كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس


مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 مايو 2022

مجلد 5.الموسوعة القرآنية ، ج 3 ، ص : 422.

5

مجلد 5.الموسوعة القرآنية ، ج 3 ، ص : 422 .

 
رقم مسلسل/ الآية/ رقم الآية/ مكان النزول/ السورة/ رقم السورة 6222/ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً/ 102/ مكية/ طه/ 20 6223/ يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبارَها/ 4/ مدنية/ الزلزلة/ 99 6224/ يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفى مِنْكُمْ خافِيَةٌ/ 18/ مكية/ الحاقة/ 69 6225/ يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ/ 109/ مكية/ طه/ 20 6226/ يَوْمَئِذٍ يَتَّبِعُونَ الدَّاعِيَ لا عِوَجَ لَهُ/ 108/ مكية/ طه/ 20 6227/ يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتاتاً لِيُرَوْا أَعْمالَهُمْ/ 6/ مدنية/ الزلزلة/ 99 6228/ يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ/ 42/ مدنية/ النساء/ 4 6229/ يَوْمَئِذٍ يُوَفِّيهِمُ اللَّهُ دِينَهُمُ الْحَقَّ/ 25/ مدنية/ النور/ 24 ملاحظة : هذا العدد تنقصه أرقام قليلة جاءت محمولة على غيرها ، أعنى مشارا إليها برقم واحد لاتفاقها مع المحمولة عليها.

(1/1321)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 5
الجزء الرابع
الباب الثامن وجوه الإعراب فى القرآن
- 1 - الاستفتاح
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم كسرت الباء من «بسم اللّه» لتكون حركتها مشبهة لعملها ، وحذفت الألف خطا لكثرة الاستعمال ، أو تخففا ، ولا تحذف إلا فى «بسم» فقط ، فإن دخلت على «اسم» غير «الباء» لم يجز الحذف.
وموضع «بسم» رفع عند البصريين ، على إضمار مبتدأ ، تقديره : ابتدائى بسم اللّه ، فالباء على هذا متعلقة بالخبر الذي قامت «الباء» مقامه ، تقديره : ابتدائى ثابت ، أو مستقر ، بسم اللّه.
ولا يحسن تعلق الباء بالمصدر الذي هو مضمر ، لأنه يكون داخلا فى صلته ، فيبقى الابتداء بغير خبر.
وقال الكوفيون : «بسم اللّه» ، فى موضع نصب على إضمار فعل ، تقديره : ابتدأت بسم اللّه ، فالباء على هذا متعلقة بالفعل المحذوف.
«
اللّه» ، أصله : «إلاه» ، ثم دخلت الألف واللام فصار : «الإلاه» ، فخففت الهمزة بإلقاء حركتها على اللام الأولى ، ثم أدغمت الأولى فى الثانية.
وقيل : أصله «لاه» ، ثم دخلت الألف واللام عليه فلزمتا للتعظيم ، ووجب الإدغام لسكون الأول من المثلين
- 1 - سورة الحمد
2 - الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «السورة» ، يحتمل أن يكون معناها : الرفعة ، من : سورة البناء ، فلا يجوز همزها ، ويحتمل أن يكون معناها : قطعة من القرآن ، من قولك : أسأرت فى الإناء ، أي : أبقيت فيه بقية ، فيجوز همزها على هذا. وقد أجمع القراء على ترك همزها ، فتحتمل الوجهين جميعا.
«الحمد للّه» : الحمد ، رفع بالابتداء ، و«للّه» الخبر. والابتداء عامل معنوى غير ملفوظ به. ويجوز نصبه على المصدر. وكسرت اللام فى «للّه» كما كسرت «الباء» فى «بسم».
وقال سيبويه : أصل اللام أن تكون مفتوحة ، بدلالة انفتاحها مع المضمر ، والإضمار يرد الأشياء إلى أصولها ، وإنما كسرت مع الظاهر ، للفرق بينها وبين لام التأكيد ، وهى متعلقة بالخبر الذي قامت مقامه ، والتقدير :
الحمد ثابت للّه ، أو مستقر ، وشبهه.

(1/1322)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 6
«رب العالمين» : يجوز نصبه على النداء ، أو على المدح ، ويجوز رفعه على تقدير : هو رب العالمين ، ولكن لا يقرأ إلا بما روى وصح عن الثقات المشهورين عن الصحابة والتابعين.
4 - مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ «ملك يوم الدين» يجوز فيه ما جاز في «رب العالمين». و«يوم الدين» ، ظرف جعل مفعولا على لسعة ، فلذلك أضيف إليه «ملك» ، وكذلك فى قراءة من قرأ «مالك» بألف.
وأما من قرأ «ملك» ، فلا بد من تقدير مفعول محذوف ، تقديره : ملك يوم الدين الفصل ، أو القضاء ونحوه 5 - إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ «إياك نعبد» : إياك ، اسم مضمر أضيف إلى الكاف ، ولا يعلم اسم مضمر أضيف غيره.
وقيل : «الكاف» الاسم ، و«ايا» أتى بها لتعتمد الكاف عليها ، إذ لا تقوم بنفسها.
و قال المبرد : ايا ، اسم مبهم أضيف للتخصيص ، ولا يعرف اسم مبهم أضيف غيره.
وقال الكوفيون : إياك ، بكماله : اسم مضمر ، ولا يعرف اسم مضمر متغير آخره غير هذا ، فتقول : إياه ، وإياها ، وإياكم.
وهو منصوب ب «نعبد» ، مفعول مقدم ، ولو تأخر لم ينفصل ولصار «كافا» متصلة ، فقلت : نعبدك.
«نستعين» ، أصله : نستعون ، لأنه من «العون» ، فألقيت حركة الواو على العين ، فانكسرت العين وسكنت الواو ، فانقلبت ياء ، لإنكسار ما قبلها.
6 - اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ «اهدنا» : دعاء وطلب وسؤال ، ومجراه فى الإعراب مجرى الأمر ، وهو يتعدى إلى مفعولين ، وهما هنا :
و الصراط ، ويجوز الاقتصار على أحدهما.
«المستقيم» : أصله : المستقوم ، فانتقلت حركة الواو إلى الساكن الصحيح قبلها ، فأصبحت الواو ساكنة بعد كسر ، فقلبت ياء.
7 - صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ «صراط الّذين أنعمت عليهم» ، بدل من «الصراط» الأول ، و«الذين» اسم مبهم مبنى ناقص يحتاج إلى صلة وعائد ، وهو غير معرب فى الواحد والجمع ، ويعرب فى التثنية. و«أنعمت عليهم» صلة «الذين» ، و«الهاء والميم» عائد.
«غير المغضوب» : غير ، اسم مبهم ، إلا أنه أعرب للزومه الإضافة ، وخفض على البدل ب «الذين» ،

(1/1323)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 7
أو على النعت لهم ، إذ لا يقصد قصد أشخاص بأعيانهم ، فجروا مجرى النكرة ، فجاز أن يكون «غير» نعتا لهم ، ومن أصل «غير» أنها نكرة وإن أضيفت إلى معرفة ، لأنها لا تدل على شىء معين.
وإن شئت خفضت «غير» على البدل من الهاء ، أو نصبتها على الحال من الهاء والميم فى «عليهم» ، أو من «الذين» إذ لفظهما لفظ المعرفة.
وإن شئت نصبته على الاستثناء المنقطع عند البصريين.
ومنعه الكوفيون لأجل دخول «لا».
وإن شئت نصبته على إضمار «أعنى».
«
عليهم» ، فى موضع رفع ، مفعول لم يسم فاعله ل «المغضوب» ، لأنه بمعنى : الذين غضب عليهم ولا ضمير فيه ، إذ لا يتعدى إلا بحرف جر ، فلذلك لم يجمع.
«و لا الضّالين» : لا ، زائدة للتوكيد ، عند البصريين ، وبمعنى «غير» عند الكوفيين.
ومن العرب من يبدل من الحرف الساكن ، الذي قبل المشدد ، همزة ، فيقول : ولا الضألين ، وبه قرأ أيوب السختياني.
- 2 - سورة البقرة
1 - الم «آلم» : أحرف مقطعة محكية ، لا تعرب إلا أن يخبر عنها أو يعطف بعضها على بعض. وموضع «ألم» نصب على معنى : اقرأ «آلم».
ويجوز أن يكون موضعها رفعا على معنى : هذا آلم ، أو ذلك ، أو هو.
ويجوز أن يكون موضعها خفضا ، على قول من جعله قسما.
والفراء يجعل «الم» ابتداء ، و«ذلك» الخبر ، وأنكره الزجاج.
2 - ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ «ذلك» ، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ ، أو على الابتداء وتضمر الخبر ، و«ذا» اسم مبهم مبنى. والاسم عند الكوفيين الذال ، والألف زيدت لبيان الحركة والتقوية. و«ذلك» ، بكماله ، هو الاسم عند البصريين ، وجمعه : أولاء.

(1/1324)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 8
و اللام فى «ذلك» ، لام التأكيد ، دخلت لتدل على بعد المشار إليه ، وقيل : دخلت لتدل على أن «ذا» ليس بمضاف إلى «الكاف» ، وكسرت اللام للفرق بينها وبين لام الملك ، وقيل : كسرت لسكونها وسكون الألف قبلها.
والكاف ، للخطاب ، لا موضع لها من الإعراب ، لأنها لا تخلو أن تكون فى موضع رفع أو نصب أو خفض ، فلا يجوز أن تكون فى موضع رفع ، لأنه لا رافع قبلها ، وليست «الكاف» من علامات المضمر المرفوع ، ولا يجوز أن تكون فى موضع نصب ، إذ لا عامل قبلها ينصبها ، ولا يجوز أن تكون فى موضع خفض ، لأن ما قبلها لا يضاف ، وهو المبهم ، فلما بطلت الوجوه الثلاثة علم أنها للخطاب لا موضع لها فى الإعراب.
«الكتاب» ، بدل من «ذا» ، أو عطف بيان ، أو خبر «ذلك».
«
لا ريب فيه» : لا مرية ، و«لا ريب» ، كاسم واحد ، ولذلك بنى «ريب» على الفتح ، لأنه مع «لا» كخمسة عشر ، وهو فى موضع رفع خبر «ذلك».
«هدى» : فى موضع نصب على الحال من «ذا» ، أو من «الكتاب» ، أو من المضمر المرفوع فى «فيه» ، والعامل فيه ، إذا كان حالا من «ذا» أو من «الكتاب» ، معنى الإشارة ، فإن كان حالا من المضمر المرفوع فى «فيه» ، فالعامل فيه معنى الاستقرار ، و«فيه» ، الخبر ، فتقف على هذا القول على «ريب».
ويجوز أن يكون مرفوعا على إضمار مبتدأ ، أو على أنه خبر «ذلك» ، أو على أنه خبر بعد خبر.
«المتقين» ، وزنه : المفتعلين ، وأصله : الموتقين ، ثم أدغمت الواو فى الياء فصارت ياء مشددة ، وأسكنت الياء الأولى استثقالا للكسرة عليها ، ثم حذفت لسكونها وسكون ياء الجمع بعدها.
3 - الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ «الذين يؤمنون بالغيب» : «الذين» فى موضع خفض نعت «للمتقين» ، أو بدل منهم ، أو فى موضع نصب على إضمار : «أعنى» ، أو فى موضع رفع ، أو فى موضع إضمار مبتدأ ، أو على الابتداء والخبر.
«يقيمون» : أصله : يقومون ، بعد حذف الهمزة ، ثم ألقيت حركة الواو على القاف ، وانكسرت وانقلبت الواو ياء ، لسكونها أو لانكسار ما قبلها ، ووزنه يفعلون ، مثل : يؤمنون.
«الصّلاة» : أصلها : صلوة ، دل عليه قولهم «صلوات» ، فوزنها فعلة.
5 - أُولئِكَ عَلى هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «أولئك» : خبر «الذين» ، أو مبتدأ ، إن لم يجعل «الذين» مبتدأ ، والخبر «على هدى».

(1/1325)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 9
«هدى» ، مقصور منصرف ، وزنه «فعل» ، وأصله «هدى» ، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، والألف ساكنة والتنوين ساكن ، فحذفت الألف لالتقاء الساكنين ، وصار التنوين تابعا لفتحة الدال ، فلا يتغير فى كل الوجوه ، وكذلك العلة فى جميع ما كان مثله.
«
أولئك» : اسم مبهم للجماعة ، وهو مبنى على الكسر لا يتغير ، وبنى لمشابهة الحروف ، و«الكاف» للخطاب ، ولا موضع لها من الإعراب ، وواحد «أولئك» : ذاك ، وإن كان للمؤنث فواحده : «ذى» ، أو : «تى» 6 - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «سواء عليهم» : ابتداء ، وما بعده من ذكر الإنذار خبره ، والجملة خبر «إن» ، و«الذين» اسم «إن» ، وصلته : «كفروا».
«أ أنذرتهم» : الألف ألف تسوية ، لأنها أوجبت أن الإنذار لمن سبق له فى علم اللّه الشقاء ، أي : فسواء عليه الإنذار وتركه ، سواء عليهم لا يؤمنون أبدا ولفظه (أ) لفظ الاستفهام ، ولذلك أتت بعدها «أم».
ويجوز أن يكون «سواء» خبر ، وما بعده فى موضع رفع بفعله. هو «سواء». ويجوز أن يكون خبر «أن» : لا يؤمنون.
7 - خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «و على سمعهم» : إنما وحد ولم يجمع كما جمعت «القلوب» ، و«الأبصار» لأنه مصدر.
وقيل : تقديره : وعلى مواضع سمعهم.
«غشاوة» رفع بالابتداء ، والخبر «و على أبصارهم» ، والوقف على «سمعهم» حسن. وقد قرأ عاصم بالنصب على إضمار فعل ، كأنه قال : وجعل على أبصارهم غشاوة ، والوقف على «سمعهم» يجوز فى هذه القراءة ، وليس كحسنه فى قراءة من رفع.
8 - وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ «و من النّاس» : فتحت نون «من» للقائها الساكن ، وهو لام التعريف ، وكان الفتح أولى بها من الكسر لانكسار الميم مع كثرة الاستعمال. وأصل «الناس» ، عند سيبويه : الأناس ، ثم حذفت الهمزة ، كحذفها فى «إلاه» ، ودخلت لام التعريف.
وقيل : بل أصله : ناس ، لقول العرب فى التصغير : نويس.
قال الكسائي : هما لغتان.
«من يقول» : فى موضع رفع بالابتداء ، وما قبله خبره.

(1/1326)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 10
و «يقول» وزنه : يفعل ، وأصله : «يقول» ، ثم ألقيت حركة الواو على القاف ، لأنها قد اعتلت فى «قال».
«آمن» : المدة أصلها همزة ساكنة ، وأصله أأمن ، ثم أبدلت من الهمزة الساكنة ألفا لانفتاح ما قبلها «الآخر» : المدة ، ألف زائدة ، لبناء «فاعل» ، وليس أصلها همزة.
«و ما هم بمؤمنين» : هم ، اسم «ما» ، و«مؤمنين» الخبر ، و«الباء» زائدة ، دخلت عند البصريين لتأكيد النفي ، وهى عند الكوفيين دخلت جوابا لمن قال : إن زيدا لمنطلق.
9 - يُخادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ «يخادعون اللَّه» : يجوز أن يكون حالا من «من» ، فلا يوقف دونه ، ويجوز أن يكون لا موضع له من الإعراب فيوقف دونه.
10 - فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً ، وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْذِبُونَ «فى قلوبهم مرض» : ابتداء وخبر.
«و لهم عذاب أليم» : ابتداء وخبر. و«أليم» ، فعيل بمعنى مفعول ، أي : مؤلم.
«بما كانوا يكذبون» : الباء ، متعلقة بالاستقرار ، أي : وعذاب مؤلم مستقر لهم بكونهم يكذبون بما أتى به نبيهم. و«ما» والفعل مصدر. و«يكذبون» خبر كان.
11 - وَإِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ «و إذا قيل لهم» : إذا ، ظرف ، فمن النحويين من أجاز أن يكون العامل فيه «قيل» ، ومنهم من منعه ، وقدر فعلا مضمرا ، يدل عليه الكلام ، يعمل فى «إذا» وكذلك قياس ما هو مثله.
ويجوز أن يكون العامل «قالوا» ، وهو جواب «إذا».
و«قيل» ، أصلها : قول ، على «فعل» ، ثم نقلت حركة الواو إلى القاف ، فانقلبت الواو ياء لسكونها وانكسار ما قبلها.
«نحن مصلحون» : ابتداء وخبر ، و«ما» فى «إنما» كافة ل «إن» عن العمل و«نحن» اسم مضمر مبنى ، ويقع للاثنين والجماعة والمخبرين عن أنفسهم ، وللواحد الجليل القدر.
12 - أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ «هم المفسدون» : ابتداء وخبر «إن».
ويجوز أن تكون «هم» فاصلة لا موضع لها من الإعراب ، أو : تكون توكيدا للهاء والميم فى «إنهم» ، و«المفسدون» الخبر.

(1/1327)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 11
13 - وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَلكِنْ لا يَعْلَمُونَ «كما آمن» : الكاف ، موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : قالوا أنؤمن إيمانا مثل ما آمن السفهاء وكذلك الكاف الأولى.
15 - اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «يعمهون» : حال من المضمر المنصوب فى «يمدهم».
16 - أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَما كانُوا مُهْتَدِينَ «اشتروا» : أصله «اشتريوا» ، فقلبت الياء ألفا. وقيل : أسكنت استخفافا. والأول أحسن ، وأجرى على الأصول ، ثم حذفت فى الوجهين ، لسكونها وسكون واو الجمع بعدها ، وحركت الواو فى «اشتروا» لالتقاء الساكنين. واختير لها الضم للفرق بين واو الجمع والواو الأصلية ، نحو : استقاموا.
وقال الفراء : حركت بمثل حركة الياء المحذوفة قبلها.
وقال ابن كيسان : الضمة فى الواو أخف من الكسر ، فلذلك اختيرت ، إذ هى من جنسها.
وقال الزجاج : اختير لها الضم إذ هى واو جمع ، فضمت كما ضمت النون فى «نحن» ، إذ هو جمع أيضا.
وقد قرىء بالكسر على الأصل.
وأجاز الكسائي همزها لانضمامها ، وفيه بعد.
وقد قرئت بفتح الواو ، استخفافا.
17 - مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ «أضاءت ما حوله» : ما ، فى موضع نصب ب «أضاءت». و«النار» فاعله ، وهى مضمرة فى «أضاءت».
«
و لا يبصرون» : فى موضع الحال من الهاء والميم فى «تركهم».
18 - صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ «صمّ» : مرفوع على إضمار مبتدأ ، وكذلك ما بعده.
ويجوز نصب ذلك كله على الحال من المضمر فى «تركهم» ، وهى قراءة ابن مسعود وحفص.
ويجوز النصب أيضا على إضمار «أعنى».
«فهم لا يرجعون» ابتداء وخبر فى موضع الحال أيضا من المضمر فى «تركهم».
19 - أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللَّهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ «كصيّب» : أصله : صيوب ، على وزن «فيعل» ، ثم أدغمت الواو فى الياء ، ويجوز التخفيف فى الباء.
وقال الكوفيون : هو فعيل ، أصله : صويب ، ثم أدغم. ويلزمهم الإدغام فى : طويل ، وعويل وذلك لا يجوز.

(1/1328)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 12
«فيه ظلمات» ، ابتداء وخبر مقدم ، والجملة فى موضع النعت ل «الصيب» ، والكاف من «كصيب» فى موضع رفع عطف على الكاف فى قوله : «كمثل الذي» ، أو هى فى موضع رفع خبر لقوله «مثلهم» تقديره :
مثلهم مثل الذي استوقد نارا ، أو مثل صيب.
وإن شئت أضمرت مبتدأ تكون الكاف خبره تقديره : أو مثلهم مثل صيب.
«يجعلون» : فى موضع الحال من المضمر فى «تركهم» أي : تركهم فى ظلمات غير مبصرين غير عاقلين جاعلين أصابعهم.
وإن شئت جعلت هذه الأحوال منقطعة عن الأول مستأنفة ، فلا يكون لها موضع من الإعراب.
وقد قيل : إن «يجعلون» حال من المضمر فى «فيه» ، وهو يعود على «الصيب» كأنه قال : جاعلين أصابعهم فى آذانهم من صواعقه يعنى : الصيب.
«حذر الموت» : مفعول من أجله.
«و اللَّه محيط» : ابتداء وخبر. وأصل : «محيط» : محيط ، ثم ألقيت حركة الياء على الحاء.
20 - يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللَّهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «يكاد البرق» : يكاد ، فعل للمقاربة ، إذا لم يكن معه نفى قارب الوقوع ولم يقع ، نحو هذا ، وإذا صحبه نفى فهو واقع بعد إبطاء ، نحو قوله «فذبحوها وما كادوا يفعلون» الآية : 71 أي : فعلوا الذبح بعد إبطاء.
و«كاد» : الذي للمقاربة أصله : «كود» و«يكاد : يكود» ، فقلبت الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، كخاف يخاف.
«كلّما» : نصب على الظرف ل «مشوا». وإذا كانت «كلما» ظرفا فالعامل فيها الفعل الذي هو جواب لها ، وهو «مشوا» لأن فيها معنى الشرط ، فهى تحتاج إلى جواب ، ولا يعمل فيها «أضاء» لأنها فى صلة «ما».
21 - يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «يا أيّها النّاس» : أي ، منادى مفرد مضموم. و«الناس» نعت له. ولا يجوز نصب «الناس» عند أكثر النحويين ، لأنه نعت لا يجوز حذفه ، فهو المنادى فى المعنى ، كأنه قال : يا ناس.
وأجاز المازني نصبه على الموضع ، كما يجوز : يا زيد الظريف ، على الموضع.
22 - وَإِذْ قالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ..
«خليفة» : فعيلة بمعنى : فاعلة ، أي : يخلف بعضهم بعضا.
23 - قالَ يا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمائِهِمْ قالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ ما تُبْدُونَ وَما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ «و أعلم ما تبدون» : يجوز أن يكون «أعلم» فعلا ، ويجوز أن يكون اسما ، بمعنى : عالم ، فيكون «ما» فى موضع

(1/1329)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 13
خفض بإضافة «أعلم» إليها ، كما يضاف اسم الفاعل. ويجوز تقدير التنوين فى اسم الفاعل ، لكنه لا ينصرف ، فيكون «ما» فى موضع نصب. والكلام فى «أعلم» الثانية كالكلام فى «أعلم» الأولى ، كما تقول فى «هؤلاء حواج بيت اللَّه» فينصب «بيتا» يقدر التنوين فى «حواج».
32 - قالُوا سُبْحانَكَ لا عِلْمَ لَنا إِلَّا ما عَلَّمْتَنا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ «سبحانك» منصوب على المصدر. والتسبيح : التنزيه للَّه من السوء. فهو يؤدى معنى : «نسبحك تسبيحا» أي : ننزهك ونبرئك.
«إنّك أنت العليم الحكيم» : إن شئت جعلت «أنت» فى موضع نصب تأكيدا للكاف ، وإن شئت جعلتها مرفوعة ، مبتدأة ، و«العليم» خبرها ، وهى وخبرها خبر «إن». وإن شئت جعلتها فاصلة لا موضع لها من الإعراب ، و«الحكيم» نعت ل «العليم». وإن شئت جعلته خبرا بعد خبر «إن».
34 - وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى ...
«للملائكة» : هو جمع «ملك» وأصل «ملك» : مألك ، ثم قلبت الهمزة فردت فى موضع اللام فصارت : ملاك. فأصل وزنه «مفعل» ، مقلوب إلى «معفل». ثم ألقيت حركة الهمزة على اللام فصارت «ملك» ، فلما جمع رد إلى أصله بعد القلب. فلذلك وقعت الهمزة بعد اللام فى «ملائكة» ، ولو جمع على أصله قبل القلب لقيل :
مآلك ، على مفاعل.
«إلّا إبليس» : إبليس ، نصب على الاستثناء المنقطع ، ولم ينصرف لأنه أعجمى معرفة.
وقال أبو عبيدة : هو عربى مشتق من «أبلس» ، إذا يئس من الخير ، لكنه لا نظير له فى الأسماء ، وهو معرفة فلم ينصرف لذلك.
35 - وَقُلْنا يا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «آدم» : أفعل ، مشتق من الأدمة ، وهو اللون ، فلم ينصرف لأنه معرفة ، وأصله الصفة ، وهو على وزن الفعل.
و قيل : هو مشتق من أديم الأرض ، وهو وجهها ، وهذا بعيد لأنه يحتمل أن يكون وزنه فاعلا ، كطابق.
يجب صرفه إذ ليس فيه من معنى الصفة شىء ، و«أفعل» أصلها الصفة.
«رغدا» : نعت لمصدر محذوف تقديره : أكلا رغدا. وهو فى موضع الحال عند ابن كيسان. أعنى المصدر لمحذوف ، وحذفت النون من «فتكونا» لأنه منصوب ، جوابا للنهى.
ويجوز أن يكون حذف النون للجزم ، فهو عطف على : «و لا تقربا».

(1/1330)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 14
36 - فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطانُ عَنْها فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ....
«بعضكم لبعض عدوّ» : ابتداء ، وخبر منقطع من الأول. وإن شئت فى موضع الحال من الضمير فى اهبطوا» وفى الكلام حذف «واو» استغنى عنها للضمير العائد على المضمر فى «اهبطوا» ، تقديره : قلنا اهبطوا بعضكم لبعض عدو أي : اهبطوا وهذه حالكم. وإثباتها فى الكلام حسن ، ولو لم يكن فى الكلام عائد لم يجز دف الواو. ولو قلت : لقيتك وزيد راكب ، لم يجز حذف الواو فإن قلت : راكب إليك جاز حذف الواو وإثباتها.
37 - فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ فَتابَ عَلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ «إنه هو التّواب الرّحيم» : هو ، فى وجوهها بمنزلة «أنت» فى (إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) الآية : 32 38 - قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْها جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً فَمَنْ تَبِعَ هُدايَ «جميعا» ، حال من المضمر فى «اهبطوا».
«فإمّا يأتينكم» : إما ، حرف للشرط بجزم الأفعال ، وهى «إن» التي للشرط زيدت معها «ما» للتأكيد ، ودخلت النون المشددة للتأكيد أيضا فى «يأتينكم» ، لكن الفعل مع النون مبنى غير معرب.
«هدى» : فى موضع رفع بفعله «فمن تبع هداى» : من ، اسم تام للشرط ، مرفوع بالابتداء ، يجزم ما بعده من الأفعال المستقبلة وجوابها ، ويكون الماضي بعده فى موضع جزم.
39 - وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِآياتِنا أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «هم فيها خالدون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من «أصحاب» ، أو من «النار» ، تقول : زيد ملك الدار وهو جالس فيها ، فقولك «و هو جالس» حال من المضمر فى «ملك» ، أي : ملكها فى حال جلوسه فيها.
وإن شئت جعلته حالا من «الدار» لأن فى الجملة ضميرين : أحدهما يعود على «زيد» ، الآخر يعود على «الدار» فحسن الحال منهما جميعا لأجل الضمير.
ولو قلت : زيد ملك الدار وهو جالس ، لم يكن إلا حالا من المضمر فى «ملك» لا غير ، إذ لا ضمير فى الجملة يعود على «الدار».
ولو قلت : ملك زيد الدار وهى مبنية ، لم تكن الجملة إلا فى موضع الحال من «الدار» ، إذ لا ضمير يعود على المضمر فى «ملك». فإن زدت «من ماله» ونحوه ، جاز أن يكون حالا من المضمر ومن «الدار» ، فكذلك الآية لما كان فى قوله «هم فيها خالدون» ضميران جاز أن يكون حالا منهما جميعا ، فقس عليها ما أشبهها ، فإنه أصل يتكرر فى القرآن كثيرا.

(1/1331)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 15
و قد منع بعض النحويين وقوع الحال من المضاف إليه ، لو قلت : رأيت غلام هند قائمة ، لم يجز عنده ، عامل يعمل فى الحال ، وأجازه بعضهم لأن لام الملك مقدرة مع المضاف إليه. فمعنى «الملك» هو العامل فى ، أو معنى الملازمة ، أو معنى المصاحبة فعلى قول من منع الحال من المضاف إليه لا يكون «هم فيها خالدون» من النار ، ومثله فى القياس : «أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون».
40 - يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ «إسرائيل» : اسم معرفة أعجمى ، ولذلك لم ينصرف.
«و أوفوا» : أصله «أوفيوا» ، على «أفعلوا» ، فردت حركة الياء على الفاء ، وحذفت الياء لسكونها تكون الواو بعدها.
«أوف بعهدكم» : جزم لأنه جواب الأمر.
«
و إيّاى فارهبون» : إيّاى ، منصوب بإضمار فعل ، وهو الاختيار لأنه أمر ، ويجوز : وأنا فارهبون ، على الابتداء والخبر ، وهو بمنزلة قولك : زيد فاضربه لأن الياء المحذوفة من «فارهبون» كالهاء فى «اضربه» ، لكن يقدر الفعل الناصب ل «إياى» بعده تقديره : وإياى ارهبوا فارهبون. ولو قدرته قبله لا تصل به ، فكنت تقول : فارهبون فارهبون.
41 - وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ ...
«مصدقا» : حال من الهاء المحذوفة ، من «أنزلت» تقديره : أنزلته لأن «ما» بمعنى «الذي».
وإن شئت جعلته حالا من «ما» فى «بما».
«أول كافر» : أول اسم لم ينطق به بفعل عند سيبويه ، وزنه «أفعل» ، فاؤه واو وعينه واو ، ولذلك لم يستعمل منه فعل ، لاجتماع الواوات.
وقال الكوفيون : هو «أفعل» من «وأل» ، إذا لجأ ، فأصله : أوأل ، ثم خففت الهمزة الثانية بأن أبدل منها واو ، وأدغمت الأولى فيها. وانتصب «أول» على خبر «كان». و«كافر» نعت لمحذوف تقديره : أول فريق كافر ، ولذلك جاء بلفظ التوحيد ، والخطاب لجماعة. وقيل : تقديره : أول من كفر به.
42 - وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ

(1/1332)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 16
«و تكتموا الحق» : تكتموا ، منصوب لأنه جواب النهى. وحذف النون على النصب والجزم فيه ، فيما كان مثله. ويجوز أن يكون مجزوما عطفا على «تلبسوا».
«و أنتم تعلمون» ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «و لا تلبسوا».
43 - وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ «و أقيموا» : وزنه «أفعلوا» ، وأصله : أقوموا ، فنقلت حركة الواو على الفاء فانكسرت ، وسكنت الواو فانقلبت ياء لانكسار ما قبلها. والمصدر منه : إقامة. وعلته كعلة «استعانة» 45 - وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ وَإِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ «و استعينوا» : قياسه فى علته مثل «نستعين» ، والهاء فى قوله «و إنها لكبيرة» تعود على ، على الاستعانة.
ودل على «الاستعانة» قوله «و استعينوا» ، وقيل : بل تعود على «الصلاة» ، وهذا أبين الأقوال لقربها منها.
46 - الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ «إليه» الهاء ، تعود على اللَّه جل ذكره. وقيل : بل تعود على «اللقاء» ، لقوله : «ملاقوا ربهم».
48 - وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً «و اتقوا يوما» : يوما ، مفعول ل «اتقوا» ، و«لا تجزى» وما بعده ، من الجملة التي فى أولها «لا» ، كلها صفات ل «يوم» ، ومع كل جملة ضمير محذوف يعود على «يوم» ، ولو لا ذلك لم تجز الصفة ، تقديره : لا تجزى فيه ، ولا تقبل منها شفاعة فيه ، ولا يؤخذ منها عدل فيه ، ولا هم ينصرون فيه.
وقيل : التقدير : لا تجزيه نفس ، فجعل الظرف مفعولا على السعة ، ثم حذف الهاء من الصفة ، وحذف الهاء أحسن من حذف «فيه» ، ولو لا تقدير هذه الضمائر لأضفت «يوما» إلى «تجزى» كما قال (يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ) 77 : 35 ، و(يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ) 82 : 19 ، وهو كثير ، فإذا أضفته فلا يكون ما بعده صفة له ، ولا يحتاج إلى تقدير ضمير محذوف. وقد أجمع القراء على تنوينه.
49 - وَإِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ «و إذ» : فى موضع نصب ، عطف على «نعمتى» الآية : 47 أي : واذكروا إذ نجيناكم وكذلك قوله تعالى (وَ إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ) الآية : 50 : أي : اذكروا إذ فرقنا.
يعدد سبحانه عليهم نعمه المتقدمة على آبائهم «آل فرعون» ، فرعون ، معرفة أعجمى ، فلذلك لا ينصرف. و«آل» أصله : أهل ، ثم أبدل من «الهاء» همزة ، فصارت : آل ، ثم أبدل من الهمزة ألفا ، لانفتاح ما قبلها وسكونها ، فإذا صغرته رددته إلى أصله ،

(1/1333)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 17
فقلت : أهيل. وحكى الكسائي : أويل وإذا جمعته قلت : أألون. فأما «الآل» الذي هو السراب ، فجمعه :
أ أوال ، على «أفعال».
«يسومونكم» : فى موضع الحال من «آل».
«يذبحون» : حال من «آل» أيضا. وإن شئت من المضمر فى «يسومون» ، وكذلك : «و يستحيون نساءكم».
51 - وَإِذْ واعَدْنا مُوسى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظالِمُونَ «موسى» : «مفعل» ، من «أوسيت» ، وقيل : هو من : «ماس يميس» ، ويفتح السين فى الجمع السالم فى الوجهين ، عند البصريين ، لتدل على الألف المحذوفة.
وقال الكوفيون : إن جعلته «فعلى» ضممت «السين» فى الرفع وفى الجمع ، وكسرتها فى النصب والخفض ، كقاض.
«أربعين ليلة» : تقديره : تمام أربعين ، فهو مفعول ثان.
«ثم اتخذتم العجل من بعده» : المفعول الثاني ل «اتخذتم» محذوف تقديره : ثم اتخذتم العجل من بعده إلها.
«و أنتم ظالمون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «اتخذتم» ، وكذا : «و أنتم تنظرون» 12 : 50 ، فى موضع الحال من المضمر فى «اتخذتم».
53 - وَإِذْ آتَيْنا (انظر الكلام على «إذ» فى الآية السابقة) 54 - وَإِذْ قالَ مُوسى (انظر الكلام على «إذ» فى الآية السابقة) 55 - وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً ...
«
جهرة» : مصدر ، فى موضع الحال من المضمر فى «قلتم».
58 - وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ ....
«رغدا» : مثل الأول (الآية : 35).
«سجدا» : حال من المضمر ، فى «ادخلوا».
(م 2 - الموسوعة القرآنية ج 4)

(1/1334)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 18
«حطّة» : خبر ابتداء محذوف تقديره : سؤالنا حطة ، أو : رغبتنا ، ونحوه.
وقيل : هو حكاية أمروا بقولها ، مرفوعة ، فحكوها ، ولو أعلمت «القول» لنصبت.
«خطاياكم» : جمع : خطية. وسيبويه يرى أنه لا قلب فيه ، ولكنه أبدل من الهمزة الثانية ، التي هى لام الفعل ، ياء : ثم أبدل منها ألفا ، فوزنه ، عند سيبويه : فعائل ، محولة : من «فعايل».
وقال الفراء : «خطايا» : جمع : خطية ، بغير همز ، كهدية وهدايا.
61 - وَإِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى لَنْ نَصْبِرَ عَلى طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَقِثَّائِها وَفُومِها وَعَدَسِها وَبَصَلِها قالَ أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ «يخرج لنا ممّا تنبت الأرض» : المفعول. محذوف ، تقديره : يخرج لنا مأكولا. وقيل : المفعول هو «ما» ، و«من» زائدة.
«من بقلها» : بدل من «مما» بإعادة الخافض ، ف «من» الأولى للتبعيض ، والثانية للتخصيص.
فى قول ابن كيسان.
«الذي هو أدنى» : قيل : الألف ، بدل من همزة ، وهو من الدناءة ، فالألف على هذا فى «أدنى» بدل من همزة وقيل : هو من «الدون». وأصله : «أدون» ، ثم قلبت وقيل : هو من «الدنو» أي : أقرب فيكون من : دنا يدنو.
«مصرا» : إنما صرفت لأنها نكرة. وقيل : لأنها اسم للبلد ، فهو مذكر.
وقال الكسائي : صرفت لخفتها.
«ما سألتم» : فى موضع نصب. اسم «إن».
62 - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالنَّصارى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ ....
«من آمن» : من ، رفع بالابتداء ، وهى الشرط.
«فلهم» : جواب الشرط ، وهو خبر الابتداء ، والجملة خبر «إن».
ويجوز أن يجعل «من» بدلا من «الذي» ، فيبطل الشرط لأن الشرط لا يعمل فيه ما قبله ، ويكون الفاء فى «فلهم».
دخلت لجواب الإبهام ، كما تدخل مع «الذي» ، يقول : إن الذي يأتيك فله درهم ، وقال اللَّه جل ذكره (قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) 63 : 8 ، فلا بد من محذوف يعود على «الذين» من خبرهم ، إذا جعلت «من» مبتدأه ، تقديره : من آمن منهم.
63 - وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ «ما آتيناكم» : العائد على «ما» محذوف ، تقديره : ما آتيناكموه. و«ما» منصوبة ب «أخذوا» ، بمعنى : «الذي»

(1/1335)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 19
64 - ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ «فلو لا فضل اللَّه» : فضل ، مرفوع بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : فلو لا فضل اللَّه عليكم تدارككم ولا يجوز إظهاره عند سيبويه ، استغنى عن إظهاره لدلالة الكلام عليه.
«لكنتم» : جواب «لو لا».
65 - وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ «خاسئين» : خبر ثان ل «كان». وإن شئت جعلته نعتا ل «قردة». وقيل فى جعله نعتا لقردة عدولا عن الأصول ، إذ الصفة جمع لمن يعقل والموصوف لما لا يعقل. وإن شئت حالا من المضمر فى «كونوا».
66 - فَجَعَلْناها نَكالًا لِما بَيْنَ يَدَيْها وَما خَلْفَها وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «فجعلناها» : تعود «الهاء» على «القردة».
و قيل : بل تعود على «المسخة» التي دل عليها الخطاب. وقيل : بل تعود على «العقوبة» التي دل عليها الكلام.
وكذلك الاختلاف فى الهاء فى «يديها» و«خلفها».
68 - قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا فارِضٌ وَلا بِكْرٌ عَوانٌ ..
«لا فارض» : يجوز رفعه على إضمار مبتدأ أي : لا هى فارض. ويجوز أن يكون نعتا للبقرة ، ومثله :
«و لا بكر» ، ومثله : «لا ذلول» الآية : 71.
«عوان» : رفع على إضمار مبتدأ ، أي : هى عوان. ويجوز أن يكون نعتا للبقرة. وعلى إضمار مبتدأ ، أحسن.
69 - قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما لَوْنُها «ادع لنا ربّك» : لغة بنى عامر فى «ادع لنا» كسر العين ، لسكونها وسكون الدال قبلها ، كأنهم يقدرون أن العين لام الفعل فيجزمونها ، وهو فعل مجزوم عند الكوفيين ، ومبنى عند البصريين.
«يبين لنا ما لونها» : ما ، استفهام ، مرفوع بالابتداء. و«لونها» الخبر. ولم يعمل فيها «يبين» إذ الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله. ولو جعلت «ما» زائدة نصبت «لونها» ، كما قال تعالى «أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ» 28 : 28 ، فخفضت «الأجلين» بإضافة «أي» إليهما. و«ما» زائدة.

(1/1336)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 20
70 - قالُوا ادْعُ لَنا رَبَّكَ يُبَيِّنْ لَنا ما هِيَ ....
«إن البقر تشابه علينا «إن شاء اللَّه» ، إن شرط ، وجوابها ، «إنّ» وما عملت فيه وقال المبرد : الجواب محذوف.
71 - قالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّها بَقَرَةٌ لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لا شِيَةَ فِيها قالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ ....
«تثير : الأرض» : تثير ، فى موضع الحال من المضمر فى «ذلول».
«و لا تسقى الحرث» : فى موضع النعت للبقرة وإن شئت جعلته خبر ابتداء محذوف أي : وتسقى الحرث.
«مسلّمة» : خبر ابتداء ، محذوف أي : وهى مسلمة.
«لاشية فيها» : خبر ثان ل «هى» المضمرة.
و إن شئت جعلت «لاشية فيها» فى موضع النعت ل «بقرة» ، وكذلك «مسلمة».
وأصل «شية» : وشية ، ثم حذفت الواو ، كما حذفت فى «يشى» ، ونقلت كسرة الواو إلى الشين.
«الآن جئت بالحقّ» : الآن ، ظرف للزمان الذي أنت فيه ، وهو مبنى لمخالفته سائر ما فيه الألف وإذ دخلتا فيه لغير عهد ولا جنس.
وقيل : أصل «الآن». أوان ، ثم أبدلوا من الواو ألفا ، وحذفت إحدى الألفين لالتقاء الساكنين.
73 - فَقُلْنا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِها كَذلِكَ يُحْيِ اللَّهُ الْمَوْتى ....
«كذلك يحيى اللَّه الموتى» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف.
74 - ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ «لما يتفجر ، لما يشقق ، لما يهبط» : ما ، فى ذلك كله ، فى موضع نصب ب «إن» واللامات ، لا مات والجار والمجرور خبر «إن».

(1/1337)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 21
75 - 75 أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ «أن يؤمنوا لكم» : أن ، فى موضع نصب تقديره : فى أن يؤمنوا ، فلما حذف الخافض تعدى الفعل فنصب.
وقال الكوفيون : «أن» ، فى موضع خفض بإضمار الخافض المقدر فيه ، وكذلك الاختلاف فى «أن» حيث وقعت إذا حذف معها حرف الجر.
«يسمعون كلام اللَّه» : يسمعون ، خبر «كان» ، و«منهم» نعت ل «فريق».
ويجوز أن يكون «منهم» الخبر ، و«يسمعون» نعت ل «فريق» «و هم يعلمون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «يحرفون».
76 - وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ عِنْدَ رَبِّكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ «ليحاجّوكم» : اللام ، لام «كى» ناصبة للفعل بإضمار «أن» ، وهى لام الجر التي تدخل فى الأسماء.
و«أن» المضمرة والفعل مصدر. فهى داخلة فى اللفظ على الفعل وفى المعنى على الاسم وبنو العنبر يفتحون لام «كى» ، وبعض النحويين يقول : أصلها الفتح.
78 - وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لا يَعْلَمُونَ الْكِتابَ إِلَّا أَمانِيَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ «و منهم أمّيّون» : ابتداء وخبر.
«لا يعلمون» : نعت ل «أميين».
«إلا أمانىّ» استثناء ليس من الأول.
«و إن هم إلا يظنّون» : إن ، بمعنى «ما» ، وما بعده ابتداء وخبر ، و«إلا» تحقيق النفي. وحينما رأيت «إن» مكسورة مخففة ، وبعدها «إلا» ف «إن» بمعنى «ما».
79 - فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ...
«فويل للذين» : ابتداء وخبر. ويجوز نصب «ويل» على معنى : ألزمهم اللَّه ويلا.
و«ويل» : مصدر لم يستعمل منه فعل ، لأن فاءه وعينه من حروف العلة ، وهو ما يدل على أن الأفعال مشتقة

(1/1338)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 22
من المصادر ولو كان المصدر مشتقا من الفعل - على ما قال الكوفيون - لم يوجد لهذا المصدر فعل ، يشتق منه ، «و مثله : «ويح» ، و«ويس».
81 - بَلى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «بلى من كسب سيّئة» : بلى ، بمنزلة «نعم» ، إلا أن «بلى» لا تكون إلا جوابا لنفى قد تقدم ، و«نعم» لا تكون إلا جوابا لإيجاب تقدم. و«الهاء» فى «أحاطت به» تعود على «من» وقيل : تعود على «الكسب».
و «من» رفع بالابتداء ، وهى شرط. و«أولئك» ابتداء ثان و«أصحاب النار» خبره والجملة خبر عن «من» ، و«هم فيها خالدون» ، ابتداء وخبر فى موضع الحال من «أصحاب» ، أو من «النار» ، على اختلاف فى ذلك.
83 - وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً ...
«لا تعبدون إلا اللَّه» : تقديره ، عند الأخفش : أن لا تعبدوا ، فلما حذفت «أن» ارتفع الفعل.
وقيل : هو قسم معناه : واللَّه لا تعبدون.
وهو «فى موضع الحال من ، بنى إسرائيل» أي : أخذنا ميثاقهم موحدين. ومثله فى جميع وجوهه :
«لا تسفكون» (الآية : 84).
«إحسانا» : مصدر أي : أحسنوا إحسانا.
وقيل : هو مفعول ، بمعنى : استوصوا بالوالدين إحسانا.
«و قولوا للناس حسنا» : تقديره : قولوا ذا حسن ، فهو مصدر.
ومن فتح «الحاء والسين» جعله نعتا لمصدر محذوف ، تقديره : قولا حسنا.
وقيل : إن القراءتين على لغتين ، يقال : الحسن والحسن ، بمعنى. فهما جميعا نعتان لمصدر محذوف.
85 - ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ تَظاهَرُونَ عَلَيْهِمْ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَإِنْ يَأْتُوكُمْ أُسارى تُفادُوهُمْ وَهُوَ مُحَرَّمٌ عَلَيْكُمْ إِخْراجُهُمْ أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ فَما جَزاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذلِكَ مِنْكُمْ إِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيَوْمَ الْقِيامَةِ يُرَدُّونَ إِلى أَشَدِّ الْعَذابِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ

(1/1339)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 23
«ثم أنتم هؤلاء» أنتم ، مبتدأ ، وخبره «تقتلون أنفسكم» و«هؤلاء» فى موضع نصب ، بإضمار أعنى.
وقيل : «هؤلاء» بمعنى «الذين» ، فيكون خبرا ل «أنتم» ، وما بعده صلته.
و قيل : «هؤلاء» ، منادى ، أي : يا هؤلاء. ولا يجيزه سيبويه وقيل : «هؤلاء» خبر «أنتم» ، و«تقتلون» حال من «هؤلاء» لا يستغنى عنها ، وكما أن نعت المبهم لا يستغنى عنه ، فكذلك حاله.
وقال ابن كيسان : أنتم ، ابتداء ، و«تقتلون» الخبر. ودخلت» هؤلاء» لتخص به المخاطبين ، إذ نبهوا على الحال التي هم عليها مقيمون.
«تظاهرون» : من خفف حذف إحدى التاءين ، والمحذوفة هى الثانية ، عند سيبويه ، وهى الأولى عند الكوفيين.
«أسارى». أجاز أبو إسحاق فتح الهمزة ، مثل : سكارى ومنعه أبو حاتم. وأجاز المبرد : أسراء وهى فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «يأتوكم».
«و هو محرم عليكم إخراجهم» : هو ، كناية عن الخبر والحديث ، مبتدأ ، و«الإخراج» ، مبتدأ ثان.
و«محرم» خبره ، والجملة خبر «هو» ، وفى «محرم» ضمير المفعول الذي لم يسم فاعله يعود على ، «الإخراج».
وإن شئت رفعت «محرما» بالابتداء. ولا ضمير فيه ، وإخراجهم «مفعول لم يسم فاعله ، يسد مسد خبر «محرم» ، والجملة خبر «هو».
وإن شئت جعلت «هو» يعود على «الإخراج» ، لتقدم ذكر «يخرجون» ، و«محرم» خبره ، و«إخراجهم» بدل من «هو».
ولا يجوز أن يكون «هو» فاصلة ، إذ لم يتقدم قبلها شىء ، وهذا مثل قوله «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ» الإخلاص : 1 ، أي : الأمر الحق اللَّه أحد.
«فما جزاء» : ما ، استفهام ، رفع بالابتداء ، و«جزاء» وما بعده خبره.
وإن شئت جعلت «ما» نفيا.
«و يوم القيامة» : ظرف منصوب ب «يردون».
89 - وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الْكافِرِينَ

(1/1340)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 24
و «لما جاءهم كتاب» : جواب «لما» محذوف ، تقديره : نبذوه ، أو : كفروا به.
وقيل : «كفروا به» المذكور ، جواب «لما» الأولى والثانية.
90 - بِئْسَمَا اشْتَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ أَنْ يَكْفُرُوا بِما أَنْزَلَ اللَّهُ بَغْياً أَنْ يُنَزِّلَ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ ...
«بئسما اشتروا به أنفسهم» : ما ، فى موضع رفع ب «بئس» ، و«أن يكفروا» بدل من «ما» ، و«أن» فى موضع رفع.
وقيل : «أن» بدل من الهاء فى «به» ، وهى موضع خفض.
وقيل : هى فى موضع رفع على إضمار مبتدأ.
وقال الكوفيون : «بئس» و«ما» اسم واحد فى موضع رفع.
وقال الأخفش : «ما» نكرة ، موضعها نصب على التفسير.
وقيل : «ما» نكرة ، و«اشتروا به أنفسهم» نعت ل «ما» ، و«أن» فى موضع رفع بالابتداء ، أو على إضمار مبتدأ ، كما تقول : بئس رجلا ظريفا زيد.
وقال الكسائي : الهاء فى «به» تعود على «ما» المضمرة ، و«ما» الظاهرة موضعها نصب ، وهى فكرة تقديره : بئس شيئا ما اشتروا به.
«بغيا أن ينزل» : بغيا ، مفعول من أجله ، وهو مصدر ، و«أن» فى موضع نصب ، بحذف حرف الخفض منه تقديره : بأن ينزل اللَّه.
91 - ..... وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ وَهُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً لِما مَعَهُمْ ...
«مصدقا» : حال من «الحق» ، مؤكدة ، ولو لا أنها مؤكدة ما جاز الكلام ، كما لا يجوز : هو زيد قائما لأن «زيدا» قد يخلو من القيام ، وهو زيد بحاله و«الحق» لا يخلو أن يكون مصدقا لكتاب اللَّه.
94 - قُلْ إِنْ كانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «خالصة» : خبر كان وإن شئت نصبتها على الحال من «الدار» ، وجعلت «عند اللَّه» خبر «كان».
«إن كنتم صادقين» : شرط ، وما قبله جوابه ..
96 - وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلى حَياةٍ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ ....
«
و ما هو بمزحزحه من العذاب أن يعمّر» : هو ، كناية عن «أحد» ، وهو مبتدأ ، و«أن يعمر» فى موضع رفع لأنه فاعل رفعته ب «مزحزح» ، و«الجملة خبر «هو».

(1/1341)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 25
و يجوز أن يكون «هو» كناية عن التعمير ، مبتدأ ، و«أن يعمر» بدلا من «هو» ، و«بمزحزحه» خبر الابتداء.
وأجاز الكوفيون أن يكون «هو» مجهولا مبتدأ ، بمعنى الحديث والأمر ، وما بعده ابتداء وخبره فى موضع خبر «هو».
ودخول الباء فى «بمزحزحه» يمنع من هذا التأويل لأن المجهول لا يفسر إلا بالجمل السالمة من حروف الخفض.
100 - أَوَ كُلَّما عاهَدُوا عَهْداً نَبَذَهُ فَرِيقٌ مِنْهُمْ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «أو كلّما» : الواو ، عند سيبويه ، واو عطف دخلت عليها ألف الاستفهام.
وقال الأخفش : «الواو» زائدة.
وقال الكسائي : هى «أو» حركت الواو منها. ولا قياس لهذا القول.
كلما» على الظرف ، والعامل فعل دل عليه «نبذه».
101 - وَلَمَّا جاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ نَبَذَ فَرِيقٌ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ كِتابَ اللَّهِ وَراءَ ظُهُورِهِمْ كَأَنَّهُمْ لا يَعْلَمُونَ «كأنهم» : الكاف ، حرف تشبيه لا موضع لها من الإعراب. وموضع الجملة موضع رفع نعت ل «فريق».
102 - وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ عَلى مُلْكِ سُلَيْمانَ وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَما أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبابِلَ هارُوتَ وَمارُوتَ وَما يُعَلِّمانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ وَما هُمْ بِضارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ ما يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ وَلَبِئْسَ ما شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «يعلمون النّاس» : هو فى موضع حال من «الشياطين» ، أو من المضمر فى «كفروا» ، وهو أولى وأحسن أي : كفروا فى حال تعليمهم السحر للناس.
وإن شئت جعلته خبرا ثانيا ل «لكن» ، فى قراءة من شدد النون.
وإن شئت جعلت «يعلمون» بدلا من «كفروا» لأن تعليم السحر كفر فى المعنى «و ما أنزل على الملكين» : ما ، فى موضع نصب ، عطف على «و اتبعوا ما».
وقيل : هى حرف ناف أي : لم ينزل على الملكين ببابل شىء.
«فيتعلمون» : معطوف على «يعلمان».
وقيل : تقديره : فيأتون فيتعلمون. ولا يجوز أن يكون جوابا لقوله «فلا تكفر».

(1/1342)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 26
و قيل : هو معطوف على «يعلمون». ومنع هذا أبو إسحاق وأحسنه أن يكون ف «يتعلمون» مستأنفا.
«
لمن اشتراه» : من ، فى موضع رفع بالابتداء ، وخبره «ماله فى الآخرة من خلاق» ، و«من خلاق» مبتدأ ، و«من» زيدت لتأكيد النفي ، و«له» خبر الابتداء ، والجملة خبر «من» ، واللام لام الابتداء ، وهى لام التوكيد ، يقطع ما بعدها مما قبلها ، ولا يعمل ما قبل اللام فيما بعدها ، كحرف الاستفهام ، وكالأسماء التي يجزم بها فى الشرط ، وإنما يعمل فى ذلك ما بعده. ومنه قوله «وَ سَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ» 26 : 27 ، ف «أي» نصب ب «ينقلبون» لا ب «سيعلم».
103 - وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ «و لو أنّهم آمنوا» : أن ، فى موضع رفع بفعل مضمر تقديره : ولو وقع إيمانهم و«لو» حقها أن يليها الفعل ، إما مضمرا وإما مظهرا لأن فيها معنى الشرط ، والشرط بالفعل أولى وكذلك قوله «وَ إِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ» 9 : 6 ، ف «أحد» مرفوع بفعل مضمر تقديره : وإن استجارك أحد من المشركين استجارك ، وكذلك عند البصريين «إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ» 84 : 1 ، و«إِذَا الشَّمْسُ كُوِّرَتْ» 81 : 1 ، و«إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ» 82 : 1 ، وشبه ذلك ، كله مرفوع بفعل مضمر لأن ، «إذا» فيها معنى المجازاة ، فهى بالفعل أولى ، فالفعل مضمر بعدها ، وهو الرافع للاسم ، وهو كثير فى القرآن ، ولا بد ل «لو» من جواب مضمر أو مظهر ، وإنما لم تجزم «لو» ، على ما فيها من معنى الشرط ، لأنها لا تجعل الماضي بمعنى المستقبل ، فامتنعت من العمل ، والجواز لذلك.
«لمثوبة» : مبتدأ ، و«خير» خبره ، واللام جواب «لو».
104 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقُولُوا راعِنا وَقُولُوا انْظُرْنا ...
«راعنا» : فى موضع نصب بالقول ، ومن نونه جعله مصدرا أي : لا تقولوا رعونة.
105 - ما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ «من خير من ربكم» : من خير ، فى موضع رفع ، مفعول لم يسم فاعله ب «ينزل» ، و«من» زائدة لتأكيد النفي.
و«من ربكم» : من ، لابتداء الغاية ، متعلقة ب «ينزل».

(1/1343)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 27
106 - ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِها نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها «ما ننسخ من آية أو ننسها» : ما ، شرط ، فهى فى موضع نصب ب «ننسخ» ، و«من» زائدة للتأكيد وموضع آية «نصب» ب «ننسخ» ، «أو ننسها» عطف على «ننسخ» ، «نأت» جواب الجزاء.
108 - أَمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَسْئَلُوا رَسُولَكُمْ كَما سُئِلَ مُوسى مِنْ قَبْلُ «كما سئل موسى» : الكاف ، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : سؤالا كما.
109 - وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمانِكُمْ كُفَّاراً حَسَداً مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ ...
«كفّارا» : مفعول ثان ل «يردونكم».
وإن شئت حالا من الكاف والميم فى «يردونكم».
«حسدا» : مصدر.
«من عند أنفسهم» : من ، متعلقة ب «حسدا» ، فيجوز الوقوف على «كفارا» ، ولا يوقف على «حسدا».
وقيل : هى متعلقة ب «ود كثير» ، فلا يوقف على «كفارا» ، ولا على «حسدا».
111 - وَقالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى ...
«هودا» : جمع : هائد» ، وهو التائب.
وقال الفراء : «هود» أصله : «يهودى» ثم حذف ولا قياس يعضد هذا القول.
114 - وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعى فِي خَرابِها أُولئِكَ ما كانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوها إِلَّا خائِفِينَ «أن يذكر فيها اسمه» : أن ، فى موضع نصب. بدلا من «مساجد» ، وهو بدل الاشتمال.
وقيل : هو مفعول من أجله.
«إلا خائفين» : حال من المرفوع فى «يدخلونها».
117 - وَإِذا قَضى أَمْراً فَإِنَّما يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «فيكون» : من نصبه جعله جوابا لكن فيه بعد فى المعنى.
ومن رفعه قطعه على معنى : فهو يكون. (وانظر : الآية : 40 من سورة النحل).
118 - ... كَذلِكَ قالَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِثْلَ قَوْلِهِمْ

(1/1344)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 28
كذلك نصب فى موضع نعت لمصدر محذوف ، أي : قولا مثل ذلك قال الذين من قبلهم.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على الابتداء ، وما بعد ذلك الخبر.
«مثل قولهم» : نصب ل «قال». وإن شئت جعلته نعتا لمصدر محذوف.
119 - إِنَّا أَرْسَلْناكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً وَلا تُسْئَلُ عَنْ أَصْحابِ الْجَحِيمِ «بشيرا ونذيرا». حال من الكاف فى «أرسلناك».
121 - الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَتْلُونَهُ حَقَّ تِلاوَتِهِ أُولئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ «الذين» ، مبتدأ ، وخبره «أولئك يؤمنون به» ، و«يتلونه» حال من «الكتاب» ، أو من المضمر المنصوب فى «آتيناهم» ، ولا يجوز أن يكون الخبر «يتلونه» لأنه يوجب أن يكون كل من أوتى الكتاب يتلوه حق تلاوته ، وليس هم كذلك ، إلا أن تجعل «الذين أوتوا الكتاب» : الأنبياء ، فيجوز ذلك.
«حق تلاوته» : مصدر ، أو نعت لمصدر محذوف ، وهو أحسن.
123 - وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً ...
«و اتّقوا يوما لا تجزى» : مثل الأول فى حذف الضمير من النعت ، متصلا أو منفصلا (وانظر الآية : 48) 126 - وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هذا بَلَداً آمِناً وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلى عَذابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «من آمن منهم باللَّه» : من ، بدل من «أهله» ، بدل بعض من كل.
«
قال ومن كفر» : من ، فى موضع نصب ، «أي» : وأرزق من كفر فأمتعه.
ويجوز أن يكون من الشرط ، وينصبها بفعل مضمر بعدها ، أي : ومن كفر أرزق ، و«فأمتعه» جواب الشرط ، ارتفع لدخول الفاء.
ويجوز أن يكون «من» رفعا بالابتداء ، و«فأمتعه» خبره والكلام شرط أيضا وجواب 130 - وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْراهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْناهُ فِي الدُّنْيا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ «إلّا من سفه نفسه» : أي : فى نفسه ، فنصب لما حذف حرف الجر.
وقيل : معنى «سفه» : جهل وضيع ، فتعدى فنصب «نفسه».
وقال الفراء : نصب «نفسه» على التفسير.

(1/1345)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 29
«و إنّه فى الآخرة لمن الصّالحين» : فى ، متعلقة بمضمر تقديره : وإنه صالح فى الآخرة لمن الصالحين. ولا يحسن تعلق «فى» «بالصالحين» ، لأن فيه تقديما ، وأصله على موصول.
وقيل : قوله : «فى الآخرة» بيان ، فيقدم على ذلك.
وقيل : الألف واللام فى «الصالحين» ليستا بمعنى «الذي» ، إنما هما للتعريف ، فحسن تقدم حرف الجر عليه ، وهو متعلق به ، وإن كان مقدما.
133 - أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قالَ لِبَنِيهِ ما تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قالُوا نَعْبُدُ إِلهَكَ وَإِلهَ آبائِكَ إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ إِلهاً واحِداً وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ «و إله آبائك إبراهيم وإسماعيل وإسحاق» : إله ، بلفظ الواحد ، فيحتمل أن يكون واحدا.
و«إبراهيم» بدل منه ، و«إسماعيل وإسحاق» عطف عليه.
ويحتمل نصب «إبراهيم» على إضمار «أعنى» ، ويعطف عليه ما بعده. وهى أسماء لا تنصرف للعجمة والتعريف.
وجمع «إبراهيم» و«إسماعيل» : براهيم ، وسماعيل. وقيل : براهمة ، وسماعلة. والهاء بدل من ياء.
وقال المبرد : جمعها : أباره ، وأسامع ، وأباريه ، وأساميع. فأما إسرائيل. فجمعه : أساريل.
وقال الكوفيون : أسارلة ، وأساريل.
«
إلها واحدا» : بدل من «إلهك ». وإن شئت جعلته حالا منه.
134 - تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَها ما كَسَبَتْ وَلَكُمْ ما كَسَبْتُمْ وَلا تُسْئَلُونَ عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ «تلك أمّة قد خلت» : ابتداء وخبر. و«قد خلت» نعت ل «أمة» ، وكذلك «لها ما كسبت» نعت ل «أمة» أيضا. ويجوز أن يكون منقطعا لا موضع له من الإعراب.
135 - وَقالُوا كُونُوا هُوداً أَوْ نَصارى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «بل ملّة إبراهيم حنيفا» : انتصب «ملة» على إضمار فعل تقديره : بل نتبع ملة و«حنيفا» حال من «إبراهيم» لأن معنى «بل نتبع ملة إبراهيم» : بل نتبع إبراهيم.
وقيل : انتصب على إضمار «أعنى» ، إذ لا يقع الحال من المضاف إليه.
138 - صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ «صبغة اللَّه» : بدل من «ملة إبراهيم».

(1/1346)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 30
و قيل : هو منصوب على الإغراء أي : اتبعوا صبغة اللَّه أي : دين اللَّه.
«صبغة» : نصب على التمييز.
143 - ... وَإِنْ كانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ...
«و إن كانت لكبيرة» : كبيرة ، «خبر» ، واسم «كان» مضمر فيها أي : وإن كانت التولية نحو المسجد الحرام لكبيرة. و«إن» بمعنى «ما» ، «و اللام» بمعنى «إلا».
147 - الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «الحقّ من ربك» : أي : هو الحق ، أو هذا الحق ، فهو خبر ابتداء.
وإن شئت رفعته بالابتداء وأضمرت الخبر ، تقديره : الحق من ربك يتلى عليك ، أو يوحى إليك ، ونحوه.
148 - لِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيها فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ
«و لكل وجهة» : وجهة ، مبتدأ ، و«لكل» الخبر أي : ولكل أمة قبلة هو موليها.
«
هو موليها» : ابتداء وخبر أي : اللَّه موليها إياهم. فالمفعول الثاني ل «مولى» محذوف. وقوله «هو» ضمير ، اسم اللَّه جل ذكره. وقيل : هو ضمير «كل» أي : هو موليها نفسه.
فأما قراءة ابن عامر «هو مولاها» فلا يقدر فى الكلام حذف لأن الفعل قد تعدى إلى مفعولين فى اللفظ ، أحدهما : مضمر قام مقام الفاعل ، مفعول لم يسم فاعله ، يعود على «هو» ، والثاني : هو «الهاء والألف» ، يرجع على الوجه.
وقيل : إنها على المصدر ، أي مولى التولية.
واللام فى «لكل» تتعلق ب «مولى» ، وهى زائدة كزيادتها فى «ردف لكم» 27 : 27 ، أي : ردوفكم.
«و هو» ضمير «فريق» ، كأنه قال : الفريق مولى لكل وجهة ، أي : مولى كل وجهة هذا التقدير على قول من جعل الهاء للمصدر.
151 - كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولًا مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ ...
«كما أرسلنا» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : اهتداء مثل ما أرسلنا ، وإما ما مثل ما أرسلنا ، لأن قبلها «يهتدون» (الآية : 150) ، وقبلها «و لأتم» (الآية : 150) ، فتحملها على مصدر أيهما شئت.

(1/1347)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 31
و إن شئت جعلتها نعتا لمصدر : «فاذكرونى» (الآية : 152) ، وفيه بعد لتقدمه.
وإن شئت جعلت «الكاف» فى موضع نصب على الحال من «الكاف والميم» فى «عليكم».
154 - وَلا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْواتٌ بَلْ أَحْياءٌ وَلكِنْ لا تَشْعُرُونَ «أموات بل أحياء» : ارتفعا على إضمار مبتدأ أي : هم أموات بل هم أحياء.
158 - إِنَّ الصَّفا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلا جُناحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِما وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْراً فَإِنَّ اللَّهَ شاكِرٌ عَلِيمٌ «فلا جناح عليه أن يطّوّف بهما» : قرأ ابن عباس ، رضى اللَّه عنه : فلا جناح عليه أن يطاف بهما ، وأصله «يطتوف» على وزن «يفتعل» ، ثم أبدل من تاء الافتعال طاء ، وأدغم الطاء فيها ، وقلب الواو ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها.
«و من تطوّع» : يحتمل أن تكون «من» للشرط ، فموضع «تطوع» جزم معناه ، الاستقبال ، وجواب الشرط «فإن اللَّه شاكر عليم».
ويحتمل أن تكون «من» بمعنى : الذي ، فيكون «تطوع» فعلا ماضيا على بابه ، ودخلت الفاء فى «فإن» لما فى «الذي» من معنى الإبهام. وهذا على قراءة من خفف الطاء ، فأما من شددها وقرأ بالياء ، ف «من» للشرط لا غير ، والفعل مجزوم به.
161 - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ «أولئك عليهم لعنة اللَّه» : لعنة ، مبتدأ ، و«عليهم» خبره ، «و الجملة خبر «أولئك».
وقرأ الحسن : عليهم لعنة اللَّه والملائكة والناس أجمعون ، عطف «الملائكة» و«الناس» على موضع اسم «اللَّه» لأنه فى موضع رفع تقديره : أولئك لعنهم اللَّه ، كما تقول : كرهت قيام زيد وعمرو وخالد لأن «زيدا» فى موضع رفع.
162 - خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ «خالدين» : حال من المضمر فى «عليهم» ، وكذلك. «لا يخفف عنهم العذاب» ، هو حال من المضمر فى «خالدين» ، وكذلك : «و لا هم ينظرون» ، هو ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «خالدين» ، أو من المضمر فى «عنهم».

(1/1348)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 32
و إن شئت جعلت «لا يخفف» وما بعده منقطعا من الأول ، لا موضع له من الإعراب ..
163 - وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ «و إلهكم إله واحد» : ابتداء وخبر ، ف «إلاه» بدل من «إلهكم» أي : معبودكم معبود واحد ، كما تقول : عمرو شخص واحد.
165 - وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذابِ «يحبونهم» : فى موضع الحال من المضمر فى «يتخذ» ، والمضمر عائد على «من» ، فوحد على لفظ «من» وجمع فى «يحبون» ، رده على معنى «من».
وإن شئت جعلته نعتا ل «أنداد».
وإن شئت جعلته فى موضع رفع نعتا ل «من» ، على أن «من» نكرة.
وإنما حسن هذا كله لأن فيه ضميرين : أحدهما يعود على الأنداد» ، والآخر على «من» ، و«من» هو الضمير فى «يتخذ».
«كحبّ اللَّه» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف أي : حبا مثل حبكم اللَّه.
«أن القوة للَّه» : أن ، موضع نصب ب «يرى» ، على قراءة من قرأ بالياء و«يرى» بمعنى «يعلم» ، وسدت «أن» مسد المفعولين.
وإن شئت جعلت «يرى» من رؤية العين ، فتكون «أن» مفعولا به ، وجواب «لو» محذوف ، تقديره : لندموا ، أو : لخسروا ، ونحوه.
فأما من قرأ «ترى» بالتاء ، فهو من رؤية العين ، ولا يجوز أن يكون بمعنى «علمت» لأنه يجب أن يكون مفعولا ثانيا ، والثاني فى هذا الباب هو الأول ، وليس الأمر على ذلك ، والخطاب للنبى - صلى اللَّه عليه وسلّم - «الذين ظلموا» مفعول «ترى» ، و«أن» مفعول من أجله.
وقيل : «أن» ، فى موضع نصب على إضمار فعل دل عليه ، لأنها تطلب الجواب ، فجوابها هو الناصب ل «لأن» تقديره :
و لو ترى يا محمد الذين ظلموا حين يرون العذاب لعلمت أن القوة للَّه ، أو لعلموا أن القوة للَّه. والعامل فى «إذ» : «يرى» ، وإنما جاءت «إذ» هنا ، وهو لما مضى ، ومعنى الكلام لما يستقبل لأن أخبار الآخرة من اللَّه جل ذكره كالكائنة

(1/1349)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 33
الماضية ، لصحة وقوعها وثبات كونها على ما أخبر به الصادق ، لا إله إلا هو ، فجاز الإخبار عنها بالماضي ، إذ هى فى صحة كونها كالشىء الذي قد كان ومضى ، وهو كثير فى القرآن.
166 - إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ «إذ تبرأ» : العامل فى «إذ» : «شديد العذاب» (الآية : 165) أي : حين نبرأ.
ويجوز أن يكون العامل فعلا مضمرا أي : اذكر يا محمد إذ تبرأ. وهو مثل الأول فى وقوع «إذ» لما يستقبل ، ومعناه الذي وضعت له الماضي.
167 - وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ «كما تبرءوا منا» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : تبريا مثل ما تبرءوا منا.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من المضمرين فى «تبرءوا» تقديره : فنتبرأ منهم مشبهين تبرئهم منا.
«كذلك يريهم اللَّه أعمالهم حسرات» : الكاف ، فى موضع رفع على خبر ابتداء محذوف تقديره : الأمر كذلك ، فيحسن الوقوف عليها والابتداء بها ، على هذا.
وقيل : الكاف فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : رؤية مثل ذلك يريهم اللَّه ، فلا تقف عليها ويبتدأ بها. و«حسرات» نصب على الحال لأن «يريهم» من رؤية البصر ، وهو حال من الهاء والميم فى «يريهم» ، ولو كان من «العلم» لكان «حسرات» مفعولا ثالثا.
168 - يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالًا طَيِّباً ..
«
حلالا طيّبا» : هو نعت لمفعول محذوف أي : كلوا شيئا حلالا طيبا من المأكول الذي فى الأرض.
وقيل : هو مفعول «كلوا».
وقيل : حال من «مما فى الأرض».
170 - وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَ لَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ «أو لو كان آباؤهم» : الواو ، واو عطف ، والألف ، للتوبيخ ، ولفظها لفظ الاستفهام وجواب «لو» محذوف تقديره : أو لو كان آباؤهم لا يعقلون شيئا ولا يهتدون يتبعونهم على خطئهم وضلالتهم؟.
(م 3 - الموسوعة القرآنية ج 4)

(1/1350)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 34
171 - وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلَّا دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ «إلا دعاء ونداء» : نصب ب «يسمع».
«صمّ» : رفع على إضمار مبتدأ أي : هم صم.
173 - إِنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنْزِيرِ وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «إنّما حرّم عليكم الميتة» : ما ، كافة ل «إن» عن العمل ، ونصبت «الميتة» وما بعدها ب «حرم».
ولو جعلت «ما» بمعنى «الذي» لأضمرتها مع «حرم» ، ولرفعت «الميتة» وما بعدها على خبر «إن».
«غير باغ» : نصب على الحال من المضمر فى «اضطر» ، «و باغ» و«عاد» بمنزلة : قاض.
175 - أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ «فما أصبرهم» : ما ، موضع رفع بالابتداء ، وما بعدها خبرها ويحتمل أن تكون استفهاما ، وأن تكون تعجبا ، يعجّب اللَّه المؤمنين من جزاء الكافرين على عمل يقربهم إلى النار وكذلك معنى الاستفهام.
177 - لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَالْمَلائِكَةِ وَالْكِتابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقابِ وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذا عاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْساءِ وَالضَّرَّاءِ ..
«ليس البر أن تولوا» : البر ، اسم «ليس» ، و«أن تولوا» الخبر. ومن نصب «البر» جعل «أن تولوا» اسم «ليس».
«و لكن البر من آمن باللَّه» : من خفف : النون من «لكن» فالتقدير : ولكن البر بر من آمن ، ثم حذف المضاف ، و«و البر» الأول هو الثاني.
وقيل : التقدير : ولكن ذو البر من آمن ، ثم حذف المضاف أيضا.
ومن شدد النون من «لكن» نصب «البر» ، والتقديرات على حالها.
وإنما احتيج إلى هذه التقديرات ليصح أن يكون الابتداء هو الخبر ، إذ الجثث لا تكون خبرا عن المصادر ، لا المصادر خبرا عنها.

