كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس


مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 مايو 2022

مجلد 1..لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور الأفريقي

 

مجلد 1..لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور الأفريقي  المصري
   ( أبأ ) قال الشيخ أَبو محمد بن بَرِّي رحِمه اللّه الأَبَاءة لأَِجَمَةِ القَصَبِ والجمعُ أَباءٌ قال وربما ذُكر هذا الحرف في المعتلِّ من الصِّحاح وإِن الهمزةَ أَصلها ياءٌ قال وليس ذلك بمذهب سِيبَوَيهِ بل يحمِلها على ظاهرها حتى يقومَ دليلٌ أَنها من الواو أَو من الياءِ نحو الرِّداء لأَنه من الرَّدْية والكِساء لأَنه من الكُسْوة واللّه أَعلم

( أتأ ) حكى أَبو علي في التَّذكرة عن ابن حبيب أَتْأةُ أُمُّ قَيْس بن ضِرار قاتل المقدام وهي من بَكر وائل قال وهو من باب أَجأ ( 1 )
( 1 قوله قال « وهو من باب الخ » كذا بالنسخ والذي في شرح القاموس وأنشد ياقوت في أجأ لجرير ) قال جرير
أَتَبِيتُ لَيْلَكَ يا ابْنَ أَتْأَةَ نائماً ... وبَنُو أُمامَةَ عَنْكَ غَيرُ نيامِ
وتَرى القِتالَ مع الكرامِ مُحَرَّماً ... وتَرى الزِّناءَ عَلَيْكَ غَيرَ حَرَامِ

( أثأ ) جاءَ فلان في أُثْئِيَّةٍ من قومه أَي جماعة قال وأَثَأْتُه إِذا رميتُه بسهم عن أَبي عبيد الأَصمعي أَثيْتُه بسهم أَي رميته وهو حرف غريب قال وجاءَ أَيضاً أَصبَح فلانٌ مُؤْتَثِئاً أَي لا يَشتهي الطعام عن الشيباني

( أجأ ) أَجَأ على فَعَلٍ بالتحريك جبلٌ لطيِّىءٍ يذكَّر ويؤَنَّث وهنالك ثلاثةُ أَجبُل أَجَأ وسَلْمَى والعَوْجَاءُ
وذلك أن أَجَأً اسمُ رجُل تعشَّق سَلْمَى وجمعَتْهما العَوْجاءُ فهرب أَجأ بسَلمى وذهبَت معهما العوجاءُ فتبِعهم بعلُ سلمى فأَدركهم وقتلهم وصلبَ أَجأً على أَحدِ الأَجْبُلِ فسمِّيَ أَجأً وصلب سلمى على الجبل الآخرِ فسمِّيَ بها وصلب العوجاءَ على الثالث فسمِّيَ باسمها قال
إِذا أَجَأ تَلفَّعتْ بشِعافِها ... عليَّ وأَمْستْ بالعماءِ مُكلَّله
وأَصْبَحَتِ العَوْجاءُ يَهتَزُّ جِيدُها ... كَجِيدِ عَرُوسٍ أَصْبَحَتْ مُتَبَذِّلَه
[ ص 24 ] وقول أَبي النَّجم قدْ حيَّرَتْهُ جِنُّ سَلْمى وأَجا أَراد وأَجأ فخفَّف تخفيفاً قياسيّاً وعامَلَ اللفظ كما أَجاز الخليل رأْساً مع ناس على غير التخفيف البدَلي ولكن على معاملة اللفظ واللفظُ كثيراً ما يراعَى في صناعة العربية أَلا تَرى أَن موضوعَ ما لا ينصرف على ذلك وهو عند الأَخفَش على البدل فأَما قوله مِثْل خَناذِيذِ أَجا وصخْرِه فإِنه أَبدل الهمزةَ فقلبها حرف علَّة للضرورة والخَناذِيذُ رؤُوس الجبال أَي إِبل مثل قِطع هذا الجبل الجوهري أَجأ وسلمى جبلان لطيىءٍ يُنْسب إليهما الأَجئِيّون مثل الأَجعِيُّون ابن الأَعرابي أَجَأَ إِذا فَرَّ

( أشأ ) الأَشاءُ صغار النخل واحدتها أَشاءة

( ألأ ) الأَلاءُ بوزن العَلاء شجر ورقهُ وحَمْله دباغٌ يُمدُّ ويُقْصر وهو حسَن المنظر مرُّ الطعم ولا يزال أَخضرَ شتاءً وصيفاً واحدته ألاءة بوزن أَلاعة وتأْليفه من لام بين همزتين أَبو زيد هي شجرة تشبه الآس لا تَغيَّرُ في القيظ ولها ثمرة تُشبه سُنْبل الذُّرة ومنبتُها الرمل والأَودية قال والسُّلامانُ نحو الأَلاءِ غير أَنها أَصغرُ منها يُتَّخذ منها المساويك وثمرتها مثل ثمرتها ومنبتها الأَودية والصحارى قال ابن عَنَمَة
فخرَّ على الأَلاءة لم يُوَسَّدْ ... كأَنَّ جبِينَهُ سَيْفٌ صقِيلُ
وأَرض مأْلأَةٌ كثيرةُ الأَلاءِ وأَديمٌ مأْلوءٌ مدبوغٌ بالأَلاءِ وروى ثعلبٌ إِهابٌ مإِلى مدبوغ بالأَلاءِ

( أوأ ) آءَ على وزن عاع شجر واحدته آءة وفي حديث جرير بين نَخْلة وضَالَة وسِدْرة وآءة الآءة بوزن العاعَة وتُجمع على آءٍ بوزنِ عاعٍ هوشجرٌ معروفٌ ليس في الكلامِ اسمٌ وقعَت فيهِ الفٌ بين هَمزتين إِلاَّ هذا هذا قولُ كراع وهو من مَراتِعِ النَّعامِ والتنُّومُ نبتٌ آخر وتصغيرها أُوَيْأَةٌ وتأسيسُ بِنَائها من تأْليفِ واوٍ بينَ همزتين ولو قلتَ من الآءِ كما تقول من النَّومِ مَنامةٌ على تقديرِ مَفعلةٌ قلت أَرض مآءة ولو اشتُقَّ منهُ فعلٌ كما يُشْتَقُّ من القرظِ فقيلَ مقروظٌ فان كان يدبغُ أَو يؤدمُ به طعامٌ أَو يخلطُ به دواءٌ قلتَ هو مَؤُوءٌ مثل مَعُوع ويقال من ذلك أؤْتُهُ بالآءآ أً ( 1 )
( 1 صواب هذه اللفظة « أوأ » وهي مصدر « آء » على جعله من الاجوف الواوي مثل قلت قولاً وهو ما أراده المصنف بلا ريب كما يدل عليه الاثر الباقي في الرسم لانه مكتوب بألِفين كما رأيت في الصورة التي نقلناها ولو أراد ان يكون ممدوداً لرسمه بألفٍ واحدة كما هو الاصطلاح في رسم الممدود « إبرهيم اليازجي » )
قال ابنُ بَرِّي والدليلُ على أَنَّ أَصلَ هذهِ الأَلفِ التي بينَ الهمزتين واوٌ قولُهم في تصغير آءة أُوَيْأَةٌ وأَرضٌ مآءة تُّنبتُ الآءَ وليس بثَبتٍ
قال زهيرُ بن أَبي سُلمى
كأَنَّ الرَّحْلَ مِنْها فَوقَ صَعْلٍ ... منَ الظِّلْمانِ جُؤْجُؤُهُ هواءُ
أَصَكَّ مُصَلَّمِ الأُذُنَيْنِ أَجْنَى ... لَهُ بالسِّيِّ تَنُّومٌ وآءُ
أبو عمرو من الشَّجرِ الدِّفْلى والآءُ بوزن العاعُ والأَلاءُ والحَبْنُ كله الدِّفْلى قال الليثُ الآءُ شجرٌ لهُ ثمرٌ يأْكلهُ النَّعامُ قال وتُسمى الشجرةُ سَرْخَةً وثَمَرُها الآء وآءٌ ممدودٌ من زجر الإبل وآء [ ص 25 ]
حكاية أصوات قال الشاعر
إِنْ تَلْقَ عَمْراً فَقَدْ لاقَيْتَ مُدَّرِعاً ... ولَيْسَ مِنْ هَمِّه إِبْلٌ ولا شاءُ
في جَحْفلٍ لَجِبٍ جَمٍّ صواهِلُهُ ... باللَّيْلِ تُسمَعُ في حَافاتِهِ آءُ
قال ابنُ بَرِّي الصحيحُ عندَ أَهلِ اللغةِ أَنَّ الآءَ ثمرُ السَّرحِ وقال أَبو زيد هو عنبٌ أَبيض يأْكلهُ الناس ويتَّخذونَ منهُ رُباًّ وعُذْر من سمَّاه بالشجر أَنهم قد يُسمونَ الشجرَ باسمِ ثمره فيقولُ أَحدُهم في بستاني السفرجل والتفاح وهو يريد الأَشجارَ فيعبر بالثمرة عن الشجرِ ومنهُ قولهُ تعالى « فأَنْبَتْنا فيها حَباًّ وعِنَباً وقَضْباً وزَيتُونا » ولو بنيتَ منها فعلاً لقلتَ أُوتُ الأَديمَ اذا دبغتهُ به والأَصلُ أُأْتُ الأَديمَ بهمزتين فأُبدلت الهمزةُ الثانية واواً لانضمام ما قبلها أَبو عمرو الآءُ بوزن العاع الدِّفلى قال والآءُ أَيضاً صياحُ الأَمير بالغلام مثلُ العاع

( بأبأ ) الليث البَأْبَأَةُ قولُ الإِنسان لصاحبهِ بِأَبي أَنْتَ ومعناهُ أَفْدِيكَ بِأَبي فيُشتقُّ من ذلك فعل فيقال بَأْبَأَ بِهِ قال ومن العربِ من يقول وابِأَبَا أَنتَ جعلوها كلمةً مبنِيَّةً على هذا التأْسيس قال أَبو منصور وهذا كقوله يَا وَيْلَتَا معْناهُ يا وَيْلَتي فقلبَ الياءَ أَلفاً وكذلكَ يا أَبَتا معناهُ يا أَبَتِي وعلى هذا توجه قراءة من قرأَ يا أَبَتَ إِني أَراد يا أَبتا وهو يريد يا أَبَتي ثم حذفَ الأَلفَ ومن قالَ يَا بِيَبَا حوَّلَ الهمزة ياءً والأَصل يَا بِأَبَا معناه يَا بِأَبِي والفعل من هذا بَأْبأَ يُبَأْبِئُ بَأْبَأَةً وبَأْبَأْتُ الصبيَّ وبَأْبأْتُ به قلتُ له بأَبي أَنتَ وأُمي قال الراجز وصاحِبٍ ذِي غَمْرةٍ داجَيْتُه بَأْبَأْتُهُ وإِنْ أَبَى فَدَّيْتُه حَتَّى أَتى الحيَّ وما آذَيْتُه وبأْبَأْته أَيضاً وبأْبأْتُ به قلتُ له بَابَا وقالوا بَأْبَأَ الصبيَّ أَبوهُ إِذا قال له بَابَا وبَأْبَأَهُ الصبيُّ إِذا قال له بَابَا وقال الفَرَّاءُ بَأْبأْتُ بالصبيِّ بِئْباءً إِذا قلتُ له بِأَبي قال ابنُ جِنِّي سأَلت أَبا عليّ فقلتُ له بَأْبَأْتُ الصَّبيَّ بَأْبأَةً إِذا قلتُ له بابا فما مثالُ البَأْبَأَةِ عندكَ الآن ؟ أَتزنها على لفظها في الأَصل فتقول مثالها البَقْبَقَةُ بمنزلة الصَّلْصَلةِ والقَلْقَلةِ ؟ فقال بل أَزِنُها على ما صارَت إليه وأَترك ما كانت قبلُ عليه فأَقولُ الفَعْلَلة قال وهو كما ذكر وبه انعقادُ هذا الباب وقال أَيضاً إِذا قلت بأَبي أَنتَ فالباء في أَوَّلِ الاسمِ حرفُ جر بمنزلة اللامِ في قولكَ للّه انتَ فإِذا اشتَقَقْتَ منهُ فِعْلاً اشتقاقاً صَوْتِياًّ اسْتَحَالَ ذلك التقدير فقلت بَأْبَأْتُ به بِئباءً وقد أَكثرت من البَأْبأَة فالباء الآن في لفظِ الأصل وإِن كان قد عُلم أَنها فيما اشْتُقَّت منهُ زائدةٌ للجَرِّ وعلى هذا منها البِأَبُ فصارَ فِعْلاً من باب سَلِسَ وقَلِقَ قال يا بِأَبِي أَنْتَ ويا فَوْقَ البِأَبْ فالبِأَبُ الآنَ بمنزلةِ الضِّلَعِ والعِنَبِ وَبَأْبَؤُوه أَظْهَروا لَطافَةً قال
إِذا ما القبائِلُ بَأْبَأْنَنا ... فَماذا نُرَجِّي بِبئْبائِها ؟
وكذلك تَبأْبؤُوا عليهِ والبَأْباءُ ممدودٌ تَرْقِيصُ المرأَة ولدَها والبَأْباءُ زَجْرُ السِّنَّوْر وهو الغِسُّ وأَنشَدَ ابنُ الأَعرابي لرجلٍ [ ص 26 ] في الخَيْل
وهُنَّ أَهلُ ما يَتمازَيْن ... وهُنَّ أَهلُ ما يُبَأْبَيْن
أَي يقال لها بِأَبي فَرَسِي نَجَّانِي من كذا وما فيهما صِلة معناه أَنهنَّ يعني الخيْلَ أَهْلٌ للمُناغاةِ بهذا الكلامِ كما يُرَقَّصُ الصبيُّ وقوله يَتمازَيْنَ أَي يَتَفاضَلْنَ وبَأْبَأَ الفَحْلُ وهو تَرْجِيعُ الباءِ في هَدِيرهِ وبَأْبأَ الرَّجُلُ أَسْرَعَ وبأْبأْنا أَي أَسْرَعْنا وتَبَأْبأْتُ تَبَأْبُؤاً إِذا عَدَوْتُ والبُؤْبُؤُ السيِّد الظَّريفُ الخفيفُ قال الجوهري والبؤْبُؤُ الأَصلُ وقيل الأَصلُ الكريمُ أَو الخَسيسُ وقال شمر بُؤْبُؤُ الرجلِ أَصلُهُ وقال أَبو عَمرو البُؤْبُؤُ العالِمُ المُعَلِّمُ وفي المحكم العالمُ مثلُ السُّرْ سُورِ يقال فلان في بُؤْبُؤ الكَرَمِ ويقال البُؤْبُؤُ إِنسانُ العَيْن وفي التهذيب البُؤْبُؤُ عَيْرُ العَيْن وقال ابن خالَوَيْهِ البؤْبؤُ بلا مَدّ على مثال الفُلْفُل قالَ البؤْبؤُ بُؤْبؤُ العَيْنِ وأَنشدَ شاهداً على البُؤْبؤِ بمعنى السَّيِّد قولَ الرَّاجز في صفةِ امرأَةٍ قَدْ فاقَتِ البؤْبُؤَ الْبُؤَيْبِيَهْ والجِلدُ مِنْها غِرْقِئُ القُوَيْقِيَهْ الغِرْقِئُ قِشْرُ البَيْضة والقُويقِيةُ كناية عن البَيْضة قال ابنُ خَالَوَيْهِ البؤْبُؤُ بغير مدٍّ السَّيِّد والبُؤَيْبِيَةُ السيِّدة وأَنْشدَ لجرير في بؤْبُؤ المَجْدِ وبُحْبوحِ الكَرَمْ وأَمَّا القَالي فإِنهُ أَنْشده في ضِئْضئِ المَجْدِ وبُؤْبُوءِ الكَرَمْ وقال وكذا رأَيتُهُ في شعرِ جرير قال وعلى هذه الرواية ( 1 )
( 1 قوله « وعلى هذه الرواية إلخ » كذا بالنسخ والمراد ظاهر ) مع ما ذكره الجوهري من كونهِ مثال سُرسُور قال وكأَنهما لغتان التهذيب وأَنشدَ ابنُ السكيت
ولكِنْ يُبَأْبِئُهُ بُؤْبؤٌ ... وبِئباؤُهُ حَجَأ أَحْجَؤُه
قال ابن السِكِّيت يُبَأْبِئه يُفَدِّيه بُؤْبُؤٌ سيدٌ كريمٌ بِئبْاؤُهُ تَفْدِيَتُه وحَجَأ أَي فَرَحٌ أَحْجَؤُهُ أَفْرَحُ بهِ ويقالُ فلانٌ في بُؤْبؤِ صِدقٍ أَي أَصْلِ صِدْقٍ وقال
أَنا في بُؤْبؤِ صِدْقٍ ... نَعَمْ وفي أَكْرَمِ أَصْلِ ( 2 )
( 2 قوله « انا في بؤبؤ إلخ » كذا بالنسخ وانظر هل البيت من المجتث وتحرّفت في بؤبؤ عن ببؤبؤ أو اختلس الشاعر كلمة في )

( بتأ ) بَتَأَ بالمكان يَبْتَأُ بُتُوءاً أَقامَ وقيل هذه لغة والفصيح بَتَا بُتُوّاً وسنذكرُ ذلك في المعتلِّ ان شاءَ اللّهُ تعالى

( بثأ ) بَثَاءُ مَوضِعُ مَعْرُوفٌ أَنشدَ المُفَضَّلُ
بِنَفْسِيَ ماءُ عَبْشَمْسِ بنِ سَعْدٍ ... غَداةَ بَثَاءَ إِذْ عَرَفُوا اليَقِينا
وقد ذكرهُ الجوهريُّ في بثا من المعتلِّ قال ابنُ بَرِّي فهذا موضعه

( بدأ ) في أَسماءِ اللّهِ عزَّ وجل المُبْدئ هو الذي أَنْشَأَ الأَشياءَ واخْتَرَعَها ابْتِداءً من غيرِ سابقِ مثال والبَدْء فِعْلُ الشيءِ أَوَّلُ بَدأَ بهِ وبَدَأَهُ يَبْدَؤُهُ بَدْءاً وأَبْدَأَهُ وابْتَدَأَهُ ويقالُ لكَ البَدْءُ والبَدْأَةُ والبُدْأَةُ والبَدِيئةُ [ ص 27 ] والبَداءة والبُداءة بالمدِّ والبَدَاهةُ على البدلِ أَي لكَ أَنْ تَبْدَأَ قبل غيرك في الرَّمْي وغيرهِ وحكى اللحياني كان ذلكَ في بَدْأَتِنا وبِدْأَتِنا بالقصرِ والمدِّ ( 1 )
( 1 قوله « وحكى اللحياني كان ذلك في بدأتنا إلخ » عبارة القاموس وشرحه « و » حكي الليحاني قولهم في الحكاية « كان ذلك » الأمر « في بدأتنا مثلثة الباء » فتحاً وضماً وكسراً مع القصر والمدّ « وفي بدأتنا محركة » قال الأزهري ولا أَدري كيف ذلك « وفي مبدانا » بالضم « ومبدئنا » بالفتح « مبدأتنا » بالفتح )
قال ولا أَدري كيف ذلكَ وفي مَبْدَأَتِنا عنهُ أَيضاً وقد أَبْدَأْنا وبَدأْنا كل ذلك عنه والبَدِيئةُ والبَداءة والبَداهةُ أَوّلُ ما يَفْجَؤُكَ الهاء فيهِ بدل من الهمز وبَدِيتُ بالشيءِ قَدَّمتُهُ أَنْصاريّةٌ وبَدِيتُ بالشيءِ وبَدأْتُ ابْتَدَأْتُ وأَبْدَأْتُ بالأَمْرِ بَدْءاً ابْتَدأْتُ به وبَدأْتُ الشيءَ فَعَلْتُهُ ابْتِداءً وفي الحديثِ الخَيْلُ مُبَدَّأَةٌ يومَ الوِرْدِ أَي يُبْدَأُ بها في السَّقْيِ قبلَ الإِبِلِ والغَنَمِ وقد تحذفُ الهمزة فتصيرُ أَلفاً ساكنةً والبَدْءُ والبَدِيءُ الأَوَّلُ ومنهُ قولهم افْعَلْهُ بادِيَ بَدْءٍ على فَعْلٍ وبادِي بَدِيءٍ على فَعِيلٍ أَي أَوَّلَ شيءٍ والياءُ من بادِي ساكِنةٌ في موضعِ النصبِ هكذا يتكلمونَ بهِ قال وربما تركوا همزه لكثرةِ الاستعمالِ على ما نذكرهُ في باب المعتل وبادِئُ الرأْيِ أَوَّلُهُ وابْتِداؤُهُ وعند أَهلِ التحقيقِ من الأَوائِلِ ما أُدْرِكَ قبلَ إِنْعامِ النَّظرِ يُقال فَعَلَه في بادئٍ الرأيِ وقال اللحياني أَنتَ بادئَ الرَأْي ومُبْتَدَأَهُ تُرِيدُ ظُلْمنا أَي أَنتَ في أَوَّلِ الرَّأْيِ تُريدُ ظُلْمنا وروي أَيضاً أَنتَ باديَ الرأْي تُرِيدُ ظُلمنا بغير همز ومعناهُ أَنتَ فيما بَدا من الرأْي وظَهَرَ أَي أَنتَ في ظاهر الرأْي فان كان هكذا فليس من هذا الباب وفي التنزيل العزيز « وما نَراك اتَّبعكَ إِلاَّ الذينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ » وبادئَ الرَّأْيِ قرأَ أَبو عمرو وحده بادئَ الرأْيِ بالهمز وسائرُ القرّاءِ قرؤُوا بادِيَ بغير همز وقال الفَرّاءُ لا تهمزوا باديَ الرأْيِ لأَنَّ المعنى فيما يظهرُ لنا ويبدو قال ولو أَرادَ ابْتِداءَ الرأْيِ فهَمزَ كان صواباً وسنذكره أَيضاً في بدا ومعنى قراءة أَبي عمرو باديَ الرأْيِ أَي أَوَّلَ الرأْيِ أَي اتَّبَعُوكَ ابْتِداءَ الرَأْي حين ابْتَدؤوا ينظرونَ وإِذا فَكَّرُوا لم يَتَّبِعُوكَ وقالَ ابنُ الأَنباري بادئَ بالهمزِ من بَدَأَ إِذا ابْتَدَأَ قال وانْتِصابُ مَنْ هَمزَ ولم يَهْمِزْ بالاتِّباع على مَذهَب المَصدرِ أَي اتَّبَعوكَ اتِّباعاً ظاهراً أَو اتِّباعاً مُبْتَدأً قال ويجوز اَن يكون المعنى ما نَراك اتَّبَعَكَ إِلاَّ الذين هم أَراذِلُنا في ظاهرِ ما نَرى منهم وطَوِيَّاتُهم على خِلافِك وعَلى مُوافَقَتنَا وهو منْ بَدا يَبْدُو إِذا ظَهَر وفي حديثِ الغُلامِ الذي قتله الخَضِرُ فانْطَلقَ إِلى أَحَدِهم بادئَ الرَّأْيِ فَقَتَله قال ابنُ الأَثير أَي في أَوَّلِ رأْيٍ رآهُ وابتدائِه ويجوز أَن يكون غير مهموز من البُدُوِّ الظُّهور أَي في ظاهرِ الرَّأْيِ والنَّظَرِ قالوا افْعَلْهُ بَدءاً وأَوَّلَ بَدْءٍ عن ثعلبٍ وبادِيَ بَدْءٍ وباديَ بَدِيٍّ لا يهمزُ قال وهذا نادرٌ لأَنهُ ليس على التخفيفِ القياسيِّ ولو كان كذلك لما ذكر ههنا وقال اللحياني أَما بادِئَ بَدْءٍ فإِنِّي أَحْمَدُ اللّهَ وبادِي بَدأَةَ وبادئَ بداءٍ وبدا بَدْءٍ وبَدْأَةَ بَدْأَةَ وباديَ بَدوٍ وبادِي بَداءٍ أَي أَمَّا بَدْءَ الرأْيِ فاني أَحْمَدُ اللّهَ ورأَيتُ في بعضِ أُصول الصحاحِ يقالُ افْعَلْه بَدْأَةَ ذي بَدْءٍ وبَدأَةَ ذِي بَدْأَةَ وبَدْأَةَ ذي بَدِيءٍ وبَدْأَةَ بَديءٍ وبَديءَ بَدْءٍ على فَعْل وبادِئَ بَدِيءٍ على فَعِيلٍ وبادِئَ بَدِئٍ على فَعِلٍ وبَديءَ ذي بَديءٍ أَي [ ص 28 ] أَوَّلَ أَوَّلَ وبدأَ في الأَمرِ وعادَ وأَبْدأَ وأَعادَ وقوله تعالى وما يُبْدئُ الباطِلُ وما يُعِيدُ قال الزجاج ما في موضع نصب أَيْ أَيَّ شيءٍ يُبْدِئُ الباطلُ وأَيَّ شيءٍ يُعِيدُ وتكونُ ما نَفْياً والباطلُ هنا إِبْليِسُ أَي وما يَخْلُقُ إِبلِيسُ ولا يَبْعَثُ واللّهُ جلَّ وعزَّ هو الخالقُ والباعثُ وفَعَلَه عَوْدَه على بَدْئِه وفي عَوْدِه وبَدْئِه وفي عَوْدَتِه وبَدأَته وتقول افْعَلْ ذلكَ عَوْداً وبَدْءاً ويقال رجَعَ عَوْدَه على بَدْئِه إِذا رجع في الطريق الذي جَاءَ منه وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّهُ عليْهِ وسَلَّم نَفَّلَ في البَدْأَةِ الرُّبُعَ وفي الرَّجْعَةِ الثُلثَ أَرادَ بالبَدْأَةِ ابتِداءَ سَفَرِ الغَزْوِ وبالرَّجْعةِ القُفُولَ منهُ والمعْنى كانَ إِذا نَهَضَتْ سَرِيَّةٌ مِنْ جُملةِ العسكر المُقْبِل على العَدُوّ فأَوْقَعَتْ بطائِفةٍ مِنَ العَدُوّ فما غَنِمُوا كانَ لهمْ الرُّبُع ويَشْرَكُهُمْ سائِرُ العَسكر في ثلاثةِ أَرباعِ ما غَنِموا وإِذا فَعَلَتْ ذلك عِنْدَ عَوْدِ العسكرِ كانَ لهمْ من جميع ما غَنِمُوا الثُّلث لأَنَّ الكَرَّةَ الثانِيَةَ أَشَقُّ عليهم والخَطَر فيها أَعْظَمُ وذلك لقُوّة الظهر عند دُخولهم وضَعْفِه عند خُروجهم وهمْ في الأَوّلِ أَنْشَطُ وأَشْهى للسَّيْرِ والإِمْعانِ في بِلادِ العَدُوّ وهمْ عِنْدَ القُفُولِ أَضْعَفُ وأَفْترُ وأَشْهَى للرُّجوعِ إِلى أَوْطانهمْ فزادَهمْ لِذلك وفي حديث عَلِيٍّ واللّهِ لقد سَمِعْتُه يقول لَيَضْرِبُنَّكُم على الدِّين عَوْداً كما ضَرَبْتُموهم عليه بَدْءاً أَي أَوّلاً يعني العَجَمَ والمَوالي وفي حَديثِ الحُدَيْبِيةِ يكونُ لهم بَدءُ الفُجُورِ وثناهُ أَي أَوّلُه وآخِرُه ويُقالُ فلان ما يُبدِئُ وما يُعِيدُ أَي ما يَتَكَلَّمُ ببادئَةٍ ولا عائِدَةٍ وفي الحديثِ مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمها وقَفِيزَها ومَنَعَتِ الشامُ مُدْيَها ودِينارَها ومنعت مِصْرُ إِرْدَبَّها وعُدْتم مِن حيثُ بَدَأْتُمْ قالَ ابنُ الأَثيرِ هذا الحديثُ من مُعْجِزات سيدِنا رسولْ اللّهِ صلى اللّهُ تعالى عليهِ وسلم لأَنهُ أَخبر بما لم يكن وهو في عِلم اللّهِ كائن فَخرَج لفظُه على لفظ الماضِي ودَلَّ بهِ على رضاه من عُمَر بنِ الخطاب رضيَ اللّهُ عنه بما وَظَّفَه على الكَفَرةِ من الجِزْيةِ في الامصار وفي تفسير المنعِ قولان أَحدُهما أَنه علِم اَنهم سَيُسْلِمُون ويَسْقُطُ عنهم ما وُظِّفَ عليهم فصارُوا له بِإسلامهم مانعين ويدل عليه قوله وعُدْتُم مِن حيثُ بَدَأْتم لأَنَّ بَدْأَهم في عِلْم اللّهِ أَنهم سَيُسلِمُون فَعَادُوا مِن حَيْثُ بَدَؤُوا والثاني أَنهم يَخرُجونَ عن الطّاعةِ ويَعْصون الإِمام فيَمْنَعون ما عليهم من الوَظائفِ والمُدْيُ مِكيالُ أَهلِ الشامِ والقَفِيزُ لأَهْلِ العِراقِ والإِرْدَبُّ لأَهْل مِصْرَ والابتداءُ في العَرُوض اسم لِكُلِّ جُزْءٍ يَعْتَلُّ في أَوّلِ البيتِ بِعلةٍ لا يكون في شيءٍ من حَشْوِ البيتِ كالخَرْم في الطَّوِيلِ والوافِرِ والهَزَجِ والمُتقارَب فإِنَّ هذه كلها يُسَمَّى كلُّ واحِدٍ من أَجْزائِها إِذا اعْتَلَّ ابتداءً وذلك لأنَّ فعولن تُحذف منهُ الفاءُ في الابتداءِ ولا تحذف الفاء من فعولن في حَشْوِ البيت البتةَ وكذلك أَوّل مُفاعلتن وأَوّل مَفاعيلن يُحذفان في أَولِ البيت ولا يُسمى مُسْتَفْعِلُن في البسيطِ وما أَشبههُ مما علَّتُه كعلة أَجزاءِ حَشوهِ ابتداءً وزعم الأَخْفَشُ أَن الخليل جَعَلَ فاعلاتن في أَوّلِ المديدِ ابتداءً قال وَلم يدرِ الأَخْفَشُ لِمَ جَعَلَ فاعِلاتُن ابْتداءً وهي تكون فَعِلاتن وفاعِلاتن كما تكون أَجزاءُ الحَشْوِ وذهبَ على الأَخْفَشِ أَنَّ الخَليل جعلَ فاعِلاتُن هنا ليست كالحَشو لأَن أَلِفَها تسقُطُ أَبداً بِلا مُعاقبة وكُلُّ ما جاز في جُزْئهِ الأَوّلِ ما لا يجوز في حَشْوِهِ فاسمه الابتداءُ وإِنما سُمِّي ما وقع في الجزءِ ابتداءً لابتدائِكَ بِالإِعْلالِ وبَدَأَ اللّهُ الخَلْقَ بَدْءاً وأَبْدَأَهمْ بمعنى خَلَقَهم وفي [ ص 29 ] التنزيل العزيز اللّهُ يَبْدَأُ الخَلْقَ وفيه كيفَ يُبْدِئُ اللّهُ الخَلْقَ وقال وهو الذي يَبْدَأُ الخَلْقَ ثم يُعيدُه وقالَ إِنَّه هو يُبْدِئُ ويُعِيد فالأَوّل مِنَ البادِئِ والثاني منَ المُبْدِئِ وِكلاهُما صِفةٌ للّهِ جَلِيلَةٌ والبَدِيءُ المَخْلوقُ وبِئرٌ بَدِيءٌ كَبديع والجمْعُ بُدُؤٌ والبَدْءُ والبَدِيءُ البئر التي حُفِرت في الإِسلام حَدِيثةً وليست بعادِيَّةٍ وتُرِكَ فيها الهمزةُ في أَكثرِ كلامهم وذلك أَن يَحْفِر بئراً في الأَرْضِ المَواتِ التي لا رَبَّ لها وفي حديث ابن المسيَّب في حَرِيمِ البئرِ البَدِيءِ خَمسٌ وعِشْرونَ ذِراعاً يقول له خَمس وعشرون ذِراعاً حَوالَيْها حَرِيمُها ليسَ لأَحَدٍ أَن يَحْفِرَ في تلكَ الخمسِ والعشرينَ بئراً وإِنما شُبِّهت هذه البئرُ بالأَرضِ التي يُحْيِيها الرجُلُ فيكون مالِكاً لها قال والقَلِيبُ البئرُ العادِيَّةُ القَدِيمَةُ التي لا يُعلمُ لها رَبٌّ ولا حافِرٌ فليس لأَحدٍ أَن يَنْزِلَ على خمسينَ ذراعاً منها وذلك أَنها لعامَّة الناس فإِذا نزَلها نازِلٌ مَنَعَ غيره ومعنى النُّزولِ أَن لا يَتَّخِذها داراً ويُقِيم عليها وأَمّا أَن يكون عابِرَ سَبيلٍ فلا أَبو عبيدة يقال للرَّكِيَّةِ بَدِيءٌ وبَدِيعٌ إِذا حَفَرْتها أَنت فإِن أَصَبْتها قد حُفِرَتْ قبلَك فهي خَفِيَّةٌ وزَمْزَمُ خَفِيَّةٌ لأنها لإِسمعِيل فاندَفنت وأَنشَدَ
فَصَبَّحَتْ قَبْلَ أَذانِ الفُرْقانْ ... تَعْصِبُ أَعْقارَ حِياض البُودانْ
قال البُودانُ القُلْبانُ وهي الرَّكايا واحدها بَدِيءٌ قال الأَزهري وهذا مقلوبٌ والأَصلُ بُدْيانٌ فقَدَّمَ الياءً وجعَلَها واواً والفُرقانُ الصُّبْحُ والبَدِيءُ العَجَبُ وجاءَ بأَمرٍ بَدِيءٍ على فَعِيلٍ أَيْ عَجيبٍ وبَدِيءٌ مِن بَدَأْتُ والبَدِيءُ الأَمْرُ البَدِيعُ وأَبْدَأَ الرَّجُلُ إِذا جاءَ بهِ يُقال أَمرٌ بَدِيءٌ قالَ عَبِيدُ بنالأَبرَص فلا بَدِيءٌ ولا عَجِيبُ والبَدْءُ السيِّدُ وقِيلَ الشَّابُّ المُسْتَجادُ الرأْيِ المُسْتشَارُ والجَمْعُ بُدُوءٌ والبَدْءُ السَيِّدُ الأَوَّلُ في السِّيادةِ والثُنْيَانُ الذي يَليهِ في السُّؤْدد قالَ أَوْسُ بن مَغْراءَ السَّعْدِيّ
ثُنْيانُنا إِنْ أَتاهُمْ كانَ بَدْأَهُمُ ... وبدْؤُهُمْ إنْ أَتانا كانَ ثُنْيانا
والبَدْءُ المَفْصِلُ والبَدْءُ العَظْمُ بما عَليهِ مِنَ اللَّحمِ والبَدْءُ خَيرُ عَظْمٍ في الجَزُورِ وقيلَ خَيْرُ نَصِيبٍ في الجَزُور والجمْعُ أَبْدَاءٌ وبُدُوءٌ مِثلُ جَفْنٍ وأَجْفانٍ وجُفُونٍ قالَ طَرَفةُ بن العبد
وهُمُ أَيْسارُ لُقْمانَ إِذا ... أَغْلَتِ الشَّتْوةُ أَبْداءَ الجُزُرْ
ويُقالُ أَهْدَى لهُ بَدْأَةَ الجَزُورِأَيْ خَيْرَ الأَنصِباءِ وأَنشَدَ ابنُ السكيت على أَيِّ بَدْءٍ مَقْسَمُ اللّحْمِ يُجْعَلُ والأَبْداءُ المفَاصِلُ واحِدُها بَدًى مقصورٌ وهو أَيْضاً بَدءٌ مَهْمُوزٌ تقدِيرُهُ بَدْعٌ وأَبْدَاءُ الجَزُورِ عَشرَةٌ وَرِكاهَا وفَخِذَاهَا وساقاهَا وكَتِفَاهَا وعَضُداها وهُمَا أَلأَمُ الجَزُورِ لِكَثرَةِ العُرُوقِ والبُدْأَةُ النَّصِيبُ مِنْ أَنْصِباءِ الجَزُور قالَ النَّمِرُ ابن تَوْلَب
فَمَنَحْتُ بُدْأَتَهَا رَقِيباً جانِحاً ... والنارُ تَلْفَحُ وَجْهَهُ بأُوَارِها
[ ص 30 ] وروى ابنُ الأَعرابيِّ فمَنَحْتُ بُدَّتَها وهي النَّصيبُ وهوَ مَذْكورٌ في مَوْضِعِه وروَى ثعلب رفِيقاً جانِحاً ( 1 )
( 1 قوله « جانحاً » كذا هو في النسخ بالنون وسيأتي في ب د د بالميم )
وفي الصِّحاحِ البَدْءُ والبَدْأَةُ النصِيبُ مِنَ الجَزورِ بفَتحِ الباءِ فيهما وهذا شِعْرُ النَّمِرِ بن تَوْلَبٍ بضمِّها كما ترَى وبُدِئَ الرَّجُلُ يُبْدَأُ بَدْءاً فهو مبْدُوءٌ جُدِرَ أَوْ حُصِبَ قال الكميتُ
فكأَنَّما بُدِئَتْ ظواهِرُ جِلْدِهِ ... ممَّا يُصَافِحُ مِنْ لهِيبِ سُهَامِها ( 2 )
( 2 قوله « سهامها » ضبط في التكملة بالفتح والضم ورمز له بلفظ معاً اشارة إِلى أن البيت مروي بهما )
وقال اللحياني بُدِئَ الرَّجُلُ يُبْدَأُ بَدْءاً خَرَجَ بهِ بَثْرٌ
شِبْهُ الجُدَرِيِّ ثمَّ قال قالَ بعضهم هُو الجُدريُّ بعينه ورَجُلٌ مَبْدُوءٌ خرَج بهِ ذلِك وفي حديثِ عائِشة رضِي اللّه عنها أَنها قالتْ في اليومِ الذي بُدِئَ فيهِ رسولُ اللّه صلَّى اللّه عليهِ وسلَّم وَارَأْساه قالَ ابنُ الأَثير يُقالُ متى بُدِئَ فلانٌ أَي متى مَرِضَ قال ويُسأَلُ بهِ عن الحيِّ والمَيِّتِ وبَدَأَ من أَرضٍ إِلى أَرضٍ أُخرى وأَبْدأَ خرَجَ منها إِلى غيرها إِبْداءً وأَبْدأَ الرَّجلُ كِناية عن النَّجْو والاسمُ البَداءُ ممدودٌ وأَبْدَأَ الصبيُّ خَرَجت أَسْنانُهُ بعد سُقُوطِها والبُدْأَةُ هَنَةٌ سوداءُ كأَنها كَمْءٌ ولا يُنتَفَعُ بها حكاه أَبو حنيفة

( بذأ ) بَذَأْتُ الرَّجلَ بَذْءاً إِذا رأَيْتُ منه حالاً كرِهْتُها وبَذَأَتْهُ عَيْني تَبْذَؤُهُ بَذاءً وبذاءة ازْدَرَتْهُ واحْتَقَرَتْهُ ولم تَقْبَله ولم تُعْجِبْكَ مَرْآتُه وبَذَأْتُهُ أَبْذَؤُهُ بَذْءأً إِذا ذَممْتُهُ أَبو زيدٍ يُقال بَذَأَتْهُ عَيْني بَذْءاً إِذا أُطرِيَ لكَ وعندَكَ الشيُ ثم لم ترَهُ كذلك فإِذا رأَيتهُ كما وُصِفَ لكَ قلت ما تَبْذَؤُهُ العَيْنُ وبَذَأَ الشيءَ ذَمَّه وبُذئَ الرَّجُلُ إِذا ازْدُرِيَ وبَذَأَ الأَرضَ ذَمَّ مَرْعاها قال
أُزِّيَ مُسْتَهنئٌ في البَدِيءِ ... فَيَرْمَأُ فيهِ ولا يَبْذَؤُهْ
ويروى في البَدِيِّ وكذلِك المَوْضِع إِذا لم تَحْمَدْه وأَرضٌ بَذِيئَةٌ على مِثالِ فَعِيلة لا مَرْعى بها وباذَأْتُ الرَّجلَ إِذا خاصَمْته وقال الشَّعْبي إِذا عَظُمَتِ الحَلْقَةُ فإِنما هي بِذاءٌ ونِجاءٌ وقِيلَ البِذاءُ المُباذأَةُ وهي المُفاحَشة يُقال باذَأْتُهُ بِذاءً ومُباذأَةً والنِّجاءُ المُناجاة وقال شمِرٌ في تفسيرِ قولِهِ إِنَّكَ ما عَلِمْتُ لَبَذيءٌ مُغْرِقٌ قال البَذِيءُ الفاحِشُ القَوْلِ ورَجُلٌ بَذِيءٌ مِن قَوْمٍ أَبْذِياءَ والبَذِيءُ الفاحِشُ مِن الرِّجالِ والأُنثى بَذِيئةٌ وقد بَذُؤَ يَبْذُؤُ بذاءً وبَذاءة وبعضهم يقول بَذِئَ يَبْذَأُ بَذْءاً قال أَبو النجم فاليَومُ يَوْمُ تَفاضُلٍ وبَذاء وامرأَةٌ بَذِيئةٌ ورَجُلٌ بَذيءٌ مِنْ قَوْمٍ أَبْذِياءَ بَيِّنُ البَذاءة وأَنشَدَ هَذْرَ البَذِيئةِ لَيْلَها لم تَهْجَعِ وامرأَةُ بَذِيَّةٌ وسنذكر في المعتلِّ ما يتعلق بذلك [ ص 31 ]

( برأ ) البارئُ مِن أَسماءِ اللّه عزَّ وجلَّ واللّه البارئُ الذَّارِئُ وفي التنزيلِ العزِيزِ البارِئُ المُصَوِّر وقالَ تعَالى فتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ قال البارئُ هو الذي خَلَقَ الخَلْقَ لا عن مِثالٍ قالَ ولهذِهِ اللفْظَةِ مِن الاخْتِصاصِ بخِلْقِ الحيَوانِ ما ليس لها بغَيرهِ مِن المخْلوقات وقَلَّما تُسْتَعْمَلُ في غيرِ الحيوانِ فيُقال برَأَ اللّهُ النَّسَمَة وخَلَقَ السَّموات والأَرضَ قال ابنُ سِيدَه برَأَ اللّهُ الخَلْقَ يَبْرَؤُهم بَرءاً وبُرُوءاً خَلَقَهُم يكونُ ذلكَ في الجَواهِرِ والأَعْراضِ وفي التنزِيلِ « مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ في الأَرْضِ ولا في أَنفُسِكُم إِلا في كِتابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَها » وفي التَّهْذِيبِ والبَرِيَّةُ أَيضاً الخَلْق بلا هَمْزٍ قالَ الفَرَّاءُ هيَ مِنْ بَرَأَ اللّهُ الخَلْقَ أَي خَلَقَهُم والبَرِيَّةُ الخَلْقُ وأَصْلُها الهمْزُ وقد ترَكَت العَرَبُ هَمْزَها ونظِيرهُ النبيُّ والذُّرِّيَّةُ وأَهلُ مَكَّةَ يُخالِفُونَ غيرَهُم مِنَ العَرَب يَهْمِزُونَ البَريئةَ والنَّبيءَ والذّرِّيئةَ مِنْ ذَرَأَ اللّهُ الخلْقَ وذلِكَ قلِيلٌ قالَ الفرَّاءُ وإِذا أُخِذَت البَرِيَّةُ مِن البرَى وهو التُّراب فأَصلها غير الهمْزِ وقالَ اللحياني أَجمَعَتِ العَرَبُ على ترْكِ هَمْزِ هذه الثلاثةِ ولم يَستثنِ أَهلَ مكةَ وبَرِئْتُ مِن المَرَضِ وبَرَأَ المرِيضُ يَبْرَأُ ويَبْرُؤُ بَرْءاً وبُرُوءاً وأَهلُ العَالِيَةِ يقولون بَرَأْتُ أَبْرأُ بَرْءاً وبُروءاً وأَهلُ الحِجازِ يقولون بَرَأْتُ مِنَ المرَضِ بَرءاً بالفتحِ وسائرُ العَرَبِ يقولون بَرِئتُ مِنَ المرَضِ وأَصْبَحَ بارِئاً مِنْ مَرَضِهِ وبَرِيئاً مِنْ قومٍ بِراءٍ كقولكَ صحِيحاً وصِحاحاً فذلِكَ ذلك غيرَ أَنه إِنما ذَهَبَ في بِراءٍ إِلى أَنه جَمْعُ بَرِيءٍ قال وقدْ يجوزُ أَنْ يَكون بِرَاءٌ أَيضاً جمْع بارِئٍ كجائعٍ وجِياعٍ وصاحِبٍ وصِحابٍ وقدْ أَبرَأَهُ اللّهُ مِنْ مَرَضِهِ إِبراءً قال ابنُ بَرِّيّ لم يَذكُر الجوهَري بَرَأْتُ أَبرُؤُ بالضمِّ في المستقبل قال وقد ذكَرهُ سِيبويهِ وأَبو عثمانَ المازِني وغيرُهُما مِنَ البصرِيين قالَ وإِنما
ذكَرْتُ هذا لأَنَّ بعْضَهُم لَحَّنَ بَشار بنَ بُرْد في قولهِ
نَفَرَ الحَيُّ مِنْ مَكاني فقالوا ... فُزْ بصَبْرٍ لعَلَّ عَيْنَكَ تبْرُو
مَسَّهُ مِنْ صُدودِ عَبْدةَ ضُرُّ ... فبَنَاتُ الفُؤَادِ ما تسْتَقِرُّ
وفي حدِيثِ مَرَضِ النبيِّ صلّى اللّه عَليْهِ وسَلَّم قالَ العباسُ لِعَلِيٍّ رضِيَ اللّهُ عنهُما كيفَ أَصْبَحَ رسُولُ اللّه صلّى اللّهُ عليهِ وسلم ؟ قالَ أَصْبَحَ بِحَمْدِ اللّهِ بارِئاً أَي مُعافىً يقالُ بَرَأْتُ مِنَ المَرَضِ أَبرَأُ بَرْءاً بالفتح فأَنا بارِئٌ وأَبرَأَني اللّهُ مِنَ المرَض وغيرُ أَهلِ الحِجازِ يقولون برِئت بالكسرِ بُرْءاً بالضم ومِنْهُ قولُ عبدالرحمن بنِ عَوْف لأَبي بكر رضيَ اللّهُ عنهُما أَراكَ بارئاً وفي حديثِ الشُّرْب فإِنهُ أَرْوَى وأَبرَى أَي يُبرِئهُ مِنْ أَلَمِ العَطَشِ أَو أَرادَ أَنهُ لا يكونُ مِنْهُ مَرَضٌ لأَنهُ قدْ جاءَ في حديثٍ آ خر فإِنهُ يُورِثُ الكُبادَ قالَ وهكذا يروى في الحديثِ أَبْرى غيرَ مَهْمُوزةٍ لأَجلِ أَرْوَى والبَرَاءُ في المَدِيدِ الجُزْءُ السَّالِمُ مِنْ زِحَافِ المُعاقبَةِ وكلُّ جزءٍ يمكِنُ أَنْ يَدْخُله الزِّحافُ كالمُعاقبَةِ فيَسْلَمُ منهُ فهو بَرِيءٌ الأَزهَرِي وأَما قولهم بَرِئْتُ مِنَ الدَّينِ والرَّجُلُ [ ص 32 ] أَبْرَأَ بَراءة وبَرِئتُ اليْكَ مِنْ فلانٍ أَبْرَأُ بَرَاءة فليسَ فيها غير هذه اللغَةِ قال الأَزهَري وقد رووا بَرَأَتُ مِنَ المَرَضِ أَبْرُؤُ بُرْءًا قال ولم نجِدْ فيما لامه هَمْزةٌ فَعَلْتُ أَفْعُلُ قال وقد استقصى العلماءُ باللغَةِ هذا فلم يجدُوهُ إِلا في هذا الحرْف ثم ذكرَ قرَأْتُ أَقْرُؤُ وهَنَأْتُ البعِيرَ أَهْنُؤُه وقولهُ عزَّ وجلَّ بَراءة مِن اللّهِ ورسولهِ قال في رَفعِ بَرَاءة قولانِ أَحدهُما على خَبرِ الابِتداءِ المعنى هذهِ الآياتُ بَرَاءة مِن اللّهِ ورسولهِ والثاني بَرَاءة ابتداءٌ والخبرُ إِلى الذينَ عاهَدْتُمْ قال وِكلا القَوْلَيَنِ حَسَنٌ وأَبْرأْتُه مِمَّا لي عليْهِ وبَرَّأْتُهُ تَبْرِئةً وبَرِئَ مِنَ الأَمْرِ يَبْرَأُ ويَبْرُؤُ والأَخِير نادِرٌ بَراءة وبَراءً الأَخِيرة عن اللحياني قالَ وكذلِكَ في الدَّينِ والعُيوبِ بَرِئَ إِليكَ مِنْ حَقِّكَ بَراءة وبَراءً وبُروءاً وتبرُّؤاً وأَبرَأَكَ مِنهُ وبَرَّأَكَ وفي التنزيلِ العزيز « فبرَّأَهُ اللّهُ ممَّا قالوا » وأَنا بَرِيءٌ مِنْ ذلِكَ وبَراءٌ والجمْعُ بِراءٌ مثل كَرِيمٍ وكِرامٍ وبُرَآءُ مِثل فقِيه وفُقَهاء وأَبراء مثل شريفٍ وأَشرافٍ وأَبرِياءُ مثل نَصِيبٍ وأَنْصِباء وبَرِيئون وبَراء وقال الفارسي البُراءُ جمعُ بَريء وهو مِنْ بابِ رَخْلٍ ورُخالٍ وحكى الفرَّاءُ في جَمْعِهِ بُراء غير مصروفٍ على حذفِ إِحدى الهمزَتين وقالَ اللحياني أَهلُ الحجاز يقولون أَنا مِنك بَراء قال وفي التنزيل العزيزِ « إِنَّني بَراءٌ ممّا تَعْبُدون » وتَبَرَّأْتُ مِن كذا وأَنا بَراءٌ مِنهُ وخَلاءٌ لا يُثَنَّى ولا يجمَع لأَنهُ مصدَرٌ في الأَصْل مِثل سَمِعَ سَمَاعاً فإِذا قلت أَنا بَرِيءٌ مِنهُ وخَلِيٌّ منهُ ثنَّيت وجَمَعْت وأَنَّثْت ولغةُ تميمٍ وغيرهم مِن العَرَب أَنا بَرِيءٌ وفي غيرِ موضعٍ مِن القرآنِ إِني بَرِيءٌ والأُنثى بَريئَةٌ ولا يُقال بَرَاءة وهُما بَريئتانِ والجمعُ بَرِيئات وحكى اللحياني بَرِيَّاتٌ وبَرايا كخَطايا وأَنا البرَاءُ مِنهُ وكذلِكَ الاثنان والجمعُ والمؤَنث وفي التنزيلِ العزيز « إِنني بَراءٌ مما تعبُدون » الأَزهري والعَرَبُ تقول نحنُ مِنكَ البَراءُ والخَلاءُ والواحِد والاثنان والجمْعُ مِنَ المذكَّر والمؤَنث يُقال بَراءٌ لأَنهُ مصْدَر ولو قال بَرِيء لقِيلَ في الاثنينِ بَريئانِ وفي الجمع بَرِيئونَ وبَراءٌ وقال أَبو إِسحق المعنى في البَراءِ أَي ذو البَراءِ منكم ونحنُ ذَوُو البَراءِ منكم وزادَ الأَصمَعِي نحنُ بُرَآء على فُعَلاء وبِراء على فِعالٍ وأَبْرِياء وفي المؤَنث إِنني بَرِيئةٌ وبَرِيئتانِ وفي الجمْعِ بَرِيئاتٌ وبَرايا الجوهري رجلٌ بَرِيءٌ وبُراءٌ مثلُ عَجِيبٍ وعُجابٍ وقال ابن بَرِّيٍّ المعروفُ في بُراءٍ أَنه جمعٌ لا واحِدٌ وعليهِ قولُ الشاعِر
رأَيتُ الحَرْبَ يَجنُبُها رِجالٌ ... ويَصْلى حَرَّها قَوْمٌ بُراءٌ
قال ومثلهُ لزُهير اليْكُم إِنَّنا قَوْمٌ بُراءُ ونصّ ابن جني على كونِهِ جَمْعاً فقال يجمَعُ بَرِيءٌ على أَربَعَةٍ مِن الجُموع بَرِيءٌ وبِراءٌ مِثل ظَريفٍ وظِرافٍ وبَرِيءٌ وبُرَآءُ مثل شَرِيفٍ وشُرفاء وبَرِيءٌ وأَبْرِياءُ مِثل صَدِيقٍ وأَصدِقاء وبَريءٌ وبُراءٌ مثل ما جاءَ مِنَ الجُموعِ على فُعالٍ نحو تُؤَامٍ ورُباءٍ ( 1 )
( 1 الصواب أن يقال في جمعها رُبَاب بالباء في آخره وهو الذي ذكره المصنّف وصاحب القاموس وغيرهما في مادة رب ب « أحمد تيمور » ) في جمعِ تَوْأَم ورُبَّى [ ص 33 ] ابنُ الأَعرابي بَرِئَ إِذا تخَلَّصَ وبَرِئَ إِذا تَنَزَّهَ وتباعَدَ وبَرِىءَ إِذا أَعْذَرَ وأَنذَرَ ومنه قولهُ تعالى بَراءة مِن اللّهِ ورسولِهِ أَي إِعْذارٌ وإِنذارٌ وفي حديث أَبي هُرَيرة رضيَ اللّهُ عنه لما دعاهُ عُمَرُ إِلى العَملِ فأَبَى فقال عُمر إِنّ يُوسُفَ قد سأَلَ العَمَلَ فقالَ إِنَّ يُوسُفَ منّي بَرِيءٌ وأَنا مِنْه بَرَاء اي بَرِيءٌ عن مُساواتِهِ في الحُكْمِ وأَنْ أُقاسَ بهِ ولم يُرِدْ بَراءة الوِلايةِ والمَحَبَّةِ لأَنهُ مأْمورٌ بالإِيمانِ به والبَرَاءُ والبَرِيءُ سَواءٌ وليلةُ البَراءِ ليلةَ يَتَبَرَّأُ القمرُ منَ الشمسِ وهي أَوَّلُ ليلة من الشهرٍ التهذيب البرَاءُ أَوَّلُ يومٍ منَ الشهرِ وقد أَبْرأَ اذا دخلَ في البَراءِ وهو اوّلُ الشهرِ وفي الصحاحِ البَراءُ بالفتحِ أَوَّلُ ليلةٍ من الشهر ولم يقل ليلةُ البَراءِ قال
يا عَيْنُ بَكِّي مالِكاً وعَبْسَا ... يَوْمَا إِذا كانَ البَراءُ نَحْسا
أَي إِذا لم يكن فيهِ مَطَرٌ وهم يَسْتَحِبُّونَ المطرَ في آخِرِ الشهرِ وجمعهُ أَبْرِئةٌ حكي ذلك عن ثعلبٍ قال القتيبي آخِرُ ليلة من الشهر تسمى بَراء لتَبَرُّؤِ القمر فيه من الشمس ابن الأَعرابي يقال لآخر يوم من الشهر البَراء لأَنه قد بَرِئَ مِن هذا الشهر وابنُ البَراء أَوَّل يوم من الشهر ابن الأَعرابي البَراءُ من الأَيامِ يَوْمُ سَعْدٍ يُتَبرَّكُ بكل ما يَحدُث فيه وأَنشد
كان البَراءُ لَهُمْ نَحْساً فَغَرَّقَهُم ... ولم يَكُنْ ذاكَ نحْساً مُذ سَرَى القَمَرُ
وقال آخر
إِنَّ عبِيداً لا يَكُونُ غُسَّا ... كما البَراءُ لا يَكُونُ نحْسا ( 1 )
وكلُّ جزءٍ يمكِنُ أَنْ يَدْخُله الزِّحافُ كالمُعاقبَةِ فيَسْلَمُ
( 1 قوله « عبيداً » كذا في النسخ والذي في الأساس سعيداً )
أَبو عمرو الشيباني أَبْرَأَ الرَّجُل إِذا صادَفَ بَرِيئاً وهو
قَصَبُ السكر قال أَبو منصور أَحْسَبُ هذا غير صحيح قال والذي أَعرفه أَبَرْت إِذا صادَفْتَ بَرِياًّ وهو سُكَّر الطَّبَرْزَدِ وبارَأْتُ الرَّجل بَرِئْتُ اليه وبَرِئَ إِليَّ وبارَأْتُ شَرِيكي إِذا فارَقْتَه وبارأَ المرأَةَ والكَرِيَّ مُبارأَةً وبِراءً صالَحَهما على الفِراق والاستِبراءُ أَن يَشْتَرِيَ الرَّجلُ جارِيةً فلا يَطَؤُها حتى تَحِيضَ عنده حَيْضةً ثم تَطْهُرَ وكذلك إِذا سبَاها لم يَطَأْها حتى يَسْتَبْرِئَها بِحَيْضَةٍ ومعناهُ طَلَبُ بَراءَتها من الحَمْل واسْتَبْرأْتُ ما عندك غيرُه اسْتَبْرَأَ المرأَةَ إِذا لم يَطَأْها حتى تحِيضَ وكذلك اسْتَبْرَأَ الرّحِمَ وفي الحديث في اسْتِبْراء الجارية لا يَمَسُّها حتى تَبْرَأَ رَحِمُها ويَتَبَيَّنَ حالها هل هي حامِلٌ أَم لا وكذلك الاسْتِبْراءُ الذي يُذْكَر مع الاسْتِنْجاء في الطَّهارة وهو أَن يَسْتَفْرِغَ بَقِيَّةَ البول ويُنَقِّي مَوْضِعَه ومَجْراه حتى يُبْرِئَهما منه أَي يُبِينَه عنهما كما يَبْرَأُ من الدَّين والمَرَض والاسْتِبْراءُ اسْتِنقاء الذَّكَر عن البول واسْتَبْرأَ الذَّكَرَ طَلَبَ بَراءَتَه مِن بَقِيَّةِ بول فيه بتحريكه ونَتْرِه وما أَشبه ذلك حتى يَعْلَم أَنه لم يَبْقَ فيه شيء ابن الأَعرابي البَرِيءُ المُتَفصِّي من القَبائح المُتنَجِّي عن الباطل والكَذِبِ البعِيدُ مِن التُّهم النَّقِيُّ القَلْبِ من الشِّرك والبَرِيءُ الصحِيحُ الجِسمِ والعقلِ والبُرْأَةُ بالضمِّ قُتْرةُ الصائد التي يَكْمُن فيها [ ص 34 ] والجمع بُرَأ قال الأَعشى يصف الحمير
فأَوْرَدَها عَيْناً مِنَ السِّيف رَيَّةً ... بِها بُرَأ مِثْلُ الفَسِيلِ المُكَمَّمِ

( بسأ ) بَسَأَ به يَبْسَأُ بَسْأً وبُسوءاً وبَسِئَ بَسَأً أَنِسَ به وكذلك بَهَأْتُ قال زهير
بَسَأْتَ بِنِيِّها وجَوِيتَ عنها ... وعِنْدَكَ لو أَرَدْتَ لَها دَواءُ
وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّهُ عليه وسلَم قال بعد وَقْعة بدرٍ لو كان أَبو طالبٍ حَياًّ لَرأَى سُيُوفَنَا وقد بَسِئَتْ بالمَياثِلِ بَسئَتْ وبَسَأَتْ بفتحِ السين وكسرِها اعْتادَت واسْتَأْنَسَتْ والمَياثِلُ الأَماثِلُ قال ابن الأَثير هكذا فُسِّر وكأَنه من المَقلوب وبَسَأَ بذلكَ الأَمْرِ بَسْأً وبُسُوءاً مَرَنَ عليه فلم يَكْتَرِث لِقُبْحه وما يقال فيه وبَسَأَ به تَهاوَنَ وناقة بَسُوءٌ لا تمنَعُ الحالِبَ وأَبْسأَنِي فلانٌ فبَسئْتُ به

( بطأ ) البُطْءُ والإِبْطاءُ نَقِيضُ الإِسْراع تقول منه بَطُؤَ مَجِيئُك وبَطُؤَ في مَشْيِه يَبْطُؤُ بُطْأً وبِطاءً وأَبْطَأَ وتَباطأَ
وهو بَطِيءٌ ولا تقل أَبْطَيْتُ والجمع بِطاءٌ قال زهير ( 1 )
( 1 أي يمدح هرم بن سنان المرّي وقبله
يطعنهم ما ارتموا حتى إِذا طعنوا ... ضارب حتى إِذا ما ضاربوا اعتنقا )
فَضْلَ الجِيادِ على الخَيل البِطاءِ فلا ... يُعْطِي بذلك مَمْنُوناً ولا نَزِقا
ومنه الإِبْطاءُ والتَّباطُؤُ وقد اسْتَبْطَأَ وأَبْطَأَ الرجُلُ إِذا
كانت دَوابُّه بطاءً وكذلك أَبْطأً القومُ إِذا كانت دوابهم بِطاءً وفي الحديث مَنْ بَطَّأَ به عملُه لم يَنْفَعْه نَسَبُه أَي مَنْ أَخَّرَه عملُه السَّيِّءُ أَو تَفْريطُه في العمل الصالحِ لم يَنْفَعْه في الآخرةِ شَرَفُ النَّسبِ وأَبْطأَ عليه الأَمْرُ تَأَخَّرَ وبَطَّأَ عليه بالأَمْرِ وأَبْطَأَ به كِلاهما أَخَّرَهُ وبَطَّأَ فلان بفلان إِذا ثَبَّطَه عن أَمرٍ عَزَمَ عليه وما أَبْطَأَ بك وبَطَّأَ بك عنا بمعنىً أَي ما أَبْطَأَ ( 2 )
( 2 كذا بياض بالنسخ وأصل العبارة للصحاح بدون تفسير ) وتَباطأَ الرَّجُل في مَسِيرهِ وقول لبيد
وهُمُ العشِيرةُ أَنْ يُبَطّئَ حاسِدٌ ... أَوْ أَنْ يَلُومَ مع العِدا لُوّامها
فسرهُ ابن الأَعرابي فقال يعني أَن يَحُثّ العدوّ على مَساوِيهم كأَنّ هذا الحاسِد لم يَقْنع بعيبه لهؤلاء حتى حث وبُطْآنَ ما يكون ذلك وبَطْآنَ أَي بَطُؤَ جعلوه اسماً للفعل كَسُرْعانَ وبُطْآنَ ذا خُروجاً أَي بَطُؤَ ذا خروجاً جُعِلت الفتحةُ التي في بَطُؤَ على نون بُطْآنَ حين أَدَّتْ عنه ليكون عَلَمَاً لها ونُقلت ضمة الطاء إِلى الباء وإنما صح فيه النَّقْلُ لأَن معناه التعجب أَي ما أَبْطَأَه الليث وباطِئةُ اسم مجهولٌ أَصلُه قال أَبو منصور الباطِئةُ الناجود قال ولا أَدري أَمُعَرَّبٌ أَم عربي وهو الذي يُجعل فيه الشرابُ وجمعه البَواطِئ وقد جاء ذلك في أَشعارِهم

( بكأ ) بَكَأَتِ الناقةُ والشاةُ تَبْكَأُ بَكْأً وبَكُؤَتْ تَبْكُؤُ بَكاءة وبُكُوءاً وهي بَكِيءٌ وبَكِيئةٌ قلَّ لبنُها وقيل انقطع وفي حديث عليٍّ دخل عليَّ [ ص 35 ] رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَنا على المَنامةِ فقامَ إِلى شاة بَكِيءٍ فَحلَبها وفي حديث عُمَر أَنه سأَل جَيْشاً
هل ثَبتَ لكم العَدوّ قَدْرَ حَلْبِ شاةٍ بَكيئةٍ ؟ قال سلامة بن جندل
وَشدّ كَوْرٍ على وَجْناءَ ناجِيةٍ ... وَشدّ سَرْجٍ على جَرْداءَ سُرْحُوبِ
يقالُ مَحْبِسُها أَدْنى لِمَرْتَعِها ... ولو نُفادِي بِبَكْءٍ كلَّ مَحْلُوب
أَراد بقوله مَحْبِسُها اي مَحْبِسُ هذه الإِبل والخيل على الجَدْب ومقابلة العدوّ على الثَّغْر أَدنى وأَقربُ من أَن تَرتعَ وتُخْصِب وتُضَيِّعَ الثغر في إِرسالِها لتَرْعى وتُخْصِب وناقةٌ بَكيئةٌ وأَيْنُقٌ
بِكاء قال
فَلَيَأْزِلَنَّ ( 1 ) وتَبْكُؤُنَّ لِقاحُه ... ويُعَلِّلَنَّ صَبِيَّه بِسَمارِ
( 1 قوله « فليأزلن » في التكملة والرواية وليأزلن بالواو منسوقاً على ما قبله وهو
فليضربن المرء مفرق خاله ... ضرب الفقار بمعول الجزار
والبيتان لأبي مكعت الاسدي )
السَّمارُ اللبن الذي رُقِّق بالماء قال أَبو منصور سَماعُنا في غريب الحديث بَكُؤَتْ تَبْكُؤُ قال وسمعنا في المصنف لشمر عن أَبي عُبيد عن أَبي عَمْرو بَكَأَتِ الناقةُ تَبْكَأُ قال أَبو زيد كل ذلك مهموز وفي حديث طاؤوس مَن مَنَحَ مَنِيحةَ لَبن فله بكُلّ حَلْبةٍ عشرُ حَسَناتٍ غَزُرَتْ أَو بَكَأَتْ وفي حديث آخر مَن مَنَحَ مَنِيحةَ لبن بكِيئةً كانت أَو غَزِيرةً وأَما قوله
أَلا بَكَرَتْ أُمُّ الكِلابِ تلُومُنِي ... تَقُولُ أَلا قَدْ أَبْكَأَ الدَّرَّ حَالِبُهْ
فزعم أَبو رِياش أَنّ معناه وجدَ الحالِبُ الدَّرَّ بَكِيئاً كما تقول أَحْمَدَه وجَده حَمِيداً قال ابن سيده وقد يجوز عندي أَن تكون الهمزة لتعدية الفعل أَي جعله بَكِيئاً غير أَني لم أَسمع ذلك من أَحد وإِنما عاملت الأَسبق والأَكثر وبَكأَ الرجُل بَكاءة فهو بَكِيءٌ من قوم بِكاء قلَّ كلامُه خِلْقةً وفي الحديث إِنّا مَعْشر النُّبَآءِ بِكاءٌ وفي رواية نحنُ مَعاشِرَ الأَنبياء فينا بُكْءٌ وبُكاءٌ أَي قِلَّة كلامٍ إِلاَّ فيما نحتاج إِليه بَكُؤَتِ النَّاقةُ إِذا قلَّ لبنُها ومَعاشِرَ منصوب على الاختصاص والاسمُ البُكْءُ وبَكِئَ الرَّجل لم يُصِبْ حاجته والبُكْءُ نبت كالجَرْجِير واحدته بُكْأَةٌ

( بهأ ) بَهَأَ به يَبْهَأُ وبَهِئَ وبَهُؤَ بَهْأً وبهَاءً وبَهُوءًا أَنِسَ به وأَنشد
وقَدْ بَهأَتْ بالحاجِلاتِ إفالُها ... وسَيْفٍ كَرِيمٍ لا يَزالُ يَصُوعها
وبَهَأْتُ به وبَهِئْتُ أَنِسْتُ والبَهاءُ بالفتح والمدّ الناقة التي تَسْتأْنِسُ إِلى الحالِب وهو مِن بَهَأْتُ به أَي أَنِسْتُ به ويقال ناقة بَهاء وهذا مهموز من بَهَأْت بالشيء وفي حديث عبدالرحمن بن عوف أَنه رأَى رَجُلاً يَحْلِف عند المَقامِ فقال أَرى الناس قد بَهَؤُوا بهذا المَقامِ معناه أَنهم أَنِسُوا به حتى قَلَّتْ هَيْبَتُه في قُلوبهم ومنه حديث مَيْمُونِ بن مِهرانَ أَنه كتب إِلى يُونُس بن عُبَيْدٍ عليكَ بكِتابِ اللّه فإِنَّ الناسَ قد بَهَؤُوا به واسْتَخَفُّوا عليه أَحادِيثَ الرِّجال قال أَبو عُبيد رُوِي بَهَوا به غير مهموز وهو في الكلام مهموز [ ص 36 ] أَبو سعيد ابْتَهأْتُ بالشيء إِذا أَنِسْتَ به وأَحْبَبْتَ قُرْبه قال الأَعشى
وفي الحَيِّ مَنْ يَهْوَى هَوانَا ويَبْتَهِي ... وآخَرُ قد أَبْدَى الكآبَةَ مُغْضَبا ( 1 )
( 1 قوله « مغضبا » كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في التكملة وهي أصح الكتب التي بأيدينا مغضب )
ترك الهمز من يَبْتَهِي وبَهَأَ البيتَ أَخْلاه من المَتاعِ أَو خَرَّقَه كأَبْهاه وأَما البَهاءُ من الحُسْن فإِنه من بَهِيَ الرجل غير مهموز قال ابن السّكيت ما بَهَأْتُ له وما بَأَهْتُ له أَي ما فَطِنْتُ له

( بوأ ) باءَ إِلى الشيء يَبُوءُ بَوْءاً رَجَعَ وبُؤْت إِليه وأَبَأْتُه عن ثعلب وبُؤْته عن الكسائي كأَبَأْتُه وهي قليلة والباءة مثل الباعةِ والباء النِّكاح وسُمي النكاحُ باءةً وباءً من المَباءة لأَن الرجل يَتَبَوَّأُ من أَهله أَي يَسْتَمْكِنُ من أَهله كما يَتَبَوَّأُ من دارِه قال الراجز يصف الحِمار والأُتُنَ يُعْرِسُ أَبْكاراً بها وعُنَّسا أَكرَمُ عِرْسٍ باءةً إِذ أعْرَسا وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم مَن استطاع منكم الباءة فَليْتزوَّجْ ومَن لم يَسْتَطِعْ فعليهِ بالصَّومِ فإِنَّه له وجاء أَراد بالباءة النكاحَ والتَّزْويج ويقال فلان حَريصٌ على الباءة أَي على النكاح ويقال الجِماعُ نَفْسُه باءةٌ والأصلُ في الباءةِ المَنْزِل ثم قيل لِعَقْدِ التزويج باءةٌ لأَنَّ مَن تزوَّج امرأَةً بَوَّأَها منزلاً والهاء في الباءة زائدة والناسُ يقولون الباه قال ابن الأَعرابي الباءُ والباءةُ والباهُ كُلها مقولات ابن الأَنباري الباءُ النِّكاح يقال فُلانٌ حريصٌ على الباء والباءة والباهِ بالهاء والقصر أَي على النكاح والباءةُ الواحِدةُ والباء الجمع وتُجمع الباءة على الباءَاتِ قال الشاعر يا أَيُّها الرّاكِبُ ذُو الثّباتِ إِنْ كُنتَ تَبْغِي صاحِبَ الباءَاتِ فاعْمِدْ إِلى هاتِيكُمُ الأَبْياتِ وفي الحديث عليكم بالباءة يعني النّكاحَ والتَّزْويج ومنه الحديث الآخر إِن امرأَة مات عنها زوجُها فمرّ بها رجل وقد تَزَيَّنَت للباءة وبَوَّأَ الرجلُ نَكَحَ قال جرير
تُبَوّئُها بِمَحْنِيةٍ وحِيناً ... تُبادِرُ حَدَّ دِرَّتِها السِّقابا
وللبئرِ مَباءَتان إِحداهما مَرْجِع الماء إِلى جَمِّها والأُخْرى
مَوْضِعُ وقُوفِ سائِق السّانِية وقول صخر الغي يمدَح سيفاً له
وصارِمٍ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُهُ ... أَبْيضَ مَهْوٍ في مَتْنِه رُبَدُ
فَلَوْتُ عنه سُيوفَ أَرْيحَ ... حَتَّى باءَ كَفّي ولم أَكَدْ أَجِدُ
الخَشِيبةُ الطَّبْعُ الأَوَّلُ قبل أَن يُصْقَلَ ويُهَيَّأً وفَلَوْتُ انْتَقَيْتُ أَرْيَحُ مِن اليَمَنِ باءَ كَفِّي أَي صارَ كَفِّي له مَباءة أَي مَرْجِعاً وباءَ بذَنْبِه وبإِثْمِه يَبُوءُ بَوْءاً وبَواءً احتمَله وصار المُذْنِبُ مأْوَى الذَّنب وقيل اعْتَرفَ به وقوله تعالى إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بإِثْمِي وإِثْمِك قال ثعلب معناه إِن عَزَمْتَ على [ ص 37 ] قَتْلِي كان الإِثْمُ بك لا بي قال الأَخفش وباؤُوا بغَضَبٍ من اللّه رَجَعُوا به أَي صارَ عليهم وقال أَبو إِسحق في قوله تعالى فباؤُوا بغَضَبٍ على غَضَب قال باؤُوا في اللغة احتملوا يقال قد بُؤْتُ بهذا الذَّنْب أَي احْتَمَلْتُه وقيل باؤُوا بغَضَب أَي بإِثْم اسْتَحَقُّوا به النارَ على إِثْمٍ اسْتَحَقُّوا به النارَ أَيضاً قال الأَصمعي باءَ بإِثْمِه فهو يَبُوءُ به بَوْءاً إِذا أَقَرّ به وفي الحديث أَبُوءُ بِنعْمَتِك عليَّ وأَبُوءُ بذنبي أَي أَلتزِمُ وأَرْجِع وأُقِرُّ وأَصل البَواءِ اللزومُ وفي الحديث فقد باءَ به أَحدُهما أَي التزَمَه ورجَع به وفي حديث وائلِ بن حُجْر انْ عَفَوتَ عنه يَبُوء بإِثْمِه وإِثْم صاحِبِه أَي كانَ عليه عُقُوبةُ ذَنْبِه وعُقوبةُ قَتْلِ صاحِبِه فأَضافَ الإِثْمَ إِلى صاحبه لأَن قَتلَه سَبَب لإِثْمه وفي رواية إِنْ قَتَلَه كان مِثْلَه أَي في حُكم البَواءِ وصارا مُتَساوِيَيْن لا فَضْلَ للمُقْتَصِّ إِذا اسْتوْفَى حَقَّه على المُقْتَصِّ منه وفي حديث آخر بُؤْ للأَمِيرِ بذَنْبِك أَي اعْتَرِفْ به وباءَ بدَمِ فلان وبحَقِّه أَقَرَّ وذا يكون أَبداً بما عليهِ لا لَه قال لبيد
أَنْكَرْت باطِلَها وبُؤْت بحَقِّها ... عِنْدِي ولم تَفْخَرْ عَلَيَّ كِرامُها
وأَبَأْتُه قَرَّرْتُه وباءَ دَمُه بِدَمِه بَوْءاً وبَواءً عَدَلَه وباءَ فُلانٌ بِفُلانٍ بَواءً ممدود وأَباءَه وباوَأَه إِذا قُتِل به وصار دَمُه بِدَمِه قال عبدُاللّه بنُ الزُّبير
قَضَى اللّهُ أَنَّ النَّفْسَ بالنَّفْسِ بَيْنَنا ... ولمَ نكُ نَرْضَى أَنْ نُباوِئَكُمْ قَبْلُ
والبَواء السَّواء وفُلانٌ بَواءُ فُلانٍ أَي كُفْؤُهُ ان قُتِلَ به وكذلك الاثنانِ والجَمِيعُ وباءه قَتَلَه به ( 1 )
( 1 قوله « وباءه قتله به » كذا في النسخ التي بأيدينا ولعله وأباءه بفلان قتله به )
أَبو بكر البواء التَّكافُؤ يقال ما فُلانٌ ببَواءٍ لفُلانٍ أَي ما هو بكُفْءٍ له وقال أَبو عبيدة يقال القوم بُواءٌ أَي سَواءٌ ويقال القومُ على بَواءٍ وقُسِمَ المال بينهم على بَواءٍ أَي على سواءٍ وأَبَأْتُ فُلاناً بفُلانٍ قَتَلْتُه به ويقال هم بَواءٌ في هذا الأَمر أَي أَكْفاءٌ نُظَراء ويقال دمُ فلان بَواءٌ لدَم فُلان إِذا كان كُفْأً له قالت لَيْلى الأَخْيلية في مَقْتَلِ تَوْبةَ بن الحُمَيِّر
فانْ تَكُنِ القَتْلى بَواءً فإِنَّكُمْ ... فَتىً مَّا قَتَلْتُم آلَ عَوْفِ بنِ عامِرِ
وأَبَأْتُ القاتِلَ بالقَتِيل واسْتَبَأْتُه أَيضاً إِذا قَتَلْته به واسْتَبَأْتُ الحَكَمَ واسْتَبَأْتُ به كلاهما اسْتَقَدْته وتَباوَأَ القَتِيلانِ تَعادَلا وفي الحديث أَنه كان بَيْنَ حَيَّيْنِ من العَربِ قتالٌ وكان لأَحَدِ الحَيَّينِ طَوْلٌ على الآخَر فقالوا لا نَرْضَى حتى يُقْتَل بالعَبْدِ مِنَّا الحُرُّ منهم وبالمرأَةِ الرجلُ فأَمَرهم النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أَن يَتَباءَوْا قال أَبو عبيدة هكذا روي لنا بوزن يَتَباعَوْا قال والصواب عندنا أَن يَتَباوَأُوا بوزن يَتباوَعُوا على مثال يَتَقاوَلوا من البَواءِ وهي المُساواةُ يقال باوَأْتُ بين القَتْلى أَي ساوَيْتُ قال ابن بَرِّي يجوز أَن يكون يتَباءَوْا على القلب كما قالوا جاءَاني والقياس جايَأَني في المُفاعَلة من جاءَني وجِئْتُه قال ابن الاثير وقيل يَتَباءَوْا صحيحٌ يقال باءَ به إِذا كان كُفْأً له وهم بَواءٌ أَي أَكْفاءٌ [ ص 38 ] معناه ذَوُوبَواء وفي الحديث أَنه قال الجِراحاتُ بَواءٌ يعني أَنها مُتَساويةٌ في القِصاص وأَنه لا يُقْتَصُّ للمَجْرُوحِ الاَّ مِنْ جارِحِه الجاني ولا يُؤْخَذُ إِلا مِثْلُ جِراحَتِه سَواء وما يُساوِيها في الجُرْحِ وذلك البَواءُ وفي حديث الصَّادِقِ قيل له ما بالُ العَقْرَبِ مُغْتاظةً على بني آدمَ ؟ فقال تُريدُ البَواءَ أَي تُؤْذِي كما تُؤْذَى وفي حديث علي رضِي اللّه عنه فيكون الثّوابُ جزاءً والعِقابُ بَواءً وباءَ فلان بفلان إِذا كان كُفْأً له يُقْتَلُ به ومنه قول المُهَلْهِلِ لابن الحرث بن عَبَّادٍ حين قَتَله بُؤْ بِشِسْعِ نَعْلَيْ كُلَيْبٍ معناه كُنْ كُفْأً لِشسْعِ نَعْلَيْه وباء الرجلُ بصاحبه إِذا قُتِلَ به يقالُ باءتْ عَرارِ بكَحْلٍ وهما بَقَرَتانِ قُتِلَتْ إِحداهما بالأُخرى ويقال بُؤْ به أَي كُنْ ممن يُقْتَل به وأَنشد الأَحمر لرجل قَتَلَ قاتِلَ أَخِيه فقال
فقلتُ له بُؤْ بامرِئٍ لَسْتَ مثْلَه ... وإِن كُنتَ قُنْعاناً لِمَنْ يَطْلُبُ الدَّما
يقول أَنتَ وإِن كنتَ في حَسَبِكَ مَقْنَعاً لكل مَنْ طَلَبَكَ بثَأْر فلَسْتَ مِثلَ أَخي وإِذا أَقَصَّ السلطانُ رجلاً برجل قِيل أَباءَ فلاناً بفلان قال طُفَيْل الغَنَوِيُّ
أَباءَ بقَتْلانا مِن القومِ ضِعْفَهم ... وما لا يُعَدُّ مِن أَسِيرٍ مُكَلَّبِ
قال أَبو عبيد فان قتله السلطانُ بقَود قيل قد أَقادَ السلطانُ فلاناً وأَقَصَّه وأَباءَه وأَصْبَرَه وقد أَبأْتُه أُبيئُه إِباءة قال ابن السكِّيت في قول زُهَيْر بن أَبي سُلْمَى
فَلَم أَرَ مَعْشَراً أَسَرُوا هَديًّا ... ولم أَرَ جارَ بَيْتٍ يُسْتَباءُ
قال الهَديُّ ذو الحُرْمَة وقوله يُسْتَباءُ أَي يُتَبَوّأُ تُتَّخَذ امرأَتُهُ أَهلاً وقال أَبو عمرو الشيباني يُسْتبَاء من البَواء وهو القَوَد وذلك أَنه أَتاهم يريد أَن يَسْتَجِيرَ بهم فأَخَذُوه فقتلوه برجل منهم وقول التَّغْلَبي
أَلا تَنْتَهِي عَنَّا مُلوكٌ وتتَّقي ... مَحارِمَنا لا يُبْأَءُ الدَّمُ بالدَّمِ
أَرادَ حِذارَ أَن يُباء الدَّم بالدَّم ويروى لا يَبْؤُءُ الدَّمُ بالدَّمِ أَي حِذارَ أَنْ تَبُوءَ دِماؤُهم بدِماءِ مَنْ قتَلوه وبَوَّأَ الرُّمحَ نحوه قابَله به وسَدَّدَه نحْوَه وفي الحديث أَنَّ رجلاً بَوَّأَ رَجلاً برُمحِه أَي سَدَّده قِبَلَه وهَيَّأَه وبَوَّأَهُم مَنْزِلاً نَزَلَ بهم إِلى سَنَدِ جَبَل وأَبَأْتُ بالمَكان أَقَمْتُ به وبَوَّأْتُكَ بَيتاً اتَّخَذْتُ لك بيتاً وقوله عز وجل أَنْ تَبَوَّآ لقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيوتاً أَي اتَّخِذا أَبو زيد أَبَأْتُ القومَ مَنْزلاً وبَوَّأْتُهم مَنْزِلاً تَبْوِيئاً وذلك إِذا نزلْتَ بهم إِلى سَنَدِ جبل أَو قِبَلِ نَهر والتبوُّؤُ أَن يُعْلِمَ الرجلُ الرجلَ على المَكان إِذا أَعجبه لينزله وقيل تَبَوَّأَه أَصْلَحه وهَيَّأَه وقيل تَبوَّأَ فلان مَنْزِلاً إِذا نظَر إِلى أَسْهَلِ ما يُرى وأَشَدِّه اسْتِواءً وأَمْكَنِه لِمَبيتِهِ فاتَّخذَه وتَبوَّأَ نزل وأَقام والمَعْنَيانِ قَريبان والمباءة مَعْطِنُ القَوْمِ للابِل حيث تُناخُ في المَوارِد وفي الحديث قال له رجل أُصَلِّي في مَباءة الغَنَم ؟ قال نَعَمْ أَي مَنْزِلها الذي تَأْوِي إليه وهو المُتَبَوّأُ أَيضاً وفي الحديث أَنه قال في المدينة ههُنا المُتَبَوَّأُ وأَباءَه مَنْزِلاً وبَوَّأَه إِيَّاهُ وبَوَّأَه له وبَوَّأَهُ فيه بمعنى هَيَّأَه له وأَنْزَلَه ومَكَّنَ له فيه قال [ ص 39 ]
وبُوِّئَتْ في صَمِيمِ مَعْشَرِها ... وتَمَّ في قَوْمِها مُبَوَّؤُها
أَي نَزَلَت من الكَرم في صَمِيمِ النَّسب والاسم البِيئةُ واسْتَباءه أَي اتَّخَذَهُ مَباءة وتَبَوَّأْتُ منزلاً أَي نَزَلْتُه وقوله تعالى والذِين تَبَوَّأُوا الدارَ والإِيمانَ جَعلَ الإِيمانَ مَحَلاًّ لهم على المَثَل وقد يكون
أَرادَ وتَبَوَّأُوا مكانَ الإِيمانِ وبَلَدَ الإِيمانِ فحَذَف
وتَبَوَّأَ المكانَ حَلَّه وإِنه لَحَسَنُ البِيئةِ أَي هيئة التَّبَوُّءِ والبيئةُ والباءة والمباءة المنزل وقيل مَنْزِل القوم حيث يَتَبَوَّأُونَ من قِبَلِ وادٍ أَو سَنَدِ جَبَلٍ وفي الصحاح المَباءة مَنْزِلُ القوم في كل موضع ويقال كلُّ مَنْزِل يَنْزِله القومُ قال طَرَفة طَيِّبو الباءة سَهْلٌ ولَهُمْ ... سُبُلٌ إِن شئتَ في وَحْش وَعِر ( 1 )
( 1 قوله « طيبو الباءة » كذا في النسخ وشرح القاموس بصيغة جمع المذكر السالم والذي في مجموعة أَشعار يظن بها الصحة طيب بالأفراد وقبله
ولي الأصل الذي في مثله ... يصلح الآبر زرع المؤتبر )
وتَبَوَّأَ فلان مَنْزِلاً أَي اتخذه وبَوَّأْتُهُ مَنْزِلاً
وأَبَأْتُ القَومَ منزلاً وقال الفرَّاء في قوله عز وجل والذين آمَنُوا وعَمِلُوا الصّالحاتِ لَنُبَوِّئنَّهُمْ مِن الجَنَّة غُرَفاً يقال بَوَّأْتُه منزلاً وأَثْوَيْتُه مَنْزِلاً ثُواءً أَنْزَلْتُه وبَوَّأْتُه منزلاً أَي جعلته ذا منزل وفي الحديث مَن كَذَبَ عَليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَه من النار وتكرّرت هذه اللفظة في الحديث ومعناها لِيَنْزِلْ مَنْزِله مِن النار يقال بَوَّأَه اللّهُ منزلاً أَي أَسكَنه إِياه ويسمى كِناسُ الثَّوْرِ الوَحْشِيِّ مَبَاءة ومَباءة الإِبل مَعْطِنها وأَبَأْتُ الإِبل مَباءة أَنَخْتُ بعضَها إِلى بعض قال الشاعر
حَلِيفان بَيْنَهما مِيرةٌ ... يُبِيئانِ في عَطَنٍ ضَيِّقِ
وأَبَأْتُ الإِبلَ رَدَدْتُها إِلى المَباءة والمَباءة بيتها في الجبل وفي التهذيب وهو المُراحُ الذي تَبِيتُ فيه والمَباءة مِن الرَّحِمِ حيث تَبَوَّأَ الولَدُ قال الأَعلم
ولَعَمْرُ مَحْبَلِكِ الهَجِينِ على ... رَحبِ المَباءة مُنْتِنِ الجِرْمِ
وباءَتْ بِبيئةِ سُوءٍ على مِثالِ بِيعةٍ أَي بحالِ سُوءٍ وانه لحَسَنُ البِيئةِ وعَمَّ بعضُهم به جميعَ الحال وأَباءَ عليه مالَه أَراحَه تقول أَبَأْتُ على فلان ماله إِذا ارَحْتَ عليه إِبلَه وغَنَمَه وأَباءَ منه وتقول العرب كَلَّمناهم فأَجابونا عن بَواءٍ واحدٍ أَي جوابٍ واحد وفي أَرض كذا فَلاةٌ تُبيء في فلاةٍ أَي تَذْهبُ الفرَّاء باءَ بوزن باعَ إِذا تكبَّر كأَنه مقلوب مَن بَأَى كما قالوا أَرى ورأَى ( 2 )
( 2 مقتضاه أَنّ أرى مقلوب من رأى كما ان باء مقلوب من بأى ولا تنظير بين الجانبين كما لا يخفى فضلاًعن ان أرى ليس من المقلوب وان اوهم لفظُه ذلك والصواب « كما قالوا راءَ من رأى » ( ابراهيم اليازجي ) )
وسنذكره في بابه وفي حاشية بعض نسخ الصحاح وأَبَأْتُ أَدِيمَها جَعَلْتُه في الدباغ

( تأتأ ) تَأْتَأَ التَّيْسُ عند السِّفادِ يُتَأْتِئُ تَأْتَأَةً وتِئْتاءً ليَنْزُوَ ويُقْبِلَ [ ص 40 ] ورجُل تَأْتاءٌ على فَعْلالٍ وفيه تَأْتَأَةٌ يَتردَّدُ في التاء إِذا تَكلَّمَ والتَّأْتَأَةُ حكاية الصوت والتَأْتاءُ مَشْيُ الصبيِّ الصغير والتَأْتاءُ التَّبَخْتُر في الحَرب شجاعةً والتَّأْتاء ( 1 )
( 1 قوله « والتأتاء مشي الصبي إِلى آخر الجمل الثلاث » هو الذي في النسخ بأيدينا وتهذيب الأزهري وتكملة الصاغاني ووقع في القاموس التأتأة ) دُعاء الحِطّانِ إِلى العَسْبِ والحِطّانُ التَّيْسُ وهو الثَّأْثاء أَيضاً بالثاء

( تطأ ) التهذيب أَهمله الليث ابن الأَعرابي تَطَأَ إِذا ظَلَمَ ( 2 )
( 2 قوله « تطأ » هذه المادة أوردها المجد والصاغاني والمؤلف في المعتل ولم يوردها التهذيب بالوجهين فإيراد المؤلف لها هنا سهو )

( تفأ ) أَتَيْتُه على تَفِئةِ ذلك أَي على حِينِه وزَمانِه حكى اللحياني فيه الهمز والبدل قال وليس على التخفيف القِياسي لأَنه قد اعْتُدَّ به لُغةً وفي الحديث دَخَلَ عُمر فكلَّم رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثم دخل أَبو بكر على تَفِئةِ ذلك أَي على إِثره وفيه لغة أُخرى تَئِفةِ ذلك بتقديم الياء على الفاء وقد تُشدّد والتاء فيها زائدة على أَنها تفعلة وقال الزمخشري لو كانت تَفْعِلة لكانت على وزن تَهْيِئة فهي إِذاً لولا القلب فَعِيلةٌ لأَجل الإِعلالِ ولامها همزة قال أَبو منصور وليست التاء في تَفِئة وتافئٍ أَصلية وتَفِئَ تَفَأً إِذا احْتَدَّ وغَضِبَ

( تكأ ) ذكر الأَزهري هنا ما سنذكره في وكأَ وقال هو أَيضاً إِنّ تُكأَةً أَصله وُكأَةٌ

( تنأ ) تَنَأَ بالمكان يَتْنأُ أَقامَ وقَطَن قال ثعلب وبه سمي التَّانِئُ من ذلك قال ابن سيده وهذا من أَقبح الغلط إِن صح عنه وخَلِيقٌ أَن يَصحّ لأَنه قد ثبت في أَماليه ونوادره وفي حديث عُمر ابنُ السَّبِيل أَحَقُّ بالماء من التّانِئِ عليه أَراد أَن ابن السبيل إِذا مَرَّ برَكِيَّةٍ عليها قوم يَسْقُون مِنها نَعَمَهُم وهم مُقِيمون عليها فابن السبيل مارّاً أَحَقُّ بالماء منهم يُبَدَّأُ به فَيُسْقَى وظَهْرَه لأَنه سائر وهم مُقيمون ولا يَفُوتُهُم السَّقْيُ ولا يُعْجِلُهم السَّفَر والمَسِيرُ وفي حديث ابنِ سيرِينَ ليس للتانئة شيء يريد أَن المقيمين في البلاد الذين لا يَنْفِرُون مع الغُزاة ليس لهم في الفَيْء نَصِيب ويريد بالتانِئةِ الجمَاعة منهم وان كان اللفظ مفرداً وانما التأنيث أَجاز إِطلاقه على الجماعة وفي الحديث من تَنَأَ في أَرض العجم فَعَمِلَ نَيْرُوزَهم ومَهْرَجانَهم حُشِرَ معهم وتَنَأَ فهو تانِئٌ إِذا أَقامَ في البلد وغيره الجوهري وهم تِناء البَلد والاسم التِّناءةُ وقالوا تنَا في المكان فأَبدلوا فظنَّه قوم لغة وهو خَطأ الازهري تَنَخَ بالمكان وتَنَأَ فهو تانِخٌ وتانِئٌ أَي مقيم

( ثأثأ ) ثأْثأَ الشيءَ عن موضعه أَزاله وثَأْثأَ الرجُلُ عن الأَمْر حَبَسَ ويقال ثأْثِئْ عن الرجل أَي احْبِسْ والثَّأْثأَةُ الحَبْسُ وثَأْثَأْتُ عن القوم دَفَعْتُ عنهم وثَأْثَأَ عن الشيء إِذا أَراده ثم بدا له تَرْكُه أَو المُقامُ عليه أَبو زيد تَثَأْثأْتُ تَثَأْثُؤاً إِذا أَردت سفراً ثم بَدا لك المُقام وثَأْثَأَ عنه غَضَبَه أَطْفأَه ولقِيتُ فلاناً فَتَثَأْثَأْت منه أَي هِبْتُه وأَثَأْتُه بسَهم ( 3 )
( 3 قوله « واثأته بسهم » تبع المؤلف الجوهري وفي الصاغاني والصواب أن يفرد له تركيب بعد تركيب ثمأ لأنه من باب أجأته أجيئه وأفأته أفيئه ) إِثاءة رميته [ ص 41 ] وثَأْثأَ الإِبلَ أَرواها من الماء وقيل سَقاها فلم تَرْوَ وثَأْثأَتْ هي وقيل ثَأْثأْتُ الإِبلَ أَي سَقَيْتُها حتى يَذْهَب عَطَشُها ولم أُرْوِها وقيل ثَأْثأْتُ الإِبل ارْوَيْتُها وأَنشد المفضل
إِنَّكَ لَنْ تُثَأْثِئَ النِّهالا ... بِمِثْلِ أَنْ تُدارِكَ السِّجالا
وثَأْثَأَ بالتَّيْس دَعاه عن أَبي زيد

( ثدأ ) الثُّداء نَبت له ورَق كأَنه ورق الكُراث وقُضْبان طِوال تَدُقُّها الناسُ وهي رَطْبة فيتخذون منها أَرْشِيةً يَسْقُون بها هذا قول أَبي حنيفة وقال مرة هي شجرة طيبة يُحبها المال ويأْكلها وأُصولُها بيض حُلْوة ولها نَوْرٌ مثل نَوْرِ الخِطْمِي الأَبيض في أَصلها شيءٌ من حُمرة يَسيرة قال وينبت في أَضْعافِه الطَّراثيثُ والضَّغابيسُ وتكون الثُدّاءة مثل قِعْدةِ الصبي والثَّنْدوةُ للرجل بمنزلة الثَّدْي للمرأَة وقال الأَصمعي هي مَغْرِزُ الثّدْي وقال ابن السكيت هي اللحم الذي حول الثدي إِذا ضَمَمْتَ أَوَّلها همزت فتكون فُعْلُلةً فإِذا فتحته لم تهمز فتكون فَعْلُوة مثل تَرْقُوة وعَرْقُوة

( ثرطأ ) الثِّرْطِئةُ بالهمز بعد الطاء الرَّجل الثَّقيل وقد حكيت بغير همز وضعاً قال الأَزهري ان كانت الهمزة أَصلية فالكلمة رباعية وإِن لم تكن أَصلية فهي ثلاثية والغِرْقِئُ مثله وقيل الثِّرْطِئةُ من النساء والرجال القصير

( ثطأ ) ابن الأَعرابي ثَطا إِذا خَطَا وثَطِئَ ثَطَأَ حَمُقَ وثَطَأْته بيدي ورجلي حتى ما يتحرك أَي وطِئْتُ عن أَبي عمرو والثَّطْأَةُ دُوَيْبَّةٌ لم يحكها غير صاحب العين أَبو عمرو الثُّطْأَةُ العنكبوت

( ثفأ ) ثَفَأَ القِدْرَ كَسَرَ غَلَيانَها والثُّفَّاءُ على مثال القُرَّاء الخَرْدل ويقال الحُرْف وهو فُعّال واحدته ثُفَّاءة بلغة أَهل الغَوْر وقيل بل هو الخَرْدَلُ المُعالَجُ بالصِّباغ وقيل الثُّفَّاء حَبُّ الرَّشاد قال ابن سيده وهمزته تحتمل أَن تكون وضعاً وأن تكون مُبْدلة من ياءٍ أَو واو إِلا أَنَّا عامَلْنا اللفظ إِذْ لم نجد له مادّة وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ماذا في الأَمَرَّيْن مِن الشِّفاءِ الصَّبرِ والثُّفَّاءِ هو مِن ذلك الثُّفَّاءُ الخَرْدَلُ وقيل الحُرْفُ ويسمِّيه أَهْلُ العِراق حَبَّ الرَّشادِ والواحدةُ ثُفَّاءة وجعلَهُ مُرًّا للحُروفة التي فيه ولَذْعِه اللّسانَ

( ثمأ ) الثَّمْءُ طَرْحُكَ الكَمْءَ في السمن ثَمَأَ القومَ ثَمْأً أَطْعَمَهم الدَّسَم وثَمَأَ الكَمْأَةَ يَثْمَؤُها ثَمْأً طَرَحَها في السَّمن وثَمَأَ الخُبزَ ثَمْأً ثَرَده وقيل زَرَده وثَمَأَ رأْسه بالحجر والعصا ثَمْأً فانْثَمَأَ شَدَخَه وثَرَده وانْثَمَأَ التَّمر والشجر كذلك وثَمَأَ لحيته يَثْمَؤُها ثَمْأً صَبَغَها بالحنَّاء وثَمَأَ أَنْفَه كسَره فسال دَماً

( جأجأ ) جِئْ جِئْ أَمْرٌ للابل بِوُرُودِ الماء وهي على الحَوْض وجُؤْجُؤْ أَمر لها بوُرُودِ الماء وهي بَعِيدة منه وقيل هو زَجْر لا أَمْر بالمَجِيء وفي الحديث أَنَّ رَجلاً قال لبَعِيره شَأْ لَعَنَكَ اللّه فنهاه النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم عن لَعْنِه قال أَبو [ ص 42 ] منصور شَأْزَجر وبعضُ العرب يقول جَأْ بالجيم وهما لغتان وقد جَأْجَأْ الإِبلَ وجَأْجَأَ بها دعاها إِلى الشُّرْب وقال جِئْ جِئْ وجَأْجَأَ بالحمار كذلك حكاه ثعلب والاسم الجِيءُ مثل الجِيعِ وأَصله جِئئ قلبت الهمزة الأولى ياءً قال مُعاذٌ الهَرَّاء
وما كانَ على الجِيءِ ... ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا
قال ابن بري صوابه أَن يذكره في فصل جيأَ وقال
ذَكَّرها الوِرْد يقول جِئْجا ... فأَقْبَلَتْ أَعْناقُها الفُروجا
يعني فُرُوجَ الحَوْضِ والجُؤْجُؤُ عِظامُ صَدْرِ الطائر وفي حديث عليٍّ كرّم اللّه وجهه كأَنِّي أَنظرُ إِلى مسجِدِها كَجُؤْجُؤِ سَفِينةٍ أَو نَعامةٍ جاثِمةٍ أَو كَجُؤْجُؤِ طائرٍ في لُجّةِ بَحْرٍ الجُؤْجُؤُ الصَّدْرُ وقيل عِظامُه والجمع الجآجئُ ومنه حديث سَطِيح حتى أَتَى عارِي الجآجِئِ والقَطَنْ وفي حديث الحسن خُلِقَ جُؤْجُؤُ آدَمَ عليه السلام من كَثِيب ضَرِيَّةَ وضرِيَّةُ بئْرٌ بالحِجاز يُنْسَبُ اليها حِمَى ضَرِيَّة وقيل سمي بضَرِيَّةَ بنْتِ ربيعة بن نِزارٍ والجُؤْجُؤُ الصدر والجمع الجآجِئُ وقيل الجَآجِئُ مُجْتَمع رُؤُوس عظام الصَّدْر وقيل هي مواصِلُ العِظام في الصدر يقال ذلك للإنسان وغيره مِنَ الحَيوان ومنه قول بعض العرب ما أَطْيَبَ جُواذِبَ الأَرُزّ بَجآجِئِ الإِوَزّ وجُؤْجُؤُ السَّفينةِ والطائرِ صَدْرُهما وتَجَأْجَأَ عن الأَمر كَفَّ وانتهى وتَجَأْجَأَ عنه تأَخَّر
وأَنشد سأَنْزِعُ مِنكَ عِرْسَ أَبيك إِنّي ... رأَيتُك لا تَجَأْجَأُ عن حِماها
أَبو عمرو الجَأْجاءُ الهَزيمة قال وتَجَأْجَأْتُ عنه أَي هِبْتُه وفلان لا يَتَجَأْجَأُ عن فلان أَي هوَ جَرِيءٌ عليه

( جبأ ) جَبَأَ عنه يَجْبَأُ ارْتَدَعَ وجَبأتُ عن الأَمر إِذا هِبْته
وارْتَدَعْت عنه ورجل جُبَّاءٌ يمدّ ويقصر ( 1 )
( 1 قوله « يمد ويقصر إلخ » عبارتان جمع المؤلف بينهما على عادته ) بضم الجيم مهموز مقصور جبان قال مَفْرُوق بن عَمرو الشَّيْبانِي يَرْثِي إِخْوته قَيْساً والدَّعَّاءَ وبِشْراً القَتْلَى في غَزْوة بارِقٍ بِشَطِّ الفَيْض
أَبْكِي على الدَعّاءِ في كلِّ شَتْوةٍ ... ولَهْفِي علَى قيسٍ زمَامِ الفَوارِسِ
فما أَنا مِن رَيْبِ الزَّمانِ بِجُبَّإٍ ... ولا أَنا مِن سَيْبِ الإِلهِ بِيائِسِ
وحكى سيبويه جُبَّاء بالمدّ وفسره السيرافي أَنه في معنى جُبَّإٍ قال سيبويه وغَلب عليه الجمع بالواو والنون لأَن مؤَنثه مما تدخله التاء وجَبَأَتْ عَيْنِي عن الشيءِ نَبَتْ عنه وكَرِهَتْه فتأَخَّرْتُ عنه الأَصمعي يقال للمرأَة إِذا كانت كريهةَ المَنْظَرِ لا تُسْتَحْلى إِنَّ العينَ لَتَجْبَأُ عنها وقال حميد بن ثَوْر الهِلالي
[ ص 43 ]
لَيْسَتْ إِذا سَمِنَتْ بَجابِئةٍ ... عنها العُيونُ كَريهةَ ( 1 ) المَسِّ
( 1 قوله « كريهة » ضبطت في التكملة بالنصب والجر ورمز لذلك على عادته بكلمة معاً )
أَبو عمرو الجُبَّاء من النساء بوزن جُبّاع التي إِذا نَظَرَتْ لا
تَرُوعُ الأَصمعي هي التي إِذا نَظَرَت إِلى الرجال انْخَزَلَت راجعة لِصغرِها وقال ابن مقبل
وطَفْلةٍ غَيْرِ جُبَّاءٍ ولا نَصَفٍ ... مِن دَلِّ أَمثالِها بادٍ ومكتُومُ ( 2 )
( 2 وبعده كما في التكملة
عانقتها فانثنت طوع العناق كما ... مالت بشاربها صهباء خرطوم )
وكأَنه قال ليست بصغيرة ولا كبيرة وروى غيره جُبَّاعٍ وهي القصيرة وهو مذكور في موضعه شبهها بسهم قصير يَرْمي به الصِّبيان يقال له الجُبَّاعُ
وَجَبَأَ عليه الأَسْوَدُ من جُحْره يَجْبَأ جَبْأً وجُبُوءاً طلَع وخرج وكذلك الضَّبُعُ والضَّبُّ واليَرْبُوع ولا يكون ذلك إِلا ان يُفْزِعَك وجَبَأَ على القَوْم طَلَعَ عليهم مُفاجأَةً وأَجْبَأَ عليهم أَشْرَفَ وفي حديث أسامة فلما رَأَوْنا جَبَؤُوا مِنْ أَخبِيَتِهم أَي خَرَجُوا منها يقال جَبَأَ عليهم يَجْبَأُ إِذا خَرَجَ وما جَبَأَ عن شَتْمِي اي ما تأَخَّر ولا كَذَب وَجَبَأْتُ عن الرَّجل جَبْأً وجُبُوءاً خَنَسْتُ عنه وانشد
وهَلْ أَنا الاَّ مِثْلُ سَيِّقةِ العِدا ... إِن اسْتَقْدَمَتْ نَحْرٌ وإِنْ جَبَأَتْ عَقْرُ
ابن الأَعرابي الإِجْباء ان يُغَيِّبَ الرجلُ إِبلَه عن المُصَدِّقِ يُقالُ جَبأَ عن الشيء توارى عنه وأَجْبَيْتُه إِذا وارَيْتَه وجَبَأَ الضَّبُّ في جُحْره إِذا اسْتَخْفَى والجَبْءُ الكَمْأَة الحَمراء وقال أَبو حنيفة الجَبْأَة هَنَةٌ بَيْضاءُ كأَنها كَمءٌ ولا يُنتفع بها والجمع أَجْبؤٌ وجِبَأَةٌ مثال فَقْعٍ وفِقَعةٍ قال سيبويه وليس ذلك بالقياس يعني تكسير فَعْلٍ على فِعَلةٍ واما الجَبْأَةُ فاسم للجمع كما ذهب اليه في كَمْء وكَمْأَةٍ لأَنّ فَعْلاً ليس مما يُكسر على فَعْلةٍ لأَن فَعْلةً ليست من أَبْنِية الجُموع وتحقيرُه جُبَيْئَةٌ على لفظه ولا يُرَدّ إِلى واحِدِه ثم يُجمع بالأَلف والتاء لأَن أَسْماء الجُموع بمنزلة الآحاد وأنشد أَبو زيد أَخْشَى رُكَيْباً ورُجَيلاً عاديا فلم يَرُدّ رَكْباً ولا رَجْلاً إِلى واحده وبهذا قَوِيَ قولُ سيبويه على قول أَبي الحسن لأَن هذا عند أَبي الحسن جَمْعٌ لا اسْمُ جَمْعٍ وقال ابن الأَعرابي الجَبْءُ الكَمأَة السُّودُ والسُّود خِيارُ الكَمأَةِ وأَنشد إِنَّ أُحَيْحاً ماتَ مِن غَيْر مَرَضْ ووُجْدَ في مَرْمَضهِ حيثُ ارْتمَضْ عَساقِلٌ وجِبَأ فيها قَضَضْ فَجِبأ هنا يجوز أَن يكون جمع جَبْءٍ كَجِبَأَةٍ وهو نادرٌ ويجوز أَن يكون اراد جِبَأَةً فحذف الهاء للضرورة ويجوز أَن يكون اسماً للجمع وحكى كراع في جمع جَبْءٍ جِباءً على مثال بِناءٍ فإِن صحَّ ذلك فإِنما جِبَأ اسم لجمع جَبْءٍ وليس بجَمْع له لأَن فَعْلاً بسكون العين ليس مما يجمع على فِعَلٍ بفتح العين وأَجبَأَت الأَرض اي كثرت جَبْأَتها وفي الصحاح اي كثرت كَمْأَتُها وهي ارض مَجْبأَةٌ قال الأَحمر [ ص 44 ] الجَبْأَةُ هي التي إِلى الحُمْرة والكَمْأَةُ هي التي إِلى الغُبْرة والسَّواد والفِقَعَةُ البيض وبنات أَوْبَرَ الصِّغار الأَصمعي من الكَمْأَة الجِبأَةُ قال أَبو زيد هي الحُمر منها واحدها جَبْءٌ وثلاثة أَجْبُؤ والجَبْءُ نُقرة في الجبل يجتمع فيها الماء عن أَبي العَمَيثل الأَعرابي وفي التهذيب الجَبْءُ حفرةٌ يَسْتَنْقِعُ فيها الماء والجَبْأَةُ مثل الجَبْهة الفُرْزُوم وهي خشبة الحَذّاء التي يَحْذو عليها قال الجعدي
في مِرْفَقَيْه تقارُبٌ وله ... بِرْكةُ زَوْرٍ كجبْأَةِ الخَزَمِ
والجَبْأَةُ مَقَّطُّ شَراسِيفِ البَعير إِلى السُّرَّة والضَّرْع والإجباءُ بيعُ الزَّرْع قبل أَن يَبْدُوَ صَلاَحُه أَو يُدْرِك تقول منه أَجْبَأْتُ الزرع وجاء في الحديث بلا همز مَن أَجْبى فقد أَرْبَى وأَصله الهمز وامرأَة جَبْأَى قائمةُ الثّد يَين ومُجْبأَة أُفضِيَ اليها فَخَبَطَت ( 1 )
( 1 قوله « ومجبأة إلخ » كذا في النسخ وأصل العبارة لابن سيده وهي غير محررة )
التهذيب سمي الجَراد الجابئُ لطلوعه يقال جَبَأَ علينا فلان أَي طلع والجابئُ الجراد يهمز ولا يهمز وجبأَ الجَرادُ هَجَم على البلد قال الهذلي
صابُوا بِستّة أَبياتٍ وأَربعةٍ ... حتى كأَنَّ عليهم جابئاً لُبَدَا
وكلُّ طالِعٍ فَجْأَةً جابِئٌ وسنذكره في المعتل أَيضاً ابن بُزُرْج جَأْبةُ البَطْن وجَبأَتُه مَأْنَتُه والجُبَّأُ السهم الذي يُوضَعُ أَسفله كالجوزةِ في موضع النَّصْلِ والجُبَّأُ طَرَفُ قَرْن الثَور عن كراع قال ابنْ سيده ولا أَدري ما صِحَّتُها

( جرأ ) الجُرأَةُ مثل الجُرْعةِ الشجاعةُ وقد يترك همزه فيقال الجُرةُ مثل الكُرةِ كما قالوا للمرأَة مَرةٌ ورجل جَرِيءٌ مُقْدِمٌ من قومٍ أَجْرِئاء بهمزتين عن اللحياني ويجوز حذف إِحدى الهمزتين وجمعُ الجرِيِّ الوكيلِ اجْرياءُ بالمدة فيها همزة والجَرِيءُ المِقْدامُ وقد جَرُؤَ يَجْرُؤُ جُرْأَةً وجَراءةً بالمدّ وجَرايةً بغير همز نادر وجَرائِيةً على فعالِيةٍ واستَجْرَأً وتَجَرَّاً وجَرَّأَه عليه حتى اجتَرَأَ عليه جُرْأَةً وهو جَرِيءُ المَقْدَم أي جَريءٌ عند الاقدامِ وفي حديث ابن الزبير وبِناء الكعبة تَرَكها حتى إِذا كان المَوسِمُ وقَدِمَ الناسُ يريد أَن يُجَرِّئهم عل أَهل الشام هو من الجُرأَةِ والإِقدامِ على الشيء أَراد أَن يَزِيدَ في جُرْأَتهِم عليهم ومُطالبَتِهِم بإِحراقِ الكعبة ويروى بالحاء المهملة والباء وهو مذ كور في موضعه ومنه حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه قال فيه ابن عمر رضي اللّه عنهما لكنه اجْتَرَأَ وجَبُنَّا يريد أَنه أَقْدَمَ على الإِكثار من الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وجَبُنَّا نحن عنه فكثُر حديثُه وقَلَّ حديثُنا وفي الحديث وقومُه جُرَآءُ عليه بوزن عُلماءَ جمع جَريءٍ أَي مُتَسَلِّطين غيرَ هائِبين له قال ابن الأَثير هكذا رواه وشرحه بعض المتأَخرين والمعروف حِراءٌ بالحاء المهملة وسيجيء والجِرِّيَّة والجِرِّيئةُ الحُلْقومُ والجِرِّيئةُ ممدود القانِصةُ التهذيب أَبو زيد هي الفِرِّيَّةُ والجِرِّيَّةُ والنَّوْطةُ لِحَوْصَلةِ الطائر هكذا رواه ثعلب عن ابن نجْدةَ بغير هَمْز وأَماابن هانئ فإِنه قال الجِرِّيئةُ [ ص 45 ] مهموز لأَبي زيد والجَرِيئةُ مثال خَطِيئةٍ بَيْتٌ يُبْنى من حِجارة ويُجعل على بابه حَجَر يكون أَعلى الباب ويَجْعلون لحمَةَ السَّبُع في مُؤَخَّر البيت فإِذا دَخل السبُعُ فَتناوَلَ اللَّحْمَةَ سقَط الحَجرُ على الباب فسَدَّه وجَمْعُها جَرائِئُ كذلك رواه أَبو زيد قال وهذا من الأُصول المرفوضة عند أَهل العربية إِلاَّ في الشُّذُوذ

( جزأ ) الجُزْء والجَزْءُ البَعْضُ والجمع أَجْزاء سيبويه لم يُكَسَّر الجُزءُ على غير ذلك وجَزَأَ الشيءَ جَزْءاً وجَزَّأَه كلاهما جَعله أَجْزاء وكذلك التجْزِئةُ وجَزَّأَ المالَ بينهم مشدّد لا غير قَسَّمه وأَجزأَ منه جُزْءاً أَخذه والجُزْءُ في كلام العرب النَّصِيبُ وجمعه أَجْزاء وفي الحديث قرأَ جُزْأَه مِن الليل الجُزْءُ النَّصِيبُ والقِطعةُ من الشيء وفي الحديث الرُّؤْيا الصّالِحةُ جُزْءٌ من ستة وأَربعين جُزْءاً من النُّبُوَّة قال ابن الأَثير وإِنما خَصَّ هذا العدَدَ المذكور لأَن عُمُرَ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم في أَكثر الروايات الصحيحة كان ثلاثاً وستين سنة وكانت مدّةُ نُبوَّتِه منها ثلاثاً وعشرين سنة لأَنه بُعث عند استيفاء الأَربعين وكان في أَوّل الأَمر يَرَى الوحي في المنام ودامَ كذلك نِصْفَ سنة ثم رأَى المَلَكَ في اليَقَظة فإِذا نَسَبْتَ مُدَّةَ الوَحْيِ في النَّوْمِ وهي نِصْفُ سَنَةٍ إِلى مُدّة نبوّته وهي ثلاث وعشرون سنة كانتْ نِصْفَ جُزْءٍ من ثلاثة وعشرين جُزْءاً وهو جزءٌ واحد من ستة وأَربعين جزءاً قال وقد تعاضدت الروايات في أَحاديث الرؤيا بهذا العدد وجاء في بعضها جزءٌ من خمسة وأَربعين جُزْءاً ووَجْهُ ذلك أَنّ عُمُره لم يكن قد استكمل ثلاثاً وستين سنة ومات في أَثناء السنة الثالثة والستين ونِسبةُ نصفِ السنة إِلى اثنتين وعشرين سنة وبعضِ الاخرى كنسبة جزء من خمسة وأَربعين وفي بعض الروايات جزء من أَربعين ويكون محمولاً على مَن رَوى أَنّ عمره كان ستين سنة فيكون نسبة نصف سنة إِلى عشرين سنة كنسبة جزءٍ إِلى أَربعين ومنه الحديث الهَدْيُ الصّالِحُ والسَّمْتُ الصّالِحُ جُزْءٌ من خمسة وعشرين جزءاً من النبوة أَي إِنّ هذه الخِلالَ من شَمائلِ الأَنْبياء ومن جُملة الخصالِ المعدودة من خصالهم وإِنها جزءٌ معلوم من أَجزاء أَفعالِهم فاقْتَدوُا بهم فيها وتابِعُوهم وليس المعنى أنَّ النُّبوّة تتجزأُ ولا أَنّ من جمَع هذه الخِلالَ كان فيه جُزءٌ من النبوَّة فان النبوَّة غير مُكْتَسَبةٍ ولا مُجْتَلَبة بالأَسباب وإِنما هي كَرامةٌ من اللّه عز وجل ويجوز أَن يكون أَراد بالنبوّة ههنا ما جاءتْ به النبوّة ودَعَت اليه من الخَيْرات أَي إِن هذه الخِلاَلَ جزءٌ من خمسة وعشرين جزءاً مما جاءت به النبوّة ودَعا اليه الأَنْبياء وفي الحديث أَن رجلاً أَعْتَقَ ستة مَمْلُوكين عند موته لم يكن له مالٌ غيرهُم فدعاهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فَجَزَّأَهم أَثلاثاً ثم أَقْرَعَ بينهم فأَعْتَق اثنين وأَرقَّ أَربعة أَي فَرَّقهم أَجزاء ثلاثة وأَراد بالتَّجزئةِ أَنه قَسَّمهم على عِبْرة القيمة دون عَدَد الرُّؤُوس إِلا أَنَّ قيمتهم تساوت فيهم فخرج عددُ الرُّؤُوس مساوياً للقِيَم وعَبيدُ أَهلِ الحِجاز إِنما هُم الزُّنوجُ والحَبَشُ غالباً والقِيَمُ فيهم مُتساوِية أَو مُتقارِبة ولأَن الغرَض أَن تَنْفُذ وصِيَّته في ثُلُث ماله والثلُثُ انما يُعتبر بالقِيمة لا بالعَدَد وقال بظاهر الحديث مالك والشافعي وأَحمد وقال أَبو حنيفة رحمهم اللّه يُعْتَقُ ثُلُثُ كلّ واحد منهم ويُسْتَسْعَى في ثلثيه التهذيب يقال جَزَأْتُ المالَ بينهم وجَزَّأْتُه أَي قسَّمْته [ ص 46 ] والمَجْزُوءُ مِن الشِّعر ما حُذِف منه جُزْآن أَو كان على جُزْأَينِ فقط فالأُولى على السَّلبِ والثانيةُ على الوُجُوب وجَزَأَ الشِّعْرَ
جَزْءاً وجَزَّأَه فيهما حذَف منه جُزْأَينِ أَو بَقَّاه على جُزْأَين
التهذيب والمَجْزُوء مِن الشِّعر إِذا ذهب فعل كل واحد من فَواصِله كقوله
يَظُنُّ الناسُ بالمَلِكَيْ ... نِ أَنَّهما قدِ التأَما
فانْ تَسْمَعْ بلأْمِهِما ... فإِنَّ الأَمْر قد فَقَما
ومنه قوله
أَصْبَحَ قَلْبي صَرِدا ... لايَشْتَهي أَنْ يَرِدا
ذهب منه الجُزء الثالث من عَجُزه والجَزْءُ الاستِغناء بالشيء عن الشيء وكأَنَّه الاستغناء بالأَقَلّ عن الأَكثر فهو راجع إِلى معنى الجُزْء ابن الاعرابي يُجْزِئُ قليل من كثير ويُجْزِئُ هذا من هذا أَي كلُّ واحد منهما يَقومُ مقَام صاحِبه وجَزَأَ بالشيء وتَجَزَّأَ قَنِعَ واكْتَفَى به وأَجْزأَهُ الشيءُ كفَاه وأَنشد
لقد آلَيْتُ أَغْدِرُ في جَداعِ ... وإِنْ مُنِّيتُ أُمّاتِ الرِّباعِ
بأَنَّ الغَدْرَ في الأَقْوام عارٌ ... وأَنَّ المَرْءَ يَجْزَأُ بالكُراعِ
أَي يَكْتَفِي به ومنه قولُ الناس اجْتَزَأْتُ بكذا وكذا وتَجَزَّأْتُ به بمعنَى اكْتَفَيْت وأَجْزَأْتُ بهذا المعنى وفي الحديث ليس شيء يُجْزِئُ من الطَّعامِ والشَّرابِ إِلا اللبَنَ أَي ليس يكفي وجَزِئَتِ الإِبلُ إِذا اكتفت بالرُّطْبِ عن الماء وجزَأَتْ تَجْزأُ جَزْءاً وجُزْءاً بالضم وجُزُوءاً أَي اكْتَفَت والاسم الجُزْء وأَجْزَأَها هو وجَزَّأَها تَجْزئةً وأَجزأَ القومُ جَزِئَتْ إِبلُهم وظَبْيَةٌ جازِئةٌ اسْتَغْنَتْ بالرُّطْب عن الماء والجَوازِئُ الوحْشُ لتجَزُّئها بالرُّطْب عن الماء وقول الشمّاخ بن ضِرار واسمه مَعْقِلٌ وكنيته أَبو سَعِيد
إِذا الأَرْطَى تَوسَّدَ أَبْرَدَيْهِ ... خُدُودُ جَوازئٍ بالرَّمْلِ عِينِ
لا يعني به الظِّباء كما ذهب اليه ابن قتيبة لأَن الظباء لا تَجْزأُ بالكَلإِ عن الماء وانما عنى البَقَر ويُقَوّي ذلك أَنه قال عِين والعِينُ من صِفات البَقَر لا من صِفاتِ الظِّباء والأَرطى مقصور شجر يُدبغ به وتَوَسَّدَ أَبرديه أَي اتخذ الأَرطى فيهما كالوِسادة والأَبْردان الظل والفَيءُ سميا بذلك لبردهما والأَبْردانِ أَيضاً الغَداة والعشي وانتصاب أَبرديه على الظرف والأَرطى مفعول مقدم بتوسدَ أَي توسد خُدودُ البقر الأَرْطى في أَبرديه والجوازئ البقر والظباء التي جَزَأَت بالرُّطْب عن الماء والعِينُ جمع عَيناء وهي الواسعة العين وقول ثعلب بن عبيد
جَوازِئ لم تَنْزِعْ لِصَوْبِ غَمامةٍ ... ورُوّادُها في الأَرض دائمةُ الرَّكْض
قال انما عنى بالجَوازِئِ النخلَ يعني أَنها قد استغنت عن السَّقْيِ فاسْتَبْعَلَت وطعامٌ لا جَزْءَ له أَي لا يُتَجَزَّأُ بقليلهِ وأَجْزَأَ عنه مَجْزَأَه ومَجْزَأَتَه ومُجْزَأَهُ ومُجْزَأَتَه أَغْنى عنه مَغْناه وقال ثعلب البقرةُ تُجْزِئُ عن سبعة [ ص 47 ] وتَجْزِي فَمَنْ هَمَزَ فمعناه تُغْني ومن لم يَهْمِزْ فهو من الجَزاء وأَجْزَأَتْ عنكَ شاةٌ لغة في جَزَتْ أَي قضَتْ وفي حديث الأُضْحِيَة ولن تُجْزِئ عن أَحدٍ بَعْدَكَ أَي لنْ تَكْفِي مَن أَجْزَأَني الشيءُ أَي كفاني ورجل له جَزْءٌ أَي غَنَاء قال
إِني لأَرْجُو مِنْ شَبِيبٍ بِرَّا ... والجَزْءَ إِنْ أَخْدَرْتُ يَوْماً قَرَّا
أَي أَن يُجْزِئَ عني ويقوم بأَمْري وما عندَه جُزْأَةُ ذلك أَي قَوامُه ويقال ما لفلانٍ جَزْءٌ وما له إِجْزاءٌ أَي ما له كِفايةٌ وفي حديث سَهْل ما أَجْزَأَ مِنَّا اليومَ أَحَدٌ كما أَجْزَأَ فلانٌ أَي فَعَلَ فِعْلاً ظَهَرَ أَثرُه وقامَ فيه مقاماً لم يقُمْه غيرهُ ولا كَفَى فيه كِفايَتَه والجَزأَة أَصْل مَغْرِزِ الذّنَب وخصَّ به بعضُهم أَصل ذنب البعير من مَغْرِزِه والجُزْأَةُ بالضمِّ نصابُ السِّكِّين والإِشْفى والمِخْصَفِ المِيثَرةِ وهي الحَدِيدةُ التي يُؤْثَرُ بها أَسْفَلُ خُفِّ البعير وقد أَجْزَأَها وجَزَّأَها وأَنْصَبها جعل لها نِصاباً وجُزْأَةً وهما عَجُزُ السِّكِّين قال أَبو زيد الجُزْأَةُ لا تكون للسيف ولا للخَنْجَر ولكن للمِيثَرةِ التي يُوسَم بها أَخْفافُ الابل والسكين وهي المَقْبِضْ وفي التنزيل العزيز « وجعلوا له مِنْ عباده جُزْءاً » قال أَبو إِسحق يعني به الذين جعَلُوا الملائكة بناتِ اللّهِ تعالى اللّهُ وتقدَّس عما افْتَرَوْا قال وقد أُنشدت بيتاً يدل على أَنّ معنى جُزْءاً معنى الاناث قال ولا أَدري البيت هو قَديمٌ أَم مَصْنُوعٌ
إِنْ أَجْزَأَتْ حُرَّةٌ يَوْماً فلا عَجَبٌ ... قد تُجْزِئُ الحُرَّةُ المِذْكارُ أَحْيانا
والمعنى في قوله وجَعَلُوا له من عِباده جُزْءاً أَي جَعَلوا نصيب اللّه من الولد الإِناثَ قال ولم أَجده في شعر قَديم ولا رواه عن العرب الثقاتُ وأَجْزَأَتِ المرأَةُ ولَدتِ الاناث وأَنشد أَبو حنيفة
زُوِّجْتُها مِنْ بَناتِ الأَوْسِ مُجْزِئةً ... للعَوْسَجِ اللَّدْنِ في أَبياتِها زَجَلُ
يعني امرأَة غزَّالةً بمغازِل سُوِّيَت من شجر العَوْسَج الأَصمعي اسم الرجل جَزْء وكأَنه مصدر جَزَأَتْ جَزْءاً وجُزْءٌ اسم موضع قال الرَّاعي
كانتْ بجُزْءٍ فَمَنَّتْها مَذاهِبُه ( 1 ) ... وأَخْلَفَتْها رِياحُ الصَّيْفِ بالغُبَرِ
( 1 قوله « مذاهبه » في نسخة المحكم مذانبه )
والجازِئُ فرَس الحَرِث بن كعب
وأَبو جَزْءٍ كنية وجَزْءٌ بالفتح اسم رجل قال حَضْرَمِيُّ بن
عامر إِنْ كنتَ أَزْنَنْتَني بها كَذِباً ... جَزْءُ فلاقيْتَ مِثْلَها عَجَلا
والسبب في قول هذا الشعر أَنَّ هذا الشاعر كان له تسعةُ إِخْوة فَهَلكوا وهذا جَزْءٌ هو ابن عمه وكان يُنافِسه فزَعَم أَن حَضْرَمِياً سُرَّ بموتِ اخوته لأَنه وَرِثَهم فقال حَضْرَميُّ هذا البيت وقبله
أَفْرَحُ أَنْ أُرْزَأَ الكِرامَ وأَنْ ... أُورَثَ ذَوْداً شَصائصاً نَبَلا
يريد أَأَفْرَحُ فحذَف الهمزة وهو على طريق الانكار أَي لا وجْهَ للفَرَح بموت الكِرام من اخوتي لإِرثِ شَصائصَ لا أَلبانَ لها واحدَتُها شَصُوصٌ ونَبَلاً [ ص 48 ] صِغاراً وروى أَنَّ جَزْءاً هذا كان له تسعة إِخوة جَلسُوا على بئر فانْخَسَفَتْ بهم فلما سمع حضرميٌّ بذلك قال إِنَّا للّه كلمة وافقت قَدَرا يريد قوله فلاقَيْتَ مثلها عجلاً وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم أُتِيَ بقِناعِ جَزْءٍ قال الخطابي زَعَم راويه أَنه اسم الرُّطَبِ عند أَهل المدينة قال فإِن كان صحيحاً فكأَنَّهم سَمَّوْه بذلك للإِجْتِزاء به عن الطَّعام والمحفوظ بقِناعِ جَرْو بالراء وهو صِغار القِثَّاء وقد ذكر في موضعه

