ وقوله : وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً قيل هو منه ، وقوله : فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ أي عدد ما قد فاته ، وقوله : وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ أي عدة الشهر وقوله : أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فإشارة إلى شهر رمضان.
وقوله : وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فهى ثلاثة أيام بعد النحر ، والمعلومات عشر ذى الحجة. وعند بعض الفقهاء : المعدودات يوم النحر ويومان بعده ، فعلى هذا يوم النحر يكون من المعدودات والمعلومات والعداد الوقت الذي يعد لمعاودة الوجع ، و
قال عليه الصلاة والسلام : «ما زالت أكلة خيبر تعاودنى»
و عدان الشيء زمانه.

(1/3470)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 366
(عدس) : العدس الحب المعروف ، قال : وَعَدَسِها وَبَصَلِها والعدسة بثرة على هيئته ، وعدس زجر للبغل ونحوه ، ومنه عدس في الأرض وهى عدوس.
(عدل) : العدالة والمعادلة لفظ يقتضى معنى المساواة ويستعمل باعتبار المضايفة والعدل والعدل يتقاربان ، ولكن العدل يستعمل فيما يدرك بالبصيرة كالأحكام ، وعلى ذلك قوله : أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً والعدل والعديل فيما يدرك بالحاسة كالموزونات والمعدودات والمكيلات ، فالعدل هو التقسيط على سواء ، وعلى هذا روى : بالعدل قامت السموات والأرض تنبيها أنه لو كان ركن من الأركان الأربعة فى العالم زائدا على الآخر أو ناقصا عنه على مقتضى الحكمة لم يكن العالم منتظما. والعدل ضربان : مطلق يقتضى العقل حسنه ولا يكون فى شىء من الأزمنة منسوخا ولا يوصف بالاعتداء بوجه نحو الإحسان إلى من أحسن إليك وكف الأذية عمن كف أذاه عنك. وعدل يعرف كونه عدلا بالشرع ، ويمكن أن يكون منسوخا فى بعض الأزمنة كالقصاص وأروش الجنايات ، وأصل مال المرتد.
ولذلك قال : فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ وقال : وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها فسمى اعتداء وسيئة ، وهذا النحو هو المعنى بقوله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ فإن العدل هو المساواة فى المكافأة إن خيرا فخير وإن شرا فشر ، والإحسان أن يقابل الخير بأكثر منه والشر بأقل منه ، ورجل عدل عادل ورجال عدل ، يقال فى الواحد والجمع وقال الشاعر :
فهم رضا وهم عدل
و أصله مصدر كقوله : وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ أي عدالة ، قال : وَأُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ وقوله : وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّساءِ فإشارة إلى ما عليه جبلة الناس من الميل ، فالإنسان لا يقدر على أن يسوى بينهن فى المحبة ، وقوله : فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً فإشارة إلى العدل الذي هو القسم والنفقة ، وقال : لا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا وقوله : أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً أي ما يعادل من الصيام الطعام ، فيقال للغداء عدل إذا اعتبر فيه معنى المساواة.
وقولهم : (لا يقبل منه صرف ولا عدل) فالعدل قيل هو كناية عن الفريضة وحقيقته ما تقدم ، والصرف النافلة وهو الزيادة على ذلك فهما كالعدل

(1/3471)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 367
و الإحسان. ومعنى أنه لا يقبل منه أنه لا يكون له خير يقبل منه ، وقوله :
بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ أي يجعلون له عديلا فصار كقوله : هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ وقيل يعدلون بأفعاله عنه وينسبونها إلى غيره ، وقيل يعدلون بعبادتهم عنه تعالى ، وقوله : بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ يصح أن يكون على هذا كأنه قال يعدلون به ، ويصح أن يكون من قولهم عدل عن الحق إذا جار عدولا ، وأيام معتدلات طيبات لاعتدالها ، وعادل بين الأمرين إذا نظر أيهما أرجح ، وعادل الأمر ارتبك فيه فلا يميل برأيه إلى أحد طرفيه ، وقولهم : وضع على يدى عدل فمثل مشهور.
(عدن) : جَنَّاتِ عَدْنٍ أي استقرار وثبات ، وعدن بمكان كذا استقر ومنه المعدن لمستقر الجواهر ، وقال عليه الصلاة والسلام : «المعدن جبار».
(عدا) : العدو التجاوز ومنافاة الالتئام فتارة يعتبر بالقلب فيقال له العداوة والمعاداة ، وتارة بالمشي فيقال له العدو ، وتارة فى الإخلال بالعدالة فى المعاملة فيقال له العدوان والعدو ، قال : فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ وتارة بأجزاء المقر فيقال له العدواء ، يقال مكان ذو عدواء أي غير متلائم الأجزاء ، فمن المعاداة يقال رجل عدو وقوم عدو ، قال : بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وقد يجمع على عدى وأعداء ، قال : وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْداءُ اللَّهِ والعدو ضربان ، أحدهما : يقصد من المعادى نحو : فَإِنْ كانَ مِنْ قَوْمٍ عَدُوٍّ لَكُمْ - جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا مِنَ الْمُجْرِمِينَ وفى أخرى عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ.
والثاني : لا تقصده بل بعرض له حالة يتأذى بها كما يتأذى مما يكون من العدى نحو قوله : فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعالَمِينَ وقوله فى الأولاد : عَدُوًّا لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ومن العدو يقال :
فعادى عداء بين ثور ونعجة
أي أعدى أحدهما إثر الآخر ، وتعادت المواشي بعضها فى إثر بعض ، ورأيت عداء القوم الذين يعدون من الرحالة. والاعتداء مجاوزة الحق ، قال : وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا وقال : وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فذلك بأخذهم الحيتان على جهة الاستحلال ، قال : تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلا تَعْتَدُوها وقال : فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ - فَمَنِ

(1/3472)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 368
اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ
- بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عادُونَ أي معتدون أو معادون أو متجاوزون الطور من قولهم عدا طوره : وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ فهذا هو الاعتداء على سبيل الابتداء لا على سبيل المجازاة لأنه قال : فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ أي قابلوه بحسب اعتدائه وتجاوزوا إليه بحسب تجاوزه. ومن العدوان المحظور ابتداء قوله : وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ومن العدوان الذي هو على سبيل المجازاة ويصح أن يتعاطى مع من ابتدأ قوله : فَلا عُدْوانَ إِلَّا عَلَى الظَّالِمِينَ - وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وقوله تعالى : فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ أي غير باغ لتناول لذة ولا عاد أي متجاوز سد الجوعة ، وقيل غير باغ على الإمام ولا عاد فى المعصية طريق المخبتين.
وقد عدا طوره تجاوزه وتعدى إلى غيره ومنه التعدي فى الفعل. وتعدية الفعل فى النحو هو تجاوز معنى الفعل من الفاعل إلى المفعول. وما عدا كذا يستعمل فى الاستثناء ، وقوله : إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى أي الجانب المتجاوز للقرب.
(عذب) : ماء عذب طيب بارد ، قال : هذا عَذْبٌ فُراتٌ وأعذب القوم صار لهم ماء عذب والعذاب هو الإيجاع الشديد وقد عذبه تعذيبا أكثر حبسه فى العذاب ، قال : لَأُعَذِّبَنَّهُ عَذاباً شَدِيداً - وَما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَما كانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ أي ما كان يعذبهم عذاب الاستئصال ، وقوله : وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ لا يعذبهم بالسيف وقال :
وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ - وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ - وَلَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ - وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ - وَأَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ واختلف فى أصله فقال بعضهم هو من قولهم عذب الرجل إذا ترك المأكل والنوم فهو عاذب وعذوب ، فالتعذيب فى الأصل هو حمل الإنسان أن يعذب أي يجوع ويسهر ، وقيل أصله من العذب فعذبته أي أزلت عذب حياته على بناء مرضته وقذيته ، و
(عذر) : العذر تحرى الإنسان ما يمحو به ذنوبه. ويقال عذر وعذره لوضوح عذره ، والعاذرة قيل المستحاضة ، والعذور السّيّئ الخلق اعتبارا بالعذرة أي النجاسة ، وأصل العذرة فناء الدار وسمى ما يلقى فيه باسمها.
(عر) : قال : أَطْعِمُوا الْقانِعَ وَالْمُعْتَرَّ وهو المعترض للسؤال ، يقال عره يعره واعتررت بك حاجتى ، والعر والعر الجرب الذي يعر البدن أي يعترضه ، ومنه قيل للمضرة معرة تشبيها بالعر الذي هو الجرب ، قال : فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ والعرار حكاية حفيف الريح ومنه العرار لصوت الظليم حكاية لصوتها وقد عار الظليم ، والعرعر شجر سمى به لحكاية صوت حفيفها وعرعار لعبة لهم حكاية لصوتها.
(عرب) : العرب ولد إسماعيل والأعراب جمعه فى الأصل وصار ذلك اسما لسكان البادية قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا - الْأَعْرابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفاقاً - وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وقيل فى جمع الأعراب أعاريب ، قال الشاعر :
أعاريب ذوو فخر بإفك وألسنة لطاف فى المقال

(1/3473)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 370
و الأعرابى فى المتعارف صار اسما للمنسوبين إلى سكان البادية ، والعربي المفصح ، والإعراب البيان يقال : أعرب عن نفسه ، و
فى الحديث : «الثيب تعرب عن نفسها»
أي تبين وإعراب الكلام إيضاح فصاحته ، وخص الإعراب فى تعارف النحويين بالحركات والسكنات المتعاقبة على أواخر الكلم ، والعربي الفصيح البين من الكلام ، قال : قُرْآناً عَرَبِيًّا وقوله : بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ - فُصِّلَتْ آياتُهُ - قُرْآناً عَرَبِيًّا حكما عربيا. وما بالدار عريب أي أحد يعرب عن نفسه ، وامرأة عروبة معربة بحالها عن عفتها ومحبة زوجها ، وجمعها عرب ، قال : عُرُباً أَتْراباً وعربت عليه إذا رددت من حيث الإعراب.
وفى الحديث : «عربوا على الإمام»
و المعرب صاحب الفرس العربي ، كقولك المجرب لصاحب الجرب. وقوله : حُكْماً عَرَبِيًّا قيل معناه مفصحا يحق الحق ويبطل الباطل ، وقيل معناه شريفا كريما من قولهم عرب أتراب أو وصفه بذلك كوصفه بكريم فى قوله : كِتابٌ كَرِيمٌ وقيل : معناه معربا من قولهم : عربوا على الإمام ، ومعناه ناسخا لما فيه من الأحكام ، وقيل منسوب إلى النبي العربي ، والعربي إذا نسب إليه قيل عربى فيكون لفظه كلفظ المنسوب إليه ، ويعرب قيل هو أول من نقل السريانية إلى العربية فسمى باسم فعله.
(عرج) : العروج ذهاب فى صعود قال : تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ - فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ والمعارج المصاعد قال : ذِي الْمَعارِجِ وليلة المعراج سميت لصعود الدعاء فيها إشارة إلى قوله : إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وعرج عروجا وعرجانا مشى مشى العارج أي الذاهب فى صعود كما يقال درج إذا مشى مشى الصاعد فى درجه ، وعرج صار ذلك خلقة له ، وقيل للضبع عرجاء لكونها فى خلقتها ذات عرج وتعارج نحو تضالع ومنه استعير.
عرج قليلا عن مدى غلوائكا
أي أحبسه عن التصعد. والعرج قطيع ضخم من الإبل كأنه قد عرج كثرة ، أي صعد.
(عرجن) : حَتَّى عادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ أي ألفافه من أغصانه.
(عرش) : العرش فى الأصل شىء مسقف ، وجمعه عروش ، قال :
وَ هِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها ومنه قيل عرشت الكرم وعرشته إذا جعلت له

(1/3474)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 371
كهيئة سقف وقد يقال لذلك المعرش قال : مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ - وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ - وَما كانُوا يَعْرِشُونَ قال أبو عبيدة : يبنون ، واعترش العنب ركب عرشه ، والعرش شبه هودج للمرأة شبيها فى الهيئة بعرش الكرم ، وعرشت البئر جعلت له عريشا. وسمى مجلس السلطان عرشا اعتبارا بعلوه. قال : وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ - أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِها - نَكِّرُوا لَها عَرْشَها - أَهكَذا عَرْشُكِ وكنى به عن العز والسلطان والمملكة ، قيل فلان ثل عرشه. وروى أن عمر رضى اللَّه عنه رئى فى المنام فقيل ما فعل بك ربك؟
فقال لولا أن تداركنى برحمته لثل عرشى. وعرش اللَّه ما لا يعلمه البشر على الحقيقة إلا بالاسم ، وليس كما تذهب إليه أوهام العامة فإنه لو كان كذلك لكان حاملا له تعالى عن ذلك لا محمولا ، واللَّه تعالى يقول : إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زالَتا إِنْ أَمْسَكَهُما مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ وقال :
قوم هو الفلك الأعلى والكرسي فلك الكواكب ، واستدل بما
روى عن رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم : «ما السموات السبع والأرضون السبع فى جنب الكرسي إلا كحلقة ملقاة فى أرض فلاة»
و الكرسي عند العرش كذلك وقوله : وَكانَ عَرْشُهُ عَلَى الْماءِ تنبيه أن العرش لم يزل منذ أوجد مستعليا على الماء. وقوله : ذُو الْعَرْشِ الْمَجِيدُ - رَفِيعُ الدَّرَجاتِ ذُو الْعَرْشِ وما يجرى مجراه قيل هو إشارة إلى مملكته وسلطانه لا إلى مقر له يتعالى عن ذلك.
(عرض) : العرض خلاف الطول وأصله أن يقال فى الأجسام ثم يستعمل فى غيرها كما قال : فَذُو دُعاءٍ عَرِيضٍ والعرض خص بالجانب وعرض الشيء بدا عرضه وعرضت العود على الإناء واعترض الشيء فى حلقة وقف فيه بالعرض واعترض الفرس فى مشيه وفيه عرضية أي اعتراض فى مشيه من الصعوبة ، وعرضت الشيء على البيع وعلى فلان ولفلان نحو : ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ - عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا
- إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ - وَعَرَضْنا جَهَنَّمَ يَوْمَئِذٍ لِلْكافِرِينَ عَرْضاً - وَيَوْمَ يُعْرَضُ الَّذِينَ كَفَرُوا عَلَى النَّارِ وعرضت الجند ، والعارض البادي عرضه فتارة يختص بالسحاب نحو : هذا عارِضٌ مُمْطِرُنا وبما يعرض من السقم فيقال به عارض من سقم ، وتارة بالخد نحو أخذ من عارضيه وتارة بالسن ومنه قيل العوارض للثنايا التي تظهر عند الضحك ، وقيل فلان شديد العارضة كناية عن جودة البيان ، ويعبر عروض يأكل الشوك بعارضيه ، والعرضة ما يجعل معرضا للشىء ، قال : وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ

(1/3475)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 372
و بعير عرضة للسفر أي يجعل معرضا له ، وأعرض أظهر عرضه أي ناحيته. فإذا قيل أعرض لى كذا أي بدا عرضه فأمكن تناوله ، وإذا قيل أعرض عنى فمعناه ولى مبديا عرضه قال : ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْها - فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَعِظْهُمْ - وَأَعْرِضْ عَنِ الْجاهِلِينَ - وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي - وَهُمْ عَنْ آياتِها مُعْرِضُونَ وربما حذف عَنْ استغناء عنه نحو : إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ - ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ - فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ وقوله : وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ فقد قيل هو العرض الذي خلاف الطول ، وتصور ذلك على أحد وجوه : إما أن يريد به أن يكون عرضها فى النشأة الآخرة كعرض السموات والأرض فى النشأة الأولى وذلك أنه قد قال : يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ ولا يمتنع أن تكون السموات والأرض فى النشأة الآخرة أكبر مما هى الآن. وروى أن يهوديا سأل عمر رضى اللَّه عنه عن هذه الآية فقال : فأين النار؟ فقال عمر : إذا جاء الليل فأين النهار؟ وقيل يعنى بعرضها سعتها لا من حيث المساحة ولكن من حيث المسرة كما يقال فى ضده : الدنيا على فلان حلقة خاتم وكفة حابل ، وسعة هذه الدار كسعة الأرض ، وقيل العرض هاهنا من عرض البيع من قولهم : بيع كذا بعرض إذا بيع بسلعة فمعنى عرضها أي بدلها وعوضها كقولك عرض هذا الثوب كذا وكذا والعرض ما لا يكون له ثبات ومنه استعار المتكلمون العرض لما لا ثبات له إلا بالجوهر كاللون والطعم ، وقيل الدنيا عرض حاضر تنبيها أن لا ثبات لها ، قال تعالى : تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وقال : يَأْخُذُونَ عَرَضَ هذَا الْأَدْنى - وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ وقوله : لَوْ كانَ عَرَضاً قَرِيباً أي مطلبا سهلا. ولتعريض كلام له وجهان من صدق وكذب أو ظاهر وباطن.
قال : وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساءِ قيل هو أن يقول لها أنت جميلة ومرغوب فيك ونحو ذلك.
(عرف) : المعرفة والعرفان إدراك الشيء بتفكر وتدبر لأثره وهو أخص من العلم ويضاده الإنكار ، ويقال فلان يعرف اللَّه ولا يقال يعلم اللَّه متعديا إلى مفعول واحد لما كانت معرفة البشر للَّه هى بتدبر آثاره دون إدراك ذاته ، ويقال اللَّه يعلم كذا ولا يقال يعرف كذا ، لما كانت المعرفة تستعمل فى العلم القاصر المتوصل به بتفكر ، وأصله من عرفت أي أصبت عرفه أي رائحته ، أو من أصبت عرفه أي خده ، يقال عرفت كذا ، قال تعالى : فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا - فَعَرَفَهُمْ وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ - فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيماهُمْ - يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ

(1/3476)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 373
أَبْناءَهُمْ
و يضاد المعرفة الإنكار والعلم والجهل قال : يَعْرِفُونَ نِعْمَتَ اللَّهِ ثُمَّ يُنْكِرُونَها والعارف فى تعارف قوم هو المختص بمعرفة اللَّه ومعرفة ملكوته وحسن معاملته تعالى ، يقال عرفه كذا ، قال : عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ وتعارفوا عرف بعضهم بعضا قال : لِتَعارَفُوا وقال : يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ وعرفه جعل له عرفا أي ريحا طيبا ، قال فى الجنة : عَرَّفَها لَهُمْ أي طيبها وزينها لهم ، وقيل عرفها لهم بأن وصفها لهم وشوقهم إليها وهداهم وقوله :
فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فاسم لبقعة مخصوصة ، وقيل سميت بذلك لوقوع المعرفة فيها بين آدم وحواء ، وقيل بل لتعرف العباد إلى اللَّه تعالى بالعبادات والأدعية. والمعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حسنه ، والمنكر ما ينكر بهما ، قال : يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وقال تعالى : وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ - وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفاً ولهذا قيل للاقتصاد فى الجود معروف لما كان ذلك مستحسنا فى العقول وبالشرع نحو : وَمَنْ كانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ - إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ - وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ أي بالاقتصاد والإحسان وقوله : فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وقوله : قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ أي رد بالجميل ودعاء خير من صدقة كذلك ، والعرف المعروف من الإحسان وقال :
وَ أْمُرْ بِالْعُرْفِ وعرف الفرس والديك معروف ، وجاء القطا عرفا أي متتابعة ، قال : وَالْمُرْسَلاتِ عُرْفاً والعراف كالكاهن إلا أن العراف يختص بمن يخبر بالأحوال المستقبلة ، والكاهن بمن يخبر عن الأحوال الماضية ، والعريف بمن يعرف الناس ويعرفهم ، قال الشاعر :
بعثوا إلى عريفهم يتوسم
و قد عرف فلان عرافة إذا صار مختصا بذلك ، فالعريف السيد المعروف ، قال الشاعر :
بل كل قوم وإن عزوا وإن كثروا عريفهم بأثافى الشر مرجوم
و يوم عرفة يوم الوقوف بها ، وقوله : وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ فإنه سور بين الجنة والنار ، والاعتراف الإقرار وأصله إظهار معرفة الذنب وذلك ضد الجحود ، قال : فَاعْتَرَفُوا بِذَنْبِهِمْ - فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا.