(1/1351)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 35
«على حبّه» ، الهاء ، تعود على المؤمن المعطى للمال ، والمفعول محذوف أو : على حبه المال.
وقيل : «الهاء» تعود على «المال أي : آتى المال على حب المال فأضيف المصدر إلى المفعول ، كما تقول :
عجبت من أكل زيد الخبز.
وقيل : «الهاء» تعود على «الإيتاء» أي : وآتى المال على حب الإيتاء.
فإذا كانت «الهاء» ل «المؤمن» جاز أن ينصب «ذوى القربى» بالحب أي : على حب المؤمن ذوى القربى.
وفى الأوجه الأخر تنصب «ذوى القربى» ب «آتى».
وقيل : «الهاء» تعود على «اللَّه» جل ذكره أي : وآتى المال على حب اللَّه ، وعاد الضمير على «اللَّه» لتقدم ذكره فى «آمن باللَّه».
«و الموفون» : عطف على المضمر فى «آمن» ، فى قوله «من آمن».
«
و قيل : ارتفعوا على إضمار «فهم» : على المدح للمضمرين ، والمدح داخل فى الصلة.
«و الصّابرين» : نصب على إضمار «أعنى» ، أو على العطف على «ذوى القربى» ، فإذا عطفتهم على «ذوى» لم يجز أن يرفع «و الموفون» إلا على العطف على المضمر فى «آمن» ، ولا يرفع على العطف على «من» لأنك تفرق بين الصلة والموصول فتعطف «و الموفون» على المضمر فى «آمن» ، فيجوز أن يعطف «و الصابرين» على «ذوى» ، فإن نصبت «الصابرين» على «أعنى» ، جاز عطف «و الموفون» على «من» ، وعلى الضمير فى «آمن» ، وأن ترفع على : «وهم».
178 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ ...
«فمن عفى له من أخيه شى ء» : الهاء ، فى «له» تعود على «من» ، و«من» اسم القاتل ، وكذلك الهاء فى «أخيه» ، والأخ ولى المقتول ، و«شى ء» يراد به الدم.
وقيل : «من» اسم المولى والأخ ، هو القاتل ، و«شى ء» يراد به الدية وترك القصاص ، فنكر «شى ء» لأنه فى موضع «عفو» ، و«عفو» نكرة.

(1/1352)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 36
180 - كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «الوصيّة للوالدين» : الوصية ، رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، أي : فعليكم الوصية ، ويبعد رفعها ب «كتب» ، لأنها تصير عاملة فى «إذا» ، ف «إذا» فى صلة الوصية ، فقد قدمت الصلة على الموصول ، والمفعول الذي لم يسم فاعله ل «كتب» مضمر دلت عليه الوصية تقديره : كتب عليكم الإيصاء إذا حضر ، فالإيصاء عامل فى «إذا» ، و«كتب» جواب لها ، و«إذا» وجوابها جواب الشرط فى قوله «إن ترك خيرا».
وقد قال الأخفش : إن «الفاء» مضمرة مع الوصية ، وهى جواب الشرط ، كأنه قال : فالوصية للوالدين.
فإن جعلت «الوصية» اسما غير مصدر جاز رفعها ب «كتب» ، ولا يجوز أن يكون «كتب» عاملا فى «إذا» لأن الكتاب لم يكتب على العبد وقت موته ، بل هو شىء قد تقدم فى اللوح المحفوظ ، فالإيصاء هو الذي يكون عند حضور الموت ، فهو العامل فى «إذا».
وأجاز النحاس رفع «الوصية» ب «كتب» ، على أن تقدرها بعد لفظ الموت ، وتجعلها وما بعدها جوابا للشرط ، فتنوى لها التقديم.
وهذا بعيد ، لا يجوز أن يكون الشيء فى موضعه فتنوى به غير موضعه وأيضا فإنه ليس فى الكلام ما يعمل فى «إذا» ، إذا رفعت الوصية ب «كتب». وفيه نظر.
«حقّا» : مصدر ، ويجوز فى الكلام الرفع على معنى : هو حق.
181 - فَمَنْ بَدَّلَهُ بَعْدَ ما سَمِعَهُ فَإِنَّما إِثْمُهُ عَلَى الَّذِينَ يُبَدِّلُونَهُ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ الهاء فى قوله «فمن بدله» ، وما بعدها من الهاءات الثلاث ، يعدن على الإيصاء إذ الوصية تدل على الإيصاء.
وقيل : يعدن على الكتب لأن «كتب» تدل على «الكتب».
183 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ «كما كتب على الذين من قبلكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : كتبا كما كتب على الذين أو : صوما كما كتب.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الحال من «الصيام» تقديره : كتب عليكم الصيام مشبها لما كتب على الذين من قبلكم.

(1/1353)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 37
و يجوز أن يكون فى موضع رفع نعت للصيام ، إذ هو عام اللفظ لم يأت بيانه إلا فيما بعده.
فإذا جعلت «الكاف» نعتا للصيام نصبت «أياما معدودات» بالصيام لأنه كله داخل فى صلته ، ولا يجوز نصب «أيام معدودات» بالصيام على الأوجه الأخر التي فى الكاف لأنك تفرق بين الصلة والموصول ، إذ الكاف وما بعدها لا تكون داخلة فى صلة «الصيام» ، و«أياما» إذا نصبتها بالصيام ، هى داخلة فى صلة الصيام ، فقد فرقت بين الصلة والموصول ، ولكن تنصب «أياما» ب «كتب» ، تجعلها مفعولا على السعة.
فإن جعلت نصب «الأيام» على الظرف ، والعامل فيها «الصيام» ، جاز جميع ما امتنع ، إذا جعلت «الأيام» مفعولا بها لأن الظروف يتسع فيها وتعمل فيها المعاني ، وليس كذلك المفعولات.
وفى جواز ذلك فى الظروف اختلاف.
184 - أَيَّاماً مَعْدُوداتٍ فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ ...
«فعدة» : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : فعليه عدة.
ولو نصب فى الكلام جاز ، على تقدير : فليصم عدة.
«فدية» : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف ، تقديره : فعليه فدية.
ومن نون جعل «طعام» بدل من «فدية» ، ومن لم ينون أضاف «الفدية» إلى «طعام».
185 - شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ «شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن» : شهر رمضان ، رفع بالابتداء. و«الذي أنزل فيه القرآن» خبره. ومن نصبه فعلى الإغراء أي : صوموا شهر رمضان ، ويكون «الذي» نعته. ولا يجوز نصبه ب «تصوموا» لأنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر ، وهو «خير لكم».
و الهاء فى قوله «أنزل فيه القرآن» يرجع على «شهر رمضان» ، على معنيين :
أحدهما : أن يكون المعنى : الذي أنزل القرآن إلى سماء الدنيا جملة فيه ، فيكون «فيه» ظرفا لنزول القرآن.
والثاني : أن يكون المعنى : الذي أنزل القرآن بفرضه ، كما تقول قد أنزل اللَّه قرآنا فى عائشة ، رضى اللَّه عنها ، فلا يكون «فيه» ظرفا لنزول القرآن ، إنما يكون معدى إليه الفعل بحرف ، كقوله تعالى (واهجروهن فى المضاجع)

(1/1354)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 38
النساء : 34 أي : من أجل تخلفهن عن المضاجع ، فليس «فى المضاجع» ظرفا للهجران ، إنما هو سبب للهجران معناه : واهجروهن من أجل تخلفهن عن المضاجعة معكم.
«هدى للنّاس وبينات» : حالان من «القرآن».
«فمن شهد منكم الشهر» : الشهر ، نصب على الظرف ، ولا يكون مفعولا به لأن «الشهادة» بمعنى الحضور فى المصر والتقدير : فمن حضر منكم المصر فى الشهر.
ولتكملوا العدّة» أي : ويريد اللَّه لتكملوا العدة.
وقيل : المعنى : ولتكملوا العدة فعل ذلك ، فاللام متعلّقة بفعل مضمر فى أول الكلام ، أو فى آخره.
186 - وَإِذا سَأَلَكَ عِبادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ «دعوة» : خبر ثان ل «إن» ، و«قريب» خبر أول.
187 - أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَّ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ وَعَفا عَنْكُمْ ...
«ليلة الصّيام الرّفث» : ليلة ، ظرف للرفث ، وهو الجماع ، والعامل فيه «أحل» ، و«الرفث» مفعول لم يسم فاعله.
«و أنتم عاكفون فى المساجد» : ابتداء وخبر فى موضع الحال من المضمر فى «و لا تباشروهن».
188 - وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ ...
«و تدلوا بها إلى الحكّام» : جزم على العطف على «تأكلوا».
و يجوز أن يكون «تدلوا» منصوبا ، تجعله جوابا المنهي بالواو.
189 - يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَواقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِها وَلكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقى ...
«و لكنّ البرّ من اتّقى» : مثل الأول فى جميع وجوهه (الآية : 175 فأما قوله «و ليس البر بأن تأتوا» فلا يجوز فى «البر» إلا الرفع ، لدخول التاء فى الخبر.

(1/1355)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 39
196 - وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ...
«فما استيسر من الهدى» : ما ، فى موضع رفع بالابتداء أي : فعليه ما استيسر.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب ، على تقدير : فليهد ما استيسر.
197 - الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ ...
«الحج أشهر معلومات» : ابتداء وخبر ، وفى الكلام حذف مضاف ، فيكون الابتداء هو الخبر فى المعنى تقديره : أشهر الحج أشهر معلومات ، ولو لا هذا الإضمار لكان القياس نصب «أشهر» على الظرف ، كما تقول : القيام اليوم ، والخروج الساعة.
«فلا رفث ولا فسوق» : من نصب فعلى التبرية ، مثل : لا ريب فيه ومن رفع جعل «لا» بمعنى «ليس» ، وخبر «ليس» محذوف أي : ليس رفث فيه.
198 - لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ ...
«عرفات» : أجمع القراء على تنوينه لأنه اسم لبقعة ، وقياس النحو أنك لو سميت امرأة ب «مسلمات» لتركت التنوين على حاله ولم تحذفه لأنه لم يدخل فى هذا الاسم فرقا بين ما ينصرف وما لا ينصرف ، وإنما هو كحرف من الأصل. وحكى سيبويه أن بعض العرب تحذف التنوين من «عرفات» ، لما جعلها اسما معرفة حذف التنوين ، وترك التاء مكسورة فى النصب والخفض.
و حكى الأخفش والكوفيون فتح التاء من غير تنوين فى النصب والخفض ، أجروها مجرى هاء التأنيث ، فى : فاطمة ، وعائشة.
«كما هداكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ، أي : هديا كهديكم 200 - فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً ...
«كذكركم آباءكم» : الكاف ، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، أي : ذكرا كذكركم.
ويجوز أن تكون الكاف فى موضع الحال من المضمر فى «فاذكروا» أي : فاذكروه مشبهين ذكركم آباءكم «أو أشد ذكرا» : أشد ، فى موضع خفض عطف على «كذكركم».
ويجوز أن يكون منصوبا على إضمار فعل تقديره : واذكروه ذكرا أشد ذكرا من ذكركم لآبائكم ، فيكون نعتا لمصدر فى موضع الحال أي : اذكروه مبالغين فى الذكر له.

(1/1356)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 40
203 - وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُوداتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقى ...
«لمن اتقى» : اللام ، متعلقة «بالمغفرة» ، أي : المغفرة لمن اتقى المحرمات.
وقيل : لمن اتقى الصيد.
وقيل : تقديره : الإباحة فى التأخير والتعجيل لمن اتقى.
وقيل : الذكر لمن اتقى.
204 - وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ وهو ألد الخصام «ألد الخصام» : هو جمع «خصم». وقيل : هو مصدر «خاصم».
208 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ...
«كافة» : نصب على الحال من المضمر فى «ادخلوا» ، ومعناه : لا يمنع أحد منكم من الدخول أي : يكف بعضكم بعضا من الامتناع.
211 - سَلْ بَنِي إِسْرائِيلَ كَمْ آتَيْناهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ ...
«كم آتيناهم» : كم ، فى موضع نصب بإضمار فعل بعدها تقديره : كم أتينا آتيناهم.
«من آية» : فى موضع المفعول الثاني ل «آتيناهم» ، ويجوز أن يجعل «كم» مفعولا ثانيا ل «آتيناهم».
و إن شئت جعلتها فى موضع رفع على إضمار عائد تقديره : كم آتيناهموه ، وفيه ضعف لحذف الهاء ، وهو بمنزلة قولك : أيها أعطيتكه ، فترفع.
والاختيار : النصب بإضمار فعل بعد «أي» ، تقديره : أيها أعطيتك ، ويصح الرفع مع حذف الهاء ، ولم يجزه سيبويه إلا فى الشعر ، ولا يجوز أن يعمل «سل» فى «كم» لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله ، فالرفع فى «كم» بعيد ، لحذف الهاء ، ولا يعمل فى «كم» ما قبلها ، وهو «سل» لأن لها صدر الكلام ، إذ هى استفهام ، ولا يعمل ما قبل الاستفهام فيه ، وإنما دخلت «من» مع «كم» ، وهى استفهام ، للتفرقة بينهما وبين المنصوب.
و«كم» : اسم غير معرب لمشابهته الحروف لأنه يستفهم به كما يستفهم بالألف ، ولو حذفت «من» نصبت «آية» على التفسير ، إذا جعلت «كم» مفعولا ثانيا ل «آتينا».
213 - كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلَّا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّناتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ ...

(1/1357)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 41
«مبشّرين ومنذرين» : حالان من «النبيين».
«بغيا بينهم» : مفعول من أجله.
214 - أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ «أن تدخلوا الجنة» : أن ، فى موضع المفعولين ل «حسب».
«حتى» : كتبت بالياء ، لأنها أشبهت «سكرى» ، وقد أمالها نصير عن الكسائي ، ولا تكتب إلا بالياء ، ولا تكتب «أما» بالياء قياسا على «حتى» لأنها «أن» ضمت إليها «ما».
«
يقول الرسول» : من رفع «يقول» فلأنه فعل قد ذهب وانقضى ، وإنما نخبر عن الحال التي كان عليها الرسول فيما مضى ، فالفعل دال على الحال التي كانوا عليها فيما مضى ، ف «حتى» داخلة على جملة فى المعنى ، وهى لا تعمل فى الجمل.
ويجوز فى الكلام أن ترفع وتخبر عن الحال التي هى الآن ، وذلك مثل قولك : مرض حتى لا يرجونه أي :
مرض فيما مضى حتى هو الآن لا يرجى ، فتحكى الحال التي هو عليها ، فلا سبيل للنصب فى هذا المعنى ، ولو انتصبت لا نقلب المعنى وصرت تخبر عن فعلين قد مضيا وذهبا ، ولست تحكى حالا كان عليها ، وتقديره : أن تحكى حالا كان النبي عليها فتقديره : وزلزلوا حتى قال الرسول ، كما تقول : سرت حتى أدخلها : أي : كنت سرت فدخلت ، فصارت «حتى» داخلة على جملة ، وهى لا تعمل فى الجمل ، فارتفع الفعل بعدها ، ولم تعمل فيه.
فأما وجه من نصب ، فإنه جعل «حتى» غاية ، بمعنى : «إلى أن» ، فنصب بإضمار «أن» : وجعل قول الرسول غاية لخوف أصحابه لأن «زلزلوا» معناه : خوفوا ، فمعناه : وزلزلوا إلى أن قال الرسول فالفعلان قد نصبا.
«ألا إن نصر اللّه قريب» : قريب ، خبر «إن» ، ويجوز «قريبا» تجعله نعتا لظرف محذوف أي : مكانا قريبا ، ولا يثنى ولا يجمع فى هذا المعنى ولا يؤنث فإن قلت : هو قريب منى ، تريد المكان ، لم تثن ، ولم تجمع ، ولم تؤنث ، فإن أردت النسب ثنيت وجمعت وأنثت.
215 - يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ «يسألونك ما ذا ينفقون» : ما ، استفهام ، ولذلك لم يعمل فيها «يسألونك» ، فهى فى موضع رفع بالابتداء.
و«ذا» بمعنى «الذي» ، وهو الخبر ، والهاء ، محذوفة من «ينفقون» لطول الاسم لأنه صلة «الذي»

(1/1358)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 42
تقديره : يسألونك أي شىء الذي ينفقونه. وإن شئت جعلت «ما» و«ذا» اسما واحد ، فتكون «ما» فى موضع نصب ب «ينفقون» ، ولا تقدرها محذوفة ، كأنك قلت : يسألونك أي شىء ينفقونه.
«ما أنفقتم» : ما ، شرط ، فى موضع نصب ب «أنفقتم» ، وكذلك «و ما تفعلوا» ، والفاء ، جواب الشرط فيهما 217 - يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ الْحَرامِ قِتالٍ فِيهِ قُلْ قِتالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَإِخْراجُ أَهْلِهِ مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللَّهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ ...
«قتال فيه» : بدل من «الشهر» ، وهو بدل الاشتمال.
وقال الكسائي : هو مخفوض على التكرير ، تقديره عنده : عن الشهر عن قتال.
وكذا قال الفراء ، وهو مخفوض بإضمار «عن».
وقال أبو عبيدة : هو مخفوض على الجوار.
«و صدّ عن سبيل اللّه» : ابتداء.
«و كفر ، وإخراج» عطف على «صد» ، و«أكبر عند اللّه» خبره.
وقال الفراء : وصد وكفر ، عطف على «كبير» : فيوجب ذلك أن يكون القتال فى الشهر الحرام كفرا ، وأيضا فإن بعده «و إخراج أهله منه أكبر عند اللّه» ، ومحال أن يكون إخراج أهل المسجد الحرام عند اللّه أكبر من الكفر باللّه.
وقيل : إن «الصد» مرفوع بالابتداء ، و«كفر» عطف عليه ، والخبر محذوف تقديره : كبيران عند اللّه لدلالة «كبير» الأول عليه ويجب على هذا القول أن يكون : إخراج أهل المسجد الحرام منه عند اللّه أكبر من الكفر وإخراجهم منه إنما هو بعض خلال الكفر.
«و المسجد الحرام» : عطف على «سبيل اللّه» أي : قتال فى الشهر الحرام كبير ، وهو صد عن سبيل اللّه ، وعن المسجد.
وقال الفراء : «و المسجد» معطوف على «الشهر الحرام» وفيه بعد لأن سؤالهم لم يكن عن المسجد الحرام ، إنما سألوه عن الشهر الحرام : هل يجوز فيه القتال؟ فقيل لهم : القتال فيه كبير الإثم ، ولكن الصد عن سبيل

(1/1359)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 43
اللّه ، وعن المسجد الحرام ، والكفر باللّه ، وإخراج أهل المسجد الحرام منه ، أكبر عند اللّه إثما من القتال فى الشهر الحرام. ثم قيل لهم : والفتنة أكبر من القتل أي : والكفر باللّه الذي أنتم عليه أيها السائلون أعظم إثما من القتل فى الشهر الحرام الذي سألتم عنه وأنكرتموه فهذا التفسير يبين إعراب هذه الآية.
219 - يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما وَيَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ «ما ذا ينفقون قل العفو» : هو مثل الأول ، إلا أنك إذا جعلت «ذا» بمعنى «الذي» رفعت المفعول لأن «ما» فى موضع رفع بالابتداء ، فجوابها مرفوع مثلها ، وأضمرت «الهاء» مع «ينفقون» تعود على الموصول ، وحذفتها لطول الاسم.
وإذا جعلت «ما» و«ذا» اسما واحدا ، فى موضع نصب ب «ينفقون» نصبت «العفو» لأنه جواب «ما».
فوجب أن يكون إعرابه مثل إعرابها ، ثم تضمرها.
220 - فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْيَتامى قُلْ إِصْلاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخالِطُوهُمْ فَإِخْوانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ...
«فى الدنيا والآخرة» : فى ، متعلقة ب «يتفكرون» ، فهى ظرف للتفكر تقديره : يتفكرون فى أمور الدنيا والآخرة وعواقبها.
وقيل : فى ، متعلقة ب «يبين» الآية : 219 تقديره : كذلك يبين اللّه لكم الآيات فى أمور الدنيا والآخرة لعلكم تتفكرون. و«الكاف» من «كذلك» فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف أي : تبيينا مثل ذلك يبين اللّه لكم الآيات.
«المفسد من المصلح» : اسمان شائعان ، ولم تدخل الألف واللام فيهما للتعريف ، إنما دخلت للجنس ، كما تقول :
أهلك الناس الدينار والدرهم ، وكقوله تعالى (إن الإنسان لفى خسر) العصر : 2 ، لم يرد دينارا بعينه ، ولا درهما بعينه ، ولا إنسانا بعينه ، إنما أراد هذا الجنس ، كذلك معنى قوله «المفسد من المصلح» أي : يعلم هذين الصنفين.
224 - وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «أن تبروا» : أن ، فى موضع نصب على معنى : فى أن تبروا ، فلما حذف حرف الجر تعدى الفعل.
وقيل : كراهة أن.
وقيل : لئلا أن.

(1/1360)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 44
و قال الكسائي : موضع «أن» خفض على إضمار الخافض ، ويجوز أن يكون موضعها رفعا بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : أن تبروا وتتقوا وتصلحوا بين الناس أولى وأمثل.
229 - الطَّلاقُ مَرَّتانِ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسانٍ وَلا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئاً إِلَّا أَنْ يَخافا أَلَّا يُقِيما حُدُودَ اللَّهِ ...
«الطّلاق مرّتان» : ابتداء وخبر تقديره : عدة الطلاق الذي تجب بعده الرجعة مرتان.
«فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان» : ابتداء والخبر محذوف تقديره : فعليكم إمساك ومثله :
«أو تسريح بإحسان». ولو نصب فى غير القرآن لجاز.
«إلّا أن يخافا» : أن ، فى موضع نصب ، استثناء ليس من الأول.
«أن لا يقيما» : أن ، فى موضع نصب لعدم حرف الجر تقديره : من أن لا يقيما ، أو : بأن لا يقيما ، أو : على أن لا يقيما.
231 - ... وَلا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً لِتَعْتَدُوا ...
«ضرارا» : مفعول من أجله.
232 - وَإِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ ...
«أن ينكحن» : أن فى موضع نصب ب «تعضلوهن» أي : لا تمنعوهن نكاح أزواجهن.
233 - ... لا تُضَارَّ والِدَةٌ بِوَلَدِها وَلا مَوْلُودٌ لَهُ بِوَلَدِهِ وَعَلَى الْوارِثِ مِثْلُ ذلِكَ ...
«
لا تضارّ والدة» : مفعول لم يسم فاعله. و«تضار» بمعنى : تضر ويجوز «أن ترتفع بفعلها على أن يكون «تضار» بمعنى «تفاعل» وأصله : تضارر ، ويقدر مفعول محذوف تقديره : ولا تضار والدة بولدها أباه ، ولا يضار مولود له بولدها أمه.
«و على الوارث مثل ذلك» أي : على وارث المولود أن لا يضار أمه.
وقيل : معناه : وعلى الوارث الإنفاق على المولود.
234 - وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً ...
«و الذين يتوفوّن منكم». الذين ، مبتدا.
وفى تقدير خبر الابتداء اختلاف ، لعدم ما يعود على المبتدأ من خبره :

(1/1361)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 45
قال الأخفش : «يتربصن» الخبر ، وفى الكلام حذف العائد على المبتدأ تقديره : يتربصن بأنفسهن بعدهم.
أو بعد موتهم ، ثم حذف ، إذ قد علم أن التربص إنما يكون بعد موت الأزواج.
وقال الكسائي : تقدير الخبر : يتربص أزواجهم.
وقال المبرد : التقدير : ويذر أزواجهم أزواجا يتربصن بأنفسهن.
وقيل : الحذف إنما هو فى أول الكلام تقديره : وأزواج الذين يتوفون منكم يتربصن بأنفسهن.
وقيال قول سيبويه : إن الخبر محذوف ، تقديره : وفيما يتلى عليكم الذين يتوفون منكم ، مثل : (والسارق والسارقة) المائدة : 38 235 - ... وَلكِنْ لا تُواعِدُوهُنَّ سِرًّا إِلَّا أَنْ تَقُولُوا قَوْلًا مَعْرُوفاً وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكاحِ ...
«و لكن لا تواعدوهنّ سرّا» أي : على سر أي : على نكاح.
فإن جعلته من السر ، الذي هو الإخفاء ، كان نصبه على الحال من المضمر فى «تواعدوهن» ، وتقديره : ولكن لا تواعدوهن النكاح متسارين ، لا مظهرين له.
«إلّا أن تقولوا قولا معروفا» : أن ، فى موضع نصب ، استثناء ليس من الأول.
«و لا تعزموا عقدة النّكاح» أي : على عقدة ، فلما حذف الحرف نصب ، كما تقول : ضرب زيد الظهر والبطن أي : على الظهر وعلى البطن.
و قيل : «عقدة» ، منصوب على المصدر ، و«تعزموا» بمعنى : تعقدوا.
236 - ... مَتاعاً بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ «متاعا» : نصب على المصدر. وقيل : حال.
237 - ... فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ ...
«فنصف ما فرضتم» : نصف ، مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : فعليكم نصف ما فرضتم.
ولو نصب فى الكلام جاز ، على معنى : فأدوا نصف ما فرضتم.
240 - وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْراجٍ ...
«و الّذين يتوفّون منكم» : الذين : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : يوصون وصية.

(1/1362)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 46
و إن رفعت «وصية» ، فتقديره : فعليهم وصية ، برفع «وصية» بالابتداء ، و«عليهم» المضمر ، خبرها ، والجملة خبر «الذين».
«متاعا» : مصدر ، عند الأخفش وحال ، عند المبرد ، على تقدير : ذوى متاع.
«غير إخراج» : نصب «غير» على المصدر ، عند الأخفش تقديره : لا إخراجا ، ثم جعل «غير» موضع «لا» ، فإعرابها بمثل إعراب ما أضيفت إليه ، وهو «الإخراج».
وقيل : «غير» ينصب بحذف الجار ، كأن تقديره : من غير إخراج فلما حذف «من» انتصب انتصاب المفعول به.
وقيل : انتصب على الحال من الموصين المتوفين تقديره : متاعا إلى الحول غير ذوى إخراج أي : غير مخرجين لهن.
241 - وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ «حقّا على المتّقين» : حقا ، مصدر ، و«على» متعلقة بالفعل المضمر الناصب ل «حق».
245 - مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضاعِفَهُ لَهُ ...
«
من ذا الّذى يقرض اللّه» : من ، مبتدأ. و«ذا» خبر. و«الذي» نعت ل «ذا» ، أو بدل منه ، ومثله : «من ذا الذي يشفع عنده» الآية : 255 ، ولا يحسن أن تكون «ذا» و«من» اسما واحدا ، كما كانت مع «ما» لأن «ما» مبهمة ، فزيدت «ذا» معها ، لأنها مبهمة مثلها ، وليس «من» كذلك فى الإبهام.
«قرضا» : اسم للمصدر.
«فيضاعفه له» : من رفعه عطفه على ما فى الصلة ، وهو «يقرض» ، ويجوز رفعه على القطع مما قبله.
ومن نصبه حمله على العطف بالفاء على المعنى دون اللفظ ، فتنصبه ووجه نصبه له أنه حمله على المعنى فأضمر بعد الفاء «أن» ليكون مع الفعل مصدرا ، فيعطف مصدرا على مصدر ، فلما أضمر «أن» نصبت الفعل.
ومعنى حمله على المعنى. أن معنى «من ذا الذي يقرض اللّه قرضا حسنا» : من يكن منه قرض يبيعه أضعافا ، فلما كان معنى صدر الكلام المصدر ، جعل الباقي المعطوف بالفاء مصدرا ، ليعطف مصدرا على مصدر ، فاحتاج إلى إضمار «أن» ليكون مع الفعل مصدرا ، فنصبت الفعل فالفاء عاطفة للترتيب على أصلها فى باب العطف.
ولا يحسن أن يجعل «فيضاعفه» ، فى قراءة من نصب ، جواب الاستفهام بالفاء لأن «القرض» ليس مستفهما عنه ، إنما الاستفهام عن فاعل ، ألا ترى أنك لو قلت : أزيد يقرضنى فأشكره؟ لم يجز النصب على جواب الاستفهام ، وجاز على الحمل على المعنى ، كما مر فى تفسير الآية لأن الاستفهام لم يقع على «القرض» إنما وقع

(1/1363)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 47
على «زيد». ولو قلت : أيقرضني زيد فأشكره؟ جاز النصب على جواب الاستفهام لأن الاستفهام ، عن «القرض» وقع.
وقد قيل : إن النصب فى الآية على جواب الاستفهام محمول على المعنى لأن «من يقرض اللّه» و«من ذا الذي يقرض اللّه» سواء فى المعنى ، والأول عليه أهل التحقيق والنظر والقياس.
246 - أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسى إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ أَلَّا تُقاتِلُوا قالُوا وَما لَنا أَلَّا نُقاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ...
«نقاتل» : جزم لأنه جواب الطلب ، ولو رفع فى الكلام لجاز ، على معنى : ونحن نقاتل. فأما ما روى عن الضحاك وابن أبى عبلة أنهما قرءا بالياء ، فالأحسن فيه الرفع لأنه نعت ل «ملك» ، وكذلك قرءا.
ولو جزم على الجواب لجاز ، فالجزم مع النون أجود ، والرفع يجوز والرفع مع الياء أجود ، والجزم يجوز.
«أن لا تقاتلوا» : أن ، فى موضع نصب خبر «عسى» ، فهى وما بعدها مصدر لا يحسن اللفظ به بعد «عسى» لأن المصدر لا يدل على زمان محصل ، و«عسى» تحتاج إلى أن يؤتى بعدها بلفظ المستقبل ، ولا تستعمل «عسى» إلا مع «أن» إلا فى شعر.
«و ما لنا أن لا نقاتل» : أن ، فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره : وما لنا فى أن لا تقاتل.
وقال الأخفش : «أن» ، زائدة.
247 - وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ اللَّهَ قَدْ بَعَثَ لَكُمْ طالُوتَ مَلِكاً «ملكا» : نصب على الحال ، من «طالوت».
248 - وَقالَ لَهُمْ نَبِيُّهُمْ إِنَّ آيَةَ مُلْكِهِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَبَقِيَّةٌ مِمَّا تَرَكَ آلُ مُوسى وَآلُ هارُونَ تَحْمِلُهُ الْمَلائِكَةُ.
«فيه سكينة من ربّكم» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من «التابوت» أيضا.
«تحمله الملائكة» : فى موضع الحال من «التابوت» أيضا.
249 - فَلَمَّا فَصَلَ طالُوتُ بِالْجُنُودِ قالَ إِنَّ اللَّهَ مُبْتَلِيكُمْ بِنَهَرٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي إِلَّا مَنِ اغْتَرَفَ غُرْفَةً بِيَدِهِ فَشَرِبُوا مِنْهُ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَلَمَّا جاوَزَهُ هُوَ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ قالُوا لا طاقَةَ لَنَا الْيَوْمَ بِجالُوتَ وَجُنُودِهِ قالَ الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا اللَّهِ كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ
«إلّا من اغترف» : من ، فى موضع نصب على الاستثناء من المضمر فى «يطعمه».

(1/1364)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 48
«كم من فئة قليلة غلبت» : كم ، فى موضع رفع بالابتداء ، و«غلبت» خبرها 251 - ... وَلَوْ لا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ.
«ببعض» : فى موضع المفعول.
252 - تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ «نتلوها» : فى موضع الحال ، من «آيات اللّه».
253 - تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ ...
«تلك الرسل فضلنا» : ابتداء ، و«الرسل» عطف بيان ، و«فضلنا» ، وما بعده ، الخبر.
«منهم من كلم اللّه» : من ، ابتداء ، و«منهم» الخبر ، والهاء محذوفة من «كلم» أي : كلمه اللّه.
و«تلك» : اسم مبهم ، والتاء ، هو الاسم ، واللام دخلت لتدل على بعد المشار إليه ، والكاف ، للخطاب ، لا موضع لها من الإعراب.
«درجات» أي : إلى درجات ، فلما حذف «إلى» نصب.
254 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ «لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة» : كل هذه الجمل فى موضع النعت المذكور «ليوم» والفتح والرفع فى هذا بمنزلة «فلا رفث ولا فسوق» الآية : 197 ، إذ هو كله أصله الابتداء والخبر ، والجملة فى موضع النعت ل «يوم».
255 - اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ...
«اللّه لا إله إلا هو» : ابتداء وخبر ، وهو بدل من موضع «لا إله». وحقيقته أن «اللّه» مبتدأ ، و«لا إله» ابتداء ثان ، وخبره محذوف أي : اللّه لا إله معبود إلا هو ، و«إلا هو» بدل من موضع «لا إله» ، والجملة خبر عن «اللّه» ، وكذلك قوله «لا إله إلا اللّه» فى موضع رفع بالابتداء. والخبر محذوف ، و«إلا اللّه» بدل من موضع «لا إله» ، وصفة له على الموضع.
وإن شئت جعلت «إلا اللّه» خبر «لا إله» ، ويجوز النصب على الاستثناء.
«القيّوم» : هو «فيعول» من «قام» وأصله : «قيوم» ، فلما سبقت الياء الواو ، والأول ساكن ، أبدل من الواو ياء ، وأدغمت الياء فى الياء ، وكان الرجوع إلى الياء أخف من رجوع الياء إلى الواو.
وهو نعت ل «اللّه» ، أو خبر بعد خبر ، أو بدل من «هو» ، ورفع على إضمار مبتدأ ومثله «الحي».

(1/1365)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 49
و لو نصب فى غير القرآن لجاز على المدح.
«سنة» : أصله : وسنة ، ثم حذفت الواو ، كما حذفت فى «يسن» ، ونقلت حركة الواو إلى السين «من ذا الذي يشفع» : مثل «من ذا الذي يقرض» الآية : 245.
256 - لا إِكْراهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقى لَا انْفِصامَ لَها وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «الطّاغوت» : هو اسم ، يكون للواحد والجمع ، ويؤنث ويذكر ، وهو مشتق من «طغى» ، لكنه مقلوب ، وأصله : «طغيوت» مثل : «جبروت» ، ثم قلبت الياء فى موضع الغين ، فصار «طيغوتا» ، فانقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها ، فصار : طاغوتا فأصله «فعلوت» مقلوب إلى «فلعوت».
وقد يجوز أن يكون أصل لامه واوا ، فيكون أصله : «طغووت» لأنه يقال : طغى يطغو ، وطغيت وطغوت ومثله فى القلب والاعتلال والوزن : حانوت لأنه من : حنا يحنو ، فأصله : حنووت ، ثم قلب وأعل. ولا يجوز أن يكون من «حان يحين» لقولهم فى الجمع : حوانيت.
«لا انفصام لها» : يجوز أن يكون فى موضع نصب ، على الحال من «العروة الوثقى» ، وهى : لا إله إلا اللّه ، فى قول ابن عباس.
258 - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قالَ إِبْراهِيمُ ...
«أن أتاه اللّه» : مفعول من أجله.
«إذ قال» : العامل فى «إذ» : «تر» ، والهاء فى «ربه» تعود على «الذي» ، وهو نمرود.
259 - أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ وَهِيَ خاوِيَةٌ عَلى عُرُوشِها قالَ أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِها فَأَماتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قالَ كَمْ لَبِثْتَ قالَ لَبِثْتُ يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قالَ بَلْ لَبِثْتَ مِائَةَ عامٍ فَانْظُرْ إِلى طَعامِكَ وَشَرابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ ...
«أو كالّذى» : الكاف ، فى موضع نصب ، معطوفة على معنى الكلام تقديره ، عند الفراء والكسائي :
هل رأيت كالذى حاج إبراهيم؟ أو كالذى مر على قرية؟
«كم لبثت» : كم ، فى موضع نصب على الظرف ، فهى هنا ظرف زمان.
«
يتسنه» : يحتمل أن يكون معناه : لم تتغير ريحه أو طعمه ، من قولهم : سن الطعام ، إذا تغير ريحه أو طعمه ، فيكون أصله : يتسنن ، على «يتفعل» بثلاث نونات ، فأبدل من الثالثة ألفا ، لتكرر الأمثال ، فصار «يتسنى» ، فحذفت الألف للجزم ، فبقى : يتسن ، فجىء بالهاء لبيان حركة النون فى الوقف.
(م 4 - الموسوعة القرآنية ج 4)

(1/1366)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 50
و يحتمل أن يكون معناه : لم تغيره السنون ، فتكون الهاء فيه أصلية ، لام الفعل لأن أصل سنة : سنهة ، ويكون سكونها للجزم ، فلا يجوز حذفها فى الوصل ولا الوقف.
260 - وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى قالَ أَوَ لَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «و إذ قال إبراهيم» : العامل فى «إذ» فعل مضمر تقديره : واذكر يا محمد إذ قال إبراهيم.
«كيف يحي» : كيف ، فى موضع نصب ، وهى سؤال عن حال تقديره : رب أرنى بأى حال تحي الموتى؟
«ليطمئن قلبى» : اللام ، متعلقة بفعل مضمر تقديره : ولكن سألتك ليطمئن قلبى ، أو : ولكن أرنى ليطمئن قلبى.
«على كل جبل منهن جزءا» أي : على كل جبل من كل واحد جزءا ، وذلك أعظم فى القدرة.
«سعيا» : مصدر فى موضع الحال.
261 - مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ ...
«مائة حبة» : ابتداء ، وما قبله خبره ، ويجوز فى الكلام «مائة» بالنصب ، على معنى : أنبتت مائة حبة.
263 - قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُها أَذىً وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ.
«قول معروف» : ابتداء ونعته ، والخبر محذوف تقديره : قول معروف أولى بكم.
«
و مغفرة خير من صدقة يتبعها أذى» : ابتداء وخبر ، و«يتبعها» نعت ل «صدقة» فى موضع خفض «أذى» : مقصور ، لا يظهر فيه الإعراب ، كهدى ، وموضعه رفع بفعله.
264 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى كَالَّذِي يُنْفِقُ مالَهُ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوانٍ عَلَيْهِ تُرابٌ ...
«كالذى ينفق» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : إبطالا كالذى وكذلك :
«رثاء» ، نعت لمصدر محذوف تقديره : إنفاقا رثاء.
ويجوز أن يكون «رثاء» مفعولا من أجله.
ويجوز أن يكون فى موضع الحال.

(1/1367)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 51
«الصفوان» ، عند الكسائي : واحد ، وجمعه : صفى ، صفىّ ، وصفىّ.
وقيل : يجوز أن يكون جمعا وواحدا.
وقيل : صفوان ، بكسر الأول ، جمع : «صفى» ، كأخ وإخوان.
وقال الأخفش : صفوان ، بالفتح : جمع : صفوانة ، وإنما قال «عليه» لأن الجمع يذكر.
«عليه تراب» : ابتداء وخبر ، فى موضع خفض ، نعت ل «صفوان».
265 - وَمَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمُ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ وَتَثْبِيتاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ كَمَثَلِ جَنَّةٍ بِرَبْوَةٍ أَصابَها وابِلٌ فَآتَتْ أُكُلَها ضِعْفَيْنِ ...
«ابتغاء مرضاة اللّه وتثبيتا» : كلاهما مفعول من أجله.
«أصابها وابل» : فى موضع خفض على النعت ل «حبة» ، أو ل «ربوة» كما تقول : مررت بجارية دار اشتراها زيد.
266 - أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ...
«من نخيل وأعناب» : فى موضع رفع ، نعت ل «جنة».
«تجرى من تحتها» : نعت ثان ، أو فى موضع نصب على الحال من «جنة» لأنها قد نعتت.
ويجوز أن يكون خبر «كان».
268 - الشَّيْطانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشاءِ ...
«
الشّيطان يعدكم» : شيطان ، فيعال من : شيطن ، إذا بعد ، ولا يجوز أن يكون «فعلان» من تشيط ، وشاط لأن سيبويه حكى : شيطنه فتشيطن ، فلو كان من «شاط» ، لكان : شيطنته ، على وزن «فعلنته» ، وليس هذا البناء فى كلام العرب ، وهو إذا : فيعلته ، كبيطرته ، فالنون ، أصلية والياء زائدة ، فلا بد أن يكون النون لاما ، وأن يكون «شيطان» : فيعال ، من «شيطن» ، إذا بعد ، كأنه لما بعد من رحمة اللّه سمى بذلك.
270 - وَما أَنْفَقْتُمْ مِنْ نَفَقَةٍ أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُهُ ...
«و ما أنفقتم» : فى موضع نصب ، بوقوع الفعل الذي بعده عليه وهو شرط.
«فإنّ اللّه يعلمه» : الهاء ، يعود على النذر ، أو : على الإنفاق.

(1/1368)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 52
271 - إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ «فنعمّا هى» : فى «نعم» أربع لغات : نعم ، مثل «علم» : ونعم ، بكسر النون والعين لأنه حرف حلق يتبعه ما قبله فى الحركة فى أكثر اللغات ونعم ، بترك النون مفتوحة على أصلها ، وتسكن العين استخفافا ، ونعم ، بكسر النون لكسرة العين ، ثم تسكن العين استخفافا.
فمن كسر النون والعين من القراء ، احتمل أن يكون كسر العين على لغة من كسرها وأتبع النون بها ، ويحتمل أن يكون على لغة من أسكن العين مع الإدغام. وهذا محال لا يجوز ، ولا يتمكن فى النطق.
ومن فتح النون وكسر العين ، جاز أن يكون قراءة على لغة من قال : نعم ، كعلم. ويجوز أن يكون ، أسكن العين استخفافا فلما ، اتصلت بالمدغم كسرها لالتقاء الساكنين.
و«ما» : فى موضع نصب ، على التفسير. وفى «نعم» مرفوع ، وهو ضمير الصدقات ، و«هى» مبتدأ ، وما قبلها الخبر تقديره : إن تبدوا الصدقات فهى نعم شيئا.
«
و يكفر عنكم من سيئاتكم» : من جزمه عطفه على موضع «الفاء» فى قوله «فهو خير لكم» ومن رفع فعلى القطع ، ومن قرأ بالنون ورفع ، قدّره : ونحن نكفر ، ومن قرأ بالياء ورفع ، قدّره : واللّه يكفر عنكم.
272 - لَيْسَ عَلَيْكَ هُداهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ وَما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ وَما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ «و ما تنفقوا» : ما ، فى موضع نصب بوقوع الفعل الذي بعده عليه ، وهو شرط.
«و ما تنفقون» : ما ، حرف ناف.
«و أنتم لا تظلمون» : ابتداء وخبر ، فى موضع نصب على الحال ، من الكاف والميم فى «إليكم».
273 - لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً ...
«للفقراء» : اللام ، متعلقة بمحذوف تقديره : أعطوا للفقراء.

(1/1369)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 53
«لا يستطيعون ضربا فى الأرض» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «أحصروا» ، و«يحسبهم» حال من «الفقراء» أيضا ، وكذلك «تعرفهم» ، وكذلك «لا يسألون الناس إلحافا». ويحسن أن يكون ذلك كله حالا من المضمر فى «أحصروا». ويحتمل أن يكون ذلك كله منقطعا مما قبله لا موضع له من الإعراب ، و«إلحاقا» : مصدر فى موضع الحال.
274 - الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَالنَّهارِ سِرًّا وَعَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «الذين ينفقون أموالهم» : ابتداء وخبر.
«سرا وعلانية» : حالان من المضمر ، فى «ينفقون».
«
فلهم أجرهم» : ابتداء وخبر أيضا ، ودخلت الفاء ، لما فى «الذين» من الإبهام ، فشابه بإبهامه الإبهام الذي فى الشرط ، فدلت الفاء فى جوابه على المشابهة بالشرط ، وإنما تشابه «الذي» الشرط إذا كان فى صلته فعل ، نحو :
الذي يأتينى فله درهم ، ولو قلت : الذي زيد فى داره فله درهم ، صح دخول الفاء فى خبره ، إذ لا فعل فى صلته ، ولا يكون هذا فى «الذي» إلا إذا لم يدخل عليه عامل يغير معناه ، فإن دخل عليه ما يغير معناه لم يجز دخول الفاء فى خبره ، نحو : إن الذي يقوم زيد ، وليت الذي يخرج عمرو : فلا يجوز دخول الفاء فى خبره لتغير معناه بما دخل عليه.
275 - الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى فَلَهُ ما سَلَفَ ...
«الذين يأكلون» : ابتداء ، وخبره : «لا يقومون» وما بعده.
«الرّبا» : من الواو ، وتثنيته : ربوان ، عند سيبويه ، بالألف. وقال الكوفيون : بالياء. ويثنى بالياء لأجل الكسرة التي فى أوله ، وكذلك يقولون فى ذوات الواو الثلاثية إذا انكسر الأول أو انضم ، نحو : ربا ، وضحى فإن انفتح الأول كتبوه بالألف وبنوه بالألف ، كما قال البصريون ، نحو : صفا.
«فمن جاءه موعظة» : ذكّر «جاءه» حمله على المعنى لأنه بمعنى : فمن جاءه وعظ.
وقيل : ذكر لأن تأنيث الموعظة غير حقيقى ، إذ لا ذكر لها من لفظها.
وقيل : ذكر ، لأنه فرق بين فعل المؤنث وبينه بالهاء.

(1/1370)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 54
280 - وَإِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ «و إن كان ذو عسرة» : كان ، تامة لا تحتاج إلى خبر تقديره : إن وقع ذو عسرة فهو شائع فى كل الناس. ولو نصب «ذا» على خبر «كان» لصار مخصوصا فى قوم ناعتا لهم ، فلهذه العلة أجمع القراء المشهورون على رفع «ذو».
«فنظرة إلى ميسرة» : ابتداء وخبر ، وهو من التأخير.
«و أن تصدّقوا» : أن ، فى موضع رفع على الابتداء ، و«خير» خبره.
281 - وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ...
«ترجعون فيه» : فى موضع نصب ، نعت ل «يوم».
282 - وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى وَلا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَلا يُضَارَّ كاتِبٌ وَلا شَهِيدٌ ..
«فرجل وامرأتان» : ابتداء ، والخبر محذوف تقديره : فرجل وامرأتان يقومان مقام الرجلين. وفى «يكون» ضمير «الشهيدين» ، وهو اسم «كان» ، و«رجلين» خبرها.
وقيل : التقدير : فرجل وامرأتان يشهدون. وهذا الخبر المحذوف هو العامل فى «أن تضل».
«أن تضلّ» : موضع نصب ، والعامل فيه الخبر المحذوف ، وهو «يشهدون» ، على تقدير : «لأن» ، كما تقول : أعددت الخشبة ليميل الحائط فأدعمه وكقول الشاعر :
فلموت ما تلد الوالده
فأخير بعاقبة الأمر وسببه.
ومن كسر «أن» جعله شرطا ، وموضع الشرط وجوابه رفع ، نعت ل «امرأتين».
«
ممّن ترضون من الشهداء» : فى موضع رفع ، صفة ل «رجل وامرأتين». ولا يدخل معهم فى الصفة

(1/1371)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 55
«شهيدين» ، لاختلاف الإعراب فى الموضعين ، ولا يحسن أن يعمل فى «أن تضل» : «فاستشهدوا» لأنهم لم يؤمروا بالإشهاد لأن تضل إحدى المرأتين.
«صغيرا أو كبيرا» ، حالان من الهاء فى «تكتبوه» ، وهى عائدة على «الذين».
«ألا ترتابوا» : أن ، فى موضع نصب تقديره : وأدنى من أن لا ترتابوا.
«إلا أن تكون تجارة» : أن ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
ومن رفع «تجارة» جعل «كان» بمعنى : وقع وحدث ، و«تديرونها» : نعت للتجارة.
وقيل : هو خبر «كان».
ومن نصب «تجارة» أضمر فى «كان» اسمها وتقديره : إلا أن تكون التجارة تجارة مدارة بينكم.
«أن لا تكتبوها» : أن ، فى موضع نصب تقديره ، فليس عليكم جناح فى أن لا تكتبوها.
«و لا يضار كاتب ولا شهيد» : يجوز أن يكونا فاعلين ، ويكون «يضار» يفاعل.
ويجوز أن يكونا مفعولين لم يسم فاعلهما ، ويكون «يضار» يفاعل. والأحسن أن يكون «يفاعل» ، لأن بعده : «و إن تفعلوا فإنه فسوق بكم» ، يخاطب الشهداء. والهاء فى «فإنه» تعود على «الذين» وقيل : بل تعود على المطلوب.
283 - وَإِنْ كُنْتُمْ عَلى سَفَرٍ وَلَمْ تَجِدُوا كاتِباً فَرِهانٌ مَقْبُوضَةٌ فَإِنْ أَمِنَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فَلْيُؤَدِّ الَّذِي اؤْتُمِنَ أَمانَتَهُ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلا تَكْتُمُوا الشَّهادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْها فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ «فرهان مقبوضة» : فرهان ، مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : فرهان مقبوضة تكفى من ذلك.
و«رهان» : جمع : رهن ، كبغل وبغال.
ومن قرأ «فرهن» ، فهو جمع : رهان ، ككتاب وكتب ، ومن أسكن الهاء فعلى الاستخفاف.
وقد قيل : إن «رهنا» ، جمع رهن ، كسقف وسقف.
«
فليؤدّ الذي اؤتمن» : الياء التي فى اللفظ فى «الذي» ، فى قراءة ورش ، بدل من الهمزة الساكنة التي هى فاء الفعل فى «اؤتمن» ، وياء «الذي» ، حذفت لالتقاء الساكنين ، كما حذفت إذا خففت الهمزة.
«فإنه آثم قلبه» : آثم ، خبر «إن» ، و«قلبه» رفع بفعله ، وهو : أثم.
ويجوز أن يرفع «آثم» بالابتداء ، و«قلبه» بفعله ، ويسد مسد الخبر. والجملة خبر «إن».

(1/1372)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 56
و يجوز أن يرفع «القلب» بالابتداء ، و«آثم» خبره ، والجملة خبر «إن».
أو أن يجعل «آثم» خبر «إن» ، و«و قلبه» بدل من الضمير فى «آثم» ، وهو بدل البعض من الكل.
وأجاز أبو حاتم نصب «قلبه» ب «آثم» فنصب على التفسير وهو بعيد لأنه معرفة.
284 - لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا ما فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء» : من جزم عطف على «يحاسبكم» ، الذي هو جواب الشرط.
وروى عن ابن عباس والأعرج أنهما قرآه بالنصب ، على إضمار «أن» ، وهو عطف على المعنى كما قدمنا فى «فيضاعفه» فالفاء لعطف مصدر على مصدر حملا على المعنى الأول.
وقرأ عاصم وابن عامر : بالرفع ، على القطع من الأول.
285 - آمَنَ الرَّسُولُ بِما أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ.
«كلّ آمن باللّه» : ابتداء وخبر. ووحد «آمن» ، لأنه حمل على لفظ «كل» ، ولو حمل على المعنى لقال : كل آمنوا.
«
سمعنا وأطعنا» : معناه : قبلنا ما أمرتنا به ، ومنه قول المصلى : سمع اللّه لمن حمده أي : قبل منه حمده. ولفظه لفظ الخبر ، ومعناه الدعاء والطلب مثل قولك : غفر اللّه لى ، معناه : اللهم اغفر لى.
286 - لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا رَبَّنا وَلا تَحْمِلْ عَلَيْنا إِصْراً كَما حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنا رَبَّنا وَلا تُحَمِّلْنا ما لا طاقَةَ لَنا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنا وَارْحَمْنا أَنْتَ مَوْلانا فَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ «لا تؤاخذنا ، ولا تحمل علينا ، ولا تحمّلنا» : لفظه كله لفظ النهى ، ومعناه : الطلب ، وهو مجزوم.
«و لا تؤاخذنا» : حكى الأخفش ، آخذه اللّه بذلك ، وواخذه ، لغتان.
«و اعف عنا واغفر لنا وارحمنا ، فانصرنا» : لفظه كله لفظ الأمر ، ومعناه : الطلب ، وهو مبنى على الوقف عند البصريين ، ومجزوم عند الكوفيين.
«ربّنا» : نداء مضاف.

(1/1373)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 57
- 3 - سورة آل عمران
1 - الم «الم» : مثل : «الم ذلك» البقرة : 1 ، 2 ، فأما فتحة الميم ، فيجوز أن تكون فتحت لسكونها وسكون اللام بعدها ، ويجوز أن تكون فتحت ، لأنه نوى عليها الوقف ، فألقيت عليها حركة ألف الوصل المبتدأ بها ، كما قال :
واحد ، اثنان ، ثلاثة ، أربعة ، فألقوا حركة همزة «أربعة» على الهاء من «ثلاثة» وتركوها على حالها ، ولم يقلبوها تاء عند تحركها ، إذ النية فيها الوقف.
وقال ابن كيسان : ألف «اللّه» ، وكل ألف مع لام التعريف ، ألف قطع ، بمنزلة «قد» ، وإنما وصلت لكثرة الاستعمال ، فمن حرك الميم ألقى عليها حركة الهمزة التي بمنزلة القاف من «قد» ، ففتحها بفتحة الهمزة.
و أجاز الأخفش كسر الميم لالتقاء الساكنين وهو غلط لا قياس له ، لنقله 2 - اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ «اللّه لا إله إلا هو» : اللّه ، مبتدأ. وخبره «نزل عليك الكتاب» الآية : 3.
«لا إله إلا هو» : لا إله ، فى موضع رفع بالابتداء ، وخبره محذوف ، و«إلا» هو بدل من موضع «لا إله».
وقيل : هو ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من «اللّه».
وقيل : من المضمر فى «نزل» تقديره : اللّه نزل عليك الكتاب متوحد بالربوبية.
وقيل : هو بدل من موضع «لا إله».
«الحىّ القيوم» : نعتان للّه. و«القيوم» فيعول ، من : قام بالأمر.
3 - نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ «بالحق» : فى موضع الحال من «الكتاب» ، فالباء متعلقة بمحذوف تقديره : نزل عليك الكتاب ثابتا بالحق. ولا تتعلق الباء ب «نزل» لأنه قد تعدى إلى ثالث.
«مصدقا» : حال من المضمر فى «بالحق» تقديره : نزل عليك الكتاب محققا مصدقا لما بين يديه وهما حالان مؤكدان .
«التّوراة» : وزنها : فوعلة ، وأصلها : وورية ، مشتقة من : ورى الزند ، فالتاء بدل من واو ، ومن :

(1/1374)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 58
ورى الزند ، ومن قوله : «تورون» الواقعة : 71 ، وقوله : فالموريات «قدحا» العاديات : 2 ، وقلبت الياء ألفا لتحركها وانفتاح ما قبلها هذا مذهب البصريين.
وقال الكوفيون : وزنها : تفعلة ، من : ورى الزند ، أيضا ، فالتاء غير منقلبة عندهم من واو ، أصلها عندهم : تورية ، وهذا قليل فى الكلام ، و«فوعلة» كثير فى الكلام ، فحمله على الأكثر أولى ، وأيضا فإن التاء لم تكثر زيادتها فى الكلام كما كثرت زيادة الواو ثانية.
7 - هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ وَأُخَرُ مُتَشابِهاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ ما تَشابَهَ مِنْهُ ابْتِغاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ «ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله» : مفعولان من أجلهما.
«و الرّاسخون فى العلم» : عطف على «اللّه» جل ذكره ، فهم يعلمون المتشابه ، ولذلك وصفهم اللّه بالرسوخ فى العلم ، ولو كانوا جهالا بمعرفة المتشابه ما وصفهم اللّه بالرسوخ فى العلم.
فأما ما روى عن ابن عباس أنه قرأ : «و يقول الراسخون فى العلم آمنا به» ، فهى قراءة تخالف المصحف وإن صحت فتأويلها : ما يعلمه إلا اللّه والراسخون فى العلم يقولون آمنا به ، ثم أظهر الضمير الذي فى «يقولون» ، فقال : ويقول الراسخون. و«الهاء» فى «تأويله» تعود على «المتشابه» وقيل : تعود على «الكتاب» ، وهو القرآن كله.
11 - كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا ...
«كدأب آل فرعون» : الكاف ، فى موضع نصب ، على النعت لمصدر محذوف تقديره ، عن الفراء :
كفرت العرب كفرا ككفر آل فرعون وفى هذا القول إيهام للتفرقة بين الصلة والموصول.
13 - قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ «فئة» أي : إحداهما فئة.
«تقاتل». فى موضع النعت ل «فئة» ، ولو خفضت على البدل من «فئتين» لجاز ، وهى قراءة الحسن ومجاهد ، ويكون «أخرى» فى موضع خفض.

(1/1375)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 59
«
و أخرى» : فى موضع رفع على خبر الابتداء ، وهى صفة قامت مقام الموصوف ، وهو «فئة» تقديره :
و الأخرى فئة أخرى كافرة.
ويجوز النصب فيهما على الحال أي : التقتا مختلفتين.
«يرونهم» : من قرأ بالتاء ، فموضعه نصب على الحال من الكاف والميم فى «لكم» ، أو فى موضع رفع على النعت ل «أخرى» ، أو فى موضع خفض على النعت ل «أخرى» ، إن جعلتها فى موضع خفض على العطف على «فئة» ، فى قراءة من خفضها على البدل من «فئتين».
والخطاب فى «لكم» لليهود وقيل : للمسلمين.
وفى هذه الآية وجوه من الإعراب والمعاني على قدر الاختلاف فى رجوع الضمائر فى قوله «يرونهم مثليهم» وعلى اختلاف المعاني فى قراءة من قرأ بالتاء وبالياء فى «يرونهم».
«مثليهم» : نصب على الحال من الهاء والميم فى «يرونهم» لأنه من رؤية البصر ، بدلالة قوله «رأى العين» ، والمضمر المنصوب فى «يرونهم» يعود على الفئة الأخرى الكافرة ، والمرفوع ، فى قراءة من قرأ بالياء ، يعود على الفئة المقاتلة فى سبيل اللّه والهاء والميم فى «مثليهم» يعودان على الفئة المقاتلة فى سبيل اللّه.
هذا أبين الأقوال ، وفيها اختلاف كثير.
14 - ... ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ «و اللّه عنده حسن المآب» : اللّه ، مبتدأ ، و«حسن» ابتداء ثان : و«عنده» خبر «حسن» ، و«حسن» وخبره خبر عن «اللّه».
و«المآب» : وزنه : مفعل ، وأصله : مأوب ، ثم نقلت حركة الواو على الهمزة ، وأبدل من الواو ألف ، مثل :
مقال ، ومكال.
15 - قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...
«جنّات» : ابتداء ، و«للذين» الخبر ، واللام متعلقة بالخبر المحذوف ، الذي قامت اللام مقامه ، بمنزلة قولك : للّه الحمد.
ويجوز الخفض فى «جنات» على البدل من «بخير» ، على أن يجعل اللام فى «للذين» متعلقة ب «أ ؤنبئكم» ،

(1/1376)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 60
أو تجعلها صفة ل «خير» ولو جعلت اللام متعلقة بمحذوف قامت مقامه لم يجز خفض «جنات» لأن حروف الجر والظروف إذا تعلقت بمحذوف تقوم مقامه صار فيها ضمير مقدر مرفوع ، واحتاجت إلى ابتداء يعود عليه ذلك الضمير ، كقولك : لزيد مال ، وفى الدار زيد ، وخلفك عمرو فلا بد من رفع «جنات» إذا تعلقت اللام بمحذوف.
ولو قدرت أن تتعلق اللام بمحذوف ، على أن لا ضمير فيها ، رفعت «جنات» بفعلها وهو مذهب الأخفش فى رفعه ما بعد الظروف وحروف الخفض بالاستقرار. وإنما يحسن ذلك عند حذاق النحويين إذا كانت الظروف ، أو حروف الخفض ، صفة لما قبلها ، فحينئذ يتمكن ويحسن رفع الاسم بالاستقرار ، وكذلك إن كانت أحوالا مما قبلها.
16 - الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا إِنَّنا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَقِنا عَذابَ النَّارِ «الذين» ، فى موضع الخفض بدل من «للذين اتقوا» الآية : 15 ، وإن شئت : فى موضع رفع على تقدير «هم» ، وإن شئت : فى موضع نصب على المدح.
17 - الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقانِتِينَ ...
«الصّابرين» : بدل من «الذين» ، على اختلاف الوجوه المذكورة.
18 - شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُولُوا الْعِلْمِ قائِماً بِالْقِسْطِ «قائما بالقسط» : حال مؤكدة.
19 - إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ من فتح «إن» ، وهى قراءة الكسائي ، جعلها بدلا من «أن» الأولى فى قوله شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الآية : 17 ، بدل الشيء من الشيء ، وهو هو.
ويجوز أن يكون البدل بدل الاشتمال ، على تقدير اشتمال الثاني على الأول لأن الإسلام يشتمل على شرائع كثيرة ، منها التوحيد المتقدم ذكره ، وهو بمنزلة قولك : سلب زيد ثوبه.
و يجوز أن تكون «أن» فى موضع خفض بدلا من «القسط» ، بدل الشيء من الشيء ، وهو هو.
«بغيا بينهم» ، مفعول من أجله وقيل : حال من «الذين».
«و من يكفر بآيات اللّه» : من ، شرط ، فى موضع رفع بالابتداء ، و«فإنّ اللّه سريع الحساب» :

(1/1377)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 61
خبره ، والفاء ، جواب الشرط ، والعائد على المبتدأ من خبره محذوف تقديره : سريع الحساب له.
ويجوز رفع «يكفر» ، على أن يجعل «من» بمعنى «الذي» ، وتقدير حذف «له» من الخبر 20 - فَإِنْ حَاجُّوكَ فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلَّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ ...
«و من اتّبعن» : من ، فى موضع رفع ، عطف على التاء فى «أسلمت» ويجوز أن يكون مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : ومن اتبعنى أسلم وجهه للّه.
ويجوز أن يكون فى موضع خفض عطفا على «اللّه».
21 - إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «فبشرهم» خبر «إن الذين يكفرون» ، ودخلت الفاء للإبهام الذي فى «الذي» ، وكون الفعل فى صلة «الذي» ، مع أن «الذي» لم يغير معناه العامل ، فلا يتم دخول الفاء فى خبر «الذي» حتى يكون الفعل فى صلته ، ويكون لم يدخل عليه عامل يغير معناه ، فبهذين الشرطين تدخل الفاء فى خبر «الذي» ، فمتى نقصا ، أو نقص واحد منهما ، لم يجز دخول الفاء فى خبره.
23 - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يُدْعَوْنَ إِلى كِتابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ «و هم معرضون» : ابتداء وخبر ، فى موضع النعت ل «فريق» ، أو فى موضع الحال ، لأن النكرة قد نعتت ، ولأن الواو واو الحال.
25 - فَكَيْفَ إِذا جَمَعْناهُمْ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ «فكيف إذا جمعناهم» : كيف ، سؤال عن حال ، وهى هنا تهديد ووعيد ، وموضعها نصب على الظرف ، والعامل فيها المعنى الذي دلت عليه «كيف» تقديره : فعلى أي حال يكونون حين يجمعون ليوم لا شك فيه. والعامل فى «إذا» ما دلت عليه «كيف» ، والظرف متسع فيها ، تعمل فيها المعاني التي يدل عليها الخطاب ، بخلاف المفعولات فهذا أصل يكثر دوره فى القرآن والكلام.
«لا ريب فيه» : فى موضع خفض ، نعت ل «يوم».
«و هم لا يظلمون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «كسب».

(1/1378)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 62
26 - قُلِ اللَّهُمَّ مالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ «مالك الملك» : نصب على النداء المضاف ، ولا يجوز عند سيبويه أن يكون نعتا لقوله «اللهم» ، ولا يوصف ، عنده : «اللهم» لأنه قد تغير بما فى آخره.
وأجاز غيره من البصريين والكوفيين أن يكون «مالك الملك» صفة ل «اللهم» ، كما جاز مع «اللّه».
«تؤتى الملك من تشاء» : فى موضع الحال من المضمر فى «مالك» ، وكذلك : «و تنزع الملك» ، وكذلك : «و تعز» و«و تذل».
ويجوز أن يكون هذا كله خبر ابتداء محذوف ، أي : أنت تؤتى الملك وتنزع الملك.
«بيدك الخير» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «مالك».
ويجوز أن تكون الجملة خبر ابتداء محذوف وتقديره : أنت بيدك الخير.
27 - تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَتُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ «تولج الليل فى النهار وتولج النهار فى اللّيل» : مثل : «تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشاءُ» الآية : 26 ، فى وجهيه.
وكذلك : «تخرج» و«و ترزق».
28 - ... إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ «تقاة» : وزنها : فعلة ، وأصلها : وقية ، أبدلوا من الواو تاء ، فصارت : تقية ، ثم قلبت الياء ألفا ، لتحركها وانفتاح ما قبلها ، قصارت : تقاة.
30 - يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَما عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَها وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «يوم تجد» : يوم ، منصوب ب «يحذركم» أي : ويحذركم اللّه نفسه فى يوم تجد. وفيه نظر.
ويجوز أن يكون العامل فيه فعلا مضمرا أي : اذكر يا محمد يوم تجد.
ويجوز أن يكون العامل فى «يوم» : «المصير» أي : وإليه المصير فى يوم تجد.

(1/1379)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 63
و يجوز أن يكون العامل «قدير» أي : قدير فى يوم تجد.
«محضرا» : حال من المضمر المحذوف من صلة «ما» تقديره : ما عملته من خير محضرا.
«و ما عملت من سوء» : ما ، فى موضع نصب ، عطف على «ما» الأولى ، و«تود» حال من المضمر المرفوع فى «عملت» الثاني ، فإن قطعتها مما قبلها وجعلتها للشرط جزمت «تود» ، تجعله جوابا للشرط وخبر ل «ما».
ويجوز أن تقطعها من الأولى ، على أن تكون بمعنى «الذي» ، فى موضع رفع بالابتداء ، و«تود» الخبر.
34 - ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «ذرّيّة» : نصب على الحال من الأسماء التي قبلها ، بمعنى : متناسبين بعضهم من بعض.
وقيل : هى بدل مما قبلها.
و وزنها : فعولة ، من : ذرأ اللّه الخلق. وكان أصلها على هذا : ذروءة ، فأبدلوا من الهمزة ياء ، فاجتمع ياء وواو ، والأول ساكن ، فأدغموا الياء فى الواو ، على إدغام الثاني فى الأول ، وكسرت الراء له لتصح الياء الساكنة المدغمة.
وقيل : ذرية : فعلية ، من ، الذر ، فكان أصل «الذرية» أن تكون اسماء لصغار ولد الرجل ، ثم اتسع فيه.
وكان أصلها - على هذا - ذريرة ، ثم أبدلوا من الراء الأخيرة ياء ، وأدغمت الأولى فيها ، وذلك لاجتماع الراءات ، كما قالوا : نظنيت ، فى «تظننت» ، لاجتماع النونات.
وقيل : وزن «ذرية» : فعولة ، من. ذررت ، فأصلها - على هذا - ذرورة ، ثم فعل لها مثل الوجه المتقدم الذي قبل هذا ، وكسرت الراء المشددة لتصبح الياء الساكنة.
35 - إِذْ قالَتِ امْرَأَتُ عِمْرانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ ما فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «إذ قالت» : العامل فى «إذ» : «سميع عليم» أي : واللّه سميع عليم حين قالت.
وقيل : العامل : «اصطفى» الآية : 33 أي : واصطفى آل عمران إذا قالت. وفيه نظر.
وقيل : العامل فيه مضمر تقديره : واذكر يا محمد إذ قالت فعلى هذا القول يحسن الابتداء بها ، ولا يحسن على غيره.

(1/1380)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 64
«محرّرا» : حال من «ما» ، وقيل : تقديره : غلاما محررا أي : خالصا لك. ووقعت «ما» لما يعقل ، للإبهام ، كما تقول : خذ من عبيدى ما شئت.
وحكى سيبويه : سبحان ما سبح الرعد بحمده كما قال تعالى (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ) النساء : 3 والهاء ، فى «وضعتها» الآية : 36 ، تعود على «ما» ، ومعناها التأنيث.
36 - فَلَمَّا وَضَعَتْها قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ ...
«وضعتها أنثى» : حال من المضمر المنصوب فى «وضعتها».
ويجوز أن يكون بدلا منه.
«
و اللّه أعلم بما وضعت» : من ضم التاء وأسكن العين لم يبتدىء ، بقوله «و اللّه أعلم بما وضعت» لأنه من كلام أم مريم ، ومن فتح العين وأسكن التاء ابتدأ به لأنه ليس من كلام أم مريم ، ومثله من كسر التاء وأسكن العين ، وهى قراءة تروى عن ابن عباس.
37 - فَتَقَبَّلَها رَبُّها بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَها نَباتاً حَسَناً وَكَفَّلَها زَكَرِيَّا كُلَّما دَخَلَ عَلَيْها زَكَرِيَّا الْمِحْرابَ وَجَدَ عِنْدَها رِزْقاً ...
«زكريّاء» : همزته للتأنيث ، ولا يجوز أن تكون للإلحاق لأنه ليس فى أصول الأبنية مثال على وزنه ، فيكون ملحقا به ، ولا يجوز أن تكون منقلبة لأن الانقلاب لا يخلو أن يكون من حرف من نفس الكلمة ، والياء والواو لا يكونان أصلا فيما كان على أربعة أحرف ، ولا يجوز أن يكون من حروف الإلحاق ، إذ ليس فى أصول الأبنية بناء يكون هذا ملحقا به.
فلا يجوز أن تكون الهمزة إلا للتأنيث ، وكذلك الكلام على قراءة من قصر الألف التي هى للتأنيث ، لهذه الدلائل.
«كلّما دخل» : كلما ، ظرف زمان ، والعامل فيه «وجد» أي : أي وقت دخل عليها وجد عندها رزقا.
38 - هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعاءِ «هنالك» : ظرف زمان ، والعامل فيه «دعا» أي : دعا ذكريا ربه فى ذلك الحين.
وقد تكون «هنالك» فى موضع آخر ، ظرف زمان ، وإنما اتسع فيها فوقعت للزمان ، بدلالة الحال والخطاب.