( جسأ ) جَسَأَ الشيءُ يَجْسَأُ جُسُوءاً وجُسأَةً فهو جاسئٌ صلُبَ وخَشُنَ والجاسِياء الصَّلابةُ والغِلَظُ وجبل جاسئٌ وأَرض جاسِئةٌ ونبتٌ جاسئٌ يابس ويدٌ جَسْآء مُكْنِبةٌ من العمل وجَسأَتْ يدُه من العمل تَجسَأُ جَسْأً صَلُبَت والاسم الجُسْأَةُ مثل الجُرعة وجَسَأَتْ يد الرجل جُسوءاً إِذا يَبِست وكذلك النَّبتُ إِذا يبِس فهو جاسئٌ فيه صَلابة وخشونة وجُسِئَتِ الأَرضُ فهي مَجْسُوءةٌ من الجَسْءِ وهو الجلد الخَشِنُ الذي يُشبِه الحَصا الصِّغار ومكان جاسِئٌ وشاسِئٌ غليظ والجُسْأَةُ في الدّواب يُبْس المَعْطِف ودابة جاسئةُ القوائِم

( جشأ ) جَشَأَتْ نفسُه تجْشأُ جُشوءاً ارتفَعَت ونَهَضَت اليه وجاشَت من حُزْن أَو فَزَع وجَشَأَتْ ثارَت للقَيْءِ شمر جَشَأَتْ نفسي وخَبُثَتْ ولَقِسَتْ واحد ابن شميل جَشَأَتْ اليَّ نفسي أَي خَبُثَتْ من الوجع مما تَكْرَهُ تَجْشَأُ وأَنشد
وقَوْلي كُلَّما جَشَأَتْ لنفسِي ... مَكانَكِ تُحْمَدي أَو تَسْتَرِيحي ( 1 )
( 1 قوله « وقولي إلخ » هو رواية التهذيب )
يريد تَطَلّعت ونَهَضَت جَزَعاً وكراهةً وفي حديث الحسن جَشَأَتِ الرُّومُ على عهد عُمَر أَي نَهَضَتْ وأَقبلت من بلادها وهو من جَشَأَتْ نَفْسِي إِذا نَهَضَتْ مِن حُزْن أَو فَزَعٍ
وجَشَأَ الرَّجلُ إِذا نَهَض من أَرض إِلى أَرض وفي حديث علي كرم اللّه وجهه فَجَشأَ على نفْسه قال ثعلب معناه ضَيَّقَ عليها ابن الاعرابي الجَشْء الكثير وقد جَشَأَ الليلُ والبَحْرُ إِذا أَظْلَم وأَشْرَفَ عليك وجُشاءُ الليلِ والبَحْرِ دُفْعَتُه والتَّجَشُّؤُ تَنَفُّس المَعِدة عند الامْتِلاء وجَشَأَت المَعِدةُ وتجَشَّأَت تَنَفَّسَت والاسم الجُشاء ممدود على وزن فُعال كأَنه من باب العُطاس والدُّوار والبُوال وكان عليُّ بن حَمْزَة يقول ذلك وقال إِنما الجُشْأَةُ هُبوبُ الرِّيحِ عند الفَجْر والجُشَأَةُ على مثال الهُمَزَةِ الجُشْأَةُ قال الراجز في جُشْأَةٍ مِنْ جُشَآتِ الفَجْرِ قال ابن بَرِّي والذي ذكره أَبو زيد جُشْأَة بتسكين الشين وهذا مستعار للفجر من الجُشْأَة عن الطَّعام وقال علي بن حمزة إِنما الجُشْأَةُ هُبُوبُ الرِّيحِ عند الفَجْر وتَجَشَّأَ تَجَشُؤاً والتَجْشِئةُ مثله قال أَبو محمد الفَقْعَسِي
ولم تَبِتْ حُمَّى بهِ تُوَصِّمُهْ ... ولم يُجَشِّئْ عن طَعامٍ يُبْشِمُهْ
[ ص 49 ] وجَشَأَت الغنمُ وهو صوت تُخْرِجُه من حُلُوقِها وقال امرؤ القيس
إِذا جَشَأَتْ سَمِعْتَ لها ثُغاءً ... كأَنَّ الحَيَّ صَبَّحَهُمْ نَعِيُّ
قال ومنه اشْتُقَّ تَجَشَّأْتُ والجَشْءُ القَضِيبُ وقَوْسٌ جَشْءٌ مُرِنَّةٌ خَفِيفةٌ والجمع
أَجْشاءٌ وجَشَآتٌ وفي الصحاح الجَشْء القوس الخفيفة وقال الليث هي ذاتُ الإِرنانِ في صَوْتِها وقِسِيٌّ أَجْشاء وجَشَآتٌ وأَنشد لأَبي ذُؤَيب ونَمِيمةً من قانِصٍ مُتَلَبِّبٍ ... في كَفِّهِ جَشْءٌ أَجَشُّ وأَقْطُعُ
وقال الأصمعي هو القَضِيبُ من النَّبْع الخفيف وسَهم جَشْءٌ خَفِيفٌ حكاه يعقوب في المُبْدَل وأَنشد
ولوْ دَعا ناصِرَه لَقِيطا ... لذَاقَ جَشْأً لم يكن مَلِيطا
المَلِيطُ الذي لا ريشَ عليه وجَشَأَ فلان عن الطَّعام إِذا اتَّخَم فكَرِه الطعامَ وقد جَشَأَتْ نفسُه فما تَشْتَهي طعاماً تَجْشَأُ وجَشَأَت الوَحْشُ ثارَتْ ثَوْرَةً واحدة وجَشَأَ القومُ من بلد إِلى بلد خرجوا وقال العجاج
أَحْراس ناسٍ جَشَؤُوا ومَلَّتْ ... أَرْضاً وأَحوالُ الجَبانِ أَهْوَلَت ( 1 )
( 1 قوله « أحراس ناس إلخ » كذا بالأصل وشرح القاموس )
جَشَؤُوا نَهضوا من أَرض إِلى أَرض يعني الناس ومَلَّتْ أَرْضاً وأَهْوَلَتْ اشتَدَّ هَوْلُها
واجْتَشأَ البلاد واجْتَشَأَته لم تُوافِقْه كأَنَّه من جَشَأَتْ نفْسِي

( جفأ ) جَفَأَ الرَّجلَ جَفْأً صَرَعه وفي التهذيب اقتَلَعه وذَهَب به الأَرضَ وأَجْفَأَ به طَرَحه وجَفَأَ به الأَرضَ ضَرَبها به وجَفَأَ البُرْمةَ في القَصْعةِ جَفْأً أَكْفأَها أَو أَمالها فَصَبَّ ما فيها ولا تقل أَجْفَأْتُها وفي الحديث فاجْفَؤُوا القُدورَ بما فيها والمعروف بغير أَلف وقال الجوهري هي لغة مجهولة وقال الراجز جَفْؤُكَ ذا قِدْرِكَ للضِّيفانِ جَفْأً على الرُّغْفانِ في الجِفانِ خَيْرٌ مِن العَكِيسِ بالأَلْبانِ وفي حديث خيبر أَنه حَرَّمَ الحُمُرَ الأَهْلية فجَفَؤُوا القُدورَ أَي فَرَّغُوها وقَلَبُوها وروي فأَجْفَؤُوا وهي لغة فيه قليلة مثل كَفَؤُوا وأَكْفَؤُوا وجَفَأَ الوادِي غُثاءَهُ يَجْفَأُ جَفْأً رَمَى بالزَّبَدِ والقَذَى وكذلك جَفَأَتِ الِقدْرُ رَمَت بزَبَدِها عند الغَلَيانِ وأَجْفَأَتْ به وأَجْفَأَتْه واسم الزَّبَدِ الجُفاء وفي حديث جرير خَلَقَ اللّهُ الأَرضَ السُّفْلى من الزَّبَدِ الجُفاء أَي مِن زَبَدٍ اجتمع للماء يقال جَفَأَ الوادي جَفْأً إِذا رَمَى بالزَّبَد والقَذَى وفي التنزيل فأَمّا الزَّبَدُ فيَذْهَبُ جُفَاءً أَي باطلاً قال الفرَّاء أَصله الهمزة أَو الجُفاء ما نَفاه السيل والجُفاء الباطلُ أَيضاً وجفأَ الواديَ مَسَحَ غُثاءَه وقيل الجُفاء كما يقال الغُثاء وكلُّ مصدرٍ اجتمع بعضُه إِلى بعض مثلُ القُماشِ والدُّقاقِ والحُطامِ مصدرٌ يكون في مذهبِ اسمٍ على المعنى كما كان العَطاء اسماً للاعطاء كذلك القُماش لو أَردتَ مصدر قَمَشْته قَمْشاً الزجاج موضع قوله جُفاء نَصْب على الحال وفي حديث البَراء رضي اللّه عنه يوم حُنَيْن انْطَلَق جُفاءٌ مِن الناس [ ص 50 ] إِلى هذا الحيِّ مِن هوازِنَ أَراد سَرَعانَ الناسِ وأَوائلهم شبَّهَهم بجُفاء السَّيْل قال ابن الأَثير هكذا جاء في كتاب الهروي والذي قرأْناه في البخاري ومسلم انْطَلَق أَخِفَّاءُ من الناسِ جمع خَفِيفٍ وفي كتاب الترمذي سَرَعانُ الناس ابن السكيت الجُفاءُ ما جَفَأَه الوادي إِذا رَمَى به وجَفَأْتُ الغُثاء عن الوادي وجَفَأْتُ القِدْرَ أَي مَسَحْتُ زَبَدها الذي فَوْقَها من غَلْيِها فإِذا أَمَرْت قلت اجْفَأْها ويقال أَجْفَأَتِ القِدْرُ إِذا عَلا زَبَدُها وتصغير الجُفاء جُفَيءٌ وتصغير الغُثاء غُثَيٌّ بلا همز وجَفَأَ البابَ جَفْأً وأَجْفَأَه أَغْلَقَه وفي التهذيب فَتَحه وجَفأَ البقلَ والشجرَ يَجْفَؤُه جَفْأً واجْتَفَأَهُ قَلَعَه من أَصْله قال أَبو عبيد سُئل بعضُ الأَعراب عن قوله صلى اللّه عليه وسلم مَتى تحِلُّ لنَا المَيْتَة ؟ فقال ما لم تَجْتَفِئوا يقال اجْتَفأَ الشيء اقْتَلَعه ثمَّ رَمَى به وفي النهاية ما لم تَجْتَفِئوا بَقْلاً وتَرْمُوا به مِنْ جَفَأَتِ القِدْرُ إِذا رمت بما يجتمع على رأْسِها من الزَّبد والوَسَخِ وقيل جَفَأَ النبتَ واجْتَفأَه جَزَّه عن ابن الاعرابي

( جلأ ) جَلأَ بالرَّجُل يَجلأُ به جَلأ وجَلاءةً صَرَعَه وجَلأَ بثَوْبه جلاءً رَمَى به

( جلظأ ) التهذيب في الرباعي في حديث لقمان بن عاد إِذا اضْطَجَعْتُ لا أَجْلَنْظِي قال أَبو عبيد المُجْلَنْظِي المُسْبَطِرُّ في اضْطِجاعِه يقول فلستُ كذلك ومنهم مَن يهمز فيقول اجْلَنْظَأْت ومنهم من يقول اجْلَنْظَيْتُ

( جمأ ) جَمِئَ عليه غَضِبَ وتَجَمَّأَ في ثيابه تَجَمَّعَ وتَجَمَّأَ على الشيء أَخذه فواراه

( جنأ ) جَنَأَ عليه يَجْنَأُ جُنُوءاً وجانَأَ عليه وتَجانَأَ عليه أَكَبَّ وفي التهذيب جَنَأَ في عَدْوِه إِذا أَلَحَّ وأَكَبَّ وأَنشد وكأَنَّه فوت الحَوالِبِ جانِئاً ... رِيمٌ تُضايِقُه كِلابٌ أَخْضَعُ
تُضايِقُه تلجئه ريمٌ أَخْضَعُ وأَجْنَأَ الرَّجُلُ على الشيء أَكَبَّ قال وإِذا أَكَبَّ الرَّجل على الرجل يَقِيه شيئاً قيل أَجْنأَ وفي الحديث فَعَلِقَ يُجانِئُ عليها يَقِيها الحجارة أَي يُكِبُّ عليها وفي الحديث أَنَّ يَهُوديّاً زَنَى بامرأَة فَأَمَرَ برَجْمِهما فَجَعَلَ الرَّجلُ يُجْنِئُ عليها أَي يُكِبُّ ويَمِيل عليها ليقيها الحجارة وفي رواية أُخرى فَلَقَد رأَيْتُه يُجانِئُ عليها مُفاعَلة من جانَأَ يُجانِئُ ويروى بالحاء المهملة وسيجيء ان شاء اللّه تعالى وفي حديث هِرَقْلَ في صِفة إِسْحقَ عليه السلام أَبْيَضُ أَجْنَأُ خَفِيفُ العارِضَيْن الجَنَأُ مَيَلٌ في الظَّهْر وقيل في العُنُق وجَنَأَتِ المرأَةُ على الولد أَكَبَّتْ عليه قال
بَيْضاء صَفْراء لَمْ تَجْنَأْ على ولَدٍ ... إلاّ لأُخْرَى ولم تَقْعُدْ على نارِ
وقال كثير عزة
أَغاضِرَ لوْ شَهِدْتِ غَداةَ بِنْتُمْ ... جُنُوءَ العائداتِ على وِسادي
وقال ثعلب جَنِئَ عليه أَكَبَّ عليه يُكلِّمُه وجَنِئَ الرجل جَنَأً وهو أَجْنأُ بَيِّنُ الجَنَإِ أَشْرَفَ كاهِلُه على صدره وفي الصحاح رَجُل أَجْنَأُ بَيِّنُ الجَنَإِ أَي أَحْدَبُ الظهر وقال ثعلب جَنَأَ ظهرُهُ جُنُوءاً كذلك [ ص 51 ] والانثى جَنْواء وجَنِئَ الرجُل يَجْنَأُ جَنَأً إِذا كانت فيه خِلْقةً الأَصمعي جَنَأَ يَجْنَأُ جُنُوءاً إِذا انْكَبَّ على فرسه يَتَّقِي الطعْنَ وقال مالك بن نويرة
ونَجَّاكَ مِنَّا بَعْدَما مِلتَ جانِئاً ... ورُمْتَ حِياضَ المَوْتِ كلَّ مَرامِ
قال فإِذا كان مُستقيم الظهرِ ثم أَصابه جَنَأ قيل جَنِئَ يَجْنَأُ جَنَأً فهو أَجْنَأُ الليث الأَجْنَأُ الذي في كاهله انْحِناء على صدره وليس بالأَحْدب أَبو عمرو رجلٌ أَجْنَأُ وأَدنَأُ مهموزان بمعنى الأَقْعَسِ وهو الذي في صدره انكِباب إِلى ظهره وظَلِيمٌ أَجْنَأُ ونَعامة جَنْآءُ ومن حذف الهمزة قال جَنْواء والمصدر الجَنَأُ وأَنشد
أَصَكُّ مُصَلَّمُ الأُذُنَيْنِ أَجْنَا والمُجْنَأُ بالضم التُّرْس لا حْديدا بهِ قال أَبو قَيْس ابن الأَسلت السُّلَمِي
أَحْفِزُها عنِّي بذِي رَوْنَقٍ ... مُهَنَّدٍ كالمِلْحِ قَطَّاعِ
صَدْقٍ حُسامٍ وادِقٍ حَدُّهُ ... ومُجْنَإٍ أَسْمَرَ قَرّاعِ
والوادِقُ الماضي في الضَّريبةِ وقولُ ساعِدَةَ بن جُؤَيّةَ
إِذا ما زارَ مُجْنَأَةً عَليْها ... ثِقالُ الصَّخْرِ والخَشَبُ القَطِيلُ
انما عنى قَبراً والمُجْنأَةُ حُفْرَةُ القبر قال الهذلي وأَنشد البيت إِذا ما زار مجنأَة عليها

( جوأ ) ( 1 )
( 1 قوله « جوأ » هذه المادة لم يذكرها في المهموز أحد من اللغويين الا واقتصر على يجوء لغة في يجيء وجميع ما أورده المؤلف هنا انما ذكروه في معتل الواو كما يعلم ذلك بالاطلاع والجاءة التي صدَّر بها هي الجأي كما يعلم من المحكم والقاموس ولا تغتر بمن اغتر باللسان ) الجاءةُ والجُؤْوةُ بوزن جُعْوةٍ لون الأَجْأَى وهو سواد في غُبْرة وحُمرة وقيل غُبْرةٌ في حُمرة وقيل كُدْرة في صُدْأَةٍ قال
تنازَعَها لوْنانِ وَرْدٌ وجُؤْوةٌ ... تَرَى لأَياءِ الشمسِ فِيهِ تَحَدُّرا
أَراد وُرْدةً وجُؤْوةً فوضع الصفة موضع المصدر جَأَى وأُجْأَوَى وهو أَجْأَى والأُنثى جَأْواء وكَتِيبة جَأْواءُ عليها صَدَأُ الحَديد وسوادُه فإِذا خالط كُمتةَ البعير مثلُ صدإِ الحديد فهو الجُؤْوةُ وبعير أَجأَى والجُؤْوةُ قِطعة من الأَرض غَليظة حمراء في سواد وجَأَى الثوبَ جَأْواً خاطه وأَصلحه وسنذكره والجِئْوةُ سيرٌ يُخاطُ به الأُموي الجُوَّة غير مهموز الرُّقعة في السِّقاء يقال جَوَّيْتُ السِّقاءَ رَقَعْتُه وقال شمر هي الجُؤْوةُ تقدير الجُعْوة يقال سقاء مَجْئِيٌّ وهو أَن يُقابَلَ بَيْنَ الرُّقْعَتَينِ على الوَهي من باطن وظاهر والجُؤْوتانِ رُقعتان يُرْقَعُ بهما السِّقاءُ من باطن وظاهر وهما مُتقابلتانِ قال أَبو الحسن ولم أَسمعه بالواو ( 2 )
( 2 قوله « ولم أسمعه بالواو » هو في عبارة المحكم عقب قوله سقاء مجئي وهو واضح ) والأَصل الواو وفيها ما يذكر في جيأً واللّه أَعلم

( جيأ ) المَجِيء الإِتيان جاء جَيْئاً ومَجِيئاً وحكى سيبويه عن بعض العرب هو يَجِيكَ بحذف الهمزة وجَاء يَجيءُ جَيْئةً وهو من بناء المرّة الواحدة إِلاّ أَنه [ ص 52 ] وُضِع موضع المصدر مثل الرَّجْفةِ والرحْمة والاسم الجِيئَةُ على فِعْلةٍ بكسر الجيم وتقول جئْت مَجِيئاً حَسناً وهو شاذ لأَن المصدر من فعَلَ يَفْعِلُ مَفْعَلٌ بفتح العين وقد شذت منه حروف فجاءت على مَفْعِلٍ كالمَجِيء والمَحِيضِ والمَكيل والمَصِير وأَجَأْتُه أَي جِئتُ به وجايأَني على فاعَلني وجاءاني فَجِئْتُه أَجِيئه أَي غالبَني بكثرة المَجيء فغلَبْتُه قال ابن بري صوابه جايأَنِي قال ولا يجوز ما ذكره إِلاَّ على القلب وجاء به وأَجاءه وإِنه لَجَيَّاءٌ بخير وجَثَّاءٌ الأَخيرة نادرة وحكى ابن جني رحمه اللّه جائِيٌّ على وجه الشذوذ وجايا لغة في جاءا وهو من البَدليّ ابن الأَعرابي جايأَني الرجل من قُرْب أَي قابَلَني ومَرَّ بي مُجايأَة أَي مقابلة قال الأَزهري هو من جِئْتُه مَجيئاً ومَجِيئةً فأَنا جاءٍ أَبو زيد جايَأْتُ فلاناً إِذا وافَقْت مَجِيئَه ويقال لو قد جاوَزْتَ هذا المكان لجايَأْتَ الغَيْث مُجايأَةً وجِياءً أَي وافقته وتقول الحمد للّه الذي جاء بك أَي الحمد للّهِ إذْ جِئتَ ولا تقل الحمد للّه الذي جِئْتَ قال ابن بري الصحيح ما وجدته بخط الجوهري في كتابه عند هذا الموضع وهو الحَمْدُ للّهِ الذي جاء بك والحمدُ للّهِ اذْ جئت هكذا بالواو في قوله والحمد للّه اذ جئت عوضاً من قوله أَي الحمدُ للّهِ اذْ جئت قال ويقوِّي صِحَّة هذا قَوْلُ ابن السكيت تقول الحمد للّهِ اذْ كان كذا وكذا ولا تقل الحمد للّه الذي كان كذا وكذا حتى تقول به أَو مِنْه أَو عَنه وانه لحَسَنُ الجِيئة أَي الحالةِ التي يَجيء عليها وأَجاءَه إِلى الشيء جاءَ به وأَلجأَه واضْطَرَّه اليه قال زهير بن أَبي سُلْمى
وجارٍ سارَ مُعْتَمِداً اليْكُم ... أَجاءَتْهُ المخافةُ والرَّجاء
قال الفرَّاء أَصله من جئت وقد جعلته العَرب إِلجاء وفي المثل شَرٌّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّةِ العُرْقُوب وشَرٌّ ما يُجِيئُك إِلى مُخَّةِ عُرْقُوب قال الأَصمعي وذلك أَنّ العُرْقوب لا مُخَّ فيه وانما يُحْوَجُ اليه من لا يَقدِرُ على شيء ومنهم من يقول شَرٌّ ما أَلجأَك والمعنى واحد وتميم تقول شَرٌّ ما أَشاءَك قال الشاعر
وشَدَدْنا شَدَّةً صادِقةً ... فأَجاءتْكم إِلى سَفْحِ الجَبَلْ
وما جاءتْ حاجَتَك أَي ما صارَتْ قال سيبويه أَدخلَ التأْنيثَ على ما حيث كانتِ الحاجةَ كما قالوا مَن كانت أُمَّك حيث أَوْقَعُوا مَنْ على مُؤَنث وانما صُيِّر جاء بمنزلة كان في هذا الحرف لأَنه بمنزلة المثل كما جَعَلُوا عسى بمنزلة كان فيِ قولهم عَسَى الغُوَيْرُ أَبْؤُساً ولا تقول عَسِيت أَخانا والجِئاوةُ والجِياء والجِياءة وِعاء توضع فيه القِدْر وقيل هي كلُّ ما وُضِعَت فيه من خَصَفةٍ أَو جلد أَو غيره وقال الأَحمر هي الجِواءُ والجِياء وفي حديث عليٍّ لأَنْ أَطَّلِيَ بِجِواءِ قِدْرٍ أَحَبُّ اليَّ مِنْ أَن أَطَّليَ بزَعْفَرانٍ قال وجمع الجِئاء ( 1 )
( 1 قوله « قال و جمع إلخ » يعني ابن الأثير ونصه وجمعها ( أي الجواء ) أجوية وقيل هي الجئاء مهموز وجمعها أجئية ويقال لها الجيا بلا همز ا ه وبهامشها جواء القدر سوادها )
أَجْئِيةٌ وجمع الجِواء أَجْوِيةٌ الفرّاء جَأَوْتُ البُرْمَةَ رَقَعْتُها وكذلك النَّعل الليث جِياوةُ اسم حَيٍّ من قَيْسٍ قد دَرَجُوا ولا يُعْرَفُون [ ص 53 ]
وجَيَّأْتُ القِرْبةَ خِطْتُها قال الشاعر
تَخَرَّقَ ثَفْرُها أَيَّام خُلَّتْ ... على عَجَلٍ فجِيبَ بها أَدِيمُ
فجَيَّأَها النِّساءُ فَخانَ مِنْها ... كَبَعْثاةٌ ورادِعةٌ رَدُوم
ابن السكيت امْرأَةٌ مُجَيَّأَةٌ إِذا أُفْضِيَتْ فإِذا جُومِعَتْ أَحْدَثَتْ ورجل مُجَيَّأ إِذا جامَعَ سَلَحَ وقال الفرّاء في قول اللّه فأَجَاءها المَخاضُ إِلى جِذْعِ النَّخْلةِ هو من جِئْتُ كما تقول فجاء بها المَخاضُ فلما أُلقِيَتِ الباءُ جُعل في الفِعْل أَلِفٌ كما تقول آتَيْتُكَ زَيْداً تريد أَتَيْتُك بزيد والجايئةُ مِدَّةُ الجُرْحِ والخُرَاجِ وما اجْتَمَعَ فيه من المِدَّة والقَيْحِ يقال جاءتْ جايِئةُ الجِراحِ والجِئَةُ والجِيئَةُ حُفْرةٌ في الهَبْطةِ يجتمع فيها الماء والأَعرف الجِيَّةُ من الجَوَى الذي هو فسادُ الجَوْف لأَنَّ الماءَ يَأْجِنُ هناك فيَتَغَيَّر والجمع جَيْءٌ وفي التهذيب الجَيْأَةُ مُجْتَمَعُ ماء في هَبْطةٍ حوالي الحُصُونِ وقيل الجَيْأَةُ الموضع الذي يَجْتَمِع فيه الماء وقال أَبو زيد الجَيْأَةُ الحُفْرة العظيمة يَجْتَمِع فيها ماء المطر وتُشْرِعُ الناسُ فيه حُشُوشَهم قال الكميت
ضفادِعُ جَيْأَةٍ حَسِبَتْ أَضاةً ... مُنَضِّبةً سَتَمْنَعُها وطِينا
وجَيْئةُ البطن أَسْفل من السُّرَّةِ إِلى العانةِ والجَيْئةُ قِطعة يُرْقَعُ بها النَّعل وقيل هي سَيْرٌ يُخاط به وقد أَجاءها والجِيءُ والجَيءُ الدُّعاء إِلى الطعام والشراب وهو أَيضاً دعاء الإِبل إِلى الماء قال معاذ الهرّاء
وما كانَ على الجِيءِ ... ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وقولهم لو كان ذلك في الهِيء والجِيء ما نَفَعَه قال أَبو عمرو الهِيءُ الطعام والجِيءُ الشَّرابُ وقال الأُموي هُما اسْمانِ من قولهم جَأْجَأْتُ بالإِبل إِذا دَعَوْتها للشُّرْب وهَأْهَأْتُ بها إِذا دَعَوْتها للعَلف

( حأحأ ) حَأْحَأَ بالتَّيْسِ دعَاه وحِئ حِئْ دُعاء الحِمار إِلى الماء عن ابن الأَعرابي والحَأْحَأَةُ وَزْنُ الجَعْجعةِ بالكبش أَن تَقول له حَأْحَأْ زَجْراً

( حبأ ) الحَبَأُ على مثال نَبَإٍ مهموز مقصور جليس المَلِك وخاصَّته والجمع أَحْباء مثل سَبَبٍ وأَسْبابٍ وحكي هُو منْ حَبَإٍ المَلِكِ أَي من خاصَّته الأَزهري الليث الحَبَأَةُ لوْحُ الإِسْكافِ المُسْتَدِيرُ وجمعها حَبَوات قال الأَزهري هذا تصحيف فاحش والصواب الجَبْأَةُ بالجيم ومنه قول الجعدي كَجَبْأَةِ الخَزَمِ الفرَّاء الحَابيانِ ( 1 )
( 1 قوله « الحابيان » كذا في النسخ ونسخة التهذيب بالياء وحبا الفارس بالالف والمضارع في الشاهد بالواو وهو كما لا يخفى من غير هذا الباب ) الذئب والجَراد وحَبا الفارس إِذا خَفَقَ وأَنشد نَحْبُو إِلى المَوْتِ كما يَحْبُو الجَمَلْ

( حتأ ) حَتَأْتُ الكِساءَ حَتْأً إِذا فَتَلْتَ هُدْبَه وكَفَفْتَه مُلْزَقاً به يهمز ولا يهمز وحَتَأَ الثوبَ [ ص 54 ] يَحْتَؤُه حَتْأً وأَحْتَأَه بالأَلف خاطَه وقيل خاطَه الخِياطة الثانية وقيل كَفَّه وقيل فَتَلَ هُدْبَه وكَفَّه وقيل فَتَلَه فَتْلَ الأَكْسِيةِ والحِتْءُ ما فَتَلَه منه وحَتَأَ العُقْدةَ وأَحْتَأَها شدَّها وحَتَأْتُه حَتْأً إِذا ضربته وهو الحَتْء بالهمز وحَتَأَ المرأَةَ يَحْتَؤُها حَتْأً نَكَحَها وكذلك خَجَأَها والحِنْتَأْوُ القصير الصغير ملحق بِجِرْ دَحْلٍ وهذه اللفظة أَتى بها الأَزهري في ترجمة حنت رجل حِنْتَأْوٌ وامرأَة حِنْتَأْوةٌ قال وهو الذي يُعْجَب بنفسه وهو في أَعين الناس صغير وسنذكره في موضعه وقال الأَزهري في الرباعي أَيضاً رجل حِنْتَأْوٌ وهو الذي يُعْجِبهُ حُسنه وهو في عيون الناس صغير والواو أَصلية

( حجأ ) حَجِئَ بالشيء حَجَأً ضنَّ به وهو به حَجِئٌ أَي مولع به ضنين يهمز ولا يهمز قال
فَإِنِّي بالجَمُوحِ وأُمِّ بَكْرٍ ... ودَوْلَحَ فاعْلَموا حَجِئٌ ضَنِينُ
وكذلك تَحَجَّأْتُ به الأَزهري عن الفرّاء حَجِئتُ بالشيء وتَحجَّيْتُ به يهمز ولا يهمز تَمَسَّكت به ولَزِمْتُه قال ومنه قول عديّ بن زيد
أَطَفَّ لأَنْفِه المُوسَى قَصِيرٌ ... وكانَ بأَنْفِه حَجِئاً ضَنِينا
وحَجِئ بالأَمر فَرِح به وحَجَأْتُ به فَرِحْتُ به وحَجِئَ بالشيء وحَجَأَ به حَجْأً تَمَسَّكَ به وَلَزِمَه وانه لَحَجِئٌ أَن يَفْعَل كذا أَي خَلِيقٌ لغة في حَجِيٍّ عن اللحياني وانهما لَحجِئان وإِنهم لحَجِئون وإِنها لحَجِئةٌ وإِنهما لَحَجِئتان وإِنّهنّ لَحَجايا مثل قولك خطايا

( حدأ ) الحِدَأَةُ طائر يَطِير يَصِيدُ الجِرْذان وقال بعضهم انه كان يصيد على عَهد سُلَيْمان على نبينا وعليه الصلاة والسلام وكان من أَصْيدِ الجَوارِح فانْقَطَع عنه الصَّيْد لدَعْوة سليمان الحِدَأَةُ الطائر المعروف ولا يقال حِداءةٌ والجمع حِدَأ مكسور الأَوّل مهموز مثل حِبَرَةٍ وحِبَرٍ وعِنَبَةٍ وعِنَبٍ قال العجاج يَصِفُ الأَثافِيَّ كما تَدَانَى الحِدأُ الأُوِيُّ وحِداءُ نادرة قال كثير عَزة
لَكَ الوَيْلُ مِنْ عَيْنَيْ خُبَيْبٍ وثابِتٍ ... وحَمْزَةَ أَشْباهِ الحِداءِ التَّوائم
وحِدْآنٌ أَيضاً وفي الحديث خَمْسٌ يُقْتَلْن في الحِلِّ والحَرَم وعَدّ الحِدَأَ منها وهو هذا الطائر المعروف من الجَوارِحِ التهذيب وربما فتحوا الحاء فقالوا حَدَأَةٌ وحَدَأ والكسر أَجود وقال أَبو حاتم أَهل الحَجاز يُخْطِئون فيقولون لهذا الطائر الحُدَيَّا وهو خطأ ويجمعونه الحَدادِيْ وهو خطأ وروي عن ابن عباس أَنه قال لا بأْس بقتل الحِدَوْ والإِفعَوْ للمُحرِم وكأَنها لغة في الحِدَإِ والحُدَيَّا تصغير الحِدَوْ والحَدَا مقصور شبْهُ فأْس تُنْقَر به الحِجارةُ وهو مُحَدَّد الطَّرَف والحَدَأَةُ الفأْس ذاتُ الرأْسين والجمع حَدَأ مثل قَصَبَةٍ وقَصَبٍ وأَنشد الشماخ يصف إِبلاً حِدادَ الأَسْنانِ
يُبَاكِرْنَ العِضاهَ بِمُقْنَعاتٍ ... نَواجِذُهنَّ كالحَدَإِ الوَقِيعِ
[ ص 55 ] شَبَّه أَسنانَها بفُؤُوس قد حُدِّدَتْ وروى أَبو عبيد عن الأَصمعي وأَبي عبيدة أَنهما قالا يقال لها الحِدَأَةُ بكسر الحاء على مثال عِنَبَة وجمعها حِدَأ وأَنشد بيت الشماخ بكسر الحاء وروى ابن السكيت عن الفرَّاء وابن الأَعرابي أَنهما قالا الحَدَأَةُ بفتح الحاء والجمع الحَدَأُ وأَنشد بيت الشماخ بفتح الحاء قال والبصريون على حِدَأَة بالكسر في الفأْس والكوفيون على حَدَأَةٍ وقيل الحِدَأَةُ الفأْسُ العَظيمة وقيل الحِدَأُ رُؤُوسُ الفُؤُوسِ والحَدَأَةُ نَصْل السهم وحَدِئَ بالمكان حَدَأً بالتحريك إِذا لزِقَ به وحَدِئَ اليه حَدَأً لجَأَ وحَدِئَ عليه وإِليه حَدَأَ حَدِبَ عليه وعطَفَ عليه ونَصَرَه ومَنَعَه من الظُّلم وحَدِئَ عليه غَضِبَ وحَدَأَ الشيءَ حَدْءاً صَرَفه وحَدِئَتِ الشاةُ إِذا انْقَطعَ سلاها في بطنها فاشتَكَتْ عنه حَدَأً مقصور مهموز وحَدِئَتِ المرأَةُ على ولدها حَدَأً وروى أَبو عبيد عن أَبي زيد في كتاب الغنم حَذِيَتِ الشاةُ بالذال إِذا انقطع سلاها في بطنها قال الأَزهري هذا تصحيف والصواب بالدال والهمز وهو قول الفرَّاء وقولهم في المثل حِدَأَ حِدَأَ وراءكِ بُنْدُقة قيل هما قَبيلتانِ مِن اليمَن وقيل هما قبيلتانِ حدأ بن نَمِرَةَ بن سَعْد العشيرة وهم بالكوفة وبُنْدُقةُ بن مَظَّةَ وقيل بُنْدُقة بن مِطِيَّةَ ( 1 )
( 1 قوله « مطية » هي عبارة التهذيب وفي المحكم مطنة ) وهو سُفْيان بن سَلْهَم بن الحكم بن سَعْدِ العشيرة وهم باليمن أَغارت حِدَأ على بُنْدُقة فنالَتْ منهم ثم أَغارَتْ بُندُقة على حِدَأَ فأَبادَتْهُم وقيل هو ترخيم حِدأَة قال الأَزهري وهو القول وأَنشد هنا للنابغة
فأَوْرَدَهُنَّ بَطْنَ الأَتمِ شُعْثاً ... يَصُنَّ المَشْيَ كالحِدإِ التُّؤَام
وروى ثعلب عن ابن الأَعرابي كانت قبيلة تَتَعَمَّد القَبائلَ بالقِتال يقال لها حِدَأَةُ وكانت قد أَبَرَّتْ على الناس فَتَحَدَّتْها قبيلة يقال لها بُندُقة فَهَزَمَتْها فانكسرت حِدأَة فكانت العرب إِذا مر بها حِدَئِيٌّ تقول له حِدَأَ حِدَأَ وراءكِ بُنْدُقة والعامة تقول حَدَا حَدَا بالفتح غير مهموز

( حزأ ) حَزَأَ الإِبلَ يَحْزَؤُها حَزْءاً جمعها وساقها واحْزَوْزَأَتْ هي اجتمعت واحْزَوْزأَ الطائر ضَمَّ جناحَيْه وتجافى عن بيضه قال مُحْزَوزِئيْنِ الزِّفَّ عن مَكَوَيْهما وقال رؤبة فلم يهمز
والسَّيْرُ مُحْزَوْزٍ بنا احْزِيزاؤُه ... ناجٍ وقد زَوْزَى بنا زِيزاؤُه
وحَزَأَ السَّرابُ الشخصَ يَحْزَؤُه حَزْءاً رَفَعَه لغة قي حَزاه يَحْزُوه بلا همز

( حشأ ) حَشَأَه بالعصا حَشْأً مهموز ضَرَب بها جَنْبَيْه وبَطْنَه
وحَشَأَه بسَهْمٍ يَحْشَؤُه حَشْأً رماه فأَصاب به جوفه قال أَسماء بن
خارجةَ يَصفُ ذِئباً طَمِع في ناقته وتسمى هَبالةَ
لِي كُلَّ يومٍ مِنْ ذُؤَالَهْ ... ضِغْثٌ يَزِيدُ على إِبَالَهْ
في كُلِّ يومٍ صِيقةٌ ... فَوْقِي تَأَجَّلُ كالظُّلالَهْ
فَلأَحْشَأَنَّك مِشْقَصاً ... أَوساً أُوَيْسُ مِنَ الهَبالَه
[ ص 56 ] أُوَيْسُ تصغير أَوْسٍ وهو من أَسْماء الذِّئب وهو منادى مفرد وأَوْساً منتصب على المصدر أَي عِوَضاً والمِشْقَصُ السهم النَّصْلِ وقوله ضِغْثٌ يَزيد على إِبالَهْ أَي بَلِيّةٌ على بَلِيّة وهو مَثَل سائر الأَزهري شمر عن ابن الأَعرابي حَشَأْتُه سَهْماً وحَشَوْتُه وقال الفرّاء حَشَأْتُه إِذا أَدخلته جَوفَه وإِذا أَصبتَ حَشاه قلت حَشَيْتُه وفي التهذيب حَشَأْت النارَ إِذا غَشِيتَها قال الأَزهري هو باطل وصوابه حَشَأْت المرأَة إِذا غَشِيتَها فافهمه قال وهذا من تصحيف الورّاقين وحَشَأَ المرأَة يَحْشَؤُها حَشْأً نَكَحَها وحَشَأَ النار أَوْقَدها والمِحْشاءُ والمِحْشَأُ كِساء أَبيض صغير يتخذونه مِئزراً وقيل هو كِساءأَو إِزارٌ غَلِيظ يُشتَملُ به والجمع المَحاشِئ قال
يَنْفُضُ بالمَشافِرِ الهَدالِقِ ... نَفْضَكَ بالمَحاشِئ المَحالِقِ
يعني التي تَحْلِقُ الشعر من خُشونتها

( حصأ ) حَصَأَ الصبيُّ من اللبن حَصْأً رَضِعَ حتى امْتَلأَ بطنُه وكذلك الجَدْيُ إِذا رَضِعَ من اللبن حتى تمْتَلئ إِنْفَحَتُه وحَصَأَتِ الناقةُ تَحْصَأُ حَصْأً اشتدَّ شُرْبها أَو أَكْلُها أَو اشتدّا جميعاً وحَصَأَ من الماء حَصْأً رَوِيَ وأَحْصَأَ غيرَه أَرواه وحَصَأَ بها حَصْأَ ضَرِطَ وكذلك حَصَمَ ومَحَصَ ورجل حِنْصَأ ضعيفٌ الأَزهري شمر الحِنْصَأْوةُ من الرجال الضعيف وأَنشد
حَتَّى تَرَى الحِنْصَأْوةَ الفَرُوقا ... مُتَّكِئاً يَقْتَمِحُ السَّوِيقا

( حضأ ) حَضَأَتِ النارُ حَضْأً التهبت وحَضأَها يَحْضَؤُها حَضْأً فتحها لتَلْتَهِب وقيل أَوقَدَها وأَنشد في التهذيب
باتَتْ هُمُومي في الصَّدْرِ تَحْضَؤُها ... طَمْحاتُ دَهْرٍ ما كُنْتُ أَدْرَؤُها
الفرّاء حَضَأْتُ النارَ وحضَبْتُها والمِحْضَأُ على مِفْعَلٍ العُودُ والمِحْضاءُ على مِفْعال العود الذي تُحْضَأُ به النارُ وفي التهذيب وهو المِحْضَأُ والمِحْضَبُ وقولُ أَبي ذؤَيب
فأَطْفِئْ ولا تُوقِدْ ولا تَكُ مِحْضَأً ... لِنارِ الأَعَادِي أَنْ تَطِير شَداتُها ( 1 )
( 1 قوله « شداتها » كذا في النسخ بأيدينا ونسخة المحكم أيضاً بالدال مهملة )
إِنما أَراد مثل مِحْضَإٍ لأَن الانسان لا يكون مِحضَأً فمِن هُنا
قُدِّر فيه مِثْل وحَضَأْتُ النارَ سَعَّرْتُها يُهمز ولا يهمز وإِذا لم يهمز فالعود مِحْضاء ممدود على مِفْعال قال تأَبَّط شراً
ونارٍ قد حَضَأْتُ بُعَيْدَ هَدْءٍ ... بدارٍ ما أُرِيدُ بها مُقاما

( حطأ ) حَطَأَ به الأَرضَ حَطْأً ضَرَبَها به وصَرَعَه قال
قد حَطَأَتْ أُمُّ خُثَيْمٍ بأَذَنْ ... بِخارِجِ الخَثْلةِ مُفْسُوءِ القَطَنْ
أَراد بأَذَّنَ فَخَفَّف قال الأَزهري وأَنشد شمر
وواللّهِ لا آتِي ابْنَ حاطِئةِ اسْتِها ... سَجِيسَ عُجَيْسٍ ما أَبانَ لِسانِيا
[ ص 57 ] أي ضاربة اسْتِها وقال الليث الحَطْءُ مهموز شِدّة الصَّرْعِ يقال احْتَمَلَه فَحَطَأَ به الأَرضَ أَبو زيد حَطَأْتُ الرَّجل حَطْأً إِذا صَرَعْتَه قال وحَطَأْته بيدي حَطأً إِذا قَفَدْته وقال شمر حَطَأْتُه بيدي أَي ضَربته والحُطَيْئَةُ من هذا تصغير حَطْأَة وهي الضرب بالأَرض قال أَقرأَنيه الإِيادِيُّ وقال قُطْرُبٌ الحَطْأَة ضَربة باليد مَبْسُوطةً أَيَّ الجَسَدِ أَصابَتْ والحُطَيئَةُ منه مأْخوذ وحَطَأَه بيده حَطْأً ضَرَبه بها مَنشُورةً أَيَّ موضعٍ أَصابَتْ وحَطَأَه ضرَب ظهرَه بيده مبسوطة وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَخَذَ رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم بقَفَايَ فحَطَأَني حَطْأَةً وقال اذْهَبْ فادْعُ لي فلاناً وقد روي غير مهموز رواه ابن الأَعرابي فحَطاني حَطْوةً وقال خالد بن جَنْبةَ لا تكون الحَطْأَة إِلاَّ ضربة بالكَفِّ بين الكَتِفين أَو على جُراشِ ( 1 )
( 1 قوله « جراش » كذا في نسخة التهذيب مضبوطاً ) الجنب أَو الصدر أَو على الكَتِدِ فان كانت بالرأْس فهي صَقْعةٌ وان كانت بالوجه فهي لَطْمةٌ وقال أَبو زيد حَطَأْت رأْسَه حَطْأَة شديدة وهي شِدَّة القَفْدِ بالرَّاحةِ وأَنشد وإِنْ حَطَأْتُ كتِفَيْه ذَرْمَلا ابن الاثير يقال حَطَأَه يَحْطَؤُهُ حَطْأً إِذا دَفَعَه بِكَفِّه ومنه حديث المُغيرة قال لمعاويةَ حينَ وَلَّى عمْراً ما لبَّثَكَ السَّهْمِيُّ أَنْ حَطَأَ بك إِذا تشاورْتُما أَي دَفَعَك عن رأْيك وحَطَأَتِ القِدْرُ بِزَبَدها أَي دَفَعَتْه ورَمَت به عند الغَلَيان وبه سمي الحُطَيئة وحَطَأَ بسَلْحه رمى به وحَطَأَ المرأَة حَطْأً نكَحها وحَطَأَ حَطْأً ضَرطَ وحَطَأَ بها حَبَقَ والحَطِيءُ من الناس مهموز على مثال فَعِيل الرُّذالُ من الرِّجال وقال شمر الحَطِيءُ حرف غريب يقال حَطِيءٌ نَطِيءٌ إِتباع له والحُطَيْئةُ الرجل القصير وسمي الحُطَيئة لدَمامته والحُطَيئة شاعر معروف التهذيب حَطَأَ يحْطِئُ إِذا جَعَس جَعْساً رَهْواً وأَنشد
أَحْطِئْ فإِنَّكَ أَنْتَ أَقْذَرُ مَنْ مَشَى ... وبذاك سُمِّيتَ الحُطَيئَة فاذْرُقِ
أَي اسْلَحْ وقيل الحَطْءُ الدَّفْع وفي النوادر يقال حِطْءٌ من تمر وحِتْءٌ من تَمْر أَي رَفَضٌ قَدْرُ ما يَحْمِله الإِنسان فوق ظهره وقال الأَزهري في أَثناء ترجمة طحا وحَطَى ( 2 )
( 2 قوله « وحطى » كذا في النسخ ونسخة التهذيب بالياء والذي يظهر أنه ليس من المهموز فلا وجه لإيراده هنا وأورده مجدالدين بهذا المعنى في طحا من المعتل بتقديم الطاء ) أَلقَى الانسان على وَجْهِه

( حبطأ ) هذه ترجمة ذكرها الجوهري في هذا المكان وقال فيها رجل حَبَنْطَأ بهمزة غير ممدودة وحَبَنْطاةٌ وحَبنْطىً أَيضاً بلا همزٍ قصير سمين ضخم البطن وكذلك المُحْبَنْطِئُ يهمز ولا يهمز ويقال هو المُمْتَلِئُ غَيْظاً
واحْبَنْطأَ الرَّجل انْتَفَخَ جَوفُه قال أَبو محمد بن بري صواب هذا أَن يذكر في ترجمة حبط لأَنّ الهمزة [ ص 58 ] زائدة ليست أَصلية ولهذا قيل حَبِطَ بَطْنُه إِذا انتفَخَ وكذلك المُحْبَنْطِئُِ هو المُنْتَفِخُ جَوْفُه قال المازني سمعت أَبا زيد يقول احْبَنْطأْتُ بالهمز أَي امْتَلأَ بَطْنِي واحْبَنْطَيْتُ بغير همز أَي فَسَدَ بَطْنِي قال المبرد والذي نعرفه وعليه جملة الرُّواة حَبِطَ بَطْنُ الرَّجل إِذا انْتَفَخَ وحَبِجَ واحْبَنْطَأَ إِذا انْتَفَخَ بَطْنُه لطعام أَو غيره ويقال احْبَنْطَأَ الرَّجل إِذا امتنع وكان أَبو عبيدة يجيز فيه ترك الهمز وأَنشد إِنِّي إِذا اسْتُنْشِدْتُ لا أَحْبَنْطِي ... ولا أُحبُّ كَثْرةَ التَّمَطِّي
الليث الحَبَنْطَأُ بالهمز العَظِيمُ البَطْنِ المُنْتَفِخ وقد احْبَنْطَأْتُ واحْبَنْطَيْتُ لغتان وفي الحديث يَظَلُّ السِّقْطُ مُحْبَنْطِئاً على بابِ الجنةِ قال قال أَبو عبيدة هو المُتَغَضِّبُ المُسْتَبْطِئُ للشيء وقال المُحْبَنْطِئُ العَظِيمُ البَطْنِ المُنْتَفِخُ قال الكسائي يهمز ولا يهمز وقيل في الطِّفْل مُحْبَنْطِئٌ أَي مُمْتَنعٌ ( 1 )
( 1 قوله « أي ممتنع » زاد في النهاية امتناع طلبة لا امتناع اباء )

( حظأ ) رجل حِنْظَأْوٌ قصِير عن كُراع

( حفأ ) الحَفَأُ البَرْدِيُّ وقيل هو البَرْدِيُّ الأَخْضَرُ ما دام في مَنْبِته وقيل ما كان في منبته كثيراً دائماً وقيل هو أَصله الأَبيض الرَّطْب الذي يؤكل قال أَوْ ناشِئ البَرْدِيِّ تَحْتَ الحَفا ( 2 )
( 2 قوله « تحت الحفا » قال في التهذيب ترك فيه الهمز )
وقال
كذَوائِبِ الحَفإِ الرّطِيبِ غَطا بهِ ... غَيْلٌ ومَدَّ بجانِبَيْه الطُّحْلُبُ
غَطا بِه ارْتَفَعَ والغَيْلُ الماء الجارِي على وجهِ الأَرضِ وقوله ومَدَّ بجانِبَيْه الطُّحْلُبُ قيل ان الطحلب هُنا ارْتَفَعَ بفعله وقيل معناه مَدَّ الغَيْلُ ثم استأْنف جملة أُخرى يُخبر أَنَّ الطحلب بجانبيه كما تقول قامَ زيد أُبُوه يَضْرِبه ومَدَّ امْتَدَّ الواحدة منه حَفَأًةٌ واحْتَفَأَ الحَفَأَ اقْتَلَعَه من مَنْبِته وحَفَأَ به الأَرضَ ضرَبها به والجيم لغة

( حكأ ) حَكَأَ العُقْدةَ حَكْأً وأَحْكَأَها إِحْكاءً وأَحْكأَها شَدَّها وأَحْكَمَها قال عَدِيُّ بن زَيْدٍ العِبادِيُّ يَصِفُ جارِيةً
أَجْلَ انَّ اللّهَ قد فَضَّلَكُمْ ... فَوْقَ منْ أَحْكَأَ صُلْباً بإِزار
أَراد فَوْقَ مَن أَحْكأَ إِزاراً بصُلْبٍ معناه فَضَّلَكم على مَنِ ائْتزر فَشَدَّ صُلْبَه بإِزار أَي فوق الناس أَجمعين لأَنَّ الناسَ كلَّهم يُحْكِئُونَ أُزُرَهم بأَصلابهم ويروى فوق ما أَحْكِي بصُلْبٍ وإِزار أَي بحَسَبٍ وعِفَّةٍ أَراد بالصُّلب ههنا الحَسَبَ وبالإِزار العِفَّةَ عن المَحارِم أَي فَضَّلكم اللّهُ بحسَب وعفَاف فوق ما أَحْكِي أَي ما أَقُول وقال شمر هو من أَحْكَأْتُ العُقْدة أَي أَحكمتها واحتَكَأَت هي اشتْدَّتْ واحْتَكَأَ العَقْدُ في عُنُقِه نَشِبَ واحْتَكَأَ الشيءُ في صَدْرِه ثَبَتَ ابن السكيت يقال احْتَكَأَ ذلك الأَمْرُ في نَفْسي أَي ثبت فلم أَشك فيه ومنه احتكأَتِ العُقدة يقال سمعت أَحاديثَ فما احْتَكأَ في صدري منها شيءٌ أَي ما تَخالَجَ وفي النوادر يقال لو احْتَكَأَ لي أَمْرِي لفَعَلْت كذا أَي لو بانَ لي أَمرِي في أَوّله [ ص 59 ] والحُكَأَةُ دُوَيْبَّة وقيل هي العَظايةُ الضَّخْمَةُ يهمز ولا يهمز والجميع الحُكَأُ مقصور ابن الاثير وفي حديث عطاء أَنه سئل عن الحُكَأَة فقال ما أُحِبُّ قَتْلَها الحُكَأَةُ العَظاءة بلغة أَهل مكة وجمعها حُكَاءٌ وقد يقال بغير همز ويجمع على حُكاً مقصور قال أَبو حاتم قالت أُمّ الهَيْثَمِ الحُكاءةُ ممدودة مهموزة قال ابن الأَثير وهو كما قالت قال والحُكاء ممدود ذكر الخنافس وإِنما لم يُحِبّ قتلها لأَنها لا تؤذي قال هكذا قال أَبو موسى وروي عن الأَزهري أَنه قال أَهل مكة يُسَمون العَظاءة الحُكأَةَ والجمع الحُكَأُ مقصورة

( حلأ ) حَلأْتُ له حَلُوءاً على فَعُولٍ إِذا حَكَكْتَ له حجَراً على حجَر ثم جَعَلْتَ الحُكاكةَ على كفِّك وصَدَّأْتَ بها المِرآةَ ثم كَحَلْتَه بها والحُلاءة بمنزلة فُعالةٍ بالضم والحَلُوء الذي يُحَكُّ بين حجرين ليُكتَحَل به وقيل الحَلُوءُ حجر بعينه يُسْتَشْفَى من الرَّمد بحُكاكتِه وقال ابن السكِّيت الحَلُوءُ حجر يُدْلَكُ عليه دواءٌ ثم تُكْحَلُ به العين حَلأَه يَحْلَؤُه حَلأ وأَحْلأَه كَحَله بالحَلُوء والحالئةُ ضَرْب من الحَيَّات تَحْلأُ لِمَنْ تَلْسَعُه السَّمَّ كما يَحْلأُ الكَحَّالُ الأَرْمَدَ حُكاكةً فيَكْحُله بها وقال الفرَّاء احْلِئْ لي حَلُوءاً وقال أَبو زيد أَحْلأْت للرَّجل إِحْلاءً إِذا حكَكْتَ له حُكاكةَ حَجَرَين فَداوَى بِحُكاكَتِهما عينيه إِذا رَمِدَتا أَبو زيد يقال حَلأْتُه بالسوط حَلأ إِذا جلدته به وحَلأَه بالسَّوْط والسَّيف حَلأ ضرَبَه به وعَمَّ به بعضُهم فقال حَلأَه حَلأ ضَرَبه وحََّلأَ الإِبلَ والماشِيةَ عن الماء تَحْلِيئاً وتَحْلِئةً طَرَدها أَو حبَسَها عن الوُرُود ومَنَعَها أَن تَرِده قال الشاعر إِسحقُ بنُ
ابراهيم المَوْصلِي
يا سَرْحةَ الماءِ قد سُدَّتْ مَوارِدُه ... أَما إِليْكِ سَبيلٌ غَيْرُ مَسْدُودِ
لِحائمٍ حامَ حتَّى لا حَوامَ به ... مُحَلإٍ عن سَبِيلِ الماءِ مَطْرودِ
هكذا رواه ابن بري وقال كذا ذكره أَبو القاسم الزجاجي في أَماليه وكذلك حَلأَ القَوْمَ عن الماء وقال ابن الأَعرابي قالت قُرَيْبةُ كان رجل عاشق لمرأَة فتزوجها فجاءَها النساءُ فقال بعضهن لبعض
قَدْ طالما حَلأْتُماها لا تَرِدْ ... فخَلِّياها والسِّجالَ تَبْتَرِدْ
وقال امرؤ القيس
وأَعْجَبَني مَشْيُ الحُزُقّةِ خالِدٍ ... كَمَشْيِ أَتانٍ حُلِّئت عَن مَناهِلِ
وفي الحديث يَرِدُ عليَّ يومَ القِيامةِ رَهْطٌ فيُحَلَّؤُونَ عن الحَوْضِ أَي يُصَدُّون عنه ويُمْنَعُون من وُروده ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه سأَل وَفْداً فقال ما لإِبلكُم خِماصاً ؟ فقالوا حَلأَنا بنو ثعلبة فأَجْلاهم أَي نفاهم عن موضعهم ومنه حديث سلمة بن الأَكوع فأَتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو على الماء الذي حَلَّيتُهُمْ عنه بذي قَرَدٍ هكذا جاء في الرواية غير مهموز فقُلبت الهمزة ياءً وليس بالقياس لأَن الياءَ لا تبدل من الهمزة الاَّ أَن يكون ما قبلها مكسوراً نحو بيرٍ وإيلافٍ وقد شذ قَرَيْتُ في قَرأْت وليس بالكثير والأَصل الهمز وحَلأْت الأَديم إِذا قَشَرْت عنه التِّحْلِئ [ ص 60 ] والتِّحْلِئُ القِشْر على وجه الأَديم مما يلي الشَّعَر وحَلأَ الجِلْدَ يَحْلَؤُه حَلأ وحَلِيئة ( 1 )
( 1 قوله « حلأ وحليئة » المصدر الثاني لم نره إلا في نسخة المحكم ورسمه يحتمل أن يكون حلئة كفرحة وحليئة كخطيئة ورسم شارح القاموس له حلاءة مما لا يعوّل عليه ولا يلتفت إليه ) قشره وبشره والحُلاءة قشرة الجلد التي يَقْشُرُها الدَّبَّاغ مما يلي اللحم والتِّحْلِئُ بالكسر ما أَفسده السكين من الجلد إِذا قُشِرَ تقول منه حَلِئَ ديمُ حَلأ بالتحريك إِذا صار فيه التِّحْلِئُ وفي المثل لا يَنْفَعُ الدَّبْغُ على التِّحْلِئ والتِّحْلِئُ والتِّحْلِئةُ شعر وَجْه الأَدِيم ووَسَخُه وسَواده والمِحْلأَة ما حُلِئَ به وفي المثل في حَذَر الإِنسان على نفسه ومُدافَعَتِه عنها حَلأَتْ حالِئةٌ عن كُوعها أَي إِنَّ حَلأَها عن كُوعها إِنما هو حذَرَ الشَّفْرة عليه لا عَنِ الجلد لأَنَّ المرأَة الصَّناعَ ربما اسْتَعْجَلَتْ فَقَشَرَتْ كُوعَها وقال ابن الأَعرابي حَلأَتْ حالِئةٌ عن كوعِها معناه أَنها إِذا حَلأَت ما على الإِهاب أَخذَت مِحْلأَةً من حديد فُوها وقَفاها سَواء فَتَحْلأُ ما على الإِهاب من تِحْلئة وهو ما عليه من سَواده ووسخه وشعره فان لم تُبالِغ المِحْلأَةُ ولم تَقْلَع ذلك عن الإِهاب أَخذت الحالِئةُ نَشْفةً وهو حجر خَشِن مُثَقَّب ثم لَفَّت جانباً من الإِهابِ على يدها ثم اعتَمَدَتْ بتلك النَّشْفة عيه لتَقْلَعَ عنه ما لم تُخرج عنه المِحلأَةُ فيقال ذلك للذي يَدْفَع عن نفسه ويَحُضُّ على إِصلاح شأْنه ويُضْربُ هذا المثل له أَي عن كُوعِها عَمِلَتْ ما عَمِلَتْ وبِحِيلتِها وعَمَلِها نالتْ ما نالتْ أَي فهي أَحقُّ بشَيْئِها وعَمَلِها كما تقول عن حِيلتي نِلتُ ما نِلتُ وعن عملي كان ذلك قال الكميت
كَحالِئةٍ عن كُوعِها وهْيَ تَبْتَغِي ... صَلاحَ أَدِيمٍ ضَيَّعَتْه وتَعْمَلُ
وقال الأَصمعي أَصله أَن المرأَة تَحْلأُ الأَديم وهو نَزْعُ تِحْلِئِه فإِن هي رَفَقَتْ سَلِمَتْ وإِن هي خَرُقَتْ أَخْطأَت فقطَعَت بالشَّفْرَة كُوعها وروي عن الفرَّاء يقال حَلأَتْ حالِئةٌ عن كوعها أَي لِتَغْسِلْ غاسِلةٌ عن كوعها أَي ليَعْمَلْ كلُّ عامل لنفسه قال ويقال اغْسِلْ عن وجهك ويدك ولا يقال اغْسِلْ عن ثوبك وحَلأَ به الأَرضَ ضَرَبها به قال الأَزهري ويجوز جَلأْتُ به الأَرضَ بالجيم ابن الأَعرابي حَلأْتُه عشرين سَوْطاً ومتَحْتُه ومَشَقْتُه ومَشَنْتُه بمعنى واحد وحَلأَ المرأَة نَكَحَها والحَلأُ العُقْبُولُ وحَلِئَتْ شَفَتِي تَحْلأُ حَلأ إِذا بَثُرَتْ ( 2 )
( 2 قوله « بثرت » الثاء بالحركات الثلاث كما في المختار ) أَي خرج فيها غِبَّ الحُمَّى بُثُورُها قال وبعضهم لا يهمز فيقول حَلِيَتْ شَفَتُه حَلًى مقصور ابن السكيت في باب المقصور المهموز الحَلأُ هو الحَرُّ الذي يَخرج على شَفةِ الرَّجلِ غِبَّ الحُمَّى وحَلأْته مائة درهم إِذا أَعْطَيْته التهذيب حكى أَبو جعفر الرُّؤَاسي ما حَلِئتُ منه بطائل فهمز ويقال حَّلأْت السَّوِيقَ قال الفرَّاء همزوا ما ليس بمهموز لأَنه من الحلْواء
والحَلاءةُ أَرضٌ حكاه ابن دريد قال وليس بِثَبَتٍ قال ابن سيده وعندي أَنه ثَبَتٌ وقيل هو اسم ماء وقيل هو اسم موضع قال صخر الغي
[ ص 61 ] كأَنِّي أَراهُ بالحَلاءة شاتِياً ... تُقَفِّعُ أَعْلَى أَنْفِه أُمُّ مِرزَمِ ( 1 )
( 1 قوله « كأني اراه إلخ » في معجم ياقوت الحلاءة بالكسر ويروى بالفتح ثم قال وهو موضع شديد البرد وفسر أم مرزم بالريح البارد )
أُمُّ مِرْزم هي الشَّمالُ فأَجابه أَبو المُثَلَّم
أَعَيَّرْتَني قُرَّ الحِلاءة شاتِياً ... وأَنْت بأَرْضٍ قُرُّها غَيْر مُنْجِمِ
أَي غير مُقْلِعٍ قال ابن سيده وانما قضينا بأَن همزتها وضعية مُعاملة للفظ إِذا لم تَجْتَذِبْه مادَّة ياء ولا واو

( حمأ ) الحَمْأَةُ والحَمَأُ الطين الأَسود المُنتن وفي التنزيل من حَمَإٍ مسنون وقيل حَمَأٌ اسم لجمع حَمْأَةٍ كَحَلَق اسم جمع حَلْقة وقال أَبو عبيدة واحدة الحَمَإِ حَمَأَة كقَصَبة واحدة القَصَب وحَمِئَت البئر حَمَأً بالتحريك فهي حَمِئةٌ إِذا صارت فيها الحَمْأَةُ وكثرت وحَمِئَ الماءُ حَمْأً وحَمَأً خالطته الحَمْأَة فكَدِرَ وتَغَيرت رائحته وعين حَمِئَةٌ فيها حَمْأَة وفي التنزيل وجَدها تَغْرُب في عَيْنٍ حَمِئةٍ وقرأَ ابن مسعود وابن الزبير حاميةٍ ومن قرأَ حامِية بغير همز أَراد حارّةً وقد تكون حارّة ذاتَ حَمْأَة وبئر حَمِئةٌ أَيضأ كذلك وأَحْمأَها إِحْماءً جعل فيها الحَمْأَة وحَمَأَها يَحْمَؤُها حَمْأً بالتسكين أَخرج حَمْأَتها وترابها الأَزهري أَحْمأْتها أَنا إِحْماءً إِذا نَقَّيتها من حَمْأَتها وحَمَأْتُها إِذا أَلقيت فيها الحَمْأَةَ قال الأَزهري ذكر هذا الأَصمعي في كتاب الأَجناس كما رواه الليث وما أَراه محفوظاً الفرَّاء حَمِئْتُ عليه مهموزاً وغير مهموز أَي غَضِبْت عليه وقال اللحياني حَمِيت في الغَضَب أَحْمى حَمْياً وبعضهم حَمِئْت في الغضب بالهمز والحَمءُ والحَمَأُ أَبو زوج المرأَة وقيل الواحد من أَقارب الزوج والزوجة وهي أَقَلُّهما والجمع أَحْمَاء وفي الصحاح الحَمْء كل من كان من قِبَل الزوج مثل الأَخ والأَب وفيه أَربع لغات حَمْء بالهمز وأَنشد
قُلْتُ لِبَوَّابٍ لَدَيْهِ دارُها ... تِيذَنْ فَإِنِّي حَمْؤُها وجَارُها
وحَماً مثل قَفاً وحَمُو مثل أَبُو وحَمٌ مثل أَبٍ وحَمِئ غضب عن اللحياني والمعروف عند أَبي عبيد جَمِئَ بالجيم

( حنأ ) حَنَأَتِ الأَرضُ تَحْنَأُ اخْضَرَّت والتفَّ نَبْتُها وأَخْضَر ناضِرٌ وباقِلٌ وحانِئٌ شديد الخُضْرة والحِنّاءُ بالمد والتشديد معروف والحِنّاءة أَخصُّ منه والجمع حِنّانٌ عن أَبي حنيفة وأَنشد
ولقد أَرُوحُ بِلِمّةٍ فَيْنانةٍ ... سَوْداءَ لم تُخْضَبْ من الحِنّانِ
وحَنَّأَ لِحْيتَه وحَنَّأَ رأْسَه تَحْنِيئاً وتَحْنِئةً خَضَبه بالحِنّاء وابن حِنَّاءة رجل والحِنّاءَتان رَمْلتان في ديار تميم الأَزهري ورأَيت في ديارهم رَكِيَّة تُدعَى الحِنّاءة وقد وردتها وماؤُها في صفرة

( حنطأ ) عَنز حُنَطِئةٌ عريضة ضَخْمة مثال عُلَبِطةٍ بفتح النون والحِنْطَأْوُ والحِنْطَأْوةُ العظيم البطن والحِنْطَأْوُ [ ص 62 ] القصير وقيل العظيم والحِنطِئُ القصير وبه فسَّر السكري قول الأَعلم الهذلي والحِنْطِئُ الحِنْطِيُّ يُمْ ... نَحُ بالعَظيمةِ والرَّغائِبْ
والحِنطِيّ الذي غِذاؤُه الحِنْطة وقال يُمنَح أَي يُطْعَمُ ويكرم ويُرَبَّبُ ويروى يُمْثَجُ أَي يُخْلَط

( خبأ ) خَبَأَ الشيءَ يَخْبَؤُه خَبْأً سَتَرَه ومنه الخابِيةُ وهي الحُبُّ أَصلها الهمزة من خَبَأْتُ إِلاَّ أَن العرب تركت همزه قال أَبو منصور تركت العرب الهمز في أَخْبَيْتُ وخَبَّيْتُ وفي الخابيةِ لأَنها كثرت في كلامهم فاستثقلوا الهمز فيها واخْتَبأَتْ اسْتَتَرتْ وجارية مُخْبَأَةٌ أَي مُسْتَتِرة وقال الليث امرأَة مُخَبَّأَةُ وهي المُعْصِرُ قبل ان تَتَزَوَّج وقيل المُخَبَّأَةُ من الجَواري هي المُخَدَّرة التي لا بُروزَ لها في حديث أَبي أُمامةَ لم أَرَ كاليَوْمِ ولا جِلْدَ مُخَبَّأَةٍ المُخَبَّأَة الجاريةُ التي في خِدْرها لَم تَتَزَوَّج بعدُ لأَنَّ صِيانتها أَبلغ ممن قد تَزَوَّجَتْ وامرأة خُبَأَةٌ مثل هُمَزة تلزم بيتَها وتسْتَتِرُ والخُبَأَةُ المرأَةُ تَطَّلِعُ ثم تَخْتَبِئُ وقول الزِّبْرقان بن بدرٍ إنّ أَبْغَض كَنائِنِي إليَّ الطُّلَعةُ الخُبَأَةُ يعني التي تَطَّلِعُ ثم تَخْبأُ رأْسها ويروى الطُّلَعةُ القُبَعةُ وهي التي تَقْبَعُ رأْسها أَي تُدْخِله وقيل تَخْبَؤُه والعرب تقول خُبَأَةٌ خيرٌ من يَفَعةِ سَوْءٍ أَي بنت تلزم البيت تَخْبَؤُ نَفسها فيه خير من غلام سَوْءٍ لا خير فيه والخَبْءُ ما خُبِئَ سُمِّيَ بالمصدر وكذلك الخَبِيءُ على فَعِيل وفي التنزيل الذي يُخْرِج الخَبْءَ في السموات والأَرضِ الخَبْءُ الذي في السموات هو المطَر والخَبْءُ الذي في الأَرض هو النَّبات قال والصحيح واللّه أَعلم أَنَّ الخَبْءَ كلُّ ما غاب فيكون المعنى يعلم الغيبَ في السموات والأَرض كما قال تعالى ويَعلَم ما تُخْفُون وما تُعْلِنون وفي حديث ابن صَيَّادٍ خَبَأْتُ لك خَبْأً الخَبْءُ كُلُّ شيء غائِبٍ مستور يقال خَبَأْتُ الشيءَ خَبْأً إِذا أَخفَيْته والخَبْءُ والخَبِيءُ والخَبِيئةُ الشيءُ المَخْبُؤءُ وفي حديث عائشةَ تَصِفُ عُمَرَ ولَفَظَت خَبِيئَها أَي ما كان مَخْبُوءاً فيها من النبات تعني الأَرض وفَعِيلٌ بمعنى مفعول والخَبْءُ ما خَبَأْتَ من ذَخيرة ليومٍ ما قال الفرَّاء الخَبْءُ مهموز هو الغَيْب غَيْبُ السموات والأَرض والخُبْأَةُ والخَبِيئةُ جميعاً ما خُبِئَ وفي الحديث اطْلُبوا الرِّزقَ في خَبايا الأَرض قيل معناه الحَرْثُ وإِثارةُ الأَرضِ للزراعة وأَصله من الخَبْء الذي قال اللّه عزَّ وجلَّ يُخْرِجُ الخَبْءَ وواحد الخَبايا خَبِيئةٌ مثل خَطِيئة وخَطايا وأَراد بالخَبايا الزَّرعَ لأَنه إِذا أَلقَى البذر في الأَرض فقد خَبأَه فيها قال عروة بن الزبير ازْرَعْ فان العرب كانت تتمثل بهذا البيت
تَتَبَّعْ خَبايا الأَرضِ وادْعُ مَلِيكَها ... لَعَلَّكَ يَوْماً أَن تُجابَ وتُرْزَقا
ويجوز أَن يكون ما خَبأَه اللّه في مَعادن الأَرض وفي حديث عثمان رضي اللّه عنه قال اخْتَبَأْتُ عند اللّه خِصالاً إنِّي لَرابِعُ الإِسلام وكذا وكذا أَي ادَّخَرْتها وجَعَلْتُها عنده لي والخِباءُ مَدَّته همزة وهو سِمَةٌ توضع في موضع [ ص 63 ] خفي من الناقة النَّجِيبة وانما هي لُذَيْعةٌ بالنار والجمع أَخبِئَةٌ مهموز وقد خَبِئَت النارُ وأَخْبَأَها المُخْبِئُ إِذا أَخْمَدَها والخِباء من الأَبنية والجمع كالجمع قال ابن دريد أَصله من خَبَأْت وقد تَخَبَّأْت خِباءً ولم يقل أَحد إِنَّ خِباء أَصله الهمز الا هو بل قد صُرِّح بخلاف ذلك والخَبِيءُ ما عُمِّيَ من شيء ثم حُوجِيَ به وقد اخْتَبَأَه وخَبِيئَةُ اسم امرأَة قال ابن الأَعرابي هي خَبِيئةُ بنت رِياح بن يَرْبوع بن ثَعْلَبَةَ

( ختأ ) خَتَأَ الرجُلَ يَخْتَؤُه خَتْأً كَفَّه عن الأَمر واخْتَتأَ منه فَرِقَ واختَتأَ له اختِتاءً خَتَلَه قال أَعرابي رأَيت نَمِراً فاخْتَتَأَ لي وقال الأَصمعي اخْتَتَأَ ذَلَّ وقال مرة اخْتَتَأَ اخْتَبَأَ وأَنشد
كُنَّا ومَن عَزَّ بَزَّ نَخْتَبس ... الناسَ ولا نَخْتَتِي لِمُخْتَبِسِ
أَي لمُغتَنِم من الخُباسةِ وهو الغَنِيمةُ أَبو زيد اخْتَتَأْت اخْتِتاءً إِذا ما خِفْتَ أَن يَلْحَقَكَ من المَسَبَّة شيء أَو من السلطان واخْتَتأَ انْقَمَعَ وذَلَّ وإِذا تَغيَّر لَوْنُ الرجل من مَخافةِ شيء نحو السلطانِ وغيره فقد اخْتَتَأَ واخْتَتَأَ الشيءَ اخْتَطَفَه عن ابن الأَعرابي ومَفازة مُختَتِئَةُ لا يُسمع فيها صَوْت ولا يُهتدَى فيها واخْتَتَأَ من فلان اختَبأَ منه واسْتَتَر خَوفاً أَو حَياءً وأَنشد
الأَخفش لعامر بن الطفيل
ولا يُرْهِبُ ابنَ العَمِّ مِنِّيَ صَوْلةٌ ... ولا أَخْتَتِي مِنْ صَوْلةِ المُتَهَدِّدِ
وإِنِّي إِنْ أَوْعَدْتُه أَوْ وَعَدْتُه ... لَيَأْمَنُ مِيعادِي ومُنْجِزُ مَوْعِدِي
ويروى لمُخْلِفُ مِيعادي ومنجز موعدي قال إنما ترك همزه ضرورة ويقال أَراكَ اختَتَأْت من فلان فَرَقاً وقال العجاج مُخْتَتِئاً لشَيِّئانَ مِرْجَمِ قال ابن بري أَصل اختَتَأَ من خَتَا لونه يَخْتُو خُتُوًّا إِذا تغير من فَزَع أَو مرض فعلى هذا كان حقه أَن يُذكر في خَتا من المعتل

( خجأ ) الخَجَأُ النكاح مصدر خَجَأْتها ذكرها في التهذيب بفتح الجيم من حروف كلها كذلك مثل الكَلإِ والرَّشَإِ والحَزَإِ ( 1 ) ( 1 قوله « والحزإ » هو هكذا في التهذيب أيضاً ونقر عنه ) للنبت وما أَشبهها وخَجَأَ المرأَة يَخْجَؤُها خَجأً نَكَحها ورجل خُجَأَةٌ أَي نُكَحةٌ كثير النكاح وفحل خُجَأَة كثير الضِّراب قال اللحياني وهو الذي لا يَزَالُ قاعِياً على كل ناقةٍ وامرأَة خُجَأَةٌ مُتَشَهِّيَةٌ لذلك قالت ابنة الخُسِّ خيرُ الفُحُولِ البازِلُ الخُجَأَةُ قال محمد بن حبيب
وسَوْداءَ مِنْ نَبْهانَ تَثْنِي نِطاقَها ... بأَخْجَى قَعُورٍ أَو جَواعِرِ ذِيبِ ( 2 )
( 2 قوله « وسوداء إلخ » ليس من المهموز بل من المعتل وعبارة التهذيب في خ ج ي قال محمد ابن حبيب الاخجى هنُ المرأة إِذا كان كثير الماء فاسداً قعوراً بعيد المسبار وهو اخبث له
وأنشد وسوداء إلخ وأورده في المعتل من التكملة تبعاً له )
وقوله أَو جواعر ذيب أَراد أَنها رَسْحاء والعرب تقول ما عَلِمْتُ مثل شارَِفٍ خُجَأَةٍ أَي ما صادَفْتُ أَشدَّ [ ص 64 ] منها غُلْمةً والتَّخاجُؤُ أَن يُؤَرِّم اسْتَه ويُخْرِجَ مُؤَخَّرهُ إِلى ما وَراءه وقال حسان بن ثابت
دَعُوا التَّخاجُؤَ وامْشُوا مِشْيةً سُجُعاً ... إنّ الرِّجالَ ذوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ
والعَصْبُ شِدَّة الخَلْق ومنه رجل مَعْصُوب أَي شديد والمِشْيةُ السُّجُحُ السَّهْلة وقيل التَّخاجُؤُ في المَشْي التَّباطُؤُ قال ابن بري هذا البيت في الصحاح دَعُوا التَّخاجِئَ والصحيح التَّخاجُؤُ لأَن التَّفاعُلَ في مصدر تَفاعَلَ حَقُّهُ أَن يكون مضموم العين نحو التَّقاتُلِ والتَّضارُبِ ولا تكون العين مكسورة إِلاَّ في المعتل اللام نحو التَّغازِي والتَّرامِي والصواب في البيت دَعُوا التَّخاجُؤَ والبيت في التهذيب أَيضاً كما هو في الصحاح دَعُوا التَّخاجِئَ وقيل التَّخاجُؤُ مِشْيَةٌ فيها تَبَخْتُر والخُجَأَة الأَحمق وهو أَيضاً المُضْطَرِبُ وهو أَيضاً الكَثِير اللَّحْمِ الثَّقِيلُ أَبو زيد إِذا أَلَحَّ عليك السائلُ حتى يُبْرِمَكَ ويُمِلَّك قلت أَخْجَأَنِي إِخْجاءً وأَبْلَطَنِي شمر خَجَأْتُ خُجُوءاً إِذا انْقَمَعت وخَجِئْتُ إِذا اسْتَحْيَيْت والخَجَأُ الفُحْشُ مصدر خَجِئْتُ

( خذأ ) خَذِئَ له وخَذَأَ له يَخْذَأُ خَذَأً وخَذْءاً وخُذُوءاً خَضَعَ وانْقادَ له وكذلك اسْتَخْذَأْتُ له وتركُ الهمز فيه لغة وأَخْذَأَه فلان أَي ذلَّله وقيل لأَعرابي كيف تقول اسْتَخْذَيْت لِيُتَعَرَّفَ منه الهمزُ ؟ فقال العرب لا تَسْتَخْذِئُ وهَمَزَه والخَذَأُ مقصور ضَعْفُ النَّفْسِ

( خرأ ) الخُرْءُ بالضم العَذِرةُ خَرِئَ خِرَاءة وخُرُوءة وخَرْءاً سَلَحَ مثل كَرِهَ كَرَاهةً وكَرْهاً والاسم الخِراءُ قال الأَعشى يا رَخَماً قاظَ على مَطْلُوبِ يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ وشَعَر الأَسْتاهِ في الجَبُوبِ معنى قاظ أَقام يقال قَاظَ بالمكان أَقامَ به في القَيْظ والمُطِيب المُسْتَنْجِي والجَبُوبُ وجهُ الأرض وفي الحديث أَن الكُفَّارَ قالوا لسَلْمانَ إِنّ محمداً يُعَلِّمُكم كلَّ شيءٍ حتى الخِراءةَ قال أَجَلْ أَمَرَنا أَن لا نَكْتَفِيَ بأَقَلَّ مِن ثَلاثةِ أَحْجارٍ ابن الأَثير الخِراءةُ بالكسر والمدّ التَّخَلي والقُعود للحاجة قال الخطابي وأَكثر الرُّواة يفتحون الخاء قال وقد يحتمل أن يكون بالفتح مصدراً وبالكسر اسماً
واسم السَّلْحِ الخُرْءُ والجمع خُرُوءٌ فُعُول مثل جُنْدٍ وجُنُودٍ قال جَوَّاسُ بن نُعَيْمٍ الضَّبِّي يهجو وقد نسبه ابن القَطَّاعِ لجَوَّاس بن القَعْطَلِ وليس له
كأَنَّ خُروءَ الطَّيْرِ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ ... إِذا اجْتَمَعَتْ قَيْسٌ معاً وتَمِيمُ
مَتَى تَسْأَلِ الضَّبِّيَّ عن شَرِّ قَوْمِه ... يَقُلْ لَكَ إنَّ العائذِيَّ لَئِيمُ
كأَن خروء الطير فوقَ رؤُوسِهم أَي من ذُلِّهم ومن جمعه أَيضاً خُرْآنٌ وخُرُؤ فُعُلٌ يقال رَمَوْا بِخُرُوئهم وسُلُوحِهم ورَمَى بخُرْآنِه وسُلْحانِه [ ص 65 ] وخُروءة فُعولةٌ وقد يقال ذلك للجُرَذِ والكَلْب قال بعض العرب طُلِيتُ بشيءٍ كأَنه خُرْءُ الكلب وخُرُوءٌ يعني النورة وقد يكون ذلك للنَّحل والذُّباب والمَخْرَأَةُ والمَخْرُؤَةُ موضع الخِراءة التهذيب والمَخْرُؤةُ المكان الذي يُتَخَلَّى فيه ويقال للمَخْرَج مَخْرُؤَةٌ ومَخْرَأَةٌ

( خسأ ) الخاسِئُ من الكِلاب والخَنازِير والشياطين البعِيدُ الذي لا يُتْرَكُ أَن يَدْنُوَ من الإِنسانِ والخاسِئُ المَطْرُود وخَسَأَ الكلبَ يَخْسَؤُه خَسْأً وخُسُوءاً فَخَسَأَ وانْخَسَأَ طَرَدَه قال كالكَلْبِ إِنْ قِيلَ له اخْسَإِ انْخَسَأْ أَي إِنْ طَرَدْتَه انْطَرَدَ الليث خَسَأْتُ الكلبَ أَي زَجَرْتَه فقلتَ له اخْسَأْ ويقال خَسَأْتُه فَخَسَأَ أَي أَبْعَدْتُه فَبَعُد وفي الحديث فَخَسَأْتُ الكلبَ أَي طَرَدْتُه وأَبْعَدْتُه والخاسِئُ المُبْعَدُ ويكون الخاسِئُ بمعنى الصاغِرِ القَمِئِ وخسَأَ الكلبُ بنَفْسِه يَخْسَأُ خُسوءاً يَتعدَّى ولا يتعدّى ويقال اخْسَأْ اليك واخْسَأْ عنِّي وقال الزجاج في قوله عز وجل قال اخْسَؤوا فيها ولا تُكَلِّمُونِ معناه تَباعُدُ سَخَطٍ وقال اللّه تعالى لليهود كُونوا قِرَدةً خاسِئين أَي مَدْحُورِين وقال الزجاج مُبْعَدِين وقال ابن أَبي إِسحق لبُكَيْرِ بن حبيب ما أَلحَن في شيء فقال لا تَفْعَلْ فقال فخُذْ عليَّ كَلِمةً فقال هذه واحدة قل كَلِمهْ ومرَّت به سِنَّوْرةٌ فقال لها اخْسَيْ فقال له أَخْطَأْتَ انما هو اخْسَئِي وقال أَبو مهدية اخْسَأْنانِّ عني قال الأَصمعي أَظنه يعني الشياطين وخَسَأَ بصَرُه يَخْسَأُ خَسْأً وخُسُوءاً إِذا سَدِرَ وكَلَّ وأَعيا وفي التنزيل « يَنْقَلِبْ اليكَ البَصَرُ خاسِئاً وهُو حَسِير » وقال الزجاج خاسِئاً أَي صاغِراً منصوب على الحال وتخاسَأَ القومُ بالحجارة تَرامَوْا بها وكانت بينهم مُخاسأَةُ

( خطأ ) الخَطَأُ والخَطاءُ ضدُّ الصواب وقد أَخْطَأَ وفي التنزيل وليسَ عليكم جُناحٌ فيما أَخْطَأْتُم به » عدَّاه بالباء لأَنه في معنىعَثَرْتُم أَو غَلِطْتُم وقول رؤْبة
يا رَبِّ إِنْ أَخْطَأْتُ أَو نَسِيتُ ... فأَنتَ لا تَنْسَى ولا تمُوتُ
فإِنه اكْتَفَى بذكر الكَمال والفَضْل وهو السَّبَب من العَفْو وهو المُسَبَّبُ وذلك أَنّ من حقيقة الشرط وجوابه أَن يكون الثاني مُسَبَّباً عن الأَول نحو قولك إِن زُرْتَنِي أَكْرَمْتُك فالكرامة مُسَبَّبةٌ عن الزيارة وليس كونُ اللّه سبحانه غير ناسٍ ولا مُخْطِئٍ أَمْراً مُسبَّباً عن خَطَإِ رُؤْبَة ولا عن إصابته إِنما تلك صفة له عزَّ اسمه من صفات نفسه لكنه كلام محمول على معناه أَي إِنْ أَخْطَأْتُ أَو نسِيتُ فاعْفُ عني لنَقْصِي وفَضْلِك وقد يُمدُّ الخَطَأُ وقُرئَ بهما قوله تعالى ومَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً وأَخْطَأَ وتَخَطَّأَ بمعنى ولا تقل أَخْطَيْتُ وبعضهم يقوله وأَخْطَأَه ( 1 )
( 1 قوله « وأخطأه » ما قبله عبارة الصحاح وما بعده عبارة المحكم ولينظر لم وضع المؤلف هذه الجملة هنا ) وتَخَطَّأَ له في هذه المسأَلة وتَخَاطَأَ كلاهما أَراه أَنه مُخْطِئٌ فيها الأَخيرة عن الزجاجي حكاها في الجُمل وأَخْطَأَ الطَّرِيقَ عَدَل عنه وأَخْطَأَ الرَّامِي الغَرَضَ لم يُصِبْه [ ص 66 ] وأَخْطَأَ نَوْؤُه إِذا طَلَبَ حاجتَه فلم يَنْجَحْ ولم يُصِبْ شيئاً وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه سُئل عن رَجُل جعلَ أَمْرَ امرَأَتِه بيدِها فقالت أَنتَ طالِقٌ ثلاثاً فقال خَطَّأَ اللّه نَوْأَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نَفْسَها يقال لمَنْ طَلَبَ حاجةً فلم يَنْجَحْ أَخْطَأَ نَوْؤُكَ أَراد جعل اللّه نَوْأَها مُخطِئاً لا يُصِيبها مَطَرُه ويروى خَطَّى اللّه نَوْأَها بلا همز ويكون من خَطَط وهو مذكور في موضعه ويجوز أَن يكون من خَطَّى اللّه عنك السوءَ أَي جعله يتَخَطَّاك يريد يَتَعدَّاها فلا يُمْطِرُها ويكون من باب المعتلّ اللام وفيه أَيضاً حديث عثمان رضي اللّه عنه أَنه قال لامْرأَة مُلِّكَتْ أَمْرَها فطَلَّقت زَوْجَها إِنَّ اللّه خَطَّأَ نَوْأَها أَي لم تُنْجِحْ في فِعْلها ولم تُصِب ما أَرادت من الخَلاص الفرَّاء خَطِئَ السَّهْمُ وخَطَأَ لُغتانِ ( 1 )
( 1 قوله « خطئ السهم وخطأ لغتان » كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في التهذيب عن الفراء عن أبي عبيدة وكذا في صحاح الجوهري عن أبي عبيدة خطئ وأخطأ لغتان بمعنى وعبارة المصباح قال أبو عبيدة خطئ خطأ من باب علم واخطأ بمعنى واحد لمن يذنب على غير عمد وقال غيره خطئ في الدين واخطأ في كل شيء عامداً كان أو غير عامد وقيل خطئ إِذا تعمد إلخ فانظره وسينقل المؤلف نحوه وكذا لم نجد فيما بأيدينا من الكتب خطأ عنك السوء ثلاثياً مفتوح الثاني )
والخِطْأَةُ أَرض يُخْطِئها المطر ويُصِيبُ أُخْرى قُرْبَها ويقال خُطِّئَ عنك السُّوء إِذا دَعَوْا له أَن يُدْفَع عنه السُّوءُ وقال ابن السكيت يقال خُطِّئَ عنك السُّوء وقال أَبو زيد خَطَأَ عنك السُّوءُ أَي أَخْطَأَك البَلاءُ وخَطِئَ الرجل يَخطَأُ خِطْأً وخِطْأَةً على فِعْلة أَذنب
وخَطَّأَه تَخْطِئةً وتَخْطِيئاً نَسَبه إِلى الخَطا وقال له أَخْطَأْتَ يقال إِنْ أَخْطَأْتُ فَخَطِّئْني وإِن أَصَبْتُ فَصَوِّبْني وإِنْ أَسَأْتُ فَسَوِّئْ عليَّ أَي قُل لي قد أَسَأْتَ وتَخَطَّأْتُ له في المسأَلة أَي أَخْطَأْتُ وتَخَاطَأَه وتَخَطَّأَه أَي أَخْطَأَهُ قال أَوفى بن مطر المازني
أَلا أَبْلِغا خُلَّتي جابراً ... بأَنَّ خَلِيلَكَ لم يُقْتَلِ
تَخَطَّأَتِ النَّبْلُ أَحْشاءَهُ ... وأَخَّرَ يَوْمِي فلم يَعْجَلِ
والخَطَأُ ما لم يُتَعَمَّدْ والخِطْء ما تُعُمِّدَ وفي الحديث قَتْلُ الخَطَإِ دِيَتُه كذا وكذا هو ضد العَمْد وهو أَن تَقْتُلَ انساناً بفعلك من غير أَنْ تَقْصِدَ قَتْلَه أَو لا تَقْصِد ضرْبه بما قَتَلْتَه به وقد تكرّر ذكر الخَطَإِ والخَطِيئةِ في الحديث وأَخْطَأَ يُخْطِئُ إِذا سَلَكَ سَبيلَ الخَطَإِ عَمْداً وسَهْواً ويقال خَطِئَ بمعنى أَخْطَأَ وقيل خَطِئَ إِذا تَعَمَّدَ وأَخْطَأَ إِذا لم يتعمد ويقال لمن أَراد شيئاً ففعل غيره أَو فعل غير الصواب أَخْطَأَ وفي حديث الكُسُوفِ فأَخْطَأَ بدِرْعٍ حتى أُدْرِكَ بِرِدائه أَي غَلِطَ قال يقال لمن أَراد شيئاً ففعل غيره أَخْطَأَ كما يقال لمن قَصَد ذلك كأَنه في اسْتِعْجاله غَلِطَ فأَخَذ درع بعض نِسائهِ عوَض ردائه ويروى خَطا من الخَطْوِ المَشْيِ والأَوّل أَكثر وفي حديث الدّجّال أَنه تَلِدُه أُمّه فَيَحْمِلْنَ النساءُ بالخطَّائِين يقال رجل خَطَّاءٌ إِذا كان مُلازِماً للخَطايا غيرَ تارك لها وهو من أَبْنِية المُبالغَة ومعنى يَحْمِلْن بالخَطَّائِينَ أَي بالكَفَرة والعُصاة الذين يكونون تَبَعاً [ ص 67 ] للدَّجَّال وقوله يَحْمِلْنَ النِّساءُ على قول من يقول أَكَلُوني البَراغِيثُ ومنه قول الآخر بِحَوْرانَ يَعْصِرْنَ السَّلِيطَ أَقارِبُهْ وقال الأُموي المُخْطِئُ من أَراد الصواب فصار إِلى غيره والخاطِئُ من تعمَّد لما لا ينبغي وتقول لأَن تُخْطِئ في العلم أَيسَرُ من أَن تُخْطِئ في الدِّين ويقال قد خَطِئْتُ إِذا أَثِمْت فأَنا أَخْطَأُ وأَنا خاطِئٌ قال المُنْذِري سمعتُ أَبا الهَيْثَم يقول خَطِئْتُ لما صَنَعه عَمْداً وهو الذَّنْب وأَخْطَأْتُ لما صَنعه خَطَأً غير عمد قال والخَطَأُ مهموز مقصور اسم من أَخْطَأْتُ خَطَأً وإِخْطاءً قال وخَطِئتُ خِطْأً بكسر الخاء مقصور إِذا أَثمت وأَنشد
عِبادُك يَخْطَأُونَ وأَنتَ رَبٌّ ... كَرِيمٌ لا تَلِيقُ بِكَ الذُّمُومُ
والخَطِيئةُ الذَّنْبُ على عَمْدٍ والخِطْءُ الذَّنْبُ في قوله تعالى انَّ قَتْلَهُم كان خِطْأً كَبيراً أَي إِثْماً وقال تعالى إِنَّا كُنَّا خاطِئينَ أَي آثِمِينَ والخَطِيئةُ على فَعِيلة الذَّنْب ولك أَن تُشَدّد الياء لأَنَّ كل ياء ساكنة قبلها كسرة أَو واو ساكنة قبلها ضمة وهما زائدتان للمدّ لا للالحاق ولا هما من نفس الكلمة فإِنك تَقْلِبُ الهمزة بعد الواو واواً وبعد الياء ياءً وتُدْغِمُ وتقول في مَقْرُوءٍ مَقْرُوٍّ وفي خَبِيءٍ خَبِيٍّ بتشديد الواو والياء والجمع خَطايا نادر وحكى أَبو زيد في جمعه خَطائئُ بهمزتين على فَعائل فلما اجتمعت الهمزتان قُلبت الثانية ياء لأَن قبلها كسرة ثم استثقلت والجمع ثقيل وهو مع ذلك معتل فقلبت الياء أَلِفاً ثم قلبت الهمزة الاولى ياءً لخفائها بين الأَلفين وقال الليث الخَطِيئةُ فَعيلة وجمعها كان ينبغي أَن يكون خَطائِئَ بهمزتين فاستثقلوا التقاء همزتين فخففوا الأَخيرةَ منهما كما يُخَفَّف جائئٌ على هذا القياس وكَرِهوا أَن تكون عِلَّتهُ مِثْلَ عِلّةِ جائِئٍ لأَن تلك الهمزة زائدة وهذه أَصلية فَفَرُّوا بِخَطايا إِلى يَتَامى ووجدوا له في الأَسماء الصحيحة نَظِيراً وذلك مثل طاهِرٍ وطاهِرةٍ وطَهارَى وقال أَبو إِسحق النحوي في قوله تعالى نَغْفِرْ لكم خَطاياكم قال الأَصل في خطايا كان خَطايُؤاً فاعلم فيجب أَن يُبْدَل من هذه الياء همزةٌ فتصير خَطائِيَ مثل خَطاعِعَ فتجتمع همزتان فقُلِبت الثانية ياءً فتصير خَطائِيَ مثل خَطَاعِيَ ثم يجب أَن تُقْلب الياء والكسرة إِلى الفتحة والأَلف فيصير خَطاءا مثل خَطاعا فيجب أَن تبدل الهمزة ياءً لوقوعها بين ألفين فتصير خَطايا وإِنما أَبدلوا الهمزة حين وقعت بين أَلفين لأَنَّ الهمزة مُجانِسَة للالفات فاجتمعت ثلاثة أَحرف من جنس واحد قال وهذا الذي ذكرنا مذهب سيبويه الأَزهري في المعتل في قوله تعالى ولا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ قال قرأَ بعضهم خُطُؤَات الشَّيطان مِنَ الخَطِيئَةِ المَأْثَمِ قال أَبو منصور ما علمت أَنَّ أَحداً من قُرّاء الأَمصار قرأَه بالهمزة ولا معنى له وقوله تعالى والذي أَطْمَعُ أَن يَغْفِرَ لِي خَطِيئتِي يوم الدِّين قال الزجاج جاء في التفسير أَنّ خَطِيئَته قولهُ إِنَّ سارةَ أُخْتِي وقولهُ بَلْ فَعَلهُ كبِيرُهم وقولهُ إِنِّي سَقِيمٌ قال ومعنى خَطيئتِي أَن الأَنبياء بَشَرٌ وقَد تجوز أَن تَقَعَ عليهم الخَطِيئةُ إِلا أَنهم صلواتُ اللّه عليهم لا تكون منهم الكَبِيرةُ لأَنهم مَعْصُومُونَ صَلواتُ اللّه عليهم أَجمعين وقد أَخْطَأَ وخَطِئَ لغَتان بمعنى واحد قال امرؤ القَيْسِ [ ص 68 ] يا لَهْفَ هِنْدٍ إِذْ خَطِئْنَ كاهِلا أَي إِذْ أَخْطَأْنَ كاهِلا قال وَوَجْهُ الكَلامِ فيه أَخْطَأْنَ بالأَلف فردّه إِلى الثلاثي لأَنه الأَصل فجعل خَطِئْنَ بمعنى أَخْطَأْنَ وهذا الشعر عَنَى به الخَيْلَ وإِن لم يَجْرِ لها ذِكْر وهذا مثل قوله عزَّ وجل حتى تَوارَتْ بالحِجاب وحكى أَبو علي الفارس عن أَبي زيد أَخْطَأَ خاطِئةً جاءَ بالمصدر على لفظ فاعِلةٍ كالعافيةِ والجازيةِ وفي التنزيل والمُؤْتَفِكاتِ بالخاطِئةِ وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهمَا أَنهم نصبوا دَجاجةً يَتَرامَوْنَها وقد جَعلُوا لِصاحِبها كُلَّ خاطئةٍ من نَبْلِهم أَي كلَّ واحِدةٍ لا تُصِيبُها والخاطِئةُ ههنا بمعنى المُخْطِئةِ وقولُهم ما أَخْطَأَه إِنما هو تَعَجُّبٌ مِن خَطِئَ لا مِنْ أَخطَأَ وفي المَثل مع الخَواطِئِ سَهْمٌ صائِبٌ يُضْرَبُ للذي يُكثر
الخَطَأَ ويأْتي الأَحْيانَ بالصَّواب وروى ثعلب أَن ابنَ الأَعرابي
أَنشده ولا يَسْبِقُ المِضْمارَ في كُلِّ مَوطِنٍ ... مِنَ الخَيْلِ عِنْدَ الجِدِّ إِلاَّ عِرابُها
لِكُلِّ امْرئٍ ما قَدَّمَتْ نَفْسُه له ... خطاءَاتُها ( 1 ) إِذ أَخْطأَتْ أَو صَوابُها
( 1 قوله « خطاآتها » كذا بالنسخ والذي في شرح القاموس خطاءتها بالأفراد ولعل الخاء فيهما مفتوحة )
ويقال خَطِيئةُ يومٍ يمُرُّ بِي أَن لا أَرى فيه فلاناً وخَطِيئةُ
لَيْلةٍ تمُرُّ بي أَن لا أَرى فلاناً في النَّوْم كقوله طِيل ليلة وطيل يوم ( 2 )
( 2 قوله « كقوله طيل ليلة إلخ » كذا في النسخ وشرح القاموس )

( خفأ ) خَفَأَ الرَّجُلَ خَفْأً صَرَعَه وفي التهذيب اقْتَلعه وضَرب به الأَرضَ وخَفَأَ فلان بَيْتَه قَوَّضَه وأَلْقاه

( خلأ ) الخِلاءُ في الإِبل كالحِرانِ في الدَّوابِّ خَلأَتِ الناقةُ تَخْلأُ خَلأ وخِلاءً بالكسر والمدّ وخُلُوءاً وهي خَلُوءٌ بَرَكَتْ أَو حَرَنَتْ مِنْ غيرِ علةٍ وقيل إِذا لم تَبْرَحْ مَكانَها وكذلك الجَمَلُ وخص بعضُهم به الاناثَ من الابل وقال في الجمل أَلَحَّ وفي الفرس حَرَنَ قال ولا يقال للجمل خَلأَ يقال خَلأَتِ الناقةُ وأَلَحَّ الجَمَلُ وحَرَنَ الفرسُ وفي الحديث أَن ناقة النبي صلى اللّه عليه وسلم خَلأَتْ به يومَ الحُدَيْبِيةِ فقالوا خَلأَتِ القَصْواءُ فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما خَلأَتْ وما هُو لها بِخُلُقٍ ولكن حَبَسَها حابِسُ الفِيلِ قال زهير يصف ناقة
بآرِزةِ الفَقارةِ لم يَخُنْها ... قِطافٌ في الرِّكاب ولا خِلاءُ
قال الراجز يصف رَحَى يَدٍ فاسْتعارَ ذلك لها بُدِّلْتُ مِن وَصْلِ الغَوانِي البِيضِ كَبْداءَ مِلْحاحاً على الرَّضيضِ تَخْلأُ إِلاَّ بيدِ القَبِيضِ القَبِيضُ الرَّجلُ الشديدُ القَبْضِ على الشيء والرَّضِيضُ حِجارةُ المَعادِن فيها الذهبُ والفضة والكَبْداءُ الضَّخْمةُ الوَسطِ يعني رَحًى تَطْحَنُ حجارةَ المَعْدِنِ وتَخْلأُ تَقُومُ فلا تجري وخَلأَ الانسانُ يَخْلأُ خُلُوءاً لَمْ يَبْرَحْ مكانَه وقال اللحياني خَلأَتِ الناقةُ تَخْلأُ خِلاءً وهي ناقةٌ خالِئٌ بغير هاء إِذا بَرَكَتْ فلم تَقُمْ فإِذا قامت ولم تَبْرَحْ قيل حَرَنَتْ تَحْرُنُ حِراناً وقال أَبو منصور والخِلاء لا يكون الا للناقة وأَكثر ما يكون [ ص 69 ] الخِلاء منها إِذا ضَبِعَتْ تَبْرك فلا تَثُور وقال ابن شميل يقال للجمل خَلأَ يَخْلأُ خِلاءً إِذا بَرَكَ فلم يقم قال ولا يقال خَلأَ إِلاَّ للجمل قال أَبو منصور لم يعرف ابن شميل الخِلاء فجعله للجمل خاصة وهو عند العرب للناقة وأَنشد قول زهير بآرزة الفقارة لم يخنها والتِّخْلِئُ الدنيا وأَنشد أَبو حمزة
لو كان في التِّخْلِئِ زَيْد ما نَفَعْ ... لأَنَّ زَيْداً عاجِزُ الرَّأْيِ لُكَعْ ( 1 )
( 1 قوله « لو كان في التخلئ إلخ » في التكملة بعد المشطور الثاني
إِذا رأى الضيف توارى وانقمع )
ويقال تِخْلِئٌ وتَخْلِئٌ وقيل هو الطعام والشراب يقال لو كان في التِّخْلِئ ما نفعه وخالأَ القومُ تركوا شيئاً وأَخذوا في غيره حكاه ثعلب وأَنشد
فلَمَّا فَنى ما في الكَنائنِ خالَؤُوا ... إِلى القَرْعِ من جِلدِ الهِجانِ المُجَوَّبِ
يقول فَزِعُوا إِلى السُّيوف والدَّرَقِ وفي حديث أُم زَرْع كنتُ لكِ كأَبِي زَرْعٍ لأُمّ زرعٍ في الأُلْفةِ والرِّفاء لا في الفُرْقةِ والخِلاء الخِلاء بالكسر والمدّ المُباعَدةُ والمُجانَبةُ

( خمأ ) الخَمَأ مقصور موضع

( دأدأ ) الدِّئْداءُ أَشدُّ عَدْوِ البعيرِ دَأْدَأَ دَأْدأَةً ودِئْداءً ممدود عَدا أَشَدَّ العَدْو ودَأْدَأْت دَأْدَأَةً قال أَبو دُواد يَزِيد بن معاويةَ بن عَمرو بن قَيس بن عُبيد بن رُؤَاس بن كِلاب بن ربِيعةَ بن عامر بن صَعْصَعَة الرُّؤاسي وقيل في كُنيته أَبو دُوادٍ
واعْرَوْرَتِ العُلُطَ العُرْضِيَّ تَرْكُضُه ... أُمُّ الفَوارِسِ بالدِّئْداء والرَّبَعَهْ
وكان أَبو عُمر الزَّاهِدُ يقول في الرُّؤَاسي أَحدِ القُرّاء والمُحدِّثين إِنه الرَّواسِي بفتح الراء والواو من غير همز منسوب إِلى رَواسٍ قبيلة من بني سليم وكان ينكر أَن يقال الرؤاسِي بالهمز كما يقوله المُحدِّثُون وغيرهم وبَيْتُ أَبي دُواد هذا المتقدم يُضْرب مثلاً في شِدَّة الأَمر يقول رَكِبَتْ هذه المرأَةُ التي لها بَنُونَ فوارِسُ بَعِيراً صَعْباً عُرْياً من شِدَّة الجَدْبِ وكان البَعِيرُ لا خِطام له وإِذا كانت أُمّ الفَوارِس قد بَلَغَ بها هذا الجَهدُ فكيف غَيرُها ؟ والفَوارِسُ في البيت الشُّجْعان يقال رجل فارِسٌ أَي شُجاعٌ والعُلُطُ الذي لا خِطامَ عليه ويقال بَعِيرٌ عُلُطٌ مُلُطٌ إِذا لم يكن عليه وَسْمٌ والدِّئداءُ والرَّبَعةُ شِدّة العَدْوِ قيل هو أَشَدُّ عَدْو البَعِير وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه وَبْرٌ تَدَأْدَأَ من قَدُومِ ضَأْنٍ أَي أَقْبَلَ علينا مُسْرِعاً وهو من الدِّئداء أَشدِّ عَدْوِ البعير وقد دَأْدَأَ وتَدَأْدَأَ ويجوز أَن يكون تَدَهْدَه فقُلِبَت الهاءُ همزة أَي تَدَحْرَجَ وسقط علينا وفي حديث أُحُدٍ فَتَدَأْدَأَ عن فرسه ودَأْدَأَ الهِلالُ إِذا أَسْرَعَ السَّيْرَ قال وذلك أَن يكون في آخر مَنْزِل من منازِل القمر فيكون في هُبُوطٍ فَيُدَأْدِئُ فيها دِئْداءً ودَأْدأَتِ الدابةُ عَدَتْ عَدْواً فوق العَنَقِ أَبو عمرو الدَّأْداءُ النَّخُّ من السير وهو السَّرِيع والدَّأْدأَة السُّرْعة والإِحْضارُ [ ص 70 ] وفي النوادر دَوْدَأَ فلان دَوْدأَةً وتَوْدَأَ تَوْدَأَةً وكَوْدَأَ كَوْدَأَةً إِذا عَدا والدَّأْدأَةُ والدِّئداءُ في سير الابل قَرْمَطةٌ فوق الحَفْد ودَأْدَأَ في أَثَرِه تَبِعَه مُقْتَفِياً له ودَأْدأَ منه وتَدَأْدَأَ أَحْضَر نَجاءً منه فتَبِعَه وهو بين يديه والدَّأْداءُ والدُّؤْدُؤُ والدُّؤْداءُ ( 1 )
( 1 قوله « والدؤداء » كذا ضبط في هامش نسخة من النهاية يوثق بضبطها معزوّاً للقاموس ووقع فيه وفي شرحه المطبوعين الدؤدؤ كهدهد والثابت فيه على كلا الضبطين ثلاث لغات لا أربع )
والدِّئداءُ آخر أَيام الشهر قال
نحنُ أَجَزْنا كُلَّ ذَيَّالٍ قَتِرْ ... في الحَجِّ مِنْ قَبْلِ دَآدِي المُؤْتَمِرْ
أَراد دَآدئَ المُؤْتَمِر فأَبدل الهمزة ياءً ثم حذفها لالتقاء الساكنين قال الأَعشى
تَدَارَكَه في مُنْصِل الأَلِّ بَعْدَما ... مَضَى غير دَأْداءٍ وقد كادَ يَعْطَبُ
قال الأَزهري أَراد أَنه تَدارَكَه في آخر ليلة من ليالِي رجبٍ وقيل الدَأْداءُ والدِّئداءُ ليلة خمسٍ وسِتٍّ وسبعٍ وعشرين وقال ثعلب العرب تسمي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين الدَّآدِئَ والواحدة دَأْداءة وفي الصحاحِ الدآدِئُ ثلاثُ ليالٍ من آخر الشهر قبلَ ليالي المِحاق والمِحاقُ آخِرُها وقيل هِيَ هِيَ أَبو الهيثم الليالي الثلاثُ التي بَعْدَ المِحاقِ سُمِّينَ دَآدِئَ لأَن القمر فيهايُدَأْدِئُ إِلى الغُيوب أَي يُسْرِعُ من دَأْدَأَةِ البعير وقال الأَصمعي في ليالي الشهر ثلاثٌ مِحاقٌ وثلاثٌ دَآدِئُ قال والدَّآدِئُ الأَواخر وأَنشد
أَبْدَى لنا غُرَّةَ وَجْهٍ بادي ... كَزُهْرَةِ النُّجُومِ في الدَّآدِي
وفي الحديث أَنه نَهَى عن صَوْمِ الدَّأْداءِ قيل هو آخِرُ الشهر وقيل يومُ الشَّكِّ وفي الحديث ليس عُفْرُ الليالِي كالدَّآدِئِ العُفْرُ البِيضُ المُقْمِرةُ والدَّآدِئُ المُظْلِمةُ لاِختفاءِ القمر فيها والدَّأْداءُ اليومُ الذي يُشَكُّ فيه أَمِنَ الشَّهْرِ هو أَمْ مِنَ الآخَرِ وفي التهذيب عن أَبي بكر الدَّأْداءُ التي يُشَكُّ فيها أَمِن آخِر الشهرِ الماضي هي أَمْ مِنْ أَوَّلِ الشَّهرِ المُقْبِل وأَنشد بيت الأَعشى مَضَى غيرَ دَأْدَاءٍ وقد كادَ يَعْطَبُ وليلةٌ دأْداءُ ودَأْدَاءة شديدةُ الظُّلْمة وتَدَأْدَأَ القومُ تزاحَمُوا وكلُّ ما تَدَحْرَج بين يَدَيْك فذَهَب فقد تَدَأْدأَ ودأْدأَةُ الحَجر صَوْتُ وَقْعه على المَسِيلِ الليث الدَّأْداءُ صَوْتُ وَقعِ الحِجارة في المَسِيل الفرّاء يقال سمعت له دَودأَةً أَي جَلَبةً وإِني لأَسْمَع له دَوْدَأَةً مُنْذ اليومِ أَي جَلَبةً ورأَيت في حاشية بعض نسخ الصحاح ودَأْدَأَ غَطَّى قال وقد دَأْدَأْتُمُ ذاتَ الوُسومِ وتَدَأْدَأَتِ الإِبِلُ مثل أَدَّتْ إِذا رَجَّعَت الحنِينَ في أَجْوافِها وتَدَأْدَأَ حِمْلُه مالَ وتَدَأْدَأَ الرَّجل في مَشْيِه تَمَايَلَ وتَدأْدأَ عن الشيءِ مال فَتَرَجَّحَ به ودَأْدَأَ الشيءَ حَرَّكه وسَكَّنَه [ ص 71 ] والدَّأْداءُ عَجلة ( 1 )
( 1 قوله « والدأداء عجلة » كذا في النسخ وفي نسخة التهذيب أيضاً والذي في شرح القاموس والدأدأة عجلة إلخ ) جَواب الأَحْمق والدَّأْدأَةُ صوت تَحريكِ الصبي في المَهْد والدَّأْداءُ ما اتَّسَع من التِّلاع والدَّأْداء الفَضاء عن أَبي مالك

( دبأ ) دَبَّأَ على الأَمرِ غَطَّى أَبو زيد دَبَّأْتُ الشيءَ ودَبَّأْتُ عليه إِذا غَطَّيْتَ عليه ورأَيت في حاشية نسخة من الصحاح دَبَأْتُه بالعَصا دَبْأَ ضَرَبْته

( دثأ ) الدَّثَئِيُّ من المطَر الذي يأْتي بعد اشتداد الحرّ قال ثعلب هو الذي يجيءُ إِذا قاءَ ت الأَرضُ الكَمأَة والدَّثَئِيُّ نِتَاجُ الغَنمِ في الصَّيف كلُّ ذلك صِيغَ صِيغةَ النَّسب وليس بِنَسَب