(1/3477)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 374
(عرم) : العرامة شراسة وصعوبة فى الخلق وتظهر بالفعل ، يقال عرم فلان فهو عارم وعرم تخلق بذلك ومنه عرام الجيش ، وقوله : سَيْلَ الْعَرِمِ قيل أراد سيل الأمر العرم ، وقيل العرم المسناة وقيل للعرم الجرذ الذكر ونسب إليه السيل من حيث إنه ثقب المسناة.
(عرى) : يقال عرى من ثوبه يعرى فهو عار وعريان ، قال : إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وهو عرو من الذنب أي عار وأخذه عرواء أي رعدة تعرض من العرى ومعارى الإنسان الأعضاء التي من شأنها أن تعرى كالوجه واليد والرجل ، وفلان حسن المعرى كقولك حسن المحسر والمجرد ، والعراء مكان لا سترة به ، قال : فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَهُوَ سَقِيمٌ والعرا مقصور : الناحية وعراه واعتراه قصد عراه ، قال : إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوءٍ والعروة ما يتعلق به من عراه أي ناحيته ، قال تعالى : فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى وذلك على سبيل التمثيل. والعروة أيضا شجرة يتعلق بها الإبل ويقال لها عروة وعلقة.
والعرى والعرية ما يعرو من الريح الباردة ، والنخلة العرية ما يعرى عن البيع ويعزل ، وقيل هى التي يعريها صاحبها محتاجا فجعل ثمرتها له ورخص أن يبتاع بتمر لموضع الحاجة ، وقيل هى النخلة للرجل وسط نخيل كثيرة لغيره فيتأذى به صاحب الكثير فرخص له أن يبتاع ثمرته بتمر ، والجميع العرايا.
ورخص رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم فى بيع العرايا.
(عز) : العزة حالة مانعة للإنسان من أن يغلب من قولهم أرض عزاز أي صلبة ، قال : أَيَبْتَغُونَ عِنْدَهُمُ الْعِزَّةَ فَإِنَّ الْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وتعزز اللحم اشتد وعز كأنه حصل فى عزاز يصعب الوصول إليه كقولهم تظلف أي حصل فى ظلف من الأرض ، والعزيز الذي يقهر ولا يقهر ، قال : إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ - يا أَيُّهَا الْعَزِيزُ مَسَّنا قال : وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ - سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ فقد يمدح بالعزة تارة كما ترى ويذم بها تارة كعزة الكفار قال :
بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ ووجه ذلك أن العزة التي للَّه ولرسوله وللمؤمنين هى الدائمة الباقية التي هى العزة الحقيقية ، والعزة التي هى للكافرين هى التعزز وهو فى الحقيقة ذل كما
قال عليه الصلاة والسلام : «كل عز ليس باللَّه فهو ذل»
و على هذا قوله : وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا أي ليتمنعوا به من العذاب ، وقوله : مَنْ كانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعاً معناه

(1/3478)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 375
من كان يريد أن يعز يحتاج أن يكتسب منه تعالى العزة فإنها له ، وقد تستعار العزة للحمية والأنفة المذمومة وذلك فى قوله : أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ وقال : تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ يقال عز على كذا صعب ، قال : عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ أي صعب ، وعزه كذا غلبه ، وقيل من عز بز أي من غلب سلب.
قال تعالى : وَعَزَّنِي فِي الْخِطابِ أي غلبنى ، وقيل معناه صار أعز منى فى المخاطبة والمخاصمة ، وعز المطر الأرض غلبها وشاة عزوز قل درها ، وعز الشيء قل اعتبارا بما قيل كل موجود مملول وكل مفقود مطلوب ، وقوله : إِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ أي يصعب مناله ووجود مثله ، والعزى صنم ، قال : أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى واستعز بفلان إذا غلب بمرض أو بموت.
(عزب) : العازب المتباعد فى طلب الكلأ عن أهله ، يقال عزب يعزب ويعزب ، قال : وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ - لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ يقال رجل عزب ، وامرأة عزبة وعزب عن حلمه وعزب طهرها إذا غاب عنها زوجها ، وقوم معزبون عزبت إبلهم.
وروى من قرأ القرآن فى أربعين يوما فقد عزب
، أي بعد عهده بالختمة.
(عزر) : التعزير النصرة مع التعظيم ، قال : وَتُعَزِّرُوهُ - وَعَزَّرْتُمُوهُمْ والتعزير ضرب دون الحد وذلك يرجع إلى الأول فإن ذلك تأديب والتأديب نصرة مالكن الأول نصرة بقمع ما يضره عنه ، والثاني نصرة بقمعه عما يضره فمن قمعته عما يضره فقد نصرته. وعلى هذا الوجه
قال صلّى اللَّه عليه وسلّم : «انصر أخاك ظالما أو مظلوما ، قال : أنصره مظلوما فكيف أنصره ظالما؟ فقال : كفه عن الظلم»
و عزيز فى قوله : وقالت اليهود عزيز ابن الله اسم نبى.
(عزل) : الاعتزال تجنب الشيء عمالة كانت أو براءة أو غيرهما بالبدن كان ذلك أو بالقلب ، يقال عزلته واعتزلته وعزلته فاعتزل ، قال : وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ - فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقاتِلُوكُمْ - وَأَعْتَزِلُكُمْ وَما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ - فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ وقال الشاعر :
يا بنت عاتكة التي أتعزل
و قوله : إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ أي ممنوعون بعد أن كانوا يمكنون ، والأعزل الذي لا رمح معه. ومن الدواب ما يميل ذنبه ومن السحاب مالا مطر

(1/3479)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 376
فيه ، والسماك الأعزل نجم وسمى به لتصوره بخلاف السماك الرامح الذي معه نجم لتصوره بصورة رمحه.
(عزم) : العزم والعزيمة عقد القلب على إمضاء الأمر ، يقال عزمت الأمر وعزمت عليه واعتزمت ، قال : فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ - وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ - وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ - إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ - وَلَمْ نَجِدْ لَهُ عَزْماً أي محافظة على ما أمر به وعزيمة على القيام. والعزيمة تعويذ كأنه تصور أنك قد عقدت بها على الشيطان أن يمضى إرادته فيك وجمعها العزائم (عزا) : عزين أي جماعات فى تفرقة ، واحدتها عزة وأصله من عزوته فاعتزى أي نسبته فانتسب فكأنهم الجماعة المنتسب بعضهم إلى بعض إما فى الولادة أو فى المظاهرة ، ومنه الاعتزاء فى الحرب وهو أن يقول أنا ابن فلان وصاحب فلان و
روى : «من تعزى بعزاء الجاهلية فأعضوه بهن أبيه»
و قيل عزين من عزا عزاء فهو عز إذا تصبر وتعزى أي تصبر وتأسى فكأنها اسم للجماعة التي يتأسى بعضهم ببعض.
(عسعس) : وَاللَّيْلِ إِذا عَسْعَسَ أي أقبل وأدبر وذلك فى مبدأ الليل ومنتهاه ، فالعسعسة والعساس رقة الظلام وذلك فى طرفى الليل ، والعس والعسس نفض الليل عن أهل الريبة ورجل عاس وعساس والجميع العسس. وقيل كلب عس خير من أسد ربض ، أي طلب الصيد بالليل ، والعسوس من النساء المتعاطية للريبة بالليل. والعس القدح الضخم والجمع عساس.
(عسر) : العسر نقيض اليسر ، قال تعالى : فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً. إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً والعسرة تعسر وجود المال ، قال : فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ وقال : وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ ، وأعسر فلان ، نحو أضاق ، وتعاسر القوم طلبوا تعسير الأمر وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى ويوم عسير يتصعب فيه الأمر قال : وَكانَ يَوْماً عَلَى الْكافِرِينَ عَسِيراً - يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ وعسرنى الرجل طالبنى بشىء حين العسرة.
(عسل) : العسل لعاب النحل ، قال : مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وكنى.
عن الجماع بالعسيلة.
قال عليه السلام : «حتى تذوقى عسيلته ويذوق

(1/3480)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 377
عسيلتك»
و العسلان اهتزاز الرمح واهتزاز الأعضاء فى العدو وأكثر ما يستعمل فى الذئب يقال مر يعسل وينسل.
(عسى) : عسى طمع وترجى ، وكثير من المفسرين فسروا لعل وعسى فى القرآن باللازم وقالوا إن الطمع والرجاء لا يصح من اللَّه ، وفى هذا منهم قصور نظر ، وذاك أن اللَّه تعالى إذا ذكر ذلك يذكره ليكون الإنسان منه راجيا لا لأن يكون هو تعالى يرجو ، فقوله : عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ أي كونوا راجين فى ذلك : فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ - عَسى رَبُّهُ إِنْ طَلَّقَكُنَّ - وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ - فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ - هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ - فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً والمعسيات من الإبل ما انقطع لبنها فيرجى أن يعود لبنها ، وعسى الشيء يعسو إذا صلب ، وعسى الليل يعسو أي أظلم.
(عشر) : العشرة والعشر والعشرون والعشير والعشر معروفة ، قال تعالى : تِلْكَ عَشَرَةٌ كامِلَةٌ - عِشْرُونَ صابِرُونَ - تِسْعَةَ عَشَرَ وعشرتهم أعشرهم ، صرت عاشرهم ، وعشرهم أخذ عشر مالهم ، وعشرتهم صيرت مالهم عشرة وذلك أن تجعل التسع عشرة ، ومعشار الشيء عشره ، قال تعالى :
وَ ما بَلَغُوا مِعْشارَ ما آتَيْناهُمْ وناقة عشراء مرت من حملها عشرة أشهر وجمعها عشار ، قال تعالى : وَإِذَا الْعِشارُ عُطِّلَتْ وجاءوا عشارى عشرة عشرة والعشارى ما طوله عشرة أذرع ، والعشر فى الإظماء وإبل عواشر وقدح أعشار منكسر وأصله أن يكون على عشرة أقطاع وعنه استعير قول الشاعر :
بسهميك فى أعشار قلب مقتل
و العشور فى المصاحف علامة العشر الآيات ، والتعشير نهاق الحمير لكونه عشرة أصوات ، والعشيرة أهل الرجل الذين يتكثر بهم أي يصيرون له بمنزلة العدد الكامل وذلك أن العشرة هو العدد الكامل ، قال تعالى : وَأَزْواجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ فصار العشيرة اسما لكل جماعة من أقارب الرجل الذين يتكثر بهم وعاشرته صرت له كعشرة في المصاهرة : وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ والعشير المعاشر قريبا كان أو معارف.
(عشا) : العشى من زوال الشمس إلى الصباح قال : إِلَّا عَشِيَّةً أَوْ ضُحاها والعشاء من صلاة المغرب إلى العتمة ، والعشاءان المغرب والعتمة.

(1/3481)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 378
و العشا ظلمة تعترض فى العين ، يقال رجل أعشى وامرأة عشواء. وقيل يخبط خبط عشواء. وعشوت النار قصدتها ليلا وسمى النار التي تبدو بالليل عشوة وعشوة كالشعلة ، عشى عن كذا نحو عمى عنه. قال : وَمَنْ يَعْشُ عَنْ ذِكْرِ الرَّحْمنِ والعواشى الإبل التي ترعى ليلا الواحدة عاشية ومنه قيل العاشية تهيج الآبية ، والعشاء طعام العشاء وبالكسر صلاة العشاء ، وقد عشيت وعشيته وقيل عش ولا تغتر.
(عصب) : العصب أطناب المفاصل ، ولحم عصب كثير العصب والمعصوب المشدود بالعصب المنزوع من الحيوان ثم يقال لكل شد عصب نحو قولهم لأعصبنكم عصب السلمة ، وفلان شديد العصب ومعصوب الخلق أي مدمج الخلقة ، ويوم عصيب شديد يصح أن يكون بمعنى فاعل وأن يكون بمعنى مفعول أي يوم مجموع الأطراف كقولهم يوم ككفة حابل وحلقة خاتم ، والعصبة جماعة متعصبة متعاضدة ، قال تعالى : لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ - وَنَحْنُ عُصْبَةٌ أي مجتمعة الكلام متعاضدة ، واعصوصب القوم صاروا عصبا ، وعصبوا به أمرا وعصب الريق بفمه يبس حتى صار كالعصب أو كالمعصوب به. والعصب ضرب من برود اليمن قد عصب به نقوش ، والعصابة ما يعصب به الرأس والعمامة وقد اعتصب فلان نحو تعمم والمعصوب الناقة التي لا تدر حتى تعصب ، والعصيب فى بطن الحيوان لكونه معصوبا أي مطويا.
(عصر) : العصر مصدر عصرت والمعصور الشيء العصير والعصارة نفاية ما يعصر ، قال : إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً وقال : وَفِيهِ يَعْصِرُونَ أي يستنبطون منه الخير وقرىء يعصرون أي يمطرون ، واعتصرت من كذا أخذت ما يجرى مجرى العصارة ، قال الشاعر :
و إنما العيش بربانه وأنت من أفنانه معتصر
وَ أَنْزَلْنا مِنَ الْمُعْصِراتِ ماءً ثَجَّاجاً أي السحائب التي تعتصر بالمطر أي تصب ، وقيل التي تأتى بالإعصار ، والإعصار ريح تثير الغبار ، قال : فَأَصابَها إِعْصارٌ والاعتصار أن يغص فيعتصر بالماء ومنه العصر ، والعصر الملجأ ، والعصر والعصر الدهر والجميع العصور ، قال : وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسانَ لَفِي خُسْرٍ والعصر العشى ومنه صلاة العصر وإذا قيل العصران فقيل الغداة

(1/3482)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 379
و العشى ، وقيل الليل والنهار وذلك كالقمرين للشمس والقمر. والمعصر المرأة التي حاضت ودخلت فى عصر شبابها.
(عصف) : العصف والعصيفة الذي يعصف من الزرع ويقال لحطام البنت المتكسر عصف ، قال : وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ - كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ وريح عاصف وعاصفة ومعصفة تكسر الشيء فتجعله كعصف ، وعصفت بهم الريح تشبيها بذلك.
(عصم) : العصم الإمساك ، والاعتصام الاستمساك ، قال :
لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ أي لا شىء يعصم منه ، ومن قال معناه لا معصوم فليس يعنى أن العاصم بمعنى المعصوم وإنما ذلك تنبيه منه على المعنى المقصود بذلك وذلك أن العاصم والمعصوم يتلازمان فأيهما حصل ، حصل معه الآخر ، قال : ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ والاعتصام التمسك بالشيء ، قال :
وَ اعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً - وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ واستعصم استمسك كأنه طلب ما يعتصم به من ركوب الفاحشة ، قال : فَاسْتَعْصَمَ أي تحرى ما ية البياض بالرجل تحجيلا ، وعلى هذا قيل غراب أعصم.
(عصا) : العصا أصله من الواو لقولهم فى تثنيته عصوان ، ويقال فى جمعه عصى وعصوته ضربته بالعصا وعصيت بالسيف ، قال : وَأَلْقِ عَصاكَ - فَأَلْقى عَصاهُ - قالَ هِيَ عَصايَ - فَأَلْقَوْا حِبالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ ويقال ألقى فلان عصاه إذا نزل تصورا بحال من عاد من سفره قال الشاعر :
فألقت عصاها واستقرت بها النوى
و عصى عصيانا إذا خرج عن الطاعة ، وأصله أن يتمنع بعصاه ، قال : وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ - وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ - آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ ويقال فيمن فارق الجماعة فلان شق العصا.