(1/1381)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 65
و ربما احتملت الوجهين جميعا ، نحو قوله : (هنالك الولاية للّه) الكهف : 44 ويدل على أن أصلها : المكان ، أنك تقول : اجلس هنالك ، تريد : المكان ، ولا يجوز : سر هنالك ، تريد الزمان ، والظرف قولك «هنا» ، واللام للتأكيد ، والكاف للخطاب ، ولا موضع لها من الإعراب.
39 - فَنادَتْهُ الْمَلائِكَةُ وَهُوَ قائِمٌ يُصَلِّي فِي الْمِحْرابِ أَنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً بِكَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَسَيِّداً وَحَصُوراً وَنَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ «و هو قائم يصلّى» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من الهاء فى «فنادته» ، و«يصلى» فى موضع الحال من المضمر فى «قائم».
«مصدقا» : حال من «يحيى» ، أو هى حال مقدرة وكذلك : وسيدا ، وحصورا ، ونبيا.
40 - قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عاقِرٌ قالَ كَذلِكَ اللَّهُ يَفْعَلُ ما يَشاءُ «عاقر» : إنما جاء بغير هاء ، على التشبيه ، ولو أتى على الفعل لقال : عقرى ، بمعنى : معقورة أي : بها عقر فمنعها من الولد.
«كذلك اللّه يفعل» : الكاف ، فى موضع نصب على تقدير : يفعل اللّه ما يشاء فعلا كذلك.
41 - قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزاً وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيراً وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكارِ «اجعل لى آية» : اجعل ، بمعنى : صير ، فهو يتعدى إلى مفعولين ، أحدهما جر : «لى» ، و«آية».
«أن لا تكلّم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا» : أن ، فى موضع رفع خبر «آيتك» ويجوز رفع «تكلم» ، على أن يضمر الكاف فى «أن» أي : آيتك أنك لا تكلم الناس.
و«ثلاثة» : ظرف.
«إلا رمزا» : استثناء ليس من الأول ، وكل استثناء ليس من جنس الأول فالوجه فيه النصب.
«كثيرا» : نعت لمصدر محذوف أي : ذكرا كثيرا.

(1/1382)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 66
42 - وَإِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفاكِ وَطَهَّرَكِ ...
«
و إذ قالت الملائكة» : إذ ، معطوفة على «إذ قالت امرأة عمران» الآية : 35 ، إذا جعلتها فى موضع نصب على «و اذكر» الآية : 41 «أيهم يكفل مريم» : ابتداء ، والجملة «فى موضع نصب بفعل دل عليه الكلام تقديره : إذ يلقون أقلامهم ينظرون أيهم يكفل مريم ولا يعمل الفعل فى لفظ «أي» لأنها استفهام ، ولا يعمل فى الاستفهام ما قبله 45 - إِذْ قالَتِ الْمَلائِكَةُ يا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهاً فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ «إذ قالت الملائكة» : العامل فى «إذ» : «يختصمون» الآية : 44 أي : يختصمون حين قالت الملائكة.
ويجوز أن يعمل فيها : «و ما كنت لديهم» الثاني ، الآية : 44 ، كما عمل الأول فى «إذ يلقون».
«وجيها ومن المقربين ، ويكلم الناس فى المهد وكلها ، ومن الصالحين» : كل ذلك حال من «عيسى».
وكذلك قوله : «و يعلمه» الآيتان : 46 ، 48 «بكلمة» : من جعلها اسما لعيسى ، جاز على قوله فى غير القرآن «وجيه» بالخفض ، على النعت ل «كلمة».
49 - وَرَسُولًا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنْفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ اللَّهِ ...
«رسولا» : حال من «عيسى».
وقيل : تقديره : ويجعله رسولا ، فهو مفعول به.
وقيل : هو حال تقديره : ويكلمهم رسولا.
«أنّى أخلق» : أن ، بدل من الأولى والأولى. فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الخفض تقديره :
بأنى قد جئتكم.
ومن كسر «إنى» ، فعلى القطع والابتداء.
ويجوز أن يكون من فتح «أنى أخلق» يجعلها بدلا من «أنه» ، فيكون «أن» فى موضع خفض.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع ، على تقدير حذف مبتدأ تقديره : هى أنى أخلق.
«
كهيئة الطّير فأنفخ فيه» : الكاف ، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : خلقا مثل هيئة الطير. والهاء فى «فيه» تعود على «الهيئة» ، وهى الصورة. والهيئة إنما هى فى المصدر اسم الفعل ل «أنفخ» ، لكن وقع المصدر موقع المفعول ، كما قال : هذا خلق اللّه ، أي : مخلوقه ، وهذا درهم ضرب الأمير ، أي : مضروبه.

(1/1383)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 67
و قد يجوز أن تعود «الهاء» على «المخلوق» لأن «أخلق» يدل عليه ، إذ هو دال على الخلق من حيث كان مشتقا منه ، والخلق يدل على المخلوق.
50 - وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ ...
«مصدّقا» : نصب على الحال من «التاء» فى «جئتكم» الآية : 49 أي : وجئتكم مصدقا. ولا يحسن أن تعطف «و مصدقا» على «وجيها» لأنه يلزم أن يكون اللفظ «لما بين يديه» ، والتلاوة : «لما بين يدى».
55 - إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَجاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا ...
«إذ» : فى موضع نصب ب «اذكر» مضمرة.
«و جاعل» : غير معطوف على ما قبلها لأنها خطاب للنبى محمّد - صلّى اللّه عليه وسلّم - والأول لعيسى وقيل : هو معطوف على الأول ، وكلاهما ، لعيسى - صلّى اللّه عليه وسلّم - .
60 - الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ فَلا تَكُنْ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «الحقّ من ربّك» : خبر ابتداء محذوف أي : هو الحق ، وهذا الحق.
62 - إِنَّ هذا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ ...
«إلاه» : مبتدأ ، و«من» ، زائدة ، و«إلا اللّه» خبره ، كما تقول : ما من أحد إلا الفضل شاكرك ف «أحد» ، فى موضع رفع بالابتداء ، و«من» ، زائدة للتوكيد ، و«إلا شاكرك» ، خبر الابتداء.
ويجوز أن يكون خبر الابتداء محذوفا. و«إلا اللّه» بدل من» إله» على الموضع تقديره : ما إله معبودا وموجودا إلا اللّه.
64 - قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ تَعالَوْا إِلى كَلِمَةٍ سَواءٍ بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً ...
«إلى كلمة سواء» : سواء ، نعت للكلمة.
وقرأ الحسن : سواء ، بالنصب ، على المصدر ، فهو فى موضع : استواء أي : استواء.
«ألّا نعبد» : أن ، فى موضع خفض بدل من «كلمة».

(1/1384)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 68
و إن شئت فى موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره : هى أن لا نعبد.
ويجوز أن يكون معنى «أن» مفسرة ، على أن يجزم «نعبد» و«نشرك» ب «لا».
ولو جعلتها مخففة من الثقيلة رفعت «نعبد» و«نشرك» وأضمرت الهاء مع «أن».
68 - إِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِإِبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ وَهذَا النَّبِيُّ ...
«و هذا النّبىّ» : النبي ، مرفوع على النعت ل «هذا» ، أو على البدل ، أو على عطف البيان و«هذا» فى موضع رفع ، على العطف على «الذي».
ولو قيل فى الكلام : هذا النبي ، بالنصب ، لحسن ، لعطفه على الهاء فى «اتبعوه».
73 - وَلا تُؤْمِنُوا إِلَّا لِمَنْ تَبِعَ دِينَكُمْ قُلْ إِنَّ الْهُدى هُدَى اللَّهِ أَنْ يُؤْتى أَحَدٌ مِثْلَ ما أُوتِيتُمْ ...
«أن يؤتى» : مفعول ب «تؤمنوا» وتقدير الكلام : ولا تؤمنوا أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا من تبع دينكم. فاللام ، على هذا ، زائدة و«من» فى موضع نصب استثناء ليس من الأول وقيل : التقدير : ولا تصدقوا إلا لمن تبع دينكم بأن يؤتى أحد.
وقال الفراء : انقطع الكلام عند قوله «دينكم» ، ثم قال لمحمد صلى اللّه عليه وسلم : قل إن الهدى هدى اللّه أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم ف «لا» مقدرة.
ويجوز أن تكون اللام غير زائدة ، وتتعلق بما دل عليه الكلام ، لأن معنى الكلام : لا تقروا بأن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم إلا لمن تبع دينكم ، فيتعلق الحرفان ب «تقروا» ، كما تقول : أقررت لزيد بالمال ، وجاز ذلك ، لأن الأول كالظرف فصار بمنزلة قولك : مررت فى السوق يزيد.
و إنما دخلت «أحد» لتقدم لفظ النفي فى قوله «و لا تؤمنوا» ، فهى نهى ، ولفظه لفظ النفي. فأما من مده واستفهم - وهى قراءة ابن كثير - فإنه أتى به على معنى الإنكار من اليهود أن يؤتى أحد مثل ما أوتوا ، حكاية عنهم. فيجوز أن تكون «أن» فى موضع رفع بالابتداء ، إذ لا يعمل فى «أن» ما قبلها لأجل الاستفهام ، وخبر الابتداء محذوف تقديره : أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم تصدقون؟ أو تقرون؟ ونحوه. وحسن الابتداء ب «أن» ، لانها قد اعتمدت على حرف الاستفهام ، فهو فى التمثيل بمنزلة : أزيدا ضربته؟
و يجوز أن يكون «أن» فى موضع نصب ، وهو الاختيار ، كما كان فى قولك : أزيدا ضربته؟ النصب الاختيار ،

(1/1385)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 69
لأن الاستفهام عن الفعل ، فتضمر فعلا ، بين الألف وبين «أن» ، تقديره : أتذيعون أن يؤتى أحد مثل ما أوتيتم؟
أو أتشيعون؟ أو أتذكرون ، ونحو هذا مما دل عليه الإنكار الذي قصدوا اليه بلفظ الاستفهام ، ودل على قصدهم لهذا المعنى قوله تعالى عنهم فيما قالوا لأصحابهم (أَ تُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْكُمْ) 2 : 76 ، يعنون : أتحدثون المسلمين بما وجدتم من صفة نبيهم فى كتابهم ليحاجوكم به عند ربكم.
و«أحد» ، فى قراءة من مد ، بمعنى : واحد ، وانما جمع فى قوله «أو يحاجوكم به» لأنه رده على معنى «أحد» ، لأنه بمعنى الكثرة ، ولكن «أحد» ، إذ كان فى النفي أقوى فى الدلالة على الكثرة منه إذا كان فى الإيجاب ، حسن دخول «أحد» بعد لفظ الاستفهام ، لأنه بمعنى الإنكار والحجة ، فدخلت «أحد» بعد الحجة الملفوظ بها ، فيصلح أن تكون على أصلها فى العموم ، وليست بمعنى «واحد».
75 - وَمِنْ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِدِينارٍ لا يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ إِلَّا ما دُمْتَ عَلَيْهِ قائِماً ...
«دمت» : من ضم الدال جعله : فعل يفعل ، مثل : قال يقول ، ودام يدوم ومن كسر الدال ، جعله :
فعل يفعل ، مثل خاف يخاف ، على دام يدام ، وكذلك «مت» فيمن كسر الميم أو ضمها.
78 - وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ ...
«يلوون» : قرأ حميد : بواو واحدة مع ضم اللام ، وأصل هذه القراءة : يلوون ، ثم همز الواو الأولى لانضمامها ، ثم ألقى حركة الهمزة على اللام على أصل التخفيف المستعمل فى كلام العرب.
80 - وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «و لا يأمركم أن تتّخذوا» : من نصب «يأمركم» عطفه على «أن يؤتيه اللّه» الآية : 79 ، وعلى «ثم يقول» الآية : 79 ، والضمير فى «يأمركم» ل «بشر» الآية : 79.
ومن رفعه قطعه مما قبله. أو جعل «لا» بمعنى «ليس» ، ويكون الضمير فى «يأمركم» للّه جل ذكره.
81 - وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ ...
«لما» : من كسر اللام - وهو حمزة - علقها ب «الأخذ» أي : أخذ اللّه الميثاق لما أعطوا من الكتاب والحكمة ، لأن من أوتى ذلك فهو الأفضل وعليه يؤخذ الميثاق. و«ما» بمعنى «الذي».

(1/1386)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 70
فاما من فتح اللام فهى لام الابتداء ، وهى جواب لما دل عليه الكلام من معنى القسم ، لأن أخذ الميثاق ، إنما يكون بالأيمان والعهود ، فاللام جواب القسم ، و«ما» بمعنى «الذي» فى موضع رفع بالابتداء ، والهاء محذوفة من «آتيتكم» تقديره : آتيتكموه من كتاب ، و؟؟؟؟؟؟ كتاب وحكمة» ، و«من» زائدة.
وقيل : الخبر «لتؤمنن به» ، وهو جواب قسم محذوف ، تقديره : واللّه لتؤمنن به. والعائد من الجملة المعطوفة على الصلة على «ما» محمول على المعنى ، عند الأخفش لأن «ما معكم» معناه : لما أوتيتموه ، كما قال تعالى :
(إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) 12 : 90 ، فحمله على المعنى والضمير ، إذ هو بمعنى : فإن اللّه لا يضيع أجرهم ولا بد من تقدير هذا العائد فى الجملة المعطوفة على الصلة ، وهى : «ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم» ، فهما جملتان لموصولين ، حذف الثاني للاختصار ، وقام حرف العطف مقامه ، فلا بد من عائد فى الصلتين على الموصولين ألا ترى لو أنك قلت : الذي قام أبوه ثم الذي منطلق عمرو ، لم يجز حتى تقول : إليه ، ومن أجله ، ونحو ذلك ، فيكون فى الجملة المعطوفة ما يعود على «الذي» المحذوف ، كما كان فى الجملة التي هى صلة للذى ثم تأتى بخبر الابتداء بعد ذلك.
ويحتمل أن يكون العائد من الصلة الثانية محذوفا تقديره : ثم جاءكم رسول به أي : بتصديقه أي : بتصديق ما أتيتكموه وهذا الحرف على قياس ما أجازه الخليل من قولك : ما أنا بالذي قائل لك شيئا أي : بالذي هو قائل وكما قرىء (تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ) 6 : 154 ، بالرفع؟؟؟؟ : هو أحسن ، بالرفع ، ثم حذف الضمير من الصلة ، وإنما يبعد هذا الحذف عند البصريين لاتصال الضمير بحرف الجر ، فالمحذوف من الكلام هو ضمير وحرف ، فبعد لذلك.
و يجوز أن يكون «ما» فى قراءة من فتح اللام ، للشرط ، فيكون فى موضع نصب ب «أتيتكم» ، و«أتيتكم» فى موضع جزم ب «ما» ، و«ثم جاءكم» معطوف عليه فى موضع جزم أيضا ، وتكون اللام فى «لما» لام التأكيد ، وليست بجواب القسم ، كما كانت فى الوجه الأول ، ولكنها دخلت لتلقى القسم ، بمنزلة اللام فى (لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنافِقُونَ) 33 : 60 ، تنذر بإتيان القسم بعدها ، وهو قوله «لتؤمنن به» ، فهى توطئة للقسم وليست بجواب للقسم ، كما كانت فى الوجه الأول لأن الشرط غير متعلق بما قبله ولا يعمل فيه ما قبله ، فصارت منقطعة مما قبلها ، بخلاف ما إذا جعلت «ما» بمعنى : الذي لأنه كلام متصل بما قبله وجواب له ، وحذفها جائز ، قال اللّه تعالى (وَ إِنْ لَمْ يَنْتَهُوا عَمَّا يَقُولُونَ لَيَمَسَّنَّ) 5 : 73 ، فإذا كانت «ما» للشرط لم «تحتج الجملة المعطوفة إلى عائد ، كما لم تحتج إليه الأولى ، ولذلك اختار الخليل وسيبويه ، لما لم يريا فى الجملة الثانية عائدا ، جعلاها للشرط. وهذا تفسير المازني وغيره لمذهب الخليل وسيبويه.

(1/1387)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 71
و الهاء فى «به» تعود على «ما» ، إذا كانت بمعنى «الذي» ، ولا يجوز أن تعود على «رسول». فإن جعلت «ما» للشرط جاز أن تعود على «رسول». والهاء فى «لينصرنه» تعود على «رسول» فى الوجهين جميعا.
83 - ... وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ «طوعا وكرها» : مصدران فى موضع الحال أي : طائعين ومكرهين.
84 - قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا ...
أي : قل قولوا : آمنا ، فالضمير فى «آمنا» للمأمورين ، والآمر لهم : النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - .
ويجوز أن يكون الأمر للنبى عليه السلام ، يراد به أمته.
85 - وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ «دينا» : نصب على البيان ، و«غير» مفعول «يبتغ» ، ويجوز أن يكون «غير» حالا ، و«دينا» مفعول «يبتغ».
«و هو فى الآخرة من الخاسرين» : الظرف متعلق بما دل عليه الكلام ، وهو خاسر فى الآخرة من الخاسرين.
ولا يحسن تعلقه ب «الخاسرين» لتقدم الصلة على الموصول ، إلا أن نجعل الألف واللام للتعريف ، بمعنى «الذي» ، فيحسن.
87 - أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ ...
«أنّ عليهم» : فى موضع رفع ، خبر «جزاؤهم» ، و«جزاؤهم» وخبره خبر «أولئك».
ويجوز أن يكون «جزاؤهم» بدلا من «أولئك» ، بدل الاشتمال ، و«أن» خبر «جزاؤهم».
88 - خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ «خالدين فيها» : حال من الضمير الملفوظ فى «عليهم».
«لا يخفف عنهم» : مثله ، ويجوز أن يكون منقطعا من الأول.
91 - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْ ءُ الْأَرْضِ ذَهَباً وَلَوِ افْتَدى بِهِ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ «و ماتوا وهم كفار» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من الضمير فى «ماتوا».
«و ما لهم من ناصرين» : ابتداء وخبر ، و«ما» نافية ، و«من» زائدة ، والجملة فى موضع الحال من المضمر المخفوض فى «لهم» الأول.

(1/1388)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 72
96 - إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبارَكاً وَهُدىً لِلْعالَمِينَ «مباركا وهدى» : حالان من المضمر فى «وضع».
ويجوز الرفع على : هو مبارك وهدى.
ويجوز الخفض على النعت ل «بيت».
97 - فِيهِ آياتٌ بَيِّناتٌ مَقامُ إِبْراهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كانَ آمِناً وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ «مقام إبراهيم» أي : من الآيات مقام إبراهيم ، فهو مبتدأ محذوف خبره.
ويجوز أن يكون «مقام» بدلا من «آيات» ، على أن يكون «مقام إبراهيم» : الحرم كله ، ففيه آيات كثيرة ، وهو قول مجاهد ، ودليله «و من دخله كان آمنا» ، يريد : الحرم ، بلا اختلاف.
وقيل : ارتفع على إضمار مبتدأ أي : هو مقام إبراهيم.
«و من دخله كان آمنا» : من ، معطوفة على «مقام» على وجوهه. ويجوز أن تكون مبتدأة منقطعة ، و«كان آمنا» الخبر.
«من استطاع» : فى موضع خفض بدل من «الناس» ، وهو بدل بعض من كل.
وأجاز الكسائي أن يكون «من» شرطا ، فى موضع رفع بالابتداء ، و«استطاع» فى موضع جزم ب «من» ، والجواب محذوف تقديره : فعليه الحج ، ودل على ذلك قوله : «و من كفر فإن اللّه» ، هذا شرط بلا اختلاف ، والأول مثله.
وهو عند البصريين منقطع من الأول ، مبتدأ شرط ، والهاء فى «إليه» تعود على «البيت» ، وقيل :
على الحج.
99 - قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ لِمَ تَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ مَنْ آمَنَ تَبْغُونَها عِوَجاً وَأَنْتُمْ شُهَداءُ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ «و أنتم شهداء» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «تبغونها».
101 - وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلى عَلَيْكُمْ آياتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ ...
«و أنتم تتلى عليكم» ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «تكفرون» ومثله : «و فيكم رسوله».

(1/1389)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 73
102 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ «تقاته» : «أصله» وقية ، وقد تقدم علته فى «تقاة» 2 : 28 «و أنتم مسلمون» ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «تموتن» أي : الزموا هذه الحال حتى يأتيكم الموت وأنتم عليها.
103 - وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً ...
«جميعا» : حال.
«إخوانا» : خبر «أصبح» 111 - لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً ...
«إلّا أذّى» : فى موضع نصب ، استثناء ليس من الأول.
113 - لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللَّهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ «ليسوا سواء» : ليس ، فيها اسمها ، و«سواء» ، خبرها أي : ليس المؤمنون والفاسقون ، المتقدم ذكرهم ، سواء.
«من أهل الكتاب أمة» : ابتداء وخبر وأجاز الفراء رفع «أمة» ب «سواء» ، فلا يعود على اسم «ليس» من خبره شىء ، وهو لا يجوز ، مع قبح عمل «سواء» ، لأنه ليس بجار على الفعل ، مع أنه يضمر فى «ليس» ما لا يحتاج إليه ، إذ قد تقدم ذكر الكافرين قال أبو عبيدة : «أمة» اسم «ليس» ، و«سواء» خبرها ، وأتى الضمير فى «ليس» على لغة من قال :
أكلونى البراغيث.
وهذا بعيد لأن المذكورين قد تقدموا قبل «ليس» ، ولم يتقدم فى «أكلونى» شىء ، فليس هذا مثله.
«يتلون آيات اللّه» : فى موضع رفع نعت ل «آية» ، وكذلك : «و هم يسجدون» موضع الجملة رفع نعت ل «أمة». وإن شئت جعلت موضعها نصبا على الحال من المضمر فى «قائمة» ، أو من «أمة» ، إذا رفعتها ب «سواء» ، وتكون حالا مقدرة لأن التلاوة لا تكون فى السجود ولا فى الركوع.

(1/1390)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 74
و الأحسن فى ذلك أن تكون جملة لا موضع لها من الإعراب لأن النكرة إذا قربت من المعرفة تحسن الحال منها ، كما قال تعالى : (وَ هذا كِتابٌ مُصَدِّقٌ لِساناً عَرَبِيًّا) 46 : 12 «آناء اللّيل» : نصب على الظرف ، وهو ظرف زمان ، بمعنى : ساعاته ، وواحده : إنى ، وقيل : أنى.
114 - يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ «يؤمنون» : فى موضع النعت ل «أمة» أيضا ، أو فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «يسجدون» ، أو من المضمر فى «يتلون» ، أو من المضمر فى «قائمة» ومعنى «قائمة» : مستقيمة ، ومثله : «و يأمرون» ، «و ينهون» ، و«و يسارعون».
ويجوز أن يكون كل ذلك مستأنفا.
117 - ثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ...
«فيها صرّ» : ابتداء وخبر ، فى موضع خفض على النعت ، ل «ريح» وكذلك : «أصابت حرث قوم».
«ظلموا أنفسهم» : الجملة فى موضع خفض ، نعت ل «قوم».
118 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالًا «خبالا» : نصب على التفسير ، و«لا يألونكم خبالا» : فى موضع نعت ل «بطانة» ، وكذلك : «و دوا ما عندتم» ، ولا يحسن أن يكون «ودوا» حالا إلا بإضمار «قد» لأنه ماض.
119 - ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ ...
«ها أنتم» : يجوز أن تكون الهاء بدلا من همزة ، ويجوز أن تكون «ها» التي للتنبيه ، إلا فى قراءة قنبل عن ابن كثير «هأنتم» بهمزة مفتوحة بعد الهاء ، فلا تكون إلا بدلا من همزة.
«تحبّونهم» : فى موضع الحال من المبهم ، أو صلة له ، إن جعلته بمعنى «الذي» ، وهو مثل الذي فى البقرة «ثم أنتم هؤلاء». و«تؤمنون» عطف على «يحبونهم».
120 - إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ «لا يضرّكم» : من شدده وضم الراء ، احتمل أن يكون مجزوما على جواب الشرط ، لكنه لما احتاج إلى تحريك المشدد حركه بالضم ، فأتبعه ضم ما قبله.

(1/1391)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 75
و قيل : هو مرفوع على إضمار الفاء.
وقيل : هو مرفوع على نية التقديم أي : لن يضركم أن تصبروا ، كما قال :
إنك إن يصرع أخوك تصرع
فرفع «يصرع» على نية التقديم.
والأول أحسنها ، على أن فيه بعض الإشكال.
وقد حكى عن عاصم أنه قرأ بفتح الراء مشددة ، وهو أحسن من الضم.
ومن خفف جزم الراء لأنه جواب الشرط.
121 - وَإِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «إذ» : فى موضع نصب ب «اذكر» ، مضمرة.
«تبوّىء المؤمنين». فى موضع الحال من التاء فى «غدوت».
122 - إِذْ هَمَّتْ طائِفَتانِ مِنْكُمْ أَنْ تَفْشَلا وَاللَّهُ وَلِيُّهُما ...
«إذ» : فى موضع نصب ، والعامل فيها «سَمِيعٌ عَلِيمٌ» الآية : 121.
وقيل : العامل «تبوى ء» الآية : 121.
والأول أحسن.
123 - وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ ...
«و أنتم أذلّة» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من الكاف والميم فى «نصركم».
124 - إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلاثَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُنْزَلِينَ «إذ تقول» : العامل فى «إذ» : «نصركم».
«أن يمدّكم» : أن ، فى موضع رفع فاعل ل «يكفى» تقديره : ألن يكفيكم إمداد ربكم إياكم بثلاثة آلاف.
«منزلين» : نعت ل «ثلاثة» ، و«مسومين» نعت ل «خمسة».
126 - وَما جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُمْ بِهِ ...
«
و ما جعله اللّه» : الهاء ، تعود على «الإمداد» ، ودل عليه «يمدكم».

(1/1392)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 76
و قيل : تعود على «المدد» ، وهم الملائكة.
وقيل : تعود على «التسويم» ، ودل عليه «مسومين». والتسويم : التعليم أي : معلمين يعرفونهم بالعلامة.
وقيل : تعود على «الإنزال» ، دل عليه «منزلين».
وقيل : تعود على «العدد» ، دل عليه خمسة آلاف ، وثلاثة آلاف ، وذلك عدد.
127 - لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ «ليقطع» : اللام ، متعلقة بفعل دل عليه الكلام تقديره : ليقطع طرفا نصركم. ويجوز أن يتعلق ب «يمدكم».
«أو يكبتهم» : الأصل فيه ، عند كثير من العلماء : يكبدهم ، ثم أبدل من الدال تاء ، كما قالوا : هرت الثوب ، وهرده إذا خرقه ، فهو مأخوذه من : أصاب اللّه كبده بشر أو حزن أو غيظ.
128 - لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ «أو يتوب عليهم أو يعذّبهم» : هذا معطوف على «ليقطع» الآية : 126 ، وفى الكلام تقديم وتأخير.
وقيل : هو نصب بإضمار «أن» ، معناه : وأن يتوب ، وأن يعذبهم.
130 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ «أضعافا مضاعفة» : أضعافا ، نصب على الحال ، و«مضاعفة» نعته.
133 - وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ «عرضها السّموات والأرض» : ابتداء وخبر ، فى موضع خفض نعت ل «جنة» ، وكذلك : «أعدت للمتقين».
136 - أُولئِكَ جَزاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ «تجرى» : فى موضع رفع ، نعت ل «جنات».
«خالدين» : حال من «أولئك».
140 - إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُداوِلُها بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَداءَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ «قرح» : من ضمه ، أراد : ألم الجرح ومن فتحه : أراد الجرح نفسه.

(1/1393)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 77
و قيل : هما لغتان ، بمعنى : الجراح.
«نداولها» : فى موضع نصب ، حال من «الأيام».
«ليعلم» : نصب بإضمار «أن».
143 - وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ
«من قبل أن تلقوه» : قرأ مجاهد بضم اللام من «قبل» ، جعلها غاية ، فيكون موضع «أن» فى موضع نصب على البدل من «الموت» ، وهو بدل الاشتمال.
ومن كسر لام «قبل» فموضع «أن» موضع خفض بإضافة «قبل» إليها. والهاء فى «تلقوه» راجعة على «الموت» ، وكذلك التي فى «رأيتموه» ، ويعنى ب «الموت» هنا : لقاء العدو لأنه من أسباب الموت والموت نفسه لا تعاين حقيقته.
145 - وَما كانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتاباً مُؤَجَّلًا ...
«و ما كان لنفس أن تموت» : أن ، فى موضع رفع ، اسم «كان». و«إلا بإذن اللّه» الخبر.
و«لنفس» : تبيين مقدم.
146 - وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ «و كأيّن» : هى «أي» دخلت عليها كاف التشبيه ، فصار الكلام بمعنى «كم» ، وكتبت فى المصاحف بعد الياء نون لأنها كلمة نقلت عن أصلها ، فالوقف عليها بالنون اتباع للمصحف. وعن أبى عمرو : أنه وقف بغير نون ، على الأصل لأنه تنوين.
فأما من أخر الهمزة وجعله مثل : فاعل - وهو ابن كثير - فقيل : إنه «فاعل» من «الكون» وذلك بعيد ، لإتيان «من» بعده ، ولبنائه على السكون.
و قيل : هى كاف التشبيه دخلت على «أي» ، وكثر استعمالها بمعنى «كم» فصارت كلمة واحدة ، فنقلت الياء قبل الهمزة ، فصارت : كين ، فخففت المشددة ، كما خففوا : ميتا وهينا ، فصارت كيين ، مثل : فعيل فأبدلوا من الياء الساكنة ألفا كما أبدلوا فى «آية» ، وأصلها : آيية ، فصارت : كأين ، وأصل النون التنوين ، والقياس حذفه فى الوقف ، ولكن من وقف بالنون أعلّ ، لأن الكلمة تعرت وقلبت ، فصار التنوين حرفا من الأصل.
وقال بعض البصريين : الأصل فى هذه القراءة : كأى ، ثم قدمت إحدى الياءين فى موضع الهمزة ، فتحركت

(1/1394)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 78
بالفتح كما كانت الهمزة ، وصارت الهمزة ساكنة فى موضع الياء المقدمة ، فلما تحركت الياء وانفتح ما قبلها قلبت ألفا ، والألف ساكنة ، فكسرت الهمزة لالتقاء الساكنين ، وبقيت إحدى الياءين متطرفة ، فأذهبها التنوين بعد زوال الحركة استثقالا ، كما تحذف ياء : قاض ، وغاز.
«معه ربّيّون كثير» : فى موضع خفض صفة ل «نبى» ، إذا أسندت القتل للنبى وجعلته صفة له.
و«ربيون» على هذا ، مرفوع بالابتداء ، أو بالظرف ، وهو أحسن لأن الظرف صفة لما قبله ، ففيه معنى الفعل ، فيقوى الرفع ، وإنما يضعف الرفع بالاستقرار إذا لم يعتمد الظرف على شىء قبله كقولك : فى الدار زيد ، فإن قلت : مررت برجل فى الدار أبوه ، حسن رفع «الأب» بالاستقرار لاعتماد الظرف على ما قبله ، فيتبين فيه معنى الفعل ، والفعل أولى بالعمل من الابتداء لأن الفعل عامل لفظى ، والابتداء عامل معنوى ، واللفظي أقوى من المعنوي.
والهاء فى «معه» تعود على «نبى».
ويجوز أن يجعل «معه ربيون» فى موضع نصب على الحال من «نبى» ، أو من المضمر فى «قتل» ، وتكون الهاء فى «معه» تعود على المضمر فى «قتل» ، و«معه» فى الوجهين ، تتعلق بمحذوف قامت مقامه ، وفيه ذكر المحذوف ، كأنك قلت : مستقر معه ربيون كثير.
فإن أسندت الفعل إلى «ربيون» ارتفعوا ب «قتل» ، وضار «معه» متعلقا ب «قتل» ، فيصير «قتل» وما بعده صفة ل «نبى».
فأما خبر «كأين» فإنك إذا أسندت «قاتل» إلى «نبى» جعلت «معه ربيون» الخبر ، وإن شئت جعلته صفة ل «نبى» ، أو حالا من المضمر فى «قتل» ، أو من «نبى» لأنك قد وصفته على ما ذكرنا ، أضمرت الخبر تقديره : وكأين من نبى مضى ، أو فى الدنيا ، ونحوه.
وإذا أسندت القتل إلى «الربيين» جعلت «قتل معه ربيون» الخبر ، وإن شئت جعلته صفة ل «نبى» ، وأضمرت الخبر كما تقدم.
وكذلك تقدير هذه الآية على قراءة من قرأ «قاتل» ، الأمر فيهما واحد.
و«كأين» بمعنى «كم» وليس فى الكاف معنى تشبيه فى هذا ، وهو أصلها ، لكنها تغيرت عنه وجعلت مع «أي» كلمة واحدة تدل على ما تدل عليه «كم» فى الخبر ، فهى فى زوال معنى التشبيه عنها بمنزلة قولك : له كذا وكذا أصل «الكاف» : التشبيه ، لكنها جعلت مع «ذا» كلمة واحدة ، فزال معنى التشبيه منها.

(1/1395)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 79
150 - بَلِ اللَّهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ خَيْرُ النَّاصِرِينَ أجاز الفراء : «بل اللّه مولاكم» ، بالنصب على معنى : بل أطيعوا اللّه.
151 - سَنُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ بِما أَشْرَكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَمَأْواهُمُ النَّارُ وَبِئْسَ مَثْوَى الظَّالِمِينَ «ما لم ينزّل» : ما ، مفعول «أشركوا».
154 - ثُمَّ أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ أَمَنَةً نُعاساً يَغْشى طائِفَةً مِنْكُمْ وَطائِفَةٌ قَدْ أَهَمَّتْهُمْ أَنْفُسُهُمْ يَظُنُّونَ بِاللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ ظَنَّ الْجاهِلِيَّةِ يَقُولُونَ هَلْ لَنا مِنَ الْأَمْرِ مِنْ شَيْءٍ قُلْ إِنَّ الْأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ يُخْفُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ ما لا يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كانَ لَنا مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ ما قُتِلْنا هاهُنا قُلْ لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ ما فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ ما فِي قُلُوبِكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ «أمنة نعاسا» : مفعول «أنزل» ، و«نعاسا» بدل من «أمنة».
وقيل : «أمنة» : مفعول من أجله ، و«نعاسا» : منصوب ب «أنزل».
«و طائفة قد أهمّتهم» : ابتداء ، و«قد أهمتهم» الخبر ، والجملة فى موضع نصب على الحال. وهذه «الراو» ، قيل : هى واو الابتداء وقيل : واو الحال وقيل : هى بمعنى «إذ».
«يظنّون» و«يقولون» : كلاهما فى موضع رفع ، على النعت ل «طائفة» ، أو فى موضع نصب على الحال من المضمر المنصوب فى «أهمتهم».
«كلّه للّه» : من نصبه جعله تأكيدا ل «الأمر» ، و«للّه» خبر «إن».
وقال الأخفش : هو بدل من «الأمر».
ومن رفعه فعلى الابتداء ، و«للّه» خبره ، والجملة خبر «إن».
«و ليبتلى اللّه ما فى صدوركم» : اللام ، متعلقة بفعل دل عليه الكلام تقديره : وليبتلى اللّه ما فى صدوركم فرض عليكم القتال.

(1/1396)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 80
«و ليمحّص» : عطف على «ليبتلى».
158 - فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ ...
«فبما رحمة» : رحمة ، مخفوضة بالباء ، و«ما» زائدة للتوكيد.
وقال ابن كيسان : ما ، نكرة فى موضع خفض بالباء ، و«رحمة» بدل من «ما» ، أو نعت لها.
و يجوز رفع «رحمة» على أن يجعل «ما» بمعنى «الذي» ، ويضمر «هو» فى الصلة وتحذفها ، كما قرىء :
(تماما على الذي أحسن) 6 : 154.
160 - إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ ...
«من بعده» : الهاء ، تعود على «اللّه» جل ذكره.
وقيل : بل تعود على «الخذلان».
161 - وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ ...
«أن يغلّ» : أن ، فى موضع رفع اسم «كان». ومن قرأ : يغل : بفتح الياء وضم الغين ، فمعناه : ما كان لنبى أن يخون أحدا فى مغنم ولا غيره. ومن قرأ بضم الياء وفتح الغين ، فمعناه : ما كان لنبى أن يوجد غالا ، كما تقول :
أحمدت الرجل : وجدته محمودا وأحمقته : وجدته أحمق. وقيل : معناه ما كان لنبى أن يخان ، أي : أن يخونه أصحابه فى مغنم ولا غيره.
168 - الَّذِينَ قالُوا لِإِخْوانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطاعُونا ما قُتِلُوا ...
«الّذين قالوا» : الذين ، فى موضع نصب على النعت ل «الذين نافقوا» الآية : 167 ، أو على البدل ، أو على إضمار : أعنى ، أو فى موضع رفع على إضمار مبتدأ.
170 - فَرِحِينَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «فرحين» : نصب على الحال من المضمر فى «يرزقون» ، الآية : 169 ولو كان فى الكلام «فرحون» لجاز على النعت.
«أن لا خوف عليهم» : أن ، فى موضع خفض ل «أحياء» ، بدل من «الذين» ، وهو بدل الاشتمال.

(1/1397)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 81
و يجوز أن يكون فى موضع نصب على معنى : نازلا.
172 - الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ ...
«الّذين استجابوا» : ابتداء ، وخبره : «للذين أحسنوا منهم».
و يجوز أن يكون «الذين» فى موضع خفض بدلا من «المؤمنين» الآية : 171 ، أو من «الذين لم يلحقوا بهم» الآية : 170 173 - الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ ...
«الّذين قال لهم النّاس» : بدل من «الذين استجابوا» الآية : 172 178 - وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّما نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِأَنْفُسِهِمْ إِنَّما نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدادُوا إِثْماً وَلَهُمْ عَذابٌ مُهِينٌ «و لا يحسبنّ الّذين كفروا أنّما نملى» : أن ، تقوم مقام مفعولى «حسب» ، و«الذين» فاعلون ، و«ما» فى «إنما» بمعنى : «الذي» ، والهاء محذوفة من «نملى» هذا على قراءة من قرأ بالياء ، و«خير» : خبر «إن».
وإن شئت جعلت «ما» و«نملى» مصدرا ، فلا تضمرها تقديره : لا يحسبن الذين كفروا أن الإملاء لهم خير لهم.
فأما من قرأ بالتاء وكسر «أن» من «أنما» ، فإنما يجوز على أن يعلق «حسب» ، ويقدر القسم ، كما تفعل بلام الابتداء فى قولك : لا يحسبن زيد لأبوه أفضل من عمرو ، وكأنك قلت : واللّه لأبوه أفضل من عمرو.
فأما من قرأ بالتاء - وهو حمزة - فإنه جعل «الذين» مفعولا أول ل «حسب» ، والفاعل هو المخاطب ، وهو النبي صلى اللّه عليه وسلم وجعل «إنما» ، وما بعدها ، بدلا من «الذين» ، فتسد مسد المفعولين. كما مضى فى قراءة من قرأ بالتاء. و«ما» بمعنى «الذي» فى هذه القراءة ، والهاء محذوفة من «نملى» ، أو تجعل «أن» مفعولا ثانيا ل «حسب» لأن الثاني فى هذا الباب هو الأول فى المعنى ، إلا أن تضمر محذوفا تقديره : ولا تحسبن الذين كفروا أنما نملى لهم فتجعل «ما» ونملى» مصدرا على هذا. فإن لم تقدر محذوفا فجوازه على أن يكون «أن» بدلا من «الذين» : ويسد مسد المفعولين. و«ما» بمعنى «الذي». وفى جواز «ما» والفعل مصدر ، و«أن» بدل من «الذين» : نظر.
و قد كان وجه القراءة لمن قرأ بالتاء أن يكسر «إنما» ، فتكون الجملة فى موضع المفعول الثاني ، ولم يقرأ به أحد.

(1/1398)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 82
و قد قيل : إن من قرأ بالتاء فجوازه على التكرير ، تقديره : لا تحسبن الذين كفروا ، ولا تحسبن إنما نملى لهم ، ف «إنما» سدت مسد المفعولين ل «حسب» الثاني ، وهى وما عملت فيه مفعول ثان ل «حسب» الأول كما أنك لو قلت : الذين كفروا لا تحسبن إنما نملى لهم خير لأنفسهم ، لجاز ، فيدخل «حسب» الأول على المبتدأ.
180 - وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ ...
من قرأ بالياء جعل «الذين» فاعلين» ل «حسب» ، وحذف المفعول الأول ، لدلالة الكلام عليه ، و«هو».
فاصلة ، و«خيرا» مفعول ثان وتقديره : ولا يحسبن الذين يبخلون بما آتاهم اللّه من فضله البخل خيرا لهم ، فدل «يبخلون» على البخل ، فجاز حذفه.
فأما من قرأ بالتاء - وهو حمزة - فإنه جعل المخاطب هو الفاعل ، وهو النبي صلى اللّه عليه وسلم ، و«الذين» مفعولا أول ، على تقدير حذف مضاف وإقامة «الذين» مقامه ، و«هو» فاصلة» ، و«خيرا» مفعول ثان ، تقديره : ولا تحسبن يا محمد بخل الذين يبخلون خيرا لهم ولا بد من هذا الإضمار ليكون المفعول الثاني هو الأول فى المعنى ، وفيها نظر ، لجواز تقدير «ما» فى الصلة تفسير ما قبل الصلة.
على أن فى هذه القراءة مزية على القراءة بالياء لأنك حذفت المفعول وأبقيت المضاف إليه يقوم مقامه ، وإذا حذفت المفعول فى قراءة «الياء» لم يبق ما يقوم مقامه وفى القراءة أيضا مزية على القراءة بالياء ، وذلك أنك حذفت «البخل» بعد تقدم «يبخلون» ، وفى القراءة بالتاء حذفت «البخل» قيل إثبات «يبخلون» ، وجعلت «ما» فى صلة «الذين» تفسير ما قبل الصفة.
والقراءتان متوازيتان فى القوة والرتبة.
183 - الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنا أَلَّا نُؤْمِنَ لِرَسُولٍ حَتَّى يَأْتِيَنا بِقُرْبانٍ تَأْكُلُهُ النَّارُ «الذين» : فى موضع خفض بدل من «الذين» فى قوله (لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ) الآية : 181 ، أو فى موضع نصب على إضمار «أعنى» ، أو فى موضع رفع على إضمار «هم».
«ألّا نؤمن» : أن ، فى موضع نصب ، على تقدير حذف حرف الجر أي : بألا نؤمن.
و«أن» تكتب منفصلة من «لا» ، إلا إذا أدغمتها فى اللام بغنة ، فإن أدغمتها بغير غنة كتبتها منفصلة.
وقال غيره : بل تكتب منفصلة على كل حال.
وقيل : إن قدرتها مخففة من الثقيلة كتبتها منفصلة ، لأن معها مضمرا يفصلها مما بعدها ، وإن قدرتها الناصبة للفعل كتبتها متصلة ، إذ ليس بعدها مضمر مقدر.

(1/1399)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 83
185 - كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ...
«إنما توفّون أجوركم» : ما ، كافة ل «إن» عن العمل ، ولا يحسن أن يكون «ما» بمعنى «الذي» ، لأنه يلزم رفع «أجوركم» ، ولم يقرأ به أحد لأنه يصير التقدير : وإن الذي توفونه أجوركم وأيضا فإنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء.
188 - لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِما لَمْ يَفْعَلُوا فَلا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفازَةٍ مِنَ الْعَذابِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ «لا تحسبنّ الّذين يفرحون» : من قرأه بالياء جعل الفعل غير متعد ، و«الذين يفرحون» فاعلون.
و من قرأ «فلا يحسبنهم» بالياء ، جعله بدلا من «لا يحسبن الذين يفرحون» ، على قراءة من قرأه بالياء والفاء فى «فلا يحسبنهم» زائدة ، فلم يمنع من البدل. ولما تعدى «فلا يحسبنهم» إلى مفعولين استغنى بذلك عن تعدى «لا يحسبن الذين يفرحون» لأن الثاني بدل منه ، فوجه القراءة لمن قرأ «لا يحسبن الذين يفرحون» بالياء ، أن يقرأ «فلا يحسبنهم» بالياء ، ليكون بدلا من الأول ، فتستغنى بتعديته عن تعدى الأول.
فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء ، فلا يحسن فيه البدل ، لاختلاف فاعليهما ولكن يكون مفعولا أول حذف لدلالة مفعولى الثاني عليهما.
فأما من قرأ «لا تحسبن الذين يفرحون» بالتاء - وهم الكوفيون - فإنهم أضافوا الفعل إلى المخاطب ، وهو النبي صلى اللّه عليه وسلم ، و«الذين يفرحون» مفعول أول ل «حسب» ، وحذف الثاني لدلالة ما بعده عليه ، وهو «بمفازة من العذاب».
وقد قيل : إن «بمفازة من العذاب» هو المفعول الثاني ل «حسب» الأول ، على تقدير التقديم ، ويكون المفعول الثاني ل «حسب» الثاني محذوفا لدلالة الأول عليه تقديره : لا تحسبن يا محمد الذين يفرحون بما أوتوا بمفازة من العذاب ، فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ، ثم حذف الثاني ، كما تقول : ظننت زيدا ذاهبا ، وظننت عمرا بزيد ذاهبا ، فتحذفه لدلالة الأول عليه.
ويجوز أن يكون «يحسبنهم» ، فى قراءة من قرأة بالياء ، بدلا من «تحسبن الذين يفرحون» ، فى قراءة من قرأه بالياء أيضا ، لاتفاق الفاعلين والمفعولين ، والفاء زائدة لا تمنع من البدل.
فأما من قرأ الأول بالياء والثاني بالتاء ، فلا يحسن الثاني البدل ، لاختلاف فاعليهما ، ولكن يكون المفعول

(1/1400)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 84
الثاني ل «حسب» الأول محذوفا ، لدلالة ما بعده عليه ، أو يكون «بمفازة» من العذاب هو المفعول الثاني ، ويكون المفعول الثاني ل «حسب» الثاني محذوفا ، كما ذكر أولا.
190 - إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ لَآياتٍ لِأُولِي الْأَلْبابِ واحد «أولى» : ذى ، المضاف فإن كان منصوبا نحو : «يا أولى الألباب» ، فواحدهم : ذا ، المضاف فإن كان مرفوعا نحو «أولو قوة» فواحدهم : ذو ، المضاف. وقد ذكرنا أن واحد «أولئك» : ذا المبهم ، من قولك «هذا».
191 - الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ «الذين» : فى موضع خفض بدل من «أولى» الآية : 190 ، أو فى موضع نصب على «أعنى» ، أو فى موضع رفع على : هم الذين يذكرون.
«قياما وقعودا» : حالان من المضمر فى «يذكرون».
«و على جنوبهم» : حال منه أيضا ، فى موضع نصب ، كأنه قال : ومضطجعين.
«و يتفكرّون» : عطف على «يذكرون» ، داخل فى صلة «الذين».
«باطلا» : مفعول من أجله أي : للباطل.
«سبحانك» : منصوب على المصدر ، فى موضع «تسبيحا» أي : تسبيحا ومعناه : ننزهك من السوء تنزيها ونبرئك منه تبرئة.
193 - رَبَّنا إِنَّنا سَمِعْنا مُنادِياً يُنادِي لِلْإِيمانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا رَبَّنا فَاغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئاتِنا وَتَوَفَّنا مَعَ الْأَبْرارِ «أن آمنوا» : أن ، فى موضع نصب على حذف حرف الخفض أي : بأن آمنوا.
«و توفّنا مع الأبرار» ، أي : توفنا أبرارا مع الأبرار.
195 - فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ثَواباً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوابِ «أنى لا أضيع» : أنى ، فى موضع نصب ، أي : بأنى.

(1/1401)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 85
و قرأ أبو عمرو بالكسر ، على تقدير : فقال : إنى لا أضيع.
«فالّذين هاجروا» : مبتدأ ، وخبره «لأكفرن».
«ثوابا من عند اللّه» : نصب على المصدر ، عند البصريين ، فهو مصدر مؤكد.
وقال الكسائي : هو منصوب على القطع ، أي على الحال.
وقال الفراء : هو منصوب على التفسير.
«و اللّه عنده حسن الثواب» : اللّه ، مبتدأ و«حسن» ، ابتداء ثان ، و«عنده» خبر «حسن» ، وهو وخبره خبر عن اسم اللّه.
197 - مَتاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهادُ «متاع قليل» : رفع على إضمار مبتدأ أي : هو متاع ، أو : ذلك متاع ، ونحوه.
198 - لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرارِ «تجرى من تحتها الأنهار» : فى موضع رفع ، على النعت ل «جنات».
وإن شئت فى موضع نصب على الحال ، من المضمر المرفوع فى «لهم».
أو هو كالفعل المتأخر بعد الفاعل ، إن رفعت «جنات» بالابتداء ، فإن رفعتها بالاستقرار لم يكن فى «لهم» ضمير مرفوع إذ هو كالفعل المتقدم على فاعله.
«خالدين فيها» : حال من المضمر ، والعامل فى الحال الناصب لها أبدا هو العامل فى صاحب الحال لأنها هو.
«
نزلا» : القول فيه والاختلاف ، مثل «ثوابا» الآية : 195 199 - وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً قَلِيلًا ...
«خاشعين» : حال من المضمر فى «يؤمن» ، أو فى «إليهم» ، وكذلك : «لا يشترون» مثل : «خاشعين».

(1/1402)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 86
- 4 - سورة النساء
1 - يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها وَبَثَّ مِنْهُما رِجالًا كَثِيراً وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً «يا أيّها النّاس» : أي ، نداء مفرد ، فلذلك ضم ، وضمه بنا وليس بإعراب ، وموضعه موضع نصب ، لأنه مفعول فى المعنى و«الناس» نعت ل «أي» ، وهو نعت لا يغنى عنه ، لأنه هو المنادى فى المعنى. ولا يجوز عند سيبويه نصبه على الموضع ، كما جاز فى : يا زيد الظريف لأن هذا نعت يستغنى عنه.
وقال الأخفش : «الناس» صلة ل «أي» ، فلذلك لا يجوز حذفه ولا نصبه.
وأجاز المازني نصب «الناس» قياسا على : يا زيد الظريف.
«و الأرحام» : من نصبه عطفه على : اسم «اللّه» أي : واتقوا الأرحام أن تقطعوها.
ويجوز أن يكون عطفه على موضع «به» ، كما نقول : مررت بزيد وعمرا ، فعطفه على موضع «زيد» ، لأنه مفعول فى موضع نصب وإنما ضعف الفعل فتعدى بحرف.
ومن خفضه عطفه على الهاء فى «به» ، وهو قبيح عند سيبويه لأن المضمر المخفوض بمنزلة التنوين لأنه يعاقب التنوين فى مثل : غلامى ، وغلامك ، ودارى ، ودارك ونحوه. ويدل على أنه كالتنوين أنهم حذفوا الياء فى النداء ، إذ هو موضع يحذف فيه التنوين ، تقول : يا غلام أقبل فلا يعطف على ما قام مقام التنوين ، كما لا يعطف على التنوين.
و قال المازني : كما لا تعطف الأول على الثاني ، إذ لا ينفرد بعد حرف العطف ، كذلك لا تعطف الثاني على الأول ، فهما شريكان لا يجوز فى أحدهما إلا ما يجوز فى الآخر.
3 - وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَواحِدَةً أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ ذلِكَ أَدْنى أَلَّا تَعُولُوا «ما طاب لكم» : ما ، والفعل مصدر أي : فانكحوا الطيب أي : الحلال. و«ما» يقع لما لا يعقل ولنعوت ما يعقل فلذلك وقعت هنا لنعت ما يعقل.

(1/1403)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 87
«مثنى وثلاث ورباع» : مثنى ، فى موضع نصب بدل من «ما» ، ولم ينصرف ، لأنه معدول عن :
اثنين اثنين ، دال على التكثير ولأنه معدول عن مؤنث ، لأن العدد مؤنث.
وقال الفراء : لم ينصرف لأنه معدول عن معنى الإضافة ، وفيه تقدير دخول الألف واللام وأجاز صرفه فى العدد على أنه نكرة.
وقال الأخفش : إن سميت به صرفته فى المعرفة والنكرة لأنه قد زال عنه العدل.
وقيل : لم ينصرف لأنه معدول عن لفظه وعن معناه.
وقيل : امتنع من الصرف ، لأنه معدول ، ولأنه جمع.
وقيل : امتنع لأنه معدول ، ولأنه عدل على غير أصل العدل لأن أصل العدل إنما هو للمعارف ، وهذا نكرة بعد العدل.
و«ثلاث ورباع» : مثل «مثنى» فى جميع علله.
«فواحدة» : من نصبه فمعناه : فانكحوا واحدة.
وقرأ الأعرج : بالرفع ، على معنى : فواحدة تقنع وهو ابتداء محذوف الخبر.
«أو ما ملكت أيمانكم» : عطف على «فواحدة» فى الوجهين جميعا و«ما ملكت» مصدر ، فلذلك وقعت لما يعقل ، فهو لصفة من يعقل.
4 - وَآتُوا النِّساءَ صَدُقاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْساً فَكُلُوهُ هَنِيئاً مَرِيئاً «نحلة» : مصدر وقيل : هو مصدر فى موضع الحال.
«
نفسا» : تفسير ، وتقديمه لا يجوز ، عند سيبويه ، البتة وأجازه المبرد والمازني ، إذا كان العامل منصرفا.
«هنيئا مريئا» : حالان من الهاء فى «فكلوه» ، تقول : هنأنى ومرأنى : فإن أفردت «مرأنى» لم تقل إلا «امرأني» والضمير المرفوع فى «فكلوه» يعود على «الأزواج» وقيل : على «الأولياء». والهاء فى «فكلوه» تعود على «شى ء».
5 - وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ أَمْوالَكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِياماً ...
«قياما» : من قرأه بغير ألف ، جعله جمع «قيمة» ، كديمة وديم ويدل على أنه جمع : أنه اعتل فانقلبت واوه

(1/1404)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 88
ياء ، لانكسار ما قبلها ، ولو كان مصدرا لم يعتل ، كما لم يعتل : «الحول» و«العور» فمعناه : التي جعلها اللّه لكم قيمة لأمتعتكم ومعايشكم.
وإنما قال «التي» ولم يعقل «اللاتي» ، لأنه جمع لا يعقل ، فجرى على لفظ الواحد كما قال : (فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ الَّتِي) 11 : 101 ، وقال (جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي) 19 : 61 ، ولو كان يعقل لقال «اللاتي» ، كما قال (وَ رَبائِبُكُمُ اللَّاتِي) 4 : 23 ، (وَ أُمَّهاتُكُمُ اللَّاتِي) 4 : 23 ، (وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللَّاتِي) 24 : 60 ، وهذا هو الأكثر فى كلام العرب وقد يجوز فيما لا يعقل «اللاتي» ، وفيما يعقل «التي» ، وقد ترىء «أموالكم اللاتي» بالجمع.
ومن قرأ «قياما» جعله اسما ، من «أقام الشي ء» ، وإن شئت مصدر : قام يقوم قياما ، وقد يأتى فى معناه «قوام» ، فلا يعتل.
6 - ... وَلا تَأْكُلُوها إِسْرافاً وَبِداراً أَنْ يَكْبَرُوا ...
«إسرافا» : مفعول من أجله. وقيل : هو مصدو فى موضع الحال. و«بدارا» ، مثله.
«أن يكبروا» : أن فى موضع نصب ل «بدار».
7 - ... مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً «نصيبا مفروضا» : حال. وقيل : هو مصدر.
8 - وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ ...
«
فارزقوهم منه» : الهاء ، تعود على «المقسوم» ، لأن لفظة القسمة دلت عليه.
11 - يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ. فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً «للذّكر مثل حظّ الأنثيين» : ابتداء وخبر ، فى موضع نصب ، تبيين للوصية وتفسير لها.

(1/1405)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 89
«فإن كنّ نساء» : فى «كان» اسمها و«نساء» خبرها تقديره : فإن كانت المتروكات نساء فوق الاثنتين وإنما أعطى الاثنتان الثلثين بالسنة وبدلالة النص وليس فى النص هاهنا لهما دليل على أخذهما للثلثين ، لكن فى النص على الثلثين الأختين ، وسكت عن البنتين ، فحملا على حكم الأختين ، بدليل النص والسنة.
«و إن كانت واحدة» : من رفع ، جعل «كان» تامة لا تحتاج إلى خبر ، بمعنى : وقع وحدث فرفع «واحدة» بفعلها وهى قراءة نافع وحده ومن نصب «واحدة» جعل «كان» هى الناقصة التي تحتاج إلى خبر ، فجعل «واحدة» خبرها ، وأضمر فى «كان» اسمها تقديره : وإن كانت المتروكة واحدة.
«السّدس» : رفع بالابتداء ، وما قبله خبره وكذلك : الثلث ، والسدس وكذلك : «نصف ما ترك» ، وكذلك : «فلكم الربع» ، وكذلك : «و لهن الربع» ، و«فلهن الثمن» وكذلك : «لكل واحد منهما السدس» الآية : 12 «من بعد وصيّة يوصى بها» أي : وصية لا دين معها لأن الدين هو المقدم على الوصية.
«نفعا» : نصب على التفسير.
«
فريضة من اللّه» : مصدر.
12 - ... وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ غَيْرَ مُضَارٍّ وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ «و إن كان رجل يورث كلالة» : كان ، بمعنى : وقع و«يورث» نعت ل «رجل» و«رجل» رفع ب «كان» و«كلالة» نصب على التفسير.
وقيل : هو نصب على الحال ، على أن «الكلالة» هو الميت فى هذين الوجهين.
وقيل : هو نصب على أنه نعت لمصدر محذوف تقديره : يورث وراثة كلالة على أن «الكلالة» هو المال الذي لا يرثه ولد ولا والد وهذا قول عطاء.
وقيل : هو خبر «كان» ، على أن الكلالة اسم للورثة وتقديره : ذا كلالة.
فأما من قرأ «يورث» بكسر الراء ، وبكسرها والتشديد ، ف «كلالة» مفعولة ب «يورث» ، و«كان» بمعنى : «وقع».

(1/1406)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 90
«غير مضارّ» : نصب على الحال من المضمر فى «يوصى».
13 - تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «تجرى من تحتها الأنهار» : الجملة فى موضع نصب ، على النعت ل «جنات».
«خالدين» : حال من الهاء فى «يدخله» وإنما جمع لأنه حمل على معنى «من» ، ولو أفردت «خالدا» لكان محمولا على لفظ «من» ولو جعلت «خالدا» نعتا لجاز فى الكلام ولكنك تظهر الضمير الذي فى «خالدا» فتقول : خالدا هو.
16 - وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ فَآذُوهُما فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا فَأَعْرِضُوا عَنْهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً «اللّذان يأتيانها منكم» : الاختيار ، عند سيبويه ، فى «اللذان» الرفع وإن كان معنى الكلام الأمر ، لأنه لما وصل «الذي» بالفعل تمكن معنى الشرط فيه ، فلم يعمل فيه ، إذ لا يقع على شىء بعينه فلما تمكن الشرط والإبهام فيه جرى مجرى الشرط ، فلم يعمل فيه ما قبله من الإضمار ، كما لا يعمل فى الشرط ما قبله من مضمر أو مظهر فلما بعد أن يعمل فى «اللذين» ما قبلهما من الإضمار ، لم يحسن الإضمار فلما لما يحسن إضمار الفعل قبلهما لينصبهما رفعا بالابتداء ، كما يرفع الشرط ، والنصب جائز على تقدير إضمار فعل ، لأنه إنما أشبه الشرط ، وليس المشبه بالشيء فى حكمه ، فلو وصلت «الذي» بظرف بعد شبهه بالشرط ، فيصير النصب هو الاختيار ، وإذا كان فى الكلام معنى الأمر والنهى ، نحو قولك : اللذين عندك فأكرمهما النصب فيه الاختيار ، ويجوز الرفع والرفع فيما وصل بفعل الاختيار ، ويجوز النصب ، على إضمار فعل يفسره الخبر ، ويصح أن يفسره ما فى الصلة.
ولو حذفت «الهاء» من الخبر لم يحسن عمله فى «اللذين» ، لأن «الفاء» تمنع من ذلك ، إذ ما بعدها منقطع مما قبلها.
19 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّساءَ كَرْهاً وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ ما آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً «أن ترثوا النّساء كرها» : أن ، فى موضع رفع ب «يحل» ، وهو نهى عن تزويج المرأة مكرهة ، وهو شىء كان يفعله أهل الجاهلية ، يكون الابن أو القريب أولى بزوجة الميت من غيره وإن كرهت ذلك المرأة.

(1/1407)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 91
«
كرها» : مصدر فى موضع الحال ، ومثله : «بهتانا» الآية : 20.
«إلّا أن يأتين بفاحشة» : أن ، استثناء ليس من الأول ، فى موضع نصب.
«فعسى أن تكرهوا» : أن ، فى موضع رفع ب «عسى» لأن معناها : فربّ كراهتكم لشىء وجعل اللّه فيه خيرا ، و«أن» والفعل ، مصدر.
22 - وَلا تَنْكِحُوا ما نَكَحَ آباؤُكُمْ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ ...
«إلّا ما قد سلف» : ما ، فى موضع نصب ، استثناء منقطع.
23 - حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ وَبَناتُكُمْ وَأَخَواتُكُمْ ... وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا ما قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً «و أن تجمعوا بين الأختين» : أن ، فى موضع رفع ، عطف على «أمهاتكم» ، أي : وحرم عليكم الجمع بين الأختين ، وكذلك : «و المحصنات» الآية : 24 ، رفع ، عطف على «أمهاتكم».
24 - وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ فِيما تَراضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً «إلا ما ملكت أيمانكم» : ما ، فى موضع نصب على الاستثناء ، و«ما ملكت» مصدر ، ولذلك وقعت «ما» لما يعقل ، لأن المراد بها صفة من يعقل ، و«ما» يسأل بها عما لا يعقل ، وعن صفات من يعقل.
«كتاب اللّه عليكم» : نصب على المصدر ، على قول سيبويه لأنه لما قال : «حرمت عليكم أمهاتكم» علم أن ذلك مكتوب ، فكأنه قال : كتب اللّه عليكم كتابا.
و قال الكوفيون : هو منصوب على الإغراء أي ، فعليكم. وهو بعيد لأن ما انتصب بالإغراء لا يتقدم على ما قام مقام الفعل ، وهو «عليكم» ، وقد تقدم فى هذا الموضع ، ولو كان النص «عليكم كتاب اللّه» لكان نصبه على الإغراء أحسن من المصدر.
«أن تبتغوا» : أن ، فى موضع نصب على البدل من «ما» ، فى قوله «ما وراء ذلكم» ، أو فى موضع رفع - على قراءة من قرأ «و أحل» على ما يسم فاعله - بدل من «ما» أيضا.

(1/1408)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 92
«محصنين» : حال من المضمر فى «يبتغوا» ، وكذا «غير مسافحين».
«فما استمتعتم» : ما ، رفع بالابتداء ، وهى شرط ، وجوابه «فآتوهن» ، وهو خبر الابتداء.
«فريضة» : حال. وقيل : مصدر فى موضع الحال.
25 - وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَناتِ الْمُؤْمِناتِ فَمِنْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ مِنْ فَتَياتِكُمُ الْمُؤْمِناتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِكُمْ بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ مُحْصَناتٍ غَيْرَ مُسافِحاتٍ وَلا مُتَّخِذاتِ أَخْدانٍ فَإِذا أُحْصِنَّ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ ما عَلَى الْمُحْصَناتِ مِنَ الْعَذابِ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ «أن ينكح» : أن ، فى موضع نصب ، بحذف حرف الجر تقديره : إلى أن ينكح.
«محصنات» : حال من الهاء والنون فى «منهن» ، وكذا : «غير مسافحات» ، وكذا :
«و لا متخذات أخدان».
«ذلك لمن خشى» : ذلك ، مبتدأ ، وما بعده خبره أي : الرخصة فى نكاح الإماء لمن خشى العنت.
«و أن تصبروا خير لكم» : أن ، فى موضع رفع ، بالابتداء ، و«خير» خبره تقديره : والصبر عن تزويج الإماء خير لكم.
28 - يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً «ضعيفا» : نصب على الحال أي : خلق يغلبه هواه وشهوته وغضبه ورضاه ، فاحتاج أن يخفف اللّه عنه.
29 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً عَنْ تَراضٍ مِنْكُمْ ...
«إلا أن تكون تجارة» من رفع جعل «كان» تامة ، بمعنى : «وقع» ومن نصب جعلها خبر «كان» ، وأضمر فى «كان» اسمها تقديره : إلا أن تكون الأموال أموال تجارة ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
وقيل : تقديره : إلا أن تكون التجارة تجارة.
والتقدير الأول أحسن ، لتقدم ذكر «الأموال».

(1/1409)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 93
و «أن» فى قوله : «إلا أن» ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
ومثل «تجارة» قوله : «وَ إِنْ تَكُ حَسَنَةً» 4 : 40 ، فى الرفع والنصب.
30 - وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ عُدْواناً وَظُلْماً فَسَوْفَ نُصْلِيهِ ناراً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيراً «عدوانا وظلما» : مصدران فى موضع الحال ، كأنه قال : متعديا وظالما.
31 - إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيماً «مدخلا» : مصدر «أدخل» ، فمن فتح الميم جعله مصدر «دخل» ، و«ندخلكم» يدل على «أدخل».
33 - وَلِكُلٍّ جَعَلْنا مَوالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوالِدانِ وَالْأَقْرَبُونَ ...
«و لكلّ جعلنا» : المضاف إليه محذوف مع «كل» تقديره : ولكل أحد ، أو نفس.
وقيل : تقديره : ولكل شىء مما ترك الوالدان والأقربون جعلنا موالى ، أو وارثا ، له.
34 - الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ وَاللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ ...
«بما حفظ اللّه» أي : حفظ اللّه لهن. وقرأ ابن القعقاع «اللّه» بالنصب ، على معنى : بحفظهن اللّه.
«و اهجروهنّ فى المضاجع» : ليس فى «المضاجع» ظرف للهجران ، إنما هو سبب للتخلف فمعناه : واهجروهن من أجل تخلفهن عن المضاجعة معكم.
37 - الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ ...
«الّذين» : فى موضع نصب ، بدل من «من» فى قوله : «لا يحب من» الآية : 36.
38 - وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ ...
«رئاء» : مفعول من أجله ويجوز أن يكون مصدرا فى موضع الحال من «الذين» ، فيكون «و لا يؤمنون» منقطعا لا معطوفا على «ينفقون» لأن الحال من «الذين» غير داخل فى صلته ، فيفرق بين الصلة والموصول بالحال ، إن عطفت «و لا يؤمنون» على «ينفقون».
وإن جعلته حالا من المضمر فى «ينفقون» جاز أن يكون «و لا يؤمنون» معطوفا على «ينفقون» ، داخلا فى فى الصلة لأن الحال داخلة فى الصلة ، إذ هى حال لما هو فى الصلة.

(1/1410)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 94
41 - فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً «شهيدا» : حال من الكاف فى «بك».
42 - يَوْمَئِذٍ يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَعَصَوُا الرَّسُولَ لَوْ تُسَوَّى بِهِمُ الْأَرْضُ وَلا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثاً «يومئذ» : العامل فيه «يود».
43 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ وَلا جُنُباً إِلَّا عابِرِي سَبِيلٍ ...
«
و أنتم سكارى» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «تقربوا».
«و لا جنبا» : حال أيضا منه ، وكذلك ، «إلا عابرى سبيل» ، بمعنى : لا مسافرين ، فتتيممون للصلاة وتصلون وأنتم جنب.
وقيل : معناه : إلا مجتازين ، على أن الصلاة يراد بها موضع الصلاة.
44 - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ «يشترون الضّلالة» : فى موضع الحال من «الذين» ، ومثله : «و يريدون».
45 - وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً «كفى باللّه» : الباء ، زائدة ، و«اللّه» فى موضع رفع ب «كفى» ، وإنما زيدت الباء مع الفاعل ليؤدى الكلام معنى الأمر ، لأنه فى موضع : اكتفوا باللّه فدلت «الباء» على هذا المعنى.
«وليا ، ونصيرا» : تفسيران ، وإن شئت : حالين.
46 - مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَراعِنا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا «من الّذين هادوا» : من ، متعلقة ب «نصيرا» ، أي : اكتفوا باللّه ناصرا لكم من الذين هادوا.
«يحرّفون» : حال من «الذين هادوا» ، فلا تقف على «نصيرا» على هذا القول.
وقبل : «من الذين هادوا» ، متعلقة بمحذوف ، هو خبر ابتداء محذوف ، تقديره : من الذين هادوا قوم يحرفون ، فيتعلق «من» بمحذوف ، كما تتعلق حروف الجر إذا كانت أخبارا ويكون «يحرفون» نعت للابتداء المحذوف ، فتقف على «نصيرا» فى هذا القول.