( درأ ) الدَّرْءُ الدَّفْع دَرَأَهُ يَدْرَؤُهُ دَرْءاً ودَرْأَةً دَفَعَهُ وتَدارَأَ القومُ تَدافَعوا في الخُصومة ونحوها واخْتَلَفوا ودارأْتُ بالهمز دافَعْتُ وكلُّ مَن دَفَعْتَه عنك فقد دَرَأْتَه قال أَبو زبيد
كانَ عَنِّي يَرُدُّ دَرْؤُكَ بَعْدَ ... اللّهِ شَغْبَ المُسْتَصْعِبِ المِرِّيد
يعني كان دَفْعُكَ وفي التنزيل العزيز « فادّارَأْتُم فيها » وتقول تَدارأْتم أَي اخْتَلَفْتُم وتَدَافَعْتُم وكذلك ادّارَأْتُمْ وأَصله تَدارَأْتُمْ فأُدْغِمت التاءُ في الدال واجتُلِبت الأَلف ليصح الابتداءُ بها وفي الحديث إِذا تَدارَأْتُمْ في الطَّرِيق أَي تَدافَعْتم واخْتَلَفْتُمْ والمُدارَأَةُ المُخالفةُ والمُدافَعَةُ يقال فلان لا يُدارِئُ ولا يُمارِي وفي الحديث كان لا يُدارِي ولا يُمارِي أَي لا يُشاغِبُ ولا يُخالِفُ وهو مهموز وروي في الحديث غير مهموز ليُزاوِجَ يُمارِي وأَما المُدارأَة في حُسْنِ الخُلُق والمُعاشَرة فإِن ابن الأَحمر يقول فيه انه يهمز ولا يهمز يقال دارَأْتُه مدارأَةً ودارَيْتُه إِذا اتَّقيتَه ولايَنْتَه قال أَبو منصور من همز فمعناه الاتّقاءُ لشَرِّه ومن لم يهمز جعله من دَرَيْتُ بمعنى خَتَلْتُ وفي حديث قيس بن السائب قال كان النبي صلى اللّه عليه وسلم شَرِيكي فكانَ خَيْرَ شَرِيكٍ لا يُدارِئُ ولا يُمارِي قال أَبو عبيد المُدارأَةُ ههنا مهموزة من دارَأْتُ وهي المُشاغَبةُ والمُخالَفةُ على صاحبك ومنه قوله تعالى فادَّارَأْتُم فيها يعني اختلافَهم في القَتِيل وقال الزجاج معنى فادَّارَأْتُم فتَدارأْتُم أَي تَدافَعْتُم أَي أَلقَى بعضُكم إِلى بعضٍ يقال دارَأْتُ فلاناً أَي دافَعْتُه ومن ذلك حديث الشعبي في المختلعةِ إِذا كان الدَّرْءُ من قِبَلِها فلا بأْس أَن يأْخذ منها يعني بالدَّرْءِ النُّشوزَ والاعْوِجاجَ والاختِلافَ وقال بعض الحكماء لا تَتعلَّموا العِلْم لثلاث ولا تَتْرُكوه لِثلاثٍ لا تَتعلَّموه للتَّدارِي ولا للتَّمارِي ولا للتَّباهِي ولا تَدَعُوه رَغبْةً عنه ولا رِضاً بالجَهْلِ ولا اسْتِحْياءً من الفِعل له ودارَأْتُ الرَّجُل إِذا دافَعْته بالهمز والأَصل في التَّدارِي التَّدارُؤُ فتُرِكَ الهَمز ونُقِلَ الحرف إِلى التشبيه بالتَّقاضِي والتَّداعِي [ ص 72 ] وإِنه لَذُو تُدْرَإِ أَي حِفاظٍ ومَنَعةٍ وقُوَّةٍ على أَعْدائه ومُدافَعةٍ يكون ذلك في الحَرْب والخُصومة وهو اسم موضوع للدَّفْع تاؤهُ زائدة لأَنه من دَرَأْتُ ولأَنه ليس في الكلام مثل جُعْفَرٍ ودرأْتُ عنه الحَدَّ وغيرَه أَدْرَؤُهُ دَرْءاً إِذا أَخَّرْته عنه ودَرَأْتُه عني أَدْرَؤُه دَرْءاً دَفَعْته وتقول اللهم إِني أَدْرأُ بك في نَحْرِ عَدُوِّي لِتَكْفِيَنِي شَرَّه وفي الحديث ادْرَؤُوا الحُدود بالشُّبُهاتِ أَي ادْفَعُوا وفي الحديث اللهم إِني أَدْرَأُ بِك في نُحورهم أَي أَدْفَع بك لتَكْفِيَنِي أَمرَهم وانما خصَّ النُّحور لأَنه أَسْرَعُ وأَقْوَى في الدَّفْع والتمكُّنِ من المدفوعِ وفي الحديث أَنّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يُصَلِّي فجاءَت بَهْمةٌ تَمُرُّ بين يديه فما زال يُدارِئُها أَي يُدافِعُها ورُوِي بغير همز من المُداراة قال الخطابي وليس منها وقولهم السُّلطان ذُو تُدْرَإِ بضم التاءِ أَي ذُو عُدّةٍ وقُوّةٍ على دَفْعِ أَعْدائه عن نفسه وهو اسم موضوع للدفع والتاء زائدة كما زيدت في تَرْتُبٍ وتَنْضُبٍ وتَتْفُلٍ قال ابن الأَثير ذُو تُدْرَإِ أَي ذُو هُجومٍ لا يَتَوَقَّى ولا يَهابُ ففيه قوَّةٌ على دَفْع أَعدائه ومنه حديث العباس بن مِرْداس رضي اللّه عنه
وقد كنتُ في القَوْم ذا تُدْرَإِ ... فلَمْ أُعْطَ شيئاً ولَمْ أُمْنَعِ
وانْدَرَأْتُ عليه انْدِراءً والعامة تقول انْدَرَيْتُ ويقال دَرَأَ علينا فلان دُرُوءاً إِذا خرج مُفاجَأَةً وجاءَ السيل دَرْءاً ظَهْراً ودَرَأَ فلان علينا وطَرَأَ إِذا طَلَعَ من حيث لا نَدْرِي غيرُه وانْدَرَأَ علينا بِشَرٍّ وتَدَرَّأَ انْدَفَع ودَرَأَ السَّيْلُ وانْدَرَأَ انْدَفَع وجاءَ السيلُ دَرءاً وَدُرْءاً إِذا انْدَرَأَ من مكان لا يُعْلَمُ به فيه وقيل جاءَ الوادِي دُرْءاً بالضم إِذا سالَ بمطر وادٍ آخر وقيل جاءَ دَرْءاً أَي من بلد بعيد فان سالَ بمطَر نَفْسِه قيل سال ظَهْراً حكاه ابن الأَعرابي واستعار بعض الرُّجَّازِ الدَّرْءَ لسيلان الماءِ من أَفْواهِ الإِبل في أَجْوافِها لأَن الماءَ انما يَسِيل هنالك غريباً أَيضاً إِذْ أَجْوافُ الإِبِل ليست من مَنابِعِ الماءِ
ولا من مَناقِعه فقال
جابَ لَها لُقْمانُ في قِلاتِها ... ماءً نَقُوعاً لِصَدى هاماتِها
تَلْهَمُه لَهْماً بِجَحْفَلاتِها ... يَسِيلُ دُرْءاً بَيْنَ جانِحاتِها
فاستعار للإِبل جَحافِلَ وانما هي لذوات الحوافِر وسنذكره في موضعه ودَرَأَ الوادِي بالسَّيْلِ دَفَعَ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه صادَفَ دَرْءُ السَّيْلِ دَرْءاً يَدْفَعُه يقال للسيل إِذا أَتاك من حيث لا تَحْتَسِبه سيلٌ دَرْءٌ أَي يَدْفَع هذا ذاكَ وذاكَ هذا
وقولُ العَلاءِ بن مِنْهالٍ الغَنَوِيِّ في شَرِيك بن عبداللّه النَّخَعِي
ليتَ أَبا شَرِيكٍ كان حَيّاً ... فَيُقْصِرَ حين يُبْصِرُه شَرِيكْ
ويَتْرُكَ مِن تَدَرِّيهِ عَلَيْنا ... إِذا قُلْنا له هذا أَبُوكْ
قال ابن سيده إِنما اراد من تَدَرُّئِه فأَبدل الهمزة [ ص 73 ] إِبدالاً صحيحاً حتى جعلها كأَن موضوعها الياء وكسر الراءَ لمجاورة هذه الياءِ المبدلة كما كان يكسرها لو أَنها في مَوْضُوعِها حرفُ عِلة كقولك تَقَضِّيها وتَخَلِّيها ولو قال من تَدَرُّئِه لكان صحيحاً لأَن قوله تَدَرُّئه مُفاعَلتن قال ولا أَدري لِمَ فعل العَلاءُ هذا مع تمام الوزن وخلوص تَدَرُّئِه من هذا البدل الذي لا يجوز مثلُه الا في الشعر اللهم الا أَن يكون العَلاءُ هذا لغته البدل ودَرَأَ الرجلُ يَدْرَأُ دَرْءاً ودُرُوءاً مثل طَرَأَ وهم الدُّرَّاءُ والدُّرَآءُ ودَرَأَ عليهم دَرْءاً ودُرُوءاً خرج وقيل خَرج فَجْأَةً وأَنشد ابن الأَعرابي
أُحَسُّ لِيَرْبُوعٍ وأَحْمِي ذِمارَها ... وأَدْفَعُ عنها مِنْ دُرُوءِ القَبائِل
أَي من خُروجِها وحَمْلِها وكذلك انْدَرَأَ وتَدَرَّأَ ابن الأَعرابي الدَّارِئُ العدوُّ المُبادِئُ والدَّارِئُ الغريبُ يقال نحنُ فُقَراءُ دُرَآءُ والدَّرْءُ المَيْلُ وانْدَرَأَ الحَرِيقُ انْتَشَرَ وكَوْكَبٌ دُرّيءٌ على فُعِّيلٍ مُندفعٌ في مُضِيِّهِ مَن المَشْرِق إِلى المَغْرِب من ذلك والجمع دَرارِيءُ على وزن دَرارِيعَ وقد دَرَأَ الكَوْكَبُ دُرُوءاً قال أَبو عمرو بن العلاءِ سأَلت رجلاً مِن سعْد بن بَكر من أَهل ذاتِ عِرْقٍ فقلت هذا الكوكبُ الضَّخْمُ ما تُسمُّونه ؟ قال الدِّرِّيءُ وكان من أَفصح الناس قال أَبو عبيد إِن ضَمَمْتَ الدَّال فقلت دُرِّيٌّ يكون منسوباً إِلى الدُّرِّ على فُعْلِيٍّ ولم تهمزه لأَنه ليس في كلام العرب فُعِّيلٌ قال الشيخ أَبو محمد ابن بري في هذا المكان قد حكى سيبويه أَنه يدخل في الكلام فُعِّيلٌ وهو قولهم للعُصْفُر مُرِّيقٌ وكَوْكبٌ دُرِّيءٌ ومن همزه من القُرّاء فانما أَراد فُعُّولاً مثل سُبُّوحٍ فاستثقل الضمّ فرَدَّ بعضَه إِلى الكسر وحكى الأَخفش عن بعضهم دَرِّيءٌ من دَرَأْتُه وهمزها وجعلها على فَعِّيل مَفتوحةَ الأَوَّل قال وذلك من تَلأْلُئِه قال الفرّاءُ والعرب تسمي الكواكِبَ العِظامَ التي لا تُعرف أَسْماؤُها الدَّرارِيَّ التهذيب وقوله تعالى كأَنها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ روي عن عاصم أَنه قرأَها دُرِّيٌّ فضم الدال وأَنكره النحويون أَجمعون وقالوا دِرِّيءٌ بالكسر والهمز جيِّد على بناء فِعِّيلٍ يكون من النجوم الدَّرَارِئِ التي تَدْرَأُ أَي تَنحَطُّ وتَسِير قال الفرّاءُ الدِّرِّيءُ من الكَواكِب الناصِعة وهو من قولك دَرَأَ الكَوْكَبُ كأَنه رُجِمَ به الشيطانُ فَدَفَعَه قال ابن الأَعرابي دَرَأَ فلان علينا أَي هَجَم قال والدِّرِّيءُ الكَوْكَبُ المُنْقَضُّ يُدْرَأُ على الشيطان وأَنشد لأَوْس بن حَجَر يصف ثَوْراً وحْشِيّاً
فانْقَضَّ كالدِّرِّيءِ يَتْبَعُه ... نَقْعٌ يَثُوبُ تخالُه طُنُبَا
قوله تَخالُه طُنُبا يريد تَخاله فُسْطاطاً مضروباً وقال شمر يقال دَرأَتِ النارُ إِذا أَضاءَت وروى المنذري عن خالد بن يزيد قال يقال دَرَأَ علينا فلان وطَرأَ إِذا طَلَعَ فَجْأَة ودَرأَ الكَوْكَبُ دُرُوءاً من ذلك قال وقال نصر الرازي دُرُوءُ الكَوْكب طُلُوعُه يقال دَرَأَ علينا وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه صَلَّى المَغْرِبَ [ ص 74 ] فلما انْصَرَفَ دَرَأَ جُمْعةً من حَصَى المسجد وأَلْقَى عَلَيْها رَِداءَهُ واسْتَلْقَى أَي سَوَّاها بيدِه وبَسَطَها ومنه قولهم يا جارِيةُ ادْرَئِي إِلَيَّ الوِسادَةَ أَي ابْسُطِي وتقولُ تَدَرَّأَ علينا فلان أَي تَطَاول قال عَوفُ ابن الأَحْوصِ
لَقِينا مِنْ تَدَرُّئِكم عَلَيْنا ... وقَتْلِ سَراتِنا ذاتَ العَراقِي
أَراد بقوله ذات العَراقِي أَي ذاتَ الدَّواهِي مأْخوذ من عَراقِي الإِكام وهي التي لا تُرْتَقَى إِلاَّ بِمَشَقَّةٍ والدَّرِيئة الحَلْقةُ التي يَتَعَلَّم الرَّامي الطَّعْنَ والرَّمْيَ عليها قال عمرو بن معديكرب
ظَلِلْتُ كأَنِّي للرِّماح دَرِيئةٌ ... أُقاتِلُ عَنْ أَبْناءِ جَرْمٍ وفَرَّتِ
قال الأَصمعي هو مهموز وفي حديث دُرَيْد بن الصِّمة في غَزْوة حُنَيْن دَرِيئَةٌ أَمامَ الخَيْلِ الدَّرِيئةُ حَلْقةٌ يُتَعَلَّم عَليْها الطَّعْنُ وقال أَبو زيد الدَّرِيئةُ مهموز البَعِير أَو غيرُه الذي يَسْتَتِرُ به الصائد من الوَحْشِ يَخْتِل حتَّى إِذا أَمْكَنَ رَمْيُه رَمَى وأَنشد بيت عَمْرو أَيضاً وأَنشد غيره في همزه أَيضاً
إِذا ادَّرَؤُوا منْهُمْ بِقِرْدٍ رَمَيْتُه ... بَمُوهِيةٍ تُوهِي عِظامَ الحَواجِب
غيره الدَّرِيئَةُ كُّل ما اسْتُتِرُ به من الصِّيْد ليُخْتَلَ من بَعِير أَو غيره هو مهموز لأَنها تُدْرَأُ نحو الصَّيْدِ أَي تُدْفَع والجمع الدَّرايا والدَّرائِئُ بهمزتين كلاهما نادر ودَرَأَ الدَّرِيئَةَ للصيد يَدرَؤُها دَرْءاً ساقَها واسْتَتَرَ بها فإِذا أَمْكَنه الصيدُ رَمَى وتَدَرَّأَ القومُ اسْتَتَرُوا عن الشيءِ ليَخْتِلُوه وادَّرَأْتُ للصيْدِ على افْتَعَلْتُ إِذا اتَّخَذْت له دَرِيئةً قال ابن الأَثير الدّريَّة بغير همز حيوان يَسْتَتِر به الصائدُ فَيَتْرُكُه يَرْعَى مع الوَحْش حتى إِذا أَنِسَتْ به وأَمكَنَتْ من طالِبها رَماها وقيل على العَكْسِ منهما في الهمز وتَرْكِه الأَصمعي إِذا كان مع الغُدّة وهي طاعونُ الإِبل ورَمٌ في ضَرْعها فهو دارِئٌ ابن الأَعرابي إِذا دَرَأَ البعيرُ من غُدَّته رَجَوْا أَن يَسْلَم قال ودَرَأَ إِذا وَرِمَ نَحْرُه ودَرَأَ البعيرُ يَدْرَأُ دُرُوءاً فهو دارِئٌ أَغَدَّ ووَرِمَ ظَهْرُه فهو دارِئٌ وكذلك الأُنثى دارئٌ بغير هاءٍ قال ابن السكيت ناقةٌ دارِيٌ إِذا أَخَذَتْها الغُدَّةُ من مراقِها واسْتَبانَ حَجْمُها قال ويسمى الحَجْمُ دَرْءاً بالفتح وحَجْمُها نُتوؤُها والمَراقُ بتخفيف القاف مَجرى الماءِ من حَلْقِها واستعاره رؤْبة للمُنْتَفِخِ المُتَغَضِّب فقال
يا أَيُّها الدّارِئُ كَالمنْكُوفِ ... والمُتَشَكِّي مَغْلةَ المَحْجُوفِ
جعل حِقْده الذي نفخه بمنزلة الورم الذي في ظهر البعير والمَنْكُوفُ الذي يَشْتَكي نَكَفَتَه وهي أَصل اللِّهْزِمة وأَدْرَأَتِ الناقةُ بضَرْعِها وهي مُدْرِئ إِذا اسْتَرْخَى ضَرْعُها وقيل هو إِذا أَنزلت اللبن عندَالنِّتاجِ [ ص 75 ] والدَّرْءُ بالفتح العَوَجُ في القناة والعَصا ونحوها مما تَصْلُبُ وتَصْعُبُ إِقامتُه والجمع دُروءٌ قال الشاعر
إِنَّ قَناتي من صَلِيباتِ القَنا ... على العِداةِ أَن يُقِيموا دَرْأَنا
وفي الصحاح الدَّرْءُ بالفتح العَوَجُ فأَطْلَق يقال أَقمتُ دَرْءَ فلان أَي اعْوِجاجَه وشَعْبَه قال المتلمس
وكُنَّا إِذا الجَبّارُ صَعَّرَ خَدَّهُ ... أَقَمْنا لَه مِن دَرْئِهِ فَتَقَوَّما
ومن الناس مَن يظن هذا البيت للفرزدق وليس له وبيت الفرزدق هو
وكنَّا إِذا الجبَّار صعَّر خدَّه ... ضَرَبْناه تَحْتَ الأُنْثَيَيْنِ على الكَرْدِ
وكنى بالأُنثيين عن الأُذُنَينِ ومنه قولهم بِئر ذاتُ دَرْءٍ وهو الحَيْدُ ودُرُوءُ الطريقِ كُسُورُه وأَخاقِيقُه وطرِيقٌ ذُو دُروءٍ على فُعُولٍ أَي ذُو كُسورٍ وحَدَبٍ وجِرفَةٍ والدَّرْءُ نادِرٌ يَنْدُرُ من الجبلِ وجمعه دُروءٌ ودرأَ الشيءَ بالشيءِ ( 1 )
( 1 قوله « ودرأ الشيء بالشيء إلخ » سهو من وجهين الأول أَن قوله وأَردأَه اعانه ليس من هذه المادة الثاني ان قوله ودرأَ الشيء إلخ صوابه وردأَ كما هو نص المحكم وسيأتي في ردأَ ولمجاورة ردأَ لدرأ فيه سبقة النظر إليه وكتبه المؤلف هنا سهواً ) جعله له رِدْءاً وأَرْدَأَهُ أَعانه ويقال دَرَأْتُ له وِسادَةً إِذا بَسَطْتَها ودَرَأْتُ وضِينَ البعيرِ إِذا بَسَطْتَه على الأَرضِ ثم أَبْرَكْته عليه لِتَشُدَّه به وقد دَرَأْتُ فلاناً الوَضينَ ( 2 )
( 2 وقوله « وقد درأت فلاناً الوضين » كذا في النسخ والتهذيب ) على البعير ودارَيْتُه ومنه قول المُثَقِّبِ العَبْدِي
تقُول إِذا دَرأْتُ لها وَضِينِي ... أَهذا دِينُه أَبَداً ودِيني ؟
قال شمر دَرَأْتُ عن البعير الحَقَبَ دَفَعْتُه أَي أَخَّرْته عنه قال أَبو منصور والصواب فيه ما ذكرناه من بَسَطْتُه على الأَرض وأَنَخْتُها عليه وتَدَرَّأَ القومُ تعاوَنُوا ( 3 )
( 3 قوله « وتدرأ القوم إلخ » الذي في المحكم في مادة ردأَ ترادأَ القوم تعاونوا وردأَ الحائط ببناء أَلزقه به وردأَه بحجر رماه كرداه فطغا قلمه لمجاورة ردأَ لدرأ فسبحان من لا يسهو ولا يغتر بمن قلد اللسان )
ودَرَأَ الحائطَ ببناءٍ أَلزَقَه به ودَرَأَه بججر رماه كرَدَأَه وقول الهذلي
وبالتَّرْك قَدْ دَمَّها نَيُّها ... وذاتُ المُدارَأَةِ العائطُ
المَدْمُومةُ المَطْلِيّةُ كأَنها طُلِيَتْ بشَحْمٍ وذاتُ المُدارَأَةِ هي الشَّدِيدةُ النفس فهي تَدْرَأُ ويروى وذاتُ المُداراةِ والعائطُ قال وهذا يدل على أَن الهمز وترك الهمز جائز

( دفأ ) الدِّفْءُ والدَّفَأُ نَقِيضُ حِدّةِ البَرْدِ والجمع أَدْفاء قال ثعلبة بن عبيد العدوِي
فَلَمَّا انْقَضَى صِرُّ الشِّتاءِ وآنَسَتْ ... مِنَ الصَّيْفِ أَدْفاءَ السُّخُونةِ في الأَرْضِ
والدَّفَأُ مهموز مقصور هو الدِّفءُ نفسه إِلاَّ أَنَّ [ ص 76 ] الدِّفْءَ ( 1 )
( 1 قوله « الا أنّ الدفء إِلى قوله ويكون الدفء » كذا في النسخ ونقر عنه فلعلك تظفر بأصله ) كأَنه اسم شِبْه الظِّمْء والدَّفَأُ شِبه الظَّمَإِ والدَّفاء مَمدود مصدر دَفِئْتُ من البرد دَفاءً والوَطَاء الاسم من الفِراش الوَطِيءِ والكَفاء هو الكُفْءُ مثل كِفاء البيت ونعجة بها حَثاء إِذا أَرادت الفحل وجئتك بالهَواء واللَّواءِ أَي بكل شيء والفَلاء فَلاء الشعَر وأَخذك ما فيه كلمة ممدودة ويكون الدِّفْءُ السُّخونَة وقد دَفِئَ دَفاءةً مثل كَرِهَ كَراهةً ودَفَأً مثل ظَمِئَ ظَمَأً ودَفُؤَ وتَدَفَّأَ وادَّفأَ واسْتَدْفَأَ وأَدْفَأَه أَلْبَسه ما يُدْفئه ويقال ادَّفَيْتُ واسْتَدْفَيْتُ أَي لبست ما يُدْفئُني وهذا على لغة من يترك الهمز والاسم الدِّفْءُ بالكسر وهو الشيء الذي يُدْفئُك والجمع الأَدْفاءُ تقول ما عليه دِفْءٌ لأَنه اسم ولا تقل ما عليه دَفاءةٌ لانه مصدر وتقول اقْعُد في دِفْءِ هذا الحائطِ أَي كِنِّه ورجل دَفِئٌ على فَعِلٍ إِذا لبس ما يُدْفِئه والدِّفاءُ ما اسْتُدْفِئَ به وحكى اللحياني أَنه سمع أَبا الدينار يحدّث عن أَعرابية أَنها قالت الصِّلاءَ والدِّفاءَ نصبَتْ على الإِغْراء أَو الأَمْرِ ورجل دَفْآنُ مُسْتَدْفِئٌ والأُنثى دَفْأَى وجمعهما معاً دِفاءٌ والدَّفِيءُ كالدَّفآن عن ابن الأَعرابي وأَنشد
يَبيتُ أَبُو لَيْلى دَفِيئاً وضَيفُه ... مِن القُرِّ يُضْحِي مُسْتَخِفّاً خَصائِلُه
وما كان الرجل دَفآنَ ولقد دَفِئَ وما كان البيتُ دفِيئاً ولقد دَفُؤَ ومنزل دَفِيءٌ على فَعِيل وغُرْفةٌ دَفِيئةٌ ويوم دَفِيءٌ وليلة دَفِيئةٌ وبَلدة دَفِيئةٌ وثَوْ ب دَفِيءٌ كل ذلك على فَعِيلٍ وفَعِيلةٍ يُدْفِئُكَ وأَدْفأَهُ الثوبُ وتَدَفَّأَ هو بالثوب واسْتَدْفَأَ به وادَّفَأَ به وهو افْتعل أَي لبس ما يُدْفِئه الأَصمعي ثَوْبٌ ذُو دَفْءٍ ودَفاءة ودَفُؤَتْ لَيْلَتُنا والدَّفْأَةُ الذَّرَى تَسْتَدْفِئُ بهِ من الرِّيح وأَرضٌ مَدْفَأَةٌ ذاتُ دِفْءٍ قال ساعدة يصف غزالاً
يَقْرُوا أَبارِقَه ويَدْنُو تارةً ... بمَدافِئٍ منه بهنَّ الحُلَّبُ
قال وأُرَى الدَّفِئَ مقصوراً لُغةً وفي خبر أَبي العارم فيها من الأَرْطَى والنِّقارِ الدَّفِئة ( 2 )
( 2 قوله « الدفئة » أي على فعلة بفتح فكسر كما في مادة نقر من المحكم فما وقع في تلك المادة من اللسان الدفئية على فعلية خطأ ) كذا حكاه ابن الأَعرابي مقصوراً قال المؤرج أَدْفَأْتُ الرجلَ إِدفاءً إِذا أَعْطيْته عَطاءً كثيراً والدِّفْءُ العَطِيَّة وأَدْفَأْتُ القومَ أَي جَمَعْتُهم حتى اجْتَمَعُوا والإِدفاءُ القَتل في لغة بعض العرب وفي الحديث أَنه أُتِيَ بأَسِيرٍ يُرْعَد فقال لقَوْمٍ اذْهَبُوا به فَأَدْفُوهُ فَذهبوا به فقتلوه فَوداهُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَراد الإِدْفَاء من الدِّفْءِ وأَن يُدْفَأَ بثوب فَحَسِبُوه بمعنى القتل في لغة أَهل اليمن وأَراد أَدْفِئوه بالهمز فَخَفَّفه بحذف الهمزة وهو تخفيف شاذ كقولهم لا هَناكَ المَرْتَعُ وتخفيفه القياسي أَن تُجعل الهمزةُ بين بين لا أَن تُحْذَفَ [ ص 77 ] فارتكب الشذوذ لأَن الهمز ليس من لغة قريش فأَمَّا القتل فيقال فيه أَدْفَأْتُ الجَرِيحَ ودافَأْتُه ودَفَوْتُه ودَافَيْتُه ودَافَفْتُه إِذا أَجْهَزْتَ عليه وإِبل مُدَفَّأَةٌ ومُدْفأَةٌ كثيرةُ الأَوْبار والشُّحوم يُدْفِئها أَوْبارُها ومُدْفِئةٌ ومُدَفِّئةٌ كثيرةٌ يُدفِئُ بعضُها بعضاً بأَنفاسها والمُدْفآت جمع المُدْفأَةِ وأَنشد للشماخ
وكيفَ يَضِيعُ صاحِبُ مُدْفَآتٍ ... على أَثْباجِهِنَّ مِنَ الصَّقِيعِ
وقال ثعلب إِبلٌ مُدْفَأَةٌ مخففة الفاء كثيرة الأَوبار ومُدْفِئةٌ مخففة الفاء أَيضاً إِذا كانت كثيرة والدَّفَئِيَّةُ المِيرةُ تُحْمَل في قُبُلِ الصَّيْفِ وهي الميرةُ الثالثة لأَن أَوَّل المِيرةِ الرِّبْعِيَّةُ ثم الصَّيفِيَّةُ ثم الدَّفَئِيَّةُ ثم الرَّمَضِيَّةُ وهي التي تأْتي حين تَحْترِقُ الأَرض قال أَبو زيد كل مِيرة يَمْتارُونها قَبْل الصيف فهي دَفَئِيَّةٌ مثال عَجَمِيَّةٍ قال وكذلك النِّتاجُ قال وأَوَّلُ الدَّفَئِيِّ وقوع الجَبْهة وآخره الصَّرْفة والدَّفَئِيُّ مثال العَجَمِيِّ المطر بعد أَن يَشتَدّ الحر وقال ثعلب وهو إِذا قاءَتِ الأَرضُ الكَمْأَةَ وفي الصحاح الدَّفَئِيُّ مثال العَجَمِيِّ المَطَر الذي يكون بعد الرَّبيع قبل الصيف حِينَ تذهب الكَمأَةُ ولا يَبقَى في الأَرض منها شيءٌ وكذلك الدَّثَئِيُّ والدَّفَئِيُّ نِتاجُ الغنم آخِر الشتاء وقيل أَيَّ وقت كان والدِّفْءُ ما أَدْفأَ من أَصواف الغنم وأَوبار الإِبل عن ثعلب والدِّفْءُ نِتاجُ الإِبل وأَوبارُها وأَلبانها والانتفاع بها وفي الصحاح وما ينتفع به منها وفي التنزيل العزيز « لكُم فيها دِفْءٌ ومنافِعُ » قال الفرَّاء الدِّفْءُ كتب في المصاحف بالدال والفاء وإِن كتبت بواو في الرفع وياءٍ في الخفض وأَلف في النصب كان صواباً وذلك على ترك الهمز ونقل إِعراب الهمز إِلى الحروف التي قبلها قال والدِّفْءُ ما انتُفِعَ به من أَوْبارِها وأَشْعارِها وأَصوافِها أَراد ما يَلبَسُون منها ويبتنون وروي عن ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى لكم فيها دِفْءٌ ومنافِعُ قال نَسْلُ كلّ دابة وقال غيره الدِّفْءُ عند العَرَب نتاجُ الإِبل وأَلبانُها والانتفاعُ بها وفي الحديث لَنا من دِفْئهِم وصِرامِهم ما سَلَّمُوا بالمِيثاقِ أَي إِبِلِهِم وغَنَمِهم الدِّفْءُ نِتاجُ الإِبل وما يُنْتَفَع به منها سماها دِفْأً لأَنها يُتخذ من أَوْبارها وأَصْوافِها ما يُسْتَدْفأُ به وأَدْفأَتِ الإِبلُ على مائة زادت والدَّفَأُ الحَنأُ كالدَّنَإِ رجل أَدْفَأُ وامرأَة دَفْأَى وفُلان فيه دَفَأٌ أَي انحِناءٌ وفلان أَدْفَى بغير همز فيه انحِناءٌ وفي حديث الدَّجّالِ فيه دَفَأ كذا حكاه الهروي في الغريبين مهموزاً وبذلك فسره وقد ورد مقصوراً أَيضاً وسنذكره

( دكأ ) المُداكأَةُ المُدافَعةُ دَاكَأْتُ القومَ مُداكأَةً دَافَعْتُهم وزاحَمْتُهم وقد تَداكَؤُوا عليه تَزاحَمُوا قال ابن مقبل
وقَرَّبُوا كلَّ صِهْميمٍ مَناكِبُه ... إِذا تَدَاكَأَ منه دَفْعُه شَنَفا
أَبو الهيثم الصِّهْمِيمُ من الرّجال والجِمال إِذا كانَ حَميَّ الأَنْفِ أَبِيّاً شدِيدَ النَّفْسِ بطِيءَ الانْكِسارِ وتَداكَأَ تَداكُؤاً تَدافَع ودَفْعُه سَيْرُه ويقال دَاكأَتْ عليه الدُّيون [ ص 78 ]
( دنأ ) الدَّنيءُ من الرجال الخَسيسُ الدُّونُ الخَبِيثُ البطن والفَرْجِ الماجِنُ وقيل الدَّقيقُ الحَقيرُ والجمع أَدْنِياءُ ودُنَآءُ وقد دَنَأَ يَدْنَأُ دَناءةً فهو دَانِئٌ خَبُثَ ودَنُؤَ دَنَاءةً ودُنُوءةً صارَ دَنيئاً لا خَيْرَ فيه وسَفُلَ في فعْله ومَجُنَ وأَدْنَأَ ركِب أَمراً دَنيئاً والدَّنَأُ الحَدَبُ والأَدْنأُ الأَحْدَبُ ورجُل أَجْنَأُ وأَدْنَأُ وأَقْعَسُ بمعنى واحد وانه لدَانِئٌ خَبيثٌ ورجل أَدْنَأُ أَجْنَأُ الظَّهر وقد دَنِئَ دَنَأً والدَّنيئةُ النَّقيصةُ ويقال ما كنتَ يا فلانُ دَنِيئاً ولقد دَنُؤْتَ تَدْنُؤُ دَناءةً مصدره مهموز ويقال ما يَزْدادُ منا إِلاَّ قُرْباً ودَناوةً فُرِق بين مصدر دَنأَ ومصدر دَنا بجعل مصدر دَنا دَناوةً ومصدر دَنأَ دَناءةً كما ترى ابن السكيت يقال لقد دَنَأْتَ تَدْنَأُ أَي سفَلْتَ في فِعْلك ومَجُنْتَ وقال اللّه تعالى أَتَسْتَبْدِلُون الذي هو أَدْنَى بالذي هو خَيْرٌ قال الفرّاء هو من الدَّناءة والعرب تَقول انه لَدَنِيٌّ في الأُمور غير مهموز يَتَّبِعُ خِساسَها وأَصاغِرها وكان زُهير الفروي يهمز أَتَستبدلون الذي هو أَدْنأُ بالذي هو خير قال الفرَّاء ولم نر العرب تهمز أَدنأَ إِذا كان من الخِسَّة وهم في ذلك يقولون إِنه لدَانِئٌ خَبيثٌ فيهمزون قال وأَنشدني بعض بني كلاب
باسِلة الوَقْعِ سَرابِيلُها ... بِيضٌ إِلى دانِئِها الظاهِرِ
وقال في كتاب المَصادِرِ دَنُؤَ الرَّجلُ يَدْنُؤُ دُنُوءاً ودَناءة إِذا كان ماجناً وقال الزجاج معنى قوله أَتَسْتَبْدِلُون الذي هو أَدْنَى غير مهموز أَي أَقْرَبُ ومعنى أَقْربُ أَقَلُّ قِيمةً كما يقال ثوب مُقارِبٌ فأَما الخَسِيسُ فاللغة فيه دَنُؤَ دناءة وهو دَنِيءٌ بالهمز وهو أَدْنَأُ منه قال أَبو منصور أَهل اللغة لا يهمزون دنُوَ في باب الخِسَّة وإِنما يهمزونه في باب المُجُونِ والخُبْثِ وقال أَبو زيد في النوادر رجل دَنِيءٌ من قَوْمٍ أَدْنِئاءَ وقد دَنُؤَ دَناءة وهو الخَبِيثُ البَطْنِ والفَرْجِ ورَجل دَنيٌّ من قَوْمِ أَدْنِياءَ وقد دَنا يَدْنأُ ودَنُوَ يَدْنُو دُنُوًّا وهو الضَّعِيفُ الخَسِيسُ الذي لا غَنَاء عنده المُقصِّر في كل ما أَخَذ فيه وأَنشد
فَلا وأَبِيكَ ما خُلُقِي بِوَعْرٍ ... ولا أَنا بالدَّنِيِّ ولا المُدَنِّي
وقال أَبو زيد في كتاب الهمز دَنَأَ الرَّجل يَدْنَأُ دَناءة ودَنُؤَ يَدْنُؤُ دُنُوءاً إِذا كان دَنِيئاً لا خَيْر فيه وقال اللحياني رجل دَنِيءٌ ودانِئٌ وهو الخبيث البَطن والفرج الماجِن من قوم أَدْنِئاءَ اللام مهموزة قال ويقال للخسيس إِنه لدَنِيٌّ من أَدْنِياءَ بغير همز قال الأَزهري والذي قاله أَبو زيد واللحياني وابن السكيت هو الصحيح والذي قاله الزجاج غير محفوظ

( دهدأ ) أَبو زيد ما أَدري أَيُّ الدَّهْدإِ هو كقولك ما أَدري أَيُّ الطَّمْشِ هو مهموز مقصور وضافَ رَجل رجلاً فلم يَقْرِه وباتَ يُصَلِّي وتركه جائعاً يَتَضَوَّرُ فقال
تبِيتُ تُدَهْدِئُ القُرآنَ حَوْلِي ... كأَنَّكَ عِندَ رَأْسِي عُقْرُبَانُ
فهمز تُدَهْدِئُ وهو غير مهموز [ ص 79 ]

( دوأ ) الداءُ اسم جامع لكل مرَض وعَيْب في الرجال ظاهر أَو باطن حتى يقال داءُ الشُّحِّ أَشدُّ الأَدْواءِ ومنه قول المرأَة كلُّ داءٍ له داءٌ أَرادتْ كلُّ عَيْبٍ في الرجال فهو فيه غيرُه الداءُ المَرَضُ والجمع أَدْواءٌ وقد داءَ يَداءُ داءً على مثال شاءَ يَشاءُ إِذا صارَ في جَوْفِه الداءُ وأَداءَ يُدِيءُ وأَدْوَأَ مَرِضَ وصارَ ذا داءٍ الأَخيرة عن أَبي زيد فهو داءٌ ورجل داءٌ فَعِلٌ عن سيبويه وفي التهذيب ورجلان داءانِ ورجال أَدْواءٌ ورجل دوًى مقصور مثل ضَنًى وامرأَة داءة التهذيب وفي لغة أُخرى رجل دَيِّئٌ وامرأَةٌ دَيِّئةٌ على فَيْعِلٍ وفَيْعِلةٍ وقد داءَ يَداءُ داءً ودَوْءاً كلُّ ذلك يقال قال ودَوْءٌ أَصْوَبُ لأَنه يُحْمَلُ على المصدر وقد دِئْتَ يا رَجُل وأَدَأْتَ فأَنت مُدِيءٌ وأَدَأْتُه أَي أَصَبْتُه بداءٍ يتعدى ولا يتعدّى وداءَ الرجلُ إِذا أَصابه الدَّاءُ وأَداءَ الرجل يُديءُ إِداءةً إِذا اتَّهَمْتَه وأَدْوَأَ اتُّهِمَ وأَدْوَى بمعناه أَبو زيد تقول للرجل إِذا اتَّهمته قد أَدَأْتَ إِداءة وأَدْوَأْتَ إِدْواءً ويقال فلان ميت الداءِ إِذا كان لا يَحقِدُ على من يُسِيءُ اليه وقولهم رَماه اللّه بِداءِ الذِّئب قال ثعلب داءُ الذئبِ الجُوعُ
وقوله لا تَجْهَمِينا أُمَّ عَمْرو فإِنما ... بِنا داءُ ظَبْيٍ لم تَخُنْه عوامِلُهْ
قال الأُموي داءُ الظبي أَنه إِذا أَراد أَن يَثِبَ مَكَث قليلاً ثم وَثَب قال وقال أَبو عمرو معناه ليس بِنا داءٌ يقال به داءُ ظَبْيٍ معناه ليس به داءٌ كما لا داءَ بالظَّبْيِ قال أَبو عبيدة وهذا أَحَبُّ إِليَّ وفي الحديث وأَيُّ داءٍ أَدْوى من البخل أَي أَيُّ عَيْب أَقْبَحُ منه قال ابن الأَثير الصواب أَدْوَأُ من البُخْل بالهمز ولكن هكذا يروى وسنذكره في موضعه وداءةُ موضع ببلاد هذيل

( ذأذأ ) الذَّأْذاءُ والذَّأْذاءة الاضْطراب وقد تذَأْذَأَ مشى كذلك أَبو عمرو الذَّأْذاءُ زَجْرُ الحَلِيمِ السَّفِيهَ ويقال ذَأْذَأْتُه ذَأْذَأَةً زَجَرْتُه

( ذرأ ) في صفاتِ اللّهِ عز وجل الذّارِئُ وهو الذي ذَرَأَ الخَلْقَ أَي خَلَقَهم وكذلك البارِئُ قال اللّه عز وجل ولقد ذَرَأْنَا لجهنم كثيراً أَي خلقنا وقال عز وجل خَلَق لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكم أَزْواجاً ومِن الأَنْعام أَزْواجاً يَذْرَؤُكم فيه قال أَبو إِسحق المعنى يَذرَؤُكم به أَي يُكثِّركم بجعله منكم ومن الأَنعام أَزواجاً ولذلك ذَكر الهاء في فيه وأَنشد الفرَّاء فيمن جعل في بمعنى الباء كأَنه قال يَذْرَؤُكم به وأَرْغَبُ فيها عَن لَقِيطٍ ورَهْطِه ... ولكِنَّني عَنْ سِنْبِسٍ لَسْتُ أَرْغَبُ
وذرَأَ اللّهُ الخَلْقَ يَذْرَؤُهُمْ ذَرْءاً خَلَقَهم وفي حديث الدُّعاءِ أَعوذ بكَلِمات اللّهِ التامّاتِ من شَرِّ ما خَلَقَ وذرَأَ وبَرَأَ وكأَنَّ الذَّرْء مُخْتَصٌّ بخَلْقِ الذّرِّيَّة وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كَتب إِلى خالِدٍ وإِنِّي [ ص 80 ] لأَظُنُّكم آل المُغِيرَةِ ذَرْءَ النارِ يعني خَلْقَها الذين خُلِقُوا لها ويروى ذَرْوَ النار بالواو يعني الذين يُفَرَّقُون فيها من ذَرَتِ الريحُ الترابَ إِذا فَرَّقَتْه وقال ثعلب في قوله تعالى يَذْرَؤُكم فيه معناه يُكَثِّرُكُمْ فيه أَي في الخلق قال والذُّرِّيَّة والذِّرِّيَّةُ منه وهي نَسْلُ الثَّقَلَيْن قال وكان ينبغي أَن تكون مهموزة فكثرت فأُسقط الهمز وتركت العرب همزها وجمعها ذَراريُّ والذَّرْءُ عَدَد الذُّرِّيَّة تقول أَنْمَى اللّه ذَرْأَكَ وذَرْوَكَ أَي ذُرِّيَّتَكَ قال ابن بري جعل الجوهري الذُّرِّية أَصلها ذُرِّيئة بالهمز فخُفِّفت همزتها وأُلزِمَت التخفيف قال ووزن الذُّرِّيَّةِ على ما ذكره فُعِّيلةٌ من ذَرَأَ اللّهُ الخلقَ وتكون بمنزلة مُرِّيقةٍ وهي الواحدة من العُصْفُر وغيرُ الجوهري يجعل الذُّرِّيةَ فُعْلِيَّةً من الذَّرِّئِ وفُعْلُولةً فيكون الأَصل ذُرُّورةً ثم قلبت الراء الاخيرة ياء لتقارب الأمثال ثم قلبت الواو ياء وأُدغمت في الياء وكسر ما قبل الياء فصار ذُرِّيةً والزَّرْعُ أَوّلُ ما تَزْرَعُه يسمى الذَّرِيءَ وذَرَأْنا الارض بَذَرْناها وزَرْعٌ ذَرِيءٌ على فَعِيل وأُنشد لعُبَيْداللّهِ بن عبداللّهِ بن عُتْبَة بن مَسْعُود
شَقَقْتَ القَلبَ ثم ذَرَأْتَ فيه ... هَواكَ فَلِيمَ فالتْأَمَ الفُطُورُ
والصحيح ثم ذَرَيْتَ غير مهموز ويروى ذَرَرْتَ وأَصل لِيمَ لُئِمَ فترك الهمز ليصح الوزن والذَّرَأُ بالتحريك الشَّيب في مُقدَّم الرأْس وذرِئَ رأْسُ فلان يَذْرَأُ إِذا ابْيَضَّ وقد علته ذُرْأَةٌ أَي شَيْبٌ والذُّرْأَة بالضم الشَّمَطُ قال أَبو نُخَيْلةَ السَّعْدِي
وقد عَلَتْني ذُرأَةٌ بادِي بَدِي ... ورَثْيةٌ تَنْهَضُ بالتَّشَدُّدِ
بادِي بَدِي أَي أَوّلَ كلِّ شيء من بَدَأَ فتُركَ الهَمْز لكثرةِ الاستعمال وطَلَبِ التخفيف وقد يجوز أَن يكون مِن بَدا يَبْدُو إِذا ظهر والرَّثْيةُ انْحِلالُ الرُّكَبِ والمَفاصِل وقيل هو أَوّلُ بَياضِ الشَّيبِ ذَرِئَ ذَرَأً وهو أَذْرَأُ والأُنثى ذَرْآءُ وذَرِئَ شَعَرُه وذَرَأَ لُغَتانِ قال أَبو محمد الفقعسي قالَتْ سُلَيْمى إِنَّني لا أَبْغِيهْ أَراهُ شَيْخاً عارِياً تَراقِيهْ مُحْمرَّةً مِنْ كِبَرٍ مآقِيهْ مُقَوَّساً قد ذَرِئتْ مَجالِيهْ يَقْلِي الغَوانِي والغَوانِي تَقْلِيهْ هذا الرَّجَز في الصحاح رَأَيْنَ شَيْخاً ذَرِئَتْ مَجالِيهْ قال ابن بري وصوابه كما أَنشدناه والمَجالِي ما يُرَى من الرَّأْس إِذا اسْتُقْبِلَ الوَجْهُ الواحد مَجْلىً وهو مَوضِع الجَلا ومنه يقال جَدْيٌ أَذْرَأُ وعَناقٌ ذَرْآءُ إِذا كان في رأْسها بياض وكَبْشٌ أَذْرَأُ ونَعْجةٌ ذَرْآءُ في رؤوسهما بياض والذَّرْآءُ من المَعز الرَّقْشاء الأُذُنَيْنِ وسائرُها أَسْوَدُ وهو من شِياتِ المعز دون الضأْن وفرس أَذْرَأُ وجَدْيٌ أَذْرَأُ أَي أَرْقَش الأُذنين [ ص 81 ] وملح ذَرْآنِيٌّ وذَرَآنِيٌّ شَديد البياض بتحريك الراءِ وتسكينها والتثقيل أَجود وهو مأْخوذ من الذُّرْأَةِ ولا تقل أَنْذرانِيٌّ وأَذْرَأَنِي فلان وأَشْكَعَنِي أَي أَغْضَبَنِي وأَذْرَأَه أَي أَغْضَبَه وأَوْلَعَه بالشيءِ أَبو زيد أَذْرَأْتُ الرجلَ بِصاحِبه إِذْراءً إِذا حَرَّشْتَه عليه وأَوْلَعْتَه به فَدَبَّرَ به غيره أَذْرَأْتُه أَي أَلجأْته وحكى أَبو عبيد أَذراه بغير همز فردَّ ذلك عليه عليّ بن حمزة فقال انما هو أَذرأَه وأَذْرَأَه أَيضاً ذَعرَه وبَلَغَنِي ذَرْءٌ مِنْ خَبَرٍ أَي طَرَفٌ منه ولم يَتكامل وقيل هو الشيءُ اليَسِيرُ مِنَ القَوْلِ قال صخْر بن حَبْناء
أَتانِي عن مُغِيرةَ ذَرْءُ قَوْلٍ ... وعن عيسَى فقُلْتُ له كَذاكا
وأَذْرأَتِ الناقةُ وهي مُذْرِئٌ أَنْزلَت اللَّبنَ قال الأَزهري قال الليث في هذا الباب يقال ذَرَأْتُ الوَضِينَ إِذا بسَطْتَه على الأَرض قال أَبو منصور وهذا تصحيف منكر والصواب دَرَأْتُ الوضِينَ إِذا بَسَطْتَه على الأَرض ثم أَنخْتَه عليه لتَشُدَّ عليه الرَّحْلَ وقد تقدَّم في حرف الدال المهملة ومن قال ذَرَأْتُ بالذال المعجمة بهذا المعنى فقد صحَّف واللّه أَعلم

( ذمأ ) رأَيت في بعض نسخ الصحاح ذَمَأَ عليه ذَمْأً شقَّ عليه

( ذيأ ) تَذَيَّأَ الجُرْحُ والقُرْحةُ تَقَطَّعت وفَسَدَتْ وقيل هو انْفصالُ اللَّحْم عن العَظْمِ بذَبْح أَو فساد الأَصمعي إِذا فَسدت القُرْحةُ وتَقَطَّعت قيل قد تَذَيَّأَت تَذَيُّؤاً وتَهَذَّأَتْ تَهَذُّؤاً وأَنشدَ شمر
تَذَيَّأَ منها الرأْسُ حتَّى كأَنَّه ... من الحَرِّ في نارٍ يَبِضُّ مَلِيلُها
وتَذَيَّأَتِ القِرْبةُ تقَطَّعت وهو من ذلك وفي الصحاح ذَيَّأْتُ اللحمَ فَتَذَيَّأَ إِذا أَنْضَجْتَه حتى يَسقُطَ عن عَظْمِه وقد تَذَيَّأَ اللحم تَذَيُّؤاً إِذا انفصل لحمُه عن العَظْم بفَساد أَو طَبْخ

( رأرأ ) الرَّأْرأَةُ تحرِيكُ الحَدَقةِ وتَحْدِيدُ النَّظَر يقال رَأْرَأَ رَأْرَأَةً ورجلٌ رَأْرَأُ العَيْن على فَعْلَلٍ ورَأْراءُ العين المدُّ عن كراع يُكْثِرُ تَقْلِيبَ حَدَقَتَيْه وهو يُرَأْرِئُ بعينيه ورَأْرَأَتْ عيناه إِذا كان يُديرُهما ورَأْرَأَتِ المرأَةُ بعينِها بَرَّقَتْها وامرأَةٌ رَأْرَأَةٌ ورَأْرأ ورأْراءٌ التهذيب رجل رَأْرَأ وامْرأَةٌ رأْراءٌ بغير هاءٍ ممدود وقال شِنظِيرةُ الأَخْلاقِ رَأْراءُ العَيْنْ ويقال الرَّأْرَأَةُ تَقْلِيبُ الهَجُولِ عَيْنَيْها لطالِبِها يقال رَأْرَأَتْ وجَحَظَتْ ومَرْمَشَتْ ( 1 )
( 1 قوله « ومرمشت » كذا بالنسخ ولعله ورمشت لأن المرماش بمعنى الرأراء ذكروه في رمش اللهم الا أَن يكون استعمل هكذا شذوذاً ) بعينيها ورأَيته جاحِظاً مِرْماشاً ورأْرَأَتِ الظِّباءُ بأَذْنابها ولأْلأَتْ إِذا بَصْبَصَتْ والرَّأْراءُ أُخْت تَمِيم بنِ مُرٍّ سميت بذلك وأَدخلوا الأَلف واللام لأَنهم جعلوها الشيءَ بعَيْنِه كالحَرِث والعباس ورَأْرَأَتِ المرأَةُ نظرَتْ في المِرْآةِ ورَأْرَأَ السَّحابُ لمَعَ وهو دون اللَّمْحِ بالبصر ورَأْرَأَ بالغنمِ رَأْرأَةً مثل رَعْرَعَ رَعْرَعةً [ ص 82 ] وطَرْطَبَ بها طَرْطَبةً دعاها فقال لها أَرْأَرْ وقيل إِرْ وإِنما قياسُ هذا أَن يقال فيه أَرْأَرَ إِلا أَن يكون شاذا أَو مقلوباً زاد الأَزهريّ وهذا في الضأْن والمعز قال والرَّأْرأَةُ إِشلاؤُكَها إِلى الماءِ والطَرْطَبةُ بالشفتين

( ربأ ) رَبَأَ القومَ يَرْبَؤُهم رَبْأً وربَأَ لَهم اطَّلَعَ لهم على شَرَفٍ ورَبأْتُهم وارْتَبأْتُهم أَي رَقَبْتُهم وذلك إِذا كنت لهم طَلِيعةً فوق شَرَفٍ يقال رَبَأَ لنا فلان وارْتبأَ إِذا اعْتانَ والرَّبِيئةُ الطَّلِيعةُ وإِنما أَنَّثوه لأَن الطَّلِيعةَ يقال له العين إِذ بعَيْنهِ ينْظُرُ والعين مؤنثة وإِنما قيل له عَيْن لأَنه يَرْعَى أُمُورهم ويَحْرُسُهم وحكى سيبويه في العين الذي هو الطَّلِيعة أَنه يذكَّر ويؤَنث فيقال رَبِيءٌ ورَبِيئةٌ فمن أَنَّث فعلى الأَصل ومن ذكَّر فعلى أَنه قد نقل من الجزءِ إِلى الكل والجمعُ الرَّبايا وفي الحديث مَثَلِي ومَثَلُكُم كرجلٍ ذَهب يَرْبَأُ أَهلَه أَي يَحْفَظُهم من عَدُوِّهم والاسم الرَّبِيئةُ وهو العين والطَّلِيعةُ الذي ينظر للقوم لئلا يَدْهَمَهُم عدُوّ ولا يكون إِلاّ على جبل أَو شَرَف ينظر منه وارْتَبَأْتُ الجبلَ صَعِدْتُه والمِرْبَأُ والمَرْبَأُ موضع الرَّبِيئةِ التهذيب الرَّبيئةُ عَين القوم الذي يَربَأُ لهم فوقِ مِرْبَإٍ من الأرَض ويَرْتَبِئُ أَي يقُوم هنالك المَرْباءُ المَرْقاة عن ابن الأَعرابي هكذا حكاه بالمدّ وفتح أَوله وأَنشد كأَنَّها صَقْعاءُ في مَرْبائِها قال ثعلب كسرُ مرباءَ أَجود وفَتحُه لم يأْت مِثْله ورَبَأَ وارْتَبَأَ أَشرف وقال غَيْلانُ الرَّبعي
قد أَغْتَدِي والطيرُ فَوْقَ الأَصْواءْ ... مُرْتَبِئاتٍ فَوْقَ أَعْلَى العَلْياءْ
ومَرْبأَةُ البازِي مَنارةٌ يَرْبَأُ عليها وقد خفف الراجز همزها فقال باتَ عَلَى مَرْباتِه مُقَيَّدا ومَرْبأَةُ البازي الموضِعُ الذي يُشرِفُ عليه ورَابَأَهم حارَسَهم ورَابَأْتُ فلاناً إِذا حارَسْتَه وحارَسَكَ ورَابأَ الشيءَ راقَبَه والمَرْبَأَةُ المَرْقَبَةُ وكذلك المَرْبَأُ والمُرْتَبَأُ ومنه قيل لمكان البازي الذي يَقِفُ فيه مَرْبأٌ ويقال أَرض لا رِباءَ فيها ولا وِطاءَ ممدودان ورَبَأْتُ المرأَةَ وارْتَبَأْتُها أَي عَلَوْتُها وَرَبَأْتُ بِكَ عن كذا وكذا أَرْبَأُ رَبْأً رَفَعْتُكَ ورَبَأْتُ بك أَرْفَعَ الأَمرِ رَفَعْتك هذه عن ابن جني ويقال إِنِّي لأَرْبَأُ بك عن ذلك الأَمْرِ أَي أَرْفَعُكَ عنه ويقال ما عَرَفْتُ فلاناً حتى أَرْبَأَ لِي أَي أَشْرَفَ لي ورابَأْتُ الشيءَ ورَابَأْتُ فلاناً حَذِرْته واتَّقَيْتُه ورابَأَ الرجلَ اتَّقاه وقال البَعِيثُ
فَرَابَأْتُ واسْتتْمَمْتُ حَبْلاً عَقَدْته ... إِلى عَظَماتٍ مَنْعُها الجارَ مُحْكَمُ
ورَبَأَتِ الأَرضُ رَباءً زكَتْ وارْتَفَعَتْ وقُرئَ فإِذا أَنْزَلْنا عَلَيها الماءَ اهْتَزَّتْ ورَبَأَتْ أَي ارْتَفَعَتْ [ ص 83 ] وقال الزجاج ذلك لأَنَّ النَّبْت إِذا هَمَّ أَن يَظْهَرَ ارْتَفَعَتْ له الأَرضُ وفَعَلَ به فِعْلاً ما رَبَأَ رَبْأَه أَي ما علم ولا شَعَرَ به ولا تَهيَّأَ له ولا أَخَذَ أُهْبَته ولا أَبَهَ لَه ولا اكْتَرَثَ له ويقال ما رَبَأْتُ رَبْأَه وما مَأَنْتُ مَأْنَه أَي لم أُبالِ به ولم أَحتَفِل له وربَؤُوا له جَمَعوا له من كل طعام لبنٍ وتَمْرٍ وغيره وجاءَ يَرْبَأُ في مِشْيَته أَي يَتَثاقَل

( رتأ ) رَتَأَ العُقْدةَ رَتْأً شَدَّها ابن شميل يقال ما رَتَأَ كَبِدَه اليومَ بِطعامٍ أَي ما أَكل شيئاً يَهْجَأُ به جُوعُه ولا يقال رَتَأَ إِلاَّ في الكَبِد ويقال رَتأَها يَرْتَؤُها رتْأً بالهمز

( رثأ ) الرَّثيِئةُ اللَبنُ الحامِضُ يُحْلَب عليه فَيَخْثُر قال اللحياني الرَّثِيئة مهموزة أَن تَحْلُب حَليباً على حامِضٍ فَيرُوبَ ويَغْلُظَ أَو تَصُبَّ حَلِيباً على لبن حامِضٍ فَتَجْدَحَه بالمِجْدَحةِ حتى يَغْلُظَ قال أَبو منصور وسمعت أَعرابيّاً من بني مُضَرِّس يقول لخادِمٍ له ارْثَأْ لي لُبَيْنَةً أَشْرَبُها وقد ارْتَثَأْتُ أَنا رَثِيئةً إِذا شَرِبْتَها ورَثَأَه يَرْثَؤُه رَثْأً خَلَطه وقيل رَثَأَه صَيَّره رَثِيئَةً وأَرْثَأَ اللبَنُ خَثُر في بعض اللغات ورَثأَ القومَ ورثَأَ لهم عَمِلَ لهم رَثِيئةً ويقال في المثَل الرَّثِيئةُ تَفْثأُ الغضَبَ أَي تَكْسِرُهُ وتُذْهِبُه وفي حديث عمرو بن معد يكرب وأَشْرَبُ التِّينَ مع اللَّبَنِ رَثِيئةً أَو صَرِيفاً الرَّثِيئةُ اللبَنُ الحَلِيبُ يُصَبُّ عليه اللبنُ الحامِضُ فَيرُوبُ من ساعَته وفي حديثِ زيادٍ لَهُوَ أَشْهى إِليَّ مِن رَثِيئةِ فُثِئَتْ بسُلالةِ ثَغَبٍ ( 1 )
( 1 قوله « بسلالة ثغب » كذا هو في النهاية وأورده في ث غ ب بسلالة من ماء ثغب ) في يَوْمٍ شدِيدِ الوَدِيقةِ ورَثَؤُوا رَأْيَهم رَثْأً خَلَطُوه وارْتَثَأَ عليهم أَمْرُهم اخْتَلَطَ وهم يَرْتَثِئُون أَمْرَهم أُخِذ من الرَّثِيئةِ وهو اللبَّن المُخْتَلِطُ وهم يَرْثَؤُون رَأْيَهم رَثْأً أَي يَخْلِطُون وارْتَثأَ فلان في رَأْيه أَي خَلَّطَ والرَّثْأَةُ قِلَّةُ ( 2 )
( 2 قوله « والرثأة قلة » أثبتها شارح القاموس نقلاً عن أُمهات اللغة ) الفِطْنةِ وضَعْفُ الفُؤَادِ ورجلٌ مَرْثُوءٌ ضَعِيفُ الفُؤَادِ قَلِيلُ الفِطنْةِ وبه رَثْأَةٌ وقال اللحياني قيل لأَبي الجَرّاح كيفَ أَصْبَحْتَ ؟ فقال أَصْبَحْتُ مَرْثُوءاً مَوْثُوءاً فجعله اللحياني من الاخْتِلاط وإِنما هو من الضَّعْف والرَّثِيئةُ الحُمق عن ثعلب والرُّثْأَةُ الرُّقْطةُ كبش أَرْثَأُ ونعجة رَثْآءُ وَرَثَأْتُ الرَّجلَ رَثْأً مَدَحْتُه بعد موته لغة في رَثَيْتُه ورَثَأَتِ المرأَةُ زوجها كذلك وهي المَرْثِئةُ وقالت امرأَة من العرب رَثَأْتُ زَوْجي بأَبيات وهمَزتْ أَرادت رَثَيْتُه قال الجوهري وأَصله غير مهموز قال الفرّاء وهذا من المرأَة على التوهم لأَنها رأَتهم يقولون رَثَأْتُ اللبن فَظَنَّتْ أَنَّ المَرْثِيةَ منها

( رجأ ) أَرْجَأَ الأَمرَ أَخَّرَه وتركُ الهَمْز لغة ابن السكيت أَرْجَأْت الأَمْرَ وأَرْجَيْتُه إِذا أَخَّرْتَه وقُرئَ أَرْجِهْ وأَرْجِئْهُ وقوله تعالى تُرْجِئُ مَنْ تَشاءُ منهنّ وتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشاءُ قال [ ص 84 ] الزجاج هذا مما خَصَّ اللّه تعالى به نَبِيَّه محمداً صلى اللّه عليه وسلم فكان له أَن يُؤَخِّرَ مَنْ يَشاءُ مِن نِسائه وليس ذلك لغيره من أُمته وله أَن يَرُدَّ مَنْ أَخَّر إِلى فِراشِه وقُرئَ تُرْجي بغير همز والهَمزُ أَجْودُ قال وأُرَى تُرجِي مخففاً من تُرْجِئُ لِمَكان تُؤْوِي وقُرئَ وآخَرُون مُرْجَؤُون لأَمْرِ اللّه أَي مُؤَخَّرون لأَمر اللّه حتى يُنْزِلَ اللّهُ فيهم ما يُرِيد وفي حديث تَوْبةِ كَعْب بن مالك وأَرْجَأَ رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم أَمْرَنا أَي أَخَّرَه والإِرْجاءُ التأْخير مهموز ومنه سميت المُرْجِئةُ مثال المُرْجِعةِ يقال رَجلٌ مُرْجِئٌ مثال مُرْجِعٍ والنسبة إِليه مُرْجِئِيٌّ مثال مُرْجِعِيٍّ هذا إِذا همزت فإِذا لم تهمز قلت رَجلٌ مُرْجٍ مثال مُعْطٍ وهم المُرْجِيَّةُ بالتشديد لأَن بعض العرب يقول أَرْجَيْتُ وأَخْطَيْت وتَوَضَّيْتُ فلا يَهْمِز وقيل مَن لم يَهمز فالنسبة إِليه مُرْجِيٌّ والمُرْجِئةُ صِنْفٌ من المسلمين يقولون الإِيمانُ قَوْلٌ بلا عَمَل كأَنهم قدّمُوا القَوْلَ وأَرْجَؤُوا العمل أَي أَخَّروه لأَنهم يرون أَنهم لو لم يُصلُّوا ولم يَصُومُوا لنَجَّاهم إِيمانهم قال ابن بري قول الجوهري هُمُ المُرْجِيَّة بالتشديد إِن أَراد به أَنهم منسوبون إِلى المُرْجِيةِ بتخفيف الياء فهو صحيح وإِن أَراد به الطائفة نفسها فلا يجوز فيه تشديد الياء إِنما يكون ذلك في المنسوب إِلى هذه الطائفة قال وكذلك ينبغي أَن يقال رجلٌ مُرْجِئِيٌّ ومُرْجِيٌّ في النسب إِلى المُرْجئةِ والمُرْجِيةِ قال ابن الأَثير ورد في الحديث ذكر المُرْجِئةِ وهم فِرْقةٌ من فِرَقِ الإِسلام يَعْتقدون أَنه لا يَضُرُّ مع الإِيمان مَعْصِية كما أَنه لا ينفع مع الكفر طاعة سموا مُرْجِئةً لأَنّ اللّهَ أَرْجَأَ تعذيبَهم على المعاصي أَي أَخَّرَه عنهم ( قلت ) ولو قال ابن الأَثير هنا سموا مرجئة لأَنهم يعتقدون أَن اللّه أَرْجَأَ تعذيبهم على المعاصي كان أَجود وقول ابن عباس رضي اللّه عنهما أَلا ترى أَنهم يَتَبايعون الذهبَ بالذهب والطعامَ مُرْجًى أَي مؤَجَّلاً مُؤَخراً يهمز ولا يهمز نذكره في المعتل وأَرْجَأَتِ الناقةُ دنا نِتاجُها يهمز ولا يهمز وقال أَبو عمرو هو مهموز وأَنشد لذي الرُّمَّة يصِفُ بيضة
نَتُوجٍ ولم تُقْرِفْ لِما يُمْتنَى له ... إِذا أَرْجَأَتْ ماتَتْ وحَيَّ سَلِيلُها
ويروى إِذا نُتِجَتْ أَبو عمرو أَرْجَأَتِ الحامِلُ إِذا دَنَتْ أَن تُخْرِجَ ولَدَها فهي مُرْجِئٌ ومُرْجِئةٌ وخرجنا إِلى الصيد فأَرْجأْنا كأَرْجَيْنا أَي لم نُصِبْ شيئاً

( ردأ ) رَدأَ الشيءَ بالشيءِ جعَله له رِدْءاً وأَرْدَأَهُ أَعانَه وتَرادأَ القومُ تعاونوا وأَرْدَأْتُه بنفسي إِذا كنت له رِدْءاً وهو العَوْنُ قال اللّه تعالى فأَرْسِلْه مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُني وفلان رِدْءٌ لفلان أَي يَنْصُرُه ويَشُدُّ ظهره وقال الليث تقول رَدَأْتُ فلاناً بكذا وكذا أَي جعلْته قُوَّةً له وعِماداً كالحائط تَرْدَؤُه من بناءٍ تُلزِقُه به وتقول أَرْدَأْت فلاناً أَي رَدَأْتُه وصِرْتُ له رِدْءاً أَي مُعِيناً وترادَؤُوا أَي تعاوَنُوا [ ص 85 ] والرِّدْءُ المُعِينُ وفي وصية عُمر رضي اللّه عنه عند مَوتِه وأُوصِيه بأَهل الأَمصار خيراً فإِنهم رِدْءُ الإِسلامِ وجُباةُ المالِ الرِّدْءُ العَوْنُ والناصِرُ وَرَدَأَ الحائطَ بِبِناءٍ أَلزَقَه به ورَدَأَه بحَجر رَماه كَرَداه والمِرْدَاةُ الحَجر الذي لا يكاد الرجل الضابِطُ يَرْفَعُه بيديه تذكر في موضعها ابن شميل رَدَأْتُ الحائطَ أَرْدَؤُه إِذا دَعَمْتَه بخَشَب أَو كَبْش يَدْفَعُه أَنْ يَسْقُطَ وقال ابن يونس أَرْدَأْتُ الحائطَ بهذا المعنى وهذا شيءٌ رَدِيءٌ بيِّنُ الرَّداءة ولا تقل رَداوةً والرَّدِيءُ المُنْكَرُ المَكْروُه وَرَدُؤَ الشيءُ يَرْدُؤُ رَداءة فهو رَدِيءٌ فَسَدَ فهو فاسدٌ ورجلٌ رَدِيءٌ كذلك من قومٍ أَرْدِئاءَ بهمزتين عن اللحياني وحده وأَرْدَأْته أَفْسَدْته وأَرْدَأَ الرجلُ فَعَل شيئاً رَديئاً أَو أَصابَه وأَرْدَأْتُ الشيءَ جعلته رَدِيئاً ورَدَأْتُه أَي أَعَنْتُه وإِذا أَصاب الإِنسانُ شيئاً رَدِيئاً فهو مُرْدِئٌ وكذلك إِذا فعل شيئاً رَدِيئاً وأَرْدَأَ هذا الأَمرُ على غيره أَرْبَى يهمز ولا يهمز وأَرْدَأَ على السِّتِّين زاد عليها فهو مهموز عن ابن الأَعرابي والذي حكاه أَبو عبيد أَرْدَى وقوله في هَجْمةٍ يُرْدِئها وتُلْهِيهْ يجوز أَن يكون أَراد يُعِينُها وأَن يكون أَراد يَزِيدُ فيها فحذف الحَرْفَ وأَوصَلَ الفِعْلَ وقال الليث لغة العرب أَردأَ على الخمسين إِذا زادَ قال الأَزهريّ لم أَسمع الهمز في أَرْدَى لغير الليث وهو غَلَطٌ والأَرْداءُ الأَعْدالُ الثَّقيلةُ كلُّ عِدْلٍ منها رِدْءٌ وقد اعْتَكَمْنا أَرْداءً لَنا ثِقالاً أَي أَعدالاً

( رزأ ) رَزَأَ فُلانٌ فُلاناً إِذا بَرَّه مهموز وغير مهموز قال أَبو منصور مهموز فَخُفِّف وكُتب بالأَلف ورَزأَه مالَه ورَزِئَه يَرْزَؤُه فيهما رُزْءاً أَصابَ من ماله شيئاً وارْتَزَأَه مالَه كَرَزِئَه
وارْتَزَأَ الشيءُ انْتَقَصَ قال ابن مقبل
حَمَلْتُ عليها فَشَرَّدْتُها ... بسامي اللَّبانِ يَبُذُّ الفِحالا
كَرِيمِ النِّجارِ حَمَى ظَهْرَه ... فلَم يُرْتَزَأْ بِرُكُوبٍ زِبالا
وروي برُكُونٍ والزِّبالُ ما تَحْمِله البَعُوضة ويروى ولم يَرْتَزِئْ ورَزَأَهُ يَرْزَؤُه رُزْءاً ومَرْزِئةً أَصابَ منه خَيْراً ما كان ويقال ما رَزَأْتُه مالَه وما رَزِئْتُه مالَه بالكسر أَي ما نَقَصْتُه ويقال ما رَزَأَ فلاناً شيئاً أَي ما أَصابَ من مالهِ شيئاً ولا نَقَصَ منه وفي حديث سُراقةَ بن جُعْشُمٍ فلم يَرْزَآني شيئاً أَي لم يأْخُذا مِنّي شيئاً ومنه حديث عِمْرانَ والمرأَةِ صاحبةِ المَزادَتَيْنِ أَتعلمين أَنَّا ما رَزَأْنا مِن مائِك شيئاً أَي ما نَقَصْنا ولا أَخَذْنا ومنه حديث ابن العاص رضي اللّه عنه وأَجِدُ نَجْوِي أَكْثَر من رُزْئِي النَّجْوُ الحَدَثُ أَي أَجِدُ [ ص 86 ] أَكثَرَ مما آخُذه مِنَ الطَّعام ومنه حديث الشعبي أَنه قال لبَنِي العَنْبر إِنما نُهِينا عن الشِّعر إِذا أُبِنَتْ فيه النساءُ وتُروزِئتْ فيه الأَمْوال أَي اسْتُجْلِبَتْ واسْتُنْقِصَتْ من أَرْبابها وأُنْفِقَت فيه وروي في الحديث لَوْلا أَنَّ اللّهَ لا يُحِبُّ ضَلالةَ العَمَلِ ما رَزَيْناكَ عِقالاً جاءَ في بعض الروايات هكذا غير مهموز قال ابن الأَثير والأَصْل الهمز وهو من التخفيف الشاذّ وضَلالةُ العَمَل بُطْلانه وذَهابُ نَفْعِه ورجلٌ مُرَزَّأ أَي كرِيمٌ يُصاب منه كثيراً وفي الصحاح يُصيبُ الناسُ خَيْرَه أَنشد أَبو حنيفة
فَراحَ ثَقِيلَ الحِلْمِ رُزْءاً مُرَزَّأً ... وباكَرَ مَمْلُوءاً من الرَّاح مُتْرَعا
أَبو زيد يقال رُزِئْتُه إِذا أُخِذَ منك قال ولا يقال رُزِيتُه وقال الفَرَزدق
رُزِئْنا غالباً وأَباهُ كانا ... سِماكَيْ كُلِّ مُهْتَلِكٍ فَقِير
وقَوم مُرَزَّؤُونَ يُصِيب الموتُ خِيارَهُمْ والرُّزْءُ المُصِيبةُ قال أَبو ذؤَيب
أَعاذِلَ إِنَّ الرُّزْءَ مِثلُ ابن مالِكٍ ... زُهَيرٍ وأَمْثالُ ابْن نَضْلَةَ واقِدِ
أَراد مثلُ رُزءِ ابن مالِك والمَرْزِئةُ والرَّزِيئةُ المُصِيبةُ والجمع أَرْزاءٌ ورَزايا وقد رَزَأَتْهُ رَزِيئةٌ أَي أَصابته مُصِيبةٌ وقد أَصَابَه رُزْءٌ عظيم وفي حديث المرأَة التي جاءَت تسأَل عن ابنها إِن أُرْزَأ ابني فلم أُرْزَأْ حَيايَ أَي إِنْ أُصِبْتُ به وفَقَدْتُه فلم أُصَبْ بِحَيايَ والرُّزْءُ المُصِيبةُ بفَقْد الأَعِزَّةِ وهو من الانْتِقاصِ وفي حديث ابن ذي يَزَنَ فنحنُ وَفْدُ التَّهْنِئَة لا وَفْدُ المَرْزِئة وإِنَّه لقَلِيلُ الرُّزْءِ من الطعام أَي قليل الإِصابةِ منه

( رشأ ) رَشَأَ المرأَةَ نكَحَها والرَّشَأُ على فَعَلٍ بالتحريك الظبي إِذا قَوِيَ وتَحرّك ومشَى مع أُمِّه والجمع أَرْشاءٌ والرَّشَأُ أَيضاً شجرة تَسْمُو فوق القامةِ ورَقُها كورَق الخِرْوعِ ولا ثمرة لها ولا يأْكلها شيءٌ والرَّشَأُ عُشبة تُشْبِه القَرْنُوةَ قال أَبو حنيفة أَخبرني أَعرابيّ مِن رَبِيعةَ قال الرّشَأُ مثل الجُمَّة ولها قُضْبانٌ كثيرة العُقَدِ وهي مُرَّةٌ جداً شديدةُ الخُضْرة لَزِجةٌ تَنْبُت بالقِيعانِ مُتَسَطِّحةٌ على الأَرْض وورَقَتُها لطيفة مُحَدَّدة والناسُ يَطبُخونها وهي مِن خير بَقْلة تَنْبُت بنَجْد واحدتها رَشَأَةٌ وقيل الرَّشَأَةُ خَضْراءُ غَبْراءُ تَسْلَنْطِحُ ولها زَهْرةٌ بيضاءُ قال ابن سيده وإنما اسْتَدْلَلْت على أَنَّ لام الرشإِ همزة بالرَّشإِ الذي هو شجر أَيضاً وإِلاَّ فقد يجوز أَن يكون ياءً أَو واواً واللّه أَعلم

( رطأ ) رَطَأَ المرأَةَ يَرْطَؤُها رَطْأً نكَحها والرَّطَأُ الحُمْقُ والرَّطِيءُ على فَعِيل الأَحْمق مِنَ الرِّطاءِ والأَنثى رَطِيئةٌ واسْتَرْطَأَ صار رَطِيئاً وفي حديث رَبِيعة أَدْرَكْتُ أَبْناءَ أَصحابِ النبي صلى اللّه عليه وسلم يَدَّهِنُون بالرِّطاءِ وفسره فقال هو التَّدَهُّن الكثير أَو قال الدَّهْنُ الكثير وقيل هو الدَّهْن بالماءِ من قولهم رَطَأْتُ القومَ إِذا رَكِبْتَهم بما لا يُحِبُّونَ لأَنَّ الماءَ يَعْلُوه الدُّهْنُ [ ص 87 ]
( رفأ ) رَفَأَ السفينةَ يَرْفَؤُها رَفْأً أَدْناها مِن الشَّطِّ وأَرْفَأْتُها إِذا قَرَّبتها إِلى الجَدِّ من الأَرض وفي الصحاح أَرْفَأْتُها إِرْفاءً قَرَّبْتها من الشط وهو المَرْفَأُ ومَرْفَأُ السفِينةِ حيث تَقْرُب مِن الشَّطِّ وأَرْفَأْتُ السَّفِينةَ إِذا أَدْنَيْتها الجِدَّةَ والجِدَّةُ وَجْهُ الأَرضِ وأَرْفَأَتِ السَّفِينةُ نَفْسُها إِذا ما دَنَتْ للجِدَّة والجَدُّ ما قَرُبَ مِن الأَرض وقيل الجَدُّ شاطِئُ النهر وفي حديث تَمِيمٍ الدَّارِي أَنَّهُم رَكِبُوا البحر ثم أَرْفَؤُوا إِلى جزيرة قال أَرْفَأْتُ السَّفِينةَ إِذا قَرَّبْتها من الشَّطِّ وبعضهم يقول أَرْفَيْتُ بالياء قال والأَصل الهمز وفي حديث موسى عليه السلام حتى أَرْفَأَ به عند فُرْضَةِ الماءِ وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه في القِيامة فتكونُ الأَرضُ كالسَّفِينةِ المُرْفَأَةِ في البحر تَضْرِبها الأَمْواجُ ورفَأَ الثوبَ مهموز يَرْفَؤُه رَفْأً لأَمَ خَرْقَه وضمَّ بعضَه إِلى بَعْضٍ وأَصْلَح ما وَهَى منه مشتق من رَفْءِ السَّفينة وربما لم يُهمز وقال في باب تحويل الهَمزة رَفَوْتُ الثوبَ رَفْواً تحوَّل الهمزة واواً كما ترى ورجلٌ رَفَّاءٌ صَنْعَتُه الرَّفْءُ قال غَيْلان الرَّبَعِيُّ
فَهُنَّ يْعْبِطْنَ جَدِيدَ البَيْداءْ ... ما لا يُسَوَّى عَبْطُه بالرَّفَّاءْ
أَراد برَفْءِ الرَّفَّاءِ ويقال من اغتابَ خَرَقَ ومَن اسْتَغْفر اللّهَ رَفَأَ أَي خَرَقَ دِينَه بالاغتِيابِ ورَفَأَه بالاسْتِغْفار وكلُّ ذلك على المَثَل والرَّفاءُ بالمدّ الالتِئامُ والاتِّفاقُ وَرَفأَ الرجلَ يَرْفَؤُه رَفْأً سكنَّه وفي الدعاءِ لِلمُمْلِكِ بالرَّفاءِ والبَنِينَ أَي بالالتئام والاتِّفاقِ وحُسْنِ الاجْتماع قال ابن السكيت وإِن شئت كان معناه بالسكون والهُدُوِّ والطُّمَأْنينةِ فيكون أَصله غير الهمز من قولهم رَفَوْتُ الرجلَ إِذا سَكَّنْته ومن الأَوَّل يقال أُخِذَ رَفْءُ الثَوبِ لأَنه يُرْفَأُ فيُضَمُّ بعضُه إِلى بعض ويُلأَم بينه ومن الثاني قول أَبي خِراش الهُذَلِيِّ
رَفَوْنِي وقالوا يا خُوَيْلِدُ لا تُرَعْ ... فقلتُ وأَنْكَرْتُ الوُجوهَ هُمُ هُمُ
يقول سكَّنُوني وقال ابن هانئٍ يريد رَفَؤُوني فأَلقى الهمزة قال والهمزة لا تُلْقَى إِلاَّ في الشعر وقد أَلقاها في هذا البيت قال ومعناه أَنِّي فَزِعْتُ فطار قلبي فضَمُّوا بعضي إِلى بعض ومنه بالرِّفاءِ والبَنِينَ ورَفَّأَهُ تَرفِئةً وتَرْفِيئاً دعا له قال له بالرِّفاءِ والبنين وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه نَهى أَن يقال بالرِّفاءِ والبنين الرَّفاءُ الالتئامُ والاتِّفاقُ والبَرَكةُ والنَّماءُ وإِنما نهى عنه كراهِيةً لأَنه كان من عادتهم ولهذا سُنَّ فيه غيرُه وفي حديث شريح قال له رجل قد تَزَوَّجْتُ هذه المرأَةَ قال بالرِّفاءِ والبنين وفي حديث بعضهم أَنه كان إِذا رَفَّأَ رجلاً قال بارك اللّهُ عليكَ وبارك فيكِ وجمع بينكما في خير ويهمز الفعل ولا يهمز قال ابن هانئٍ رَفَّأَ أَي تزوَّج وأَصل الرَّفْءِ الاجتماع والتَّلاؤُم ابن السكيت فيما لا يهمز فيكون له معنى فإِذا هُمِز كان له معنى آخر رَفَأْتُ الثوبَ أَرْفَؤُه رَفْأً قال وقولهم بالرِّفاءِ والبَنِينَ أَي بالتِئامٍ واجتماعٍ وأَصله الهمز وإِن شئت كان معناه السكونَ [ ص 88 ] والطُّمَأْنِينةَ فيكون أَصله غير الهمز من رَفَوْت الرجلَ إِذا سَكَّنْته وفي حديث أُمِّ زرع كنتُ لكِ كأَبي زَرْعٍ لأُمِّ زرعٍ في الأُلْفةِ والرِّفاءِ وفي الحديث قال لقُرَيْش جئْتُكُم بالذَّبْح فأَخَذَتْهُم كلمتُه حتى إِنَّ أَشَدَّهم فيه وَصاءةً ليَرْفَؤُه بأَحسنِ ما يَجِدُ من القَوْلِ أَي يُسَكِّنُه ويَرْفُقُ به ويَدْعُو له وفي الحديث أَنَّ رجُلاً شَكا إِليه التَعَزُّبَ فقال له عَفِّ شعَرَك فَفَعَلَ فَارْفَأَنَّ أَي سَكَنَ ما كان به والمُرْفَئِنُّ الساكِنُ ورَفَأَ الرجلَ حاباه وأَرْفَأَه داراه هذه عن ابن الأَعرابي ورافَأَنِي الرجلُ في البيعِ مُرافأَةً إِذا حاباكَ فيه ورافأْتُه في البيع حابَيْتُه وتَرافَأْنا على الأَمْر تَرافُؤاً نحو التَّمالُؤِ إِذا كان كَيْدُهم وأَمْرُهم واحداً وتَرافَأْنا على الأَمْر تَواطَأْنا وتَوافَقْنا وَرَفَأَ بينهم أَصْلَح وسنذكره في رَقَأَ أَيضاً وأَرْفَأَ إِليه لَجَأَ الفرَّاء أَرْفَأْتُ وأَرْفَيْتُ إِليه لغتان بمعنى جَنَحْتُ واليَرْفَئِيُّ المُنْتَزَعُ القلب فَزَعاً واليَرْفَئِيُّ راعِي الغنمِ واليَرْفَئِيُّ الظَّلِيمُ قال الشاعر
كأَنِّي ورَحْلِي والقِرابَ ونُمْرُقِي ... على يَرْفَئِيٍّ ذِي زَوائدَ نِقْنِقِ
واليَرْفَئِيُّ القفُوزُ المُوَلِّي هَرَباً واليَرْفَئِيُّ الظَّبيُ لنَشاطِه وتَدارُكِ عَدْوِه

( رقأ ) رَقَأَتِ الدَّمْعَةُ تَرْقَأُ رقْأً ورُقُوءاً جَفَّتْ وانْقَطَعَتْ وَرَقَأَ الدمُ والعِرْقُ يَرْقَأُ رَقْأً ورُقُوءاً ارتفَع والعِرْقُ سَكَنَ وانْقَطَع وأَرْقَأَهُ هو وأَرْقَأَهُ اللّه سَكَّنه وروى المنذري عن أَبي طالب في قولهم لا أَرْقَأَ اللّه دَمْعَتَه قال معناه لا رَفَع اللّه دَمْعَتَه ومنه رَقَأْتُ الدَّرَجَةَ ومن هذا سُمِّيت المِرْقاة وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فبِتُّ لَيْلَتِي لا يَرْقَأُ لي دَمْعٌ والرَّقُوءُ على فَعُولٍ بالفتح الدَّواءُ الذي يوضع على الدَّمِ ليُرْقِئَه فيسكُن والاسم الرَّقُوء وفي الحديث لا تَسُبُّوا الإِبلَ فإِنَّ فيها رَقُوءَ الدَّمِ ومَهْرَ الكَرِيمةِ أَي إِنها تُعْطَى في الدِّياتِ بَدَلاً من القَوَدِ فتُحْقَنُ بها الدِّماءُ ويسكُنُ بها الدمُ وَرَقَأَ بينهم يَرْقَأُ رَقْأً أَفسَد وأَصلَح ورَقَأَ ما بينهم يَرْقَأُ رَقْأً إِذا أَصلَح فأَما رَفَأَ بالفاءِ فأَصلَح عن ثعلب وقد تقدَّم ورجل رَقُوءٌ بين القَوْمِ مُصْلِحٌ قال
ولكِنَّنِي رائبٌ صَدْعَهُمْ ... رَقُوءٌ لِما بينَهم مُسْمِلُ
وارْقَأْ على ظَلْعِك أَي الزَمْه وارْبَعْ عليه لغة في قولك ارْقَ على ظَلْعِك أَي ارْفُقْ بنفْسِك ولا تحْمِل عليها أَكثر مما تُطِيقُ ابن الأَعرابي يقال ارْقَ على ظَلْعِك فتقول رَقِيتُ رُقِيّاً غيرُه وقد يقال للرجل ارْقَأْ على ظَلْعِكَ أَي أَصلِحْ أَوَّلاً أَمْركَ فيقول قد رقَأْتُ رَقْأً وَرَقَأَ في الدرجَةِ رَقْأً صَعِدَ عن كراع نادر والمعروف رَقِيَ التهذيب يقال رَقَأْتُ ورَقِيتُ وترك الهمز أَكثر قال الأَصمعي أَصل ذلك في الدم إِذا قَتلَ رَجلٌ رَجلاً فأَخَذ وليُّ الدمِ الديَة رَقَأَ دمُ القاتِل أَي ارتفَع ولو لم تؤْخذ الديةُ لهُرِيقَ دَمُه فانْحَدَرَ وكذلك [ ص 89 ] قال المفضل الضبي وأَنشد وتَرْقَأُ في مَعاقِلها الدِّماءُ

( رمأ ) رَمَأَتِ الإِبلُ بالمكان تَرْمَأُ رَمْأً ورُمُوءاً أَقامت فيه وخص بعضُهم به إِقامتها في العُشْبِ وَرَمَأَ الرجلُ بالمكانِ أَقامَ وهل رَمأَ إليك خَبَرٌ وهو مِن الأَخبار ظَنٌّ في حَقيقة وَرَمَأَ الخَبَرَ ظَنَّه وقَدَّره قال أَوس بن حجر
أَجْلَتْ مُرَمَّأَةُ الأَخْبارِ إِذ وَلَدَتْ ... عن يومِ سَوءٍ لعبْدِالقَيْسِ مَذْكُورِ

( رنأ ) الرَّنْءُ الصَّوت رَنَأَ يَرْنَأُ رَنْأً قال الكميت يَصِفُ السهم
يُرِيدُ أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّلهُ ... عند الإِدامةِ حتى يَرْنَأَ الطَّرَبُ
الأَهْزَعُ السهمُ وحَنَّانٌ مُصَوِّتٌ والطَّرَبُ السهمُ نَفْسُه سماه طَرَباً لتصويته إِذا دُوِّم أَي فُتِلَ بالأَصابع وقالوا الطَّرِبُ الرجل لأَنَّ السهمَ إِنما يُصَوِّتُ عند الإِدامةِ إِذا كان جَيِّداً وصاحِبُه يَطْرَبُ لصوته وتأْخُذه له أَرْيَحِيَّةٌ ولذلك قال الكُمَيْتُ أَيضاً
هَزِجاتٍ إِذا أُدِرْنَ على الكَفِّ ... يُطَرِّبْنَ بالغِناءِ المُدِيرا
واليَرَنَّأُ واليُرَنَّأُ بضم الياءِ وهمزة الأَلِف اسم للحِنَّاءِ قال ابن جني وقالوا يَرْنَأَ لِحْيَته صَبَغَها باليُرَنَّاءِ وقال هذا يَفْعَلَ في الماضِي وما أَغْرَبَه وأَطْرَفَه

( رهأ ) الرَّهْيأَةُ الضَّعْفُ والعَجْزُ والتَّواني قال الشاعر
قد عَلِمَ المُرَهْيِئونَ الحَمْقَى ... ومَنْ تَحَزَّى عاطِساً أَو طَرْقَا
والرَّهْيأَةُ التَّخْلِيط في الأَمر وتَرك الإِحْكام يقال جاء بأَمْر مُرَهْيَإٍ ابن شميل رَهْيَأْتَ في أَمرك أَي ضعُفْتَ وتَوانَيْتَ ورهْيَأَ رأْيَه رَهْيَأَةً أَفْسَدَه فلم يُحْكِمْه ورَهْيَأَ في أَمْرِه لم يَعْزِمْ عليه وتَرَهْيَأَ فيه إِذا همَّ به ثم أَمْسَكَ عنه وهو يريد أَن يَفْعَله وتَرَهْيَأَ فيه اضْطَرَب أَبو عبيد رَهْيَأَ في أَمْره رَهْيَأَةً إِذا اخْتَلَط فلم يَثْبُتْ على رأْي وعَيْناه تَرَهْيَآنِ لا يَقِرُّ طَرْفاهُما ويقال للرجل إِذا لم يُقِمْ على الأَمْر ويَمْضي وجعل يَشُكُّ ويَتَرَدَّد قد رَهْيَأَ ورَهْيَأَ الحِمْلَ جعل أَحد العِدْلَيْنِ أَثقلَ من الآخر وهو الرَّهْيَأَة تقولُ رَهْيَأْتَ حِمْلَك رَهْيَأَةً وكذلك رَهْيَأْتَ أَمْرَك إِذا لم تُقَوِّمْه وقيل الرَّهْيَأَةُ أَن يَحْمِلَ الرجلُ حِملاً فلا يَشُدَّه فهو يَمِيلُ وتَرَهْيَأَ الشَّيءُ تَحَرَّك أَبو زيد رَهْيَأَ الرَّجلُ فهو مُرَهْيئٌ وذلك أَن يَحْمِل حِمْلاً فلا يَشُدَّه بالحِبال فهو يَميلُ كُلَّما عَدَله وتَرَهْيَأَ السحابُ إِذا تحرَّك وَرَهْيَأَتِ السَّحابةُ وتَرَهْيَأَت اضْطرَبتْ وقيل رَهْيَأَةُ السَّحابةِ تَمخُّضُها وتَهَيُّؤُها للمطر وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه أَنَّ رجلاً كان في أَرضٍ له إِذ مَرَّتْ به عَنانةٌ تَرَهْيأُ فسَمِع فيها قائلاً يقول ائْتِي أَرضَ فلان فاسْقِيها الأَصمعي تَرَهْيَأُ يعني أَنها قد تَهيَّأَت للمطر فهي تُرِيد ذلك ولمَّا تَفْعَلْ [ ص 90 ] والرَّهْيَأَةُ أَن تَغْرَوْرِقَ العَينانِ مِن الكِبَرِ أَو من الجَهْد وأَنشد
إِنْ كانَ حَظُّكُما من مالِ شَيْخِكُما ... نابٌ تَرَهْيَأُ عَيْناها مِنَ الكِبَرِ
والمرأَة تَرَهْيَأُ في مِشْيَتِها أَي تَكَفَّأُ كما تَرَهْيَأُ النخلة العَيْدانةُ

( روأ ) رَّوأَ في الأَمرِ تَرْوِئةً وتَرْوِيئاً نظر فيه وتَعَقَّبه ولم يَعْجَلْ بجَواب وهي الرَّوِيئةُ وقيل إِنما هي الرَّوِيَّةُ بغير همز ثم قالوا رَوَّأَ فهمزوه على غير قياس كما قالوا حَلأْتُ السَّوِيقَ وإِنما هو من الحَلاوةِ ورَوَّى لغة وفي الصحاح أَنَّ الرَّوِيَّةَ جَرَتْ في كلامهم غير مهموزة التهذيب رَوَّأْتُ في الأَمْر ورَيَّأْتُ وفَكَّرْتُ بمعنى واحِد والراء شَجر سَهلِيٌّ له ثمر أَبيضُ وقيل هو شجر أَغْبَرُ له ثَمر أَحمرُ واحدته راءة وتصغيرها رُوَيْئةٌ وقال أَبو حنيفة الرَّاءة لا تكون أَطْوَل ولا أَعْرضَ من قَدْر الإِنسان جالساً قال وعن بعض أَعراب عَمَّانَ أَنه قال الرَّاءةُ شجيرة ترتفع على ساقٍ ثم تَتَفَرَّعُ لها ورَقٌ مُدَوَّرٌ أَحْرَشُ قال وقال غيره شجيرة جبَلِيَّةٌ كأَنها عِظْلِمةٌ ولها زَهرة بيضاء لَيِّنة كأَنها قُطن وأَرْوَأَتِ الأَرض كَثر راؤُها عن أَبي زيد حكى ذلك أَبو علي الفارسي أَبو الهيثم الرَّاء زَبَدُ البحر والمَظُّ دَمُ الأَخَوَيْن وهو دمُ الغَزال وعُصارةُ عُروق الأَرْطَى وهي حُمر وأَنشد
كَأَنَّ بِنَحْرِها وبِمِشْفَرَيْها ... ومَخْلِجِ أَنْفِها راءً ومَظَّا
والمَظُّ رُمَّان البَرِّ

( زأزأ ) تَزَأْزَأَ منه هابَه وتصاغَرَ له وزَأْزَأَه الخَوْفُ وتَزَأْزَأَ منه اخْتَبَأَ التهذيب وتَزَأْزَأَتِ المرأَة اخْتَبَأَتْ قال جرير
تَبْدُو فتُبْدِي جَمالاً زانَهُ خَفَرٌ ... إِذا تَزَأْزَأَتِ السُّودُ العناكِيبُ
وزَأْزَأَ زأْزَأَةً عدا وزَأْزَأَ الظَّلِيمُ مَشَى مُسْرِعاً ورَفَعَ قُطْرَيْهِ وتَزَأْزَأَت المرأَةُ مَشَتْ وحَرَّكَتْ أعْطافَها كَمِشْية القِصارِ وقِدْرٌ زُؤَازِئةٌ وزُؤَزِئةٌ عظيمة تَضُمُّ الجَزُورَ أَبو زيد تَزَأْزَأَتُ من الرَّجل تَزَأْزؤاً شديداً إِذا تَصاغَرْتَ له وفَرِقْتَ منه

( زرأ ) ( 1 )
( 1 قوله « زرأ » هذه المادة حقها أن تورد في فصل الراء كما هي في عبارة التهذيب وأَوردها المجد في المعتل على الصحيح من فصل الراء ) أَزْرَأَ إِلى كذا صار الليث أَزْرأَ فُلان إِلى كذا أَي صارَ إِليه فهمزه قال والصحيح فيه ترك الهمز واللّه أَعلم

( زكأ ) زَكَأَه مائةَ سَوْطٍ زَكْأً ضربَه وزَكَأَه مَائةَ دِرهم زَكْأً نَقَده وقيل زَكَأَه زَكْأً عَجَّلَ نَقْدَه ومَلِيءٌ زُكَاءٌ وزُكَأَةٌ مثل هُمَزةٍ وهُبَعةٍ مُوسِرٌ كثير الدراهِم حاضِرُ النَّقْد عاجِلُه وإِنه لَزُكاءُ النَّقْدِ وزَكَأَتِ الناقةُ بوَلدها تَزْكَأُ زَكْأً رَمَتْ به عند رِجْلَيْها وفي التهذيب رَمَتْ به عند الطَّلْقِ قال والمصدر الزَّكْءُ على
فَعْل مهموز ويقال [ ص 91 ] قَبَّحَ اللّهُ أُمًّا زَكَأَتْ به ولَكَأَتْ به أَي ولَدَته ابن شميل نَكَأْتُه حقَّه نَكْأً وزَكَأْته زَكْأً أَي قَضَيته وازْدَكَأْتُ منه حَقِّي وانْتَكَأْته أَي أَخَذْتُه ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً يَقْضِي ما عليه وزَكَأَ اليه اسْتَنَد قال
وكَيْفَ أَرْهَبُ أَمراً أَو أُراعُ لَه ... وقد زَكَأْتُ إِلى بِشْرِ بْنِ مَرْوانِ
ونِعْمَ مَزْكَأُ مَن ضاقَتْ مَذاهِبُه ... ونِعْمَ مَنْ هُو في سِرٍّ وإِعْلانِ

( زنأ ) زَنَأَ إِلى الشيءِ يَزْنَأُ زَنْأً وزُنُوءاً لَجأَ اليه وأَزْنأَه إِلى الأَمْر أَلجَأَه وزَنَّأَ عليه إِذا ضَيَّقَ عليه مُثَقّلةٌ مهموزة والزَّنْءُ الزُّنُوءُ في الجبل
وزَنَأَ في الجَبل يَزْنَأُ زَنْأً وزُنُوءاً صَعِدَ فيه قال قيس بن عاصِم المِنْقَرِي وأَخَذ صَبِيَّاً من أُمِّه يُرَقِّصُه وأَمُّه مَنْفُوسةُ بنت زَيْدِ الفَوارسِ والصبيُّ هو حُكيم ابنه
أَشْبِهْ أَبا أُمِّكَ أَوْ أَشْبِهْ حَمَلْ ( 1 ) ... ولا تَكُونَنَّ كهِلَّوْفٍ وَكَلْ
( 1 قوله « حمل » كذا هو في النسخ والتهذيب والمحكم بالحاء المهملة وأَورده المؤلف في مادة عمل بالعين المهملة )
يُصْبِحُ في مَضْجَعِه قَدِ انْجَدَلْ ... وارْقَ إِلى الخَيْراتِ زَنْأً في الجَبَلْ
الهِلَّوْفُ الثَّقِيلُ الجافي العَظِيمُ اللِّحْيةِ والوَكَلُ الذي يَكِلُ أَمْرَه إِلى غَيره وزعم الجوهري أَنَّ هذا الرجز للمرأَة قالته تُرَقِّصُ ابْنَها فَردَّه عليه أَبو محمد ابن بري ورواه هو وغيره على هذه الصورة قال وقالت أُمه تَرُدُّ على أَبيه
أَشْبِه أَخِي أَو أَشْبِهَنْ أَباكَا أَمَّا أَبِي فَلَنْ تَنالَ ذَاكا تَقْصُرُ أَنْ تَنالَه يَدَاكَا وأَزْنَأَ غَيْرَه صَعَّدْه وفي الحديث لا يُصَلِّي زانِئٌ يعني الذي يُصَعِّدُ في الجَبَل حتى يَسْتَتِمَّ الصُّعُودَ إِمَّا لأَنه لا يَتَمَكَّنُ أَو مِمَّا يقع عليه من البُهْرِ والنَّهيجِ فيَضِيقُ لذلك نَفَسُه من زَنَأَ في الجبل إِذا صَعَّدَ والزَّناءُ الضَّيْقُ والضِّيقُ جميعاً وكلُّ شيءٍ ضَيِّقٍ زَناءٌ وفي الحديث أَنه كان لا يُحِبُّ من الدنيا إِلاَّ أَزْنأَها أَي أَضْيَقَها
وفي حديث سعد بن ضَمُرَةَ فَزَنَؤُوا عليه بالحجارةِ أَي ضَيَّقُوا قال الأَخطل يَذْكُر القبر وإِذا قُذِفْتُ إِلى زَناءٍ قَعْرُها ... غَبْراءَ مُظْلِمةٍ مِنَ الأَحْفارِ
وزَنَّأَ عليه تَزْنِئةً أَي ضَيَّقَ عليه قال العَفِيفُ العَبْدِيُّ لا هُمَّ إِنَّ الحَرِثَ بنَ جَبَلَهْ زَنَّا على أَبِيه ثمّ قَتَلَهْ ورَكِبَ الشَّادِخةَ المُحَجَّلَهْ وكان في جاراتِه لا عَهْدَ لَهْ وأَيُّ أَمْرٍ سَيِّءٍ لا فَعَلَهْ
قال وأَصله زَنَّأَ على أَبيه بالهمز قال ابن السكيت إِنما ترك همزه ضرورةً والحَرِثُ هذا هو الحَرِث بن أَبي شمر الغَسَّانِيِّ يقال إِنه كان إِذا أَعجبته امرأَة من بني قَيْسٍ بَعَثَ اليها اغْتَصَبها وفيه يقول [ ص 92 ]
خويْلِدُ بن نَوْفَلٍ الكِلابي وأَقْوَى
يا أَيُّها المَلِكُ المَخُوفُ أَما تَرَى ... لَيْلاَ وصُبْحاً كَيْفَ يَخْتَلِفان ؟
هَلْ تَسْتَطِيعُ الشَّمْسَ أَنْ تَأْتِي بها ... ليْلاً وهَلْ لَكَ بالمَلِيك يَدانِ ؟
يا حارِ إِنَّكَ مَيِّتٌ ومُحاسَبٌ ... واعْلَمْ بِأَنَّ كما تَدِينُ تُدانُ
وزَنَأَ الظِّلُّ يَزْنأُ قَلَص وقَصُر ودَنا بعضُه من بعض قال ابن مقبل يصف الإِبل
وتُولِجُ في الظِّلِّ الزَّناءِ رُؤُوسَها ... وتَحْسَبُها هِيماً وهُنَّ صَحائح
وزَنَأَ إِلى الشيءِ يَزْنَأُ دَنا منه وزَنَأَ للخَمْسِين زَنْأً دَنا لها والزَّناءُ ( 1 ) بالفتح والمد
( 1 قوله « والزناء بالفتح إلخ » لو صنع كما في التهذيب بأن قدّمه واستشهد عليه بالبيت الذي قبله لكان أسبك ) القَصِيرُ المُجْتمِعُ يقال رجل زَناءٌ وظلٌّ زَناءٌ والزَّناءُ الحاقِنُ لبَوْلِه وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لا يُصَلِّيَنَّ أَحدُكم وهو زَناءٌ أَي بوزن جَبان ويقال منه قد زَنَأَ بَوْلُه يَزْنَأُ زَنْأً وزُنُوءاً احْتَقَنَ وأَزْنَأَه هو إِزْناءً إِذا حَقَنَه وأَصله الضِّيقُ قال فكأَنَّ الحاقِنَ سُمِّي زَناءً لأَنَّ البولَ يَحْتقِنُ فيُضَيِّقُ عليه واللّه أَعلم

( زوأ ) روي في الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إِنَّ الإِيمانَ بَدَأَ غرِيباً وسَيَعُودُ كما بَدَأَ فَطُوبَى للغُرَباءِ إِذا فسَد الناسُ ( 2 )
( 2 قوله « فسد الناس » في التهذيب فسد الزمان )
والذي نَفْسُ أَبي القاسمِ بيدهِ لَيُزْوَأَنَّ الإِيمانُ بين هذَيْنِ المَسْجِدَيْنِ كما تأْرِزُ الحَيَّةُ في جُحْرها هكذا روي بالهمز قال شمر لم أَسمع زَوَأْت بالهمز والصواب لَيُزْوَيَنَّ أَي لَيُجْمَعَنَّ ولَيُضَمَّنَّ من زَوَيْت الشيءَ إِذا جَمَعْته وسنذكره في المعتل إِن شاءَ اللّه تعالى وقال الأَصمعي الزَّوْءُ بالهمز زَوْءُ المَنِيَّة ما يَحْدُث مِنَ المنية أَبو عمرو زاءَ الدَّهْرُ بفلان أَي انقلَب به قال أَبو منصور زاءَ فَعَلَ من الزَّوْءِ كما يقال من الزَّوْغِ زاغَ

( سأسأ ) أَبو عمرو السَّأْساءُ زَجْرُ الحِمار وقال الليث السَّأْسَأَةُ من قولك سَأْسَأْتُ بالحِمار إِذا زَجَرْتَه ليَمْضِيَ قلت سَأْسَأْ غيره سَأْسَأَ زَجَرَ الحمار ليَحْتَبِسَ أَو يَشْرَبَ وقد سَأْسَأْتُ به وقيل سَأْسَأْتُ بالحمار إِذا دَعَوْتَه ليَشْرَب وقلت له سَأْسَأْ وفي المثل قَرِّبِ الحِمارَ من الرَّدْهةِ ولا تقل له سَأْ الرَّدْهةُ نُقْرةٌ في صَخْرة يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ وعن زيد بن كُثْوةَ أَنه قال من أَمثال العرب إِذا جَعَلْتَ الحِمارَ إِلى جَنْبِ الرَّدْهة فلا تقل له سَأْ قال يقال عند الاسْتمْكانِ من الحاجةِ آخِذاً أَو تاركاً وأَنشد في صفة امرأَة
لم تَدْرِ ما سَأْ للحَمِيرِ ولَمْ ... تَضْرِبْ بكَفِّ مُخابِطِ السَّلَمِ
يقال سَأْ للحِمارِ عند الشرب يُبْتارُ به رِيُّه فإِن رَوِيَ انْطَلَق وإِلاَّ لم يَبْرَحْ قال ومعنى قوله سَأْ [ ص 93 ] أَي اشربْ فإِني أُرِيدُ أن أَذْهَبَ بك قال أَبو منصور والأَصل في سَأْزجر وتَحْرِيكٌ للمُضِيِّ كأَنه يُحَرِّكُه لِيَشْرَبَ إِن كانت له حاجة في الماء مَخافةَ أَن يُصْدِره وبه بَقيَّةُ الظَّمَإِ

( سبأ ) سَبَأَ الخَمْرَ يَسْبَؤُها سَبْأً وسِباءً ومَسْبَأً واستَبَأَها
شَراها وفي الصحاح اشتراها لِيَشْرَبَها قال ابراهيم بن هَرْمةَ
خَوْدٌ تُعاطِيكَ بعد رَقْدَتِها ... إِذا يُلاقِي العُيونَ مَهْدَؤُها
كأْساً بِفِيها صَهْباء مُعْرَقة ... يَغْلُو بأَيدي التِّجارِ مَسْبَؤُها
مُعْرَقةٌ أَي قليلةُ المِزاجِ أَي إِنها من جَوْدَتِها يَغْلُو اشتِراؤُها واسْتَبَأَها مِثله ولا يقال ذلك إِلاَّ في الخَمرِ خاصة قال مالك بن أَبي كعب
بَعَثْتُ إِلى حانُوتِها فاسْتَبَأْتُها ... بغيرِ مِكاسٍ في السِّوام ولا غَصْبِ
والاسم السِّباءُ على فِعالٍ بكسر الفاءِ ومنه سميت الخمر سَبِيئةً قال حَسَّانُ بن ثابِتٍ رضي اللّه تعالى عنه
كأَنَّ سَبِيئةً من بَيْتِ رأس ... يكونُ مِزاجَها عسلٌ وماءُ
وخبر كأَنَّ في البيت الثاني وهو
على أَنْيابها أَو طَعْمُ غَضٍّ ... مِنَ التُّفَّاحِ هَصَّرَه اجْتِناءُ
وهذا البيت في الصحاح كأَنَّ سَبِيئةً في بيت رأْسٍ قال ابن بري وصوابه مِن بَيْتِ رأْسٍ وهو موضع بالشام والسَّبَّاءُ بَيَّاعُها قال خالد بن عبداللّه لعُمر بن يوسف الثَّقفي يا ابن السَّبَّاءِ حكى ذلك أَبو حنيفة وهي السِّباءُ والسَّبِيئةُ ويسمى الخَمَّار سَبَّاءً ابن الأَنباري حكى الكسائي السَّبَأُ الخَمْرُ واللَّظَأُ الشيءُ الثَّقيل ( 1 )
( 1 قوله « اللظأ الشيء الثقيل » كذا في التهذيب بالظاء المشالة أيضاً والذي في مادة لظأ من القاموس الشيء القليل )
حكاهما مهموزين مقصورين قال ولم يحكهما غيره قال والمعروف في الخَمْرِ السِّباءُ بكسر السين والمدّ وإِذا اشتريت الخمر لتحملها إِلى بلد آخر قلت سَبَيْتُها بلا همز وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه دَعا بالجِفانِ فسَبَأَ الشَّرابَ فيها قال أبو موسى المعنى في هذا الحديث فيما قيل جَمَعَها وخَبَأَها وسَبَأَتْه السِّياطُ والنارُ سَبْأً لَذَعَتْه وقيل غَيَّرتْه ولَوَّحَتْه وكذلك الشمسُ والسَّيْرُ والحُمَّى كلهن يَسْبَأُ الإِنسانَ أَي يُغَيِّره وسَبَأْتُ الرجلَ سَبْأً جَلَدْتُه وسَبَأَ جِلْدَه سَبْأً أَحْرَقَه وقيل سلَخَه وانْسَبَأَ هو وسَبَأْتُه بالنار سَبْأً إِذا أَحْرَقْته بها وانْسَبَأَ الجِلْد انْسَلَخَ وانْسَبَأً جلْدُه إِذا تَقَشَّر وقال وقد نَصَلَ الأَظفارُ وانْسَبَأَ الجِلْدُ وإِنك لتريدُ سُبْأَةً أَي تُرِيد سَفَراً بَعِيداً يُغَيِّرُك التهذيب السُّبْأَةُ السَّفَر البعيد سمي سُبْأَةً لأَن الإِنسان إِذا طال سَفَرُه سَبَأَتْهُ الشمسُ ولَوَّحَتْه وإِذا كان السفر قريباً قيل تريد سَرْبةً والمَسْبَأُ الطريقُ في الجبل [ ص 94 ] وسَبَأَ على يَمِينٍ كاذبة يَسْبَأُ سَبْأً حَلَف وقيل سبَأَ على يَمِينٍ يَسْبَأُ سَبْأً مَرَّ عليها كاذباً غير مُكْتَرِثٍ بها وأَسْبَأَ لأَمر اللّه أَخْبَتَ وأَسْبَأَ على الشيءِ خَبَتَ له قَلْبُه وسَبَأُ اسم رجل يَجْمع عامَّةَ قَبائل اليَمن يُصْرَفُ على إِرادة الحَيِّ ويُتْرَك صرْفُه على إرادة القَبِيلة وفي التنزيل « لقَدْ كانَ لِسَبَإٍ في مَساكِنِهم » وكان أَبو عمرو يَقرأُ لِسَبَأَ قال
مَنْ سَبَأَ الحاضِرِينَ مَأْرِبَ إِذْ ... يَبْنُونَ مِنْ دُونِ سَيْلِها العَرِما
وقال
أَضْحَتْ يُنَفِّرُها الوِلدانُ مِنْ سَبَإٍ ... كأَنهم تَحتَ دَفَّيْها دَحارِيجُ
وهو سَبَأُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ يُصرف ولا يُصرف ويمدُّ ولا يمدّ وقيل اسم بلدة كانت تَسْكُنها بِلْقِيسُ وقوله تعالى وجِئْتُك مِنْ سَبَإٍ بنَبَإٍ يقين القُرَّاءُ على إِجْراءِ سَبَإٍ وإِن لم يُجْروه كان صواباً قال ولم يُجْرِه أَبو عمرو بن العَلاءِ وقال الزجاج سَبَأٌ هي مدينة تُعرَف بِمَأْرِب مِن صَنْعاءَ على مَسِيرةِ ثلاثِ ليالٍ ومن لم يَصْرِفْ فلأَنه اسم مدينة ومن صرفه فلأَنه اسم البلَد فيكون مذكراً سمي به مذكر وفي الحديث ذكر سَبَأ قال هو اسم مدينة بلقيس باليمن وقالوا تَفَرَّقُوا أَيْدِي سَبا وأَيادِي سَبا فبنوه وليس بتخفيف عن سَبَإٍ لأَن صورة تحقيقه ليست على ذلك وإِنما هو بدل وذلك لكثرته في كلامهم قال مِنْ صادِرٍ أَو وارِدٍ أَيْدِي سَبَا وقال كثير
أَيادِي سَبَا يا عَزَّ ما كُنْتُ بَعْدَكُمْ ... فَلَمْ يَحْلَ للعَيْنَيْنِ بَعْدَكِ مَنْزِلُ
وضَرَبَتِ العَرَبُ بِهِم المَثَلَ في الفُرْقة لأَنه لمَّا أَذْهَبَ اللّهُ عنهم جَنَّتَهم وغَرَّقَ مكانَهُم تَبَدَّدُوا في البلاد التهذيب وقولهم ذَهَبُوا أَيْدِي سَبَا أَي مُتَفَرِّقين شُبِّهُوا بأَهلِ سَبأ لمَّا مَزَّقهم اللّه في الأَرض كلَّ مُمَزَّقٍ فأَخذ كلُّ طائفةٍ منهم طريقاً على حِدةٍ واليَدُ الطَّرِيق يقال أَخَذَ القَومُ يَدَ بَحْرٍ فقيل للقوم إِذا تَفَرَّقوا في جهاتٍ مختلفة ذَهَبوا أَيدي سَبَا أَي فَرَّقَتْهم طُرُقُهم التي سَلَكُوها كما تَفَرَّقَ أَهل سَبأ في مذاهبَ شَتَّى والعرب لا تهمز سبا في هذا الموضع لأَنه كثر في كلامهم فاسْتَثْقَلوا فيه الهمزة وإِن كان أَصله مهموزاً وقيل سَبَأٌ اسم رجل ولَدَ عشرة بَنِينَ فسميت القَرْية باسم أَبِيهم والسَّبائِيَّةُ والسَّبَئِيةُ من الغُلاةِ ويُنْسَبُون إِلى عبداللّه ابن سَبَإٍ

( سرأ ) السِّرْءُ والسِّرْأَةُ بالكسر بيض الجَراد والضَّبِّ والسَّمَك وما أَشْبَهه وجمعه سرْءٌ ويقال سِرْوةٌ وأَصله الهمز وقال علي بن حمزة الأَصبهاني السِّرْأَةُ بالكسر بيض الجَرادِ والسِّرْوةُ السهم لا غير وأَرضٌ مَسْروءة ذاتُ سِرْأَة وسَرَأَتِ الجَرادةُ تَسْرَأُ سَرْءاً فهي سَرُوءٌ باضَتْ والجمع سُرُؤٌ وسُرَّأ الأَخيرة نادرة لأَن فَعُولاً لا يكسر على فُعَّلٍ وقال أَبو عبيد قال الأَحمر سَرَأَت الجَرادةُ أَلْقَتْ بَيْضَها وأَسْرَأَتْ حانَ ذلك منها ورَزَّتِ الجَرادةُ والرَّزُّ أَن تُدْخِل [ ص 95 ] ذَنَبها في الأَرض فتُلقِي سَرْأَها وسَرْؤُها بيضها قال الليث وكذلك سَرْءُ السمَكة وما أَشبهه من البيض فهي سَرُوءٌ والواحدة سَِرْأَةٌ القَنانِيُّ إِذا أَلقَى الجَرادُ بيضَه قيل قد سَرَأَ بَيْضَه يَسْرَأُ به الأَصمعي الجَراد يكون سَرْءاً وهو بيض فإِذا خرجت سُوداً فهي دَبًى وسَرَأَت المرأَة سَرْءاً كثر ولدها وضَبَّةٌ سَرُوءٌ على فَعُول وضباب سُرُءٌ على فُعُلٍ وهي التي بيضها في جوفها لم تُلْقِهِ وقيل لا يسمى البيضُ سَرْءاً حتى تُلْقِيَهُ وسَرَأَتِ الضَّبَّةُ باضَتْ والسَّراءُ ضَرْب من شجر القِسِيِّ الواحدةُ سَراءة

( سطأ ) ابن الفرج سمعت الباهِليِّينَ يقولون سَطأَ الرجلُ المرأَة ومَطَأَها بالهمز أَي وَطِئها قال أَبو منصور وشَطَأَها الشين بهذا المعنى لغة

( سلأ ) سَلأَ السَّمْنَ يَسْلَؤُه سَلأً واسْتَلأَه طَبَخَه وعالَجَه فأَذَابَ زُبْدَه والاسم السِّلاءُ بالكسر ممدود وهو السمن والجمع أَسْلِئةُ قال الفرزدق
كانُوا كَسالِئةٍ حَمْقاءَ إذ حَقَنَتْ ... سِلاءَ ها في أَدِيمٍ غَيْر مَرْبُوبِ
وسَلأَ السِّمْسِمَ سَلأً عَصَرَه فاسْتَخْرَجَ دُهْنَه وسَلأَهُ مَائة دِرْهمٍ نَقَده وسَلأَه مائةَ سَوْطٍ سَلأً ضَربه بها وسَلأَ الجِذْعَ والعَسِيبَ سَلأً نزع شوكهما والسُّلاَّءُ بالضم ممدود شَوْك النخل على وزن القُرَّاء واحدته سُلاَّءة قال عَلْقَمةُ بن عَبْدَةَ يَصفُ فرساً
سُلاَّءة كَعَصا النَّهْدِيِّ غُلَّ لَها ... ذُو فَيْئةٍ مِنْ نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
وسَلأَ النَّخْلَة والعَسِيبَ سَلأ نَزَع سُلاَّءَهما عن أَبي حنيفة والسُّلاَّءُ ضَرْبٌ مِن النِّصال على شكل سُلاَّءِ النخل وفي الحديث في صفة الجَبانِ كأَنما يُضْرب جِلْدُه بالسُّلاَّءِ وهي شوكة النخلة والجمع سُلاَّء بوزن جُمّار والسُّلاَّءُ ضَرب من الطير وهو طائر أَغْبَرُ طويل الرجلين

( سنتأ ) ابن الأَعرابي المُسَنْتَأُ ( 1 )
( 1 قوله « المسنتأ إلخ » تبع المؤلف التهذيب وفي القاموس المسبنتأ بزيادة الباء الموحدة )
مهموز مقصور الرجل يكون رأْسُه طويلاً كالكُوخِ

( سندأ ) رجل سِنْدَأْوَةٌ وسِنْدَأْوٌ خَفِيف وقيل هو الجَرِيءُ المُقْدِمُ وقيل هو القصير وقيل هو الرَّقِيقُ الجسم ( 2 )
( 2 قوله « الرقيق الجسم » بالراء وفي شرح القاموس على قوله الدقيق قال وفي بعض النسخ الرقيق )
مع عِرَضِ رأْس كلُّ ذلك عن السيرافي وقيل هو العَظِيمُ الرأْس وناقة سِنْدَأْوةٌ جَرِيئةٌ والسِّنْدَأوُ الفَسِيحُ من الإِبل في مَشْيِه

( سوأ ) ساءَهُ يَسُوءُه سَوْءًا وسُوءًا وسَواءً وسَواءة وسَوايةً وسَوائِيَةً ومَساءة ومَسايةً ومَساءً ومَسائِيةً فعل به ما يكره نقيض سَرَّه والاسم السُّوءُ بالضم وسُؤْتُ الرجلَ سَوايةً ومَسايةً يخففان أَي ساءَهُ ما رآه مِنّي قال سيبويه سأَلت الخليل عن سَوائِيَة فقال هي فَعالِيةٌ بمنزلة عَلانِيَةٍ قال والذين قالوا سَوايةً حذفوا الهمزة كما حذفوا همزة هارٍ ولاثٍ كما اجتمع أَكثرهم على ترك الهمز في مَلَك وأَصله مَلأَكٌ قال وسأَلته عن مسائية فقال هي مقلوبة وإِنما حَدُّها مَساوِئَةٌ فكرهوا الواو مع الهمزِ لأَنهما حرفان [ ص 96 ] مُسْتَثْقَلانِ والذين قالوا مَسايةً حذفوا الهمز تخفيفاً وقولهم الخَيْلُ تجري على مَساوِيها أَي إِنها وإِن كانت بها أَوْصابٌ وعُيُوبٌ فإِنَّ كَرَمها يَحْمِلُها على الجَرْي وتقول من السُّوءِ اسْتاءَ فلان في الصَّنِيعِ مثل اسْتاعَ كما تقول من الغَمِّ اغْتَمَّ واسْتاءَ هو اهْتَمَّ وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنّ رجلاً قَصَّ عليه رُؤْيا فاسْتاءَ لها ثم قال خِلافةُ نُبُوَّةٍ ثم يُؤْتِي اللّهُ المُلْكَ مَن يشاء قال أَبو عبيد أَراد أَنَّ الرُّؤْيا ساءَتْه فاسْتاءَ لها افْتَعل من المَساءة ويقال اسْتاءَ فلان بمكاني أَي ساءَه ذلك ويروى فاسْتَآلَها أَي طلَب تأْويلَها بالنَّظَر والتَّأَمُّل ويقال ساءَ ما فَعَلَ فُلان صَنِيعاً يَسُوءُ أَي قَبُحَ صَنِيعُه صَنِيعاً والسُّوءُ الفُجُورُ والمُنْكَر ويقال فلان سيِّىءُ الاخْتِيار وقد يخفف مثل هَيِّنٍ وهَيْنٍ ولَيِّنٍ ولَيْنٍ قال الطُّهَوِيُّ
ولا يَجْزُونَ مِنْ حَسَنٍ بِسَيْءٍ ... ولا يَجْزُونَ مِن غِلَظٍ بِليْنِ
ويقال عندي ما ساءَه وناءَه وما يَسُوءُه ويَنُوءُه ابن السكيت وسُؤْتُ به ظَنّاً وأَسَأْتُ به الظَّنَّ قال يثبتون الأَلف إِذا جاؤُوا بالأَلف واللام قال ابن بري إِنما نكَّر ظنّاً في قوله سُؤْت به ظنّاً لأَن ظَنّاً مُنْتَصِب على التمييز وأَما أَسَأْت به الظَّنَّ فالظَّنُّ مفعول به ولهذا أَتى به مَعْرِفةً لأَن أَسَأْت متَعدٍّ ويقال أَسَأْت به وإِليه وعليه وله وكذلك أَحْسَنْت قال كثير
أَسِيئِي بِنا أَوْ أَحْسِنِي لا مَلُولةٌ ... لَدَيْنا ولا مَقْلِيَّةٌ إِنْ تَقَلَّتِ
وقال سبحانه وقد أَحْسَنَ بِي وقال عز مِن قائل إِنْ أَحْسَنْتُم أَحْسَنْتُم لأَنفسِكم وإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها وقال ومَن أَساءَ فعليها وقال عزَّ وجل وأَحْسِنْ كما أَحْسَنَ اللّهُ إِليكَ وسُؤْتُ له وجهَه قَبَّحته الليث ساءَ يَسُوءُ فعل لازم ومُجاوِز تقول ساءَ الشيءُ يَسُوءُ سَوْءاً فهو سيِّىءٌ إِذا قَبُحَ ورجل أَسْوَأ قبيح والأُنثى سَوْآءُ قَبِيحةٌ وقيل هي فَعْلاءُ لا أَفْعَلَ لها وفي الحديث عن النبي صلى اللّه عليه وسلم سَوْآءُ ولُودٌ خيرٌ مِن حَسْناءَ عقِيمٍ قال الأُموي السَّوْآءُ القبيحةُ يقال للرجل من ذلك أَسْوأُ مهموز مقصور والأُنثى سَوْآءُ قال ابن الأَثير أَخرجه الأَزهري حديثاً عن النبي صلى اللّه عليه وسلم وأَخرجه غيره حديثاً عن عمر رضي اللّه عنه ومنه حديث عبدالملك بن عمير السَّوْآءُ بنتُ السيِّدِ أَحَبُّ إِليَّ من الحَسْناءِ بنتِ الظَّنُونِ وقيل في قوله تعالى ثم كان عاقبةَ الذين أَساؤُوا السُّوأَى قال هي جهنمُ أَعاذنا اللّهُ منها والسَّوْأَةُ السَّوْآءُ المرأَةُ المُخالِفة والسَّوْأَةُ السَّوْآءُ الخَلّةُ القَبِيحةُ وكلُّ كلمة قبيحة أَو فَعْلة قبيحةٍ فهي سَوْآءُ
قال أَبو زُبَيْد في رجل من طَيِّىءٍ نزَل به رجل من بني شَيْبانَ فأَضافه الطائي وأَحْسَنَ إليه وسَقاه فلما أَسرَعَ الشرابُ في الطائي افتخر ومدَّ يدَه فوثب عليه الشيباني فقَطَع يدَه فقال أَبو زُبَيْدٍ
ظَلَّ ضَيْفاً أَخُوكُمُ لأَخِينا ... في شَرابٍ ونَعْمةٍ وشِواءِ
لَمْ يَهَبْ حُرْمةَ النَّدِيمِ وحُقَّتْ ... يا لَقَوْمِي للسَّوْأَةِ السَّوْآءِ
[ ص 97 ] ويقال سُؤْتُ وجه فلان وأَنا أَسُوءُه مَساءة ومَسائِيَةً والمَسايةُ لغة في المَساءة تقول أَردت مَساءَتك ومَسايَتَكَ ويقال أَسَأْتُ إِليه في الصَّنِيعِ وخَزْيانُ سَوْآنُ من القُبْح والسُّوأَى بوزن فُعْلى اسم للفَعْلة السَّيِّئَة بمنزلة الحُسْنَى للحَسَنة محمولةٌ على جهةِ النَّعْت في حَدِّ أَفْعَل وفُعْلى كالأَسْوإِ والسُّوأَى والسُّوأَى خلاف الحُسْنَى وقوله عزَّ وجل ثُمَّ كان عاقبةَ الذين أَساؤُوا السُّوأَى الذين أَساؤُوا هنا الذين أَشْرَكُوا والسُّوأَى النارُ وأَساءَ الرجلُ إِساءة خلافُ أَحسَن وأَساءَ إِليه نَقِيضُ أَحْسَن إِليه وفي حديث مُطَرِّف قال لابنه لما اجْتَهد في العِبادة خَيْرُ الأُمورِ أَوساطُها والحَسَنةُ بين السَّيِّئَتَيْن أَي الغُلُوُّ سَيِّئةٌ والتقصيرُ سَيِّئةٌ والاقتِصادُ بينهما حَسَنةٌ وقد كثر ذكر السَّيِّئة في الحديث وهي والحَسَنةُ من الصفاتِ الغالبة يقال كلمة حَسَنةٌ وكلمة سَيِّئةٌ وفَعْلة حَسَنة وفَعْلةٌ سيِّئة وأَساءَ الشيءَ أَفْسَدَه ولم يُحْسِنْ عَمَلَه وأَساءَ فلانٌ الخِياطةَ والعَمَلَ وفي المثل أَساءَ كارِهٌ ما عَمِلَ وذلك أَنَّ رجلاً أَكْرَهَه آخَر على عمل فأَساءَ عَمَله يُضْرَب هذا للرجل يَطْلُب الحاجةَ ( 1 )
( 1 قوله « يطلب الحاجة » كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في شرح الميداني يطلب إليه الحاجة ) فلا يُبالِغُ فيها والسَّيِّئةُ الخَطِيئةُ أَصلها سَيْوئِةٌ فقُلبت الواو ياءً وأُدْغِمت وقولٌ سَيِّىءٌ يَسُوء والسَّيىِّءُ والسَّيِّئةُ عَمَلانِ قَبِيحانِ يصير السَّيِّىءُ نعتاً للذكر من الأَعمالِ والسَّيِّئةُ الأُنثى واللّه يَعْفو عن السَّيِّئاتِ وفي التنزيل العزيز ومَكْرَ السَّيىِّءِ فأَضافَ وفيه ولا يَحِيقُ المَكْرُ السَّيِّىءُ إلا بأَهلِه والمعنى مَكْرُ الشِّرْك وقرأَ ابن مسعود ومَكْراً سَيِّئاً على النعت وقوله
أَنَّى جَزَوْا عامِراً سَيْئاً بِفِعِلهِم ... أَمْ كَيْفَ يَجْزُونَني السُّوأَى مِنَ الحَسَنِ ؟
فإنه أَراد سَيِّئاً فخفَّف كهَيْنٍ من هَيِّنٍ وأَراد من الحُسْنَى فوضع الحَسَن مكانه لأَنه لم يمكنه أَكثر من ذلك وسَوَّأْتُ عليه فِعْلَه وما صنَع تَسْوِئةً وتَسْوِئياً إِذا عِبْتَه عليه وقلتَ له أَسَأْتَ ويقال إنْ أَخْطَأْتُ فَخطِّئْني وإنْ أَسَأْتُ فَسَوٍّئْ عَليَّ أَي قَبِّحْ عَليَّ إساءَتي وفي الحديث فما سَوَّأَ عليه ذلك أَي ما قال له أَسأْتَ قال أَبو بكر في قوله ضرب فلانٌ على فلانٍ سايةً فيه قولان أَحدُهما السايةُ الفَعْلة من السَّوْء فتُرك همزُها والمعنى فَعَل به ما يؤَدِّي إِلى مكروه والإِساءة بِه وقيل ضرب فلان على فلان سايةً معناه جَعل لما يُريد أَن يفعله به طريقاً فالسايةُ فَعْلةٌ مِن سَوَيْتُ كان في الأَصل سَوْية فلما اجتمعت الواو والياء والسابق ساكن جعلوها ياءً مشدَّدة ثم استثقلوا التشديد فأَتْبَعُوهما ما قبله فقالوا سايةٌ كما قالوا دِينارٌ ودِيوانٌ وقِيراطٌ والأَصل دِوَّانٌ فاستثقلوا التشديد فأَتْبَعُوه الكسرة التي قبله والسَّوْأَة العَوْرة والفاحشة والسَّوْأَة الفَرْجُ الليث السَّوْأَةُ فَرْج الرَّجل والمرأَة قال اللّه تعالى بَدَتْ لهما سَوْآتُهما قال فالسَّوْأَةُ كلُّ عَمَلٍ وأَمْرٍ شائن يقال سَوْأَةً لفلان نَصْبٌ لأَنه شَتْم ودُعاء وفي حديث الحُدَيْبِيةِ والمُغِيرة وهل غَسَلْتَ سَوْأَتَكَ إلاَّ أَمْسِ ؟ قال ابن الأَثير السَّوْأَةُ في الأَصل الفَرْجُ ثم نُقِل إِلى كل ما يُسْتَحْيا منه إِذا ظهر من قول [ ص 98 ] وفعل وهذا القول إِشارة إِلى غَدْرٍ كان المُغِيرةُ فَعَله مع قوم صَحِبوهُ في الجاهلية فقَتَلهم وأَخَذَ أَمْوالَهم وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما في قوله تعالى وطَفِقا يَخْصِفان عليهما مِنْ وَرَقِ الجَنَّة قال يَجْعلانِه على سَوْآتِهما أَي على فُرُوجِهما ورَجُلُ سَوْءٍ يَعملُ عَمَل سَوْءٍ وإِذا عرَّفتَه وصَفْت به وتقول هذا رجلُ سَوْءٍ بالإِضافة وتُدخِلُ عليه الأَلفَ واللام فتقول هذا رَجُلُ السَّوْء قال الفرزدق
وكنتُ كَذِئبِ السَّوْءِ لَمَّا رأَى دَماً ... بِصاحِبه يوْماً أَحالَ على الدَّمِ
قال الأَخفش ولا يقال الرجُلُ السَّوْءُ ويقال الحقُّ اليَقِينُ وحَقُّ اليَّقِينِ جميعاً لأَنَّ السَّوْءَ ليس بالرجُل واليَقِينُ هُو الحَقُّ قال ولا يقال هذا رجلُ السُّوءِ بالضم قال ابن بري وقد أَجاز الأَخفش أَن يقال رَجُلُ السَّوْءِ ورَجُلُ سَوْءٍ بفتح السين فيهما ولم يُجوِّزْ رجل سُوء بضم السين لأَن السُّوء اسم للضر وسُوء الحال وإِنما يُضاف إِلى المَصْدر الذي هو فِعْلُه كما يقال رجلُ الضَّرْبِ والطَّعْنِ فيَقوم مَقام قولك رجلٌ ضَرَّابٌ وطَعَّانٌ فلهذا جاز أَن يقال رجل السَّوْءِ بالفتح ولم يَجُز أَن يقال هذا رجلُ السُّوءِ بالضم قال ابن هانئ المصدر السَّوْءُ واسم الفِعْل السُّوءُ وقال السَّوْءُ مصدر سُؤْته أَسُوءُه سَوْءاً وأَما السُّوء فاسْم الفِعْل قال اللّه تعالى وظَنَنْتُم ظَنَّ السَّوْءِ وكنتُمْ قَوْماً بُوراً وتقول في النكرة رجل سَوْءٍ وإِذا عَرَّفت قلت هذا الرَّجلُ السَّوْءُ ولم تُضِفْ وتقول هذا عَمَلُ سَوْءٍ ولا تقل السَّوْءِ لأَن السَّوْءَ يكون نعتاً للرجل ولا يكون السَّوْء نعتاً للعمل لأَن الفِعل من الرجل وليس الفِعل من السَّوْءِ كما تقول قَوْلُ صِدْقٍ والقَوْلُ الصِّدْقُ ورَجلٌ صِدْقٌ ولا تقول رجلُ الصِّدْقِ لأَن الرجل ليس من الصِّدْقِ الفرّاء في قوله عز وجل عليهم دائرةُ السَّوْءِ مثل قولك رجلُ السَّوْءِ قال ودائرةُ السَّوْءِ العذابُ السَّوْء بالفتح أَفْشَى في القراءة وأَكثر وقلما تقول العرب دائرةُ السُّوءِ برفع السين وقال الزجاج في قوله تعالى الظانِّينَ باللّه ظَنَّ السَّوْءِ عليهم دائرةُ السَّوْءِ كانوا ظَنُّوا أَنْ لَنْ يَعُودَ الرسولُ والمُؤْمِنون إِلى أَهليهم فَجَعل اللّهُ دائرةَ السَّوْءِ عليهم قال ومن قرأَ ظَنَّ السُّوء فهو جائز قال ولا أَعلم أَحداً قرأَ بها إِلاَّ أَنها قد رُوِيت وزعم الخليل وسيبويه أَن معنى السَّوْءِ ههنا الفَساد يعني الظانِّينَ باللّه ظَنَّ الفَسادِ وهو ما ظَنُّوا أَنَّ الرسولَ ومَن معَه لا يَرجِعون قال اللّه تعالى عليهم دائرةُ السَّوْءِ أَي الفَسادُ والهلاكُ يَقَعُ بهم قال الأَزهريّ قوله لا أَعلم أَحداً قرأَ ظنّ السُّوءِ بضم السين ممدودة صحيح وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو دائرة السُّوءِ بضم السين ممدودة في سورة براءة وسورة الفتح وقرأَ سائر القرّاءِ السَّوْء بفتح السين في السورتين وقال الفرّاءُ في سورة براءة في قوله تعالى ويَتَرَبَّصُ بكم الدَّوائر عليهم دائرةُ السَّوْءِ قال قرأَ القُرَّاءُ بنصب السين وأَراد بالسَّوْءِ المصدر من سُؤْتُه سَوْءاً ومَساءة ومَسائِيةً وسَوائِيةً فهذه مصادر ومَن رَفع السين جَعَله اسماً كقولك عليهم دائرةُ البَلاءِ والعَذاب قال ولا يجوز ضم السين في قوله تعالى ما كان أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ ولا في قوله وظَنَنْتُم ظَنَّ السَّوْءِ لأَنه ضِدٌّ لقولهم هذا رجلُ صِدْقٍ وثوبُ صِدْقٍ وليس للسَّوءِ ههنا معنى في بَلاءٍ ولا عَذاب فيضم وقرئَ قوله تعالى عليهم [ ص 99 ] دائرةُ السُّوءِ يعني الهزِيمةَ والشرَّ ومَن فَتَح فهو من المَساءة وقوله عز وجل كذلك لِنَصْرِفَ عنه السُّوءَ والفَحْشاءَ قال الزجاج السُّوءُ خِيانةُ صاحِبه والفَحْشاءُ رُكُوبُ الفاحشة وإِنَّ الليلَ طَوِيلٌ ولا يَسوءُ بالهُ أَي يَسُوءُنِي بالُه عن اللحياني قال ومعناه الدُّعاءُ والسُّوءُ اسم جامع للآفات والداءِ وقوله عز وجل وما مَسَّنِي السُّوءُ قيل معناه ما بِي من جُنون لأَنهم نَسَبوا النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى الجُنون وقوله عز وجل أُولئك لهم سُوءُ الحِسابِ قال الزجاج سُوءُ الحسابِ أَن لا يُقْبَلَ منهم حسَنةٌ ولا يُتجاوَز عن سيئة لأَنَّ كُفرَهم أَحْبَط أَعْمالَهم كما قال تعالى الذين كَفَرُوا وصَدُّوا عن سبيل اللّه أَضلَّ أَعمالَهم وقيل سُوءُ الحساب أَن يُسْتَقْصَى عليه حِسابُهُ ولا يُتَجاوَز له عن شيءٍ من سَيّئاتِه وكلاهما فيه أَلا تَراهم قالوا ( 1 )
( 1 قوله « قالوا من إلخ » كذا في النسخ بواو الجمع والمعروف قال أي النبي خطاباً للسيدة عائشة كما في صحيح البخاري ) مَن نُوقِشَ الحِسابَ عُذِّبَ وقولهم لا أُّنْكِرُك من سُوءٍ وما أُنْكِرُك من سُوءٍ أَي لم يكن إِنْكارِي إِيَّاكَ من سُوءٍ رأَيتُه بك إِنما هو لقلَّةِ المعرفة ويقال إِنَّ السُّوءَ البَرَصُ ومنه قوله تعالى تَخرُج بَيْضاءَ من غير سُوءٍ أَي من غير بَرَصٍ وقال الليث أَمَّا السُّوءُ فما ذكر بسَيِّىءٍ فهو السُّوءُ قال ويكنى بالسُّوءِ عن اسم البرَص ويقال لا خير في قول السُّوءِ فإِذا فتَحتَ السين فهو على ما وصَفْنا وإِذا ضممت السين فمعناه لا تقل سُوءاً وبنو سُوءة حَيٌّ من قَيْسِ بن عَلي