(1/3483)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 380
(عض) : العض أزم بالأسنان قال : عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ - وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ وذلك عبارة عن الندم لما جرى به عادة الناس أن يفعلوه عند ذلك ، والعض للنوى والذي يعض عليه الإبل ، والعضاض معاضة الدواب بعضها بعضا ، ورجل معض مبالغ فى أمره كأنه يعض عليه ويقال ذلك فى المدح تارة وفى الذم تارة بحسب ما يبالغ فيه يقال هو عض سفر وعض فى الخصومة ، وزمن عضوض فيه جدب ، والتعضوض ضرب من التمر يصعب مضغه.
(عضد) : العضد ما بين المرفق إلى الكتف وعضدته أصبت عضده ، وعنه استعير عضدت الشجر بالمعضد ، وجمل عاضد يأخذ عضد الناقة فيتنوخها ويقال عضدته أخذت عضده وقويته ويستعار العضد للمعين كاليد وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً ورجل أعضد دقيق العضد ، وعضد يشتكى من العضد ، وهو داء يناله فى عضده ، ومعضد موسوم فى عضده ، ويقال لسمته عضاد ، والمعضد دملجة ، وأعضاد الحوض جوانبها تشبيها بالعضد.
(عضل) : العضلة كل لحم صلب فى عصب ورجل عضل مكتنز اللحم وعضلته شددته بالعضل المتناول من الحيوان نحو عصبته وتجوز به فى كل منع شديد ، قال : فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ قيل خطاب للأزواج وقيل للأولياء : وعضلت الدجاجة ببيضها ، والمرأة بولدها إذا تعسر خروجهما تشبيها بها. قال الشاعر :
ترى الأرض منا بالفضاء مريضة معضلة منا بجمع عرمرم
و داء عضال صعب البرء ، والعضلة الداهية المنكرة.
(عضه) : جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ أي مفرقا كهانة وقالوا أساطير الأولين إلى غير ذلك مما وصفوه به وقيل معنى عضين ما قال تعالى : أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ خلاف من قال فيه : وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وعضون جمع كقولهم ثبون وظبون فى جمع ثبة وظبة ، ومن هذا الأصل العضو والعضو ، والتعضية تجزئة الأعضاء ، وقد عضيته. قال الكسائي : هو من العضو أو من العضة وهى شجرة وأصل عضة فى لغة عضهة ، لقولهم عضيهة ، وعضوة فى لغة لقولهم عضوان و
روى لا تعضية فى الميراث
: أي لا يفرق ما يكون تفريقه ضررا على الورثة كسيف يكسر بنصفين ونحو ذلك.

(1/3484)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 381
(عطف) : العطف يقال فى الشيء إذا ثنى أحد طرفيه إلى الآخر كعطف الغصن والوسادة والحبل ومنه قيل للرداء المثنى عطاف ، وعطفا الإنسان جانباه من لدن رأسه إلى وركه وهو الذي يمكنه أن يثنيه من بدنه ويقال ثنى عطفه إذا أعرض وجفا نحو نَأى بِجانِبِهِ وصعر بخده ونحو ذلك من الألفاظ ، ويستعار للميل والشفقة إذا عدى بعلى ، يقال عطف عليه وثناه عاطفة رحم ، وظبية عاطفة على ولدها ، وناقة عطوف على بوها ، وإذا عدى بعن يكون على الضد نحو عطفت عن فلان.
(عطل) : العطل فقدان الزينة والشغل ، يقال عطلت المرأة فهى عطل وعاطل ، ومنه قوس عطل لا وتر عليه ، وعطلته من الحلي ومن العمل فتعطل ، قال : وَبِئْرٍ مُعَطَّلَةٍ ويقال لمن يجعل العالم بزعمه فارغا عن صانع أتقنه وزينه : معطل ، وعطل الدار عن ساكنها ، والإبل عن راعيها.
(عطا) : العطو التناول والمعاطاة المناولة ، والإعطاء الإنالة حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ واختص العطية والعطاء بالصلة ، قال : هذا عَطاؤُنا يعطى من يشاء : فَإِنْ أُعْطُوا مِنْها رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْها وأعطى البعير انقاد وأصله أن يعطى رأسه فلا يتأبى وظبى عطو وعاط رفع رأسه لتناول الأوراق.
(عظم) : العظم جمعه عظام ، قال : عِظاماً - فَكَسَوْنَا الْعِظامَ لَحْماً وقرىء عظما فيهما ، ومنه قيل عظمة الذراع لمستغلظها ، وعظم الرحل خشبة بلا أنساع ، وعظم الشيء أصله كبر عظمه ثم استعير لكل كبير فأجرى مجراه محسوسا كان أو معقولا ، عينا كان أو معنى ، قال : عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ - قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ - عَمَّ يَتَساءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ - مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ والعظيم إذا استعمل فى الأعيان فأصله أن يقال فى الأجزاء المتصلة ، والكثير يقال فى المنفصلة ، ثم قد يقال فى المنفصل عظيم نحو جيش عظيم ومال عظيم ، وذلك فى معنى الكثير ، والعظيمة النازلة ، والإعظامة والعظامة شبه وسادة تعظم بها المرأة عجيزتها.
(عف) : العفة حصول حالة للنفس تمتنع بها عن غلبة الشهوة ، والمتعفف المتعاطى لذلك بضرب من الممارسة والقهر ، وأصله الاقتصار على تناول الشيء القليل الجاري مجرى العفافة ، والعفة أي البقية من الشيء ، أو مجرى

(1/3485)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 382
العفعف وهو ثمر الأراك ، والاستعفاف طلب العفة ، قال : وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وقال : وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكاحاً.
(عفر) : قالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ العفريت من الجن هو العارم الخبيث ، ويستعار ذلك للإنسان استعارة الشيطان له ، يقال عفريت نفريت ، قال ابن قتيبة : العفريت الموثق الخلق ، وأصله من العفر أي التراب ، وعافره صارعه فألقاه فى العفر ورجل عفر نحو شر وشمر ، وليث عفرين : دابة تشبه الحرباء تتعرض للراكب ، وقيل عفرية الديك والحبارى للشعر الذي على رأسهما.
(عفا) : العفو القصد لتناول الشيء ، يقال عفاه واعتفاه أي قصده متناولا ما عنده ، وعفت الريح الدار قصدتها متناولة آثارها ، وبهذا النظر قال الشاعر :
أخذ البلى آياتها فعفاها
و عفت الدار كأنها قصدت هى البلى ، وعفا النبت والشجر قصد تناول الزيادة كقولك أخذ النبت فى الزيادة ، وعفوت عنه قصدت إزالة ذنبه صارفا عنه ، فالمفعول فى الحقيقة متروك ، وعن متعلق بمضمر ، فالعفو هو التجافي عن الذنب ، قال : فَمَنْ عَفا وَأَصْلَحَ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوى - ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ - إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ - وَاعْفُ عَنَّا. وقوله : خُذِ الْعَفْوَ أي ما يسهل قصده وتناوله ، وقيل معناه تعاطى العفو عن الناس ، وقوله : وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ أي ما يسهل إنفاقه وقولهم : أعطى عفوا ، فعفوا مصدر فى موضع الحال أي أعطى وحاله حال العافي أي القاصد للتناول إشارة إلى المعنى الذي عد بديعا ، وهو قول الشاعر :
كأنك تعطيه الذي أنت سائله
و قولهم فى الدعاء أسألك العفو والعافية أي ترك العقوبة والسلامة ، وقال فى وصفه تعالى : إِنَّ اللَّهَ كانَ عَفُوًّا غَفُوراً وقوله : «و ما أكلت العافية فصدقة» أي طلاب الرزق من طير ووحش وإنسان ، وأعفيت كذا أي تركته يعفو ويكثر ، ومنه قيل «أعفوا اللحى» والعفاء ما كثر من الوبر والريش ، والعافي ما يرد مستعير القدر من المرق فى قدره.

(1/3486)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 383
(عقب) : العقب مؤخر الرجل ، وقيل عقب وجمعه أعقاب ، و
روى : «ويل للأعقاب من النار»
و استعير العقب للولد وولد الولد ، قال تعالى :
وَ جَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ وعقب الشهر من قولهم جاء فى عقب الشهر أي آخره ، وجاء فى عقبه إذا بقيت منه بقية ، ورجع على عقبه إذا انثنى راجعا ، وانقلب على عقبيه نحو رجع على حافرته ، ونحو : فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً وقولهم رجع عوده على بدئه ، قال : وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا - انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ - نَكَصَ عَلى عَقِبَيْهِ - فَكُنْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ تَنْكِصُونَ وعقبه إذا تلاه عقبا نحو دبره وقفاه ، والعقب والعقبى يختصان بالثواب نحو :
خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً وقال تعالى : أُولئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ والعاقبة إطلاقها يختص بالثواب نحو : وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ وبالإضافة قد تستعمل فى العقوبة نحو : ثُمَّ كانَ عاقِبَةَ الَّذِينَ أَساؤُا وقوله تعالى : فَكانَ عاقِبَتَهُما أَنَّهُما فِي النَّارِ يصح أن يكون ذلك استعارة من ضده كقوله : فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ والعقوبة والمعاقبة والعقاب يختص بالعذاب ، قال : فَحَقَّ عِقابِ - شَدِيدُ الْعِقابِ - وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ - وَمَنْ عاقَبَ بِمِثْلِ ما عُوقِبَ بِهِ والتعقيب أن يأتى بشىء بعد آخر ، يقال عقب الفرس فى عدوه قال : لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ أي ملائكة يتعاقبون عليه حافظين له. وقوله : لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ أي لا أحد يتعقبه ويبحث عن فعله من قولهم عقب الحاكم على حكم من قبله إذا تتبعه. قال الشاعر :
و ما بعد حكم اللَّه تعقيب
و يجوز أن يكون ذلك نهيا للناس أن يخوضوا فى البحث عن حكمه وحكمته إذا خفيت عليهم ويكون ذلك من نحو النهى عن الخوض فى سر القدر. وقوله تعالى :
وَلَّى مُدْبِراً وَلَمْ يُعَقِّبْ أي لم يلتفت وراءه. والاعتقاب أن يتعاقب شىء بعد آخر كاعتقاب الليل والنهار ، ومنه العقبة أن يتعاقب اثنان على ركوب ظهر ، وعقبة الطائر صعوده وانحداره ، وأعقبه كذا إذا أورثه ذلك ، قال : فَأَعْقَبَهُمْ نِفاقاً قال الشاعر :
له طائف من جنة غير معقب
أي لا يعقب الإفاقة ، وفلان لم يعقب أي لم يترك ولدا ، وأعقاب الرجل أولاده.
قال أهل اللغة لا يدخل فيه أولاد البنت لأنهم لم يعقبوه بالنسب ، قال : وإذا كان

(1/3487)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 384
له ذرية فإنهم يدخلون فيها ، وامرأة معاقب تلد مرة ذكرا ومرة أنثى ، وعقبت الرمح شددته بالعقب نحو عصبته شددته بالعصب ، والعقبة طريق وعر فى الجبل ، والجمع عقب وعقاب ، والعقاب سمى لتعاقب جريه فى الصيد ، وبه شبه فى الهيئة الراية ، والحجر الذي على حافتى البئر ، والخيط الذي فى القرط ، واليعقوب ذكر الحجل لما له من عقب الجري.
(عقد) : العقد الجمع بين أطراف الشيء ويستعمل ذلك فى الأجسام الصلبة كعقد الحبل وعقد البناء ثم يستعار ذلك للمعانى نحو عقد البيع والعهد وغيرهما فيقال عاقدته وعقدته وتعاقدنا وعقدت يمينه ، قال : (عاقدت أيمانكم) وقرىء عَقَدَتْ أَيْمانُكُمْ وقال : بِما عَقَّدْتُمُ الْأَيْمانَ وقرىء :
(بما عاقدتم الأيمان) ومنه قيل لفلان عقيدة ، وقيل للقلادة عقد. والعقد مصدر استعمل اسما فجمع نحو : أَوْفُوا بِالْعُقُودِ والعقدة اسم لما يعقد من نكاح أو يمين أو غيرهما ، قال : وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ وعقد لسانه احتبس وبلسانه عقدة أي فى كلامه حبسة ، قال : وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسانِي - النَّفَّاثاتِ فِي الْعُقَدِ جمع عقدة وهى ما تعقده الساحرة وأصله من العزيمة ولذلك يقال لها عزيمة كما يقال لها عقدة ، ومنه قيل للساحر معقد ، وله عقدة ملك ، وقيل ناقة عاقدة ، وعاقد ، عقدت بذنبها للقاحها ، وتيس وكلب أعقد ملتوى الذنب ، وتعاقدت الكلاب تعاظلت.
(عقر) : عقر الحوض والدار وغيرهما أصلها ويقال له عقر ، وقيل :
ما غزى قوم فى عقر دارهم قط إلا ذلوا ، وقيل للقصر عقرة وعقرته أصبت عقره أي أصله نحو رأسته ومنه عقرت النخل قطعته من أصله وعقرت البعير نحرته وعقرت ظهر البعير فانعقر ، قال : فَعَقَرُوها فَقالَ تَمَتَّعُوا فِي دارِكُمْ وقال تعالى : فَتَعاطى فَعَقَرَ ومنه استعير سرج معقر وكلب عقور ورجل عاقر وامرأة عاقر لا تلد كأنها تعقر ماء الفحل ، قال : وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً - وَامْرَأَتِي عاقِرٌ وقد عقرت والعقر آخر الولد وبيضة العقر كذلك ، والعقار الخمر لكونه كالعاقر للعقل والمعاقرة إدمان شربه ، وقولهم للقطعة من الغنم عقر فتشبيه بالقصر ، فقولهم رفع فلان عقيرته أي صوته فذلك لما روى أن رجلا عقر رجله فرفع صوته فصار ذلك مستعارا للصوت ، والعقاقير ، أخلاط الأدوية ، الواحد عقار.

(1/3488)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 385
(عقل) : العقل يقال للقوة المتهيئة لقبول العلم ويقال للعلم الذي يستفيده الإنسان بتلك القوة عقل ولهذا قال أمير المؤمنين رضى اللَّه عنه :
العقل عقلان مطبوع ومسموع
و لا ينفع مسموع إذا لم يك مطبوع
كما لا ينفع ضوء الشمس وضوء العين ممنوع
و إلى الأول
أشار صلّى اللَّه عليه وسلّم بقوله : «ما خلق اللَّه خلقا أكرم عليه من العقل»
و إلى الثاني
أشار بقوله : «ما كسب أحد شيئا أفضل من عقل يهديه إلى هدى أو يرده عن ردى»
و هذا العقل هو المعنى بقوله : وَما يَعْقِلُها إِلَّا الْعالِمُونَ وكل موضع ذم اللَّه فيه الكفار بعدم العقل فإشارة إلى الثاني دون الأول نحو : وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ إلى قوله : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ ونحو ذلك من الآيات ، وكل موضع رفع التكليف عن العبد لعدم العقل فإشارة إلى الأول. وأصل العقل الإمساك والاستمساك كعقل البعير بالعقال وعقل الدواء البطن وعقلت المرأة شعرها وعقل لسانه كفه ومنه قيل للحصن معقل وجمعه معاقل. وباعتبار عقل البعير قيل عقلت المقتول أعطيت ديته ، وقيل أصله أن تعقل الإبل بفناء ولى الدم وقيل بل بعقل الدم أن يسفك ثم سميت الدية بأى شىء كان عقلا وسمى الملتزمون له عاقلة ، وعقلت عنه نبت عنه فى إعطاء الدية ودية معقلة على قومه إذا صاروا بدونه واعتقله بالشغزبية إذا صرعه ، واعتقل رمحه بين ركابه وساقه ، وقيل العقال صدقة عام لقول أبى بكر رضى اللَّه عنه «لو منعونى عقالا لقاتلتهم» ولقولهم أخذ النقد ولم يأخذ العقال ، وذلك كناية عن الإبل بما يشد به أو بالمصدر فإنه يقال عقلته عقلا وعقالا كما يقال كتبت كتابا ، ويسمى المكتوب كتابا كذلك يسمى المعقول عقالا ، والعقيلة من النساء والدر وغيرهما التي تعقل أي تحرس وتمنع كقولهم علق مضنة لما يتعلق به ، والمعقل جبل أو حصن يعتقل به ، والعقال داء يعرض فى قوائم الخيل ، والعقل اصطكاك فيها.
(عقم) : أصل العقم اليبس المانع من قبول الأثر يقال عقمت مفاصله وداء عقام لا يقبل البرء والعقيم من النساء التي لا تقبل ماء الفحل يقال عقمت المرأة والرحم ، قال : فَصَكَّتْ وَجْهَها وَقالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ وريح عقيم يصح أن يكون بمعنى الفاعل وهى التي لا تلقح سحابا ولا شجرا ، ويصح أن يكون بمعنى المفعول كالعجوز العقيم وهى التي لا تقبل أثر الخير ، وإذا لم تقبل ولم تتأثر لم