(1/1411)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 95
و قيل : متعلقة ب «الذين أوتوا نصيبا من الكتاب» الآية : 44 ، بيّن أنهم من الذين هادوا ، فلا تقف على «نصيرا» أيضا.
وقيل : التقدير : من الذين هادوا من يحرف الكلم مبتدأ محذوف ، و«من الذين هادوا» خبر مقدم فتقف على «نصيرا» على هذا ، ومثله فى حذف «من» قوله تعالى «وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ» 37 : 164 أي :
من له مقام.
«غير مسمع» : نصب على الحال من المضمر فى و«اسمع» والمراد : واسمع غير مسمع مكروها.
وقيل : إنهم يريدون : غير مسمع منك أي : غير مجاب.
«ليّا» : مصدر وأصله : لويا ، ثم أدغمت الواو فى الياء.
وقيل : هو مفعول من أجله ، ومثله : «و طعنا فى الدين».
«و لو أنهم قالوا» : أن ، فى موضع رفع بالابتداء أبدا ، عند سيبويه ولم يجز سيبويه وقوع الابتداء بعد «لو» إلا مع «أن» خاصة ، لوجود لفظ الفعل بعد «أن» ، فإن وقع بعد «لو» اسم ارتفع بإضمار فعل عنده.
وقال غيره : «أن» وغيرها لا ترتفع بعد «لو» إلا بإضمار فعل.
«إلّا قليلا» : نعت لمصدر محذوف ، تقديره : إلا إيمانا قليلا ، وإنما قل : لأنهم لا يتمارون عليه ، ولأن باطنهم خلاف ما يظهرون ولو كان على الاستثناء لكان على الوجه ، رفع «قليل» على البدل من المضمر فى «يؤمنون» فإن جعلته مستثنى من «لعنهم» لم يحسن لأن من كفروا ملعونون لا يستثنى منهم أحد.
47 - ... أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا «كما لعنّا» : الكاف فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره لعناهم مثل لعننا لأصحاب السبت.
51 - ... وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا «سبيلا» : نصب على التفسير والنصب على التفسير ، وعلى البيان ، وعلى التمييز ، سواء إلا أن التمييز يستعمل فى الأعداد.
53 - أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً لا يجوز عند أكثر النحويين «إذن» إلا بالنون وأجاز الفراء أن تكتب بالألف.

(1/1412)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 96
و «إذن» هنا ، ملغاة غير عاملة ، لدخول واو العطف عليها وهى الناصبة للفعل عند سيبويه ، إذا نصبت.
والناصب عند الخليل «أن» مضمرة.
55 - فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفى بِجَهَنَّمَ سَعِيراً «من آمن به ، من صدّ عنه» : كلاهما مبتدأ ، وما قبل كل مبتدأ خبره أي : «فمنهم» و«منهم».
«سعيرا» : انتصب على التفسير.
56 - إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها «كلما نضجت» : الناصب ل «كلما» قوله «بدلناهم».
57 - وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا «تجرى من تحتها الأنهار» : تجرى ، فى موضع نعت ل «جنات».
«خالدين فيها» : حال من الهاء والميم ، فى «سندخلهم».
«لهم فيها أزواج» : أزواج ، ابتداء ، وخبره «لهم» ، والجملة يحتمل موضعها من الإعراب ما يحتمل «خالدين فيها».
58 - إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ ...
«أن تؤدوا ، أن تحكموا» : أن ، فيهما ، فى موضع نصب بحذف الخافض ، أصله : بأن تؤدوا ، وبأن تحكموا.
59 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا «و أولى الأمر» : واحد «أولى» : ذا ، المضاف لأنه منصوب وواحد «أولو» : ذو ، من غير لفظه كذلك واحد «أولات» : ذات.
«تأويلا» : نصب على التفسير.

(1/1413)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 97
61 - وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُوداً «صدرا» : اسم للمصدر ، عند الخليل ، والمصدر : الصد ، فهو نصب على المصدر.
66 - وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيارِكُمْ ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً «إلا قليل» : رفع على البدل من المضمر فى «فعلوه» ، وقرأ ابن عامر بالنصب ، على الاستثناء ، وهو بعيد فى النفي ، لكنه كذلك بالألف فى مصاحف أهل الشام.
«تثبيتا» : نصب على التفسير.
68 - وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً «صراطا» : مفعول ثان ل «هدينا».
69 - ... وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً «رفيقا» : تفسير.
وقال الأخفش : رفيقا ، حال ، و«أولئك» فى موضع رفع ب «حسن».
70 - ذلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ عَلِيماً «عليما» : تفسير.
71 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُباتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً «ثبات ، جميعا» : حالان من المضمر فى «انفروا» فى اللفظين.
و«ثبات» : مفترقين وواحدها : ثبة وتصغيرها ، وثيبة. فأما «ثبة الحوض» ، وهو وسطه ، فتصغيرها : ثويبة.
73 - وَلَئِنْ أَصابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزاً عَظِيماً «كأن لم تكن بينكم وبينه مودّة» : اعتراض بين القول والمقول ، وليس هو من قول الذي أبطأ عن الجهاد ، والمراد به التأخير بعد جواب التمني ، و«مودة» : اسم «تكن» ، و«بينكم» الخبر ، ولا يحسن كون «تكن» بمعنى : تقع لأن الكلام لا يتم معناه دون «بينكم وبينه» ، فهو الخبر وبه تتم الفائدة.
«فأفوز فوزا عظيما» : نصب على جواب التمني فى قوله : «يا ليتنى كنت معهم».

(1/1414)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 98
75 - وَما لَكُمْ لا تُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا أَخْرِجْنا مِنْ هذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُها وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيراً «و ما لكم لا تقاتلون» : لا تقاتلون ، فى موضع نصب على الحال من «لكم» ، كما تقول : مالك قائما ، وكما قال تعالى : (فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ) 4 : 88 ، و(فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ) 74 : 49 ، و«ما» فى جميع ذلك ، مبتدأ ، والمجرور خبره.
«و المستضعفين» : عطف على اسم «اللّه» ، فى موضع خفض.
وقيل : هو معطوف على «سبيل».
«الظّالم أهلها» : نعت ل «القرية» وإنما جاز ذلك - و«الظالم» ليس لها للعائد عليها من نعتها ، وإنما وحّد لجريانه على موحد ، ولأنه لا ضمير فيه ، إذ قد رفع ظاهرا بعده ، وهو الأصل ، ولو كان فيه ضمير لم يجز استتاره ولظهر - لأن اسم الفاعل ، إذا كان خبرا أو صفة أو حالا لغير من هو له ، لم يستتر فيه ضمير البتة ، ولا بد من إظهاره ، فكذلك إن عطف على غير من هو له والفعل بخلاف ذلك ، يستتر الضمير فيه لقوته ، وإن كان خبرا أو صفة أو حالا لغير من هو له.
77 - ... فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتالُ إِذا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً ...
«إذا فريق منهم» : فريق ، رفع بالابتداء ، و«منهم» نعت ل «فريق» فى موضع رفع ، و«يخشون» خبر الابتداء.
«كخشية اللّه» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : خشية مثل خشيتهم اللّه.
«أو أشدّ» : نصب ، أو عطف على «الكاف».
78 - أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ ...
«أينما» : أين ، ظرف مكان ، فيه معنى الاستفهام والشرط ، ودخلت «ما» لتمكن الشرط ، و«تكونوا» جزم بالشرط ، و«يدركم» جوابه.

(1/1415)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 99
79 - ما أَصابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَما أَصابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً «ما أصابك من حسنة ، وما أصابك من سيّئة» : ما ، فيهما بمعنى «الذي» ، وليست للشرط ، لأنها نزلت فى شىء بعينه ، وهو الجدب والخصب ، والشرط لا يكون إلا مبهما ، يجوز أن يقع ويجوز ألا يقع وإنما دخلت الفاء للإبهام الذي فى «الذي» ، وأيضا فإن اللفظ «ما أصابك» ، ولم يقل «ما أصبت».
«و أرسلناك للناس رسولا» : رسولا ، مصدر مؤكد ، يعنى : ذا رسالة.
«شهيدا» : تفسير وقيل : حال.
81 - وَيَقُولُونَ طاعَةٌ فَإِذا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ ما يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا «طاعة» : رفع على خبر ابتداء محذوف تقديره : ويقولون : أمرنا طاعة.
ويجوز فى الكلام النصب : على المصدر.
83 - وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْ لا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ إِلَّا قَلِيلًا «لاتّبعتم الشّيطان إلا قليلا» : قليلا ، منصوب على الاستثناء من الجمع المضمر فى «أذاعوا».
وقيل : من المضمر فى «يستنبطونه».
وقيل : من الكاف والميم فى «عليكم» على تقدير : لو لا فضل اللّه عليكم بأن بعث فيكم رسوله فآمنتم به لكفرتم إلا قليلا منكم وهم الذين كانوا على الإيمان قبل بعث الرسول عليه السلام.
و«لو لا» : يقع بعدها الابتداء والخبر محذوف ف «فضل» مبتدأ ، والخبر محذوف ، وإظهاره لا يجوز عند سيبويه.
86 - وَإِذا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْها أَوْ رُدُّوها إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً «تحيّة» : وزنها : تفعلة وأصلها : تحية فألقيت حركة الياء على الحاء ، وأدغمت فى الثانية.

(1/1416)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 100
87 - اللَّهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثاً «اللّه لا إله إلا هو» : اللّه : مبتدأ ، و«لا إله» مبتدأ ثان ، وخبره محذوف ، والجملة خبر عن «اللّه» ، و«إلا هو» بدل من موضع «لا إله».
88 - فَما لَكُمْ فِي الْمُنافِقِينَ فِئَتَيْنِ ...
«فئتين» : نصب على الحال من الكاف والميم من «لكم» ، كما تقول : مالك قائما.
89 - وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَما كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَواءً فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِياءَ حَتَّى يُهاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلا نَصِيراً «كما كفروا» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف أي : كفرا مثل كفرهم.
90 - إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثاقٌ أَوْ جاؤُكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقاتِلُوكُمْ ...
«إلّا الذين يصلون» : الذين ، فى موضع نصب ، استثناء من الهاء والميم فى «و اقتلوهم» الآية : 89.
«حصرت صدورهم» : لا يكون «حصرت» حالا من المضمر المرفوع فى «جاءوكم» ، إلا أن يضمر معه «قد» ، فإن لم تضمر فهو دعاء كما تقول : لعن اللّه الكافر.
وقيل : «حصرت» فى موضع خفض ، نعت ل «قوم».
فأما من قرأ «حصرة» ، بالتنوين ، فجعله اسما ، فهو حال من المضمر المرفوع فى «جاءوكم» ، ولو خفض على النعت ل «قوم» جاز.
«أن يقاتلوكم» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول من أجله.
92 - وَما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً وَمَنْ قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَأً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلى أَهْلِهِ إِلَّا أَنْ يَصَّدَّقُوا ... تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ وَكانَ اللَّهُ عَلِيماً حَكِيماً «أن يقتل» : أن ، فى موضع رفع اسم «كان» ، و«إلا خطأ» استثناء منقطع ، ومثله «أن» فى :
«إلا أن يصدقوا».

(1/1417)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 101
«فتحرير رقبة» : ابتداء ، وخبره محذوف تقديره : فعليه تحرير رقبة ، و«دية مسلمة» مثله ، وكذلك : «فصيام شهرين» أي : فعليه صيام شهرين.
«توبة من اللّه» : نصبت على المصدر ، أو على المفعول من أجله والرفع فى الكلام جائز ، على تقدير :
ذلك توبة.
95 - لا يَسْتَوِي الْقاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدِينَ عَلَى الْقاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً «غير أولى الضّرر» : من نصب «غير» فعلى الاستثناء من «القاعدين» ، وإن شئت من «المؤمنين» ، وإن شئت نصبته على الحال من «القاعدين» أي : لا يستوى القاعدون فى حال صحتهم.
ومن نصب «غير» جعله نعتا ل «القاعدين» لأنهم غير معنيين ، لم يقصد بهم قوم بأعيانهم ، فصاروا كالنكرة ، فجاز أن يوصفوا ب «غير» ، وجاز الحال منهم ، لأن لفظهم لفظ المعرفة ، وقد تقدم نظيره فى نصب «غير المغضوب» 1 : 7 ، وخفضه.
والأحسن أن يكون الرفع فى «غير» على البدل من «القاعدين».
وقد قرأ أبو حيوة «غير» بالخفض ، جعله نعتا ل «المؤمنين».
«و كلّا وعد اللّه الحسنى» : كلا ، نصب ب «وعد».
«أجرا» : نصب بفعل وإن شئت على المصدر.
96 - دَرَجاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً «درجات» : نصب على البدل من «أجر».
97 - إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ قالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ ...
«ظالمى أنفسهم» : نصب على الحال من الهاء والميم فى «توفاهم» ، وحذفت النون للإضافة.
«فيم كنتم» : حذفت ألف «ما» ، لدخول حرف الجر عليها ، للفرق بين الخبر والاستفهام ، فتحذف الألف فى الاستفهام وتثبت فى الخبر ، ومثله (عَمَّ يَتَساءَلُونَ) 78 : 1 ، و(لِمَ أَذِنْتَ) 9 : 43 و(فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) 15 :
54 ، وشبهه.

(1/1418)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 102
98 - إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلًا «إلا المستضعفين» : استثناء ، فى موضع نصب من «الذين توفاهم» الآية : 97.
«لا يستطيعون» : فى موضع نصب ، على الحال من «المستضعفين» ، وكذلك : «و لا يهتدون سبيلا».
100 - ... وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ...
«مهاجرا» : نصب على الحال ، من المضمر فى «يخرج».
101 - وَإِذا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلاةِ إِنْ خِفْتُمْ أَنْ يَفْتِنَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنَّ الْكافِرِينَ كانُوا لَكُمْ عَدُوًّا مُبِيناً «أن تقصروا من الصلاة» : أن ، فى موضع نصب ، بحذف حرف الجر تقديره : فى أن تقصروا «عدوا» : إنما وحد ، وقبله جمع ، لأنه بمعنى المصدر وتقديره : كانوا لكم ذوى عداوة.
103 - فَإِذا قَضَيْتُمُ الصَّلاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِياماً وَقُعُوداً وَعَلى جُنُوبِكُمْ ...
«قياما وقعود» : حالان ، من المضمر فى «اذكروا» ، وكذلك : «و على جنوبكم» ، لأنه فى موضع.
مضطجعين.
105 - إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللَّهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً «بالحق» : فى موضع الحال ، من «الكتاب» ، وهى حال مؤكدة ، ولا يجوز أن يكون تعدى إليه «أنزلنا».
بحرف لأنه قد تعدى إلى مفعول بغير حرف وإلى آخر بحرف.
109 - ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا
«ها أنتم هؤلاء جادلتم» : هو مثل قوله «ثُمَّ أَنْتُمْ هؤُلاءِ تَقْتُلُونَ» 2 : 85 ، وقد مضى شرحه والاختلاف فيه إلا أنك فى هذا لا تجعل «جادلتم» حالا ، إلا أن تضمر فيه «قد».
«
فمن يجادل» : من ، ابتداء ، و«يجادل» الخبر ، و«أم من يكون» مثلها ، عطف عليها.

(1/1419)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 103
114 - لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْواهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ ابْتِغاءَ مَرْضاتِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً «إلا من أمر بصدقة» : من ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، إن جعلت «نجواهم» اسما لما يتناجون به ، ومعنى الاستثناء المنقطع ، والاستثناء الذي ليس من الأول ، هما شىء واحد.
وإن جعلت «نجواهم» بمعنى : جماعتهم الذين يتناجون ، كانت «من» فى موضع خفض على البدل من «من نجواهم» ، وهو بدل بعض من كل.
«ابتغاء مرضاة اللّه» : ابتغاء ، مفعول من أجله.
115 - وَمَنْ يُشاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَساءَتْ مَصِيراً «و ساءت مصيرا» : نصب على التفسير.
122 - ... وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا «قيلا» : نصب على التفسير أيضا ، يقال : قيلا ، وقولا ، وقالا بمعنى 123 - لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ ...
اسم «ليس» فيها مضمر ، يعود على ما ادعى عبدة الأوثان من أنهم لن يبعثوا ، وعلى ما قالت اليهود والنصارى :
(لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كانَ هُوداً أَوْ نَصارى ) 2 : 111 ، فأنزل اللّه «ليس بأمانيكم» ، يعنى : يا عبدة الأوثان ، ولا بأمانى أهل الكتاب والمعنى : ليس الكائن من أموركم يوم القيامة ما تتمنون.
وقيل : تقديره : ليس ثواب اللّه بأمانيكم.
125 - وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ وَاتَّبَعَ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا «حنيفا» : حال من المضمر فى «اتبع».
127 - وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الْوِلْدانِ ...
«و ما يتلى عليكم» : ما ، فى موضع رفع عطف على اسم «اللّه» أي : «اللّه يفتيكم» ، والمتلو فى الكتاب يفتيكم ، وهو القرآن.

(1/1420)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 104
«و ترغبون أن تنكحوهن» : أن ، فى موضع نصب بحذف الخافض تقديره : فى أن تنكحوهن.
«و المستضعفين» : مخفوض : عطف على «يتامى النساء» ومثله ، «أن» فى قوله : «و أن تقوموا» والتقدير : اللّه يفتيكم فى النساء ، والقرآن الذي يتلى عليكم فى النساء ، وفى المستضعفين من الولدان ، وفى أن تقوموا لليتامى بالقسط ، يفتيكم أيضا ، و«ما» : هو ما قصه اللّه من ذكر اليتامى فى أول السورة.
وقال الفراء : «ما» فى «و ما يتلى» فى موضع خفض ، عطف على الضمير فى «فيهن» وذلك غير جائز عند.
البصريين ، لأنه عطف ظاهر على مضمر مخفوض.
128 - وَإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً ...
«و إن امرأة» : رفع عند سيبويه ، بفعل مضمر تقديره : وإن خافت امرأة خافت ، وهو رفع بالابتداء عند غيره :
«أن يصلحا» : مثل «أن تنكحوهن» الآية : 127 أي : فى أن يصلحا.
«صلحا» : مصدر ، على تقدير : إلا أن يصلحا بينهما فيصلح الأمر صلحا.
131 - وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ...
«أن اتّقوا اللّه» أي : بأن اتقوا اللّه.
135 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَداءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى بِهِما فَلا تَتَّبِعُوا الْهَوى أَنْ تَعْدِلُوا وَإِنْ تَلْوُوا أَوْ تُعْرِضُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً «شهداء» : نعت ل «قوامين» ، أو خبر ثان ويجوز أن يكون حالا من المضمر فى «قوامين».
«بهما» : مثنى ، وقبله الإيجاب لأحد الشيئين ب «أو» ف «أو» ، عند الأخفش ، فى موضع الواو.
وقيل : تقديره : أن يكون الخصمان غنيين أو فقيرين فاللّه أولى بهما.
وقيل : هو مثل قوله : «وَ لَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا» 4 : 12.

(1/1421)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 105
و قيل : لما كان معناه : فاللّه أولى يعنى : غنى الغني وفقر الفقير ، عاد الضمير عليهما.
وقيل : إنما رجع الضمير إليهما ، لأنه لم يقصد قصد فقير بعينه ولا غنى بعينه.
«أن تعدلوا» : أن ، فى موضع نصب على حذف الخافض أي : فى أن لا تعدلوا ، فلا معذرة.
وأن تلووا» : من قرأ بضم اللام وواو واحدة ، احتمل أن يكون من : ولى يلى وأصله : توليوا ثم أعل بحذف الواو ، لوقوعها بين ياء وكسرة ، ثم ألقى حركة الياء على اللام وحذف الياء ، لسكونها وسكون الواو بعدها.
ويحتمل أن يكون من : لوى فأصلها : تلووا ، كقراءة الجماعة ، إلا أنه أبدل من الواو همزة ، لانضمامها ، وألقى حركتها على اللام ، فصارت مضمومة.
140 - وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ أَنْ إِذا سَمِعْتُمْ آياتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِها وَيُسْتَهْزَأُ بِها فَلا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ...
«أن إذا سمعتم» : أن ، موضع رفع ، مفعول به لم يسم فاعله ، على قراءة من قرأ «نزل» بالضم.
فأما من قرأ «نزل» بالفتح ، فإنه مفعول به ب «نزل».
142 ، 143 - إِنَّ الْمُنافِقِينَ يُخادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خادِعُهُمْ وَإِذا قامُوا إِلَى الصَّلاةِ قامُوا كُسالى يُراؤُنَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا مُذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذلِكَ لا إِلى هؤُلاءِ وَلا إِلى هؤُلاءِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا
«كسالى» : حال من المضمر فى «قاموا» وكذلك : «يراءون» حال. أيضا ، ومثله : «و لا يذكرون» ، ومثله : «مذبذبين» حال من المضمر فى «يذكرون».
ومعنى «مذبذبين» : مضطربين ، لا مع المسلمين ولا مع الكافرين.
146 - إِلَّا الَّذِينَ تابُوا وَأَصْلَحُوا وَاعْتَصَمُوا بِاللَّهِ وَأَخْلَصُوا دِينَهُمْ لِلَّهِ فَأُولئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ وَسَوْفَ يُؤْتِ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْراً عَظِيماً «فأولئك مع المؤمنين» : أولئك ، مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : فأولئك مؤمنون مع المؤمنين.
147 - ما يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكانَ اللَّهُ شاكِراً عَلِيماً «ما يفعل اللّه» : ما ، استفهام ، فى موضع نصب ب «يفعل».

(1/1422)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 106
148 - لا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ وَكانَ اللَّهُ سَمِيعاً عَلِيماً «إلّا من ظلم» : من ، فى موضع نصب ، استثناء ليس من الأول.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على البدل من المعنى لأن معنى الكلام : لا يحب اللّه أن يجهر واحد بالسوء إلا من ظلم ، فتجعل «من» بدلا من «أحد» المقدّرة.
150 - إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذلِكَ سَبِيلًا «بين ذلك سبيلا» : ذلك ، تقع إشارة لواحد ولاثنين ولجماعة ، لذلك أتت إشارة بعد شيئين فى هذه الآية ، وهما : نؤمن ببعض ونكفر ببعض فمعناه : تريدون أن تتخذوا طريقا بين الإيمان والكفر.
153 - ... فَقالُوا أَرِنَا اللَّهَ جَهْرَةً ...
«جهرة» : حال من المضمر فى «قالوا» أي : قالوا ذلك مجاهرين.
ويجوز أن يكون نعتا لمصدر محذوف تقديره : رؤية جهرة.
154 - وَرَفَعْنا فَوْقَهُمُ الطُّورَ بِمِيثاقِهِمْ وَقُلْنا لَهُمُ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً ...
«سجّدا» : حال من المضمر فى «ادخلوا» 155 - فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ وَكُفْرِهِمْ بِآياتِ اللَّهِ ...
«فيما نقضهم ميثاقهم» : ما ، زائدة للتأكيد ، و«نقضهم» خفض بالباء.
وقيل : ما ، نكرة فى موضع خفض ، و«نقضهم» بدل من «ما».
156 - وَبِكُفْرِهِمْ وَقَوْلِهِمْ عَلى مَرْيَمَ بُهْتاناً عَظِيماً «بهتانا» : حال. وقيل : مصدر.
157 - ... ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِّ وَما قَتَلُوهُ يَقِيناً «إلّا اتّباع الظنّ» : نصب على الاستثناء ، الذي ليس من الأول.
ويجوز فى الكلام رفعه على البدل من موضع «من علم» ، ومن «زائدة» ، «و علم» رفع بالابتداء.

(1/1423)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 107
160 - فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ طَيِّباتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيراً «كثيرا» : نعت لمصدر محذوف أي : صدودا كثيرا.
162 - لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أُولئِكَ سَنُؤْتِيهِمْ أَجْراً عَظِيماً «و المقيمين الصّلاة» : انتصب على المدح ، عند سيبويه.
وقال الكسائي : هو فى موضع خفض عطف على «ما» فى قوله «بما أنزل إليك» ، وهو بعيد لأنه يصير المعنى : يؤمنون بما أنزل إليك وبالمقيمين الصلاة وإنما يجوز على أن يجعل «المقيمين الصلاة» هم الملائكة ، فتخبر عن الراسخين فى العلم وعن المؤمنين بما أنزل اللّه على محمد ، ويؤمنون بالملائكة الذين من صفتهم إقامة الصلاة ، بقوله «يُسَبِّحُونَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لا يَفْتُرُونَ» 21 : 20.
وقيل : «المقيمين» معطوفون على الكاف فى «قبلك» أي : ومن قبل المقيمين الصلاة وهو بعيد لأنه عطف ظاهر على مضمر مخفوض.
وقيل : هو معطوف على الهاء والميم فى «منهم».
وكلا القولين فيه عطف ظاهر على مضمر مخفوض.
وقيل : هو عطف على «قبل» كأنه قال : وقبل المقيمين ، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
ومن جعل نصب «المقيمين» على المدح جعل خبر «الراسخين» : يؤمنون.
فإن جعل الخبر فى قوله «أولئك سنؤتيهم» لم يجز نصب «و المقيمين» على المدح ، إلا بعد تمام الكلام.
«و المؤتون الزكاة» : رفع عند سيبويه ، على الابتداء.
وقيل : على إضمار مبتدأ أي : وهم المؤتون.
وقيل : هو معطوف على المضمر فى «المقيمين».
وقيل : على المضمر فى «يؤمنون».
وقيل : على «الراسخين».

(1/1424)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 108
163 - إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ ...
«كما أوحينا» : الكاف ، نعت لمصدر محذوف أي : إيحاء.
164 - وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ ...
«
و رسلا قد قصصناهم» : نصب بإضمار فعل أي : وقصصنا رسلا قصصناهم عليك من قبل.
وقيل : هو محمول على المعنى ، عطف على ما قبله لأن معنى «أوحينا» : أرسلنا ، فيصير تقديره : إنا أرسلناك وأرسلنا رسلا.
165 - رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ...
«رسلا» : بدل من «و رسلا» الآية : 64.
وقيل : هو نصب على إضمار فعل أي : أرسلنا رسلا مبشرين.
وقيل : هو حال ، و«مبشرين» نعت له.
170 - يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ ...
«خيرا» : منصوب ، عند سيبويه ، على إضمار فعل تقديره : ائتوا خيرا لكم لأن «آمنوا» دل على إخراجهم من أمر وإدخالهم فيما هو خير لهم.
وقال الفراء : هو نعت لمصدر محذوف تقديره : إيمانا خيرا لكم.
وقال أبو عبيدة : هو خبر «كان» مضمر تقديره : فآمنوا يكن خيرا لكم أي : يكن الإيمان خيرا لكم.
171 - يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَكَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا «و لا تقولوا ثلاثة» : ثلاثة ، خبر ابتداء محذوف تقديره : آلهتنا ثلاثة.
«انتهوا خيرا لكم» : خيرا ، عند سيبويه ، انتصب على إضمار الفعل المتروك إظهاره لأنك إذا قلت :
انته ، فأنت تخرجه من أمر وتدخله فى أمر آخر ، فكأنك قلت : ائت خيرا لك.

(1/1425)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 109
و قال الفراء : هو نعت لمصدر محذوف تقديره : انتهوا انتهاء خيرا لكم.
وقال أبو عبيدة : هو خبر «كان» محذوفه تقديره : انتهوا يكن خيرا لكم.
وحكى عن بعض الكوفيين أن نصبه على الحال وهو بعيد.
«
إنما اللّه إله واحد» : ما ، كافة ل «إن» عن العمل و«و اللّه» مبتدأ و«إله» خبر و«واحد» نعت تقديره : إنما اللّه منفرد فى الألوهية.
وقيل : «واحد» تأكيد ، بمنزلة : لا تتخذوا إلهين اثنين.
ويجوز أن يكون «إله» بدل من اللّه ، و«واحد» خبره تقديره : إنما المعبود واحد.
«سبحانه» : نصبه على المصدر.
«أن يكون» : أن ، فى موضع نصب بحذف حرف الجر تقديره : سبحانه عن أن يكون ، ومن أن يكون أي : تنزيها له من ذلك وبراءة له.
«وكيلا» : نصب على البيان وإن شئت على الحال. ومعنى «وكيل» : كاف لأوليائه.
172 - نْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْداً لِلَّهِ ...
«أن يكون عبدا» : أن ، فى موضع نصب بحذف حرف الجر تقديره : بأن يكون عبد اللّه.
175 - فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَاعْتَصَمُوا بِهِ فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِنْهُ وَفَضْلٍ وَيَهْدِيهِمْ إِلَيْهِ صِراطاً مُسْتَقِيماً «و يهديهم إليه صراطا» : صراطا ، نصب على إضمار فعل تقديره : يعرفهم صراطا ودل «يهديهم» على المحذوف.
ويجوز أن يكون مفعولا ثانيا ل «يهدى» تقديره : ويهديهم صراطا مستقيما إلى ثوابه وجزائه.
176 - يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَها نِصْفُ ما تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُها إِنْ لَمْ يَكُنْ لَها وَلَدٌ فَإِنْ كانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثانِ مِمَّا تَرَكَ وَإِنْ كانُوا إِخْوَةً رِجالًا وَنِساءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ «فإن كانتا اثنتين» : إنما ثنى الضمير فى «كانتا» ، ولم يتقدم إلا ذكر واحد ، لأنه محمول على المعنى.
لأن تقديره ، عند الأخفش : فإن كانتا من ترك اثنتين ثم بنى الضمير على معنى «من».

(1/1426)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 110
«
أن تضلّوا» : أن ، فى موضع نصب ب «يبين» معناه : يبين اللّه لكم الضلال لتجتنبوه.
وقيل : «لا» ، مقدرة محذوفة من الكلام تقديره. يبين اللّه لكم لا أن تضلوا.
وقيل : معناه : كراهة أن تضلوا ، فهى مفعول من أجله.
- 5 - سورة المائدة
1 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ ما يُرِيدُ «إلا ما يتلى عليكم» : ما ، فى موضع نصب على الاستثناء من «بهيمة».
«غير محلّى الصّيد» : نصب على الحال من المضمر فى «أوفوا».
«و أنتم حرم» : ابتداء وخبر ، فى موضع نصب على الحال ، من المضمر فى «محلين» ، ونون «محلين» سقطت لإضافته إلى «الصيد».
2 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحِلُّوا شَعائِرَ اللَّهِ وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ وَلَا الْهَدْيَ وَلَا الْقَلائِدَ وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ الْحَرامَ يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنْ رَبِّهِمْ وَرِضْواناً وَإِذا حَلَلْتُمْ فَاصْطادُوا وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَنْ صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أَنْ تَعْتَدُوا وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ «يبتغون» : فى موضع النصب ، ل «آمين».
«أن صدّوكم» : من كسر «إن» ، فمعناه : إن وقع صد لكم ، فلا يكسبنكم بعض من صدكم أن تعتدوا ، فالصد منتظر ودل على ذلك أن فى حرف ابن مسعود : «أن يصدوكم» فالمعنى : إن وقع صد مثل الذي فعل بكم أولا فلا تعتدوا.
ومن قرأ بالفتح ، ف «أن» فى موضع نصب ، مفعول من أجله ، وعليه أتى التفسير لأن الصد قد كان وقع قبل نزول الآية لأن الآية نزلت عام الفتح سنة ثمان ، وصد المشركون المسلمين عن البيت الحرام عام الحديبية سنة ست.

(1/1427)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 111
فالفتح ، لأنه علته ، بدليل التفسير والتاريخ ، والكسر يدل على أمر لم يقع ، والفتح يدل على أمر قد كان وانقضى.
ونظير ذلك لو قال رجل لامرأته ، وقد دخلت داره : أنت طالق إن دخلت الدار ، فكسر «إن» ، لم تطلق عليه بدخولها الأول لأنه أمر منتظر ولو فتح ، لطلقت عليه ، لأنه أمر قد كان ، وفتح ، «أن» ، إنما هو علة لما كان ، وكسرها إنما يدل على أمر منتظر قد يكون أو لا يكون فالوجهان حسنان على معنييهما.
«أن تعتدوا» : أن ، فى موضع نصب ب «يجرمنكم» و«شنآن» مصدر ، وهو الفاعل ل «يجرمنكم» والنهى واقع فى اللفظ على «الشنآن» ، ويعنى به المخاطبين ، كما تقول : لأرينك هاهنا فالنهى فى اللفظ على المتكلم والمراد به المخاطب ، ومثله (فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) 2 : 132 ، ومثله : (لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي) 11 : 89 ومن أسكن نون «شنآن» جعله اسما.
3 - ... فَمَنِ اضْطُرَّ فِي مَخْمَصَةٍ غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «فمن اضطرّ» : من ، ابتداء ، وهى شرط ، والجواب : «فإن اللّه غفور رحيم» ، وهو الخبر ، ومعه ضمير محذوف تقديره : فإن اللّه غفور رحيم له.
4 - يَسْئَلُونَكَ ما ذا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّباتُ وَما عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ ...
«ما ذا أحلّ لهم» : «ما» و«ذا» ، اسم فى موضع رفع بالابتداء و«أحل لهم» الخبر.
وإن شئت جعلت «ذا» بمعنى «الذي» ، فيكون هو خبر الابتداء و«أحل لهم» صلته.
ولا يعمل «يسألونك» فى «ما» فى الوجهين : لأنها استفهام ، ولا يعمل فى الاستفهام ما قبله.
«مكلّبين» : حال من التاء والميم فى «علمتم».
5 - ... إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ وَلا مُتَّخِذِي أَخْدانٍ وَمَنْ يَكْفُرْ بِالْإِيمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ «محصنين» : حال من المضمر المرفوع فى «آتيتموهن» ، ومثله : «غير مسافحين» ، ومثله

(1/1428)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 112
«و لا متخذى أخدان» ، وهو عطف على «غير مسافحين» ، ولا تعطفه على «محسنين» ، لدخول «لا» معه تأكيدا للنفى المتقدم ، ولا يقع مع «محصنين».
وإن شئت جعلت «غير مسافحين ولا متخذى» نعتا ل «محصنين» ، أو حالا من المضمر فى «محصنين».
«و هو فى الآخرة من الخاسرين» : العامل فى الظرف محذوف تقديره : وهو خاسر فى الآخرة ودل على الحذف الألف واللام فى قوله «من الخاسرين». فإن جعلت الألف واللام فى «الخاسرين» ليستا بمعنى «الذين» ، جاز أن يكون العامل فى الظرف «الخاسرين».
6 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى أَوْ عَلى سَفَرٍ أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّساءَ فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً ...
«و أرجلكم» : من نصبه عطفه على «الأيدى» و«الوجوه» ومن خفضه عطفه على «الرءوس» وأضمر ما يوجب الغسل ، فالآية محكمة ، كأنه قال : وأرجلكم غسلا.
وقال الأخفش ، وأبو عبيدة : الخفض فيه على الجوار ، والمعنى ، بالغسل ، وهو بعيد لا يحمل القرآن عليه.
وقال جماعة : هو عطف على «الرءوس» محكم اللفظ ، لكن التحديد يدل على الغسل ، فلما حد غسل الأيدى إلى المرفقين على أنه غسل كالأيدى.
و قيل : «المسح» ، فى اللغة : يقع بمعنى : الغسل يقال : تمسحت للصلاة أي : توضأت ، وبينت السنة أن المراد بمسح الأرجل ، إذا خفضت : الغسل.
«فتيمّموا صعيدا» : من جعل «الصعيد» : الأرض ، أو وجه الأرض ، نصب «صعيدا» على الظرف.
ومن جعل «الصعيد» : التراب ، نصبه على أنه مفعول به ، حذف منه حرف الجر أي : بصعيد طيبا نعته أي : نظيفا.
وقيل : «طيبا» ، معناه : حلالا فيكون نصبه على المصدر ، أو على الحال.

(1/1429)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 113
8 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَداءَ بِالْقِسْطِ ...
«شهداء» : حال من المضمر فى قوله : «قوامين».
ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ل «كان».
وقيل : هو نعت ل «قوامين».
9 - وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ «وعد اللّه الذين آمنوا» : أصل «وعد» أن يتعدى إلى مفعولين يجوز الاقتصار على أحدهما ، وكذلك وقع فى هذه الآية ، تعدى إلى مفعولين : واحد ، هو «الذين» ، ثم فسر المفعول المحذوف وهو «العدة» بقوله :
«لهم مغفرة وأجر عظيم».
13 - فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنا قُلُوبَهُمْ قاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ ...
«فبما نقضهم» ، كالذى فى «النساء» 4 : 155.
«يحرّفون» : حال من أصحاب القلوب.
14 - وَمِنَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى أَخَذْنا مِيثاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ...
«من» : متعلقة ب «أخذنا» أي : وأخذنا من الذين قالوا إنا نصارى ميثاقهم مثل قولك : من زيد أخذت درهمه ولا يجوز أن تنوى ب «الذين» التأخير بعد «الميثاق» ، لتقدم المضمر على المظهر ، إنما ينوى به أن يكون بعد «أخذنا» ، وقبل «الميثاق» لأنهما مفعولان ل «أخذنا» ، فليس لأحدهما مزية فى التقدم على الآخر.
و الهاء والميم يعودان على «الذين» ، وليس موضع «الذين» أن يكون بعد «ميثاقهم» ، فلذلك جاز ، ألا ترى أنك لو قلت : ضرب غلامه زيدا ، لم يجز ، ولا يجوز أن ينوى بالغلام التأخير ، لأنه فى حقه ورتبته ذحق الفاعل أن يكون قبل المفعول ، فلا ينوى به غير موضعه ، فإن نصبت «الغلام» ورفعت «زيدا» جاز أنك تنوى بالغلام والضمير التأخير لأن التأخير هو موضعه ، فينوى به موضعه بعد الفاعل.
يمنع الكوفيون أكثر هذا.
وقد رووا الآية على حذف ، تقديره عندهم : ومن الذين قالوا إنا نصارى من أخذنا ميثاقهم فالهاء والميم يعودان

(1/1430)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 114
على «من» المحذوفة ، وهى مقدرة قبل المضمر ، وجاز عندهم حذف «من» كما جاز فى قوله : وما منا إلا له مقام 37 : 164 أي : من له ، وكما قال : (مِنَ الَّذِينَ هادُوا يُحَرِّفُونَ) الآية : 64 أي : من يحرفون.
15 - يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتابٌ مُبِينٌ «يبيّن» : فى موضع الحال من «رسولنا» ، ومثله : «و يعفو».
16 - يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ «يهدى به اللّه» : يهدى ، فى موضع رفع على النعت ل «كتاب» الآية : 15 وإن شئت فى موضع نصب على الحال من «كتاب الآية : 12 لأنك قد نعته ب «مبين» ، فقرب من المعرفة ، فحسنت الحال منه ومثله : «و يخرجهم» ، و«يهديهم».
«سبل السلام» : مفعول ، حذف منه حرف الجر أي : إلى سبل السلام.
19 - يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ...
«أن تقولوا» : مفعول من أجله.
21 - ... وَلا تَرْتَدُّوا عَلى أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ «خاسرين» : حال من المضمر فى «تنقلبوا».
23 - قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ...
«أنعم اللّه» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «يخافون».
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على النعت ل «رجلين» وكذلك قوله تعالى : مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ.
24 - قالُوا يا مُوسى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها ...
«أبدا» : ظرف زمان.
«ما داموا» : بدل من «أبدا» ، وهو بدل بعض من كل.

(1/1431)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 115
25 - قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ «أخى» : فى موضع نصب عطف على «نفسى».
وإن شئت عطفته على اسم «إن» ، وتحذف خبره ، لدلالة الأول عليه ، كأنه قال : وإن أخى لا يملك إلا نفسه.
وإن شئت جعلت «الأخ» فى موضع رفع بالابتداء ، عطف على موضع «إن» وما عملت فيه ، وتضمر الخبر كالأول.
وإن شئت عطفته على المضمر فى «أملك» ، فيكون فى موضع رفع.
26 - قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ «أربعين» : ظرف زمان والعامل فيه «يتيهون» ، على أن يجعل التحريم لا أمد له ، كما جاء فى التفسير :
أنه لم يدخلها أحد منهم ، وإنما دخلها أبناؤهم وماتوا هم كلهم فى التيه فيكون «يتيهون» على هذا القول حالا من الهاء والميم فى «عليهم» ولا تقف على «عليهم» فى هذا القول ، إلا أن يجعل «يتيهون» منقطعا مما قبله ، فتقف على «عليهم».
و إن جعلت للتحريم أمدا ، هو أربعون سنة ، نصبت «أربعين» ، ب «محرمة» ، ويكون «يتيهون» حالا من الهاء والميم أيضا فى «عليهم» ، ولا يجوز الوقف ، على هذا القول ، على «عليهم» البتة ولا تقف على «أربعين سنة» فى القول الأول البتة وتقف عليه فى هذا القول ، إذا جعلت ، «يتيهون» منقطعا عن حال.
29 - إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ ...
«إنى» ، و«إنا» ، و«لكنى» ، و«لكنا» ، وشبهه ، كله أصله ثلاث نونات ، ولكن حذفت.
واحدة استخفافا ، لاجتماع ثلاثة أمثال لا حاجز بينهن. وقد استعمل فى كثير من القرآن على الأصل بغير حذف.
ومذهب الخليل ، فيما حكى عنه سيبويه ، أن المحذوفة هى التي قبل «الياء» ، يريد الثالثة.
والذي يوجبه النظر ، وعليه العلم ، هو أن المحذوفة من هذه النونات هى الثانية ، لأنه لو حذفت الثالثة لوجب تغيير الثانية إلى الكسر فى «إنى» ، و«لكنى» ، فيجتمع حذف وتغيير ، وذلك مكروه ولو حذفت الأولى لوجب إدغام الثانية فى الثالثة بعد إزالة حركتها وإسكانها ، وذلك حذفان وتغيير ، فكان حذف الثانية أولى.
وأيضا فإن «إنى» قد تحذف منها الثانية ، وهما نونان ، فحذفها بعينها ، إذا صارت ثلاث نونات ، أولى من

(1/1432)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 116
حذف غيرها ، ولو حذفت الثالثة من «إنى» لوجب حذف الثالثة فى «إننا» ، ولكننا» ، فتحذف علامة المضمر وذلك لا يجوز لأنه اسم ، والأسماء لا تحذف ولا يحذف بعضها ، لاجتماع أمثال.
32 - مِنْ أَجْلِ ذلِكَ كَتَبْنا عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْساً بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّما قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعاً ...
«أو فساد فى الأرض» : عطف «على نفس» أي : بغير فساد.
وقرأ الحسن بالنصب ، على معنى : أو فسد فسادا ، فهو مصدر.
33 - إِنَّما جَزاءُ الَّذِينَ يُحارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا ...
«
أن يقتّلوا» : أن ، فى موضع رفع خبر عن «جزاء» لأن «أن» وما بعدها مصدر ، فهو خبر عن مصدر ، وهو هو.
«أو يصلّبوا» : أو ، هنا ، وفيما بعده ، للتخيير للإمام على اجتهاده ، وللعلماء فى ذلك أقوال.
34 - إِلَّا الَّذِينَ تابُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «إلا الّذين تابوا» : نصب على الاستثناء.
38 - وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُما جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «و السّارق والسّارقة» : رفع على الابتداء ، والخبر محذوف ، عند سيبويه تقديره : ومما يتلى عليكم السارق أو : وفيما فرض عليكم.
وكان الاختيار ، على مذهب سيبويه ، فيه النصب لأنه أمر ، وهو بالفعل أولى ، وبه قرأ عيسى بن عمر.
والاختيار فيه ، عند الكوفيين : الرفع ، على قراءة الجماعة لأنه لم يقصد به سارق بعينه ، فهو عندهم مثل (وَ الَّذانِ يَأْتِيانِها) 4 : 16 ، لا يراد به «اثنان» بأعيانهما ، فلذلك اختير الرفع فى (الَّذانِ يَأْتِيانِها) ، وليس فى قوله «و السارق والسارقة» ما فى «و اللذان» من العلة.
«جزاء بما كسبا» مفعول من أجله وإن شئت مصدرا ، ومثله : «نكالا».

(1/1433)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 117
41 - يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً ...
«
سماعون» ، و«يحرفون» : صفتان لمحذوفين مرفوعين بالابتداء ، وما قبلهما الخبر تقديره : فريق سماعون وفريق يحرفون الكلم ليكذبوا ، لم يرد أنهم يسمعون الكلم وينقلونه ، إنما أراد يسمعون ليكذبوا ويقولون ما لم يسمعوا ، ودل على ذلك قوله تعالى : (يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ) ويجوز أن يكون «يحرفون» حال من المضمر فى «سماعون». وتكون هى الحال المقدرة ، أي : يسمعون مقدرين التحريف ، مثل قوله (هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ) 5 : 95 «آخرين لم يأتوك» : صفتان ل «قوم».
«يقولون إن أوتيتم» : حال من المضمر فى «يحرفون» ، فتقف على «قلوبهم» فى هذا القول ، وتبتدئ «و من الذين هادوا» ، وهو خبر الابتداء.
وقد قيل : إن «سماعون» رفع على «هم سماعون» ، ابتداء وخبر ، فتقف على «هادوا» فى هذا القول.
والقول الأول أحسن وأولى.
42 - سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ «سماعون للكذب» : رفع على إضمار مبتدأ أي : هم سماعون للكذب أكالون للسحت.
44 - إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا ...
«الذين» : صفة «النبيين» ، على معنى المدح والثناء ، لا على معنى الصفة التي تأتى للفرق بين الموصوف وبين ما ليس صفته كما تقول : رأيت زيدا العاقل ، فتحتمل هذه الصفة أن تكون جئت بها لتفرق بين زيد العاقل وبين زيد آخر ليس بعاقل ، وهذا لا يجوز فى الآية ، لأنه لا يمكن أن يكون ثم نبيون غير مسلمين كما يحتمل أن يكون ، ثم زيد آخر غير عاقل ، فإن قلت : رأيت زيدا الأحمر ، فهذه صفة جئت بها لتفرق بين زيد الأحمر وبين زيد ، أو زيود أخر ، ليسوا بحمر فلا تحتمل هذه الصفة غير هذا المعنى. ولو كان «زيد» لا يعرف إلا بأحمر ، لم يجز حذف الأحمر ، لأنه كان من تمام اسمه.

(1/1434)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 118
45 - وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ ...
«و العين بالعين» : من نصبه ، وما بعده من الأسماء ، عطفه على ما عملت فيه «أن» ، وهو «النفس» ، و«بالنفس» خبر «أن» ، وكذلك كل مخفوض خبر لما قبله.
ومن رفع «و العين» ، و«الأنف» ، و«السن» ، عطفه على المعنى لأن معنى «كتبنا عليهم» : قلنا لهم : النفس بالنفس ، فرفع على الابتداء.
وقيل : هو مبتدأ مقطوع مما قبله.
وقيل : هو معطوف على المضمر المرفوع فى «بالنفس» ، وإن كان لم يؤكد ، فهو جائز ، كما قال تعالى :
(ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) 6 : 148 ، وليس فى زيادة «لا» بعد حرف العطف حجة تنفى أنها فصلت لأنها بعد حروف العطف ، والمخفوض خبر كل ابتداء.
«و الجروح قصاص» : من نصبه عطفه على «النفس» ، و«قصاص» الخبر ودل على أنه مكتوب فى التوراة كغيره.
ومن عطفه على موضع «أن» وما عملت فيه ، فهو مبتدأ ، مكتوب أيضا ، «و قصاص» خبر الابتداء.
وقيل : هو ابتداء منقطع مما قبله ، على أنه غير مكتوب ، وإنما يكون هذا منقطعا على قراءة من نصب «العين» وما بعده ، ورفع «الجروح».
فأما من رفع «العين» وما بعده ، ورفع «الجروح» فهو كله معطوف بعضه على بعض وهى قراءة الكسائي.
46 - وَقَفَّيْنا عَلى آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَآتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَنُورٌ وَمُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ «مصدّقا» الأول : حال من «عيسى» ، و«مصدقا» الثاني ، إن شئت عطفته على الأول ، حالا من «عيسى» أيضا ، على التأكيد وإن شئت جعلته حالا من «الإنجيل».
«و هدى وموعظة» : نصب ، عطف على «مصدقا».

(1/1435)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 119
و قد قرأ الضحاك برفع «موعظة» ، وقال : على أن «هدى» فى موضع رفع ، والرفع فى ذلك عن العطف على قوله «فيه هدى ونور».
48 - وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ ...
«مصدّقا ، ومهيمنا» : حالان من «الكتاب» 49 - وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ ما أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ ...
«و أن احكم» : أن ، فى موضع نصب عطف على «الكتاب».
«و احذرهم أن يفتنوك» : أن ، فى موضع نصب على البدل من الهاء والميم فى «و احذرهم» ، وهو بدل الاشتمال ، وإن شئت جعلته مفعولا من أجله.
52 - فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ ...
«فعسى اللّه أن يأتى» : أن ، فى موضع نصب ب «عسى» ، ولو قدمت فقلت : فعسى أن يأتى اللّه ، لكانت فى موضع رفع ب «عسى» ، وتسد مسد خبر «عسى».
53 - وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ «و يقول الذين آمنوا» : من نصبه عطفه على المعنى ، كأنه قدر تقديم «أن يأتى» ، بعد «عسى» ، فعطفه عليه ، إذ معنى : فعسى أن يأتى اللّه ، وعسى اللّه أن يأتى ، واحد ، فعطف على المعنى ولو عطف على اللفظ على «أن يأتى» وهو مؤخر بعد اسم اللّه ، لم يجز ، كما يبعد أن تقول : عسى زيد أن يقوم ويأتى عمرو ، إذ لا يجوز :
عسى زيد أن يأتى عمرو.
فأما إذا قدمت «أن» بعد «عسى» فهو حسن ، كما تقول : عسى أن يقوم زيد ويأتى عمرو ، فيحسن كما يحسن : عسى أن يقوم زيد ويأتى عمرو.
و لو كان فى الجملة الثانية هاء تعود على الأول ، لجاز كل هذا ، نحو : عسى أن يقوم زيد ويأتى أبوه ، وعسى

(1/1436)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 120
زيد أن يأتى ويقوم أبوه كل هذا حسن جائز ، بخلاف الأول لأنك لو قلت : عسى زيد أن يقوم أبوه ، حسن ، وهذا كله بمنزلة : ليس زيد بخارج ولا قائم عمرو ، وهذا لا يجوز وإن كان فى موضع «عمرو» :
«أبوه» ، جاز.
وقد قيل : «و يقول» معطوف على «الفتح» لأنه بمعنى : أن يفتح ، فهو معطوف على اسم ، فاحتيج إلى إضمار «أن» ، ليكون مع «يقول» مصدرا ، فتعطف اسما على اسم ، فيصير بمنزلة قول الشاعر :
للبس عباءة وتقر عينى
و الرفع فى «و يقول» ، على القطع.
«جهد أيمانهم إنهم» : إنهم ، نصب على المصدر وكسرت «إن» من «إنهم» على إضمار : قالوا إنهم ، لأن اللام فى خبرها.
54 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ «يحبهم ويحبونه» : نعت ل «قوم» ، وكذلك «أذلة» ، و«أعزة» ، و«يجاهدون» ، نعت أيضا لهم.
ويجوز أن يكون حالا منهم ، والإشارة بالقوم الموصوفين فى هذا الموضع هى إلى الخلفاء الراشدين بعد النبي صلى اللّه عليه وسلم ومن اتبعهم ، وهذا يدل على تثبيت خلافتهم رضى اللّه عنهم أجمعين.
55 - إِنَّما وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَهُمْ راكِعُونَ «و هم راكعون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «يؤتون» أي يعطون ما يزكيهم عند اللّه فى حال ركوعهم أي : وهم فى صلاتهم ، فالواو واو الحال ، والآية على هذا المعنى نزلت فى على بن أبى طالب ، صلوات اللّه عليه.
و يجوز أن يكون لا موضع للجملة ، وإنما هى جملة معطوفة على الموصول ، وليست بواو الحال ، والآية عامة.

(1/1437)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 121
57 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِياءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «و الكفار» : من خفضه عطفه على «الذين» فى قوله «من الذين أوتوا» ، فيكونون موصوفين باللعب والهزء ، كما وصف به الذين أوتوا الكتاب ، لقوله : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) 15 : 95 ، يريد به :
كفار قريش.
ومن نصبه عطفه على «الذين» فى قوله «لا تتخذوا الذين» ، ويخرجون من الوصف بالهزء واللعب.
59 - قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْنا وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فاسِقُونَ «إلا أن آمنا» : أن ، فى موضع نصب ب «تنقمون».
«و أن أكثر» : عطف عليها.
60 - قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ «و عبد الطّاغوت» : من فتح الباء ، جعله فعلا ماضيا ، ونصب به «الطاغوت».
وفى «عبد» : ضمير «من» فى قوله «من لعنه اللّه» ، ولم يظهر ضمير جمع فى «عبد» حملا على لفظ «من» ، ومعناها : الجمع ولذلك قال «منهم».
ولو حمل على المعنى ، لقال : «و عبدوا».
و«من» فى قوله «من لعنه اللّه». فى موضع رفع ، على حذف المضاف تقديره : لعن من لعنه اللّه أي :
هو لعن ، فالابتداء والمضاف محذوفان.
وقيل : من ، فى موضع خفض على البدل من «شر» ، بدل الشيء من الشيء ، وهو هو.
و من ضم الباء من «عبد» ، جعله اسما على «فعل» مبنيا ، للمبالغة فى عبادة الطاغوت ، كقولهم : رجل يقظ ، أي تكثر منه الفطنة والتيقظ ، فالمعنى : وجعل منهم من يبالغ فى عبادة الطاغوت. وأصل هذا البناء للصفات

(1/1438)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 122
و «عبد» أصله الصفة ولكنه استعمل فى هذا استعمال الأسماء ، وجرى فى بناء الصفات على أصله ، كما استعملوا الأبطح والأبرق استعمال الأسماء ، وكسرا تكسيرا الأسماء ، فقيل : الأباطح والأبارق ، ولم يصرفا ، كأحمر ، وأصلهما الصفة.
61 - وَإِذا جاؤُكُمْ قالُوا آمَنَّا وَقَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما كانُوا يَكْتُمُونَ «و قد دخلوا بالكفر» : فى موضع الحال ، وكذلك : «به» ، والمعنى : دخلوا كافرين وخرجوا كافرين ، لم يخبر عنهم أنهم دخلوا حاملين شيئا ، إنما أخبر عنهم أنهم دخلوا معتقدين كفرا.
64 - ... وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ ، وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ كُلَّما أَوْقَدُوا ناراً لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ ...
«
ما أنزل» : ما ، فى موضع رفع بفعله ، وهو : ليزيدن ، و«كلما» ظرف ، والعامل فيه «أطفأها» ، أو فيه معنى الشرط ، «فلا بد له من جواب» ، وجوابه : «أطفأها» 69 - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «و الصّابئون» : مرفوع على العطف على موضع «إن» وما عملت فيه ، وخبر «إن» منوى قبل «الصابئين» ، فلذلك جاز العطف على الموضع والخبر هو «من آمن» ، فنوى به التقديم ، فحق : «و الصائبون والنصارى» إن وقع بعد «يحزنون» وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأن العطف فى «إن» على الموضع لا يجوز إلا بعد تمام الكلام وانقضاء اسم «إن» وخبرها ، فتعطف على موضع الجملة.
وقال الفراء : هو عطف على المضمر فى «هادوا» ، وهو غلط لأنه يوجب أن يكون الصابئين والنصارى :
يهودا وأيضا فإن العطف على المضمر المرفوع قبل أن تؤكده ، أو تفصل بينهما بما يقوم مقام التأكيد ، قبيح عند بعض النحويين.
وقيل : «الصابئون» مرفوع على أصله قبل دخول «إن» وقيل : إنما رفع «الصابئون» لأن «إن» لم يظهر لها عمل فى «الذين» ، فبقى المعطوف مرفوع على أصله قبل دخول «إن» على الجملة.

(1/1439)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 123
و قيل : إنما رفع ، لأنه جاء على لغة بلحارث ، الذين يقولون : رأيت الزيدان ، بالألف.
وقيل : «إن» ، بمعنى : نعم.
وقيل : إن خبر «إن» مضمر ، دل عليه الثاني فالعطف ب «الصابئين» إنما أتى بعد تمام الكلام وانقضاء اسم «إن» وخبرها وإليه يذهب الأخفض ، والمبرد.
ومذهب سيبويه : أن خبر الثاني هو المحذوف ، وخبر «إن» هو الذي فى آخر الكلام ، يراد به التقديم قبل :
«الصابئين» ، فيصير العطف على الموضع بعد خبر «إن» فى المعنى.
71 - وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ فَعَمُوا وَصَمُّوا ثُمَّ تابَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ عَمُوا وَصَمُّوا كَثِيرٌ مِنْهُمْ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ «و حسبوا أن لا تكون فتنة» : من رفع «تكون» جعل «إن» مخففة من الثقيلة ، وأضمر معها الهاء ، و«تكون» خبر «أن» وجعل «حسبوا» بمعنى : أيقنوا لأن «أن» للتأكيد ، والتأكيد لا يجوز إلا مع اليقين ، فهو نظيره وعديله ، و«أن» فى موضع نصب ب «حسب» ، سدت مسد مفعولى «حسب» تقديره : أنه لا تكون فتنة.
وحق «أن» أن تكتب منفصلة على هذا التقدير ، لأن الهاء المضمرة تحول بين «أن» ولام «لا» فى المعنى ، فيمتنع اتصالها باللام.
ومن نصب «تكون» جعل «أن» هى الناصبة للفعل ، وجعل «حسب» بمعنى : الشك ، لأنها لم يتبعها تأكيد ، لأن «أن» الخفيفة ليست للتأكيد إنما هى لأمر يقع وقد لا يقع ، فالشك نظير ذلك وعديله ، والمشددة إنما تدخل لتأكيد وقع وثبت ، فلذلك كان «حسب» ، مع «أن» المشددة لليقين ، ومع الخفيفة للشك ولو كان قبل «أن» فعل لا يصلح للشك لم يجز أن تكون إلا مخففة من الثقيلة ، لم يجز نصب الفعل بها ، قوله (أَ فَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ) 20 : 89 ، و(عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ) 73 : 2 ، و«لا» و«السين» عوض من حذف تشديد «أن».
ولو وقع قبل «أن» فعل لا يصلح إلا لغير الإثبات لم يجز فى الفعل إلا النصب ، نحو قولك : طمعت أن تقوم ، وأشفقت أن تقوم ، وأخشى أن تقوم هذا لا يجوز فيه إلا النصب بعد «أن» ، ولا تكون «أن» معه مخففة من الثقيلة.
فهذه ثلاثة أقسام :

(1/1440)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 124
1 - فعل ، بمعنى الثبات واليقين ، لا يكون معه إلا الرفع بعد «أن» ، ولا تكون «أن» إلا مخففة من الثقيلة.
2 - وفعل ، بضد معنى الثبات واليقين ، لا يكون معه إلا النصب ، ولا تكون «أن» معه إلا غير مخففة من الثقيلة.
3 - وفعل ثالث يحتمل الوجهين : فيجوز معه الوجهان.
هذه الأصول هى الاختيار عند أهل العلم ، وقد يجوز غيرها على مجاز وسعة.
«فعموا وصمّوا» : إنما جمع الضمير ، ردا على المذكورين.
«ثم عموا وصموا كثير منهم» : «كثير» ، بدل من الضمير.
وقيل : «كثير» : رفع على إضمار مبتدأ دل عليه «عموا وصموا» ، وإنما جمع الضمير ردا على المذكورين ، و«كثير» : بدل من الضمير.
وقيل : كثير ، وقع على إضمار مبتدأ دل عليه «عموا وصموا» تقديره : العمى والصم كثير منهم.
وقيل : التقدير : العمى والصم منهم كثير.
وقيل : جمع الضمير ، وهو متقدم ، على لغة من قال : أكلونى البراغيث ، و«كثير» رفع لما قبله.
ولو نصبت «كثيرا» فى الكلام ، لجاز ، تجعله نعتا لمصدر محذوف أي : عمّى وصمعا كثيرا.
73 - لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا إِلهٌ واحِدٌ ...
«ثالث ثلاثة» لا يجوز تنوين «ثالث» لأنه بمعنى : أحد ثلاثة فلا معنى للفعل فيه ، وليس بمنزلة :
هذا ثالث اثنين ، لأن فيه معنى الفعل ، إذ معناه : يصير اثنين ثلاثة بنفسه ، فالتنوين فيه جائز.
«و ما من إله إلا إله واحد» : إلاه بدل من موضع «من إله» لأن «من» زائدة ، فهو مرفوع.
ويجوز فى الكلام النصب «إلا إلها واحدا» على الاستثناء.
وأجاز الكسائي الخفض على البدل من لفظ «إله» ، وهو بعيد لأن «من» لا يراد فى الواجب.
79 - كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ ما كانُوا يَفْعَلُونَ «لبئس ما كانوا يفعلون» : ما ، فى موضع نصب ، نكرة. أي : لبئس شيئا كانوا يفعلونه ، فما بعد «ما» صفة لها.

(1/1441)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 125
و قيل : «ما» بمعنى : الذي ، فى موضع رفع ب «بئس» أي : لبئس الشيء الذي كانوا يفعلونه. والهاء محذوفة من الصفة والصلة.
80 - تَرى كَثِيراً مِنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَبِئْسَ ما قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنْفُسُهُمْ أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذابِ هُمْ خالِدُونَ «أن» : فى موضع رفع ، على إضمار مبتدأ تقديره : هو أن سخط اللّه.
وقيل : هو فى موضع رفع على البدل من «ما» فى «لبئس» ، على أن «ما» معرفة.
وقيل : فى موضع نصب على البدل من «ما» ، على أن «ما» نكرة.
وقيل : على حذف اللام أي : لأن سخط.
82 - لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَداوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ...
«عداوة» : نصب على التفسير ومثله : «مودة».
83 - وَإِذا سَمِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ ...
«تفيض» : فى موضع نصب على الحال «من» أعينهم لأن «ترى» من رؤية العين.
84 - وَما لَنا لا نُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَما جاءَنا مِنَ الْحَقِّ ...
«لا نؤمن» : فى موضع نصب ، على الحال من المخبرين فى «لنا» ، كما تقول : فما لك قائما؟
85 - فَأَثابَهُمُ اللَّهُ بِما قالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ «تجرى من تحتها الأنهار» : فى موضع نصب على النعت ل «جنات».
«خالدين» : حال من الهاء والميم فى «فأثابهم».
89 - ... فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمانِكُمْ إِذا حَلَفْتُمْ ...
«فصيام ثلاثة أيام» : رفع على الابتداء ، والخبر محذوف أي : فعليه صيام ثلاثة أيام.
94 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَيَبْلُوَنَّكُمُ اللَّهُ بِشَيْءٍ مِنَ الصَّيْدِ تَنالُهُ أَيْدِيكُمْ وَرِماحُكُمْ ...
«بشىء من الصّيد» : من ، للتبعيض لأن المحرم صيد البحر خاصة لأن التحريم إنما وقع فى حال الإحرام خاصة.

(1/1442)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 126
و قيل : «من» لبيان الجنس فلما قال : ليبلونكم اللّه بشىء ، لم يعلم من أي جنس هو؟ فبين ، فقال :
من الصيد ، كما تقول : لأعطينك شيئا من الذهب.
95 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بالِغَ الْكَعْبَةِ أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ عَدْلُ ذلِكَ صِياماً لِيَذُوقَ وَبالَ أَمْرِهِ ...
«و أنتم حرم» : ابتداء وخبر ، فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «تقتلوا».
«متعمدا» : حال من المضمر المرفوع فى «قتله».
«فجزاء مثل ما قتل من النعم» : جزاء ، مرفوع بالابتداء ، وخبره محذوف أي : فعليه جزاء.
ومن نون «جزاء» جعل «مثل» صفة له و«من النعم» صفة أخرى ل «جزاء».
ويجوز أن يكون «مثل» بدل من «جزاء».
و«من» فى قوله «من النعم» لا تتعلق ب «جزاء» ، لأنها تصير فى صفته ، والصفة لا تدخل فى صلة الموصوف ، لأنها لا تكون إلا بعد تمام الموصوف بصلته.
ولو جعلت «من» متعلقة ب «جزاء» دخلت فى صلته ، وأنت قد قدمت مثل هذا ، وهو بدل أو صفة ، والبدل والصفة لا يأتيان إلا بعد تمام الموصول بصلته ، فيصير ذلك إلى التفرقة بين الصلة والموصول بالبدل أو النعت ، وليس هذا بمنزلة «جزاء سيئة بمثلها» 10 : 27 ، فى جواز تعلق الباء ب «جزاء» لأنه لم يوصف ولا أبدل منه ، إنما أضيف ، والمضاف إليه داخل فى الصلة ، فذلك حسن جائز ، و«مثل» فى هذه القراءة ، بمعنى :
مماثل والتقدير ، فجزاء مماثل لما قتل ، يعنى فى القيمة أو فى الخلقة ، على اختلاف العلماء فى ذلك.
و لو قدرت «مثلا» على لفظه لصار المعنى : فعليه جزاء مثل المقتول من الصيد ، وإنما يلزم جزاء المقتول عينه لا جزاء أمثاله لأنه إذا أدى جزاء من المقتول صار إنما يؤدى جزاء ما لم يقتل لأن مثل المقتول لم تقتله ، فصح أن المعنى : فعليه جزاء مماثل للمقتول يحكم به ذوا عدل ، ولذلك تعددت القراءة بالإضافة عند جماعة لأنها توجب أن يلزم القاتل جزاء مثل الصيد الذي قتل ، وإنما جازت الإضافة عندهم على معنى قول العرب : إنى لأكرم مثلك ، يريدون : أكرمك ، فعلى هذا أضاف الجزاء إلى مثل المقتول ، يراد به : المقتول

(1/1443)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 127
بعينه فكأنه فى التقدير : فعليه جزاء المقتول من الصيد وعلى هذا تأويل العلماء قول اللّه جل ثناوه (كمن مثله فى الظلمات) 6 : 122 معناه : كمن هو هو فى الظلمات ولو حمل على الظاهر لكان : مثل الكافر فى الظلمات لا الكافر ، والمثل والمثل واحد.
و«من النعم» ، فى قراءة من أضاف «الجزاء» «إلى» مثل ، صفة «جزاء» ، ويحسن أن يتعلق «من» بالمصدر فلا يكون صفة له وإنما المصدر معدى إلى «من النعم» ، فإذا جعلته صفة ، ف «من» متعلقة بالخبر المحذوف ، وهو : «فعليه» ، وإذا لم تجعلها صفة تعلقت ب «جزاء» ، كما تعلقت فى قوله له تعالى «جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها» 10 : 27 ، لأن الجزاء لم يوصف ولا أبدل منه ، فلا تفرقة فيه بين الصلة والموصول ، فأما إذا نونت «جزاء» فلا يحسن تعلق «من» ب «جزاء» لما قدمنا.
«هديا» : انتصب على الحال من الهاء فى «به» ، ويجوز أن يكون انتصب على البيان ، أو على المصدر.
«بالغ» : نعت ل «هدى» ، والتنوين مقدر فيه ، فلذلك وقع نعتا لنكرة.
«أو كفارة» : عطف على «جزاء» أي : أو عليه كفارة.
«صياما» : نصب على البيان.
96 - أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعامُهُ مَتاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ ما دُمْتُمْ حُرُماً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «متاعا» : نصب على المصدر لأن قوله «أحل لكم» بمعنى : أمتعتم به إمتاعا بمنزلة :
«كِتابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ» 4 : 24 «حرما» : خبر «دام».
97 - جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاسِ وَالشَّهْرَ الْحَرامَ وَالْهَدْيَ وَالْقَلائِدَ ذلِكَ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَأَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ «ذلك لتعلموا» : ذلك ، فى موضع رفع ، على معنى : الأمر ذلك ويجوز أن يكون فى موضع نصب ، على :
فعل اللّه ذلك لتعلموا.

(1/1444)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 128
101 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْياءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ ...
«أشياء» : قال الخليل ، وسيبويه ، والمازني : أصلها : شيئاء : على وزن فعلاء فلما كثر استعمالها استثقلت همزتان بينهما ألف ، فنقلت الهمزة الأولى هى لام الفعل ، قبل فاء الفعل ، وهى الشين ، فصارت «أشياء».
على«لفعاء» ، ومن أجل أن أصلها : فعلاء ، كحمراء ، امتنعت من الصرف ، وهى عندهم : اسم للجمع ، وليست بجمع «شى ء».
«إن تبد لكم تسؤكم» : شرط وجوابه ، والجملة فى موضع خفض على النعت ل «أشياء».
103 - ما جَعَلَ اللَّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ وَلا سائِبَةٍ وَلا وَصِيلَةٍ وَلا حامٍ وَلكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ «من بحيرة» : من ، زائدة للتأكيد ، و«بحيرة» : فى موضع نصب ب «جعل».
104 - وَإِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا إِلى ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ قالُوا حَسْبُنا ما وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا ...
«حسبنا» : ابتداء ، وخبره : «ما وجدنا».
106 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَناً وَلَوْ كانَ ذا قُرْبى وَلا نَكْتُمُ شَهادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذاً لَمِنَ الْآثِمِينَ «إذا حضر» : العامل في «إذا» : «شهادة» ، ولا تعمل فيها «الوصية» لأن المضاف إليه لا يعمل فيما قبل المضاف ، وأيضا فإن «الوصية» مصدر ، فلا يقدم ما عمل فيه عليه ، والعامل فى «حين الوصية» : أسباب الموت ، كما قال تعالى : (حَتَّى إِذا جاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ) 6 : 61 ، والقول لا يكون بعد الموت ، ولكن معناه :
حتى إذا جاء أحدكم أسباب الموت.
وقيل : العامل فى «حين» : «حضر».
وقيل : هو بدل من «إذا» ، فيكون العامل فى «حين» : «الشهاد» أيضا.
«اثنان» : مرفوع ، على خبر «شهادة» ، على حذف مضاف تقديره : شهادة اثنين لأن الشهادة لا تكون هى الاثنان ، إذ العدد لا يكون خبرا عن المصادر ، فأضمرت مصدرا ليكون خبرا عن مصدر.

(1/1445)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 129
«و آخران» : عطف على «اثنان» على تقدير حذف مضاف أيضا تقديره : أو شهادة آخرين.
وقيل : «إذا حضر» ، هو خبر «شهادة» ، و«اثنان» ارتفعا بفعلهما ، وهو «شهادة».
«إن أنتم ضربتم فى الأرض فأصابتكم مصيبة الموت» : اعتراض بين الموصوف وصفته واستغنى عن جواب «إن» ، التي هى للشرط ، بما تقدم فى الكلام لأن معنى : «اثنان ذوا عدل منكم وآخران من غيركم» : معنى الأمر بذلك ، لفظه لفظ الخبر ، واستغنى عن جواب «إذا» ، أيضا ، بما تقدم من الكلام ، وهو قوله «شهادة بينكم» لأن معناه : ينبغى أن تشهدوا إذا حضر أحدكم الموت.
«تحبسونهما من بعد الصّلاة» : صفة ل «آخران» ، فى موضع رفع.
«
فيقسمان باللّه» : الفاء ، لعطف جملة على جملة ، ويجوز أن يكون جواب جزاء «إن» : «تحبسونهما» ، معناه : الأمر بذلك ، فهى جواب الأمر الذي دل عليه الكلام ، كأنه قال : إذا حبستموهما أقسما.
«لا نشترى» : جواب لقوله «فيقسمان» لأن «أقسم» يجاب بما يجاب به القسم.
«به» : الهاء : تعود على المعنى ، لأن التقدير : لا نشترى بتحريف شهادتنا ثمنا ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه.
وقيل : الهاء ، تعود على «الشهادة» ، لكن ذكّرت لأنها قول ، كما قال : «فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ» 4 : 8 ، فرد الهاء على المقسوم ، لدلالة القسمة على ذلك.
«ثمنا» : معناه : ذا ثمن لأن الثمن لا يشترى ، إنما يشترى ذو الثمن ، وهو المثمن ، وهو كقوله :
(اشْتَرَوْا بِآياتِ اللَّهِ ثَمَناً) 9 : 9 أي : ذا ثمن.
«و لو كان ذا قربى» : فى «كان» اسمها أي : ولو كان المشهود له ذا قربى من الشاهد.
«و لا نكتم شهادة اللّه» : إنما أضيفت الشهادة إلى اللّه ، لأنه هو أمر بأدائها ونهى عن كتمانها.
107 - فَإِنْ عُثِرَ عَلى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْماً فَآخَرانِ يَقُومانِ مَقامَهُما مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ فَيُقْسِمانِ بِاللَّهِ لَشَهادَتُنا أَحَقُّ مِنْ شَهادَتِهِما وَمَا اعْتَدَيْنا إِنَّا إِذاً لَمِنَ الظَّالِمِينَ «فآخران يقومان» : فآخران ، رفع بفعل مضمر ، أو بالابتداء ، و«يقومان» نعت لهما ، و«من الذين» : خبره.
«الأوليان». من رفعه وبناه جعله بدلا من «آخران» ، أو من المضمر فى «يقومان».