( سيأ ) السَّيْءُ والسِّيءُ اللبَنُ قبل نزول الدِّرَّة يكون في طَرَفِ الأَخْلافِ وروي قول زهير
كما اسْتَغاثَ بسَيْءٍ فَزُّ غَيْطَلةٍ ... خافَ العُيونَ ولم يُنْظَرْ به الحَشَكُ
بالوجهين جميعاً بسَيْءٍ وبِسِيءٍ وقد سَيَّأَتِ الناقةُ وتَسَيَّأَها الرجلُ احْتَلَب سَيْئَها عن الهجري وقال الفرّاءُ تَسَيَّأَتِ الناقةُ إِذا أَرسَلَت لَبنها من غير حَلَبٍ وهو السَّيْءُ وقد انْسَيأَ اللبنُ ويقال إَنَّ فلاناً لَيَتَسَيَّأُنِي بسَيْءٍ قليل وأَصله من السَّيْءِ اللبنِ قبل نزول الدِّرَّة وفي الحديث لا تُسَلِّم ابنك سَيَّاءً قال ابن الأَثير جاءَ تفسيره في الحديث أَنه الذي يَبِيعُ الأَكفانَ ويَتَمنَّى مَوتَ الناسِ ولعله من السُّوءِ والمَساءة أو من السَّيْءِ بالفتح وهو اللبن الذي يكون في مُقَدَّم الضَّرع ويحتمل أَن يكون فَعَّالاً من سَيَّأْتُها إِذا حَلَبْتها والسِّيءُ بالكسر مهموز اسم أَرض

( شأشأ ) أَبو عمرو الشَّأْشاءُ زَجْرُ الحِمارِ وكذلك السَّأْساءُ شُؤْشُؤْ وشَأْشَأْ دُعاءُ الحِمار إِلى الماءِ عن ابن الأَعرابي وشَأْشَأَ بالحُمُر والغَنَم زَجرها للمضيِّ فقال شَأْشَأْ وتَشُؤْتَشُؤْ وقال رجل من بني الحِرْمازِ تَشَأْتَشَأْ وفتح الشين أَبو زيد شَأْشَأْتُ الحِمارَ إِذا دَعَوْتَه تَشَأْتَشَأْ وتَشُؤْتَشُؤْ وفي الحديث أَنَّ رجلاً قال لبَعِيره شَأْ لعَنَكَ اللّهُ فنهاه النبي صلى اللّه عليه وسلم عن لَعْنِه قال أَبو منصور شَأْزجر وبعض العرب يقول جَأَ بالجيم وهما لغتان والشَّأْشاءُ الشِّيصُ والشَّأْشاءُ النَّخْل الطِّوالُ وتَشَأْشَأَ القومُ تفرَّقوا واللّه أَعلم

( شسأ ) أَبو منصور في قوله مكان شِئسٌ وهو الخَشِنُ من الحجارة قال وقد يخفف فيقال للمكان الغليظ شَأْسٌ وشَأْزٌ ويقال مقلوباً مكانٌ شاسِئٌ وجاسِئٌ غليظ [ ص 100 ]

( شطأ ) الشَّطْءُ فَرْخُ الزَّرْع والنخل وقيل هو ورق الزَّرْع وفي التنزيل كزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ أَي طَرَفَه وجمعه شُطُوءٌ وقال الفرّاءُ شَطْؤُه السُّنْبُل تُّنْبِت الحَبَّةُ عَشْراً وثمانياً وسَبْعاً فيَقْوَى بعضُه ببعض فذلك قوله تعالى فآزَرَه أَي فأَعانَه وقال الزجاج أَخْرَج شَطْأَه أَخرج نباتَه وقال ابن الأَعرابي شَطْأَه فِراخَه الجوهري شَطْءُ الزَّرْعِ والنَّباتِ فِراخُه وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه في قوله تعالى أَخرج شَطْأَه فآزَرَه شَطْؤُهُ نباتُه وفِراخُه يقال أَشْطَأَ الزَّرْعُ فهو مُشْطِئٌ إِذا فَرَّخَ وشاطِئُ النَّهرِ جانِبُه وطَرَفُه وشَطَأَ الزَّرْعُ والنخلُ يَشْطَأُ شَطْأً وشُطُوءاً أَخرج شَطْأَه وشَطْءُ الشجرِ ما خَرج حول أَصله والجمع أَشْطاءٌ وأَشْطَأَ الشجرُ بغُصونه أَخرجها وأَشْطَأَتِ الشجرةُ بغُصونها إِذا أَخرجت غُصونَها وأَشْطَأَ الزرعُ إِذا فَرَّخ وأَشطأَ الزرعُ خَرجَ شَطْؤُه وأَشْطَأَ الرجلُ بَلغ ولَدُه مَبْلَغَ الرِّجالِ فصار مثله وشَطْءُ الوادي والنَّهَر شِقَّته وقيل جانبُه والجمع شُطُوءٌ وشاطِئُه كشَطْئِه والجمع شُطوءٌ وشَواطِئُ وشُطْآنٌ على أَن شُطْآناً قد يكون جمع شَطْءٍ قال
وتَصَوَّحَ الوَسْمِيُّ مِنْ شُطْآنِه ... بَقْلٌ بِظاهِرِه وبَقْلُ مِتانِه
وشاطِئُ البحر ساحِلُه وفي الصحاح وشاطِئُ الوادي شَطُّه وجانِبُه وتقول شاطِئُ الأَوْدِيةِ ولا يُجمَعُ وشَطَأَ مَشَى على شاطِئِ النَّهرِ وشاطأْتُ الرَّجُل إِذا مَشَيْتَ على شاطئٍ ومَشَى هو على الشاطِئِ الآخَر ووادٍ مُشْطِئٌ سالَ شاطِئَاه ومنه قول بعض العرب مِلْنا لِوادِي كذا وكذا فوَجَدْناه مُشْطِئاً وشَطَأَ المرأَةَ يَشْطَؤُها شَطْأً نَكَحَها وشَطَأَ الرجلَ شَطْأً قَهَرَه وشَطَأَ الناقةَ يَشْطَؤُها شَطْأً شَدَّ عليها الرَّحْلَ وشَطَأَه بالحِمْلِ شَطْأً أَثْقَلَه وشَطْيَأَ الرَّجُلُ في رَأْيِهِ وأَمرِهِ كَرَهْيَأَ ويقال لَعَنَ اللّهُ أُمّاً شَطَأَتْ به وفَطَأَتْ به أَي طَرَحَتْه ابن اسكيت شَطَأْتُ بالحِمْلِ أَي قَوِيتُ عليه وأَنشد كشَطْئِكَ بالعِبْءِ ما تَشْطَؤُهْ ابن الأَعرابي الشُّطْأَةُ ( 1 )
( 1 قوله « الشطأة إلخ » كذا هو في النسخ هنا بتقديم الشين على الطاء والذي في نسخة التهذيب عن ابن الأعرابي بتقديم الطاء في الكلمات الأربع وذكر نحوه المجد في فصل الطاء ولم نرَ أَحداً ذكره بتقديم الشين ولمجاورة شطأ طشأ طغا قلم المؤلف فكتب ما كتب )
الزُّكامُ وقد شُطِئَ إِذا زُكِمَ وأَشْطَأَ إِذا أَخَذَتْه الشُّطْأَةُ

( شقأ ) شَقَأَ نابُه يَشْقَأُ شَقْأً وشُقُوءاً وشَكَأَ طَلَعَ وظَهَرَ وشَقَأَ رَأْسَه شَقَّه وشَقَأَهُ بالمِدْرَى أَو المُشْطِ شَقْأً وشُقُوءاً فَرَّقه والمَشْقَأُ المَفْرَقُ والمِشْقَأُ والمِشْقاءُ بالكسر والمِشْقأَةُ المُِشْطُ والمِشْقأَةُ المِدْراةُ وقال ابن الأَعرابي المِشْقأُ والمِشْقاءُ والمِشْقَى مقصور غير مهموز المُِشْط [ ص 101 ] وشَقَأْتُه بالعصا شَقْأً أَصَبْتُ مَشْقَأَه أَي مَفْرَقَه أَبو تراب عن الأَصمعي إِبل شُوَيْقِئةٌ وشُوَيْكِئةٌ حين يَطْلُعُ نابُها من شَقَأَ نابُهُ وشَكَأَ وشاكَ أَيضاً وأَنشد
شُوَيْقِئةُ النابَيْن يَعْدِل دَفُّها ... بأَقْتَلَ منْ سَعْدانةِ الزَّوْرِ بائن

( شكأ ) الشُّكاءُ بالقصر والمدّ شِبْه الشُّقاقِ في الأَظفار وقال أَبو حنيفة أشْكَأَتِ الشجرةُ بغُصُونِها أَخْرَجَتْها الأَصمعي إِبلٌ شُوَيْقِئةٌ وشُوَيْكِئةٌ حين يَطْلُع نابُها من شَقَأَ نابُه وشَكَأَ وشاكَ أَيضاً وأَنشد
على مُسْتَظِلاَّت العُيونِ سَواهِمٍ ... شُوَيْكِئةٍ يَكْسُو بُراها لُغامُها أَراد بقوله شُوَيْكِئة شُوَيْقِئة فقُلِبت القاف كافاً من شَقَأَ
نابُهُ إِذا طلع كما قيل كُشِطَ عن الفرس الجُلُّ وقُشِطَ وقيل شُوَيْكِيةٌ بغير همز إِبل منسوبة ( 1 )
( 1 قوله « منسوبة » مقتضاه تشديد الباء ولكن وقع في التكملة في عدة مواضع مخفف الياء مع التصريح بانه منسوب لشويكة الموضع أو لابل ولم يقتصر على الضبط بل رقم في كل موضع من النثر والنظم خف إشارة إِلى عدم التشديد )
التهذيب سلمة قال به شُكَأٌ شديد تَقَشُّر وقد شَكِئَتْ أَصابعه وهو التَقَشُّر بين اللحم والأَظفار شَبيه بالتَّشَقُّقِ مهموز مقصور وفي أَظْفاره شَكَأٌ إِذا تشَقَّقَت أَظفارُه الأَصمعي شَقَأَ نابُ البعير وشَكَأَ إِذا طَلَعَ فَشَقَّ اللحمَ

( شنأ ) الشَّناءة مثل الشَّناعةِ البُغْضُ شَنِئَ الشيءَ وشَنَأَه أَيضاً الأَخيرة عن ثعلب يَشْنَؤُهُ فيهما شَنْأً وشُنْأً وشِنْأً وشَنْأَةً ومَشْنَأً ومَشْنأَةً ومَشْنُؤَةً وشَنَآناً وشَنْآناً بالتحريك والتسكين أَبْغَضَه وقرئَ بهما قوله تعالى ولا يَجْرِمَنَّكم شَنآنُ قوم فمن سكَّن فقد يكون مصدراً كَلَيَّان ويكون صفة كَسَكْرانَ أَي مُبْغِضُ قوم قال الجوهري وهو شاذ في اللفظ لأَنه لم يجئْ شيءٌ من المصادر عليه ومن حرَّك فانما هو شاذ في المعنى لأَن فَعَلانَ إِنما هو من بِناءِ ما كان معناه الحركةَ والاضْطِرابَ كالضَّرَبانِ والخَفَقَانِ التهذيب الشَّنَآنُ مصدر على فَعَلان كالنَّزَوانِ والضَّرَبانِ وقرأَ عاصم شَنْآن بإِسكان النون وهذا يكون اسماً كأنه قال ولا يَجْرِمَنَّكم بَغِيضُ قوم قال أَبو بكر وقد أَنكر هذا رجل من أَهل البصرة يُعرف بأَبي حاتم السِّجِسْتانِي معه تَعدٍّ شديدٌ وإِقدام على الطعْن في السَّلف قال فحكيت ذلك لأَحمد بن يحيى فقال هذا من ضِيقِ عَطَنِه وقلة معرفته أَما سَمِعَ قولَ ذي الرُّمَّة
فأَقْسِمُ لا أَدْرِي أَجَوْلانُ عَبْرةٍ ... تَجُودُ بها العَيْنانِ أَحْرَى أَمِ الصَّبْرُ
قال قلت له هذا وإِن كان مصدراً ففيه الواو فقال قد قالت العرب وَشْكانَ ذا إِهالةً وحَقْناً فهذا مصدر وقد أَسكنه الشَّنانُ بغير همز مثل الشَّنَآنِ وأَنشد للأَ حوص
وما العيْشُ إِلاَّ ما تَلَذُّ وتَشْتَهي ... وإِنْ لامَ فيه ذُو الشَّنانِ وفَنَّدا
سلمة عن الفرّاءِ من قرأَ شَنَآنُ قوم فمعناهُ بُغْضُ [ ص 102 ] قومٍ شَنِئْتُه شَنَآناً وشَنْآناً وقيل قوله شَنآنُ أَي بَغْضاؤُهم ومَن قَرأَ شَنْآنُ قَوْم فهو الاسم لا يَحْمِلَنَّكم بَغِيضُ قَوْم ورجل شَنائِيةٌ وشَنْآنُ والأُنثى شَنْآنَةٌ وشَنْأَى الليث رجل شَناءة وشَنائِيةٌ بوزن فَعالةٍ وفَعالِية مُبْغِضٌ سَيِّىءُ الخُلقُ وشُنِئَ الرجلُ فهو مَشْنُوءٌ إِذا كان مُبْغَضاً وإِن كان جميلاً ومَشْنَأٌ على مَفْعَل بالفتح قبيح الوجه أَو قبيح المَنْظَر الواحد والمثنى والجميع والمذكر والمؤنث في ذلك سواءٌ والمِشْناءُ بالكسر ممدود على مِثالِ مِفْعالٍ الذي يُبْغِضُه الناسُ عن أَبي عُبيد قال وليس بِحَسن لأَن المِشْناءَ صيغة فاعل وقوله الذي يُبْغِضُه الناسُ في قوَّة المفعول حتى كأَنه قال المِشْناءُ المُبْغَضُ وصيغة المفعول لا يُعَبَّر بها ( 1 )
( 1 قوله « لا يعبر بها إلخ » كذا في النسخ ولعل المناسب لا يعبر عنها بصيغة الفاعل )
عن صيغة الفاعل فأَمّا رَوْضةٌ مِحْلالٌ فمعناه أَنها تُحِلُّ الناسَ أَو تَحُلُّ بهم أَي تَجْعَلُهم يَحُلُّون وليست في معنى مَحْلُولةٍ قال ابن بري ذكر أَبو عبيد أَنَّ المَشْنَأَ مثل المَشْنَعِ القَبِيحُ المَنْظَر وإِن كان مُحَبَّباً والمِشْناءُ مثل المِشْناعِ الذي يُبْغِضُه الناسُ وقال علي بن حمزة المِشْناءُ بالمدّ الذي يُبْغِضُ الناسَ وفي حديث أُم معبد لا تَشْنَؤُه مِن طُولٍ قال ابن الأَثير كذا جاءَ في رواية أَي لا يُبْغَضُ لفَرْطِ طُولِهِ ويروى لا يُتَشَنَّى من طُول أُبْدل من الهمزة ياء وفي حديث علي كرَّم اللّه وجه ومُبْغِضٌ يَحْمِله شَنَآني على أَنْ يَبْهَتَني وتَشانَؤُوا أَي تَباغَضوا وفي التنزيل العزيز إنَّ شانِئَك هو الأَبْتر قال الفرَّاءُ قال اللّه تعالى لنبيه صلى اللّه عليه وسلم إِنَّ شانِئك أَي مُبْغِضَك وعَدُوَّكَ هو الأَبْتَر أَبو عمرو الشَّانِئُ المُبْغِضُ والشَّنْءُ والشِّنْءُ البِغْضَةُ وقالَ أَبو عبيدة في قوله ولا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنآن قوم يقال الشَّنَآن بتحريك النون والشَّنْآنُ بإِسكان النون البِغْضةُ قال أَبو الهيثم يقال شَنِئْتُ الرجلَ أَي أَبْغَضْته قال ولغة رديئة شَنَأْتُ بالفتح وقولهم لا أَبا لشانِئك ولا أَبٌ أَي لِمُبْغِضِكَ قال ابن السكيت هي كناية عن قولهم لا أَبا لك والشَّنُوءة على فَعُولة التَّقَزُّزُ من الشيءِ وهو التَّباعدُ من الأَدْناس ورجل فيه شَنُوءة وشُنُوءة أَي تَقَزُّزٌ فهو مرة صفة ومرة اسم وأَزدُ شَنُوءة قبيلة مِن اليَمن من ذلك النسبُ إليه شَنَئِيٌّ أَجْرَوْا فَعُولةَ مَجْرَى فَعِيلةَ لمشابهتها اياها من عِدّة أَوجه منها أَن كل واحد من فَعُولة وفَعِيلة ثلاثي ثم إِن ثالث كل واحد منهما حرف لين يجري مجرى صاحبه ومنها أَنَّ في كل واحد من فَعُولة وفَعِيلة تاءَ التأْنيث ومنها اصْطِحابُ فَعُول وفَعِيل على الموضع الواحد نحوأَثُوم وأَثِيم ورَحُوم ورَحِيم فلما استمرت حال فعولة وفعيلة هذا الاستمرار جَرَتْ واو شنوءة مَجرى ياءِ حَنِيفة فكما قالوا حَنَفِيٌّ قياساً قالوا شَنَئِيءٌّ قياساً قال أَبو الحسن الأَخفش فإِن قلت إنما جاءَ هذا في حرف واحد يعني شَنُوءة قال فإنه جميع ما جاءَ قال ابن جني وما أَلطفَ هذا القولَ من أَبي الحسن قال وتفسيره أَن الذي جاءَ في فَعُولة هو هذا الحرف والقياس قا بِلُه قال ولم يَأْتِ فيه شيءٌ يَنْقُضُه وقيل سُمُّوا بذلك لشَنَآنٍ كان بينهم وربما قالوا أَزْد شَنُوَّة بالتشديد غير مهموز ويُنسب إليها شَنَوِيٌّ وقال [ ص 103 ]
نَحْنُ قُرَيْشٌ وهُمُ شَنُوَّهْ ... بِنا قُرَيْشاً خُتِمَ النُّبُوَّهْ
قال ابن السكيت أَزْدُ شَنُوءة بالهمز على فَعُولة ممدودة ولا يقال شَنُوَّة أَبو عبيد الرجلُ الشَّنُوءة الذي يَتَقَزَّزُ من الشيءِ قال وأَحْسَبُ أَنَّ أَزْدَ شَنُوءة سمي بهذا قال الليث وأَزْدُ شَنُوءة أَصح الأَزد أَصْلاً وفرعاً وأَنشد
فَما أَنْتُمُ بالأَزْدِ أَزْدِ شَنُوءة ... ولا مِنْ بَنِي كَعْبِ بنِ عَمْرو بن عامِرِ
أَبو عبيد شَنِئْتُ حَقَّك أَقْرَرْت به وأَخرَجْته من عندي وشَنِئَ له حَقَّه وبه أَعْطاه إِيَّاه وقال ثعلب شَنَأَ إِليه حَقَّه أَعطاه إيَّاه وتَبَرَّأَ منه وهو أَصَحُّ وأَما قول العجاج
زَلَّ بَنُو العَوَّامِ عن آلِ الحَكَمْ ... وشَنِئوا المُلْكَ لِمُلْكٍ ذي قِدَمْ
فإنه يروى لِمُلْكٍ ولِمَلْكٍ فمن رواه لِمُلْكٍ فوجهه شَنِئوا أَي أَبْغَضُوا هذا المُلك لذلك المُلْكِ ومَنْ رواه لِمَلْكٍ فالأَجْودُ شَنَؤوا أَي تَبَرَّؤُوا به إِليه ومعنى الرجز أَي خرجوا من عندهم وقَدَمٌ مَنْزِلةٌ ورِفْعةٌ وقال الفرزدق
ولَوْ كانَ في دَيْنٍ سِوَى ذا شَنِئْتُمُ ... لَنا حَقَّنا أَو غَصَّ بالماء شارِبُهْ
وشَنِئَ به أَي أَقَرَّ به وفي حديث عائشة عليكم بالمَشْنِيئةِ النافعةِ التَّلْبِينةِ تعني الحَساء وهي مفعولةٌ من شَنِئْتُ أَي أَبْغَضْتُ قال الرياشي سأَلت الأَصمعي عن المَشْنِيئةِ فقال البَغِيضةُ قال ابن الأَثير في قوله مَفْعُولةٌ من شَنِئْتُ إِذا أَبْغَضْتَ في الحديث قال وهذا البِناءُ شاذ قان أَصله مَشْنُوءٌ بالواو ولا يقال في مَقْرُوءٍ ومَوْطُوءٍ مَقرِيٌّ ومَوْطِيٌّ ووجهه أَنه لما خَفَّفَ الهمزة صارت ياءً فقال مَشْنِيٌّ كَمَرْضيٍّ فلما أَعادَ الهمزة اسْتَصْحَبَ الحالَ المُخَفَّفة وقولها التَّلْبينة هي تفسير المَشْنِيئةِ وجعلتها بَغِيضة لكراهتها وفي حديث كعب رضي اللّه عنه يُوشِكُ أَن يُرْفَعَ عنكم الطاعونُ ويَفِيضَ فيكم شَنَآنُ الشِّتاءِ قيل ما شَنآنُ الشِّتاءِ ؟ قال بَرْدُه اسْتعارَ الشَّنآنَ للبَرْد لأَنه يَفِيضُ في الشتاء وقيل أَراد بالبرد سُهولة الأَمر والرّاحَة لأَن العرب تَكْنِي بالبرد عن الرَّاحة والمعنى يُرْفَعُ عنكم الطاعونُ والشِّدَّةُ ويَكثر فيكم التَّباغُضُ والراحةُ والدَّعة وشَوانِئُ المال ما لا يُضَنُّ به عن ابن الأَعرابي من تذكرة أَبي علي قال وأَرى ذلك لأَنها شُنِئَت فجِيدَ بها فأَخْرجه مُخرَج النَّسب فجاءَ به على فاعل والشَّنَآنُ من شُعَرائهم وهو الشَّنَآنُ بن مالك وهو رجل من بني معاوية من حَزْنِ بن عُبادةَ

( شيأ ) المَشِيئةُ الإِرادة شِئْتُ الشيءَ أَشاؤُه شَيئاً ومَشِيئةً ومَشاءة ومَشايةً ( 1 )
( 1 قوله « ومشاية » كذا في النسخ والمحكم وقال شارح القاموس مشائية كعلانية ) أَرَدْتُه والاسم الشِّيئةُ عن اللحياني التهذيب المَشِيئةُ مصدر شاءَ يَشاءُ مَشِيئةً وقالوا كلُّ شيءٍ بِشِيئةِ اللّه بكسر الشين مثل شِيعةٍ أَي بمَشِيئتِه وفي الحديث أَن يَهُوديّاً أَتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال إِنَّكم تَنْذِرُون وتُشْرِكُون تقولون ما شاءَ اللّهُ وشِئتُ فأَمَرَهم النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم أَن يقولوا ما شاءَ اللّه ثم شِئْتُ المَشِيئةُ مهموزة الإِرادةُ وقد شِئتُ الشيءَ أَشاؤُه وإِنما فَرَق بين قوله ما شاءَ [ ص 104 ] اللّهُ وشِئتُ وما شاءَ اللّهُ ثم شِئتُ لأَن الواو تفيد الجمع دون الترتيب وثم تَجْمَعُ وتُرَتِّبُ فمع الواو يكون قد جمع بَيْنَ اللّهِ وبينه في المَشِيئةِ ومَع ثُمَّ يكون قد قَدَّمَ مشِيئَة اللّهِ على مَشِيئتِه والشَّيءُ معلوم قال سيبويه حين أَراد أَن يجعل المُذَكَّر أَصلاً للمؤَنث أَلا ترى أَن الشيءَ مذكَّر وهو يَقَعُ على كل ما أُخْبِرُ عنه فأَما ما حكاه سيبويه أَيضاً من قول العَرَب ما أَغْفَلَه عنك شَيْئاً فإِنه فسره بقوله أَي دَعِ الشَّكَّ عنْكَ وهذا غير مُقْنِعٍ قال ابن جني ولا يجوز أَن يكون شَيئاً ههنا منصوباً على المصدر حتى كأَنه قال ما أَغْفَلَه عنك غُفُولاً ونحو ذلك لأَن فعل التعجب قد استغنى بما بما حصل فيه من معنى المبالغة عن أَن يؤَكَّد بالمَصْدر قال وأَما قولهم هو أَحْسَنُ منك شَيْئاً فإِنَّ شيئاً هنا منصوب على تقدير بشَيءٍ فلما حَذَف حرفَ الجرِّ أَوْصَلَ إِليه ما قبله وذلك أَن معنى هو أَفْعَلُ منه في المُبالغَةِ كمعنى ما أَفْعَله فكما لم يَجُزْ ما أَقْوَمَه قِياماً كذلك لم يَجُز هو أَقْوَمُ منه قِياماً والجمع أَشياءُ غير مصروف وأَشْياواتٌ وأَشاواتٌ وأَشايا وأَشاوَى من باب جَبَيْتُ الخَراجَ جِباوةً وقال اللحياني وبعضهم يقول في جمعها أَشْيايا وأَشاوِهَ وحكَى أَن شيخاً أَنشده في مَجْلِس الكسائي عن بعض الأَعراب
وَذلِك ما أُوصِيكِ يا أُّمَّ مَعْمَرٍ ... وبَعْضُ الوَصايا في أَشاوِهَ تَنْفَعُ
قال وزعم الشيخ أَن الأَعرابي قال أُريد أَشايا وهذا من أَشَذّ الجَمْع لأَنه لا هاءَ في أَشْياءَ فتكون في أَشاوِهَ وأَشْياءُ لَفْعاءُ عند الخليل وسيبويه وعند أَبي الحسن الأَخفش أَفْعِلاءُ وفي التنزيل العزيز يا أَيها الذين آمَنُوا لا تَسأَلوا عن أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لكم تَسُؤْكم قال أَبو منصور لم يختلف النحويون في أَن أَشْياء جمع شيء وأَنها غير مُجراة قال واختلفوا في العِلة فكَرِهْتُ أَن أَحكِيَ مَقالة كل واحد منهم واقتصرتُ على ما قاله أَبو إِسحق الزجاج في كتابه لأَنه جَمَعَ أَقاوِيلَهم على اخْتِلافها واحتج لأَصْوَبِها عنده وعزاه إِلى الخليل فقال قوله لا تَسْأَلُوا عن أَشياءَ أَشْياءُ في موضع الخفض إِلاَّ أَنها فُتحت لأَنها لا تنصرف قال وقال الكسائي أَشْبَهَ آخِرُها آخِرَ حَمْراءَ وكَثُر استعمالها فلم تُصرَفْ قال الزجاج وقد أَجمع البصريون وأَكثر الكوفيين على أَنَّ قول الكسائي خطأٌ في هذا وأَلزموه أَن لا يَصْرِف أَبناء وأَسماء وقال الفرّاءُ والأَخفش أَصل أَشياء أَفْعِلاء كما تقول هَيْنٌ وأَهْوِناء إِلا أَنه كان الأَصل أَشْيِئاء على وزن أَشْيِعاع فاجتمعت همزتان بينهما أَلف فحُذِفت الهمزة الأُولى قال أَبو إِسحق وهذا القول أَيضاً غلط لأَن شَيْئاً فَعْلٌ وفَعْلٌ لا يجمع أَفْعِلاء فأَما هَيْنٌ فأَصله هَيِّنٌ فجُمِعَ على أَفْعِلاء كما يجمع فَعِيلٌ على أَفْعِلاءَ مثل نَصِيب وأَنْصِباء قال وقال الخليل أَشياء اسم للجمع كان أَصلُه فَعْلاءَ شَيْئاءَ فاسْتُثْقل الهمزتان فقلبوا الهمزة الاولى إِلى أَول الكلمة فجُعِلَت لَفْعاءَ كما قَلَبُوا أَنْوُقاً فقالوا أَيْنُقاً وكما قلبوا قُوُوساً قِسِيّاً قال وتصديق قول الخليل جمعُهم أَشْياءَ أَشاوَى وأَشايا قال وقول الخليل هو مذهب سيبويه والمازني وجميع البصريين إلاَّ الزَّيَّادِي منهم فإِنه كان يَمِيل إِلى قول الأَخفش وذُكِر أَن المازني ناظَر الأَخفش في هذا فقطَع المازِنيُّ الأَخفشَ وذلك أَنه سأَله كيف تُصغِّر أَشياء فقال له أَقول أُشَيَّاء فاعلم ولو كانت أَفعلاء لردَّت في التصغير إِلى واحدها فقيل شُيَيْئات وأَجمع البصريون أَنَّ تصغير أَصْدِقاء إِن كانت للمؤَنث [ ص 105 ] صُدَيْقات وإِن كان للمذكرِ صُدَيْقُون قال أَبو منصور وأَما الليث فإِنه حكى عن الخليل غير ما حكى عنه الثقات وخَلَّط فيما حكى وطوَّلَ تطويلاً دل عل حَيْرته قال فلذلك تركته فلم أَحكه بعينه وتصغير الشيءِ شُيَيْءٌ وشِيَيْءٌ بكسر الشين وضمها قال ولا تقل شُوَيْءٌ قال الجوهري قال الخليل إِنما ترك صرف أَشياءَ لأَن أَصله فَعْلاء جُمِعَ على غير واحده كما أَنَّ الشُّعراءَ جُمعَ على غير واحده لأَن الفاعل لا يجمع على فُعَلاء ثم استثقلوا الهمزتين في آخره فقلبوا الاولى أَوَّل الكلمة فقالوا أَشياء كما قالوا عُقابٌ بعَنْقاة وأَيْنُقٌ وقِسِيٌّ فصار تقديره لَفْعاء يدل على صحة ذلك أَنه لا يصرف وأَنه يصغر على أُشَيَّاء وأَنه يجمع على أَشاوَى وأَصله أَشائِيُّ قلبت الهمزة ياءً فاجتمعت ثلاث ياءات فحُذفت الوُسْطى وقُلِبت الأَخيرة أَلِفاً وأُبْدِلت من الأُولى واواً كما قالوا أَتَيْتُه أَتْوَةً وحكى الأَصمعي أَنه سمع رجلاً من أَفصح العرب يقول لخلف الأَحمر إِنَّ عندك لأَشاوى مثل الصَّحارى ويجمع أَيضاً على أَشايا وأَشْياوات وقال الأَخفش هو أَفْعلاء فلهذا لم يُصرف لأَن أَصله أَشْيِئاءُ حذفت الهمزة التي بين الياءِ والأَلِف للتخفيف قال له المازني كيف تُصغِّر العربُ أَشياءَ ؟ فقال أُشَيَّاء فقال له تركت قولك لأَنَّ كل جمع كُسِّرَ على غير واحده وهو من أَبنية الجمع فإِنه يُردُّ في التصغير إِلى واحده كما قالوا شُوَيْعِرون في تصغير الشُّعَراءِ وفيما لا يَعْقِلُ بالأَلِف والتاءِ فكان يجب أَن يقولوا شُيَيْئَات قال وهذا القول لا يلزم الخليل لأَنَّ فَعْلاء ليس من ابنية الجمع وقال الكسائي أَشياء أَفعالٌ مثل فَرْخٍ وأَفْراخٍ وإِنما تركوا صرفها لكثرة استعمالهم لها لأَنها شُبِّهت بفَعْلاء وقال الفرّاء أَصل شيءٍ شَيِّئٌ على مثال شَيِّعٍ فجمع على أَفْعِلاء مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناء ولَيِّنٍ وأَلْيِناء ثم خفف فقيل شيءٌ كما قالوا هَيْنٌ ولَيْنٌ وقالوا أَشياء فَحَذَفُوا الهمزة الأُولى وهذا القول يدخل عليه أَن لا يُجْمَع على أَشاوَى هذا نص كلام الجوهري قال ابن بري عند حكاية الجوهري عن الخليل ان أَشْياءَ فَعْلاء جُمِع على غير واحده كما أَنَّ الشعراء جُمِعَ على غيره واحده قال ابن بري حِكايَتُه عن الخليل أَنه قال إِنها جَمْع على غير واحده كشاعِر وشُعراءٍ وَهَمٌ منه بل واحدها شيء قال وليست أَشياء عنده بجمع مكسَّر وإِنما هي اسم واحد بمنزلة الطَّرْفاءِ والقَصْباءِ والحَلْفاءِ ولكنه يجعلها بدلاً من جَمع مكسر بدلالة إِضافة العدد القليل إِليها كقولهم ثلاثة أَشْياء فأَما جمعها على غير واحدها فذلك مذهب الأَخفش لأَنه يَرى أَنَّ أَشْياء وزنها أَفْعِلاء وأَصلها أَشْيِئاء فحُذِفت الهمزة تخفيفاً قال وكان أَبو علي يجيز قول أَبي الحسن على أَن يكون واحدها شيئاً ويكون أَفْعِلاء جمعاً لفَعْل في هذا كما جُمِعَ فَعْلٌ على فُعَلاء في نحو سَمْحٍ وسُمَحاء قال وهو وهَم من أَبي علي لأَن شَيْئاً اسم وسَمْحاً صفة بمعنى سَمِيحٍ لأَن اسم الفاعل من سَمُحَ قياسه سَمِيحٌ وسَمِيح يجمع على سُمَحاء كظَرِيف وظُرَفاء ومثله خَصْم وخُصَماء لأَنه في معنى خَصِيم والخليل وسيبويه يقولان أَصلها شَيْئاءُ فقدمت الهمزة التي هي لام الكلمة إِلى أَوَّلها فصارت أَشْياء فوزنها لَفْعاء قال ويدل على صحة قولهما أَن العرب قالت في تصغيرها أُشَيَّاء قال ولو كانت جمعاً مكسراً كما ذهب إِليه الأخفش لقيل في تصغيرها شُيَيْئات كما يُفعل ذلك في الجُموع المُكَسَّرة كجِمالٍ وكِعابٍ وكِلابٍ تقول في تصغيرها جُمَيْلاتٌ وكُعَيْباتٌ وكُلَيْباتٌ فتردها إِلى الواحد ثم تجمعها بالالف والتاء وقال ابن [ ص 106 ] بري عند قول الجوهري إِن أَشْياء يجمع على أَشاوِي وأَصله أَشائِيُّ فقلبت الهمزة أَلفاً وأُبدلت من الاولى واواً قال قوله أَصله أَشائِيُّ سهو وانما أَصله أَشايِيُّ بثلاث ياءات قال ولا يصح همز الياء الاولى لكونها أَصلاً غير زائدة كما تقول في جَمْع أَبْياتٍ أَبايِيت فلا تهمز الياء التي بعد الأَلف ثم خففت الياء المشدّدة كما قالوا في صَحارِيّ صَحارٍ فصار أَشايٍ ثم أُبْدِلَ من الكسرة فتحةٌ ومن الياءِ أَلف فصار أَشايا كما قالوا في صَحارٍ صَحارَى ثم أَبدلوا من الياء واواً كما أَبدلوها في جَبَيْت الخَراج جِبايةً وجِباوةً وعند سيبويه أَنَّ أَشاوَى جمع لإِشاوةٍ وإِن لم يُنْطَقْ بها وقال ابن بري عند قول الجوهري إِن المازني قال للأَخفش كيف تصغِّر العرب أَشياء فقال أُشَيَّاء فقال له تركت قولك لأَن كل جمع كسر على غير واحده وهو من أَبنية الجمع فإِنه يُردُّ بالتصغير إِلى واحده قال ابن بري هذه الحكاية مغيرة لأَنَّ المازني إِنما أَنكر على الأَخفش تصغير أَشياء وهي جمع مكسر للكثرة من غير أَن يُردَّ إِلى الواحد ولم يقل له إِن كل جمع كسر على غير واحده لأَنه ليس السببُ المُوجِبُ لردِّ الجمع إِلى واحده عند التصغير هو كونه كسر على غير واحده وإِنما ذلك لكونه جَمْعَ كَثرة لا قلة قال ابن بري عند قول الجوهري عن الفرّاء إِن أَصل شيءٍ شَيِّئٌ فجمع على أَفْعِلاء مثل هَيِّنٍ وأَهْيِناء قال هذا سهو وصوابه أَهْوناء لأَنه من الهَوْنِ وهو اللِّين الليث الشَّيء الماء وأَنشد تَرَى رَكْبَه بالشيءِ في وَسْطِ قَفْرةٍ قال أَبو منصور لا أَعرف الشيء بمعنى الماء ولا أَدري ما هو ولا أَعرف البيت وقال أَبو حاتم قال الأَصمعي إِذا قال لك الرجل ما أَردت ؟ قلتَ لا شيئاً وإِذا قال لك لِمَ فَعَلْتَ ذلك ؟ قلت للاشَيْءٍ وإِن قال ما أَمْرُكَ ؟ قلت لا شَيْءٌ تُنَوِّن فيهن كُلِّهن والمُشَيَّأُ المُخْتَلِفُ الخَلْقِ المُخَبَّله ( 1 )
( 1 قوله « المخبله » هو هكذا في نسخ المحكم بالباء الموحدة ) القَبِيحُ قال
فَطَيِّئٌ ما طَيِّئٌ ما طَيِّئُ ؟ ... شَيَّأَهُم إِذْ خَلَقَ المُشَيِّئُ
وقد شَيَّأَ اللّه خَلْقَه أَي قَبَّحه وقالت امرأَة من العرب
إِنّي لأَهْوَى الأَطْوَلِينَ الغُلْبا ... وأُبْغِضُ المُشَيَّئِينَ الزُّغْبا
وقال أَبو سعيد المُشَيَّأُ مِثل المُؤَبَّن وقال الجَعْدِيُّ
زَفِير المُتِمِّ بالمُشَيَّإِ طَرَّقَتْ ... بِكاهِلِه فَما يَرِيمُ المَلاقِيَا
وشَيَّأْتُ الرَّجلَ على الأَمْرِ حَمَلْتُه عليه ويا شَيْء كلمة يُتَعَجَّب بها قال
يا شَيْءَ ما لي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ ... مَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ
قال ومعناها التأَسُّف على الشيء يُفُوت وقال اللحياني معناه يا عَجَبي وما في موضع رفع الأَحمر يا فَيْءَ ما لِي ويا شَيْءَ ما لِي ويا هَيْءَ ما لِي معناه كُلِّه الأَسَفُ والتَّلَهُّفُ والحزن الكسائي يا فَيَّ ما لي ويا هَيَّ ما لي لا يُهْمَزان ويا شيء ما لي يهمز ولا يهمز وما في كلها في موضع رفع تأْويِلُه يا عَجَبا ما لي ومعناه التَّلَهُّف والأَسَى قال الكسائي مِن العرب من [ ص 107 ] يتعجب بشيَّ وهَيَّ وَفيَّ ومنهم من يزيد ما فيقول يا شيَّ ما ويا هيّ ما ويا فيَّ ما أَي ما أَحْسَنَ هذا وأَشاءَه لغة في أَجاءه أَي أَلْجَأَه وتميم تقول شَرٌّ ما يُشِيئُكَ إِلى مُخَّةِ عُرْقُوبٍ أَي يُجِيئُك قال زهير ابن ذؤيب العدوي
فَيَالَ تَمِيمٍ صابِرُوا قد أُشِئْتُمُ ... إِليه وكُونُوا كالمُحَرِّبة البُسْل

( صأصأ ) صَأْصَأَ الجَرْو حَرَّك عينيه قبل التَّفْقِيحِ وقيل صَأْصَأَ كاد يَفْتَحُ عينيه ولم يفتحهما وفي الصحاح إِذا التَمَسَ النَّظَرَ قبل أَن يَفْتحَ عَيْنَيْه وذلك أَن يريد فتحهما قَبْل أَوانه وكان عُبَيْداللّهِ بن جَحْشٍ أَسْلمَ وهاجَر إِلى الحَبَشةِ ثم ارْتَدَّ وتَنَصَّرَ بالحَبَشةِ فكان يمر بالمُهاجِرينَ فيقول فَقَّحْنا وصَأْصَأْتُم أَي أَبْصَرْنا أَمْرَنا ولم تُبْصِرُوا أَمْرَكُم وقيلَ أَبْصَرْنا وأَنتم تلتمسون البصر قال أَبو عبيد يقال صَأْصَأَ الجَرْوُ إِذا لم يَفْتحْ عَيْنَيْهِ أَوانَ فَتْحِه وفَقَّحَ إِذا فَتَحَ عَيْنَيْهِ فأَراد أَنَّا أَبْصَرْنا أَمْرَنا ولم تُبصِروه وقال أَبو عمرو الصَّأْصَأُ تأْخير الجرو فَتْحَ عَيْنيه والصَّأْصَأُ الفَزَعُ الشديد وصَأْصَأَ مِن الرجل وتَصَأْصَأَ مثل تَزَأْزَأَ فَرِقَ منه واسْتَرْخَى حكى ابن الأَعرابي عن العُقَيْليِّ ما كان ذلك إِلاَّ صَأْصَأَةً مني أَي خَوْفاً وذُلاًّ وصَأْصَأَ به صَوَّتَ والصَّأْصاءُ الشِّيصُ ( 1 )
( 1 قوله « والصأصاء الشيص » هو في التهذيب بهذا الضبط ويؤيده ما في شرح القاموس من أنه كدحداح )
والصِّئْصِئُ والصِّيصِئُ كلاهما الأَصل عن يعقوب قال والهمز أَعرف والصِّئْصاء ما تَحَشَّفَ من التمر فلم يَعْقِدْ له نَوًى وما كان من الحَبِّ لا لُبَّ له كحبِّ البطِّيخِ والحَنْظَلِ وغيره والواحد صِيصاءة وصَأْصَأَتِ النخلةُ صِئْصاءً إِذا لم تَقْبَلِ اللَّقاح ولم يكن لبُسْرها نَوًى وقيل صَأْصَأَت إِذا صارت شِيصاً وقال الأُموي في لغة بَلْحارث بن كعب الصِّيصُ هو الشِّيصُ عند الناس وأَنشد
بأَعْقارِها القِرْدانُ هَزْلَى كأَنها ... نوادِرُ صِيصاءِ الهَبِيدِ المُحَطَّمِ
قال أَبو عبيد الصِّيصاء قِشْر حبِّ الحَنْظَلِ أَبو عمرو الصِّيصةُ من الرِّعاء الحَسَنُ القِيامِ على ماله ابن السكيت هو في صِئْصِئِ صِدْقٍ وضِئْضِئ صِدْقٍ قاله شمر واللحياني وقد روي في حديث الخَوارِجِ يَخرج من صِئْصِئِ هذا قومٌ يَمْرُقُون من الدين كما يَمْرُق السَّهم من الرَّمِيَّة روي بالصاد المهملة وسنذكره في فصل الضاد المعجمة أَيضاً

( صبأ ) الصابِئون قوم يَزعُمون أَنهم على دين نوح عليه السلام بكذبهم وفي الصحاح جنسٌ من أَهل الكتاب وقِبْلَتُهم من مَهَبِّ الشَّمال عند مُنْتَصَف النهار التهذيب الليث الصابِئون قوم يُشْبِه دِينُهم دِينَ النَّصارى إِلاَّ أَنَّ قِبْلَتَهم نحو مَهَبِّ الجَنُوبِ يَزْعُمون أَنهم على دِين نوحٍ وهم كاذبون وكان يقال للرجلِ إِذا أَسْلمَ في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم قد صَبَأَ عَنَوْا أَنه خرج من دين إِلى دين [ ص 108 ] وقد صَبَأَ يَصْبَأُ صَبْأً وصُبُوءاً وصَبُؤَ يَصْبُؤُ صَبْأً وصُبُوءاً كلاهما خرج من دين إِلى دين آخر كما تَصْبَأُ النُّجوم أَي تَخْرُجُ من مَطالِعها وفي التهذيب صَبَأَ الرَّجُلُ في دينه يَصْبَأُ صُبُوءاً إِذا كان صابِئاً أَبو إِسحق الزجَّاج في قوله تعالى والصَّابِئين معناه الخارِجِين من دينٍ إِلى دين يقال صَبَأَ فلان يَصْبَأُ إِذا خرج من دينه أَبو زيد يقال أَصْبَأْتُ القومَ إِصْباءً إِذا هجمت عليهم وأَنت لا تَشْعرُ بمكانهم وأَنشد هَوَى عليهم مُصْبِئاً مُنْقَضَّا وفي حديث بني جَذيِمة كانوا يقولون لما أَسْلَموا صَبَأْنا صَبَأْنا وكانت العرب تسمي النبي صلى اللّه عليه وسلم الصابِئَ لأَنه خرج مِن دين قُرَيْش إِلى الإِسلام ويسمون مَن يدخل في دين الإسلام مَصْبُوّاً لأَنهم كانوا لا يهمزون فأَبدلوا من الهمزة واواً ويسمون المسلمين الصُّباةَ بغير همز كأَنه جَمْع الصابي غير مهموز كقاضٍ وقُضاةٍ وغازٍ وغُزاةٍ وصَبَأَ عليهم يَصْبَأُ صَبْأً وصُبُوءاً وأَصْبأَ كلاهما طَلَعَ عليهم وصَبَأَ نابُ الخُفِّ والظِّلْف والحافِر يَصْبَأُ صُبُوءاً طَلَعَ حَدُّه وخرج وصَبَأَتْ سِنُّ الغلامِ طَلَعَت وصبَأَ النجمُ والقمرُ يَصْبَأُ وأَصْبأَ كذلك وفي الصحاح أَي طلع الثريَّا قال الشاعر يصف قحطاً
وأَصْبَأَ النَّجْمُ في غَبْراءَ كاسِفةٍ ... كأَنَّه بائِسٌ مُجْتابُ أَخْلاقِ
وصَبَأَتِ النُّجومُ إِذا ظَهَرَت وقُدِّم إليه طَعام فما صَبَأَ ولا أَصْبأَ فيه أَي ما وَضَع فيه يَدَه عن ابن الأَعرابي أَبو زيد يقال صَبَأْت على القوم صَبْأً وصَبَعتُ وهو أَن تَدُلَّ عليهم غيرهم وقال ابن الأَعرابي صَبَأَ عليه إِذا خَرج عليه ومالَ عليه بالعَداوة وجعلَ قوله عليه الصلاة والسلام لَتَعُودُنَّ فيها أَساوِدَ صُبًّى فُعَّلاً من هذا خُفِّف همزه أَراد أَنهم كالحيَّات التي يَمِيل بعضها على بعض

( صتأ ) صتَأَه يصْتَؤُه صَتْأً صَمَدَ له

( صدأ ) الصُّدْأَةُ شُقْرةٌ تَضْرِبُ إِلى السَّوادِ الغالِبِ صَدِئَ صَدَأً وهو أَصْدَأُ والأُنثى صَدْآءُ وصَدِئةٌ وفرس أَصْدَأُ وجَدْيٌ أَصْدَأُ بيِّنُ الصَّدَإِ إِذا كان أَسودَ مُشْرَباً حُمْرةً وقد صَدِئَ وعَناقٌ صَدْآءُ وهذا اللون من شِياتِ المعِز الخَيْل يقال كُمَيْتٌ أَصْدَأُ إِذا عَلَتْه كُدْرةٌ والفعل على وجهين صَدِئَ يَصْدَأُ وأَصْدَأَ يُصْدِئُ الأَصمعي في باب أَلوانِ الإِبل إِذا خالَطَ كُمْتةَ البَعِيرِ مثْلُ صَدَإِ الحديد فهو الحُوَّةُ شمر الصَّدْآءُ على فَعْلاء الأَرض التي تَرى حَجَرها أَصْدَأَ أَحمر يَضْرِب إِلى السَّواد لا تكون إِلاَّ غَلِيظة ولا تكون مُسْتَوِيةً بالأَرض وما تحتَ حِجارة الصدْآء أَرض غَلِيظةٌ وربما كانت طِيناً وحِجارةً وصُداء ممدود حَيٌّ مِنَ اليَمَنِ وقال لبيد
فَصَلَقْنا في مُرادٍ صَلْقةً ... وصُداءٌ أَلْحَقَتْهُمْ بالثَّلَلْ
والنِّسبةُ إليه صُداوِيٌّ بمنزلة الرُهاوِي قال وهذه المَدَّةُ وإِن كانت في الأَصل ياءً أَو واواً فانما تجعل في النِّسْبة واواً كراهيةَ التقاء الياءات أَلا ترى أَنك تقول رَحًى ورَحَيانِ فقد علمت أن أَلف رَحًى [ ص 109 ] ياء وقالوا في النسبة اليها رَحَوِيٌّ لتلك العِلّة والصَّدَأُ مهموز مقصور الطَّبَعُ والدَّنَسُ يَرْكَب الحديدَ وصَدَأُ الحديدِ وسَخهُ وصَدِئَ الحديدُ ونحوهُ يَصْدَأُ صَدَأً وهو أَصْدَأُ عَلاه الطَّبَعُ وهو الوسَخُ وفي الحديث إِنَّ هذه القُلوب تَصْدَأُ كما يَصْدَأُ الحَدِيدُ وهو أَن يَرْكَبَها الرَّيْنُ بِمُباشَرةِ المَعاصِي والآثامِ فَيَذْهَبَ بِجَلائِها كما يعلو الصَّدأُ وجْهَ المِرآةِ والسَّيْفِ ونحوهما وكَتِيبةٌ صَدْآء عِلْيَتُها صَدَأُ الحَديِد وكَتِيبةٌ جَأْواء إِذا كان عِلْيَتُها صدأَ الحديد وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه سأَلَ الأُسْقُفَّ عن الخُلَفاء فحَدَّثه حتى انتهى إِلى نَعْتِ الرَّابِع منهم فقال صَدَأٌ مِنْ حَدِيدٍ ويروى صَدَعٌ من حديد أَرادَ دَوامَ لُبْس الحَدِيد لاتِّصال الحروب في أَيام عليٍّ عليه السلام وما مُنِيَ به من مُقاتَلةِ الخَوارِج والبُغاة ومُلابَسةِ الأُمُورِ المُشْكِلة والخُطُوبِ المُعْضِلة ولذلك قال عمر رضي اللّه عنه وادَفْراه تَضَجُّراً من ذلك واستِفْحاشاً ورواه أَبو عبيد غير مهموز كأَنَّ الصَّدَا لغة في الصَّدَع وهو اللَّطِيفُ الجِسْمِ أَراد أَنَّ عَلِيَّاً خَفيفُ الجِسْمِ يَخِفُّ إِلى الحُروب ولا يَكْسَلُ لِشدّة بأْسه وشجاعَته ويَدِي مِن الحَدِيد صَدِئةٌ أَي سَهِكةٌ وفلان صاغِرٌ صَدِئ إِذا لَزِمَه صَدَأُ العارِ واللَّوْمِ ورجل صَدَأ لَطِيفُ الجِسمِ كَصَدَعٍ وروي الحديث صَدَعٌ من حديد قال والصَّدأُ أَشبهُ بالمعنى لأن الصَّدَأَ له دَفَرٌ ولذلك قال عمر وادَفْراه وهو حِدّةُ رائحةِ الشيء خبيثاً ( 1 )
( 1 قوله « خبيثاً إلخ » هذا التعميم انما يناسب الذفر بالذال المعجمة كما هو المنصوص في كتب اللغة فقوله وأَما الذفر بالذال فصوابه بالدال المهملة فانقلب الحكم على المؤلف جل من لا يسهو )
كان أَو طيباً وأَما الذفر بالذال فهو النَّتْن خاصة قال الأَزهري والذي ذهب إليه شمر معناه حسن أَراد أَنه يعني عَلِيًّا رضي اللّه عنه خفيفٌ يَخِفُّ إِلى الحُرُوب فلا يَكْسَلُ وهو حَدِيدٌ لشدةِ بأْسه وشَجاعتِه قال اللّه تعالى وأَنزلنا الحديدَ فيه بأْسٌ شديد وصَدْآءُ عَيْنٌ عذبة الماء أَو بئر وفي المثل ماءٌ ولا كَصَدْآءَ قال أَبو عبيد من أَمثالهم في الرجلين يكونانِ ذَوَيْ فضل غير أَن لأَحدهما فضلاً على الآخر قَولهم ماءٌ ولا كَصَدْآءَ ورواه المنذري عن أَبي الهيثم ولا كَصَدَّاءَ بتشديد الدال والمَدّة وذكر أَن المثَل لقَذورَ بنت قيس بن خالد الشَّيباني وكانت زوجةَ لَقِيط بن زُرارةَ فتزوّجها بعده رجُل من قَومها فقال لها يوماً أَنا أَجملُ أَم لَقِيطٌ ؟ فقالت ماءٌ ولا كَصَدْآء أَي أَنت جَميلٌ ولستَ مثلَهُ قال المفضل صَدَّاءُ رَكِيّةٌ ليس عندهم ماء أَعذب من مائها وفيها يقول ضِرارُ بن عَمرو السَّعْدي
وإِني وتَهْيامي بزَيْنَبَ كالذي ... يُطالِبُ من أَحْواضِ صَدَّاءَ مَشْرَبا قال الأَزهري ولا أَدري صدَّاء فَعَّالٌ أَو فعلاء فإِن كان فَعَّالاً فهو من صَدا يَصْدُو أَو صَدِيَ يَصْدَى وقال شمر صَدا الهامُ يَصْدُو إِذا صاحَ وإِن كانت صَدَّاءُ فَعْلاء فهو من المُضاعَفِ كقولهم صَمَّاء من الصَّمَم

( صمأ ) صَمَأَ عليهم صَمْأً طَلَع وما أَدري مِن أَين صَمَأَ أَي طَلَعَ قال وأَرَى الميم بَدلاً من الباء [ ص 110 ]

( صيأ ) الصاءة والصاءُ الماء الذي يكون في السَّلَى وقيل الماء الذي يكون على رأْس الولد كالصَّآة وقيل إِنَّ أَبا عُبَيْدٍ قال صآةٌ فصحَّف فرُدَّ ذلك عليه وقيل له إِنما هو صاءة فقَبِلَه أَبو عبيد وقال الصاءة على مثالِ الساعةِ لِئلا يَنْساهُ بعد ذلك وذكر الجوهريُّ هذه الترجمة في صَوأَ وقال الصاءة على مثال الصَّاعةِ ما يخرُجُ من رَحِمِ الشاة بعد الوِلادةِ مِن القَذَى وقال في موضع آخر ماءٌ ثَخِينٌ يخرجُ مع الولد يقال أَلقَتِ الشاةُ صاءَتها وصَيَّأَ رأْسَه تَصْيِيئاً بَلَّه قليلاً قليلاً والاسم الصِّيئةُ وصَيَّأَه غَسَله فلم يُنْقِه وبَقِيَت آثارُ الوسَخِ فيه وصَيَّأَ النخلُ ظَهَرت أَلوانُ بُسْرِه عن أَبي حنيفة وفي حديث عليّ قال لامرأَةٍ أَنتِ مثلُ العَقْرَب تَلْدَغُ وتَصِيءُ صاءَت العَقْرَب تَصِيءُ إِذا صاحَتْ قال الجوهري هو مقلوب من صَأَى يَصْئِي مثل رَمَى يَرْمِي ( 1 )
( 1 قوله « مثل رمى إلخ » كذا في النهاية والذي في صحاح الجوهري مثل سعى يسعى وكذا في التهذيب والقاموس ) والواو في قوله وتَصِيءُ للحال أَي تَلْدَغُ وهي صائِحةٌ وسنذكره أَيضاً في المعتل

( ضأضأ ) الضِّئْضِئُ والضُّؤْضُؤُ الأَصل والمَعْدِنُ قال الكميت
وَجَدْتُك في الضِّنْءِ من ضِئْضِئٍ ... أَحَلَّ الأَكابِرُ منه الصِّغارا
وفي الحديث أَن رجلاً أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم وهو يَقْسِمُ الغنائم فقال له اعْدِلْ فإِنك لم تَعْدِلْ فقال يخرج من ضِئْضِئي هذا قوم يَقْرَؤُون القرآن لا يُجاوِزُ تَراقِيَهُمْ يَمْرُقون من الدِّين كما يَمْرُق السَّهمُ من الرَّمِيَّةِ الضئْضِئُ الأَصْلُ وقال الكميت بأَصل الضِّنْوِ ضئْضِئِه الأَصِيل ( 2 ) ( 2 قوله « بأصل الضنو إلخ » صدره كما في ضنأ من التهذيب وميراث ابن آجر حيث ألقت )
وقال ابن السكيت مثله وأَنشد
أَنا من ضِئْضِئِ صِدْقٍ ... بَخْ وفي أَكْرَمِ جِذْلِ
ومعنى قوله يَخْرُج من ضِئْضِئي هذا أَي من أَصلِه ونَسْلِه قال الراجز غَيْران من ضِئضِئِ أَجْمالٍ غُيُرْ تقول ضِئْضِئُ صِدْقٍ وضُؤْضُؤُ صِدْقٍ وحكي ضِئْضِيءٌ مثل قِنْدِيلٍ يريد أَنه يخرج مِن نَسْلِه وعَقِبه ورواه بعضهم بالصاد المهملة وهو بمعناه وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه أَعطَيْتُ ناقةً في سبيل اللّه فأَردتُ أَن أَشترِيَ مِن نَسْلِها أَو قال من ضِئْضِئها فسأَلْتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال دعْها حتى تَجيءَ يومَ القيامة هي وأَولادُها في ميزانِكَ والضِّئْضِئُ كثرة النَّسْل وبَرَكَتُه وضِئْضِئُ الضَّأْنِ من ذلك أَبو عمرو الضأْضاءُ صَوْتُ الناسِ وهو الضَّوْضاءُ والضُّؤْضُؤُ هذا الطائرُ الذي يسمى الأَخْيَلَ قال ابن دريد ولا أَدري ما صحته

( ضبأ ) ضَبَأَ بالأَرض يَضْبَأُ ضَبْأً وضُبُوءاً وضَبَأَ في الأَرض وهو ضَبِيءٌ لَطِئَ واخْتَبأَ والموضع مَضْبَأٌ وكذلك الذئب إِذا لَزِقَ بالأَرض أَو بشجرة [ ص 111 ] أَو استَتَر بالخَمَر لِيَخْتِلَ الصَّيْد ومنه سُمِّي الرجلُ ضابِئاً وهو ضابئُ بن الحَرِثِ البُرْجُمِيُّ وقال الشاعر في الضابِئِ المُخْتَبِئِ الصَّيَّادِ
إِلاّ كُمَيْتاً كالقَناةِ وضابِئاً ... بالفَرْجِ بَيْنَ لَبانِه وَيَدِهْ ( 1 )
( 1 قوله « ويده » كذا في النسخ والتهذيب بالإفراد ووقع في شرح القاموس بالتثنية ويناسبه قوله في التفسير بعده ما بين يدي فرسه )
يَصفُ الصَّيَّادَ أَنه ضَبَأَ في فُروج ما بين يدي فرسه لِيَخْتِلَ به
الوَحْشَ وكذلك الناقةُ تُعَلَّم ذلك وأَنشد
لَمَّا تَفَلَّقَ عنه قَيْضُ بَيْضَتِه ... آواه في ضِبْنِ مَضْبَإٍ به نَضَبُ
قال والمَضْبَأُ الموضع الذي يكون فيه يقال للناس هذا مَضْبَؤُكم أَي مَوْضِعُكم وجمعه مَضابِئُ وضَبَأَ لَصِقَ بالأَرضِ وضَبَأْتُ به الأَرضَ فهو مَضْبوءٌ به إِذا أَلْزَقه بها وضَبَأْتُ إِليه لَجأْت وأَضْبَأَ على الشيءِ إِضْبَاءً سَكَتَ عليه وكَتَمه فهو مُضْبِئٌ عليه ويقال أَضْبَأَ فلان على داهيةٍ مثل أَضَبَّ وأَضْبَأَ على ما في يَدَيْه أَمْسَكَ اللحياني أَضْبَأَ على ما في يديه وأَضْبَى وأَضَبَّ إِذا أَمسك وأَضْبَأَ القومُ على ما في أَنفُسهم إِذا كتموه وضَبَأَ اسْتَخْفَى وضَبَأَ منه اسْتَحْيَا أَبو عبيد اضْطَبَأْتُ منه أَي اسْتَحْيَيْتُ رواه بالباءِ عن الأُموي وقال أَبو الهيثم إِنما هو اضْطَنَأْتُ بالنون وهو مذكور في موضعه وقال الليث الأَضْباءُ وَعْوعة جَرْوِ الكلب إِذا وَحْوَحَ وهو بالفارسية فحنحه ( 2 )
( 2 قوله « فحنحه » كذا رسم في بعض النسخ ) قال أَبو منصور هذا خطأٌ وتصحيف وصوابه الأَصْياءُ بالصاد من صَأَى يَصْأَى وهو الصَّئِيُّ وروى المنذري بإِسناده عن ابن السكيت عن العُكْليِّ أَنَّ أَعرابيّاً أَنشده
فَهاؤُوا مُضابِئَةً لَم يَؤُلَّ ... بادِئَها البَدْءُ إِذ تَبْدَؤُهْ
قال ابن السّكيت المُضابِئَةُ الغِرارةُ المُثْقَلَةُ تُضْبِئُ من يحْمِلُها تحتها أَي تُخْفِيه قال وعنى بها هذه القصيدة المبتورة وقوله لم يَؤُلَّ أَي لم يُضْعِفْ بادئها قائِلَها الذي ابْتَدأَها وهاؤُوا أَي هاتوا وضَبَأَتِ المرأَةُ إِذا كَثُرَ ولدها قال أَبو منصور هذا تصحيف والصواب ضَنَأَت المرأَة بالنون والهمزة إِذا كثر ولدها والضَّابِئُ الرَّمادُ

( ضنأ ) ضَنَأَتِ المرأَةُ تَضْنَأُ ضَنْأً وضُنُوءاً وأَضْنَأَتْ كثر ولدها فهي ضانِئٌ وضانِئةٌ وقيل ضَنَأَتْ تَضْنَأُ ضَنْأً وضُنُوءاً إِذا ولَدت الكسائي امْرأَةٌ ضانِئةٌ وماشِيةٌ معناهما أَن يكثر ولدها وضَنَأَ المال كَثُر وكذلك الماشيةُ وأَضْنَأَ القومُ إِذا كَثُرت مَواشِيهم والضَّنْءُ كثرة النَّسْل وضَنَأَتِ الماشيةُ كَثُر نِتاجُها وضَنْءُ كلِّ شيءٍ نَسْلُه قال
أَكْرَم ضَنْءٍ وضِئْضِئٍ عنْ ... ساقَيِ الحَوْض ضِئْضِئها ومَضْنَؤُها ( 3 )
( 3 قوله « أكرم ضنء » كذا في النسخ )
والضَّنْءُ والضِّنْءُ بالفتح والكسْر مهموز ساكن النون الولد لا
يفرد له واحد إِنما هو من باب نَفَرٍ [ ص 112 ] ورَهْطٍ والجمع ضُنُوءٌ التهذيب أَبو عمرو الضَّنْءُ الولد مهموز ساكن النون وقد يقال له الضِّنْءُ والضِّنءُ بالكسر الأَصْلُ والمَعْدِن وفي حديث قُتَيلة بنت النضر بن الحرث أَو أُخته
أَمُحَمَّدٌ ولأَنْتَ ضِنْءُ نَجِيبَةٍ ... مِنْ قَوْمِها والفَحْلُ فَحْلٌ مُعْرِقُ
الضِّنْءُ بالكسر الأَصل ويقال فلان في ضِنْءِ صِدْقٍ وضِنْءِ سَوْءٍ واضْطَنَأَ لَه ومنه اسْتَحْيا وانْقَبَضَ قال الطِّرِمَّاحُ
إِذا ذُكِرَتْ مَسْعاةُ والِدِه اضْطَنا ... ولا يَضْطَني مِنْ شَتْمِ أَهْلِ الفَضائِلِ
أَراد اضْطَنَأَ فأَبْدَلَ وقيل هو من الضَّنَى الذي هو المَرضُ كأَنَّه يَمْرَضُ من سَماع مَثالِب أَبيه وهذا البيت في التهذيب ولا يُضْطَنا مِن فِعْلِ أَهْلِ الفَضائِلِ وقال
تَزاءَكَ مُضْطَنِئٌ آرِمٌ ... إِذا ائْتَبَّهُ الإِدُّ لا يَفْطَؤُهْ ( 1 )
( 1 قوله « تزاءك مضطنئ » هذا هو الصواب كما هو المنصوص في كتب اللغة نعم أنشده الصاغاني تزاؤك مضطنئ بالاضافة ونصب تزاؤك قال ويروى تزؤل باللام على تفعل ويروى تتاؤب فايراد المؤلف له في زوك خطأ وما أسنده في مادة زأل للتهذيب في ضنأ من أنه تزاءل باللام فلعله نسخة وقعت له والا فالذي فيه تزاءك بالكاف كما ترى )
التزاؤُك الاسْتِحْياءُ
وضَنَأَ في الأَرض ضَنْأً وضُنُوءاً اخْتَبَأَ وَقَعَدَ مَقْعَدَ ضُنْأَةٍ أَي مَقْعَدَ ضَرُورَةٍ ومعناه الأَنَفَة قال أَبو منصور أَظن ذلك من قولهم اضْطَنَأْتُ أَي اسْتَحْيَيْتُ

( ضهأ ) ضاهَأَ الرجُلَ وغَيْرَه رَفَق به هذه رواية أَبي عبيد عن الأُمَوِيِّ في المُصَنَّف والمُضاهَأَةُ المُشاكَلَةُ وقال صاحب العين ضَاهَأْتُ الرجل وضَاهَيْتُه أَي شابَهْتُه يهمز ولا يهمز وقرئَ بهما قوله عزَّ وجلَّ يُضاهِئُون قول الذين كفروا

( ضوأ ) الضَّوءُ والضُّوءُ بالضم معروف الضِّياءُ وجمعه أَضْواءٌ وهو الضِّواءُ والضِّياءُ وفي حديث بَدْءِ الوَحْيِ يَسْمَعُ الصَّوْتَ وَيَرَى الضَّؤْءَ أَي ما كان يَسمع من صوت المَلَك ويراه مِن نُوره وأَنْوارِ آياتِ رَبِّه التهذيب الليث الضَّوْءُ والضِّياءُ ما أضاءَ لك وقال الزجاج في قوله تعالى كُلَّما أَضاءَ لهم مَشَوْا فِيهِ يقال ضاءَ السِّراجُ يَضوءُ وأَضاءَ يُضِيءُ قال واللغة الثانية هي المُختارة وقد يكون الضِّياءُ جمعاً وقد ضاءَتِ النارُ وضاءَ الشيءُ يَضُوءُ ضَوْءاً وضُوءاً وأَضاءَ يُضِيءُ وفي شعر العباس
وأَنْتَ لمَّا وُلِدْتَ أَشْرَقَت الأَرضُ ... وضاءَتْ بِنُورِك الأُفُقُ
يقال ضاءَتْ وأَضاءَتْ بمعنى أَي اسْتَنارَتْ وصارَت مُضِيئةً وأَضَاءَتْه يَتعدَّى ولا يَتعدَّى قال الجعديّ
أضاءَتْ لنا النارُ وَجْهاً أَغَرَّ ... مُلْتَبِساً بالفُؤَادِ التِباسا
أَبو عبيد أَضاءَتِ النارُ وأَضاءَها غيرُها وهو الضَّوْءُ والضُّوءُ وأَمَّا الضِّياءُ فلا همز في يائه وأَضاءَه له واسْتَضَأْتُ به وفي حديث علي كرَّم اللّه وجهه [ ص 113 ] لم يَسْتَضِيئُوا بِنُورِ العِلم ولم يَلْجَؤُوا إِلى رُكْنٍ وثِيقٍ وفي الحديث لا تَسْتَضِيئُوا بنار المُشْرِكِين أَي لا تَسْتَشِيرُوهم ولا تأْخُذُوا آراءَهم جَعَل الضوءَ مثلاً للرأْي عند الحَيْرَةِ وأَضأْتُ به البيتَ وضَوَّأْتُه به وضَوَّأْتُ عنه الليث ضَوَّأْتُ عن الأَمر تَضْوِئَةً أَي حِدْتُ قال أَبو منصور لم أَسمعه من غيره أَبو زيد في نوادره التَّضَوُّؤُ أَن يَقومَ الإنسانُ في ظُلْمَةٍ حيث يَرى بِضَوْءِ النار أَهْلَها ولا يَرَوْنه قال وعَلِقَ رجل من العَرَب امرأَةً فإِذا كان الليل اجْتَنَح إِلى حيث يَرَى ضَوْءَ نارِها فَتَضَوَّأَها فَقيل لَها إِن فلاناً يَتَضَوَّؤُكِ لِكَيْما تَحْذَره فلا تُريه إِلاَّ حَسَناً فلما سمعت ذلك حَسَرَتْ عن يَدِها إِلى مَنْكِبها ثم ضَرَبتْ بِكَفِّها الأُخْرى إِبْطَها وقالت يا مُتَضَوِّئاهْ هذه في اسْتِكَ إِلى الإِبْطِ فلما رأَى ذلك رَفَضَها يقال ذلك عند تعيير مَن لا يُبَالي ما ظَهَر منه من قَبِيح وأَضاءَ بِبَوْلِه حَذَف به حكاه عن كراع في المُنَجَّد

( ضيأ ) ضَيَّأَتِ المرأَةُ كثر ولَدُها والمعروف ضَنَأَ قال وأَرى الأَوَّل تصحيفاً

( طأطأ ) الطَّأْطَأَةُ مصدر طَأْطَأَ رأْسَه طَأْطَأَةً طامَنَه وتَطَأْطَأَ تَطامَنَ وطَأْطَأَ الشيءَ خَفَضَه وطَأْطَأَ عن الشيء خَفَض رأْسَه عَنْه وكُلُّ ما حُطَّ فقد طُؤْطِئَ وقد تَطَأْطَأَ إِذا خَفَضَ رأْسَه وفي حديث عثمان رضي اللّه عنه تَطَأْطَأْت لكم تَطَأْطُؤَ الدُّلاةِ أَي خَفَضْتُ لكم نَفْسِي كَتَطامن الدُّلاة وهو جمع دالٍ الذي يَنْزِعُ بالدَّلْو كقاضٍ وقُضاة أَي كما يخْفِضها المُسْتَقُون بالدِّلاءِ وتواضعت لكم وانحَنَيْتُ وطَأْطَأَ فرسَه نَحزَه بفخذيه وحَرَّكه للحُضْر وطَأْطَأَ يَدَه بالعِنان أَرسَلَها به للإِحْضار وطَأْطَأَ فلان من فلان إِذا وَضَع من قَدْره قال مَرَّارُ بن مُنْقِذ
شُنْدُفٌ أَشْدَفُ ما وَرَّعْتَه ... وإِذا طُؤْطِئَ طَيَّارٌ طِمِرّ
وطَأْطَأَ أَسْرَعَ وطَأْطَأَ في قَتْلِهِم اشْتَدَّ وبالغَ أَنشد ابن الأَعرابي
ولَئِنْ طَأْطَأْتُ في قتْلِهِم ... لَتُهاضَنَّ عِظامِي عن عُفُرْ
وطَأْطَأَ الرَّكْضَ في ماله أَسْرَعَ إِنْفاقَه وبالغَ فيه والطَّأْطَاءُ الجَملُ الخَرْبَصِيصُ وهو القَصِيرُ السيرِ والطَّأْطاءُ المُنْهَبِطُ من الأَرض يَسْتُرُ مَن كان فيه قال يصف وحشاً
منها اثْنَتان لِما الطَّأْطاءُ يَحْجُبُه ... والأُخْرَيانِ لِما يَبْدُو به القَبَلُ
والطَّأْطاءُ المُطْمَئِنُّ الضَّيِّقُ ويقال له الصَّاعُ والمِعَى

( طتأ ) أَهمله الليث ابن الأَعرابي طتأَ إِذا هَرَبَ ( 1 )
( 1 قوله « طتأ أهمله إلخ » هذه المادة أوردها الصاغاني والمجد في المعتل وكذا التهذيب غير انه كثيراً لا يخلص المهموز من المعتل فظن المؤلف أنها من المهموز )

( طثأ ) ابن الأَعرابي طَثأَ إِذا لَعِبَ بالقُلةِ وطَثَأَ طَثْأً أَلقَى ما في جَوْفِه [ ص 114 ]

( طرأ ) طَرَأَ على القوم يَطْرَأُ طَرْءاً وطُرُوءاً أَتاهم مِن مَكانٍ أَو طَلَعَ عليهم من بَلَدٍ آخَر أَو خرج عليهم مِن مكانٍ بَعيدٍ فُجاءة أَو أَتاهم من غير أَن يَعْلَمُوا أَو خَرج عليهم من فَجْوةٍ وهم الطُّرَّاءُ والطُّرَآءُ ويقال للغُرباءِ الطُّرآء وهم الذين يأْتُون من مكان بعيد قال أَبو منصور وأَصله الهمز من طَرَأَ يَطْرَأُ وفي الحديث طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبي مِن القرآنِ أَي وَرَدَ وأَقبل يقال طَرَأَ يَطْرَأُ مهموزاً إِذا جاءَ مُفاجَأَةً كأَنه فَجِئَه الوقت الذي كان يُؤَدي فيه وِرْدَه مِن القرآنِ أَو جَعَلَ ابْتِداءَه فيه طُرُوءاً منه عليه وقد يُترك الهمز فيه فيقال طَرَا يَطْرُو طُرُوّاً وطَرَأَ مِن الأَرض خرج ومنه اشْتُقَّ الطُّرْآنِيُّ وقال بعضهم طُرْآنُ جبل فيه حَمام كثير إِليه يُنْسَبُ الحمامُ الطُّرْآنِيُّ لا
يُدْرَى مِن حيث أَتى وكذلك أَمْرٌ طُرْآنِيٌّ وهو نسب على غير قياس وقال العجاج يذكر عَفافَه
إِنْ تَدْنُ أَو تَنْأَ فلا نَسِيُّ ... لِما قَضَى اللّهُ ولا قَضِيُّ ( 1 )
( 1 قوله « ان تدن إلخ » كذا في النسخ )
ولا مَعَ الماشِي ولا مَشِيُّ ... بِسِرِّها وذاك طُرْآنِيُّ
ولا مَشِيٌّ فَعُولٌ مِنَ المَشْيِ والطُّرْآنِيُّ يقول هو مُنْكَر
عَجَبٌ وقيل حَمامٌ طُرآنِيٌّ منكَر من طَرَأَ علينا فلان أَي طَلَع ولم نَعرفه قال والعامة تقول حَمامٌ طُورانِيٌّ وهو خطأٌ وسئل أَبو حاتم عن قول ذِي الرمة
أَعارِيبُ طُورِيُّونَ عن كُلِّ قَرْيةٍ ... يَحِيدُون عنها مِنْ حِذارِ المَقادِرِ
فقال لا يكون هذا من طَرَأَ ولو كان منه لقال طَرْئِيُّون الهمزةُ بعد الراءِ فقيل له ما معناه ؟ فقال أَراد أَنهم من بلاد الطُّور يعني الشام فقال طُورِيُّون كما قال العجاج دانَى جَناحَيْهِ مِنَ الطُّور فَمَرّ أَراد أَنه جاءَ من الشام وطُرأَةُ السيل دُفْعَتُه وطَرُؤَ الشيءُ طَراءة وطَراءً فهو طَرِيءٌ وهو خلاف الذّاوِي وأَطْرَأَ القومَ مَدَحَهُم نادرة والأَعرف بالياء

( طسأ ) إِذا غَلَب الدَّسمُ عل قلب الآكل فاتَّخَمَ قيل طَسِئَ يَطْسَأُ طَسْأً وطَساءً ( 2 )
( 2 قوله « وطساء » هو على وزن فعال في النسخ وعبارة شارح القاموس على قوله وطسأ أي بزنة الفرح وفي نسخة كسحاب لكن الذي في النسخ هو الذي في المحكم )
فهو طَسِيءٌ اتَّخَم عن الدسَم وأَطْسَأَه الشِّبَعُ يقال طَسِئَت نَفْسُه فهي طاسِئةٌ إِذا تَغَيَّرت عن أَكل الدَّسم فرأَيته مُتَكَرِّهاً لذلك يهمز ولا يهمز وفي الحديث إِن الشَّيطان قال ما حَسَدْتُ ابنَ آدَم إِلاَّ على الطُّسْأَةِ والحُقْوةِ الطُّسْأَةُ التُّخمَةُ والهَيْضةُ يقال طَسِئَ إِذا غَلب الدَّسَمُ على قَلْبه

( طشأ ) رجل طُشْأَةٌ فَدْمٌ عَيِيٌّ لا يَضر ولا ينفع

( طفأ ) طَفِئَتِ النارُ تَطْفَأُ طَفْأً وطُفُوءاً وانْطَفَأَتْ ذهَبَ لَهَبُها الأَخيرة عن الزجاجي حكاها في كتاب الجُمل [ ص 115 ] وأَطْفَأَها هو وأَطْفَأَ الحَرْبَ منه على المثل وفي التنزيل العزيز كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً للحَرْبِ أَطْفَأَها اللّه أَي أَهْمَدَها حتى تَبْرُد وقال
وكانتْ بَيْنَ آلِ بَنِي عَدِيٍّ ( 1 ) ... رَباذِيَةٌ فأَطْفَأَها زِيادُ
( 1 قوله « بني عدي » هو في المحكم كذلك والذي في مادة ربذ أَبي أَبيّ )
والنارُ إِذا سَكَن لَهَبُها وجَمْرُها بعدُ فهي خامدةٌ فإِذا سكنَ
لَهبها وبرَدَ جمرها فهي هامِدةٌ وطافِئةٌ ومُطْفِئُ الجَمْر الخامِس من أَيام العجوز قال الشاعر
وبآمِرٍ وأَخِيهِ مُؤْتَمِرٍ ... ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئِ الجَمْرِ
ومُطْفِئةُ الرَّضْفِ الشاة المهزولة تقول العرب حَدَسَ لهم بِمُطْفِئَةِ الرضْف عن اللحياني

( طفنشأ ) التهذيب في الرباعي عن الأُموي الطَّفَنْشَأُ مقصور مهموز الضَّعِيفُ من الرجال وقال شمر الطَّفَنْشَلُ باللام

( طلفأ ) المُطْلَنْفِئُ والطَّلَنْفَأُ والطَلَنْفَى اللاَّزقُ بالأَرضِ اللاَّطِئُ بها وقد اطْلَنْفَأَ اطْلِنْفاءً واطْلَنْفَى لَزِقَ بالأَرض وجَملٌ مُطْلَنْفِئُ الشَّرَفِ أَي لازِقُ السَّنام والمُطْلَنْفِئُ اللاطِئُ بالأَرض وقال اللحياني هو المُستَلْقِي على ظهره

( طنأ ) الطِّنْءُ التُّهمَةُ والطِّنْءُ المنْزِل والطِّنْءُ الفُجوز قال الفرزدق
وضارِيةٌ ما مَرَّ إِلاَّ اقْتَسَمْنَه ... عليهنّ خَوّاضٌ إِلى الطِّنْءِ مِخْشَفُ
ابن الأَعرابي الطِّنْءُ الرِّيبةُ والطِّنْءُ البِساطُ والطِّنْءُ المَيْلُ بالهَوَى والطِّنْءُ الأَرضُ البَيضاءُ والطِّنْءُ الرَّوْضة وهي بقيَّة الماء في الحَوض وأَنشد الفرّاءُ كأَنَّ على ذِي الطِّنْءِ عَيْناً بَصِيرةً أَي على ذي الرِّيبةِ وفي النوادر الطِّنْءُ شيءٌ يُتخذ لصَيْدِ السِّباعِ مثل الزُّبْيَةِ والطِّنْءُ في بعض الشعر اسم للرّماد الهامِدِ والطِّنْءُ بالكسر الرِّيبة والتُّهمَةُ والداءُ وطَنأْتُ طُنُوءاً وزَنَأْتُ إِذا اسْتَحْيَيْتُ وطَنِئَ البعيرُ يَطْنَأُ طَنَأً لَزِقَ طِحالُهُ بجنبه وكذلك الرجل وطَنِئَ فلان طَنَأً إِذا كان في صدره شيءٌ يَستَحْيي أَن يُخرجه وإِنه لَبَعِيدُ الطِّنْءِ أَي الهِمَّةِ عن اللحياني الطِّنءُ بقيةُ الرُّوحِ يقال تركته بِطِنْئِه أَي بحُشاشةِ نَفْسِه ومنه قولهم هذه حَيَّةٌ لا تُطْنِئُ أَي لا يَعِيش صاحِبُها يُقْتَل من ساعتها يهمز ولا يهمز وأَصله الهمز أَبو زيد يقال رُمِيَ فلان في طِنْئِه وفي نَيْطِه وذلك إِذا رُمِيَ في جَنازَتِه ومعناه إِذا ماتَ اللحياني رجل طَنٍ وهو الذي يُحَمُّ غِبّاً فيعظُمُ طِحالهُ وقد طَنِيَ طَنًى قال وبعضهم يهمز فيقول طَنِئَ طَنَأً فهو طَنِئٌ

( طوأ ) ما بها طُوئِيٌّ أَي أَحد والطاءة الحَمْأَةُ وحكى كراع طآة كأَنه مقلوب وطاءَ في الأَرض يَطُوءُ ذهب والطاءة مثل الطاعة الإِبعاد في المَرْعَى يقال فرس بَعيدُ الطاءة قال ومنه أُخِذ طَيِّءٌ مثل سَيِّدٍ [ ص 116 ] أَبو قبيلة من اليمن وهو طَيِّءُ بن أُدَدَ بن زيد بن كَهْلانَ بن سَبَأ بن حِمْيَر وهو فَيْعِلٌ من ذلك والنسب اليها طائِيٌّ على غير قياس كما قيل في النسب إِلى الحِيرةِ حارِيٌّ وقياسه طَيْئِيٌّ مثل طَيْعِيٍّ فقلبوا الياءَ الأُولى أَلفاً وحذفوا الثانية كما قيل في النسب إِلى طَيِّبٍ طَيْبِيٌّ كراهيةَ الكسَرات والياءات وأَبْدَلوا الأَلف من الياءِ فيه كما أَبدلوها منها في زَبَانِيٍّ ونظيره لاهِ أَبوكَ في قول بعضهم فأَما قول من قال إِنه سمي طَيِّئاً لأَنه أَوَّل مَن طَوَى المناهل فغيرُ صحيح في التصريف فأَما قول ابن أَصْرَمَ
عاداتُ طَيٍّ في بني أَسَدٍ ... رِيُّ القَنا وخِضابُ كلِّ حُسام
إِنما أَراد عاداتُ طَيِّءٍ فحذف ورواه بعضهم طَيِّءَ غير مصروف جعله اسماً للقبيلة

( ظأظأ ) ظَأْظَأَ ظَأْظَأَةً وهي حكاية بعض كلام الأَعْلَمِ الشَّفةِ والأَهْتَم الثَّنايا وفيه غُنَّة أَبو عمرو الظَّأْظاءُ صَوت التَّيْس إِذا نَبَّ

( ظمأ ) الظَّمَأُّ العَطَشُ وقيل هو أَخَفُّه وأَيْسَرُه وقال الزجاج هو أَشدُّه والظَّمْآن العَطْشانُ وقد ظمِئَ فلان يَظْمَأُ ظَمَأً وظَماءً وظَماءة إِذا اشتدَّ عَطَشُه ويقال ظَمِئْتُ أَظْمَأُ ظَمْأً فأَنا ظامٍ وقوم ظِماءٌ وفي التنزيل لا يُصِيبُهم ظَمَأٌ ولا نَصَبٌ وهو ظَمِئٌ وظَمْآنُ والأُنثى ظَمْأَى وقوم ظِماءٌ أَي عِطاشٌ قال الكميت
إِلَيْكُم ذَوي آلِ النبيِّ تَطَلَّعَتْ ... نَوازِعُ من قَلْبِي ظِماءٌ وأَلْبُبُ
استعار الظِّماء للنَّوازِعِ وإِن لم تكن أَشخاصاً وأَظْمَأْتُه أَعْطَشْتُه وكذلك التَّظْمِئةُ ورجل مِظْماءٌ مِعطاشٌ عن اللحياني التهذيب رجل ظَمْآنُ وامرأَة ظَمْأَى لا ينصرفان نكرة ولا معرفة وظَمِئَ إِلى لِقائه اشْتاقَ وأَصله ذلك والاسم من جميع ذلك الظِّمْءُ بالكسر والظِّمْءُ ما بين الشُّرْبَيْنِ والوِرْدَيْن زاد غيره في وِرْد الإِبل وهو حَبْسُ الإِبل عن الماءِ إِلى غاية الوِرْد والجمع أَظْماءٌ قال غَيْلان الرَّبَعِي مُقْفاً على الحَيِّ قَصير الأَظْماءْ وظِمْءُ الحَياةِ ما بين سُقُوط الولد إِلى وقت مَوْتِه وقولهم ما بَقِيَ منه إلاَّ قَدْرُ ظِمْءِ الحِمار أَي لم يبق من عُمُره إِلاَّ اليسيرُ يقال إِنه ليس شيءٌ من الدوابِّ أَقْصَرَ ظِمْأً من الحِمار وهو أَقل الدوابّ صَبْراً عن العَطَش يَرِدُ الماءَ كل يوم في الصيف مرتين وفي حَدِيث بعضهم حين لم يَبْقَ من عُمُري إِلاَّ ظِمْءُ حِمار أَي شيءٌ يسير وأَقصَرُ الأَظْماءِ الغِبُّ وذلك أَن تَرِدَ الإِبلُ يوماً وتَصْدُرَ فتكون في المرعى يوماً وتَرِدُ اليوم الثالث وما بين شَرْبَتَيْها ظِمْءٌ طال أَو قَصُر والمَظْمَأُ موضع الظَّمإِ من الأَرض قال الشاعر
وخَرْقٍ مَهارِقَ ذِي لُهْلُهٍ ... أَجَدَّ الأُوامَ به مَظْمَؤُهْ
أَجدَّ جَدَّد وفي حديث مُعاذ وإِن كان نَشْر أَرض يُسْلِمُ عليها صاحِبُها فإِنه يُخْرَجُ منها ما أُعْطِيَ نَشرُها رُبعَ المَسْقَوِيِّ وعُشْرَ المَظْمئيِّ المَظْمَئِيُّ الذي تُسْقِيه السماءُ والمَسْقَوِيُّ الذي يُسْقَى بالسَّيْح وهما منسوبان إِلى المَظْمإِ [ ص 117 ] والمَسْقَى مصدري أَسْقى وأَظْمَأَ قال ابن الأَثير وقال أَبو موسى المَظْمِيُّ أَصله المَظْمَئِيُّ فترك همزه يعني في الرواية وذكره الجوهري في المعتل ولم يذكره في الهمز ولا تعرَّض إِلى ذكر تخفيفه ة وسنذكره في المعتل أَيضاً ووجه ظَمْآنُ قليلُ اللحم لَزِقت جِلْدَتُه بعظمه وقَلَّ ماؤُه وهو خِلاف الرَّيَّان قال المخبل
وتُرِيكَ وَجْهاً كالصَّحِيفة لا ... ظَمْآنُ مُخْتَلَجٌ ولا جَهْمُ
وساقٌ ظَمْأَى مُعْتَرِقةُ اللحم وعَيْنٌ ظَمْأَى رقيقة الجَفْن قال الأَصمعي ريح ظَمْأَى إِذا كانت حارَّةً ليس فيها نَدى قال ذو الرمة يصف السَّرابَ
يَجْرِي فَيَرْقُد أَحْياناً ويَطْرُدُه ... نَكْباءُ ظَمْأَى من القَيْظِيَّةِ الهُوجِ
الجوهري في الصحاح ويقال للفرس إِن فُصُوصَه لَظِماءٌ أَي ليست برَهْلةٍ كثيرةِ اللحم فَردَّ عليه الشيخ أَبو محمد بن بري ذلك وقال ظِماءٌ ههنا من باب المعتل اللام وليس من المهموز بدليل قولهم ساقٌ ظَمْياءُ أَي قَلِيلةُ اللحم ولما قال أَبو الطيب قصيدته التي منها
في سَرْجِ ظامِيةِ الفُصوصِ طِمِرَّةٍ ... يأْبَى تَفَرُّدُها لها التَّمْثِيلا
كان يقول إِنما قلت ظامية بالياءِ من غير همز لأَني أَردتُ أَنها ليست برهلة كثيرة اللحم ومن هذا قولهم رُمْح أَظْمَى وشَفةٌ ظَمْياءُ التهذيب ويقال للفرس إِذا كان مُعَرَّقَ الشَّوَى إِنَّهُ لأَظْمَى الشَّوَى وإِنَّ فُصوصَه لَظِماءٌ إِذا لم يكن فيها رَهَلٌ وكانت مُتَوتِّرةً ويُحمَدُ ذلك فيها والأَصل فيها الهَمز ومنه قول الراجز يصف فرساً أَنشده ابن السكيت يُنْجِيه مِن مِثْلِ حَمامِ الأَغْلالْ وَقْعُ يَدٍ عَجْلَى ورِجْلٍ شِمْلالْ ظَمْأَى النَّسا مِنْ تَحْتُ رَيَّا مِنْ عالْ فجعل قَوائِمَه ظِماءً وسَراةٌ رَيَّا أَي مُمْتَلِئةٌ من اللحم ويقال للفرس إِذا ضُمِّرَ قد أُظْمِئَ إِظْماءً أَو ظُمِئَ تَظْمِئةً وقال أَبو النجم يصف فرساً ضَمَّره
نَطْوِيه والطَّيُّ الرَّفِيقُ يَجْدُلُه ... نُظَمِّئُ الشَّحْمَ ولَسْنَا نَهْزِلُه
أَي نَعْتَصِرُ ماءَ بدنه بالتَّعْرِيق حتى يذهب رَهَلُه ويَكْتَنِز لحمه وقال ابن شميل ظَماءة الرجل على فَعالةٍ سُوءُ خُلُقِه ولُؤْمُ ضَرِيبَتِه وقِلَّةُ إِنْصافِه لمُخالِطِه والأَصل في ذلك أَن الشَّرِيب إِذا ساءَ خُلُقُه لم يُنْصِف شُركاءَه فأَما الظَّمأُ مقصور مصدر ظَمِئَ يَظْمَأُ فهو مهموز مقصور ومن العرب مَن يَمدُّ فيقول الظَّماءُ ومن أَمثالهم الظَّماءُ الفادِح خَيْرٌ منَ الرِّيِّ الفاضِح

( عبأ ) العِبْءُ بالكسرِ الحِمْل والثِّقْلُ من أَي شيءٍ كان والجمع الأَعْباء وهي الأَحْمال والأَثْقالُ وأُنشد لزهير
الحامِل العِبْء الثَّقِيل عن ال ... جانِي بِغَيرِ يَدٍ ولا شُكْر
ويروى لغير يد ولا شكر وقال الليث العِبءُ كلُّ [ ص 118 ] حِمْلٍ من غُرْمٍ أَو حَمالةٍ والعِبْءُ أَيضاً العِدْل وهما عِبْآنِ والأَعْباء الأَعدال وهذا عِبْءُ هذا أَي مِثْلُه ونَظِيرُه وعبْءُ الشَّيءِ كالعِدْلِ والعَدْلِ والجمع من كل ذلك أَعْباء وما عَبَأْتُ بفلان عَبْأَ أَي ما بالَيْتُ به وما أَعْبَأُ به عَبْأً أَي ما أُبالِيه قال الأَزهري وما عَبَأْتُ له شَيْئاً أَي لم أُبالِه وما أَعْبَأُ بهذا الأَمر أَي ما أَصْنَعُ به قال وأَما عَبَأَ فهو مهموز لا أَعْرِفُ في معتلات العين حرفاً مهموزاً غيره ومنه قوله تعالى قل ما يَعْبَأُ بكُمْ رَبِّي لولا دُعاؤكم فقد كَذَّبْتم فسَوفَ يكُون لِزاماً قال وهذه الآية مشكلة وروى ابن نجيح عن مجاهد أَنه قال في قوله قل ما يَعْبَأُ بكم ربي أَي ما يَفْعَل بكم ربي لولا دُعاؤه إِياكم لتَعْبُدوه وتُطِيعُوه ونحو ذلك قال الكلبي وروى سلمة عن الفرّاء أَي ما يَصْنَعُ بكم ربي لولا دُعاؤكم ابتلاكم لولا دعاؤه إِياكم إِلى الإِسلام وقال أَبو إسحق في قوله قل ما يَعْبَأُ بكم ربي أَي ما يفعل بكم لولا دُعاؤكم معناه لولا تَوْحِيدُكم قال تأْويله أَيُّ وزْنٍ لكم عنده لولا تَوحِيدُكم كما تقول ما عَبَأْتُ بفلان أَي ما كان له عندي وَزْنٌ ولا قَدْرٌ قال وأَصل العِبْءِ الثِّقْل وقال شمر وقال أَبو عبدالرحمن ما عَبَأْتُ به شيئاً أَي لم أَعُدَّه شيئاً وقال أَبو عَدْنان عن رجل من باهِلةَ يقال ما يَعْبَأُ اللّه بفلان إِذا كان فاجراً مائقاً وإِذا قيل قد عَبَأَ اللّهُ به فهو رجُلُ صِدْقٍ وقد قَبِلَ اللّه منه كل شيءٍ قال وأَقول ما عَبَأْتُ بفلان أَي لم أَقبل منه شيئاً ولا من حَديثه وقال غيره عَبَأْتُ له شرًّا أَي هَيَّأْتُه قال وقال ابن بُزُرْجَ احْتَوَيْتُ ما عنده وامْتَخَرْتُه واعْتَبَأْتُه وازْدَلَعْتُه وأَخَذْتُه واحد وعَبَأَ الأَمرَ عَبْأً وعَبَّأَهُ يُعَبِّئه هَيَّأَه وعَبَّأْتُ المَتاعَ جعلت بعضَه على بعض وقيل عَبَأَ المَتاعَ يَعْبَأُه عَبْأً وعَبَّأَه كلاهما هيأَه وكذلك الخيل والجيش وكان يونس لا يهمز تَعْبِيَةَ الجيش قال الأَزهري ويقال عَبَّأْت المَتاعَ تَعْبِئةً قال وكلٌّ من كلام العرب وعَبَّأْت الخيل تَعْبِئةً وتَعْبِيئاً وفي حديث عبدالرحمن بن عوف قال عَبَأَنا النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم ببدر لَيْلاً يقال عَبَأْتُ الجيشَ عَبْأً وعَبَّأْتهم تَعْبِئةً وقد يُترك الهمز فيقال عَبَّيْتُهم تَعْبِيةً أَي رَتَّبْتُهم في مَواضِعهم وهَيَّأْتُهم للحَرْب وعَبَأَ الطِّيبَ والأَمرَ يَعْبَؤُه عَبْأً صَنَعه وخَلَطَه قال أَبو زُبَيْدٍ يَصِف أَسداً
كأَنَّ بنَحْرِه وبمَنْكِبَيْه ... عَبِيراً باتَ يَعْبَؤُه عَرُوسُ
ويروى بات يَخْبَؤُه وعَبَّيْتُه وعَبَّأْتُه تَعْبِيةً وتَعْبِيئاً والعباءة والعَباءُ ضَرْب من الأَكسية والجمع أَعْبِئَةٌ ورجل عَبَاءٌ ثَقِيلٌ ( 1 )
( 1 قوله « ورجل عباء ثقيل » شاهده كما في مادة ع ب ي من المحكم كجبهة الشيخ العباء الثط وانكره الازهري انظر اللسان في تلك المادة )
وَخِمٌ كعَبَامٍ والمِعْبَأَةُ خِرْقةُ الحائضِ عن ابن الأَعرابي وقد اعْتَبَأَتِ المرأَة بالمِعْبَأَةِ والاعْتِباءُ الاحْتِشاءُ وقال عَبَا وجهُه يَعْبُو إِذا أَضاءَ وجهُه وأَشرَقَ قال والعَبْوةُ ضَوْءُ الشمسِ وجمعه عِباً وعَبْءُ الشمسِ ضوءُها لا يُدرى أَهو لغة في عَبِ الشمس أَم هوأَصلُه قال الأَزهري وروى الرياشي وأَبو حاتم معاً قالا اجتمع أَصحابنا على عَبِ الشمس أَنه ضوءُها [ ص 119 ] وأَنشد
إِذا ما رأَتْ شَمْساً عَبُ الشمسِ شَمَّرَتْ ... إِلى رَمْلِها والجُرْهُمِيُّ عَمِيدُها ( 1 )
( 1 قوله « والجرهميّ » بالراء وسيأتي في عمد باللام وهي رواية ابن سيده )
قالا نسبه إِلى عَبِ الشمس وهو ضَوْءُها قالا وأَما عبدشمس من قريش فغير هذا قال أَبو زيد يقال هم عَبُ الشمس ورأَيت عبَ الشمس ومررت بِعَبِ الشمس يريدون عبدَشمس قال وأَكثر كلامهم رأَيت عبدَشمس وأَنشد البيت
إِذا ما رأَت شمساً عَبُ الشمسِ شمَّرت قال وعَبُ الشمس ضَوْءُها يقال ما أَحْسَنَ عبَها أَي ضَوْءَها قال وهذا قول بعض الناس والقول عندي ما قال أَبو زيد أَنه في الأَصل عبدشمس ومثله قولهم هذا بَلْخَبِيثة ومررت بِبَلْخَبيثة وحكي عن يونس بَلْمُهَلَّب يريد بني المُهَلَّبِ قال ومنهم من يقول عَبُّ شمس بتشديد الباء يريد عَبدَشَمس قال الجوهري في ترجمة عبا وعبُ الشمس ضوءُها ناقص مثل دَمٍ وبه سمي الرجل

( عدأ ) العِنْدَأْوةُ العَسَرُ والالْتِواءُ يكون في الرِّجل وقال اللِّحْياني العِنْدَأْوة أَدْهَى الدّواهِي قال وقال بعضهم العِنْدَأْوةُ المَكْرُ والخَدِيعةُ ولم يهمزه بعضهم وفي المثل إِنَّ تَحْتَ طِرِّيقَتِكَ لَعِنْدَأْوةً أَي خِلافاً وتَعَسُّفاً يقال هذا للمُطْرِقِ الدَّاهِي السِّكِّيت والمُطاوِلِ ليَأْتِيَ بداهِيةٍ ويَشُدَّ شدّةَ لَيْثٍ غير مُتَّقٍ والطِّرِّيقة الاسم من الإِطْراقِ وهو السُّكُونُ والضَّعْفُ واللِّين وقال بعضهم هو بناءٌ على فِنْعلوةٍ وقال بعضهم هو من العَداءِ والنون والهمزة زائدتان وقال بعضهم عِنْدَأْوةٌ فِعْلَلْوَةٌ والأَصل قد أُمِيتَ فِعْلُه ولكن أَصحاب النحو يتكلفون ذلك باشتِقاقِ الأَمْثِلة من الأَفاعِيل وليس في جميع كلام العرب شيءٌ تدخل فيه الهمزة والعين في أَصل بنائه إِلاَّ عِنْدَأْوةٌ وإِمَّعَةٌ وعَباءٌ وعفاءٌ وعَماءٌ فأَما عَظاءةٌ فهى لغة في عَظايةٍ وإِعاءٌ لغة في وِعاءٍ وحكى شمر عن ابن الأَعرابي ناقة عِنْدَأْوةٌ وقِنْدَأْوةٌ وسِنْدَأْوةٌ أَي جَرِيئةٌ

( غبأ ) غَبَأَ له يَغْبَأُ غَبْأً قَصَدَ ولم يعرفها الرِّياشي بالغين المعجمة

( غرقأ ) الغِرقئُ قِشْر البَيض الذي تحت القَيْضِ قال الفرّاءُ همزته زائدة لأَنه من الغَرَق وكذلك الهمزة في الكِرْفِئَةِ والطِّهْلِئةِ زائدتان

( فأفأ ) الفَأْفاءُ على فَعْلالٍ الذي يُكْثِر ترْدادَ الفاء إِذا تَكلَّم والفَأْفأَةُ حُبْسةٌ في اللسان وغَلَبةُ الفاءِ على الكلام وقد فَأْفَأَ ورَجل فَأْفأٌ وفَأْفَاءٌ يمدّ ويقصر وامرأَة فَأْفَأَةٌ وفيه فَأْفَأَة الليث الفأْفَأَةُ في الكلام كأَنَّ الفاءَ يَغْلِبُ على اللِّسان فتقول فَأْفَأَ فلان في كلامه فَأْفَأَةٍ وقال المبرد الفَأْفأَةُ التَّرْدِيدُ في الفاءِ وهو أَن يَتَرَدَّدَ في الفاءِ إِذا تَكَلَّمَ

( فتأ ) ما فَتِئْتُ وما فَتَأْتُ أَذكره لُغَتان بالكسر والنصب فَتَأَهُ فَتْأً وفُتُوءاً وما أَفْتَأْتُ الأَخيرة تَمِيميَّة أَي ما بَرِحْتُ وما زِلْتُ لا يُسْتَعْمَل إِلاَّ في النَّفْي ولا يُتَكَلَّم به إلاَّ مع الجَحْد فإِن استُعْمل بغير ما ونحوها فهي مَنْوِيَّة على حسب ما تَجيءُ عليه أَخَواتُها قال وربما حذفتِ العَرَبُ [ ص 120 ] حَرْفَ الجَحْدِ من هذه الأَلفاظ وهو مَنْوِيٌّ وهو كقوله تعالى قالُوا تَاللّه تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ أَي ما تَفْتَأُ وقولُ ساعِدةَ بن جُؤَيَّةَ
أَنَدّ مِنْ قارِبٍ رُوحٍ قَوائمهُ ... صُمٍّ حَوافِرُه ما يُفْتَأُ الدَّلَجَا
أَراد ما يَفْتَأُ مِنَ الدَّلَجِ فَحَذف وأَوْصَلَ وروي عن أَبي زيد قال تميم تقول أَفْتَأْتُ وقيس وغيرهم يقولون فَتِئْتُ تقول ما أَفْتَأْتُ أَذكره إِفْتاءً وذلك إِذا كنت لا تزالُ تَذْكره وما فَتِئْت أَذكره أَفْتَأُ فَتْأً وفي نوادر الأعراب فَتِئْتُ عن الأمر أَفْتَأُ إِذا نَسِيتَه وانْقَدَعْتَ ( 1 )
( 1 قوله « وانقدعت » كذا هو في المحكم أيضاً بالقاف والعين لا بالفاء والغين )

( فثأ ) فَثَأَ الرجُلَ وفَثَأَ غَضَبَه يَفْثَؤُه فَثْأً كَسَرَ غَضَبَه وسَكَّنَه بقَول أَو غَيْره وكذلك فَثَأْتُ عني فلاناً فَثْأً إِذا كَسَرْتَه عنك وفَثِئَ هو انكسر غضَبُه وفَثَأَ القِدْرَ يَفْثُؤُها فَثْأً وفُثُوءاً المصدران عن اللحياني سَكَّن غَلَيانَها كَثَفأَها وفثأَ الشيءَ يُفْثَؤُه فَثْأً سَكَّنَ بَرْدَه بالتَّسْخِين وفَثَأْتُ الماءَ فَثْأً إِذا سَخَّنْتَه وكذلك كلُّ ما سَخَّنْتَه وفَثأَت الشمسُ الماءَ فُثُوءاً كَسَرَتْ بَرْدَه وفَثَأَ القِدْرَ سكَّن غَلَيانَها بماءٍ بارِدٍ أَو قَدْحٍ بالمِقْدحة قال الجَعْدِيُّ
تَفُورُ عَلَيْنا قِدْرُهم فَنُدِيمُها ... ونَفْثَؤُها عَنَّا إِذا حَمْيُها غلا
وهذا البيت في التهذيب منسوب إِلى الكميت وفَثَأَ اللبنُ يَفْثَأُ فَثْأً إِذا أُغْليَ حتى يَرْتَفِعَ له زُبْدٌ ويَتَقَطَّعَ فهو فاثِئٌ ومن أَمثالهم في اليَسِير من البرِّ إِنّ الرَّثيئَة تَفْثَأُ الغَضَبَ وأَصله أَنَّ رجلاً كان غَضِبَ على قوم وكان مع غَضَبِه جائعاً فَسَقَوْه رَثِيئةً فَسكَن غَضَبُه وكَفَّ عنهم وفي حديث زيادٍ لَهُوَ أَحبُّ إِليّ منْ رَثِيئةٍ فُثِئَتْ بسُلالةٍ أَي خُلِطَتْ به وكُسِرَتْ حِدَّتُه والفَثْءُ الكَسْر يقال فَثَأْتُه أَفْثَؤُه فَثْأً وأَفْثَأَ الحَرُّ سكَنَ وفَتَرَ وفَثَأَ الشيءَ عنه يَفْثَؤُه فَثْأً كَفَّه وعَدا الرجلُ حتى أَفْثَأَ أَي حتى أَعْيا وانْبَهَرَ وفَتَرَ قالت الخَنساء
أَلا مَنْ لِعَيْنٍ لا تَجِفُّ دُموعُها ... إِذا قُلْتُ أَفْثَتْ تَسْتَهِلُّ فَتَحْفِلُ
أَرادت أَفْثَأَتْ فخففت

( فجأ ) فَجِئَه الأَمْرُ وفَجَأَه بالكسر والنصب يَفْجَؤُه فَجْأً وفُجَاءةً بالضم والمدّ وافْتَجَأَه وفاجأَه يُفاجئُه مُفَاجأَةً وفِجاءً هَجَمَ عليه من غير أَن يَشْعُر به وقيل إِذا جاءه بَغْتةً من غير تقدّم سبب وأَنشد ابن الأَعرابي
كأَنْهُ إِذ فاجأَه افْتِجاؤُهُ ... أَثْناءُ لَيْلٍ مُغْدِفٍ أَثْناؤُهُ
وكلّ ما هجم عليك من أَمر لم تحتسبه فقد فَجَأَك ابن الأَعرابي أَفْجَأَ إِذا صادَفَ صَدِيقَه على فَضِيحةٍ الأصمعي فَجِئَتِ الناقةُ عَظُمَ بَطْنُها والمصدر الفَجَأُ مهموز مقصور والفُجاءةُ أَبو قَطَرِيٍّ المازِنِّي ولَقِيتُه فُجاءةً وضَعُوه موضعَ المصدر واستعمله ثعلب بالأَلف واللام ومَكَّنه فقال إِذا قلت خَرَجتُ فإِذا زيْدٌ فهذا هو [ ص 121 ] الفُجاءةُ فلا يُدْرَى أَهو من كلام العرب أَو هو من كلامه والفُجاءةُ ما فاجأَكَ ومَوْتُ الفُجاءةِ ما يَفْجَأُ الإِنسانَ من ذلك وورد في الحديث في غير موضع وقيده بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مدّ على المرّة

( فرأ ) الفَرَأُ مهموز مقصور حمارُ الوَحْشِ وقيل الفَتيُّ منها وفي المثل كلُّ صَيْدٍ في جَوْفِ الفَرَإِ ( 1 )
( 1 قوله « في المثل إلخ » ضبط الفرأ في المحكم بالهمز على الأصل وكذا في الحديث ) وفي الحديث أَن أَبا سفيان استأْذَنَ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فحَجَبَه ثم أَذِن له فقال له ما كِدْتَ تأْذَنُ لي حتى تأْذَنَ لحِجارة الجُلْهُمَتَينِ فقال يا أَبا سفيانَ أَنت كما قال القائلُ كلُّ الصَّيْدِ في جَوْفِ الفَرَإِ مقصور ويقال في جوف الفَرَاءِ ممدود وأَراد النبي صلى اللّه عليه وسلم بما قاله لأَبي سفيانَ تأَلُّفَه على الاسلام فقال أَنتَ في الناسِ كحِمارِ الوَحْش في الصيد يعني أَنها كلها مثلهُ وقال أَبو العباس معناه أَنه إِذا حَجَبَكَ قَنِعَ كل محجوب ورَضِي لأَن كلَّ صَيْدٍ أَقلُّ من الحِمار الوَحْشِيِّ فكلُّ صَيْدٍ لِصغَرِه يدخل في جَوْفِ الحمار وذلك أَنه حَجَبَه وأَذِنَ لغيره فيُضْرَبُ هذا المثل للرجل يكون له حاجاتٌ منها واحدةٌ كبيرة فإِذا قُضِيَتْ تلك الكَبيرةُ لم يُبالِ أَن لا تُقْضَى باقي حاجاتِه وجمعُ الفَرَإِ أَفْراء وفِراء مثل جَبَلٍ وجبالٍ قال مالك ابن زُغْبَة الباهليُّ
بضَرْبٍ كآذانِ الفِراءِ فُضُولهُ ... وطَعْنٍ كإِيزاغِ المخَاض تَبُورُها
الإِيزاغُ إِخراجُ البولِ دُفعةً دُفعةً وتَبُورُها أَي تَخْتَبِرُها ومعنى البيت أَن ضرْبَه يُصَيِّرِ فيه لَحْماً مُعَلَّقاً كآذان الحُمُر ومن ترك الهمز قال فرا ( 2 )
( 2 قوله « ومن ترك الهمز إلخ » انظر بم تتعلق هذه الجملة )
وحضر الأصمعي وأَبو عمرو الشيبانيُّ عند أَبي السَّمْراء فأَنشده الأَصمعي
بضربٍ كآذان الفِراء فُضوله ... وطعنٍ كتَشْهاقِ العَفا هَمَّ بالنَّهْقِ
ثم ضرب بيده إِلى فَرْوٍ كان بقُربه يوهم أَنَّ الشاعر أَراد فَرْواً فقال أَبو عمرو أَراد الفَرْوَ فقال الأَصمعي هكذا روايَتُكُم فأَما قولهم أَنْكَحْنا الفَرا فَسَنَرى فإِنما هو على التخفيف البَدَليّ موافَقة لسَنَرى لأَنه مثلٌ والأَمثالُ موضوعة على الوقف فلما سُكِّنَت الهمزة أُبدلت أَلفاً لانفتاح ما قبلها ومعناه قد طلبنا عاليَ الأُمور فسَنَرَى أَعمالَنا بعدُ قال ذلك ثعلب وقال الأَصمعي يضرب مثلاً للرجل إِذا غُرِّرَ بأَمر فلم يَرَ ما يُحِبُّ أَي صَنَعْنا الحَزْم فآل بنا إِلى عاقبةِ سُوء وقيل معناه أَنَّا قد نَظَرْنا في الأَمر فسننظر عما ينكشف

( فسأ ) فَسَأَ الثوبَ يَفْسَؤُه فَسْأً وفَسَّأَه فَتَفَسَّأَ شَقَّه فتَشَقَّقَ وتفسَّأَ الثوبُ أَي تَقَطَّع وبَلِيَ وتَفَصَّأَ مثله أَبو زيد فَسَأْتُه بالعَصا إِذا ضربت بها ظهرَه وفَسَّأْتُ الثوب تَفْسئةً وتَفْسِيئاً مَدَدْتُه حتى تَفَزَّر ويقال ما لَكَ تَفْسَأُ ثوبَك ؟ وفَسَأَه يَفْسَؤُه فَسْأً ضرب ظهرَه بالعَصا والأَفْسَأُ الأَبْزَخُ وقيل هو الذي خَرج صدْرُه ونَتَأَتْ خَثْلَتُه والأُنثى فَسْآءُ [ ص 122 ] والأَفْسأُ والمَفسُوءُ الذي كأَنه إِذا مشَى يُرَجِّعُ اسْتَه ابن الأَعرابي الفَسَأُ دُخول الصُّلْب والفَقَأُ خُروجُ الصَدْر وفي وَرِكَيْه فَسَأٌ وأَنشد ثعلب
قد حَطَأَتْ أُمُّ خُثَيْمٍ بأَدَنّ ... بِخارِج الخَثْلةِ مَفْسوءِ القَطَنْ ( 1 )
( 1 قوله « بأدن » هو بالدال المهملة كما في مادة د ن ن ووقع في مادة ح ط أ بالذال المعجمة تبعاً لما في نسخة من المحكم )
وفي التهذيب
بِناتِئِ الجَبْهةِ مفسوءِ القَطَنْ عدّى حَطَأَتْ بالباء لأَنّ فيه معنى فازَتْ أَو بَلَّتْ ويروى خَطَأَتْ والاسم من ذلك كله الفَسَأُ وتفاسَأَ الرَّجل تفاسُؤًا بهمز وغير همز أَخرج عَجيزَته وظهره

( فشأ ) تَفَشَّأَ الشيءُ تَفَشُّؤًا انتَشَر أَبو زيد تَفَشَّأَ بالقوم
المرضُ بالهمز تَفَشُّؤًا إِذا انْتَشَر فيهم وأَنشد
وأَمْرٌ عظيمُ الشَّأْنِ يُرْهَبُ هَوْلُهُ ... ويَعْيا به مَنْ كان يُحْسَبُ راقِيا
تَفَشَّأَ إِخْوانَ الثّقات فعَمَّهُم ... فأَسْكَتُّ عنِّي المُعْوِلاتِ البَواكِيا
ابن بُزُرْجَ الفَشْءُ من الفخر من أَفْشَأْتُ ويقال فَشَأْتُ

( فصأ ) قال في ترجمة فسأَ تَفَسَّأَ الثَّوْبُ أَي تَقَطَّعَ وبَلِيَ وتَفَصَّأَ مثله

( فضأ ) أَبو عبيد عن الأَصمعي في باب الهمز أَفْضَأْتُ الرجلَ أَطْعَمْته قال أَبو منصور أَنكر شمر هذا الحرف قال وحَقَّ له أَن يُنْكِرَه لأَنّ الصوابَ أَقْضَأْته بالقاف إِذا أَطعمتَه وسنذكره في موضعه