(1/3489)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 386
تعط ولم تؤثر ، قال تعالى : إِذْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الرِّيحَ الْعَقِيمَ ويوم عقيم لا فرح فيه.
(عكف) : العكوف الإقبال على الشيء وملازمته على سبيل التعظيم له والاعتكاف فى الشرع هو الاحتباس فى المسجد على سبيل القربة ويقال عكفته على كذا أي حبسته عليه لذلك قال : سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ - وَالْعاكِفِينَ - فَنَظَلُّ لَها عاكِفِينَ - يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ - ظَلْتَ عَلَيْهِ عاكِفاً - وَأَنْتُمْ عاكِفُونَ فِي الْمَساجِدِ - وَالْهَدْيَ مَعْكُوفاً أي محبوسا ممنوعا.
(علق) : العلق التشبث بالشيء ، يقال علق الصيد فى الحبالة وأعلق الصائد إذا علق الصيد فى حبالته ، والمعلق والمعلاق ما يعلق به وعلاقة السوط كذلك ، وعلق القربة كذلك ، وعلق البكرة آلاتها التي تتعلق بها ومنه العلقة لما يتمسك به وعلق دم فلان بزيد إذا كان زيد قاتله ، والعلق دود يتعلق بالحلق ، والعلق الدم الجامد ومنه العلقة التي يكون منها الولد ، قال : خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ وقال : وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ إلى قوله : فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً والعلق الشيء النفيس الذي يتعلق به صاحبه فلا يفرج عنه والعليق ما علق على الدابة من القضيم والعليقة مركوب يبعثها الإنسان مع غيره فيعلق أمره ، قال الشاعر :
أرسلها عليقة وقد علم أن العليقات يلاقين الرقم
و العلوق الناقة التي ترأم ولدها فتعلق به ، وقيل للمنية علوق ، والعلقى شجر يتعلق به ، وعلقت المرأة حبلت ، ورجل معلاق يتعلق بخصمه.
(علم) : العلم إدراك الشيء بحقيقته وذلك ضربان : أحدهما إدراك ذات الشيء. والثاني الحكم على الشيء بوجود شىء هو موجود له أو نفى شىء وهو منفى عنه. فالأول هو المتعدى إلى مفعول واحد نحو : لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ والثاني المتعدى إلى مفعولين نحو قوله : فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ وقوله : يَوْمَ يَجْمَعُ اللَّهُ الرُّسُلَ إلى قوله : لا عِلْمَ لَنا فإشارة إلى أن عقولهم طاشت. والعلم من وجه ضربان : نظرى وعملى ، فالنظرى ما إذا علم فقد كمل نحو العلم بموجودات العالم ، والعملي مالا يتم إلا بأن يعمل كالعلم بالعبادات. ومن وجه آخر ضربان : عقلى وسمعى ، وأعلمته وعلمته فى الأصل

(1/3490)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 387
واحد إلا أن الإعلام اختص بما كان بإخبار سريع ، والتعليم اختص بما يكون بتكرير وتكثير حتى يحصل منه أثر فى نفس المتعلم. قال بعضهم : التعليم تنبيه النفس لتصور المعاني ، والتعلم تنبه النفس لتصور ذلك وربما استعمل فى معنى الإعلام إذا كان فيه تكرير نحو : أَتُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ فمن التعليم قوله :
الرَّحْمنُ عَلَّمَ الْقُرْآنَ - علم بالقلم - وعلمتم ما لم تعلموا - علمنا منطق الطير - وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ ونحو ذلك. وقوله : وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْماءَ كُلَّها فتعليمه الأسماء هو أن جعل له قوة بها نطق ووضع أسماء الأشياء وذلك بإلقائه فى روعه وكتعليمه الحيوانات كل واحد منها فعلا يتعاطاه وصوتا يتحراه ، قال :
وَ عَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً قال له موسى : هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً قيل عنى به العلم الخاص الخفي على البشر الذي يرونه ما لم يعرفهم اللَّه منكرا بدلالة ما رآه موسى منه لما تبعه فأنكره حتى عرفه سببه ، قيل وعلى هذا العلم فى قوله : قالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتابِ وقوله تعالى :
وَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ فتنبيه منه تعالى على تفاوت منازل العلوم وتفاوت أربابها. وأما قوله : وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ فعليم يصح أن يكون إشارة إلى الإنسان الذي فوق آخر ويكون تخصيص لفظ العليم الذي هو للمبالغة تنبيها أنه بالإضافة إلى الأول عليم وإن لم يكن بالإضافة إلى من فوقه كذلك ، ويجوز أن يكون قوله عليم عبارة عن اللَّه تعالى وإن جاء لفظه منكرا إذا كان الموصوف فى الحقيقة بالعليم هو تبارك وتعالى ، فيكون قوله : وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ إشارة إلى الجماعة بأسرهم لا إلى كل واحد بانفراده ، وعلى الأول يكون إشارة إلى كل واحد بانفراده. وقوله : عَلَّامُ الْغُيُوبِ فيه إشارة إلى أنه لا يخفى عليه خافية. وقوله : عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ فيه إشارة أن للَّه تعالى علما يخص به أولياءه ، والعالم فى وصف اللَّه هو الذي لا يخفى عليه شىء كما قال : لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ وذلك لا يصح إلا فى وصفه تعالى. والعلم الأثر الذي يعلم به الشيء كعلم الطريق وعلم الجيش ، وسمى الجبل علما لذلك وجمعه أعلام ، وقرىء : وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ وقال : وَمِنْ آياتِهِ الْجَوارِ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ وفى أخرى :
وَ لَهُ الْجَوارِ الْمُنْشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلامِ والشق فى الشفة العليا علم وعلم الثوب ، ويقال فلان علم أي مشهور يشبه بعلم الجيش ، وأعلمت كذا جعلت له علما ، ومعالم الطريق والدين الواحد معلم ، وفلان معلم للخير ، والعلام الحناء

(1/3491)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 388
و هو منه ، والعالم اسم للفلك وما يحويه من الجواهر والأغراض وهو فى الأصل اسم لم يعلم به كالطابع والخاتم لما يطبع به ويختم به وجعل بناؤه على هذه الصيغة لكونه كالآلة والعالم آلة فى الدلالة على صانعه ، ولهذا أحالنا تعالى عليه فى معرفة وحدانيته فقال : أَوَ لَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وأما جمعه فلأن من كل نوع من هذه قد يسمى عالما ، فيقال عالم الإنسان وعالم الماء وعالم النار ، وأيضا
قد روى : «إن للَّه بضعة عشر ألف عالم»
و أما جمعه جمع السلامة فلكون الناس فى جملتهم ، والإنسان إذا شارك غيره فى اللفظ غلب حكمه ، وقيل إنما جمع هذا الجمع ، لأنه عنى به أصناف الخلائق من الملائكة والجن والإنس دون غيرها. وقد روى هذا عن ابن عباس. وقال جعفر بن محمد : عنى به الناس وجعل كل واحد منهم عالما ، وقال : العالم عالمان الكبير وهو الفلك بما فيه ، والصغير هو الإنسان ، لأنه مخلوق على هيئة العالم وقد أوجد اللَّه تعالى فيه كل ما هو موجود فى العالم الكبير ، قال تعالى : الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ وقوله تعالى : وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ قيل أراد عالمى زمانهم وقيل أراد فضلاء زمانهم الذين يجرى كل واحد منهم مجرى كل عالم لما أعطاهم ومكنهم منه وتسميتهم بذلك كتسمية إبراهيم عليه السلام بأمة فى قوله : إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً وقوله : أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ.
(علن) : العلانية ضد السر وأكثر ما يقال ذلك فى المعاني دون الأعيان ، يقال علن كذا وأعلنته أنا ، قال : أَعْلَنْتُ لَهُمْ وَأَسْرَرْتُ لَهُمْ إِسْراراً أي سرا وعلانية. قال : ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ وعلوان الكتاب يصح أن يكون من علن اعتبارا بظهور المعنى الذي فيه لا بظهور ذاته.
(علا) : العلو ضد السفل ، والعلوي والسفلى المنسوب إليهما ، والعلو الارتفاع وقد علا يعلو علوا وهو عال ، وعلى يعلى فهو على ، فعلا بالفتح فى الأمكنة والأجسام أكثر. قال : عالِيَهُمْ ثِيابُ سُندُسٍ وقيل إن علا يقال فى المحمود والمذموم ، وعلى لا يقال إلا فى المحمود ، قال : إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلا فِي الْأَرْضِ - لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ وقال تعالى : فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً عالِينَ وقال لإبليس : أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ - لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ - وَلَعَلا بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ - وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً - وَاسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوًّا والعلى هو الرفيع القدر من على ، وإذا وصف اللَّه تعالى به فى قوله : أَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ - إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً فمعناه يعلو أن يحيط به

(1/3492)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 389
وصف الواصفين بل علم العارفين. وعلى ذلك يقال تعالى نحو : فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ وتخصيص لفظ التفاعل لمبالغة ذلك منه لا على سبيل التكلف كما يكون من البشر ، وقال عز وجل : تَعالى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيراً فقوله علوا ليس بمصدر تعالى. كما أن قوله نباتا فى قوله : أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً وتبتيلا فى قوله : وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا كذلك. والأعلى الأشرف ، قال : أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى والاستعلاء قد يكون طلب العلو المذموم ، وقد يكون طلب العلاء أي الرفعة ، وقوله : وَقَدْ أَفْلَحَ الْيَوْمَ مَنِ اسْتَعْلى يحتمل الأمرين جميعا. وأما قوله : سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى فمعناه أعلى من أن يقاس به أو يعتبر بغيره وقوله : وَالسَّماواتِ الْعُلى فجمع تأنيث الأعلى والمعنى هى الأشرف والأفضل بالإضافة إلى هذا العالم ، كما قال : أَأَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها وقوله : لَفِي عِلِّيِّينَ فقد قيل هو االي ، ونسب إلى العالية فقيل علوى. والعلاة السندان حديدا كان أو حجرا. ويقال العلية للغرفة وجمعها علالى وهى فعاليل ، والعليان البعير الضخم ، وعلاوة الشيء أعلاه.
ولذلك قيل للرأس والعنق علاوة ولما يحمل فوق الأحمال علاوة. وقيل علاوة الرمح وسفالته ، والمعلى أشرف القداح وهو السابع ، واعل عنى أي ارتفع ، وتعالى قيل أصله أن يدعى الإنسان إلى مكان مرتفع ثم جعل للدعاء إلى كل مكان ، قال بعضهم أصله من العلو وهو ارتفاع المنزلة فكأنه دعا إلى ما فيه رفعة كقولك افعل كذا غير صاغر تشريفا للمقول له. وعلى ذلك قال : فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا - تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ - تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ - أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ - تَعالَوْا أَتْلُ وتعلى ذهب صعدا. يقال عليته فتعلى وعلى حرف جر ، وقد يوضع موضع الاسم فى قولهم غدت من عليه.
(عم) : العم أخو الأب والعمة أخته ، قال : أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ ورجل معم مخول واستعم عما وتعمه أي اتخذه عما وأصل

(1/3493)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 390
ذلك من العموم وهو الشمول وذلك باعتبار الكثرة. ويقال عمهم كذا وعمهم بكذا عما وعموما والعامة سموا بذلك لكثرتهم وعمومهم فى البلد ، وباعتبار الشمول سمى المشور العمامة فقيل تعمم نحو تقنع وتقمص وعممته ، وكنى بذلك عن السيادة. وشاة معممة مبيضة الرأس كأن عليها عمامة نحو مقنعة ومخمرة ، قال الشاعر :
يا عامر بن مالك يا عما أفنيت عما وجبرت عما
أي يا عماه سلبت قوما وأعطيت قوما. وقوله : عَمَّ يَتَساءَلُونَ أي عن ما وليس من هذا الباب.
(عمد) : العمد قصد الشيء والاستناد إليه ، والعماد ما يعتمد قال :
إِرَمَ ذاتِ الْعِمادِ أي الذي كانوا يعتمدونه ، يقال عمدت الشيء إذا أسندته ، وعمدت الحائط مثله. والعمود خشب تعتمد عليه الخيمة وجمعه عمد وعمد ، قال : فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ وقرىء : فِي عَمَدٍ وقال : بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها وكذلك ما يأخذه الإنسان بيده معتمدا عليه من حديد أو خشب.
وعمود الصبح ابتداء ضوئه تشبيها بالعمود فى الهيئة ، والعمد والتعمد فى المتعارف خلاف السهو وهو المقصود بالنية ، قال : وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً - وَلكِنْ ما تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وقيل فلان رفيع العماد أي هو رفيع الاعتماد عليه ، والعمدة كل ما يعتمد عليه من مال وغيره وجمعها عمد. وقرىء : فِي عَمَدٍ والعميد السيد الذي يعمده الناس ، والقلب الذي يعمده الحزن ، والسقيم الذي يعمده السقم ، وقد عمد توجع من حزن أو غضب أو سقم ، وعمد البعير توجع من عقر ظهره.
(عمر) : العمارة نقيض الخراب ، يقال عمر أرضه يعمرها عمارة ، قال : وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ يقال عمرته فعمر فهو معمور قال :
وَ عَمَرُوها أَكْثَرَ مِمَّا عَمَرُوها - وَالْبَيْتِ الْمَعْمُورِ وأعمرته الأرض واستعمرته إذا فوضت إليه العمارة ، قال : وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيها والعمر والعمر اسم لمدة عمارة البدن بالحياة فهو دون البقاء فإذا قيل طال عمره فمعناه عمارة بدنه بروحه وإذا قيل بقاؤه فليس يقتضى ذلك فإن البقاء ضد الفناء ، ولفضل البقاء على العمر وصف اللَّه به وقلما وصف بالعمر. والتعمير إعطاء العمر بالفعل أو بالقول على سبيل الدعاء قال : أَوَ لَمْ نُعَمِّرْكُمْ ما يَتَذَكَّرُ فِيهِ - وَما يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلا يُنْقَصُ

(1/3494)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 391
مِنْ عُمُرِهِ
- وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ وقوله تعالى : وَمَنْ نُعَمِّرْهُ نُنَكِّسْهُ فِي الْخَلْقِ قال تعالى : طالَ عَلَيْهِمُ الْعُمُرُ - وَلَبِثْتَ فِينا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ والعمر والعمر واحد لكن خص القسم بالعمر دون العمر نحو :
لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ وعمرك اللَّه أي سألت اللَّه عمرك وخص هاهنا لفظ عمر لما قصد به قصد القسم ، والاعتمار والعمرة الزيارة التي فيها عمارة الود ، وجعل فى الشريعة للقصد المخصوص. وقوله : إِنَّما يَعْمُرُ مَساجِدَ اللَّهِ إما من العمارة التي هى حفظ البناء أو من العمرة التي هى الزيارة. أو من قولهم : عمرت بمكان كذا أي أقمت به لأنه يقال : عمرت المكان وعمرت بالمكان والعمارة أخص من القبيلة وهى اسم لجماعة بهم عمارة المكان ، قال الشاعر :
لكل أناس من معد عمارة
و العمار ما يضعه الرئيس على رأسه عمارة لرياسته وحفظا له ريحانا كان أو عمامة. وإذا سمى الريحان من دون ذلك عمارا فاستعارة منه واعتبار به. والمعمر المسكن مادام عامرا بسكانه. والعرمرمة صحب يدل على عمارة الموضع بأربابه.
و العمرى فى العطية أن تجعل له شيئا مدة عمرك أو عمره كالرقبى ، وفى تخصيص لفظه تنبيه أن ذلك شىء معار. والعمر اللحم الذي يعمر به ما بين الأسنان ، وجمعه عمور. ويقال للضبع أم عامر وللإفلاس أبو عمرة.
(عمق) : مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ أي بعيد وأصل العمق البعد سفلا ، يقال بئر عميق ومعيق إذا كانت بعيدة القعر.
(عمر) : العمل كل فعل يكون من الحيوان بقصد فهو أخص من الفعل لأن الفعل قد ينسب إلى الحيوانات التي يقع منها فعل بغير قصد ، وقد ينسب إلى الجمادات ، والعمل قلما ينسب إلى ذلك ، ولم يستعمل العمل فى الحيوانات إلا فى قولهم البقر العوامل ، والعمل يستعمل فى الأعمال الصالحة والسيئة ، قال : إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ - وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحاتِ - مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ - وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وأشباه ذلك : إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ - وَالَّذِينَ يَمْكُرُونَ السَّيِّئاتِ لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وقوله تعالى : وَالْعامِلِينَ عَلَيْها هم المتولون على الصدقة والعمالة أجرته ، وعامل الرمح ما يلى السنان ، واليعملة مشتقة من العمل.