(1/1446)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 130
و قيل : هو مفعول لم يسم فاعله ل «استحق» ، على قراءة من ضم التاء ، على تقدير حذف مضاف تقديره :
من الذين استحق عليهم إثم الأوليين ويكون «عليهم» بمعنى : فيهم.
ومن قرأه «الأولين» ، على أنه جمع «أول» ، فهو فى موضع خفض على البدل من «الذين» ، أو من الهاء والميم فى «عليهم».
«لشهادتنا» : اللام ، جواب القسم فى قوله «فيقسمان».
108 - ذلِكَ أَدْنى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهادَةِ عَلى وَجْهِها ...
«أن يأتوا» : «أن» ، فى موضع نصب على حذف حرف الجر تقديره : لأن يأتوا.
110 - ... وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ بِإِذْنِي فَتَنْفُخُ فِيها فَتَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِي وَتُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتى بِإِذْنِي وَإِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرائِيلَ عَنْكَ إِذْ جِئْتَهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ «فتنفخ فيها» : الهاء ، تعود على «الهيئة» والهيئة ، مصدر فى موضع : المهيأ لأن النفخ لا يكون فى الهيئة إنما يكون فى المهيأ.
ويجوز أن يعود على الطير ، لأنه مؤنث.
ومن قرأ «طائرا» ، أجاز أن يكون «طائرا» جمعا ، فيؤنث الضمير فى «فيها» ، لأجل رجوعه على الجمع.
«إن هذا إلا سحر» : إن ، بمعنى «ما» ، و«هذا» : إشارة إلى ما جاء به عيسى صلى اللّه عليه وسلم.
ويجوز أن يكون «هذا» : إشارة إلى النبي محمد صلى اللّه عليه وسلم - على تقدير حذف مضاف تقديره : إن هذا إلا ذو سحر.
فأما من قرأ «ساحر» ، بألف ، فهذا إشارة إلى النبي عيسى عليه السلام ، بغير حذف ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى الإنجيل ، فيكون اسم الفاعل فى موضع المصدر كما قالوا : عائذا باللّه من شرها يريدون :
عياذا باللّه.

(1/1447)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 131
116 - وَإِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّي إِلهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قالَ سُبْحانَكَ ما يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ ما لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ «أنت» : تأكيد للكاف أو مبتدأ ، أو فاصلة لا موضع لها من الإعراب.
117 - ما قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا ما أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ «أن اعبدوا اللّه» : أن ، مفسرة ، لا موضع لها من الإعراب بمعنى : أي.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب على البدل من «ما».
«ما دمت فيهم» : ما ، فى موضع نصب على الظرف ، والعامل «شهيدا».
118 - إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ «أنت العزيز» : أنت ، تأكيد ل «الكاف» ، أو مبتدأ ، أو فاصلة لا موضع لها من الإعراب.
119 - قالَ اللَّهُ هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ «ينفع» : من رفع «يوم» جعله خبرا ل «هذا» ، و«هذا» إشارة إلى يوم ، «و الجملة» فى موضع نصب بالقول.
فأما من نصب «يوما» ، فإنه جعله ظرفا للقول ، و«هذا» إشارة إلى القصص والخبر الذي تقدم أي :
يقول اللّه هذا الكلام فى يوم ينفع ، ف «هذا» إشارة إلى ما تقدم من القصص ، وهو قوله : (وَ إِذْ قالَ اللَّهُ يا عِيسَى) الآية : 116 ، إلى قوله (مِنْ دُونِ اللَّهِ) الآية : 116 ، فأخبر اللّه عما لم يقع بلفظ الماضي ، لصحة كونه وحدوثه.
وجاز أن يقع «يوم» خبرا عن «هذا» لأنه إشارة إلى حدث ، وظروف الزمان تكون أخبارا عن الحدث.

(1/1448)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 132
و يجوز على قول الكوفيين أن يكون «يوم ينفع» مبنيا على الفتح ، لإضافته إلى الفعل ، فإذا كان كذلك احتمل موضعه النصب والرفع ، على ما تقدم من التفسير ، وإنما يقع البناء فى الظرف إذا أضيف إلى الفعل عند البصريين ، إذا كان الفعل مبنيا ، فأما إذا كان معربا فلا يبنى الظرف إذا أضيف إليه ، عندهم.
«خالدين» : حال من الهاء والميم فى «لهم» ، و«أبدا» : ظرف زمان.
«رضى» : الياء فيها ، بدل من واو ، لانكسار ما قبلها لأنه من «الرضوان».
- 6 - سورة الأنعام
3 - وَهُوَ اللَّهُ فِي السَّماواتِ وَفِي الْأَرْضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ ما تَكْسِبُونَ إن جعلت «و فى الأرض» متعلقا بما قبله وقفت على «و فى الأرض» ، ورفعت «يعلم» على الاستئناف أي :
و هو المعبود فى السموات وفى الأرض.
وإن جعلت «فى الأرض» متعلقا ب «يعلم» وقفت على «فى السموات».
6 - أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ ما لَمْ نُمَكِّنْ لَكُمْ وَأَرْسَلْنَا السَّماءَ عَلَيْهِمْ مِدْراراً ...
«كم» : فى موضع نصب «أهلكنا» لا ب «يروا» لأن الاستفهام وما أجرى مجراه وضارعه لا يعمل فيه ما قبله.
«مدرارا» : نصب على الحال من «السماء».
10 - وَلَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَحاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُوا مِنْهُمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ «ما» : فى موضع رفع ب «حاق» وتقديره : عقاب ما كانوا أي : عقاب استهزائهم.
11 - قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ «عاقبة» : اسم كان و«كيف» خبر «كان».
ولم يقل «كانت» لأن عاقبتهم بمعنى : مسيرهم ، وإن تأنيث «العاقبة» غير حقيقى.

(1/1449)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 133
12 - قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «ليجمعنّكم» : فى موضع نصب ، على البدل من «الرحمة» ، واللام لام القسم ، فهى جواب «كتب» لأنه بمعنى : أوجب ذلك على نفسه ففيه معنى القسم.
«الذين» : رفع بالابتداء ، و«فيهم لا يؤمنون» : ابتداء وخبر ، فى موضع خبر «الذين».
وأجاز الأخفش أن يكون «الذين» فى موضع نصب على البدل من الكاف والميم فى «ليجمعنكم» ، وهو بعيد ، لأن المخاطب لا يبدل منه غير مخاطب ، لا تقول : رأيتك زيدا ، على البدل.
16 - مَنْ يُصْرَفْ عَنْهُ يَوْمَئِذٍ فَقَدْ رَحِمَهُ وَذلِكَ الْفَوْزُ الْمُبِينُ من فتح الياء وكسر الراء فى «يصرف» أضمر الفاعل ، وهو اللّه جل وعز وأضمر مفعولا محذوفا تقديره :
من يصرف اللّه عنه العذاب يومئذ.
ومن ضم الياء وفتح الراء أضمر مفعولا لم يسم فاعله لا غير تقديره : من يصرف عنه العذاب يومئذ.
فهذا أقل إضمارا من الأول ، وكلما قل الإضمار عند سيبويه كان أحسن.
19 - قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرى ...
«شهادة» : نصب على البيان.
«و من بلغ» : من ، فى موضع نصب ، عطف على الكاف والميم فى «لأنذركم» أي : وأنذر من بلغه القرآن.
وقيل : من بلغ الحلم.
20 - الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «الذين آتيناهم» : الذين ، مبتدأ ، وخبره : «يعرفونه».
«الّذين خسروا» : رفع على إضمار مبتدأ أي : هم الذين خسروا.
21 - وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ «من» : فى موضع رفع بالابتداء ، وهى استفهام بمعنى التوبيخ ، متضمنة معنى النفي تقديره : لا أحد أظلم

(1/1450)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 134
ممن افترى على اللّه كذبا ، وأضمر خبر الابتداء ، إلا إنه يحتاج إلى تمام لأن «ممن افترى على اللّه كذبا» تمام «أظلم» ، وكذلك «أفعل من كذا» حيث وقع ، «من» وما بعدها ، من تمام «أفعل» 23 - ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللَّهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ من قرأ «تكن» ، بالتاء ، أنث لتأنيث لفظ «الفتنة» ، وجعل ، الفتنة ، اسم «كان».
وقيل : هى خبر «كان» ، و«أن» اسم «كان» ، وأنث «تكن» على المعنى لأن «أن» وما بعدها هو الفتنة فى المعنى لأن اسم «كان» هو الخبر فى المعنى إذ هى داخلة على الابتداء والخبر.
وجعل «أن» اسم «كان» هو الاختيار عند أهل النظر لأنها لا تكون إلا معرفة ، لأنها لا توصف ، فأشبهت المضمر ، والمضمر أعرف المعارف ، فكان الأعرف اسم «كان» أولى مما هو دونه فى التعريف إذ الفتنة إنما تعرفت بإضافتها إلى المضمر ، فهى دون تعريف «أن» بكثير.
ومن قرأ «يكن» ، بالياء ، ورفع «الفتنة» ، ذكّر لأن تأنيث الفتنة غير حقيقى لأن الفتنة يراد بها المعذرة ، والمعذرة والعذر سواء ، فحمله على المعنى ، فذكّر ولأن الفتنة ، هى القول فى المعنى ، فذكر حملا على المعنى.
25 - وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها حَتَّى إِذا جاؤُكَ يُجادِلُونَكَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «من» : مبتدأ ، وما قبلة خبره ، وهو «و منهم». ووحد «يستمع» لأنه حمله على لفظ «من» ، ولو جمع فى الكلام على المعنى ، لحسن كما قال فى يونس «و منهم من يستمعون إليك» الآية : 42 «أساطير» : واحدها : أسطورة وقيل : إسطارة وقيل : هى جمع الجمع ، واحده : إسطار ، وإسطار :
جمع : سطر ، ولكنه جمع قليل ، وأساطير : جمع كثير.
27 - وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ فَقالُوا يا لَيْتَنا نُرَدُّ وَلا نُكَذِّبَ بِآياتِ رَبِّنا وَنَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «و لا نكذّب بآيات ربّنا ونكون» : من رفع الفعلين عطفهما على «نرد» ، وجعله كله مما تمناه الكفار يوم القيامة ، تمنوا ثلاثة أشياء : أن يردوا ، وأن لا يكونوا قد كذبوا بآيات اللّه فى الدنيا ، وتمنوا أن يكونوا من المؤمنين.

(1/1451)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 135
و يجوز أن يرفع «نكذب» و«نكون» على القطع ، فلا يدخلان فى التمني وتقديره : يا ليتنا نرد ونحن لا نكذب ، ونحن نكون من المؤمنين ، رددنا أو لم نرد ، كما حكى سيبويه : دعنى ولا أعود ، بالرفع أي :
و أنا لا أعود ، تركتنى أو لم تتركنى.
فأما من نصب الفعلين ، فعلى جواب التمني لأن التمني غير واجب ، فيكون الفعلان داخلين فى التمني ، كالأول من وجهى الرفع والنصب ، بإضمار «أن» حملا على مصدر «نرد» ، فأضمرت «أن» لتكون مع الفعل مصدرا ، فتعطف الواو مصدرا على مصدر تقديره : يا ليت لنا ردا وانتفاء من التكذيب ، وكونا من المؤمنين.
فأما من رفع «نكذب» ونصب «و نكون» ، فإنه رفع «نكذب» على أحد الوجهين الأولين : إما أن يكون داخلا فى التمني فيكون كمعنى النصب ، أو يكون وقع على الثبات والإيجاب كما تقدم أي : ولا نكذب ، رددنا أو لم نرد ، ونصب «يكون» على جواب التمني على ما تقدم ، فيكون داخلا فى التمني.
28 - بَلْ بَدا لَهُمْ ما كانُوا يُخْفُونَ مِنْ قَبْلُ وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ وَإِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «و إنّهم لكاذبون» : دل على تكذيبهم أنهم إنما أخبروا عن أنفسهم بذلك ولم يتمنوه لأن التمني لا يقع جوابه التكذيب فى الخبر.
وقال بعض أهل النظر : الكذب لا يجوز وقوعه فى الآخرة ، إنما يجوز وقوعه فى الدنيا ، وتأويل قوله تعالى «و إنهم لكاذبون» أي : كاذبون فى الدنيا ، فى تكذيبهم الرسل وإنكارهم البعث ، فيكون ذلك خطابه ، للحال التي كانوا عليها فى الدنيا.
وقد أجاز أبو عمرو وغيره وقوع التكذيب لهم فى الآخرة ، لأنهم ادعوا أنهم لو ردوا لم يكذبوا بآيات اللّه ، وأنهم يؤمنون ، فعلم اللّه ما يكون لو كان كيف كان يكون وأنهم لو ردوا لم يؤمنوا وكذبوا بآيات اللّه ، فأكذبهم اللّه فى دعواهم.
31 - قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ «بغتة» : مصدر فى موضع الحال ، ولا يقاس عليه عند سيبويه لو قلت : جاء زيد إسراعا ، لم يجز.
«ما يزرون» : ما ، نكرة فى موضع نصب ب «ساء» ، وفى «ساء» ضمير مرفوع تفسيره ما بعده ، كنعم ، وبئس.
وقيل : «ما» : فى موضع رفع ب «ساء».

(1/1452)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 136
32 - وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلا تَعْقِلُونَ «الدار» : مبتدأ ، و«الآخرة» نعت ل «الدار» ، و«خير» هو خبر الابتداء.
وقد اتسع فى «الآخرة» فأقيمت مقام الموصوف ، وأصلها الصفة قال اللّه تعالى : (وَ لَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ) الضحى : 4 فأما من قرأ «و لدار» بلام واحدة ، وأضافها إلى «الآخرة» ، فإنه لم يجعل «الآخرة» صفة ل «دار» ، وإنما «الآخرة» صفة لموصوف محذوف تقديره : ولدار الساعة الآخرة ، ثم حذفت «الساعة» وأقيمت الصفة.
مقام الموصوف ، فأضيفت «الدار» إليها.
فالآخرة والدنيا ، أصلهما الصفة ، لكن اتسع فيهما فاستعملتا استعمال الأسماء ، فأضيف إليهما.
33 - قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ وَلكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآياتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ «يكذّبونك» : من شدده حمله على معنى : ينسبونك إلى الكذب كما يقال : فسقت الرجل وخطأته ، إذا نسبته إلى الفسق والخطأ.
وأما من خففه ، فإنه حمله على معنى : لا يجدونك كاذبا كما يقال : أحمدت الرجل وأبخلته ، إذا أصبته بخيلا أو محمودا.
وقد يجوز أن يكون معنى التخفيف والتشديد سواء ، كما يقال : قللت وأقللت وكثرت وأكثرت ، بمعنى واحد.
40 - قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «قل أرأيتكم» : الكاف والميم ، للخطاب ، لا موضع لها من الإعراب ، عند البصريين. وقال الفراء :
لفظها منصوب ، ومعناها معنى مرفوع.
و هذا محال ، لأن الناهي الكاف فى «رأيتك» ، فكان يجب أن يظهر علامة جمع فى التاء وكان يجب أن يكون فاعلان لفعل واحد ، وهما لشىء واحد ويجب أن يكون قولك : رأيتك زيدا ما صنع؟ معناه : أرأيت نفسك زيدا ما صنع؟ لأن الكاف هو المخاطب ، وهذا الكلام محال فى المعنى ومناقض فى الإعراب والمعنى لأنك تستفهم عن نفسه فى صدر السؤال ، ثم ترد السؤال عن غيره فى آخر الكلام ، وتخاطب أولا ثم تأتى بغائب آخرا ، ولأنه يصير ثلاثة مفعولين ل «رأيت» وهذا كله لا يجوز ، لو قلت : رأيت عالما بزيد ، كانت الكاف فى موضع نصب لأن تقديره : رأيت نفسك عالما بزيد ، وهذا كلام صحيح قد تعدى «رأيت» إلى مفعولين لا غير.

(1/1453)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 137
48 - وَما نُرْسِلُ الْمُرْسَلِينَ إِلَّا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ فَمَنْ آمَنَ وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «إلّا مبشّرين ومنذرين» : حالان ، من «المرسلين».
«فمن آمن» : من ، مبتدأ ، والخبر : «فلا خوف عليهم».
52 - وَلا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ ما عَلَيْكَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَما مِنْ حِسابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِينَ «بالغداة» : إنما دخلت الألف واللام على «غداة» ، لأنها نكرة ، وأكثر العرب بجعل «غدوة» نكرة.
«من حسابهم من شى ء» : «من» ، الأولى ، للتبعيض ، والثانية زائدة و«شي ء» فى موضع رفع اسم «ما» ، ومثله : «و ما من حسابك عليهم من شي ء».
«فتطردهم» : نصب ، لأنه جواب النفي ، و«فتكون» ، جواب النهى فى قوله «و لا تطرد الذين».
53 - وَكَذلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لِيَقُولُوا أَهؤُلاءِ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنْ بَيْنِنا أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ «ليقولوا» : هذه لام «كي» ، وإنما دخلت على معنى : إن اللّه جل ذكره قد علم ما تقولون قبل أن تقولوا ، فصار : إنما فتنوا ليقولوا على ما تقدم فى علم اللّه ، فهو على سبيل الإنكار منهم ، وقيل : بل على سبيل الاستحياء ، وقالوا : أهؤلاء الذين من اللّه عليهم؟.
54 - وَإِذا جاءَكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِآياتِنا فَقُلْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ أَنَّهُ مَنْ عَمِلَ مِنْكُمْ سُوءاً بِجَهالَةٍ ثُمَّ تابَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَصْلَحَ فَأَنَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ إن من فتح «أن» فى الموضعين جعل الأولى بدلا من الرحمة ، بدل الشيء ، من الشيء ، وهو هو ، فهى فى موضع نصب ب «كتب» ، وأضمر الثانية خبرا ، وجعلها فى موضع رفع بالابتداء ، أو بالظرف تقديره :
فله أن ربه غفور له أي : فله غفران ربه. ويجوز أن يضمر مبتدأ ، وبجعل «أن» خبره ، تقديره : فأمره أن ربه غفور له ، أي : فأمره غفران ربه ، ومثله فى التقدير والحذف والإعراب : (فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ) التوبة : 63 وقد قيل : «أن» من : «فأنه» تكرير ، فتكون فى موضع نصب ردا على الأول ، كأنها بدل من الأول.

(1/1454)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 138
و فيه بعد ، لان «من» إن كانت موصولة بمعنى «الذي» وجعلت «فأنه» بدلا من «أن» الأولى بقي الابتداء ، وهو «من» بغير خبر ، وإن كانت «من» للشرط ، بقي الشرط بغير جواب ، مع أن ثبات الفاء يمنع من البدل ، لأن البدل لا يحول بينه وبين المبدل منه شىء غير الاعتراضات ، والفاء ليست من الاعتراضات ، فإن جعلت «الفاء» زائدة ، لا يجوز ، لأنه يبقى الشرط بغير جواب وإن جعلت «أن» الثانية بدلا من الأولى ، فأما الكسر فيهما فعلى الاستئناف ، أو على إضمار ، والكسر فيهما بعد الفاء أحسن لأن الفاء يبتدأ بما بعدها فى أكثر الكلام ، والكسر بعدها حسن.
55 - وَكَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ «و لتستبين سبيل» : من قرأ بالتاء ونصب «السبيل» ، جعل التاء علامة خطاب واستقبال ، وأضمر اسم «النبي» فى الفعل.
ومن رأ بالتاء ورفع «السبيل» رفعه بفعله حكى سيبويه : استبان الشيء ، واستبنته أنا.
فأما من قرأ بالياء ورفع «السبيل» فإنه ذكّر «السبيل» ، لأنه يذكر ويؤنث ، ورفعه بفعله.
ومن قرأ بالياء ونصب «السبيل» أضمر اسم «النبي» فى الفعل ، وهو الفاعل ، ونصب «السبيل» ، لأنه مفعول به.
واللام فى «و لتستبين» متعلقة بفعل محذوف تقديره : ولتستبين سبيل المجرمين فصلناها.
56 - قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ...
«أن» : فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره : نهيت عن أن أعبد.
57 - قُلْ إِنِّي عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَكَذَّبْتُمْ بِهِ ...
«و كذّبتم به» : الهاء ، تعود على «البينة» ، وذكّرها لأنها بمعنى البيان.
58 - قُلْ لَوْ أَنَّ عِنْدِي ما تَسْتَعْجِلُونَ بِهِ لَقُضِيَ الْأَمْرُ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالظَّالِمِينَ «أن» : فى موضع رفع بفعله ، على إضمار فعل

(1/1455)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 139
59 - وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «من ورقة» : من ، زائدة للتأكيد ، أفادت العموم و«ورقة» : فى موضع رفع ب «تسقط» وكذلك : «و لا حبة».
ويجوز رفع «حبة» على الابتداء ، وكذلك : «و لا رطب ولا يابس».
وقد قرأ الحسن ، وابن أبى إسحاق بالرفع فى «رطب ولا يابس» ، على الابتداء ، والخبر : «إلا فى كتاب مبين».
62 - ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ أَلا لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحاسِبِينَ «مولاهم» : بدل من اسم اللّه ، و«الحق» نعت ل «مولاهم».
وقرأ الحسن «الحق» ، بالنصب ، على المصدر ، أو على : «أعنى».
63 - قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُماتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجانا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ «تضرّعا» : مصدر وقيل : حال ، بمعنى : ذوى تضرع.
65 - قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَيُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ «شيعا» : مصدر وقيل : حال 69 - وَما عَلَى الَّذِينَ يَتَّقُونَ مِنْ حِسابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَلكِنْ ذِكْرى لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ «و لكن ذكرى» : فى موضع نصب على المصدر ، أو فى موضع رفع على الابتداء ، والخبر محذوف :
تقديره : ولكن عليهم ذكرى.

(1/1456)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 140
70 - وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ ...
«
أن تبسل» : أن ، فى موضع نصب مفعول من أجله أي : لئلا تبسل ، ومخافة أن تبسل.
71 - قُلْ أَنَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَنْفَعُنا وَلا يَضُرُّنا وَنُرَدُّ عَلى أَعْقابِنا بَعْدَ إِذْ هَدانَا اللَّهُ كَالَّذِي اسْتَهْوَتْهُ الشَّياطِينُ فِي الْأَرْضِ حَيْرانَ لَهُ أَصْحابٌ يَدْعُونَهُ إِلَى الْهُدَى ائْتِنا قُلْ إِنَّ هُدَى اللَّهِ هُوَ الْهُدى وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ «حيران» : نصب على الحال ، ولكن لا ينصرف ، لأنه كغضبان.
72 - وَأَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقُوهُ وَهُوَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ «أن» : فى موضع نصب ، بحذف حرف الجر تقديره : وبأن أقيموا.
وقيل : هو معطوف على معنى «لنسلم» الآية : 71 ، لأن تقديره : لأن نسلم.
وقيل : هو معطوف على معنى «ائتنا» الآية : 71 ، لأن معناه : أن ائتنا.
73 - وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَيَوْمَ يَقُولُ كُنْ فَيَكُونُ قَوْلُهُ الْحَقُّ وَلَهُ الْمُلْكُ يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ «يوم يقول» : انتصب «يوم» على العطف على الهاء فى «اتقوه» الآية : 72 أي : واتقوا يوم يقول.
ويجوز أن يكون معطوفا على «السموات» أي : خلق السموات وخلق يوم يقول.
وقيل ، هو منصوب على : اذكر يا محمد يوم يقول.
«كن فيكون» أي : فهو يكون ، فلذلك رفعه ، وفى «يكون» اسمها ، وهى تامة لا تحتاج إلى خبر ، ومثلها : «كن» ، والضمير ، هو ضمير «الصور» الذي ذكره بعده ، يراد به التقديم قبل «فيكون».
وقيل : تقدير المضمر فى «فيكون» : فيكون جميع ما أراد.
وقيل : «قوله» هو اسم «فيكون» ، و«الحق» نعته.

(1/1457)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 141
و قيل : «قوله» : مبتدأ ، و«الحق» : خبره.
«يوم ينفخ فى الصور» : يوم ، بدل من «و يوم يقول».
وقيل : الناصب له «الملك» أي : له الملك فى يوم ينفخ فى الصور.
«
عالم الغيب» : نعت ل «الذي» ، أو رفع على إضمار مبتدأ أي : هو عالم الغيب ، ويجوز رفعه حملا على المعنى ، أي : ينفخ فيه عالم الغيب ، كأنه لما قال «يوم ينفخ فى الصور» ، قيل : من ينفخ فيه؟ قيل : ينفخ فيه عالم الغيب.
وقرأ الحسن ، والأعمش «عالم» ، بالخفض ، على البدل من الهاء فى «له».
74 - وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْناماً آلِهَةً إِنِّي أَراكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ من نصب «آزر» جعله فى موضع خفض بدلا من الأب ، كأنه اسم له.
وقد قرأ يعقوب وغيره بالرفع على النداء ، كأنه قال : آزر ، نعتا له تقديره : يا معوج الدين تتخذ أصناما آلهة؟
75 - وَكَذلِكَ نُرِي إِبْراهِيمَ مَلَكُوتَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ «و ليكون» : اللام ، متعلقة بفعل محذوف ، تقديره : وليكون من الموقنين أريناه الملكوت.
80 - وَحاجَّهُ قَوْمُهُ قالَ أَتُحاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدانِ وَلا أَخافُ ما تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ رَبِّي شَيْئاً وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْماً أَفَلا تَتَذَكَّرُونَ «أ تحاجّونى» : من خفف النون فإنما حذف الثانية التي دخلت مع الياء ، التي هى ضمير المتكلم ، لاجتماع المثلين مع كثرة الاستعمال ، وترك النون ، التي هى علامة الرفع ، فيه فتح لأنه قد كسرها لمجاورتها الياء وحقها الفتح ، فوقع فى الكلمة حذف وتغيير.
ومن شدد أدغم النون الأولى فى الثانية ، وله نظائر.
ومن زعم أن الأولى هى المحذوفة ، فإنما استدل على ذلك بكسرة النون الباقية ، وذلك لا يجوز ، لأن النون الأولى علامة الرفع من الأفعال لغير جازم ولا ناصب.
وقيل : إن الثانية هى المحذوفة دون الأولى ، لأن الاستقبال إنما يقع بالثاني ، ويدل عليه أيضا قولهم فى

(1/1458)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 142
«ليتنى» : ليتى ، فيحذفون النون التي هى مع الياء.
«علما» : نصب على التفسير.
82 - الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ «الذين» : مبتدأ ، و«أولئك» : بدل من «الذين» ، ابتداء ثان ، و«الأمن» : ابتداء ثالث ، أوثان ، و«لهم» : خبر «الأمن» ، و«الأمن» وخبره خبر : «أولئك» ، و«أولئك» وخبره : خبر «الذين».
«و هم مهتدون» : ابتداء وخبر.
83 - وَتِلْكَ حُجَّتُنا آتَيْناها إِبْراهِيمَ عَلى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ من نون «درجات» أوقع «نرفع» على «من» ، ونصب «درجات» على الظرف ، أو على حذف حرف الجر تقديره : إلى درجات ، كما قال «وَ رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ» 2 : 253 ومن لم ينون نصب «درجات» ب «نرفع» على المفعول به ، وأضافها إلى «من».
84 - وَوَهَبْنا لَهُ إِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنا وَنُوحاً هَدَيْنا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ داوُدَ وَسُلَيْمانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسى وَهارُونَ وَكَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ «كلّا هدينا» : نصب «كلا» ب «هدينا» ، وكذلك : «و نوحا هدينا» و«داود» ، وما بعده عطف على «نوح».
والهاء فى «ذريته» تعود على «نوح» ، ولا يجوز أن تعود على «إبراهيم» ، لأن بعده : «و لوطا» ، وإنما كان فى زمن إبراهيم ، فليس هو من ذرية إبراهيم. وقد قيل : أنه كان ابن أخى إبراهيم وقيل :
ابن أخته.
86 - وَإِسْماعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطاً وَكلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ «اليسع» : هو اسم أعجمى معرفة ، والألف واللام فيه زائدتان. وقيل : هو فعل مستقبل سمى به ونكر ، فدخله حرفا التعريف.
ومن قرأه بلامين جعله أيضا اسما أعجميا على «فيعل» ، ونكره فدخله حرفا التعريف وأصله : ليسع والأصل فى القراءة الأخرى : «يسع».

(1/1459)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 143
فأصله على قول من جعله فعلا مستقبلا سمى به : يوسع ، حذفت الواو كما حذفت فى «يعد» ، ولم تعمل الفتحة فى السين لأنها فتحة مجتلبة أوجبتها العين ، وأصلها الكسر ، فوقع الحذف على الأصل.
89 - أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ «ليسوا بها بكافرين» : الباء الأولى متعلقة ب «كافرين» ، والثانية دخلت لتأكيد النفي ، وهو خبر «ليس».
90 - أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى لِلْعالَمِينَ «فبهداهم اقتده» : الهاء ، دخلت لبيان حركة الدال ، وهى هاء السكت.
فأما من كسرها فيمكن أن يكون جعلها هاء الإضمار ، أضمر المصدر. وقيل : إنه شبه هاء السكت بهاء الإضمار ، فكسرها وهذا بعيد.
91 - وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى نُوراً وَهُدىً لِلنَّاسِ تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَتُخْفُونَ كَثِيراً وَعُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلا آباؤُكُمْ قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ «من شى ء» : شىء ، فى موضع نصب ، و«من» : زائدة للتأكيد والعموم.
«نورا وهدى» : حالان من «الكتاب» ، أو من الهاء فى «به» ، وكذلك : «يجعلونه» : حال من «الكتاب». و«تبدونها» : نعت ل «قراطيس» والتقدير : تجعلونه فى قراطيس ، فلما حذف الحرف انتصب.
«و تخفون» : مبتدأ ، لا موضع له من الإعراب.
«يلعبون» : حال من الهاء والميم فى «ذرهم».
92 - وَهذا كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ مُصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى وَمَنْ حَوْلَها وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَهُمْ عَلى صَلاتِهِمْ يُحافِظُونَ «مصدّق الّذى» : نعت ل «كتاب» ، على تقدير حذف التنوين من «مصدق» ، لالتقاء الساكنين.
و«الذي» : فى موضع نصب ب «مصدق».
وإن لم يقدر حذف التنوين كان «مصدق الذي» خبرا بعد خبر ، و«الذي» : فى موضع خفض.

(1/1460)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 144
«و لتنذر» : اللام ، متعلقة بفعل محذوف تقديره : لتنذر أم القرى أنزلناه.
93 - وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ كَذِباً أَوْ قالَ أُوحِيَ إِلَيَّ وَلَمْ يُوحَ إِلَيْهِ شَيْءٌ وَمَنْ قالَ سَأُنْزِلُ مِثْلَ ما أَنْزَلَ اللَّهُ وَلَوْ تَرى إِذِ الظَّالِمُونَ فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ «و من قال سأنزل» : من ، فى موضع خفض ، عطف على «من» فى قوله : «ممن افترى».
«و الملائكة باسطو أيديهم» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من «الظالمين» ، والهاء والميم فى «أيديهم» للملائكة والتقدير : والملائكة باسطو أيديهم بالعذاب على الظالمين يقولون لهم : أخرجوا أنفسكم ، «و القول» مضمر ودل على هذا المعنى قوله فى موضع آخر : «يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ» 8 : 15 ومعنى قوله «أخرجوا أنفسكم» أي : خلصوا أنفسكم اليوم مما حل بكم ، فالناصب ل «يوم» : أخرجوا وعليه يحسن الوقف.
وقيل : الناصب له «تجزون» ، فلا يوقف عليه ويبتدأ به ، وجواب «لو» محذوف تقديره : ولو ترى يا محمد حين الظالمين فى غمرات الموت لرأيت أمرا عظيما.
94 - وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «جئتمونا» ، ولم ينصرف ، لأن فيه ألف التأنيث.
وقد قرأ أبو عمرو ، وحيوة ، بالتنوين ، وهى لغة لبعض بنى تميم.
والكاف ، من «كما» فى : موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : ولقد جئتمونا منفردين انفرادا مثل حالكم أول مرة.
«لقد تقطّع بينكم» : من رفع «بينكم» جعله فاعلا ل «تقطع» ، وجعل «البين» بمعنى : الوصل تقديره : لقد تقطع وصلكم أي : تفرق.
وأصل «بين» : الافتراق ، ولكن اتسع فيه فاستعمل اسما غير ظرف ، بمعنى الوصل.
فأما من نصبه فعلى الظرف ، والعامل فيه ما دل عليه الكلام من عدم وصلهم فتقديره : لقد تقطع وصلكم بينكم ، ف «وصلكم» المضمر ، هو الناصب ل «بين».

(1/1461)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 145
و قد قيل : إن من نصب «بينكم» جعله مرفوعا فى المعنى ب «تقطع» ، لكنه لما جرى فى أكثر الكلام منصوبا تركه على حاله وهو مذهب الأخفش ، فالقراءتان على هذا بمعنى واحد.
96 - فالِقُ الْإِصْباحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْباناً ذلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ «و الشّمس والقمر» : انتصب على العطف على موضع «الليل» ، لأنه فى موضع نصب.
وقيل : بل على تقدير : «و جعل».
فأما من قرأ «و جعل الشمس» ، فهو عطف على اللفظ والمعنى.
«حسبانا» : قال الأخفش : معناه : «بحسبان» ، فلما حذف الحرف نصب.
وقيل : إن «حسبانا» : مصدر : حسب الشيء حسبانا والحساب ، هو الاسم.
98 - وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ فَمُسْتَقَرٌّ وَمُسْتَوْدَعٌ قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَفْقَهُونَ «فمستقرّ ومستودع» : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف أي : فمنكم مستقر ومنكم مستودع.
ومن فتح القاف ، كان تقديره : فلكم مستقر أي : مستقر فى الرحم ومستودع فى الأرض.
وقيل : المستودع : ما كان فى الصلب.
وقيل : «مستقر» ، معناه : فى القبر.
وعلى قراءة من كسر القاف ، فممكن هذه المعاني.
99 - وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجْنا بِهِ نَباتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبًّا مُتَراكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِها قِنْوانٌ دانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «و جنّات من أعناب» : من نصب «جنات» عطفها على «نبات» ، وقد روى الرفع عن عاصم ، على معنى : ولهم جنات ، على الابتداء ولا يجوز عطفه على «قنوان» ، لأن «الجنات» لا تكون من النخل.

(1/1462)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 146
«انظروا إلى ثمره» : من قرأ بفتحين ، جعله جمع : ثمرة ، كبقرة وبقر ، وجمع الجمع على : ثمار ، مثل إكام.
ومن قرأه بضمتين جعله أيضا جمع : ثمرة ، كخشبة وخشب.
وقيل : هو جمع ، كأنه جمع : ثمار ، كحمار وحمر وثمر : جمع : ثمار وثمر : جمع ، ثمرة.
100 - وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ «الجن» : مفعول أول ب «جعل» و«شركاء» : مفعول ثان مقدم واللام فى «للّه» متعلقة ب «شركاء».
وإن شئت جعلت «شركاء» مفعولا أول ، و«الجن» بدلا من «شركاء» ، و«اللّه» فى موضع المفعول الثاني ، واللام متعلقة ب «جعل».
و أجاز الكسائي رفع «الجن» على معنى : هم الجن.
105 - وَكَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «و كذلك نصرّف» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : ونصرف الآيات تصريفا مثل ما تلونا عليك.
«و ليقولوا درست» : اللام ، متعلقة بمحذوف تقديره : «و ليقولوا درست صرفنا الآيات ومثله :
«و لنبينه».
ومعنى «درست» ، فى قراءة من فتح التاء : تعلمت وقرأت ومن أسكنها ، فمعناه : انقطعت وانمحت ومن قرأ بالألف ، فمعناه : دارست أهل الكتاب ودار سوك.
108 - وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ...
«عدوا» : مصدر ، وقيل : مفعول من أجله.
109 - وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لَئِنْ جاءَتْهُمْ آيَةٌ لَيُؤْمِنُنَّ بِها قُلْ إِنَّمَا الْآياتُ عِنْدَ اللَّهِ وَما يُشْعِرُكُمْ أَنَّها إِذا جاءَتْ لا يُؤْمِنُونَ «أنها» : من فتح «أن» جعلها بمعنى : لعل.

(1/1463)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 147
و حكى الخليل عن العرب : أتيت السوق أنك تشترى لنا شيئا أي : لعلك؟
و «ما» : استفهام ، فى موضع رفع بالابتداء وفى «يشعركم «ضمير» الفاعل يعود على «ما» ، والمعنى :
و أي شىء يدريكم إيمانهم ، إذا جاءتهم الآية ، لعلها إذا جاءتهم لا يؤمنون؟ ففى الكلام حذف دل عليه ما بعده ، والمحذوف هو المفعول الثاني ل «يشعركم» يقال : شعرت بالشيء : دريته.
ولو حملت «أن» على بابها ، لكان ذلك عذرا لهم ، لكنها بمعنى «لعل».
وقد قيل : إن «أن» منصوبة ب «يشعركم» ، «لكن» لا «زائدة فى قوله» لا يؤمنون ، والتقدير :
و ما يشعركم بأن الآية إذا جاءتهم يؤمنون ، وهو خطاب للمؤمنين ، يعنى أن الذين اقترحوا الآية من الكفار لو أتتهم لم يؤمنوا ، ف «أن» هو المفعول الثاني ل «يشعر» ، على هذا القول ، ولا حذف فى الكلام.
110 - وَنُقَلِّبُ أَفْئِدَتَهُمْ وَأَبْصارَهُمْ كَما لَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَنَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «أوّل مرّة» : نصب على الظرف ، يعنى : فى الدنيا.
111 - وَلَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتى وَحَشَرْنا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ «قبلا» : من كسر القاف وفتح الباء ، نصبه على الحال ، من المفعول ، وهو بمعنى : معاينة ، أو عيانا أي : يقابلونه.
وكذلك من قرأ بضم القاف والباء ، هو نصب على الحال أيضا ، بمعنى : مستقبلا ، أو بمعنى : قبيل قبيل.
«إلّا أن يشاء اللّه» أن ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.
112 - وَكَذلِكَ جَعَلْنا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَياطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَما يَفْتَرُونَ «شياطين الإنس» : نصب من المبدل من «عدوا» ، أو : على أنه مفعول ثان ل «جعل».
«غرورا» : نصب على أنه مصدر ، فى موضع الحال.

(1/1464)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 148
114 - أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَماً وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْلَمُونَ أَنَّهُ مُنَزَّلٌ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ «حكما» : نصب على البيان أو على الحال ، و«أبتغى» معدى إلى غيره.
«بالحق» : فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «منزل» ، ولا يجوز أن يكون مفعولا ل «منزل» لأن «منزلا» قد تعدى إلى مفعولين ، أحدهما بحرف جر ، وهو «من ربك» ، والثاني مضمر فى «منزل» ، وهو الذي قام مقام الفاعل ، فهو مفعول لم يسم فاعله يعود على «الكتاب».
115 - وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ «صدقا وعدلا» : مصدران.
وإن شئت جعلتهما مصدرين فى موضع الحال ، بمعنى : صادقة وعادلة.
117 - إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ مَنْ يَضِلُّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ «من يضلّ» : من ، رفع بالابتداء ، وهى استفهام ، و«يضل عن سبيله» : الخبر.
وقيل : «من» فى موضع نصب بفعل دل عليه «أعلم» ، وهو بمعنى : الذي تقديره : وهو أعلم أعلم من يضل ويبعد أن ينصب «من» ب «أعلم» ، لبعده من مضارعة الفعل» ، والمعاني لا تعمل فى المفعولات كما تعمل فى الظروف ، ويحسن أن يكون فعلا للمخبر عن نفسه ، لأنه بلفظ الإخبار عن الغائب ، ولا يحسن أن يكون «أفعل» بمعنى : فاعل : إذ لم يحسن أن يكون فعلا ، وإنما يكون «أفعل» بمعنى فاعل ، إذا حسن أن يكون فعلا للمخبر عن نفسه ، ولا يحسن تقدير حذف حرف الجر ، لأنه من ضرورات الشعر ، ولا تحسن فيه الإضافة ، لأن «أفعل» لا يضاف إلا إلى ما هو بعضه ، إلا أن يكون بمعنى : فاعل ، فتحسن إضافته لما ليس هو بعضه.
119 - وَما لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلَّا مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ ...
«ألّا تأكلوا» : أن ، فى موضع نصب بحذف حرف الجر و«ما» استفهام فى موضع رفع بالابتداء ، وما بعدها خبرها تقديره : وأي شىء لكم فى أن لا تأكلوا مما ذكر اسم عليه.
«إلّا ما اضطررتم إليه» : فى موضع نصب على الاستثناء.

(1/1465)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 149
122 - أَوَ مَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ وَجَعَلْنا لَهُ نُوراً يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَنْ مَثَلُهُ فِي الظُّلُماتِ لَيْسَ بِخارِجٍ مِنْها كَذلِكَ زُيِّنَ لِلْكافِرِينَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «أو من كان ميتا» : من ، بمعنى «الذي» رفع بالابتداء والكاف فى «كمن» : خبره وفى «كان» اسمها ، يعود على «من» ، و«ميتا» : خبر «كان».
«كمن مثله» : مثله ، مبتدأ و«فى الظلمات» : خبره والجملة صلة «من» وتقديره : كمن هو فى الظلمات.
«ليس بخارج منها» : فى موضع نصب على الحال من المضمر المرفوع فى قوله «فى الظلمات».
«كذلك زين» : الكاف ، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : تزيينا مثل ذلك أي : زين للكافرين عملهم.
123 - وَكَذلِكَ جَعَلْنا فِي كُلِّ قَرْيَةٍ أَكابِرَ مُجْرِمِيها لِيَمْكُرُوا فِيها وَما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ وَما يَشْعُرُونَ «مجرميها» : فى موضع نصب ب «جعلنا» ، مفعول أول ، وتجعل «أكابر» مفعولا ثانيا ، كما قال تعالى :
(أَمَرْنا مُتْرَفِيها)
17 : 16 أي : كثرناهم وكما قال : (وَ أَتْرَفْناهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا) 13 : 33 أي : نعمناهم.
«ليمكروا فيها» : اللام ، لام كى ، ومعناها : أنه لما علم اللّه أنهم يمكرون صار المعنى : أنه إنما زين لهم ليمكروا ، إذ قد تقدم فى علمه وقوع ذلك منهم.
125 - فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ «ضيّقا» : مفعول ثان ل «جعل» ، و«حرجا» : نعت له.
و إن شئت مفعولا أيضا ، على التكرير ، كما جاز أن يأتى خبر ثان فأكثر لمبتدأ واحد ، وكذلك يجوز مفعولان فأكثر فى موضع مفعول واحد وإنما يكون هذا فيما يدخل على الابتداء والخبر تقول : طعامك حلو حامض فهذه ثلاثة أخبار عن الطعام ، معناها : طعامك جمع هذه الطعوم.
فإن أدخلت على المبتدأ فعلا ناصبا لمفعولين ، أو «كان» ، أو «أن» ، انتصبت الأخبار كلها ، وارتفعت

(1/1466)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 150
كلها على خبر «أن» ، تقول : ظننت طعامك حلوا حامضا مرا ، وكذلك «كان» ، فما كان فى الابتداء جاز فيما يدخل على الابتداء.
وكذلك «جعل» تدخل على الابتداء ، كأنه كان قبل دخولها : صدره ضيق حرج ف «ضيق» و«حرج» :
خبر بعد خبر ، فلما دخلت نصبت المبتدأ وخبره.
هذا على قراءة من قرأ بكسر الراء ، لأنه جعله اسم فاعل كدنف ، وفرق ومعنى «حرج» ، كمعنى :
ضيق كدر ، لاختلاف لفظه للتأكيد.
فأما من فتح الراء ، فهو مصدر وقيل : هو جمع : حرجة ، كقصبة وقصب.
«كأنّما يصّعّد فى السّماء» : الجملة فى موضع نصب على الحال ، من المضمر المرفوع فى «حرج» ، أو فى «ضيق».
«كذلك يجعل اللّه» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : جعلا مثل ذلك يجعل اللّه.
126 - وَهذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ «مستقيما» : نصب على الحال من «صراط» ، وهذا الحال يقال لها : الحال المؤكدة لأن صراط اللّه لا يكون إلا مستقيما ، فلم يؤت بها لتفرق بين حالتين ، إذ لا تغيير لصراط اللّه عن الاستقامة أبدا ، وليست هذه الحال كالحال فى قولك : هذا زيد راكبا لأن «زيدا» قد يخلو من الركوب فى وقت آخر إلى ضد الركوب ، وصراط اللّه لا يخلو من الاستقامة أبدا ، وهذا هو الفرق بين معنى الحال المؤكدة ومعنى الحال المفرقة بين الأفعال التي تختلف وتتبدل.
128 - وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَقالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ «يوم» : منصوب بفعل مضمر ، معناه. واذكر يا محمد يوم نحشرهم.
وقيل : انتصب ب «قول» مضمر.

(1/1467)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 151
«جميعا» : نصب على الحال من الهاء والميم ، فى «نحشرهم».
«إلّا ما شاء اللّه» : ما ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، فإن جعلت «ما» لمن يعقل ، لم يكن منقطعا.
130 - ا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا ...
«يقصّون» : فى موضع رفع على النعت ل «رسل» ومثله : «و ينذرونكم».
131 - ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها غافِلُونَ.
«ذلك» ، فى موضع رفع ، خبر ابتداء محذوف تقديره : والأمر ذلك.
وأجاز الفراء أن يكون «ذلك» فى موضع نصب نعت ، على تقدير : فعل اللّه ذلك و«أن» فى موضع نصب ، تقديره : لأن لم يكن ، فلما حذف الحرف انتصب.
133 - وَرَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ «كما أنشأكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ، تقديره : استخلافا مثل ما أنشأكم.
134 - إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ «إن ما» : ما ، بمعنى : الذي ، اسم «إن». والهاء ، محذوفة مع «توعدون» تقديره توعدونه ، فحذفت لطول الاسم ، و«لآت» : خبر «إن» ، واللام : لام توكيد.
135 - قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ إن جعلت «من» استفهاما ، كانت فى موضع رفع بالابتداء ، وما بعدها خبرها ، والجملة فى موضع نصب ب «تعلمون».
و إن جعلتها بمعنى : خبر ، كانت فى موضع نصب ب «تعلمون».

(1/1468)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 152
136 - وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ «ساء ما يحكمون» : ما ، فى موضع رفع ب «ساء».
137 - وَكَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ ...
من قرأ «زين» بالضم ، على ما لم يسم فاعله ، رفع «قتل» على أنه مفعول لم يسم فاعله ، وأضافه إلى «الأولاد» ، ورفع «الشركاء» حملا على المعنى ، كأنه قيل : من زين لهم؟ قال : شركاؤهم وأضيفت «الشركاء» إليهم لأنهم هم استحدثوها وجعلوها شركاء للّه ، تعالى عن ذلك ، فباستحداثهم لها أضيفت إليهم.
ومن قرأ هذه القراءة ونصب «الأولاد» وخفض «الشركاء» ، فهى قراءة بعيدة ، وقد رويت عن ابن عامر ومجازها على التفرقة بين المضاف والمضاف إليه بالمفعول ، وذلك لا يجوز عند النحويين إلا فى الشعر وأكثر ما يأتى فى الظروف.
وروى عن ابن عامر أنه قرأ بضم الزاى من «زين» ، ورفع «قتل» ، وخفض «الأولاد» و«الشركاء» ، وفيه أيضا بعد ومجازه أن يجعل «الشركاء» بدلا من «الأولاد» فيصير «الشركاء» اسما للأولاد ، لمشاركتهم لآباءهم فى النسب والميراث والدين.
138 - وَقالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلَّا مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَأَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَأَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ «من نشاء» : من ، فى موضع رفع ب «يطعم».
«افتراء» : مصدر.
139 - وَقالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَمُحَرَّمٌ عَلى أَزْواجِنا وَإِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ «ما فى بطون» : رفع بالابتداء ، وخبره «خالصة» ، وإنما أنث الخبر لأن ما فى بطون الأنعام أنعام فحمل التأنيث على المعنى ثم قال «و محرم» فذكر ، حمله على لفظ «ما» ، وهذا نادر لا نظير له وإنما يأتى

(1/1469)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 153
فى «من» و«ما» حمل الكلام على اللفظ أولا ، ثم على المعنى بعد ذلك ، وهذا أتى اللفظ أولا محمولا إلى المعنى ، ثم حمل على اللفظ بعد ذلك وهو قليل.
وقيل : أنث على المبالغة ، كرواية وعلامة.
وقد قرأ قتادة «خالصة» ، بالنصب على الحال من المضمر المرفوع فى قوله «فى بطون» ، وخبر «ما» :
«لذكورنا» ، لأن الحال لا يتقدم على العامل ، عند سيبويه وغيره ، إذا كان لا ينصرف ولو قلت : زيد قائما فى الدار ، لم يجز وقد أجازه الأخفش.
ويجوز أن يكون «خالصة» بدلا من «ما» ، بدل الشيء من الشيء وهو بعضه ، و«لذكورنا» الخبر.
وقرأ الأعمش «خالص» بغير هاء ، رده على لفظ «ما» ، ورفعه ، وهو ابتداء ثان ، و«لذكورنا» : الخبر ، والجملة خبر «ما».
«و إن يكن ميتة» : من نصب «ميتة» ، وقرأ «يكن» بالياء ، رده على لفظ «ما» ، وأضمر فى «يكن» اسمها ، و«ميتة» خبرها تقديره : وإن يكن ما فى بطونها ميتة.
ومن نصب «ميتة» ، وقرأ «تكن» بالتاء ، أنث على تأنيث الأنعام التي فى البطون تقديره : وإن تكن الأنعام التي فى بطونها ميتة.
و من رفع «ميتة» جعل «كان» بمعنى : وقع وحدث ، تامة لا تحتاج إلى خبر.
وقال الأخفش : يضمر الخبر ، تقديره عنده : وإن تكن ميتة فى بطونها.
140 - قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ ...
«سفها» : مصدر.
وإن شئت مفعولا من أجله.
141 - وَهُوَ الَّذِي أَنْشَأَ جَنَّاتٍ مَعْرُوشاتٍ وَغَيْرَ مَعْرُوشاتٍ وَالنَّخْلَ وَالزَّرْعَ مُخْتَلِفاً أُكُلُهُ ...
«و النّخل والزّرع» : عطف على «جنات ، و«مختلفا» : حال مقدرة أي : سيكون كذلك ، لأنها فى أول

(1/1470)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 154
خروجها من الأرض لا أكل فيها ، فتوصف باختلاف الطعوم لكن اختلاف ذلك يكون فيها عند إطعامها ، فهى حال مقدرة أي : سيكون الأمر على ذلك ، فأنت إذا قلت : رأيت زيدا قائما ، فإنما أخبرت أنك رأيته فى هذه الحال ، فهى حالة واقعة غير منتظرة فإذا قلت : خلق اللّه النخل مختلفا أكله ، لم تخبر أنه خلق فيه أكل مختلف اللون والطعم ، وإنما ذلك شىء ينتظر أن يكون فيه عند إطعامه ، فهى حال منتظرة مقدرة ، وكذلك إذا قلت :
رأيت زيدا مسافرا غدا ، فلم تره فى حال سفره ، إنما هو أمر تقدره أن يكون غدا ، وهذا هو الفرق بين الحال الواقعة ، والحال المقدرة والمنتظرة ، والحال المؤكدة التي ذكرت فى قوله «صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً» 6 : 126 فهذه ثلاثة أحوال مختلفة المعاني ، وفى القرآن منه كثير ، ومنه قوله تعالى : (لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ) 48 : 27 ف «آمنين» : حال مقدرة منتظرة ومثله كثير.
142 - وَمِنَ الْأَنْعامِ حَمُولَةً وَفَرْشاً كُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ «حمولة وفرشا» : نصب على العطف على «جنات» أي : وأنشأ من الأنعام حمولة وهى الكبار المذللة ذات الطاقة على حمل الأثقال ، و«فرشا» ، وهى الصغار.
143 - ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي بِعِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ «ثمانية أزواج» : قال الكسائي : نصب «ثمانية» بإضمار فعل تقديره : أنشأ ثمانية.
وقال الأخفش : هو بدل من «حمولة وفرشا». الآية : 142 وقال على بن سليمان : هو نصب بفعل مضمر تقديره : كلوا لحم ثمانية أزواج ، فحذف الفعل والمضاف ، وأقام المضاف إليه ، وهو الثمانية ، مقام المضاف ، وهو لحم.
وقيل : هو منصوب على البدل من «ما» ، فى قوله «كلوا مما رزقكم» الآية : 142 ، على الموضع.
«آلذكرين» نصب ب «حرم ، و«أم الأنثيين» عطف على «آلذكرين» ، و«ما» عطف أيضا عليه فى قوله «أما اشتملت».

(1/1471)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 155
145 - قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ أَوْ فِسْقاً أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «يطعمه» : قرأ أبو جعفر : بتشديد الطاء وكسر العين وتخفيفها ، وأصلها : يتطعمه ، على وزن يفتعله ، ثم أبدل من الباء طاء ، وأدغم فيها الطاء الأولى.
«إلا أن يكون ميتة» : من قرأ «يكون» بالياء ، ونصب «ميتة» ، أضمر فى «كان» اسمها تقديره :
إلا أن يكون المأكول ميتة ، أو ذلك ميتا.
ومن قرأ «تكون» بالتاء ، ونصب «ميتة». أضمر «المأكول».
وقرأ أبو جعفر : «إلا أن تكون» بالتاء ، بالرفع ، جعل «كان» بمعنى : وقع وحدث ، و«أن» : فى موضع نصب ، على الاستثناء المنقطع.
وكان يلزم أبا جعفر أن يقول : «أو دم» ، بالرفع ، وكذلك ما بعده لكنه عطفه على «أن» ولم يعطفه على «ميتة».
ومن نصب «ميتة» عطف ، «أو دما» وما بعده ، عليها.
«
فإنّه رجس» : اعتراض بين المعطوف والمعطوف عليه ، يراد به التأخير بعد «أو فسقا» :
«أو فسقا» ، عطف على «لحم خنزير» وما قبله.
«غير باغ» : نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «اضطر».
146 - ... حَرَّمْنا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُما إِلَّا ما حَمَلَتْ ظُهُورُهُما أَوِ الْحَوايا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ ذلِكَ جَزَيْناهُمْ بِبَغْيِهِمْ وَإِنَّا لَصادِقُونَ «أو ما» : ما ، فى موضع رفع ، عطف على «ظهورهما» ، و«ما» فى قوله «إلا ما حملت» : فى موضع نصب على الاستثناء من «الشحوم».
«الحوايا» : واحدها : حوية وقيل : حاوية وقيل : حاوياء ، مثل : «نافقاء ، و«الحوايا» فى موضع رفع ، عند الكسائي ، على العطف على «الظهور» ، على معنى : وإلا ما حملت الحوايا.
وقال غيره : هى فى موضع نصب ، عطف على «ما» ، فى قوله : ، إلا ما حملت».

(1/1472)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 156
«ذلك جزيناهم» : ذلك ، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ التقدير : الأمر ذلك ويجوز أن يكون فى موضع نصب ب «جزيناهم».
147 - فَإِنْ كَذَّبُوكَ فَقُلْ رَبُّكُمْ ذُو رَحْمَةٍ واسِعَةٍ وَلا يُرَدُّ بَأْسُهُ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ أصل «ذو» : ذوى ، مثل : عصى ، ولذلك قال فى التثنية : «ذَواتا أَفْنانٍ» 55 : 48 150 - قُلْ هَلُمَّ شُهَداءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هذا.
«هلمّ» ، أصله : ها المم ، فألقيت حركة الميم الأولى على اللام ، وأدغمت فى الثانية ، فلما تحركت اللام استغنى عن ألف الوصل ، فاجتمع ساكنان : ألف الهاء ولام الميم لأن حركتها عارضة ، فحذفت ألفها لالتقاء الساكنين ، فاتصلت الهاء باللام مضمومة ، وبعدها ميم مشددة ، فصارت : هلم ، كما هى فى التلاوة لما تغير معناها واستعملت بمعنى : تعال وبمعنى : ائت.
151 - قُلْ تَعالَوْا أَتْلُ ما حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ وَلا تَقْرَبُوا الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «ألّا تشركوا» : أن ، فى موضع نصب بدل من «ما» فى قوله «أتل ما» ، ويجوز أن يكون فى موضع رفع ، على تقدير ابتداء محذوف تقديره : هو أن لا تشركوا.
«ذلكم وصّاكم» : ابتداء ، وخبره.
153 - وَأَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ ...
«و أنّ هذا» : أن ، فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر أي : لأن هذا.
ومن كسرها جعلها مبتدأة.
ومن فتح وخفف جعلها مخففة من الثقيلة ، فى موضع نصب ، مثل الأول.
«مستقيما» : حال من «صراطى» ، وهى الحال المؤكدة.
154 - ثُمَّ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ تَماماً عَلَى الَّذِي أَحْسَنَ ...
«تماما» : مفعول من أجله ، أو مصدر.

(1/1473)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 157
«على الذي أحسن» : من رفع «أحسن» أضمر «هو» مبتدأ ، و«أحسن» خبره والجملة صلة «الذي» : ومن فتح جعله فعلا ماضيا ، وفيه ضمير يعود على «الذي» تقديره : تماما على المحسن.
وقيل : لا ضمير فى «أحسن» ، والفاعل محذوف. والهاء محذوفة تقديره : تماما على الذي أحسنه اللّه إلى موسى من الرسالة.
156 - أَنْ تَقُولُوا إِنَّما أُنْزِلَ الْكِتابُ عَلى طائِفَتَيْنِ مِنْ قَبْلِنا وَإِنْ كُنَّا عَنْ دِراسَتِهِمْ لَغافِلِينَ «أن تقولوا» : أن ، فى موضع نصب مفعول من أجله.
«و إن كنّا عن دراستهم لغافلين» : أن ، مخففة من الثقيلة ، عند البصريين ، واسمها مضمر معها تقديره : وإنه كنا.
وقال الكوفيون : «إن» بمعنى «ما» واللام ، بمعنى : إلا تقديره : وما كنا عن دراستهم إلا غافلين.
158 - هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آياتِ رَبِّكَ لا يَنْفَعُ نَفْساً إِيمانُها ...
«لا ينفع» : قرأ ابن سيرين بالتاء ، على ما يجوز من تأنيث المصدر وتذكيره لأن الإيمان ، الذي هو فاعل «ينفع» : مصدر.
وقيل : إنما أنث «الإيمان» لاشتماله على النفس.
160 - مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلَّا مِثْلَها وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ «فله عشر أمثالها» : من أضاف «عشرا» فمعناه : عشر حسنات أمثال حسنة ومن نون «عشرا» ، وهى قراءة الحسن ، وابن جبير ، والأعمش ، قدره : حسنات عشر أمثالها ، وهو كله ابتداء ، والخبر : «له» ، ويزيد اللّه فى التضعيف ما يشاء لمن يشاء ، والعشر هى أقل الجزاء ، والفضل بعد ذلك لمن شاء اللّه.
161 - قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «دينا قيما» : انتصب «دينا» ب «هدانى» مضمرة ، دلت عليها «هدانى» الأولى.

(1/1474)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 158
و قيل : تقديره : عرفنى دينا.
وقيل : هو بدل من «صراط» على الموضع لأن «هدانى إلى الصراط» ، و«هدانى صراطا» ، واحد ، فحمله على المعنى فأبدل «دينا» من «صراط».
ومن قرأ «قيما» مشددا ، فأصله : قيوم ، على : فيعل ، ثم أبدل من الواو ياء ، وأدغم الياء فى الياء.
ومن خففه بناه على : فعل وكان أصله أن يأتى بالواو ، فيقول : قوما ، كما قالوا : عوض ، وحول لكنه شذ عن القياس.
«ملة إبراهيم» : بدل من «دينا».
«حنيفا» : حال من «إبراهيم». وقيل : نصب على إضمار : «أعنى».
162 - قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ «و محياى» : حق الياء أن تكون مفتوحة ، كما كانت الكاف فى «رأيتك» ، والتاء فى «قمت» ، لكن الحركة فى الياء ثقيلة ، فمن أسكنها فعلى الاستخفاف ، لكنه جمع بين ساكنين ، والجمع بين ساكنين جائز ، إذا كان الأول حرف مدولين لأن المد الذي فيه يقوم مقام حركة يستراح عليها ، فيفصل بين الساكنين.
164 - قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ ...
«أ غير اللّه» : نصب ب «أبغى» ، وربما نصب على التفسير.
165 - وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الْأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجاتٍ ...
«درجات» : أي : إلى درجات ، فلما حذف الحرف نصب.
- 7 - سورة الأعراف
1 ، 2 - المص كِتابٌ أُنْزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنْذِرَ بِهِ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ «آلمص» : من جعلها فى موضع رفع بالابتداء ، كان «كتاب» : خبره.

(1/1475)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 159 ويجوز أن يضمر الخبر ويرفع «كتاب» على إضمار مبتدأ.
«و ذكرى» : فى موضع رفع على العطف على «كتاب» ، وإن شئت : على إضمار مبتدأ.
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على المصدر ، أو على أن تعطفها على موضع الهاء فى «به».
وقيل : «ذكرى» فى موضع خفض على «لينذر» لأن معناه : الإنذار ، فعطف على المعنى.
3 - اتَّبِعُوا ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ «قليلا ما تذكّرون» : منصوب بالفعل الذي بعده و«ما» زائدة وتقدير النصب أنه نعت لظرف محذوف أو لمصدر محذوف تقديره : تذكرا قليلا ما تذكرون أو : وقتا قليلا تذكرون. فإن جعلت «ما» والفعل مصدرا لم يحسن أن تنصب «قليلا» بالفعل الذي بعده لأنك تقدم الصلة على الموصول.
4 - وَكَمْ مِنْ قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها فَجاءَها بَأْسُنا بَياتاً أَوْ هُمْ قائِلُونَ «و كم من قرية» : كم ، فى موضع رفع بالابتداء ، لاشتغال الفعل بالضمير ، وهو «أهلكنا» ، وما بعدها خبرها وهى خبر.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب بإضمار فعل بعدها تقديره : وكم أهلكنا من قرية أهلكناها فلا يجوز أن يقدر الفعل المضمر قبلها لأنها لا يعمل فيها ما قبلها ، لمضارعتها «كم» فى الاستفهام ، ولأن لها صدر الكلام ، أو هى على تقدير «رب» التي لها صدر الكلام أيضا.
وتقدير الآية : وكم من قرية أردنا إهلاكها فجاءها بأسنا كما قال جل وعز : (فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ) 16 : 98 «تبياتا» : مصدر ، فى موضع الحال من «أهل القرية».
5 - فَما كانَ دَعْواهُمْ إِذْ جاءَهُمْ بَأْسُنا إِلَّا أَنْ قالُوا إِنَّا كُنَّا ظالِمِينَ «إلا أن قالوا» : أن ، فى موضع نصب خبر «كان» ، و«دعواهم» : الاسم.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع على اسم «كان» ، و«دعواهم» : الخبر ، مقدما.

(1/1476)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 160
8 - وَالْوَزْنُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوازِينُهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ «الحق» : نعت للوزن ، و«الوزن» : مبتدأ ، و«يومئذ» : خبره.
وإن شئت جعلت «الحق» خبرا عن «الوزن» ، و«يومئذ» ظرف ماض تنصبه ب «الوزن».
ويجوز نصب «الحق» على المصدر ، و«يومئذ» خبر «الوزن».
وإن شئت نصبت «يومئذ» على الظرف للوزن ، فهو عامل فيه ، وإن شئت على المفعول ، على السعة.
و«يومئذ» فى صلة المصدر فى الوجهين جميعا.
وإذا جعلت «يومئذ» خبرا عن «الوزن» لم يكن فى الصلة ، وانتصب بمحذوف قام «يومئذ» مقامه تقديره : والوزن الحق ثابت يومئذ أو مستقر يومئذ ، ونحوه. ويحسن أن يكون «الحق» ، على هذا الوجه ، بدلا من المضمر الذي فى الظرف ، ولا يحسن تقديمه على الظرف.
و إن جعلت «الحق» نعتا للوزن ، والظرف خبرا للوزن ، جاز تقديم «الحق» على الظرف ، ولا يجوز تقديم «الحق» على «الوزن» فى الوجهين.
فإن جعلت «الحق» خبرا ل «الوزن» جاز تقديمه على «الوزن» ولا يجوز تقديمه على الظرف ، لأن الظرف فى صلة «الوزن» ، وليس «الحق» الذي هو خبر «الوزن» فى صلته ، فلا تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء.
10 - وَلَقَدْ مَكَّنَّاكُمْ فِي الْأَرْضِ وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ قَلِيلًا ما تَشْكُرُونَ «معايش» : جمع معيشة ووزنه : مفاعل ، ووزن «معيشة» : مفعلة وأصلها : معيشة ، ثم ألقيت حركة الياء على العين ، والميم زائدة ، لأنه من «العيش» ، فلا يحسن همزها ، لأنها أصلية ، كان أصلها فى الواحد الحركة ، ولو كانت زائدة أصلها فى الواحد السكون ، لهمزتها فى الجمع ، نحو : سفائن واحدها : سفينة ، على فعيلة ، فالياء زائدة وأصلها السكون ، وكذلك تهمز فى الجمع إذا كان موضع الياء ألفا ، أو واوا ، زائدتين ، نحو : عجائز ، ورسائل لأن الواحد : عجوز ، ورساله.
وقد روى خارجة عن نافع : همز «معايش» ، ومجازه أنه شبه الياء الأصلية بالزائدة ، فأجراها مجراها ، وفيه بعد ، وكثير من النحويين لا يجيزه.
«قليلا ما تشكرون» : مثل : «قليلا ما تذكرون» الآية : 3

(1/1477)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 161
11 - وَلَقَدْ خَلَقْناكُمْ ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ ثُمَّ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ «إلا إبليس» : نصب على الاستثناء من غير الجنس وقيل : هو من الجنس.
12 - قالَ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ ...
«ما» : استفهام ، معناها الإنكار ، وهى رفع بالابتداء ، وما بعدها خبرها ، و«أن» : فى موضع نصب ب «منعك» مفعول بها ، و«لا» زائدة والتقدير : أي شىء منعك من السجود ففى «منعك» ضمير الفاعل يعود على «ما» ، و«إذ» : ظرف زمان ماض ، والعامل فيها «تسجد».
16 - قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ «صراطك» : أي ، على صراطك ، بمنزلة : ضرب زيد الظهر والبطن أي : على الظهر والبطن.
18 - قالَ اخْرُجْ مِنْها مَذْؤُماً مَدْحُوراً ...
«مذءوما مدحورا» : نصب على الحال من المضمر فى «اخرج».
19 - وَيا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلا مِنْ حَيْثُ شِئْتُما وَلا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ «فتكونا» : نصب على جواب النهى.
20 - فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطانُ لِيُبْدِيَ لَهُما ما وُورِيَ عَنْهُما مِنْ سَوْآتِهِما وَقالَ ما نَهاكُما رَبُّكُما عَنْ هذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ «إلا أن تكونا» : أن ، فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره : ما نهاكما ربكما عن هذه الشجرة إلا كراهة أن تكونا ، أو : لئلا تكونا. والهاء من «هذه» بدل من ياء ، وهى للتأنيث. ومن أجل أنها بدل من ياء انكسر ما قبلها ، وبقيت بلفظ الهاء فى الوصل ، وليس فى كلام العرب هاء تأنيث قبلها كسرة ، ولا هاء تأنيث تبقى بلفظ الهاء فى الوصل غير «هذه» ، وأصلها : هاذى.
21 - وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ اللام فى «لكما» متعلقة بمحذوف تقديره : إنى ناصح لكما لمن الناصحين.

(1/1478)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 162
فإن جعلت الألف واللام فى «الناصحين» للتعريف ، وليستا بمعنى «الذين» ، جاز أن تتعلق ب «الناصحين» ، وهو قول المازني.
23 - قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ نداء الرب ، قد كثر حذف الياء منه فى القرآن ، وعلة ذلك فى حذف «يا» من نداء الرب تعالى فيه معنى التعظيم له والتنزيه ، وذلك أن النداء فيه طرف من معنى الأمر لأنك إذا قلت : يا زيد ، فمعناه : تعال يا زيد ، أدعوك يا زيد ، فحذفت «يا» من نداء الرب ليزول معنى الأمر وينتفى ، لأن «يا» يؤكده ويظهر معناه ، فكان فى حذف «يا» : التعظيم والإجلال والتنزيه ، فكثر حذفها فى القرآن ، والكلام فى نداء «رب» لذلك المعنى.
«و إن لم تغفر لنا» : دخلت «إن» على «لم» ليرد الفعل إلى أصله فى لفظه ، وهو الاستقبال لأن «لم» يرد لفظ المستقبل إلى معنى المضي ، و«إن لم» يرد الماضي إلى معنى الاستقبال ، كما صارت «لم» ، ولفظ المستقبل بعدها بمعنى الماضي ، ردتها «إن» إلى الاستقبال لأن «إن» ترد الماضي إلى معنى الاستقبال.
24 - قالَ اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتاعٌ إِلى حِينٍ «جميعا» : حال من المضمر فى «اهبطا».
«بعضكم لبعض عدو» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال أيضا وكذلك : «و لكم فى الأرض مستقر ومتاع إلى حين».
26 - يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَرِيشاً وَلِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ «قد أنزلنا عليكم لباسا» : يعنى : ما أنزل من المطر فنبت به الكتان والقطن ، ونبت به الكلأ الذي هو سبب ثياب الصوف والوبر والشعر على ظهر البهائم ، وهذا المعنى يسمى التدريج لأنه تعالى سمى الشيء باسم ما تدرج عنه.
«و لباس التّقوى» : من نصبه عطفه على «لباس» المنصوب ب «أنزلنا» ، ومن رفعه ، فعلى الابتداء بالقطع مما قبله و«ذلك» : نعته ، أو بدل منه ، أو عطف بيان عليه و«خير» : خيره.