( فطأ ) الفَطَأُ الفَطَسُ والفُطْأَةُ الفُطْسةُ والأَفْطَأُ الأَفْطَسُ ورجلٌ أَفْطَأُ بَيِّنُ الفَطَإ وفي حديث عمر أَنه رأَى مُسَيْلِمَة أَصْفَر الوجه أَفْطَأَ الأَنْفِ دَقِيقَ السَّاقَيْن والفَطَأُ والفُطْأَةُ دخُولُ وسَطِ الظَّهْر وقيل دخُول الظهر وخُروجُ الصدر فَطِئَ فَطَأً وهو أَفْطَأُ والأُنثى فَطْآءُ واسم الموضع الفُطْأَةُ وبعير أَفْطَأُ الظهر كذلك وفَطِئَ البعير إِذا تَطامَن ظَهْرُه خِلْقةً وفَطَأَ ظَهْرَ بعيره حَمَلَ عليهِ ثِقْلاً فاطْمَأَنّ ودخل وتَفاطأَ فلان وهو أَشدُّ من التَّقاعُس وتَفاطأَ عنه تأَخَّر والفَطَأُ في سَنامِ البعِير بَعيرٌ أَفْطَأُ الظهر والفعلُ فَطِئَ يَفْطَأُ فَطَأً وفَطَأَ ظهرَه بالعَصا يَفْطَؤُه فَطْأً ضربه وقيل هو الضرب في أَي عضو كان وفَطَأَه ضرَبه على ظهره مثل حَطَأَه أَبو زيد فَطأْتُ الرجلَ أَفْطَؤُه فَطْأً إِذا ضربته بعَصاً أَو بظَهْر رجْلِك وفَطَأَ به الأَرضَ صَرَعه وفَطَأَ بسَلْحه رَمَى به وربما جاءَ بالثاء وفَطَأَ الشيءَ شَدخَه وفَطَأَ بها حَبَقَ وفَطَأَ المرأَةَ يَفْطَؤُها فَطْأً نَكَحَها وأَفْطَأَ الرجلُ إِذا جامَعَ جِماعاً كثيراً وأَفْطَأَ إِذا اتَّسَعَت حالهُ وأَفْطَأَ إِذا ساء خُلُقه بعد حُسْنٍ [ ص 123 ] ويقال تَفاطأَ فلان عن القوم بعدما حَمَلَ عليهم تَفاطُؤاً وذلك إِذا انْكسر عنهم ورجَعَ وتَبازَخَ عنهم تَبازُخاً في معناها

( فقأ ) فَقَأَ العينَ والبَثْرةَ ونحوهما يفْقَؤُهما فَقْأً وفَقَّأَها تَفْقِئةً فانْفَقَأَتْ وتَفَقَّأَتْ كَسَرَها وقيل قَلَعها وبَخَقَها عن اللحياني وفي الحديث لو أَنّ رجلاً اطَّلَعَ في بَيْتِ قوم بغير إِذْنهم ففَقَؤُوا عينَه لم يكن عليهم شيء أَي شَقُّوها والفَقْءُ الشَّقُّ والبَخْصُ وفي حديث موسى عليه السلام أَنه فَقَأَ عينَ مَلَكِ المَوْتِ ومنه الحديثُ كأَنما فُقِئَ في وجهِه حَبُّ الرُّمَّانِ أَي بُخِصَ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه تَفَقَّأَتْ أَي انْفَلَقَتْ وانْشَقَّتْ ومن مسائل الكتاب تَفَقَأْتُ شَحْماً بنصبه على التمييز أَي تَفَقَّأَ شَحْمِي فنُقِل الفعل فصار في اللفظ لَيٌّ فخرج الفاعل في الأَصل مميِّزاً ولا يجوز عَرَقاً تَصَبَّبْتُ وذلك أَنّ هذا المميز هو الفاعل في المعنى فكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل كذلك لا يجوز تقديم المميز إِذ كان هو الفاعلُ في المعنى على الفعل هذا قول ابن جني وقال ويقال للضعيف الوداع إِنه لا يُفَقِّئُ البيضَ الليث انْفَقَأَتِ العَيْنُ وانْفَقَأَتِ البَثْرةُ وبَكَى حتى كاد يَنْفَقِئُ بطنُه يَنْشَقُّ وكانت العرب في الجاهلية إِذا بَلغ إِبلُ الرجل منهم أَلفاً فَقَأَ عينَ بَعِير منها وسَرَّحَه حتى لا يُنْتَفَع به وأَنشد
غَلَبْتُكَ بالمُفَقِّئِ والمُعَنَّى ... وبَيْتِ المُّحْتَبي والخافِقاتِ
قال الأَزهري ليس معنى المُفَقِّئِ في هذا البيت ما ذَهَب إليه الليث وإنما أَراد به الفرزدق قوله لجرير
ولستَ ولو فَقَّأْتَ عَيْنَكَ واجداً ... أَباً لك إِنْ عُدَّ المَساعي كدارِمِ
وتَفَقَّأَتِ البُهْمَى تَفَقُّؤاً انْشَقَّتْ لفَائفُها عن نَوْرِها ويقال فَقَأَت فَقْأً إِذا تشقَّقت لفائفُها عن ثَمرَتها وتَفَقَّأَ الدُّمَّلُ والقَرْحُ وتَفَقَّأَتِ السحابةُ عن مائها تَشَقَّقتْ وتَفَقَّأَت تَبَعَّجَت بمائها قال ابن أَحمر
تَفَقَّأَ فوقه القَلَعُ السَّوارِي ... وجُنَّ الخازِبازِ به جُنُونا
الخازِبازِ صوت الذُّباب سمي الذُّباب به وهما صوتان جُعِلا صوتاً واحداً لأَن صوته خازِبازِ ومن أَعْرَبه نَزَّله منزلة الكلمة الواحدة فقال خازِبازُ والهاء في قوله تَفَقَّأَ فوقَه عائدةٌ على قوله بِهَجْلٍ في البيت الذي قبله
بهَجْلٍ مِن قَساً ذَفِرِ الخُزامَى ( 1 ) ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
( 1 قوله « بهجل » سيأتي في قسأ عن المحكم بجوّ )
يعني فوق الهَجْل والهَجْلُ هو المُطْمئِنُّ من الأَرض والجِرْبِياء الشَّمالُ
ويقال أَصابَتْنا فَقْأَةٌ أَي سحابةٌ لا رَعْدَ فيها ولا بَرْقَ ومَطَرُها مُتقارِب والفَقْءُ السَّابِياءُ التي تَنْفَقِئُ عن رأْس الولد وفي الصحاح وهو الذي يخرج على رأْس الولد والجَمع فُقُوءٌ وحكى كراع في جمعه فاقِياء قال وهذا غلط لأَن مثل هذا لم يَأْتِ في الجَمْعِ قال وأُرى الفاقِياء لغة في الفَقْء كالسَّابِياء وأَصله فاقِئاءُ بالهمز فكُرِه [ ص 124 ] اجتماعُ الهمزتين ليس بينهما إِلاَّ أَلف فقُلِبت الأُولى ياءً ابن الأَعرابي الفُقْأَةُ جلدة رَقِيقة تكون على الأَنف فان لم تَكْشِفْها مات الولد الأَصمعي السَّابِياءُ الماء الذي يكون على رأْس الولد ابن الأَعرابي السابياءُ السَّلَى الذي يكون فيه الوَلَد وكَثُر سابِياؤُهم العامَ أَي كَثُرَ نِتاجُهم والسُّخْدُ دَمٌ وماءٌ في السَّابِياءِ والفَقْءُ الماء الذي في المَشِيمة وهو السُّخْدُ والسُّخْتُ والنُّخْطُ وناقةٌ فَقْأَى وهي التي يأْخذها داءٌ يقال له الحَقْوةُ فلا تَبُولُ ولا تَبْعَرُ وربما شَرِقَتْ عُرُوقُها ولحمُها بالدَّمِ فانْتَفَخَتْ وربما انْفَقَأَتْ كَرِشُها من شِدَّةِ انْتِفاخِها فهي الفَقِيءُ حينئذ وفي الحديث أَن عُمَرَ رضي اللّه عنه قال في ناقةٍ مُنْكَسِرَةٍ ما هي بكذا ولا كذا ولا هي بِفَقِيءٍ فَتَشْرَقُ عُرُوقُها الفَقِيءُ الذي يأْخذه داءٌ في البَطْنِ كما وصَفْناه فإِن ذُبِحَ وطُبِخَ امْتَلأَت القِدْرُ منه دماً وفَعِيلٌ يقال للذكر والأُنثى والفَقَأُ خُرُوج الصَّدْر والفَسَأُ دخول الصُّلْب ابن الأَعرابي أَفْقَأَ إِذا انخَسَفَ صَدْرُه من عِلَّة والفَقْءُ نَقْرٌ في حَجَر أَو غَلْظٍ يجتمع فيه الماءُ وقيل هو كالحُفْرةِ تكون في وسَط الأَرض وقيل الفَقْءُ كالحُفْرةِ في وسط الحَرَّةِ والفَقْءُ الحُفْرةُ في الجَبَل شك أَبو عبيد في الحُفْرةِ أَو الجُفْرَةِ قال وهما سواءٌ والفَقِيءٌ كالفَقْءِ وأَنشد ثعلب في صَدْرهِ مِثْلُ الفَقِيءِ المُطْمَئِنّ ورواه بعضهم مثل الفُقَيْءِ على لفظ التصغير وجمع الفَقِيءِ فُقْآنٌ والمُفَقِّئة الأَوْدية التي تَشُقُّ الأَرض شَقّاً وأَنشد للفرزدق
أَتَعْدِلُ دارِماً بِبَني كُلَيْبٍ ... وتَعْدِلُ بالمُفَقِّئةِ الشِّعابا ( 1 )
( 1 مما يستدرك به على المؤلف ما في التهذيب قيل لامرأة انك لم تحسني الخرز فافتقئيه أَي أعيدي عليه يقال افتقأته أي أعدت عليه وذلك ان يجعل بين الكلبتين كلبة كما تخاط البواري إِذا أعيد عليه والكلبة السير أو الخيط في الكلبة وهي مثنية فتدخل في موضع الخرز ويدخل الخارز يده في الاداوة ثم يمد السير والخيط )
والفَقْءُ مَوْضِعٌ

( فنأ ) مالٌ ذو فَنَإٍ أَي كَثْرة كفَنَعٍ قال وأُرَى الهمزة بدلاً من العين وأَنشد أَبو العَلاء بيت أَبي مِحْجَنٍ الثَّقَفِيِّ
وقد أَجُودُ وما مالِي بِذي فَنإٍ ... وأَكْتُمُ السِّرَّ فيه ضَرْبةُ العُنُقِ
ورواية يعقوب في الأَلفاظ بِذِي فَنَعٍ

( فيأ ) الفَيْءُ ما كان شمساً فَنَسَخَه الظِّلُّ والجمع أَفْياءٌ وفُيُوءٌ قال الشاعر
لَعَمْرِي لأَنْتَ البَيتُ أَكْرَمُ أَهْلِهِ ... وأَقْعَدُ في أَفْيائِه بالأَصائِل
وفاءَ الفَيْءُ فَيْئاً تَحَوَّلَ وتَفَيَّأَ فيه تَظَلَّلَ وفي الصحاح الفَيْءُ ما بعد الزَّوالِ مِن الظلِّ قال حُمَيْد بن ثَوْر يَصِف سَرْحةً وكنى بها عن امرأَة
فَلا الظِّلُّ مِنْ بَرْدِ الضُّحَى تَسْتَطِيعُه ... وَلا الفَيْءُ مِنْ بَرْدِ العَشِيِّ تَذُوقُ
وإِنما سمي الظلُّ فيئاً لرُجُوعه مِن جانِب إِلى جانِب [ ص 125 ] قال ابن السِّكِّيت الظِّلُّ ما نَسَخَتْه الشمسُ والفَيْءُ ما نَسَخَ الشمسَ وحكى أَبو عُبيدةَ عن رُؤْبَة قال كلُّ ما كانت عليه الشمسُ فَزالَتْ عنه فهو فَيْءٌ وظِلٌّ وما لم تكن عليه الشمسُ فهو ظِلٌّ وتَفَيَّأَتِ الظِّلالُ أَي تَقَلَّبَتْ وفي التنزيل العزيز تَتَفَيَّأُ ظِلالُه عن اليَمينِ والشَّمائل والتَّفَيُّؤُ تَفَعُّلٌ من الفَيْءِ وهو الظِّلُّ بالعَشِيِّ وتَفَيُّؤُ الظِّلالِ رجُوعُها بعدَ انتصاف النهار وابْتعاثِ الأَشياءِ ظِلالَها والتَّفَيُّؤُ لا يكون إِلا بالعَشِيِّ والظِّلُّ بالغَداةِ وهو ما لَمْ تَنَلْه الشمس والفَيْءُ بالعَشِيِّ ما انصَرَفَتْ عنه الشمسُ وقد بَيَّنه حُمَيد بن ثَور في وصف السَّرْحة كما أَنشدناه آنِفاً وتَفَيَّأَتِ الشجرةُ وفَيَّأَتْ وفاءَتْ تَفْيِئةً كثرَ فَيْؤُها وتَفَيَّأْتُ أَنا في فَيْئِها والمَفْيُؤَةُ موضع الفَيْءِ وهي المَفْيُوءة جاءَت على الأَصل وحكى الفارسي عن ثعلب المَفِيئةَ فيها الأَزهري الليث المَفْيُؤَةُ هي المَقْنُؤَةُ من الفَيْءِ وقال غيره يقال مَقْنَأَةٌ ومَقْنُؤَةٌ للمكان الذي لا تطلع عليه الشمس قال ولم أَسمع مَفْيُؤَة بالفاءِ لغير الليث قال وهي تشبه الصواب وسنذكره في قَنَأَ أَيضاً والمَفْيُوءة هو المَعْتُوه لزمه هذا الاسم من طول لُزومِه الظِّلَّ وفَيَّأَتِ المرأَةُ شَعَرَها حرَّكَته من الخُيَلاءِ والرِّيح تُفَيِّئُ الزرع والشجر تحرِّكهما وفي الحديث مَثَل المؤْمن كخامة الزرع تُفَيِّئها الرِّيحُ مرةً هُنا ومرة هنا وفي رواية كالخامةِ من الزرعِ من حيث أَتَتْها الريحُ تُفَيِّئُها أَي تُحَرِّكُها وتُمِيلُها يميناً وشِمالاً ومنه الحديث إِذا رأَيتم الفَيْءَ على رؤُوسهنَّ يعني النساءَ مِثْل أَسْنِمة البُخْتِ فأَعْلِمُوهنَّ أَن اللّه لا يَقْبَلُ لهن صلاةً شَبَّه رؤُوسهنَّ بأَسْنِمة البُخْت لكثرة ما وَصَلْنَ به شُعورَهنَّ حتى صار عليها من ذلك ما يُفَيِّئُها أَي يُحَرِّكها خُيلاءً وعُجْباً قال نافع بن لَقِيط الفَقْعَسِيّ
فَلَئِنْ بَلِيتُ فقد عَمِرْتُ كأَنَّني ... غُصْنٌ تُفَيِّئُه الرِّياحُ رَطِيبُ
وفاءَ رَجَع وفاءَ إِلى الأَمْرِ يَفِيءُ وفاءَه فَيْئاً وفُيُوءاً رَجَع إليه وأَفاءَهُ غيرُه رَجَعه ويقال فِئْتُ إِلى الأَمر فَيْئاً إِذا رَجَعْتَ إليه النظر ويقال للحديدة إِذا كَلَّتْ بعد حِدَّتِها فاءَتْ وفي الحديث الفَيْءُ على ذِي الرَّحِمِ أَي العَطْفُ عليه والرُّجوعُ إليه بالبِرِّ أَبو زيد يقال أَفَأْتُ فلاناً على الأَمر إِفاءة إِذا أَراد أَمْراً فَعَدَلْتَه إِلى أَمْرٍ غيره وأَفَاءَ واسْتَفَاءَ كَفَاءَ قال كثيرعزة
فَأَقْلَعَ مِنْ عَشْرٍ وأَصْبَحَ مُزْنُه ... أَفَاءَ وآفاقُ السَّماءِ حَواسِرُ
وينشد
عَقُّوا بسَهْمٍ ولم يَشْعُرْ به أَحَدٌ ... ثمَّ اسْتَفاؤُوا وقالوا حَبَّذا الوَضَحُ
أَي رَجَعوا عن طَلَبِ التِّرةِ إِلى قَبُولِ الدِّيةِ وفلانٌ سَريعُ الفَيْءِ مِن غَضَبِه وفاءَ من غَضَبِه رَجَعَ وإِنه لَسَرِيعُ الفَيْءِ والفَيْئةِ والفِيئةِ أَي الرُّجوع الأَخيرتان عن اللِّحيانِي وإِنه لَحَسَنُ الفِيئَةِ بالكسر مثل الفِيقَةِ أَي حَسَنُ الرُّجوع وفي حديث عائشةَ رضي اللّه عنها قالت عن زينب كلُّ خِلالِها مَحْمُودةٌ ما عدا سَوْرةً من حَدٍّ تُسْرِعُ منها الفِيئةَ الفِيئةُ بوزن الفِيعةِ الحالةُ من الرُّجوعِ [ ص 126 ] عن الشيءِ الذي يكون قد لابَسه الانسانُ وباشَرَه وفاءَ المُولِي من امرأَتِه كَفَّرَ يَمينَه ورَجَعَ اليها قال اللّه تعالى فإِنْ فاؤُوا فإِنَّ اللّه غفورٌ رحيمٌ قال الفَيْءُ في كتاب اللّه تعالى على ثلاثة مَعانٍ مَرْجِعُها إِلى أَصل واحد وهو الرجوع قال اللّه تعالى في المُولِين مِن نسائهم فإِنْ فاؤُوا فإِنَّ اللّهَ غفور رحيم وذلك أَنَّ المُولي حَلَفَ أَنْ لا يَطَأَ امرأَتَه فجعَل اللّهُ مدةَ أَربعةِ أشْهُر بعدَ إِيلائهِ فإِن جامَعها في الأَربعة أَشهر فقد فاءَ أَي رَجَعَ عما حَلَفَ عليهِ من أَنْ لا يُجامِعُها إِلى جِماعِها وعليه لحِنْثِه كَفَّارةُ يَمينٍ وإن لم يُجامِعْها حتى تَنْقَضِيَ أَربعةُ أَشهر مِنْ يوم آلَى فإِن ابن عباس وجماعة من الصحابة رضي اللّه عنهم أَوقعوا عليها تطليقة وجعلوا عن الطلاق انْقِضاءَ الأَشهر وخَالفَهم الجماعة الكثيرة من أَصْحابِ رَسُول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وغيرهم من أَهل العلم وقالوا إِذا انْقَضَتْ أَربعةُ أَشهر ولم يُجامِعْها وُقِفَ المُولي فَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ أَي يَجامِعُ ويُكفِّرَ وإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ فهذا هو الفَيءُ من الإِيلاءِ وهو الرُّجوعُ إِلى ما حَلفَ أَنْ لا يَفْعَلَه قال عبداللّه بن المكرم وهذا هو نص التنزيل العزيز لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسائِهم تَرَبُّصُ أَرْبَعةِ أَشْهُرٍ فإِنْ فاؤوا فإِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَحيمٌ وَإِنْ عَزَمُوا الطّلاقَ فإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عليمٌ وتَفَيَّأَتِ المرأَةُ لزوجها تَثَنَّتْ عليه وتَكَسَّرَتْ له تَدَلُّلاً وأَلْقَتْ نَفْسَها عليه من الفَيْءِ وهو الرُّجوع وقد ذكر ذلك في القاف قال الأَزهري وهو تصحيف والصواب تَفَيَّأَتْ بالفاء ومنه قول الراجز تَفَيَّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ لِعابِسٍ جافِي الدَّلال مُقْشَعِرّ والفَيْءُ الغَنِيمةُ والخَراجُ تقول منه أَفاءَ اللّهُ على المُسْلِمينَ مالَ الكُفَّارِ يُفِيءُ إِفاءة وقد تكرَّر في الحديث ذكر الفَيْءِ على اخْتِلاف تَصرُّفِه وهو ما حَصل لِلمُسلِمينَ من أَموالِ الكُفَّار من غير حَرْبٍ ولا جِهادٍ وأَصْلُ الفَيْءِ الرُّجوعُ كأَنه كانَ في الأَصْل لهم فَرَجَعَ اليهم ومنه قِيل للظِّلِّ الذي يكون بعدَ الزَّوالِ فَيْءٌ لأَنه يَرْجِعُ من جانِب الغَرْب إِلى جانب الشَّرْق وفي الحديث جاءَتِ امرأَةٌ مِن الأَنصار بابْنَتيْنِ لها فقالت يا رسولَ اللّه هاتانِ ابْنَتَا فُلانٍ قُتِلَ مَعَكَ يَوْمَ أُحُدٍ وقد اسْتَفاءَ عَمُّهما مالَهما ومِراثَهما أَي اسْتَرْجَعَ حَقَّهُما مِن المِراث وجَعَلَه فَيْئاً له وهو اسْتَفْعَلَ مِن الفَيْءِ ومنه حديث عُمر رضي اللّه عنه فلَقَدْ رَأَيتُنا نَسْتَفِيءُ سُهْمانَهُما أَي نأْخُذُها لأَنْفُسِنا ونَقْتَسِمُ بها وقد فِئْتُ فَيْئاً واسْتَفَأْتُ هذا المالَ أَخَذْتُه فَيْئاً وأَفاءَ اللّهُ عليه يُفيءُ إِفاءة قال اللّه تعالى ما أَفاءَ اللّهُ على رَسُولِهِ مِن أَهْلِ القُرَى التهذيب الفَيْءُ ما رَدَّ اللّهُ تعالى علَى أَهْلِ دِينِهِ من أَمْوالِ مَنْ خالَفَ دِينَه بلا قِتالٍ إِمَّا بأَنْ يُجْلَوا عَن أَوْطانِهِم ويُخَلُّوها للمسلمين أَو يُصالِحُوا على جِزْيةٍ يُؤَدُّونَها عَن رُؤوسِهم أَو مالٍ غَيْرِ الجِزْيةِ يَفْتَدُونَ به مِن سَفْكِ دِمائهم فهذا المالُ هو الفَيْءُ في كتاب اللّه قال اللّه تعالى فَما أَوْجَفْتُم عليه من خَيْلٍ ولا رِكابٍ أَي لم تُوجِفُوا عليه خَيْلاَ ولا رِكاباً نزلت في أَموال بَنِي النضير حِينَ نَقَضُوا العَهْدَ وجُلُوا عن أَوْطانِهم إِلى الشام فَقَسَمَ رسولُ اللّهِ صلّى اللّه عليه وسلم أَموالَهم مِن النَّخِيل وغَيْرِها في الوُجُوه التي أَراهُ اللّهُ أَن [ ص 127 ] يَقْسِمَها فيها وقِسمةُ الفَيءِ غيرُ قسمةِ الغَنِيمة التي أَوْجَفَ اللّهُ عليها بالخَيْلِ والرِّكاب وأَصلُ الفَيْءِ الرُّجُوعُ سُمِّيَ هذا المالُ فَيْئاً لأَنه رَجَعَ إِلى المسلمين من أَمْوالِ الكُفّار عَفْواً بلا قِتالٍ وكذلك قوله تعالى في قِتالِ أَهلِ البَغْيِ حتى تَفِيءَ إِلى أَمرِ اللّه أَي تَرجِعَ إِلى الطاعةِ وأَفَأْتُ على القوم فَيْئاً إِذا أَخَذْتَ لهم سَلَب قَوْمٍ آخَرِينَ فجئْتَهم به وأَفَأْتُ عليهم فَيْئاً إِذا أَخذتَ لهم فَيْئاً أُخِذَ منهم ويقال لنَوَى التمر إِذا كان صُلْباً ذُو فَيْئَةٍ وذلك أَنه تُعْلَفُه الدّوابُّ فَتَأْكُلُه ثم يَخرُج من بطونها كما كان نَدِيًّا وقال عَلْقمةُ بن عَبدَةَ يصف فرساً
سُلاءةً كَعصا النَّهْدِيِّ غُلَّ لها ... ذُو فَيْئةٍ مِن نَوَى قُرَّانَ مَعْجُومُ
قال ويفسَّر قوله غُلَّ لَها ذو فَيْئةٍ تَفْسِيرين أَحدهما أَنه أُدْخِلَ جَوْفَها نوًى مِنْ نَوى نَخِيل قُرَّانَ حتى اشتدّ لحمها والثاني أَنه خُلِق لها في بطن حَوافِرها نُسورٌ صِلابٌ كأَنها نوى قُرَّان وفي الحديث لا يَلِيَنَّ مُفاءٌ على مُفِيءٍ المُفاءُ الذي افْتُتِحَتْ بلدَتُه وكُورَتُه فصارت فيْئاً للمسلمين يقال أَفَأْت كذا أَي صَيَّرته فَيْئاً فأَنا مُفِيءٌ وذلك مُفاءٌ كأَنه قال لا يَلِينَّ أَحدٌ من أَهل السَّواد على الصَّحابة والتابعين الذين افتَتَحُوه عَنْوةً والفَيْءُ القِطعةُ من الطَّيْرِ ويقال للقطعة من الطَّيْرِ فَيْءٌ وعَرِقةٌ وصَفٌّ والفَيْئةُ طائر يُشبه العُقابَ فإِذا خافَ البرْد انحدَرَ إِلى اليمن وجاءَهُ بعد فَيْئةٍ أَي بعد حِينٍ والعرب تقول يا فَيْءَ مالي تَتَأَسَّف بذلك قال
يا فَيْءَ مالي مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِه ... مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّقْلِيبُ
واختار اللِّحياني يا فَيَّ مالي ورُوي أَيضاً يا هَيْءَ قال أَبو عبيد وزاد الأَحمر يا شيْءَ وكلها بمعنى وقيل معناها كلها التَّعَجُّب والفِئةُ الطائفةُ والهاء عوض من الياء التي نقصت من وسطه أَصله فِيءٌ مثال فِيعٍ لأَنه من فاءَ ويجمع على فِئون وفِئاتٍ مثل شِياتٍ ولِداتٍ ومِئاتٍ قال الشيخ أَبو محمد بن بري هذا الذي قاله الجوهري سهو وأَصله فِئْوٌ مثل فِعْوٍ فالهمزة عين لا لام والمحذوف هو لامها وهو الواو وقال وهي من فَأَوْتُ أَي فَرَّقْت لأَن الفِئة كَالفرقةِ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم فكلَّمه ثم دخل أَبو بكر على تَفِيئةِ ذلك أَي على أَثَرِه قال ومثله على تَئِيفةِ ذلك بتقديم الياءِ على الفاءِ وقد تشدَّد والتاءُ فيه زائدة على أَنها تَفْعِلة وقيل هو مقلوب منه وتاؤها إِما أَن تكون مزيدة أَو أَصلية قال الزمخشري ولا تكون مزيدة والبِنْيةُ كما هي من غير قلب فلو كانت التَّفِيئَةُ تَفْعِلةً من الفَيْءِ لخرجت على وزن تَهْنِئة فهي إِذاً لولا القلبُ فَعِيلةٌ لأَجل الإِعلال ولامها همزة ولكن القلب عن التَّئِيفة هو القاضي بزيادة التاءِ فتكون تَفْعِلةً

( قبأ ) القَبْأَةُ حَشِيشةٌ تَنْبُت في الغَلْظِ ولا تنبت في الجَبَل ترتفع على الأَرض قِيسَ الإِصْبَعِ أَو أَقلَّ يَرعاها المالُ وهي أَيضاً القَباةُ كذلك حكاها [ ص 128 ] أَهل اللغة قال ابن سيده وعندي أَن القَباة في القَبْأَةِ كالكماة في الكمْأَة والمَراةِ في المَرْأَة

( قثأ ) القِثَّاءُ والقُثَّاءُ بكسر القاف وضمها معروف مدّتها همزة وأَرض مَقثأَةٌ ومَقْثُؤَةٌ كثيرة القِثَّاءِ والمَقْثَأَةُ والمَقْثُؤَة موضع القِثّاءِ وقد أَقْثَأَتِ الأَرضُ إِذا كانت كثيرة القثّاءِ وأَقْثَأَ القومُ كَثُر عندهم القثّاءُ وفي الصحاح القِثّاءُ الخِيار الواحدة قِثّاءة

( قدأ ) ذكره بعضهم في الرُّباعيِّ القِنْدَأُ ( 1 )
( 1 قوله « القندأ » كذا في النسخ وفي غير نسخة من المحكم أيضاً فهو بزنة فنعل ) والقِنْدَأْوةُ السَّيِّءُ الخُلُقِ والغِذاءِ وقيل الخَفِيفُ والقِنْدَأْو القَصِير من الرجال وهم قِنْدَأْوُون وناقة قِنْدَأْوةٌ جريئةٌ ( 2 )
( 2 قوله « ناقة قندأوة جريئة » كذا هو في المحكم والتهذيب بهمزة بعد الياء فهو من الجراءة لا من الجري ) قال شمر يهمز ولا يهمز وقال أَبو الهيثم قِنْدَاوَةٌ فِنْعالةٌ قال الأَزهري النون فيها ليست بأَصلية وقال الليث اشتقاقها من قدأَ والنون زائدة والواو فيها صلة وهي الناقة الصُّلْبة الشديدة والقِنْدَأْو الصغير العُنُق الشدِيدُ الرأْسِ وقيل العَظِيمُ الرأْسِ وجمل قِنْدَأْوٌ صُلْبٌ وقد همز الليث جملٌ قِنْدَأْوٌ وسِنْدَأْوٌ واحتج بأَنه لم يجئ بناءٌ على لفظِ قِنْدَأْوٍ إِلاَّ وثانيه نون فلما لم يجئ على هذا البناءِ بغير نون علمنا أَن النون زائدة فيها والقِنْدَأْوُ الجَرِيءُ المُقْدِمُ التمثيل لسيبويه والتفسير للسيرافي

( قرأ ) القُرآن التنزيل العزيز وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه لشَرفه قَرَأَهُ يَقْرَؤُهُ ويَقْرُؤُهُ الأَخيرة عن الزجاج قَرْءاً وقِراءة وقُرآناً الأُولى عن اللحياني فهو مَقْرُوءٌ أَبو إِسحق النحوي يُسمى كلام اللّه تعالى الذي أَنزله على نبيه صلى اللّه عليه وسلم كتاباً وقُرْآناً وفُرْقاناً ومعنى القُرآن معنى الجمع وسمي قُرْآناً لأَنه يجمع السُّوَر فيَضُمُّها وقوله تعالى إِنَّ علينا جَمْعه وقُرآنه أَي جَمْعَه وقِراءَته فَإِذا قَرَأْنَاهُ فاتَّبِعْ قُرْآنَهُ أَي قِراءَتَهُ قال ابن عباس رضي اللّه عنهما فإِذا بيَّنَّاه لك بالقراءة فاعْمَلْ بما بَيَّنَّاه لك فأَما قوله
هُنَّ الحَرائِرُ لا ربَّاتُ أَحْمِرةٍ ... سُودُ المَحاجِرِ لا يَقْرَأْنَ بالسُّوَرِ
فإِنه أَراد لا يَقْرَأْنَ السُّوَر فزاد الباءَ كقراءة من قرأَ تُنْبِتُ بالدُّهْن وقِراءة منْ قرأَ يَكادُ سَنَى بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار أَي تُنْبِتُ الدُّهنَ ويُذْهِبُ الأَبصارَ وقَرَأْتُ الشيءَ قُرْآناً جَمَعْتُه وضَمَمْتُ بعضَه إِلى بعض ومنه قولهم ما قَرأَتْ هذه الناقةُ سَلىً قَطُّ وما قَرَأَتْ جَنِيناً قطُّ أَي لم يَضْطَمّ رَحِمُها على ولد وأَنشد هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا وقال قال أَكثر الناس معناه لم تَجْمع جَنيناً أَي لم يَضطَمّ رَحِمُها على الجنين قال وفيه قول آخر لم تقرأْ جنيناً أَي لم تُلْقه ومعنى قَرَأْتُ القُرآن لَفَظْت به مَجْمُوعاً أَي أَلقيته وروي عن الشافعي رضي اللّه عنه أَنه قرأَ القرآن على إِسمعيل بن قُسْطَنْطِين [ ص 129 ] وكان يقول القُران اسم وليس بمهموز ولم يُؤْخذ من قَرَأْت ولكنَّه اسم لكتاب اللّه مثل التوراة والإِنجيل ويَهمز قرأْت ولا يَهمز القرانَ كما تقول إِذا قَرَأْتُ القُرانَ قال وقال إِسمعيل قَرأْتُ على شِبْل وأَخبر شِبْلٌ أَنه قرأَ على عبداللّه بن كَثِير وأَخبر عبداللّه أَنه قرأَ على مجاهد وأَخبر مجاهد أَنه قرأَ على ابن عباس رضي اللّه عنهما وأَخبر ابن عباس أَنه قرأَ على أُبَيٍّ وقرأَ أُبَيٌّ على النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال أَبو بكر بن مجاهد المقرئُ كان أَبو عَمرو بن العلاءِ لايهمز القرآن وكان يقرؤُه كما رَوى عن ابن كثير وفي الحديث أَقْرَؤُكم أُبَيٌّ قال ابن الأَثير قيل أَراد من جماعة مخصوصين أَو في وقت من الأَوقات فإِنَّ غيره كان أَقْرَأَ منه قال ويجوز أَن يريد به أَكثرَهم قِراءة ويجوز أَن يكون عامّاً وأَنه أَقرأُ الصحابة أَي أَتْقَنُ للقُرآن وأَحفظُ ورجل قارئٌ من قَوْم قُرَّاءٍ وقَرَأَةٍ وقارِئِين وأَقْرَأَ غيرَه يُقْرِئه إِقراءً ومنه قيل فلان المُقْرِئُ قال سيبويه قَرَأَ واقْتَرأَ بمعنى بمنزلة عَلا قِرْنَه واسْتَعْلاه وصحيفةٌ مقْرُوءة لا يُجِيز الكسائي والفرَّاءُ غيرَ ذلك وهو القياس وحكى أَبو زيد صحيفة مَقْرِيَّةٌ وهو نادر إِلا في لغة من قال قَرَيْتُ وَقَرأْتُ الكتابَ قِراءة وقُرْآناً ومنه سمي القرآن وأَقْرَأَه القُرآنَ فهو مُقْرِئٌ وقال ابن الأَثير تكرّر في الحديث ذكر القِراءة والاقْتراءِ والقارِئِ والقُرْآن والأَصل في هذه اللفظة الجمع وكلُّ شيءٍ جَمَعْتَه فقد قَرَأْتَه وسمي القرآنَ لأَنه جَمَعَ القِصَصَ والأَمرَ والنهيَ والوَعْدَ والوَعِيدَ والآياتِ والسورَ بعضَها إِلى بعضٍ وهو مصدر كالغُفْرانِ والكُفْرانِ قال وقد يطلق على الصلاة لأَنّ فيها قِراءة تَسْمِيةً للشيءِ ببعضِه وعلى القِراءة نَفْسِها يقال قَرَأَ يَقْرَأُ قِراءة وقُرآناً والاقْتِراءُ افتِعالٌ من القِراءة قال وقد تُحذف الهمزة منه تخفيفاً فيقال قُرانٌ وقَرَيْتُ وقارٍ ونحو ذلك من التصريف وفي الحديث أَكثرُ مُنافِقي أُمَّتِي قُرّاؤُها أَي أَنهم يَحْفَظونَ القُرآنَ نَفْياً للتُّهمَة عن أَنفسهم وهم مُعْتَقِدون تَضْيِيعَه وكان المنافقون في عَصْر النبي صلى اللّه عليه وسلم بهذه الصفة وقارَأَه مُقارَأَةً وقِراءً بغير هاء دارَسه واسْتَقْرَأَه طلب إليه أَن يَقْرَأَ ورُوِيَ عن ابن مسعود تَسَمَّعْتُ للقَرَأَةِ فإِذا هم مُتَقارِئُون حكاهُ اللحياني ولم يفسره قال ابن سيده وعندي أَنّ الجنَّ كانوا يَرُومون القِراءة وفي حديث أُبَيٍّ في ذكر سورة الأَحْزابِ إِن كانت لَتُقارئُ سورةَ البقرةِ أَو هي أَطْولُ أَي تُجاريها مَدَى طولِها في القِراءة أَو إِن قارِئَها ليُساوِي قارِئَ البقرة في زمنِ قِراءَتها وهي مُفاعَلةٌ من القِراءة قال الخطابيُّ هكذا رواه ابن هاشم وأَكثر الروايات إِن كانت لَتُوازي ورجل قَرَّاءٌ حَسَنُ القِراءة من قَوم قَرائِين ولا يُكَسَّرُ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه كان لا يَقْرَأُ في الظُّهر والعصر ثم قال في آخره وما كان ربُّكَ نَسِيّاً معناه أَنه كان لا يَجْهَر بالقِراءة فيهما أَو لا يُسْمِع نَفْسَه قِراءَتَه كأَنه رَأَى قوماً يقرؤُون فيُسَمِّعون نفوسَهم ومَن قَرُبَ منهم ومعنى قوله وما كان ربُّك نَسِيّاً يريد أَن القِراءة التي تَجْهَرُ بها أَو تُسْمِعُها نفْسَك يكتبها الملكان وإِذا قَرأْتَها في نفْسِك لم يَكْتُباها واللّه يَحْفَظُها لك [ ص 130 ] ولا يَنْساها لِيُجازِيَكَ عليها والقَارِئُ والمُتَقَرِّئُ والقُرَّاءُ كُلّه الناسِكُ مثل حُسَّانٍ وجُمَّالٍ وقولُ زَيْد بنِ تُركِيٍّ الزُّبَيْدِيّ وفي الصحاح قال الفرّاءُ أَنشدني أَبو صَدَقة الدُبَيْرِيّ
بَيْضاءُ تَصْطادُ الغَوِيَّ وتَسْتَبِي ... بالحُسْنِ قَلْبَ المُسْلمِ القُرَّاء
القُرَّاءُ يكون من القِراءة جمع قارئٍ ولا يكون من التَّنَسُّك ( 1 )
( 1 قوله « ولا يكون من التنسك » عبارة المحكم في غير نسخة ويكون من التنسك بدون لا ) وهو أَحسن قال ابن بري صواب إِنشاده بيضاءَ بالفتح لأَنّ قبله
ولقد عَجِبْتُ لكاعِبٍ مَوْدُونةٍ ... أَطْرافُها بالحَلْيِ والحِنّاءِ
ومَوْدُونةٌ مُلَيَّنةٌ وَدَنُوه أَي رَطَّبُوه وجمع القُرّاء قُرَّاؤُون وقَرائِئُ ( 2 )
( 2 قوله « وقرائئ » كذا في بعض النسخ والذي في القاموس قوارئ بواو بعد القاف بزنة فواعل ولكن في غير نسخة من المحكم قرارئ براءين بزنة فعاعل ) جاؤوا بالهمز في الجمع لما كانت غير مُنْقَلِبةٍ بل موجودة في قَرَأْتُ الفرَّاء يقال رجل قُرَّاءٌ وامْرأَة قُرَّاءةٌ وتَقَرَّأَ تَفَقَّه وتَقَرَّأَ تَنَسَّكَ ويقال قَرَأْتُ أَي صِرْتُ قارِئاً ناسِكاً وتَقَرَّأْتُ تَقَرُّؤاً في هذا المعنى وقال بعضهم قَرَأْتُ تَفَقَّهْتُ ويقال أَقْرَأْتُ في الشِّعر وهذا الشِّعْرُ على قَرْءِ هذا الشِّعْر أَي طريقتِه ومِثاله ابن بُزُرْجَ هذا الشِّعْرُ على قَرِيِّ هذا وقَرَأَ عليه السلام يَقْرَؤُه عليه وأَقْرَأَه إِياه أَبلَغه وفي الحديث إِن الرّبَّ عز وجل يُقْرِئكَ السلامَ يقال أَقْرِئْ فلاناً السَّلامَ واقرأْ عَلَيْهِ السَّلامَ كأَنه حين يُبَلِّغُه سَلامَه يَحمِلهُ على أَن يَقْرَأَ السلامَ ويَرُدَّه وإِذا قَرَأَ الرجلُ القرآنَ والحديثَ على الشيخ يقول أَقْرَأَنِي فلانٌ أَي حَمَلَنِي على أَن أَقْرَأَ عليه والقَرْءُ الوَقْتُ قال الشاعر
إِذا ما السَّماءُ لم تَغِمْ ثم أَخْلَفَتْ ... قُروء الثُّرَيَّا أَنْ يكون لها قَطْرُ
يريد وقت نَوْئها الذي يُمْطَرُ فيه الناسُ ويقال للحُمَّى قَرْءٌ وللغائب قَرْءٌ وللبعِيد قَرْءٌ والقَرْءُ والقُرْءُ الحَيْضُ والطُّهرُ ضِدّ وذلك أَنَّ القَرْء الوقت فقد يكون للحَيْض والطُّهر قال أَبو عبيد القَرْءُ يصلح للحيض والطهر قال وأظنه من أَقْرَأَتِ النُّجومُ إِذا غابَتْ والجمع أَقْراء وفي الحديث دَعي الصلاةَ أَيامَ أَقْرائِكِ وقُروءٌ على فُعُول وأَقْرُؤٌ الأَخيرة عن اللحياني في أَدنى العدد ولم يعرف سيبويه أَقْراءً ولا أَقْرُؤاً قال اسْتَغْنَوْا عنه بفُعُول وفي التنزيل ثلاثة قُرُوء أَراد ثلاثةَ أَقْراء من قُرُوء كما قالوا خمسة كِلاب يُرادُ بها خمسةٌ مِن الكِلاب وكقوله خَمْسُ بَنانٍ قانِئِ الأَظْفارِ أَراد خَمْساً مِنَ البَنانِ وقال الأَعشى
مُوَرَّثةً مالاً وفي الحَيِّ رِفعْةً ... لِما ضاعَ فِيها مِنْ قُروءِ نِسائِكا
[ ص 131 ] وقال الأَصمعي في قوله تعالى ثلاثةَ قُرُوء قال جاء هذا على غير قياس والقياسُ ثلاثةُ أَقْرُؤٍ ولا يجوز أَن يقال ثلاثةُ فُلُوس إِنما يقال ثلاثةُ أَفْلُسٍ فإِذا كَثُرت فهي الفُلُوس ولا يقال ثَلاثةُ رِجالٍ وإِنما هي ثلاثةُ رَجْلةٍ ولا يقال ثلاثةُ كِلاب انما هي ثلاثةُ أَكْلُبٍ قال أَبو حاتم والنحويون قالوا في قوله تعالى ثلاثةَ قُروء أَراد ثلاثةً من القُروء أَبو عبيد الأَقْراءُ الحِيَضُ والأَقْراء الأَطْهار وقد أَقْرَأَتِ المرأَةُ في الأَمرين جميعاً وأَصله من دُنُوِّ وقْتِ الشيء قال الشافعي رضي اللّه عنه القَرْء اسم للوقت فلما كان الحَيْضُ يَجِيء لِوقتٍ والطُّهرُ يجيء لوَقْتٍ جاز أَن يكون الأَقْراء حِيَضاً وأَطْهاراً قال ودَلَّت سنَّةُ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَنَّ اللّه عز وجل أَراد بقوله والمُطَلِّقاتُ يَتَرَبَّصْن بأَنْفُسِهنّ ثلاثةَ قُروء الأَطْهار وذلك أَنَّ ابنَ عُمَرَ لمَّا طَلَّقَ امرأَتَه وهي حائضٌ فاسْتَفْتَى عُمرُ رضي اللّه عنه النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فيما فَعَلَ فقال مُرْه فَلْيُراجِعْها فإِذا طَهُرَتْ فَلْيُطَلِّقْها فتِلك العِدّةُ التي أَمَر اللّهُ تعالى أَن يُطَلَّقَ لها النِّساءُ وقال أَبو إِسحق الَّذي عندي في حقيقة هذا أَنَّ القَرْءَ في اللغة الجَمْعُ وأَنّ قولهم قَرَيْتُ الماء في الحَوْضِ وإِن كان قد أُلْزِمَ الياءَ فهو جَمَعْتُ وقَرَأْتُ القُرآنَ لَفَظْتُ به مَجْموعاً والقِرْدُ يَقْرِي أَي يَجْمَعُ ما يَأْكُلُ في فِيهِ فإِنَّما القَرْءُ اجْتماعُ الدَّمِ في الرَّحِمِ وذلك إِنما يكون في الطُّهر وصح عن عائشة وابن عمر رضي اللّه عنهما أَنهما قالا الأَقْراء والقُرُوء الأَطْهار وحَقَّقَ هذا اللفظَ من كلام العرب قولُ الأَعشى لِما ضاعَ فيها مِنْ قُرُوءِ نِسَائكا فالقُرُوءُ هنا الأَطْهارُ لا الحِيَضُ لإِن النّساءَ إِنما يُؤْتَيْن في أَطْهارِهِنَّ لا في حِيَضِهنَّ فإِنما ضاعَ بغَيْبَتِه عنهنَّ أَطْهارُهُنَّ ويقال قَرَأَتِ المرأَةُ طَهُرت وقَرأَتْ حاضَتْ قال حُمَيْدٌ
أَراها غُلامانا الخَلا فتَشَذَّرَتْ ... مِراحاً ولم تَقْرَأْ جَنِيناً ولا دَما
يقال لم تَحْمِلْ عَلَقةً أَي دَماً ولا جَنِيناً قال الأَزهريُّ وأَهلُ العِراق يقولون القَرْءُ الحَيْضُ وحجتهم قوله صلى اللّه عليه وسلم دَعِي الصلاةَ أَيَّامَ أَقْرائِكِ أَي أَيامَ حِيَضِكِ وقال الكسائي والفَرّاء معاً أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ فهي مُقْرِئٌ وقال الفرّاء أَقْرأَتِ الحاجةُ إِذا تَأَخَّرَتْ وقال الأخفش أَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا حاضَتْ وما قَرَأَتْ حَيْضةً أَي ما ضَمَّت رَحِمُها على حَيْضةٍ قال ابن الأَثير قد تكرَّرت هذه اللفظة في الحديث مُفْرَدةً ومَجْمُوعةً فالمُفْردة بفتح القاف وتجمع على أَقْراءٍ وقُروءٍ وهو من الأَضْداد يقع على الطهر وإِليه ذهب الشافعي وأَهل الحِجاز ويقع على الحيض وإِليه ذهب أَبو حنيفة وأَهل العِراق والأَصل في القَرْءِ الوَقْتُ المعلوم ولذلك وقعَ على الضِّدَّيْن لأَن لكل منهما وقتاً وأَقْرأَتِ المرأَةُ إِذا طَهُرت وإِذا حاضت وهذا الحديث أَراد بالأَقْراءِ فيه الحِيَضَ لأَنه أَمَرَها فيه بِتَرْك الصلاةِ وأَقْرَأَتِ المرأَةُ وهي مُقْرِئٌ حاضَتْ وطَهُرَتْ وقَرَأَتْ إِذا رَأَتِ الدمَ والمُقَرَّأَةُ التي يُنْتَظَرُ بها انْقِضاءُ أَقْرائها قال أَبو عمرو بن العَلاءِ دَفَع فلان جاريتَه إِلى فُلانة تُقَرِّئُها أَي تُمْسِكُها عندها حتى تَحِيضَ للاسْتِبراءِ وقُرئَتِ المرأَةُ حُبِسَتْ حتى انْقَضَتْ [ ص 132 ] عِدَّتُها وقال الأَخفش أَقْرَأَتِ المرأَةُ إِذا صارت صاحِبةَ حَيْضٍ فإِذا حاضت قلت قَرَأَتْ بلا أَلف يقال قَرَأَتِ المرأَةُ حَيْضَةً أَو حَيْضَتَيْن والقَرْءُ انْقِضاءُ الحَيْضِ وقال بعضهم ما بين الحَيْضَتَيْن وفي إِسْلامِ أَبي ذَرّ لقد وضَعْتُ قولَه على أَقْراءِ الشِّعْر فلا يَلْتَئِمُ على لِسانِ أَحدٍ أَي على طُرُق الشِّعْر وبُحُوره واحدها قَرْءٌ بالفتح وقال الزمخشري أَو غيره أَقْراءُ الشِّعْر قَوافِيه التي يُخْتَمُ بها كأَقْراءِ الطُّهْر التي يَنْقَطِعُ عِندَها الواحد قَرْءٌ وقُرْءٌ وقَرِيءٌ لأَنها مَقَاطِعُ الأَبيات وحُدُودُها وقَرَأَتِ الناقةُ والشَّاةُ تَقْرَأُ حَمَلَتْ قال هِجانُ اللَّوْنِ لم تَقْرَأْ جَنِينا وناقة قارئٌ بغير هاء وما قَرَأَتْ سَلىً قَطُّ ما حَمَلَتْ مَلْقُوحاً وقال اللحياني معناه ما طَرَحَتْ وقَرَأَتِ الناقةُ وَلَدت وأَقْرَأَت الناقةُ والشاةُ اسْتَقَرَّ الماءُ في رَحِمِها وهي في قِرْوتها على غير قياس والقِياسُ قِرْأَتها وروى الأَزهري عن أَبي الهيثم أَنه قال يقال ما قَرَأَتِ الناقةُ سَلىً قَطُّ وما قَرَأَتْ مَلْقُوحاً قَطُّ قال بعضهم لم تَحْمِلْ في رَحِمها ولداً قَطُّ وقال بعضهم ما أَسْقَطَتْ ولداً قَطُّ أَي لم تحمل ابن شميل ضَرَبَ الفحلُ الناقةَ على غير قُرْءٍ ( 1 )
( يتبع )

( ( ) تابع ) قرأ القُرآن التنزيل العزيز وانما قُدِّمَ على ما هو أَبْسَطُ منه
( 1 قوله « غير قرء » هي في التهذيب بهذا الضبط ) وقُرْءُ الناقةِ ضَبَعَتُها وهذه ناقة قارئٌ وهذه نُوقٌ قَوارِئُ يا هذا وهو من أَقْرأَتِ المرأَةُ إلا أَنه يقال في المرأَة بالأَلف وفي الناقة بغير أَلف وقَرْءُ الفَرَسِ أَيامُ وداقِها أَو أَيام سِفادِها والجمع أَقْراءٌ واسْتَقْرَأَ الجَملُ الناقةَ إِذا تارَكَها ليَنْظُر أَلَقِحَت أَم لا أبو عبيدة ما دامت الوَدِيقُ في وَداقِها فهي في قُرُوئها وأَقْرائِها وأَقْرأَتِ النُّجوم حانَ مغِيبها وأَقْرَأَتِ النجومُ أَيضاً تأَخَّر مَطَرُها وأَقْرَأَتِ الرِّياحُ هَبَّتْ لأَوانِها ودَخلت في أَوانِها والقارئُ الوَقْتُ وقول مالك بن الحَرثِ الهُذَليّ
كَرِهْتُ العَقْرَ عَقْرَ بَنِي شَلِيلٍ ... إِذا هَبْتْ لقارئِها الرِّياحُ
أَي لوَقْتِ هُبُوبِها وشِدَّة بَرْدِها والعَقْرُ مَوضِعٌ بعَيْنِه وشَلِيلٌ جَدُّ جَرِير بن عبداللّه البَجَلِيّ ويقال هذا قارِيءُ الرِّيح لوَقْتِ هُبُوبِها وهو من باب الكاهِل والغارِب وقد يكون على طَرْحِ الزَّائد وأَقْرَأَ أَمْرُك وأَقْرَأَتْ حاجَتُك قيل دنا وقيل اسْتَأْخَر وفي الصحاح وأَقْرَأَتْ حاجَتُكَ دَنَتْ وقال بعضهم أَعْتَمْتَ قِراكَ أَم أَقْرَأْتَه أَي أَحَبَسْتَه وأَخَّرْته ؟ وأَقْرَأَ من أَهْله دَنا وأَقرأَ من سَفَرِه رَجَعَ وأَقْرَأْتُ من سَفَري أي انْصَرَفْتُ والقِرْأَةُ بالكسر مثل القِرْعةِ الوَباءُ وقِرْأَةُ البِلاد وَباؤُها قال الأَصمعي إِذا قَدِمْتَ بلاداً فَمَكَثْتَ بها خَمْسَ عَشْرةَ ليلة فقد ذَهَبت عنكَ قِرْأَةُ البلاد وقِرْءُ البلاد فأَما قول أَهل الحجاز قِرَةُ البلاد فإِنما هو على حذف [ ص 133 ] الهمزة المتحرِّكة وإِلقائها على الساكن الذي قبلها وهو نوع من القياس فأَما إِغرابُ أبي عبيد وظَنُّه إِياه لغة فَخَطأٌ وفي الصحاح أَن قولهم قِرةٌ بغير همز معناه أَنه إِذا مَرِضَ بها بعد ذلك فليس من وَباءِ البلاد

( قرضأ ) القِرْضِئُ مهموز من النبات ما تَعَلَّقَ بالشجر أَو التَبَسَ به وقال أَبو حنيفة القِرْضِئُ ينبُت في أَصل السَّمُرة والعُرْفُطِ والسَّلَمِ وزَهْرُه أَشدُّ صُفرةً من الوَرْس وَورقُه لِطافٌ رِقاقٌ أَبو عمرو من غريب شجر البر القِرْضِئُ واحِدته قرْضِئةٌ

( قسأ ) قُساءٌ موضع وقد قيل إِنَّ قُساءً هذا هو قَسىً الذي ذكره ابن أَحمر في قوله
بِجَوٍّ مِن قَسىً ذَفِرِ الخُزامَى ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
قال فإِذا كان كذلك فهو من الياء وسنذكره في موضعه

( قضأ ) قَضِئَ السِّقاءُ والقِرْبةُ يَقْضَأُ قَضَأً فهو قَضِئٌ فَسَدَ فَعَفِنَ وتَهافَتَ وذلك إِذا طُوِيَ وهو رَطْبٌ وقِرْبةٌ قَضِئَةٌ فَسَدَتْ وعَفِنَتْ وقَضِئَتْ عَيْنُه تَقْضَأُ قَضَأً فهي قَضِئَةٌ احْمَرَّت واسْتَرْخَت مآقِيها وقَرِحَتْ وفَسَدَت والقُضْأَةُ الاسم وفيها قَضْأَةٌ أَي فَسادٌ وفي حديث المُلاعَنةِ إِن جاءَت به قَضِئَ العينِ فهو لِهِلال أَي فاسِدَ العين وقَضِئَ الثوبُ والحَبْلُ أَخْلَقَ وتَقَطَّعَ وعَفِنَ من طُول النَّدَى والطَّيّ وقيل قَضِئَ الحَبْلُ إِذا طالَ دَفْنُه في الأَرض حتى يَتَهَتَّكَ وقَضِئَ حَسَبُه قَضَأً وقَضاءة بالمد وقُضُوءاً عابَ وفَسَدَ وفيه قَضْأَةٌ وقُضْأَةٌ أَي عَيْبٌ وفَساد قال الشاعر
تُعَيِّرُني سَلْمَى وليس بقُضْأَةٍ ... ولو كنتُ من سَلْمَى تَفَرَّعْتُ دارِما
وسَلْمَى حَيٌ من دارِمٍ وتقول ما عليك في هذا الأَمر قُضْأَةٌ مثل قُضْعَةٍ بالضم أَي عارٌ وضَعةٌ ويقال للرجل إِذا نَكَح في غير كَفاءة نكح في قُضْأَةٍ ابن بُزُرْجَ يقال إِنهم لَيتَقَضَّؤُون منه أَن يُزَوِّجُوه أَي يَسْتَخِسُّون حَسَبه من القُضْأَةِ وَقَضِئَ الشيءَ يَقْضَؤُه قَضْأً ساكنة عن كراع أَكَلَه وأَقْضَأَ الرَّجُلَ أَطْعَمَهُ وقيل إِنما هي أَفْضَأَه بالفاء

( قفأ ) قَفِئَتِ الأَرضُ قَفْأً مُطِرَتْ وفيها نَبْتٌ فَحَمَلَ عليه المطَرُ فأَفْسَدَه وقال أَبو حنيفة القَفْءٌ أَن يَقَعَ الترابُ على البَقْلِ فإِنْ غَسَله المطَرُ وإِلاّ فَسَدَ واقْتَفَأَ الخَرْزَ أَعادَ عليه عن اللحياني قال وقيل لامرأَة إِنكِ لم تُحْسِني الخَرْزَ فاقْتَفِئِيه ( 1 )
( 1 قوله « وقيل لامرأة إلخ » هذه الحكاية أوردها ابن سيده هنا وأوردها الأزهري في ف ق أ بتقديم الفاء ) أَي أَعِيدِي عليه واجْعَلي عليه بين الكُلْبَتَيْنِ كُلْبَةً كما تُخاطُ البَوارِيُّ إِذا أُعِيدَ عليها يقال [ ص 134 ] اقْتَفَأْتُه إِذا أَعَدْتَ عليه والكُلْبَةُ السَّيْرُ والطاقةُ من اللِّيفِ تُسْتَعْمَلُ كما يُسْتَعْمَل الإِشْفَى الذي في رأْسِه حَجَر يُدْخَلُ السَّيرُ أَو الخَيْطُ في الكُلْبَةِ وهي مَثْنِيَّةٌ فيَدْخُل في موضع الخَرْزِ ويُدْخِلُ الخارِزُ يَدَه في الإِداوةِ ثم يَمُدُّ السيرَ أَو الخَيطَ وقد اكْتَلَب إِذا اسْتَعْمَلَ الكُلْبَةَ

( قمأ ) قَمَأَ الرَّجُلُ وغيرُه وقَمُؤَ قَمْأَةً وقَمَاءً وقَمَاءة لا يُعْنَى بقَمْأَةٍ ههنا المرَّة الواحدة البتَّة ذَلَّ وصَغُرَ وصار قَمِيئاً ورجل قَمِيءٌ ذليل على فَعِيلٍ والجمع قِمَاءٌ وقُمَاءٌ الأَخيرة جمعٌ عزيزٌ والأُنثى قَميئةٌ وأَقْمَأْتُه صَغَّرْتُه وذَلَّلته والصاغِرُ القَمِيءُ يُصَغَّر بذلك وإِن لم يكن قصيراً وأَقْمَيْتُ الرجُلَ إِذا ذَلَّلْتَه وقَمَأَتِ المرأَةُ قَمَاءة ممدود صغُر جِسمُها وقَمَأَتِ الماشيةُ تَقْمَأُ قُمُوءاً وقُمُوءة وقَمْأً وقَمُؤَت قَمَاءة وقَمَاءً وقَمَأً وأَقْمأَتْ سَمِنَت وأَقْمَأَ القومُ سَمِنَت إِبِلهم التهذيب قَمَأَتْ تَقْمَأُ فهي قامِئةٌ امتلأَتِ سِمَناً وأَنشد الباهليُّ
وجُرْدٍ طارَ باطِلُها نَسيلاً ... وأَحْدَثَ قَمْؤُها شَعَراً قِصارا
وأَقْمَأَني الشيءُ أَعْجَبَنِي أَبو زيد هذا زمان تَقْمَأُ فيه الإِبل أَي يَحْسُن وَبَرُها وتَسْمَنُ وقَمَأَتِ الإِبل بالمكان أَقامَتْ به وأَعْجَبها خِصْبُه وسَمِنَتْ فيه وفي الحديث أَنه عليه السلام كان يَقْمَأُ إِلى مَنْزِل عائشةَ رضي اللّه عنها كثيراً أَي يَدْخُل وقَمَأْتُ بالمكان قَمْأً دخلته وأَقَمْتُ به قال الزمخشري ومنه اقْتَمَأَ الشيءَ إِذا جَمَعه والقَمْءُ المكان الذي تُقِيمُ فيه الناقةُ والبَعِيرُ حتى يَسْمَنا وكذلك المرأَةُ والرَّجلُ ويقال قَمَأتِ الماشيةُ بمكان كذا حتى سَمِنَتْ والقَمْأَةُ المكانُ الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ وجَمْعُها القِمَاءُ ويقال المَقْمَأَةُ والمَقْمُؤَةُ وهي المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ أَبو عمرو المَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ المكان الذي لا تَطْلُع عليه الشمسُ وقال غيره مَقْناة بغير همز وإِنهم لفي قَمْأَةٍ وقُمْأَةٍ على مثال قُمْعةٍ أَي خِصْب ودَعةٍ وتَقَمَّأَ الشيءَ أخذ خِياره حكاه ثعلب وأَنشد لابن مقبل
لقد قَضَيْتُ فلا تَسْتَهْزِئَا سَفَهاً ... مما تَقَمَّأْتُه مِنْ لَذَّةٍ وطَرِي
وقيل تَقَمَّأْته جمعتُه شيئاً بعد شيءٍ وما قامَأَتْهُم الأَرضُ وافَقَتْهُم والأَعرف ترك الهمز وعَمْرُو بن قَمِيئةَ الشاعِرُ على فَعِيلة الأَصمعي ما يُقامِينِي الشيءُ وما يُقانِينِي أَي ما يُوافِقُنِي ومنهم من يهمز يُقاميني وتَقمَّأْتُ المكانَ تَقَمُّؤاً أَي وافقَني فأَقَمْتُ فيه

( قنأ ) قَنَأَ الشيءُ يَقْنَأُ قُنُوءاً اشْتَدَّتْ حُمْرَتُه وقَنَّأَهُ هو قال الأَسود بن يعفر
يَسْعَى بها ذُو تُومَتَيْنِ مُشَمِّرٌ ... قَنَأَتْ أَنامِلُه مِنَ الفِرْصاد
[ ص 135 ] والفِرْصادُ التُّوتُ وفي الحديث مررت بأَبي بكر فإِذا لِحْيَتُه قانِئةٌ أَي شَديدة الحُمْرة وقد قَنَأَتْ تَقْنَأُ قُنُوءاً وتركُ الهمزة فيه لغة أُخرى وشيءٌ أَحمرُ قانِئٌ وقال أَبو حنيفة قَنَأَ الجِلْدُ قُنُوءاً أُلْقِيَ في الدِّباغ بعد نَزْع تِحْلِئِه وقَنَّأَه صاحِبُه وقوله
وما خِفْتُ حتى بيَّنَ الشِّرْبُ والأَذَى ... بقانِئةٍ أَنِّي مِنَ الحَيِّ أَبْيَنُ
هذا شَرِيبٌ لقوم يقول لم يزالوا يَمْنعُونني الشُّرْبَ حتى احمرَّتِ الشمسُ وقَنَأَتْ أَطْرافُ الجارِيةِ بالحِنَّاءِ اسوَدَّتْ وفي التهذيب احْمَرَّتِ احْمِراراً شديداً وقَنَّأَ لِحْيَتَه بالخِضاب تَقْنِئَةً سَوَّدَها وقَنَأَتْ هي من الخِضاب التهذيب وقرأْت للمؤَرِّج يقال ضربته حتى قَنِئً يَقْنَأُ قُنُوءاً إِذا مات وقَنَأَهُ فلان يَقْنَؤُه قَنْأً وأَقْنَأْتُ الرَّجل إِقْناءً حَمَلْتُه على القتل والمَقْنَأَةُ والمَقْنُؤَةُ الموضع الذي لا تُصِيبه الشمس في الشتاء وفي حديث شريك أَنه جَلَس في مَقْنُؤَةٍ له أَي موضع لا تَطْلُعُ عليه الشمسُ وهي المَقْنَأَةُ أَيضاً وقيل هما غير مهموزين وقال أَبو حنيفة زعم أَبو عمرو أَنها المكان الذي لا تطْلُعُ عليه الشمس قال ولهذا وجه لأَنه يَرْجِعُ إِلى دوامِ الخُضْرة من قولهم قَنَأَ لِحْيَتَه إِذا سَوَّدها وقال غير أَبي عمرو مَقْناةٌ ومَقْنُوَةٌ بغير همز نقيضُ المَضْحاة وأَقْنَأَني الشيءُ أَمْكَنَنِي ودَنا مني

( قيأ ) القَيْءُ مهموز ومنه الاسْتِقاءُ وهو التكَلُّفُ لذلك والتَّقَيُّؤُ أَبلغ وأَكثر وفي الحديث لو يَعْلَمُ الشَّارِبُ قائماً ماذا عليه لاسْتَقاءَ ما شرب قاءَ يَقيءُ قَيْئاً واسْتَقاءَ وتَقَيَّأَ تَكَلَّفَ القَيْءَ وفي الحديث أَن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم اسْتَقَاءَ عامِداً فأَفْطَرَ هو اسْتَفْعَلَ من القَيْءِ والتَّقَيُّؤُ أَبلغ منه لأَنَّ في الاسْتِقاءة تكلُّفاً أَكثر منه وهو استِخراجُ ما في الجَوْفِ عامداً وقَيَّأَه الدَّواءُ والاسم القُيَاءُ وفي الحديث الراجِعُ في هِبَتِه كالراجِعِ في قَيْئِه وفي الحديث مَنْ ذَرَعَه القَيْءُ وهو صائم فلا شيءَ عليه ومَنْ تَقَيَّأَ فعليه الإِعادةُ أَي تَكَلَّفَه وتعَمَّدَه وقَيَّأْتُ الرجُلَ إِذا فَعَلْتَ به فِعْلاً يَتَقَيَّأُ منه وقاءَ فلان ما أَكل يَقِيئُه قَيْئاً إِذا أَلقاه فهو قاءٍ ويقال به قُيَاءٌ بالضم والمد إِذا جَعل يُكثِر القَيْءَ والقَيُوءُ بالفتح على فَعُول ما قَيَّأَكَ وفي الصحاح الدواءُ الذي يُشرب للقَيْءِ ورجل قَيُوءٌ كثير القَيْءِ وحكى ابن الأَعرابي رجل قَيُوٌّ وقال على مثال عَدُوٍّ فإِن كان إِنما مثَّله بِعدُوٍّ في اللفظ فهو وجِيهٌ وإِن كان ذَهَب به إِلى أَنه مُعتلّ فهو خَطَأٌ لأَنَّا لم نعلم قَيَيْتُ ولا قَيَوْتُ وقد نفى سيبويه مثل قَيَوْتُ وقال ليس في الكلام مثل حَيَوْتُ فإِذاً ما حكاه ابن الأَعرابي من قولهم قَيُوٌّ إِنما هو مخفف من رجل قَيُوءٍ كَمَقْرُوٍّ من مَقْرُوءٍ قال وإِنما حكينا هذا عن ابن الأَعرابي لِيُحْتَرَسَ منه ولئلا يَتَوَهَّمَ أَحد أَن قَيُوّاً من الواو أَو الياء لا سيما وقد نظَّره بعدُوٍّ وهَدُوٍّ ونحوهما من بنات الواو والياء [ ص 136 ] وقاءَتِ الأَرضُ الكَمْأَةَ أَخرجَتْها وأَظْهَرَتْها وفي حديث عائشة تصف عمر رضي اللّه عنهما وَبَعَجَ الأَرضَ فَقَاءَتْ أُكْلَها أَي أَظهرت نَباتَها وخَزائنَها والأَرض تَقيءُ النَّدَى وكلاهما على المثل وفي الحديث تَقِيءُ الأَرضُ أَفْلاذَ كَبِدِها أَي تُخْرِجُ كُنُوزَها وتَطْرَحُها على ظهرها وثوب يَقِيءُ الصَّبْغَ إِذا كان مُشْبَعاً وتَقَيَّأَتِ المرأَةُ تَعَرَّضَتْ لبَعْلِها وأَلْقَتْ نَفْسَها عليه الليث تَقَيَّأَتِ المَرأَةُ لزوجها وتَقَيُّؤُها تَكَسُّرها له وإِلقاؤُها نفسَها عليه وتَعَرُّضُها له قال الشاعر
تَقَيَّأَتْ ذاتُ الدَّلالِ والخَفَرْ ... لِعابِسٍ جافي الدَّلالِ مُقْشَعِرّ
قال الأَزهري تَقَيَّأَتْ بالقاف بهذا المعنى عندي تصحيف والصواب تَفَيَّأَتْ بالفاءِ وتَفَيُّؤُها تَثنِّيها وتَكَسُّرها عليه من الفَيْءِ وهو الرُّجوع

( كأكأ ) تكَأْكَأَ القومُ ازْدَحَمُوا والتَّكَأْكُؤُ التَّجَمُّع وسقط عيسى بن عُمر عن حِمار له فاجتَمع عليه الناسُ فقال ما لَكُمْ تَكَأْكَأْتُم عليَّ تكَأْكُؤَكُم على ذِي جِنَّةٍ ؟ افْرَنْقِعُوا عنّي ويروى على ذي حَيَّةٍ أَي حَوَّاء وفي حديث الحَكَم بن عُتَيْبة خرج ذاتَ يوم وقد تَكَأْكَأَ الناسُ على أَخِيهِ عِمرانَ فقال سبحان اللّه لو حَدَّث الشيطانُ لتَكَأْكَأَ الناسُ عليه أَي عَكَفوا عليه مُزْدَحمِين وتَكَأْكَأَ الرجُل في كلامه عَيَّ فلم يَقدِرْ على أَن يَتَكَلَّمَ وتَكَأْكَأَ أَي جَبُنَ ونَكَصَ مثل تَكَعْكَعَ الليث الكَأْكَأَةُ النُّكُوصُ وقد تَكَأْكَأَ إِذا انْقَدَعَ أَبو عمرو الكَأْكاءُ الجُبْنُ الهالِعُ والكَأْكاءُ عَدْوُ اللِّصِّ والمُتَكَأْكِئُ القَصِير

( كتأ ) الليث الكَتْأَةُ بِوَزْن فَعْلةٍ مهموزة نبات كالجِرجِير يُطْبَخُ فَيُؤْكل قال أَبو منصور هي الكَثْأَةُ بالثاء وتسمى النَّهْقَ قاله أَبو مالك وغيره

( كثأ ) كَثَأَتِ القِدْرُ كَثْأً أَزْبَدَتْ للغَلْيِ وكَثْأَتُها زَبَدُها يقال خُذ كَثْأَةَ قِدْرِكَ وكُثْأَتَهَا وهو ما ارْتَفَع منها بعدما تَغْلِي وكَثْأَةُ اللَّبَنِ طُفاوَتُه فوقَ الماء وقيل هو أَنْ يَعْلُوَ دَسَمُه وخُثُورَتُه رأْسَه وقد كَثَأَ اللبَنُ وكَثَعَ يَكْثَأُ كَثْأً إِذا ارْتَفَع فوق الماء وصَفا الماء من تحت اللبن ويقال كَثَأَ وكَثَعَ إِذا خَثُرَ وعَلاه دَسَمُه وهو الكَثْأَةُ والكَثْعَةُ ويقال كَثَّأْتُ إِذا أَكلتَ ما على رأْسِ اللبن أَبو حاتِم من الأَقِط الكَثْءُ وهو ما يُكْثَأُ في القِدْر ويُنصَبُ ويكون أَعْلاه غَلِيظاً وأَسْفَلُه ماء أَصفر وأَما المصرَع ( 1 )
( 1 قوله « وأما المصرع » كذا ضبطت الراء فقط في نسخة من التهذيب )
فالذي يَخْثُر ويكادُ يَنْضَجُ والعاقِدُ الذي ذهَب ماؤه ونَضِج والكَرِيضُ الذي طُبِخ مع النَّهَقِ أو الحَمَصِيصِ وأَمّا المَصْلُ فمن الأَقط يُطْبَخ مرة أُخرى والثَّوْرُ القِطْعة العَظيمة منه [ ص 137 ] والكُثْأَةُ الحِنْزابُ وقيل الكُرّاثُ وقيل بِزْرُ الجِرْجِير وأَكْثَأَتِ الأَرضُ كَثُرَتْ كُثْأَتُها وكَثَأَ النَّبْتُ والوَبَر يَكْثَأُ كَثْأً وهو كاثِئٌ نبت وطَلَع وقيل كَثُفَ وغَلُظَ وطالَ وكَثَأَ الزرعُ غَلُظَ والتَفَّ وكَثَّأَ اللَّبَنُ والوبَرُ والنَّبتُ تَكْثِئةً وكذلك كَثَأَتِ اللِّحْيةُ وأَكْثَأَتْ وكَنْثَأَتْ أَنشد ابن السكيت
وأَنْتَ امْرُؤ قد كَثَّأَتْ لَكَ لِحْيةٌ ... كَأَنَّكَ مِنْها قاعِدٌ في جُوالِقِ
ويروى كَنْثَأَتْ ولحية كَنْثَأَةٌ وإِنه لكَنْثاءُ اللِّحْيةِ وكَنْثَؤُها وهو مذكور في التاءِ

( كدأ ) كَدَأَ النبتُ يَكْدَأُ كَدْءاً وكُدُوءاً وكَدِئَ أَصابَه البَرْدُ فَلبَّده في الأَرضِ أَو أَصابَه العطَشُ فأَبْطَأَ نَبْتُه وكَدَأَ البَرْدُ الزرعَ رَدَّه في الأَرضِ يقال أَصابَ الزرعَ بَرْدٌ فكَدَّأَه في الأَرض تَكْدِئةً وأَرضٌ كادِئةٌ بَطِيئةُ النَّباتِ والإِنْباتِ وإِبلٌ كادَئةُ الأَوْبارِ قَلِيلَتُها وقد كَدِئَتْ تَكْدَأُ كَدَأً وأَنشد كَوادِئُ الأَوْبارِ تَشْكُو الدَّلَجا وكَدِئَ الغُرابُ يَكْدَأُ كَدَأً إِذا رأَيتَه كأَنه يَقِيءُ في شَحِيجِه

( كرثأ ) الكِرْثِئةُ النَّبْتُ المُجتَمِعُ المُلْتَفُّ وكَرْثَأَ شَعَرُ الرجُل كَثُرَ والتَفَّ في لغة بني أَسد والكِرْثِئةُ رُغْوة المَحْضِ إِذا حُلِبَ عليه لبَنُ شاةٍ فارْتَفَعَ وَتَكَرْثَأَ السَّحابُ تَراكَمَ وكلُّ ذلك ثلاثي عند سيبويه والكِرْثِئُ من السحاب

( كرفأ ) الكِرْفِئُ سَحابٌ مُتَراكِمٌ واحدته كِرْفِئةٌ وفي الصحاح الكِرْفِئُ السّحابُ المُرْتَفِعُ الذي بعضه فوق بعض والقِطْعةُ منه
كِرْفِئةٌ قالت الخنساءُ
كَكِرْفِئةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِي ... رِ تَرْمِي السَّحابَ ويَرْمي لَها
وقد جاءَ أَيضاً في شعر عامر بن جُوَيْنٍ الطائي يَصِف جارِيةً
وَجارِيةٍ مِنْ بَناتِ المُلو ... كِ قَعْقَعْتُ بالخَيْلِ خَلْخالَها
كَكِرْفِئةِ الغَيْثِ ذاتِ الصَّبِي ... رِ تَأْتِي السَّحابَ وتَأْتالَها
ومعنى تَأْتَالُ تُصْلِحُ وأَصْلُه تَأْتَوِلُ ونصبه باضمار أَن ومثله بيت لَبيد
بِصَبُوحِ صافِيةٍ وجَذْبِ كَرِينةٍ ... بِمُوَتَّرٍ تَأْتالُه إِبْهامُها
أَي تُصْلِحُه وهو تَفْتَعِلُ مِنْ آلَ يَؤُول ويروى تَأْتالَه إِبْهامُها بفتحِ اللام من تَأْتالَه على أَن يكون أَراد تَأْتِي له فأَبدَلَ من الياءِ أَلفاً كقولهم في بَقِيَ بَقا وفي رَضِيَ رَضا وتَكَرْفَأَ السَّحابُ كَتَكَرْثَأَ والكِرْفِئُ قشْر البيض الأَعلى والكِرْفِئة قشرة البَيضْةِ العُلْيا اليابِسةُ ونظر أَبو الغوث [ ص 138 ] الأَعرابي إِلى قِرْطاسٍ رقيق فقال غِرْقِئٌ تحت كُرْفِئٍ وهمزته زائدة والكِرْفِئُ من السَّحاب مِثْلُ الكِرْثِئِ وقد يجوز أَن يكون ثلاثياً وكَرْفَأَتِ القِدْرُ أَزْبَدَتْ لِلْغَلي

( كسأ ) كُسْءُ كل شَيءٍ وكُسُوءُهُ مُؤَخَّرُه وكُسْءُ الشهر وكُسُوءُه آخِرهُ قَدْرُ عَشْرٍ بَقِينَ منه ونحوها وجاءَ دُبُرَ الشهرِ وعلى دُبُرِه وكُسْأَه وأَكْسَاءَه وجِئْتُكَ على كُسْئِه وفي كُسْئِه أَي بعدما مَضَى الشهرُ كُلُّه وأَنشد أَبو عبيد
كَلَّفْتُ مَجْهُولَها نُوقاً يَمانِيةً ... إِذا الحِدَادُ على أَكْسائِها حَفَدُوا
وجاءَ في كُسْءِ الشهرِ وعلى كُسْئِه وجاءَ كُسْأَه أَي في آخِره والجمعُ في كل ذلك أَكْسَاءٌ وجُئْتُ في أَكْسَاءِ القَوْمِ أَي في مآخِيرهم وصَلَّيْت أَكْسَاءَ الفَرِيضةِ أَي مآخِيرَها ورَكِبَ كُسْأَهُ وَقَعَ على قَفَاه هذه عن ابن الأَعرابي وكَسَأَ الدابَّةَ يَكْسَؤُها كَسْأً ساقَها على إِثْر أَخْرَى وكَسَأَ القومَ يَكْسَؤُهم كَسْأً غَلَبَهم في خُصُومة ونحوها وكَسَأْتُه تَبِعْتُه ومَرَّ يَكْسَؤُهم أَي يَتْبَعُهم عن ابن الأَعرابي ومَرَّ كَسْءٌ من الليل أَي قِطْعةٌ ويقال للرجل إِذا هَزَم القومَ فَمَرَّ وهو يَطْردُهُم مرَّ فلان يَكْسَؤُهم ويَكْسَعُهم أَي يَتْبَعُهم قال أَبو شِبْل الأَعرابي
كُسِعَ الشِّتاءُ بِسَبْعَةٍ غُبْرِ ... أَيَّامِ شَهْلَتِنا مِنَ الشَّهْرِ
قال ابن بري ومنهم من يجعل بدل هذا العَجُز بالصِّنِّ والصِّنَّبْرِ والوَبْرِ وبآمِرٍ وأَخِيه مُؤْتَمِرٍ ومُعَلِّلٍ وبمُطْفِئِ الجَمْرِ والأَكْسَاءُ الأَدْبارُ قال المُثَلَّمُ بن عَمْرو التَّنُوخِي
حتى أَرَى فارِسَ الصَّمُوتِ علَى ... أَكْساءِ خَيْلٍ كأَنَّها الإِبِلُ
يعني خَلْفَ القَوْمِ وهو يَطْرُدُهُم معناه حتى يَهْزِم أَعْداءَه فيَسُوقُهُم من ورائِهِم كما تُساقُ الإِبل والصَّمُوتُ اسم فَرَسه

( كشأ ) كَشَأَ وَسَطَه كَشْأً قَطَعَه وكَشَأَ المرأَةَ كَشْأً نَكَحها وكَشَأَ اللحمَ كَشْأً فهو كشِيءٌ وأَكْشَأَه كلاهما شَواهُ حتى يَبِسَ ومثله وزَأْتُ اللحمَ إِذا أَيْبَسْتَه وفلان يَتَكَشَّأُ اللحمَ يأْكله وهو يابِسٌ وكَشَأَ يَكْشَأُ إِذا أَكلَ قِطْعَةً مِن الكَشِيءِ وهو الشِّواءُ المُنْضَجُ وأَكْشَأَ إِذا أَكَلَ الكَشيءَ وكَشَأْتُ اللحمَ وكَشَّأْته إِذا أَكلتَه قال ولا يقال في غير اللحم وكَشَأْتُ القِثَّاءَ أَكَلْته وكَشَأَ الطَّعامَ كَشْأً أَكلَه وقيل أَكله خَضْماً كما يُؤْكَلُ القِثَّاءُ ونحوه وكَشِئَ من الطعام كَشْأً وكَشَاءً الأَخيرة عن كُراع فهو كَشِئٌ وكَشِيءٌ ورجل كَشِيءٌ مُمْتَلِئٌ من الطَّعام وَتكَشَّأَ امْتَلأً وتَكَشَّأَ الأَدِيمُ تَكَشُّؤاً إِذا تَقَشَّر وقال الفَرَّاءُ كَشَأْتُه ولَفَأْتُه أَي قَشَرْتُه [ ص 139 ] وكَشِئَ السِّقاءُ كَشْأً بانَتْ أَدَمَتُه مِن بَشَرَتِه قال أَبو حنيفة هو إِذا أُطِيلَ طَيُّه فَيَبِسَ في طَيِّه وتَكَسَّرَ وكَشِئْتُ من الطَّعام كَشْأً وهو أَن تَمْتَلِئَ منه وكَشَأْتُ وَسَطَه بالسيف كَشْأً إِذا قطعته والكَشْءُ غِلَظٌ في جِلْد اليَدِ وتَقَبُّضٌ وقد كَشِئَتْ يَدُه وذو كَشَاءٍ موضعٌ حكاه أَبو حنيفة قال وقالت جِنِّيَّةٌ مَن أَراد الشِّفَاءَ مِن كل داءٍ فعليه بِنَباتِ البُرْقةِ من ذِي كَشَاءٍ تعني بِنَبات البُرْقةِ الكُرَّاثَ وهو مذكور في موضعه

( كفأ ) كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً جازاه تقول ما لي بهِ قِبَلٌ ولا كِفاءٌ أَي ما لي به طاقةٌ على أَن أُكافِئَه وقول حَسَّانَ بن ثابت وَرُوحُ القُدْسِ لَيْسَ لَهُ كِفَاءُ أَي جبريلُ عليه السلام ليس له نَظِير ولا مَثيل وفي الحديث فَنَظَر اليهم فقال مَن يُكافِئُ هؤُلاء وفي حديث الأَحنف لا أُقاوِمُ مَن لا كِفَاء له يعني الشيطانَ ويروى لا أُقاوِلُ والكَفِيءُ النَّظِيرُ وكذلك الكُفْءُ والكُفُوءُ على فُعْلٍ وفُعُولٍ والمصدر الكَفَاءةُ بالفتح والمدّ وتقول لا كِفَاء له بالكسر وهو في الأَصل مصدر أَي لا نظير له والكُفْءُ النظير والمُساوِي ومنه الكفَاءةُ في النِّكاح وهو أَن يكون الزوج مُساوِياً للمرأَة في حَسَبِها ودِينِها ونَسَبِها وبَيْتِها وغير ذلك وتَكافَأَ الشَّيْئانِ تَماثَلا وَكافَأَه مُكافَأَةً وكِفَاءً ماثَلَه ومن كلامهم الحمدُ للّه كِفاءَ الواجب أَي قَدْرَ ما يكون مُكافِئاً له والاسم الكَفاءة والكَفَاءُ قال
فَأَنْكَحَها لا في كَفَاءٍ ولا غِنىً ... زِيادٌ أَضَلَّ اللّهُ سَعْيَ زِيادِ
وهذا كِفَاءُ هذا وكِفْأَتُه وكَفِيئُه وكُفْؤُه وكُفُؤُه وكَفْؤُه بالفتح عن كراع أَي مثله يكون هذا في كل شيء قال أَبو زيد سمعت امرأَة من عُقَيْل وزَوجَها يَقْرآن لم يَلِدْ ولم يُولَدْ ولم يكن له كُفىً أَحَدٌ فأَلقى الهمزة وحَوَّل حركتها على الفاء وقال الزجاج في قوله تعالى ولم يَكُنْ له كُفُؤاً أَحَدٌ أَربعةُ أَوجه القراءة منها ثلاثة كُفُؤاً بضم الكاف والفاء وكُفْأً بضم الكاف وإِسكان الفاء وكِفْأً بكسر الكاف وسكون الفاء وقد قُرئ بها وكِفاءً بكسر الكاف والمدّ ولم يُقْرَأْ بها ومعناه لم يكن أَحَدٌ مِثْلاً للّه تعالى ذِكْرُه ويقال فلان كَفِيءُ فلان وكُفُؤُ فلان وقد قرأَ ابن كثير وأَبو عمرو وابن عامر والكسائي وعاصم كُفُؤاً مثقلاً مهموزاً وقرأَ حمزة كُفْأً بسكون الفاء مهموزاً وإِذا وقف قرأَ كُفَا بغير همز واختلف عن نافع فروي عنه كُفُؤاً مثل أَبي عَمْرو وروي كُفْأً مثل حمزة والتَّكافُؤُ الاسْتِواء [ ص 140 ] وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم المُسْلِمُونَ تَتَكافَأُ دِماؤُهم قال أَبو عبيد يريد تَتساوَى في الدِّياتِ والقِصاصِ فليس لشَرِيف على وَضِيعٍ فَضْلٌ في ذلك وفلان كُفْءُ فلانةَ إِذا كان يَصْلُح لها بَعْلاً والجمع من كل ذلك أَكْفَاء قال ابن سيده ولا أَعرف للكَفْءِ جمعاً على أَفْعُلٍ ولا فُعُولٍ وحَرِيٌّ أَن يَسَعَه ذلك أَعني أَن يكون أَكْفَاء جمعَ كَفْءٍ المفتوحِ الأَول أَيضاً وشاتان مُكافَأَتانِ مُشْتَبِهتانِ عن ابن الأَعرابي وفي حديث العَقِيقةِ عن الغلام شاتانِ مُكافِئَتانِ أَي مُتَساوِيَتانِ في السِّنِّ أَي لا يُعَقُّ عنه إِلاّ بمُسِنَّةٍ وأَقلُّه أَن يكون جَذَعاً كما يُجْزِئُ في الضَّحايا وقيل مُكافِئَتانِ أَي مُسْتوِيتانِ أَو مُتقارِبتانِ واختار الخَطَّابِيُّ الأَوَّلَ قال واللفظة مُكافِئَتانِ بكسر الفاء يقال كافَأَه يُكافِئهُ فهو مُكافِئهُ أَي مُساوِيه قال والمحدِّثون يقولون مُكافَأَتَانِ بالفتح قال وأَرى الفتح أَولى لإِنه يريد شاتين قد سُوِّيَ بينهما أَي مُساوًى بينهما قال وأَما بالكسر فمعناه أَنهما مُساوِيتَان فيُحتاجُ أَن يذكر أَيَّ شيء ساوَيَا وإِنما لو قال مُتكافِئتان كان الكسر أَولى وقال الزمخشري لا فَرْق بين المكافِئَتيْنِ والمُكافَأَتَيْنِ لأَن كل واحدة إِذا كافَأَتْ أُختَها فقد كُوفِئَتْ فهي مُكافِئة ومُكافَأَة أَو يكون معناه مُعَادَلَتانِ لِما يجب في الزكاة والأُضْحِيَّة من الأَسنان قال ويحتمل مع الفتح أَن يراد مَذْبُوحَتان من كافَأَ الرجلُ بين البعيرين إِذا نحر هذا ثم هذا مَعاً من غير تَفْريق كأَنه يريد شاتين يَذْبحهما في وقت واحد وقيل تُذْبَحُ إِحداهما مُقابلة الأُخرى وكلُّ شيءٍ ساوَى شيئاً حتى يكون مثله فهو مُكافِئٌ له والمكافَأَةُ بين الناس من هذا يقال كافَأْتُ الرجلَ أَي فَعَلْتُ به مثلَ ما فَعَلَ بي ومنه الكُفْءُ من الرِّجال للمرأَة تقول إِنه مثلها في حَسَبها وأَما قوله صلى اللّه عليه وسلم لا تَسْأَلِ المرأَةُ طَلاقَ أُختها لتَكْتَفِئَ ما في صَحْفَتها فإِنما لها ما كُتِبَ لها فإِن معنى قوله لِتَكْتَفِئَ تَفتَعِلُ من كَفَأْتُ القِدْرَ وغيرها إِذا كَبَبْتها لتُفْرِغَ ما فيها والصَّحْفةُ القَصْعةُ وهذا مثل لإِمالةِ الضَّرَّةِ حَقَّ صاحِبَتها من زوجها إِلى نَفْسِها إِذا سأَلت طلاقَها ليَصِير حَقُّ الأُخرى كلُّه من زوجِها لها ويقال كافَأَ الرجلُ بين فارسين برُمْحِه إِذا والَى بينهما فَطَعنَ هذا ثم هذا قال الكميت نَحْر المُكافِئِ والمَكْثُورُ يَهْتَبِلُ والمَكْثُورُ الذي غَلَبه الأََقْرانُ بكثرتهم يهْتَبلُ يَحْتالُ للخلاص ويقال بَنَى فلان ظُلَّةً يُكافِئُ بها عينَ الشمسِ ليَتَّقيَ حَرَّها قال أَبو ذرّ رضي اللّه عنه في حديثه ولنا عَباءَتانِ نُكافِئُ بهما عَنَّا عَيْنَ الشمسِ أَي نُقابِلُ بهما الشمسَ ونُدافِعُ من المُكافَأَة المُقاوَمة وإِنِّي لأَخْشَى فَضْلَ الحِساب وكَفَأَ الشيءَ والإِنَاءَ يَكْفَؤُه كَفْأً وكَفَّأَهُ فَتَكَفَّأَ وهو مَكْفُوءٌ واكْتَفَأَه مثل كَفَأَه قَلَبَه قال بشر بن أَبي خازم
وكأَنَّ ظُعْنَهُم غَداةَ تَحَمَّلُوا ... سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَلِيجٍ مُغْرَبِ
[ ص 141 ] وهذا البيت بعينه استشهد به الجوهري على تَكَفَّأَتِ المرأَةُ في مِشْيَتِها تَرَهْيَأَتْ ومادَتْ كما تَتَكَفَّأُ النخلة العَيْدانَةُ الكسائي كَفَأْتُ الإِناءَ إِذا كَبَبْتَه وأَكْفَأَ الشيءَ أَمَاله لُغَيّة وأَباها الأَصمعي ومُكْفِئُ الظُّعْنِ آخِرُ أَيام العَجُوزِ والكَفَأُ أَيْسَرُ المَيَلِ في السَّنام ونحوه جملٌ أَكْفَأُ وناقة كَفْآءُ ابن شميل سَنامٌ أَكْفَأُ وهو الذي مالَ على أَحَدِ جَنْبَي البَعِير وناقة كَفْآءُ وجَمَل أَكْفَأُ وهو من أَهْوَنِ عُيوب البعير لأَنه إِذا سَمِنَ اسْتَقامَ سَنامُه وكَفَأْتُ الإِناءَ كَبَبْته وأَكْفَأَ الشيءَ أَمالَه ولهذا قيل أَكْفَأْتُ القَوْسَ إِذا أَملْتَ رأْسَها ولم تَنْصِبْها نَصْباً حتى تَرْمِيَ عنها غيره وأَكْفَأَ القَوْسَ أَمَالَ رأْسَها ولم يَنْصِبْها نَصْباً حين يَرْمِي عليها ( 1 )
( 1 قوله « حين يرمي عليها » هذه عبارة المحكم وعبارة الصحاح حين يرمي عنها ) قال ذو الرمة
قَطَعْتُ بها أَرْضاً تَرَى وَجْهَ رَكْبِها ... إِذا ما عَلَوْها مُكْفَأً غيرَ ساجِعِ
أَي مُمالاً غيرَ مُستَقِيمٍ والساجِعُ القاصِدُ المُسْتَوِي المُسْتَقِيمُ والمُكْفَأُ الجائر يعني جائراً غير قاصِدٍ ومنه السَّجْعُ في القول وفي حديث الهِرّة أَنه كان يُكْفِئُ لها الإِناءَ أَي يُمِيلُه لتَشْرَب منه بسُهولة وفي حديث الفَرَعَة خيرٌ مِنْ أَن تَذْبَحَه يَلْصَقُ لحمه بوَبَرِه وتُكْفِئُ إِناءَك وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَكُبُّ إِناءَكَ لأَنه لا يَبْقَى لك لَبن تحْلُبه فيه وتُولِهُ ناقَتَكَ أَي تَجْعَلُها والِهَةً بِذبْحِك ولَدَها وفي حديث الصراط آخِرُ مَن يَمرُّ رجلٌ يَتَكَفَّأُ به الصراطُ أَي يَتَميَّل ويَتَقَلَّبُ وفي حديث دُعاء الطّعام غيرَ مُكْفَإٍ ولا مُوَدَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه رَبَّنا أَي غير مردود ولا مقلوب والضمير راجع إِلى الطعام وفي رواية غيرَ مَكْفِيٍّ من الكفاية فيكون من المعتلِّ يعني أنَّ اللّه تعالى هو المُطْعِم والكافي وهو غير مُطْعَم ولا مَكْفِيٍّ فيكون الضمير راجعاً إِلى اللّه عز وجل وقوله ولا مُوَدَّعٍ أَي غيرَ متروك الطلب إِليه والرَّغْبةِ فيما عنده وأَما قوله رَبَّنا فيكون على الأَول منصوباً على النداء المضاف بحذف حرف النداء وعلى الثاني مرفوعاً على الابتداءِ المؤَخَّر أَي ربُّنا غيرُ مَكْفِيٍّ ولا مُوَدَّعٍ ويجوز أَن يكون الكلام راجعاً إِلى الحمد كأَنه قال حمداً كثيراً مباركاً فيه غير مكفيٍّ ولا مُودَّعٍ ولا مُسْتَغْنىً عنه أَي عن الحمد وفي حديث الضحية ثم انْكَفَأَ إِلى كَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ فذبحهما أَي مالَ ورجع وفي الحديث فأَضَعُ السيفَ في بطنِه ثم أَنْكَفِئُ عليه وفي حديث القيامة وتكون الأَرضُ خُبْزةً واحدة يَكْفَؤُها الجَبَّار بيده كما يَكْفَأُ أَحدُكم خُبْزَته في السَّفَر وفي رواية يَتَكَفَّؤُها يريد الخُبْزة التي يَصْنَعُها المُسافِر ويَضَعُها في المَلَّة فإِنها لا تُبْسَط كالرُّقاقة وإِنما تُقَلَّب على الأَيدي حتى تَسْتَوِيَ وفي حديث صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا مشَى تَكَفَّى تَكَفِّياً التَّكَفِّي التَّمايُلُ إِلى قُدَّام [ ص 142 ] كما تَتَكَفَّأُ السَّفِينةُ في جَرْيها قال ابن الأَثير روي مهموزاً وغير مهموز قال والأَصل الهمز لأَن مصدر تَفَعَّلَ من الصحيح تَفَعُّلٌ كَتَقَدَّمَ تَقَدُّماً وتَكَفَّأَ تَكَفُّؤاً والهمزة حرف صحيح فأَما إِذا اعتل انكسرت عين المستقبل منه نحو تَحَفَّى تَحَفِّياً وتَسَمَّى تَسَمِّياً فإِذا خُفِّفت الهمزةُ التحقت بالمعتل وصار تَكَفِّياً بالكسر وكلُّ شيءٍ أَمَلْته فقد كَفَأْتَه وهذا كما جاءَ أَيضاً أَنه كان إِذا مَشَى كأَنَّه يَنْحَطُّ في صَبَبٍ وكذلك قوله إِذا مَشَى تَقَلَّع وبعضُه مُوافِقٌ بعضاً ومفسره وقال ثعلب في تفسير قوله كأَنما يَنْحَطُّ في صَبَبٍ أَراد أَنه قَوِيُّ البَدَن فإِذا مَشَى فكأَنما يَمْشِي على صُدُور قَدَمَيْه من القوَّة وأَنشد
الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهِمْ ... يَمْشُونَ في الدَّفَئِيِّ والأَبْرادِ
والتَّكَفِّي في الأَصل مهموز فتُرِك همزه ولذلك جُعِل المصدر تَكَفِّياً وأَكْفَأَ في سَيره جارَ عن القَصْدِ وأَكْفَأَ في الشعر خالَف بين ضُروبِ إِعْرابِ قَوافِيه وقيل هي المُخالَفةُ بين هِجاءِ قَوافِيهِ إِذا تَقارَبَتْ مَخارِجُ الحُروفِ أَو تَباعَدَتْ وقال بعضهم الإِكْفَاءُ في الشعر هو المُعاقَبَةُ بين الراء واللام والنون والميم قال الأَخفش زعم الخليل أَنَّ الإِكْفَاءَ هو الإِقْواءُ وسمعته من غيره من أَهل العلم قال وسَأَلتُ العَربَ الفُصَحاءَ عن الإِكْفَاءِ فإِذا هم يجعلونه الفَسادَ في آخِر البيت والاخْتِلافَ من غير أَن يَحُدُّوا في ذلك شيئاً إِلاَّ أَني رأَيت بعضهم يجعله اختلاف الحُروف فأَنشدته كأَنَّ فا قارُورةٍ لم تُعْفَصِ منها حِجاجا مُقْلةٍ لم تُلْخَصِ
كأَنَّ صِيرانَ المَها المُنَقِّزِ
فقال هذا هو الإِكْفَاءُ قال وأَنشد آخَرُ قوافِيَ على حروف مختلفة فعابَه ولا أَعلمه إِلاَّ قال له قد أَكْفَأْتَ وحكى الجوهريّ عن الفرَّاءِ أَكْفَأَ الشاعر إِذا خالَف بين حَركات الرَّوِيّ وهو مثل الإِقْواءِ قال ابن جني إِذا كان الإِكْفَاءُ في الشِّعْر مَحْمُولاً على الإِكْفاءِ في غيره وكان وَضْعُ الإِكْفَاءِ إِنما هو للخلافِ ووقُوعِ الشيءِ على غير وجهه لم يُنْكَر أَن يسموا به الإِقْواءَ في اخْتلاف حُروف الرَّوِيِّ جميعاً لأَنَّ كلَّ واحد منهما واقِعٌ على غير اسْتِواءٍ قال الأَخفش إِلا أَنِّي رأَيتهم إِذا قَرُبت مَخارِجُ الحُروف أَو كانت من مَخْرَج واحد ثم اشْتَدَّ تَشابُهُها لم تَفْطُنْ لها عامَّتُهم يعني عامَّةَ العرب وقد عاب الشيخ أَبو محمد بن بري على الجوهريّ قوله الإِكْفَاءُ في الشعر أَن يُخالَف بين قَوافِيه فيُجْعَلَ بعضُها ميماً وبعضها
طاءً فقال صواب هذا أَن يقول وبعضها نوناً لأَن الإِكْفَاءَ إِنما يكون في الحروف المُتقارِبة في المخرج وأَما الطاء فليست من مخرج الميم والمُكْفَأُ في كلام العرب هو المَقْلُوب وإِلى هذا يذهبون قال الشاعر
ولَمَّا أَصابَتْنِي مِنَ الدَّهْرِ نَزْلةٌ ... شُغِلْتُ وأَلْهَى الناسَ عَنِّي شُؤُونُها
إِذا الفارِغَ المَكْفِيَّ مِنهم دَعَوْتُه ... أَبَرَّ وكانَتْ دَعْوةً يَسْتَدِيمُها
فَجَمَعَ الميم مع النون لشبهها بها لأَنهما يخرجان من الخَياشِيم قال وأَخبرني من أَثق به من أَهل العلم أَن ابنة أَبِي مُسافِعٍ قالت تَرْثِي أَباها وقُتِلَ
[ ص 143 ]
وهو يَحْمِي جِيفةَ أَبي جَهْل بن هِشام
وما لَيْثُ غَرِيفٍ ذُو ... أَظافِيرَ وإِقْدامْ
كَحِبِّي إِذْ تَلاَقَوْا و ... وُجُوهُ القَوْمِ أَقْرانْ
وأَنتَ الطَّاعِنُ النَّجلا ... ءَ مِنْها مُزْبِدٌ آنْ
وبالكَفِّ حُسامٌ صا ... رِمٌ أَبْيَضُ خَدّامْ
وقَدْ تَرْحَلُ بالرَّكْبِ ... فما تُخْنِي بِصُحْبانْ
قال جمعوا بين الميم والنون لقُرْبهما وهو كثير قال وقد سمعت من العرب مثلَ هذا ما لا أُحْصِي قال الأَخفش وبالجملة فإِنَّ الإِكْفاءَ المُخالَفةُ وقال في قوله مُكْفَأً غير ساجِعِ المُكْفَأُ ههنا الذي ليس بِمُوافِقٍ وفي حديث النابغة أَنه كان يُكْفِئُ في شِعْرِه هو أَن يُخالَفَ بين حركات الرَّويّ رَفْعاً ونَصباً وجرّاً قال وهو كالإِقْواء وقيل هو أَن يُخالَف بين قَوافِيه فلا يلزم حرفاً واحداً وكَفَأَ القومُ انْصَرَفُوا عن الشيءِ وكَفَأَهُم عنه كَفْأً صَرَفَهم وقيل كَفَأْتُهُم كَفْأً إِذا أَرادوا وجهاً فَصَرَفْتَهم عنه إِلى غيره فانْكَفَؤُوا أَي رَجَعُوا ويقال كان الناسُ مُجْتَمِعِينَ فانْكَفَؤُوا وانْكَفَتُوا إِذا انهزموا وانْكَفَأَ القومُ انْهَزَمُوا
( يتبع )

( ( ) تابع ) كفأ كافَأَهُ على الشيء مُكافأَةً وكِفَاءً جازاه تقول ما لي بهِ وكَفَأَ الإِبلَ طَرَدَها واكْتَفَأَها أَغارَ عليها فذهب بها وفي حديث السُّلَيْكِ بن السُّلَكةِ أَصابَ أَهْلِيهم وأَموالَهم فاكْتَفَأَها والكَفْأَةُ والكُفْأَةُ في النَّخل حَمْل سَنَتِها وهو في الأَرض زِراعةُ سنةٍ قال
غُلْبٌ مَجالِيحُ عنْدَ المَحْلِ كُفْأَتُها ... أَشْطانُها في عِذابِ البَحْرِ تَسْتَبِقُ ( 1 )
( 1 قوله « عذاب » هو في غير نسخة من المحكم بالذال المعجمة مضبوطاً كما ترى وهو في التهذيب بالدال المهملة مع فتح العين )
أَراد به النخيلَ وأَرادَ بأَشْطانِها عُرُوقَها والبحرُ ههنا الماءُ
الكَثِير لأَن النخيل لا تشرب في البحر أَبو زيد يقال اسْتَكْفَأْتُ فلاناً نخلةً إِذا سأَلته ثمرها سنةً فجعل للنخل كَفْأَةً وهو ثَمَرُ سَنَتِها شُبِّهت بكَفْأَةِ الإِبل واسْتَكْفَأْتُ فلاناً إِبِلَه أَي سأَلتُه نِتاجَ إِبِلِه سَنةً فَأَكْفَأَنِيها أَي أَعْطاني لَبَنها ووبرَها وأَولادَها منه والاسم الكَفْأَة والكُفْأَة تضم وتفتح تقول أَعْطِني كَفْأَةَ ناقَتِك وكُفْأَةَ ناقَتِك غيره كَفْأَةُ الإِبل وكُفْأَتُها نِتاجُ عامٍ ونَتَجَ الإِبلَ كُفْأَتَيْنِ وأَكْفأَها إِذا جَعَلَها كَفْأَتين وهو أَن يَجْعَلَها نصفين يَنْتِجُ كل عام نصفاً ويَدَعُ نصفاً كما يَصْنَعُ بالأَرض بالزراعة فإِذا كان العام المُقْبِل أَرْسَلَ الفحْلَ في النصف الذي لم يُرْسِله فيه من العامِ الفارِطِ لأَنَّ أَجْوَدَ الأَوقاتِ عند العرب في نِتاجِ الإِبل أَن تُتْرَكَ الناقةُ بعد نِتاجِها سنة لا يُحْمَل عليها الفَحْل ثم تُضْرَبُ إِذا أَرادت الفحل وفي الصحاح لأَنّ أَفضل النِّتاج أن تُحْمَلَ على الإِبل الفُحولةُ عاماً [ ص 144 ] وتُتْرَكَ عاماً كما يُصْنَع بالأَرض في الزّراعة وأَنشد قول ذي الرمة
تَرَى كُفْأَتَيْها تُنْفِضَانِ ولَم يَجِدْ ... لَها ثِيلَ سَقْبٍ في النِّتاجَيْنِ لامِسُ
وفي الصحاح كِلا كَفْأَتَيْها يعني أَنها نُتِجَتْ كلها إِناثاً وهو محمود عندهم وقال كعب بن زهير
إِذا ما نَتَجْنا أَرْبَعاً عامَ كُفْأَةٍ ... بَغاها خَناسِيراً فأَهْلَكَ أَرْبَعا
الخَناسِيرُ الهَلاكُ وقيل الكَفْأَةُ والكُفْأَةُ نِتاجُ الإِبل بعد حِيالِ سَنةٍ وقيل بعدَ حِيالِ سنةٍ وأَكثرَ يقال من ذلك نَتَجَ فلان إِبله كَفْأَةً وكُفْأَةً وأَكْفَأْتُ في الشاءِ مِثلُه في الإِبل وأَكْفَأَتِ الإِبل كَثُر نِتاجُها وأَكْفَأَ إِبلَه وغَنَمَهُ فلاناً جَعل له أَوبارَها وأصْوافَها وأَشْعارَها وأَلْبانَها وأَوْلادَها وقال بعضهم مَنَحَه كَفْأَةَ غَنَمِه وكُفْأَتَها وَهَب له أَلبانَها وأَولادها وأصوافَها سنةً ورَدَّ عليه الأُمَّهاتِ ووَهَبْتُ له كَفْأَةَ ناقتِي وكُفْأَتها تضم وتفتح إِذا وهبت له ولدَهَا ولبنَها ووبرها سنة
واسْتَكْفَأَه فأَكْفَأَه سَأَلَه أَن يجعل له ذلك أَبو زيد اسْتَكْفَأَ زيدٌ عَمراً ناقَتَه إِذا سأَله أَن يَهَبَها له وولدها ووبرها سنةً وروي عن الحرث بن أَبي الحَرِث الأَزْدِيِّ من أَهل نَصِيبِينَ أَن أَباه اشْتَرَى مَعْدِناً بمائةِ شاة مُتْبِع فأَتَى أُمَّه فاسْتَأْمَرها فقالت إِنك اشتريته بثلثمائة شاة أُمُّها مائةٌ وأَولادُها مائة شاة وكُفْأَتُها مائة شاة فَنَدِمَ فاسْتَقالَ صاحِبَه فأَبَى أنْ يُقِيلَه فَقَبَضَ المَعْدِنَ فأَذابَه وأَخرج منه ثَمَنَ ألف شاةٍ فأَثَى به صاحِبُه إِلى عليّ كَرُّم اللّه وجهه فقال إِنَّ أَبا الحرث أَصابَ رِكازاً فسأَله عليّ كرّم اللّه وجهه فأَخبره أَنه اشتراه بمائة شاة مُتْبِع فقال عليّ ما أَرَى الخُمُسَ إِلاّ على البائِعِ فأَخذَ الخُمُس من الغنم أَراد بالمُتْبِع التي يَتْبَعُها أَولادُها وقوله أَثَى به أَي وَشَى به وسَعَى به يَأْثُوا أَثْواً
والكُفْأَةُ أَصلها في الإِبل وهو أَن تُجْعَلَ الإِبل قَطْعَتَيْن يُراوَحُ بينهما في النِّتاجِ وأَنشد شمر
قَطَعْتُ إِبْلي كُفْأَتَيْنِ ثِنْتَيْن ... قَسَمْتُها بقِطْعَتَيْنِ نِصْفَيْن
أَنْتِجُ كُفْأَتَيْهِما في عامَيْن ... أَنْتِجُ عاماً ذِي وهذِي يُعْفَيْن
وأَنْتِجُ المُعْفَى مِنَ القَطِيعَيْن ... مِنْ عامِنا الجَائي وتِيكَ يَبْقَيْن
قال أَبو منصور لمْ يزد شمر على هذا التفسير والمعنى أَنَّ أُمَّ الرجل جعلَت كُفْأَةَ مائةِ شاةٍ في كل نِتاجٍ مائةً ولو كانت إِبلاً كان كُفْأَةُ مائةٍ من الإِبلِ خَمْسين لأَن الغنمَ يُرْسَلُ الفَحْلُ فيها وقت ضِرابِها أَجْمَعَ وتَحْمِلُ أَجْمَع وليستْ مِثلَ الإِبلِ يُحْمَلُ عليها سَنةً وسنةً لا يُحْمَلُ عليها وأَرادتْ أُمُّ الرجل تَكْثِيرَ ما اشْتَرى به ابنُها وإعلامَه أَنه غُبِنَ فيما ابْتاعَ فَفَطَّنَتْه أَنه كأَنه اشْتَرَى المَعْدِنَ بِثلثمائة شاةٍ فَنَدِمَ الابنُ واسْتَقالَ بائعَه فأَبَى وبارَكَ اللّهُ له في المَعْدِن فَحَسَده البائع على كثرة الرِّبح وسَعَى به إِلى عَليٍّ رضي اللّه عنه ليأْخذ منه الخمس فَأَلْزَمَ الخُمُسَ البائِعَ وأَضرَّ السَّاعِي بِنَفْسِه في [ ص 145 ] سِعايَته بصاحِبِه إليه والكِفاءُ بالكسر والمَدّ سُتْرةٌ في البيت مِنْ أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه من مُؤَخَّرِه وقيل الكِفاءُ الشُّقَّة التي تكون في مُؤَخَّرِ الخِبَاءِ وقيل هو شُقَّةٌ أَو شُقَّتان يُنْصَحُ إحداهما بالأُخرى ثم يُحْمَلُ به مُؤَخَّر الخبَاءِ وقيل هو كِساءٌ يُلْقَى على الخِبَاءِ كالإِزارِ حتى يَبْلُغَ الأَرضَ وقد أَكْفَأَ البيتَ إِكْفاءً وهو مُكْفَأٌ إِذا عَمِلْتَ له كِفَاءً وكِفَاءُ البيتِ مؤَخَّرُه وفي حديث أُمِّ مَعْبَدٍ رأَى شاةً في كِفَاءِ البيت هو من ذلك والجمعُ أَكْفِئةٌ كَحِمارٍ وأَحْمِرةٍ ورجُلٌ مُكْفَأُ الوجهِ مُتَغَيِّرُه ساهِمُه ورأَيت فلاناً مُكْفَأَ الوَجْهِ إِذا رأَيتَه كاسِفَ اللَّوْنِ ساهِماً ويقال رأَيته مُتَكَفِّئَ اللَّوْنِ ومُنْكَفِتَ اللّوْنِ ( 1 )
( 1 قوله « متكفّئ اللون ومنكفت اللون » الأول من التفعل والثاني من الأنفعال كما يفيده ضبط غير نسخة من التهذيب )
أَي مُتَغَيِّرَ اللّوْنِ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه انْكَفَأَ لونُه عامَ الرَّمادة أَي تَغَيّر لونُه عن حاله ويقال أَصْبَحَ فلان كَفِيءَ اللّونِ مُتَغَيِّرَه كأَنه كُفِئَ فهو مَكْفُوءٌ وكَفِيءٌ قال دُرَيْدُ بن الصِّمَّة
وأَسْمَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... كَفِيءِ اللّوْنِ من مَسٍّ وضَرْسِ
أَي مُتَغَيِّرِ اللونِ من كثرة ما مُسِحَ وعُضَّ وفي حديث الأَنصاريِّ ما لي أَرى لَوْنَك مُنْكَفِئاً ؟ قال من الجُوعِ وقوله في الحديث كان لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ إِلا من مُكافِئٍ قال القتيبي معناه إِذا أَنْعَمَ على رجل نِعْمةً فكافَأَه بالثَّنَاءِ عليه قَبِلَ ثَنَاءَه وإِذا أَثْنَى قَبْلَ أَن يُنْعِمَ عليه لم يَقْبَلْها قال ابن الأَثير وقال ابن الأَنباري هذا غلط إِذ كان أَحد لا يَنْفَكُّ من إِنْعام النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم لأَنَّ اللّه عز وجل بَعَثَه رَحْمةً للناس كافَّةً فلا يَخرج منها مُكافِئٌ ولا غير مُكافِئٍ والثَّنَاءُ عليه فَرْضٌ لا يَتِمُّ الإِسلام إِلا به وإنما المعنى أَنه لا يَقْبَلُ الثَّنَاءَ عليه إِلا من رجل يعرف حقيقة إِسلامه ولا يدخل عنده في جُمْلة المُنافِقين الذين يَقولون بأَلسنتهم ما ليس في قلوبهم قال وقال الأَزهريّ وفيه قول ثالث إِلاّ من مُكافِئٍ أَي مُقارِبٍ غير مُجاوِزٍ حَدَّ مثلِه ولا مُقصِّر عما رَفَعَه اللّه إليه

( كلأ ) قال اللّه عز وجل قل مَنْ يَكْلَؤُكُم بالليلِ والنهارِ من الرحمن قال الفرَّاءُ هي مهموزة ولو تَرَكْتَ هَمْزَ مثلِه في غير القرآن قُلْتَ يَكْلُوكم بواو ساكنة ويَكْلاكم بأَلف ساكنة مثل يَخْشاكم ومَن جعلها واواً ساكنة قال كَلات بأَلف يترك النَّبْرةَ منها ومن قال يَكْلاكُم قال كَلَيْتُ مثل قَضَيْتُ وهي من لغة قريش وكلٌّ حَسَنٌ إِلا أَنهم يقولون في الوجهين مَكْلُوَّةٌ ومَكْلُوٌّ أَكثرَ مما يقلون مَكْلِيٌّ ولو قيل مَكْلِيٌّ في الذين يقولون كَلَيْت كان صواباً قال وسمعتُ بعض الأَعراب ينشد
ما خاصَمَ الأَقْوامَ مِن ذِي خُصُومةٍ ... كَوَرْهاءَ مَشْنِيٍّ إِليها حَلِيلُها
فبَنَى على شَنَيْت بتَرْك النَّبْرةِ الليث يقال كلأَكَ اللّه كِلاءة أَي حَفِظَك [ ص 146 ] وحرسك والمفعول منه مَكْلُوءٌ وأَنشد
إِنَّ سُلَيْمَى واللّهُ يَكْلَؤُها ... ضَنَّتْ بِزادٍ ما كانَ يَرْزَؤُها
وفي الحديث أَنه قال لِبِلالٍ وهم مُسافِرُون اكْلأْ لَنا وقْتَنا هو من الحِفْظ والحِراسة وقد تخفف همزة الكِلاءة وتُقْلَبُ ياءً وقد كَلأَه يَكْلَؤُه كَلأً وكِلاءً وكِلاءة بالكسر حَرَسَه وحَفِظَه قال جَميل
فَكُونِي بخَيْرٍ في كِلاءٍ وغِبْطةٍ ... وإِنْ كُنْتِ قَدْ أَزْمَعْتِ هَجْري وبِغْضَتي
قال أَبو الحسن كِلاءٌ يجوز أَن يكون مصدراً كَكِلاءة ويجوز أَن يكون جَمْعَ كِلاءة ويَجُوزُ أَن يكون أَراد في كِلاءة فَحَذَفَ الهاء للضَّرُوة ويقال اذْهَبُوا في كِلاءة اللّه واكْتَلأَ منه اكْتِلاءً احْتَرَسَ منه قال كعب ابن زهير
أَنَخْتُ بَعِيري واكْتَلأَتُ بعَيْنِه ... وآمَرْتُ نَفْسِي أَيَّ أَمْرَيَّ أَفْعَلُ
ويروى أَيُّ أَمْرَيَّ أَوْفقُ وكَلأَ القومَ كان لهم رَبِيئةً واكْتَلأَتْ عَيْنِي اكْتِلاءً إِذا لم تَنَمْ وحَذِرَتْ أَمْراً فَسَهِرَتْ له ويقال عَيْنٌ كَلُوءٌ إِذا كانت ساهِرَةً ورجلٌ كَلُوءُ العينِ أَي شَدِيدُها لا يَغْلِبُه النَّوْمُ وكذلك الأُنثى قال الأَخطل
ومَهْمَهٍ مُقْفِرٍ تُخْشَى غَوائِلُه ... قَطَعْتُه بِكَلُوءِ العَيْنِ مِسْفارِ
ومنه قول الأَعرابيّ لامْرَأَتِه فواللّه إِنِّي لأَبْغِضُ المرأَةَ كَلُوءَ الليلِ وكالأَه مُكَالأَةً وكِلاءً راقَبَه وأَكلأْتُ بَصَرِي في الشيءِ إِذا ردَّدْتَه فيه والكَلاَّءُ مَرْفَأُ السُّفُن وهو عند سيبويه فَعَّالٌ مثل جَبَّارٍ لأَنه يَكْلأُ السفُنَ مِن الرِّيحِ وعند أَحمد بن يحيى فَعْلاء لأَنَّ الرِّيح تَكِلُّ فيه فلا يَنْخَرِقُ وقول سيبويه مُرَجَّحٌ ومما يُرَجِّحُه أَن أَبا حاتم ذكر أَنَّ الكَلاَّءَ مذكَّر لا يؤَنِّثه أَحد من العرب وكَلأَ القومُ سَفيِنَتهم تَكْلِيئاً وتَكْلِئةً على مثال تكْلِيم وتكْلِمةٍ أَدْنَوْها من الشَطِّ وحَبَسُوها قال وهذا أَيضاً مما يُقَوِّي أَنَّ كَلاَّءً فَعَّالٌ كما ذهب إليه سيبويه والمُكَلأُ بالتشديد شاطِئُ النهر وَمَرْفَأُ السفُن وهو ساحِلُ كلِّ نَهر ومنه سُوقُ الكَلاَّءِ مشدود ممدود وهو موضع بالبصرة لأَنهم يُكَلِّئُون سُفُنَهم هناك أَي يَحْبِسُونها يذكر ويؤَنث والمعنى أَنَّ المَوضع يَدْفَعُ الرِّيحَ عن السُّفُن ويحفَظها فهو على هذا مذكر مصروف وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه وذكر البصرة إيَّاكَ وسِباخَها وكَلاَّءَها التهذيب الكَلاَّءُ والمُكَلأُ الأَوَّل ممدود والثاني مقصور مهموز مكان تُرْفَأُ فيه السُّفُنُ وهو ساحِلُ كلِّ نَهر وكَلأْتُ تَكْلِئةً إِذا أَتَيْت مَكاناً فيه مُسْتَتَرٌ من الرِّيح والموضع مُكَلأٌ وكَلاَّءٌ وفي الحديث من عَرَّضَ عَرَّضْنا لَه ومن مَشَى على الكَلاَّءِ أَلقَيْناه في النَّهَر معناه أَن مَنْ عَرَّضَ بالقَذْفِ ولم يُصَرِّحْ عَرَّضْنا له [ ص 147 ] بتَأْدِيبٍ لا يَبْلُغ الحَدّ ومن صَرَّحَ بالقذْفِ فَرَكِب نَهَر الحُدُودِ ووَسَطَه أَلْقَيْناه في نَهَرِ الحَدِّ فَحَدَدْناه وذلك أَن الكَلاَّءَ مَرْفَأُ السُّفُن عند الساحِل وهذا مَثَل ضَرَبه لمن عَرَّضَ بالقَذْف شَبَّهه في مُقارَبَتِه للتَّصريح بالماشي على شاطِيءِ النَّهَر وإِلقاؤُه في الماءِ إِيجابُ القذف عليه وإلزامُه الحَدَّ ويُثنَّى الكَلاَّءُ فيقال كَلاَّآن ويجمع فيقال كَلاَّؤُون قال أَبو النجم
تَرَى بِكَلاَّوَيْهِ مِنهُ عَسْكَرا ... قَوْماً يَدُقُّونَ الصَّفَا المُكَسَّرا
وَصَف الهَنِيءَ والمرِيءَ وهما نَهَرانِ حَفَرهما هِشامُ بن عبدالملِك يقول تَرَى بِكَلاَّوَي هذا النهر من الحَفَرَةِ قوْماً يَحْفِرُون ويَدُقُّونَ حجارةً مَوْضِعَ الحَفْرِ منه ويُكَسِّرُونها ابن السكيت الكَلاَّءُ مُجْتَمَعُ السُّفُن ومن هذا سمي كَلاَّءُ البَصْرَة كَلاّءً لاجتماع سُفُنِه وكَلأَ الدَّيْنُ أَي تَأَخَّر كَلأً والكالِئُ والكُلأَة النَّسيِئة والسُّلْفةُ قال الشاعر وعَيْنُه كالكالِئِ الضِّمَارِ أَي نَقْدُه كالنَّسِيئةِ التي لا تُرْجَى وما أَعْطَيْتَ في الطَّعامِ مِن الدَّراهم نَسِيئةً فهو الكُلأَة بالضم وأَكلأَ في الطعام وغيره إِكْلاءً وكَلأَ تَكْلِيْئاً أَسْلَفَ وسَلَّمَ أَنشد ابن الأَعرابي
فَمَنْ يُحْسِنْ إِليهم لا يُكَلِّئْ ... إِلى جارٍ بذاكَ ولا كَرِيمِ
وفي التهذيب إِلى جارٍ بذاك ولا شَكُورِ وأَكْلأَ إِكْلاءً كذلك واكْتَلأَ كُلأَةً وتَكَلأَها تَسَلَّمَها وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم نَهَى عن الكالِئِ بالكالِئِ قال أَبو عبيدة يعني النَّسِيئةَ بالنَّسِيئةِ وكان الأَصمعي لا يَهْمِزه ويُنْشِد لعَبِيد بن الأَبْرَصِ
وإِذا تُباشِرُكَ الهُمُومُ ... فإِنَّها كالٍ وناجِزْ
أَي منها نَسيئةٌ ومنها نَقْدٌ أَبو عبيدة تَكَلأْتُ كُلأَةً أَي اسْتَنْسَأْتُ نَسِيئةً والنَّسِيئةُ التَّأخِيرُ وكذلك اسْتَكلأْتُ كُلأَةً بالضم وهو من التَّأخِير قال أَبو عبيد وتفسيره أَن يُسْلِمَ الرَّجُلُ إِلى الرجل مائةَ دِرهمٍ إِلى سنة في كُرِّ طَعام فإِذا انقَضَت السنةُ وحَلَّ الطَّعامُ عليه قال الذي عليه الطَّعامُ للدّافع ليس عندي طَعامٌ ولكن بِعْنِي هذا الكُرَّ بمائتي درهم إِلى شهر فَيبيعُه منه ولا يَجرِي بينهما تَقابُضٌ فهذه نَسِيئةٌ انتقلت إِلى نَسِيئةٍ وكلُّ ما أَشبهَ هذا هكذا ولو قَبَضَ الطعامَ منه ثم باعَه منه أَو مِن غيره بِنَسيئةٍ لم يكن كالِئاً بكالِئٍ وقول أُمية الهذَلي
أُسَلِّي الهُمومَ بأَمْثالِها ... وأَطْوِي البلادَ وأَقْضِي الكَوالي
أَراد الكوالِئَ فإِمَّا أَن يكون أَبْدَلَ وإِما أَن يكون سَكَّن ثم خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيّاً وبَلَّغَ اللّه بك أَكْلأَ العُمُرِ أَي أَقْصَاهُ وآخِرَه وأَبْعَدَه وكَلأَ عُمُرُه انْتَهَى قال
تَعَفَّفْتُ عنها في العُصُورِ التي خَلَتْ ... فَكَيْفَ التَّصابي بَعْدَما كَلأَ العُمْرُ
[ ص 148 ] الأَزهري التَّكْلِئةُ التَّقَدُّمُ إِلى المكان والوُقُوفُ به ومن هذا يقال كَلأْتُ إِلى فلان في الأَمر تَكْلِيئاً أَي تَقَدَّمْتُ إِليه وأَنشد الفرّاءُ فِيمَن لم يَهْمِز فَمَنْ يُحْسِنْ إِليهم لا يُكَلِّي البيت وقال أَبو وَجْزَةَ
فإِن تَبَدَّلْتَ أَو كَلأْتَ في رَجُلٍ ... فلا يَغُرَّنْكَ ذُو أَلْفَيْنِ مَغْمُورُ
قالوا أَراد بذي أَلْفَيْنِ مَن له أَلفان من المال ويقال كَلأْتُ في أَمْرِك تكْلِيئاً أَي تأَمَّلْتُ ونَظَرتُ فيه وكَلأْتُ في فلان نَظَرْت إِليه مُتَأَمِّلاً فأَعْجَبَنِي ويقال كَلأْته مائة سَوْطٍ كَلأً إِذا ضَرَبْتَه الأَصمعي كَلأْتُ الرَّجُلَ كَلأً وسَلأْته سَلأً بالسَّوط وقاله النضر الأَزهري في ترجمة عشب الكَلأُ عند العرب يقع على العُشْب وهو الرُّطْبُ وعلى العُرْوةُ والشَّجَر والنَّصِيِّ والصِّلِّيانِ الطَّيِّب كلُّ ذلك من الكلإِ غيره والكَلأُ مهموز مقصور ما يُرْعَى وقيل الكَلأُ العُشْبُ رَطْبُه ويابِسُه وهو اسم للنوع ولا واحِدَ له وأَكلأَتِ الأَرضُ إِكْلاءً وكَلِئَتْ وكَلأَتْ كثر كَلَؤُها وأَرضٌ كَلِئَةٌ على النَّسَب ومَكْلأَةٌ كِلْتاهما كَثِيرةُ الكَلإِ ومُكْلِئةٌ وسَواء يابِسُه ورَطْبُه والكَلأُ اسم لجَماعة لا يُفْرَدُ قال أَبو منصور الكَلأُ يجمع النَّصِيَّ والصِّلِّيانَ والحَلمَةَ والشِّيحَ والعَرْفَجَ وضُروبَ العُرَا كلُّها داخلة في الكَلإِ وكذلك العُشْب والبَقْل وما أَشبهها وكَلأَتِ الناقةُ وأَكْلأَتْ أَكَلَت الكَلأَ والكَلالِئُ أَعْضادُ الدَّبَرَة الواحدة كَلاَّءٌ ممدود وقال النضر أَرْضٌ مُكْلِئةٌ وهي التي قد شَبِعَ إبِلُها وما لم يُشْبعِ الإِبلَ لم يَعُدُّوه إِعْشاباً ولا إِكْلاءً وان شَبِعَت الغَنمُ قال والكَلأُ البقْلُ والشَّجر وفي الحديث لا يُمْنَعُ فَضْلُ الماء لِيُمنَعَ به الكَلأُ وفي رواية فَضْلُ الكَلإِ معناه أَن البِئْر تكونُ في الباديةِ ويكون قريباً منها كَلأٌ فإِذا ورَدَ عليها واردٌ فَغَلَب على مائها ومَنَعَ مَنْ يَأْتِي بعده من الاسْتِقاءِ منها فهو بِمَنْعِهِ الماءَ مانِعٌ من الكَلإِ لأَنه متى ورَدَ رَجلٌ بإِبِلِه فأَرْعاها ذلك الكَلأَ ثم لم يَسْقِها قَتلها العَطَشُ فالذي يَمنع ماءَ البئْرِ يمنع النبات القَرِيب منه