(1/3495)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 392
(عمه) : العمة التردد فى الأمر من التحير ، يقال عمه فهو عمه وعامه ، وجمعه عمه ، قال : فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ - فَهُمْ يَعْمَهُونَ وقال تعالى : زَيَّنَّا لَهُمْ أَعْمالَهُمْ فَهُمْ يَعْمَهُونَ.
(عمى) : العمى يقال فى افتقاد البصر والبصيرة ويقال فى الأول أعمى وفى الثاني أعمى وعم ، وعلى الأول قوله : أَنْ جاءَهُ الْأَعْمى وعلى الثاني ما ورد من ذم العمى فى القرآن نحو قوله : صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ وقوله :
فَعَمُوا وَصَمُّوا بل لم يعد افتقاد البصر فى جنب افتقاد البصيرة عمى حتى قال : فَإِنَّها لا تَعْمَى الْأَبْصارُ وَلكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ وعلى هذا قوله : الَّذِينَ كانَتْ أَعْيُنُهُمْ فِي غِطاءٍ عَنْ ذِكْرِي وقال : لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى حَرَجٌ وجمع أعمى عمى وعميان ، قال : بُكْمٌ عُمْيٌ - صُمًّا وَعُمْياناً وقوله : وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا فالأول اسم الفاعل والثاني قيل هو مثله وقيل هو أفعل من كذا الذي للتفضيل لأن ذلك من فقدان البصيرة ، ويصح أن يقال فيه ما أفعله وهو أفعل من كذا ومنهم من حمل قوله تعالى :
وَ مَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى على عمى البصيرة. والثاني على عمى البصر وإلى هذا ذهب أبو عمرو فأمال الأولى لما كان من عمى القلب وترك الإمالة فى الثاني لما كان اسما والاسم أبعد من الإمالة. قال تعالى : وَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ فِي آذانِهِمْ وَقْرٌ وَهُوَ عَلَيْهِمْ عَمًى - إِنَّهُمْ كانُوا قَوْماً عَمِينَ وقوله : وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَعْمى - وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَلى وُجُوهِهِمْ عُمْياً وَبُكْماً وَصُمًّا فيحتمل لعمى البصر والبصيرة جميعا. وعمى عليه أي اشتبه حتى صار بالإضافة إليه كالأعمى قال : فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ - وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ والعماء السحاب والعماء الجهالة ، وعلى الثاني حمل بعضهم ما روى أنه قيل : أين كان ربنا قبل أن خلق السماء والأرض؟ قال : فى عماء تحته عماء وفوقه عماء ، قال : إن ذلك إشارة إلى أن تلك حالة تجهل ولا يمكن الوقوف عليها ، والعمية الجهل ، والمعامى الأغفال من الأرض التي لا أثر بها.
(عن) : عن : يقتضى مجاوزة ما أضيفت إليه ، تقول حدثتك عن فلان وأطعمته عن جوع ، قال أبو محمد البصري : عن يستعمل أعم من على لأنه يستعمل فى الجهات الست ولذلك وقع موقع على فى قول الشاعر :
إذا رضيت على بنو قشير

(1/3496)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 393
قال : ولو قلت أطعمته على جوع وكسوته على عرى لصح.
(عنب) : العنب يقال لثمرة الكرم ، وللكرم نفسه ، الواحدة عنبة وجمعه أعناب ، قال : وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ وقال تعالى : جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ - وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ - حَدائِقَ وَأَعْناباً - وَعِنَباً وَقَضْباً وَزَيْتُوناً - جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنابٍ والعنبة بثرة على هيئته.
(عنت) : المعانتة كالمعاندة لكن المعانتة أبلغ لأنها معاندة فيها خوف وهلاك ولهذا يقال عنت فلان إذا وقع فى أمر يخاف منه التلف يعنت عنتا ، قال :
لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ - وَدُّوا ما عَنِتُّمْ - عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ - وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ أي ذلت وخضعت ويقال أعنته غيره وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَأَعْنَتَكُمْ ويقال للعظم المجبور إذا أصابه ألم فهاضه قد أعنته.
(عند) : عند : لفظ موضوع للقرب فتارة يستعمل فى المكان وتارة فى الاعتقاد نحو أن يقال عندى كذا ، وتارة فى الزلفى والمنزلة ، وعلى ذلك قوله :
بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ - إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لا يَسْتَكْبِرُونَ - فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ - وَقالَ - رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وعلى هذا النحو قيل : الملائكة المقربون عند اللَّه ، قال : وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقى وقوله : وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ - وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ أي فى حكمه وقوله : فَأُولئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكاذِبُونَ - وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّناً وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ وقوله تعالى : إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فمعناه فى حكمه ، والعنيد المعجب بما عنده ، والمعاند المباهي بما عنده. قال : كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ - إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً ، والعنود قيل مثله ، قال : لكن بينهما فرق لأن العنيد الذي يعاند ويخالف والعنود الذي يعند عن القصد. قال : ويقال بعير عنود ولا يقال عنيد. وأما العند فجمع عاند ، وجمع العنود عندة وجمع العنيد عند. وقال بعضهم : العنود هو العدول عن الطريق لكن العنود خص بالعادل عن الطريق المحسوس ، والعنيد بالعادل عن الطريق فى الحكم ، وعند عن الطريق عدل عنه ، وقيل عاند لازم وعاند فارق وكلاهما من عند لكن باعتبارين مختلفين كقولهم البين فى الوصل والهجر باعتبارين مختلفين.

(1/3497)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 394
(عنق) : العنق الجارحة وجمعه أعناق ، قال : وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ - مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ - إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وقوله تعالى : فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ أي رؤوسهم ومنه رجل أعنق طويل العنق ، وامرأة عنقاء وكلب أعنق فى عنقه بياض ، وأعنقه كذا جعلته فى عنقه ومنه استعير اعتنق الأمر ، وقيل لأشراف القوم أعناق. وعلى هذا قوله : فَظَلَّتْ أَعْناقُهُمْ لَها خاضِعِينَ وتعنق الأرنب رفع عنقه ، والعناق الأنثى من المعز ، وعنقاء مغرب قيل هو طائر متوهم لا وجود له فى العالم.
(عنا) : وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ أي خضعت مستأسرة بعناء ، يقال عنيته بكذا أي أنصبته ، وعنى نصب واستأسر ومنه العاني للأسير ، و
قال عليه الصلاة والسلام : «استوصوا بالنساء خيرا فإنهن عندكم عوان»
و عنى بحاجته فهو معنى بها وقيل عنى فهو عان ، وقرىء : لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ والعنية شىء يطلى به البعير الأجرب وفى الأمثال : عنية تشفى الجرب. والمعنى إظهار ما تضمنه اللفظ من قولهم عنت الأرض بالنبات أنبتته حسنا ، وعنت القربة أظهرت ماءها ومنه عنوان الكتاب فى قول من يجعله من عنى. والمعنى يقارن التفسير وإن كان بينهما فرق.
(عهد) : العهد حفظ الشيء ومراعاته حالا بعد حال وسمى الموثق الذي يلزم مراعاته عهدا ، قال : وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كانَ مَسْؤُلًا أي أوفوا بحفظ الأيمان ، قال : لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ أي لا أجعل عهدى لمن كان ظالما ، قال : وَمَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ وعهد فلان إلى فلان يعهد أي ألقى إليه العهد وأوصاه بحفظه ، قال : وَلَقَدْ عَهِدْنا إِلى آدَمَ - أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ - الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا - وَعَهِدْنا إِلى إِبْراهِيمَ وعهد اللَّه تارة يكون بما ركزه فى عقولنا ، وتارة يكون بما أمرنا به بالكتاب وبالسنة رسله ، وتارة بما نلتزمه وليس بلازم فى أصل الشرع كالنذور وما يجرى مجراها. وعلى هذا قوله :
وَ مِنْهُمْ مَنْ عاهَدَ اللَّهَ - أَوَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ - وَلَقَدْ كانُوا عاهَدُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ والمعاهد فى عرف الشرع يختص بمن يدخل من الكفار فى عهد المسلمين وكذلك ذو العهد ،
قال صلّى اللَّه عليه وسلّم : «لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد فى عهده»
و باعتبار الحفظ قيل للوثيقة بين المتعاقدين عهدة ، وقولهم فى هذا

(1/3498)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 395
الأمر عهدة لما أمر به أن يستوثق منه ، وللتفقد قيل للمطر عهد ، وعهاد وروضة معهودة : أصابها العهاد.
(عهن) : العهن الصوف المصبوغ ، قال : كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ وتخصيص العهن لما فيه من اللون كما ذكر فى قوله : فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ ، ورمى بالكلام على عواهنه أي أورده من غير فكر وروية وذلك كقولهم أورد كلامه غير مفسر.
(عاب) : العيب والعاب الأمر الذي يصير به الشيء عيبة أي مقرا للنقص وعبته جعلته معيبا إما بالفعل كما قال : فَأَرَدْتُ أَنْ أَعِيبَها ، وإما بالقول ، وذلك إذا ذممته نحو قولك عبت فلانا. والعيبة ما يستر فيه الشيء ، ومنه
قوله عليه الصلاة والسلام : «الأنصار كرشى وعيبتى»
أي موضع سرى.
(عوج) : العوج العطف عن حال الانتصاب ، يقال عجت البعير بزمامه وفلان ما يعوج عن شىء يهم به أي ما يرجع ، والعوج يقال فيما يدرك بالبصر سهلا كالخشب المنتصب ونحوه. والعوج يقال فيما يدرك بالفكر والبصيرة كما يكون فى أرض بسيط يعرف تفاوته بالبصيرة وكالدين والمعاش ، قال تعالى : قُرْآناً عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ - وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً - الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً والأعوج يكنى به عن سيىء الخلق ، والأعوجية منسوبة إلى أعوج ، وهو فحل معروف.
(عود) : العود الرجوع إلى الشيء بعد الانصراف عنه إما انصرافا بالذات أو بالقول والعزيمة ، قال تعالى : رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْها فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ - وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ - وَمَنْ عادَ فَيَنْتَقِمُ اللَّهُ مِنْهُ - وَهُوَ الَّذِي يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ - وَمَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ - وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا - وَإِنْ تَعُودُوا نَعُدْ - أَوْ لَتَعُودُنَّ فِي مِلَّتِنا - فَإِنْ عُدْنا فَإِنَّا ظالِمُونَ - إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ - وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها وقوله : وَالَّذِينَ يُظاهِرُونَ مِنْ نِسائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا فعند أهل الظاهر هو أن يقول للمرأة ذلك ثانيا فحينئذ يلزمه الكفارة. وقوله : ثُمَّ يَعُودُونَ كقوله : فَإِنْ فاؤُ وعند أبى حنيفة العود فى الظهار هو أن يجامعها بعد أن يظاهر منها. وعند الشافعي هو إمساكها بعد وقوع الظهار عليها مدة يمكنه أن يطلق فيها فلم يفعل. وقال بعض

(1/3499)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 396
المتأخرين : المظاهرة هى يمين نحو أن يقال امرأتى على كظهر أمي إن فعلت كذا.
فمتى فعل ذلك وحنث يلزمه من الكفارة ما بينه تعالى فى هذا المكان. وقوله :
ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا يحمل على فعل ما حلف له أن لا يفعل وذلك كقولك فلان حلف ثم عاد إذا فعل ما حلف عليه. قال الأخفش : قوله : لِما قالُوا متعلق بقوله : فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ وهذا يقوى القول الأخير. قال : ولزوم هذه الكفارة إذا حنث كلزوم الكفارة المبينة فى الحلف باللّه والحنث فى قوله : فَكَفَّارَتُهُ إِطْعامُ عَشَرَةِ مَساكِينَ وإعادة الشيء كالحديث وغيره تكريره ، قال : سَنُعِيدُها سِيرَتَهَا الْأُولى - أَوْ يُعِيدُوكُمْ فِي مِلَّتِهِمْ والعادة اسم لتكرير الفعل والانفعال حتى يصير ذلك سهلا تعاطيه كالطبع ولذلك قيل العادة طبيعية ثانية. والعيد ما يعاود مرة بعد أخرى وخص فى الشريعة بيوم الفطر ويوم النحر ، ولما كان فى ذلك اليوم مجعولا للسرور فى الشريعة كما
نبه النبي صلّى اللّه عليه وسلّم بقوله : «أيام أكل وشرب وبعال»
صار يستعمل العيد فى كل يوم فيه مسرة وعلى ذلك قوله تعالى : أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً والعيد كل حالة تعاود الإنسان ، والعائدة كل نفع يرجع إلى الإنسان من شىء ما ، والمعاد يقال للعود وللزمان الذي يعود فيه ، وقد يكون للمكان الذي يعود إليه ، قال تعالى : إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرادُّكَ إِلى مَعادٍ قيل أراد به مكة والصحيح ما أشار إليه أمير المؤمنين عليه السلام وذكره ابن عباس إن ذلك إشارة إلى الجنة التي خلقه فيها بالقوة فى ظهر آدم وأظهر منه حيث قال : وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ الآية والعود البعير المسن اعتبارا بمعاودته السير والعمل أو بمعاودة السنين إياه وعود سنة بعد سنة عليه فعلى الأول يكون بمعنى الفاعل ، وعلى الثاني بمعنى المفعول والعود الطريق القديم الذي يعود إليه السفر ومن العود عيادة المريض ، والعيدية إبل منسوبة إلى فحل يقال له عيد ، والعود قيل هو فى الأصل الخشب الذي من شأنه أن يعود إذا قطع وقد خص بالمزهر المعروف وبالذي يتبخر به.
(عوذ) : العوذ الالتجاء إلى الغير والتعلق به يقال عاذ فلان بفلان ومنه قوله تعالى : أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ - وَإِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَرَبِّكُمْ أَنْ تَرْجُمُونِ - قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ - إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمنِ
و أعذته باللّه أعيذه. قال :
وَ إِنِّي أُعِيذُها بِكَ وقوله : مَعاذَ اللَّهِ أي نلتجىء إليه ونستنصر به أن نفعل ذلك فإن ذلك سوء نتحاشى من تعاطبه. والعوذة ما يعاذ به من الشيء ومنه قيل

(1/3500)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 397
للتميمة والرقية عوذه ، وعوذ إذا وقاه ، وكل أنثى وضعت فهى عائذ إلى سبعة أيام.
(عور) : العورة سوأة الإنسان وذلك كناية وأصلها من العار وذلك لما يلحق فى ظهوره من العار أي الذمة ، ولذلك سمى النساء عورة ومن ذلك العوراء للكلمة القبيحة وعورت عينه عورا وعارت عينه عورا وعورتها ، وعنه استعير عورت البئر ، وقيل الغراب الأعور لحدة نظره ، وذلك على عكس المعنى ولذلك قال الشاعر :
و صحاح العيون يدعون عورا
و العوار والعورة شق فى الشيء كالثوب والبيت ونحوه ، قال تعالى : إِنَّ بُيُوتَنا عَوْرَةٌ وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ أي متخرقة ممكنة لمن أرادها ، ومنه قيل فلان يحفظ عورته أي خلله وقوله : ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ أي نصف النهار وآخر الليل وبعد العشاء الآخرة ، وقوله : الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ أي لم يبلغوا الحلم ، وسهم عائر لا يدرى من أين جاء ، ولفلان عائرة عين من المال أي ما يعور العين ويجيرها لكثرته ، والمعاورة قيل فى معنى الاستعارة ، والعارية فعلية من ذلك ولهذا يقال تعاوره العواري وقال بعضهم هو من العار ، لأن دفعها يورث المذمة والعار كما قيل فى المثل إنه قيل للعارية أين تذهبين فقالت أجلب إلى أهل مذمة وعارا ، وقيل هذا لا يصح من حيث الاشتقاق فإن العارية من الواو بدلالة تعاورنا ، والعار من الياء لقولهم عبرته بكذا.
(عير) : العير القوم الذين معهم أحمال الميرة ، وذلك اسم للرجال والجمال الحاملة لعيرة وإن كان قد يستعمل فى كل واحد من دون الآخر ، قال :
وَ لَمَّا فَصَلَتِ الْعِيرُ - أَيَّتُهَا الْعِيرُ إِنَّكُمْ لَسارِقُونَ - وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنا فِيها والعير يقال للحمار الوحشي وللناشر على ظهر القدم ، ولإنسان العين ولما تحت غضروف الأذن ولما يعلو الماء من الغشاء ، وللوتد ولحرف النصل فى وسطه ، فإن يكن استعماله فى كل ذلك صحيحا ففى مناسبة بعضها لبعض منه تعسف ، والعيار تقدير المكيال والميزان ، ومنه قيل عيرت الدنانير وعيرته ذممته من العار وقولهم تعاير بنو فلان قيل معناه تذاكروا العار ، وقيل فلان العيارة أي فعل العير فى الانفلات والتخلية ، ومنه عارت الدابة تعير إذا انفلتت وقيل فلان عيّار.