(1/1479)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 163
و يجوز رفع «لباس» على إضمار مبتدأ تقديره : وستر العورة لباس التقوى أي : المتقين ، يريد : لباس أهل التقوى ، ثم حذف المضاف.
فأما من نصب «لباس» فإن ذلك يكون إشارة إلى اللباس وإلى كل ما تقدم ، وهى مبتدأ ، و«خير» : خبر «ذلك» ، إذا نصبت «لباس التقوى».
ويكون معنى الآية فى الرفع : ولباس التقوى خير لكم عند اللّه من لباس الثياب التي هى للزينة.
وقد قيل فى «لباس التقوى» ، فى قراءة من رفع : إنه لباس الصوف والخشن ومما يتواضع به للّه.
27 - يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُما لِباسَهُما لِيُرِيَهُما سَوْآتِهِما إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ «لا يفتننّكم» : معناه : اثبتوا على طاعة اللّه والرجوع عن معاصيه مثل قوله «فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ» 2 : 132 3 : 102 «ينزع عنهما» : ينزع ، فى موضع نصب على الحال من المضمر فى «أخرج».
«من حيث» : مبنية ، وإنما بنيت ، لأنها تدل على موضع بعينه ، ولأن ما بعدها من تمامها كالصلة من الموصول ، وبنيت على حركة ، لأن قبل آخرها ساكنا ، وكان الضم أولى بحركتها لأنها غاية : فأعطيت غاية الحركات ، وهى الضمة لأنها أقصى الحركات.
وقيل : بنيت على الضم لأن أصلها : حوث ، فدلت الضمة على الواو.
ويجوز فتحها.
29 - قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَما بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ «مخلصين» : حال من المضمر المرفوع فى «ادعوه».
«كما بدأكم» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : تعودون عودا كما بدأكم.
وقيل : تقديره : تخرجون خروجا مثل ما بدأكم.

(1/1480)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 164
30 - فَرِيقاً هَدى وَفَرِيقاً حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلالَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ مُهْتَدُونَ «فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة» : فريقا ، نصب ب «هدى» ، «و فريقا» : نصب بإضمار فعل فى معنى ما بعده تقديره : وأضل فريقا.
ونقف على «تعودون» ، على هذا التقدير.
وإن نصبت «فريقا» و«فريقا» على الحال من المضمر فى «تعودون» ، لم تقف على «تعودون» وتقف على «الضلالة» والتقدير : كما بدأكم تعودون فى هذه الحال.
وقد قرأ أبى بن كعب : «تعودون فريقين فريقا هدى وفريقا حق عليهم الضلالة» ، فهذا يبين أنه نصب على الحال ، فلا تقف على «تعودون» ، إذا نصبت على الحال.
32 - قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبادِهِ وَالطَّيِّباتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً يَوْمَ الْقِيامَةِ كَذلِكَ نُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ «فى الحياة الدّنيا خالصة» : من رفع «خالصة» ، وهى قراءة نافع وحده ، رفع على خبر المبتدأ أي : هى خالصة ، ويكون قوله «للذين آمنوا» سببا للخلوص ويجوز أن يكون خبرا ثانيا ل «هى» ، والمعنى : هى تخلص للمؤمنين فى يوم القيامة.
ومن نصب «خالصة» نصب على الحال من المضمر فى «الذين» ، والعامل فى الحال : الاستقرار والثبات الذي قام «للذين آمنوا» مقامه فالظروف وحروف الجر تعمل فى الأحوال ، إذا كانت أخبارا عن المبتدأ لأن فيها ضميرا يعود على المبتدأ ، ولأنها قامت مقام محذوف جار على الفعل ، هو العامل فى الحقيقة ، وهو الذي فيه الضمير على الحقيقة ، ألا ترى أنك إذا قلت : زيد فى الدار ، وثوب على زيد فتقديره : زيد مستقر فى الدار ، أو ثابت فى الدار ، وثوب مستقر ، وثابت على زيد ، ففى «ثابت» ، و«مستقر» ضمير مرفوع على المبتدأ.
فإذا حذفت «ثابتا» أو «مستقرا» ، وأقمت الظرف مقامه ، أو حرف الجر ، قام مقامه فى العمل وانتقل الضمير فصار مقدرا متوهما فى الظرف وفى حرف الجر.

(1/1481)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 165
«و اللام» فى «للذين» ، و«فى» فى قولك «فى الدار زيد» ، و«على» من قولك ، على زيد ثوب ، متعلقات بذلك المحذوف الذي قامت مقامه فالحال هى من ذلك الضمير الذي انتقل إلى حرف الجر. والرافع لذلك الضمير هو الناصب للحال والتقدير : قل هى ثابتة للذين آمنوا فى حال خلوصا لهم يوم القيامة.
وقد قال الأخفش : إن قوله «فى الحياة الدنيا» متعلق بقوله «أخرج لعباده» ، ف «أخرج» هو العامل فى الظرف الذي هو «فى الحياة الدنيا».
وقيل : قوله : «فى الحياة الدنيا» متعلق ب «حرم» ، فهو العامل فيه فالمعنى ، على قول الأخفش : قل من حرم زينة اللّه التي أخرج لعباده فى الحياة الدنيا وعلى قول غيره : قل من حرم فى الحياة الدنيا زينة اللّه التي أخرج لعباده.
ولا يحسن أن يتعلق الظرف ب «زينة» لأنه قد نعت ، ولا يعمل المصدر ، ولا اسم الفاعل ، إذا نعت ، لأنه يخرج عن شبه الفعل ، ولأنه يقع فيه تفريق بين الصلة والموصول وذلك أن معمول المصدر فى صفته ونعته ليس فى صلته ، فإذا قدمت النعت على المعمول قدمت ما ليس فى الصلة على ما هو فى الصلة.
وفى قول الأخفش تفريق بين الصلة والموصول لأنه إذا علق الظرف ب «أخرج» صار فى صلة «التي» ، وقد فرق بينه وبين تمام الموصول ، و«فى الحياة الدنيا» من تمام الموصول ، فقد فرق بين بعض الاسم وبعض ، بقوله «و الطيبات من الرزق قل هى للذين آمنوا».
ويجوز أن يكون «فى الحياة الدنيا» متعلقا ب «الطيبات من الرزق» ، فيكون التقدير : ومن حرم الطيبات من الرزق فى الحياة الدنيا.
ولا يحسن تعلق «فى الحياة» ب «الرزق» لأنك قد فرقت بينهما بقوله : «قل هى للذين آمنوا».
ويجوز أن يكون تعلق الظرف ب «آمنوا».
33 - قُلْ إِنَّما حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَواحِشَ ما ظَهَرَ مِنْها وَما بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَنْ تُشْرِكُوا بِاللَّهِ ما لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطاناً وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ «ما ظهر» : ما ، فى موضع نصب ، على البدل من «الفواحش».
«و أن تشركوا ، وأن تقولوا» : وأن ، فيهما ، فى موضع نصب ، عطف على «الفواحش».

(1/1482)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 166
35 - يا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي فَمَنِ اتَّقى وَأَصْلَحَ فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ «أما» : حرف للشرط ، ودخلت النون المشددة لتأكيد الشرط لأنه غير واجب ، وبنى للفعل مع النون على الفتح.
38 - قالَ ادْخُلُوا فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ فِي النَّارِ كُلَّما دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَها حَتَّى إِذَا ادَّارَكُوا فِيها جَمِيعاً ...
«كلّما» : نصب ب «لعنت» ، وفيها معنى الشرط.
«ادّاركوا» : أصلها : «تداركوا» ، على «تفاعلوا» ، ثم أدغمت التاء فى الدال ، فسكن أول المدغم فاحتيج إلى ألف الوصل فى الابتداء بها ، فثبتت الألف فى الخط.
«جميعا» : نصب على الحال من الضمير فى «اداركوا».
41 - لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَواشٍ وَكَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ «و من فوقهم غواش» : غواش ، مبتدأ ، والمجرور خبرها. وأصلها ألا تنصرف ، لأنها على فواعل جمع : غاشية ، إلا أن التنوين دخلها عوض من الياء وقيل : عوض من ذهاب حركة الياء ، وهو أصلح ، فلما التقى الساكنان : الياء ساكنة والتنوين ساكن ، حذفت لالتقاء الساكنين ، فصار التنوين تابعا للكسرة التي كانت قبل الياء المحذوفة.
وقيل : بل حذفت الياء حذفا ، فلما نقص البناء عن «فواعلة» دخله التنوين.
43 - وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ وَقالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدانا لِهذا وَما كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْ لا أَنْ هَدانَا اللَّهُ لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوها بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ «تجرى» : فى موضع نصب على الحال ، من الهاء والميم فى «صدورهم».
«لو لا أن هدانا اللّه» : أن ، فى موضع نصب ، رفع بالابتداء ، والخبر محذوف أي : لو لا هداية اللّه لنا مذخورة ، أو حاضرة ، لهلكنا ولشقينا واللام وما بعدها جواب «لو لا».

(1/1483)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 167
«أن تلكم الجنة» : أن ، مخففة من الثقيلة ، وهى فى موضع نصب على حذف حرف الجر أي : بأن تلكم.
وقيل : هى تفسير بمعنى : «أي» ، لا موضع لها من الإعراب.
«أورثتموها» : فى موضع نصب على الحال من «تلكم» ، أعنى : من الكاف والميم والكاف والميم فى «تلكم» للخطاب ، لا موضع لها من الإعراب.
44 - وَنادى أَصْحابُ الْجَنَّةِ أَصْحابَ النَّارِ أَنْ قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ فَأَذَّنَ مُؤَذِّنٌ بَيْنَهُمْ أَنْ لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ «أن قد وجدنا» : أن ، فى موضع نصب ب «نادى» على تقدير حذف حرف الجر.
«أن لعنة اللّه» : من فتح «أن» ، أو شددها ، فموضعها نصب ب «أذن» ، أو ب «مؤذن» ، على تقدير حذف حرف الجر أي : بأن وثم «هاء» مضمرة ، إذا خفّفت.
ويجوز أن يكون فى حال التخفيف بمعنى : «أي» التي للتفسير ، فلا موضع لها من الإعراب.
وقد قرأ الأعمش بالتشديد والكسر على إضمار القول أي : فقال : إن لعنة اللّه و«بينهم» : ظرف ، والعامل فيه «مؤذن» ، أو «أذن».
فإن جعلت «بينهم» نعتا ل «مؤذن» جاز ، ولكن لا تعمل فى «أن» : «مؤذن». إذ قد نعته.
«يعرفون كلّا» : فى موضع رفع ، نعت ل «رجال».
46 - وَبَيْنَهُما حِجابٌ وَعَلَى الْأَعْرافِ رِجالٌ يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ وَنادَوْا أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوها وَهُمْ يَطْمَعُونَ «لم يدخلوها وهم يطمعون» : إن حملت المعنى على أنهم دخلوا ، كان «و هم يطمعون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر المرفوع فى «يدخلوها» ، معناه : أنهم يئسوا من الدخول فلم يكن لهم طمع فى الدخول ، لكن دخلوا وهم على يأس من ذلك أي : لم يدخلوها فى حال طمع منهم بالدخول ، بل دخلوا وهم على يأس من الدخول.
وإن جعلت معناه أنهم لم يدخلوا بعد ، ولكنهم يطمعون فى الدخول ، لم يكن للجملة موضع من الإعراب ، وتقديره : لم يدخلوها ولكنهم يطمعون فى الدخول برحمة اللّه.
وقد روى ذلك فى التفسير عن الصحابة والتابعين.
وقيل : إن «طمع» هاهنا ، بمعنى : علم ، أي : وهم يعلمون أنهم سيدخلون.

(1/1484)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 168
47 - وَإِذا صُرِفَتْ أَبْصارُهُمْ تِلْقاءَ أَصْحابِ النَّارِ قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «تلقاء» : نصب على الظرف ، وجمع «تلقاء» : تلاقى.
51 - ... فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ «و ما كانوا بآياتنا» : ما ، فى موضع خفض ، عطف على «ما» الأولى.
52 - وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «هدى ورحمة» : حالان من الهاء فى «فصلناه» تقديره : هاديا وذا رحمة.
وأجاز الفراء والكسائي : هدى ورحمة ، بالخفض ، يجعلانه بدلا من «علم» و«هدى» ، فى موضع خفض أيضا ، على هذا المعنى.
ويجوز «رحمة» ، بالرفع ، على تقدير : هو هدى ورحمة.
53 - هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ «يوم» : منصوب ب «يقول».
«أو نرد» : مرفوع ، عطف على الاستفهام ، على معنى : أو هل نرد ، لأن معنى «هل لنا من شفعاء» :
هل يشفع لنا أحد وهل نرد ، فعطفه على المعنى.
«فنعمل» : نصب لأنه جواب التمني بالفاء ، فهو على إضمار «أن» ، حملا على مصدر ما قبله ، فالفاء.
فى المعنى يعطف مصدرا على مصدر.
54 - إِنَّ رَبَّكُمُ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ
«حثيثا» : نعت لمصدر محذوف تقديره : طلبا حثيثا.
ويجوز أن يكون نصبا على الحال أي : حاثا.

(1/1485)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 169
«و الشّمس والقمر» : عطف على «السموات» ، ومن رفع ، فعلى الابتداء ، و«مسخرات» : الخبر ، وكذلك من رفع «النجوم» فى سورة النحل : 12 ، رفع على القطع والابتداء ، و«مسخرات» الخبر.
55 - ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ «تضرّعا وخفية» : نصب على المصدر : أو على الحال ، على معنى : ذوى تضرع.
56 - وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها وَادْعُوهُ خَوْفاً وَطَمَعاً إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ «إنّ رحمة اللّه قريب» : ذكّر «قريبا» لأن الرحم والرحمة سواء ، فحمله على المعنى.
و قال الفراء : إنما أتى «قريب» بغير «هاء» ، لتفرق بين «قريب» من النسب ، وقريب ، من القرب وقال أبو عبيد : ذكّر «قريب» ، على تذكير المكان ، أي : مكانا قريبا.
وقال الأخفش : الرحمة ، هنا : المطر ، فذكر على المعنى وقال : إنما ذكر على النسب أي : ذا قرب.
وقيل : إن القريب والبعيد ، يصلحان للواحد والجماعة والمذكر والمؤنث ، كما قال : (لَعَلَّ السَّاعَةَ تَكُونُ قَرِيباً) 33 : 63 ، و(وَ ما هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) 11 : 82 أو للفرق بين النسب والمسافة ، يقال : هذه قريبة فى النسب ، وقريب منه فى المسافة.
57 - وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّياحَ بُشْراً بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ ...
«بشرا» : من قرأ بالنون ، وفتح النون ، جعله مصدرا فى موضع الحال ومن ضم النون والشين جعله جمع «نشور» ، الذي يراد به فاعل كظهور : بمعنى ظاهر كأن الريح ناشرة للأرض أي : محيية لها ، أو تأتى بالمطر.
ويجوز أن يكون جمع «نشور» بمعنى : مفعول ، كركوب وحلوب ، كأن اللّه أحياها لتأتى بالمطر.
وقيل : هو جمع «ناشر» ، كقاتل وقتل.
وكذلك القول فى قراءة من ضم النون وأسكن الشين تخفيفا.
وقد قيل : إن من فتح النون وأسكن الشين ، فعلى أنه مصدر بمنزلة : «كتاب اللّه» أعمل فيه معنى الكلام.

(1/1486)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 170
فأما من قرأ بالباء مضمومة ، فهو جمع : بشير جمعه على بشر ثم أسكن الشين تخفيفا ، جمع «فعيلا» على : فعل ، كما جمع «فاعل» على : فعل ، ونصبه على الحال أيضا.
58 - وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ وَالَّذِي خَبُثَ لا يَخْرُجُ إِلَّا نَكِداً كَذلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَشْكُرُونَ «إلا نكدا» : حال من المضمر فى «يخرج» ، ويجوز نصبه على المصدر ، على معنى : ذى نكد ، وكذلك هو مصدر. على قراءة أبى جعفر ، بفتح الكاف.
وقرأ طلحة بإسكان الكاف ، تخفيفا كما يخفف «كتفا».
59 - لَقَدْ أَرْسَلْنا نُوحاً إِلى قَوْمِهِ فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ عَذابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ من رفع «غير» جعله نعتا ل «إله» ، على الموضع ، أو جعل «غير» بمعنى «إلا» ، فأعربها بمثل إعراب ما يقع بعد «إلا» فى هذا الموضع ، وهذا الرفع على البدل من «إله» على الموضع كما قال تعالى : (وَ ما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللَّهُ) 3 : 62 ، فرفع على البدل من موضع «إله» ، وكذلك : (لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ) 37 : 35 ، «إلا اللّه» ، بدل من «إله» على الموضع.
و«لكم» : الخبر ، عن «إله».
ويجوز أن يضمر الخبر تقديره : ما لكم من إله غيره فى الوجود ، أو فى العالم ، ونحوه. والخفض فى «غير» على النعت على اللفظ ، ولا يجوز على البدل على اللفظ ، كما لا يجوز دخول «من» ، لو حذفت البدل منه ، لأنها لا تدخل فى الإيجاب.
80 - وَلُوطاً إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفاحِشَةَ ما سَبَقَكُمْ بِها مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعالَمِينَ «و لوطا» : تقديره : أي وأرسلنا لوطا.
وإن شئت نصبته على معنى : واذكر لوطا.
89 - قَدِ افْتَرَيْنا عَلَى اللَّهِ كَذِباً إِنْ عُدْنا فِي مِلَّتِكُمْ بَعْدَ إِذْ نَجَّانَا اللَّهُ مِنْها وَما يَكُونُ لَنا أَنْ نَعُودَ فِيها إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّنا ...
«إلّا أن يشاء اللّه» : أن ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع.

(1/1487)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 171
و قيل : تقديره : إلا مشيئة اللّه.
100 - أَوَ لَمْ يَهْدِ لِلَّذِينَ يَرِثُونَ الْأَرْضَ مِنْ بَعْدِ أَهْلِها أَنْ لَوْ نَشاءُ أَصَبْناهُمْ بِذُنُوبِهِمْ ...
«أن لو نشاء» : أن ، فى موضع رفع فاعل «يهد».
وقرأ مجاهد : «نهد» ، بالنون ، ف «أن» على قراءته فى موضع نصب ب «نهد».
102 - وَما وَجَدْنا لِأَكْثَرِهِمْ مِنْ عَهْدٍ وَإِنْ وَجَدْنا أَكْثَرَهُمْ لَفاسِقِينَ «و إن وجدنا أكثرهم لفاسقين» : إن ، عند سيبويه : مخففة من الثقيلة ، ولزمت اللام فى خبرها ، عوضا من التشديد.
وقيل : لزمت اللام لتفرق بين «إن» المخففة من الثقيلة وبين «إن» ، إذا كانت بمعنى «ما».
وقال الكوفيون : إن بمعنى : ما ، واللام ، بمعنى : إلا تقديره : وما وجدنا أكثرهم إلا فاسقين.
105 - حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ «أن» : فى موضع نصب على حذف حرف الجر تقديره : بأن لا أو فى موضع رفع بالابتداء ، وما قبله خبره.
110 - يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ فَما ذا تَأْمُرُونَ «ما» : استفهام ، فى موضع رفع بالابتداء ، و«ذا» بمعنى : الذي ، وهو خبر الابتداء ، وثم «هاء» محذوفة من الصلة تقديره : فأى شىء الذي تأمرون به.
ويجوز أن يجعل «ما» و«ذا» اسما واحدا ، فى موضع نصب ب «تأمرون» ، ولا يضمر محذوفا.
115 - قالُوا يا مُوسى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ «أن» : فى موضع نصب فيهما ، عند الكوفيين ، كأنه قال : إما أن تفعلوا الإلقاء كما قال :
قالوا الركوب فقلنا تلك عادتنا
فنصب «الركوب».
وأجاز بعض النحويين أن تكون «أن» فى موضع رفع ، على معنى : إما هو الإلقاء.
117 - وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَلْقِ عَصاكَ فَإِذا هِيَ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ «أن» : فى موضع نصب أي : بأن ألق.

(1/1488)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 172
و يجوز أن يكون تفسيرا بمعنى : أي ، فلا يكون لها موضع من الإعراب.
«فإذا هى تلقف» : إذا ، للمفاجأة ، بمنزلة قولك : خرجت فإذا زيد قائم.
ويجوز نصب «قائم» على الحال ، ف «إذا» خبر الابتداء ، و«إذا» التي للمفاجأة ، عند المبرد ، ظرف مكان ، فلذلك جاز أن يكون خبرا عن الجثث.
و قال غيره : هى ظرف زمان على حالها فى سائر الكلام ، ولكن إذا قلت : خرجت فإذا زيد تقديره :
فإذا حدوث زيد ، أو وجود زيد ، أو نحوه من المصادر ، ثم حذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه ، كما تقول :
الليلة الهلال ، ثم حذف على ذلك التقدير. وظروف الزمان تكون خبرا عن المصادر. ومثله ، «فإذا هى بيضاء للناظرين» الآية : 108 132 - وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ «مهما» : حرف للشرط وأصله : ماما «ما» الأولى للشرط ، والثانية تأكيدا ، فاستثقل حرفان بلفظ واحد ، فأبدلوا من ألف «ما» الأولى هاء.
وقيل هى : «مه» التي للزجر ، دخلت على «ما» التي للشرط ، وجعلتا كلمة واحدة.
وحكى ابن الأنبارى : مهمن يكرمنى أكرمه ، وقال : الأصل : من من يكرمنى ، «من» الثانية تأكيد بمنزلة «ما» ، وأبدل من نون «من» الأولى هاء ، كما أبدلوا من ألف «ما» الأولى فى «مهما» هاء ، وذلك لمؤاخاة «ما» : «من» فى أشياء ، وإن افترقا فى شىء واحد ، فكره اجتماع لفظ «من» مرتين ، كما كره ذلك فى «ما».
133 - فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ «الطّوفان» : جمع : طوفانة وقيل : مصدر ، كالنقصان.
«الجراد» : واحدته : جرادة ، تقع للذكر والأنثى ، ولا تفرق بينهما إلا أن تقول : رأيت جرادة ، ذكرا أو أنثى.
«آيات مفصّلات» : نصب على الحال مما قبله.

(1/1489)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 173
135 - فَلَمَّا كَشَفْنا عَنْهُمُ الرِّجْزَ إِلى أَجَلٍ هُمْ بالِغُوهُ إِذا هُمْ يَنْكُثُونَ «هم بالغوه» : ابتداء وخبر ، فى موضع النعت ل «أجل».
137 - وَأَوْرَثْنَا الْقَوْمَ الَّذِينَ كانُوا يُسْتَضْعَفُونَ مَشارِقَ الْأَرْضِ وَمَغارِبَهَا الَّتِي بارَكْنا فِيها وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَدَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَما كانُوا يَعْرِشُونَ «التي باركنا فيها» : التي ، فى موضع نصب على النعت للمشارق والمغارب و«مشارق» : مفعول ثان ل «أورثنا».
ويجوز أن يكون «التي» فى موضع خفض على النعت ل «الأرض».
ويجوز أن تكون «التي» نعتا لمفعول ثان ل «أورثنا» تقديره : وأورثنا الأرض التي باركنا فيها القوم الذين كانوا ويكون «مشارق» و«مغارب» ظرفين ل «الاستضعاف».
وفيه بعد ، فهو لا يجوز إلا على حذف حرف الجر.
والهاء فى «فيها» تعود على المشارق والمغارب ، أو على «الأرض» ، أو على «التي» إذا جعلتها نعتا للأرض المحذوفة.
«و دمرنا ما كان يصنع فرعون» : فى «كان» اسمها يعود على «ما» ، والجملة خبر «ما» ، والهاء محذوفة من «يصنع» يعود على اسم «كان» ، وهو ضمير «ما».
وقيل : «كان» ، زائدة.
وأجاز بعض البصريين أن يكون «فرعون» اسم كان ، يراد به التقديم ، و«يصنع» الخبر ، وهو بعيد وكذلك قيل فى قوله (وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) 72 : 4 ، إن «سفيهنا» : اسم «كان».
وأكثر البصريين لا يجيزه لأن الفعل الثاني أولى يرفع الاسم الذي بعده من الفعل الأول ، ويلزم من أجاز هذا أن يجير : يقوم زيد ، على الابتداء والخبر ، والتقديم ولم يجزه أحد.
138 - وَجاوَزْنا بِبَنِي إِسْرائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلى أَصْنامٍ لَهُمْ ...
«أصنام لهم» : لهم ، فى موضع خفض ، نعت ل «أصنام».

(1/1490)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 174
140 - قالَ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِيكُمْ إِلهاً وَهُوَ فَضَّلَكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ «أبغيكم إلها» : الهاء ، نصب على البيان ، لأن «أبغيكم» قد تعدى إلى مفعولين : «غير» ، و«الكاف والميم».
141 - وَإِذْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُقَتِّلُونَ أَبْناءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَفِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ «يسومونكم» : فى موضع نصب على الحال من «آل فرعون».
«يقتّلون» : بدل من «يسومونكم» ، أو حال من المضمر المرفوع فى «يسومونكم».
142 - وَواعَدْنا مُوسى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْناها بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ...
«ثلاثين ليلة» : تقديره : تمام ثلاثين ليلة ، أو انقضاء ثلاثين ولا يحسن نصب «ثلاثين» على الظرف للوعد لأن الوعد لم يكن فيها ، فهى مفعول ثان ل «واعد» ، على تقدير حذف المضاف وإقامة المضاف إليه مقامه.
«فتمّ ميقات ربّه أربعين ليلة» : أعاد ذكر «الأربعين» : للتأكيد وقال : ليعلم أن «العشر» ليال ، وليست بساعات وقيل : ليعلم أن «الثلاثين» تمت لغير «العشر» ، إذ يحتمل أن يكون «الثلاثين» إنما تمت ب «العشر» ، فأعاد ذكر «الأربعين» ليعلم أن «العشر» غير «الثلاثين» وانتصب «الأربعين» على موضع الحال كله قال : فتم ميقات ربه معدودا ، أو معدودا هذا القدر.
143 - وَلَمَّا جاءَ مُوسى لِمِيقاتِنا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ قالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ قالَ لَنْ تَرانِي وَلكِنِ انْظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكانَهُ فَسَوْفَ تَرانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً ...
«دكا» : من مده فعلى تقدير حذف مضاف أي : مثل أرض دكاء والأرض الدكاء ، هى المستوية.
و قيل : مثل ناقة دكاء ، وهى التي لا سنام لها مستوية الظهر فمعناه : جعله مستويا بالأرض لا ارتفاع له على الأرض ، ولم ينصرف لأنه مثل «حمراء» فيه ألف التأنيث ، وهو صفة ، وذلك علتان.
ومن نونه لم يمده ، جعله مصدر : «دكت الأرض دكا» أي : جعلها مستوية.

(1/1491)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 175
و قال الأخفش : هو مفعول ، وفيه حذف مضاف أيضا لأن الفعل الذي قبله ، وهو «جعله» ، ليس من لفظه وتقديره : جعله ذا دك أي : ذا استواء.
«صعقا» : حال من «موسى».
145 - وَكَتَبْنا لَهُ فِي الْأَلْواحِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلًا لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ «فخذها» : أصله : فأخذها ، وأصل «خذ» : اؤخذ ، لكن لم يستعمل الأصل وحذف تخفيفا لاجتماع الضمات والواو وحرف الحلق وقد قالوا : أؤمر ، وأؤخذ ، فاستعمل على الأصل ومنه قوله : (وَ أْمُرْ أَهْلَكَ) 20 : 132 ، ولو استعملت على التخفيف ، لقال : ومر أهلك ، وهو جائز فى الكلام.
148 - وَاتَّخَذَ قَوْمُ مُوسى مِنْ بَعْدِهِ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَداً ...
«من حليّهم» : أصله : حلويهم ، جمع حلى ، فعل على فعول ، مثل : كعب وكعوب ، ثم أدغمت الواو فى الياء بعد كسر ما قبلها ، وهو اللام ، ليصح سكون الياء ، وبقيت الحاء على ضمتها ، ومن كسرها أتبعها كسرة اللام.
150 - وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ «ابن أمّ» : من فتح الميم جعل الاسمين اسما واحدا ، كخمسة عشر.
و قيل : الأصل : ابن أما ، ثم حذفت الألف وذلك بعيد ، لأن الألف عوضا من ياء ، وحذف الياء إنما يكون فى النداء ، وليس «أم» بمنادى.
ومن كسر الميم أضاف «ابنا» إلى «أم» ، وفتحة «ابن» فتحة الإعراب لأنه منادى مضاف.
154 - وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ «و فى نسختها هدى» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من «الألواح».

(1/1492)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 176
155 - وَاخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِمِيقاتِنا ...
«و اختار موسى قومه سبعين» : «قومه» ، و«سبعين» مفعولان ل «اختار» ، و«قومه» انتصب على تقدير حذف حرف الجر أي : من قومه.
160 - وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً ...
«اثنتي عشرة أسباطا أمما» : أنث ، على تقدير حذف «أمة» تقديره : اثنتي عشرة أمة و«أسباط» بدل من «اثنتي عشرة» ، و«أمم» نعت ل «أسباط».
163 - وَسْئَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ حاضِرَةَ الْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً ...
«إذ يعدون» : العامل فى «إذ» : «رسل» وتقديره : سلهم عن وقت عدوهم فى السبت.
«شرّعا» : نصب على الحال من «الحيتان» وأفصح اللغات نصب الظرف مع السبت والجمعة فتقول :
اليوم السبت ، واليوم الجمعة ، فينصب اليوم على الظرف ، ويرفع مع سائر الأيام فيقول : اليوم الأحد ، واليوم الأربعاء لأنه لا معنى فعل فيها ، والابتداء هو الخبر ، فترفعهما.
164 - وَإِذْ قالَتْ أُمَّةٌ مِنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْماً اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذاباً شَدِيداً قالُوا مَعْذِرَةً إِلى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ من نصب «معذرة» فعلى المصدر ، ومن رفعه فعلى خبر الابتداء واختار سيبويه الرفع ، لأنهم لم يريدوا أن يعتذروا من أمر لزمهم اللوم عليه ، ولكن قيل لهم : لم تعظون؟ فقالوا : موعظتنا معذرة.
165 - فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذابٍ بَئِيسٍ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ من قرأ «بيس» بالياء من غير همز ، فأصله : بئس ، على وزن «فعل» ، ثم أسكن الهمزة التي هى حرف الحلق ، إذ كان عينا ، بعد أن كسر الياء لكسرة الهمزة على الإتباع ، ثم أبدل من الهمزة ياء.
وقيل : إنه فعل ماض ، منقول إلى التسمية ، ثم وصف به ، مثل ما روى عن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - أنه

(1/1493)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 177
قال : إن اللّه ينهى عن قيل وقال فأصل الياء همزة ، وأصله «بئس» ، مثل : علم ، ثم كسرت الياء للاتباع ، ثم سكن على لغة من قال فى «علم» : علم ، ثم أبدل من الهمزة ياء.
فأما من قرأ بالهمزة على «فعيل» فإنه جعله مصدر «بئس» ، حكى أبو زيد ، بئس يبأس بئيسا والتقدير على هذا : بعذاب بئيس أي : ذى بؤس.
فأما من قرأه على «فيعل» ، فإنه جعله صفة للعذاب ، فهو بناء ملحق ب «جعفر».
وقد روى عن عاصم ، كسر الهمزة على «فيعل» ، وهو بعيد لأن هذا البناء يكون فى المعتل العين ، كسيد ، وميت.
170 - وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ وَأَقامُوا الصَّلاةَ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ «إنا لا نضيع أجر المصلحين» : تقديره : منهم ، ليعود على المبتدأ من خبره عائد ، وهو «الذين يمسكون».
171 - وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ ...
«كأنه ظلة» : الجملة فى موضع نصب على الحال.
و قيل : الجملة فى موضع رفع على خبر ابتداء محذوف تقديره : هو كأنه ظلة.
و«إذ» : فى موضع نصب ب «اذكر» مضمرة ، ومثله : «و إذ أخذ ربك» الآية : 173 173 - وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلى أَنْفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى شَهِدْنا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هذا غافِلِينَ «من ظهورهم» : بدل من «بنى آدم» ، بإعادة الخافض ، وهو بدل بعض من كل.
«أن تقولوا» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول من أجله.
177 - ساءَ مَثَلًا الْقَوْمُ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَأَنْفُسَهُمْ كانُوا يَظْلِمُونَ فى «ساء» : ضمير فاعل ، و«مثلا» : تفسير ، و«القوم» : رفع بالابتداء ، وما قبلهم خبرهم ، ورفع على إضمار مبتدأ تقديره : ساء المثل مثلا هم القوم الذين مثل : نعم رجلا زيد.

(1/1494)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 178
و قال الأخفش : تقديره : ساء مثلا مثل القوم.
186 - مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ «و يذرهم» : من رفعه قطعه مما قبله ومن جزمه عطفه على موضع الفاء فى قوله «فلا هادى له» ، لأنها فى موضع جزم ، إذ هو جواب الشرط.
187 - يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلَّا هُوَ ثَقُلَتْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لا تَأْتِيكُمْ إِلَّا بَغْتَةً ...
«أيان مرساها» : مرسى ، فى موضع رفع على الابتداء و«أيان» خبر الابتداء ، وهو ظرف مبنى على الفتح وإنما بنى لأن فيه معنى الاستفهام.
«إلا بغتة» : نصب على أنها مصدر فى موضع الحال.
188 - قُلْ لا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعاً وَلا ضَرًّا إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ ...
«إلا ما شاء اللّه» : ما فى موضع نصب ، على الاستثناء المنقطع.
189 - هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ «آتيتنا صالحا» : صالحا ، نعت لمصدر محذوف ، تقديره : إتيانا صالحا.
190 - فَلَمَّا آتاهُما صالِحاً جَعَلا لَهُ شُرَكاءَ فِيما آتاهُما فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ «شركاء» أي : ذا شرك أو ذوى شرك ، فهو راجع إلى قراءة من قرأ «شركاء» ، جمع شريك ، ولو لم يقدر الحذف فيه لم يكن ذما لهما لأنه يصير المعنى : أنهما جعلا للّه نصيبا فيما أتاهما من مال وزرع وغيره ، وهذا مدح فإن لم يقدر حذف مضاف فى آخر الكلام قدرته فى أول الكلام ، لا بد من أحد هذين الوجهين فى قراءة من قرأ «شركاء» ، فإن لم يقدر حذفا انقلب المعنى وصار الذم مدحا.
194 - إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ

(1/1495)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 179
قراءة ابن جبير ، بنصب «عباد» ، و«أمثالكم» ، وتخفيف «إن» يجعلها بمعنى «ما» ، فنصب على خبر «ما».
وسيبويه يختار فى «أن» المخففة التي بمعنى «ما» رفع الخبر ، لأنها أضعف من «ما».
والمبرد يجريها مجرى «ما».
201 - إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذا مَسَّهُمْ طائِفٌ مِنَ الشَّيْطانِ تَذَكَّرُوا فَإِذا هُمْ مُبْصِرُونَ «طائف» : من قرأه «طيف» ، على «فعل». جعله مصدر : طاف يطيف.
وقيل : هو مخفف من «طيّف» ، كميت 205 - وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ تَضَرُّعاً وَخِيفَةً وَدُونَ الْجَهْرِ مِنَ الْقَوْلِ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ وَلا تَكُنْ مِنَ الْغافِلِينَ «تضرعا» : مصدر وقيل : هو فى موضع الحال.
«الآصال» : جمع : أصل وأصل : جمع أصيل.
و قيل : الآصال : جمع أصيل ، وهو العشى وقرىء بكسر الهمزة ، جعل مصدر «أصلنا» أي : دخلنا فى العشى.
- 8 - سورة الأنفال
1 - يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «ذات بينكم» : أصل «ذات» ، عند البصريين : ذوات ، فقلبت الواو ألفا ، وحذفت لسكونها وسكون الألف بعدها ، فبقى : ذات ، ودل على ذلك قوله تعالى : (ذَواتا أَفْنانٍ) 55 : 48 ، فرجعت الواو إلى أصلها.
وكل العلماء والقراء وقف على «ذات» بالتاء ، إلا أبا حاتم ، فإنه أجاز الوقف عليها بالهاء.
وقال قطرب : الوقف على «ذات» بالهاء حيث وقعت لأنها هاء تأنيث.

(1/1496)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 180
2 - إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «وجلت قلوبهم» : مستقبل «وجل» : يوجل ومن العرب من يقول : ييجل ، فيقلب من الواو ياء ، ومنهم من يكسر الياء الأولى ، ومنهم من يفتح الياء الأولى ويبدل من الثانية ألفا ، كما قالوا : رأيت الزيدان ، فأبدلوا من الياء ألفا ، فتقول : يا جل.
5 - كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ الكاف فى «كما» : فى موضع نصب ، نعت لمصدر «يجادلونك» أي : جدالا كما.
وقيل : وهو نعت لمصدر دل عليه معنى الكلام تقديره : قل الأنفال ثابتة للّه وللرسول ثبوتا كما أخرجك.
وقيل : هى نعت ل «حق» أي : هم المؤمنون حقا كما.
وقيل : الكاف ، بمعنى الواو للقسم أي : وإن الأنفال للّه والرسول والذي أخرجك.
وقيل : الكاف ، فى موضع رفع التقدير : كما أخرجك ربك من بيتك بالحق بقوة اللّه ، فهو ابتداء وخبره.
و يجوز أن يكون فى موضع رفع ، نعتا ل «رزق» الآية : 4 ، فيكون نعتا بعد نعت أي : رزق يماثل الإخراج.
ويجوز أن يكون فى موضع رفع خبر مبتدأ محذوف أي : ذلك.
كما يجوز أن يكون فى موضع نصب متعلق بفعل أمر أي : امض كما أخرجك ، كما تقول : افعل كما أمرك.
واخرج كما أخرجك وإلى هذا أشار قطرب.
ويجوز أن يكون أمر صلى اللّه عليه وسلم بإمضاء قسمة أمر الغنائم على كره من السائلين المساكين ، كما أمر بإمضاء الخروج للقتال على كره من مفارقة بيوتهم ، وإلى هذا المعنى أشار الفراء ، فتكون الكاف فى موضع نصب على الحال أي : كرها كما أخرجت على كره من فريق.
وأما القسم ، الذي ذكر ، فهو قول أبى عبيدة لأن الناس يقولون : كما تصدقت على بالعافية لأتوبن ، لأفعلن ، ونحوه ، فخرج القسم ، وهو غريب.
فهذه تسعة أوجه.

(1/1497)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 181
7 - وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّها لَكُمْ ...
«و إذ يعدكم اللّه» : فى موضع نصب بفعل مضمر تقديره : واذكر يا محمد إذ يعدكم.
«أنّها لكم» : أن ، بدل من إحدى ، وهو بدل الاشتمال و«إحدى» ، مفعول ثان ل «يعد» ، وتقديره : وإذ يعدكم اللّه ملك إحدى الطائفتين وإنما قدرت حذف مضاف لأن الوعد لا يقع على الأعيان ، وإنما يقع على الأحداث.
9 - إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُرْدِفِينَ روى عن عاصم أنه قرأ : آلف ، جعله جمع «ألف» ، جمع فعلا ، على أفعل ، كفلس ، وأفلس. وتصديق هذه القراءة قوله «بِخَمْسَةِ آلافٍ» 3 : 125 ، فآلاف جمع «ألف» ، لما دون العشرة ، فهى واقعة على خمسة آلاف المذكورة فى آل عمران.
«مردفين» : من فتح الدال جعله حالا من الكاف والميم فى «ممدكم» ، أو نعت ل «ألف» تقديره :
متبعين بألف والهاء فى «جعله» تعود على «الألف» لأنه مذكر.
وقيل : تعود على «الإرداف» ودل عليه قوله «مردفين».
و قيل : تعود على الإمداد ، ودل عليه قوله «ممدكم».
وقيل : تعود على قبول الدعاء ودل عليه قوله «فاستجاب لكم».
وكذلك الهاء فى «به» يحتمل الوجوه كلها ، ويحتمل أن يعود على «البشرى» لأنها بمعنى الاستبشار.
ومن كسر الدال فى «مردفين» جعله صفة ل «ألف» معناه : أردفوا بعدد آخر خلفهم ، والمفعول محذوف ، وهو «عدد».
وقيل : معنى الصفة أنهم جاءوا بعد اليأس أردفوهم بعد استعانتهم.
حكى أبو عبيد : ردفنى ، وأردفنى ، بمعنى : تبعني ، وأكثر النحويين على أن «أردفه» : حمله خلفه ، و«ردفه» : تبعه ، وحكاه النحاس عن أبى عبيد أيضا ، فلا يحسن على هذا أن يكون صفة للملائكة ، إذ لا يعلم من صفتهم أنهم حملوا خلفهم أحدا من الناس.

(1/1498)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 182
11 - إِذْ يُغَشِّيكُمُ النُّعاسَ أَمَنَةً مِنْهُ ...
«أمنة» : مفعول من أجله.
12 - إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ «فوق الأعناق» أي : الرءوس ، و«فوق» ، عند الأخفش : زائدة ، والمعنى : اضربوا الأعناق قال المبرد : «فوق» : يدل على إباحة ضرب وجوههم لأنها فوق الأعناق.
«كلّ بنان» : يعنى : الأصابع وغيرها من الأعضاء.
13 - لِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقابِ
«ذلك بأنّهم» : ذلك ، فى موضع رفع على الابتداء أو على أنه خبر ابتداء تقديره : الأمر ذلك أو : ذلك الأمر.
«و من يشاقق اللّه» : من ، شرط فى موضع رفع بالابتداء ، والخبر : «فإن اللّه شديد العقاب».
14 - ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ «أن» : فى موضع رفع ، عطف على «ذلكم» ، و«ذلكم» فى موضع رفع ، مثل «ذلك» المتقدم ، الآية : 13 وقال الفراء : «و أن للكافرين» : فى موضع نصب ، على تقدير حذف حرف الجر ، أي : وبأن للكافرين.
ويجوز أن يضمر : واعلم أن.
والهاء فى «فذوقوه» ترجع إلى «ذلكم» ، وذلكم : إشارة إلى القتل يوم بدر.
15 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ «زحفا» : مصدر ، فى موضع الحال.
16 - وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ «متحرّفا ، أو متحيزا» : نصب على الحال من المضمر المرفوع فى «يولهم».

(1/1499)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 183
17 - فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ «منه بلاء» : الهاء فى «منه» : تعود على الظفر بالمشركين.
وقيل : على الرمي.
18 - ذلِكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ «و أنّ اللّه» : أن ، فى موضع نصب ، على تقدير : ولأن اللّه.
ويجوز الكسر على الاستئناف.
20 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ «و أنتم تسمعون» : ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر فى «تولوا» ، ومثله : «و هم معرضون» الآية : 23 27 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ «و تخونوا» : جزم على العطف على «لا تخونوا».
وإن شئت كان نصبا على جواب النهى بالواو.
32 - وَإِذْ قالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ «هو» : فاصلة ، تؤذن أن الخبر معرفة ، أو قارب المعرفة.
وقيل : دخلت لتؤذن أن «كان» ليست بمعنى : وقع وحدث وأن الخبر منتظر.
وقيل : دخلت لتؤذن أن ما بعدها خبر ، وليس بنعت لما قبلها.
وقال : الأخفش : «هو» : زائدة ، كما زيدت «ما».
وقال الكوفيون : «هو» : عماد.
34 - وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...
«لا يعذّبهم» : «أن» ، فى موضع نصب تقديره : من أن لا يعذبهم.

(1/1500)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 184
و ذكر الأخفش أن «أن» زائدة ، وهو قد نصب بها ، وليس هذا حكم الزائد.
«و هم يصدّون» ، ابتداء وخبر ، فى موضع الحال من المضمر المنصوب فى «يعذبهم اللّه».
35 - وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً ...
«المكاء» : الصفير ، وهو مصدر كالدعاء ، والهمزة بدل من واو ، لقولهم : مكا يمكو ، إذا نفخ.
وقرأ الأعمش «و ما كان صلاتهم» بالنصب ، و«إلا مكاء وتصدية» ، بالرفع ، وهذا لا يجوز إلا فى شعر عند ضرورة ، لأن اسم «كان» هو المعرفة وخبرها هو النكرة ، فى أصول الكلام والنظر والمعنى.
«و تصدية» : من صد يصد ، إذا ضج ، وأصله : تصدد ، فأبدلوا من إحدى الدالين ياء ، ومعناه :
ضجا بالتصفيق.
وقيل : هو من : صد يصد ، إذا منع.
وقيل : هو من «الصدى» : المعارض لصوتك من جبل أو هواء فكان المصفق يعارض بتصفيقه من يريد فى صلاته ، فالياء أصلية على هذا.
41 - وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ...
«أنّما غنمتم» : ما ، بمعنى ، الذين ، والهاء ، محذوفة من الصلة تقديره : غنمتموه والخبر «فأن للّه خمسه». وعلة فتح «أن» فى هذا أنها خبر ابتداء محذوف تقديره : فحكمه أن للّه خمسه.
و قيل : «أن» : مؤكد للأولى ، وهذا لا يجوز ، لأن «أن» الأولى تبقى بغير خبر ، ولأن الفاء تحول بين المؤكد وتأكيده ، ولا يحسن زيادتها فى مثل هذا الموضع.
42 - إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوى وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ «أسفل» : نعت لظرف محذوف تقديره : والركب مكانا أسفل.
وأجاز الأخفش والفراء ، والكسائي «أسفل» ، بالرفع ، على تقدير محذوف من أول الكلام تقديره :
و موضع الركب أسفل منكم.

(1/1501)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 185
«من حىّ» : من أظهر الياءين جعل الماضي تبعا للمستقبل ، فلما لم يجز الإدغام فى المستقبل ، لأن حركته غير لازمة ، يتنقل من رفع إلى نصب أو إلى جزم ، أجرى الماضي مجراه ، وإن كانت حركة لامه لازمة ، على أن حركة لام الماضي قد تسكن أيضا لاتصالها بمضمر مرفوع ، فقد صارت هى مثل «لام» المستقبل ، فجرت فى الإظهار مجراه.
فأما من أدعم فللفرق بين ما تلزم لامه الحركة كالماضى ، وما تلزم لامه حركة تتنقل ، كالمستقبل فى قوله (وَ أَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى ) 22 : 6 ، هذا لا يجوز إدغامه ، فأدغم الماضي لاجتماع المثلين ، وحسن الإدغام للزوم الحركة «لامه».
وقد انفرد الفراء بجواز الإدغام فى المستقبل ، ولم يجزه غيره.
43 - إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا ...
«إذ يريكهم» : العامل فى «إذ» : فعل مضمر تقديره : واذكر يا محمد إذ يريكهم.
44 - وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا ...
«و إذ يريكموهم» : عطف على «إذ» الأولى ، ورجعت الواو مع ميم الجمع مع المضمر لأن المضمر يرد المحذوفات إلى أصولها.
و أجاز يونس حذف الواو مع المضمر ، أجاز «يريكهم» ، بإسكان الميم وبضمها من غير واو والإثبات أحسن وأفصح ، وبه أتى القرآن.
47 - وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيارِهِمْ بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ ...
«بطرا» : مصدر فى موضع الحال والبطر : أن يتقوى بنعم اللّه على المعاصي.
48 - وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ وَقالَ لا غالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جارٌ لَكُمْ «جار» : تجمع على : أجوار ، فى القليل ، وجيران ، فى الكثير ، وعلى : جيرة.
50 - وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ «يضربون» : فى موضع نصب على الحال من «الملائكة» ولو جعلته حالا من «الذين كفروا» لجاز.
ولو كان فى موضع «يضربون» : ضاربين ، لم يجز ، حتى يظهر الضمير لأن اسم الفاعل إذا جرى صفة أو حالا أو خبرا أو عطف على غير ما هو له ، لم يجز أن يستتر فيه ضمير فاعله ، ولا بد من إظهاره لو قلت : رأيت معه امرأة ضاربها غدا والساعة ، فرفعت «ضاربها» على النعت للمرأة ، لم يجز حتى تقول : ضاربها هو لأن الفعل ليس لها ، فإن نصبت على النعت ل «رجل» جاز ولم تحتج إلى إظهار الضمير لأن الفعل له ، فإن كان فى موضع «ضاربها» : يضربها ، جاز على الوجهين.

(1/1502)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 186
51 - ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ «أن» : فى موضع خفض عطف على «ما» فى قوله «بما قدمت».
وإن شئت : فى موضع نصب على حذف الخافض تقديره : وبأن اللّه.
وإن شئت : فى موضع رفع عطف على «ذلك» ، أو على : إضمار «ذلك».
52 - كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ «آل فرعون» : الكاف ف «كدأب» ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف تقديره : فعلنا بهم ذلك فعلا مثل عادتنا فى آل فرعون إذ كفروا. والدأب : العادة ، ومثله الثاني (الآية : 54) ، إلا أن الأول للعادة ، فى التعذيب ، والثاني للعادة فى التغيير وتقدير الثاني : غيرنا بهم لما غيروا تغييرا مثل عادتنا فى آل فرعون لما كذبوا.
58 - وَإِمَّا تَخافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلى سَواءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخائِنِينَ «فانبذ إليهم» : المفعول محذوف تقديره : فانبذ إليهم العهد وقاتلهم على إعلامك لهم.
وفى صدر الآية حذف آخر تقديره : وإما تخافن من قوم ، بينك وبينهم عهد ، خيانة فانبذ إليهم ذلك العهد أي : رده عليهم إذا خفت نقضهم العهد ، وقاتلهم على إعلام منك لهم ، وهذا من لطيف معجز القرآن واختصاره ، إذ قد جمع المعاني الكثيرة الأوامر والأخبار فى اللفظ اليسير.
59 - وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لا يُعْجِزُونَ «يحسبنّ» : من قرأه بالتاء جعله خطابا للنبى - صلى اللّه عليه وسلم - لتقدم مخاطبته فى صدر الكلام و«الذين» مفعول أول ، و«سبقوا» فى موضع المفعول الثاني.
ومن قرأه بالياء جعله للكفار ، ففيه ضميرهم ، لتقدم ذكرهم فى قوله : (الَّذِينَ كَفَرُوا فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) الآية : 55 ، وفى قوله (ثُمَّ يَنْقُضُونَ عَهْدَهُمْ فِي كُلِّ مَرَّةٍ وَهُمْ لا يَتَّقُونَ) الآية : 56 ، و(لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ) الآية : 57

(1/1503)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 187
و قوله «إليهم» الآية : 58 ، فالمفعول الأول مضمر ، و«سبقوا» فى موضع الثاني تقديره : لا يحسبن الذين كفروا أنفسهم سبقوا.
و قيل : «أن» مضمرة مع «سبقوا» ، فسدت مسد المفعولين ، كما سدت فى قوله : (أَ حَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا) الآية 29 : 2 تقديره : ولا يحسبن الذين كفروا أن سبقوا.
قال سيبويه فى قوله : (أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ) الآية 29 : 64 أن تقديره : أن أعبد ، ثم حذفت «أن» فرفع الفعل.
وقيل : الفاعل ، فى قراءة من قرأ بالياء ، هو النبي - عليه السلام - فيكون مثل قراءة التاء ، و«الذين كفروا» و«سبقوا» : مفعولا «حسب».
وقيل : فاعل «حسب» مضمر فيه تقديره : ولا يحسبن من خلفهم الذين كفروا سبقوا ، ف «الذين كفروا» و«سبقوا» : مفعولا «حسب».
ومن فتح «أنهم لا يعجزون» جعل الكلام متعلقا بما قبله تقديره : سبقوا لأنهم ، ف «أن» فى موضع نصب بحذف حرف الجر معناه : ولا تحسبن الذين كفروا فاتوا اللّه لأنهم لا يفوتون اللّه.
ومن كسر «إن» فعلى الابتداء والقطع.
60 - وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِباطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ ...
«به» : الهاء ، تعود على «ما».
وقيل : على «الرباط».
وقيل : على الإعداد.
«و القوة» : هى الرمي ، وقيل : هى الحصون ، وقيل : ركوب الخيل.
و«رباط الخيل» ب : الإناث.
«و آخرين من دونهم» : منصوب : على «عدو اللّه».
64 - يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ «من» : فى موضع نصب على العطف ، على معنى الكاف فى «حسبك» لأنها فى التأويل فى موضع نصب لأن معنى «حسبك اللّه» : يكفيك اللّه ، فعطفت «من» على المعنى.

(1/1504)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 188
و قيل : «من» ، فى موضع رفع ، عطف على اسم اللّه - عز وجل - أو على الابتداء ، وتضمر الخبر أي :
و من اتبعك من المؤمنين كذلك.
وقيل : فى موضع رفع عطف على «حسب» : لقبح عطفه على اسم اللّه ، لما جاء من الكراهة فى قول المرء :
ما شاء اللّه وشئت ، ولو كان ب «الفاء» و«ثم» لحسن العطف على اسم اللّه - جل ذكره.
68 - لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «كتاب» : رفع بالابتداء ، والخبر المحذوف تقديره : لو لا كتاب من اللّه تدارككم ، وهو ما تقدم فى اللوح المحفوظ من إباحة الغنائم لهذه الأمة.
وقيل : هو ما سبق أن اللّه لا يعذب إلا بعد إنذار.
وقيل : هو ما سبق أن اللّه يغفر الصغائر لمن اجتنب الكبائر.
وقيل : هو ما سبق أن اللّه يغفر لأهل بدر ما تقدم من ذنوبهم وما تأخر «لمسّكم» : جواب «لو لا».
69 - فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ «حلالا طيّبا» : حال من المضمر فى «فكلوا مما».
71 - وَإِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «خيانة» : تجمع على : خياين ، وأصل «الياء» الأولى : الواو لأنه من : خان يخون ، إلا أنهم فرقوا بالياء بينه وبين جمع : خائنة وخوائن.
72 - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهاجَرُوا وَجاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ آوَوْا وَنَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ ، بَعْضٍ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا ...
«من ولايتهم» : من فتح الواو ، جعله مصدر «الولي» يقال : هو الولي ، ومولى بين الولاية ، بالفتح.
ومن كسر الواو ، جعله مصدر ل «وال» ، يقال : هو وال بين الولاية.
وقد قيل : هما لغتان فى مصدر «الولي».

(1/1505)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 189
73 - وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسادٌ كَبِيرٌ «إلا تفعلوه» : الهاء ، تعود على : التناصر ، وقيل : تعود على : التوارث أي : إلا تفعلوا التوارث على القرابات ، كما تعبدكم اللّه ، وتتركوا التوارث بالهجرة ، يكن فى الأرض فتنة وفساد ، وإلا تفعلوا التناصر فى الدين تكن فتنة فى الأرض وفساد كبير بالكفر.
- 9 - سورة التوبة
1 - بَراءَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى الَّذِينَ عاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «براءة» : مصدر مرفوع بالابتداء ، و«من اللّه» : نعت ، ولذلك حسن الابتداء بالنكرة.
ولك أن ترفع «براءة» على إضمار مبتدأ أي : هذه براءة.
«من اللّه» : فتحت النون لالتقاء الساكنين ، وكان الفتح أولى بها لكثرة الاستعمال ، ولئلا تجتمع كسرتان.
وبعض العرب يكسر على القياس.
3 - وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ...
«و أذان» : عطف على «براءة» ، وخبره : «إلى الناس» ، فهو عطف جملة على جملة.
وقيل : خبر الابتداء : «أن اللّه برى ء» ، على تقدير : لأن اللّه.
«من اللّه» : نعت ل «أذان» ، ولذلك حسن الابتداء ، بالنكرة ، ومعنى «أذان من اللّه» : إعلام من اللّه.
«يوم الحج» : العامل فيه الصفة ، لا «أذان».
وقيل : العامل فيه «مخزى» الآية : 2 ، ولا يحسن أن يعمل فيه «أذان» لأنك قد وصفته فخرج عن حكم الفعل.

(1/1506)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 190
«أنّ اللّه برى ء» : أن ، فى موضع نصب ، على تقدير : اللام أو الباء لأنك إن جعلته خبرا ل «أذان» فليس هو هو ، فلا بد من تقدير حذف الجر على كل حال.
«و رسوله» : ارتفع على الابتداء ، والخبر محذوف أي : ورسوله برىء أيضا من المشركين ، فحذف لدلالة الأول عليه.
و قد أجاز قوم رفعه على العطف على موضع اسم اللّه قبل دخول «أن» ، وقالوا : «الأذان» بمعنى : القول ، فكأنه لم يغير معنى الكلام بدخوله.
ومنع ذلك جماعة ، لأن «أن» المفتوحة قد غيرت معنى الابتداء ، إذ هى وما بعدها مصدر ، فليست كالمكسورة التي لا تدل على غير التأكيد ، فلا يغير معنى الابتداء دخولها.
فأما عطف «و رسوله» على المضمر المرفوع فى «برى ء» ، فهو قبيح عند كثير من النحويين حتى تؤكده ، لأن المجرور يقوم مقام التأكيد ، فعطفه على المضمر المرفوع فى «برى ء» حسن جيد. وقد أتى العطف على المضمر المرفوع فى القرآن من غير تأكيد ، ولا ما يقوم مقام التأكيد قال اللّه جل ذكره : (ما أَشْرَكْنا وَلا آباؤُنا) 6 : 148 ، فعطف «الآباء» على المضمر المرفوع ، ولا حجة فى دخول «لا» لأنها إنما دخلت بعد واو العطف.
والذي يقوم مقامه التأكيد ، إنما يأتى قبل واو العطف فى موضع التأكيد ، والتأكيد لو أتى به لم يكن إلا قبل واو العطف ، نحو قوله : (فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ) 5 : 27 ، ولكن جاز ذلك ، لأن الكلام قد طال بدخول «لا» ، فقام الطول مقام التأكيد.
وقرأ موسى بن عمر : «و رسوله» ، بالنصب ، عطفا على اللفظ.
5 - فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ وَاقْعُدُوا لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ ...
«كلّ مرصد» : تقديره : على كل ، فلما حذف «على» نصب.
وقيل : هو ظرف 6 - وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجارَكَ فَأَجِرْهُ ...
«و إن أحد» : ارتفع «أحد» بفعله ، تقديره وإن استجارك أحد لأن «إن» من حروف الجزاء ، فهى بالفعل أن يليها أولى.

(1/1507)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 191
8 - كَيْفَ وَإِنْ يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لا يَرْقُبُوا فِيكُمْ إِلًّا وَلا ذِمَّةً ...
«كيف وإن يظهروا» : المستفهم عنه محذوف تقديره : كيف لا تقتلونهم؟.
وقيل : التقدير : كيف يكون لهم عهد.
12 - ... فَقاتِلُوا أَئِمَّةَ الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لا أَيْمانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنْتَهُونَ وزن «أئمة» : أفعلة جمع : إمام فأصلها : أأممة ، ثم ألقيت حركة الميم الأولى على الهمزة الساكنة.
وأدغمت فى الميم الثانية ، وأبدل من الهمزة المكسورة ياء مكسورة.
13 - أَلا تُقاتِلُونَ قَوْماً نَكَثُوا أَيْمانَهُمْ وَهَمُّوا بِإِخْراجِ الرَّسُولِ وَهُمْ بَدَؤُكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ «فاللّه أحق أن تخشوه» : مبتدأ ، و«أن تخشوه» : ابتداء ثان ، و«أحق» : خبر ، والجملة خبر الأول.
ويجوز أن يكون «اللّه» : مبتدأ ، و«أحق» : خبره ، و«أن» : فى موضع نصب على حرف الجر ، ومثله :
«أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ» 9 : 62 و«أحق» ، فى الموضعين : أفعل ، معها تقدير حذف به يتم الكلام ، تقديره : «فاللّه أحق من عبده بالخشية» إن قدرت حرف الجر.
وإن جعلت «إن» بدلا ، أو ابتداء ثانيا فالتقدير : فخشية اللّه أحق من خشية غيره.
وكذلك تقدير : «أحق أن يرضوه».
16 - أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تُتْرَكُوا وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ ...
«أن تتركوا» : أن ، فى موضع نصب ب «حسب» ، ويسد مسد المفعولين ، ب «حسب» ، عند سيبويه.
وقال المبرد : هى مفعول أول ، والمفعول الثاني محذوف.
19 - أَجَعَلْتُمْ سِقايَةَ الْحاجِّ وَعِمارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ...
فى هذا الكلام حذف مضاف من أوله ، أو من آخره تقديره ، إن كان الحذف من أوله : أجعلتم أصحاب سقاية الحاج وأصحاب عمارة المسجد الحرام كمن آمن باللّه؟
و إن قدرت الحذف من آخره ، كان تقديره : أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كإيمان من آمن باللّه؟
و إنما احتيج إلى هذا ليكون المبتدأ هو الخبر فى المعنى ، وبه يصح الكلام والفائدة.

(1/1508)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 192
21 - يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُمْ بِرَحْمَةٍ مِنْهُ وَرِضْوانٍ وَجَنَّاتٍ لَهُمْ فِيها نَعِيمٌ مُقِيمٌ «لهم فيها نعيم» : ابتداء وخبر فى موضع النعت ل «جنات» ، فالهاء فيها ل «جنات» ، وهو جمع بالألف والتاء يراد به الكثرة.
وقيل : هى ترجع على الرحمة ، وقيل : هى ترجع إلى البشرى ، ودل على ذلك قوله «يبشرهم».
25 - لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَواطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِما رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ «و يوم حنين» : نصب «يوما» على العطف على موضع فى «مواطن» تقديره : ونصركم يوم حنين.
«ثمّ ولّيتم مدبرين» : نصب «مدبرين» على الحال المؤكدة ، ولا يجوز أن يكون على الحال المطلقة لأن قوله «ثم وليتم» يدل على الابتداء ، والحال مؤكدة لما دل عليه صدر الكلام ، بمنزلة قوله تعالى «وَ هُوَ الْحَقُّ مُصَدِّقاً» 2 : 91 ، وقوله «وَ أَنَّ هذا صِراطِي مُسْتَقِيماً» 6 : 153 30 - وَقالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقالَتِ النَّصارى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ...
من نون «عزيرا» رفعه بالابتداء ، و«ابن» : خبره ، ويحسن حذف التنوين على هذا من «عزير» لالتقاء الساكنين ، ولا تحذف ألف «ابن» من الخط ، وتسكن النون لالتقاء الساكنين.
ومن لم ينون «عزيرا» جعله أيضا مبتدأ ، و«ابن» : صفة له ، فيحذف التنوين على هذا استخفافا ولالتقاء الساكنين ، ولأن الصفة والموصوف كاسم واحد ، وتحذف ألف «ابن» من الخط ، والخبر مضمر تقديره :
عزير بن اللّه صاحبنا ، أو نبينا أو يكون هذا المضمر هو المبتدأ ، «و عزير» : خبره.
ويجوز أن يكون «عزير» مبتدأ ، و«ابن» : خبره ، ويحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، إذ هو شبيه بحروف المد واللين ، فثبتت ألف «ابن» فى الخط ، إذ جعلته خبرا.
و أجاز أبو حاتم أن يكون «عزيرا» اسما أعجميا لا ينصرف ، وهو بعيد مردود لأنه لو كان أعجميا لانصرف ، لأنه على ثلاثة أحرف ، وياء التصغير لا يعتد بها ، ولأنه عند كل النحويين «عزير» مشتق من قوله «وَ تُعَزِّرُوهُ» 48 : 9 32 - يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ «إلا أن يتم» : إنما دخلت «إلا» لأن «يأبى» فيه معنى المنع ، والمنع من باب النفي ، فدخلت «إلا»

(1/1509)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 193
«للإيجاب وفى الكلام حذف تقديره : ويأبى اللّه كل شىء يريدونه من كفر إلا أن يتم نوره ، ف «إن» فى موضع نصب على الاستثناء.
34 - يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيراً مِنَ الْأَحْبارِ وَالرُّهْبانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ «و لا ينفقونها» : الهاء ، تعود على «الكنوز» ، ودل عليه قوله «يكنزون».
وقيل : تعود على «الأموال» لأن الذهب والفضة : أموال.
وقيل : تعود على «الفضة» ، وحذف ما يعود على الذهب لدلالة الثاني عليه.
وقيل : تعود على «الذهب» لأنه يؤنث ويذكر.
وقيل : تعود على «النفقة» ودل على ذلك «ينفقون».
وقيل : إنها تعود على الذهب والفضة ، بمعنى : «و لا ينفقونهما» ، ولكن اكتفى برجوعها على «الفضة» من رجوعها على «الذهب» كما تقول العرب : أخوك وأبوك رأيته يريدون : رأيتهما.
والهاء ان فى قوله : «عليها» ، و«بها» : تحتمل كل واحدة منهما الوجوه التي فى الهاء فى «ينفقونها» المذكورة.
36 - إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ مِنْها أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَما يُقاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ «كافة» : مصدر فى موضع الحال ، بمنزلة قولك : عافاك اللّه عافية ، ورأيتهم عامة وخاصة.
«كتاب» : مصدر عامل فى «يوم» ، ولا يجوز أن يكون «كتاب» هنا ، يعنى به الذكر ولا غيره من الكتب ، لأنه يمتنع حينئذ أن يعمل فى «يوم» لأن الأسماء التي تدل على الأعيان لا تعمل فى الظروف إذ ليس فيها من معنى الفعل شىء ، فأما «فى» فهى متعلقة بمحذوف هو صفة ل «اثنى عشر» ، الذي هو خبر ، كأنه قال : إن عدة الشهور عند اللّه اثنا عشر شهرا مثبتة فى كتاب اللّه يوم خلق ولا يحسن أن يتعلق «فى» ب «عدة» ، لأنك تفرق بين الصلة والموصول بالخبر ، وهو : اثنا عشر.

(1/1510)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 194
40 - إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ «ثانى اثنين» : ثانى ، نصب على الحال من الهاء فى «أخرجه» ، وهو يعود على النبي - عليه السلام - تقديره : إذ أخرجه الذين كفروا منفردا من جميع الناس إلا أبا بكر ، ومعناه : أحد اثنين.
و قيل : هو حال من مضمر محذوف تقديره : فخرج ثانى اثنين ، والهاء فى «عليه» : تعود على أبى بكر رضى اللّه عنه لأن النبي - صلى اللّه عليه وسلم - قد علم أنه لا يضره شىء ، إذ كان خروجه بأمر اللّه - عز وجل - له.
وأما قوله «فأنزل اللّه سكينته على رسوله» ، والسكينة على الرسل نزلت يوم حنين ، لأنه خاف على المسلمين ولم يخف على نفسه ، فنزلت عليه السكينة من أجل المؤمنين ، لا من أجل خوفه على نفسه.
«و كلمة اللّه هى العليا» : كل القراء على رفع «كلمة» على الابتداء ، وهو وجه الكلام.
وقد قرأ الحسن ويعقوب الحضرمي بالنصب فى «كلمة» الثانية ب «جعل» ، وفيه بعد من المعنى ومن الإعراب.
أما المعنى : فإن «كلمة اللّه» لم تزل عالية ، فبعد نصبها ب «جعل» ، لما فى هذا من أنها صارت عليا وحدث ذلك فيها ، ولا يلزم ذلك فى «كلمة الذين كفروا» لأنها لم تزل مجعولة كذلك سفلى بكفرهم.
وأما امتناعه من الإعراب ، فإنه يلزم ألا يظهر الاسم ، وأن يقال : وكلمته هى العليا ، وإنما جاز إظهار الاسم فى مثل هذا فى الشعر وقد أجازه قوم فى الشعر وغيره ، وفيه نظر ، لقوله تعالى : (وَ أَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقالَها) 99 : 2 41 - انْفِرُوا خِفافاً وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ...
«خفافا وثقالا» : نصب على الحال من الضمير فى «انفروا» أي : انفروا رجالا وركبانا.
وقيل : معناه : شبابا وشيوخا.
44 - لا يَسْتَأْذِنُكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُجاهِدُوا ...
«أن يجاهدوا» : أن ، فى موضع نصب على حذف «فى» أي : فى أن يجاهدوا.

(1/1511)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 195
و قيل : تقديره : كراهية أن يجاهدوا.
47 - لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ ما زادُوكُمْ إِلَّا خَبالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ «يبغونكم» : فى موضع الحال من المضمر فى «و لأوضعوا» ، و«خلالكم» : نصب على الظرف.
51 - قُلْ لَنْ يُصِيبَنا إِلَّا ما كَتَبَ اللَّهُ لَنا هُوَ مَوْلانا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «إلا ما كتب» : ما ، فى موضع رفع ب «يصيبنا».
53 - قُلْ أَنْفِقُوا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَنْ يُتَقَبَّلَ مِنْكُمْ إِنَّكُمْ كُنْتُمْ قَوْماً فاسِقِينَ «طوعا أو كرها» : مصدران فى موضع الحال أي : طائعين أو كارهين.
54 - وَما مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ ...
«أن تقبل» : أن ، فى موضع نصب ، و«أن» فى قوله «أنهم» فى موضع رفع ب «منع» لأنها فاعلة.
61 - وَمِنْهُمُ الَّذِينَ يُؤْذُونَ النَّبِيَّ وَيَقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ «قل أذن خير لكم» أي : هو مستمع ما يجب استماعه وقابل ما يجب قبوله. والمراد «بالأذن» : هو جملة صاحب الأذن ، وهو النبي عليه السلام أي : هو مستمع خير وصلاح ، لا مستمع شر وفساد.
«و رحمة» : من رفع عطفها على «أذن» أي : هو مستمع خير ، وهو رحمة للذين آمنوا ، فجعل النبي هو الرحمة ، لكثرة وقوعها به وعلى يديه.
وقيل : تقديره : هو ذو رحمة.
وقد قرأ حمزة بالخفض فى «رحمة» ، عطفها على «خير» أي : هو إذن رحمة أي : مستمع رحمة ، فكما أضاف «أذنا» إلى «الخير» أضافه إلى الرحمة لأن الرحمة من الخير ، والخير من الرحمة.
ولا يحسن عطف «رحمة» على «المؤمنين» لأن اللام فى «المؤمنين» زائدة وتقديره : ويؤمن للمؤمنين أي : يصدقهم.
و لا يحسن أن يصدق الرحمة إلا أن يجعل «الرحمة» هنا : القرآن ، فيجوز عطفها على «المؤمنين» وتنقطع مما قبلها.