( كمأ ) الكَمْأَةُ واحدها كَمءٌ على غيرِ قياس وهو من النوادِرِ فإِنَّ القِياسَ العَكْسُ الكَمْءُ نَبات يُنَقِّضُ الأَرضَ فيخرج كما يَخرج الفُطْرُ والجمع أَكْمُؤٌ وكَمْأَةٌ قال ابن سيده هذا قول أَهل اللغة قال سيبويه ليست الكَمْأَةُ بجمعِ كَمْءٍ لأَن فَعْلَةً ليس مما يُكَسَّر عليه فَعْلٌ إِنما هو اسم للجمع وقال أَبو خَيْرة وَحْدَه كَمْأَةٌ للواحد وكَمْءٌ للجميع وقال مُنْتَجِع كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع فَمَرَّ رُؤْبةُ فسَأَلاه فقال كَمْءٌ للواحد وكَمْأَةٌ للجميع كما قال مُنْتَجِع وقال أَبو حنيفة كَمْأَةٌ واحدة وكَمْأَتانِ وكَمْآتٌ وحَكَى عن أَبي زيد أَن الكَمْأَة تكون واحدةً وجَمْعاً والصحيح من ذلك كله ما ذكره سيبويه أَبو الهيثم يقال كَمْءٌ للواحد وجمعه كَمْأَةٌ ولا يُجمع شيءٌ على فَعْلة إِلاَّ كَمْءٌ [ ص 149 ] وكَمْأَةٌ ورَجْلٌ ورَجْلةٌ شمر عن ابن الأَعرابي يُجمع كَمْءٌ أَكْمُؤاً وجمع الجمع كَمْأَةٌ وفي الصحاح تقول هذا كَمْءٌ وهذان كَمْآنِ وهؤُلاءِ أَكْمُؤٌ ثلاثة فإِذا كثرت فهي الكَمْأَةُ وقيل الكَمْأَةُ هي التي إِلى الغُبرة والسَّواد والجِبَأَةُ إِلى الحُمْرةِ والفِقَعةُ البِيضُ وفي الحديث الكَمْأَةُ مِنَ المَنِّ وماؤُها شِفاءٌ للعين وأَكْمَأَتِ الأَرضُ فهي مُكْمِئةٌ كَثُرت كَمْأَتُها وأَرضٌ مَكْمُوؤَةٌ كثيرة الكَمْأَة وكَمَأَ القومَ وأَكْمَأَهم الأَخيرةُ عن أَبي حنيفة أَطْعَمَهُم الكَمْأَةَ وخَرجَ الناسُ يَتَكَمَّؤُون أَي يَجْتَنُون الكَمْأَةَ ويقال خرج المُتَكَمِّئُون وهم الذين يَطْلُبون الكَمْأَةَ والكَمَّاءُ بَيَّاعُ الكَمْأَة وجانيها للبيع أَنشد أَبو حنيفة
لقد ساءَني والناسُ لا يَعْلَمُونَه ... عَرازِيلُ كَمَّاءٍ بِهِنَّ مُقِيمُ
شمر سمعت أَعرابياً يقول بنو فلان يَقْتُلُون الكَمَّاءَ والضَّعِيفَ وكَمِئَ الرَّجلُ يَكْمَأُ كَمَأً مهموز حَفِيَ ولم يَكُنْ له نعل ( 1 )
( 1 قوله « ولم يكن له نعل » كذا في النسخ وعبارة الصحاح ولم يكن عليه نعل ولكن الذي في القاموس والمحكم وتهذيب الازهري حفي وعليه نعل وبما في المحكم والتهذيب تعلم مأخذ القاموس )
وقيل الكَمَأُ في الرِّجْل كالقَسَط ورَجُل كَمِئٌ قال
أَنْشُدُ باللّه مِنَ النَّعْلَيْنِهْ ... نِشْدةَ شيخٍ كَمِئِ الرِّجْلَيْنِهْ ( 2 )
( 2 قوله « النعلينه إلخ » هو كذلك في المحكم والتهذيب بدون ياء بعد النون فلا يغتر بسواه )
وقيل كَمِئَتْ رِجْلُه بالكسر تَشَقَّقَتْ عن ثعلب وقَدْ أَكْمَأَتْهُ السِّنُّ أَي شَيَّخَتْه عن ابن الأَعرابي وعنه أَيضاً تَلَمَّعَتْ عليه الأَرضُ وَتَودَّأَت عليه الأَرض وتَكَمَّأَت عليه إِذا غَيَّبَتْه وذَهَبَتْ به
وكَمِئَ عن الأَخبار كَمَأً جَهِلَها وغَبِيَ عنها وقال الكسائي إِنْ جَهِلَ الرجلُ الخَبَر قال كَمِئْتُ عن الأَخْبار أَكْمَأُ عنها

( كوأ ) كُؤْتُ عن الأَمر كَأْواً نَكَلْتُ المصدر مقلوب مُغَيَّر

( كيأ ) كاءَ عن الأَمر يَكِيءُ كَيْئاً وكَيْأَة نَكَل عنه أَو نَبَتْ عنه عينُه فلم يُرِدْهُ وأَكاءَ إِكاءة وإِكاءً إِذا أَراد أَمْراً ففاجَأَه على تَئِفَّة ذلك فَرَدَّه عنه وهابَهُ وجَبُنَ عنه ( 3 )
( 3 عبارة القاموس أكاءه إكاءةً وإكاءً فاجأه على تَئِفة امرٍ أراده فهابه ورجع عنه )
وأَكَأْتُ الرجُلَ وكِئْتُ عنه مثل كِعْتُ أَكِيعُ والكَيْءُ والكِيءُ والكاءُ الضَّعِيفُ الفُؤادِ الجَبانُ قال الشاعر
وإِنِّي لَكَيْءٌ عن المُوئِباتْ ... إِذا ما الرَّطِيءُ انْمَأَى مَرْتَؤُهْ ( 4 )
( 4 قوله « واني لكيء إلخ » هو كما ترى في غير نسخة من التهذيب وذكره المؤلف في وأب وفسره )
ورجل كَيْأَةٌ وهو الجَبانُ
وَدَعِ الأَمْرَ كَيْأَتَه وقال بعضهم هيأَتَه أَي على ما هو به وسيُذكر في موضعه [ ص 150 ]

( لألأ ) اللُّؤْلُؤَةُ الدُّرَّةُ والجمع اللُّؤْلُؤُ والَّلآلِئُ وبائعُه لأْآءٌ ولأْآلٌ ولأْلاءٌ قال أَبو عبيد قال الفرّاءُ سمعت العرب تقول لصاحب اللؤْلؤ لأْآءٌ على مثال لَعَّاعٍ وَكرِهَ قول الناس لأْآلٌ على مثال لَعَّالٍ قال الفارسي هو من باب سبطر وقال عليّ ابنُ حمزة خالف الفرّاءُ في هذا الكلام العربَ والقياس لإِن المسموع لأْآلٌ والقياس لُؤْلُؤِيٌّ لإِنه لا يبنى من الرباعي فَعَّالٌ ولأْآل شاذّ الليث اللُّؤْلُؤُ معروف وصاحبه لأْآل قال وحذفوا الهمزة الأَخيرة حتى استقام لهم فَعَّالٌ وأَنشد
دُرَّةٌ منْ عَقائِل البَحْربِكْرٌ ... لم تَخُنْها مَثاقِبُ الَّلأْآلِ
ولولا اعتلال الهمزة ما حسن حَذفها أَلا ترى أَنهم لا يقولون لبياع السمسم سَمّاسٌ وحَذْوُهُما في القياس واحد قال ومنهم من يرى هذا خطأ واللِّئالةُ بوزن اللِّعالةِ حرفة الَّلأْآلِ وتَلأْلأَ النجمُ والقَمرُ والنارُ والبَرقُ ولأْلأَ أَضاءَ ولَمع وقيل هو اضْطَرَب بَرِيقُه وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم يَتَلأْلأُ وجهُه تَلأْلُؤَ القمر أَي يَسْتَنِير ويُشْرِقُ مأْخوذ من اللُّؤْلُؤِ وتَلأْلأَتِ النارُ اضْطَرَبَتْ وَلأْلأَتِ النارُ لأْلأَةً إِذا تَوَقَّدت ولأْلأَتِ المرأَةُ بعَيْنَيْها برَّقَتْهُما وقول ابن الأَحمر
مارِيّةٌ لُؤْلُؤَانُ اللَّوْنِ أَوْرَدَها ... طَلٌّ وبَنَّسَ عنها فَرْقَدٌ خَصِرُ
فإِنه أَراد لُؤْلُؤِيَّتَهُ برَّاقَتَه وَلأْلأَ الثَورُ بذَنبِه حَرَّكه وكذلك الظَّبْيُ ويقال للثور الوحشي لأْلأَ بذنبه وفي المثل لا آتِيكَ ما لأْلأَتِ الفُورُ أَي بَصْبَصَتْ بأَذنابِها ورواه اللحياني ما لأْلأَتِ الفُورُ بأَذنابها والفُور الظِّباءُ لا واحد لها من لفظها

( لبأ ) اللِّبَأُ على فِعَلٍ بكسر الفاء وفتح العين أَوّلُ اللبن في النِّتاج أَبو زيد أَوّلُ الأَلْبانِ اللِّبَأُ عند الوِلادةِ وأَكثرُ ما يكون ثلاثَ حَلْباتٍ وأَقله حَلْبةٌ وقال الليث اللِّبَأُ مهموز مقصور أَوَّلُ حَلَبٍ عند وضع المُلْبِئِ ولَبأَتِ الشاةُ ولَدَها أَي أَرْضَعَتْه اللِّبَأَ وهي تَلْبَؤُه والتَبَأْتُ أَنا شَرِبتُ اللِّبَأَ ولَبَأْتُ الجَدْيَ أَطْعَمْتُه اللِّبَأَ ويقال لَبَأْتُ اللِّبَأَ أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا حلبت الشاة لِبَأً ولَبَأَ الشاةَ يَلْبَؤُها لَبْأً بالتسكين والتَبَأَها احْتَلَبَ لِبَأَها والتَبَأَها ولَدُها واسْتَلْبَأَها رَضِعَها ويقال اسْتَلْبَأَ الجَدْيُ اسْتِلْباءً إِذا ما رَضِعَ من تِلْقاءِ نَفْسِه وأَلْبَأَ الجَدْيُ إِلباءً إِذا رضع من تلقاءِ نفسه وأَلْبَأَ الجَدْيَ إِلْبَاءً إِذا شَدَّه إِلى رأْس الخِلْفِ ليَرْضَعَ اللّبأَ وأَلْبَأَتْه أُمُّه ولَبَأَتْه أَرْضَعَتْه اللِّبَأَ وأَلْبَأْتُه سَقَيْتُه اللِّبَأَ أَبو حاتم أَلْبَأَتِ الشاةُ وَلَدها أَي قامت حتى تُرْضِعَ لِبَأَها وقد التَبَأْناها أَي احْتَلَبنا لِبَأَها واسْتَلْبأَها ولدُها أَي شرب لِبأَها وفي حديث ولادة الحسن بن علي رضي اللّه عنهما وأَلبَأَه برِيقِه أَي صَبَّ رِيقَه في فِيهِ كما يُصَبُّ اللِّبَأُ في فم الصبيّ وهو أَوَّلُ ما يُحْلَبُ عند الولادةِ ولَبَأَ القومَ يَلْبَؤُهم لَبْأً إِذا صَنَع لهم اللِّبَأَ ولبَأَ [ ص 151 ] القومَ يَلْبَؤُهم لَبْأً وأَلْبَأَهم أَطْعمهم اللِّبَأَ وقيل لَبَأَهم أَطْعَمهم اللِّبَأَ وأَلبأَهمَ زوَّدهُم إِياه وقال اللحياني لَبَأْتُهم لَبْأً ولِبَأً وهو الاسم قال ابن سيده ولا أَدري ما حاصل كلام اللحياني هذا اللهم إلا أَن يريد أَن اللِّبَأَ يكون مصدراً واسماً وهذا لا يعرف وأَلْبَؤُوا كَثُر لِبَؤُهم وأَلْبَأَتِ الشاةُ أَنزلت اللِّبَأَ وقول ذي الرمة
ومَرْبُوعةٍ رِبْعِيَّةٍ قد لَبَأْتُها ... بِكَفَّيَّ من دَوِّيَّةٍ سَفَراً سَفْرا
فسره الفارسي وحده فقال يعني الكَمْأَةَ مَرْبوعةٍ أَصابها الرَّبيعُ ورِبْعيَّةٍ مُتَرَوّية بمطَر الربيع ولَبَأْتُها أَطْعَمتها أَوّل ما بَدَتْ وهي استعارةٌ كما يُطعَمُ اللِّبَأُ يعني أَن الكمَّاءَ جنَاها فبَاكَرَهم بها طَرِيّةً وسَفَراً منصوب على الظرف أَي غُدْوةً وسَفْراً مفعول ثانٍ للَبَأْتُها وعَدَّاه إِلى مفعولين لأَنه في معنى أَطْعَمْت وأَلبَأَ اللِّبَأَ أَصْلَحَه وطَبَخَه ولَبأَ اللِّبأَ يَلْبَؤُهُ لَبْأً وأَلْبَأَه طَبخَه الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ولَبَّأَتِ الناقةُ تَلْبِيئاً وهي مُلَبِّئٌ بوزن مُلَبِّعٍ وقع اللِّبَأُ في ضَرْعها ثم الفِصْحُ بعد اللِّبَإِ إِذا جاء اللبنُ بعد انقطاع اللِّبَإِ يقال قد أَفْصَحتِ الناقةُ وأَفْصحَ لَبَنُها وعِشارٌ مَلابِئُ إِذا دنا نِتاجُها ويقال لَبَأْتُ الفَسِيلَ أَلْبَؤُه لَبْأً إِذا سَقَيْتَه حين تَغْرِسُه وفي الحديث إِذا غرسْتَ فَسيلةً وقيل الساعةُ تقومُ فلا يَمْنَعك أَن تَلْبَأَها أَي تَسْقِيَها وذلك أَوَّل سَقْيِك إياها وفي حديث بعض الصحابة أَنه مَرَّ بأَنْصاريٍّ يَغْرِسُ نَخلاً فقال يا ابن أَخي إن بلَغَك أَنَّ الدجالَ قد خَرج فلا يَمنعنَّك من أَن تَلْبَأَها أَي لا يَمنعنَّكَ خُروجُه عن غَرْسِها وسَقْيِها أَولَ سَقْيةٍ مأَّخوذ من اللِّبإ ولَبَّأْت بالحجِّ تَلْبِئةً وأَصله لَبَّيْت غير مهموز قال الفرّاءُ ربما خرجت بهم فصاحتهم إِلى أَن يهمزوا ما ليس بمهموز فقالوا لَبَّأْتُ بالحَج وحَلأْتُ السَّوِيقَ ورثَأْتُ الميت ابن شميل في تفسير لَبَّيْكَ يقال لَبَأَ فلان من هذا الطعام يَلْبَأُ لَبْأً إِذا أَكثر منه قال ولَبَّيْكَ كأَنه اسْتِرْزاقٌ الأَحمر بَيْنَهم المُلْتَبِئةُ أَي هم مُتفاوِضُون لا يكتم بعضهم بعضاً وفي النوادر يقال بنو فلان لا يَلْتَبِئُون فَتاهُم ولا يَتَعَيَّرونَ شَيْخَهم المعنى لا يُزَوّجُون الغلام صغيراً ولا الشيخ كبيراً طَلَباً للنَّسْل واللَّبُؤَةُ الأُنثى من الأُسُود والجمع لَبُؤٌ واللَّبْأَةُ واللَّبَاة كاللَّبُؤَةِ فان كان مخففاً منه فجمعه كجمعه وإِن كان لغة فجمعه لَبَآتٌ واللَّبْوةُ ساكنة الباء غير مهموزة لغة فيها واللَّبُؤُ الأَسد قال وقد أُميت أَعني انهم قلّ استعمالهم إِياه البتة واللَّبُوءُ رجل معروف وهو اللَّبُوءُ بن عبدالقيس واللَّبْءُ حيٌّ

( لتأ ) لَتَأَ في صَدْره يَلْتَأُ لَتْأً دفع ولَتَأَ المرأَة يَلْتَؤُها لَتْأً نكحها ولَتَأَه بسهَم لَتْأً رمَاه به ولَتَأْتُ الرجل بالحجر إِذا رَمَيْتَه به ولَتَأْتُه [ ص 152 ] بعَيْنِي لَتْأً إِذا أَحْدَدْتَ إِليه النظَرَ وأَنشد ابن السكيت
تَراه إِذا أَمَّه الصِّنْو لا ... يَنُوءٌ اللَّتِيءُ الذي يَلْتَؤُهْ ( 1 )
( 1 قوله « أمه كذا » هو في شرح القاموس والذي في نسخ من اللسان لا يوثق بها بدل الميم حاء مهملة وفي نسخة سقيمة من التهذيب بدل الحاء جيم )
قال اللَّتِيءُ فَعِيلٌ مِن لَتَأْتُه إِذا أَصَبْتَه واللَّتِيءُ المَلْتِيُّ المَرْمِيُّ
ولَتَأَتْ به أُمُّه ولَدَته يقال لَعَنَ اللّه أُمّاً لَتَأَتْ به ولَكَأَت به أَي رَمَتْه

( لثأ ) الأَزهري روى سلمة عن الفرّاءِ أَنه قال اللَّثَأُ بالهمز لِما يسيل من الشجر وقال أَيضاً في ترجمة لثى اللَّثَى ما سَال من ماء الشجر من ساقها خاثِراً وسيأْتي ذكره

( لجأ ) لَجَأَ إِلى الشيء والمَكان يَلْجَأُ لَجْأً ولُجُوءاً ومَلْجَأً ولَجِئَ لَجَأً والْتَجَأَ وأَلْجأْتُ أَمْري إِلى اللّه أَسْنَدتُ وفي حديث كَعْب رضي اللّه عنه مَن دَخَل في ديوان المُسلِمِين ثمَ تَلجَّأَ منهم فقد خَرج من قُبَّة الإِسْلامِ يقال لَجَأْتُ إِلى فلان وعنه والتَجَأْتُ وتَلجَّأْتُ إِذا اسْتَنَدْتَ إِليه واعْتَضَدْتَ به أَو عَدَلْتَ عنه إِلى غيره كأَنه إِشارةٌ إِلى الخُروج والانْفراد عن المسلمِين واَلْجَأَه إِلى الشيءِ اضْطَرَّه إِليه وأَلْجَأَه عَصَمه والتَّلْجِئةُ الإِكْراهُ أَبو الهيثم التَّلْجِئةُ أَنْ يُلْجئَكَ أَن تَأْتِيَ أَمْراً باطِنُه خِلافُ ظاهره وذلِكَ مِثْلُ إِشْهادٍ على أَمْرٍ ظاهِرُه خِلافُ باطِنِه وفي حديث النُّعْمانِ بن بَشِير هذا تَلْجِئةٌ فأَشْهِدْ عليه غَيْرِي التَلْجِئة تَفْعِلة من الإِلْجَاءِ كأَنه قد أَلْجَأَكَ إِلى أَنْ تَأْتِيَ أَمراً باطِنُه خلافُ ظاهره وأَحْوَجَك إِلى أَن تَفْعَل فِعلاً تَكْرَهُه وكان بشير قد أَفْرَدَ ابنَه النُّعمانَ بشيءٍ دون إِخوته حَمَلتْه عليه أُمُّه والمَلْجَأُ واللَّجَأُ المَعْقِلُ والجمع أَلْجاءٌ ويقالُ أَلْجَأْتُ فلاناً إِلى الشيءِ إِذا حَصَّنْته في مَلْجإٍ ولَجَإٍ والْتَجَأْتُ إليه الْتِجاءً ابن شميل التَلْجِئةُ أَن يجعل مالَه لبَعض ورَثته دون بعض كأَنه يتصدَّق به عليه وهو وارثه قال ولا تَلْجِئةَ إِلاّ إِلى وارِثٍ ويقال أَلكَ لَجَأٌ يا فلان ؟ واللَّجأُ الزوجةُ وعُمَر بن لَجَإٍ التَّميمي الشاعر

( لزأ ) لَزَأَ الرجلَ ولَزَّأَه كلاهما أَعطاهُ ولَزَأَ إِبِلي ولَزَّأَها كلاهما أَحسنَ رِعْيَتَها وأَلْزَأَ غَنَمِي أَشْبَعَها غيره ولَزَّأْتُ الإِبلَ تَلْزِئةً إِذا أَحْسَنْتَ رِعْيَتَها وتَلَزَّأَتْ رِيّاً إِذا امْتَلأَتْ رِيّاً وكذلك تَوَزَّأَتْ رِيّاً ولَزَأْتُ القِرْبةَ إِذا مَلأْتَها وقَبَحَ اللّه أُمّاً لَزَأَتْ به

( لطأ ) اللّطْءُ لزوقُ الشيءِ بالشيء لَطِئَ بالكسر يَلْطَأُ بالأَرض لُطُوءاً ولَطَأَ يَلْطَأُ لَطْأً لَزِقَ بها يقال رأَيت فلاناً لاطِئاً بالأَرض ورأَيت الذئب لاطِئاً للسَّرِقَةِ ولَطَأْتُ بالأَرض ولَطِئْتُ أَي لَزِقْتُ وقال الشماخ فترك الهمز [ ص 153 ]
فَوافَقَهُنَّ أَطْلَسُ عامِرِيٌّ ... لَطا بصفائِحٍ مُتَسانِداتِ
أَراد لَطَأَ يعني الصَّيَّادَ أَي لَزِقَ بالأَرض فترك الهمزة وفي حديث ابن إِدريسَ لَطِئَ لساني فَقَلَّ عن ذكْرِ اللّهِ أَي يَبِسَ فكَبُرَ عليه فلم يَسْتَطِعْ تَحْرِيكَه وفي حديث نافع بن جبير إِذا ذُكر عبدُمناف فالْطَهْ هو من لَطِئَ بالأَرض فَحَذف الهمزة ثم أَتْبَعَها هاءَ السكت يريد إِذا ذُكر فالتَصِقُوا في الأَرض ولا تَعُدُّوا أَنفسكم وكُونوا كالتُّراب ويروى فالْطَؤُوا وأَكَمةٌ لاطِئةٌ لازِقةٌ واللاَّطِئةُ مِن الشِّجاج السِّمْحاقُ قال ابن الأَثير من أَسماءِ الشِّجاج اللاَّطئةُ قيل هي السِّمْحاقُ والسِّمْحاقُ عندهم المِلْطَى بالقصر والمِلْطاةُ والمِلْطَى قشرة رقِيقة بين عَظْمِ الرأس ولَحْمِه واللاَّطِئةُ خُراجٌ يَخْرُج بالانسان لا يكادُ يَبْرأُ منه ويزعمون أَنه مِن لَسْعِ الثُّطْأَة ولَطَأَه بالعَصا لَطْأً ضرَبه وخص بعضهم به ضربَ الظهر

( لفأ ) لَفَأَت الريحُ السَّحابَ عن الماءِ والترابَ عن وجه الأَرض تَلْفَؤُه لَفْأً فَرَّقَتْه وسَفَرَتْه ولَفَأَ اللحمَ عن العظم يَلْفَؤُه لَفْأً ولَفاً والْتَفَأَه كلاهما قَشَرَه وجَلَفَه عنه والقِطْعةُ منه لَفِيئَةٌ ( 1 )
( 1 قوله « لفيئة » كذا في المحكم وفي الصحاح لفئة بدون ياء )
نحو النَّحْضة والهَبْرةِ والوذْرةِ وكلُّ بَضْعةٍ لا عظم فيها لَفِيئةٌ والجمع لَفِيءٌ وجمع اللَّفِيئةِ من اللحم لَفايا مثل خَطِيئةٍ وخَطايا وفي الحديث رَضِيتُ مِن الوَفاءِ باللَّفاء قال ابن الأَثير الوفاء التمام واللَّفاء النُّقصان واشتقاقه من لَفَأْتُ العظم إِذا أَخذْتَ بعض لحمه عنه واسم تلك اللَّحْمة لَفِيئة ولَفَأَ العُودَ يَلْفَؤُه لَفْأً قَشَرَه ولَفَأَه بالعَصا لَفْأً ضرَبَه بها ولَفَأَه رَدَّه واللَّفَاءُ التُّراب والقُماش على وجه الأَرض واللَّفَاءُ الشيءُ القَلِيلُ واللَّفَاءُ دون الحَقِّ ويقال أرْضَ مِن الوَفاءِ باللَّفَاءِ أَي بدون الحَقّ قال أَبو زبيد
فما أَنا بالضَّعِيف فَتَزْدَرِيني ... ولا حَظِّي اللَّفَاءُ ولا الخَسِيسُ
ويقال فلان لا يَرْضَى باللَّفاءِ من الوَفاءِ أَي لا يَرْضى بدون وَفاء حَقِّه وأَنشد الفرّاءُ
أَظَنَّتْ بَنُو جَحْوانَ أَنَّك آكِلٌ ... كِباشي وقاضِيَّ اللَّفاءَ فَقابِلُهْ ؟
قال أَبو الهيثم يقال لفَأْتُ الرجلَ إِذا نَقَصْتَه حَقَّه وأَعطَيْتَه دون الوَفاء يقال رَضِيَ من الوَفاءِ باللَّفاءِ التهذيب ولَفَأَه حَقَّه إِذا أَعْطاه أَقَلَّ مِن حقِّه قال أَبو سعيد قال أَبو تراب أَحْسَبُ هذا الحرف من الأَضداد

( لكأ ) لَكِئَ بالمَكان أَقامَ به كَلَكِيَ ولَكَأَه بالسَّوْط لَكْأً ضَرَبه ولَكَأْتُ به الأَرضَ ضَرَبْتُ به الأَرض ولَعَن اللّهُ أُمًّا لَكَأَتْ به ولَتَأَتْ به أَي رَمَتْه وتَلَكَّأَ عليه اعْتَلَّ وأَبْطَأَ وتَلَكَّأْتُ عن الأَمر [ ص 154 ] تَلَكُّؤاً تباطَأْت عنه وتَوَقَّفْتُ واعْتَلَلْتُ عليه وامْتَنَعْتُ وفي حديث المُلاعَنةِ فَتَلَكَّأَتْ عند الخامسة أَي توقَّفَت وتباطَأَتْ أَن تَقُولَها وفي حديث زِيادٍ أُتِيَ برَجُل فَتَلَكَّأَ في الشّهادةِ

( لمأ ) تَلَمَّأَتْ به الأَرضُ وعليه تَلَمُّؤاً اشْتَمَلت واسْتَوَت ووارَتْه وأَنشد
ولِلأَرْضِ كَمْ مِنْ صالِحٍ قد تَلَمَّأَتْ ... عَلَيْهِ فَوارَتْه بلَمَّاعةٍ قَفْرِ
ويقال قد أَلْمأْتُ على الشيءِ إِلماءً إِذا احْتَوَيْتَ عليه ولَمَأَ به اشتمل عليه وأَلْمَأَ اللِّصُّ على الشيءِ ذَهَب به خُفْيةً وأَلْمَأَ على حَقِّي جَحَده وذهَب ثوبي فما أَدْري من أَلمَأَ عليه وفي الصحاح مَن أَلمَأَ به حكاه يعقوب في الجَحْد قال ويتكلم بهذا بغير جَحد وحكاه يعقوب أَيضاً وكان بالأَرض مَرْعًى أَو زرع فهاجت به دَوابُّ فأَلْمَأَتْه أَي تَرَكَتْه صعِيداً ليس به شيء وفي التهذيب فهاجَتْ به الرّياحُ فأَلمأَتْه أَي تَرَكَتْه صَعِيداً وما أَدْرِي أَين أَلْمَأَ مِن بِلاد اللّه أَي ذَهَب وقال ابن كَثْوةَ ما يَلْمَأُ فَمُه بكلمة وما يَجْأَى فَمُه بكلمة بمعناه وما يَلْمَأُ فم فلان بكلمة معناه أَنه لا يَسْتَعْظِمُ شيئاً تَكَلَّمَ به من قَبِيح ولَمَأَ الشيءَ يَلْمَؤُه أَخذَه بأَجْمَعِه وأَلْمأَ بما في الجَفْنة وتَلَمَّأَ به والتَمَأَه اسْتَأْثَرَ به وغَلَب عليه والتُمِئَ لونُه تَغيَّر كالتُمِعَ وحكى بعضهم الْتَمَأَ كالتَمَع ولَمَأَ الشيءَ أَبْصَرَه كَلَمَحَه وفي حديث المولد فَلَمَأْتُها نُوراً يُضِيءُ له ما حَوْلَه كَإِضاءة البَدْرِ لَمَأْتُها أَي أَبْصَرْتُها ولَمَحْتُها واللَّمءُ واللَّمحُ سُرْعة إِبصار الشيء

( لهلأ ) التهذيب في الخماسي تَلَهلأْتُ أَي نَكَصْتُ

( لوأ ) التهذيب في ترجمة لوى ويقال لَوَّأَ اللّه بك بالهمز أَي شَوَّهَ بك قال الشاعر
وكنتُ أُرَجِّي بَعْدَ نَعْمانَ جابِراً ... فَلَوَّأَ بالعَيْنَيْنِ والوجهِ جابِرُ
أَي شَوَّه ويقال هذه واللّه الشَّوْهةُ واللَّوْأَة ويقال اللَّوَّة بغير همز

( ليأ ) اللِّيَاءُ حَبٌّ أَبيضُ مِثْلُ الحِمَّصِ شديدُ البَياض يُؤْكل قال أَبو حنيفة لا أَدري أَلَهُ قُطْنِيَّةٌ أَم لا ؟

( مأمأ ) المَأْمَأَةُ حِكايةُ صَوْتِ الشاةِ أَو الظَّبْي إِذا وصَلَتْ صَوْتَها

( متأ ) مَتَأَه بالعَصا ضَرَبه بها ومَتَأَ الحَبْلَ يَمْتَؤُه مَتْأً مدَّه لغة في مَتَوْتُه

( مرأ ) المُرُوءة كَمالُ الرُّجُولِيَّة مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءة فهو مَرِيءٌ على فعيلٍ وَتمَرَّأَ على تَفَعَّلَ صار ذا مُروءة وتَمَرَّأَ تَكَلَّفَ المُروءة وتَمَرَّأَ بنا أَي طَلَب بإِكْرامِنا اسم المُروءة وفلان يَتَمَرَّأُ بنا أَي يَطْلُبُ المُروءة بنَقْصِنا أَو عيبنا والمُرُوءة الإِنسانية ولك أَن تُشَدّد الفرَّاءُ يقال من المُرُوءة مَرُؤَ الرجلُ يَمْرُؤُ مُرُوءة [ ص 155 ] ومَرُؤَ الطعامُ يَمْرُؤُ مَراءة وليس بينهما فرق إِلا اختلاف المصدرين وكَتَب عمرُ بنُ الخطاب إِلى أَبي موسى خُذِ الناسَ بالعَرَبيَّةِ فإِنه يَزيدُ في العَقْل ويُثْبِتُ المروءة وقيل للأَحْنَفِ ما المُرُوءة ؟ فقال العِفَّةُ والحِرْفةُ وسئل آخَرُ عن المُروءة فقال المُرُوءة أَن لا تفعل في السِّرِّ أَمراً وأَنت تَسْتَحْيِي أَن تَفْعَلَه جَهْراً وطعامٌ مَريءٌ هَنِيءٌ حَمِيدُ المَغَبَّةِ بَيِّنُ المَرْأَةِ على مثال تَمْرةٍ وقد مَرُؤَ الطعامُ ومَرَأَ صار مَرِيئاً وكذلك مَرِئَ الطعامُ كما تقول فَقُهَ وفَقِهَ بضم القاف وكسرها واسْتَمْرَأَه وفي حديث الاستسقاء اسقِنا غَيْثاً مَرِيئاً مَرِيعاً يقال مَرَأَني الطعامُ وأَمْرَأَني إِذا لم يَثْقُل على المَعِدة وانْحَدَر عنها طَيِّباً وفي حديث الشُّرْب فإِنه أَهْنَأُ وأَمْرَأُ وقالوا هَنِئَنِي الطَّعامُ ( 1 )
( 1 قوله « هنئني الطعام إلخ » كذا رسم في النسخ وشرح القاموس أيضاً ) ومَرِئَني وهَنَأَنِي ومَرَأَنِي على الإِتْباعِ إِذا أَتْبَعُوها هَنَأَنِي قالوا مَرَأَنِي فإِذا أَفردوه عن هَنَأَنِي قالوا أَمْرَأَنِي ولا يقال أَهْنَأَنِي قال أَبو زيد يقال أَمْرَأَنِي الطعامُ إِمْراءً وهو طعامٌ مُمْرِئٌ ومَرِئْتُ الطعامَ بالكسر اسْتَمْرأْتُه وما كان مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ وهذا يُمْرِئُ الطعامَ وقال ابن الأَعرابي ما كان الطعامُ مَرِيئاً ولقد مَرَأَ وما كان الرجلُ مَرِيئاً ولقد مَرُؤَ وقال شمر عن أَصحابه يقال مَرِئَ لي هذا الطعامُ مَراءة أَي اسْتَمْرَأْتُه وهَنِئَ هذا الطعامُ وأَكَلْنا من هذا الطعام حتى هَنِئْنا منه أَي شَبِعْنا ومَرِئْتُ الطعامَ واسْتَمْرَأْته وقَلَّما يَمْرَأُ لك الطعامُ ويقال ما لَكَ لا تَمْرَأُ أَي ما لَك لا تَطْعَمُ وقد مَرَأْتُ أَي طَعِمْتُ والمَرءُ الإِطعامُ على بناء دار أَو تزويج وكَلأٌ مَرِيءٌ غير وَخِيمٍ ومَرُؤَتِ الأَرضُ مَراءة فهي مَرِيئةٌ حَسُنَ هواءُها والمَرِيءُ مَجْرى الطعام والشَّراب وهو رأْس المَعدة والكَرِش اللاصقُ بالحُلْقُوم الذي يجري فيه الطعام والشراب ويدخل فيه والجمع أَمْرِئةٌ ومُرُؤٌ مَهموزة بوزن مُرُعٍ مثل سَرِير وسُرُرٍ أَبو عبيد الشَّجْرُ ما لَصِقَ بالحُلْقُوم والمَرِيءُ بالهمز غير مُشدد وفي حديث الأَحنَف يأْتينا في مثل مَرِيءِ نَعامٍ ( 2 )
( 2 قوله « يأتينا في مثل مريء إلخ » كذا بالنسخ وهو لفظ النهاية والذي في الاساس يأتينا ما يأتينا في مثل مريء النعامة ) المَرِيءُ مَجْرى الطَّعام والشَّراب من الحَلْق ضَرَبه مثلاً لِضيق العَيْشِ وقلة الطَّعَام وإِنما خص النَّعام لدقةِ عُنُقِه ويُستدلُّ به على ضِيق مَريئه وأَصلُ المَريءِ رأْسُ المَعِدة المُتَّصِلُ بالحُلْقُوم وبه يكون اسْتِمْراءُ الطعام وتقول هو مَرِيءُ الجَزُور والشاة للمتصل بالحُلْقوم الذي يجري فيه الطعامُ والشرابُ قال أَبو منصور أَقرأَني أَبو بكر الإِياديّ المريءُ لأَبي عبيد فهمزه بلا تشديد قال وأَقرأَني المنذري المَريُّ لأَبي الهيثم فلم يهمزه وشدَّد الياءَ والمَرْءُ الإِنسان تقول هذا مَرْءٌ وكذلك في النصب والخفض تفتح الميم هذا هو القياس ومنهم من يضم الميم في الرفع ويفتحها في النصب ويكسرها [ ص 156 ] في الخفض يتبعها الهمز على حَدِّ ما يُتْبِعُون الرَّاء إِياها إِذا أَدخلوا أَلف الوصل فقالوا امْرُؤٌ وقول أَبي خِراش
جَمَعْتَ أُمُوراً يُنْفِذُ المِرْءَ بَعْضُها ... مِنَ الحِلْمِ والمَعْرُوفِ والحَسَبِ الضَّخْمِ
هكذا رواه السكري بكسر الميم وزعم أَن ذلك لغة هذيل وهما مِرْآنِ صالِحان ولا يكسر هذا الاسم ولا يجمع على لفظه ولا يُجْمَع جَمْع السَّلامة لا يقال أَمْراءٌ ولا أَمْرُؤٌ ولا مَرْؤُونَ ولا أَمارِئُ وقد ورد في حديث الحسن أَحْسِنُوا ملأَكُمْ أَيها المَرْؤُونَ قال ابن الأَثير هو جَمْعُ المَرْءِ وهو الرَّجل ومنه قول رُؤْبةَ لِطائفةٍ رَآهم أَيْنَ يُرِيد المَرْؤُونَ ؟ وقد أَنَّثوا فقالوا مَرْأَةٌ وخَفَّفوا التخفيف القياسي فقالوا مَرَةٌ بترك الهمز وفتح الراءِ وهذا مطَّرد وقال سيبويه وقد قالوا مَراةٌ وذلك قليل ونظيره كَمَاةٌ قال الفارسي وليس بمُطَّرِد كأَنهم توهموا حركة الهمزة على الراءِ فبقي مَرَأْةً ثم خُفِّف على هذا اللفظ وأَلحقوا أَلف الوصل في المؤَنث أَيضاً فقالوا امْرأَةٌ فإِذا عرَّفوها قالوا المَرأة وقد حكى أَبو علي الامْرَأَة الليث امْرَأَةٌ تأْنيث امْرِئٍ وقال ابن الأَنباري الأَلف في امْرأةٍ وامْرِئٍ أَلف وصل قال وللعرب في المَرأَةِ ثلاث لغات يقال هي امْرَأَتُه وهي مَرْأَتُه وهي مَرَتْه وحكى ابن الأَعرابي أَنه يقال للمرأَة إِنها لامْرُؤُ صِدْقٍ كالرَّجل قال وهذا نادر وفي حديث عليٍّ كَرَّمَ اللّهُ وجهه لما تَزَوَّج فاطِمَة رِضْوانُ اللّه عليهما قال له يهودي أَراد أَن يبتاع منه ثِياباً لقد تَزَوَّجْتَ امْرأَةً يُرِيد امرأَةً كامِلةً كما يقال فلان رَجُلٌ أَي كامِلٌ في الرِّجال وفي الحديث يَقْتُلُون كَلْبَ المُرَيْئةِ هي تصغير المرأَة وفي الصحاح إِن جئت بأَلف الوصل كان فيه ثلاث لغات فتح الراءِ على كل حال حكاها الفرَّاءُ وضمها على كل حال وإِعرابها على كل حال تقول هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرَأً ومررت بامْرِئٍ معرَباً من مكانين ولا جمع له من لفظه وفي التهذيب في النصب تقول هذا امْرَؤٌ ورأَيت امْرَأً ومررت بامْرَئٍ وفي الرفع تقول هذا امْرُؤٌ ورأَيت امْرُأً ومررت بامْرُئٍ وتقول هذه امْرَأَةٌ مفتوحة الراءِ على كل حال قال الكسائي والفرَّاءُ امْرُؤٌ معرب من الراءِ والهمزة وإِنما أُعرب من مكانين والإِعراب الواحد يَكْفِي من الإِعرابين أَن آخره همزة والهمزة قد تترك في كثير من الكلام فكرهوا أَن يفتحوا الراءَ ويتركوا الهمزة فيقولون امْرَوْ فتكون الراء مفتوحة والواو ساكنة فلا يكون في الكلمة علامةٌ للرفع فَعَرَّبوه من الراءِ ليكونوا إِذا تركوا الهمزة آمِنين من سُقوط الإِعْراب قال الفرَّاءُ ومن العرب من يعربه من الهمز وَحْدَه ويَدَعُ الراءَ مفتوحة فيقول قام امرَؤٌ وضربت امْرَأً ومررت بامْرَئٍ وأَنشد
بِأَبْيَ امْرَؤٌ والشامُ بَيْنِي وبَينَه ... أَتَتْنِي بِبُشْرَى بُرْدُه ورَسائِلُهْ
وقال آخر
أَنتَ امْرَؤٌ مِن خِيار الناسِ قد عَلِمُوا ... يُعْطِي الجَزيلَ ويُعْطَى الحَمْدَ بالثَّمنِ
[ ص 157 ] هكذا أَنشده بِأَبْيَ باسكان الباءِ الثانية وفتح الياءِ والبصريون ينشدونه بِبَنْيَ امْرَؤٌ قال أَبو بكر فإِذا أَسقطت العرب من امرئٍ الأَلف فلها في تعريبه مذهبان أَحدهما التعريب من مكانين والآخر التعريب من مكان واحد فإِذا عَرَّبُوه من مكانين قالوا قام مُرْءٌ وضربت مَرْءاً ومررت بمِرْءٍ ومنهم من يقول قام مَرءٌ وضربت مَرْءاً ومررت بمَرْءٍ قال ونَزَلَ القرآنُ بتعْريبِه من مكان واحد قال اللّه تعالى يَحُول بين المَرْءِ وقَلْبِه على فتح الميم الجوهري المرءُ الرجل تقول هذا مَرْءٌ صالحٌ ومررت بِمَرْءٍ صالحٍ ورأَيت مَرْءاً صالحاً قال وضم الميم لغة تقول هذا مُرْؤٌ ورأَيت مُرْءاً ومررت بمُرْءٍ وتقول هذا مُرْءٌ ورأَيت مَرْءاً ومررت بِمِرْءٍ مُعْرَباً من مكانين قال وإِن صغرت أَسقطت أَلِف الوصل فقلت مُرَيْءٌ ومُرَيْئةٌ وربما سموا الذئب امْرَأً وذكر يونس أَن قول الشاعر
وأَنتَ امْرُؤٌ تَعْدُو على كلِّ غِرَّةٍ ... فتُخْطِئُ فيها مرَّةً وتُصِيبُ
يعني به الذئب وقالت امرأَة من العرب أَنا امْرُؤٌ لا أُخْبِرُ السِّرَّ والنسبة إِلى امْرِئٍ مَرَئِيٌّ بفتح الراء ومنه المَرَئِيُّ الشاعر وكذلك النسبة إِلى امْرِئِ القَيْس وإِن شئت امْرِئِيٌّ وامْرؤُ القيس من أَسمائهم وقد غلب على القبيلة والإِضافةُ إليه امْرِئيّ وهو من القسم الذي وقعت فيه الإِضافة إِلى الأَول دون الثاني لأَن امْرَأَ لم يضف إِلى اسم علم في كلامهم إِلاّ في قولهم امرؤُ القيس وأَما الذين قالوا مَرَئِيٌّ فكأَنهم أَضافوا إِلى مَرْءٍ فكان قياسه على ذلك مَرْئِيٌّ ولكنه نادرٌ مَعْدُولُ النسب قال ذو الرمة
إِذا المَرَئِيُّ شَبَّ له بناتٌ ... عَقَدْنَ برأْسِه إِبَةً وعارَا
والمَرْآةُ مصدر الشيء المَرْئِيِّ التهذيب وجمع المَرْآةِ مَراءٍ بوزن مَراعٍ قال والعوامُّ يقولون في جمع المَرْآةِ مَرايا قال وهو خطأٌ ومَرْأَةُ قرية قال ذو الرمة
فلما دَخَلْنا جَوْفَ مَرْأَةَ غُلِّقَتْ ... دساكِرُ لم تُرْفَعْ لخَيْرٍ ظلالُها
وقد قيل هي قرية هشام المَرئِيِّ وأَما قوله في الحديث لا يَتَمَرْأَى أَحدُكم في الدنيا أَي لا يَنْظُرُ فيها وهو يَتَمَفْعَلُ من الرُّؤْية والميم زائدة وفي رواية لا يَتَمَرَّأُ أَحدُكم بالدنيا مِن الشيءِ المَرِيءِ

( مسأ ) مَسَأَ يَمْسَأُ مَسْأً ومُسُوءًا مَجَنَ والماسِئُ الماجِنُ ومَسْءُ الطريقِ وَسَطُه ومَسَأَ مَسْأً مَرَنَ على الشيءِ ومَسَأَ أَبْطَأَ ومَسَأَ بينهم مَسْأً ومُسُوءاً حَرَّش أَبو عبيد عن الأَصمعي الماسُ خفيف غير مهموز وهو الذي لا يلتفِتُ إِلى مَوْعِظةِ أَحد ولا يَقبل قَوْلَه يقال رجل ماسٌ وما أَمْساهُ قال أَبو منصور كأَنه مقلوب كما قالوا هارٌ وهارٍ وهائرٌ قال أَبو منصور ويحتمل أَن يكون الماسُ في الأَصل ماسِئاً وهو مهموز في الأَصل

( مطأ ) ابن الفرج سمعت الباهِلِيِّين تقول مَطا الرجُلُ المرأَةَ ومَطَأَها بالهمز أَي وَطِئَها قال أَبو منصور وشَطَأَها بالشين بهذا المعنى لغة [ ص 158 ]

( مكأ ) المَكْءُ جُحْر الثَّعْلَب والأَرْنَب وقال ثعلب هو جُحْر الضب قال الطِّرِمَّاح
كَمْ به مِنْ مَكْءِ وحْشِيَّةٍ ... قِيضَ في مُنْتَثَلٍ أَو هَيامِ
عنى بالوَحْشِيَّةِ هنا الضَّبَّةَ لأَنه لا يَبِيضُ الثَّعلب ولا الأَرنب إِنما تَبِيض الضَّبَّة وقِيضَ حُفِرَ وشُقَّ ومَن رواه من مَكْن وحشية وهو البَيْضُ فقِيضَ عنده كُسِرَ قَيْضُه فأُخْرِجَ ما فيه والمُنْتَثَلُ ما يُخْرَج منه من التُّراب والهَيامُ التُّراب الذي لا يَتَماسَكُ أَن يَسِيلَ من اليد

( ملأ ) مَلأَ الشيءَ يَمْلَؤُه مَلأً فهو مَمْلُوءٌ ومَلأَه فامْتَلأَ وتَمَلأَ وإنه لَحَسَنُ المِلأَةِ أَي المَلْءِ لا التَّمَلُّؤِ وإِناءٌ مَلآنُ والأُنثى مَلأَى ومَلآنةٌ والجمع مِلاءٌ والعامة تقول إِناءٌ مَلاً أَبو حاتم يقال حُبٌّ مَلآنُ وقِرْبةٌ مَلأَى وحِبابٌ مِلاءٌ قال وإِن شئت خففت الهمزة فقلت في المذكر مَلانُ وفي المؤَنث مَلاً ودَلْوٌ مَلاً ومنه قوله حَبَّذا دَلْوُك إِذْ جاءَت مَلا أَراد مَلأَى ويقال مَلأْتُه مَلأَ بوزن مَلْعاً فإِن خففت قلت مَلاً وأَنشد شمر في مَلاً غير مهموز بمعنى مَلْءٍ
وكائِنْ ما تَرَى مِنْ مُهْوَئِنٍّ ... مَلا عَيْنٍ وأَكْثِبةٍ وَقُورِ
أَراد مَلْء عَيْنٍ فخفف الهمزة وقد امْتَلأَ الإِناءُ امْتِلاءً وامْتَلأَ وتَمَلأَ بمعنى والمِلْءُ بالكسر اسم ما يأْخذه الإِناءُ إِذا امْتَلأَ يقال أَعْطَى مِلأَه ومِلأَيْهِ وثلاثةَ أَمْلائه وكوزٌ مَلآنُ والعامَّةُ تقول مَلاً ماءً وفي دعاء الصلاة لكَ الحمدُ مِلْءَ السمواتِ والأَرضِ هذا تمثيل لأَنّ الكلامَ لا يَسَعُ الأَماكِنَ والمراد به كثرة العدد يقول لو قُدِّر أَن تكون كلماتُ الحَمد أَجْساماً لبلَغت من كثرتها أَن تَمْلأَ السمواتِ والأَرضَ ويجوز أَن يكون المرادُ به تَفْخِيمَ شأْنِ كلمة الحَمد ويجوز أَن يرادَ به أَجْرُها وثَوابُها ومنه حديث إِسلام أَبي ذر رضي اللّه عنه قال لنا كلِمَةً تَمْلأُ الفمَ أَي إِنها عظيمة شَنِيعةٌ لا يجوز أَن تُحْكَى وتُقالَ فكأَنَّ الفَمَ مَلآنُ بها لا يَقْدِرُ على النُّطق ومنه الحديث امْلَؤُوا أَفْواهَكم من القُرْآنِ وفي حديث أُمّ زرع مِلْءُ كِسائها وغَيْظُ جارَتِها أَرادت أَنها سَمِينة فإِذا تغطَّت بِكسائها مَلأَتْه وفي حديث عِمْرانَ ومَزادةِ الماء إِنه لَيُخَيَّلُ إِلينا أَنها أَشدُّ مِلأَةً منها حين ابْتُدِئَ فيها أَي أَشدُّ امْتلاءً يقال مَلأْتُ الإِناءَ أَمْلَؤُه مَلأً و المِلْءُ الاسم والمِلأَةُ أَخصُّ منه والمُلأَة بالضم مثال المُتْعةِ والمُلاءة والمُلاءُ الزُّكام يُصيب مِن امْتِلاءِ المَعِدة وقد مَلُؤَ فهو مَلِيءٌ ومُلِئَ فلان وأَمْلأَه اللّهُ إملاءً أَي أَزْكَمه فهو مَمْلُوءٌ على غير قياس يُحمل على مُلِئَ والمِلْءُ الكِظَّة من كثرة الأَكل الليث المُلأَةُ [ ص 159 ] ثِقَلٌ يأْخذ في الرأْس كالزُّكام من امْتِلاءِ المَعِدة وقد تَمَلأَ من الطعام والشراب تَمَلُّؤاً وتَمَلأَ غَيْظاً ابن السكيت تَمَلأْتُ من الطعام تَملُّؤاً وقد تَملَّيْتُ العَيْشَ تَملِّياً إِذا عِشْتَ مَلِيّاً أَي طَويلاً والمُلأَةُ رَهَلٌ يُصِيبُ البعيرَ من طُول الحَبْسِ بَعْدَ السَّيْر ومَلأَ في قَوْسِه غَرِّقَ النُّشَّابَةَ والسَّهْمَ وأَمْلأْتُ النَّزْعَ في القَوْسِ إِذا شَدَدْتَ النَّزْعَ فيها التهذيب يقال أَمْلأَ فلان في قَوْسِه إِذا أَغْرَقَ في النَّزْعِ ومَلأَ فلانٌ فُرُوجَ فَرَسِه إِذا حَمَله على أَشَدِّ الحُضْرِ ورَجل مَلِيءٌ مهموز كثير المالِ بَيِّن المَلاء يا هذا والجمع مِلاءٌ وأَمْلِئاءُ بهمزتين ومُلآءُ كلاهما عن اللحياني وحده ولذلك أُتِيَ بهما آخراً وقد مَلُؤَ الرجل يَمْلُؤُ مَلاءة فهو مَلِيءٌ صار مَلِيئاً أَي ثِقةً فهو غَنِيٌّ مَلِيءٌ بَيِّن المَلاءِ والمَلاءة ممدودان وفي حديث الدَّيْنِ إِذا أُتْبِعَ أَحدُكم على مَلِيءٍ فلْيَتَّبِعْ المَلِيءٌ بالهمز الثِّقةُ الغَنِيُّ وقد أُولِعَ فيه الناس بترك الهمز وتشديد الياء وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه لا مَلِئٌ واللّه باصْدارِ ما ورَدَ عليه واسْتَمْلأَ في الدَّيْنِ جَعل دَيْنَه في مُلآءَ وهذا الأَمر أَمْلأُ بكَ أَي أَمْلَكُ والمَلأُ الرُّؤَساءُ سُمُّوا بذلك لأَنهم مِلاءٌ بما يُحتاج إليه والمَلأُ مهموز مقصور الجماعة وقيل أَشْرافُ القوم ووجُوهُهم ورؤَساؤهم ومُقَدَّمُوهم الذين يُرْجَع إِلى قولهم وفي الحديث هَلْ تَدْرِي فِيمَ يَخْتصِمُ الملأُ الأَعْلى ؟ يريد الملائكةَ المُقَرَّبين وفي التنزيل العزيز أَلم تَرَ إِلى المَلإِ وفيه أَيضاً وقال المَلأُ ويروى أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم سَمِعَ رَجُلاً من الأَنصار وقد رَجَعُوا مَن غَزْوةِ بَدْر يقول ما قَتَلْنا إِلاَّ عَجائزَ صُلْعاً فقال عليه السلام أُولئِكَ المَلأَ مِنْ قُرَيْش لَوْ حَضَرْتَ فِعالَهم لاحْتَقَرْتَ فِعْلَكَ أَي أَشْرافُ قريش والجمع أَمْلاء أَبو الحسن ليس المَلأُ مِن باب رَهْطٍ وإِن كانا اسمين للجمع لأَن رَهْطاً لا واحد له من لفظه والمَلأُ وإِن كان لم يُكسر مالِئٌ عليه فإِنَّ مالِئاً من لفظه حكى أَحمد بن يحيى رجل مالِئٌ جليل يَمْلأَ العين بِجُهْرَتِه فهو كعَرَبٍ ورَوَحِ وشابٌّ مالِئُ العين إِذا كان فَخْماً حَسَناً قال الراجز بِهَجْمةٍ تَمْلأُ عَيْنَ الحاسِدِ ويقال فلان أَمْلأُ لعيني مِن فلان أَي أَتَمُّ في كل شيء مَنْظَراً وحُسْناً وهو رجل مالِئُ العين إِذا أَعْجبَك حُسْنُه وبَهْجَتُه وحَكَى مَلأَهُ على الأَمْر يَمْلَؤُه ومالأَهُ ( 1 )
( 1 قوله « وحكى ملأه على الأمر إلخ » كذا في النسخ والمحكم بدون تعرض لمعنى ذلك وفي القاموس وملأه على الأمر ساعده كمالأه ) وكذلك المَلأُ إِنما هم القَوْم ذَوُو الشارة والتَّجَمُّع للإِدارة فَفَارَقَ بابَ رَهْط لذلك والمَلأُ على هذا صفة غالبة وقد مَالأْتُه على الأَمر مُمالأَةَ ساعَدْتُه عليه وشايَعْتُه وتَمالأْنا عليه اجْتَمَعْنا وتَمالَؤُوا عليه اجْتَمعوا عليه وقول الشاعر
وتَحَدَّثُوا مَلأً لِتُصْبِحَ أُمّنا ... عَذْراءَ لا كَهْلٌ ولا مَوْلُودُ
[ ص 160 ] أَي تَشَاوَرُوا وتَحَدَّثُوا مُتَمالِئينَ على ذلك ليَقْتُلونا أَجمعين فتصبح أُمنا كالعَذْراء التي لا وَلَد لها قال أَبو عبيد يقال للقوم إِذا تَتابَعُوا برَأْيِهم على أَمر قد تَمالَؤُوا عليه ابن الأَعرابي مالأَه إِذا عاوَنَه ومَالأَه إِذا صَحِبَه أَشْباهُه وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه واللّه ما قَتَلْتُ عُثمانَ ولا مالأْت على قتله أَي ما ساعَدْتُ ولا عاوَنْتُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قَتَل سبعةَ نَفَرٍ برجل قَتَلُوه غِيلةً وقال لَو تَمالأَ عليه أَهلُ صَنْعاء لأَقَدْتُهم به وفي رواية لَقَتَلْتُهم يقول لو تضافَرُوا عليه وتَعاوَنُوا وتَساعَدُوا والمَلأُ مهموز مقصور الخُلُقُ وفي التهذيب الخُلُقُ المَلِيءُ بما يُحْتاجُ إليه وما أَحسن مَلأَ بني فلان أَي أَخْلاقَهم وعِشْرَتَهم قال الجُهَنِيُّ
تَنادَوْا يا لَبُهْثَةَ إِذْ رَأَوْنا ... فَقُلْنا أَحْسِني مَلأً جُهَيْنا
أَي أَحْسِنِي أَخْلاقاً يا جُهَيْنةُ والجمع أَملاء ويقال أَراد أَحْسِنِي ممالأَةً أَي مُعاوَنةً من قولك مالأْتُ فُلاناً أَي عاوَنْتهُ وظاهَرْته والمَلأُ في كلام العرب الخُلُقُ يقال أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَي أَحْسِنُوا أَخْلاقَكم وفي حديث أَبي قَتادَة رضي اللّه عنه أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما تَكابُّوا على الماء في تلك الغَزاةِ لِعَطَشٍ نالَهم وفي طريق لَمَّا ازدَحَمَ الناسُ على المِيضأَةِ قال لهم رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَحْسِنُوا المَلأَ فكلكم سَيَرْوَى قال ابن الأَثير وأَكثر قُرّاء الحديث يَقْرَؤُونها أَحْسِنُوا المِلْءَ بكسر الميم وسكون اللام من مَلْءِ الإِناءِ قال وليس بشيء وفي الحديث أَنه قال لأَصحابه حين ضَرَبُوا الأَعْرابيَّ الذي بال في المَسجد أَحسنوا أَمْلاءَكم أَي أَخْلاقَكم وفي غريب أَبي عُبيدة مَلأً أَي غَلَبَةً ( 1 )
( 1 قوله « ملأ أي غلبة » كذا هو في غير نسخة من النهاية ) وفي حديث الحسن أَنهم ازْدَحَمُوا عليه فقال أَحْسِنُوا أَمْلاءَكم أَيها المَرْؤُون والمَلأَ العِلْيةُ والجمع أَمْلاءٌ أَيضاً وما كان هذا الأَمرُ عن مَلإٍ منَّا أَي تشاوُرٍ واجتماع وفي حديث عمر رَضي اللّه عنه حِين طُعِنَ أَكان هذا عن مَلإٍ منكم أَي مُشاوَرةٍ من أَشرافِكم وجَماعَتِكم والمَلأُ الطَّمَعُ والظَّنُّ عن ابن الأَعْرابي وبه فسر قوله وتحَدَّثُوا مَلأً البيت الذي تَقَدَّم وبه فسر أَيضاً قوله فَقُلْنا أَحْسِنِي مَلأً جُهَيْنا أَي أَحْسِنِي ظَنّاً والمُلاءة بالضم والمدّ الرَّيْطة وهي المِلْحفةُ والجمع مُلاءٌ وفي حديث الاستسقاءِ فرأَيت السَّحابَ يَتَمَزَّقُ كأَنه المُلاءُ حين تُطْوَى المُلاءُ بالضم والمدّ جمع مُلاءةٍ وهي الإِزارُ والرَّيْطة وقال بعضهم إِن الجمع مُلأٌ بغير مد والواحد ممدود والأَول أَثبت شبَّه تَفَرُّقَ الغيم واجتماع بعضه إِلى بعض في أَطراف السماء بالإِزار إِذا جُمِعَتْ أَطرافُه وطُوِيَ ومنه حديث قَيْلةَ وعليه أَسمالُ مُلَيَّتَيْنِ هو تصغير مُلاءة مثناة المخففة الهمز وقول أَبي خِراش
كأَنَّ المُلاءَ المَحْضَ خَلْفَ ذِراعِه ... - صُراحِيّةٌ والآخِنِيُّ المُتَحَّمُ
عنى بالمَحْضِ هنا الغُبارَ الخالِصَ شبَّهه بالمُلاءِ من الثياب [ ص 161 ]

( منأ ) المَنِيئَةُ على فَعِيلةٍ الجِلْدُ أَوَّلَ ما يُدْبَغُ ثم هو أَفِيقٌ ثم أَدِيمٌ مَنَأَه يَمْنَؤُه مَنْأً إِذا أَنْقَعه في الدِّباغِ قال حميد بن ثور
إِذا أَنتَ باكَرْتَ المَنِيئةَ باكَرَتْ ... مَداكاَ لَها من زَعْفَرانٍ وإِثْمِدا
ومَنأْتُه وافَقْتُه على مثل فَعَلْتُه والمَنِيئةُ عند الفارِسيِّ مَفْعِلةٌ من اللَّحم النِّيءِ أَنْبأَ بذلك عنه أَبُو العَلاء ومَنَأَ تَأْبَى ذلك والمَنِيئةُ المَدْبَغةُ والمَنِيئةُ الجِلد ما كان في الدِّباغ وبَعَثَتِ امرأَةٌ من العرب بنتاً لها إِلى جارتها فقالت تقول لَكِ أُمّي أَعْطِيني نَفْساً أَو نَفْسَيْن أَمْعَسُ به مَنِيئَتِي فإِنِّي أَفِدةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه وآدِمةٌ في المَنِيئةِ أَي في الدِّباغ ويقال للجلد ما دام في الدِّباغ مَنِيئةٌ وفي حديث أَسْماءَ بنت عُمَيْسٍ وهي تَمْعَسُ مَنِيئةً لها والمَمْنَأَةُ الأَرض السَّوْداءُ تهمز ولا تهمز والمَنِيَّةُ من المَوْت معتل

( موأ ) ماءَ السِّنَّوْرُ يَمُوءُ مَوْءاً ( 1 )
( 1 قوله « يموء موءاً » الذي في المحكم والتكملة مواء أي بزنة غراب وهو القياس في الأصوات ) كَمَأَى قال اللحياني ماءَتِ الهرَّةُ تَمُوءُ مثل ماعَتْ تَمُوعُ وهو الضُّغاء إِذا صاحت وقال هِرَّةٌ مَؤُوءٌ على مَعُوعٍ وصَوتُها المُواءُ على فُعَال أَبو عمرو أَمْوَأَ السِّنَّوْرُ إِذا صاحَ وقال ابن الأَعرابي هي المائِيَةُ بوزن الماعيَة والمائِيّةُ بوزن الماعِيّةِ يقال ذلك للسِّنَّوْر واللّه أَعلم

( نأنأ ) النَّأْنَأَةُ العَجْزُ والضَّعْفُ وروى عِكْرِمةُ عن أَبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أَنه قال طُوبَى لِمَنْ ماتَ في النَّأْنَأَةِ مهموزة يعني أَوّل الإِسلام قَبْلَ أَن يَقْوَى ويكثُرَ أَهلُه وناصِرُه والدّاخِلُون فيه فهو عند الناس ضعيف
ونَأْنَأْتُ في الرأْي إِذا خَلَّطْت فيه تَخْلِيطاً ولم تُبْرِمْه وقد تَنَأْنَأَ ونَأْنَأَ في رأْيه نَأْنَأَةً ومُنَأْنَأَةً ضَعُفَ فيه ولم يُبْرِمْه قال عَبدهِنْد ابن زيد التَّغْلبِيّ جاهلي
فلا أَسْمَعَنْ منكم بأَمرٍ مُنَأْنَإٍ ... ضَعِيفٍ ولا تَسْمَعْ به هامَتي بَعْدِي
فإِنَّ السِّنانَ يَرْكَبُ المَرْءُ حَدَّه ... مِن الخِزْي أَو يَعْدُو على الأَسَدِ الوَرْدِ
وتَنَأْنَأَ ضَعُفَ واسْتَرْخَى ورجل نَأْنَأٌ ونَأْنَاءٌ بالمدّ والقصر عاجز جَبانٌ ضعيف قال امرؤُ القيس يمدح سعد بن الضَّبابِ الإِيادِيَّ
لعَمْرُكَ ما سَعْدٌ بِخُلّةِ آثِمٍ ... ولا نَأْنَإٍ عندَ الحِفاظِ ولا حَصِرْ
قال أَبو عبيد ومن ذلك قول علي رضي اللّه عنه لسليمانَ بن صُرَدٍ وكان قد تخلف عنه يوم الجَمَلِ ثم أَتاه فقال له عليّ رضي اللّه عنه تَنَأْنَأْتَ وتَراخَيْتَ فكيف رأَيتَ صُنْعَ اللّهِ ؟ قوله تَنَأْنَأْتَ يريد ضَعُفْتَ واسْتَرْخَيْتَ الأُموي نَأْنَأْتُ الرجل نَأْنَأَةً إِذا نَهْنَهْتَه عما يريد وكَفَفْتَه كأَنه يريد إِني حَمَلْتُه على أَن ضَعُفَ [ ص 162 ] عما أَراد وتراخى ورجل نَأْناءٌ يُكثر تقليب حَدَقَتيه والمعروف رَأْراءٌ

( نبأ ) النَّبَأُ الخبر والجمع أَنْبَاءٌ وإِنَّ لفلان نَبَأً أَي خبراً وقوله عز وجل عَمَّ يَتساءَلُون عن النَّبَإِ العظيم قيل عن القرآن وقيل عن البَعْث وقيل عن أَمْرِ النبي صلى اللّه عليه وسلم وقد أَنْبَأَه إِيّاه وبه وكذلك نَبَّأَه متعدية بحرف وغير حرف أَي أَخبر وحكى سيبويه أَنا أَنْبُؤُك على الإِتباع وقوله إِلى هِنْدٍ مَتَى تَسَلِي تُنْبَيْ أَبدل همزة تُنْبَئِي إِبدالاً صحيحاً حتى صارت الهمزة حرف علة فقوله تُنْبَيْ كقوله تُقْضَيْ قال ابن سيده والبيت هكذا وجد وهو لا محالة ناقص واسْتَنْبأَ النَّبَأَ بحَث عنه ونَابَأْتُ الرجلَ ونابَأَنِي أَنْبَأْته وأَنْبأَنِي قال ذو الرمة يهجو قوماً
زُرْقُ العُيُونِ إِذا جاوَرْتَهُم سَرَقُوا ... ما يَسْرِقُ العَبْدُ أَو نَابَأْتَهُم كَذَبُوا
وقيل نَابَأْتَهم تركْتَ جِوارَهم وتَباعَدْت عنهم وقوله عز وجل فَعمِيَتْ عليهم الأَنْبَاءُ يومئذٍ فهم لا يَتَساءَلون قال الفرَّاءُ يقول القائل قال اللّه تعالى وأَقْبَلَ بَعضُهم على بعض يَتَساءَلون كيف قال ههنا فهم لا يتساءَلُون ؟ قال أَهل التفسير انه يقول عَمِيَتْ عليهم الحُجَجُ يومئذٍ فسكتوا فذلك قوله تعالى فهم لا يَتَساءَلون قال أَبو منصور سمَّى الحُجَج أَنْبَاءً وهي جمع النَّبَإِ لأَنَّ الحُجَجَ أَنْبَاءٌ عن اللّه عز وجل الجوهري والنَبِيءُ المُخْبِر عن اللّه عز وجل مَكِّيَّةٌ لأَنه أَنْبَأَ عنه وهو فَعِيلٌ بمعنى فاعِلٍ قال ابن بري صوابه أَن يقول فَعِيل بمعنى مُفْعِل مثل نَذِير بمعنى مُنْذِر وأَلِيمٍ بمعنى مُؤْلِمٍ وفي النهاية فَعِيل بمعنى فاعِل للمبالغة من النَّبَإِ الخَبَر لأَنه أَنْبَأَ عن اللّه أَي أَخْبَرَ قال ويجوز فيه تحقيق الهمز وتخفيفه يقال نَبَأَ ونَبَّأَ وأَنْبَأَ قال سيبويه ليس أَحد من العرب إِلاّ ويقول تَنَبَّأَ مُسَيْلِمة بالهمز غير أَنهم تركوا الهمز في النبيِّ كما تركوه في الذُرِّيَّةِ والبَرِيَّةِ والخابِيةِ إِلاّ أَهلَ مكة فإِنهم يهمزون هذه الأَحرف ولا يهمزون
غيرها ويُخالِفون العرب في ذلك قال والهمز في النَّبِيءِ لغة رديئة يعني لقلة استعمالها لا لأَنَّ القياس يمنع من ذلك أَلا ترى إِلى قول سيِّدِنا رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقد قيل يا نَبِيءَ اللّه فقال له لا تَنْبِر باسْمي فإِنما أَنا نَبِيُّ اللّه وفي رواية فقال لستُ بِنَبِيءِ اللّهِ ولكنِّي نبيُّ اللّه وذلك أَنه عليه السلام أَنكر الهمز في اسمه فرَدَّه على قائله لأَنه لم يدر بما سماه فأَشْفَقَ أَن يُمْسِكَ على ذلك وفيه شيءٌ يتعلق بالشَّرْع فيكون بالإِمْساك عنه مُبِيحَ مَحْظُورٍ أَو حاظِرَ مُباحٍ والجمع أَنْبِئَاءُ ونُبَآءُ قال العَبَّاسُ بن مِرْداسٍ
يا خاتِمَ النُّبَآءِ إِنَّكَ مُرْسَلٌ ... بالخَيْرِ كلُّ هُدَى السَّبِيلِ هُداكا
إِنَّ الإِلهَ ثَنَى عليك مَحَبَّةً ... في خَلْقِه ومُحَمَّداً سَمَّاكا
قال الجوهري يُجْمع أَنْبِيَاء لأَن الهمز لما أُبْدِل وأُلْزِم الإِبْدالَ جُمِعَ جَمْعَ ما أَصلُ لامه حرف [ ص 163 ] العلة كَعِيد وأَعْياد على ما نذكره في المعتل قال الفرَّاءُ النبيُّ هو من أَنْبَأَ عن اللّه فَتُرِك هَمزه قال وإِن أُخِذَ من النَّبْوةِ والنَّباوةِ وهي الارتفاع عن الأَرض أَي إِنه أَشْرَف على سائر الخَلْق فأَصله غير الهمز وقال الزجاج القِرَاءة المجمع عليها في النَّبِيِّين والأَنْبِياء طرح الهمز وقد همز جماعة من أَهل المدينة جميع ما في القرآن من هذا واشتقاقه من نَبَأَ وأَنْبَأَ أَي أَخبر قال والأَجود ترك الهمز وسيأْتي في المعتل ومن غير المهموز حديث البَراءِ قلت ورَسُولِكَ الذي أَرْسَلْتَ فردَّ عَليَّ وقال ونَبِيِّكَ الذي أَرْسَلْتَ قال ابن الأَثير انما ردَّ عليه ليَخْتَلِفَ اللَّفْظانِ ويجمع له الثناءَ بين معنى النُّبُوَّة والرِّسالة ويكون تعديداً للنعمة في الحالَيْن وتعظيماً لِلمِنَّةِ على الوجهين والرَّسولُ أَخصُّ من النبي لأَنَّ كل رسول نَبِيٌّ وليس كلّ نبيّ رسولاً ويقال تَنَبَّى الكَذَّابُ إِذا ادَّعَى النُّبُوّةَ وتَنَبَّى كما تَنَبَّى مُسَيْلِمةُ الكَذّابُ وغيرُه من الدجّالين المُتَنَبِّينَ وتصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ مثالُ نُبَيِّعٍ وتصغير النُّبُوءة نُبَيِّئَةٌ مثال نُبَيِّعةٍ قال ابن بري ذكر الجوهري في تصغير النَّبِيءِ نُبَيِّئٌ بالهمز على القطع بذلك قال وليس الأَمر كما ذَكر لأَن سيبويه قال من جمع نَبِيئاً على نُبَآء قال في تصغيره نُبَيِّئ بالهمز ومن جمع نَبيئاً على أَنْبِياء قال في تصغيره نُبَيٌّ بغير همز يريد من لزم الهمز في الجمع لزمه في التصغير ومن ترك الهمز في الجمع تركه في التصغير وقيل النَّبيُّ مشتق من النَّبَاوةِ وهي الشيءُ المُرْتَفِعُ وتقول العرب في التصغير كانت نُبَيِّئةُ مُسَيْلِمَة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ قال ابن بري الذي ذكره سيبوبه كانت نُبُوّةُ مسيلمة نُبَيِّئةَ سَوْءٍ فذكر الأَول غير مصغر ولا مهموز ليبين أَنهم قد همزوه في التصغير وإِن لم يكن مهموزاً في التكبير وقوله عز وجل وإِذ أَخذنا من النَّبِيِّينَ مِيثاقَهم ومِنْكَ ومِن نُوح فقدّمه عليه الصلاة والسلام على نوح عليه الصلاة والسلام في أَخذ المِيثاق فانما ذلك لإِنّ الواو معناها الاجْتِماعُ وليس فيها دليلٌ أَن المذكور أَوّلاً لا يستقيم أَن يكون معناه التأْخير فالمعنى على مذهب أَهل اللغة ومن نُوح وإِبراهيم ومُوسَى وعيسى بنِ مريمَ ومِنْكَ وجاء في التفسير إِنّي خُلِقْتُ قبل الأَنبياء وبُعِثْتُ بعدَهم فعلى هذا لا تقديم ولا تأْخير في الكلام وهو على نَسَقِه وأَخْذُ المِيثاقِ حين أُخْرِجوا من صُلْب آدمَ كالذَّرّ وهي النُّبُوءة وتَنَبَّأَ الرَّجل ادّعَى النُّبُوءة ورَمَى فأَنْبَأَ أَي لم يَشْرِمْ ولم يَخْدِشْ ونَبَأْتُ على القوم أَنْبَأُ نَبْأً إِذا طلعت عليهم ويقال نَبَأْتُ من الأَرض إِلى أَرض أُخرى إِذا خرجتَ منها إليها ونَبَأَ من بلد كذا يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً طَرأَ والنابِئُ الثور الذي يَنْبَأُ من أَرض إِلى أَرض أَي يَخْرُج قال عديّ بن زيد يصف فرساً
ولَهُ النَّعْجةُ المَرِيُّ تُجاهَ الرَّكْ ... بِ عِدْلاً بالنَّابِئِ المِخْراقِ
أَرادَ بالنَّابِئِ الثَّوْرَ خَرَج من بلد إِلى بلد يقال نَبَأَ وطَرَأَ ونَشِطَ إِذا خَرج من بلد إِلى بلد ونَبَأْتُ من أَرض إِلى أَرض إِذا خَرَجْتَ منها إِلى أُخرى وسَيْلٌ
نابِئٌ جاء من بلد آخَر ورجل
[ ص 164 ]
نا بِئٌ كذلك قال الأَخطل
أَلا فاسْقِياني وانْفِيا عَنِّيَ القَذَى ... فليسَ القَذَى بالعُودِ يَسْقُطُ في الخَمْرِ
وليسَ قَذاها بالَّذِي قَدْ يَريبُها ... ولا بِذُبابٍ نَزْعُه أَيْسَرُ الأَمْرِ ( 1 )
( 1 « وليس قذاها إلخ » سيأتي هذا الشعر في ق ذ ي على غير هذا الوجه )
ولكِنْ قَذاها كُلُّ أَشْعَثَ نابِئٍ ... أَتَتْنا بِه الأَقْدارُ مِنْ حَيْثُ لا نَدْري
ويروى قداها بالدال المهملة قال وصوابه بالذال المعجمة ومن هنا قال الأَعرابي له صلى اللّه عليه وسلم يا نَبِيءَ اللّه فهَمز أَي يا مَن خَرَج من مكةَ إِلى المدينة فأَنكر عليه الهمز لأَنه ليس من لغة قريش ونَبَأَ عليهم يَنْبَأُ نَبْأً ونُبُوءاً هَجَم وطَلَع وكذلك نَبَهَ ونَبَع كلاهما على البدل ونَبَأَتْ به الأَرضُ جاءَت به قال حنش بن مالك
فَنَفْسَكَ أَحْرِزْ فإِنَّ الحُتُو ... فَ يَنْبَأْنَ بالمَرْءِ في كلِّ واد
ونَبَأَ نَبْأً ونُبُوءاً ارْتَفَعَ والنَّبْأَةُ النَّشْزُ والنَبِيءُ الطَّرِيقُ الواضِحُ والنَّبْأَةُ صوتُ الكِلاب وقيل هي الجَرْسُ أَيّاً كان وقد نَبَأَ نَبْأً والنَّبْأَةُ الصوتُ الخَفِيُّ قال ذو الرمة
وقد تَوَجَّسَ رِكْزاً مُقْفِرٌ نَدُسٌ ... بِنَبْأَةِ الصَّوْتِ ما في سَمْعِه كَذِبُ
الرِّكْزُ الصوتُ والمُقْفِرُ أَخُو القَفْرةِ يريد الصائد والنَّدُسُ الفَطِنُ التهذيب النَّبْأَةُ الصوتُ ليس بالشديد قال الشاعر
آنَسَتْ نَبْأَةً وأَفْزَعَها القَنَّاصُ ... قَصْراً وقَدْ دَنا الإِمْساءُ
أَرادَ صاحِبَ نَبْأَةٍ

( نتأ ) نَتَأَ الشيءُ يَنْتَأُ نَتْأً ونُتُوءاً انْتَبَر وانْتَفَخَ وكلُّ ما ارْتَفَعَ من نَبْتٍ وغيره فقد نَتَأَ وهو ناتِئٌ وأَما قول الشاعر قَدْ وَعَدَتْنِي أُمُّ عَمْرو أَنْ تا تَمْسَحَ رَأْسِي وتُفَلِّيني وا وتَمْسَحَ القَنْفَاءَ حتى تَنْتا فإِنه أراد حتى تَنْتَأَ فإِمَّا أَن يكون خَفَّفَ تخفيفاً قِياسِيًّا على ما ذَهب إليه أَبو عثمان في هذا النحو وإِما أَن يكون أَبدلَ إِبدالاً صحيحاً على ما ذهب إليه الأَخفش وكل ذلك ليوافق قوله تا من قوله وعدتني أُمُّ عمرو أَن تا ووَا من قوله تمسح رأْسي وتفلِّيني وا ولو جعلها بين بين لكانت الهمزة الخفيفة في نية المحققة حتى كأَنه قال تَنْتَأُ فكان يكون تا تَنْتَأُ مستفعلن وقوله رن أَن تا مفعولن وليني وا مفعولن ومفعولن لا يجيءٌ مع مستفعلن وقد أَكْفَأَ هذا الشاعر بين التاءِ والواو وأَراد أَن تَمْسَح وتُفَلِّيَنِي وتَمْسَحَ وهذا مِن أَقْبَحِ ما جاءَ في الإِكْفَاءِ وإِنما ذهب الأَخفش أَن الرويَّ من تا ووا التاءُ والواو من قِبَل أَنَّ الأَلف فيهما إِنما هي لإِشباع فتحة [ ص 165 ] التاءِ والواو فهي مدّ زائد لإِشباع الحركة التي قبلها فهي إِذاً كالأَلف والياءِ والواو في الجَرعا والأَيَّامِي والخِيامُو ونَتَأَ مِنْ بَلَدٍ الى بَلَدٍ ارتفع ونَتَأَ الشيءُ خَرَج من مَوْضِعه من غير أَن يَبِينَ وهو النُّتُوءُ ونَتَأَتِ القُرْحةُ وَرِمَتْ ونَتَأْتُ على القوم اطَّلَعْتُ عليهم مثل نَبَأْت ونَتَأَتِ الجارِيةُ بَلَغَتْ وارْتَفَعَتْ ونَتَأَ على القوم نَتْأً ارْتَفَعَ وكلُّ ما ارْتَفَع فهو ناتِئٌ وانْتَتَأَ إِذا ارْتَفَعَ ( 1 )
( 1 قوله « وانتتأ إِذا ارتفع إلخ » كذا في النسخ والتهذيب وعبارة التكملة انتتأ أي ارتفع وانتتأ أَيضاً انبرى وبكليهما فسر قول أبي حازم العكلي فلما إلخ ) وأَنشد أَبو حازم
فَلَمَّا انْتَتَأْتُ لِدِرِّيئِهِمْ ... نَزَأْتُ عليه الْوَأَى أَهْذَؤُهْ
لِدِرِّيئِهمْ أَي لعَرِّيفِهم نَزَأْتُ عليه أَي هَيَّجْتُ عليه ونَزَعْتُ الْوَأَى وهو السَّيْف أَهْذَؤُه أَقْطَعُه وفي المثل تَحْقِرُه ويَنْتَأُ أَي يَرْتَفِعُ يقال هذا للذي ليس له شاهِدُ مَنْظَر وله باطِنُ مَخْبَر أَي تَزْدَرِيهِ لسُكُونه وهو يُجاذِبُكَ وقيل معناه تَسْتَصْغِرُه ويَعْظُمُ وقيل تَحْقِرُه ويَنْتُو بغير همز وسنذكره في موضعه

( نجأ ) نَجَأَ الشيءَ نَجْأَةً وانْتَجَأَه أَصابَه بالعين الأَخيرة عن اللحياني وتَنَجَّأَه أَي تَعَيَّنَه ورجل نَجِئُ العَيْنِ على فَعِلٍ ونَجيءُ العين على فَعِيلٍ ونَجُؤُ العينِ على فَعُلٍ ونَجُوءُ العينِ على فَعُولٍ شديد الإِصابة بها خَبِيثُ العين ورُدَّ عنك نَجْأَةَ هذا الشيءِ أَي شَهْوتَك إِيّاه وذلك إِذا رأَيت شيئاً فاشْتَهَيْتَه التهذيب يقال ادْفَعْ عنك نَجْأَةَ السَّائلِ أَي أَعْطِه شيئاً مما تأْكل لِتَدْفَعَ به عنك شدَّةَ نَظَرِه وأَنشد أَلا بِكَ النَّجْأَةُ يا ردَّادُ الكسائي نَجَأْتُ الدابةَ وغيرَها أَصَبْتُها بعيني والاسم النَّجْأَةُ قال وأَما قوله في الحديث رُدُّوا نَجْأَةَ السَّائل باللُّقْمة فقد تكون الشَّهوةَ وقد تكون الإِصابةَ بالعين والنَّجْأَةُ شِدَّةُ النظرِ أَي إِذا سَأَلَكُم عن طَعام بين أَيْدِيكم فأَعْطُوه لئلا يُصِيبكم بالعين ورُدُّوا شِدَّة نَظَرِه إِلى طعامكم بلُقْمةٍ تَدْفَعُونها إِليه قال ابن الأَثير المعنى أَعْطِه اللُّقمة لتدفع بها شدة النظر إِليك قال وله معنيان أَحدهما أَن تَقْضِيَ شَهْوَتَه وتَرُدَّ عَيْنَه من نَظَره إِلى طَعامِك رِفْقاً به ورَحْمةً والثاني أَن تَحْذَرَ إِصابَتَه نِعْمَتَك بعينه لِفَرْطِ تَحْدِيقهِ وحِرْصِه

( ندأ ) نَدَأَ اللحمَ يَنْدَؤُه نَدْءاً أَلقاهُ في النار أَو دَفَنَه فيها وفي التهذيب نَدَأْتُه إِذا مَلَلْتَه في المَلَّةِ والجَمْر قال والنَّديءُ الاسم وهو مثل الطَّبِيخِ ولَحْمٌ نَدِيءٌ ونَدَأً المَلَّة يَنْدَؤُها عَمِلَها ونَدَأَ القُرْصَ في النار نَدْءاً دَفَنَه في المَلَّة ليَنْضَجَ وكذلك نَدَأَ اللحمَ في المَلَّة دَفَنه حتى يَنْضَج ونَدَأَ الشيءَ كَرِهَه والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ الكَثْرةُ من المال مثل النَّدْهةِ والنُّدْهةِ والنُّدْأَةُ والنَّدْأَةُ دارةُ القمر والشمس [ ص 166 ] وقيل هما قَوْسُ قُزَحَ والنَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ الأَخيرة عن كُراع الحُمْرةُ تكون في الغَيْم إِلى غُروب الشمسِ أو طُلُوعها وقال مرة النَّدْأَةُ والنُّدْأَةُ والنَّدِيءُ الحمرة التي تكون إِلى جَنْبِ الشمس عند طُلوعها وغُروبها وفي التهذيب إِلى جانِب مَغْرِب الشمسِ أَو مَطْلَعِها والنُّدْأَةُ طَريقةٌ في اللَّحم مُخالِفَةٌ لِلَوْنِه وفي التهذيب النُّدْأَةُ في لحم الجَزُور طَرِيقةٌ مُخالِفةٌ للون اللحم والنُّدْأَتان طَرِيقَتا لحم في بواطن الفخذين عليهما بياض رقيق من عَقَبٍ كأَنه نَسْجُ العنْكبوت تَفْصِل بينهما مَضِيغة واحدة فتصير كأَنها مَضِيغتان والنُّدَأُ القِطَعُ المُتَفَرِّقة من النبت كالنُّفَإِ واحدتها نُدْأَةٌ وَنُدَأَةٌ ابن الأَعرابي النُّدْأَةٌ الدُّرْجَة التي يُحْشَى بها خَوْرانُ الناقةِ ثم تُخَلَّلُ إِذا عُطِفَتْ على وَلَدِ غَيرها أَو على بَوٍّ أُعِدَّ لها وكذلك قال أَبو عبيدة ويقال نَدَأْتُه أَنْدَؤُهُ نَدْءاً إِذا ذَعَرْتَه

( نزأ ) نَزَأَ بينهم يَنْزَأُ نَزْءاً ونُزُوءاً حَرَّش وأَفْسَد بينهم وكذلك نَزَغَ بينهم ونزأَ الشيطانُ بينهم أَلْقَى الشَّرَّ والإِغْراءَ والنَّزِيءُ مثال فَعِيل فاعِلُ ذلك ونَزَأَه على صاحبه حَمَلَه عليه ونَزَأَ عليه نَزْءاً حَمَل يقال ما نَزَأَك على هذا ؟ أَي ما حَمَلَك عليه ونَزَأْتُ عليه حَمَلْتُ عليه ورَجُلٌ مَنْزُوءٌ بكذا أَي مُولَعٌ به ونَزَأَه عن قوله نَزْءاً ردَّه وإِذا كان الرجلُ عل طَرِيقةٍ حَسَنةٍ أَو سَيِّئةٍ فَتَحَوَّلَ عنها إِلى غيرها قلت مُخاطِباً لنفسِك إِنك لا تَدْري عَلامَ يَنْزَأُ هَرَمُك ولا تدري بِمَ يُولَعُ هرمك أَي نَفْسُك وعَقْلُك معناه أَنك لا تدري إِلامَ يَؤُولُ حالُكَ

( نسأ ) نُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً تأَخَّر حَيْضُها عن وقتِه وبَدَأَ حَمْلُها فهي نَسْءٌ ونَسِيءٌ والجمع أَنْسَاءٌ ونُسُوءٌ وقد يقال نِساءٌ نَسْءٌ على الصفة بالمصدر يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تَحْمِل قد نُسِئَتْ ونَسَأَ الشيءَ يَنْسَؤُه نَسْأً وأَنْسَأَه أَخَّره فَعَلَ وأَفْعَلَ بمعنىً والاسم النَّسِيئةُ والنَّسِيءُ ونَسَأَ اللّهُ في أَجَلِه وأَنْسَأَ أَجَلَه أَخَّره وحكى ابن دريد مَدَّ له في الأَجَلِ أَنْسَأَه فيه قال ابن سيده ولا أَدري كيف هذا والاسم النَّسَاءُ وأَنسَأَه اللّهُ أَجَلَه ونَسَأَه في أَجَلِه بمعنى وفي الصحاح ونَسَأَ في أَجَلِه بمعنى وفي الحديث عن أَنس بن مالك مَن أَحَبَّ أَن يُبْسَطَ له في رِزْقِه ويُنْسَأَ في أَجَلِه فَلْيَصِلْ رَحِمَه النَّسْءُ التأخيرُ يكون في العُمُرِ والدَّيْنِ وقوله يُنْسَأُ أَي يُؤَخَّر ومنه الحديث صِلةُ الرَّحِم مَثْراةٌ في المالِ مَنْسَأَةٌ في الأَثَر هي مَفْعَلَةٌ منه أَي مَظِنَّةٌ له وموضع وفي حديث ابن عوف وكان قد أُنْسِئَ له في العُمُرِ وفي الحديث لا تَسْتَنْسِئُوا الشيطانَ أَي إِذا أَردتُمْ عَمَلاً صالحاً فلا تُؤَخِّرُوه إِلى غَدٍ ولا تَسْتَمْهِلُوا الشيطانَ يريد أَن ذلك مُهْلةٌ مُسَوَّلةٌ من الشيطان والنُّسْأَة بالضم مثل الكُلأَةِ التأْخيرُ وقال فَقِيهُ العرب مَنْ سَرَّه النَّساءُ ولا نَساء فليُخَفِّفِ الرِّداءَ ولْيُباكِر الغَداءَ وليُقِلَّ غِشْيانَ النِّساءِ وفي نسخة وليُؤَخِّرْ غشيان النساءِ أَي [ ص 167 ] تَأَخُّرُ العُمُرِ والبَقَاء وقرأَ أَبو عمرو ما نَنْسَخْ مِن آيةٍ أَو نَنْسَأْها المعنى ما نَنْسَخْ لك مِن اللَّوْحِ المَحْفُوظ أَو نَنْسَأْها نُؤَخِّرْها ولا نُنْزِلْها وقال أَبو العباس التأْويل أَنه نَسخَها بغيرها وأَقَرَّ خَطَّها وهذا عندهم الأَكثر والأَجودُ ونَسَأَ الشيءَ نَسْأً باعه بتأْخيرٍ والاسم النَّسِيئةُ تقول نَسَأْتُه البيعَ وأَنْسَأْتُه وبِعْتُه بِنُسْأَةٍ وبعته بِكُلأَةٍ وبعته بِنَسِيئةٍ أَي بأَخَرةٍ والنَّسِيءُ شهر كانت العرب تُؤَخِّره في الجاهلية فنَهى اللّه عز وجل عنه وقوله عز وجل إِنما النَسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر قال الفرّاءُ النَّسِيءُ المصدر ويكون المَنْسُوءَ مثل قَتِيلٍ ومَقْتولٍ والنَّسِيءُ فَعِيلٌ بمعنى مفعول من قولك نَسَأتُ الشيءَ فهو مَنْسُوءٌ إِذا أَخَّرْته ثم يُحَوَّل مَنْسُوءٌ إِلى نَسيءٍ كما يُحَوَّل مَقْتول إِلى قَتيل ورجل ناسِئٌ وقوم نَسَأَةٌ مثل فاسِقٍ وفَسَقةٍ وذلك أَن العرب كانوا إِذا صدروا عن مِنى يقوم رجل منهم من كنانة فيقول أَنا الذي لا أُعابُ ولا أُجابُ ولا يُرَدُّ لي قضاءٌ فيقولون صَدَقْتَ أَنْسِئْنا شهراً أَي أَخِّرْ عنَّا حُرْمة المُحرَّم واجعلها في صَفَر وأَحِلَّ المُحرَّمَ لأَنهم كانوا يَكرهون أَن يَتوالى عليهم ثلاثة أَشهر حُرُمٍ لا يُغِيرُون فيها لأَنَّ مَعاشَهم كان من الغارة فيُحِلُّ لهم المحرَّم فذلك الإِنساءُ قال أَبو منصور النَّسِيءُ في قوله عز وجل إِنما النَّسِيءُ زيادةٌ في الكُفْر بمعنى الإِنْسَاءِ اسم وضع موضع المصدر الحقيقي من أَنْسَأْتُ وقد قال بعضهم نَسَأْتُ في هذا الموضع بمعنى أَنْسَأْتُ وقال عُمير بن قَيْسِ بنِ جِذْلِ الطِّعان
أَلَسْنا النَّاسِئِينَ على مَعَدٍّ ... شُهُورَ الحِلِّ نَجْعَلُها حَراما
وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما كانت النُّسْأَةُ في كِنْدَةَ النُسْأَةُ بالضم وسكون السين النَّسِيءُ الذي ذكره اللّه في كتابه من تأْخير الشهور بعضها إِلى بعض وانْتَسَأْتُ عنه تأَخَّرْتُ وتباعَدْتُ وكذلك الإِبل إِذا تَباعَدَتْ في المرعى ويقال إِنّ لي عنك لمُنْتَسَأً أَي مُنْتَأًى وسَعَةً وأَنْسَأَه الدَّينَ والبَيْع أَخَّرَه به أَي جعله مُؤَخَّراً كأَنه جعله له بأَخَرةٍ واسم ذلك الدَّيْن النَّسيئةُ وفي الحديث إِنما الرِّبا في النَّسِيئةِ هي البَيْعُ إِلى أَجل معلوم يريد أَنَّ بيع الرِّبَوِيّات بالتأْخِير من غير تَقابُض هو الرِّبا وإِن كان بغير زيادة قال ابن الأَثير وهذا مذهب ابن عباس كان يرى بَيْعَ الرِّبَوِيَّاتِ مُتفاضِلة مع التَّقابُض جائزاً وأَن الرِّبا مخصوص بالنَّسِيئة
واسْتَنْسأَه سأَله أَن يُنْسِئَه دَيْنَه وأَنشد ثعلب
قد اسْتَنْسَأَتْ حَقِّي رَبيعةُ لِلْحَيا ... وعندَ الحَيا عارٌ عَلَيْكَ عَظيمُ
وإنَّ قَضاءَ المَحْلِ أَهْوَنُ ضَيْعةً ... من المُخِّ في أَنْقاءِ كلِّ حَلِيم
قال هذا رجل كان له على رجل بعير طَلَب منه حَقَّه قال فأَنظِرني حتى أُخْصِبَ فقال إِن أَعطيتني اليوم جملاً مهزولاً كان خيراً لك من أَن تُعْطِيَه إِذا أَخْصَبَتْ إِبلُكَ وتقول اسْتَنْسَأْتُه [ ص 168 ] الدَّينَ فأَنْسَأَني ونَسَأْت عنه دَيْنَه أَخَّرْته نَساءً بالمد قال وكذلك النَّسَاءُ في العُمُر ممدود وإِذا أَخَّرْت الرجل بدَيْنه قلت أَنْسَأْتُه فإِذا زِدتَ في الأَجل زِيادةً يَقَعُ عليها تأْخيرٌ قلت قد نَسَأْت في أَيامك ونَسَأْت في أَجَلك وكذلك تقول للرجل نَسَأَ اللّه في أَجَلك لأَنّ الأَجَلَ مَزِيدٌ فيه ولذلك قيل للَّبنِ النَّسيءُ لزيادة الماء فيه وكذلك قيل نُسِئَتِ المرأَةُ إِذا حَبِلَتْ جُعلت زِيادةُ الولد فيها كزيادة الماء في اللبن ويقال للناقة نَسَأْتُها أَي زَجَرْتها ليزداد سَيْرُها وما لَه نَسَأَه اللّه أَي أَخْزاه ويقال أَخَّره اللّه وإِذا أَخَّره فقد أَخْزاه ونُسِئَتِ المرأَةُ تُنْسَأُ نَسْأً على ما لم يُسمَّ فاعِلُه إِذا كانت عند أَوَّل حَبَلِها وذلك حين يتأَخَّرُ حَيْضُها عن وقته فيُرْجَى أَنها حُبْلَى وهي امرأَة نَسِيءٌ وقال الأَصمعي يقال للمرأَة أَوَّلَ ما تحمل قد نُسِئَتْ وفي الحديث كانت زينبُ بنتُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحتَ أَبي العاصِ بن الرَّبِيع فلما خرج رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم إِلى المدينة أَرسَلَها إِلى أَبيها وهي نَسُوءٌ أَي مَظْنونُ بها الحَمْل يقال امرأَةٌ نَسْءٌ ونَسُوءٌ ونِسْوةٌ نِساءٌ إِذا تأَخَّر حَيْضُها ورُجِي حَبَلُها فهو من التأْخير وقيل بمعنى الزيادة من نَسَأْتُ اللَّبنَ إِذا جَعَلْت فيه الماءَ تُكَثِّره به والحَمْلُ زيادةٌ قال الزمخشري النَّسُوءُ على فَعُول والنَّسْءُ على فَعْلٍ وروي نُسُوءٌ بضم النون فالنَّسُوءُ كالحَلُوبِ والنُّسوءُ تَسْميةٌ بالمصدر وفي الحديث أَنه دخل على أُمِّ عامر بن رَبِيعةَ وهي نَسُوءٌ وفي رواية نَسْءٌ فقال لها ابْشِري بعبدِاللّه خَلَفاً مِن عبدِاللّه فولَدت غلاماً فسمَّتْه عبداللّه وأَنْسَأَ عنه تأَخَّر وتباعَدَ قال مالك بن زُغْبةَ الباهِليّ
إِذا أَنْسَؤُوا فَوْتَ الرِّماحِ أَتَتْهُمُ ... عَوائِرُ نَبْلٍ كالجَرادِ تُطِيرُها
وفي رواية إِذا انْتَسَؤُوا فَوْت الرِّماح وناساهُ إِذا أَبعده جاؤُوا به غير مهموز وأَصله الهمز وعَوائرُ نَبْلٍ أَي جماعةُ سِهامٍ مُتَفَرِّقة لا يُدْرَى من أَين أَتَتْ وانْتَسَأَ القومُ إِذا تباعَدُوا وفي حديث عُمَر رضي اللّه عنه ارْمُوا فإِنَّ الرَّمْيَ جَلادةٌ وإِذا رَمَيْتُم فانْتَسُوا عن البُيُوت أَي تأَخَّرُوا قال ابن الأَثير هكذا يروى بلا همز والصواب فانْتَسِئُوا بالهمز ويروى فَبَنِّسُوا أَي تأَخَّروا ويقال بَنَّسْتُ إِذا تأَخَّرْت وقولهم أَنْسَأْتُ سُرْبَتِي أَي أَبْعَدْتُ مَذْهَبي قال الشَّنْفَرى يصف خُرُوجَه وأَصحابه إِلى الغَزْو وأَنهم أبْعَدُوا المَذْهَب
غَدوْنَ مِن الوادي الذي بيْنَ مِشْعَلٍ ... وبَيْنَ الحَشا هيْهاتَ أَنْسَأَتُ سُربَتِي
ويروى أَنْشَأَتُ بالشين المعجمة فالسُّرْبةُ في روايته بالسين المهملة المذهب وفي روايته بالشين المعجمة الجماعة وهي رواية الأَصمعي والمفضل والمعنى عندهما أَظْهَرْتُ جَماعَتِي من مكان بعبدٍ لِمَغْزًى بَعيِد قال ابن بري أَورده الجوهري غَدَوْنَ من الوادي والصواب غَدَوْنا لأَنه يصف [ ص 169 ] أَنه خرج هو وأَصحابه إِلى الغزو وأَنهم أَبعدوا المذهب قال وكذلك أَنشده الجوهري أَيضاً غدونا في فصل سرب والسُّرْبة المذهب في هذا البيت ونَسَأَ الإِبلَ نَسْأً زاد في وِرْدِها وأَخَّرها عن وقته ونَسَأَها دَفَعها في السَّيْر وساقَها ونَسَأْتُ في ظُمْءِ الإِبل أَنْسَؤُها نَسَأً إِذا زِدْتَ في ظِمْئِها يوماً أَو يومين أَو أَكثر من ذلك ونَسَأْتها أَيضاً عن الحوض إِذا أَخَّرْتها عنه والمِنْسَأَةُ العَصا يهمز ولا يهمز يُنْسَأُ بها وأَبدلوا إِبدالاً كلياً فقالوا مِنْساة وأَصلها الهمز ولكنها بدل لازم حكاه سيبويه وقد قُرئَ بهما جميعاً قال الفرَّاءُ في قوله عز وجل تأْكل
مِنْسَأَتَهُ هي العصا العظيمة التي تكون مع الراعي يقال لها المِنْسأَة أُخذت من نَسَأْتُ البعير أَي زَجَرْتُه لِيَزْداد سَيْرُه قال أَبو طالب عمُّ سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في الهمز
أَمِنْ أَجْلِ حَبْلٍ لا أَباكَ ضَرَبْتَه ... بِمِنْسَأَةٍ قد جَرَّ حَبْلُك أَحْبُلا
هكذا أَنشد الجوهري منصوباً قال والصواب قد جاءَ حَبْلٌ بأَحْبُل ويروى وأَحبلُ بالرفع ويروى قد جَرَّ حَبْلَكَ أَحْبُلُ بتقديم المفعول وبعده بأَبيات
هَلُمَّ إِلى حُكْمِ ابن صَخْرةَ إِنَّه ... سَيَحْكُم فيما بَيْنَنا ثمَّ يَعْدِلُ
كما كان يَقْضي في أُمُورٍ تَنُوبُنا ... فيَعْمِدُ للأَمْرِ الجَمِيل ويَفْصِلُ
وقال الشاعر في ترك الهمز
إِذا دَبَبْتَ على المِنْسَاةِ مِنْ هَرَمٍ ... فَقَدْ تَباعَدَ عَنْكَ اللَّهْوُ والغَزَلُ
ونَسَأَ الدابةَ والنّاقَةَ والإِبلَ يَنْسَؤُها نَسْأً زَجَرَها وساقَها قال
وعَنْسٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَسَأْتُها ... إِذا قِيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ هُما هُما
المَشْبُوبتان الشِّعْرَيانِ وكذلك نَسَّأَها تَنْسِئةً زجَرها وساقَها وأَنشد الأَعشى
وما أُمُّ خِشْفٍ بالعَلايَةِ شادِنٍ ... تُنَسِّئُ في بَرْدِ الظِّلالِ غَزالَها
وخبر ما في البيت الذي بعده
بِأَحْسَنَ منها يَوْمَ قامَ نَواعِمٌ ... فَأَنْكَرْنَ لَمَّا واجَهَتْهُنَّ حالَها
ونَسَأَتِ الدَّابَّةُ والماشِيةُ تَنْسَأُ نَسْأً سَمِنَتْ وقيل هو بَدْءُ سِمَنِها حين يَنْبُتُ وَبَرُها بعد تَساقُطِه يقال جَرَى النَّسْءُ في الدَّوابِّ يعني السِّمَنَ قال أَبو ذُؤَيْب يصف ظَبْيةً
به أَبَلَتْ شَهْرَيْ رَبِيعٍ كِلَيْهِما ... فقد مارَ فيها نَسْؤُها واقْتِرارُها
أَبَلَتْ جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماء ومارَ جَرَى والنَّسْءُ بَدْءُ السِّمَنِ والاقْتِرَارُ نِهايةُ سِمَنها عن أَكل اليَبِيسِ وكلُّ سَمِينٍ ناسِئٌ والنَّسْءُ بالهمز والنَّسِيءُ اللبن الرقيق الكثير الماء وفي التهذيب المَمْذُوق بالماء ونَسَأْتُه نَسْأً ونَسَأْتُه له ونَسَأْتُه إِياه خَلَطْته [ ص 170 ] له بماء واسمه النَّسْءُ قال عُروةُ بن الوَرْدِ العَبْسِيّ
سَقَوْنِي النَّسْءَ ثم تَكَنَّفُوني ... عُداةَ اللّهِ مِنْ كَذِبٍ وزُورِ
وقيل النَّسْءُ الشَّرابُ الذي يُزيلُ العقل وبه فسر ابن الأَعرابي النَّسْءَ ههنا قال إِنما سَقَوْه الخَمْر ويقوّي ذلك رواية سيبوبه سَقَوْني الخمر وقال ابن الأَعرابي مرة هو النِّسِيءُ بالكسر وأَنشد
يَقُولُون لا تَشْرَبْ نِسِيئاً فإِنَّه ... عَلَيْكَ إِذا ما ذُقْتَه لَوخِيمُ
وقال غيره النَّسِيءُ بالفتح وهو الصواب قال والذي قاله ابن الأَعرابي خطأٌ لأَن فِعِيلاً ليس في الكلام إِلا أَن يكون ثاني الكلمة أَحدَ حُروف الحَلْق وما أَطْرفَ قَوْلَه ولا يقال نَسِيءٌ بالفتح مع علمنا أَنّ كلَّ فِعِيل بالكسر فَفَعِيلٌ بالفتح هي اللغة الفصيحة فيه فهذا خَطأٌ من وجهين فصحَّ أَن النَّسِيءَ بالفتح هو الصحيح وكذلك رواية البيت لا تشرب نَسِيئاً بالفتح واللّه أَعلم

( نشأ ) أَنْشَأَه اللّه خَلَقَه ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشَاءً ونَشْأَةً ونَشَاءة حَيي وأَنْشَأَ اللّهُ الخَلْقَ أَي ابْتَدَأَ خَلْقَهم وفي التنزيل العزيز وأَنَّ عَلَيْهِ النَّشْأَةَ الأُخْرى أَي البَعْثةَ وقرأَ أَبو عمرو النَّشاءةَ بالمدّ الفرّاءُ في قوله تعالى ثُمَّ اللّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الآخِرةَ القُرَّاءُ مجتمعون على جزم الشين وقَصْرِها إِلا الحسنَ البِصْرِيَّ فإِنه مدَّها في كلِّ القرآن فقال النَّشاءة مثل الرّأْفةِ والرّآفةِ والكَأْبةِ والكَآبةِ وقرأَ ابن كثير وأَبو عمرو النَّشاءة ممدود حيث وقعت وقرأَ عاصم ونافع وابن عامر وحمزة والكسائي النَّشْأَةَ بوزن النَّشْعةِ حيث وقعت ونَشَأَ يَنْشَأُ نَشْأً ونُشُوءاً ونَشاءً رَبا وشَبَّ ونَشَأْتُ في بني فلان نَشْأً ونُشُوءاً شَبَبْتُ فيهم ونُشِّئَ وأُنْشئَ بمعنى وقُرئَ أَوَمنْ يُنَشَّأُ في الحِلْيَةِ وقيل الناشِئُ فوَيْقَ المُحْتَلِمِ وقيل هو الحَدَثُ الذي جاوَزَ حَدَّ الصِّغَر وكذلك الأُنثى ناشِئٌ بغير هاءٍ أَيضاً والجمع منهما نَشَأٌ مثل طالِبٍ وطَلَبٍ وكذلك النَشْءُ مثل صاحِبٍ وصَحْبٍ قال نُصَيْب في المؤَنث
ولَوْلا أَنْ يُقَالَ صَبا نُصَيْبٌ ... لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ
وفي الحديث نَشَأٌ يَتَّخِذُونَ القرآنَ مَزامِيرَ يروى بفتح الشين جمع ناشِئٍ كخادِمٍ وخَدَمٍ يريد جماعةً أَحداثاً وقال أَبو موسى المحفوظُ بسكون الشين كأَنه تسمية بالمصدر وفي الحديث ضُمُّوا نَواشِئَكم في ثَوْرةِ العِشَاءِ أَي صِبْيانَكم وأَحْداثَكُم قال ابن الأَثير كذا رواه بعضهم والمحفوظ فَواشِيَكُم بالفاء وسيأْتي ذكره في المعتل الليث النَّشْءُ أَحْداثُ الناس يقال للواحد أَيضاً هو نَشْءُ سَوْءٍ وهؤلاء نَشْءُ سَوْءٍ والناشِئُ الشابُّ يقال فَتىً ناشِئٌ قال الليث ولم أَسمع هذا النعت في الجارية الفرّاءُ العرب تقول هؤلاء نَشْءُ صِدْقٍ ورأَيت نَشْءَ صِدقٍ ومررت بِنَشْءِ صدق فإِذا طَرَحُوا الهمز قالوا هؤلاء [ ص 171 ] نَشُو صِدْقٍ ورأيت نَشا صِدقٍ ومررت بِنَشِي صِدقٍ وأَجْود من ذلك حذف الواو والأَلف والياء لأَن قولهم يَسَلُ أَكثر من يَسأَلُ ومَسَلةٌ أَكثر من مَسْأَلة أَبو عمرو النَّشَأُ أَحْداثُ الناس غلامٌ ناشِئٌ وجارية ناشِئةٌ والجمع نَشَأٌ وقال شمر نَشَأَ ارْتَفَعَ ابن الأَعرابي الناشِئُ الغلام الحَسَنُ الشابُّ أَبو الهيثم الناشِئُ الشابُّ حين نَشَأَ أَي بَلَغَ قامةَ الرجل ويقال للشابِّ والشابَّة إِذا كانوا كذلك هم النَّشَأُ يا هذا والناشِئُونَ وأَنشد بيت نصيب لَقُلْتُ بنَفْسِيَ النَّشَأُ الصِّغارُ وقال بعده فالنَّشَأُ قد ارْتَفَعْنَ عن حَدِّ الصِّبا إِلى الإِدْراك أَو قَرُبْنَ منه نَشَأَتْ تَنَشَأُ نَشْأً وأَنْشَأَها اللّهُ إِنْشاءً قال وناشِئٌ ونَشَأٌ جماعة مثل خادِم وخَدَمٍ وقال ابن السكيت النَّشَأُ الجوارِي الصِّغارُ في بيت نُصَيْب وقوله تعالى أَوَمن يُنَشَّأُ في الحِلْيةِ قال الفرّاءُ قرأً أَصحاب عبداللّه يُنَشَّأُ وقرأَ عاصم وأَهل الحجاز يَنْشَأُ قال ومعناه أَنّ المشركين قالوا إِنَّ الملائكةَ بناتُ اللّه تعالى اللّهُ عَمّا افْتَرَوْا فقال اللّه عز وجل أَخَصَصْتُم الرحمنَ بالبَناتِ وأَحَدُكم إِذا وُلِدَ له بنتٌ يَسْوَدُّ وجهُه قال وكأَنه قال أَوَمَن لا يُنَشَّأُ إِلا في الحِلْيةِ ولا بَيان له عند الخِصام يعني البنات تجعلونَهنَّ للّه وتَسْتَأْثِرُون بالبنين والنَّشْئُ بسكون الشين صِغار الإِبل عن كراع وأَنْشَأَتِ الناقةُ وهي مُنْشِىءٌ لَقِحَت هذلية ونَشَأَ السحابُ نَشْأً ونُشُوءاً ارتفع وبَدَا وذلك في أَوّل ما يَبْدأُ ولهذا السحاب نَشْءٌ حَسَنٌ يعني أَوَّل ظهوره الأَصمعي خرج السحابُ له نَشْءٌ حَسَنٌ وخَرج له خُروجٌ حسن وذلك أَوَّلَ ما يَنْشَأُ وأَنشد
إِذا هَمَّ بالإِقْلاعِ هَمَّتْ به الصَّبا ... فَعاقَبَ نَشْءٌ بَعْدَها وخُروجُ
وقيل النَّشْءُ أَن تَرى السَّحابَ كالمُلاء المَنْشُور والنَّشْءُ والنَّشِيءُ أَوَّلُ ما يَنْشَأُ من السحاب ويَرْتَفِعُ وقد أَنْشَأَه اللّهُ وفي التنزيل العزيز ويُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ وفي الحديث إِذا نَشَأَتْ بَحْرِيَّةً ثم تَشاءَمَتْ فتلك عَيْنٌ غُدَيْقةٌ وفي الحديث كان إِذا رَأَى ناشِئاً في أُفُقِ السماءِ أَي سَحاباً لم يَتكامَلِ اجتماعُه واصطحابُه ومنه نَشَأَ الصبيُّ يَنْشَأُ فهو ناشِئٌ إِذا كَبِرَ وشَبَّ ولم يَتكامَلْ وأَنْشَاَ السَّحابُ يَمْطُرُ بَدَأَ وأَنْشَأَ داراً بَدَأَ بِناءَها وقال ابن جني في تأْدِيةِ الأَمْثالِ على ما وُضِعَت عليه يُؤَدَّى ذلك في كلِّ موضع على صورته التي أُنْشِئَ في مَبْدَئِه عليها فاسْتَعْمَلَ الإِنْشَاءَ في العَرَضِ الذي هو الكلام وأَنْشَأَ يَحْكِي حديثاً جَعَل وأَنْشَأَ يَفْعَلُ كذا ويقول كذا ابتَدَأَ وأَقْبَلَ وفلان يُنْشِئُ الأَحاديث أَي يضعُها قال الليث أَنْشَأَ فلان حديثاً أَي ابْتَدأَ حديثاً ورَفَعَه ومنْ أَيْنَ أَنْشَأْتَ أَي خَرَجْتَ عن ابن الأَعرابي وأَنْشَأَ فلانٌ أَقْبلَ وأَنشد قول الراجز مَكانَ مَنْ أَنْشَا على الرَّكائبِ أَراد أَنْشَأَ فلم يَسْتَقِمْ له الشِّعرُ فأَبدَل ابن [ ص 172 ] الأَعرابي أَنْشَأَ إِذا أَنشد شِعْراً أَو خَطَبَ خُطْبةً فأَحْسَنَ فيهما ابن السكيت عن أَبي عمرو تَنَشَّأْتُ إِلى حاجتي نَهَضْتُ إليها ومَشَيْتُ وأَنشد
فلَمَّا أَنْ تَنَشَّأَ قامَ خِرْقٌ ... مِنَ الفِتْيانِ مُخْتَلَقٌ هضُومُ ( 1 )
( 1 قوله « تنشأ » سيأتي في مادة خ ل ق عن ابن بري تنشى وهضيم بدل ما ترى وضبط مختلق في التكملة بفتح اللام وكسرها )
قال وسمعت غير واحد من الأَعراب يقول تَنَشَّأَ فلان غادياً إِذا ذهَب لحاجته وقال الزجاج في قوله تعالى وهو الذي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وغيرَ مَعْرُوشاتٍ أَي ابْتَدَعَها وابْتَدَأَ خَلْقَها وكلُّ مَنِ ابْتَدأَ شيئاً فهو أَنْشَأَه والجَنَّاتُ البَساتينُ مَعْرُوشاتٍ
الكُروم وغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ النَّخْلُ والزَّرْعُ ونَشَأَ الليلُ ارتَفَع وفي التنزيل العزيز إِنَّ ناشِئةَ الليل هي أَشَدُّ وطْأً وأَقْوَمُ قِيلاً قيل هي أَوَّل ساعةٍ وقيل الناشِئةُ والنَّشيئةُ إِذا نِمْتَ من أَوَّلِ الليلِ نَوْمةً ثمَّ قمتَ ومنه ناشِئةُ الليل وقيل ما يَنْشَأُ في الليل من الطاعات والناشِئةُ أَوَّلُ النهارِ والليلِ أَبو عبيدة ناشِئةُ الليلِ ساعاتُه وهي آناءُ الليلِ ناشِئةٌ بعد ناشِئةٍ وقال الزجاج ناشِئةُ الليلِ ساعاتُ الليلِ كلُّها ما نَشَأَ منه أَي ما حَدَثَ فهو ناشِئَةٌ قال أَبو منصور ناشِئةُ الليلِ قِيامُ الليلِ مصدر جاءَ على فاعِلةٍ وهو بمعنى النَّشْءِ مثلُ العافِية بمعنى العَفْوِ والعاقِبةِ بمعنى العَقْبِ والخاتِمةِ بمعنى الخَتْمِ وقيل ناشِئةُ الليل أَوَّلُه وقيل كلُّه ناشئةٌ متى قمتَ فقد نَشَأْتَ والنَّشِيئةُ الرَّطْبُ من الطَّرِيفةِ فإِذا يَبِسَ فهو طَرِيفةٌ والنَّشِيئةُ أَيضاً نَبْتُ النَّصِيِّ والصِّليِّانِ قال والقَوْلانِ مُقْتَرِبانِ والنَّشِيئةُ أَيضاً التَّفِرةُ إِذا غَلُظَتْ قَلِيلاً وارْتَفَعَتْ وهي رَطْبةٌ عن أَبي حنيفة وقال مرة النَّشِيئةُ والنَّشْأَةُ من كلِّ النباتِ ناهِضُه الذي لم يَغْلُظْ بعد وأَنشد لابن مَناذرَ في وصف حمير وحش
أَرناتٍ صُفْرِ المَناخِرِ والأَشْ ... داقِ يَخْضِدْنَ نَشْأَةَ اليَعْضِيدِ
ونَشِيئَةُ البِئْر تُرابُها المُخْرَجُ منها ونَشِيئةُ الحَوْضِ ما وراءَ النَّصائِب من التراب وقيل هو الحَجَر الذي يُجْعَلُ في أَسفل الحَوْضِ وقيل هي أَعْضادُ الحَوض والنَّصائبُ ما نُصِبَ حَوْلَه وقيل هو أَوَّل ما يُعْمَلُ من الحَوْضِ يقال هو بادِي النَّشِيئةِ إِذا جَفَّ عنه الماءُ وظَهَرت أَرْضُه قال ذو الرمة
هَرَقْناهُ في بادِي النَّشِيئةِ دائِرٍ ... قَديمٍ بِعَهْدِ الماءِ بُقْعٍ نَصائِبُهْ
يقول هَرَقْنا الماءَ في حوضٍ بادِي النَّشِيئةِ والنَّصائبُ حِجارة الحَوْضِ واحدتها نَصِيبةٌ وقوله بُقْعٍ نَصائبُه جَمْع بَقْعاء وجَمَعَها بذلك لِوُقُوع النَّظَرِ عليها وفي الحديث أَنه دَخَل على خَديجةَ خَطَبَها ودَخَل عليها مُسْتَنْشِئةٌ مِنْ مُوَلَّداتِ قُرَيْشٍ قال الأَزهري هي اسم تِلْكَ الكاهِنةِ وقال غيره المُسْتَنْشِئةُ الكاهِنةُ سُمّيت بذلك لأَنها كانت تَسْتَنْشِئُ الأَخْبَارَ أَي تَبْحَثُ عنها وتَطْلُبها من قولك رجل نَشْيانُ للخَبَرِ ومُسْتَنْشِئةٌ يهمز ولا يهمز والذِّئب [ ص 173 ] يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ بالهمز قال وإِنما هو من نَشِيتُ الرِّيح غير مهموز أَي شَمِمْتُها والاسْتِنْشاءُ يهمز ولا يهمز وقيل هو من الإِنْشاءِ الابْتِداءِ وفي خطبة المحكم ومما يهمز مما ليس أَصله الهمز من جهة الاشتقاق قولهم الذئب يَسْتَنْشِئُ الرِّيحَ وإِنما هو من النَّشْوةِ والكاهِنةُ تَسْتَحْدِثُ الأُمورَ وتُجَدِّدُ الأَخْبارَ ويقال من أَيْنَ نَشِيتَ هذا الخَبَرَ بالكسر من غير همز أَي من أَيْنَ عَلِمْتَه قال ابن الأَثير وقال الأَزهريّ مُسْتَنْشِئةُ اسم عَلَم لتِلك الكاهِنةِ التي دَخَلت عليها ولا يُنَوَّن للتعريف والتأْنيث وأَما قول صخر الغي
تَدَلَّى عليه مِنْ بَشامٍ وأَيْكةٍ ... نَشاةِ فُرُوعٍ مُرْثَعِنّ الذَّوائِبِ
يجوز أَن يكون نَشْأَةٌ فَعْلَةً مِنْ نَشَأَ ثم يُخفَّفُ على حدِّ ما حكاه صاحب الكتاب من قولهم الكماةُ والمَراةُ ويجوز أَن يكون نَشاة فَعْلة فَتَكون نَشاة مِنْ أَنْشَأْتُ كطاعةٍ من أَطَعْتُ إِلا أَنّ الهمزة على هذا أُبدِلت ولم تخفف ويجوز أَن يكون من نَشا يَنْشُو بمعنى نَشَأَ يَنْشَأُ وقد حكاه قطرب فتكون فَعَلةً من هذا اللفظ ومِنْ زائدةٌ على مذهب الأَخفش أَي تَدَلَّى عليه بَشامٌ وأَيْكةٌ قال وقياس قول سيبويه أن يكون الفاعل مضمراً يدل عليه شاهد في اللفظ التعليل لابن جني ابن الأَعرابي النَّشِيءُ رِيح الخَمْر قال الزجاج في قوله تعالى وله الجَوارِ المُنْشآتُ وقُرئَ المُنْشِئاتُ قال ومعنى المُنْشَآتُ السُّفُنُ المَرْفُوعةُ الشُّرُعِ قال والمُنْشِئاتُ الرَّافِعاتُ الشُرُعِ وقال الفرّاءُ من قرأَ المُنْشِئاتُ فَهُنَّ اللاَّتِي يُقْبِلْنَ ويُدْبِرْنَ ويقال المُنْشِئاتُ المُبْتَدِئاتُ في الجَرْي قال والمُنْشَآتُ أُقْبِلَ بِهنَّ وأُدْبِرَ قال الشماخ
عَلَيْها الدُّجَى مُسْتَنْشَآتٍ كَأَنَّها ... هَوادِجُ مَشْدُودٌ عَلَيْها الجَزاجِزُ
يعني الزُّبَى المَرْفُوعات والمُنْشَآتُ في البَحْرِ كالأَعْلامِ قال هي السُّفُنُ التي رُفِعَ قَلْعُها وإِذا لم يُرفع قَلْعُها فليست بِمُنْشآتٍ واللّه أَعلم