(1/3501)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 398
(عيس) : عيسى اسم علم وإذا جعل عربيا أمكن أن يكون من قولهم بعير أعيس وناقة عيساء وجمعها عيس وهى إبل بيض يعترى بياضها ظلمة ، أو من العيس وهو ماء الفحل يقال عاسها يعيسها.
(عيش) : العيش الحياة المختصة بالحيوان وهو أخص من الحياة لأن الحياة تقال فى الحيوان وفى الباري تعالى وفى الملك ويشتق منه المعيشة لما يتعيش منه ، قال : نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا - مَعِيشَةً ضَنْكاً - لَكُمْ فِيها مَعايِشَ - وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وقال فى أهل الجنة : فَهُوَ فِي عِيشَةٍ راضِيَةٍ و
قال عليه السلام : «لا عيش إلا عيش الآخرة».
(عوق) : العائق الصارف عما يراد من خير ومنه عوائق الدهر ، يقال عاقه وعوقه واعتاقه ، قال : قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ أي المثبطين الصارفين عن طريق الخير ، ورجل عوق وعوقه يعوق الناس عن الخير ، ويعوق اسم صنم.
(عول) : عاله وغاله يتقاربان. والعول يقال فيما يهلك ، والعول فيما يثقل ، يقال ما عالك فهو عائل لى ومنه العول وهو ترك النصفة بأخذ الزيادة ، قال : ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا ومنه عالت الفريضة إذا زادت فى القسمة المسماة لأصحابها بالنص ، والتعويل الاعتماد على الغير فيما يثقل ومنه العول وهو ما يثقل من المصيبة ، فيقال ويله وعوله ، وعاله تحمل ثقل مؤنته ، ومنه
قوله عليه السلام : «أبدأ بنفسك ثم بمن تعول».
وأعال إذا كثر عياله.
(عيل) : وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً أي فقرا يقال عال الرجل إذا افتقر يعيل عيلة فهو عائل. وأما أعال إذا كثر عياله فمن بنات الواو ، وقوله : وَوَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى أي أزال عنك فقر النفس وجعل لك الغنى الأكبر المعنى
بقوله عليه السلام : «الغنى غنى النفس»
و قيل : ما عال مقتصد ، وقيل ووجدك فقيرا إلى رحمة اللّه وعفوه فأغناك بمغفرته لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر.
(عوم) : العام كالسنة ، لكن كثيرا ما تستعمل السنة فى الحول الذي يكون فيه الشدة أو الجدب ، ولهذا يعبر عن الجدب بالسنة والعام بما فيه الرخاء والخصب ، قال : عامٌ فِيهِ يُغاثُ النَّاسُ وَفِيهِ يَعْصِرُونَ. وقوله : فَلَبِثَ فِيهِمْ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عاماً ففى كون المستثنى منه بالسنة والمستثنى بالعام لطيفة موضعها فيما بعد هذا الكتاب إن شاء اللّه ، والعوم السباحة ، وقيل سمى

(1/3502)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 399
السنة عاما لعوم الشمس فى جميع بروجها ، ويدل على معنى العوم قوله : وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ.
(عون) : العون المعاونة والمظاهرة ، يقال فلان عونى أي معينى وقد أعنته ، قال : فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ - وَأَعانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ والتعاون التظاهر ، قال : وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ والاستعانة طلب العون قال : اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ والعوان المتوسط بين السنين ، وجعل كناية عن المسنة من النساء اعتبار بنحو قول الشاعر :
فإن أتوك فقالوا إنها نصف فإن أمثل نصفيها الذي ذهبا
قال : عَوانٌ بَيْنَ ذلِكَ واستعير للحرب التي قد تكررت وقدمت. وقيل العوانة للنخلة القديمة ، والعانة قطيع من حمر الوحش وجمع على عانات وعون ، وعانة الرجل شعره النابت على فرجه وتصغيره عوينة.
(عين) : العين الجارحة ، قال : وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ - لَطَمَسْنا عَلى أَعْيُنِهِمْ - وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ - قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ - كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها ويقال لذى العين عين ، وللمراعى للشىء عين ، وفلان بعيني أي أحفظه وأراعيه كقولك هو بمرأى منى ومسمع ، قال : فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنا وقال : تَجْرِي بِأَعْيُنِنا - وَاصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا أي بحيث نرى ونحفظ وَلِتُصْنَعَ عَلى عَيْنِي أي بكلاءتى وحفظى ومنه عين اللّه عليك ، أي كنت فى حفظ اللّه ورعايته ، وقيل جعل ذلك حفظته وجنوده الذين يحفظونه وجمعه أعين وعيون ، قال :
وَ لا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ - رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ ويستعار العين لمعان هى موجودة فى الجارحة بنظرات مختلفة ، واستعير للثقب فى المزادة تشبيها بها فى الهيئة وفى سيلان الماء منها فاشتق منها سقاء عين ومعين إذا سال منها الماء ، قولهم عين قربتك أي صب فيها ما ينسد بسيلانه آثار خرزه ، وقيل للمتجسس عين تشبيها بها فى نظرها وذلك كما تسمى المرأة فرجا والمركوب ظهرا ، فيقال فلان يملك كذا فرجا وكذا ظهرا لما كان المقصود منهما العضوين ، وقيل للذهب عين تشبيها بها فى كونها أفضل الجواهر كما أن هذا الجارحة أفضل الجوارح ومنه قيل أعيان القوم لأفاضلهم ، وأعيان الإخوة لبنى أب وأم ، قال بعضهم : العين إذا استعمل فى معنى ذات الشيء فيقال كل ما له عين

(1/3503)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 400
فكاستعمال الرقية فى المماليك وتسمية النساء بالفرج من حيث إنه هو المقصود منهن ويقال لمنبع الماء عين تشبيها بها بما فيها من الماء ، ومن عين الماء اشتق ماء معين أي ظاهر للعيون ، وعين أي سائل ، قال : عَيْناً فِيها تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا - وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً - فِيهِما عَيْنانِ تَجْرِيانِ - يْنانِ نَضَّاخَتانِ
- وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ - فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ - مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ - فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ وَزُرُوعٍ وعنت الرجل أصبت عينه نحو رأسته وفأدته ، وعنته أصبته بعيني نحو سفته أصبته بسيفى ، وذلك أنه يجعل تارة من الجارحة المضروبة نحو رأسته وفأدته وتارة من الجارحة التي هى آلة فى الضرب فيجرى مجرى سفته ورمحته ، وعلى نحوه فى المعنيين قولهم يديت فإنه يقال إذا أصبت يده وإذا أصبته بيدك ، وتقول عنت البئر أثرت عين مائها ، قال : إِلى رَبْوَةٍ ذاتِ قَرارٍ وَمَعِينٍ - فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ وقيل الميم فيه أصلية وإنما هو من معنت ، وتستعار العين للميل فى الميزان ويقال لبقر الوحش أعين وعيناء لحسن عينه ، وجمعها عين ، وبها شبه النساء ، قال : قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ - وَحُورٌ عِينٌ.
(عيى) : الإعياء عجز يلحق البدن من المشيء ، والعي عجز يلحق من تولى الأمر والكلام قال : أَفَعَيِينا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ - وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ ومنه عى فى منطقه عيا فهو عى ، ورجل عياياء طباقاء إذا عى بالكلام والأمر ، وداء عياء لا دواء له ، واللّه أعلم.

(1/3504)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 401
الغين
(غبر) : الغابر الماكث بعد مضى ما هو معه قال : إِلَّا عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ يعنى فيمن طال أعمارهم ، وقيل فيمن بقي ولم يسر مع لوط وفيل فيمن بقي بعد فى العذاب وفى آخر : إِلَّا امْرَأَتَكَ كانَتْ مِنَ الْغابِرِينَ وفى آخر : قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ ومنه الغبرة البقية فى الضرع ومن اللبن وجمعه أغبار وغبر الحيض وغبر الليل ، والغبار ما يبقى من التراب المثار ، وجعل على بناء الدخان والعثار ونحوهما من البقايا ، وقد غبر الغبار أي ارتفع ، وقيل يقال للماضى غابر وللباقى غابر فإن يك ذلك صحيحا ، فإنما قيل للماضى غابر تصورا بمضى الغبار عن الأرض وقيل للباقى غابر تصورا بتخلف الغبار عن الذي بعد فيخلفه ، ومن الغبار اشتق الغبرة وهو ما يعلق بالشيء من الغبار وما كان على لونه ، قال :
وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ عَلَيْها غَبَرَةٌ كناية عن تغير الوجه للغم كقوله : ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا يقال غبر غبرة واغبر ، واغبار ، قال طرفة :
رأيت بنى غبراء لا ينكروننى
أي بنى المفازة المغبرة ، وذلك كقولهم بنو السبيل ، وداهية غبراء إما من قولهم غبر الشيء وقع فى الغبار كأنها تغبر الإنسان ، أو من الغبر أي البقية ، والمعنى داهية باقية لا تنقضى أو من غبرة اللون فهو كقولهم داهية زباء ، أو من غبرة اللبن فكلها الداهية التي إذا انقضت بقي لها أثر أو من قولهم عرق غبر ، أي ينتفض مرة بعد أخرى ، وقد غبر العرق ، والغبيراء نبت معروف ، وثمر على هيئته ولونه.
(غبن) : الغبن أن تبخس صاحبك فى معاملة بينك وبينه بضرب من الإخفاء ، فإن كان ذلك فى مال يقال غبن فلان ، وإن كان فى رأى يقال غبن وغبنت كذا غبنا إذا غفلت عنه فعددت ذلك غبنا ، ويوم التغابن يوم القيامة لظهور الغبن فى المبايعة المشار إليها بقوله : وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغاءَ

(1/3505)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 402
مَرْضاتِ اللَّهِ
و بقوله : إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ الآية وبقوله : الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلًا فعلموا أنهم غبنوا فيما تركوا من المبايعة وفيما تعاطوه من ذلك جميعا وسئل بعضهم عن يوم التغابن فقال : تبدو الأشياء لهم بخلاف مقاديرهم فى الدنيا ، قال بعض المفسرين : أصل الغبن إخفاء الشيء والغبن بالفتح الموضع الذي يخفى فيه الشيء ، وأنشد :
و لم أر مثل الفتيان فى غبن الرأى ينسى عواقبها
و سمى كل منثن من الأعضاء كأصول الفخذين والمرافق مغابن لاستتاره ، ويقال للمرأة إنها طيبة المغابن.
(غثا) : الغثاء غثاء السيل والقدر وهو ما يطفح ويتفرق من النبات اليابس وزبد القدر ويضرب به المثل فيما يضيع ويذهب غير معتدبه ، ويقال غثا الوادي غثوا وغثت نفسه تغثى غثيانا خبثت.
(غدر) : الغدر الإخلال بالشيء ، وتركه والغدر يقال لترك العهد ومنه قيل فلان غادر وجمعه غدرة ، وغدار كثير الغدر ، والأغدر والغدير الماء الذي يغادر السيل فى مستنقع ينتهى إليه وجمعه غدر وغدران ، واستغدر الغدير صار فيه الماء ، والغديرة الشعر الذي ترك حتى طال وجمعها غدائر ، وغادره تركه قال :
لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصاها وقال : فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً ، وغدرت الشاة تخلفت فهى غدرة وقيل للجحرة واللخاقيق للأمكنة التي تغادر البعير والفرس غائرا : غدر ، ومنه قيل ما أثبت غدر هذا الفرس ثم جعل لمن له ثبات فقيل ما أثبت غدره.
(غدق) : قال : لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً أي غزيرا ، ومنه غدقت عينه تغدق ، والغيداق يقال فيما يغرر من ماء وعدو ونطق.
(غدا) : الغدوة والغداة من أول النهار وقوبل فى القرآن الغدو بالآصال نحو قوله : بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وقوبل الغداة بالعشي ، قال : بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ - غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ والغادية السحاب ينشأ غدوة ، والغداء طعام يتناول فى ذلك الوقت وقد غدوت أغدو ، قال : أَنِ اغْدُوا عَلى حَرْثِكُمْ ، وغد يقال لليوم الذي يلى يومك الذي أنت فيه ، قال : سَيَعْلَمُونَ غَداً ونحوه.

(1/3506)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 403
(غرر) : يقال غررت فلانا أصبت غرته ونلت منه ما أريده ، والغرة غفلة فى اليقظة ، والغرار غفلة مع غفوة ، وأصل ذلك من الغر وهو الأثر الظاهر من الشيء ومنه غرة الفرس ، وغرار السيف أي حده ، وغر الثوب أثر كسره ، وقيل اطوه على غره ، وغره كذا غرورا كأنما طواه على غره ، قال : ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ - لا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلادِ وقال : وَما يَعِدُهُمُ الشَّيْطانُ إِلَّا غُرُوراً وقال : بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً وقال : يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وقال : وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ - وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا - ما وَعَدَنَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ إِلَّا غُرُوراً - وَلا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ فالغرور كل ما يغر الإنسان من مال وجاه وشهوة وشيطان وقد فسر بالشيطان إذ هو أخبث الغارين وبالدنيا لما قيل الدنيا تغر وتضر وتمر ، والغرر الخطر وهو من الغر ، ونهى عن بيع الغرر ، والغرير الخلق الحسن اعتبارا بأنه يغر وقيل فلان أدبر غريره وأقبل هريره فباعتبار غرة الفرس وشهرته بها قيل فلان أغر إذا كان مشهورا كريما ، وقيل الغرر لثلاث ليال من أول الشهر لكون ذلك منه كالغرة من الفرس ، وغرار السيف حده ، والغرار لبن قليل ، وغارت الناقة قل لبنها بعد أن ظن أن لا يقل فكأنها غرت صاحبها.
(غرب) : الغرب غيبوبة الشمس ، يقال غربت تغرب غربا وغروبا ومغرب الشمس ومغيربانها ، قال : رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ - رَبُّ الْمَشْرِقَيْنِ وَرَبُّ الْمَغْرِبَيْنِ - بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ وقد تقدم الكلام فى ذكرهما مثنيين ومجموعين وقال : لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ وقال : حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ وقيل لكل متباعد غريب ولكل شىء فيما بين جنسه عديم النظير غريب ، وعلى هذا
قوله عليه الصلاة والسلام : «بدا الإسلام غريبا وسيعود كما بدا»
و قيل العلماء غرباء لقلتهم فيما بين الجهال ، والغراب سمى لكونه مبعدا فى الذهاب ، قال : فَبَعَثَ اللَّهُ غُراباً يَبْحَثُ ، وغارب السنام لبعده عن المنال ، وغرب السيف لغروبه فى الضريبة وهو مصدر فى معنى الفاعل ، وشبه به حد اللسان كتشبيه اللسان بالسيف فقيل فلان غرب اللسان ، وسمى الدلو غربا لتصور بعدها فى البئر ، وأغرب الساقي تناول الغرب والغرب الذهب لكونه غريبا فيما بين الجواهر الأرضية ، ومنه سهم غرب لا يدرى من رماه.
ومنه نظر غرب ليس بقاصد ، والغرب شجر لا يثمر لتباعده من الثمرات ، وعنقاء مغرب وصف بذلك لأنه يقال كان طيرا تناول جارية فأغرب بها يقال عنقاء مغرب وعنقاء مغرب بالإضافة ، والغرابان نقرتان عند صلوى العجز تشبيها

(1/3507)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 404
بالغراب فى الهيئة ، والمغرب الأبيض الأشفار كأنما أغربت عينه فى ذلك البياض ، وغرابيب سود قيل جمع غربيب وهو المشبه للغراب فى السواد كقولك أسود كحلك الغراب.
(غرض) : الغرض الهدف المقصود بالرمي ثم جعل اسما لكل غاية يتحرى إدراكها ، وجمعه أغراض ، فالغرض ضربان : غرض ناقص وهو الذي يتشوق بعده شىء آخر كاليسار والرياسة ونحو ذلك مما يكون من أغراض الناس ، وتام وهو الذي لا يتشوق بعده شىء آخر كالجنة.
(غرف) : الغرف رفع الشيء وتناوله ، يقال غرفت الماء والمرق ، والغرفة ما يغترف ، والغرفة للمرة ، والمغرفة لما يتناول به ، قال : إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ ومنه استعير غرفت عرف الفرس إذا حررته وغرفت الشجرة ، والغرف شجر معروف ، وغرفت الإبل اشتكت من أكله ، والغرفة علية من البناء وسمى منازل الجنة غرفا ، قال : أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِما صَبَرُوا وقال :
لَنُبَوِّئَنَّهُمْ مِنَ الْجَنَّةِ غُرَفاً - وَهُمْ فِي الْغُرُفاتِ آمِنُونَ.
(غرق) : الغرق الرسوب فى الماء وفى البلاء ، وغرق فلان يغرق غرقا وأغرقه ، قال : حَتَّى إِذا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ وفلان غرق فى نعمة فلان تشبيها بذلك ، قال : وَأَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ - فَأَغْرَقْناهُ وَمَنْ مَعَهُ جَمِيعاً - ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ - ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ - وَإِنْ نَشَأْ نُغْرِقْهُمْ - أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً - فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ.
(غرم) : الغرم ما ينوب الإنسان فى ماله من ضرر لغير جناية منه أو خيانة ، يقال غرم كذا غرما ومغرما وأغرم فلان غرامة ، قال : إِنَّا لَمُغْرَمُونَ - فَهُمْ مِنْ مَغْرَمٍ مُثْقَلُونَ - يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً والغريم يقال لمن له الدين ولمن عليه الدين ، قال : وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ والغرام ما ينوب الإنسان من شدة ومصيبة ، قال : إِنَّ عَذابَها كانَ غَراماً من قولهم هو مغرم بالنساء اى يلازمهم ملازمة الغريم ، قال الحسن ، كل غريم مفارق غريمه إلا النار ، وقيل معناه مشغوفا بإهلاكه.
(غرا) : غرى بكذا أي لهج به ولصق وأصل ذلك من الغراء وهو

(1/3508)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 405
ما يلصق به ، وقد أغريت فلانا بكذا نحو ألهجت به ، قال : فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ - لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ.
(غزل) : قال : وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها وقد غزلت غزلها والغزال ولد الظبية ، والغزالة قرصة الشمس وكنى بالغزال والمغازلة عن مشافنة المرأة التي كأنها غزال ، وغزل الكلب غزلا إذا أدرك الغزال فلهى عنه بعد إدراكه.
(غزا) : الغزو الخروج إلى محاربة الغدو ، وقد غزا بغزو غزوا فهو غاز وجمعه غزاة وغز ، قال : أَوْ كانُوا غُزًّى.
(غسق) : غسق الليل شدة ظلمته قال : إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ والغاسق الليل المظلم ، قال : وَمِنْ شَرِّ غاسِقٍ إِذا وَقَبَ وذلك عبارة عن النائبة بالليل كالطارق ، وقيل القمر إذا كسف فاسود ، والغساق ما يقطر من جلود أهل النار ، قال : إِلَّا حَمِيماً وَغَسَّاقاً.
(غسل) : غسلت الشيء غسلا أسلت عليه الماء فأزلت درنه ، والغسل الاسم ، والغسل ما يغسل به ، قال : فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ الآية.
والاغتسال غسل البدن ، قال : حَتَّى تَغْتَسِلُوا والمغتسل الموضع الذي يغتسل منه والماء الذي يغتسل به ، قال : هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ والغسلين غسالة أبدان الكفار فى النار ، قال : وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ.
(غشى) : غشيه غشاوة أتاه إتيان ما قد غشيه أي ستره والغشاوة ما يغطى به الشيء ، قال : وَجَعَلَ عَلى بَصَرِهِ غِشاوَةً - وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ يقال غشيه وتغشاه وغشّيته كذا قال : وَإِذا غَشِيَهُمْ مَوْجٌ - فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ - وَتَغْشى وُجُوهَهُمُ النَّارُ - إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ ما يَغْشى - وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى - إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ وغشيت موضع كذا أتيته وكنى بذلك عن الجماع يقال غشاها وتغشاها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ وكذا الغشيان والغاشية كل ما يغطى الشيء كغاشية السرج وقوله : أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ أي نائبه تغشاهم وتجللهم وقيل الغاشية فى الأصل محمودة وإنما استعير لفظها هاهنا على نحو قوله : لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وقوله : هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ الْغاشِيَةِ كناية عن القيامة وجمعها غواش ، وغشى على فلان إذا نابه ما غشى فهمه ، قال : كَالَّذِي يُغْشى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ - فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ -

(1/3509)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 406
وَ عَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ
- كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ - وَاسْتَغْشَوْا ثِيابَهُمْ أي جعلوها غشاوة على أسماعهم وذلك عبارة عن الامتناع من الإصغاء ، وقيل استغشوا ثيابهم كناية عن العدو كقولهم شمر ذيلا وألقى ثوبه ، ويقال غشيته سوطا أو سيفا ككسوته وعممته.
(غص) : الغصة الشجاة التي يغص بها الحلق ، قال : وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ.
(غض) : الغض النقصان من الطرف والصوت وما فى الإناء يقال غض وأغض ، قال : قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ - وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ - وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ وقول الشاعر :
فغض الطرف إنك من نمير
فعلى سبيل التهكم ، وغضضت السقاء ، نقصت مما فيه ، والغض الطري الذي لم يطل مكثه.
(غضب) : الغضب ثوران دم القلب إرادة الانتقام ، ولذلك
قال عليه السلام : «اتقوا الغضب فإنه جمرة توقد فى قلب ابن آدم ، ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه وحمرة عينيه»
و إذا وصف اللَّه تعالى به فالمراد به الانتقام دون غيره ، قال : فَباؤُ بِغَضَبٍ عَلى غَضَبٍ - وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وقال : وَمَنْ يَحْلِلْ عَلَيْهِ غَضَبِي - غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وقوله : غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ قيل هم اليهود. والغضبة كالصخرة ، والغضوب الكثير الغضب ، وتصف به الحية والناقة الضجور وقيل فلان غضبة : سريع الغضب ، وحكى أنه يقال غضبت لفلان إذا كان حيا وغضبت به إذا كان ميتا.
(غطش) : أَغْطَشَ لَيْلَها أي جعله مظلما وأصله من الأغطش وهو الذي فى عينه شبه عمش ومنه قيل فلاة عطشى لا يهتدى فيها والتغاطش التعامي عن الشيء.
(غطا) : الغطاء ما يجعل فوق الشيء من طبق ونحوه كما أن الغشاء ما يجعل فوق الشيء من لباس ونحوه وقد استعير للجهالة ، قال : فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ.