(1/1512)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 196
و التفسير يدل على أنها متصلة ب «أذن خير لكم» لأن فى قراءة أبى وابن مسعود : «و رحمة لكم» بالخفض ، وكذلك قراءة الأعمش ، فهذا يدل على العطف على «الخير» ، وهو وجه الكلام.
62 - يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ إِنْ كانُوا مُؤْمِنِينَ مذهب سيبويه أن الجملة الأولى حذفت لدلالة الثانية عليها تقديره عنده : واللّه أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه فحذف «أن يرضوه» الأول ، لدلالة الثاني عليه ، فالهاء على قوله فى «يرضوه» تعود على الرسول عليه السلام.
وقال المبرد : لا حذف فى الكلام ، ولكن فيه تقديم وتأخير تقديره عنده : أحق أن يرضوه ورسوله فالهاء ، فى «يرضوه» ، على قول المبرد ، تعود على اللّه جل ذكره.
وقال الفراء : المعنى : ورسوله أحق أن يرضوه و«اللّه» : افتتاح كلام.
ويلزم المبرد من قوله أن يجوز : ما شاء اللّه وشئت ، بالواو ، لأنه يجعل الكلام جملة واحدة. ولا يلزم سيبويه ذلك لأنه يجعل الكلام جملتين فقول سيبويه هو المختار فى الآية. و«اللّه» مبتدأ ، و«أن يرضوه» : بدل ، و«أحق» : الخبر.
وإن شئت كان «اللّه» : مبتدأ ، و«أن يرضوه» : ابتداء ثان ، و«أحق» : خبره ، والجملة : خبر الأول.
ومثله (فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَوْهُ) الآية : 13 ، وقد مضى شرحه بأبين من هذا.
63 - أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ مَنْ يُحادِدِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِداً فِيها ذلِكَ الْخِزْيُ الْعَظِيمُ «فأنّ له نار جهنم» : مذهب سيبويه أن «أن» مبدلة من الأولى ، فى موضع نصب ب «تعلموا».
وقال الجرمي ، والمبرد : هى مؤكدة للأولى ، فى موضع نصب ب «تعلموا».
والفاء : زائدة ، على هذين القولين.
و يلزم فى القولين ، جواز البدل والتأكيد قبل تمام المؤكد ، فالقولان عند أهل النظر ناقصان لأن «أن» من قوله : «ألم يعلموا أنه» يتم الكلام قبل الفاء ، فكيف يبدل منها ويؤكد قبل تمامها وتمامها هو الشرط وجوابه ، لأن الشرط وجوابه خبر «أن» ، ولا يتم إلا بخبرها.

(1/1513)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 197
و قال الأخفش : هى فى موضع رفع لأن الفاء قطعت ما قبلها مما بعدها تقديره : فوجوب النار له.
وقال على بن سليمان : «أن» : خبر ابتداء محذوف تقديره : فالواجب أن له نار جهنم.
فالفاء فى هذين القولين : جواب الشرط ، والجملة خبر «أن».
وقال غيرهما : إن «أن» من ف «أن» مرفوعة بالاستقرار ، على إضمار مجرور بين الفاء و«أن» تقديره :
فله أن نار جهنم وهو قول الفارسي واختياره.
64 - يَحْذَرُ الْمُنافِقُونَ أَنْ تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِما فِي قُلُوبِهِمْ ...
«أن تنزّل» : أن ، فى موضع نصب ، على حذف حرف الجر ، تقديره : «من أن تنزل».
ويجوز على قياس قول الخليل وسيبويه ، أن يكون فى موضع خفض على زيادة «من» لأن حرف الجر قد كثر حذفه مع «أن» فعمل مضمرا ، ولا يجوز ذلك عندهما مع غير «أن» ، لكثرة حذفه مع «أن» خاصة 69 - كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوالًا وَأَوْلاداً فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلاقِهِمْ ...
«كالذين من قبلكم» : الكاف ، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، تقديره : وعدا كما وعد الذين من قبلكم.
«كما استمتع» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف ، تقديره : استمتاعا كاستمتاع الذين من قبلكم.
79 - الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ ...
«
و الذين لا يجدون» : الذين ، فى موضع خفض ، عطف على «المؤمنين» ، ولا يجوز عطفه على «المطوعين» ، لأنه لم يتم اسما بعد ، لأن «يسخرون» عطف على «يلمزون».
81 - فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلافَ رَسُولِ اللَّهِ ...
«خلاف رسول اللّه» : مفعول من أجله.
وقيل : هو مصدر.
87 - رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الْخَوالِفِ وَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ «الخوالف» : النساء ، واحدتها : خالفة ، ولا يجمع «فاعل» على ، فواعل ، إلا فى شعر ، أو قليل من

(1/1514)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 198
الكلام ، قالوا : فارس وفوارس وهالك وهوالك. وقد قالوا للرجل : خالفة وخالف ، إذا كان غير نجيب.
94 - يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُلْ لا تَعْتَذِرُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا اللَّهُ مِنْ أَخْبارِكُمْ وَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ ...
«نبأ» : بمعنى : أعلم ، وأصله أن يتعدى إلى ثلاثة مفعولين ، ويجوز أن يقتصر على واحد ولا يقتصر به على اثنين دون الثالث وكذلك لا يجوز أن تقدر زيادة «من» فى قوله «أخباركم» لأنك لو قدرت زيادتها لصار «نبأ» قد تعدى إلى مفعولين دون ثالث ، وذلك لا يجوز ، فإنما تعدى إلى مفعول واحد ، وهو تام تعدى بحرف جر ، ولو أضمرت مفعولا ثالثا لحسن تقدير زيادة «من» على مذهب الأخفش ، لأنه قد أجاز زيادة «من» فى الواجب ، ويكون التقدير : قد نبأنا اللّه أخباركم مشروحة.
98 - وَمِنَ الْأَعْرابِ مَنْ يَتَّخِذُ ما يُنْفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوائِرَ عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ من فتح السين فى «دائرة السوء» ، فمعناه : الفساد ، ومن ضمها فمعناه : الهزيمة والبلاء والضرر والمكروه.
و الدوائر : هو ما يحيط بالإنسان حتى لا يكون له منه مخلص ، وأضيفت إلى «السوء» على وجه التأكيد والبيان ، بمنزلة قولهم : شمس النهار ، ولو لم يذكر ت النهار» لعلم المعنى ، كذا لو لم يذكر «السوة» لعلم المعنى بلفظ «الدائرة» فقط.
101 - وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنَ الْأَعْرابِ مُنافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفاقِ لا تَعْلَمُهُمْ ...
«مردوا» : نعت لمبتدأ محذوف تقديره : ومن أهل المدينة قوم مردوا ، والمجرور خبر الابتداء ، و«لا تعلهم» : نعت أيضا للمحذوف.
103 - خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها ...
«تطهّرهم وتزكيهم» : حال من المضمر فى «خذ» ، وهو النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - والتاء فى أول الفعلين للخطاب.
ويجوز أن تكون «تطهرهم» نعتا للصدقة ، و«تزكيهم» حالا من المضمر ، فى «خذ» ، والتاء فى «تطهرهم» لتأنيث الصدقة لا للخطاب ، و«تزكيهم» للخطاب.

(1/1515)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 199
106 - وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ ...
«مرجون» : من همزه جعله من : أرجأت الأمر أي : أخرته ، ومن لم يهمزه جعله من «الرجاء». هذا قول المبرد.
وقيل : هو أيضا من التأخير ، يقال : أرجأت الأمر ، وأرجيته ، بمعنى : أخرته ، لغتان.
107 - وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِراراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصاداً لِمَنْ حارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنا إِلَّا الْحُسْنى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ «الذين» : رفع بالابتداء والخبر : «لا يزال بنيانهم» : الآية : 110 «ضرارا وكفرا وتفريقا وإرصادا» : كلها انتصبت على المصدر.
ويجوز أن تكون مفعولات من أجلها.
109 - أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللَّهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ ...
الهاء فى «بنيانه» ، فى قراءة من ضم أو فتح : تعود على «من» ، الذي هو صاحب البنيان.
والبنيان : مصدر : بنى ، حكى أبو زيد : بنيت بنيانا ، وبناء ، وبنية.
وقيل : البنيان : جمع بنيانة ، كثمرة وثمر.
«هار» : أصله : هائر.
وقال أبو حاتم : أصله : هاور ، ثم قلب فى القولين جميعا ، فصارت الواو والياء آخرا ، فتحذفهما للتنوين ، كما حذفت الواو من : غاز ، ورام ، وذلك فى الرفع والخفض.
وحكى الكسائي : تهور ، وتهير.
وحكى الأخفش : هرت تهار ، كخفت تخاف.
وأجاز النحويون أن تجرى «هار» على الحذف ، ويقدر المحذوف ، لكثرة استعماله مقلوبا ، فيصير كالصحيح ، تعرب الراء بوجوه الإعراب ، ولا يرد المحذوف فى النصب ، كما يفعل بغاز ورام ومن هذا جعله على وزن «فعل» ، كما قالوا : راح ، فرفعوا ، وهو مقلوب من «رائح» ، لكنهم لما كثر استعمالهم له مقلوبا جعلوه «فعلا» وأعربوه بوجوه الإعراب.

(1/1516)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 200
و يجوز عندهم أن يجرى على القياس ، كغاز ورام ، فيكون وزنه «فاعلا» ، ومقلوبا إلى «فالع» ، ثم «فعل» ، لأجل استثقال الحركة على حرف العلة ودخول التنوين ، كما أعلوا قولهم : قاض وغاز ، فى الرفع والخفض ، وصححوه فى النصب لخفة الفتح.
111 - إِنَّ اللَّهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْراةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ ...
«وعدا عليه حقا» : مصدران مؤكدان.
112 - التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ ...
«التّائبون» : رفع على إضمار مبتدأ أي : هم التائبون ، أو على الابتداء ، والخبر محذوف.
وقيل : الخبر قوله : «الآمرون» وما بعده.
117 - لَقَدْ تابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي ساعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ ما كادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «كاد» : فيها إضمار الحديث ، فلذلك ولى «كاد» : «يزيغ» ، و«القلوب» رفع ب «يزيغ».
وقيل : «القلوب» : رفع ب «كاد» ، و«يزيغ» ينوى به التأخير ، كما أجازوا ذلك فى «كان» فى مثل قوله (ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ) 7 : 126 ، وفى قوله (وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا) 72 : 4 وقال أبو حاتم : من قرأ «يزيغ» بالياء ، لم يرفع القلوب ب «كاد».
وقيل : إن فى «كاد» اسمها ، وهو ضمير الحرب ، أو الفريق ، أو القتيل لتقدم ذكر أصحاب النبي عليه السلام فيرتفع «القلوب» ب «يزيع».
والياء والتاء فى «يزيغ» سواء لأن : تذكير الجمع وتأنيثه ، جائز على معنى الجمع ، وعلى معنى الجماعة.
وإنما جاز الإضمار فى «كاد» ، وليست مما يدخل على الابتداء ، والخبر لأنها يلزم الإتيان لها بخبر أبدا فصارت كالداخل على الابتداء والخبر من الأفعال ، فجاز إضمار اسمها فيها ، وإضمار الحديث فيها ، ولا يجوز مثل ذلك فى «عسى» لأنها قد يستغنى عن الخبر إذا وقعت «أن» ، بعدها ، ولأن خبرها لا يكون إلا «أن» وما بعدها

(1/1517)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 201
و لا يقع «أن» بعد «كاد» خبرا لها إلا فى ضرورة شعر ، وكذلك لا تحذف «أن» بعد «عسى» إلا فى ضرورة شعر.
121 - وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً وَلا يَقْطَعُونَ وادِياً إِلَّا كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «واديا» : جمعه : أودية ، ولم يأت «فاعل وأفعلة» إلا فى هذا الموضع وحده.
128 - لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ ما عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ «ما» : فى موضع رفع ب «عزيز» ، و«عزيز» : نعت ل «رسول». ويجوز أن يكون «ما» مبتدأ ، و«عزيز» خبره والجملة : نعت ل «رسول». ويجوز أن يكون «عزيز» ، مبتدأ و«ما» : فاعله ، تسد مسد الخبر والجملة : نعت ل «رسول».
- 10 - سورة يونس
2 - أَكانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنا إِلى رَجُلٍ مِنْهُمْ أَنْ أَنْذِرِ النَّاسَ ...
اللام فى «للناس» متعلقة ب «عجب» ، ولا يتعلق ب «كان» ، لأنه فعل لا يدل على حدث ، إنما يدل على الزمان فقط ، فضعف فلا تتعلق به حروف الجر ومثله : (إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّءْيا تَعْبُرُونَ) 12 : 43 ، اللام فى «للرؤيا» متعلقة بمحذوف يدل على المحذوف «تعبرون» وفيه اختلاف.
و«عجبا» : خبر «كان» ، و«أن أوحينا» : اسم «كان» تقديره : أكان عجبا للناس وحينا إلى رجل منهم أن أنذر الناس.
4 - إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً وَعْدَ اللَّهِ حَقًّا ...
«مرجعكم» : ابتداء ، والخبر «إليه» ، و«جميعا» : انتصب على الحال من «الكاف والميم» فى «مرجعكم».
«وعد اللّه حقّا» : مصدران ، والعامل فى «وعد» : «مرجعكم» لأنه بمعنى : وعدكم وعدا.

(1/1518)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 202
و أجاز الفراء رفع «وعد» ، جعله خبرا ل «مرجعكم» ، وأجاز رفع «وعد» ، و«حق» على الابتداء والخبر ، وهو حسن ، ولم يقرأ به.
5 - هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً ...
«ضياء» : مفعول ثان ل «جعل» معناه : جعل الشمس ذات ضياء.
ومن قرأه بهمزتين ، وهى قراءة قنبل ، عن ابن كثير ، فهو على القلب قدّم الهمزة ، التي هى لام الفعل ، فى موضع الياء المنقلبة عن واو ، التي هى عن الفعل فصارت الياء بعد الألف والهمزة قبل الألف ، فأبدل من الياء همزة لوقوعها ، وهى أصلية ، بعد ألف زائدة ، كما قالوا : سقاء ، وأصله : سقاى ، لأنه من : سقا يسقى.
و يجوز أن تكون الياء لما نقلت بعد الألف رجعت إلى الواو ، الذي هو أصلها ، فأبدل منها همزة كما قالوا :
دعاء وأصله : دعاو لأنه من : دعا يدعو فيكون وزن «ضياء» ، على قراءة قنبل : فلاعا وأصلها : فعال.
9 - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ أصل «هدى» أن يتعدى بحرف جر وبغير حرف ، كما قال اللّه تعالى : (اهْدِنَا الصِّراطَ) 1 : 5 ، وقال :
(فَاهْدُوهُمْ إِلى صِراطِ الْجَحِيمِ) 37 : 23 11 - وَلَوْ يُعَجِّلُ اللَّهُ لِلنَّاسِ الشَّرَّ اسْتِعْجالَهُمْ بِالْخَيْرِ لَقُضِيَ إِلَيْهِمْ أَجَلُهُمْ ...
«استعجالهم» : مصدر تقديره : استعجالا مثل استعجالهم ، ثم أقام الصفة ، وهى : «مثل» مقام الموصوف ، وهو «الاستعجال» ، ثم أقام المضاف إليه ، وهو «استعجالهم» مقام المضاف ، وهو «مثل» هذا مذهب سيبويه.
وقيل : تقديره : فى استعجالهم ، فلما حذف حرف الجر نصب ، ويلزم من قدر حذف الجر منه أن يجيز : زيد الأسد ، ينصب «الأسد» على تقدير : كالأسد.
16 - قُلْ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْراكُمْ بِهِ ...
«و لا أدراكم» : روى أن الحسن قرأ بالهمز ، ولا أصل له فى الهمز لأنه إنما يقال : درأت ، إذا دفعت ، ودريت ، بمعنى : علمت وأدريت غيرى أي : أعلمته.

(1/1519)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 203
21 - وَإِذا أَذَقْنَا النَّاسَ رَحْمَةً مِنْ بَعْدِ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُمْ إِذا لَهُمْ مَكْرٌ فِي آياتِنا ...
«و إذا أذقنا» : فيها معنى الشرط ، ولا تعمل ولا تحتاج إلى جواب مجزوم إلا فى شعر ، فإنه قد يقدر فى الجواب الجزم فى الشعر ، فيعطف على معناه ، فيجزم المعطوف على الجواب ، كما قال :
إذا قصرت أسيافنا كان وصلها خطانا إلى أعدائنا فنضارب
فجزم «فنضارب» عطفا على موضع جواب «إذا» ، وهو «كان» وجوابها عند البصريين فى هذه الآية قوله «إذا لهم مكر» ، ف «إذا» جواب «إذا» تقديره عندهم : «مكروا» ، ومعناه : استهزءوا وكذبوا.
23 - فَلَمَّا أَنْجاهُمْ إِذا هُمْ يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّما بَغْيُكُمْ عَلى أَنْفُسِكُمْ مَتاعَ الْحَياةِ الدُّنْيا ثُمَّ إِلَيْنا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ من رفع «متاع» جعله خبرا للبغى ، والظرف ملغى ، وهو «على أنفسكم» ، و«على» : متعلقة بالبغي ، ولا ضمير فى «على أنفسكم» ، لأنه ليس بخبر للابتداء.
ويجوز أن يرفع «متاع» على إضمار مبتدأ أي : ذلك متاع ، أو : هو متاع ، فيكون «على أنفسكم» خبر «بغيكم» ، ويكون فيه ضمير يعود على المبتدأ ، و«على» : متعلقة بالاستقرار وبالثبات ، أو نحوه تقديره :
إنما بغيكم ثابت ، أو مستقر ، على أنفسكم ، هو متاع الحياة الدنيا.
فإذا جعلت «على أنفسكم» خبرا عن «البغي» كان معناه : إنما بغيكم راجع عليكم مثل قوله :
(وَ إِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) 172 : 8 وإن جعلت «متاعا» خبرا ل «البغي» كان معناه : إنما بغى بعضكم على بعض متاع الحياة الدنيا مثل قوله :
(فَسَلِّمُوا عَلى أَنْفُسِكُمْ) 24 : 61 وقد قرأ حفص عن عاصم «متاع الحياة» ، بالنصب ، جعل على «أنفسكم» متعلقا ب «بغيكم» ، ورفع «البغي» بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره : إنما بغيكم على أنفسكم لأجل متاع الحياة الدنيا مذموم أو منهى عنه أو مكروه ، ونحوه ، وحسن الحذف الطول الكلام.
و لا يحسن أن يكون «على أنفسكم» الخبر لأن «متاع الحياة» داخل فى الصلة ، فنفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء ، وذلك لا يجوز ، فلا بد من تقدير حرف الجر ، إلا أن تنصب «متاع الحياة» بإضمار فعل ، على تقدير : يمتعون متاع أو يبغون متاع فيجوز أن يكون «على أنفسكم» الخبر ، ثم نصب «متاع» ، جعله مفعولا من أجله تعدى إليه «البغي» ، واضمر الخبر على ما ذكرنا و«على» : متعلقة بالاستقرار ، أو نحوه ،

(1/1520)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 204
إذا جعلت «على أنفسكم» الخبر ، وفى المجرور ضمير يعود على المبتدأ.
ويجوز نصب «متاع» على المصدر المطلق تقديره : يمتعون متاع الحياة ، أو على إضمار فعل دل عليه البغي ، أو يبغون متاع الحياة الدنيا.
24 - إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها ...
«و أزينت» : أصله : تزينت ، ووزنه : تفعلت ، ثم أدغمت التاء فى الزاى ، فسكنت الأولى ، فدخلت ألف الوصل لأجل سكون أول الفعل وإنما سكن الأول عند الإدغام لأن كل حرف أدغمته فيما بعده فلا بد من إسكان الأول أبدا ، فلما أدغمت التاء فى الزاى سكنت التاء ، فاحتيج عند الابتداء إلى ألف وصل وله نظائر كثيرة فى القرآن.
وروى عن الحسن أنه قرأ : «و أزينت» ، على وزن «أفعلت» ، معناه : جاءت بالزينة ، لكنه كان يجب على مقاييس العربية أن يقال : وازانت ، فتقلب الياء ألفا ، لكن أتى به على الأصل ولم يعله ، كما أتى «استحوذ» على الأصل ، وكان القياس : استحاذ.
وقد قرىء : وازيانت ، مثل : احمارت وقرىء : وازاينت ، والأصل : تزاينت ، ثم أدغمت التاء فى الزاى ، على قياس ما تقدم ذكره فى قراءة الجماعة ، ودخلت ألف الوصل أيضا فيه فى الابتداء ، على قياس ما تقدم.
27 - وَالَّذِينَ كَسَبُوا السَّيِّئاتِ جَزاءُ سَيِّئَةٍ بِمِثْلِها وَتَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ عاصِمٍ كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ «مظلما» : حال من «الليل» ولا يكون نعتا ل «قطع» لأنه يجب أن يقال : مظلمة. فأما على قراءة الكسائي وابن كثير : «قطعا» ، بإسكان الطاء ، فيجوز أن يكون «مظلما» نعتا ل «قطع» ، بإسكان الطاء ، وأن يكون حالا من «الليل».
28 - وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا مَكانَكُمْ أَنْتُمْ وَشُرَكاؤُكُمْ فَزَيَّلْنا بَيْنَهُمْ وَقالَ شُرَكاؤُهُمْ ما كُنْتُمْ إِيَّانا تَعْبُدُونَ «فزيلنا» : فعلنا ، من : زلت الشيء عن الشيء ، فأنا أزيله ، إذا تحيته ، والتشديد للتكثير. ولا يجوز أن يكون «فعلنا» من : زال يزال لأنه يلزم فيه الواو ، فيقال : زولنا.
وحكى عن الفراء أنه قرأ «فزايلنا» من قولهم : لا أزايل فلانا ، أي : لا أفارقه. فأما قوله ، لا أزاوله ، فمعناه : أخاتله ومعنى «زايلنا» و«زيلنا» واحد.

(1/1521)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 205
29 - فَكَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنَنا وَبَيْنَكُمْ إِنْ كُنَّا عَنْ عِبادَتِكُمْ لَغافِلِينَ «شهيدا» : نصب على التمييز ، وهو عند أبى إسحاق : حال من «اللّه» جل ذكره ، و«باللّه» فى قوله «كفى باللّه» : فى موضع رفع ، وهو فاعل «كفى» ، تقديره : كفى اللّه شهيدا ، والباء زائدة ، معناها ملازمة الفعل لما بعده ، فاللّه لم يزل هو الكافي ، بمعنى : سيكفى ، لا يحول عن ذلك أبدا.
30 - هُنالِكَ تَبْلُوا كُلُّ نَفْسٍ ما أَسْلَفَتْ وَرُدُّوا إِلَى اللَّهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِّ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ «مولاهم» : بدل من «اللّه» ، أو نعت و«الحق» : نعت أيضا له.
ويجوز نصبه على المصدر ، ولم يقرأ به.
33 - كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لا يُؤْمِنُونَ «أن» : فى موضع نصب ، تقديره : بأنهم ، أو لأنهم فلما حذف الحرف تعدى الفعل فنصب الموضع.
و«أن» المفتوحة أبدا ، مشددة أو مخففة ، هى حرف على انفرادها ، وهى اسم مع ما بعدها ، لأنها وما بعدها مصدر يحكم عليها بوجه الإعراب على قدر العامل الذي قبلها.
ويجوز أن يكون فى موضع خفض بحرف الجر المحذوف ، وهو مذهب الخليل ، لما كثر حذفه مع «أن» :
إذ هو يعمل محذوفا عمله موجودا فى اللفظ.
وقيل : «أن» ، فى هذه الآية : فى موضع رفع على البدل من «كلمة» ، وهو قول حسن ، وهو بدل الشيء من الشيء ، وهو هو.
35 - قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لا يَهِدِّي إِلَّا أَنْ يُهْدى فَما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ «أ فمن يهدى إلى الحق أحق أن يتبع» : من ، رفع بالابتداء ، و«أحق» : الخبر ، وفى الكلام حذف تقديره : أحق ممن لا يهدى ، و«أن» : فى موضع نصب ، على تقدير حذف الخافض.
وإن شئت : جعلتها فى موضع رفع على البدل من «من» ، وهو بدل الاشتمال و«أحق» : الخبر.
وإن شئت جعلت «أن» مبتدأ ثانيا ، و«أحق» : خبرها. مقدم عليها ، والجملة خبر عن «من».

(1/1522)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 206
«فمالكم» : ما ، فى موضع رفع بالابتداء ، وهى استفهام معناه التوبيخ والتنبيه ، «و لكم» : الخبر والكلام تام على «لكم» والمعنى : أي شىء لكم فى عبادة الأصنام؟
37 - وَما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ ...
خبر «كان» مضمر تقديره : ولكن كان تصديق ، ففى «كان» اسمها. هذا مذهب الفراء والكسائي ، ويجوز عندهما الرفع على تقدير : ولكن هو تصديق.
44 - إِنَّ اللَّهَ لا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ الاختيار عند جماعة من النحويين إذا أتت «لكن» مع الواو أن تشدد ، وإذا كانت بغير واو قبلها أن تخفف.
قال الفراء : لأنها إذا كانت بغير واو قبلها أشبهت «بل» فخففت ، فتكون مثلها فى الاستدراك ، وإذا أتت الواو قبلها خالفت فشددت.
وأجاز الكوفيون إدخال اللام فى خبرها «كأن».
ومنعه البصريون لمخالفة معناها معنى «أن» ، فمن شددها أعملها فيما بعدها فنصبه بها لأنها من أخوات «أن» ، ومن خففها رفع ما بعدها على الابتداء وما بعدها خبره.
45 - وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ كَأَنْ لَمْ يَلْبَثُوا إِلَّا ساعَةً مِنَ النَّهارِ يَتَعارَفُونَ بَيْنَهُمْ ...
الكاف ، فى «كان» وما بعدها : فى موضع نصب صفة ل «يوم» وفى الكلام حذف ضمير يعود على الموصوف تقديره : كأن لم يلبثوا قبله ، فحذف «قبله» فصارت الهاء متصلة ب «لبثوا» فحذفت لطول الاسم ، كما تحذف من الصلات.
ويجوز أن يكون الكاف من «كان» فى موضع نصب ، صفة لمصدر محذوف ، تقديره : ويوم يحشرهم حشرا كأن لم يلبثوا قبله إلا ساعة.
ويجوز أن يكون ، «الكاف» فى موضع نصب على الحال من ، «الهاء والميم» ، فى «يحشرهم» ، والضمير فى «يلبثوا» راجع على صاحب الحال ، ولا حذف فى الكلام وتقديره : ويوم يحشرهم مشبهة أحوالهم أحوال من لم يلبث إلا ساعة ، والناصب ل «يوم» : «اذكر» مضمرة.

(1/1523)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 207
و يجوز أن يكون الناصب له : «يتعارفون».
50 - قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُهُ بَياتاً أَوْ نَهاراً ما ذا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُونَ «ما» : استفهام ، رفع بالابتداء ومعنى الاستفهام ، هنا : التهديد ، و«ذا» : خبر الابتداء ، بمعنى : الذي ، والهاء ، فى «منه» تعود على «العذاب».
وإن شئت جعلت «ما» و«ذا» اسما واحدا ، فى موضع رفع بالابتداء ، والخبر فى الجملة التي بعده. والهاء.
فى «منه» تعود على «اللّه» جل ذكره ، و«ما» و«ذا» اسما واحدا ، كانت فى موضع نصب ب «يستعجل» والمعنى : أي شىء يستعجل المجرمون من اللّه؟
53 - وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌّ وَما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ «أحق هو» : ابتداء وخبر ، فى موضع المفعول الثاني ل «يستنبئونك» ، إذا جعلته بمعنى : يستخبرونك.
فإن جعلته بمعنى «يستعلمونك» كان «أحق» هو ابتداء وخبر فى موضع المفعولين له لأن «أنبأ» إذا كان بمعنى : أعلم ، تعدى إلى ثلاثة مفعولين ، يجوز الاكتفاء بواحد ولا يجوز الاكتفاء باثنين دون الثالث.
وإذا كانت «أنبأ» بمعنى : أخبر ، تعدت إلى مفعولين ، لا يجوز الاكتفاء بواحد دون الثاني.
ونبّأ ، وأنبأ ، فى التعدي ، سواء.
61 - وَما تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَما تَتْلُوا مِنْهُ مِنْ قُرْآنٍ وَلا تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلَّا كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُوداً إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَما يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا فِي السَّماءِ وَلا أَصْغَرَ مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ «منه» : الهاء ، عند الفراء ، تعود على «الشأن» ، على تقدير حذف مضاف ، تقديره : وما تتلو من أجل الشأن أي : يحدث لك شأن فتتلو القرآن من أجله.
«و لا أصغر من ذلك ولا أكبر» : أصغر ، وأكبر ، فى قراءة من فتح ، فى موضع خفض ، عطف على لفظ «مثقال ذرة».
وقرأ حمزة بالرفع فيهما ، عطفهما على موضع «المثقال» لأنه فى موضع رفع ب «يعزب».
63 - الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ «الذين» : فى موضع نصب على البدل من اسم «إن» ، وهو «أولياء» الآية : 62 ، أو على : «أعنى».
ويجوز الرفع على البدل من الموضع ، وعلى النعت من الموضع ، أو على إضمار مبتدأ ، أو على الابتداء.

(1/1524)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 208
64 - هُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الْآخِرَةِ ...
«
لهم البشرى» : ابتداء وخبر ، فى موضع خبر «الذين» الآية : 63 66 - أَلا إِنَّ لِلَّهِ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَما يَتَّبِعُ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ شُرَكاءَ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ انتصب «شركاء» ب «يدعون» ، ومفعول «يتبع» قام مقام «إن يتبعون إلا الظن» لأنه هو ولا ينتصب «الشركاء» ب «يتبع» لأنك تنفى عنهم ذلك ، واللّه قد أخبر به عنهم.
ولو جعلت «ما» استفهاما ، بمعنى : الإنكار والتوبيخ ، كانت «ما» ، و«ذا» فى موضع نصب ب «يتبع».
وعلى القول الأول تكون «ما» حرفا نافيا.
71 - وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنْ كانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقامِي وَتَذْكِيرِي بِآياتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ ثُمَّ لا يَكُنْ أَمْرُكُمْ عَلَيْكُمْ غُمَّةً ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ «فأجمعوا» : كل القراء قرأ بالهمز وكسر الميم ، من قولهم : أجمعت على أمر كذا وكذا ، إذا ، عزمت عليه ، وأجمعت الأمر أيضا ، حسن بغير حرف جر ، كما قال اللّه جل ذكره : (إِذْ أَجْمَعُوا أَمْرَهُمْ) 12 : 102 ، فيكون نصب «الشركاء» على العطف على المعنى ، وهو قول المبرد.
وقال الزجاج : هو مفعول معه.
وقيل : «الشركاء» : عطف على «الأمر» لأن تقديره : فأجمعوا ذوى الأمر ، بغير حذف.
وقيل : انتصب «الشركاء» على عامل محذوف ، تقديره : وأجمعوا شركاءكم ، ودل «أجمع» على :
«جمع» لأنك تقول : جمعت الشركاء والقوم ، ولا تقول : أجمعت الشركاء ، إنما يقال : أجمعت ، فى الأمر خاصة ، فلذلك لم يحسن عطف «الشركاء» على «الأمر» إلا على المتقدم.
وقال الكسائي والفراء : تقديره : وادعوا شركاءكم ، وكذلك فى حرف أبى : «و ادعوا شركاءكم».
وقد روى الأصمعى ، عن نافع : «فاجمعوا أمركم» ، بوصل الألف وفتح الميم ، فيحسن على هذه القراءة :
عطف «الشركاء» على «الأمر» ، ويحسن أن تكون الواو بمعنى «مع».

(1/1525)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 209
و قد قرأ الحسن برفع «الشركاء» ، عطفا على المضمر المرفوع فى «فأجمعوا» ، وبه قرأ يعقوب الحضرمي وحسن ذلك للفصل الذي وقع بين المعطوف والمضمر ، كأنه قام مقام التأكيد ، وهو «أمركم».
74 - ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِ رُسُلًا إِلى قَوْمِهِمْ فَجاؤُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَما كانُوا لِيُؤْمِنُوا بِما كَذَّبُوا بِهِ مِنْ قَبْلُ كَذلِكَ نَطْبَعُ عَلى قُلُوبِ الْمُعْتَدِينَ الضمير فى «كذبوا» يعود على قوم نوح أي : فما كان قوم الرسل الذين بعثوا بعد نوح ليؤمنوا بما كذب قوم نوح ، بل كذبوا مثل تكذيب قوم نوح.
81 - فَلَمَّا أَلْقَوْا قالَ مُوسى ما جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ «ما جئتم به السحر» : ما ، مبتدأ ، بمعنى الذي ، و«جئتم به» : صلته ، و«السحر» : خبر الابتداء ، ويؤيد هذا أن فى حرف أبى : «ما جئتم به سحر» ، وكل ما ذكر من قراءة أبى وغيره ، مما يخالف المصحف ، فلا يقرأ به لمخالفة المصحف ، وإنما يذكر شاهدا لا ليقرأ به.
ويجوز أن يكون «ما» رفعا بالابتداء ، وهى استفهام ، و«جئتم به» : الخبر ، و«السحر» : خبر ابتداء محذوف أي : هو السحر.
ويجوز أن تكون «ما» فى موضع نصب على إضمار فعل بعد «ما» تقديره : أي شىء جئتم به ، و«السحر» :
خبر ابتداء محذوف ، ولا يجوز أن تكون «ما» بمعنى «الذي» فى موضع نصب لأن «ما» بعدها صلتها ، والصلة لا نعمل فى الموصول ، ولا تكون تفسيرا للعامل فى الموصول.
وقد قرأ أبو عمرو : «الساحر» ، بالمد ، فعلى هذه القراءة تكون «ما» استفهاما ، مبتدأ و«جئتم به» :
الخبر ، و«السحر» : خبر ابتداء ، محذوف أي : هو السحر.
ولا يجوز على هذه القراءة أن يكون «ما» بمعنى : الذي ، إذ لا خبر لها.
ولا يجوز أن يكون «ما» : فى موضع نصب ، على ما تقدم.
و يجوز أن يرفع «السحر» على البدل من «ما» ، وخبره خبر المبدل منه ، ولذلك جاء الاستفهام ، إذ هو بدل من استفهام ، ليستوى البدل والمبدل منه فى لفظ الاستفهام ، كما تقول : كم مالك أعشرون أم ثلاثون؟ فتجعل «أ عشرون» بدلا من «كم» ، وتدخل ألف الاستفهام على «عشرين» لأن المبدل منه ، وهو «كم» ، استفهام.
ومعنى الاستفهام فى الآية التقرير والتوبيخ ، وليس هو باستخبار ، لأن موسى - صلى اللّه عليه وسلم - قد علم أنه سحر ، فإنما يخبرهم بما فعلوا ، ولم يستخبرهم عن شىء لم يعلمه.

(1/1526)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 210
و فيه أيضا معنى التحقير لما جاءوا به.
وأجاز الفراء نصب «السحر» ، يجعل «ما» شرطا ، وينصب «السحر» على المصدر ، ويضمر الفاء مع «إن اللّه سيبطله» ويجعل الألف واللام فى «السحر» زائدتين وذلك كله بعيد.
وقد أجاز على بن سليمان : حذف الفاء من جواب الشرط فى الكلام ، واستدل على جوازه بقوله تعالى :
وَ ما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ) 42 : 30 ، ولم يجزه غيره إلا فى ضرورة شعر.
83 - فَما آمَنَ لِمُوسى إِلَّا ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعالٍ فِي الْأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الْمُسْرِفِينَ إنما جمع الضمير فى «ملئهم» ، لأنه إخبار عن جبار ، والجبار يخبر عنه بلفظ الجمع.
وقيل : لما ذكر فرعون علم أن معه غيره ، فرجع الضمير عليه وعلى من معه.
وقيل : الضمير راجع على آل فرعون ، وفى الكلام حذف والتقدير : على خوف من آل فرعون وملئهم ، فالضمير يعود على الأول.
وقال الأخفش : الضمير ، يعود على «الذرية» المتقدم ذكرها.
وقيل : الضمير ، يعود على «القوم» المتقدم ذكرهم.
«أن يفتنهم» : أن ، فى موضع خفض بدل من «فرعون» ، وهو بدل الاشتمال.
88 - وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالًا فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ «فلا يؤمنوا» : عطف على «ليضلوا» ، فى موضع نصب ، عند المبرد والزجاج.
وقال الأخفش ، والفراء : هو منصوب ، جواب للدعاء.
وقال الكسائي ، وأبو عبيدة : هو فى موضع جزم ، لأنه دعاء عليهم.
92 - فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَن ْ خَلْفَكَ آيَةً ...
«ننجيّك» : قيل : هو من النجاء : أي : نخلصك من البحر ميتا ليراك بنو إسرائيل.
وقيل : معناه : نلقيك على نجوة من الأرض.

(1/1527)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 211
و قوله «ببدنك» أي : بدرعك التي تعرف بها ليراك بنو إسرائيل.
وقيل : معناه : بجثتك لا روح فيك ، ليراك بنو إسرائيل.
98 - فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَها إِيمانُها إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ ...
انتصب «قوم» على الاستثناء ، الذي هو غير منقطع ، على أن يضمر فى أول الكلام حذف مضاف تقديره :
فلو لا كان أهل قرية آمنوا.
ويجوز الرفع ، على أن يجعل «إلا» بمعنى : غير ، صفة للأهل المحذوفين فى المعنى ، ثم يعرب ما بعد «إلا» بمثل إعراب «غير» ، لو ظهرت فى موضعه.
وأجاز الفراء الرفع على البدل ، كما قال :
و بلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
فأبدل من «أنيس» ، والثاني من غير الجنس ، وهى لغة تميم ، يبدلون وإن كان الثاني ليس من جنس الأول.
وأهل الحجاز ينصبون إذا اختلف ، وإذا كان الكلام منفيا.
«يونس» : وقد روى عن الأعمش وعاصم أنهما قرآ بكسر النون والسين ، جعلاه فعلا مستقبلا ، من :
آنس ، سمى به ، فلم ينصرف للتعريف والوزن المختص به الفعل.
قال أبو حاتم : يجب أن يهمز ، ويترك الهمز جاء وهو حسن.
و قد حكى أبو زيد فتح النون والسين ، على أنه فعل مستقبل لم يسم فاعله ، سمى به أيضا.
- 11 - سورة هود
إذا جعلت «هودا» اسما للسورة ، فقلت : هذه هود ، لم ينصرف عند سيبويه والخليل ، كامرأة سميتها بزيد ، أو بعمر وأجاز عيسى صرفه لخفته ، كما تصرف «هند» اسم امرأة ، فإن قدرت حذف مضاف مع «هود» صرفته ، تريد : هده سورة هود.
11 - إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ كَبِيرٌ «الذين» : فى موضع نصب ، على الاستثناء المتصل.
قال الفراء : هو مستثنى من «الإنسان» لأنه بمعنى : الناس.

(1/1528)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 212
و قال الأخفش : هو استثناء منقطع.
16 - أُولئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ ما صَنَعُوا فِيها وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ «باطل» : رفع بالابتداء ، وما بعده خبره.
وقيل : الأجود عكس هذا التقدير ، فيكون «باطل» : خبر ، و«ما كانوا» : مبتدأ.
وفى حرف أبى وابن مسعود : «و باطلا» ، بالنصب ، جعلا «ما» زائدة ، ونصبا «باطلا» ب «يعملون» ، مثل (قَلِيلًا ما تَذَكَّرُونَ) 27 : 12 ، و«قَلِيلًا ما تُؤْمِنُونَ» 69 : 41 17 - أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إِماماً وَرَحْمَةً ...
«و يتلوه شاهد منه» : الهاء ، فى «يتلوه» : للقرآن فتكون الهاء على هذا القول فى «منه» :
للّه جل ذكره ، و«الشاهد» : الإنجيل أي : يتلو القرآن فى التقدم الإنجيل من عند اللّه ، فتكون «الهاء» فى «قبله» : للإنجيل أيضا.
وقيل : الهاء ، فى «يتلوه» : لمحمد عليه السلام فيكون «الشاهد» : لسانه ، والهاء ، فى «منه» :
لمحمد أيضا.
وقيل : للقرآن ، وكذلك الهاء ، فى «قبله» : لمحمد.
وقيل : الشاهد : جبريل عليه السلام والهاء فى «منه» ، على هذا القول : للّه ، وفى «من قبله» : لجبريل أيضا.
و قيل : الشاهد : إعجاز القرآن ، والهاء فى «منه» ، على هذا القول : للّه والهاء فى «يؤمنون به» :
لمحمد عليه السلام.
«إماما ورحمة» : نصب على الحال من «كتاب موسى».
20 - أُولئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَما كانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ يُضاعَفُ لَهُمُ الْعَذابُ ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَما كانُوا يُبْصِرُونَ «ما كانوا يستطيعون السّمع» : ما ، ظرف ، فى موضع نصب ، معناها وما بعدها : أبدا :
و قيل : ما ، فى موضع نصب على حذف حرف الجر أي : بما كانوا ، كما يقال : جزيته ما فعل ، وبما فعل.
وقيل : ما ، نافية والمعنى : لا يستطيعون السمع لما قد سبق لهم.

(1/1529)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 213
و قيل : المعنى : لا يستطيعون أن يسمعوا من النبي ، لبغضهم له ولا يفقهوا حجة ، كما تقول : فلان لا يستطيع أن ينظر إلى فلان ، إذا كان يثقل عليه ذلك.
22 - لا جَرَمَ أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ «لا جرم» ، عند الخليل وسيبويه ، بمعنى : حقا ، فى موضع رفع بالابتداء. و«لا جرم» : كلمة واحدة بنيت على الفتح فى موضع رفع والخبر : «أنهم» ، ف «أن» فى موضع رفع عندهما.
وقيل ، عن الخليل : إنه قال : «أن» ، فى موضع رفع ب «جرم» بمعنى : بد ، فمعناه : لا بد ، ولا محالة.
قال الخليل : جىء ب «لا» ليعلم أن المخاطب لم يبتدىء كلامه ، وإنما خاطب من خاطبه.
وقال الزجاج : «لا» : نفى لما ظنوا أنه ينفعهم.
وأصل معنى «جرم» : كسب ، من قولهم. فلان جارم أهله أي : كاسبهم ومنه سمى الذنب : جرما لأنه اكتسب.
فكان المعنى عندهم : لا ينفعهم ذلك ثم ابتدأ فقال : جرم أنهم فى الآخرة هم الأخسرون أي : كسب ذلك الفعل لهم الخسران فى الآخرة ، ف «أن» من «أنهم» ، على هذا القول : فى موضع نصب ب «جرم».
وقال الكسائي : معناه : لا صد ولا منع عن أنهم فى الآخرة ، ف «أن» فى موضع نصب على قوله أيضا ، بحذف حرف الجر.
27 - فَقالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ ما نَراكَ إِلَّا بَشَراً مِثْلَنا وَما نَراكَ اتَّبَعَكَ إِلَّا الَّذِينَ هُمْ أَراذِلُنا بادِيَ الرَّأْيِ وَما نَرى لَكُمْ عَلَيْنا مِنْ فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كاذِبِينَ انتصب «بادى» على الظرف أي : فى بادى الرأى ، هذا على قراءة من لم يهمز.
ويجوز أن يكون مفعولا به حذف معه حرف الجر ، ومثله : (وَ اخْتارَ مُوسى قَوْمَهُ) 7 : 154 وإنما جاز أن يكون «فاعل» ظرفا ، كما جاز ذلك فى «فعيل» ، نحو : قريب ، و«فاعل» ، و«فعيل» يتعاقبان ، نحو : راحم ورحيم ، وعالم وعليم وحسن ذلك فى «فاعل» لإضافته إلى الرأى ، والرأى يضاف إليه المصدر ، وينتصب المصدر معه على الظرف ، والعامل فى الظرف «اتبعك» ، فهو من : بدا يبدو ، إذا ظهر.
ويجوز فى قراءة من لم يهمز أن يكون من «الابتداء» ، ولكنه سهل الهمزة.

(1/1530)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 214
و من قرأه بالهمز ، أو قدر فى الألف أنها بدل من همزة ، فهو أيضا نصب على الظرف والعامل فيه أيضا «اتبع» والتقدير : عند من جعله من «بدا يبدو» : وما اتبعك يا نوح إلا الأراذل فيما ظهر لنا من الرأى كأنهم قطعوا عليه فى أول ما ظهر لهم من رأيهم لم يتعقبون بنظر ، إنما قالوا بما ظهر لهم من غير يقين.
والتقدير ، عند من جعله من «الابتداء» فهمز : ما اتبعك يا نوح إلا أراذل فى أول الأمر أي : ما نراك فى أول الأمر اتبعك إلا الأراذل.
وجاز تأخر الظرف بعد «إلا» وما بعدها من الفاعل ثم صلته ، لأن الظروف يتسع فيها ما لا يتسع فى المفعولات فلو قلت فى الكلام : ما أعطيت أحدا إلا زيدا درهما ، فأوقعت اسمين مفعولين بعد «إلا» لم يجز لأن الفعل لا يصل ب «إلا» إلى اسمين ، إنما يصل إلى اسم واحد ، كسائر الحروف ألا ترى أنك لو قلت :
مررت بزيد عمرو ، فتوصل الفعل إليهما بحرف واحد ، ولم يجز ، فأما قولهم : ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا فإنما جاز لأن «بعضهم» بدل من «القوم» ، فلم يصل الفعل بعد «إلا» إلا إلى اسم واحد.
28 - قالَ يا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَآتانِي رَحْمَةً مِنْ عِنْدِهِ فَعُمِّيَتْ عَلَيْكُمْ أَنُلْزِمُكُمُوها وَأَنْتُمْ لَها كارِهُونَ «فعمّيت عليكم» : من خففه من القراء حمله على معنى : فعميتم على الأخبار التي تأتيكم ، وهى الرحمة ، فلم تؤمنوا بها ، ولم تعم الأخبار نفسها عنهم إنما عموا هم عنها ، فهو من المقلوب ، كقولهم : أدخلت القلنسوة فى رأسى ، وأدخلت القبر زيدا ، فقلب جميع هذا فى ظاهر اللفظ لأن المعنى لا يشكل ومثله قوله تعالى (فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) 14 : 47 وقيل : معنى «فعميت» ، لمن قرأ بالتخفيف : فخفيت فيكون غير مقلوب على هذا ، وتكون الأخبار التي أنت من عند اللّه خفى فهمها عليهم ، لقلة مبالاتهم بها وكثرة إعراضهم عنها.
فأما معناه ، على قراءة حفص وحمزة والكسائي ، الذين قرءوا بالتشديد والضم على ما لم يسم فاعله : فليس فيه قلب ، ولكن اللّه عماها عليهم لما أراد بهم من الشقوة ، يفعل ما يشاء سبحانه ، وهى راجعة إلى القراءة الأولى ، لأنهم لم يعموا عنها حتى عماها اللّه عليهم.
وقد قرأ أبى ، وهى قراءة الأعمش : «فعماها عليكم» أي : عماها اللّه عليكم ، فهذا شاهد لمن ضم وشدد.

(1/1531)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 215
31 - وَلا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزائِنُ اللَّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْراً ...
«تزدرى أعينكم» : أصل «تزدرى» : تزترى ، فالدال مبدلة من تاء لأن الدال حرف مجهور.
مقرن بالزاي لأنها مجهورة أيضا ، والتاء مهموسة فقاربت الزاى ، وحسن البدل لقرب المخرجين والتقدير :
تزدريهم أعينكم ، ثم حذف «الإضمار» لطول الاسم.
32 - قالُوا يا نُوحُ قَدْ جادَلْتَنا فَأَكْثَرْتَ جِدالَنا ...
«نوح» : اسم النبي - صلّى اللّه عليه وسلّم - انصرف لأنه أعجمى خفيف.
وقيل : هو عربى من : «ناح ينوح».
وقد قال بعض المفسرين : إنما سمى «نوحا» لكثرة نوحه على نفسه.
36 - وَأُوحِيَ إِلى نُوحٍ أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ فَلا تَبْتَئِسْ بِما كانُوا يَفْعَلُونَ «من» : فى موضع رفع ب «يؤمن».
40 - حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَفارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَمَنْ آمَنَ وَما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ «و من آمن» : من ، فى موضع نصب على العطف على «اثنين» ، أو على «أهلك» و«من» فى قوله :
«إلا من سبق» فى موضع نصب على الاستثناء من «الأهل».
41 - وَقالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَمُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ «مجراها» : فى موضع رفع على الابتداء ، و«مرساها» : عطف عليه ، والخبر : «بسم اللّه» والتقدير :
بسم اللّه إجراؤها وإرساؤها.
ويجوز أن يرتفعا بالظرف لأنه متعلق بما قبله ، وهو «اركبوا».
ويجوز أن يكون «مجراها» ، فى موضع نصب على الظرف على تقدير حذف ظرف مضاف إلى «مجراها» ، بمنزلة قولك : آتيك مقدم الحاج أي : وقت مقدم الحاج فيكون التقدير : بسم اللّه وقت إجرائها وإرسائها.
وقيل : تقديره فى النصب : بسم اللّه فى موضع إجرائها ، ثم حذف المضاف ، وفى التفسير ما يدل على نصبه على الظرف.

(1/1532)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 216
قال الضحاك : كأن يقول : وقت جريها : بسم اللّه ، فتجرى ، ووقت إرسائها : بسم اللّه ، فترسى.
و الباء فى «بسم اللّه» متعلقة ب «اركبوا» ، والعامل فى «مجراها» إذا كان ظرفا ، معنى الظرف فى بسم اللّه ولا يعمل فيه «اركبوا» لأنه لم يرد : اركبوا فيها فى وقت الجري والرسو إنما المعنى : سموا اسم اللّه وقت الجري والرسو والتقدير : اركبوا الآن متبركين باسم اللّه فى وقت الجري والرسو.
وإذا رفعت «مجراها» بالابتداء وما قبله خبره ، كانت الجملة فى موضع الحال من الضمير فى «فيها» لأن فى الجملة عائدا يعود على الهاء ، فى «فيها» ، وهو الهاء لأنهما جميعا للسفينة ، ويكون العامل فى الجملة ، التي هى حال ، «ها» فى «فيها» ، ولا يجوز أن تتعلق الباء ب «اركبوا» ، مع كونها فى موضع الحال المقدرة : متبركين باسم اللّه ، مع كون مجراها ومرساها بسم اللّه.
والذي ذكره سهو ، لأن كل جار ومجرور وقع حالا إنما يتعلق بمحذوف ، كما أنهما كذلك إذا أوقعا صفة وخبرا قد يصح تعلق الباء فى «بسم اللّه» بنفس «اركبوا» ، كما ذكر ، لما يثبت من معنى الفعل ، ولا يحسن أن تكون هذه الجملة فى موضع الحال من المضمر فى «بسم اللّه» ، إن جعلته خبرا ل «مجراها» ، فإنما يعود على المبتدأ ، وهو «مجراها» ، وإن رفعت «مجراها» بالظرف لم يكن فيه ضمير ، والهاء فى «مجراها» إنما تعود على «الهاء» فى «فيها».
فإذا نصبت «مجراها» على الظرف عمل فيه «بسم اللّه» ، فكانت الجملة فى موضع الحال من المضمر فى «اركبوا» ، على تقدير قولك : خرج بثيابه ، وركب بسلاحه ومنه قوله : «وَ قَدْ دَخَلُوا بِالْكُفْرِ وَهُمْ قَدْ خَرَجُوا بِهِ» 5 : 61 ، فقولك : بثيابه ، وبسلاحه ، وبالكفر ، وبه ، كلها فى موضع الحال فكذلك «بسم اللّه مجراها» فى موضع الحال من المضمر فى «اركبوا» ، إذا نصبت «مجراها» على الظرف تقديره : اركبوا فيها متبركين باسم اللّه فى وقت الجري والرسو فيكون فى «بسم اللّه» ضمير يعود على المضمر فى «اركبوا» ، وهو ضمير المأمورين ، فتصح الحال منهم لأجل الضمير الذي يعود عليهم ، ولا يحسن على هذا التقدير أن تكون الجملة فى موضع نصب على الحال ، إنما هو ظرف ملغى وإذا كان ملغى لم يعتد بالضمير المتصل به ، وإنما يكون «مجراها» من جملة الحال ، لو رفعته بالابتداء.
ولو أنك جعلت الجملة فى موضع الحال من الهاء فى «فيها» ، على أن تنصب «مجراها» على الظرف ، لصار التقدير : اركبوا فيها متبركة باسم اللّه فى وقت الجري ، وليس المعنى على ذلك لأنه لا يدعى على السفينة بالتبرك ، إنما التبرك لركابها.

(1/1533)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 217
و لو جعلت «مجراها» و«مرساها» فى موضع اسم فاعل ، لكانت حالا مقدرة ، ولجاز ذلك ، ولجعلتها فى موضع نصب على الحال من «اسم اللّه» ، وإنما كانت ظرفا فيما تقدم من الكلام ، على أن تجعل «مجراها» فى موضع اسم فاعل.
فأما إن جعلت «مجراها» بمعنى : جارية و«مرساها» بمعنى : راسية ، فكونه حالا مقدرة حسنا.
فأما من فتح الميم وضمها فى «مجراها» :
فمن فتح ، أجرى الكلام على : جرت مجرى ، ومن ضم ، أجراه على : أجراها اللّه مجرى.
وقد قرأ عاصم الجحدري «مجريها ومرسيها» ، بالياء ، جعلهما نعتا للّه جل ذكره.
ويجوز أن يكونا فى موضع رفع على إضمار مبتدأ أي : هو مجريها ومرسيها.
42 - وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَنادى نُوحٌ ابْنَهُ وَكانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَلا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ «معزل» : من كسر الزاى ، جعله اسما للمكان ، ومن فتح فعلى المصدر.
«يا بنى» : الأصل فى «بنى» ثلاث ياءات : ياء التصغير ، وياء بعدها ، هى لام الفعل ، وياء بعد لام الفعل ، وهى ياء الإضافة ، فلذلك كسرت لام الفعل لأن حق ياء الإضافة فى المفردات أن يكسر ما قبلها أبدا ، فأدغمت ياء التصغير فى لام الفعل لأن حق ياء التصغير السكون ، والمثلان من غير حذف : المد واللين ، إذا اجتمعا ، وكان الأول ساكنا ، لم يكن بد من إدغامه فى الثاني ، وحذفت ياء الإضافة لأن الكسرة ، تدل عليها ، وحذفها فى النداء هو الأكثر فى كلام العرب لأنها حلت محل التنوين ، والتنوين فى المعارف لا يثبت فى النداء ، فوجب حذف ما هو مثل التنوين وما يقوم مقامه ، وهو ياء الإضافة ، وقوى حذفها فى مثل هذا اجتماع الأمثال المستقلة مع الكسر ، وهو ثقيل أيضا.
وقد قرأ عاصم بفتح الياء ، وذلك أنه أبدل من كسرة لام الفعل فتحة ، استثقالا لاجتماع الياءات مع الكسرة ، فانقلبت ياء الإضافة ألفا ، ثم حذفت الألف كما تحذف ياء ، فبقيت الفتحة على حالها ، وقوى حذف الألف لأنها عوض مما تحذف فى النداء ، وهو ياء الإضافة.
وقد قرأ ابن كثير فى غير هذا الموضع فى لقمان» 13 ، 16 ، 17 ، بإسكان الياء والتخفيف : وذلك أنه حذف ياء الإضافة للنداء ، فبقيت ياء مكسورة مشددة ، والكسرة كياء ، فاستثقل ذلك فحذف لام الفعل ، فبقيت ياء التصغير ساكنة.

(1/1534)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 218
43 - قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ العامل فى «اليوم» هو : «من أمر اللّه» تقديره : لا عاصم من أمر اللّه ، و«لا عاصم» : فى موضع رفع بالابتداء ، و«من أمر اللّه» : الخبر ، و«من» : متعلقة بمحذوف تقديره : لا عاصم مانع من أمر اللّه اليوم.
ويجوز أن يكون «من أمر اللّه» صفة ل «عاصم» ، ويعمل فى «اليوم» ، وتضمر خبرا ل «عاصم».
ولا يجوز أن يتعلق «من» ب «عاصم» ، ولا ينصب «اليوم» ب «عاصم» ، لأنه يلزم أن ينون «عاصما» ، ولا يبنى على الفتح لأنه يصير ما تعلق به وما عمل فيه من تمامه ، ونظيره : (لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ) 12 : 92 «إلّا من رحم» : من ، فى موضع نصب على الاستثناء المنقطع ، و«عاصم» على بابه تقديره : لا أحد يمنع من أمر اللّه لكن من رحم اللّه فإنه معصوم.
وقيل : «من» : فى موضع رفع ، على البدل من موضع «عاصم» ، وذلك على تقديرين :
أحدهما : أن يكون «عاصم» على بابه فيكون التقدير : لا يعصم اليوم من أمر اللّه إلا اللّه.
وقيل : إلا الراحم ، والراحم ، هو اللّه جل ذكره.
والتقدير الثاني : أن يكون «عاصم» بمعنى : معصوم فيكون التقدير : لا معصوم من أمر اللّه اليوم إلا المرحوم.
46 - قالَ يا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صالِحٍ فَلا تَسْئَلْنِ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجاهِلِينَ «إنه عمل غير صالح» : الهاء ، تعود على «السؤال» أي : إن سؤالك إياى أن أنجى كافرا عمل غير صالح.
وقيل : هو من قول نوح لابنه ، وذلك أنه قال له «اركب معنا ولا تكن مع الكافرين» : إن كونك مع الكافرين عمل غير صالح فيكون هذا من قول نوح لابنه ، متصلا بما قبله.
و قيل : الهاء فى «أنه» تعود على ابن نوح ، وفى الكلام حذف مضاف تقديره : إن ابنك ذو عمل غير صالح.

(1/1535)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 219
فأما «الهاء» فى قراءة الكسائي ، فهى راجعة على «الابن» ، بلا اختلاف لأنه قرأ «عمل» بكسر الميم وفتح اللام ، ونصب «غيرا».
50 - وَإِلى عادٍ أَخاهُمْ هُوداً قالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنْتُمْ إِلَّا مُفْتَرُونَ يجوز رفع «غيره» على النعت أو البدل ، من موضع «إله».
ويجوز الخفض على النعت أو البدل من لفظ «إله» ، وقد قرىء بهما.
ويجوز النصب على الاستثناء.
52 - وَيا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً ...
«مدرارا» : حال من «السماء» ، وأصله الهاء ، والعرب تحذف الهاء من «مفعال» على طريق النسب.
64 - وَيا قَوْمِ هذِهِ ناقَةُ اللَّهِ لَكُمْ آيَةً ...
«آية» : نصب على الحال من «الناقة».
66 - فَلَمَّا جاءَ أَمْرُنا نَجَّيْنا صالِحاً وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَمِنْ خِزْيِ يَوْمِئِذٍ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ «يومئذ» : من فتح الميم من «يوم» ، فذلك لإضافته إلى غير متمكن ، وهو «إذ».
ومن كسر الميم أعرب وخفض لإضافته «الخزي» إلى «اليوم» ، فلم يبنه.
67 - وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ إنما حذفت التاء من «أخذ» لأنه قد فرق بين المؤنث ، وهو الصيحة ، وبين فعله ، وهو «أخذ» بقوله الذين ظلموا» ، وهو مفعول «أخذ» ، فقامت التفرقة مقام التأنيث. وقد قال فى آخر السورة فى قصة شعيب وأخذت» الآية : 84 ، فجرى التأنيث على الأصل ولم يعتد بالتفرقة.
وقيل : إنما حذفت التاء ، لأن تأنيث «الصيحة» غير حقيقى ، إذ ليس لها ذكر من لفظها.
و قيل : إنما حذف التاء ، لأنه حمل على معنى الصياح ، إذ الصيحة والصياح ، بمعنى واحد ، وكذلك العلة كل ما شابهه.

(1/1536)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 220
69 - وَلَقَدْ جاءَتْ رُسُلُنا إِبْراهِيمَ بِالْبُشْرى قالُوا سَلاماً قالَ سَلامٌ فَما لَبِثَ أَنْ جاءَ بِعِجْلٍ حَنِيذٍ «سلاما» : انتصب على المصدر.
وقيل : هو منصوب ب «قالوا ، كما تقول : قلت خيرا لأنه لم يحك قولهم ، وإنما «السلام» بمعنى : قولهم فأعمل فيه ، كما تقول : قلت حقا ، لمن سمعته يقول : لا إله إلا اللّه ، فلم تذكر ما قال ، إنما جئت بلفظ تحقق قوله ، فأعملت فيه القول ، وكذلك «سلام» فى الآية ، إنما هو معنى ما قالوا ، ليس هو لفظهم بعينه فيحكى.
ولو رفع ، لكان محكيا ، وكان قولهم بعينه.
فالنصب أبدا فى هذا وشبهه مع «القول» إنما هو معنى ما قالوا لا قولهم بعينه ، والرفع على أنه قولهم بعينه حكاه عنهم.
«سلام» : رفعه على الحكاية «لقولهم» ، وهو خبر ابتداء محذوف ، أو مبتدأ تقديره : قال : هو سلام ، أو : أمرى سلام ، أو : عليكم سلام ، فنصبها جميعا يجوز على ما تقدم ، ورفعهما جميعا يجوز على الحكاية والإضمار.
«فما لبث أن» : أن ، فى موضع نصب على تقدير حذف حرف تقديره : فما لبث عن أن جاء.
وأجاز الفراء أن يكون فى موضع رفع ب «لبث» ، تقديره عنده : فما لبث مجيئه أي : ما أبطأ مجيئه بعجل ، ففى «لبث» ، على القول الأول ، ضمير إبراهيم ، ولا ضمير فيه على القول الثاني.
وقيل : «ما» بمعنى «الذي» ، وفى الكلام حذف مضاف تقديره : فالذى لبث إبراهيم قدر مجيئه بعجل أراد أن يبين فيه قدر إبطائه ففى «لبث» ضمير الفاعل ، وهو إبراهيم ايضا.
71 - وَامْرَأَتُهُ قائِمَةٌ فَضَحِكَتْ فَبَشَّرْناها بِإِسْحاقَ وَمِنْ وَراءِ إِسْحاقَ يَعْقُوبَ ومن رفع «يعقوب» جعله مبتدأ ، وما قبله خبره ، والجملة ، فى موضع نصب على الحال المقدرة من المضمر المنصوب فى «بشرناها» ، فيكون «يعقوب» داخلا فى البشارة.
و يجوز رفع «يعقوب» على إضمار فعل ، تقديره : ويحدث من وراء إسحاق يعقوب فيكون «يعقوب» على هذا القول غير داخل فى البشارة.

(1/1537)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 221
و من نصب «يعقوب» جعله فى موضع خفض على إضمار العطف على إسحاق ، لكنه لم ينصرف للتعريف والعجمة ، وهو مذهب الكسائي.
وهو ضعيف عند سيبويه والأخفش إلا بإعادة الخافض ، لأنك فرقت بين الجار والمجرور بالظرف ، وحق المجرور أن يكون ملاصقا للجار ، والواو قامت مقام حرف الجر ، ألا ترى أنك لو قلت : مررت بزيد فى الدار وعمرو وحق الكلام : مررت بزيد وعمرو فى الدار ، وبشرناها بإسحاق ويعقوب من ورائه.
وقيل : «يعقوب» : منصوب محمول على موضع «و إسحاق» وفيه بعد أيضا ، للفصل بين حرف الجر والمعطوف بقوله «و من وراء إسحاق» ، كما كان فى الخفض و«يعقوب» فى هذين القولين داخل فى البشارة.
وقيل : هو منصوب بفعل مضمر دل عليه الكلام تقديره : من وراء إسحاق وهبنا لها يعقوب ، فلا يكون داخلا فى البشارة.
72 - قالَتْ يا وَيْلَتى أَأَلِدُ وَأَنَا عَجُوزٌ وَهذا بَعْلِي شَيْخاً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عَجِيبٌ انتصب «شيخ» على الحال من المشار إليه ، فالعامل فى الحال الإشارة والتنبيه ، ولا تجوز هذا الحال إلا إذا كان المخاطب يعرف صاحب الحال ، فتكون فائدة الإخبار فى الحال الإشارة ، فإن كان لا يعرف صاحب الحال صارت فائدة الإخبار إنما هى فى معرفة صاحب الحال ، ولا يجوز أن تقع له الحال ، لأنه يصير المعنى : إنه فلان فى حال دون حال ، ولو قلت : هذا زيد قائما ، لمن لم يعرف زيدا ، لم يجز لأنك تخبر أن المشار إليه هو «زيد» فى حال قيامه ، فإن زال عن القيام لم يكن «زيدا».
وإذا كان المخاطب يعرف «زيدا» بعينه ، فإنما أفدته وقوع الحال منه ، وإذا لم يكن يعرف عينه ، فإنما أفدته معرفة عينه ، فلا يقع منه حال ، لما ذكرنا.
و الرفع فى «شيخ» ، على أنه خبر مبتدأ محذوف أي : هذا بعلى هو شيخ أو «بعلى» بدل من المبتدأ ، و«شيخ» : خبر أو يكونا معا خبرين.
74 - فَلَمَّا ذَهَبَ عَنْ إِبْراهِيمَ الرَّوْعُ وَجاءَتْهُ الْبُشْرى يُجادِلُنا فِي قَوْمِ لُوطٍ مذهب الأخفش والكسائي أن «يجادلنا» فى موضع «جادلنا» ، لأن جواب «لما» يجب أن يكون ماضيا ، فجعل المستقبل مكانه ، كما كان جواب الشرط أن يكون مستقبلا فيجعل فى موضعه الماضي.
وقيل : المعنى : أقبل يجادلنا ، فهو حال من إبراهيم عليه السلام.

(1/1538)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 222
78 - وَجاءَهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِنْ قَبْلُ كانُوا يَعْمَلُونَ السَّيِّئاتِ قالَ يا قَوْمِ هؤُلاءِ بَناتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَلا تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيدٌ «هنّ أطهر لكم» : ابتداء وخبر ، لا يجوز عند البصريين غيره.
وقد روى أن عيسى بن عمر قرأ «أطهر» ، نصب «أطهر» على الحال ، وجعل «هن» فاصلة ، وهو بعيد ضعيف.
«ضيفى» : أصله المصدر ، فلذلك لا يثنى ولا يجمع.
81 - قالُوا يا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّكَ لَنْ يَصِلُوا إِلَيْكَ فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِنَ اللَّيْلِ وَلا يَلْتَفِتْ مِنْكُمْ أَحَدٌ إِلَّا امْرَأَتَكَ إِنَّهُ مُصِيبُها ما أَصابَهُمْ إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ «إلّا امرأتك» : قرأه ابن كثير وأبو عمرو : بالرفع ، على البدل من «أحد» ، وأنكر أبو عبيد الرفع على البدل ، وقال : يجب على هذا أن يرفع ب «يلتفت» ، ويجعل «لا» للنفى لأنه يصير المعنى ، إذا أبدلت «المرأة» من «أحد» ، وجزمت «يلتفت» على النهى : أن المرأة أباح لها الالتفات وذلك لا يجوز ولا يصح فيه البدل إلا برفع «يلتفت» ، ولم يقرأ به أحد.
و قال المبرد : مجاز هذه القراءة ، أن المراد بالنهى المخاطب ، ولفظه لغيره ، كما تقول لخادمك : لا يخرج فلان فقط ، النهى لفلان ، ومعناه للمخاطب ، فمعناه : لا تدعه يخرج ، فكذلك معنى النهى إنما هو ل «لوط» : أي : لا تدعهم يلتفتون إلا امرأتك وكذلك قولك : لا يقم أحد إلا زيد معناه : انههم عن القيام إلا زيدا.
فأما النصب فى «امرأتك» فعلى الاستثناء ، لأنه نهى وليس بنفي ، ويجوز أن يكون مستثنى من قوله «فأسر بأهلك إلا امرأتك» ، ولا يجوز فى «المرأة» على هذا إلا النصب ، إذا جعلتها مسثناة من «الأهل» ، وإنما حسن الاستثناء بعد النهى لأنه كلام تام ، كما أن قولك : جاءنى القوم ، كلام تام ثم تقول : إلا زيدا ، فتستثنى وتنصب.
87 - قالُوا يا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ ما يَعْبُدُ آباؤُنا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوالِنا ما نَشؤُا إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ «أو أن نفعل فى أموالنا ما نشاء» : من قرأه بالنون فيهما ، عطفه على مفعول «نترك» ، وهو «ما» ولا يجوز عطفه على مفعول «تأمرنا» ، وهو «أن» لأن المعنى يتغير.

(1/1539)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 223
و من قرأ «ما تشاء» بالتاء ، كان «أو أن نفعل» معطوفا على مفعول «تأمرك» ، وهو «أن» ، بخلاف الوجه الأول.
89 - وَيا قَوْمِ لا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ ما أَصابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صالِحٍ وَما قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ «شقاقى» : معناه : مشاققتى ، وهو فى موضع رفع ب «يجرمنكم».
91 - قالُوا يا شُعَيْبُ ما نَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَراكَ فِينا ضَعِيفاً وَلَوْ لا رَهْطُكَ لَرَجَمْناكَ وَما أَنْتَ عَلَيْنا بِعَزِيزٍ «ضعيفا» : حال من الكاف فى «نراك» ، لأنه من رؤية العين.
93 - وَيا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ سَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَمَنْ هُوَ كاذِبٌ وَارْتَقِبُوا إِنِّي مَعَكُمْ رَقِيبٌ «من يأتيه» : من ، فى موضع نصب ب «تعلمون» ، وهو فى المعنى مثل : (وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) 22 : 220 أي : يعلم هذين الجنسين ، كذلك المعنى فى الآية : فسوف تعلمون هذين الجنسين.
وأجاز الفراء أن يكون «من» استفهاما ، فيكون فى موضع رفع وكون «من» الثانية ، موصولة على البدل ، على أن الأولى موصولة أيضا ، وليست باستفهام.
«ما دامت السّموات» : ما ، فى موضع نصب تقديره : وقت دوام السموات.
108 - وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ «إلا ما شاء ربك» : ما ، فى موضع نصب ، استثناء ليس من الأول.
«و أما الّذين سعدوا» : قرأ حفص والكسائي وحمزة : بضم السين ، حملا على قولهم : مسعود ، وهى لغة قليلة شاذة ، وقولهم «مسعود» إنما جاء على حذف الزائد ، كأنه من ، «أسعده اللّه» ولا يقال : سعده اللّه فهو مثل قولهم : أجنه اللّه ، فهو مجنون ، فمجنون ، أتى على «جنة اللّه» ، وإن كان لا يقال وكذلك «مسعود» أتى على «سعده اللّه» ، وإنك ان لا يقال.
وضم السين فى «سعدوا» ، بعيد عند أكثر النحويين ، إلا على تقدير : حذف الزائد ، كأنه قال : وأما الذين أسعدوا.