( نصأ ) نَصَأَ الدابةَ والبَعِيرَ يَنْصَؤُها نَصْأً إِذا زَجَرَها ونَصَأَ الشيءَ نَصْأً بالهمز رَفَعَه لغة في نَصَيْتُ قال طرفة
أَمُونٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَصَأْتُها ... على لاحِبٍ كأَنَّه ظَهْرُ بُرْجُدِ

( نفأ ) النُّفَأُ القِطَعُ من النّباتِ المُتَفَرِّقةُ هُنا وهنا وقيل هي رِياضٌ مُجْتَمِعةٌ تَنْقَطِع من مُعْظَم الكَلإِ وتُرْبِي عليه قال الأَسود بن يَعْفُرَ
جادَتْ سَواريه وآزَرَ نَبْتَه ... نُفَأٌ من الصَّفْراءِ والزُّبَّاد
فهما نَبْتانِ من العُشْب واحدته نُفْأَةٌ مثل صُبْرةٍ وصُبَرٍ ونُفَأَةٌ بالتحريك على فُعَلٍ وقوله وآزَرَ نَبْتَه يُقَوِّي أَنَّ نُفَأَةً ونُفَأً من باب عُشَرَةٍ وعُشَرٍ إِذ لو كان مكسراً لاحْتالَ حتى يَقولَ آزَرَتْ

( نكأ ) نَكَأَ القَرْحةَ يَنْكَؤُها نَكْأً قشرها قبل أَن تَبْرَأَ فَنَدِيَتْ قال مُتَمِّم بن نُوَيْرَةَ
قَعِيدَكِ أَن لا تُسْمِعِينِي مَلامةً ... ولا تَنْكَئِي قَرْحَ الفُؤَادِ فَيِيجَعا
[ ص 174 ] ومعنى قَعِيدَكِ من قولهم قِعْدَكَ اللّهَ إِلاَّ فَعَلْتَ يُريدُون نَشَدْتُك اللّه إِلا فَعَلْتَ ونَكَأْتُ العَدُوَّ أَنْكَؤُهم لغة في نَكَيْتُهم التهذيب نَكَأْتُ في العَدُوِّ نِكايةً ابن السكيت في باب الحروف التي تهمز فيكون لها معنى ولا تهمز فيكون لها معنى آخر نَكَأْتُ القُرْحةَ أَنْكَؤُها إِذا قَرَفْتَها وقد نَكَيْتُ في العَدُوِّ أَنْكِي نِكايةً أَي هَزَمْتُه وغَلَبْتُه فنَكِيَ يَنْكَى نَكًى ابن شميل نَكَأْتُه حَقّه نَكْأً وزَكَأْتُه زَكْأً أَي قَضَيْتُه وازْدَكَأْتُ منه حَقِّي وانْتَكَأْتُه أَي أَخَذْتُه ولَتَجِدَنَّه زُكَأَةً نُكَأَةً يَقْضِي ما عليه وقولهم هُنِّئْتَ ولا تُنْكَأْ أَي هَنَّأَكَ اللّهُ بما نِلْتَ ولا أَصابَكَ بوَجَعٍ ويقال ولا تُنْكَهْ مثل أَراقَ وهَراقَ وفي التهذيب أَي أَصَبْتَ خَيْراً ولا أَصَابكَ الضُّرُّ يدعو له وقال أَبو الهيثم يقال في هذا المثل لا تَنْكَهْ ولا تُنْكَهْ جميعاً مَنْ قال لا تَنْكَهْ فالأَصل لا تَنْكَ بغير هاء فإِذا وقفت على الكاف اجتمع ساكنان فحرّك الكاف وزيدت الهاءُ يسكتون عليها قال وقولهم هُنِّئْتَ أَي ظَفِرت بمعنى الدعاءِ له وقولهم لا تُنْكَ أَي لا نُكِيتَ أَي لا جَعَلَك اللّهُ مَنْكِيّاً مُنْهَزِماً مَغْلوباً والنَّكَأَةُ لغة في النَّكَعَةِ وهو نبت شبه الطُّرْثُوثِ واللّه أَعلم

( نمأ ) النَّمْءُ والنَّمْوُ ( 1 )
( 1 قوله « النمء والنموُ إلخ » كذا في النسخ والمحكم وقال في القاموس النمأ والنمء كجبل وحبل وأورده المؤلف في المعتل كما هنا فلم يذكروا النمأ كجبل نعم هو في التكملة عن ابن الأعرابي )
القَمْلُ الصِّغارُ عن كراع

( نهأ ) النَّهِيءُ على مثال فَعيلٍ اللَّحْمُ الذي لم يَنْضَجْ نَهِئَ اللحمُ ونَهُؤَ نَهَأً مقصور يَنْهَأُ نَهْأً ونَهَأً ونَهَاءة ممدود على فَعَالةٍ ونُهُوءة ( 2 )
( 2 قوله « ونهوءة إلخ » كذا ضبط في نسخة من التهذيب بالضم وكذا به أيضاً في قوله بين النهوء وفي شرح القاموس كقبول ) على فُعُولةٍ ونُهُوءاً ونَهاوةً الأَخيرة شاذة فهو نَهِيءٌ على فَعِيل لم يَنْضَجْ وهو بَيِّنُ النُّهُوءِ ممدود مهموز وبَيِّن النُّيُوءِ مثل النُّيُوع وأَنْهَأَه هو إِنْهاءً فهو مُنْهَأٌ إِذا لم يُنْضِجْه وأَنْهَأَ الأَمرَ لم يُبْرِمْه وشَرِبَ فلان حتى نَهَأَ أَي امتلأَ وفي المثل ما أُبالي ما نَهِئَ مِنْ ضَبِّكَ ابن الأَعرابي الناهِئُ الشَّبْعانُ والرَّيّانُ واللّه أَعلم

( نوأ ) ناءَ بِحِمْلِه يَنُوءُ نَوْءاً وتَنْوَاءً نَهَضَ بجَهْد ومَشَقَّةٍ وقيل أُثْقِلَ فسقَطَ فهو من الأَضداد وكذلك نُؤْتُ به ويقال ناءَ بالحِمْل إِذا نَهَضَ به مُثْقَلاً وناءَ به الحِملُ إِذا أَثْقَلَه والمرأَة تَنُوءُ بها عَجِيزَتُها أَي تُثْقِلُها وهي تَنُوءُ بِعَجِيزَتِها أَي تَنْهَضُ بها مُثْقلةً وناءَ به الحِمْلُ وأَناءَه مثل أَناعَه أَثْقَلَه وأَمالَه كما يقال ذهَبَ به وأَذْهَبَه بمعنى وقوله تعالى ما إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أُولي القُوَّةٍ قال نُوْءُها بالعُصْبةِ أَنْ تُثْقِلَهم والمعنى إِنَّ مَفاتِحَه لَتَنُوءُ بالعُصْبةِ أَي تُمِيلُهم مِن ثِقَلِها فإِذا أَدخلت الباءَ قلت تَنُوءُ بهم كما قال اللّه تعالى آتُوني أُفْرِغْ عَليْه قِطْراً والمعنى ائْتُوني بقِطْرٍ أُفْرِغْ عليه فإِذا حذفت الباءَ زدْتَ على الفعل في أَوله قال الفرّاءُ وقد قال رجل من أَهل العربية [ ص 175 ] ما إِنَّ العُصْبةَ لَتَنُوءُ بِمفاتِحِه فَحُوِّلَ الفِعْلُ إِلى المَفاتِحِ كما قال الراجز إِنَّ سِراجاً لَكَرِيمٌ مَفْخَرُهْ تَحْلى بهِ العَيْنُ إِذا ما تَجْهَرُهْ وهو الذي يَحْلى بالعين فإِن كان سُمِعَ آتوا بهذا فهو وَجْه وإِلاَّ فإِن الرجُلَ جَهِلَ المعنى قال الأَزهري وأَنشدني بعض العرب
حَتَّى إِذا ما التَأَمَتْ مَواصِلُهْ ... وناءَ في شِقِّ الشِّمالِ كاهِلُهْ
يعني الرَّامي لما أَخَذَ القَوْسَ ونَزَعَ مالَ عَلَيْها قال ونرى أَنَّ قول العرب ما ساءَكَ وناءَكَ من ذلك إِلاَّ أَنه أَلقَى الأَلفَ لأَنه مُتْبَعٌ لِساءَكَ كما قالت العرب أَكَلْتُ طَعاماً فهَنَأَني ومَرَأَني معناه إِذا أُفْرِدَ أَمْرَأَني فحذف منه الأَلِف لما أُتْبِعَ ما ليس فيه الأَلِف ومعناه ما ساءَكَ وأَناءَكَ وكذلك إِنِّي لآتِيهِ بالغَدايا والعَشايا والغَداةُ لا تُجمع على غَدايا وقال الفرَّاءُ
لَتُنِيءُ بالعُصْبةِ تُثْقِلُها وقال
إِنِّي وَجَدِّك لا أَقْضِي الغَرِيمَ وإِنْ ... حانَ القَضاءُ وما رَقَّتْ له كَبِدِي
إِلاَّ عَصا أَرْزَنٍ طارَتْ بُرايَتُها ... تَنُوءُ ضَرْبَتُها بالكَفِّ والعَضُدِ
أَي تُثْقِلُ ضَرْبَتُها الكَفَّ والعَضُدَ وقالوا له عندي ما سَاءَه وَناءَه أَي أَثْقَلَه وما يَسُوءُه ويَنُوءُه قال بعضهم أَراد ساءَه وناءَه وإِنما قال ناءَه وهو لا يَتَعدَّى لأَجل ساءَه فهم إِذا أَفردوا قالوا أَناءَه لأَنهم إِنما قالوا ناءَه وهو لا يتعدَّى لمكان سَاءَه ليَزْدَوِجَ الكلام والنَّوْءُ النجم إِذا مال للمَغِيب والجمع أَنْواءٌ ونُوآنٌ حكاه ابن جني مثل عَبْد وعُبْدانٍ وبَطْنٍ وبُطْنانٍ قال حسان بن ثابت رضي اللّه عنه
ويَثْرِبُ تَعْلَمُ أَنَّا بِها ... إِذا قَحَطَ الغَيْثُ نُوآنُها
وقد ناءَ نَوْءاً واسْتَناءَ واسْتَنْأَى الأَخيرة على القَلْب قال
يَجُرُّ ويَسْتَنْئِي نَشاصاً كأَنَّه ... بِغَيْقةَ لَمَّا جَلْجَلَ الصَّوْتَ جالِبُ
قال أَبو حنيفة اسْتَنْأَوُا الوَسْمِيَّ نَظَرُوا إِليه وأَصله من النَّوْءِ فقدَّم الهمزةَ وقول ابن أَحمر
الفاضِلُ العادِلُ الهادِي نَقِيبَتُه ... والمُسْتَناءُ إِذا ما يَقْحَطُ المَطَرُ
المُسْتَنَاءُ الذي يُطْلَبُ نَوْءُه قال أَبو منصور معناه الذي يُطْلَبُ رِفْدُه وقيل معنى النَّوْءِ سُقوطُ نجم من المَنازِل في المغرب مع الفجر وطُلوعُ رَقِيبه وهو نجم آخر يُقابِلُه من ساعته في المشرق في كل ليلة إِلى ثلاثة عشر يوماً وهكذا كلُّ نجم منها إِلى انقضاءِ السنة ما خلا الجَبْهةَ فإِن لها أَربعة عشر يوماً فتنقضِي جميعُها مع انقضاءِ السنة قال وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنَّه إِذا سقط الغارِبُ ناءَ الطالِعُ وذلك الطُّلوع هو النَّوْءُ وبعضُهم يجعل النَّوْءَ السقوط كأَنه من الأَضداد قال أَبو عبيد ولم يُسْمع في النَّوْءِ أَنه السُّقوط إِلا في هذا الموضع وكانت العرب تُضِيفُ الأَمْطار والرِّياح والحرَّ والبرد إِلى الساقط منها وقال [ ص 176 ] الأَصمعي إِلى الطالع منها في سلطانه فتقول مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا وقال أَبو حنيفة نَوْءُ النجم هو أَوَّل سقوط يُدْرِكُه بالغَداة إِذا هَمَّت الكواكِبُ بالمُصُوحِ وذلك في بياض الفجر المُسْتَطِير التهذيب ناءَ النجمُ يَنْوءُ نَوْءاً إِذا سقَطَ وفي الحديث ثلاثٌ من أَمْرِ الجاهِليَّةِ الطَّعْنُ في الأَنْسَابِ والنِّياحةُ والأَنْواءُ قال أَبو عبيد الأَنواءُ ثمانية وعشرون نجماً معروفة المَطالِع في أزْمِنةِ السنة كلها من الصيف والشتاء والربيع والخريف يسقط منها في كل ثلاثَ عَشْرة ليلة نجمٌ في المغرب مع طلوع الفجر ويَطْلُع آخَرُ يقابله في المشرق من ساعته وكلاهما معلوم مسمى وانقضاءُ هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاءِ السنة ثم يرجع الأَمر إِلى النجم الأَوّل مع استئناف السنة المقبلة وكانت العرب في الجاهلية إِذا سقط منها نجم وطلع آخر قالوا لا بد من أَن يكون عند ذلك مطر أَو رياح فيَنْسُبون كلَّ غيث يكون عند ذلك إِلى ذلك النجم فيقولون مُطِرْنا بِنَوْءِ الثُرَيَّا والدَّبَرانِ والسِّماكِ والأَنْوَاءُ واحدها نَوْءٌ قال وإِنما سُمِّيَ نَوْءاً لأَنه إِذا سَقَط الساقِط منها بالمغرب ناءَ الطالع بالمشرق يَنُوءُ نَوْءاً أَي نَهَضَ وطَلَعَ وذلك النُّهُوض هو النَّوْءُ فسمي النجم به وذلك كل ناهض بِثِقَلٍ وإِبْطَاءٍ فإنه يَنُوءُ عند نُهوضِه وقد يكون النَّوْءُ السقوط قال ولم أسمع أَنَّ النَّوْءَ السقوط إِلا في هذا الموضع قال ذو الرمة
تَنُوءُ بِأُخْراها فَلأْياً قِيامُها ... وتَمْشِي الهُوَيْنَى عن قَرِيبٍ فَتَبْهَرُ
معناه أَنَّ أُخْراها وهي عَجيزَتُها تُنِيئُها إِلى الأَرضِ لِضخَمِها وكَثْرة لحمها في أَرْدافِها قال وهذا تحويل للفعل أَيضاً وقيل أَراد بالنَّوْءِ الغروبَ وهو من الأَضْداد قال شمر هذه الثمانية وعشرون التي أَراد أَبو عبيد هي منازل القمر وهي معروفة عند العرب وغيرهم من الفُرْس والروم والهند لم يختلفوا في أَنها ثمانية وعشرون ينزل القمر كل ليلة في منزلة منها ومنه قوله تعالى والقَمَرَ قَدَّرْناه مَنازِلَ قال شمر وقد رأَيتها بالهندية والرومية والفارسية مترجمة قال وهي بالعربية فيما أَخبرني به ابن الأَعرابي الشَّرَطانِ والبَطِينُ والنَّجْمُ والدَّبَرانُ والهَقْعَةُ والهَنْعَةُ والذِّراع والنَّثْرَةُ والطَّرْفُ والجَبْهةُ والخَراتانِ والصَّرْفَةُ والعَوَّاءُ والسِّماكُ والغَفْرُ والزُّبانَى والإِكْليلُ والقَلْبُ والشَّوْلةُ والنَّعائمُ والبَلْدَةُ وسَعْدُ الذَّابِحِ وسَعْدُ بُلَعَ وسَعْدُ السُّعُود وسَعْدُ الأَخْبِيَةِ وفَرْغُ الدَّلْو المُقَدَّمُ وفَرْغُ الدَّلْوِ المُؤَخَّرُ والحُوتُ قال ولا تَسْتَنِيءُ العَرَبُ بها كُلِّها إِنما تذكر بالأَنْواءِ بَعْضَها وهي معروفة في أَشعارهم وكلامهم وكان ابن الأَعرابي يقول لا يكون نَوْءٌ حتى يكون معه مَطَر وإِلا فلا نَوْءَ قال أَبو منصور أَول المطر الوَسْمِيُّ وأَنْواؤُه العَرْقُوتانِ المُؤَخَّرتانِ قال أَبو منصور هما الفَرْغُ المُؤَخَّر ثم الشَّرَطُ ثم الثُّرَيَّا ثم الشَّتَوِيُّ وأَنْواؤُه الجَوْزاءُ ثمَّ الذِّراعانِ ونَثْرَتُهما ثمَّ الجَبْهةُ وهي آخِر الشَّتَوِيِّ وأَوَّلُ الدَّفَئِيّ والصَّيْفِي ثم الصَّيْفِيُّ وأَنْواؤُه السِّماكانِ الأَوَّل الأَعْزَلُ والآخرُ الرَّقيبُ وما بين السِّماكَيْنِ صَيف وهو نحو من أَربعين يوماً ثمَّ الحَمِيمُ وهو نحو من عشرين ليلة عند طُلُوعِ [ ص 177 ] الدَّبَرانِ وهو بين الصيفِ والخَرِيفِ وليس له نَوْءٌ ثمَّ الخَرِيفِيُّ وأَنْواؤُه النَّسْرانِ ثمَّ الأَخْضَرُ ثم عَرْقُوتا الدَّلْوِ الأُولَيانِ قال أَبو منصور وهما الفَرْغُ المُقَدَّمُ قال وكلُّ مطَر من الوَسْمِيِّ إِلى الدَّفَئِيِّ ربيعٌ وقال الزجاج في بعض أَمالِيهِ وذَكر قَوْلَ النبي صلى اللّه عليه وسلم مَنْ قال سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْم وكَفَر باللّهِ ومن قال سَقانا اللّهُ فقد آمَنَ باللهِ وكَفَر بالنَّجْمِ قال ومعنى مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا أَي مُطِرْنا بطُلوع نجم وسُقُوط آخَر قال والنَّوْءُ على الحقيقة سُقُوط نجم في المَغْرِب وطُلوعُ آخَرَ في المشرق فالساقِطةُ في المغرب هي الأَنْواءُ والطالِعةُ في المشرق هي البَوارِحُ قال وقال بعضهم النَّوْءُ ارْتِفاعُ نَجْمٍ من المشرق وسقوط نظيره في المغرب وهو نظير القول الأَوَّل فإِذا قال القائل مُطِرْنا بِنَوْءِ الثرَيَّا فإِنما تأْويله أَنَّه ارتفع النجم من المشرق وسقط نظيره في المغرب أَي مُطِرْنا بما ناءَ به هذا النَّجمُ قال وإِنما غَلَّظَ النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم فيها لأَنَّ العرب كانت تزعم أَن ذلك المطر الذي جاءَ بسقوطِ نَجْمٍ هو فعل النجم وكانت تَنْسُبُ المطر إِليه ولا يجعلونه سُقْيا من اللّه وإِن وافَقَ سقُوطَ ذلك النجم المطرُ يجعلون النجمَ هو الفاعل لأَن في الحديث دَلِيلَ هذا وهو قوله مَن قال سُقِينا بالنَّجْمِ فقد آمَنَ بالنَّجْم وكَفَرَ باللّهِ قال أَبو إِسحق وأَما من قال مُطِرْنا بُنَوْءِ كذا وكذا ولم يُرِدْ ذلك المعنى ومرادُه أَنَّا مُطِرْنا في هذا الوقت ولم يَقْصِدْ إِلى فِعْل النجم فذلك واللّه أَعلم جائز كما جاءَ عن عُمَر رضي اللّه عنه أَنَّه اسْتَسْقَى بالمُصَلَّى ثم نادَى العباسَ كم بَقِيَ مِن نَوْءِ الثُرَيَّا ؟ فقال إِنَّ العُلماءَ بها يزعمون أَنها تَعْتَرِضُ في الأُفُقِ سَبْعاً بعد وقُوعِها فواللّهِ ما مَضَتْ تلك السَّبْعُ حتى غِيثَ الناسُ فإِنما أَراد عمر رضي اللّه تعالى عنه كم بَقِيَ من الوقت الذي جرت به العادة أَنَّه إِذا تَمَّ أَتَى اللّهُ بالمطر قال ابن الأَثير أَمَّا مَنْ جَعلَ المَطَر مِنْ فِعْلِ اللّهِ تعالى وأَراد بقوله مُطِرْنا بِنَوْءِ كذا أَي في وَقْت كذا وهو هذا النَّوْءُ الفلاني فإِن ذلك جائز أَي إِن اللّهَ تعالى قد أَجْرَى العادة أَن يأْتِيَ المَطَرُ في هذه الأَوقات قال ورَوى عَليٌّ رضي اللّه عنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنَّه قال في قوله تعالى وتَجْعَلُون رِزْقَكم أَنَّكم تُكَذِّبُونَ قال يقولون مُطِرْنا بنوءِ كذا وكذا قال أَبو منصور معناه وتَجْعَلُون شُكْرَ رِزْقِكم الذي رَزَقَكُمُوه اللّهُ التَّكْذِيبَ أَنَّه من عندِ الرَّزَّاقِ وتجعلون الرِّزْقَ من عندِ غيرِ اللّهِ وذلك كفر فأَمَّا مَنْ جَعَلَ الرِّزْقَ مِن عِندِ اللّهِ عز وجل وجَعَل النجمَ وقْتاً وقَّتَه للغَيْثِ ولم يَجعلْه المُغِيثَ الرَّزَّاقَ رَجَوْتُ أَن لا يكون مُكَذِّباً واللّه أَعلم قال وهو معنى ما قاله أَبو إِسحق وغيره من ذوي التمييز قال أَبو زيد هذه الأَنْواءُ في غَيْبوبة هذه النجوم قال أَبو منصور وأَصل النَّوْءِ المَيْلُ في شِقٍّ وقيل لِمَنْ نَهَضَ بِحِمْلِهِ ناءَ به لأَنَّه إِذا نَهَضَ به وهو ثَقِيلٌ أَناءَ الناهِضَ أَي أَماله وكذلك النَّجْمُ إِذا سَقَطَ مائلٌ نحوَ مَغِيبه الذي يَغِيبُ فيه وفي بعض نسخ الإِصلاح ما بِالبادِيَةِ أَنْوَأُ من فلان أَي أَعْلَمُ بأَنْواءِ النُّجوم منه ولا فعل له وهذا أَحد ما جاءَ من هذا الضرب من غير أَن يكون له فِعْلٌ وإِنما هو من باب أَحْنَكِ الشَّاتَيْنِ وأَحْنَكِ البَعِيرَيْنِ [ ص 178 ] قال أَبو عبيد سئل ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما عن رجل جَعَلَ أَمْرَ امْرَأَتِه بِيَدِها فقالت له أَنت طالق ثلاثاً فقال ابن عَبَّاس خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها أَلاّ طَلَّقَتْ نَفْسها ثلاثاً قال أَبو عبيد النَّوْءُ هو النَّجْم الذي يكون به المطر فَمن هَمَز الحرف أَرادَ الدُّعاءَ عليها أَي أَخْطَأَها المَطَرُ ومن قال خطَّ اللّهُ نَوْءَها جَعَلَه من الخَطِيطَةِ قال أَبو سعيد معنى النَّوْءِ النُّهوضُ لا نَوْءُ المطر والنَّوْءُ نُهُوضُ الرَّجل إِلى كلِّ شيءٍ يَطْلُبه أَراد خَطَّأَ اللّهُ مَنْهَضَها ونَوْءَها إِلى كلِّ ما تَنْوِيه كما تقول لا سَدَّدَ اللّهُ فلاناً لما يَطْلُب وهي امرأَة قال لها زَوْجُها طَلِّقي نَفْسَكِ فقالت له طَلَّقْتُكَ فلم يَرَ ذلك شيئاً ولو عَقَلَتْ لَقالَتْ طَلَّقْتُ نَفْسِي وروى ابن الأَثير هذا الحديثَ عن عُثمانَ وقال فيه إِنَّ اللّهَ خَطَّأَ نَوْءَها أَلاَّ طَلَّقَتْ نَفْسَها وقال في شرحه قيل هو دُعاءٌ عليها كما يقال لا سَقاه اللّه الغَيْثَ وأَراد بالنَّوْءِ الذي يَجِيءُ فيه المَطَر وقال الحربي هذا لا يُشْبِهُ الدُّعاءَ إِنما هو خبر والذي يُشْبِهُ أَن يكون دُعاءً حَدِيثُ ابن عَبَّاسٍ رضي اللّه عنهما خَطَّأَ اللّهُ نَوْءَها والمعنى فيهما لو طَلَّقَتْ نَفْسَها لوقع الطَّلاق فحيث طَلَّقَتْ زوجَها لم يَقَعِ الطَّلاقُ وكانت كمن يُخْطِئُه النَّوْءُ فلا يُمْطَر
وناوَأْتُ الرَّجُلَ مُناوَأَةً ونِوَاءً فاخَرْتُه وعادَيْتُه يقال إِذا ناوَأْتَ الرجلَ فاصْبِرْ وربما لم يُهمز وأَصله الهمز لأَنَّه من ناءَ إِلَيْكَ ونُؤْتَ إِليه أَي نَهَضَ إِليكَ وَنهَضْتَ إِليه قال الشاعر
إِذا أَنْتَ ناوَأْتَ الرِّجالَ فَلَمْ تَنُؤْ ... بِقَرْنَيْنِ غَرَّتْكَ القُرونُ الكَوامِلُ
ولا يَسْتَوِي قَرْنُ النِّطاحِ الذي به ... تَنُوءُ وقَرْنٌ كُلَّما نُؤْتَ مائِلُ
والنَّوْءُ والمُناوَأَةُ المُعاداةُ وفي الحديث في الخيل ورجُلٌ رَبَطَها فَخْراً ورِياءً ونِوَاءً لأَهل الإِسلام أَي مُعاداةً لهم وفي الحديث لا تَزالُ طائفةٌ من أُمّتي ظاهرينَ على مَن ناوَأَهم أَي ناهَضَهم وعاداهم

( نيأ ) ناءَ الرجلُ مثل ناعَ كَنَأَى مقلوب منه إِذا بعد أَو لغة فيه أَنشد يعقوب
أَقولُ وقد ناءَتْ بِهِمْ غُرْبةُ النَّوَى ... نَوًى خَيْتَعُورٌ لا تَشِطُّ دِيارُكِ
واستشهد الجوهري في هذا الموضع بقول سهم بن حنظلة
مَنْ إِنْ رآكَ غَنِيَّأً لانَ جانِبُه ... وإِنْ رَآكَ فَقِيراً ناءَ فاغْتَربا
ورأَيت بخط الشيخ الصلاح المحدّث رحمه اللّه أَنَّ الذي أَنشده الأَصمعي ليس على هذه الصورة وإِنما هو
إِذا افْتَقَرْتَ نَأَى واشْتَدَّ جانِبُه ... وإِنْ رَآكَ غَنِياًّ لانَ واقْتَرَبا
وناءَ الشيءُ واللَّحْمُ يَنِيءُ نَيْئاً بوزن ناعَ يَنِيعُ نَيْعاً وأَنَأْتُه أَنا إِناءة إِذا لم تُنْضِجْه وكذلك نَهِئَ اللحمُ وهو لَحْمٌ بَيِّنُ النُّهُوءِ والنُّيُوءِ بوزن النُّيُوعِ وهو بَيِّنُ النُّيُوءِ والنُّيُوءة لم يَنْضَجْ ولحم نِيءٌ بالكسر مثل نِيعٍ لم تَمْسَسْه نار هذا هو الأَصل وقد يُترك الهمز ويُقلب ياءً فيقال نِيٌّ مشدَّداً قال أَبو [ ص 179 ] ذؤيب
عُقارٌ كَماءِ النِّيِّ لَيْسَتْ بخَمْطةٍ ... ولا خَلَّةٍ يَكْوِي الشَّرُوبَ شِهابُها
شِهابُها نارُها وحِدَّتُها وأَناءَ اللحمَ يُنيئُه إِناءة إِذا لم يُنْضِجْه وفي الحديث نَهَى عن أَكل اللَّحْم النِّيءِ هو الذي لم يُطْبَخْ أَو طُبِخَ أَدْنَى طَبْخ ولم يُنْضَجْ والعرب تقول لحمٌ نِيٌّ فيحذفون الهمز وأَصله الهمز والعرب تقول للبَن المَحْضِ نِيءٌ فإِذا حَمُضَ فهو نَضِيج وأَنشد الأَصمعي
إِذا ما شِئْتُ باكَرَني غُلامٌ ... بِزِقٍّ فيه نِيءٌ أَو نَضِيجُ
وقال أَراد بالنِّيءِ خَمْراً لم تَمَسَّها النارُ وبالنَّضِيجِ المَطْبُوخَ وقال شمر النِّيءُ من اللبن ساعةَ يُحْلَبُ قبل أَن يُجْعَلَ في السِّقاءِ قال شمر وناءَ اللحمُ يَنُوءُ نَوْءاً ونِيّاً لم يهمز نِيّاً فإِذا قالوا النَّيُّ بفتح النون فهو الشحم دون اللحم قال الهذلي
فظَلْتُ وظَلَّ أَصْحابي لَدَيْهِمْ ... غَريضُ اللَّحْم نِيٌّ أو نَضِيجُ

( هأهأ ) الهَأْهاءُ دُعاءُ الإِبل إِلى العَلَفِ وهو زَجْر الكلب وإِشْلاؤُه وهو الضَّحِكُ العالِي وهَأْهَأَ إِذا قَهْقَهَ وأَكثر المَدَّ وأَنشد
أَهَأْأَهَأْ عِند زادِ القَوْمِ ضِحْكُهُمُ ... وأَنْتُمُ كُشُفٌ عندَ اللِّقا خُورُ ؟ ( 1 )
( 1 قوله « أهأ أهأ إلخ » هذا البيت أورده ابن سيده في المعتل فقال أهأ أهأ عند زاد القوم ضحكتهم والوغى بدل اللقا )
الأَلف قبل الهاء للاستفهام مُسْتَنْكر
وهَأْهَأَ بالإِبِلِ هِئْهاءً وهَأْهاءً الأَخيرة نادرةٌ دعاها إِلى العَلَفِ فقال هِئْ هِئْ وجارية هَأْهأَةٌ مقصور ضَحَّاكةٌ وجَأْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها للشُّرْب والاسم الهِيءُ والجِيءُ وقد تقدّم ذلك الأَزهري هاهَيْتُ بالإِبل دَعَوْتُها وهَأْهَأْتُ للْعَلَف وجَأْجَأْتُ بالإِبل لتشرب والاسم منه الهِيءُ والجِيءُ وأَنشد لمعاذ بن هَرَّاءٍ
وما كانَ على الهِيءِ ... ولا الجِيءِ امْتِداحِيكا
رأَيت بخط الشيخ شرف الدين المُرْسِي بن أَبي الفَضْل أَنَّ بخط الأَزهري الهِيءِ والجِيءِ بالكسر قال وكذلك قيَّدهما في الموضعين من كتابه قال وكذلك في جامع اللحياني رجلٌ هَأْهَأٌ وهَأْهَاءٌ من الضَّحِكِ وأَنشد
يا رُبَّ بَيْضاءَ مِنَ العَواسِجِ ... هَأْهَأَةٍ ذاتِ جَبِينٍ سارج ( 2 )
( 2 قوله « سارج » في التهذيب أي حسن اشتقاقه من السراج وفي التكملة السارج الواضح )

( هبأ ) الهَبْءُ حَيٌّ

( هتأ ) هَتَأَه بالعَصا هَتْأً ضرَبَه وتَهَتَّأَ الثوبُ تَقَطَّعَ وبَلِيَ بالتاء باثنتين وكذلك تَهَمَّأَ بالميم وتَفَسَّأَ وكلٌّ مذكور في موضعه ومَضَى من الليل هَتْءٌ وهِتْءٌ وهِيتَأٌ وهِيتَاءٌ وهَزيعٌ أَي وقت أَبو الهيثم جاء بعد هَدْأَةٍ من الليل وهَتْأَةٍ اللحياني جاء بعد هَتِيءٍ على فَعِيلٍ [ ص 180 ] وهَتْءٍ على فَعْلٍ وهَتْيٍ بلا همز وهِتاءٍ وهِيتاءٍ ممدودان ابن السكيت ذهَب هِتْءٌ من الليل وما بقيَ إِلا هِتْءٌ وما بَقيَ من غنمهم إِلا هِتْءٌ وهو أَقلُّ من الذَّاهبة وفيها هَتَأٌ شديد غير ممدود وهُتُوءٌ يريدُ شَقٌّ وخَرْقٌ

( هجأ ) هَجِئَ الرَّجُل هَجَأً التَهبَ جُوعُه وهَجَأَ جُوعُه هَجْأً وهٌجُوءاً سكن وذهَب وهَجَأَ غَرَثِي يَهْجَأُ هَجْأً سَكَنَ وذهَب وانْقَطَع وهَجَأَه الطعامُ يَهْجَؤُهْ هَجْأً مَلأَه وهَجَأَ الطعامَ أَكله وأَهْجَأَ الطعامُ غَرَثِي سكَّنه وقَطَعَه إِهْجاءً قال
فأَخْزاهُمُ رَبِّي ودَلَّ عَلَيْهِمُ ... وأَطْعَمَهُم من مَطْعَمٍ غَيْرِ مُهْجِئِ
وهَجَأً الإِبلَ والغنمَ وأَهْجَأَها كَفَّها لِتَرْعى والهِجاءُ ممدود تَهْجِئَةُ الحرف وتَهَجَّأْت الحرف وتهجيته بهمز وتبديل أَبو العباس الهَجَأُ يُقصر ويهمز وهو كلُّ ما كنت فيه فانْقَطَع عنك ومنه قول بشار وقَصَره ولم يهمز والأَصل الهمز
وقَضَيْتُ مِنْ وَرَقِ الشَّبابِ هَجاً ... مِنْ كُلِّ أَحْوَزَ راجِحٍ قَصَبُهْ
وأَهْجَأْتُه حَقَّه وأَهْجَيْتُه حَقَّه إِذا أَدّيته إِليه

( هدأ ) هَدَأَ يَهْدَأُ هَدْءاً وهُدُوءاً سَكَن يكون في سكون الحركة
والصَّوْت وغيرهما قال ابن هَرْمةَ
لَيْتَ السِّباعَ لنَا كانت مُجاوِرةً ... وأَنَّنا لا نَرَى مِمَّنْ نَرَى أَحَدا
إِنَّ السِّباعَ لَتَهْدا عن فَرائِسها ... والناسُ ليس بهادٍ شَرُّهم أَبَدا
أَراد لَتَهْدَأُ وبهادِئٍ فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً وذلك أَنَّه جعلها ياءً فأَلحق هادِياً برامٍ وسامٍ وهذا عند سيبوبه إِنما يؤخذ سماعاً لا قياساً ولو خففها تخفيفاً قياسياً لجعلها بين بين فكان ذلك يكسر البيت والكسر لا يجوز وإِنما يجوز الزِّحافُ والاسم الهَدْأَةُ عن اللحياني وأَهْدَأَه سَكَّنه وهَدَأَ عنه سَكَنَ أَبو الهيثم يقال نَظَرْتُ إِلى هَدْئِه بالهمز وهَدْيِه قال وإِنما أَسقطوا الهمزة فجعلوا مكانها الياء وأَصلها الهمز من هَدَأَ يَهْدَأُ إِذا سكن وأَتانا وقد هَدَأَتِ الرِّجْلُ أَي بعدَما سكَنَ الناسُ بالليل وأَتانا بعدَما هَدَأَتِ الرِّجْلُ والعَيْنُ أَي سَكَنَتْ وسَكَنَ الناسُ بالليل وهَدَأَ بالمكان أَقام فسَكَن ولا أَهْدَأَه اللّه لا أَسْكَنَ عَناءَهُ ونَصَبَه وأَتانا وقد هَدَأَتِ العيونُ وأَتانا هُدُوءاً إِذا جاءَ بعد نَوْمةٍ وأَتانا بعدَ هُدْءٍ من الليل وهَدْءٍ وهَدْأَةٍ وهَدِيءٍ فَعِيلٍ وهُدُوءٍ فُعولٍ أَي بعد هَزِيعٍ من الليل ويكون هذا الأَخير مصدراً وجمعاً أَي حين سكَن الناسُ وقد هَدَأَ الليلُ عن سيبويه وبعدما هَدَأَ الناسُ أَي ناموا وقيل الهَدْءُ من أَوَّله إِلى ثلثه وذلك ابْتِداءُ سكُونه وفي الحديث إِيَّاكُم والسَّمَرَ بعد هَدْأَةِ الرِّجْل الهَدْأَةُ والهُدُوءُ السكون عن الحركات أَي بعدما يَسْكُنُ الناسُ عن المَشْي والاختِلافِ في الطُّرُقِ وفي حديث سَوادِ بن قارِبٍ جاءَني بعد هَدْءٍ من الليل أَي بعد طائفةٍ ذهَبَتْ منه [ ص 181 ] والهَدْأَةُ موضع بين مكة والطائِف سُئل أَهلها لِمَ سُمِّيَتْ هَدْأَةً فقالوا لأَن المطر يُصِيبها بعد هَدْأَةٍ من الليل والنَّسَبُ إِليه هَدَوِيٌّ شاذٌّ من وجهين أَحدهما تحريك الدال والآخَر قلب الهمزة واواً وما له هِدْأَةُ ليلةٍ عن اللحياني ولم يفسره قال ابن سيده وعندي أَن معناه ما يقُوتُه فَيُسَكِّنُ جُوعَه أو سَهَرَه أَو هَمَّه وهَدَأَ الرَّجُلُ يَهْدَأُ هُدُوءاً مات وفي حديث أُم سليم قالت لأَبي طلحة عن ابنها هو أَهْدَأُ مما كان أَي أَسْكَنُ كَنَتْ بذلك عن الموت تَطْيِيباً لِقَلْبِ أَبيِه وهَدِئَ هَدَأً فهو أَهْدَأُ جَنِئَ وأَهْدَأَه الضَرْبُ أَو الكِبَرُ والهَدَأُ صِغَرُ السَّنامِ يعتري الإِبل من الحَمْلِ وهو دون الجَبَبِ والهَدْآءُ من الإِبل التي هَدِئَ سَنامُها من الحَمْل ولَطَأَ عليه وبَرُه ولم يُجْرَحْ والأَهْدَأُ من المَناكِب الذي دَرِمَ أَعْلاه واسْتَرْخَى حَبْلُه وقد أَهْدَأَه اللّه ومَرَرْتُ برجل هَدْئِك من رجل عن الزجاجي والمعروف هَدِّكَ من رجل وأَهْدَأْتُ الصبيَّ إِذا جعلت تَضْرِبُ عليه بكَفِّك وتُسَكِّنُه لِيَنامَ قال عديّ بن زيد
شَئِزٌ جَنْبِي كأَنِّي مُهْدَأ ... جَعَلَ القَيْنُ على الدَّفِّ الإِبَرْ
وأَهْدَأْتُه إِهْدَاءً الأَزهري أَهْدَأَتِ المرأَةُ صَبيَّها إِذا قارَبَتْه وسَكَّنَتْه لِيَنام فهو مُهْدَأ وابن الأَعرابي يروي هذا البيت مُهْدَأ وهو الصبي المُعَلَّلُ لِيَنامَ ورواه غيره مَهْدَأً أَي بعد هَدْءٍ من الليل ويقال تركت فلاناً على مُهَيْدِئَتِه أَي على حالَتِه التي كان عليها تصغير المَهْدَأَةِ ورجل أَهْدَأُ أَي أَحْدَبُ بَيِّنُ الهَدَإِ قال الراجز في صفة الرَّاعي أَهْدَأُ يَمْشِي مِشْيةَ الظَّلِيمِ الأَزهري عن الليث وغيره الهَدَأُ مصدر الأَهْدَإِ رجل أَهْدَأُ وامرأَة هَدْآءُ وذلك أَن يكون مَنْكِبه منخفضاً مستوياً أَو يكون مائلاً نحو الصدر غير مُنْتَصِبٍ يقال مَنْكِبٌ أَهْدَأُ وقال الأَصمعي رجل أَهْدَأُ إِذا كان فيه انْحِناءٌ وهَدِئَ وجَنِئَ إِذا انحنى

( هذأ ) هَذَأَه بالسيف وغيره يَهْذَؤُه هَذْءاً قَطَعَه قَطْعاً أَوْحَى من الهَذِّ وسَيْفٌ هَذَّاءٌ قاطِعٌ وهَذَأَ العَدُوَّ هَذْءاً أَبارَهم وأَفناهم وهَذَأَ الكلامَ إِذا أَكثر منه في خَطَإِ وهَذَأَه بلسانه هَذْءاً آذاه وأَسْمَعَه ما يَكْرَه وتَهَذَّأَتِ القَرْحةُ تَهَذُّؤاً وتَذَيَّأَتْ تَذَيُّؤاً فَسَدَتْ وتَقَطَّعَت وهَذَأْتُ اللحم بالسِّكِّين هَذْءاً إِذا قَطَعْتَه به

( هرأ ) هَرَأَ في مَنْطِقِه يَهْرَأُ هَرْءاً أَكثر وقيل أَكثر في خَطَإٍ أَو قال الخَنا والقَبِيحَ والهُراءُ ممدود مهموز المَنْطِقُ الكَثِيرُ وقيل المَنْطِقُ الفاسِدُ الذي لا نِظامَ له وقَوْلُ ذي الرُّمَّة
لَها بَشَرٌ مِثْلُ الحَرِيرِ ومَنْطِقٌ ... رَخِيمُ الحَواشِي لا هُراءٌ ولا نَزْرُ
[ ص 182 ] يحتملهما جميعاً وأَهْرَأَ الكلامَ إِذا أَكثر ولم يُصِب المَعْنَى وإِنَّ مَنْطِقَه لغيرُ هُراءٍ ورَجُلٌ هُراءٌ كثير الكلام وأَنشد ابن الأَعرابي شَمَرْدَلٍ غَيْرِ هُراءٍ مَيْلَقِ وامْرأَةٌ هُراءة وقوم هُراؤُون وهَرَأَه البَرْدُ يَهْرَؤُه هَرْءاً وهَراءة وأَهْرَأَه اشْتَدَّ عليه حتى كاد يَقْتُلُه أَو قَتَلَه وأَهْرَأَنا القُرُّ أَي قَتَلَنا وأَهْرَأَ فلان فلاناً إِذا قَتَلَه وهَرِئَ المالُ وهَرِئَ القومُ بالفتح فَهُم مَهْرُوءُونَ قال ابن بري الذي حكاه أَبو عبيد عن الكسائي هُرِئَ القوم بضم الهاءِ فَهم مَهْرُوءُونَ إِذا قَتَلَهم البَرْدُ أَو الحَرُّ قال وهذا هو الصحيح لأَن قوله مَهْرُوءُونَ إِنما يكون جارياً على هُرِئَ قال ابن مقبل في المَهْرُوءِ من هَرَأَه البَرْدُ يَرْثِي عُثمانَ بن
عَفَّانَ رضي اللّه تعالى عنه
نَعاءٌ لِفَضْلِ العِلْمِ والحِلْمِ والتُّقَى ... ومَأْوَى اليَتامَى الغُبْرِ أَسْنَوْا فأَجدَبُوا
ومَلْجَإِ مَهْرُوئِينَ يُلْفَى به الحَيا ... إِذا جَلَّفَتْ كَحْلٌ هو الأُمُّ والأَبُ
قال ابن بري ذكره الجوهري ومَلْجَأُ مَهْرُوئين وصوابه ومَلْجَإِ بالكسر معطوف على ما قبله وكَحْلُ اسمٌ عَلَمٌ للسَّنةِ المُجْدِبة وعَنَى بالحَيا الغَيْثَ والخِصْبَ قال أَبو حنيفة المَهْرُوءُ الذي قد أَنْضَجَه البَرْدُ وهَرَأَ البَرْدُ الماشِيَةَ فَتَهرَّأَتْ كسَرَها فتَكَسَّرَت وقِرَّةٌ لها هَرِيئةٌ على فَعِيلة يُصِيبُ الناسَ والمالَ منها ضُرٌّ وسَقَطٌ أَي مَوْتٌ وقد هُرِئَ القومُ والمالُ والهريئة أَيضاً الوقت الذي يُصِيبهم فيه البَرْدُ والهَرِيئةُ الوقت الذي يَشْتَدُّ فيه البَرْدُ وأَهْرَأْنا في الرَّواحِ أَي أَبْرَدْنا وذلك بالعشيِّ وخصَّ بعضُهم به رَواحَ القَيْظ وأَنشد لإِهابِ بن عُمَيْرٍ يَصِفُ حُمُراً
حتَّى إِذا أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ ( 1 ) ... وفَارَقَتْها بُلَّةُ الأَوابِلِ
( 1 قوله « للأصائل » بلام الجر رواية ابن سيده ورواية الجوهري بالأصائل بالباء )
قال أَهْرَأْنَ للأَصائِلِ دَخَلْنَ في الأَصائِلِ يقول سِرْنَ في
بَرْدِ الرَّواحِ إِلى الماءِ وبُلَّةُ الأَوابِلِ بُلَّةُ الرُّطْبِ والأَوابِلُ التي أَبَلَتْ بالمكانِ أَي لَزِمَتْه وقيل هي التي جَزَأَتْ بالرُّطْبِ عن الماءِ وأَهْرِئْ عنك من الظَّهِيرَةِ أَي أَقِمْ حتى يسكن حَرُّ النهار ويَبْرُدَ وأَهْرَأَ الرَّجُلَ قَتَله وهَرَأَ اللحمَ هَرْءاً وهَرَّأَه وأَهْرَأَه أَنْضَجَه فَتَهَرَّأَ حتى سَقَطَ من العظم وهو لَحْمٌ هَرِيءٌ وأَهْرَأَ لَحْمَه إهْرَاءً إِذا طَبَخَه حتى يَتَفَسَّخَ والمُهَرَّأُ والمُهَرَّدُ المُنْضَجُ من اللحم وهَرَأَتِ الرِّيحُ اشْتَدَّ بَرْدُها الأَصمعي يقال في صغار النخل أَوَّلَ ما يُقْلَعُ شيءٌ منها من أُمِّه فهو الجَثِيثُ والوَدِيُّ والهِرَاءُ والفَسِيل والهِراءُ [ ص 183 ] فَسِيلُ النخل قال
أَبَعْدَ عَطِيَّتِي أَلْفاً جَمِيعاً ... مِنَ المَرْجُوِّ ثاقِبةَ الهِراءِ
أَنشده أَبو حنيفة قال ومعنى قوله ثاقِبةَ الهِراءِ أَنّ النخل إِذا اسْتَفْحَل ثُقِبَ في أُصُوله والهُرَاءُ ( 1 )
( 1 قوله « والهراء اسم إلخ » ضبط الهراء في المحكم بالضم وبه في النهاية أيضاً في ه ر ي من المعتل ولذلك ضبط الحديث في تلك المادة بالضم فانظره مع عطف القاموس له هنا على المكسور ) اسم شَيْطانٍ مُوَكَّل بِقَبِيح الأَحْلام

( هزأ ) الهُزْءُ والهُزُؤُ السُّخْرِيةُ هُزِئَ به ومنه وهَزَأَ يَهْزَأُ فيهما هُزْءاً وهُزُؤاً ومَهْزَأَةً وتَهَزَّأَ واسْتَهْزَأَ به سَخِرَ وقوله تعالى إِنما نَحْنُ مُسْتَهْزِئون اللّهُ يَسْتَهْزِئُ بهم قال الزجاج القِراءة الجَيِّدة على التحقيق فإِذا خَفَّفْتَ الهمزة جَعَلْتَ الهمزةَ بين الواو والهمزة فقلت مُسْتَهْزِئون فهذا الاختيار بعد التحقيق ويجوز أَن يُبدل منها ياءٌ فَتُقْرَأَ مُسْتَهْزِيُون فأَما مُسْتَهْزُونَ فضعيف لا وَجْهَ له إِلا شاذا على قول من أَبدل الهمزة ياءً فقال في اسْتَهْزَأْتُ اسْتَهْزَيْتُ فيجب على اسْتَهْزَيْتُ مُسْتَهْزُونَ وقال فيه أَوجه من الجَواب قيل معنى اسْتِهْزَاءِ اللّه بهم أَن أَظهر لهم من أَحْكامه في الدنيا خَلافَ ما لهم في الآخرةِ كما أَظْهَرُوا للمسلمين في الدنيا خِلافَ ما أَسَرُّوا ويجوز أَن يكون اسْتِهْزَاؤُه بهم أَخْذَه إِيَّاهم من حَيْثُ لا يَعْلَمُون كما قال عزّ من قائل سَنَسْتَدْرِجُهم مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُون ويجوز وهو الوجه المختار عند أَهل اللغة أَن يكون معنى يَسْتَهْزِئُ بهم يُجازِيهم على هُزُئِهم بالعَذاب فسمي جَزاءُ الذَّنْب باسمه كما قال تعالى وجزاءُ سَيِّئةٍ سَيِّئةٌ مِثلُها فالثانية ليست بِسَيِّئة في الحقيقة إِنما سميت سيئة لازْدِواجِ الكلام فهذه ثلاثة أَوجه ورجلٌ هُزَأَةٌ بالتحريك يَهْزَأُ بالناس وهُزْأَةٌ بالتسكين يُهْزَأُ به وقيل يُهْزَأُ منه قال يونس إِذا قال الرجلُ هَزِئتُ منك فقد أَخْطأَ إِنما هو هَزِئتُ بك وقال أَبو عمرو يقال سَخِرْتُ منك ولا يقال سَخِرْتُ بك وهَزَأَ الشيءَ يَهْزَؤُه هَزْءاً كَسَره قال يَصِفُ دِرْعاً
لهَا عُكَنٌ تَرُدُّ النَّبْلَ خُنْساً ... وتَهْزَأُ بالمَعابِلِ والقِطاعِ
عُكَنُ الدِّرْعِ ما تَثَنَّى منها والباءُ في قوله بالمَعابِل زائدة هذا قول أَهل اللغة قال ابن سيده وهو عندي خطأٌ إِنما تَهْزَأُ ههنا من الهُزْءِ الذي هو السُّخْرِيُّ كأَنَّ هذه الدِّرْعَ لمَّا رَدَّتِ النَّبْلَ خُنْساً جُعِلَتْ هازِئةً بها وهَزَأَ الرجلُ ماتَ عن ابن الأَعرابي وهَزَأَ الرجلُ إِبِلَه هَزْءاً قَتَلَها بالبَرْدِ والمعروف هَرَأَها والظاهر أَن الزاي تصحيف ابن الأَعرابي أَهْزَأَه البَرْدُ وأَهْرَأَه إِذا قَتَلَه ومثله أَزْغَلَتْ وأَرْغَلَتْ فيما يتعاقب فيه الراءُ والزاي الأَصمعي وغيره نَزَأْتُ الرّاحِلةَ وهَزَأْتها إِذا حَرَّكْتَها

( همأ ) هَمَأَ الثَّوْبَ يَهْمَؤُه هَمْأً جَذَبَه فَانْخَرَقَ وانْهَمَأَ ثَوْبُهُ وتَهَمَّأَ انْقَطَعَ من البِلَى وربما قالوا تَهتَّأَ بالتاءِ وقد تقدم والهِمْءُ الثَّوْبُ الخَلَقُ وجمع الهِمْءِ أَهْمَاءٌ [ ص 184 ]

( هنأ ) الهَنِيءُ والمَهْنَأُ ما أَتاكَ بلا مَشَقَّةٍ اسم كالمَشْتَى وقد هَنِئَ الطَّعامُ وهَنُؤَ يَهْنَأُ هَنَاءة صار هَنِيئاً مثل فَقِهَ وفَقُهَ وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به وهَنَأَنِي الطَّعامُ وهَنَأَ لي يَهْنِئُنِي ويَهْنَؤُنِي هَنْأً وهِنْأً ولا نظير له في المهموز ويقال هَنَأَنِي خُبْزُ فُلان أَي كان هَنِيئاً بغير تَعَبٍ ولا مَشَقَّةٍ وقد هَنَأَنا اللّهُ الطَّعامَ وكان طَعاماً اسْتَهْنَأْناه أَي اسْتَمْرَأْناهُ وفي حديث سُجُود السهو فَهَنَّأَه ومَنَّاه أَي ذَكَّره المَهانِئَ والأَمانِي والمراد به ما يَعْرِضُ للإِنسان في صَلاتِه من أَحاديثِ النَّفْس وتَسْوِيل الشيطان ولك المَهْنَأُ والمَهْنا والجمع المَهانِئُ هذا هو الأَصل بالهمز وقد يخفف وهو في الحديث أَشْبه لأَجل مَنَّاه وفي حديث ابن مسعود في إِجابةِ صاحب الرِّبا إِذا دَعا إِنساناً وأَكَل طَعامه قال لك المَهْنَأُ وعليه الوِزْرُ أَي يكون أَكْلُكَ له هَنِيئاً لا تُؤَاخَذُ به ووِزْرُه على من كَسَبَه وفي حديث النخعي في طعام العُمَّالِ الظَّلَمةِ لهم المَهْنَأُ وعليهم الوِزر وهَنَأَتْنِيهِ العافِيةُ وقد تَهَنَّأْتُه وهَنِئْتُ الطعامَ بالكسر أَي تَهَنَّأْتُ به فأَما ما أَنشده سيبويه من قوله فَارْعَيْ فَزارةُ لا هَناكِ المَرْتَعُ فعلى البدل للضرورة وليس على التخفيف وأَمّا ما حكاه أَبو عبيد من قول المتمثل من العرب حَنَّتْ ولاتَ هَنَّتْ وأَنَّى لكِ مَقْرُوع فأَصله الهمز ولكنّ المثل يجري مَجْرى الشِّعر فلما احتاج إِلى المُتابَعةِ أَزْوَجَها حَنَّتْ يُضْرَبُ هذا المثل لمن يُتَّهَم في حَديثه ولا يُصَدَّقُ قاله مازِنُ بن مالك بن عَمرو بن تَمِيم لابنةِ أَخيه الهَيْجُمانة بنتِ العَنْبَرِ ابن عَمْرو بن تَمِيم حين قالت لأَبيها إِنّ عبدشمس بنَ سعدِ بن زيْدِ مَناةَ يريد أَن يُغِيرَ عَليهم فاتَّهمها مازِنٌ لأَنَّ عبدَشمس كان يَهْواها وهي تَهْواه فقال هذه المقالة وقوله حَنَّتْ أَي حنَّت إِلى عبدشمس ونَزَعَتْ إليه وقوله ولات هَنَّتْ أَي ليس الأَمْرُ حيث ذَهَبَتْ وأَنشد الأَصمعي
لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرةَ أَمْ مَنْ ... جاءَ مِنها بطائِفِ الأَهْوالِ
يقول ليس جُبَيْرةُ حَيْثُ ذَهَبْتَ ايأَسْ منها ليس هذا موضِعَ ذِكْرِها وقوله أَمْ مَنْ جاءَ منها يستفهم يقول مَنْ ذا الذي دَلَّ علينا خَيالَها قال الرَّاعي نَعَمْ لاتَ هَنَّا إِنَّ قَلْبَكَ مِتْيَحُ يقول ليس الأَمْرُ حيث ذَهَبْتَ إِنما قلبك مِتْيَحٌ في غير ضَيْعةٍ وكان ابن الأَعرابي يقول حَنَّتْ إِلى عاشِقِها وليس أَوانَ حَنِينٍ وإِنما هو ولا والهاءُ صِلةٌ جُعِلَتْ تاءً ولو وَقَفْتَ عليها لقلت لاه في القياس ولكن يقفون عليها بالتاءِ قال ابن الأَعرابي سأَلت الكِسائي فقلتُ كيف تَقِف على بنت ؟ فقال بالتاءِ اتباعاً للكتاب وهي في الأَصل هاءٌ الأَزهريّ في قوله ولاتَ هَنَّتْ كانت هاءَ الوقفة ثم صُيِّرت تاءً ليُزاوِجُوا به حَنَّتْ والأَصل فيه هَنَّا ثمَّ قيل هَنَّهْ للوقف ثمَّ صيرت تاءً كما قالوا ذَيْتَ وذَيْتَ وكَيْتَ وكَيْتَ ومنه قول العجاج
وكانَتِ الحَياةُ حِينَ حُبَّتِ ... وذِكْرُها هَنَّتْ ولاتَ هَنَّتِ
[ ص 185 ] أَي ليس ذا موضعَ ذلك ولا حِينَه والقصيدة مجرورة لَمَّا أَجْراها جَعَل هاءَ الوقفة تاءً وكانت في الأَصل هَنَّهْ بالهاءِ كما يقال أَنا وأَنَّهْ والهاءُ تصير تاءً في الوصْل ومن العرب من يَقْلِب هاءَ التأْنيث تاءً إِذا وقف عليها كقولهم ولاتَ حِينَ مَناصٍ وهي في الأَصل ولاةَ ابن شميل عن الخليل في قوله لاتَ هَنَّا ذِكْرَى جُبَيْرَة أَمْ مَنْ يقول لا تُحْجِمُ عن ذكْرها لأَنه يقول قد فعلت وهُنِّيتُ فيُحْجِمُ عن شيءٍ فهو من هُنِّيتُ وليس بأَمر ولو كان أَمْراً لكان جزماً ولكنه خبر يقول أَنتَ لا تَهْنَأُ ذِكْرَها وطَعامٌ هَنِيءٌ سائغ وما كان هَنِيئاً ولقد هَنُؤَ هَناءة وهَنَأَةً وهِنْأً على مثال فَعالةٍ وفَعَلة وفِعْلٍ الليث هَنُؤَ الطَّعامُ يَهْنُؤُ هَنَاءة ولغة أُخرى هَنِيَ يَهْنَى بلا همز والتَّهْنِئةُ خلاف التَّعْزِية يقال هَنَأَهُ بالأَمْرِ والولاية هَنْأً وهَنَّأَه تَهْنِئةً وتَهْنِيئاً إِذا قلت له ليَهْنِئْكَ والعرب تقول ليَهْنِئْكَ الفارِسُ بجزم الهمزة وليَهْنِيكَ الفارِسُ بياءٍ ساكنة ولا يجوز ليَهْنِكَ كما تقول العامة وقوله عز وجل فَكُلُوه هَنِيئاً مَرِيئاً قال الزجاج تقول هَنَأَنِي الطَّعامُ ومَرَأَني فإِذا لم يُذكَر هَنَأَنِي قلت أَمْرَأَني وفي المثل تَهَنَّأَ فلان بكذا وتَمَرَّأَ وتَغَبَّطَ وتَسَمَّنَ وتَخَيَّلَ وتَزَيَّنَ بمعنى واحد وفي الحديث خَيْرُ الناسِ قَرْني ثمَّ الَّذِين يَلُونَهُمْ ثمَّ يَجِيءُ قوم يَتَسَمَّنُونَ معناه يَتَعَظَّمُونَ ويَتَشَرَّفُونَ ويَتَجَمَّلُون بكثرة المال فيجمعونه ولا يُنْفِقُونه وكلوه هَنِيئاً مَريئاً وكلُّ أمْرٍ يأْتيكَ مِنْ غَيْر تَعَبٍ فهو هَنِيءٌ الأَصمعي يقال في الدُّعاءِ للرَّجل هُنِّئْتَ ولاتُنْكَهْ أَي أَصَبْتَ خَيْراً ولا أَصابك الضُّرُّ تدعُو له أَبو الهيثم في قوله هُنِّئْتَ يريد ظَفِرْتَ على الدُّعاءِ له قال سيبويه قالوا هَنِيئاً مَرِيئاً وهي من الصفات التي أُجْرِيَتْ مُجْرى المَصادِر المَدْعُوِّ بها في نَصْبها على الفِعْل غَير المُسْتَعْمَلِ إِظْهارُه واختزاله لدلالته عليه وانْتِصابه على فعل من غير لفظه كأَنَّه ثَبَتَ له ما ذُكِرَ له هَنِيئاً وأَنشد الأَخطل
إِلى إِمامٍ تُغادِينا فَواضِلُه ... أَظْفَرَه اللّه فَلْيَهْنِئْ لهُ الظَّفَرُ
قال الأَزهريُّ وقال المبرد في قول أَعْشَى باهِلةَ
أَصَبْتَ في حَرَمٍ مِنَّا أَخاً ثِقةً ... هِنْدَ بْنَ أَسْماءَ لا يَهْنِئْ لَكَ الظَّفَرُ
قال يقال هَنَأَه ذلك وهَنَأَ له ذلك كما يقال هَنِيئاً له وأَنشد بيت الأَخطَل وهَنَأَ الرجلَ هَنْأً أَطْعَمَه وهَنَأَه يَهْنَؤُه ويَهْنِئُه هَنْأً وأَهْنَأَه أَعْطاه الأَخيرة عن ابن الأَعرابي ومُهَنَّأٌ اسم رجل ابن السكيت يقال هذا مُهَنَّأٌ قد جاءَ بالهمز وهو اسم رجل وهُنَاءة اسم وهو أَخو مُعاوية بن عَمرو بن مالك أَخي هُنَاءة ونِواءٍ وفَراهِيدَ وجَذِيمةَ الأَبْرَشِ وهانِئٌ اسم رجل وفي المثل إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعْطِي والهِنْءُ العَطِيَّةُ [ ص 186 ] الاسم الهِنْءُ بالكسر وهو العَطاء ابن الأَعرابي تَهَنَّأَ فلان إِذا كَثُرً عَطاؤُه مأْخوذ من الهِنْءِ وهو العَطاء الكثير وفي الحديث أَنه قال لأَبي الهَيثمِ بن التَّيِّهانِ لا أَرَى لك هانِئاً قال الخطابي المشهور في الرواية ماهِناً هو الخادِمُ فإِن صح فيكون اسمَ فاعِلٍ من هَنَأْتُ الرجلَ أَهْنَؤُه هَنْأَ إِذا أَعطَيْتَه الفرَّاءُ يقال إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنِئَ ولِتَهْنَأَ أَي لِتُعطِيَ لغتان وهَنَأْتُ القَوْمَ إِذا عُلْتَهم وكَفَيْتَهم وأَعْطَيْتَهم يقال هَنَأَهُم شَهْرَينِ يَهْنَؤُهم إِذا عالَهم ومنه المثل إِنما سُمِّيتَ هانِئاً لِتَهْنَأَ أَي لِتَعُولَ وتَكْفِيَ يُضْرَبُ لمن عُرِفَ بالاحسانِ فيقال له أَجْرِ على عادَتِكَ ولا تَقْطَعْها الكسائي لِتَهْنِئَ وقال الأُمَوِيُّ لِتَهْنِئَ بالكسر أَي لِتُمْرِئَ ابن السكيت هَنَأَكَ اللّهُ ومَرَأَكَ وقد هَنَأَنِي ومَرَأَنِي بغير أَلف إِذا أَتبعوها هَنَأَنِي فإِذا أَفْرَدُوها قالوا أَمْرَأَنِي والهَنِيءُ والمَرِيءُ نَهرانِ أَجراهما بعضُ الملوك قال جَريرٌ يمدح بعضَ المَرْوانِيَّةِ
أُوتِيتَ مِنْ حَدَبِ الفُراتِ جَوارِياً ... مِنْها الهَنِيءُ وسائحٌ في قَرْقَرَى
وقَرْقَرَى قَرْيةٌ باليَمامةِ فيها سَيْحٌ لبعض الملوك واسْتَهْنَأَ الرجلَ اسْتَعْطاه وأَنشد ثعلب
نُحْسِنُ الهِنْءَ إِذا اسْتَهْنَأْتَنا ... ودِفاعاً عَنْكَ بالأَيْدِي الكِبارِ
يعني بالأَيْدِي الكِبارِ المِنَنَ وقوله أَنشده الطُّوسِي عن ابن الأَعرابي
وأَشْجَيْتُ عَنْكَ الخَصْمَ حتى تَفُوتَهُمْ ... مِنَ الحَقِّ إِلاَّ ما اسْتَهانُوك نائلا
قال أراد اسْتَهْنَؤُوك فقَلَب وأرى ذلك بعد أَن خفَّف الهمزة تخفيفاً بدلياً ومعنى البيت أَنه أَراد مَنَعْتُ خَصْمَكَ عنك حتى فُتَّهم بحَقِّهم فهَضَمْتَهُم إِيَّاه إِلاَّ ما سَمَحُوا لَك به من بعضِ حُقُوقِهم فتركوه عليك فسُمِّيَ تَرْكُهم ذلك عليه اسْتِهْناءً كلُّ ذلك من تذكرة أَبي علي ويقال اسْتَهْنَأَ فلان بني فلان فلم يُهنِؤُوه أَي سأَلَهم فلم يُعْطُوه وقال عروة بن الوَرْد
ومُسْتَهْنِئٍ زَيْدٌ أَبُوه فَلَمْ أَجِدْ ... لَه مَدْفَعاً فاقْنَيْ حَيَاءَكِ واصْبِري
ويقال ما هَنِئَ لي هذا الطَّعامُ أَي ما اسْتَمْرَأْتُه الأَزهري وتقول هَنأَنِي الطَّعام وهو يَهْنَؤُني هَنْأً وهِنْاً ويَهْنِئُني وهَنَأَ الطَّعامَ هَنْأً وهِنْأً وهَناءة أَصْلَحَه والهِنَاءُ ضَرْبٌ من القَطِران وقد هَنَأَ الإِبِلَ يَهْنَؤُها ويَهْنِئُها ويَهْنُؤُها هَنْأً وهِنَاءً طَلاها ( 1 )
( 1 قوله « هنأ وهناء طلاها » قال في التكملة والمصدر الهنء والهناء بالكسر والمد ولينظر من أين لشارح القاموس ضبط الثاني كجبل ) بالهِناءِ وكذلك هَنَأَ البعيرَ تقول هَنَأْتُ البعيرَ بالفتح أَهْنَؤُه إِذا طَلَيْتَه بالهِناءِ وهو القَطِرانُ وقال الزجاج ولَم نَجِد فيما لامه همزة فَعَلْتُ أَفْعُلُ إِلاَّ هَنَأْتُ أَهْنُؤُ وقَرَأْتُ أَقْرُؤُ والاسم الهِنْءُ وإِبل مَهْنُوءةٌ [ ص 187 ] وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه لأَنْ أُزاحِمَ جَملاً قد هُنِئَ بِقَطِران أَحِبُّ إِليَّ مِن أَنْ أُزاحِمَ امْرأَةً عَطِرةً الكسائي هُنِئَ طُلِيَ والهِنَاءُ الاسم والهَنْءُ المصدر ومن أَمثالهم ليس الهِنَاءُ بالدَّسِّ الدَّسُّ أَن يَطْلِيَ الطّالي مَساعِرَ البعير وهي المَواضِعُ التي يُسْرِعُ اليها الجَرَبُ من الآباطِ والأَرْفاغِ ونحوها فيقال دُسَّ البَعِيرُ فهو مَدْسُوسٌ ومنه قول ذي الرمَّة قَرِيعُ هِجانٍ دُسَّ منها المَساعِرُ فإِذا عُمَّ جَسَدُ البعيرِ كلُّه بالهِناءِ فذلك التَّدْجِيلُ يُضرب مثلاً للذي لا يُبالِغ في إِحكامِ الأَمْرِ ولا يَسْتَوثِقُ منه ويَرْضَى باليَسِير منه وفي حديث ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما في مال اليَتِيم إِن كنتَ تَهْنَأُ جَرْباها أَي تُعالِجُ جَرَبَ إِبِلِه بالقَطِران وهَنِئَتِ الماشيةُ هَنَأً وهَنْأً أَصابَتْ حَظًّا من البَقْل من غير أَن تَشْبَعَ منه والهِناءُ عِذْقُ النَّخلة عن أَبي حنيفة لغة في الإِهانِ وهَنِئْتُ الطَّعامَ أَي تَهَنَّأْتُ به وهَنَأْتُه شهراً أَهْنَؤُه أَي عُلْتُه وهَنِئَتِ الإِبلُ من نبت أَي شَبِعَتْ وأَكلْنا من هذا الطَّعامِ حتى هَنِئْنا منه أَي شَبِعْنا

( هوأ ) هاءَ بِنَفْسِه إِلى المَعالِي يَهُوءُ هَوْءاً رَفَعَها وسَما بها إِلى المَعالِي والهَوْءُ الهِمَّةُ وإِنَّه لبَعِيدُ الهَوْءِ بالفتح وبَعِيدُ الشَّأْوِ أَي بَعِيدُ الهمَّة قال الراجز لا عاجِزُ الهَوْءِ ولا جَعْدُ القَدَمْ وإِنه لذو هَوْءٍ إِذا كان صائبَ الرَّأْي ماضِياً والعامة تقول يَهْوِي بِنَفْسِه وفي الحديث إِذا قامَ الرجلُ إِلى الصلاةِ فكان قَلْبُه وهَوْءُه إِلى اللّهِ انْصَرفَ كما ولَدَتْه أُمُّه الهَوْءُ بوزن الضَّوْءِ الهِمَّةُ وفلان يَهُوءُ بنَفْسِه إِلى المَعالِي أَي يَرْفَعُها ويَهُمُّ بها وما هُؤْتُ هَوْءَه أَي ما شَعَرْتُ به ولا أَرَدْتُه وهُؤْتُ به خَيْراً فأَنا أَهُوءُ به هَوْءاً أَزْنَنْته به والصحيح هُوتُ كذلك حكاه يعقوب وهو مذكور في موضعه وقال اللحياني هُؤْته بخير وهُؤْتُه بِشَرٍّ وهُؤْتُه بمال كثير هَوْءاً أَي أَزْنَنْتُه به ووَقَع ذلك في هَوْئي وهُوئِي أَي ظَنِّي قال اللحياني وقال بعضهم إِني لأَهُوءُ بك عن هذا الأَمْر أَي أَرْفَعُكَ عنه أَبو عمرو هُؤْتُ به وشُؤْتُ به أَي فَرِحْتُ به ابن الأَعرابي هَأَى أَي ضَعُفَ وأَهَى إِذا قَهْقَهَ في ضَحِكه وهَاوَأْتُ الرجلَ فاخَرْتُه كَهاوَيْتُه والمُهْوَأَنُّ بضم الميم الصَّحراءُ الواسعة قال رؤبة
جاؤُوا بِأُخْراهُمْ على خُنْشُوشِ ... في مُهْوَأَنٍّ بالدَّبَى مَدْبُوشِ
قال ابن بري جَعْلُ الجَوْهَريِّ مُهْوَأَنًّا في فصل هَوَأَ وَهَمٌ منه لأَنَّ مُهْوَأَنًّا وزنه مُفْوَعَلٌّ وكذلك ذكره ابن جني قال والواو فيه زائدة لأَن الواو لا تكون أَصلاً في بناتِ الأَربعة والمَدْبُوشُ الذي أَكَل الجَرادُ نَبْتَه وخُنْشُوشٌ اسم موضع وقد ذكر ابن سيده [ ص 188 ] المُهْوَأَنَّ في مقلوب هَنَأَ قال المُهْوَأَنُّ المكان البَعِيدُ قال وهو مثال لم يذكره سيبويه وهاءَ كلمة تُسْتَعَمَلُ عند المُناولةِ تقول هاءَ يا رجلُ وفيه لغات تقول للمذكر والمؤنث هاءَ على لفظ واحد وللمذكَّرَين هاءَا وللمؤَنثتين هائِيا وللمذكَّرِين هاؤُوا ولجماعة المؤَنث هاؤُنَّ ومنهم من يقول هاءِ للمذكر بالكسر مثل هاتِ وللمؤَنث هائِي بإِثبات الياءِ مثل هاتي وللمذكَّرَيْنِ والمُؤَنَّثَيْنِ هائِيا مثل هاتِيا ولجماعة المذكر هاؤُوا ولجماعة المؤَنث هائِينَ مثل هاتِينَ تُقِيمُ الهمزة في جميع هذا مُقامَ التاءِ ومنهم من يقول هاءَ بالفتح كأَنَّ معناه هاكَ وهاؤُما يارجلان وهاؤُمُوا يا رِجال وهاءِ يا امْرَأَةُ بالكسر بلا ياءٍ مثل هاعِ وهاؤُما وهاؤُمْنَ وفي الصحاح وهاؤُنَّ تُقِيمُ الهمز في ذلك كُلِّه مُقام الكاف ومنهم من يقول هَأْ يا رَجُل بهمزة ساكنة مثل هَعْ وأَصله هاءْ أُسقطت الأَلف لاجتماع الساكنين وللاثنين هاءَا وللجميع هاؤُوا وللمرأَة هائِي مثل هاعِي وللاثنين هاءَا للرجلين وللمرأَتين مثل هاعا وللنسوة هَأْنَ مثل هَعَنْ بالتسكين وحديث الرِّبا لا تَبيعُوا الذهب بالذهب إِلا هاء وهاء نذكره في آخره الكتاب في باب الالف اللينة إِن شاءَ اللّه تعالى وإِذا قيل لك هاءَ بالفتح قلت ما أَهاءُ أَي ما آخُذُ وما أَدري ما أَهاءُ أَي ما أُعْطِي وما أُهاءُ على ما لم يُسمَّ فاعله أَي ما أُعْطَى وفي التنزيل العزيز هاؤُمُ أَقْرَؤوا كِتابِيَهْ وسيأْتي ذكره في ترجمة ها وهاءَ مفتوح الهمزة ممدود كلمة بمعنى التَّلْبِيةِ

( هيأ ) الهَيْئَةُ والهِيئةُ حالُ الشيءِ وكَيْفِيَّتُه ورجل هَيًّئٌ حَسَنُ الهَيْئةِ الليث الهَيْئةُ للمُتَهَيِّئِ في مَلْبَسِه ونحوه وقد هاءَ يَهَاءُ هَيْئةً ويَهِيءُ قال اللحياني وليست الأَخيرة بالوجه والهَيِّئُ على مثال هَيِّعٍ الحَسَن الهَيْئَةِ من كلِّ شيءٍ ورجلٌ هَيِيءٌ على مثال هَيِيعٍ كهَيِّئٍ عنه أَيضاً وقد هَيُؤَ بضم الياءِ حكى ذلك ابن جني عن بعض الكوفيين قال ووجهه أَنه خرَج مَخْرَجَ المبالغة فلحق بباب قولهم قَضُوَ الرَّجلُ إِذا جادَ قَضاؤُه ورَمُوَ إِذا جاد رَمْيُه فكما يُبْنَى فَعُلَ مما لامه ياءٌ كذلك خرج هذا على أَصله في فَعُلَ مما عينه ياءٌ وعلَّتُهما جميعاً يعني هَيُؤَ وقَضُوَ أنَّ هذا بناءٌ لا يتصرَّف لِمُضارَعَتِه مما فيه من المُبالَغةِ لباب التَّعَجُّب ونِعْمَ وبِئْسَ فلما لم يَتَصَرَّفْ احتملوا فيه خُروجَه في هذا الموضع مخالفاً للباب أَلا تراهم إِنما تَحامَوْا أَن يَبْنُوا فَعُلَ مما عينه ياءٌ مخافة انْتِقالهم من الأَثقل إِلى ما هو أَثقلُ منه لأَنه كان يلزم أَن يقولوا بُعْت أَبُوعُ وهو يَبُوعُ وأَنت أَو هي تَبُوعُ وبُوعا وبُوعُوا وبُوعِي وكذلك جاءَ فَعُلَ مما لامه ياءٌ ممَّا هو مُتَصَرِّفٌ أَثقلَ من الياءِ وهذا كما صح ما أَطْوَلَه وأَبْيَعَه وحكى اللحياني عن العامِرِيَّةِ كان لِي أَخٌ هَيِيٌّ عَليٌّ أَي يتأَنث للنساءِ هكذا حكاه هَيِيٌّ عَليٌّ بغير همز قال وأُرَى ذلك إِنما هو لمكان عَليٍّ وهاءَ للأَمر يَهَاءُ ويَهِيءُ وتَهَيَّأَ أَخَذَ له هَيْأَتَه وهَيَّأَ الأَمرَ تَهْيِئةً وتَهْييئاً أَصْلَحه فهو مُهَيَّأٌ وفي الحديث أَقِيلُوا ذَوِي الهَيْئَاتِ عَثَراتِهم قال هم الذين لا يُعْرَفُون بالشرِّ فَيَزِلُّ أَحدُهم [ ص 189 ] الزلَّةَ الهَيْئَةُ صورةُ الشيءِ وشَكْلُه وحالَتُه يريد به ذَوِي الهَيْئَاتِ الحَسَنةِ الذين يَلْزَمون هَيْئةً واحدة وسَمْتاً واحداً ولا تَخْتَلِفُ حالاتُهم بالتنقل من هَيْئةٍ إِلى هَيْئةٍ وتقول هِئْتُ للأَمر أَهِيءُ هَيْئةً وتَهَيَّأْتُ تَهَيُّؤاً بمعنى وقُرئَ وقالت هِئْتُ لك بالكسر والهمز مثل هِعْتُ بمعنى تَهَيَّأْتُ لكَ والهَيْئَةُ الشارةُ فلان حَسَنُ الهَيْئةِ والهِيئةِ وتَهايَؤُوا على كذا تَمالَؤُوا والمُهايَأَةُ الأَمْرُ المُتَهايَأُ عليه والمُهايَأَةُ أَمرٌ يَتَهايَأُ القوم فيَتَراضَوْنَ به وهاءَ إِلى الأَمْر يَهَاءُ هِيئةً اشتاقَ والهَيْءُ والهِيءُ الدُّعاءُ إِلى الطَّعامِ والشراب وهو أَيضاً دُعاءُ الإِبِل إِلى الشُّرب قال الهَرَّاءُ
وما كانَ على الجِيئِي ... ولا الهِيءِ امْتِداحِيكا
وهَيْءَ كلمة معناها الأَسَفُ على الشيءِ يُفُوتُ وقيل هي كلمة التعجب وقولهم لو كان ذلك في الهِيءِ والجِيءِ ما نَفَعَه الهِيءُ الطَّعام والجِيءُ الشَّرابُ وهما اسمان من قولك جَاْجَأْتُ بالإِبل دَعَوْتُها للشُّرْب وهَأْهَأْتُ بها دَعَوْتُها للعَلَف وقولهم يا هَيْءَ مالي كلمة أَسَفٍ وتَلَهُّفٍ قال الجُمَيْح بن الطَّمَّاح الأَسدي ويروى لنافع بن لَقِيط الأَسَدي
يا هَيْءَ مالي ؟ مَنْ يُعَمَّرْ يُفْنِهِ ... مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّقْلِيبُ
ويروى يا شَيْءَ مالي ويا فَيْءَ مالي وكلُّه واحد ويروى
وكذاك حَقّاً مَنُ يُعَمَّرْ يُبْلِه ... كَرُّ الزَّمانِ عَلَيْهِ والتَّقْلِيبُ
قال ابن بري وذكر بعض أَهل اللغة أَنَّ هَيْءَ اسم لفعل أَمر وهو تَنَبَّهْ واسْتَيْقِظْ بمعنى صَهْ ومَهْ في كونهما اسمين لاسْكُتْ واكْفُفْ ودخل حرف النداءِ عليها كما دخل على فعل الأَمر في قول الشماخ أَلا يا اسْقِياني قَبْلَ غارةِ سِنْجارِ وإِنما بُنِيت على حركة بخلاف صَهْ ومَهْ لئلا يلتقي ساكنان وخُصت بالفتحة طلباً للخفة بمنزلة أَيْنَ وكَيْفَ وقوله ما لي بمعنى أَيُّ شيءٍ لي وهذا يقوله من تَغَيَّر عما كان يعهد ثم اسْتَأْنَفَ فأَخبر عن تغيرحاله فقال مَنْ يُعَمَّرْ يُبْلِه مَرُّ الزَّمانِ عليه والتَّغَيُّرُ من حالٍ إِلى حال واللّه أَعلم

( وبأ ) الوَبَأُ الطاعون بالقصر والمد والهمز وقيل هو كلُّ مَرَضٍ عامٍّ وفي الحديث إِن هذا الوَبَاءَ رِجْزٌ وجمعُ الممدود أَوْبِيةٌ وجمع المقصور أَوْباءٌ وقد وَبِئَتِ الأَرضُ تَوْبَأُ وَبَأً ووَبُوأَتْ وِبَاءً وَوِباءة ( 1 )
( 1 قوله « وباء ووباءة إلخ » كذا ضبط في نسخة عتيقة من المحكم يوثق بضبطها وضبط في القاموس بفتح ذلك ) وإِباءة على البدل وأَوْبَأَتْ إِيبَاءً ووُبِئَتْ تِيبَأُ وَبَاءً وأَرضٌ وَبِيئةٌ على فَعيلةٍ ووَبِئةٌ على فَعِلةٍ ومَوْبُوءة ومُوبِئةٌ كثيرة الوَباء والاسم البِئةُ إِذا كَثُر مرَضُها واسْتَوْبَأْتُ البلدَ والماءَ [ ص 190 ] وَتَوَبَّأْتُه اسْتَوخَمْتُه وهو ماءٌ وَبِيءٌ على فَعِيلٍ وفي حديث عبدالرحمن بن عوف وإِنَّ جُرْعَةَ شَرُوبٍ أَنْفَعُ مِن عَذْبٍ مُوبٍ أَي مُورِثٍ للوَباءِ قال ابن الأَثير هكذا روي بغير همز وإِنما تُرِكَ الهمزُ ليوازَنَ به الحَرفُ الذي قبله وهو الشَّرُوبُ وهذا مَثلَ ضربه لرجلين أَحدُهما أَرْفَعُ وأَضَرُّ والآخر أَدْوَنُ وأَنْفَعُ وفي حديث عليّ كرَّم اللّه وجهه أَمَرَّ منها جانِبٌ فأَوْبَأَ أَي صار وَبِيئاً واسْتَوْبَأَ الأَرضَ اسْتَوْخَمَها ووجَدها وَبِئةً والباطِل وَبيءٌ لا تُحْمَدُ عاقِبَتُه ابن الأَعرابي الوَبيءُ العَلِيلُ ووَبَّأَ إِليه وأَوْبَأَ لغة في وَمَأْتُ وأَوْمَأْتُ إِذا أَشرتَ إِليه وقيل الإِيماءُ أَن يكونَ أَمامَك فتُشِيرَ إليه بيدكَ وتُقْبِلَ بأَصابِعك نحو راحَتِكَ تَأْمُرُه بالإِقْبالِ إِلَيْكَ وهو أَوْمَأْتُ إليه والإِيبَاءُ أَن يكون خَلْفَك فَتَفْتَح أَصابِعَك إِلى ظهر يدك تأْمره بالتأَخُّر عنك وهو أَوْبَأْتُ قال الفرزدق رحمه اللّه تعالى
تَرَى الناسَ إِنْ سِرْنا يَسِيرُونَ خَلْفَنا ... وإِنْ نَحْنُ وَبَّأْنا إِلى النَّاسِ وقَّفُوا
ويروى أَوْبَأَنا قال وأَرى ثعلباً حكى وبَأْتُ بالتخفيف قال ولست منه على ثقة ابن بُزُرْجَ أَوْمَأْتُ بالحاجبين والعينين ووَبَأْتُ باليَدَيْنِ والثَّوْبِ والرأْس قال ووَبَأْتُ المَتاعَ وعَبَأْتُه بمعنى واحد وقال الكسائي وَبَأْتُ إليه مِثل أَوْمَأْتُ وماءٌ لا يُوبئُ مثل لا يُؤْبي ( 1 )
( 1 قوله « مثل لا يؤبي » كذا ضبط في نسخة عتيقة من المحكم بالبناء للفاعل وقال في المحكم في مادة أبى ولا تقل لا يؤبى أي مهموز الفاء والبناء للمفعول فما وقع في مادة أبي تحريف ) وكذلك المَرْعَى ورَكِيَّةٌ لا تُوبئُ أَي لا تَنْقَطِعُ واللّه أَعلم

( وثأ ) الوَثْءُ والوَثاءة وَصْمٌ يُصِيبُ اللَّحْمَ ولا يَبْلُغ العَظْمَ فَيَرِمُ وقيل هو تَوَجُّعٌ في العَظْم مِن غيرِ كَسْرٍ وقيل هو الفَكُّ قال أَبو منصور الوَثْءُ شِبْهُ الفَسْخِ في المَفْصِلِ ويكون في اللحم كالكسر في العظم ابن الأَعرابي من دُعائهم اللهمَّ ثَأْ يَدَه والوَثْءُ كسر اللحم لا كسر العظم قال الليث إِذا أَصابَ العظمَ وَصْمٌ لا يَبْلُغ الكسر قيل أَصابَه وَثْءٌ ووَثْأَة مقصور والوَثْءُ الضَّربُ حتى يَرْهَصَ الجِلْدُ واللَّحْمُ ويَصِلَ الضَّرْبُ إِلى العَظْمِ من غير أَن ينكسر أَبو زيد وَثَأَتْ يَدُ الرَّجل وثْأً وقد وَثِئَتْ يَدُه تَثَأُ وَثْأً ووَثَأً فهي وَثِئَةٌ على فَعِلةٍ ووُثِئَتْ على صِيغة ما لم يُسمَّ فاعله فهي مَوْثُوءة ووَثِيئةٌ مثل فَعِيلةٍ وَوَثَأَها هو وأَوْثَأَها اللّهُ والوَثيءُ المكسورِ اليَدِ قال اللحياني قيل لأَبي الجَرَّاحِ كيف أَصْبَحْتَ ؟ قال أَصْبَحْتُ مَوْثُوءاً مَرْثُوءاً وفسره فقال كأَنما أَصابه وَثْءٌ من قولهم وُثِئَتْ يَدُه وقد تقدم ذكرُ مَرْثُوءٍ الجوهري أَصابَه وَثْءٌ والعامة تقول وَثْيٌ وهو أَن يصيب العظمَ وَصْمٌ لا يَبْلُغُ الكسر

( وجأ ) الوَجْءُ اللَّكْزُ ووَجَأَه باليد والسِّكِّينِ وَجْأً مقصور ضَربَه وَوَجَأَ في عُنُقِه كذلك وقد تَوَجَّأْتُه بيَدي ووَجِئَ فهو مَوْجُوءٌ ووَجَأْتُ عُنُقَه وَجْأً ضَرَبْتُهُ وفي حديث أَبي راشد رضي اللّه عنه كنتُ في [ ص 191 ] مَنائِحِ أَهْلي فَنَزَا منها بَعِيرٌ فَوَجَأْتُه بحديدةٍ يقال وجَأْتُه بالسكين وغيرها وجْأً إِذا ضربته بها وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه مَن قَتَلَ نفسَه بحديدةٍ فحديدتُه في يَدِه يَتَوَجَّأُ بها في بطنِه في نار جَهَنَّمَ والوَجْءُ أَن تُرَضَّ أُنْثَيا الفَحْلِ رَضّاً شديداً يُذْهِبُ شَهْوَة الجماع ويتَنَزَّلُ في قَطْعِه مَنْزِلةَ الخَصْي وقيل أَن تُوجَأَ العُروقُ والخُصْيَتان بحالهما ووَجَأَ التَّيْسَ وَجْأً ووِجَاءً فهو مَوْجُوءٌ ووَجِيءٌ إِذا دَقَّ عُروقَ خُصْيَتَيْه بين حجرين من غير أَن يُخْرِجَهما وقيل هو أَن تَرُضَّهما حتى تَنْفَضِخَا فيكون شَبِيهاً بالخِصاءِ وقيل الوَجْءُ المصدر والوِجَاءُ الاسم وفي الحديث عَلَيْكُمْ بالبَاءة فَمَنْ لم يَسْتَطِعْ فعليه بالصَّوْمِ فإِنه له وِجَاءٌ ممدود فإِن أَخْرَجَهما من غير أَن يَرُضَّهما فهو الخِصاءُ تقول منه وَجَأْتُ الكَبْشَ وفي الحديث أَنه ضَحَّى بكَبْشَيْن مَوْجُوءَيْن أَي خَصِيَّيْنِ ومنهم من يرويه مُوْجَأَيْن بوزن مُكْرَمَيْن وهو خَطَأٌ ومنهم من يرويه مَوْجِيَّيْنِ بغير همز على التخفيف فيكون من وَجَيْتُه وَجْياً فهو مَوْجِيٌّ أَبو زيد يقال للفحل إِذا رُضَّتْ أُنْثَياه قد وُجِئَ وِجَاءً فأَراد أَنه يَقْطَعُ النِّكاحَ لأَن المَوْجُوءَ لا يَضْرِبُ أَراد أَن الصومَ يَقْطَعُ النِّكاحَ كما يَقْطَعُه الوِجَاءُ وروي وَجًى بوزن عَصاً يريد التَّعَب والحَفَى وذلك بعيد إِلا أَن يُراد فيه معنى الفُتُور لأَن من وَجِيَ فَتَرَ عن المَشْي فَشَبَّه الصوم في باب النِّكاح بِالتَّعَبِ في باب المَشْي وفي الحديث فلْيَأْخُذْ سَبْعَ تَمَراتٍ مِنْ عَجْوةِ المدينة فَلْيَجَأْهُنَّ أَي فلْيَدُقَّهُنَّ وبه سُمِّيت الوَجِيئةُ وهي تَمْر يُبَلُّ بلَبن أَو سَمْن ثم يُدَقُّ حتى يَلْتَئِمَ وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم عادَ سَعْداً فوَصَفَ له الوَجِيئةَ فأَمَّا قول عبدالرحمن بن حَسَّانَ
فكنتَ أَذَلَّ من وَتِدٍ بِقاعٍ ... يُشَجِّجُ رأْسَه بالفِهْرِ واجِي
فإِنما أَرادَ واجِئٌ بالهمز فَحَوَّلَ الهمزةَ ياءً للوصل ولم يحملها على التخفيف القياسي لأَن الهمز نفسه لا يكونُ وَصْلاً وتَخْفِيفُه جارٍ مَجْرَى تَحْقِيقه فكما لا يَصِلُ بالهمزة المحققة كذلك لم يَسْتَجِز الوَصْلَ بالهمزة المُخفَّفة إِذ كانت المخففةُ كأَنها المُحقَّقةُ ابن الأَعرابي الوَجِيئةُ البقَرةُ والوَجِيئة فَعِيلةٌ جَرادٌ يُدَقُّ ثم يُلَتُّ بسمن أَو زيت ثم يُؤْكل وقيل الوَجِيئةُ التمر يُدَقُّ حتى يَخْرُجَ نَواه ثم يُبَلُّ بلبن أَو سَمْن حتى يَتَّدِنَ ويلزَم بعضُه بعضاً ثم يؤْكل قال كراع يقال الوَجِيَّةُ بغير همز فإِن كان هذا على تخفيف الهمز فلا فائدة فيه لأَن هذا مطَّرد في كل فَعيِلة كان امه همزةً وإِن كان وصفاً أَو بدلاً فليس هذا بابه وأَوْجَأَ جاءَ في طلب حاجة أَو صيد فلم يُصِبْه وأَوْجَأَتِ الرَّكِيَّةُ وأَوْجَت انْقَطَع ماؤُها أَو لم يكن فيها ماءٌ وأَوْجَأَ عنه دَفَعَه ونَحَّاه

( ودأ ) وَدَّأَ الشيءَ سَوّاه وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ اشتملت وقيل تَهَدَّمت وتَكَسَّرت وقال ابن شميل يقال تَوَدَّأَتْ على فلان الأَرضُ وهو ذَهابُ الرَّجلِ في أَباعد الأَرضِ حتى [ ص 192 ] لا تَدْرِي ما صنَعَ وقد تَوَدَّأَتْ عليه إِذا ماتَ أَيضاً وإِن ماتَ في أَهْلِه وأَنشد
فَما أَنا إِلا مِثْلُ مَنْ قَدْ تَوَدَّأْتْ ... عليهِ البِلادُ غَيْرَ أَنْ لم أَمُتْ بَعْدُ
وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرض غَيَّبَتْه وذهَبَتْ به وتَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ أَي اسْتَوَتْ عليه مثلما تَسْتَوِي على المَيِّت قال الشاعر
ولِلأَرْضِ كَمْ مِن صالِحٍ قد تَوَدَّأَتْ ... عليه فَوارَتْه بِلَمَّاعة قَفْرِ
وقال الكميت
إِذا وَدَّأَتْنَا الأَرضُ إِذ هِيَ وَدَّأَتْ ... وأَفْرَخَ مِنْ بَيْضِ الأُمورِ مَقُوبُها
ودَأَتْنَا الأَرضُ غَيَّبَتْنا يقال تَوَدَّأَتْ عليه الأَرضُ فهي مُوَدَّأَةٌ قال وهذا كما قيل أَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ وأَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ وأَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ قال وليس في الكلام مثلُها وودَّأْتُ عليه الأَرضَ تَوْدِيئاً سَوَّيْتُها عليه قال زُهير بن مسعود الضَّبِّي يَرْثي أَخاه أُبَيّاً
أَأُبَيُّ إِن تُصْبِحْ رَهِينَ مُوَدَّإِ ... زَلْخِ الجَوانِبِ قَعْرُه مَلْحُودُ
وجواب الشرط في البيت الذي بعده وهو
فَلَرُبَّ مَكْرُوبٍ كَرَرْتَ ورَاءَه ... فَطَعَنْتَه وبَنُو أَبيه شُهُودُ
أَبو عمرو المُوَدَّأَةُ المَهْلَكَةُ والمَفازَةُ وهي في لفظ المَفْعُول به وأَنشد شمر للرّاعي
كائِنْ قَطَعْنا إِليكم مِنْ مُوَدَّأَةٍ ... كأَنَّ أَعْلامَها في آلها القَزَعُ
وقال ابن الأَعرابي المُوَدَّأَةُ حُفْرَةُ الميِّتِ والتَّوْدِئَةُ الدَّفْنُ وأَنشد
لَوْ قَدْ ثَوَيْتَ مُوَدَّأً لرَهِينةٍ ... زَلْجِ الجَوانِب راكِدِ الأَحْجارِ
والوَدَأُ الهلاكُ مقصور مهموز وتَوَدَّأَ عليه أَهلكه ووَدَّأَ فلان بالقومِ تَوْدِئةً وتَوَدَّأَتْ عليَّ وعنِّي الأَخبارُ انْقَطَعَتْ وتَوارَتْ التهذيب في ترجمة ودي ودَأَ الفرسُ يَدَأُ بوزن وَدَعَ يَدَعُ إِذا أَدْلى قال أَبو الهيثم وهذا وهم ليس في وَدَى الفرسُ إِذا أَدْلَى همز وقال أَبو مالك تَوَدَّأْتُ على مالي أَي أَخذْتُه وأَحْرَزْتُه

( وذأ ) الوَذْءُ المكروه من الكلام شَتْماً كان أَو غيره ووذَأَه يَذَؤُه وَذْءاً عابَه وزَجَرَه وحَقَرَه وقد اتَّذَأَ وأَنشد أَبو زيد لأَبي سلمة المُحارِبيِّ
ثَمَمْتُ حوائِجي ووَذَأْتُ بِشْراً ... فَبِئْسَ مُعَرَّسُ الرَّكْبِ السِّغابِ
ثَمَمْتُ أَصْلَحْتُ قال ابن بَرِّي وفي هذا البيت شاهد على أَنَّ حَوائجَ جمع حاجةٍ ومنهم من يقول جمع حائجةٍ لغة في الحاجةِ وفي حديث عثمان أَنه بينما هو يَخْطُبُ ذاتَ يوم فقام رجل ونال منه ووَذَأَه ابن سَلامٍ فاتَّذَأَ فقال له رجل لا يَمنَعَنَّكَ مَكانُ ابن سَلامٍ أَن تَسُبَّه فإِنه من شِيعتِه قال الأُموي يقال وذَأْتُ الرجُلَ إِذا زَجَرْتَه فاتَّذَأَ أَي انْزَجَر قال أَبو عبيد وذَأَه أَي زَجَرَه وذَمَّه قال وهو في [ ص 193 ] الأَصل العَيْبُ والحَقارة وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّة
أَنِدُّ منَ القِلَى وأَصُونُ عِرْضِي ... ولا أَذَأُ الصَّدِيقَ بما أَقولُ
وقال أَبو مالك ما به وَذْأَةٌ ولا ظَبْظَابٌ أَي لا عِلَّةَ به بالهمز وقال الأَصمعي ما به وَذْيةٌ وسنذكره في المعتل

( ورأ ) ورَاءُ والوَرَاءُ جميعاً يكون خَلْفَ وقُدَّامَ وتصغيرها عند سيبويه وُرَيِّئةٌ والهمزة عنده أَصلية غير منقلبة عن ياء قال ابن بَرِّي وقد ذكرها الجوهري في المعتل وجعل همزتها منقلبة عن ياء قال وهذا مذهب الكوفيين وتصغيرها عندهم وُرَيَّةٌ بغير همز وقال ثعلب الوَراءُ الخَلْفُ ولكن إِذا كان مما تَمُرُّ عليه فهو قُدَام هكذا حكاه الوَرَاءُ بالأَلِف واللام من كلامه أُخذ وفي التنزيل مِن وَرائِه جَهَنَّمُ أَي بين يديه وقال الزجاج ورَاءُ يكونُ لخَلْفٍ ولقُدّامٍ ومعناها ما تَوارَى عنك أَي ما اسْتَتَر عَنْكَ قال وليس من الاضداد كما زَعَم بعضُ أَهل اللغة وأَما أَمام فلا يكون إِلاَّ قُدَّام أَبداً وقوله تعالى وكان وَراءَهُم مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينةٍ غَصْباً قال ابن عبَّاس رضي اللّه عنهما كان أَمامهم قال لبيد
أَلَيْسَ وَرائي إِنْ تَراخَتْ مَنِيَّتي ... لُزُومُ العصَا تُحْنَى عليها الأَصابِعُ
ابن السكِّيت الوَراءُ الخَلْفُ قال ووَراءُ وأَمامٌ وقُدامٌ يُؤَنَّثْنَ ويُذَكَّرْن ويُصَغَّر أَمام فيقال أُمَيِّمُ ذلك وأُمَيِّمةُ ذلك وقُدَيْدِمُ ذلك وقُدَيْدِمةُ ذلك وهو وُرَيِّئَ الحائطِ ووُرَيِّئَةَ الحائطِ قال أَبو الهيثم الوَرَاءُ ممدود الخَلْفُ ويكون الأَمامَ وقال الفرَّاءُ لا يجوزُ أَن يقال لرجل ورَاءَكَ هو بين يَدَيْكَ ولا لرجل بينَ يدَيْكَ هو وَراءَكَ إِنما يجوز ذلك في المَواقِيتِ من الليَّالي والأَيَّام والدَّهْرِ تقول وَراءَكَ بَرْدٌ شَدِيدٌ وبين يديك بَرْد شديد لأَنك أَنْتَ وَرَاءَه فجاز لأَنه شيءٌ يأْتي فكأَنه إِذا لَحِقَك صار مِن وَرائِكَ وكأَنه إِذا بَلَغْتَه كان بين يديك فلذلك جاز الوَجْهانِ من ذلك قوله عز وجل وكان وَرَاءَهُم مَلِكٌ أَي أَمامَهمْ وكان كقوله من وَرائِه جَهَنَّمْ أَي انها بين يديه ابن الأَعرابي في قوله عز وجل بما وَراءَه وهو الحَقُّ أَي بما سِواه والوَرَاءُ الخَلْفُ والوَراءُ القُدّامُ والوَراءُ ابنُ الابْنِ وقوله عز وجل فمَنِ ابْتَغَى ورَاءَ ذلك أَي سِوَى ذلك وقول ساعِدةَ بن جُؤَيَّةَ
حَتَّى يُقالَ وَراءَ الدَّارِ مُنْتَبِذاً ... قُمْ لا أَبا لَكَ سارَ النَّاسُ فاحْتَزِمِ
قال الأَصمعي قال ورَاءَ الدَّارِ لأَنه مُلْقىً لا يُحْتاجُ إِليه مُتَنَحٍّ مع النساءِ من الكِبَرِ والهَرَمِ قال اللحياني وراءُ مُؤَنَّثة وإِن ذُكِّرت جاز قال سيبويه وقالوا وَراءَكَ إِذا قلت انْظُرْ لِما خَلْفَكَ والوراءُ ولَدُ الوَلَدِ وفي التنزيل العزيز ومِن وراءِ إِسْحقَ يَعْقُوبُ قال الشعبي الوَراءُ ولَدُ الوَلَدِ ووَرَأْتُ الرَّجلَ دَفَعْتُه ووَرَأَ من الطَّعام امْتَلأَ والوَراءُ الضَّخْمُ الغَلِيظُ الأَلواحِ عن الفارسي وما أُورِئْتُ بالشيءِ أَي لم أَشْعُرْ به قال [ ص 194 ] مِنْ حَيْثُ زارَتْني ولَمْ أُورَ بها
اضْطُرَّ فأَبْدَلَ وأَما قول لبيد
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُوأَرْ بها ... شُعْبةَ الساقِ إِذا الظِّلُّ عَقَلْ ( 1 )
( 1 قوله « شعبة » ضبط بالنصب في مادة وأر من الصحاح وقع ضبطه بالرفع في مادة ورى من اللسان )
قال وقد روي لم يُورَأْ بها قال ورَيْتُه وأَوْرَأْتُه إِذا أَعْلَمْتَه وأَصله من وَرَى الزَّنْدُ إِذا ظَهَرَتْ ناره كأَنَّ ناقَته لم تُضِئْ للظَّبْيِ الكانِس ولم تَبِنْ له فيشعر بها لِسُرْعَتها حتى انْتَهَتْ إِلى كِناسِه فنَدَّ منها جافِلاً قال وقول الشاعر
دَعاني فلم أَورَأْ به فأَجَبْتُه ... فمَدَّ بِثَدْيٍ بَيْنَنا غَيْرِ أَقْطَعا
أَي دَعاني ولم أَشْعُرْ به الأَصمعي اسْتَوْرَأَتِ الإِبلُ إِذا تَرابَعتْ على نِفارٍ واحد وقال أَبو زيد ذلك إِذا نَفَرَت فصَعِدَتِ الجبلَ فإِذا كان نِفارُها في السَّهْل قيل استأْوَرَتْ قال وهذا كلام بني عُقَيْلٍ

( وزأ ) وَزَأْتُ اللحمَ وَزْءاً أَيْبَسْتُه وقيل شَوَيْتُه فأَيْبَسْتُه والوَزَأُ على فَعَل بالتحريك الشديدُ الخَلْقِ أَبو العباس الوَزَأُ من الرجالِ مهموز وأَنشد لبعض بني أَسد يَطُفْنَ حَوْلَ وَزَإٍ وَزْوازِ قال والوَزَأُ القصير السمين الشديدُ الخَلْقِ وَوَزَّأَتِ الفَرَسُ والناقةُ براكبها تَوْزِئةً صَرَعَتْه وَوَزَّأْتُ الوِعاءَ تَوْزِئةً وتَوْزِيئاً إِذا شَدَدْتَ كَنْزَه ووَزَّأْتُ الإِناءَ مَلأْتُه وَوَزَأَ من الطَّعامِ امْتَلأَ وَتَوَزَّأْتُ امْتَلأْتُ رِيًّا وَوَزَّأْتُ القربةَ تَوْزِيئاً مَلأْتُها وقد وَزَّأْتُه حَلَّفْتُه بيَمينٍ غَليظةٍ

( وصأ ) وَصِئَ الثَّوْبُ اتَّسَخَ

( وضأ ) الوَضُوءُ بالفتح الماء الذي يُتَوَضَّأُ به كالفَطُور والسَّحُور لما يُفْطَرُ عليه ويُتَسَحَّرُ به والوَضُوءُ أَيضاً المصدر من تَوَضَّأْتُ للصلاةِ مثل الوَلُوعِ والقَبُولِ وقيل الوُضُوءُ بالضم المصدر وحُكيَ عن أَبي عمرو بن العَلاء القَبُولُ بالفتح مصدر لم أَسْمَعْ غيره وذكر الأَخفش في قوله تعالى وَقُودُها النَّاسُ والحِجارةُ فقال الوَقُودُ بالفتح الحَطَبُ والوُقُود بالضم الاتّقادُ وهو الفعلُ قال ومثل ذلك الوَضُوءُ وهو الماء والوُضُوءُ وهو الفعلُ ثم قال وزعموا أَنهما لغتان بمعنى واحد يقال الوَقُودُ والوُقُودُ يجوز أَن يُعْنَى بهما الحَطَبُ ويجوز أَن يُعنى بهما الفعلُ وقال غيره القَبُولُ والوَلُوع مفتوحانِ وهما مصدران شاذَّانِ وما سواهما من المصادر فمبني على الضم التهذيب الوَضُوءُ الماء والطَّهُور مثله قال ولا يقال فيهما بضم الواو والطاء لا يقال الوُضُوءُ ولا الطُّهُور قال الأَصمعي قلت لأَبي عمرو ما الوَضُوءُ ؟ فقال الماءُ الذي يُتَوَضَأُ به قلت فما الوُضُوءُ بالضم ؟ قال لا أَعرفه وقال ابن جبلة سمعت أَبا عبيد يقول لا يجوز الوُضُوءُ إِنما هو الوَضُوءُ [ ص 195 ] وقال ثعلب الوُضُوءُ مصدر والوَضُوءُ ما يُتَوَضَّأُ به والسُّحُورُ مصدر والسَّحُورُ ما يُتَسَحَّر به وتَوَضَّأْتُ وُضُوءاً حَسَناً وقد تَوَضَّأَ بالماءِ وَوَضَّأَ غَيْره تقول تَوَضَّأْتُ للصلاة ولا تقل تَوَضَّيْتُ وبعضهم يقوله قال أَبو حاتم تَوَضَّأْتُ وُضُوءاً وتَطَهَّرْت طُهوراً الليث المِيضأَةُ مِطْهَرةٌ وهي التي يُتَوَضَّأُ منها أَو فيها ويقال تَوَضَّأْتُ أَتَوَضَّأُ تَوَضُّؤاً ووُضُوءاً وأَصل الكلمة من الوضاءة وهي الحُسْنُ قال ابن الأَثير وُضُوءُ الصلاةِ معروف قال وقد يراد به غَسْلُ بَعْضِ الأَعْضاء والمِيضَأَةُ الموضع الذي يُتَوَضَّأُ فيه عن اللحياني وفي الحديث تَوَضَّؤُوا مِمَّا غَيَّرَتِ النارُ أَراد به غَسْلَ الأَيدِي والأَفْواهِ من الزُّهُومة وقيل أَراد به وُضُوءَ الصلاةِ وذهبَ إليه قوم من الفقهاءِ وقيل معناه نَظِّفُوا أَبْدانَكم من الزُّهومة وكان جماعة من الأَعراب لا يَغْسِلُونها ويقولون فَقْدُها أَشدُّ مِنْ رِيحها وعن قتادة مَنْ غَسَلَ يدَه فقد تَوَضَّأَ وعن الحسن الوُضُوءُ قبل الطعام يَنْفِي الفَقْرَ والوُضُوءُ بعدَ الطعامِ يَنْفِي اللَّمَمَ يعني بالوُضُوءِ التَّوَضُّؤَ والوَضَاءة مصدرُ الوَضِيءِ وهو الحَسَنُ النَّظِيفُ والوَضاءة الحُسْنُ والنَّظافةُ وقد وَضُؤَ يَوْضُؤُ وَضَاءة بالفتح والمدّ صار وَضِيئاً فهو وَضِيءٌ من قَوْم أَوْضِياءَ وَوِضَاءٍ ووُضَّاءٍ قال أَبو صَدَقة الدُّبَيْرِيُّ
والمرْءُ يُلْحِقُه بِفِتْيانِ النَّدَى ... خُلُقُ الكَريم ولَيْسَ بالوُضَّاءِ ( 1 )
( 1 قوله « وليس بالوضاء » ظاهره أنه جمع واستشهد به في الصحاح على قوله ورجل وضاء بالضم أَي وضيء فمفاده أنه مفرد )
والجمع وُضَّاؤُون وحكى ابن جني وَضاضِئ جاؤوا بالهمزة في الجمع لما كانت غير منقلبة بل موجودةً في وَضُؤْتُ
وفي حديث عائشة لَقَلَّما كانتِ امرأَةٌ وَضِيئةٌ عند رجل يُحِبُّها الوَضَاءة الحُسْنُ والبَهْجةُ يقال وَضُؤَتْ فهي وَضِيئةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه لِحَفْصةَ لا يُغُرّكِ أَن كانَتْ جارَتُكِ هي أَوْضَأَ مِنْكِ أَي أَحْسَنَ وحكى اللحياني إِنه لوَضِيءٌ في فِعْلِ الحالِ وما هو بواضِئٍ في المُسْتَقْبَلِ وقول النابغة فَهُنَّ إِضاءٌ صافِياتُ الغَلائِلِ يجوز أَن يكون أَراد وِضَاءٌ أَي حِسانٌ نِقَاءٌ فأَبدل الهمزة من الواو المكسورة وهو مذكور في موضعه وواضَأْتُه فَوَضَأْتُه أَضَؤُه إِذا فاخَرْتَه بالوَضَاءة فَغَلَبْتَه