(1/3510)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 407
(غفر) : الغفر إلباس ما يصونه عن الدنس ومنه قيل اغفر ثوبك فى الوعاء واصبغ ثوبك فإنه أغفر للوسخ ، والغفران والمغفرة من اللَّه هو أن يصون العبد من أن يمسه العذاب. قال : غُفْرانَكَ رَبَّنا - مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ - وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وقد يقال غفر له إذا تجافى عنه فى الظاهر وإن لم يتجاف عنه فى الباطن نحو : قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللَّهِ والاستغفار طلب ذلك بالمقال والفعال وقوله : اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً لم يؤمروا بأن يسألوه ذلك باللسان فقط بل باللسان وبالفعال فقد قيل الاستغفار باللسان من دون ذلك بالفعال فعل الكذابين وهذا معنى ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ وقال : اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ - وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا والغافر والغفور فى وصف اللَّه نحو : غافِرِ الذَّنْبِ - إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ - هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ والغفيرة الغفران ومنه قوله : اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ - أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي - وَاغْفِرْ لَنا وقيل اغفروا هذا الأمر بغفرته أي استروه بما يجب أن يستر به ، والمغفر بيضة الحديد ، والغفارة خرقة تستر الخمار أن يمسه دهن الرأس ، ورقعة يغشى بها محز الوتر ، وسحابة فوق سحابة.
(غفل) : الغفلة سهو يعترى الإنسان من قلة التحفظ والتيقظ ، يقال غفل فهو غافل ، قال : لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا - وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ - وَدَخَلَ الْمَدِينَةَ عَلى حِينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها - وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ - لَمِنَ الْغافِلِينَ - هُمْ غافِلُونَ - بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ - لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ - فَهُمْ غافِلُونَ - عَنْها غافِلِينَ وأرض غفل لا منار بها ورجل غفل لم تسمه التجارب وإغفال الكتاب تركه غير معجم وقوله : مَنْ أَغْفَلْنا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنا أي تركناه غير مكتوب فيه الإيمان كما قال : أُولئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمانَ وقيل معناه من جعلناه غافلا عن الحقائق.
(غل) : الغلل أصله تدرع الشيء وتوسطه ومنه الغلل للماء الجاري بين الشجر ، وقد يقال له الغيل وانغل فيما بين الشجر دخل فيه ، فالغل مختص بما يقيد به فيجعل الأعضاء وسطه وجمعه أغلال ، وغل فلان قيد به ، قال :
خُذُوهُ فَغُلُّوهُ وقال : إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وقيل للبخيل هو مغلول اليد ، قال : وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِي كانَتْ عَلَيْهِمْ - وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ - وَقالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ أي ذموه بالبخل

(1/3511)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 408
و قيل إنهم لما سمعوا أن اللَّه قضى كل شىء قالوا إذا يد اللَّه مغلولة أي فى حكم المقيد لكونها فارغة ، فقال اللَّه تعالى ذلك : وقوله : إِنَّا جَعَلْنا فِي أَعْناقِهِمْ أَغْلالًا أي منعهم فعل الخير وذلك نحو وصفهم بالطبع والختم على قلوبهم وعلى سمعهم وأبصارهم ، وقيل بل ذلك وإن كان لفظه ماضيا فهو إشارة إلى ما يفعل بهم فى الآخرة كقوله : وَجَعَلْنَا الْأَغْلالَ فِي أَعْناقِ الَّذِينَ كَفَرُوا والغلالة ما يلبس بين الثوبين فالشعار لما يلبس تحت الثوب والدثار لما يلبس فوقه ، والغلالة لما يلبس بينهما ، وقد تستعار الغلالة للدرع كما يستعار الدرع لها ، والغلول تدرع الخيانة ، والغل العداوة ، قال : وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ - وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ وغل يغل إذا صار ذا غل أي ضغن ، وأغل أي صار ذا إغلال أي خيانة وغل يغل إذا خان ، وأغللت فلانا نسبته إلى الغلول ، قال : وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وقرىء أَنْ يَغُلَّ أي ينسب إلى الخيانة من أغللته ، قال : وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ و
روى «لا إغلال ولا إسلال»
أي لا خيانة ولا سرقة.
وقوله عليه الصلاة والسلام «ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن»
أي لا يضطغن. وروى «لا يغل» أي لا يصير ذا خيانة ، وأغل الجازر والسالخ إذا ترك فى الإهاب من اللحم شيئا وهو الإغلال أي الخيانة فكأنه خان فى اللحم وتركه فى الجلد الذي يحمله. والغلة والغليل ما يتدرعه الإنسان فى داخله من العطش ومن شدة الوجد والغيظ ، يقال شفا فلان غليله أي غيظه ، والغلة ما يتناوله الإنسان من دخل أرضه ، وقد أغلت ضيعته ، والمغلغلة : الرسالة التي تتغلغل بين القوم الذين تتغلغل نفوسهم ، كما قال الشاعر :
تغلغل حيث لم يبلغ شراب ولا حزن ولم يبلغ سرور
(غلب) : الغلبة القهر يقال غلبته غلبا وغلبة وغلبا فأنا غالب ، قال تعالى : الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ - كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً - يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ - يَغْلِبُوا أَلْفاً - لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي - لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ - إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغالِبِينَ - إِنَّا لَنَحْنُ الْغالِبُونَ - فَغُلِبُوا هُنالِكَ - أَفَهُمُ الْغالِبُونَ - سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ - ثُمَّ يُغْلَبُونَ وغلب عليه كذا أي استولى غَلَبَتْ عَلَيْنا شِقْوَتُنا قيل وأصل غلبت أن تناول وتصيب غلب رقبته ، والأغلب الغليظ الرقبة ، يقال رجل أغلب وامرأة غلباء وهضبة غلباء كقولك هضبة عنقاء ورقباء أي عظيمة العنق والرقبة والجمع غلب ، قال : وَحَدائِقَ غُلْباً

(1/3512)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 409
(غلظ) : الغلظة ضد الرقة ، ويقال غلظة وغلظة وأصله أن يستعمل فى الأجسام لكن قد يستعار للمعانى كالكبير والكثير ، قال : وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً أي خشونة وقال : ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ - مِنْ عَذابٍ غَلِيظٍ - جاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ واستغلظ تهيأ لذلك ، وقد يقال إذا غلظ ، قال : فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوى عَلى سُوقِهِ.
(غلف) : قُلُوبُنا غُلْفٌ قيل هو جمع أغلف كقولهم سيف أغلف أي هو فى غلاف ويكون ذلك كقوله : وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ - فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا وقيل معناه قلوبنا أوعية للعلم وقيل معناه قلوبنا مغطاة ، وغلام أغلف كناية عن الأقلف ، والغلفة كالقلفة ، وغلفت السيف والقارورة والرحل والسرج جعلت لها غلافا ، وغلفت لحيته بالحناء وتغلف نحو تخضب ، وقيل : قُلُوبُنا غُلْفٌ هى جمع غلاف والأصل غلف بضم اللام ، وقد قرىء به نحو : كتب ، أي هى أوعية للعلم تنبيها أنا لا نحتاج أن نتعلم منك ، فلنا غنية بما عندنا.
(غلق) : الغلق والمغلاق ما يغلق به وقيل ما يفتح به لكن إذا اعتبر بالإغلاق يقال له مغلق ومغلاق ، وإذا اعتبر بالفتح يقال له مفتح ومفتاح ، وأغلقت الباب وغلقته على التكثير وذلك إذا أغلقت أبوابا كثيرة أو أغلقت بابا واحدا مرارا أو أحكمت إغلاق باب وعلى هذا : وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وللتشبيه به قيل غلق الرهن غلوقا وغلق ظهره دبرا ، والمغلق السهم السابع لا ستغلاقه ما بقي من أجزاء الميسر ونخلة غلقة ذويت أصولها فأغلقت عن الإثمار والغلقة شجرة مرة كالسم.
(غلم) : الغلام الطار الشارب ، يقال غلام بين الغلومة والغلومية ، قال تعالى : أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ - وَأَمَّا الْغُلامُ فَكانَ أَبَواهُ مُؤْمِنَيْنِ - وَأَمَّا الْجِدارُ فَكانَ لِغُلامَيْنِ وقال فى قصة يوسف هذا غُلامٌ والجمع غلمة وغلمان ، واغتلم الغلام إذا بلغ حد الغلومة ولما كان من بلغ هذا الحد كثيرا ما يغلب عليه الشبق قيل للشبق غلمة واغتلم الفحل.
(غلا) : الغلو تجاوز الحد ، يقال ذلك إذا كان فى السعر غلاء ، وإذا كان فى القدر والمنزلة غلو وفى السهم : غلو ، وأفعالها جميعا غلا يغلو قال : لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ والغلى والغليان يقال فى القدر إذا طفحت ومنه استعير قوله : طَعامُ

(1/3513)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 410
الْأَثِيمِ. كَالْمُهْلِ يَغْلِي فِي الْبُطُونِ. كَغَلْيِ الْحَمِيمِ
و به شبه غليان الغضب والحرب ، وتعالى النبت يصح أن يكون من الغلى وأن يكون من الغلو ، والغلواء : تجاوز الحد فى الجماح ، وبه شبه غلواء الشباب.
(غم) : الغم ستر الشيء ومنه الغمام لكونه ساترا لضوء الشمس ، قال تعالى : يَأْتِيَهُمُ اللَّهُ فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ والغمى مثله. ومنه غم الهلال ويوم غمّ وليلة غمة وغمى ، قال :
ليلة غمى طامس هالها
و غمة الأمر قال : ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً أي كربة يقال غم وغمة أي كرب وكربة ، والغمامة خرقة تشد على أنف الناقة وعينها ، وناصية غماء تستر الوجه.
(غمر) : أصل الغمر إزالة أثر الشيء ومنه قيل للماء الكثير الذي يزيل أثر سيله غمر وغامر ، قال الشاعر :
و الماء غامر خدادها
و به شبه الرجل السخي الشديد العدو فقيل لهما غمر كما شبها بالبحر ، والغمرة معظم الماء الساترة لمقرها وجعل مثلا للجهالة التي تغمر صاحبها وإلى نحوه أشار بقوله : فَأَغْشَيْناهُمْ ونحو ذلك من الألفاظ قال تعالى : فَذَرْهُمْ فِي غَمْرَتِهِمْ - الَّذِينَ هُمْ فِي غَمْرَةٍ ساهُونَ وقيل للشدائد غمرات ، قال تعالى :
فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ ورجل غمر وجمعه أغمار. والغمر الحقد المكنون وجمعه غمور والغمر ما يغمر من رائحة الدسم سائر الروائح ، وغمرت يده وغمر عرضه دنس. ودخل فى غمار الناس وخمارهم أي الذين يغمرون. والغمرة ما يطلى به من الزعفران ، وقد تغمرت بالطيب وباعتبار الماء قيل للقدح الذي يتناول به الماء غمر ومنه اشتق تغمرت إذا شربت ماء قليلا ، وقولهم فلان مغامر إذا رمى بنفسه فى الحرب إما لتوغله وخوضه فيه كقولهم يخوض الحرب ، وإما لتصور الغمارة منه فيكون وصفه بذلك ، كوصفه بالهودج ونحوه.
(غمز) : أصل الغمز الإشارة بالجفن أو اليد طلبا إلى ما فيه معاب ومنه قيل ما فى فلان غميزة أي نقيصة يشار بها إليه وجمعها غمائز ، قال تعالى : وَإِذا

(1/3514)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 411
مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ
، وأصله من غمزت الكبش إذا لمسته هل به طرق؟ نحو عبطته.
(غمض) : الغمض النوم العارض ، تقول ما ذقت غمضا ولا غماضا وباعتباره قيل أرض غامضة وغمضة ودار غامضة ، وغمض عينه وأغمضها وضع إحدى جفنتيه على الأخرى ثم يستعار للتغافل والتساهل ، قال تعالى : وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلَّا أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ.
(غنم) : الغنم معروف قال تعالى : وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما والغنم إصابته والظفر به ثم استعمل فى كل مظفور به من جهة العدى وغيرهم ، قال تعالى : وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْ ءٍ - فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً والمغنم ما يغنم وجمعه مغانم ، قال : فَعِنْدَ اللَّهِ مَغانِمُ كَثِيرَةٌ.
(غنى) : الغنى يقال على ضروب ، أحدها عدم الحاجات وليس ذلك إلا للَّه تعالى وهو المذكور فى قوله تعالى : إِنَّ اللَّهَ لَهُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ - أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ الثاني : قلة الحاجات وهو المشار إليه بقوله تعالى :
وَ وَجَدَكَ عائِلًا فَأَغْنى وذلك هو المذكور فى
قوله عليه السلام : «الغنى غنى النفس»
و الثالث : كثرة القنيات بحسب ضروب الناس كقوله : وَمَنْ كانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ - الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِياءُ - لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِياءُ قالوا ذلك حيث سمعوا : مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وقوله تعالى : يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ أي لهم غنى النفس ويحسبهم الجاهل أن لهم القنيات لما يرون فيهم من التعفف والتلطف ، وعلى هذا
قوله عليه السلام لمعاذ : «خذ من أغنيائهم ورد فى فقرائهم»
و هذا المعنى هو المعنى بقول الشاعر :
قد يكثر المال والإنسان مفتقر
يقال غنيت بكذا غنيانا وغناء واستغنيت وتغنيت وتغانيت ، قال تعالى :
وَ اسْتَغْنَى اللَّهُ - وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ ويقال أغنانى كذا وأغنى عنه كذا إذا كفاه ، قال تعالى : ما أَغْنى عَنِّي مالِيَهْ - ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ - لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً - ما أَغْنى عَنْهُمْ ما كانُوا يُمَتَّعُونَ - لا تُغْنِ عَنِّي شَفاعَتُهُمْ - وَلا يُغْنِي مِنَ اللَّهَبِ والغانية المستغنية بزوجها عن الزينة ، وقيل

(1/3515)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 412
المستغنية بحسنها عن التزين. وغنى فى مكان كذا إذا طال مقامه فيه مستغنيا به عن غيره بغنى ، قال تعالى : كَأَنْ لَمْ يَغْنَوْا فِيهَا والمغني يقال للمصدر وللمكان. وغنى أغنية وغناء ، وقيل تغنى بمعنى استغنى وحمل قوله عليه السلام : «من لم يتغن بالقرآن» على ذلك.
(غيب) : الغيب مصدر غابت الشمس وغيرها إذا استترت عن العين ، يقال غاب عنى كذا ، قال تعالى : أَمْ كانَ مِنَ الْغائِبِينَ واستعمل فى كل غائب عن الحاسة وعما يغيب عن علم الإنسان بمعنى الغائب ، قال تعالى : وَما مِنْ غائِبَةٍ فِي السَّماءِ وَالْأَرْضِ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ ويقال للشىء غيب وغائب باعتباره بالناس لا باللَّه تعالى فإنه لا يغيب عنه شىء كما لا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقالُ ذَرَّةٍ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ قوله تعالى : عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أي ما يغيب عنكم وما تشهدونه ، والغيب فى قوله تعالى : يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ما لا يقع تحت الحواس ولا تقتضيه بداية العقول وإنما يعلم بخبر الأنبياء عليهم السلام وبدفعه يقع على الإنسان اسم الإلحاد ، ومن قال الغيب هو القرآن ، ومن قال هو القدر فإشارة منهم إلى بعض ما يقتضيه لفظه. وقال بعضهم : معناه يؤمنون إذا غابوا عنكم وليسوا كالمنافقين الذين قيل فيهم : وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ وعلى هذا قوله تعالى : الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ - مَنْ خَشِيَ الرَّحْمنَ بِالْغَيْبِ - وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَطَّلَعَ الْغَيْبَ - فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً - لا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ - ذلِكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ - وَما كانَ اللَّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ - إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ - إِنَّ رَبِّي يَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَّامُ الْغُيُوبِ وأغابت المرأة غاب زوجها.
و قوله فى صفة النساء : حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ أي لا يفعلن فى غيبة الزوج ما يكرهه الزوج. والغيبة أن يذكر الإنسان غيره بما فيه من عيب من غير أن أحوج إلى ذكره قال تعالى : وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً والغيابة منهبط من الأرض ومنه الغابة للأجمة ، قال تعالى : فِي غَيابَتِ الْجُبِّ ويقال هم يشهدون أحيانا ويتغايبون أحيانا وقوله تعالى : وَيَقْذِفُونَ بِالْغَيْبِ مِنْ مَكانٍ بَعِيدٍ أي من حيث لا يدر كونه ببصرهم وبصيرتهم.
(غوث) : الغوث يقال فى النصرة والغيث فى المطر ، واستغثته طلبت الغوث أو الغيث فأغاثنى من الغوث وغاثنى من الغيب وغوثت من الغوث ، قال تعالى : إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ وقال : فَاسْتَغاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي

(1/3516)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 413
مِنْ عَدُوِّهِ
و قوله تعالى : وَإِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغاثُوا بِماءٍ كَالْمُهْلِ فإنه يصح أن يكون من الغيث ويصح أن يكون من الغوث ، وكذا يغاثوا يصح فيه المعنيان.
والغيث المطر فى قوله تعالى : كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَباتُهُ. قال الشاعر :
سمعت الناس ينتجعون عيثا فقلت لصيد انتجعى بلالا
(غور) : الغور المنهبط من الأرض ، يقال غار الرجل وأغار وغارت عينه غورا وغؤورا ، وقوله تعالى : ماؤُكُمْ غَوْراً أي غائرا. وقال تعالى :
أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً والغار فى الجبل قال تعالى : إِذْ هُما فِي الْغارِ وكنى عن الفرج والبطن بالغارين ، والمغار من المكان كالغور ، قال تعالى : لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَأً أَوْ مَغاراتٍ أَوْ مُدَّخَلًا ، وغارت الشمس غيارا ، قال الشاعر :
هل الدهر إلا ليلة ونهارها وإلا طلوع الشمس ثم غيارها
و غور نزل غورا ، وأغار على العدو إغارة وغارة ، قال : فَالْمُغِيراتِ صُبْحاً عبارة عن الخيل.
(غير) : غير يقال على أوجه : الأول : أن تكون للنفى المجرد من غير إثبات معنى به نحو مررت برجل غير قائم أي لا قائم ، قال تعالى : وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَواهُ بِغَيْرِ هُدىً مِنَ اللَّهِ - وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ. الثاني : بمعنى إلا فيستثنى به. وتوصف به النكرة نحو مررت بقوم غير زيد أي إلا زيدا ، وقال تعالى : ما عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرِي وقال تعالى : ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ - هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ. الثالث : لنفى صورة من غير مادتها نحو : الماء إذا كان حارا غيره إذا كان باردا وقوله تعالى : كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها. الرابع : أن يكون ذلك متناولا لذات نحو قوله تعالى : الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ أي الباطل وقوله تعالى :
وَ اسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ - أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا - وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ - ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هذا. والتغيير يقال على وجهين أحدهما :
لتغيير صورة الشيء دون ذاته ، يقال غيرت دارى إذا بنيتها بناء غير الذي كان.
والثاني : لتبديله بغيره نحو غيرت غلامى ودابتى إذا أبدلتهما بغيرهما نحو قوله تعالى :
إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ والفرق بين غيرين ومختلفين

(1/3517)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 414
أن الغيرين أعم ، فإن الغيرين قد يكونان متفقين فى الجوهر بخلاف المختلفين ، فالجوهران المتحيزان هما غيران وليسا مختلفين ، فكل خلافين غيران وليس كل غيرين خلافين.
(غوص) : الغوص الدخول تحت الماء ، وإخراج شىء منه ، ويقال لكل من انهجم على غامض فأخرجه له غائص عينا كان أو علما والغواص الذي يكثر منه ذلك ، قال تعالى : وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ - وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ أي يستخرجون له الأعمال الغريبة والأفعال البديعة وليس يعنى استنباط الدر من الماء فقط.
(غيض) : غاض الشيء وغاضه غيره نحو نقص ونقصه غيره ، قال تعالى : وَغِيضَ الْماءُ - وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ أي تفسده الأرحام ، فتجعله كالماء الذي تبتلعه الأرض ، والغيضة المكان الذي يقف فيه الماء فيبتلعه ، وليلة غائضة أي مظلمة.
(غيظ) : الغيظ أشد غضب وهو الحرارة التي يجدها الإنسان من فوران دم قلبه. قال تعالى : قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ - لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وقد دعا اللَّه الناس إلى إمساك النفس عند اعتراء الغيظ قال تعالى : وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ قال : وإذا وصف اللَّه سبحانه به فإنه يراد به الانتقام قال تعالى : وَإِنَّهُمْ لَنا لَغائِظُونَ أي داعون بفعلهم إلى الانتقام منهم ، والتغيظ هو إظهار الغيظ وقد يكون ذلك مع صوت مسموع كما قال تعالى : سَمِعُوا لَها تَغَيُّظاً وَزَفِيراً.
(غول) : الغول إهلاك الشيء من حيث لا يحس به ، يقال : غال يغول غولا ، واغتاله اغتيالا ، ومنه سمى السعلاة غولا. قال فى صفة خمر الجنة لا فِيها غَوْلٌ نفيا لكل ما نبه عليه بقوله تعالى : وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما ، وبقوله تعالى : رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ.
(غوى) : الغى جهل من اعتقاد فاسد ، وذلك أن الجهل قد يكون من كون الإنسان غير معتقد اعتقادا لا صالحا ولا فاسدا ، وقد يكون من اعتقاد شىء فاسد وهذا النحو الثاني يقال له غى. قال تعالى : ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى - وَإِخْوانُهُمْ يَمُدُّونَهُمْ فِي الغَيِّ. وقوله تعالى : فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا أي عذابا ، فسماه الغى لما كان الغى هو سببه وذلك كتسمية الشيء بما هو

(1/3518)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 415
سببه كقولهم للنبات ندى. وقيل معناه فسوف يلقون أثر الغى وثمرته قال :
وَ بُرِّزَتِ الْجَحِيمُ لِلْغاوِينَ - وَالشُّعَراءُ يَتَّبِعُهُمُ الْغاوُونَ - إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ ، وقوله تعالى : وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى أي جهل ، وقيل معناه خاب نحو قول الشاعر :
و من يغو لا يعدم على الغى لائما
و قيل معنى غوى فسد عيشه من قولهم غوى الفصيل وغوى نحو هوى وهوى ، وقوله : إِنْ كانَ اللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يُغْوِيَكُمْ فقد قيل معناه أن يعاقبكم على غيكم ، وقيل معناه يحكم عليكم بغيكم. وقوله تعالى : قالَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ رَبَّنا هؤُلاءِ الَّذِينَ أَغْوَيْنا - أَغْوَيْناهُمْ كَما غَوَيْنا تبرأنا إليك إعلاما منهم أنا قد فعلنا بهم غاية ما كان فى وسع الإنسان أن يفعل بصديقه ، فإن حق الإنسان أن يريد بصديقه ما يريد بنفسه ، فيقول قد أفدناهم ما كان لنا وجعلناهم أسوة أنفسنا ، وعلى هذا قوله تعالى : فَأَغْوَيْناكُمْ - إِنَّا كُنَّا غاوِينَ - فَبِما أَغْوَيْتَنِي - لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ

(1/3519)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 416
الفاء
(فتح) : الفتح إزالة الإغلاق والإشكال ، وذلك ضربان ، أحدهما :
يدرك بالبصر كفتح الباب ونحوه وكفتح القفل ، والغلق والمتاع نحو قوله تعالى :
وَ لَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ - وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ. والثاني : يدرك بالبصيرة كفتح الهم وهو إزالة الغم ، وذلك ضربان أحدهما : فى الأمور الدنيوية كغم يفرج وفقر يزال بإعطاء المال ونحوه ، نحو قوله تعالى : فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ أي وسعنا ، وقال تعالى : لَفَتَحْنا عَلَيْهِمْ بَرَكاتٍ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ أي أقبل عليهم الخيرات. والثاني : فتح المستغلق من العلوم ، نحو قولك فلان فتح من العلم بابا مغلقا ، وقوله تعالى :
إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً. قيل عنى فتح مكة ، وقيل بل عنى ما فتح على النبي من العلوم والهدايات التي هى ذريعة إلى الثواب والمقامات المحمودة التي صارت سببا لغفران ذنوبه. وفاتحة كل شىء مبدؤه الذي به ، يفتح به ما بعده وبه سمى فاتحة الكتاب ، وقيل افتتح فلان كذا إذا ابتدأ به ، وفتح عليه كذا إذا أعلمه ووقفه عليه ، قال تعالى : أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ - ما يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ وفتح القضية فتاحا فصل الأمر فيها وأزال الإغلاق عنها ، قال تعالى : رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنا وَبَيْنَ قَوْمِنا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفاتِحِينَ ومنه الفتاح العليم ، قال الشاعر :
و إنى من فتاحتكم غنى
و قيل الفتاحة بالضم والفتح ، وقوله : إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ فإنه يحتمل النصرة والظفر والحكم وما يفتح اللَّه تعالى من المعارف ، وعلى ذلك قوله :
نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ - فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ - وَيَقُولُونَ مَتى هذَا الْفَتْحُ - قُلْ يَوْمَ الْفَتْحِ أي يوم الحكم وقيل يوم إزالة الشبهة بإقامة القيامة ، وقيل ما كانوا يستفتحون من العذاب ويطلبونه ، والاستفتاح طلب الفتح أو الفتاح قال تعالى : إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ أي إن طلبتم الظفر أو طلبتم الفتاح أي الحكم أو طلبتم مبدأ الخيرات فقد جاءكم ذلك بمجىء النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم.
وقوله تعالى : وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أي يستنصرون اللَّه ببعثه محمد عليه الصلاة والسلام وقيل يستعلمون خبره من الناس مرة ،

(1/3520)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 417
و يستنبطونه من الكتب مرة ، وقيل يطلبون من اللَّه بذكره الظفر ، وقيل كانوا يقولون إنا لننصر بمحمد عليه السلام على عبدة الأوثان. والمفتح والمفتاح ما يفتح به وجمعه مفاتيح ومفاتح. وقوله : وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ يعنى ما يتوصل به إلى غيبه المذكور فى قوله تعالى : فَلا يُظْهِرُ عَلى غَيْبِهِ أَحَداً إِلَّا مَنِ ارْتَضى مِنْ رَسُولٍ وقوله : ما إِنَّ مَفاتِحَهُ لَتَنُوأُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ قيل عنى مفاتح خزائنه وقيل بل عنى بالمفاتح الخزائن أنفسها. وباب فتح مفتوح فى عامة الأحوال وغلق خلافه.
وروى : «من وجد بابا غلقا وجد إلى جنبه بابا فتحا»
و قيل فتح واسع.
(فتر) : الفتور سكون بعد حدة ، ولين بعد شدة ، وضعف بعد قوة ، قال تعالى : يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أي سكون حال عن مجىء رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه وسلّم. وقوله تعالى : لا يَفْتُرُونَ أي لا يسكنون عن نشاطهم فى العبادة.
وروى عن النبي صلّى اللَّه عليه وسلّم أنه قال : «لكل عالم شرة ، ولكل شرة فترة فمن فتر إلى سنتى فقد نجا وإلا فقد هلك»
فقوله لكل شرة فترة فإشارة إلى ما قيل : للباطل جولة ثم يضمحل ، وللحق دولة لا تذل ولا تقل. وقوله : «و من فتر إلى سنتى» أي سكن إليها ، والطرف الفاتر فيه ضعف مستحسن ، والفتر ما بين طرف الإبهام وطرف السبابة ، يقال فترته بفترى وشبرته بشبرى.
(فتق) : الفتق الفصل بين المتصلين وهو ضد الرتق ، قال تعالى : أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما والفتق والفتيق الصبح ، وأفتق القمر صادف فتقا فطلع منه ، ونصل فتيق الشفرتين إذا كان له شعبتان كأن إحداهما فتقت من الأخرى. وجمل فتيق ، تفتق سمنا وقد فتق فتقا.
(فتل) : فتلت الحبل فتلا ، والفتيل المفتول وسمى ما يكون فى شق النواة فتيلا لكونه على هيئته ، قال تعالى : وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا وهو ما تفتله بين أصابعك من خيط أو وسخ ويضرب به المثل فى الشيء الحقير. وناقة فتلاء الذراعين محكمة.
(فتن) : أصل الفتن إدخال الذهب النار لتظهر جودته من رداءته ، واستعمل فى إدخال الإنسان النار ، قال تعالى : يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ - ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ أي عذابكم وذلك نحو قوله تعالى : كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ

(1/3521)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 418
بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ
و قوله تعالى : النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها الآية وتارة يسمون ما يحصل عنه العذاب فيستعمل فيه نحو قوله تعالى : أَلا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وتارة فى الاختبار نحو قوله تعالى :
إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ - وَالْفِتْنعلهم زينة فى قوله تعالى : زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ الآية. اعتبارا بأحوال الناس فى تزينهم بهم وقوله تعالى : الم أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ أي لا يختبرون فيميز خبيثهم من طيبهم ، كما قال تعالى : لِيَمِيزَ اللَّهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وقوله تعالى : أَوَ لا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لا يَتُوبُونَ وَلا هُمْ يَذَّكَّرُونَ فإشارة إلى ما قال تعالى : وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ الآية.
وعلى هذا قوله تعالى : وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ والفتنة من الأفعال التي تكون من اللَّه تعالى ومن العبد كالبلية والمصيبة والقتل والعذاب وغير ذلك من الأفعال الكريهة ، ومتى كان من اللَّه يكون على وجه الحكمة ، ومتى كان من الإنسان بغير أمر اللَّه يكون بضد ذلك ، ولهذا يذم اللَّه الإنسان بأنواع الفتنة فى كل مكان نحو قوله : وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنَ الْقَتْلِ - إِنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ - ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ أي بمضلين وقوله : بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ قال الأخفش : المفتون الفتنة كقولك ليس له معقول ، وخذ ميسوره ودع معسوره ، فتقديره بأيكم الفتون. وقال غيره : أيكم المفتون والباء زائدة كقوله : كَفى بِاللَّهِ

(1/3522)


الموسوعة القرآنية ، ج 8 ، ص : 419
شَهِيداً
، وقوله تعالى : وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ فقد عدى ذلك بعن تعدية خدعوك لما أشار بمعناه إليه.
(فتى) : الفتى الطري من الشباب والأنثى فتاة والمصدر فتاء ، ويكنى بهما عن العبد والأمة ، قال تعالى : تُراوِدُ فَتاها عَنْ نَفْسِهِ والفتى من الإبل كالفتى من الناس وجمع الفتى فتية وفتيان وجمع الفتاة فتيات وذلك قوله تعالى :
مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ أي إمائكم ، وقال تعالى : وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكُمْ عَلَى الْبِغاءِ أي إماءكم وَقالَ لِفِتْيانِهِ أي لمملوكيه ، وقال تعالى : إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ - إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ والفتيا والفتوى الجواب عما يشكل من الأحكام ، ويقال : استفتيته فأفتانى بكذا. قال : وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ - فَاسْتَفْتِهِمْ - أَفْتُونِي فِي أَمْرِي.
(فتى ء) : يقال : ما فئت أفعل كذا وما فتأت ، كقولك ما زلت قال تعالى : تَفْتَؤُا تَذْكُرُ يُوسُفَ.
(فجج) : الفج شقة يكتنفها جبلان ، ويستعمل فى الطريق الواسع وجمعه فجاج. قال تعالى : مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ - فِيها فِجاجاً سُبُلًا والفجج تباعد الركبتين ، وهو أفج من الفجج ، ومنه حافر مفجج ، وجرح فج لم ينضج.
(فجر) : الفجر شق الشيء شقا واسعا كفجر الإنسان السكر ، يقال فجرته فانفجر وفجرته فتفجر ، قال تعالى : وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً - وَفَجَّرْنا خِلالَهُما نَهَراً - فَتُفَجِّرَ الْأَنْهارَ - تَفْجُرَ لَنا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً وقرىء تفجر ، وقال تعالى : فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً ومنه قيل للصبح فجر لكونه فجر الليل ، قال تعالى : وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ - إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً وقيل الفجر فجران. الكاذب وهو كذنب السرحان ، والصادق وبه يتعلق حكم الصوم والصلاة ، قال تعالى : حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ والفجور شق ستر الديانة ، يقال فجر فجورا فهو فاجر ، وجمعه فجار وفجرة ، قال : كَلَّا إِنَّ كِتابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ - وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ - أُولئِكَ هُمُ الْكَفَرَةُ الْفَجَرَةُ وقوله : بَلْ =

=

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جلد 3. الحيوان للجاحظ /الجزء الثالث

  الجزء الثالث بسم الله الرحمن الرحيم فاتحة استنشاط القارئ ببعض الهزل وإن كنَّا قد أمَلْلناك بالجِدِّ وبالاحتجاجاتِ الصحيحة والم...