( وطأ ) وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً داسَه قال سيبويه أَمّا وَطِئَ يَطَأُ فمثل وَرِمَ يَرِمُ ولكنهم فتحوا يَفْعَلُ وأَصله الكسر كما قالوا قرَأَ يَقْرَأُ وقرأَ بعضُهم طَهْ ما أَنْزَلْنا عليكَ القُرآن لِتَشْقَى بتسكين الهاء وقالوا أَراد طَإِ الأَرضَ بِقَدَمَيْكَ [ ص 196 ] جميعاً لأَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم كان يَرْفَعُ إِحدى رِجْلَيْه في صَلاتِه قال ابن جني فالهاء على هذا بدل من همزة طَأْ وتَوَطَّأَهُ ووَطَّأَهُ كَوَطِئَه قال ولا تقل تَوَطَّيْتُه أَنشد أَبو حنيفة
يَأْكُلُ مِنْ خَضْبٍ سَيالٍ وسَلَمْ ... وجِلَّةٍ لَمَّا تُوَطِّئْها قَدَمْ
أَي تَطَأْها وأَوْطَأَه غيرَه وأَوْطَأَه فَرَسَه حَمَلَه عليه وَطِئَه وأَوْطَأْتُ فلاناً دابَّتي حتى وَطِئَتْه وفي الحديث أَنّ رِعاءَ الإِبل ورِعاءَ الغنم تَفاخَرُوا عنده فأَوْطَأَهم رِعاءَ الإِبل غَلَبَةً أَي غَلَبُوهُم وقَهَرُوهم بالحُجّة وأَصله أَنَّ مَنْ صارَعْتَه أَو قاتَلْتَه فَصَرَعْتَه أَو أَثْبَتَّه فقد وَطِئْتَه وأَوْطَأْتَه غَيْرَك والمعنى أَنه جعلهم يُوطَؤُونَ قَهْراً وغَلَبَةً وفي حديث علي رضي اللّه عنه لَمَّا خرج مُهاجِراً بعد النبيّ صلى اللّه عليه وسلم فَجَعَلْتُ أَتَّبِعُ مآخِذَ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأَطَأُ ذِكْرَه حتى انتَهْيتُ إِلى العَرْجِ أَراد اني كنتُ أُغَطِّي خَبَره من أَوَّل خُروجِي إِلى أَن بَلَغْتُ العَرْجَ وهو موضع بين مكة والمدينة فَكَنَى عن التَّغْطِيةِ والايهام بالوَطْءِ الذي هو أَبلغ في الإِخْفاءِ والسَّتْر وقد اسْتَوْطَأَ المَرْكَبَ أَي وجَده وَطِيئاً والوَطْءُ بالقَدَمِ والقَوائمِ يقال وَطَّأْتُه بقَدَمِي إِذا أَرَدْتَ به الكَثْرَة وبَنُو فلان يَطَؤُهم الطريقُ أَي أَهلُ الطَريقِ حكاه سيبويه قال ابن جني فيه مِن السَّعةِ إِخْبارُكَ عمّا لا يَصِحُّ وطْؤُه بما يَصِحُّ وطْؤُه فنقول قِياساً على هذا أَخَذْنا على الطريقِ الواطِئِ لبني فلان ومَررْنا بقوم مَوْطُوئِين بالطَّريقِ ويا طَريقُ طَأْ بنا بني فلان أَي أَدِّنا اليهم قال ووجه التشبيه إِخْبارُكَ عن الطَّريق بما تُخْبِرُ بِهِ عن سالكيه فَشَبَّهْتَه بهم إذْ كان المُؤَدِّيَ له فَكأَنَّه هُمْ وأَمَّا التوكيدُ فِلأَنَّك إِذا أَخْبَرْتَ عنه بوَطْئِه إِيَّاهم كان أَبلَغَ مِن وَطْءِ سالِكِيه لهم وذلك أَنّ الطَّريقَ مُقِيمٌ مُلازِمٌ وأَفعالُه مُقِيمةٌ معه وثابِتةٌ بِثَباتِه وليس كذلك أَهلُ الطريق لأَنهم قد يَحْضُرُون فيه وقد يَغِيبُون عنه فأَفعالُهم أَيضاً حاضِرةٌ وقْتاً وغائبةٌ آخَرَ فأَيْنَ هذا مما أَفْعالُه ثابِتةٌ مستمرة ولمَّا كان هذا كلاماً الغرضُ فيه المدحُ والثَّنَاءُ اخْتارُوا له أَقْوى اللَّفْظَيْنِ لأَنه يُفِيد أَقْوَى المَعْنَيَيْن الليث المَوْطِئُ الموضع وكلُّ شيءٍ يكون الفِعْلُ منه على فَعِلَ يَفْعَلُ فالمَفْعَلُ منه مفتوح العين إِلا ما كان من بنات الواو على بناءِ وَطِئَ يَطَأُ وَطْأً وإِنما ذَهَبَتِ الواو مِن يَطَأُ فلم تَثْبُتْ كما تَثْبُتُ في وَجِل يَوْجَلُ لأَن وَطِئَ يَطَأُ بُني على تَوَهُّم فَعِلَ يَفْعِلُ مثل وَرِمَ يَرِمُ غير أَنَّ الحرفَ الذي يكون في موضع اللام من يَفْعَلُ في هذا الحدِّ إِذا كان من حروف الحَلْقِ الستة فإِن أَكثر ذلك عند العرب مفتوح ومنه ما يُقَرُّ على أَصل تأْسيسه مثل وَرِمَ يَرِمُ وأَمَّا وَسِعَ يَسَعُ ففُتحت لتلك العلة والواطِئةُ الذين في الحديث هم السابِلَةُ سُمُّوا بذلك لوَطْئِهم الطريقَ التهذيب والوَطَأَةُ هم أَبْنَاءُ السَّبِيلِ مِنَ الناس سُمُّوا وطَأَةً لأَنهم يَطَؤُون الأَرض وفي الحديث أَنه قال للخُرَّاصِ احْتَاطوا لأَهْل الأَمْوالِ في النائِبة والواطِئةِ الواطِئةُ المارَّةُ والسَّابِلةُ يقول اسْتَظْهِرُوا لهم في الخَرْصِ لِما يَنُوبُهمْ ويَنْزِلُ [ ص 197 ] بهم من الضِّيفان وقيل الواطِئَةُ سُقاطةُ التمر تقع فتُوطَأُ بالأَقْدام فهي فاعِلةٌ بمعنى مَفْعُولةٍ وقيل هي من الوَطايا جمع وَطِيئةِ وهي تَجْري مَجْرَى العَرِيَّة سُمِّيت بذلك لأَنَّ صاحِبَها وطَّأَها لأَهله أَي ذَلَّلَها ومَهَّدها فهي لا تدخل في الخَرْص ومنه حديث القَدَرِ وآثارٍ مَوْطُوءة أَي مَسْلُوكٍ عَلَيْها بما سَبَقَ به القَدَرُ من خَيْر أَو شرٍّ وأَوطَأَه العَشْوةَ وعَشْوةً أَرْكَبَه على غير هُدًى يقال مَنْ أَوطأَكَ عَشْوةً وأَوطَأْتُه الشيءَ فَوَطِئَه ووَطِئْنا العَدُوَّ بالخَيل دُسْناهم وَوَطِئْنا العَدُوَّ وطْأَةً شَديدةً والوَطْأَةُ موضع القَدَم وهي أَيضاً كالضَّغْطةِ والوَطْأَةُ الأَخْذَة الشَّديدةُ وفي الحديث اللهم اشْدُدْ وطْأَتَكَ على مُضَرَ أَي خُذْهم أَخْذاً شَديداً وذلك حين كَذَّبوا النبيَّ صلى اللّه عليه سلم فَدَعا علَيهم فأَخَذَهم اللّهُ بالسِّنِين ومنه قول الشاعر
ووَطِئْتَنا وَطْأً على حَنَقٍ ... وَطْءَ المُقَيَّدِ نابِتَ الهَرْمِ
وكان حمّادُ بنُ سَلَمة يروي هذا الحديث اللهم اشْدُدْ وَطْدَتَكَ على مُضَر والوَطْدُ الإِثْباتُ والغَمْزُ في الأَرض ووَطِئْتُهم وَطْأً ثَقِيلاً ويقال ثَبَّتَ اللّهُ وَطْأَتَه وفي الحديث زَعَمَتِ المرأَةُ الصالِحةُ خَوْلةُ بنْتُ حَكِيمٍ أَنَّ رسولَ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم خَرَجَ وهو مُحْتَضِنٌ أَحَدَ ابْنَي ابْنَتِه وهو يقول إِنَّكُمْ لتُبَخِّلُون وتُجَبِّنُونَ وإِنكم لَمِنْ رَيْحانِ اللّه وإِنَّ آخِرَ وَطْأَةٍ وطِئَها اللّهُ بِوَجٍّ أَي تَحْمِلُون على البُخْلِ والجُبْنِ والجَهْلِ يعني الأَوْلاد فإِنَّ الأَب يَبْخَل بانْفاق مالِه ليُخَلِّفَه لهم ويَجْبُنُ عن القِتال ليَعِيشَ لهم فيُرَبِّيَهُمْ ويَجْهَلُ لأَجْلِهم فيُلاعِبُهمْ ورَيْحانُ اللّهِ رِزْقُه وعَطاؤُه ووَجٌّ من الطائِف والوَطْءُ في الأَصْلِ الدَّوْ سُ بالقَدَمِ فسَمَّى به الغَزْوَ والقَتْلَ لأَن مَن يَطَأُ على الشيءِ بِرجله فقَدِ اسْتَقْصى في هَلاكه وإِهانَتِه والمعنى أَنَّ آخِرَ أَخْذةٍ ووقْعة أَوْقَعَها اللّهُ بالكُفَّار كانت بِوَجٍّ وكانت غَزْوةُ الطائِف آخِرَ غَزَواتِ سيدنا رَسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإِنه لم يَغْزُ بعدَها إلا غَزْوةَ تَبُوكَ ولم يَكن فيها قِتالٌ قال ابن الأَثير ووجهُ تَعَلُّقِ هذا القول بما قَبْلَه مِن ذِكر الأَولاد أَنه إِشارةٌ إِلى تَقْلِيل ما بقي من عُمُره صلى اللّه عليه وسلم فكنى عنه بذلك ووَطِئَ المرأَةَ يَطَؤُها نَكَحَها ووَطَّأَ الشيءَ هَيَّأَه الجوهريُّ وطِئْتُ الشيءَ بِرجْلي وَطْأً ووَطِئَ الرجُلُ امْرَأَتَه يَطَأُ فيهما سقَطَتِ الواوُ من يَطَأُ كما سَقَطَتْ من يَسَعُ لتَعَدِّيهما لأَن فَعِلَ يَفْعَلُ مما اعتلَّ فاؤُه لا يكون إِلا لازماً فلما جاءا من بين أَخَواتِهما مُتَعَدِّيَيْنِ خُولِفَ بهما نَظائرُهما وقد تَوَطَّأْتُه بِرجلي ولا تقل تَوَطَّيْتُه وفي الحديث إِنَّ جِبْرِيلَ صلَّى بِيَ العِشاءَ حينَ غَابَ الشَّفَقُ واتَّطَأَ العِشاءُ وهو افْتَعَلَ من وَطَّأْتُه يقال وطَّأْتُ الشيءَ فاتَّطَأَ أَي هَيَّأْتُه فَتَهَيَّأَ أَراد أَن الظَّلام كَمَلَ [ ص 198 ] وواطَأَ بعضُه بَعْضاً أَي وافَقَ قال وفي الفائق حين غابَ الشَّفَقُ وأْتَطَى العِشاءُ قال وهو من قَوْلِ بَني قَيْسٍ لم يَأْتَطِ الجِدَادُ ومعناه لم يأْتِ حِينُه وقد ائْتَطَى يأْتَطي كَأْتَلى يَأْتَلي بمعنى المُوافَقةِ والمُساعَفةِ قال وفيه وَجْهٌ آخَر أَنه افْتَعَلَ مِنَ الأَطِيطِ لأَنّ العَتَمَةَ وَقْتُ حَلْبِ الإِبل وهي حينئذ تَئِطُّ أي تَحِنُّ إِلى أَوْلادِها فجعَل الفِعْلَ للعِشاءِ وهو لها اتِّساعاً ووَطَأَ الفَرَسَ وَطْأً ووَطَّأَهُ دَمَّثه ووَطَّأَ الشيءَ سَهَّلَه ولا تقل وَطَّيْتُ وتقول وطَّأْتُ لك الأَمْرَ إِذا هَيَّأْتَه ووَطَّأْتُ لك الفِراشَ ووَطَّأْتُ لك المَجْلِس تَوْطِئةً والوطيءُ من كلِّ شيءٍ ما سَهُلَ ولان حتى إِنهم يَقولون رَجُلٌ وَطِيءٌ ودابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنة الوَطاءة وفي الحديث أَلا أُخْبِرُكم بأَحَبِّكم إِلَيَّ وأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجالِسَ يومَ القيامةِ أَحاسِنُكم أَخْلاقاً المُوَطَّؤُونَ أَكْنافاً الذينَ يَأْلَفُون ويُؤْلَفون قال ابن الأَثير هذا مَثَلٌ وحَقيقَتُه من التَّوْطِئةِ وهي التَّمهيِدُ والتَّذليلُ وفِراشٌ وطِيءٌ لا يُؤْذي جَنْبَ النائِم والأَكْنافُ الجَوانِبُ أَراد الذين جوانِبُهم وَطِيئةٌ يَتَمَكَّن فيها مَن يُصاحِبُهم ولا يَتَأَذَّى وفي حديث النِّساءِ ولَكُم عَلَيهِنَّ أن لا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أَحَداً تَكْرَهونه أَي لا يَأْذَنَّ ِلأَحدٍ من الرِّجال الأَجانِب أَن يَدْخُلَ عليهنَّ فَيَتَحَدَّث اليهنَّ وكان ذلك من عادةِ العرب لا يَعُدُّونه رِيبَةً ولا يَرَوْن به بأْساً فلمَّا نزلت آيةُ الحِجاب نُهُوا عن ذلك وشيءٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الوَطاءة والطِّئَةِ والطَّأَةِ مثل الطِّعَةِ والطَّعَةِ فالهاءُ عوض من الواو فيهما وكذلك دابَّةٌ وَطِيئةٌ بَيِّنةُ الوَطاءة والطَّأَةِ بوزن الطَّعَةِ أَيضاً قال الكميت
أَغْشَى المَكارِهَ أَحْياناً ويَحْمِلُنِي ... منه على طَأَةٍ والدَّهْرُ ذُو نُوَبِ
أَي على حالٍ لَيِّنةٍ ويروى على طِئَةٍ وهما بمعنىً والوَطِيءُ السَّهْلُ من الناسِ والدَّوابِّ والأماكِنِ وقد وَطُؤَ الموضعُ بالضم يَوْطُؤُ وطَاءة وَوُطُوءة وطِئةً صار وَطِيئاً ووَطَّأْتُه أَنا تَوطِئةً ولا تقل وَطَّيْته والاسم الطَّأَة مهموز مقصور قال وأَمَّا أَهل اللغة فقالوا وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَة والطِّئَةِ وقال ابن الأَعرابي دابَّةٌ وَطِيءٌ بَيِّنُ الطَّأَةِ بالفتح ونَعُوذُ باللّه من طِئةِ الذليل ولم يفسره وقال اللحياني معناه مِنْ أَن يَطَأَني ويَحْقِرَني وقال اللحياني وَطُؤَتِ الدابَّةُ وَطْأً على مثال فَعْلٍ ووَطَاءة وطِئةً حسَنةً ورجل وَطِيءُ الخُلُقِ على المثل ورجل مُوَطَّأُ الأَكْنافِ إِذا كان سَهْلاً دَمِثاً كَريماً يَنْزِلُ به الأَضيافُ فيَقْرِيهم ابن الأَعرابي الوَطِيئةُ الحَيْسةُ والوَطَاءُ والوِطَاءُ ما انْخَفَضَ من الأَرض بين النّشازِ والإِشْرافِ والمِيطَاءُ كذلك قال غَيْلانُ الرَّبَعي يصف حَلْبَةً
أَمْسَوْا فَقادُوهُنَّ نحوَ المِيطَاءْ ... بِمائَتَيْنِ بِغلاءِ الغَلاَّءْ
وقد وَطَّأَها اللّهُ ويقال هذه أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ لا رِباءَ فيها ولا وِطَاءَ أَي لا صُعُودَ فيها ولا انْخفاضَ [ ص 199 ] وواطَأَه على الأَمر مُواطأَةً وافَقَه وتَواطَأْنا عليه وتَوطَّأْنا تَوافَقْنا وفلان يُواطِئُ اسمُه اسْمِي وتَواطَؤُوا عليه تَوافَقُوا وقوله تعالى ليُواطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللّهُ هو من وَاطَأْتُ ومثلها قوله تعالى إِنّ ناشِئةَ الليلِ هِيَ أَشَدُّ وِطَاءً بالمدّ مُواطأَةً قال وهي المُواتاةُ أَي مُواتاةُ السمعِ والبصرِ ايَّاه وقُرئَ أَشَدُّ وَطْأً أَي قِياماً التهذيب قرأَ أَبو عمرو وابن عامرٍ وِطَاءً بكسر الواو وفتح الطاء والمدّ والهمز من المُواطأَةِ والمُوافقةِ وقرأَ ابن كثير ونافع وعاصم وحمزة والكسائي وَطْأً بفتح الواو ساكنة الطاء مقصورة مهموزة وقال الفرَّاءُ معنى هي أشدُّ وَطْأً يقول هي أَثْبَتُ قِياماً قال وقال بعضهم أَشَدُّ وَطْأً أَي أَشَدُّ على المُصَلِّي من صلاةِ النهار لأَنَّ الليلَ للنوم فقال هي وإِن كانت أَشَدَّ وَطْأً فهي أَقْوَمُ قِيلاً وقرأَ بعضُهم هي أَشَدُّ وِطَاءً على فِعالٍ يريد أَشَدُّ عِلاجاً ومُواطَأَةً واختار أَبو حاتم أَشَدُّ وِطاءً بكسر الواو والمدّ وحكى المنذري أَنَّ أَبا الهيثم اختار هذه القراءة وقال معناه أَنَّ سَمْعَه يُواطِئُ قَلْبَه وبَصَرَه ولِسانُه يُواطِئُ قَلْبَه وِطاءً يقال واطَأَني فلان على الأَمرِ إِذا وافَقَكَ عليه لا يشتغل القلبُ بغير ما اشْتَغَلَ به السمع هذا واطَأَ ذاكَ وذاكَ واطَأَ هذا يريد قِيامَ الليلِ والقراءة فيه وقال الزجاج هي أَشدُّ وِطاءً لقلة السمع ومنْ قَرأً وَطْأً فمعناه هي أَبْلغُ في القِيام وأَبْيَنُ في القول وفي حديثِ ليلةِ القَدْرِ أَرَى رُؤْياكم قد تَواطَتْ في العَشْرِ الأَواخِر قال ابن الأَثير هكذا روي بترك الهمز وهو من المُواطأَةِ وحقيقتُه كأَنّ كُلاً منهما وَطِئَ ما وَطِئَه الآخَرُ وتَوَطَّأْتُهُ بقَدَمِي مثل وَطِئْتُه وهذا مَوْطِئُ قَدَمِك وفي حديث عبداللّه رضي اللّه عنه لا نَتَوَضَّأُ من مَوْطَإٍ أَي ما يُوطَأُ من الأَذَى في الطريق أَراد لا نُعِيدُ الوُضوءَ منه لا أَنهم كانوا لا يَغْسِلُونه والوِطاءُ خلافُ الغِطاء والوَطِيئَةُ تَمْرٌ يُخْرَجُ نَواه ويُعْجَنُ بلَبَنٍ والوَطِيئَةُ الأَقِطُ بالسُّكَّرِ وفي الصحاح الوَطِيئَةُ ضَرْب من الطَّعام التهذيب والوَطِيئةُ طعام للعرب يُتَّخَذُ من التمر وقال شمر قال أَبو أَسْلَمَ الوَطِيئةُ التمر وهو أَن يُجْعَلَ في بُرْمةٍ ويُصَبَّ عليه الماءُ والسَّمْنُ إِن كان ولا يُخْلَطُ به أَقِطٌ ثم يُشْرَبُ كما تُشْرَبُ الحَسِيَّةُ وقال ابن شميل الوَطِيئةُ مثل الحَيْسِ تَمرٌ وأَقِطٌ يُعْجنانِ بالسمن المفضل الوَطِيءُ والوَطيئةُ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) وطأ وَطِئَ الشيءَ يَطَؤُهُ وَطْأً داسَه قال سيبويه أَمّا وَطِئَ العَصِيدةُ الناعِمةُ فإِذا ثَخُنَتْ فهي النَّفِيتةُ فإِذا زادت قليلاً فهي النَّفِيثةُ بالثاءِ ( 1 )
( 1 قوله « النفيثة بالثاء » كذا في النسخ وشرح القاموس بلا ضبط ) فإِذا زادت فهي اللَّفِيتةُ فإِذا تَعَلَّكَتْ فهي العَصِيدةُ وفي حديث عبداللّه بن بُسْرٍ رضي اللّه عنه أَتَيْناهُ بوَطِيئةٍ هي طَعامٌ يُتَّخَذُ مِن التَّمْرِ كالحَيْسِ ويروى بالباءِ الموحدة وقيل هو تصحيف والوَطِيئة على فَعِيلةٍ شيءٌ كالغِرارة غيره الوَطِيئةُ الغِرارةُ يكون فيها القَدِيدُ والكَعْكُ وغيرُه وفي الحديث فأَخْرَجَ إِلينا ثلاثَ أُكَلٍ من وَطِيئةٍ أَي ثلاثَ قُرَصٍ من غِرارةٍ وفي حديث عَمَّار أَنّ رجلاً وَشَى به إِلى عُمَرَ فقال اللهم إِن كان كَذَبَ فاجعلْهُ مُوَطَّأَ العَقِب [ ص 200 ] أَي كثير الأَتْباعِ دَعا عليه بأَن يكون سُلطاناً ومُقَدَّماً أَو ذَا مالٍ فيَتْبَعُه الناسُ ويمشون وَراءَه ووَاطأَ الشاعرُ في الشِّعر وأَوْطَأَ فيه وأَوطَأَه إِذا اتَّفقت له قافِيتانِ على كلمة واحدة معناهما واحد فإِن اتَّفَق اللفظُ واخْتَلف المَعنى فليس بإِيطاءٍ وقيل واطَأَ في الشِّعْر وأَوْطَأَ فيه وأَوْطَأَه إِذا لم يُخالِفْ بين القافِيتين لفظاً ولا معنى فإِن كان الاتفاقُ باللفظ والاختلافُ بالمعنى فليس بِإِيطاءٍ وقال الأَخفش الإِيطَاءُ رَدُّ كلمة قد قَفَّيْتَ بها مرة نحو قافيةٍ على رجُلِ وأُخرى على رجُلِ في قصيدة فهذا عَيْبٌ عند العرب لا يختلفون فيه وقد يقولونه مع ذلك قال النابغة
أوْ أَضَعَ البيتَ في سَوْداءَ مُظْلِمةٍ ... تُقَيِّدُ العَيْرَ لا يَسْري بها السَّارِي
ثم قال
لا يَخْفِضُ الرِّزَّ عن أَرْضٍ أَلمَّ بها ... ولا يَضِلُّ على مِصْباحِه السَّارِي
قال ابن جني ووجْهُ اسْتِقْباحِ العرب الإِيطَاءَ أَنه دالٌّ عندهم على قِلّة مادّة الشاعر ونزَارة ما عنده حتى يُضْطَرّ إِلى إِعادةِ القافيةِ الواحدة في القصيدة بلفظها ومعناها فيَجْري هذا عندهم لِما ذكرناه مَجْرَى العِيِّ والحَصَرِ وأَصله أَن يَطَأَ الإِنسان في طَريقه على أَثَرِ وَطْءٍ قبله فيُعِيد الوَطْءَ على ذلِك الموضع وكذلك إِعادةُ القافيةِ هِيَ مِن هذا وقد أَوطَأَ ووَطَّأَ وأَطَّأَ فأَطَّأَ على بدل الهمزة من الواو كَوناةٍ وأَناةٍ وآطَأَ على إِبدال الأَلف من الواو كَياجَلُ في يَوْجَلُ وغيرُ ذلك لا نظر فيه قال أَبو عمرو بن العلاء الإِيطاءُ ليس بعَيْبٍ في الشِّعر عند العرب وهو إِعادة القافيةِ مَرَّتين قال الليث أُخِذ من المُواطَأَةِ وهي المُوافَقةُ على شيءٍ واحد وروي عن ابن سَلام الجُمَحِيِّ أَنه قال إِذا كثُر الإِيطاءُ في قصيدة مَرَّاتِ فهوعَيْبٌ عندهم أَبو زيد إِيتَطَأَ الشَّهْرُ وذلك قبل النِّصف بيوم وبعده بيوم بوزن إِيتَطَعَ

( وكأ ) تَوَكَّأَ على الشيءِ واتَّكَأَ تَحَمَّلَ واعتمَدَ فهو مُتَّكِئٌ والتُكأَةُ العَصا يُتَّكَأُ عليها في المشي وفي الصحاح ما يُتَكَأُ عليه يقال هو يَتَوَكَّأُ على عصاه ويَتَّكِئُ أَبو زيد أَتْكَأْتُ الرجُلَ إِتْكاءً إِذا وَسَّدْتَه حتى يَتَّكِئَ وفي الحديث هذا الأَبيضُ المُتَّكِئُ المُرْتَفِقُ يريد الجالِسَ المُتَمَكِّنَ في جلوسه وفي الحديث التُّكَأَةُ مِن النَّعْمةِ التُكَأَةُ بوزن الهُمَزة ما يُتَّكَأُ عليه ورجل تُكَأَةٌ كثير الاتِّكاءِ والتاءُ بدل من الواو وبابها هذا الباب والموضعُ مُتَّكَأٌ وأَتْكَأَ الرَّجُلَ جَعل له مُتَّكَأً وقُرئَ وأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وقال الزجاج هو ما يُتَّكَأُ عليه لطَعام أَو شراب أَو حديثٍ وقال المفسرون في قوله تعالى وأَعْتَدَتْ لهنَّ مُتَّكَأً أَي طعاماً وقيل للطَّعامِ مُتَّكَأٌ لأَنَّ القومَ إِذا قَعَدوا على الطعام اتَّكَؤُوا وقد نُهِيَتْ هذه الأُمَّةُ عن ذلك قال النبي صلى اللّه عليه وسلم آكُلُ كما يأَكُلُ العَبْدُ وفي الحديث لا آكُلُ مُتَّكِئاً المُتَّكِئُ في العَرَبِيَّةِ كُلُّ مَن اسْتَوَى قاعِداً على وِطاءٍ مُتَمَكِّناً والعامّةُ لا تعرف المُتَّكِئَ إِلاّ مَنْ مالَ في قُعُودِه مُعْتَمِداً على أَحَدِ شِقَّيْه والتاءُ فيه بدل من الواو وأَصله من الوِكاءِ وهو [ ص 201 ] ما يُشَدُّ به الكِيسُ وغيره كأَنه أَوْكَأَ مَقْعَدَتَه وشَدَّها بالقُعود عَلى الوِطاءِ الذي تحْتَه قال ابن الأَثير ومعنى الحديث أَنِّي إِذا أَكَلْتُ لم أَقْعُدْ مُتَمَكِّناً فِعْلَ مَن يُرِيدُ الاسْتِكْثارَ منه ولكِنْ آكُلُ بُلْغةً فيكون قُعُودي له مُسْتَوْفِزاً قال ومَن حَمَل الاتِّكاءَ على المَيْلِ إِلى أَحَد الشّقَّيْنِ تأَوَّلَه على مَذْهَب الطِّبِّ فإِنه لا يَنْحَدِرُ في مَجاري الطعامِ سَهْلاً ولا يُسِيغُه هَنِيئاً ورُبَّما تأَذَّى به وقال الأَخفش مُتَّكَأً هو في معنى مَجْلِسٍ ويقال تَكِئَ الرجلُ يَتْكَأُ تَكَأً والتُّكَأَةُ بوزن فُعَلةٍ أَصله وُكَأَةٌ وإِنما مُتَّكَأٌ أَصله مُوتَكَأٌ مثل مُتَّفَقٍ أَصله مُوتَفَقٌ وقال أَبو عبيد تُكَأَةٌ بوزن فُعَلةٍ وأَصلُهُ وُكَأَة فَقُلِبت الواو تاءً في تُكَأَةٍ كما قالوا تُراثٌ وأَصله وُراثٌ واتَّكَأْتُ اتِّكَاءً أَصله اوتَكَيْتُ فأُدغمت الواو في التاءِ وشُدّدت وأَصل الحرف وكَّأَ يُوَكِّئُ تَوْكِئةً وضربه فأَتْكَأَه على أَفْعَله أَي أَلقاه على هيئة المُتَّكِئِ وقيل أَتْكَأَه أَلقاه على جانبه الأَيسر والتاءُ في جميع ذلك مبدلة من واو أَوْكَأْتُ فلاناً إِيكاءً إِذا نصبت له مُتَّكَأً وأَتْكَأْته إِذا حَمَلْتَه على الاتِّكاءِ ورجل تُكَأَةٌ مثل هُمَزة كثير الاتِّكاءِ الليث تَوَكَّأَتِ الناقةُ وهو تَصَلُّقُها عند مَخاضِها والتَّوَكُّؤُ التَّحامُل على العَصا في المَشْي وفي حديث الاسْتِسْقاءِ قال جابِرٌ رضي اللّه عنه رأُيتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم يُواكِئُ أَي يَتَحامَلُ على يَدَيْهِ إِذا رَفَعَهما ومدّهما في الدُّعاءِ ومنه التَّوَكُّؤُ على العَصا وهو التَّحامُلُ عليها قال ابن الأَثير هكذا قال الخطابي في مَعالِم السُّنَن والذي جاءَ في السُّنَن على اخْتِلاف رواياتِها ونسخها بالباء الموحدة قال والصحيح ما ذكره الخطابي

( ومأ ) ومَأَ إليه يَمَأُ وَمْأً أَشارَ مِثل أَوْمَأَ أَنشد القَنانيُّ
فقُلْت السَّلامُ فاتَّقَتْ مِنْ أَمِيرها ... فَما كان إِلاّ وَمْؤُها بالحَواجِبِ
وَأَوْمَأَ كَوَمَأَ ولا تقل أَوْمَيْتُ الليث الإِيماءُ أَن تُومئَ برَأْسِكَ أَوْ بيَدِك كما يُومِئُ المَرِيضُ برأْسه للرُّكُوعِ والسُّجُودِ وقد تَقُولُ العرب أَوْمَأَ برأْسِه أَي قال لا قال ذوالرمة
قِياماً تَذُبُّ البَقَّ عن نُخَراتِها ... بِنَهْزٍ كإِيماءِ الرُّؤُوسِ المَوانِع
وقوله أَنشده الأخفش في كِتابه المَوْسُوم بالقوافي
إِذا قَلَّ مالُ المَرْءِ قَلَّ صَديقُه ... وأَوْمَتْ إِليه بالعُيُوبِ الأَصابِعُ
إِنما أَراد أَوْمَأَتْ فاحْتاجَ فخَفَّف تَخْفِيف إِبْدالٍ ولم يَجْعَلْها بَيْنَ بَيْنَ إِذْ لَوْ فَعَل ذلك لانكسر البيتُ لأَنَّ المُخفَّفةَ تَخْفيفاً بَيْنَ بَيْنَ في حكم المُحقَّقةِ ووقع في وامِئةٍ أي داهية وأُغْوِيَّة قال ابن سيده أُراه اسماً لأَني لم أَسْمَعْ له فِعْلاً وذهَبَ ثَوْبي فما أَدْري ما كانَتْ وامِئَتُه أَي لا أَدْري مَنْ أَخَذَه كذا حكاه يعقوب في الجَحْدِ ولم يفسره قال ابن سيده وعِنْدِي أَنَّ معناه ما كانت داهِيَتُه التي ذَهَبَتْ به [ ص 202 ] وقال أَيضاً ما أَدْرِي مَنْ أَلْمَأَ عليه قال وهذا قد يُتَكَلَّمُ به بغير حَرْف جَحْدٍ وفلانٌ يُوامِئُ فلاناً كيُوائِمُه إِما لغة فيه أَو مقلوب عنه من تذكرة أَبي علي وأَنشد ابن شميل
قد أَحْذَرُ ما أَرَى ... فأَنَا الغَداةَ مُوامِئُهْ ( 1 )
( 1 قوله « قد احذر إلخ » كذا بالنسخ ولا ريب أنه مكسور ولعله قد كنت أحذر ما أرى )
قال النَّضْرُ زَعم أَبو الخَطَّابِ مُوامِئُه مُعايِنُه وقال
الفرَّاءُ ( 2 )
( 2 قوله « وقال الفراء إلخ » ليس هو من هذا الباب وقد أعاد المؤلف ذكره في المعتل ) اسْتَوْلَى على الأَمْرِ واسْتَوْمَى إِذا غَلَب عليه ويقال وَمَى بالشيء إِذا ذَهَب به ويقال ذَهَب الشيءُ فلا أَدْرِي ما كانَتْ وامِئَتُه وما أَلْمَأَ عليه واللّه تعالى أَعلم

( يأيأ ) يَأْيَأْتُ الرَّجلَ يَأْيَأَةً ويَأْياءً أَظْهَرْتُ إِلطافَه وقيل إِنما هو بَأْبَأَ قال وهو الصحيح وقد تقدَّم ويَأْيَأَ بالإِبلِ إِذا قال لها أَيْ ليُسَكِّنَها مقلوب منه ويَأْيَأَ بالقَوْمِ دعَاهُم واليؤْيُؤُ طائرٌ يُشبِهُ الباشَقَ مِن الجَوارِحِ والجمع اليَآيِئُ
وجاءَ في الشعر اليَآئِي قال الحسن بن هانئ في طَرْدِيَّاتِه
قَدْ أَغْتَدي والليلُ في دُجاهُ ... كَطُرَّة البُرْدِ عَلى مَثْناهُ
بِيُؤْيُؤٍ يُعجِبُ مَنْ رَآهُ ... ما في اليَآئِي يُؤْيُؤٌ شَرْواهُ
قال ابن بري كأَنَّ قياسَهُ عنده اليَآيِئُ إِلا أَنَّ الشاعرَ قَدَّمَ الهمزة على الياءِ قال ويمكن أَن يكون هذا البيتُ لبعضِ العَرَب فادَّعاه أَبو نُواسٍ قال عبداللّه محمد بن مكرم ما أَعْلَمُ مُسْتَنَدَ الشيخِ أَبي محمد بن بري في قوله عن الحسن بن هانئ في هذا البيت ويمكن أَن يكون هذا البيت لبعض العرب فادَّعاه أَبو نواس وهو وإِن لم يكن اسْتُشْهِدَ بشِعره لا يخفى عن الشيخ أَبي محمد ولا غيره مكانَتُه مِن العِلم والنَّظْمِ ولو لم يكن له من البَدِيع الغَريبِ الحَسَنِ العَجِيبِ إِلا أَرْجُوزَتُه التي هي وبَلْدةٍ فيها زَوَرْ لكانَ في ذلك أَدَلُّ دَلِيلٍ على نُبْلِه وفَضْلِه وقد شَرَحَها ابن جني رحمه اللّه وقال في شرحها من تقريظ أَبي نُواسٍ وتَفْضِيله ووَصْفِه بمَعْرِفةِ لُغات العرب وأَيَّامِها ومآثِرِها ومَثالِبِها ووقائعِها وتفرده بفنون الشعر العشرة المحتوية على فنونه ما لم يَقُلْه في غيرِه وقال في هذا الشرح أَيضاً لولا ما غلب عليه من الهَزْل اسْتُشْهِدَ بكلامه في التفسير اللهم إِلا إِن كان الشيخ أَبو محمد قال ذلك ليبعث على زِيادةِ الأُنس بالاسْتِشْهاد به إِذا وَقع الشكُّ فيه أَنه لبعض العرب وأَبو نُواسٍ كان في نفسه وأَنْفُسِ الناسِ أَرْفَعَ من ذلك وأَصْلَفَ أَبو عمرو اليُؤْيُؤُ رأْسُ المُكْحُلةِ

( يرنأ ) اليَرَنَّأُ ( 3 )
( 3 قوله « اليرنأ إلخ » عبارة القاموس اليرنأ بضم الياء وفتحها مقصورة مشدّدة النون واليرناء بالضم والمد فيستفاد منه لغة ثالثة ويستفاد من آخر المادة هنا رابعة ) واليُرَنَّاءُ مثل الحِنَّاء قال دُكَيْنُ [ ص 203 ]
ابن رَجاء
كَأَنَّ باليَرَنّإِ المَعْلُولِ ... حَبَّ الجَنَى مِن شُرَّعٍ نُزُولِ
جادَ بِه مِن قُلُتِ الثَّمِيلِ ... ماءُ دَوالِي زَرَجُونٍ مِيلِ
الجَنَى العِنَبُ وشُرَّعٍ نُزولِ يريد به ما شَرَعَ من الكَرْم في الماء والقُلُتُ جمع قِلاتٍ وقِلاتٌ جمع قَلْتٍ وهي الصخرةُ التي يكون فيها الماء والثَّمِيلُ جمع ثَمِيلةٍ هي بَقِيَّةُ الماء في القَلْتِ أَعني النُّقْرةَ التي تُمْسِكُ الماء في الجَبَل وفي حديث فاطَمةُ رِضْوانُ اللّهِ عليها أَنها سأَلَتْ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن اليُرَنَّاء فقال ممن سَمِعْتِ هذه الكلمةَ ؟ فقالت مِن خَنْساءَ قال القتيبي اليُرَنَّاء الحِنَّاء قال ولا أَعرف لهذه الكلمة في الأَبْنِية مَثَلاً قال ابن بري إِذا قلت اليَرَنَّأُ بالفتح همزت لا غير وإِذا ضممت الياء جاز الهمز وتركه واللّه سبحانه وتعالى أَعلم [ ص 204 ]

( الباء ) من الحُروف المَجْهُورة ومن الحروف الشَّفَوِيَّةِ وسُمِّيت شَفَوِيَّةً لأَن مَخْرَجَها من بينِ الشَّفَتَيْنِ لا تَعْمَلُ الشَّفتانِ في شيءٍ من الحروف إِلاّ فيها وفي الفاء والميم قال الخليل بن أَحمد الحروف الذُّلْقُ والشَّفَوِيَّةُ ستة الراءُ واللام والنون والفاءُ والباءُ والميم يجمعها قولك رُبَّ مَنْ لَفَّ وسُمِّيت الحروف الذُّلْقُ ذُلْقاً لأَن الذَّلاقة في المَنْطِق إِنما هي بطَرف أَسَلةِ اللِّسان وذَلَقُ اللسان كذَلَقِ السِّنان ولمَّا ذَلِقَتِ الحُروفُ الستةُ وبُذِلَ بهنَّ اللِّسانُ وسَهُلت في المَنْطِقِ كَثُرَت في أَبْنِية الكلام فليس شيءٌ من بناءِ الخُماسيّ التامِّ يَعْرَى منها أَو مِن بَعْضِها فإِذا ورد عليك خُماسيٌّ مُعْرًى من الحُروف الذُّلْقِ والشَّفَوِيَّة فاعلم أَنه مُولَّد وليس من صحيح كلام العرب وأَما بناءُ الرُّباعي المنْبَسِط فإِن الجُمهور الأَكثرَ منه لا يَعْرى من بَعض الحُروف الذُّلْقِ إِلا كَلِماتٌ نَحوٌ من عَشْر ومَهْما جاءَ من اسْمٍ رُباعيّ مُنْبَسِطٍ مُعْرًى من الحروف الذلق والشفوية فإِنه لا يُعْرَى من أَحَد طَرَفَي الطَّلاقةِ أَو كليهما ومن السين والدال أَو احداهما ولا يضره ما خالَطه من سائر الحُروف الصُّتْمِ

( أبب ) الأَبُّ الكَلأُ وعَبَّر بعضُهم ( 1 )
( 1 قوله بعضهم هو ابن دريد كما في المحكم ) عنه بأَنه المَرْعَى وقال الزجاج الأَبُّ جَمِيعُ الكَلإِ الذي تَعْتَلِفُه الماشِية وفي التنزيل العزيز وفاكِهةً وأَبّاً قال أَبو حنيفة سَمَّى اللّهُ تعالى المرعَى كُلَّه أَبّاً قال الفرَّاءُ الأَبُّ ما يأْكُلُه الأَنعامُ وقال مجاهد الفاكهةُ ما أَكَله الناس والأَبُّ ما أَكَلَتِ الأَنْعامُ فالأَبُّ من المَرْعى للدَّوابِّ كالفاكِهةِ للانسان وقال الشاعر
جِذْمُنا قَيْسٌ ونَجْدٌ دارُنا ... ولَنا الأَبُّ بهِ والمَكْرَعُ
[ ص 205 ] قال ثعلب الأَبُّ كُلُّ ما أَخْرَجَتِ الأَرضُ من النَّباتِ وقال عطاء كُلُّ شيءٍ يَنْبُتُ على وَجْهِ الأَرضِ فهو الأَبُّ وفي حديث أنس أَنَّ عُمر بن الخَطاب رضي اللّه عنهما قرأً قوله عز وجل وفاكِهةً وأَبّاً وقال فما الأَبُّ ثم قال ما كُلِّفْنا وما أُمِرْنا بهذا والأَبُّ المَرْعَى المُتَهَيِّئُ للرَّعْيِ والقَطْع ومنه حديث قُسّ بن ساعِدةَ فَجعلَ يَرْتَعُ أَبّاً وأَصِيدُ ضَبّاً وأَبَّ للسير يَئِبُّ ويَؤُبُّ أَبّاً وأَبِيباً وأَبابةً تَهَيَّأً للذَّهابِ وتَجَهَّز قال الأَعشى
صَرَمْتُ ولم أَصْرِمْكُمُ وكصارِمٍ ... أَخٌ قد طَوى كَشْحاً وأَبَّ لِيَذْهَبا
أَي صَرَمْتُكُم في تَهَيُّئي لمُفارَقَتِكم ومن تَهَيَّأَ للمُفارقةِ فهو كمن صَرَمَ وكذلك ائْتَبَّ قال أَبو عبيد أبَبْتُ أَؤُبُّ أَبّاًإِذا عَزَمْتَ على المَسِير وتَهَيَّأْتَ وهو في أَبَابه وإِبابَتِه وأَبابَتِه أَي في جَهازِه التهذيب والوَبُّ التَّهَيُّؤ للحَمْلةِ في الحَرْبِ يقال هَبَّ ووَبَّ إِذا تَهَيَّأَ للحَمْلةِ قال أَبو منصور والأَصل فيه أَبَّ فقُلبت الهمزة واواً ابن الأَعرابي أَبَّ إِذا حَرَّك وأَبَّ إِذا هَزَم بِحَمْلةٍ لا مَكْذُوبةَ فيها والأَبُّ النِّزاعُ إِلى الوَطَنِ وأَبَّ إِلى وطَنِه يَؤُبُّ أَبَّاً وأَبابةً وإِبابةً نَزَعَ والمَعْرُوفُ عند ابن دريد الكَسْرُ وأَنشد لهِشامٍ أَخي ذي الرُّمة
وأَبَّ ذو المَحْضَرِ البادِي إِبَابَتَه ... وقَوَّضَتْ نِيَّةٌ أَطْنابَ تَخْيِيمِ
وأَبَّ يدَه إِلى سَيْفهِ رَدَّها إليْه ليَسْتَلَّه وأَبَّتْ أَبابةُ الشيءِ وإِبابَتُه اسْتَقامَت طَريقَتُه وقالوا للظِّباءِ إِن أَصابَتِ الماءَ فلا عَباب وإِنْ لم تُصِب الماءَ فلا أَبابَ أَي لم تَأْتَبَّ له ولا تَتَهيَّأ لطلَبه وهو مذكور في موضعه والأُبابُ الماءُ والسَّرابُ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
قَوَّمْنَ ساجاً مُسْتَخَفَّ الحِمْلِ ... تَشُقُّ أَعْرافَ الأُبابِ الحَفْلِ
أَخبر أَنها سُفُنُ البَرِّ وأُبابُ الماءِ عُبابُه قال أُبابُ بَحْرٍ ضاحكٍ هَزُوقِ قال ابن جني ليست الهمزة فيه بدلاً من عين عُباب وإِن كنا قد سمعنا وإِنما هو فُعالٌ من أَبَّ إِذا تَهَيَّأَ واسْتَئِبَّ أَباً اتَّخِذْه نادر عن ابن الأَعرابي وإِنما قياسه اسْتَأْبِ

( أتب ) الإِتْبُ البَقِيرة وهو بُرْدٌ أَو ثوب يُؤْخَذُ فَيُشَقُّ في وسَطِه ثم تُلْقِيه المرأَةُ في عُنُقِها من غير جَيْب ولا كُمَّيْنِ قال أَحمد بن يحيى هو الإِتْبُ والعَلَقةُ والصِّدارُ والشَّوْذَرُ والجمع الأُتُوبُ وفي حديث النخعي أَنّ جارِيةً زَنَتْ فَجَلَدَها خَمسين وعليها إِتْبٌ لها وإِزارٌ الإِتْبُ بالكسر بُرْدةٌ تُشَقُّ فتُلبس من غير كُمَّيْنِ ولا جَيْب والإِتْبُ دِرْعُ المرأَة ويقال أَتَّبْتُها تَأْتِيباً فَأْتَتَبَتْ هي أَي أَلبَسْتُها الإِتْبَ فَلَبِسَتْه وقيل الإِتْبُ من الثياب ما قَصُر فَنَصَفَ الساقَ وقيل الإِتْبُ غير الإِزار لا رِباطَ له كالتِّكَّةِ وليس على خِياطةِ السَّراوِيلِ ولكنه قَمِيصٌ غير مَخِيطِ الجانبين وقيل هو [ ص 206 ] النُّقْبةُ وهو السَّراوِيلُ بلا رجلين وقال بعضهم هو قميص بغير كُمَّيْنِ والجمع آتابٌ وإِتابٌ والمِئْتَبةُ كالإِتْبِ وقيل فيه كلُّ ما قيل في الإِتْبِ وأُتِّبَ الثوبُ صُيِّرَ إِتْباً قال كثير عزة
هَضِيم الحَشَى رُؤْد المَطا بَخْتَرِيَّة ... جَمِيلٌ عليَها الأَتْحَمِيُّ المُؤَتَّبُ
وقد تَأَتَّبَ به وأْتَتَبَ وأَتَّبَها به وإِيّاه تأْتِيباً كلاهما أَلْبَسها الإِتْبَ فلَبِسَتْه أَبو زيد أَتَّبْتُ الجارِيةَ تَأْتِيباً إِذا دَرَّعْتَها دِرْعاً وأْتَتَبَتِ الجارِيةُ فهي مُؤْتَتِبةٌ إِذا لبست الإِتْبَ وقال أَبو حنيفة التَّأَتُّبُ أَن يَجْعَلَ الرَّجلُ حِمالَ القَوْسِ في صَدره ويُخْرِجَ مَنْكِبَيْه منها فيَصِيرَ القَوْس على مَنْكِبَيْه ويقال تَأَتَّبَ قَوْسَه على ظَهرِه وإِتْبُ الشعِيرةِ قِشْرُها والمِئْتَبُ المِشْمَلُ

( أثب ) المَآثِبُ موضع قال كثير عزة
وهَبَّتْ رِياحُ الصَّيْفِ يَرْمِينَ بالسَّفا ... تَلِيَّةَ باقِي قَرْمَلٍ بالمَآثِبِ

( أدب ) الأَدَبُ الذي يَتَأَدَّبُ به الأَديبُ من الناس سُمِّيَ أَدَباً لأَنه يَأْدِبُ الناسَ إِلى المَحامِد ويَنْهاهم عن المقَابِح وأَصل الأَدْبِ الدُّعاءُ ومنه قيل للصَّنِيع يُدْعَى إليه الناسُ مَدْعاةٌ ومَأْدُبَةٌ ابن بُزُرْج لقد أَدُبْتُ آدُبُ أَدَباً حسناً وأَنت أَدِيبٌ وقال أَبو زيد أَدُبَ الرَّجلُ يَأْدُبُ أَدَباً فهو أَدِيبٌ وأَرُبَ يَأْرُبُ أَرَابةً وأَرَباً في العَقْلِ فهو أَرِيبٌ غيره الأَدَبُ أَدَبُ النَّفْسِ والدَّرْسِ والأَدَبُ الظَّرْفُ وحُسْنُ التَّناوُلِ وأَدُبَ بالضم فهو أَدِيبٌ من قوم أُدَباءَ وأَدَّبه فَتَأَدَّب عَلَّمه واستعمله الزجاج في اللّه عز وجل فقال وهذا ما أَدَّبَ اللّهُ تعالى به نَبِيَّه صلى اللّه عليه وسلم وفلان قد اسْتَأْدَبَ بمعنى تَأَدَّبَ ويقال للبعيرِ إِذا رِيضَ وذُلِّلَ أَدِيبٌ مُؤَدَّبٌ وقال مُزاحِمٌ العُقَيْلي
وهُنَّ يُصَرِّفْنَ النَّوى بَين عالِجٍ ... ونَجْرانَ تَصْرِيفَ الأَدِيبِ المُذَلَّلِ
والأُدْبَةُ والمَأْدَبةُ والمَأْدُبةُ كلُّ طعام صُنِع لدَعْوةٍ أَو عُرْسٍ قال صَخْر الغَيّ يصف عُقاباً
كأَنّ قُلُوبَ الطَّيْر في قَعْرِ عُشِّها ... نَوَى القَسْبِ مُلْقًى عند بعض المَآدِبِ
القَسْبُ تَمْر يابسٌ صُلْبُ النَّوَى شَبَّه قلوبَ الطير في وَكْر العُقابِ بِنَوى القَسْبِ كما شبهه امْرُؤُ القيس بالعُنَّاب في قوله
كأَنَّ قُلُوبَ الطَّيْرِ رَطْباً ويابِساً ... لَدَى وَكْرِها العُنَّابُ والحَشَفُ البالي
والمشهور في المَأْدُبة ضم الدال وأَجاز بعضهم الفتح وقال هي بالفتح مَفْعَلةٌ مِن الأَدَبِ قال سيبويه قالوا المَأْدَبةُ كما قالوا المَدْعاةُ وقيل المَأْدَبةُ من الأَدَبِ وفي الحديث عن ابن سعود إِنَّ هذا القرآنَ مَأْدَبةُ اللّه في الأَرض فتَعَلَّموا من مَأْدَبَتِه يعني مَدْعاتَه قال أَبو عبيد يقال مَأْدُبةٌ [ ص 207 ] ومَأْدَبةٌ فمن قال مَأْدُبةٌ أَراد به الصَّنِيع يَصْنَعه الرجل فيَدْعُو إِليه الناسَ يقال منه أَدَبْتُ على القوم آدِبُ أَدْباً ورجل آدِبٌ قال أَبو عبيد وتأْويل الحديث أَنه شَبَّه القرآن بصَنِيعٍ صَنَعَه اللّه للناس لهم فيه خيرٌ ومنافِعُ ثم دعاهم إليه ومن قال مَأْدَبة جعَله مَفْعَلةً من الأَدَبِ وكان الأَحمر يجعلهما لغتين مَأْدُبةً ومَأْدَبةً بمعنى واحد قال أَبو عبيد ولم أَسمع أحداً يقول هذا غيره قال والتفسير الأَول أَعجبُ إِليّ وقال أَبو زيد آدَبْتُ أُودِبُ إِيداباً وأَدَبْتُ آدِبُ أَدْباً والمَأْدُبةُ الطعامُ فُرِقَ بينها وبين المَأْدَبةِ الأَدَبِ والأَدْبُ مصدر قولك أَدَبَ القومَ يَأْدِبُهُم بالكسر أَدْباً إِذا دعاهم إِلى طعامِه والآدِبُ الداعِي إِلى الطعامِ قال طَرَفَةُ
نَحْنُ في المَشْتاةِ نَدْعُو الجَفَلى ... لا تَرَى الآدِبَ فينا يَنْتَقِرْ
وقال عدي
زَجِلٌ وَبْلُهُ يجاوبُه دُفٌّ ... لِخُونٍ مَأْدُوبَةٍ وزَمِيرُ
والمَأْدُوبَةُ التي قد صُنِعَ لها الصَّنِيعُ وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه أَما إِخْوانُنا بنو أُمَيَّةَ فَقادةٌ أَدَبَةٌ الأَدَبَةُ جمع آدِبٍ مثل كَتَبةٍ وكاتِبٍ وهو الذي يَدْعُو الناسَ إِلى المَأْدُبة وهي الطعامُ الذي يَصْنَعُه الرجل ويَدْعُو إِليه الناس وفي حديث كعب رضي اللّه عنه إِنّ لِلّهِ مَأْدُبةً من لحُومِ الرُّومِ بمُرُوج عَكَّاءَ أَراد أَنهم يُقْتَلُون بها فَتَنْتابُهمُ السِّباعُ والطير تأْكلُ من لحُومِهم وآدَبَ القومَ إِلى طَعامه يُؤْدِبُهم إِيداباً وأَدَبَ عَمِلَ مَأْدُبةً أَبو عمرو يقال جاشَ أَدَبُ البحر وهو كثْرَةُ مائِه وأَنشد عن ثَبَجِ البحرِ يَجِيشُ أَدَبُه والأَدْبُ العَجَبُ قال مَنْظُور بن حَبَّةَ الأَسَدِيّ وحَبَّةُ أُمُّه بِشَمَجَى المَشْي عَجُولِ الوَثْبِ غَلاَّبةٍ للنَّاجِياتِ الغُلْبِ حتى أَتَى أُزْبِيُّها بالأَدْبِ الأُزْبِيُّ السُّرْعةُ والنَّشاطُ والشَّمَجَى الناقةُ السرِيعَةُ ورأَيت في حاشية في بعض نسخ الصحاح المعروف الإِدْبُ بكسر الهمزة ووجد كذلك بخط أَبي زكريا في نسخته قال وكذلك أَورده ابن فارس في المجمل الأَصمعي جاءَ فلان بأَمْرٍ أَدْبٍ مجزوم الدال أَي بأَمْرٍ عَجِيبٍ وأَنشد
سمِعتُ مِن صَلاصِلِ الأَشْكالِ ... أَدْباً على لَبَّاتِها الحَوالي

( أذرب ) ابن الأَثير في حديث أَبي بكر رضي عنه لَتَأْلَمُنَّ النَّوْمَ على الصُّوفِ الأَذْرَبِيِّ يَأْلَمُ أَحَدُكم النَّوْمَ على حَسَكِ السَّعْدانِ الأَذْرَبِيّ منسوب إِلى أَذْرَبِيجانَ على غير قياس هكذا تقول العرب والقياس أَن يقال أَذَرِيٌّ بغير باء كما يقال في النَّسَب إِلى رامَهُرْمُزَ راميٌّ قال وهو مُطَّرِد في النسب إِلى الاسماءِ المركبة [ ص 208 ]

( أرب ) الإِرْبَةُ والإِرْبُ الحاجةُ وفيه لغات إِرْبٌ وإِرْبَةٌ وأَرَبٌ ومَأْرُبةٌ ومَأْرَبَة وفي حديث عائشة رضي اللّه تعالى عنها كان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَمْلَكَكُمْ لإِرْبِه أَي لحاجَتِه تعني أَنه صلى اللّه عليه وسلم كان أَغْلَبَكم لِهَواهُ وحاجتِه أَي كان يَمْلِكُ نَفْسَه وهَواهُ وقال السلمي الإِرْبُ الفَرْجُ ههنا قال وهو غير معروف قال ابن الأَثير أَكثر المحدِّثين يَرْوُونه بفتح الهمزة والراءِ يعنون الحاجة وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراءِ وله تأْويلان أَحدهما أَنه الحاجةُ والثاني أَرادت به العُضْوَ وعَنَتْ به من الأَعْضاءِ الذكَر خاصة وقوله في حديث المُخَنَّثِ كانوا يَعُدُّونَه من غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ أَي النِّكاحِ والإِرْبَةُ والأَرَبُ والمَأْرَب كله كالإِرْبِ وتقول العرب في المثل مَأْرُبَةٌ لا حفاوةٌ أَي إِنما بِكَ حاجةٌ لا تَحَفِّياً بي وهي الآرابُ والإِرَبُ والمَأْرُبة والمَأْرَبةُ مثله وجمعهما مآرِبُ قال اللّه تعالى ولِيَ فيها مآرِبُ أُخرى وقال تعالى غَيْرِ أُولي الإرْبةِ مِن الرِّجال وأَرِبَ إِليه يَأْرَبُ أَرَباً احْتاجَ وفي حديث عمر رضي اللّه تعالى عنه أَنه نَقِمَ على رجل قَوْلاً قاله فقال له أَرِبْتَ عن ذي يَدَيْكَ معناه ذهب ما في يديك حتى تَحْتاجَ وقال في التهذيب أَرِبْتَ من ذِي يَدَيْكَ وعن ذي يَدَيْكَ وقال شمر سمعت ابن الأَعرابي يقول أَرِبْتَ في ذي يَدَيْكَ معناه ذهب ما في يديك حتى تحتاج وقال أَبو عبيد في قوله أَرِبْتَ عن ذِي يَدَيْك أَي سَقَطَتْ آرابُكَ من اليَدَيْنِ خاصة وقيل سَقَطَت مِن يدَيْكَ قال ابن الأثير وقد جاءَ في رواية أُخرى لهذا الحديث خَرَرْتَ عن يَدَيْكَ وهي عبارة عن الخَجَل مَشْهورةٌ كأَنه أَراد أَصابَكَ خَجَلٌ أَو ذَمٌّ ومعنى خَرَرْتَ سَقَطْتَ وقد أَرِبَ الرجلُ إِذا احتاج إِلى الشيءِ وطَلَبَه يَأْرَبُ أَرَباً قال ابن مقبل
وإِنَّ فِينا صَبُوحاً إِنْ أَرِبْتَ بِه ... جَمْعاً بِهِيّاً وآلافاً ثمَانِينا
جمع أَلف أَي ثمَانِين أَلفاً أَرِبْتَ به أَي احْتَجْتَ إِليه وأَرَدْتَه
وأَرِبَ الدَّهْرُ اشْتَدَّ قال أَبو دُواد الإِيادِيُّ يَصِف فرساً
أَرِبَ الدَّهْرُ فَأَعْدَدْتُ لَه ... مُشْرِفَ الحاركِ مَحْبُوكَ الكَتَدْ
قال ابن بري والحارِكُ فَرْعُ الكاهِلِ والكاهِلُ ما بَيْنَ الكَتِفَيْنِ والكَتَدُ ما بين الكاهِلِ والظَّهْرِ والمَحْبُوكُ المُحْكَمُ الخَلْقِ من حَبَكْتُ الثوبَ إِذا أَحْكَمْتَ نَسْجَه وفي التهذيب في تفسير هذا البيت أَي أَراد ذلك منا وطَلَبَه وقولهم أَرِبَ الدَّهْرُ كأَنَّ له أَرَباً يَطْلُبُه عندنا فَيُلِحُّ لذلك عن ابن الاعرابي وقوله أَنشده ثعلب
أَلَم تَرَ عُصْمَ رُؤُوسِ الشَّظَى ... إِذا جاءَ قانِصُها تُجْلَبُ
إلَيْهِ وما ذاكَ عَنْ إرْبةٍ ... يكونُ بِها قانِصٌ يأْرَبُ
وَضَع الباءَ في موضع إِلى وقوله تعالى غَيْرِ أُولي الإِرْبةِ مِنَ الرِّجال قال سَعِيد بن جُبَيْر هو المَعْتُوهُ [ ص 209 ] والإِرْبُ والإِرْبةُ والأُرْبةُ والأَرْبُ الدَّهاء ( 1 )
( 1 قوله « والارب الدهاء » هو في المحكم بالتحريك وقال في شرح القاموس عازياً للسان هو كالضرب ) والبَصَرُ بالأُمُورِ وهو من العَقْل أَرُبَ أَرابةً فهو أَرِيبٌ مَن قَوْم أُرَباء يقال هو ذُو إِرْبٍ وما كانَ الرَّجل أَرِيباً ولقد أَرُبَ أَرابةً وأرِبَ بالشيءِ دَرِبَ به وصارَ فيه ماهِراً بَصِيراً فهو أَربٌ قال أَبو عبيد ومنه الأَرِيبُ أَي ذُو دَهْيٍ وبَصَرٍ قال قَيْسُ بن الخَطِيم
أَرِبْتُ بِدَفْعِ الحَرْبِ لَمَّا رأَيْتُها ... على الدَّفْعِ لا تَزْدَادُ غَيْرَ تَقارُبِ
أَي كانت له إِرْبَةٌ أَي حاجةٌ في دفع الحَربِ وأَرُبَ الرَّجلُ يَأْرُبُ إِرَباً مِثال صَغُرَ يَصْغُرُ صِغَراً وأَرابةً أَيضاً بالفتح إِذا صار ذا دَهْيٍ وقال أَبو العِيالِ الهُذَلِيّ يَرْثي عُبَيْدَ بن زُهْرةً وفي التهذيب يمدح رجلاً
يَلُفٌّ طَوائفَ الأَعْدا ... ءِ وَهْوَ بِلَفِّهِمْ أَرِبُ
ابن شُمَيْل أَرِبَ في ذلك الأَمرِ أَي بَلَغَ فيه جُهْدَه وطاقَتَه وفَطِنَ له وقد تأَرَّبَ في أَمرِه والأُرَبَى بضم الهمزة الدَّاهِيةُ قال ابن أَحمر
فلَمَّا غَسَى لَيْلي وأَيْقَنْتُ أَنَّها ... هي الأُرَبَى جاءَتْ بأُمّ حَبَوْكَرا
والمُؤَارَبَةُ المُداهاةُ وفلان يُؤَارِبُ صاحِبَه إِذا داهاه وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم ذَكَر الحَيَّاتِ فقال مَنْ خَشِيَ خُبْثَهُنَّ وشَرَّهُنّ وإٍرْبَهُنَّ فليس منَّا أَصْلُ الإِرْب بكسر الهمزة وسكون الراء الدَّهاء والمَكْر والمعنى مَنْ تَوَقَّى قَتْلَهُنَّ خَشْيةَ شَرِّهنَّ فليس منَّا أَي من سنتنا قال ابن الأَثير أَي مَنْ خَشِيَ غائلَتها وجَبُنَ عن قتْلِها لِلذي قيل في الجاهلية إِنها تُؤْذِي قاتِلَها أَو تُصِيبُه بخَبَلٍ فقد فارَقَ سُنَّتَنا وخالَفَ ما نحنُ عليه وفي حديث عَمْرو بن العاص رضي اللّه عنه قال فَأَرِبْتُ بأبي هريرة فلم تَضْرُرْنِي إِرْبَةٌ أَرِبْتُها قَطُّ قَبْلَ يَوْمَئذٍ قال أَرِبْتُ به أَي احْتَلْتُ عليه وهو من الإِرْبِ الدَّهاءِ والنُّكْرِ والإِرْبُ العَقْلُ والدِّينُ عن ثعلب والأَرِيبُ العاقلُ ورَجُلٌ أَرِيبٌ من قوم أُرَباء وقد أَرُبَ يَأْرُبُ أحْسَنَ الإِرْب في العقل وفي الحديث مُؤَاربَةُ الأَرِيبِ جَهْلٌ وعَناء أَي إِنَّ الأَرِيبَ وهو العاقِلُ لا يُخْتَلُ عن عَقْلِه وأَرِبَ أَرَباً في الحاجة وأَرِبَ الرَّجلُ أَرَباً أَيِسَ وأَرِبَ بالشيءِ ضَنَّ بِهِ وشَحَّ والتَّأْرِيبُ الشُّحُّ والحِرْصُ وأَرِبْتُ بالشيءِ أَي كَلِفْتُ به وأَنشد لابن الرِّقاعِ
وما لامْرِئٍ أَرِبٍ بالحَيا ... ةِ عَنْها مَحِيصٌ ولا مَصْرِفُ
أَي كَلِفٍ وقال في قول الشاعر
ولَقَدْ أَرِبْتُ على الهمُومِ بِجَسْرةٍ ... عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ غَيْرِ لَجُونِ
أَي عَلِقْتُها ولَزِمْتُها واسْتَعَنْتُ بها على الهُمومِ والإِرْبُ العُضْوُ المُوَفَّر الكامِل الذي لم يَنقُص منه شيءٌ ويقال لكلّ عُضْوٍ إِرْبٌ يقال قَطَّعْتُه إِرْباً إِرْباً أَي عُضْواً عُضْواً وعُضْوٌ مُؤَرَّبٌ أَي مُوَفَّرٌ وفي الحديث أَنه أُتِيَ بكَتِفٍ مُؤَرَّبة [ ص 210 ] فأَكَلَها وصلّى ولم يَتَوَضَّأْ المُؤَرَّبَةُ هي المُوَفَّرة التي لم يَنْقُص منها شيءٌ وقد أَرَّبْتُه تَأْرِيباً إِذا وفَّرْته مأْخوذ من الإِرْب وهو العُضْو والجمع آرابٌ يقال السُّجُود على سَبْعة آرابٍ وأَرْآبٌ أَيضاً وأرِبَ الرَّجُل إِذا سَجَدَ ( 1 )
( 1 قوله « وأرب الرجل إِذا سجد » لم تقف له على ضبط ولعله وأرب بالفتح مع التضعيف ) على آرابِه مُتَمَكِّناً وفي حديث الصلاة كان يَسْجُدُ على سَبْعةِ آرابٍ أَي أَعْضاء واحدها إرْب بالكسر والسكون قال والمراد بالسبعة الجَبْهةُ واليَدانِ والرُّكْبتانِ والقَدَمانِ والآرابُ قِطَعُ اللحمِ وأَرِبَ الرَّجُلُ قُطِعَ إِرْبُه وأَرِبَ عُضْوُه أَي سَقَطَ وأَرِبَ الرَّجُل تَساقَطَتْ أَعْضاؤُه وفي حديث جُنْدَبٍ خَرَج برَجُل أُرابٌ قيل هي القَرْحَةُ وكأَنَّها مِن آفاتِ الآرابِ أَي الأَعْضاءِ وقد غَلَبَ في اليَد فأَمَّا قولُهم في الدُّعاءِ ما لَه أَرِبَتْ يَدُه فقيل قُطِعَتْ يَدُه وقيل افْتَقَر فاحْتاجَ إِلى ما في أَيدي الناس ويقال أَرِبْتَ مِنْ يَدَيْكَ أَي سَقَطتْ آرَابُكَ من اليَدَيْنِ خاصَّةً وجاء رجل إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال دُلَّني على عَمَل يُدْخِلُني الجَنَّةَ فقال أَرِبٌ ما لَهُ ؟ معناه أَنه ذو أَرَبٍ وخُبْرةٍ وعِلمٍ أَرُبَ الرجل بالضم فهو أَرِيبٌ أَي صار ذا فِطْنةٍ وفي خبر ابن مسعود رضي اللّه عنه أَنَّ رجلاً اعترض النبي صلى اللّه عليه وسلم لِيَسْأَلَه فصاح به الناسُ فقال عليه السلام دَعُوا الرَّجلَ أَرِبَ ما لَه ؟ قال ابن الأَعرابي احْتاجَ فَسَأَلَ ما لَه وقال القتيبي في قوله أَرِبَ ما لَه أَي سَقَطَتْ أَعْضاؤُه وأُصِيبت قال وهي كلمة تقولها العرب لا يُرادُ بها إِذا قِيلت وقُوعُ الأَمْرِ كما يقال عَقْرَى حَلْقَى وقَوْلِهم تَرِبَتْ يدَاه قال ابن الأَثير في هذه اللفظة ثلاث رِوايات إِحداها أَرِبَ بوزن عَلِمَ ومعناه الدُّعاء عليه أَي أُصِيبَتْ آرابُه وسقَطَتْ وهي كلمة لا يُرادُ بها وقُوعُ الأَمر كما يقال تَرِبَتْ يدَاك وقاتَلكَ اللّهُ وإِنما تُذكَر في معنى التعجب قال وفي هذا الدعاء من النبي صلى اللّه عليه وسلم قولان أَحدهما تَعَجُّبُه من حِرْصِ السائل ومُزاحَمَتِه والثاني أَنه لَمَّا رآه بهذه الحال مِن الْحِرص غَلَبه طَبْعُ البَشَرِيَّةِ فدعا عليه وقد قال في غير هذا الحديث اللهم إِنما أَنا بَشَرٌ فَمَن دَعَوْتُ عليه فاجْعَلْ دُعائي له رَحْمةً وقيل معناه احْتاجَ فسأَلَ مِن أَرِبَ الرَّجلُ يَأْرَبُ إِذا احتاجَ ثم قال ما لَه أَي أَيُّ شيءٍ به وما يُرِيدُ قال والرواية الثانية أَرَبٌ مَّا لَه بوزن جمل أَي حاجةٌ له وما زائدة للتقليل أَي له حاجة يسيرة وقيل معناه حاجة جاءَت به فحذَفَ ثم سأَل فقال ما لَه قال والرواية الثالثة أَرِبٌ بوزن كَتِفٍ والأَرِبُ الحاذِقُ الكامِلُ أَي هو أَرِبٌ فحذَف المبتدأَ ثم سأَل فقال ما لَه أَي ما شأْنُه وروى المغيرة بن عبداللّه عن أَبيه أَنه أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه سلم بِمِنىً فَدنا منه فَنُحِّيَ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم دَعُوه فأَرَبٌ مَّا لَهُ قال فَدَنَوْتُ ومعناه فحاجَةٌ ما لَه فدَعُوه يَسْأَلُ قال أَبو منصور وما صلة قال ويجوز أَن يكون أَراد فَأَرَبٌ منالآرابِ جاءَ به فدَعُوه وأَرَّبَ العُضْوَ قَطَّعه مُوَفَّراً يقال أَعْطاه [ ص 211 ] عُضْواً مُؤَرَّباً أَي تامّاً لم يُكَسَّر وتَأْرِيبُ الشيءِ تَوْفِيرُه وقيل كلُّ ما وُفِّرَ فقد أُرِّبَ وكلُّ مُوَفَّر مُؤَرَّبٌ والأُرْبِيَّةُ أَصل الفخذ تكون فُعْلِيَّةً وتكون أُفْعولةً وهي مذكورة في بابها والأُرْبةُ بالضم العُقْدةُ التي لا تَنْحَلُّ حتى تُحَلَّ حَلاًّ وقال ثعلب الأُرْبَةُ العُقْدةُ ولم يَخُصَّ بها التي لا تَنْحَلُّ قال الشاعر
هَلْ لَكِ يا خَدْلةُ في صَعْبِ الرُّبَهْ ... مُعْتَرِمٍ هامَتُه كالحَبْحَبه
قال أَبو منصور قولهم الرُّبَة العقدة وأَظنُّ الأَصل كان الأُرْبَة فحُذفت الهمزة وقيل رُبةٌ وأَرَبَها عَقَدها وشَدَّها وتَأْرِيبها إِحْكامُها يقال أَرِّبْ عُقْدتَك أَنشد ثعلب لكِناز بن نُفَيْع يقوله
لجَرِير
غَضِبْتَ علينا أَنْ عَلاكَ ابنُ غالِبٍ ... فَهَلاَّ على جَدَّيْكَ في ذاك تَغْضَبْ
هما حينَ يَسْعَى المَرْءُ مَسْعاةَ جَدِّه ... أَناخَا فَشَدّاك العِقال المُؤَرَّبْ
واسْتَأْرَبَ الوَتَرُ اشْتَدَّ وقول أَبي زُبَيْد
على قَتِيل مِنَ الأَعْداءِ قد أَرُبُوا ... أَنِّي لهم واحِدٌ نائي الأَناصِيرِ
قال أَرُبُوا وَثِقُوا أَني لهم واحد وأَناصِيري ناؤُونَ عني جمعُ الأَنْصارِ ويروى وقد عَلموا وكأَنّ أَرُبُوا من الأَرِيب أَي من تَأْرِيب العُقْدة أَي من الأَرْب وقال أَبو الهيثم أَي أَعجبهم ذاك فصار كأَنه حاجة لهم في أَن أَبْقَى مُغْتَرِباً نائِياً عن أَنْصاري والمُسْتَأْرَبُ الذي قد أَحاطَ الدَّيْنُ أَو غيره من النَّوائِب بآرابِه من كل ناحية ورجل مُسْتَأْرَبٌ بفتح الراءِ أَي مديون كأَن الدَّين أَخَذ بآرابه قال
وناهَزُوا البَيْعَ مِنْ تِرْعِيَّةٍ رَهِقٍ ... مُسْتَأْرَبٍ عَضَّه السُّلْطانُ مَدْيُونُ
وفي نسخة مُسْتَأْرِب بكسر الراءِ قال هكذا أَنشده محمد بن أَحمد المفجع أَي أَخذه الدَّين من كل ناحية والمُناهَزةُ في البيع انْتِهازُ الفُرْصة وناهَزُوا البيعَ أَي بادَرُوه والرَّهِقُ الذي به خِفَّةٌ وحِدّةٌ وقيل الرَّهِقُ السَّفِه وهو بمعنى السَّفِيه وعَضَّهُ السُّلْطانُ أَي أَرْهَقَه وأَعْجَلَه وضَيَّق عليه الأَمْرَ والتِّرْعِيةُ الذي يُجِيدُ رِعْيةَ الإِبلِ وفلان تِرْعِيةُ مالٍ أَي إِزاءُ مالٍ حَسَنُ القِيام به وأَورد الجوهري عَجُزَ هذا البيت مرفوعاً قال ابن بري هو مخفوض وذكر البيت بكماله وقولُ ابن مقبل في الأُرْبةِ
لا يَفْرَحُون إِذا ما فازَ فائزُهم ... ولا يُرَدُّ عليهم أُرْبَةُ اليَسَرِ
قال أَبو عمرو أَراد إِحْكامَ الخَطَرِ من تأْرِيبِ العُقْدة والتَّأْرِيبُ تَمَامُ النَّصيبِ قال أَبو عمرو اليَسر ههنا المُخاطَرةُ وأَنشد لابن مُقبل
بِيض مَهاضِيم يُنْسِيهم مَعاطِفَهم ... ضَرْبُ القِداحِ وتأْرِيبٌ على الخَطَرِ
وهذا البيت أَورد الجوهري عجزه وأَورد ابن بري صدره شُمّ مَخامِيص يُنْسِيهم مَرادِيَهُمْ [ ص 212 ] وقال قوله شُمّ يريد شُمَّ الأُنُوفِ وذلك مما يُمدَحُ به والمَخامِيصُ يريد به خُمْصَ البُطونِ لأَن كثرة الأَكل وعِظَمَ البطنِ مَعِيبٌ والمَرادِي الأَرْدِيةُ واحدتها مِرْداةٌ وقال أَبو عبيد التَّأْرِيبُ الشُّحُّ والحِرْصُ قال والمشهور في الرواية وتأْرِيبٌ على اليَسَرِ عِوضَاً من الخَطَرِ وهو أَحد أيْسارِ الجَزُور وهي الأَنْصِباءُ والتَّأَرُّبُ التَّشَدُّد في الشيءِ وتَأَرَّب في حاجَتِه تَشَدَّد
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) أرب الإِرْبَةُ والإِرْبُ الحاجةُ وفيه لغات إِرْبٌ وإِرْبَةٌ وتَأَرَّبْتُ في حاجتي تَشَدَّدْت وتَأَرَّبَ علينا تَأَبَّى وتَعَسَّرَ وتَشَدَّد والتَّأْرِيبُ التَّحْرِيشُ والتَّفْطِينُ قال أَبو منصور هذا تصحيف والصواب التَّأْرِيثُ بالثاءِ وفي الحديث قالت قُرَيْشٌ لا تَعْجَلُوا في الفِداءِ لا يَأْرَبُ عليكم مُحَمَّدٌ وأَصحابُه أَي يتَشَدَّدون عليكم فيه يقال أَرِبَ الدَّهْرُ يَأْرَبُ إِذا اشْتَدَّ وتَأَرَّبَ علَيَّ إِذا تَعَدَّى وكأَنه من الأُرْبَةِ العُقْدةِ وفي حديث سعيد بنِ العاص رضي اللّه عنه قال لابْنِه عَمْرو لا تَتَأَرَّبْ على بناتي أَي لا تَتَشَدَّدْ ولا تَتَعَدَّ والأُرْبةُ أَخِيَّةُ الدابَّةِ والأُرْبَةُ حَلْقَةُ الأَخِيَّةِ تُوارَى في الأَرض وجمعها أُرَبٌ قال الطرماح
ولا أَثَرُ الدُّوارِ ولا المَآلِي ... ولكِنْ قد تُرى أُرَبُ الحُصُونِ ( 1 )
( 1 قوله « ولا أثر الدوار إلخ » هذا البيت أورده الصاغاني في التكملة وضبطت الدال من الدوار بالفتح والضم ورمز لهما بلفظ معاً اشارة إِلى أَنه روي بالوجهين وضبطت المآلي بفتح الميم )
والأُرْبَةُ قِلادةُ الكَلْبِ التي يُقاد بها وكذلك الدابَّة في لغة طيئ
أَبو عبيد آرَبْتُ على القومِ مثال أَفْعَلْتُ إِذا فُزْتَ عليهم وفَلَجْتَ وآرَبَ على القوم فَازَ عَلَيهم وفَلَجَ قال لبيد
قَضَيْتُ لُباناتٍ وسَلَّيْتُ حاجةً ... ونَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بِقَمْرةِ مُؤْرِبِ
أَي نَفْسُ الفَتَى رَهْنٌ بِقَمْرةِ غالب يَسْلُبُها وأَرِبَ عليه قَوِيَ قال أَوْسُ بن حَجَرٍ
ولَقَدْ أَرِبْتُ على الهُمُومِ بجَسْرةٍ ... عَيْرانةٍ بالرِّدْفِ غَيْرِ لَجُونِ
اللَّجُونُ مثل الحَرُونِ والأُرْبانُ لغة في العُرْبانِ قال أَبو عليّ هو فُعْلانٌ من الإِرْبِ والأُرْبُونُ لغة في العُرْبُونِ وإِرابٌ مَوْضِع ( 2 )
( 2 قوله « وإراب موضع » عبارة القاموس واراب مثلثة موضع )
أَو جبل معروف وقيل هو ماءٌ لبني رِياحِ بن يَرْبُوعٍ ومَأْرِبٌ موضع ومنه مِلْحُ مَأْرِبٍ

( أزب ) أَزِبَت الإِبلُ تَأْزَبُ أَزَباً لم تَجْتَرَّ
والإِزْبُ اللَّئِيمُ والإِزْبُ الدَّقيقُ المَفاصِل الضاوِيُّ يكون ضئِيلاً فلا تكون زيادتُه في الوجهِ وعِظامِه ولكن تكون زيادته في بَطنِه وسَفِلَتِه كأَنه ضاوِيٌّ مُحْثَلٌ والإِزْبُ من الرِّجالِ القصِيرُ الغَلِيظُ قال
وأُبْغِضُ مِن قُرَيْشٍ كُلَّ إِزْبٍ ... قَصيرِ الشَّخْصِ تَحْسَبُه وَلِيدا
كأَنهمُ كُلَى بَقَرِ الأَضاحِي ... إِذا قاموا حَسِبْتَهُمُ قُعُودا
[ ص 213 ] الإِزْبُ القَصِيرُ الدَّمِيمُ ورجل أَزِبٌ وآزِبٌ طويلٌ التهذيب وقول الأَعشى
ولَبُونِ مِعْزابٍ أَصَبْتَ فأَصْبَحَتْ ... غَرْثَى وآزبةٍ قَضَبْتَ عِقالَها
قال هكذا رواه الإِياديُّ بالباءِ قال وهي التي تَعافُ الماءَ وتَرْفَع رأْسَها وقال المفضل إِبلٌ آزِبةٌ أَي ضامِزة ( 1 )
( 1 قوله « ضامزة » بالزاي لا بالراء المهملة كما في التكملة وغيرها راجع مادة ضمز ) بِجِرَّتِها لا تَجْتَرُّ ورواه ابن الأَعرابي وآزية بالياءِ قال وهي العَيُوفُ القَذُور كأَنها تَشْرَبُ من الإِزاءِ وهو مَصَبُّ الدَّلْو والأَزْبَةُ لغة في الأَزْمةِ وهي الشّدَّةُ وأَصابتنا أَزْبَةٌ وآزِبةٌ أَي شدَّة وإِزابٌ ماءٌ لبَني العَنبر قال مُساوِر بن هِنْد
وجَلَبْتُه من أَهلِ أُبْضةَ طائعاً ... حتى تَحَكَّم فيه أَهلُ إِزابِ
ويقال للسنة الشديدة أَزْبَةٌ وأَزْمَةٌ ولَزْبَةٌ بمعنى واحد ويروى إِراب وأَزَبَ الماءُ جَرَى والمِئْزاب المِرزابُ وهو المَثْعَبُ الذي يَبُولُ الماءَ وهو من ذلك وقيل بل هو فارسي معرّب معناه بالفارسية بُلِ الماءَ وربما لم يهمز والجمع المَآزيبُ ومنه مِئْزابُ الكَعْبةِ وهو مَصَبُّ ماءِ المطرِ ورجل إِزْبٌ حِزْبٌ أَي داهِيةٌ وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما أَنه خَرج فباتَ في القَفْرِ فلمَّا قامَ لِيَرْحَلَ وجد رَجلاً طولُه شِبْرانِ عَظِيمَ اللِّحْيةِ على الوَليّةِ يعني البَرْذَعَةَ فَنَفَضَها فَوَقَعَ ثم وضَعَها على الراحلةِ وجاءَ وهو على القِطْعِ يعني الطِّنْفِسةَ فنَفَضَه فَوَقَع فوضَعَه على الراحِلة فجاءَ وهو بين الشَّرْخَينِ أَي جانِبَيِ الرَّحْلِ فنَفضَه ثم شَدَّه وأَخذ السوطَ ثم أَتاه فقال مَن أَنتَ ؟ فقال أَنا أَزَبُّ قال وما أَزَبُّ ؟ قال رجل من الجِنِّ قال أفْتَحْ فاك أَنْظُر ففَتَح فاه فقال أَهكذا حُلُوقُكم ؟ ثم قَلَب السوط فوضَعَه في رأْسِ أَزَبَّ حتى باصَ أَي فاتَه واسْتَتَر الأَزَبُّ في اللغة الكثيرُ الشَّعَرِ وفي حديث بَيْعةِ العَقَبة هو شيطان اسمه أَزَبُّ العَقَبةِ وهو الحَيّةُ وفي حديث أَبي الأَحْوصِ لَتَسْبيحةٌ في طَلَبِ حاجَةٍ خَيْرٌ من لَقُوحِ صفِيٍّ في عام أَزْبةٍ أَو لَزْبَةٍ يقال أَصابَتْهم أَزْبَةٌ ولَزْبَةٌ أَي جَدْبٌ ومَحْلٌ

( أسب ) الإِسْبُ بالكسر شَعَرُ الرَّكَب وقال ثعلب هو شَعَرُ الفَرْجِ وجمعه أُسُوبٌ وقيل هو شعَرُ الاسْتِ وحكى ابن جني آسابٌ في جمعه وقيل أَصله من الوَسْبِ لأَن الوَسْبَ كثرة العُشْبِ والنبات فقلبت واو الوِسْبِ وهو النَّباتُ همزة كما قالوا إِرْثٌ ووِرْثٌ وقد أَوْسَبَتِ الأَرض إِذا أَعْشَبَتْ فهي مُوسِبةٌ وقال أَبو الهيثم العانةُ مَنْبِتُ الشَّعَر من قُبُل المَرأَةِ والرَّجُل والشَّعَر النابِت عليها يقال له الشِّعْرةُ والإِسْبُ وأَنشد
لَعَمْرُ الَّذي جاءَتْ بِكُمْ مِنْ شَفَلَّحٍ ... لَدَى نَسَيَيْها ساقِطِ الإِسْبِ أَهْلَبا
وكبش مُؤَسَّبٌ كثِيرُ الصُّوف [ ص 214 ]

( أشب ) أَشَبَ الشيءَ يَأْشِبُه أَشْباً خَلَطَه والأُشابةُ من الناس الأَخْلاطُ والجمع الأَشائِبُ قال النابغة الذُّبْياني
وَثِقْتُ له بالنَّصْرِ إِذْ قِيلَ قد غَزَتْ ... قَبائِلُ مِن غَسَّانَ غَيْرُ أَشائِبِ
يقول وَثِقْتُ للممدوحِ بالنصرِ لأَن كَتائِبَه وجُنُودَه مِن غَسَّانَ وهم قَوْمُه وبنو عمه وقد فَسَّر القَبائلَ في بيت بعده وهو
بَنُو عَمِّهِ دُنْيا وعَمْرُو بن عامِرٍ ... أُولئِكَ قَوْمٌ بَأْسُهُمْ غَيْرُ كاذِبِ
ويقال بها أَوْباشٌ مِن الناسِ وأَوْشابٌ من الناس وهُمُ الضُّرُوبُ المُتَفَرِّقون وتَأَشَّبَ القومُ اخْتَلَطُوا وأْتَشَبُوا أَيضاً يقال جاءَ فلان فيمن تَأَشَّبَ إِليه أَي انْضَمَّ إِليه والتَفَّ عليه والأُشابَةُ في الكَسْبِ ما خالَطَه الحَرامُ الذي لا خَيْرَ فيه والسُّحْتُ ورَجلٌ مَأْشُوبُ الحَسَبِ غَيْرُ مَحْضٍ وهو مُؤْتَشِبٌ أَي مَخْلُوطٌ غَيْرُ صَرِيحٍ في نَسَبِه والتَّأَشُّبُ التَّجَمُّع مِن هُنا وهُنا يقال هؤُلاءِ أُشابَة ليسوا مِن مَكانٍ واحِد والجمع الأَشائِبُ وأَشِبَ الشَّجَرُ أَشَباً فهو أَشِبٌ وتَأَشَّبَ التَفَّ وقال أَبو حنيفة الأَشَبُ شِدَّةُ التِفافِ الشجَرِ وكَثْرَتُه حتى لا مَجازَ فيه يُقال فيه موضع أَشِبٌ أَي كثير الشجَر وغَيْضةٌ أَشِبةٌ وغَيْضٌ أَشِبٌ أَي مُلْتَفٌّ وأَشِبَتِ الغَيْضةُ بالكسر أَي التَّفَتْ وعَدَدٌ أَشِبٌ وقولهم عيصُكَ مِنْكَ وإِنْ كانَ أَشِباً أَي وإِن كان ذا شَوْكٍ مُشْتَبِكٍ غَيْرِ سَهْلٍ وقولهم ضَرَبَتْ فيهِ فُلانةُ بِعِرْقٍ ذِي أَشَبٍ أَي ذي الْتِباسٍ وفي الحديث إِنّي رَجُلٌ ضَرِيرٌ بَيْنِي وبَيْنَكَ أَشَبٌ فَرَخِّصْ لي في كذا الأَشَبُ كثرة الشجَر يقال بَلْدةٌ أَشِبةٌ إِذا كانت ذاتَ شجر وأَراد ههنا النَّخِيل وفي حديث الأَعْشَى الحِرْمازِيِّ يُخاطِبُ سيدنا رَسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في شَأْنِ امْرَأَتِه
وقَذَفَتْني بَيْنَ عِيصٍ مُؤْتَشِبْ ... وهُنَّ شَرٌّ غالِبٌ لِمَنْ غَلَبْ
المُؤْتَشِبُ المُلتَفُّ والعِيصُ أَصل الشجر الليث أَشَّبْتُ الشرَّ بينهم تَأْشِيباً وأَشِبَ الكلامُ بينهم أَشَباً التَفَّ كما تقدَّم في الشجر وأَشَبَه هو والتَّأْشِيبُ التَّحْرِيشُ بين القوم وأَشَبَه يَأْشِبُه ويَأْشُبُه أَشْباً لامَه وعابَه وقيل قَذَفَه وخَلَط عليه الكَذِبَ وأَشَبْتُه آشِبُه لُمْتُه قال أَبو ذؤَيب
ويَأْشِبُني فيها الّذِينَ يَلُونها ... ولَوْ عَلِمُوا لَمْ يَأْشِبُوني بطائِلِ
وهذا البيت في الصحاح لم يَأْشِبُوني بِباطِلِ والصحيح لم يَأْشِبُوني بَطائِلِ يقول لو عَلِمَ هؤِلاء الذين يَلُونَ أَمْرَ هذه المرأَة أَنها لا تُولِيني إِلا شيئاً يسيراً وهو النَّظْرة والكَلِمة لم يَأْشِبُوني بطائِل أَي لم يَلُومُوني والطَّائلُ الفَضْلُ وقيل أَشَبْتُه عِبْتُه ووَقَعْتُ فيه وأَشَبْتُ [ ص 215 ] القوم إِذا خَلَطْت بعضَهم بِبَعْض وفي الحديث أَنه قرأَ يا أَيُّها الناسُ اتَّقُوا رَبَّكُم إِنّ زَلْزلَة الساعة شيءٌ عظيم فَتَأَشَّبَ أَصحابُه إِليه أَي اجتمعوا إِليه وأَطافُوا به والأُشابةُ أَخْلاطُ الناسِ تَجْتَمِعُ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ ومنه حديث العباس رضي اللّه عنه يومَ حُنَيْنٍ حتَّى تَأَشَّبُوا حَوْلَ رَسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم ويروى تنَاشَبُوا أَي تَدانَوْا وتَضامُّوا وأَشَّبَه بشَرٍّ إِذا رمَاه بعَلامةٍ مِنَ الشَّرِّ يُعْرَفُ بها هذه عن اللحياني وقيل رَماه به وخَلَطَه وقولهم بالفارسية رُورُ وأُشُوبْ ترجمة سيبويه فقال زُورٌ وأُشُوبٌ وأُشْبَةُ من أَسماءِ الذِّئاب

( أصطب ) النهاية لابن الأَثير في الحديث رأَيت أَبا هريرة رضي اللّه عنه وعليه إِزارٌ فيه عَلْقٌ وقد خَيَّطَه بالأُصْطُبَّة هي مُشاقةُ الكَتَّانِ والعَلْقُ الخَرْقُ

( ألب ) أَلَبَ إِليك القَوْمُ أَتَوْكَ من كل جانب وأَلَبْتُ الجيشَ إِذا
جَمَعْتَه وتَأَلَّبُوا تَجَمَّعُوا والأَلْبُ الجمع الكثير من الناس وأَلَبَ الإِبِلَ يَأْلِبُها ويَأْلُبها أَلْباً جَمَعَها وساقَها سَوْقاً شَديداً وأَلَبَتْ هي انْساقَتْ وانْضَمَّ بعضُها إِلى بعض أَنشد ابن الأَعرابي ( 1 )
( 1 قوله « أنشد ابن الأعرابي » أي لمدرك بن حصن كما في التكملة وفيها أَيضاً ألم تريا بدل ألم تعلمي )
أَلَمْ تَعْلَمي أَنّ الأَحادِيثَ في غَدٍ ... وبعدَ غَدٍ يَأْلِبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ
أَي يَنْضَمُّ بعضُها إِلى بعض التهذيب الأَلُوبُ الذي يُسْرِعُ يقال أَلَبَ يَأْلِبُ ويَأْلُبُ وأَنشد أَيضاً يَأْلُبْنَ أَلْبَ الطَّرائدِ وفسره فقال أَي يُسْرِعْن ابن بُزُرْجَ المِئْلَبُ السَّرِيعُ قال العجاج
وإِنْ تُناهِبْه تَجِدْه مِنْهَبا ... في وَعْكةِ الجِدِّ وحِيناً مِئْلَبَا
والأَلْبُ الطَّرْدُ وقد أَلَبْتُها أَلْباً تقدير عَلَبْتُها عَلْباً وأَلَبَ الحِمارُ طَرِيدَتَه يَأْلِبُها وأَلَّبَها كلاهما طَرَدَها طَرْداً شَدِيداً والتَّأْلَبُ الشدِيدُ الغَلِيظُ المُجْتَمِعُ من حُمُرِ الوَحْشِ والتَّأْلَبُ الوَعِلُ والأُنثى تَأْلَبةٌ تاؤه زائدة لقولهم أَلَبَ الحِمارُ أُتُنَه والتَّأْلَب مثال الثَّعْلبِ شجَر وأَلَبَ الشيءُ يأْلِبُ ويَأْلُبُ أَلْباً تَجَمَّعَ وقوله
وحَلَّ بِقَلْبي مِنْ جَوَى الحُبِّ مِيتةٌ ... كما ماتَ مَسْقِيُّ الضَّياحِ على أَلْبِ
لم يفسره ثعلب إلا بقوله أَلَبَ يَأْلِبُ إِذا اجتمع وتَأَلَّبَ القومُ تَجَمَّعُوا وأَلَّبَهُمْ جَمَّعَهم وهم عليه أَلْبٌ واحد وإِلْبٌ والأُولى أَعرف ووَعْلٌ واحِدٌ وصَدْعٌ واحد وضِلَعٌ واحدةٌ أَي مجتمعون عليه الظلم والعَداوةِ وفي الحديث إِنّ الناسَ كانوا علينا إِلْباً واحِداً الالب بالفتح والكسر القوم يَجْتَمِعُون على عَداوةِ إِنْسانٍ وتَأَلَّبُوا تَجَمَّعُوا قال رؤبة
قد أَصْبَحَ الناسُ عَلَيْنا أَلْبَا ... فالنَّاسُ في جَنْبٍ وكُنَّا جَنْبا
[ ص 216 ] وقد تَأَلَّبُوا عليه تَأَلُّباً إِذا تَضافَروا ( 1 )
( 1 قوله « تضافروا » هو بالضاد الساقطة من ضفر الشعر إِذا ضم بعضه إِلى بعض لا بالظاء المشالة وان اشتهر ) عليه وأَلْبٌ أَلُوبٌ مُجْتَمِعٌ كثير قال البُرَيْقُ الهُذَلِيُّ
بِأَلْبٍ أَلُوبٍ وحَرَّابةٍ ... لَدَى مَتْنِ وازِعِها الأَوْرَمِ
وفي حديث عَبْدِاللّه بن عَمْرو رضي اللّه عنهما حين ذَكَر البَصْرةَ فقال أَمَا إِنه لا يُخْرِجُ مِنْها أَهْلَها إِلاّ الأُلْبَةُ هي المَجاعةُ مأْخوذ من التَّأَلُّبِ التَّجَمُّعِ كأَنهم يَجْتَمِعُون في المَجاعةِ ويَخْرُجُون أَرْسالاً وأَلَّبَ بينهم أَفْسَدَ والتَّأْلِيبُ التَّحْرِيضُ يقال حَسُودٌ مُؤَلَّبٌ قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهُذَلِيُّ
بَيْنا هُمُ يَوْماً هُنالِكَ راعَهُمْ ... ضَبْرٌ لِباسُهُم القَتِيرُ مُؤَلَّبُ
والضَّبْرُ الجَماعةُ يَغْزُونَ والقَتِيرُ مَسامِيرُ الدِّرْعِ وأَرادَ بها ههنا الدُّرُوعَ نَفْسَها وراعَهُم أَفْزَعَهُم والأَلْبُ التَّدْبِيرُ على العَدُوِّ مِن حيث لا يَعْلَمُ ورِيحٌ أَلُوبٌ بارِدةٌ تَسْفي التُّراب وأَلَبَتِ السَّماءُ تَأْلِبُ وهي أَلُوبٌ دامَ مَطَرُها والأَلْبُ نَشاطُ السَّاقي ورجل أَلُوبٌ سَرِيعُ إِخْراج الدَّلو عن ابن الأَعرابي وأَنشد
تَبَشَّرِي بِماتِحٍ أَلُوبِ ... مُطَرِّحٍ لِدَلْوِه غَضُوبِ
وفي رواية مُطَرِّحٍ شَنَّتَه غَضُوبِ والأَلْبُ العَطَشُ وأَلَبَ الرَّجلُ حامَ حولَ الماء ولم يَقْدِرْ أَن يَصِل إِليه عن الفارسي أَبو زيد أَصابَتِ القومَ أُلْبةٌ وجُلْبةٌ أَي مَجاعةٌ شَديدةٌ والأَلْبُ مَيْلُ النَّفْسِ إِلى الهَوى ويقال أَلْبُ فُلانٍ معَ فُلانٍ أَي صَفْوُه مَعَه والأَلْبُ ابْتِداءُ بُّرْءِ الدُّمَّل وأَلِبَ الجُرْحُ أَلَباً وأَلَبَ يَأْلِبُ أَلْباً كلاهما بَرِئَ أَعْلاه وأَسْفَلُه نَغِلٌ فانْتَقَضَ وأَوالِبُ الزَّرْعِ والنَّخْلِ فِراخُه وقد أَلَبَتْ تَأْلِبُ والأَلَبُ لغة في اليَلَبِ ابن المظفر اليَلَبُ والأَلَبُ البَيْضُ من جُلُود الإِبل وقال بعضهم هو الفُولاذُ من الحَديدِ والإِلْبُ الفِتْرُ عن ابن جني ما بينَ الإِبْهامِ والسَّبَّابةِ والإِلْبُ شجرة شاكةٌ كأَنها شجرةُ الأُتْرُجِّ ومَنابِتها ذُرَى الجِبال وهي خَبِيثةٌ يؤخَذ خَضْبُها وأَطْرافُ أَفْنانِها فيُدَقُّ رَطْباً ويُقْشَبُ به اللَّحمُ ويُطْرَح للسباع كُلِّها فلا يُلْبِثُها إِذا أَكَلَتْه فإِن هي شَمَّتْه ولم تأْكُلْه عَمِيَتْ عنه وصَمَّتْ منه

( أنب ) أَنَّبَ الرَّجُلَ تَأْنِيباً عَنَّفَه ولامَه ووَبَّخَه وقيل بَكَّتَه والتَّأْنِيبُ أَشَدُّ العَذْلِ وهو التَّوْبِيخُ والتَّثْريبُ وفي حديث طَلْحةَ أَنه قال لَمَّا مات [ ص 217 ] خالِدُ بن الوَلِيد استَرْجَعَ عُمَرُ رضي اللّه عنهم فقلت يا أَميرَ المُؤْمِنينَ
أَلا أَراك بُعَيْدَ المَوْتِ تَنْدُبُنِي ... وفي حَياتيَ ما زَوَّدْتَنِي زادي
فقال عمر لا تُؤَنِّبْنِي التَّأْنِيبُ المُبالغة في التَّوْبِيخ والتَّعْنيف ومنه حديث الحَسَن بن عَليّ لمَّا صَالحَ مُعاوِيةَ رضي اللّه عنهم قيل له سَوَّدْتَ وُجُوهَ المُؤُمِنينَ فقال لا تُؤَنِّبْني ومنه حديث تَوْبةِ كَعْبِ ابن مالك رضي اللّه عنه ما زالُوا يُؤَنِّبُوني وأَنَّبَه أَيضاً سأَله فَجَبَهَه والأَنابُ ضَربٌ مِن العِطْرِ يُضاهي المِسْكَ وأَنشد
تَعُلُّ بالعَنْبَرِ والأَنابِ ... كَرْماً تَدَلَّى مِنْ ذُرَى الأَعْنابِ
يَعني جارِيةً تَعُلُّ شَعَرها بالأَنابِ والأَنَبُ الباذِنْجانُ واحدته أَنَبَةٌ عن أَبي حنيفة وأَصْبَحْتُ مُؤْتَنِباً إِذا لم تَشْتَهِ الطَّعامَ وفي حديث خَيْفانَ أَهْلُ الأَنابِيبِ هي الرِّماحُ واحدها أُنْبُوبٌ يعني المَطاعِينَ بالرِّماحِ

( أهب ) الأُهْبَةُ العُدَّةُ تَأَهَّبَ اسْتَعَدَّ وأَخَذ لذلك الأَمْرِ أُهْبَتَه أَي هُبَتَه وعُدَّتَه وقد أَهَّبَ له وتَأَهَّبَ وأُهْبَةُ الحَرْبِ عُدَّتُها والجمع أُهَبٌ والإِهابُ الجِلْد من البَقَر والغنم والوحش ما لم يُدْبَغْ والجمع القليل آهِبَةٌ أَنشد ابن الأَعرابي سُودَ الوُجُوهِ يأْكُلونَ الآهِبَهْ والكثير أُهُبٌ وأَهَبٌ على غير قياس مثل أَدَمٍ وأَفَقٍ وعَمَدٍ جمع أَدِيمٍ وأَفِيقٍ وعَمُودٍ وقد قيل أُهُبٌ وهو قِياس قال سيبويه أَهَبٌ اسم للجمع وليس بجمع إِهابٍ لأَن فَعَلاً ليس مما يكسر عليه فِعالٌ وفي الحديث وفي بَيْتِ النبي صلى اللّه عليه وسلم أُهُبٌ عَطِنةٌ أَي جُلودٌ في دِباغِها والعَطِنَةُ المُنْتِنةُ التي هي في دِباغِها وفي الحديث لو جُعِلَ القُرآنُ في إِهابٍ ثم أُلْقِيَ في النار ما احْتَرَقَ قال ابن الأَثير قيل هذا كان مُعْجِزةً للقُرآن في زمن النبي صلى اللّه عليه وسلم كما تكونُ الآياتُ في عُصُور الأَنْبِياء وقيل المعنى من عَلَّمه اللّه القُرآن لَم تُحْرِقْه نارُ الآخِرة فجُعِلَ جسْمُ حافِظِ القرآن كالإِهابِ له وفي الحديث أَيُّما إِهابٍ دُبِغَ فقد طَهُرَ ومنه قول عائشة في صفة أَبيها رضي اللّه عنهما وحَقَنَ الدِّماء في أُهُبها أَي في أَجْسادِها وأُهْبانُ اسم فيمن أَخَذَه من الإِهاب فإِن كان من الهبة فالهمزة بدل من الواو وهو مذكور في موضعه وفي الحديث ذِكْرُ أَهابَ ( 1 )
( 1 قوله « ذكرأهاب » في القاموس وشرحه } و { في الحديث ذكر أهاب } كسحاب { وهو } موضع قرب المدينة { هكذا ضبطه الصاغاني وقلده المجد وضبطه ابن الأثير وعياض وصاحب المراصد بالكسر ا ه ملخصاً وكذا ياقوت ) وهو اسم موضع بنواحِي المَدينةِ بقُرْبها قال ابن الأَثير ويقال فيه يَهابُ بالياءِ

( أوب ) الأَوْبُ الرُّجُوعُ آبَ إِلى الشيءِ رَجَعَ يَؤُوبُ أَوْباً وإِياباً وأَوْبَةٌ [ ص 218 ] وأَيْبَةً على المُعاقبة وإِيبَةً بالكسر عن اللحياني رجع وأوَّبَ وتَأَوَّبَ وأَيَّبَ كُلُّه رَجَعَ وآبَ الغائبُ يَؤُوبُ مآباً إِذا رَجَع ويقال لِيَهْنِئْكَ أَوْبةُ الغائِبِ أَي إِيابُه وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا أَقْبَلَ من سَفَر قال آيِبُونَ تائِبُون لربنا حامِدُونَ وهو جمع سلامة لآيب وفي التنزيل العزيز وإِنّ له عندنا لَزُلْفَى وحُسْنَ مآب أَي حُسْنَ المَرجِعِ الذي يَصِيرُ إِليه في الآخرة قال شمر كُلُّ شيء رجَعَ إِلى مَكانِه فقد آبَ يَؤُوبُ إِياباً إِذا رَجَع أَبو عُبَيْدةَ هو سريع الأَوْبَةِ أي الرُّجُوعِ وقوم يحوّلون الواو ياء فيقولون سَريعُ الأَيْبةِ وفي دُعاءِ السَّفَرِ تَوْباً لِربِّنا أَوْباً أَي تَوْباً راجعاً مُكَرَّراً يُقال منه آبَ يَؤُوبُ أَوباً فهو آيِبٌ ( 1 )
( 1 قوله « فهو آيب » كل اسم فاعل من آب وقع في المحكم منقوطاً باثنتين من تحت ووقع في بعض نسخ النهاية آئبون لربنا بالهمز وهو القياس وكذا في خط الصاغاني نفسه في قولهم والآئبة شربة القائلة بالهمز أيضاً ) وفي التنزيل العزيز إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُم وإِيَّابَهُمْ أَي رُجُوعَهم وهو فِيعالٌ من أَيَّبَ فَيْعَلَ وقال الفرَّاءُ هو بتخفيف الياء والتشديدُ فيه خَطَأٌ وقال الزجاج قُرئَ إِيَّابهم بالتشديد وهو مصدر أَيَّبَ إِيَّاباً على معنى فَيْعَلَ فِيعالاً من آبَ يَؤُوبُ والأَصل إِيواباً فأُدغمت الياء في الواو وانقلبت الواو إِلى الياء لأَنها سُبِقت بسكون قال الأَزهريّ لا أَدري من قرأَ إِيَّابهم بالتشديد والقُرّاءُ على إِيابهم مخففاً وقوله عز وجل يا جبالُ أَوِّبي مَعَه ويُقْرَأُ أُوبِي معه فمن قرأَ أَوِّبي معه فمعناه يا جِبالُ سَبِّحي معه وَرَجِّعي التَّسْبيحَ لأَنه قال سَخَّرْنا الجِبالَ معه يُسَبِّحْنَ ومن قرأً أُوبِي معه فمعناه عُودي معه في التَسْبيح كلما عادَ فيه والمَآبُ المَرْجِعُ
وَأْتابَ مثل آبَ فَعَلَ وافْتَعَل بمعنى قال الشاعر
ومَن يَتَّقْ فإِنّ اللّهَ مَعْهُ ... ورِزْقُ اللّهِ مُؤْتابٌ وغادي
وقولُ ساعِدةَ بن عَجْلانَ
أَلا يا لَهْفَ أَفْلَتَنِي حُصَيْبٌ ... فَقَلْبِي مِنْ تَذَكُّرِهِ بَليدُ
فَلَوْ أَنِّي عَرَفْتُكَ حينَ أَرْمِي ... لآبَكَ مُرْهَفٌ منها حَديدُ
يجوز أَن يكون آبَكَ مُتَعَدِّياً بنَفْسه أَي جاءَك مُرْهَفٌ نَصْلٌ مُحَدَّد ويجوز أَن يكون أَراد آبَ إِليكَ فحذف وأَوْصَلَ ورجل آيِبٌ من قَوْم أُوَّابٍ وأُيَّابٍ وأَوْبٍ الأَخيرة اسم للجمع وقيل جمع آيِبٍ وأَوَّبَه إِليه وآبَ به وقيل لا يكون الإِيابُ إِلاّ الرُّجُوع إِلى أَهله ليْلاً التهذيب يقال للرجل يَرْجِعُ بالليلِ إِلى أَهلهِ قد تَأَوَّبَهم وأْتابَهُم فهو مُؤْتابٌ ومُتَأَوِّبٌ مثل ائْتَمَره ورجل آيِبٌ من قوم أَوْبٍ وأَوَّابٌ كثير الرُّجوع إِلى اللّه عزوجل من ذنبه [ ص 219 ] والأَوْبَةُ الرُّجوع كالتَّوْ بةِ والأَوَّابُ التائِبُ قال أَبو بكر في قولهم رجلٌ أَوَّابٌ سبعةُ أَقوال قال قوم الأَوّابُ الراحِمُ وقال قوم الأَوّابُ التائِبُ وقال سعيد بن جُبَيْر الأَوّابُ المُسَّبِّحُ وقال ابن المسيب الأَوّابُ الذي يُذنِبُ ثم يَتُوب ثم يُذنِبُ ثم يتوبُ وقال قَتادةُ الأَوّابُ المُطيعُ وقال عُبَيد بن عُمَيْر الأَوّاب الذي يَذْكر ذَنْبَه في الخَلاءِ فيَسْتَغْفِرُ اللّهَ منه وقال أَهل اللغة الأَوّابُ الرَّجَّاعُ الذي يَرْجِعُ إِلى التَّوْبةِ والطاعةِ مِن آبَ يَؤُوبُ إِذا رَجَعَ قال اللّهُ تعالى لكُلِّ أَوّابٍ حفيظٍ قال عبيد
وكلُّ ذي غَيْبةٍ يَؤُوبُ ... وغائِبُ المَوتِ لا يَؤُوبُ
وقال تَأَوَّبَهُ منها عَقابِيلُ أَي راجَعَه وفي التنزيل العزيز داودَ ذا الأَيْدِ إِنه أَوّابٌ قال عُبَيْد بن عُمَيْر الأَوّابُ الحَفِيظُ ( 1 )
( 1 قوله « الأوّاب الحفيظ إلخ » كذا في النسخ ويظهر أن هنا نقصاً ولعل الأصل الذي لا يقوم من مجلسه حتى يكثر الرجوع إِلى اللّه بالتوبة والاستغفار ) الذي لا يَقوم من مجلسه وفي الحديث صلاةُ الأَوّابِينَ حِين ترْمَضُ الفِصالُ هو جَمْعُ أَوّابٍ وهو الكثيرُ الرُّجوع إِلى اللّه عز وجل بالتَّوْبَة وقيل هو المُطِيعُ وقيل هو المُسَبِّحُ يُريد صلاة الضُّحى عند ارتِفاعِ النهار وشِدَّة الحَرِّ وآبَتِ الشمسُ تَؤُوبُ إِياباً وأُيوباً الأَخيرة عن سيبويه غابَتْ في مَآبِها أَي في مَغِيبها كأَنها رَجَعت إِلى مَبْدَئِها قال تُبَّعٌ
فَرَأَى مَغِيبَ الشمسِ عندَ مَآبِها ... في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ وثَأْطٍ حَرْمَدِ ( 2 )
( 2 قوله « حرمد » هو كجعفر وزبرج )
وقال عتيبة ( 3 )
( 3 قوله « وقال عتيبة » الذي في معجم ياقوت وقالت امية بنت
عتيبة ترثي أباها وذكرت البيت مع أبيات ) بن الحرِث اليربوعي
تَرَوَّحْنا مِنَ اللَّعْباءِ عَصْراً ... وأَعْجَلْنا الأَلاهة أَنْ تَؤُوبا
أَراد قيل أَن تَغِيبَ وقال يُبادِرُ الجَوْنَةَ أَن تَؤُوبا وفي الحديث شَغَلُونا عن صَلاَةِ الوُسْطى حتى آبَتِ الشمسُ مَلأَ اللّهُ قُلوبهم ناراً أَي غَرَبَتْ من الأَوْبِ الرُّجوعِ لأَنها تَرجِعُ بالغروب إِلى الموضع الذي طَلَعَتْ منه ولو اسْتُعْمِلَ ذلك في طُلوعِها لكان وجهاً لكنه لم يُسْتَعْمَلْ وتَأَوَّبَه وتَأَيَّبَه على المُعاقَبةِ أَتاه ليلاً وهو المُتَأَوَّبُ والمُتَأَيَّبُ وفلان سَرِيع الأَوْبة وقوم يُحوِّلون الواو ياء فيقولون سريع الأَيْبةِ وأُبْتُ إِلى بني فلان وتَأَوَّبْتُهم إِذا أَتيتَهم ليلاً وتَأَوَّبْتُ إِذا جِئْتُ أَوّل الليل فأَنا مُتَأَوِّبٌ ومُتَأَيِّبٌ وأُبْتُ الماءَ وتَأَوَّبْتُه وأْتَبْتُه وردته ليلاً قال الهذليُّ
أَقَبَّ رَباعٍ بنُزْهِ الفَلا ... ةِ لا يَرِدُ الماءَ إِلاّ ائْتِيابَا
ومن رواه انْتِيابا فقد صَحَّفَه والآيِبَةُ أَنَ تَرِد الإِبلُ الماءَ كلَّ ليلة أَنشد ابن [ ص 220 ] الأَعرابي رحمه اللّه تعالى لا تَرِدَنَّ الماءَ إِلاّ آيِبَهْ أَخْشَى عليكَ مَعْشَراً قَراضِبَهْ سُودَ الوجُوهِ يأْكُلونَ الآهِبَهْ والآهِبةُ جمع إِهابٍ وقد تقدَّم والتَّأْوِيبُ في السَّيْرِ نَهاراً نظير الإِسْآدِ في السير ليلاً والتَّأْوِيبُ أَن يَسِيرَ النهارَ أَجمع ويَنْزِلَ الليل وقيل هو تَباري الرِّكابِ في السَّير وقال سلامةُ بن جَنْدَلٍ
يَوْمانِ يومُ مُقاماتٍ وأَنْدِيَةٍ ... ويومُ سَيْرٍ إِلى الأَعْداءِ تَأْوِيب
التَّأْوِيبُ في كلام العرب سَيرُ النهارِ كلِّه إِلى الليل يقال أَوَّبَ القومُ تَأْوِيباً أَي سارُوا بالنهار وأَسْأَدُوا إِذا سارُوا بالليل والأَوْبُ السُّرْعةُ والأَوْبُ سُرْعةُ تَقْلِيبِ اليَدَيْن والرجلين في السَّيْر قال
كأَنَّ أوْبَ مائحٍ ذِي أَوْبِ ... أَوْبُ يَدَيْها بِرَقاقٍ سَهْبِ
وهذا الرجز أَورد الجوهريُّ البيتَ الثاني منه قال ابن بري صوابه أَوْبُ بضم الباء لأَنه خبر كأَنّ والرَّقاقُ أَرضٌ مُسْتَوِيةٌ ليِّنةُ التُّراب صُلْبةُ ما تحتَ التُّراب والسَّهْبُ الواسِعُ وصَفَه بما هو اسم الفَلاةِ وهو السَّهْبُ وتقول ناقةٌ أَؤُوبٌ على فَعُولٍ وتقول ما أَحْسَنَ أَوْبَ دَواعِي هذه الناقةِ وهو رَجْعُها قوائمَها في السير والأَوْبُ تَرْجِيعُ
الأَيْدِي والقَوائِم قال كعبُ بن زهير
كأَنَّ أَوْبَ ذِراعَيْها وقد عَرِقَتْ ... وقد تَلَفَّعَ بالقُورِ العَساقِيلُ
أَوْبُ يَدَيْ ناقةٍ شَمْطاءَ مُعْوِلةٍ ... ناحَتْ وجاوَبَها نُكْدٌ مَثاكِيلُ
قال والمُآوَبةُ تَباري الرِّكابِ في السير وأَنشد وإِنْ تُآوِبْه تَجِدْه مِئْوَبا وجاؤُوا من كلّ أَوْبٍ أَي مِن كُلِّ مآبٍ ومُسْتَقَرٍّ وفي حديث أنس رضي اللّه عنه فَآبَ إِلَيهِ ناسٌ أَي جاؤُوا إِليه من كل ناحيَةٍ وجاؤُوا مِنْ كُلّ أَوْبٍ أَي من كل طَرِيقٍ ووجْهٍ وناحيةٍ وقال ذو الرمة يصف صائداً رمَى الوَحْشَ
طَوَى شَخْصَه حتى إِذا ما تَوَدَّفَتْ ... على هِيلةٍ مِنْ كُلِّ أَوْبٍ نِفَالها
على هِيلةٍ أَي على فَزَعٍ وهَوْلٍ لما مَرَّ بها من الصَّائِد مرَّةً بعدَ أُخرى مِنْ كُلِّ أَوْبٍ أَي من كل وَجْهٍ لأَنه لا مكمن لها من كل وَجْهٍ عن يَمينها وعن شِمالها ومن خَلْفِها ورَمَى أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي وَجْهاً أَو وَجْهَيْنِ ورَمَيْنا أَوْباً أَو أَوْبَيْنِ أَي رِشْقاً أَو رِشْقَيْن والأَوْبُ القَصْدُ والاسْتِقامةُ وما زالَ ذلك أَوْبَه أَي عادَتَه وهِجِّيراهُ عن اللحياني والأَوْبُ النَّحْلُ وهو اسم جَمْع كأَنَّ الواحِدَ آيِبٌ قال الهذليُّ
رَبَّاءُ شَمَّاء لا يَأْوِي لِقُلَّتها ... إِلاّ السَّحابُ وإِلاّ الأَوْبُ والسَّبَلُ
وقال أَبو حنيفة سُمِّيت أَوْباً لإِيابِها إِلى المَباءة قال وهي لا تزال في مَسارِحِها ذاهِبةً وراجِعةً [ ص 221 ] حتى إِذا جَنَحَ الليلُ آبَتْ كُلُّها حتى لا يَتَخَلَّف منها شيء ومَآبةُ البِئْر مثل مَباءَتِها حيث يَجْتَمِع إِليه الماءُ فيها
وآبَه اللّهُ أَبْعَدَه دُعاءٌ عليه وذلك إِذا أَمَرْتَه بِخُطَّةٍ فَعَصاكَ ثم وقَع فيما تَكْرَهُ فأَتاكَ فأَخبرك بذلك فعند ذلك تقول له آبَكَ اللّهُ وأَنشد ( 1 )
( 1 قوله « وأنشد » أي لرجل من بني عقيل يخاطب
قلبه فآبك هلاّ إلخ وأنشد في الأساس بيتا قبل هذا
أخبرتني يا قلب أنك ذوعرا ... بليلي فذق ما كنت قبل تقول )
فآبَكَ هَلاَّ واللَّيالِي بِغِرَّةٍ ... تُلِمُّ وفي الأَيَّامِ عَنْكَ غُفُولُ
وقال الآخر
فآبَكِ ألاَّ كُنْتِ آلَيْتِ حَلْفةً ... عَلَيْهِ وأَغْلَقْتِ الرِّتاجَ المُضَبِّبا
ويقال لمن تَنْصَحُه ولا يَقْبَلُ ثم يَقَعُ فيما حَذَّرْتَه منه آبَكَ مثل وَيْلَكَ وأَنشد سيبويه
آبَكَ أَيّهْ بِيَ أَو مُصَدِّرِ ... مِنْ خُمُر الجِلَّةِ جَأْبٍ حَشْوَرِ
وكذلك آبَ لَك وأَوَّبَ الأَدِيمَ قَوَّرَه عن ثعلب ابن الأَعرابي يقال أَنا عُذَيْقُها المُرَجَّبُ وحُجَيْرُها المُأَوَّبُ قال المُأَوَّبُ المُدَوَّرُ المُقَوَّرُ المُلَمْلَمُ وكلها أَمثال وفي ترجمة جلب ببيت للمتنخل
قَدْ حالَ بَيْنَ دَرِيسَيْهِ مُؤَوِّبةٌ ... مِسْعٌ لها بعِضاهِ الأَرضِ تَهْزِيزُ
قال ابن بري مُؤَوِّبةُ رِيحٌ تأْتي عند الليل وآبُ مِن أَسماءِ الشهور عجمي مُعَرَّبٌ عن ابن الأَعرابي ومَآبُ اسم موضِعٍ ( 2 )
( 2 قوله « اسم موضع » في التكملة مآب مدينة من نواحي البلقاء وفي القاموس بلد بالبلقاء ) من أَرض البَلْقاء قال عبدُاللّه بن رَواحةَ
فلا وأَبي مَآبُ لَنَأْتِيَنْها ... وإِنْ كانَتْ بها عَرَبٌ ورُومُ

( أيب ) ابن الأَثير في حديث عكرمة رضي اللّه عنه قال كان طالوتُ أَيَّاباً قال الخطابي جاءَ تفسيره في الحديث أَنه السَّقاءُ

( بأب ) فَرَسٌ بُؤَبٌ قَصِير غلِيظُ اللَّحم فسيحُ الخَطْوِ بَعيدُ القَدْرِ

( ببب ) بَبَّةُ حكاية صو صبي قالت هِنْدُ بنتُ أَبي سُفْيانَ تُرَقِّصُ ابْنها عبدَاللّهِ بنَ الحَرِث لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جارِيةً خِدَبَّهْ مُكْرَمةً مُحَبَّه تَجُبُّ أَهلَ الكَعْبه أَي تَغْلِبُ نساءَ قُرَيْشٍ في حُسْنِها ومنه قول الراجِز جَبَّتْ نِساءَ العالَمينَ بالسَّبَبْ [ ص 222 ] وسنذكره إِن شاءَ اللّه تعالى وفي الصحاح بَبَّةُ اسم جارية واستشهد بهذا الرجز قال الشيخ ابن بري هذا سَهْوٌ لأَن بَبَّةَ هذا هو لقب عبدِاللّه بن الحرث بن نَوْفل بن عبدالمطلب والي البصرة كانت أُمه لقَّبَتْه به في صِغَره لكثرة لَحْمِه والرجز لأُمه هِنْدَ كانت تُرَقِّصُه به تريد لأُنْكِحَنَّه إِذا بلَغَ جارِيةً هذه صفتها وقد خَطَّأَ أَبو زكريا أَيضاً الجَوْهَريَّ في هذا المكان غيره بَبَّةُ لقَب رجل من قريش ويوصف به الأَحْمَقُ الثَّقِيلُ والبَبَّةُ السَّمِينُ وقيل الشابُّ المُمْتَلئُ البَدنِ نَعْمةً حكاه الهروِيُّ في الغريبين قال وبه لُقِّب عبدُاللّه بن الحرث لكثرة لحمه في صِغَره وفيه يقول الفرزدق
وبايَعْتُ أَقْواماً وفَيْتُ بعَهْدِهِمْ ... وبَبَّةُ قد بايَعْتُه غيرَ نادِمِ
وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما سَلَّم عليه فَتىً من قُرَيْشٍ فَردَّ عليه مثْلَ سَلامِه فقال له ما أَحْسِبُكَ أَثْبَتَّنِي قال أَلسْتَ بَبَّةً ؟ قال ابن الأَثير يقال للشابِّ المُمْتَلِئِ البَدنِ نَعْمَةً وشَباباً بَبَّةٌ والبَبُّ الغلامُ السائلُ وهو السَّمِينُ ويقال تَبَبَّبَ إِذا سَمِنَ وبَبَّةُ صَوتٌ من الأَصْوات وبه سُمِّيَ الرجل وكانت أُمه تُرَقِّصه به وهم على بَبَّانٍ واحد وبَبانٍ ( 1 )
( 1 قوله « وهم على ببان إلخ » عبارة القاموس وهم ببان واحد وعلى ببان واحد ويخفف ا ه فيستفاد منه استعمالات أربعة ) أَي على طَريقةٍ قال وأُرَى بَباناً محذوفاً من بَبَّانٍ لأَنَّ فَعْلانَ أَكثر من فَعالٍ وهم بَبَّانٌ واحِدٌ أَي سَواءٌ كما يقال بَأْجٌ واحِدٌ قال عمر رضي اللّه عنه لَئن عِشْتُ إِلى قابل لأُلْحِقَنَّ آخِرَ الناسِ بأَوَّلِهم حتى يكونوا بَبَّاناً واحِداً وفي طريق آخر إِنْ عِشْتُ فَسَأَجْعَلُ الناسَ بَبَّاناً واحِداً يريد التَّسويةَ في القَسْمِ وكان يُفَضِّل المُجاهِدِينَ وأَهلَ بَدْر في العَطاءِ قال أَبو عبدالرحمن بن مهدي يعني شيئاً واحداً قال أَبو عُبَيْدٍ وذاك الذي أَراد قال ولا أحْسِبُ الكلمةَ عَربيةً قال ولم أَسمعها في غير هذا الحديث وقال أَبو سَعيد الضَّريرُ لا نَعْرفُ بَبَّاناً في كلام العرب قال والصحيح عندنا بَيَّاناً واحداً قال وأَصلُ هذه الكلمة أَنَّ العرب تقول إِذا ذَكَرت من لا يُعْرَفُ هذا هَيَّانُ بنُ بَيَّانَ كما يقال طامرُ بنُ طامِرٍ قال فالمعنى لأُسَوِّيَنَّ بينهم في العَطاءِ حتى يكونوا شيئاً واحداً ولا أُفَضِّلُ أَحداً على أَحد قال الأَزهريُّ ليس كما ظَنَّ وهذا حديث مشهور رواه أَهلُ الإِتْقانِ وكأَنها لغة يمَانِيَةٌ ولم تَفْشُ في كلام مَعَدٍّ وقال الجوهري هذا الحرف هكذا سُمِعَ وناسٌ يَجْعلونه هيَّانَ بنَ بَيَّانَ قال وما أُراه محفوظاً عن العرب قال أَبو منصور بَبَّانُ حَرْف رواه هشام بن سعد وأَبو معشر عن زيد بن أَسْلَم عن أَبيه سمعت عُمَر ومِثْلُ هؤُلاءِ الرُّواة لا يُخْطِئُونَ فيُغَيِّرُوا وبَبَّانُ وإِن لم يكن عربياً مَحْضاً فهو صحيح بهذا المعنى وقال الليث بَبَّانُ على تقدير فَعْلانَ ويقال على تقدير فَعَّالٍ قال والنون أَصلية ولا يُصَرَّفُ منه فِعْلٌ قال وهو والبَأْجُ بمعنى واحد قال أَبو منصور وكان رَأْيُ عمرَ رضي اللّه عنه في أَعْطِيةِ الناس التَّفْضِيلَ على السَّوابِقِ وكان رأْيُ أَبي بكرٍ رضي اللّه عنه التَّسْوِيةَ ثم رجَع عمرُ إِلى رأْي أَبي بكر [ ص 223 ] والأَصل في رجوعه هذا الحديث قال الأَزهري وبَبَّانُ كأَنها لغة يمَانِيةٌ وفي رواية عن عمر رضي اللّه عنه لولا أَن أَتْرُكَ آخِرَ الناسِ بَبَّاناً واحداً ما فُتِحَتْ عليَّ قَريةٌ إِلا قَسَمْتُها أَي أَتركهم شيئاً واحداً لانه إِذا قَسَمَ البِلادَ المفتوحة على الغانِمين بقي من لم يَحْضُرِ الغَنِيمةَ ومَن يَجِيءُ بَعْدُ من المسلمين بغير شيءٍ منها فلذلك ترَكَها لتكون بينهم جَمِيعهم وحكى ثعلب الناسُ بَبَّانٌ واحِد لا رأْسَ لهم قال أَبو علي هذا فَعَّالٌ من باب كَوْكَبٍ ولا يكون فَعْلانَ لأَن الثلاثة لا تكون من موضع واحد قال وبَبَّةُ يَرُدُّ قول أَبي علي

( بوب ) البَوْباةُ الفَلاةُ عن ابن جني وهي المَوْماةُ وقال أَبو
حنيفة البَوْباةُ عَقَبةٌ كَؤُودٌ على طريقِ مَنْ أَنْجَدَ من حاجِّ اليَمَن والبابُ معروف والفِعْلُ منه التَّبْوِيبُ والجمعُ أَبْوابٌ وبِيبانٌ فأَما قولُ القُلاخِ بن حُبابةَ وقيل لابن مُقْبِل
هَتَّاكِ أَخْبِيةٍ وَلاَّجِ أَبْوِبةٍ ... يَخْلِطُ بالبِرِّ منه الجِدَّ واللِّينا ( 1 )
( 1 قوله « هتاك إلخ » ضبط بالجر في نسخة من المحكم وبالرفع في التكملة وقال فيها والقافية مضمومة والرواية ملء الثواية فيه الجدّ واللين )
فإِنما قال أَبْوِبةٍ للازدواج لمكان أَخْبِيةٍ قال ولو أَفرده لم يجز
وزعم ابن الأَعرابي واللحياني أَنَّ أَبْوِبةً جمع باب من غير أَن يكون إِتباعاً وهذا نادر لأَن باباً فَعَلٌ وفَعَلٌ لا يكسّر على
أَفْعِلةٍ وقد كان الوزيرُ ابن المَغْربِي يَسْأَلُ عن هذه اللفظة على سبيلِ الامْتِحان فيقول هل تعرف لَفظَةً تُجْمع على أَفْعِلةٍ على غير قياس جَمْعِها المشهور طَلَباً للازدواج يعني هذه اللفظةَ وهي أَبْوِبةٌ قال وهذا في صناعةِ الشعر ضَرْبٌ من البَدِيع يسمى التَّرْصِيعَ قال ومما يُسْتَحْسَنُ منه قولُ أَبي صَخْرٍ الهُذلِي في صِفَة مَحْبُوبَتِه
عَذْبٌ مُقَبَّلُها خَدْل مُخَلْخَلُها ... كالدِّعْصِ أَسْفَلُها مَخْصُورة القَدَمِ
سُودٌ ذَوائبُها بِيض تَرائبُها ... مَحْض ضَرائبُها صِيغَتْ على الكَرَمِ
عَبْلٌ مُقَيَّدُها حالٍ مُقَلَّدُها ... بَضّ مُجَرَّدُها لَفَّاءُ في عَمَمِ
سَمْحٌ خَلائقُها دُرْم مَرافِقُها ... يَرْوَى مُعانِقُها من بارِدٍ شَبِمِ
واسْتَعار سُوَيْد بن كراع الأَبْوابَ للقوافِي فقال
أَبِيتُ بأَبْوابِ القَوافِي كأَنَّما ... أَذُودُ بها سِرْباً مِنَ الوَحْشِ نُزَّعا
والبَوَّابُ الحاجِبُ ولو اشْتُقَّ منه فِعْلٌ على فِعالةٍ لقيل بِوابةٌ باظهار الواو ولا تُقْلَبُ ياءً لأَنه ليس بمصدر مَحْضٍ إِنما هو اسم قال وأَهلُ البصرة في أَسْواقِهم يُسَمُّون السَّاقِي الذي يَطُوف عليهم بالماءِ بَيَّاباً ورجلٌ بَوّابٌ لازم للْباب وحِرْفَتُه البِوابةُ وبابَ للسلطان يَبُوبُ صار له بَوَّاباً وتَبَوَّبَ بَوَّاباً اتخذه وقال بِشْرُ بن أبي خازم
فَمَنْ يَكُ سائلاً عن بَيْتِ بِشْرٍ ... فإِنَّ له بجَنْبِ الرَّدْهِ بابا
[ ص 224 ] إِنما عنى بالبَيْتِ القَبْرَ ولما جَعَله بيتاً وكانت البُيوتُ ذواتِ أَبْوابٍ اسْتَجازَ أَن يَجْعل له باباً وبَوَّبَ الرَّجلُ إِذا حَمَلَ على العدُوّ والبابُ والبابةُ في الحُدودِ والحِساب ونحوه الغايةُ وحكى سيبويه بيَّنْتُ له حِسابَه باباً باباً وباباتُ الكِتابِ سطورهُ ولم يُسمع ما بواحدٍ وقيل هي وجوهُه وطُرُقُه قال تَمِيم بن مُقْبِلٍ
بَنِي عامرٍ ما تأْمُرون بشاعِرٍ ... تَخَيَّرَ باباتِ الكتابِ هِجائيا
وأَبوابٌ مُبَوَّبةٌ كما يقال أَصْنافٌ مُصَنَّفَةٌ ويقال هذا شيءٌ منْ بابَتِك أَي يَصْلُحُ لك ابن الأَنباري في قولهم هذا مِن بابَتي قال ابن السكيت وغيره البابةُ عند العَرَب الوجْهُ والباباتُ الوُجوه وأَنشد بيت تميم بن مقبل تَخَيَّرَ باباتِ الكِتابِ هِجائِيا قال معناه تَخَيَّرَ هِجائي مِن وُجوه الكتاب فإِذا قال الناسُ مِن بابَتِي فمعناه من الوجْهِ الذي أُريدُه ويَصْلُحُ لي أَبو العميثل البابةُ الخَصْلةُ والبابِيَّةُ الأُعْجوبةُ قال النابغة الجعدي
فَذَرْ ذَا ولكِنَّ بابِيَّةً ... وَعِيدُ قُشَيْرٍ وأَقْوالُها
وهذا البيت في التهذيب
ولكِنَّ بابِيَّةً فاعْجَبوا ... وَعِيدُ قُشَيْرٍ وأَقْوالُها
بابِيَّةٌ عَجِيبةٌ وأَتانا فلان بِبابيَّةٍ أَي بأُعْجوبةٍ وقال الليث البابِيَّةُ هَدِيرُ الفَحْل في تَرْجِيعه ( 1 )
( 1 قوله « الليث البابية هدير الفحل إلخ » الذي في التكملة وتبعه المجد البأببة أي بثلاث باءات كما ترى هدير الفحل قال رؤبة
إِذا المصاعيب ارتجسن قبقبا ... بخبخة مراً ومراً بأببا
ا ه فقد أورده كل منهما في مادة ب ب ب لا ب و ب وسلم المجد من التصحيف والرجز الذي أورده الصاغاني يقضي بان المصحف غير المجد فلا تغتر بمن سوّد الصحائف ) تَكْرار له وقال رؤْبة بَغْبَغَةَ مَرّاً ومرّاً بابِيا وقال أيضاً
يَسُوقُها أَعْيَسُ هَدّارٌ بَبِبْ ... إِذا دَعاها أَقْبَلَتْ لا تَتَّئِبْ ( 2 )
( 2 وقوله « يسوقها أعيس إلخ » أورده الصاغاني أيضاً في ب ب ب )
وهذا بابةُ هذا أَي شَرْطُه
وبابٌ موضع عن ابن الأَعرابي وأَنشد
وإِنَّ ابنَ مُوسى بائعُ البَقْلِ بالنَّوَى ... له بَيْن بابٍ والجَرِيبِ حَظِيرُ
والبُوَيْبُ موضع تِلْقاء مِصْرَ إِذا بَرَقَ البَرْقُ من قِبَله لم يَكَدْ يُخْلِفُ أَنشد أَبو العَلاءِ
أَلا إِنّما كان البُوَيْبُ وأَهلُه ... ذُنُوباً جَرَتْ مِنِّي وهذا عِقابُها
والبابةُ ثَغْرٌ من ثُغُورِ الرُّومِ والأَبوابُ ثَغْرٌ من ثُغُور الخَزَرِ وبالبحرين موضع يُعرف ببابَيْنِ وفيه يقول قائلهم
إِنَّ ابنَ بُورٍ بَيْنَ بابَيْنِ وجَمْ ... والخَيْلُ تَنْحاهُ إِلى قُطْرِ الأَجَمْ
[ ص 225 ]
وضَبَّةُ الدُّغْمانُ في رُوسِ الأَكَمْ ... مُخْضَرَّةً أَعيُنُها مِثْلُ الرَّخَمْ=

============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جلد 3. الحيوان للجاحظ /الجزء الثالث

  الجزء الثالث بسم الله الرحمن الرحيم فاتحة استنشاط القارئ ببعض الهزل وإن كنَّا قد أمَلْلناك بالجِدِّ وبالاحتجاجاتِ الصحيحة والم...