(1/1540)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 224
111 - وَإِنَّ كُلًّا لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمالَهُمْ إِنَّهُ بِما يَعْمَلُونَ خَبِيرٌ «و إنّ كلّا لمّا» : من شدد «إن» أتى بها على أصلها وأعمالها فى كل واللام فى «لما» لام تأكيد ، دخلت على «ما» ، وهى خبر «إن» ، و«ليوفينهم» جواب القسم تقديره : وإن كلا لخلق أو لبشر ليوفينهم.
و لا يحسن أن تكون «ما» زائدة ، فتصير اللام داخلة على «ليوفينهم» ، ودخولها على لام القسم لا يجوز.
وقد قيل : إن «ما» زائدة ، لكن دخلت لتفصيل بين اللامين اللتين تتلقيان القسم : وكلاهما مفتوح ، وتفصل بينهما ب «ما».
فأما من خفف «إن» فإنه خفف استثقالا للتضعيف ، وأعملها فى «كل» مثل عملها مشددة ، واللام مشددة ، واللام فى «لما» على حالها.
فأما تشديد «لما» فى قراءة عاصم وحمزة وابن عامر فإن الأصل فيها «لمن ما» ثم أدغم النون فى الميم ، فاجتمع ثلاث ميمات فى اللفظ ، فحذفت الميم المكسورة وتقديره : وإن كلا لمن خلق ليوفينهم ربك.
وقيل : التقدير : لمن ما فتح الميم فى «من» فتكون «ما» زائدة ، وتحذف إحدى الميمات لتكون الميم فى اللفظ على ما ذكرنا فالتقدير : لمن ليوفينهم.
وقد قيل : إن «لما» ، فى هذا الموضوع : مصدر «لمّ» ، أجرى فى الوصل مجراه فى الوقف وفيه بعد لأن إجراء الشيء فى الوصل مجراه فى الوقف إنما يجوز فى الشعر.
وقد حكى عن الكسائي أنه قال : لا أعرف وجه التثقيل فى «لما».
وقد قرأ الزهري «لما» ، مشددة منونة ، مصدر «لمّ».
ولو جعلت «إن» فى حال التخفيف بمعنى «ما» ، لرفعت «كلا» ، ولصار التشديد فى «لما» على معنى «إلا» ، كما قال : (إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها) 86 : 4 ، بمعنى : ما كل نفس إلا عليها ، على قراءة من شدد «لما» ، وفى حرف أبى : «و إن كل لنوفينهم» ، «إن» بمعنى : «ما».
وقرأ الأعمش : «و إن كل لما لنوفينهم» ، يجعل «إن» بمعنى «ما» ، و«لما» بمعنى : «إلا» ، ويرفع «كل» بالابتداء فى ذلك كله ، و«ليوفينهم» : الخبر.
وقد قيل : إن «ما» : زائدة ، فى قراءة من خفف ، و«لنوفينهم» : الخبر.

(1/1541)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 225
116 - فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلًا مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ «إلا قليلا ممّن أنجينا» : نصب على الاستثناء المنقطع.
وأجاز الفراء الرفع فيه على البدل من «أولوا» ، وهو عنده مثل قوله : (إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ) 10 : 92 ، هو استثناء منقطع.
ويجوز فيه الرفع على البدل عنده ، كما قال :
و بلدة ليس بها أنيس إلا اليعافير وإلا العيس
فرفع «اليعافير» على البدل من «أنيس» ، وحقه النصب ، لأنه استثناء منقطع.
- 12 - سورة يوسف
2 - إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ «قرآنا» : حال من الهاء فى «أنزلناه» ، ومعناه : أنزلناه مجموعا و«عربيا» : حال أخرى.
ويجوز أن يكون «قرآنا» : توطئة للحال و«عربيا» ، هو الحال كما تقول : مررت بزيد رجلا صالحا ، ف «رجل» : توطئة للحال ، و«صالح» هو الحال.
4 - إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ «إذ قال يوسف» : العامل فى «إذ» قوله : «الغافلين» الآية : 3.
وقرأ طلحة بن مصرف «يؤسف» ، بكسر السين والهمز يجعله عربيا على «يفعل» ، من «الأسف» لكنه لم ينصرف للتعريف ، ووزن الفعل.
وحكى أبو زيد «يؤسف» ، بفتح السين والهمز ، جعله «يفعل» ، من «الأسف» أيضا وهو عربى ، ولم ينصرف لما ذكرنا.

(1/1542)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 226
و من ضم السين جعله أعجميا لم ينصرف ، للتعريف والعجمة.
وليس فى كلام العرب «يفعل» ، فلذلك لم يكن عربيا على هذا الوزن.
«
يا أبت» : التاء ، فى «يا أبت» ، إذا كسرتها فى الوصل ، فهى بدل من ياء الإضافة ، عند سيبويه ولا يجمع بين التاء ، وياء الإضافة عنده ولا يوقف على قوله «يأبه» إلا بالهاء إذ ليس ثم ياء مقدرة ، وبذلك وقف ابن كثير وابن عامر بفتح التاء ، قدرا أن «الياء» محذوفة ، على حذفها ، فى الترخيم ، ثم رداها ولم يعتدا بها ، ففتحاها كما كان الاسم قبل رجوعها مفتوحا ، كما قالوا : يا طلحة ، ويا أميمة ، بالفتح فقياس الوقف على هذا أن تقف بالهاء ، كما يوقف على : طلحة ، وأميمة.
وقيل : إنه أراد : «يا أبتاه» ، ثم حذف الألف لأن الفتحة تدل عليها ، فيجب على هذا أن تقف بالتاء لأن الألف مرادة مقدرة.
وقيل : إنه أراد : «يا أبتاه» ، ثم حذف ، وهذا ليس بموضع ندبة.
وأجاز النحاس ضم التاء على الشبه بتاء «طلحة» ، إذا لم يرخم. ومنه الزجاج.
«ساجدين» : حال من الهاء والميم فى «رأيتهم» لأنه من رؤية العين ، وإنما أخبر عن الكواكب بالياء ، والنون ، وهى لا تعقل ، لأنه لما أخبر عنها بالطاعة والسجود ، وهما من فعل من يعقل ، جرى «ساجدين» على الإخبار عمن يعقل ، إذ قد حكى عنها فعل من يعقل.
6 - وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ «كما أتمّها» : الكاف ، فى موضع نصب ، نعتا لمصدر محذوف تقديره : إتماما كما أتمها.
7 - لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ «آيات للسائلين» : فى وزن «آية» أربعة أقوال :
قال سيبويه : هى «فعلة» ، وأصله «أيية» ، ثم أبدلوا من الياء الساكنة ألفا ، هذا معنى قوله ومثله عنده : غاية ، وراية واعتلال هذا عنده شاذ لأنهم أعلوا العين وصححوا اللام ، والقياس إعلال اللام وتصحيح العين.

(1/1543)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 227
و قال الكوفيون : إنه «فعلة» ، بفتح العين ، وأصلها : أيية ، فقلبت الياء الأولى ألفا ، إذ كان الأصل أن تعل الياء الثانية وتصحح الأولى فيقال : أياة.
وقال بعض الكوفيين : إنه «فعلة» وأصلها : «أيية» ، فقلبت الياء الأولى ألفا ، لانكسارها وتحرك ما قبلها ، وكانت الأولى أولى بالعلة من الثانية ، لثقل الكسرة عليها وهذا قول صالح جار على الأصول.
وقال ابن الأنبارى : إن وزنها : فاعلة وأصلها : آيية ، فأسكنت الياء الأولى استثقالا للكسرة على الياء ، وأدغموها فى الثانية فصارت : آية ، مثل لفظ «دابة» ووزنها ، ثم خففوا الياء ، كما قالوا : كينونة ، بتخفيف الياء ساكنة ، وأصلها : كينونة ، ثم خففوا فخذفوا الياء الأولى المتحركة استثقالا للياء المشددة مع طول الكلمة.
وهذا قول بعيد من القياس ، إذ ليس فى «آية» طول يجب الحذف معه ، كما فى «كينونة».
9 - اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ «أرضا» : ظرف وذكر النحاس أنه غير مبهم ، وكان حق الفعل ألا يتعدى إليه إلا بحرف ، لكن حذف الحرف.
11 - قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ «تأمنا» أصلها : تأمننا ، ثم أدغمت النون الأولى فى الثانية ، وبقي الإشمام يدل على ضمة النون الأولى ، والإشمام : هو ضمك شفتيك من غير صوت يسمع ، فهو بعد الإدغام ، وقبل فتحة النون الثانية.
وابن كيسان يسمى «الإشمام» : الإشارة ، ويسمى «الروم» : إشماما ، والروم : صوت ضعيف يسمع خفيفا يكون فى المرفوع والمخفوض والمنصوب الذي لا تنوين فيه ، والإشمام ، لا يكون إلا فى المرفوع.
12 - أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «يرتع» : من كسر العين من القراء جعله من «رعا» ، فحذف «الياء» علم على الجر ، فهو «يفتعل» ، والياء زائدة ، من : رعى الغنم.
و قيل : هو من قولهم : رعاك اللّه أي : حرسك ، فمعناه على هذا : نتحارس.

(1/1544)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 228
و من قرأه بإسكان العين ، أسكنها للجرم وجعله من «رتع» ، فهو يفعل ، والياء أصلية.
13 - قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ «أن» ، الأولى : فى موضع رفع ب «يحزننى» ، و«أن» ، الثانية : فى موضع نصب ب «أخاف».
16 - وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ «عشاء» : نصب على الظرف ، وهو فى موضع الحال من المضمر فى «جاءوا».
17 - قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ «و لو كنّا» : قال المبرد : «لو» : بمعنى «إن».
18 - وَجاؤُ عَلى قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ «بدم كذب» أي : دم ذى كذب.
«فصبر» : رفع على إضمار مبتدأ تقديره : فأمرى صبر أو فشأنى صبر.
وقال قطرب : تقديره : فصبرى صبر و«جميل» : نعت ل «صبر».
ويجوز النصب. ولم يقرأ به على المصدر ، على تقدير : فأنا أصبر صبرا.
والرفع الاختيار فيه ، لأنه ليس بأمر ، ولو كان «أمرا» ، لكان الاختيار فيه النصب.
19 - وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ «يا بشرى» : قرأه ابن إسحاق وغيره : من غير ألف ، وعلة ذلك أن ياء الإضافة حقها أن ينكسر ما قبلها ، فلما لم يكن ذلك فى الألف قلبت ياء ، فأدغمت فى ياء الإضافة ، ومثله «هداى» 2 : 38 20 : 123.
وقد قرأه الكوفيون بغير ياء كأنهم جعلوا «بشرى» اسما للمنادى ، فيكون فى موضع ضم.

(1/1545)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 229
و قيل : إنه إنما نادى «البشرى» ، كأنه قال : يا أيتها البشرى هذا زمانك وعلى هذا المعنى ، قرأ القراء :
(يا حَسْرَةً عَلَى الْعِبادِ) 36 : 30 كأنه نادى «الحسرة».
«و أسرّوه» : الهاء ، ليوسف عليه السلام والضمير لإخوته.
وقيل : الضمير للتجار ، و«بضاعة» : نصب على الحال من «يوسف» معناه : مبضوعا.
20 - وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ ...
«دراهم» : فى موضع خفض ، على البدل من «ثمن».
23 - وَراوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِها عَنْ نَفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الْأَبْوابَ وَقالَتْ هَيْتَ لَكَ قالَ مَعاذَ اللَّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ «هيت» : لفظة مبينة غير مهموزة ، يجوز فيها فتح الياء وكسرها وضمها ، والكسر فيه بعد ، لاستثقال الكسرة بعد الياء ومعناها : الاستجلاب ليوسف إلى نفسها ، بمعنى : هلم لك ومنه قولهم : هيت فلان إذا دعاه.
فأما من همزه ، فإنه جعله من : تهيأت لك ، وفيه بعد فى المعنى لأنها لم تخبره بحالها أنها تهيأت له ، إنما دعته إلى نفسها.
فأما من همز وضم التاء ، فهو حسن لأنه جعله من : تهيأت لك جعله فعلا ، أجراء على الإخبار به عن نفسها بحالها وهى تاء المتكلم.
ويبعد الهمز مع كسر التاء ، لأن يوسف عليه السلام لم يخاطبها ، فتكون التاء للخطاب لها ، إنما هى دعته وخاطبته ، فلا يحسن مع الهمز إلا ضم التاء ولو كان الخطاب من يوسف لقال : هيت لى ، على الإخبار عن نفسه وذلك لا يقرأ به.
فأما فتح الهاء وكسرها ، فلغتان ، وذلك فى «هيت لك» مثل : سقيا لك.
«معاذ اللّه» : نصب على المصدر تقول : معاذا ، ومعاذة ، وعياذا ، وعياذة.
«إنّه ربّى أحسن مثواى» : ربى ، موضع نصب على البدل من الهاء و«أحسن» : خبر «إن».
وإن شئت جعلت الهاء للحديث ، اسم «أن» و«ربى» : فى موضع رفع بالابتداء و«أحسن» :
خبره والجملة فى موضع رفع خبر «إن».

(1/1546)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 230
«
إنّه لا يفلح» : الهاء ، للحديث ، وهى اسم «إن» ، وما بعدها الخبر.
24 - وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِها لَوْ لا أَنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ كَذلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُخْلَصِينَ «لو لا أن رأى» : أن ، فى موضع رفع بالابتداء والخبر محذوف. وحكم «لو لا» تدخل على الأفعال لما فيها من معنى الشرط لأنها لا تغير معنى الماضي إلى الاستقبال ، كما تفعل حروف الشرط ، ومعناها امتناع الشيء لامتناع غيره ، فإن وقع بعدها الاسم ارتفع على إضمار فعل إلا «أن» ، فإنها يرتفع ما بعدها بالابتداء ، لأن الفعل الذي فى صلتها يغنى عن إضمار فعل قبلها فإن ردت معها لزال منها معنى الشرط ووقع بعدها الابتداء والخبر مضمر فى أكثر الكلام ولا بد لها من جواب مضمر أو مظهر ، ولا يليها إلا الأسماء ، ويصير معناها امتناع الشيء لوجود غيره فتقدير الآية : لو لا أن رأى برهان ربه فى ذلك الوقت لكان منه كذا وكذا فالخبر والجواب محذوفان ، فلو كانت «لو لا» بمعنى «هلا» وقع بعدها الفعل نحو قوله : «فَلَوْ لا كانَتْ قَرْيَةٌ» 10 : 98 ، وهو كثير.
ومعناها فى هذا الموضع التخصيص على الشيء ، ولك أن تضمر الفعل بعدها ، فتقول : لو لا فعلت خيرا ونظيرها فى هذا المعنى : «لو ما».
«كذلك لنصرف» : الكاف ، فى موضع رفع على إضمار مبتدأ تقديره : أمر البراهين كذلك.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف تقديره : أريناه البراهين رؤية كذلك.
27 - وَإِنْ كانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِنْ دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِنَ الصَّادِقِينَ «و إن كان قميصه» : «إن» : للشرط ، وهى ترد جميع الأفعال الماضية إلى معنى الاستقبال ، إلا «كان».
لقوة «كان» وكثرة تصرفها ، وذلك أنها يعبر بها عن جميع الأفعال.
31 - فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ سِكِّيناً وَقالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حاشَ لِلَّهِ ما هذا بَشَراً إِنْ هذا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ الأصل فى «حاش» أن تكون بالألف ، لكن وقعت فى المصحف بغير ألف ، اكتفاء بالفتحة من الألف ، كما حذفت النون فى «لم يك». و«حاش» : فعل ماض على «فاعل» ، مأخوذ من «الحشى» ، وهى الناحية.
ولا يحسن أن يكون حرفا ، عند أهل النظر ، وأجاز ذلك سيبويه ومنعه الكوفيون ، فإنه لو كان حرف جر ما دخل

(1/1547)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 231
على حرف جر ، لأن الحروف لا يحذف منها إلا إذا كان فيها تضعيف ، نحو : لعل ، ورب.
ومعنى «حاشى للّه» : بعد يوسف عن هذا الذي رمى به للّه أي : لخوفه اللّه ومراقبته.
وقال المبرد : يكون «حاشى» : حرفا ، ويكون فعلا ، واستدل على أنها تكون فعلا بقول النابغة :
و لا أحاشى من الأقوام من أحد
ف «من أحد» : فى موضع نصب ب «أحاشى».
وقال غيره : «حاشى» : حرف. و«أحاشى» : فعل ، أخذ من الحرف ، وهى من حروفه كما قالوا : لا إله إلا اللّه ، ثم اشتق من حروف هذه الجملة فعل ، فقالوا : أهلل فلان ، ومثله قولهم : بسمل فلان ، إذا قال : بسم اللّه وحوقل فلان : إذا قال : لا حول ولا قوة إلا باللّه وهو كثير.
وقال الزجاج : معنى «حاشى للّه» : براءة للّه تعالى فمعناه : قد تنحى يوسف من هذا الذي رمى به.
وحكى أهل اللغة : «حشى للّه» ، بحذف الألف الأولى ، وهى لغة.
والنصب ب «حاشى» ، عند المبرد ، فى الاستثناء ، أحسن لأنها فعل فى أكثر أحوالها ، وسيبويه يرى الخفض بها ، لأنها حرف جر.
35 - ثُمَّ بَدا لَهُمْ مِنْ بَعْدِ ما رَأَوُا الْآياتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ فاعل «بدا» ، عند سيبويه : محذوف ، قائم مقامه «ليسجننه».
و قال المبرد : فاعله المصدر الذي دل عليه «بدا».
وقيل : الفاعل محذوف لم يعوض منه شىء تقديره : ثم بدا لهم رأى.
38 - وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبائِي إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ ما كانَ لَنا أَنْ نُشْرِكَ بِاللَّهِ مِنْ شَيْءٍ ...
«أن» : اسم «كان» فى موضع رفع ، و«لنا» : خبر «كان» ، و«من شى ء» : فى موضع نصب مفعول «نشرك» ، و«من» : زائدة ، مؤكدة للنفى.
40 - ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ...
أصل «سمى» : أن يتعدى إلى مفعولين ، يجوز حذف أحدهما ، والثاني هنا محذوف تقدير : سميتموها آلهة.
و«أنتم» : توكيد ل «التاء» ، فى «سميتموها» ، ليحسن العطف عليها.

(1/1548)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 232
41 - يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَمَّا أَحَدُكُما فَيَسْقِي رَبَّهُ خَمْراً ...
سقى ، وأسقى ، لغتان.
وقيل : سقى : معناه : ناول الماء وأسقى : جعل له سقاء ومنه قوله تعالى : (وَ أَسْقَيْناكُمْ ماءً فُراتاً) 77 : 27 أي : جعلنا لكم ذلك.
43 - وَقالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرى سَبْعَ بَقَراتٍ سِمانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجافٌ وَسَبْعَ سُنْبُلاتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يابِساتٍ ...
«سمان» : الخفض على النعت ل «بقرات» وكذلك : «خضر» خفضت على النعت ل «سنبلات».
ويجوز النصب فى «سمان» ، وفى «خضر» على النعت ل «سبع» كما قال تعالى : (سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) 67 : 3 ، على النعت ل «سبع».
ويجوز خفض «طباق» على النعت ل «سموات» ، ولكن لا يقرأ إلا بما صحت روايته ووافق خط المصحف.
47 - قالَ تَزْرَعُونَ سَبْعَ سِنِينَ دَأَباً ...
«دأبا» : نصب على المصدر لأن : «تزرعون» بدل على «تدأبون».
وقال أبو حاتم : من فتح الهمزة «دأبا» : وهى قراءة حفص عن عاصم ، جعله مصدر «دئب» ، ومن أسكن جعله مصدر «دأب» ، وفتح الهمزة فى الفعل هو المشهور عند أهل اللغة ، والفتح والإسكان فى المصدر لغتان كقولهم : النهر والنهر ، والسمع والسمع.
و قيل : إنما حرك وأسكن ، لأجل حرف الحلق.
64 - قالَ هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ انتصب «حافظا» على البيان ، لأنهم نسبوا إلى أنفسهم حفظ أخى يوسف ، فقالوا : (وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) الآية : 12 ، فرد عليهم يعقوب ذلك فقال : اللّه خير حافظا من حفظكم. فأما من قرأه «حافظا» فنصبه على الحال ، عند النحاس ، حال من اللّه جل ثناؤه ، على أن يعقوب رد لفظهم بعينه إذ قالوا : (وَ إِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) الآية : 12 ، فأخبرهم أن اللّه هو الحافظ ، فجرى اللفظان على سياق واحد.

(1/1549)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 233
و الإضافة فى هذه القراءة جائزة ، تقول : «اللّه خير حافظ» ، كما قال : (أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) الآية : 12 ولا تجوز الإضافة فى القراءة الأولى ، لا تقول : «اللّه خير حفظ» ، لأن اللّه ليس هو الحفظ ، وهو تعالى الحافظ.
وقال بعض أهل النظر : إن «حافظا» لا ينتصب على الحال ، لأن «أفعل» لا بد لها من بيان ، ولو جاز نصبه على الحال لجاز حذفه ، ولو حذف لنقص بيان الكلام ولصار اللفظ : فاللّه خير ، فلا ندرى معنى الخير فى أي نوع هو؟ وجواز الإضافة يدل على أنه ليس بحال ، ونصبه على البيان أحسن ، كنصب «حفظ» ، وهو قول الزجاج وغيره.
65 - وَلَمَّا فَتَحُوا مَتاعَهُمْ وَجَدُوا بِضاعَتَهُمْ رُدَّتْ إِلَيْهِمْ قالُوا يا أَبانا ما نَبْغِي ...
«ما نبغى» : ما ، فى موضع نصب ب «نبغى» ، وهى استفهام : ويجوز أن تكون نعتا فيحسن الوقف على «نبغى» ، ولا يحسن فى الاستفهام الوقف على «نبغى» لأن الجملة التي بعده فى موضع الحال.
75 - قالُوا جَزاؤُهُ مَنْ وُجِدَ فِي رَحْلِهِ فَهُوَ جَزاؤُهُ كَذلِكَ نَجْزِي الظَّالِمِينَ «جزاؤه» ، الأول : مبتدأ ، والخبر محذوف تقديره : قال إخوة يوسف : جزاء السارق عندنا كجزائه عندكم.
و قيل : التقدير : جزاء السارق عندنا كجزائه عندكم ، فالهاء ، تعود على السارق ، أو على السرق ثم ارتفعت «من» بالابتداء ، وهى بمعنى «الذي» ، أو للشرط.
وقوله «فهو جزاؤه» : ابتداء وخبر ، فى موضع خبر «من» ، «و الغاء» جواب الشرط ، أو جواب الإبهام الذي فى النهى والهاء فى «فهو» : يعود على الاستعباد ، والهاء فى «جزاؤه» يعود على السارق ، أو على السرق.
وقيل : إن «جزاؤه» الأول ابتداء ، و«من» : خبره ، على تقدير حذف مضاف تقديره : قال إخوة يوسف :
جزاء السرق استعباد من وجد فى رحله فهو جزاؤه أي : والاستعباد جزاء السرق فالهاءات تعود على «السرق» لا غير ، فى هذا القول.
وقيل : إن «جزاؤه» ، الأول : مبتدأ ، و«من» : ابتداء ثان ، وهو شرط ، أو بمعنى : الذي ، و«فهو جزاؤه» :
خبر الثاني ، والثاني وخبره خبر عن الأول. و«جزاؤه» ، الثاني : يعود على المبتدأ الأول ، لأنه موضوع موضع المضمر ، كأنك قلت : فهو هو.

(1/1550)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 234
«كذلك نجزى» : الكاف ، فى موضع نصب على النعت لمصدر محذوف أي : جزاء كذلك نجزى الظالمين.
76 - فَبَدَأَ بِأَوْعِيَتِهِمْ قَبْلَ وِعاءِ أَخِيهِ ثُمَّ اسْتَخْرَجَها مِنْ وِعاءِ أَخِيهِ كَذلِكَ كِدْنا لِيُوسُفَ ما كانَ لِيَأْخُذَ أَخاهُ فِي دِينِ الْمَلِكِ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ وَفَوْقَ كُلِّ ذِي عِلْمٍ عَلِيمٌ «إلّا أن يشاء اللّه» : أن ، فى موضع نصب ، على تقدير حذف حرف جر ، أي : إلا بأن يشاء اللّه.
«نرفع درجات من نشاء» : قرأه الكوفيون بتنوين «درجات» ، فيكون فى موضع نصب ب «نرفع» ، وحرف الجر محذوف مع «درجات» تقديره : نرفع من نشاء إلى درجات.
ومن لم ينون «درجات» نصبها ب «نرفع» ، وأضافها إلى «من».
77 - قالُوا إِنْ يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَهُ مِنْ قَبْلُ فَأَسَرَّها يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِها لَهُمْ قالَ أَنْتُمْ شَرٌّ مَكاناً وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما تَصِفُونَ «فقد سرق» : سرق ، فعل ماض محكى تقديره : فقد قيل سرق أخ له.
ولا يجوز أن يقطعوا بالسرق على يوسف ، لأن أنبياء اللّه أجل من ذلك ، إنما ذكروا أمرا قد قيل ولم يقطعوا بذلك.
«مكانا» : نصب على البيان.
79 - قالَ مَعاذَ اللَّهِ أَنْ نَأْخُذَ إِلَّا مَنْ وَجَدْنا مَتاعَنا عِنْدَهُ ...
«أن» : فى موضع نصب على تقدير حذف حرف الجر أي : أعوذ باللّه من أن نأخذ.
80 - فَلَمَّا اسْتَيْأَسُوا مِنْهُ خَلَصُوا نَجِيًّا قالَ كَبِيرُهُمْ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ أَباكُمْ قَدْ أَخَذَ عَلَيْكُمْ مَوْثِقاً مِنَ اللَّهِ وَمِنْ قَبْلُ ما فَرَّطْتُمْ فِي يُوسُفَ ...
«نجيّا» : نصب على الحال من المضمر فى «خلصوا» ، وهو واحد يؤدى عن معنى الجمع.
«و من قبل ما فرّطتم» : يجوز أن يكون «ما» : زائدة ، ويكون «من» : متعلقة ب «فرطتم» تقديره : وفرطتم من قبل فى يوسف.
وفيه بعد ، للتفريق بين حرف العطف والمعطوف عليه.

(1/1551)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 235
و قيل : مبنية ، فحذف ما أضيفت إليه تقديره : ومن قبل هذا الوقت فرطتم فى يوسف.
فإن جعلت «ما» والفعل مصدرا ، لم يتعلق «من» ب «فرطتم» لأنك تقدم الصلة على الموصول ، لكن تتعلق بالاستقرار ، لأن المصدر مرفوع بالابتداء ، وما قبله خبره وفيه نظر.
ويجوز أن تكون متعلقة ب «تعلموا» من قوله «ألم تعلموا» ، ويكون «ما» و«فرطتم» مصدرا فى موضع نصب على العطف على «أن» ، والعامل «تعلموا» وفيه قبح ، للتفريق بين حرف العطف والمعطوف ب «من قبل» ، وهو حسن عند الكوفيين ، وقبيح عند البصريين.
90 - ... إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ «من» : شرط رفع بالابتداء ، و«فإن اللّه» وما بعده : الخبر ، والجملة خبر «إن» الأولى ، والهاء ، للحديث ، و«يصبر» : عطف على «يتق».
وأما ما رواه قنبل عن ابن كثير أنه قرأ «يتقى» بياء ، فإن مجازه أنه جعل «من» بمعنى : «الذي» ، فرفع «يتقى» لأنه صلة ل «من» ، وعطف «و يصبر» على معنى الكلام لأن «من» ، وإن كانت بمعنى «الذي» ، ففيها معنى الشرط ، ولذلك تدخل الفاء فى خبرها فى أكثر المواضع فلما كان فيها معنى الشرط عطف «و يصبر» على ذلك المعنى فجزمه كما قال (فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ) 63 : 19 ، فجزم «و أكن» ، حمله على معنى «فأصدق» ، لأنه بمعنى «أصدق» مجزوما ، لأنه جواب الشرط.
وقد قيل : إن «من» فى هذه القراءة : للشرط ، والضمة مقدرة فى «الياء» - من «يتقى» ، فحذفت للجزم ، كما قال الشاعر :
ألم يأتيك والأنباء تنمى
و فى هذا ضعف لأنه أكثر ما يجوز هذا التقدير فى الشعر.
وقد قيل : إن «من» بمعنى : الذي ، و«يصبر» : مرفوع على العطف على «يتقى» ، لكن حذفت الضمة استخفافا ، وفيه بعد أيضا.
92 - قالَ لا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ لا يجوز أن يكون العامل فى «اليوم» : «لا تثريب» لأنه يصبر من تمامه ، وقد بنى «تثريب» على الفتح ، ولا يجوز بناء الاسم قيل تمامه ، لكن ينصب «اليوم» على الظرف ، وتجعله خبرا ل «تثريب» ، و«عليكم» صفة

(1/1552)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 236
ل «تثريب» ، و«على» : متعلقة بمضمر هو صفة ل «تثريب» على الأصل تقديره : لا تثريب ثابت عليكم اليوم ، فتنصب «اليوم» على الاستقرار.
ويجوز أن ينصب «اليوم» ب «عليكم» ، وتضمر خبرا ل «تثريب» ، لأن «عليكم» ، وما عملت فيه صفة ل «تثريب».
و يجوز أن يجعل «عليكم» : خبر «تثريب» ، وينصب «اليوم» ب «عليكم» ، والناصب ل «اليوم» فى الأصل ، هو ما تعلقت به «على» المحذوفة.
96 - فَلَمَّا أَنْ جاءَ الْبَشِيرُ أَلْقاهُ عَلى وَجْهِهِ فَارْتَدَّ بَصِيراً ...
«فارتدّ بصيرا» : نصب على الحال.
100 - وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّداً «سجّدا» : حال من المضمر فى «خروا له» ، وهو حال مقدرة.
107 - أَفَأَمِنُوا أَنْ تَأْتِيَهُمْ غاشِيَةٌ مِنْ عَذابِ اللَّهِ أَوْ تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ «بغتة» : حال وأصله المصدر.
109 - وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرى أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ «و الدار الآخرة» : هذا الكلام فيه حذف مضاف تقديره : ولدار الحال الآخرة.
وقد قال الفراء : إن هذا من إضافة الشيء إلى نفسه لأن الدار هى الآخرة.
وقيل : إنه من إضافة الموصوف إلى صفته لأن الدار وصفت بالآخرة ، كما قال فى موضع آخر : (وَ لَلدَّارُ الْآخِرَةُ) 7 : 169 ، على الصفة.
111 - لَقَدْ كانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبابِ ما كانَ حَدِيثاً يُفْتَرى وَلكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ انتصب «تصديق» على خبر «كان» مضمرة تقديره : ولكن كان ذلك تصديق الذي بين يديه.
ويجوز الرفع تقديره : ولكن هو تصديق.
ولم يقرأ به أحد.

(1/1553)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 237
- 13 - سورة الرعد
1 - المر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ وَالَّذِي أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ الْحَقُّ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يُؤْمِنُونَ «الذي» : فى موضع رفع على العطف على «آيات» ، أو على إضمار «هو» و«الحق» : نعت ل «الذي».
ويجوز أن يكون «الذي» فى موضع خفض ، على العطف على «الكتاب ، ويكون «الحق» رفعا على إضمار مبتدأ.
2 - اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّماواتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَها ...
يجوز أن تكون «ترونها» فى موضع خفض على النعت ل «عمد» ، ويكون المعنى : أن ثم عمدا ولكن لا ترى.
ويجوز أن يكون «ترونها» فى موضع نصب على الحال من «السموات» ، والمعنى : أنه ليس ثم عمد البتة.
ويجوز أن تكون «ترونها» لا موضع له من الإعراب ، على معنى : وأنتم ترونها ، ولا يكون أيضا ثم عمد.
5 - وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَإِذا كُنَّا تُراباً أَإِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ...
العامل فى «أ ئذا» : فعل محذوف ، دل عليه الكلام تقديره : أنبعث إذا.
ومن قرأه على لفظ الخبر ، كان تقديره : لانبعث إذا كنا لأنهم أنكروا البعث ، فدل إنكارهم على هذا الحذف.
ولا يجوز أن يعمل «كنا» فى «إذا» لأن القوم لم ينكروا كونهم ترابا ، إنما أنكروا البعث بعد كونهم ترابا ، فلا بد من إضمار يعمل فى «إذا» به يتم المعنى.
وقيل : لا يعمل «كنا» فى «إذا» لأن «إذا» مضافة إلى «كنا» ، والمضاف إليه لا يعمل فى المضاف ، ولا يجوز أن يعمل فى «إذا» «مبعوثون» لأن ما بعد «أن» لا يعمل فيما قبلها.

(1/1554)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 238
7 - وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هادٍ «هاد» : ابتداء ، وما قبله خبره ، وهو : «و لكل قوم» ، و«اللام» متعلقة بالاستقرار وبالثبات.
ويجوز أن يكون «هاد» عطف على «منذر» ، فتكون اللام متعلقة ، ب «منذر» ، أو ب «هاد» وتقديره : إنما أنت منذر وهاد لكل قوم.
8 - اللَّهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ «يعلم ما تحمل» : إن جعلت «ما» بمعنى «الذي» كانت فى موضع نصب ب «يعلم» ، و«الهاء» محذوفة من «تحمل» تقديره : تحمله.
وإن جعلت «ما» استفهاما كانت فى موضع رفع ، الابتداء ، و«تحمل» : خبره ، وبعدها «هاء» محذوفة ، والجملة فى موضع نصب ب «يعلم».
وفيه بعد ، لحذف «الهاء» من الخبر ، وأكثر ما يكون فى الشعر ، فالأحسن أن يكون «ما» : فى موضع نصب ب «يحمل» ، وهى استفهام.
10 - سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ...
«سواء منكم من أسر» : من ، رفع بالابتداء ، و«سواء» : خبر مقدم والتقدير : ذو سواء منكم من أسر.
ويجوز أن يكون «سواء» بمعنى : مستو ، فلا يحتاج إلى تقدير حذف «ذو».
12 - هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفاً وَطَمَعاً وَيُنْشِئُ السَّحابَ الثِّقالَ «خوفا وطمعا» : مصدران.
17 - أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها فَاحْتَمَلَ السَّيْلُ زَبَداً رابِياً وَمِمَّا يُوقِدُونَ عَلَيْهِ فِي النَّارِ ابْتِغاءَ حِلْيَةٍ أَوْ مَتاعٍ زَبَدٌ مِثْلُهُ كَذلِكَ يَضْرِبُ اللَّهُ الْحَقَّ وَالْباطِلَ فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفاءً ...
«زبد مثله» : ابتداء وخبر.

(1/1555)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 239
و قال الكسائي : «زبد» : مبتدأ ، و«مثله» : نعته ، والخبر : «و مما توقدون» ، الجملة.
وقيل : خبر «زبد» : قوله «فى النار».
«جفاء» : نصب على الحال من المضمر فى «فيذهب» ، وهو ضمير «الزبد».
23 - جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَها وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبائِهِمْ ...
«من» : فى موضع نصب مفعول معه ، أو فى موضع ، رفع ، على العطف على «أولئك» ، أو على العطف على المضمر المرفوع فى «يدخلونها» وحسن العطف على المضمر المرفوع بغير تأكيد ، لأجل الضمير المنصوب الذي حال بينهما ، فقام مقام التأكيد.
29 - الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ طُوبى لَهُمْ وَحُسْنُ مَآبٍ «الذين آمنوا وعملوا الصالحات» : الذين ، ابتداء ، و«طوبى» : ابتداء ثان و«لهم» : خبر «طوبى» والجملة خبر عن «الذين».
ويجوز أن يكون «الذين» : فى موضع نصب ، على البدل من «من» ، أو على إضمار : أعنى.
ويجوز أن يكون «طوبى» : فى موضع نصب ، على إضمار : جعل لهم طوبى وبنصب «و حسن مآب» ولم يقرأ به أحد.
35 - مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ ...
«مثل» : ابتداء ، والخبر محذوف ، عند سيبويه تقديره : وفيما يتلى عليكم مثل الجنة ، أو فيما يقص عليكم مثل الجنة.
وقال الفراء : «تجرى من تحتها الأنهار» : الخبر ، ويقدر حذف «مثل» وزيادتها ، وأن الخبر إنما هو عما أضيف إليه «مثل» ، لا عن «مثل» نفسه ، فهو ملغى ، والخبر عما تقدره ، وكأنه قال : الجنة التي وعد المتقون تجرى من تحتها الأنهار ، كما يقال : حلية فلان أسمر ، على تقدير حذف «الحلية».
43 - وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ «كفى باللّه شهيدا» : ينتصب «شهيدا» على البيان ، و«باللّه» فى موضع رفع.
«و من عنده علم» : فى موضع رفع ، عطف على موضع «باللّه» ، أو فى موضع خفض على العطف على اللفظ.

(1/1556)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 240
- 14 - سورة إبراهيم
1 - الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ ...
«كتاب» : رفع على إضمار مبتدأ أي : هذا كتاب. و«أنزلناه» فى موضع النعت ل «كتاب».
3 - الَّذِينَ يَسْتَحِبُّونَ الْحَياةَ الدُّنْيا عَلَى الْآخِرَةِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً أُولئِكَ فِي ضَلالٍ بَعِيدٍ «عوجا» : مصدر ، فى موضع الحال.
و قال على بن سليمان : هو مفعول ب «يبغون» ، و«اللام» محذوفة من المفعول الأول تقديره : ويبغون لها عوجا.
4 - وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ رفع «فيضل» لأنه مستأنف ، ويبعد عطفه على ما قبله لأنه يصير المعنى : إن الرسول إنما يرسله اللّه ليضل ، والرسول لم يرسل للضلال إنما الرسل للبيان.
وقد أجاز الزجاج نصبه على أن يحمله على مثل قوله تعالى (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) 28 : 8 لأنه لما كان أمرهم إلى الضلال ، مع بيان الرسول لهم ، صاروا كأنهم إنما أرسله بذلك.
5 - وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا أَنْ أَخْرِجْ قَوْمَكَ ...
«أن» : فى موضع نصب تقديره : بأن أخرج.
وقيل : هى لا موضع لها من الإعراب ، بمعنى «أي» التي تكون للتفسير.
6 - وَإِذْ قالَ مُوسى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ ...
«و يذبحون» : إنما زيدت «الواو» لتدل على أن الثاني غير الأول ، وحذف «الواو» فى غير هذا الموضع إنما هو على البدل ، فالثانى بعض الأول.

(1/1557)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 241
11 - قالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَما كانَ لَنا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ «و ما كان لنا أن نأتيكم» : أن ، فى موضع رفع لأنها اسم «كان» ، و«بإذن اللّه» : الخبر.
ويجوز أن يكون «لنا» : الخبر.
والأول أحسن.
12 - وَما لَنا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ وَقَدْ هَدانا سُبُلَنا ...
«
أن» : فى موضع نصب على حذف الخافض ، تقديره : وما لنا فى أن لا نتوكل ، و«ما» : استفهام فى موضع الابتداء ، و«لنا» : الخبر ، وما بعد «لنا» : فى موضع الحال كما تقول : مالك قائما؟ ومالك فى أن لا تقوم؟
17 - يَتَجَرَّعُهُ وَلا يَكادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَما هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِنْ وَرائِهِ عَذابٌ غَلِيظٌ «و من ورائه» أي : من قدامه.
وقيل : تقديره : ومن وراء ما يعذب به عذاب غليظ والهاء ، على القول الأول : تعود على «الكافرين» ، وفى القول الثاني : تعود على «العذاب».
18 - مَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ أَعْمالُهُمْ كَرَمادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عاصِفٍ لا يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُوا عَلى شَيْءٍ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ «مثل» : رفع بالابتداء ، والخبر محذوف تقديره ، عند سيبويه : وفيما نقص عليكم مثل الذين كفروا.
وقال الكسائي : «كرماد» : الخبر ، على حذف مضاف تقديره : مثل أعمال الذين كفروا مثل رماد هذه صفته.
وقيل : «أعمالهم» : بدل من «مثل» ، و«كرماد» : الخبر.
وقيل : «أعمالهم» : ابتداء ثان و«كرماد» ، خبره والجملة خبر عن «مثل».
ولو كان فى الكلام لحسن خفض «الأعمال» ، على البدل من «الذين» ، وهو بدل الاشتمال.
وقيل : هو محمول على المعنى لأن «الذين» هم المخبر عنهم ، فالقصد : إلى الذين ، و«مثل» : مقحم ، والتقدير : الذين كفروا أعمالهم كرماد ، ف «الذين» : مبتدأ ، و«أعمالهم» : ابتداء ثان ، و«كرماد» :
الخبر والجملة : خبر عن «الذين».

(1/1558)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 242
و إن شئت جعلت «أعمالهم» رفعا على البدل من «الذين» ، على المعنى ، و«كرماد» : خبر «الذين» تقديره : أعمال الذين كفروا كرماد هذه صفته.
«فى يوم عاصف» أي : عاصف ريحه ، كما نقول : مررت برجل قائم أبوه ، لم يحذف «الأب » إذا علم المعنى وقيل : تقديره : فى يوم ذى عصوف.
21 - وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعاً فَقالَ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعاً فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا مِنْ عَذابِ اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ قالُوا لَوْ هَدانَا اللَّهُ لَهَدَيْناكُمْ سَواءٌ عَلَيْنا أَجَزِعْنا أَمْ صَبَرْنا ما لَنا مِنْ مَحِيصٍ «جميعا» : نصب على الحال من المضمر فى «برزوا».
«أجز عنا أم صبرنا» : إذا وقعت ألف الاستفهام مع التسوية على ماض دخلت «أم» بعدها على ماض ، أو على مستقبل ، أو على جملة ، نحو (أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ) 7 : 193 ، وإذا دخلت الألف التي بمعنى التسوية على اسم جئت ب «أو» بين الاسمين ، نحو : سواء على أزيد عندك أو عمرو؟
و إن لم تدخل ألف الاستفهام جئت بالواو بين الاسمين ، نحو : سواء على زيد وعمرو.
22 - وَقالَ الشَّيْطانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَما كانَ لِي عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ ما أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَما أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ ...
«إلا أن دعوتكم» : أن ، فى موضع نصب ، استثناء ليس من الأول.
«و ما أنتم بمصرخىّ» : من فتح الياء ، وهى قراءة الجماعة ، فأصلها ياءان : ياء الجمع وياء الإضافة ، وفتحت لالتقاء الساكنين ، وكان الفتح أخف مع الياءات من الكسر.
ويجوز أن يكون أدغم ياء الإضافة ، وهى مفتوحة ، فبقيت على فتحها ، وهو أصلها ، والإسكان فى ياء الإضافة إنما هو للتخفيف.
ومن كسر الياء ، وهى قراءة حمزة - وقد قرأ الأخفش بذلك ويحيى بن وثاب - والأصل عنده فى «مصرخى» ثلاث ياءات : ياء الجمع ، وياء الإضافة ، وياء زيدت للمد ، ثم حذفت الياء التي للمد ، وبقيت الياء المشددة مكسورة.
23 - وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ «تحيتهم فيها سلام» : ابتداء وخبر.

(1/1559)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 243
«الهاء والميم» يحتمل أن تكونا فى تأويل فاعل أي : يحيى بعضكم بعضا بالسلام.
ويحتمل أن تكونا فى تأويل مفعول لم يسم فاعله أي : يحيون بالسلام ، على معنى : يحيهم الملائكة بالسلام.
ولفظ الضمير الخفض ، لإضافة المصدر إليه والجملة فى موضع نصب على الحال «من الذين» ، وهى حال مقدرة ، أو حال من المضمر فى «خالدين» ، فلا تكون حالا مقدرة.
ويجوز أن تكون فى موضع نصب على النعت ل «جنات» ، مثل : «تجرى من تحتها».
فأما «خالدين فيها» فيحتمل أن تكون حالا مقدرة ، ويحتمل أن تكون نعتا ل «جنات» أيضا ، ويلزم إظهار الضمير ، فتقول : خالدين هم فيها وإنما ظهر لأنه جرى صفة لغير من هوله ، وحسن كل ذلك لأن فيه ضميرين :
ضميرا ل «جنات» ، وضميرا ل «الذين».
ونصب «جنات» أتى على حذف حرف الجر ، وهو نادر لا يقاس عليه ، تقول : دخلت الدار ، وأدخلت زيدا الدار ، والدليل على أن «دخلت» لا يتعدى أن نقيضه لا يتعدى ، وهو «خرجت» ، وكل فعل لا يتعدى نقيضه لا يتعدى هو.
28 - أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْراً وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دارَ الْبَوارِ «قومهم دار البوار» : مفعولان ل «أحلوا».
29 - جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَها وَبِئْسَ الْقَرارُ «جهنم» : بدل من «دار» الآية : 28.
31 - قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ ...
«يقيموا الصّلاة» : تقديره عند أبى إسحاق : قل لهم ليقيموا ، ثم حذف اللام لتقدم لفظ الأمر.
وقال المبرد : «ليقيموا» : جواب الأمر محذوف تقديره : قل لهم أقيموا الصلاة يقيموا.
و قال الأخفش : هو جواب «قل» ، وفيه بعد لأنه ليس بجواب له على الحقيقة ، لأن أمر اللّه لنبيه بالقول ليس فيه أمر لهم بإقامة الصلاة.
33 - وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دائِبَيْنِ وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ «دائبين» : نصب على الحال من «الشمس والقمر» ، وغلب «القمر» لأنه مذكر.
34 - وَآتاكُمْ مِنْ كُلِّ ما سَأَلْتُمُوهُ وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لا تُحْصُوها ...
«من كلّ ما» : ما ، نكرة ، عند الأخفش ، و«سألتموه» : نعت ل «ما» ، وهى فى موضع خفض.
وقيل : «ما» و«سألتموه» : مصدر فى موضع خفض.

(1/1560)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 244
35 - وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنامَ «البلد» : بدل من «هذا» ، أو عطف بيان ، و«آمنا» : مفعول ثان.
43 - مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ لا يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَواءٌ «مهطعين مقنعى رءوسهم» : حالان من الضمير المحذوف تقديره : إنما نؤخرهم ليوم تشخص فيه أبصارهم فى هاتين الحالتين.
44 - وَأَنْذِرِ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمُ الْعَذابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنا أَخِّرْنا إِلى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ ...
«يوم» : مفعول ل «أنذر» ، ولا يحسن أن يكون ظرفا للإنذار ، لأنه لا إنذار يوم القيامة ، فتقول عطف على «يأتيهم» ، ولا يحسن نصبه على جواب الأمر لأن المعنى يتغير فيصير : إن أنذرتهم فى الدنيا قالوا ربنا أخرنا وليس الأمر على ذلك إنما قولهم وسؤالهم التأخير ، إذا أتاهم العذاب ورأوا الحقائق.
46 - وَقَدْ مَكَرُوا مَكْرَهُمْ وَعِنْدَ اللَّهِ مَكْرُهُمْ وَإِنْ كانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبالُ من نصب «لتزول» فاللام لام جحد ، والنصب على إضمار «أن» ، ولا يحسن إظهارها كذلك مع لام «كي» ، لأن الحجة مع الفعل كالسين مع الفعل فى «سيقوم» ، إذ هى نفى مستقبل ، فكما لا يحسن أن يفرق بين السين والفعل ، كذا لا يجوز أن يفرق بين اللام والفعل وتقديره : وما كان مكرهم لتزول منه الجبال على التصغير وللتحقير لمكرهم أي : هو أضعف وأحقر من ذلك ، ف «الجبال» فى هذه القراءة : تمثيل لأمر الشيء وثبوته ودلائله.
وقيل ، هى تمثيل للقرآن ، والضمير فى «مكرهم» : لقريش ، وعلى هذه القراءة أكثر القراء ، أعنى كسر اللام الأولى وفتح الثانية.
وقد قرأ الكسائي بفتح اللام الأولى وبضم الثانية ، فاللام : الأولى لام تأكيد ، على هذه القراءة ، و«أن» مخففة من الثقيلة و«الهاء» : مضمرة مع «أن» ، تقديره : وإن كان مكرهم لتزول منه الجبال.
فهذه القراءة تدل على تعظيم مكرهم وما ارتكبوا من فعلهم ، و«الجبال» أيضا : يراد بها أمر النبي وما أتى به ، مثل الأول وتقديره : مثل الجبال فى القوة والثبات. و«الهاء والميم» : ترجع على كفار قريش.
وقيل : إنها ترجع على نمرود بن كنعان فى محاولته الصعود إلى السماء ليقاتل من فيها. و«الجبال» هى المعهودة.

(1/1561)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 245
كذا قال أهل التفسير.
47 - فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ ذُو انتِقامٍ «مخلف وعده رسله» : هو من الاتساع ، لمعرفة المعنى تقديره ، مخلف رسله وعده.
- 15 - سورة الحجر
2 - رُبَما يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ كانُوا مُسْلِمِينَ «ربما» : ربما ، فيها لغات يقال : رب ، مخففة وربّ ، مشددة ، وهو الأصل وربة ، بالتاء والتخفيف ، وبالتاء والتشديد ، على تأنيث الكلمة.
وحكى أبو حاتم الوجوه الأربعة بفتح الراء.
و لا موضع لها من الإعراب ، وجىء ب «ما» لتكف «رب» عن العمل.
وقيل : جىء بها ليتمكن وقوع الفعل بعدها.
وقال الأخفش : ما ، فى موضع خفض ب «رب» ، وهى نكرة.
4 - وَما أَهْلَكْنا مِنْ قَرْيَةٍ إِلَّا وَلَها كِتابٌ مَعْلُومٌ «كتاب» : مبتدأ ، و«لها» : الخبر والجملة فى موضع نعت ل «قرية».
ويجوز حذف الواو من «و لها» ، لو كان فى الكلام.
9 - إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ «نحن» : فى موضع نصب ، على التأكيد لاسم «إن» ، ويجوز أن يكون فى موضع رفع بالابتداء ، و«نزلنا» :
الخبر ، والجملة : خبر «إن» ، ولا يجوز أن يكون «نحن» فاصلة لا موضع لها من الإعراب لأن الذي بعدها ليس بمعرفة ولا ما قاربها ، بل هو مما يقوم مقام النكرة ، إذ هو جملة ، والجمل تكون نعتا للنكرات ، فحكمها حكم النكرات.
12 - كَذلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ «كذلك نسلكه» : الكاف ، فى موضع نصب نعت لمصدر محذوف ، و«الهاء» فى «نسلكه» : تعود على التكذيب وقيل : على الذكر.

(1/1562)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 246
14 - وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ الضمير فى «فظلوا» ، وفى «يعرجون» : للملائكة أي : لو فتح اللّه بابا فى السماء فصعدت الملائكة فيه والكفار ينظرون لقالوا : إنما سكرت أبصارنا.
و«الهاء» فى «فيه» : للباب.
18 - إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهابٌ مُبِينٌ «من» : فى موضع نصب ، على الاستثناء المنقطع.
وأجاز الزجاج أن تكون فى موضع خفض ، على تقدير : إلا ممن استرق السمع وهو بعيد.
20 - وَجَعَلْنا لَكُمْ فِيها مَعايِشَ وَمَنْ لَسْتُمْ لَهُ بِرازِقِينَ «من» : فى موضع نصب ، عطف على موضع «لكم» لأن معنى «و جعلنا لكم فيها معايش» :
أنعشناكم وقويناكم ومن لستم له برازقين.
ويجوز أن ينصب «من» على إضمار فعل تقديره : وجعلنا لكم فى الأرض معايش وأنعشنا من لستم له برازقين.
و أجاز الفراء أن تكون «أن» فى موضع خفض ، عطف على «الكاف والميم» فى «لكم».
ويجوز العطف على المضمر المخفوض ، عند البصريين.
وأجاز الفراء أن يكون «من» فى موضع خفض ، على العطف على «معايش» ، على أن يكون «من» يراد بها الإماء والعبيد أي : جعلنا لكم فى الأرض ما تأكلون وجعلنا لكم من خدمكم ما تستمتعون به.
22 - وَأَرْسَلْنَا الرِّياحَ لَواقِحَ فَأَنْزَلْنا مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَسْقَيْناكُمُوهُ وَما أَنْتُمْ لَهُ بِخازِنِينَ كان أصل الكلام «ملاقح» لأنه من : ألقحت الريح الشجر ، فهى ملقح والجمع : ملاقح لكن أتى على تقدير حذف الزائد ، كأنه جاء على «لقحت» ، فهى : لاقح والجمع : لواقح فاللفظ أتى على هذا التقدير.
وقد قرأ حمزة «الريح لواقح» ، بالتوحيد.
وأنكره أبو حاتم ، لأجل توحيد لفظ «الريح» وجمع النعت ، وهو حسن لأن الواحد يأتى بمعنى الجمع ، قال اللّه جل ذكره : (وَ الْمَلَكُ عَلى أَرْجائِها) 69 : 17 ، يعنى : الملائكة.

(1/1563)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 247
30 - فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ «أجمعون» : معرفة ، توكيد ، لكن لا ينفرد كما ينفرد «كلهم» ، تقول : كل القوم أتأنى ، ولا تقول :
أجمع القوم أتانى.
وقال المبرد : أجمعون ، معناه : غير مفترقين ، وهو وهم منه عند غيره لأنه يلزمه أن ينصبه على الحال.
31 - إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى أَنْ يَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ «إلا إبليس» : استثناء ليس من الأول ، عند من جعل «إبليس» ليس من الملائكة ، لقوله (كانَ مِنَ الْجِنِّ) 18 : 50 وقيل : هو استثناء من الأول ، لقوله : (وَ إِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ) 2 : 34 ، فلو كان من غير الملائكة لم يكن ملوما ، لأن الأمر بالسجود إنما وقع للملائكة خاصة ، وقد يقع على الملائكة اسم الجن ، لاستتارهم عن أعين بنى آدم ، قال اللّه جل ذكره : (وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ) 37 : 158 ، فالجنة :
الملائكة.
43 - وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ «جهنم» : ينصرف ، لأنه اسم معرفة أعجمى.
وقيل : هو عربى ، ولكنه مؤنث معرفة.
ومن جعله عربيا اشتقه من قولهم : ركية جهنام ، إذا كانت بعيدة القعر ، فسميت النار : جهنم ، لبعد قعرها.
47 - وَنَزَعْنا ما فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ «إخوانا» : حال من «المتقين» الآية : 45 ، أو من الضمير المرفوع فى «ادخلوها» الآية : 46 ، أو من الضمير فى «آمنين».
51 - وَنَبِّئْهُمْ عَنْ ضَيْفِ إِبْراهِيمَ «عن ضيف إبراهيم» أي : عن ذوى ضيف إبراهيم أي : عن أصحاب ضيف إبراهيم فحذف المضاف.
ويجوز أن يكون حالا مقدرة من «الهاء والميم» فى «صدورهم».
54 - قالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلى أَنْ مَسَّنِيَ الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ «تبشرون» : تبشروننى ، لكن نافع حذف النون الثانية التي دخلت للفعل بين الفعل والياء ، لاجتماع المثلين ،

(1/1564)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 248
و كسر النون التي هى علامة الرفع لمجاورتها الياء ، وحذف الياء لأن الكسرة تدل عليها ، وفيه بعد ، لكسر نون ، الإعراب ، وحقها الفتح لالتقاء الساكنين ، ولأنه أتى لعلامة المنصوب بياء ، كالمخفوض.
وقد جاء كسر نون الرفع وحذف النون التي مع الياء فى ضمير المنصوب فى الشعر قال الشاعر :
أ بالموت الذي لا بد أنى ملاق لا أباك تخوفينى
أراد : تخوفيتنى فحذف النون الثانية ، وكسر نون المؤنث.
59 - إِلَّا آلَ لُوطٍ إِنَّا لَمُنَجُّوهُمْ أَجْمَعِينَ «آل» : نصب على الاستثناء المنقطع لأن «آل لوط» ليسوا من القوم المجرمين المتقدم ذكرهم.
60 - إِلَّا امْرَأَتَهُ قَدَّرْنا إِنَّها لَمِنَ الْغابِرِينَ «إلا امرأته» : نصب على الاستثناء من «آل لوط».
66 - وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ مُصْبِحِينَ «أن» : فى موضع نصب ، على البدل من «الأمر» ، إن كان «الأمر» بدلا «من ذلك» أو بدلا «من ذلك» إن جعلت «الأمر» عطف بيان على «ذلك».
وقال الفراء : «إن» : فى موضع نصب ، على حذف الخافض أي : بأن دابر.
«مصبحين» : نصب على الحال مما قبلها.
67 - وَجاءَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يَسْتَبْشِرُونَ «يستبشرون» : حال مما قبله.
68 - قالَ إِنَّ هؤُلاءِ ضَيْفِي فَلا تَفْضَحُونِ «هؤلاء ضيفى» : تقديره : ذو وضيفى ، ثم حذف المضاف.
70 - قالُوا أَوَ لَمْ نَنْهَكَ عَنِ الْعالَمِينَ «عن العالمين» : معناه : عن ضيافة العالمين.
78 - وَإِنْ كانَ أَصْحابُ الْأَيْكَةِ لَظالِمِينَ «الأيكة» : لم يختلف القراء فى الهمز والخفض ، هنا ، وفى «ق» 50 : 14 وإنما اختلفوا فى «الشعراء» 26 : 176 ، و«ص» 38 : 13 ، فى فتح الياء وخفضها.

(1/1565)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 249
فمن فتح الياء قرأه بلام بعدها ياء ، وجعل «ليكة» اسم البلدة ، فلم يصرفه للتأنيث والتعريف ووزنه «فعلة».
ومن قرأه بالخفض ، جعل أصله : أيكة ، اسم لموضع فيه شجر ملتف ، ثم أدخل عليه الألف واللام للتعريف ، فانصرف.
90 - كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ «الكاف» : فى موضع نصب ، على النعت لمفعول محذوف تقديره : أنا النذير المبين عقابا أو عذابا مثل ما أنزلنا.
- 16 - سورة النحل
1 - أَتى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ «أتى» : بمعنى : يأتى وحسن لفظ الماضي فى موضع المستقبل ، لصدق إثبات الأمر ، فصار فى أنه لا بد «أتى» :
يأتى ، بمنزلة ما قد مضى وكان ، فحسن الإخبار عنه بالماضي ، وأكثر ما يكون هذا فيما يخبرنا اللّه جل ذكره به أنه يكون ، فلصحة وقوعه وصدق المخبر عنه صار كأنه شىء قد كان.
2 - يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ أَنْ أَنْذِرُوا أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا فَاتَّقُونِ «أن أنذروا» : أن ، فى موضع خفض ، على البدل من «الروح» ، و«الروح» ، هنا : الوحى أو فى موضع نصب على حذف الخافض أي : بأن أنذروا.
8 - وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ «و زينة» : نصب على إضمار فعل أي : وجعلها زينة.
وقيل : هو مفعول من أجله أي : وللزينة.
15 - وَأَلْقى فِي الْأَرْضِ رَواسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهاراً وَسُبُلًا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ «أن تميد بكم» : أن ، فى موضع نصب مفعول من أجله.

(1/1566)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 250
و قيل : تقديره : كراهة أن تميد.
وقيل : معناه : لئلا تميد.
24 - وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ «ما ذا» ، فيها قولان :
الأول : ما ، فى موضع رفع بالابتداء ، وهو استفهام معناه التقرير ، و«ذا» بمعنى : الذي ، وهو خبر «ما» ، و«أنزل ربكم» : صلة «ذا» ، ومع «أنزل» هاء محذوفة تعود على «ذا» تقديره : ما الذي أنزله ربكم.
ولما كان السؤال مرفوعا جرى الجواب على ذلك ، فرفع «أساطير الأولين» على الابتداء والخبر أيضا تقديره :
قالوا هو أساطير الأولين.
وأما الثاني : ف «ما» ، و«ذا» اسم واحد فى موضع نصب ب «أنزل» ، و«ما» : استفهام أيضا ، ولما كان السؤال منصوبا جرى الجواب على ذلك ، فقال : قالوا خيرا أي : أنزل خيرا.
32 - الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ ...
«طيبين» : حال من «الهاء والميم» فى «تتوفاهم».
40 - إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ «كن فيكون» : قرأ ابن عامر ، والكسائي بنصب «فيكون» ، عطفا على «نقول».
ومن رفعه قطعه مما قبله أي : فهو يكون.
و ما بعد «الفاء» يستأنف ويبعد النصب فيه على جواب «كن» لأن لفظه لفظ الأمر ، ومعناه الخبر عن قدرة اللّه ، إذ ليس ثم مأمور بأن يفعل شيئا فالمعنى : فإنما يقال كن فهو يكون.
ومثله فى لفظ الأمر ، قوله تعالى (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) لفظه لفظ الأمر ومعناه التعجب فلما كان معنى «كن» : الخبر ، بعد أن يكون «فيكون» جوابا له ، فنصب على ذلك وبعد أيضا من جهة أخرى وذلك أن جواب الأمر إنما جزم لأنه فى معنى الشرط ، فإذا قلت : قم أكرمك جزمت الجواب لأنه بمعنى : إن تقم أكرمك وكذلك إذا قلت ت : قم فأكرمك إنما نصبت لأنه فى معنى : إن تقم فأكرمك.
وهذا إنما يكون أبدا فى فعلين مختلفى اللفظ ، أو مختلفى الفاعلين ، فإن اتفقا فى اللفظ ، والفاعل واحد ،

(1/1567)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 251
لم يجز لأنه لا معنى له ، لو قلت : قم تقم ، وقم فتقوم ، واخرج فتخرج ، لم يكن له معنى ، كما أنك لو قلت :
إن تخرج تخرج ، وإن تقم فتقوم ، لم يكن له معنى : لاتفاق لفظ معنى الفعلين والفاعلين ، فكذلك : كن فيكون ، لما اتفق لفظ الفعلين والفاعلين ، لم يحسن أن يكون «فيكون» جوابا للأول ، فالنصب على الجواب إنما يجوز على بعد على السببية فى «كن» بالأمر الصحيح على السببية بالفعلين المختلفين.
وقد أجاز الأخفش فى قوله (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا) 14 : 31 ، جوابا ل «قل» ، وليس هو بجواب له على الحقيقة ، لأن أمر اللّه لنبيه عليه السلام بالقول ليس فيه بيان الأمر لهم بأن يقيموا الصلاة حتى يقول لهم :
أقيموا الصلاة.
فنصب «فيكون» على جواب «كن» إنما يجوز على التشبه على ما ذكرنا ، وهو بعيد لفساد المعنى ، وقد أجازه الزجاج وعلى ذلك قرأ ابن عامر بالنصب فى سورة البقرة : 117 ، وفى آل عمران : 47 ، وفى غافر :
68 ، فأما فى هذه السورة ، وفى «يس» : 82 ، فالنصب حسن على العطف على «يقول» لأنه قبله «أن».
42 - الَّذِينَ صَبَرُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ «الذين» : فى موضع رفع ، على البدل من «الذين هاجروا» الآية : 41 ، أو فى موضع نصب على البدل من «الهاء والميم» فى «لنبوئنهم» الآية : 41 ، أو على إضمار : أعنى.
51 - وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ «اثنين» : تأكيد بمنزلة «واحد» ، فى قوله ، (إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ واحِدٌ) 4 : 171 52 - وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ «واصبا» : نصب على الحال.
57 - وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ الْبَناتِ سُبْحانَهُ وَلَهُمْ ما يَشْتَهُونَ «و لهم ما يشتهون» : ما ، رفع بالابتداء ، و«لهم» : الخبر.
وأجاز الفراء أن يكون «ما» : فى موضع نصب ، على تقدير : ويجعلون لهم ما يشتهون.
ولا يجوز هذا عند البصريين كما لا يجوز : جعلت لى طعاما إنما يجوز : جعلت لنفسى طعاما فلو كان لفظ القرآن : ولأنفسهم ما يشتهون ، جاز ما قال الفراء عند البصريين.

(1/1568)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 252
58 - وَإِذا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ «وجهه» : اسم «ظل» ، و«مسودا» : الخبر.
ويجوز فى الكلام أن يضمر فى «ظل» اسمها ، ويرفع «وجهه» ، و«مسود» بالابتداء والخبر ، والجملة : خبر «ظل».
62 - وَيَجْعَلُونَ لِلَّهِ ما يَكْرَهُونَ وَتَصِفُ أَلْسِنَتُهُمُ الْكَذِبَ أَنَّ لَهُمُ الْحُسْنى لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ وَأَنَّهُمْ مُفْرَطُونَ «و تصف ألسنتهم» : يذكر ويؤنث فمن أنث قال فى جمعه : ألسن ومن ذكره قال فى جمعه : ألسنة ، وبذلك أتى القرآن.
و«الكذب» : منصوب ب «تصف» ، و«أن لهم» : بدل من «الكذب» ، بدل الشيء من الشيء ، وهو هو.
وقد قرىء الكذب ، بثلاث ضمات ، على أنه نعت للألسنة ، وهو جمع «كاذب» ، وبنصب «أن لهم» ب «تصف».
«
لا جرم أنّ لهم النّار» : أن ، فى موضع رفع ب «جرم» ، بمعنى : وجب ذلك لهم.
وقيل : هى فى موضع نصب ، بمعنى : كسبهم أن لهم النار.
وأصل معنى «جرم» : كسب ، ومنه : المجرمون أي : الكاسبون الذنوب.
64 - وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ «و هدى ورحمة» : مفعولان من أجلهما.
66 - وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعامِ لَعِبْرَةً نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ وَدَمٍ لَبَناً خالِصاً سائِغاً لِلشَّارِبِينَ «ممّا فى بطونه» : الهاء. تعود على «الأنعام» لأنها تذكر وتؤنث ، يقال : هو الأنعام :
و هى الأنعام ، فجرى هذا الحرف على لغة من يذكر. والذي فى سورة «المؤمنين» : 21 ، على لغة من يؤنث.
حكى هذا عن يونس بن حبيب البصري.

(1/1569)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 253
و جواب ثان ، وهو : «الهاء» فى «بطونه» تعود على البعض لأن «من» فى قوله «مما فى بطونه» : دلت على التبعيض ، وهو الذي له لبن منها فتقديره : مما فى بطون البعض الذي له لبن ، وليس لكلها لبن.
وهو قول أبى عبيدة.
وجواب ثالث ، وهو : أن «الهاء» فى «بطونه» تعود على المذكور أي : ونسقيكم مما فى بطون المذكور.
وجواب رابع ، وهو : أن «الهاء» تعود على «النعم» لأن الأنعام والنعم ، سواء فى المعنى.
وجواب خامس ، وهو : أن «الهاء» تعود على واحدة الأنعام واحدها : نعم : والنعم مذكر ، واحد الأنعام.
والعرب تصرف الضمير إلى الواحد ، وإن كان لفظ الجمع قد تقدم قال الأعشى :
فإن تعهدى لامرىء لمة فإن الحوادث أودى بها
فقال «بها» ، فرد الضمير فى «أودى» على الحدثان أو على الحادثة ، وذكّر لأنه لا مذكر لها من لفظها.
و جواب سادس ، وهو : أن «الهاء» تعود على الذكور خاصة ، حكى هذا أقول إسماعيل القاضي ، ودل ذلك أن اللبن للفحل ، فشرب اللبن من الإناث ، واللبن للفحل ، فرجع الضمير عليه ، واستدل بها على أن اللبن فى الرضاع للفحل.
67 - وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ «الهاء» فى قوله «تتخذون منه» : يعود على واحد الثمرات المتقدمة الذكر ، فهى تعود على الثمر ، كما عادت «الهاء» فى «بطونه» على واحد الأنعام ، وهو النعم.
وقيل : بل تعود على «ما» المضمرة لأن التقدير : ومن ثمرات النخيل والأعناب ما تتخذون منه ، فالهاء ل «ما» ، ودلت «من» عليها وجاز حذف «ما» كما جاز حذف «من» فى قوله : (وَ ما مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) 37 : 164 أي : إلا من له مقام ، فحذف «من» لدلالة «من» عليها ، فى قوله «و ما منا».
وقيل : «الها» : تعود على المذكور ، كأنه قال : تتخذون من المذكور سكرا.
69 - ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا يَخْرُجُ مِنْ بُطُونِها شَرابٌ مُخْتَلِفٌ أَلْوانُهُ فِيهِ شِفاءٌ لِلنَّاسِ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ «الهاء» فى قوله «فيه شفاء للناس» : تعود على «الشراب» ، الذي هو العسل.

(1/1570)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 254
و قيل : بل تعود على «القرآن».
73 - وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقاً مِنَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ شَيْئاً وَلا يَسْتَطِيعُونَ انتصب «شى ء» على البدل من «رزق» ، وهو عند الكوفيين ، منصوب ب «رزق» ، و«الرزق» ، عند البصريين : اسم ليس بمصدر ، فلا يعلم إلا فى شعر.
91 - وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذا عاهَدْتُمْ وَلا تَنْقُضُوا الْأَيْمانَ بَعْدَ تَوْكِيدِها وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ ما تَفْعَلُونَ «بعد توكيدها» ، هذه الواو فى «التوكيد» هى الأصل.
ويجوز أن يبدل منها همزة ، فتقول : تأكيد ، ولا يحسن أن يقال : الواو بدل من الهمزة ، كما لا يحسن ذلك فى «أحد» ، أصله : وحد ، فالهمزة بدل من الواو.
92 - وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكاثاً تَتَّخِذُونَ أَيْمانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّما يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ ما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ «أنكاثا» : نصب على المصدر ، والعامل فيه «نقضت» لأنه بمعنى : نكثت نكثا ف «أنكاثا» جمع : نكث.
وقال الزجاج : أنكاثا ، نصب لأنه فى معنى المصدر.
«دخلا» : مفعول من أجله.
«أن تكون أمّة هى أربى من أمة» : أن ، فى موضع نصب على حذف حرف الخفض تقديره :
بأن تكون ، أو : لأن تكون «هى أربى» : مبتدأ و«أربى» : فى موضع رفع خبر «هى» والجملة خبر «كان».
وأجاز الكوفيون أن تكون «هى» : فاصلة ، لا موضع لها من الإعراب وأربى» : فى موضع نصب خبر «كان» ، وهو قياس قول البصريين لأنهم أجازوا أن تكون : هى ، وهو ، وأنت ، وأنا ، وشبه ذلك :
فواصل لا موضع لها من الإعراب ، مع «كان» وأخواتها ، و«أن» وأخواتها و«ظن» وإخوتها ، إذا كان بعدهن معرفة ، أو ما قارب المعرفة.

(1/1571)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 255
و «أربى من أمة» هو مما يقرب من المعرفة ، لملازمة «من» ل «أفعل» ، ولطول الاسم لأن «من» وما بعدها من تمام «أفعل».
وإنما فرق البصريون فى هذه الآية ولم يجيزوا أن تكون «هى» فاصلة لأن «كان» نكرة ، فلو كان معرفة لحسن وجاز.
والهاء فى «يبلوكم اللّه به» : يرجع على العهد.
99 - إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ الهاء ، فى «إنه» : تعود على الشيطان.
وقيل : للحديث والخبر.
100 - إِنَّما سُلْطانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ الهاء فى «هم به مشركون» : تعود على «اللّه» جل ذكره.
وقيل : على الشيطان ، على معنى : هم من أجله يشركون باللّه.
106 - مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ «من كفر باللّه» : من ، فى موضع رفع ، بدل من «الكاذبين» الآية : 105 «إلا من أكره» : من ، نصب على الاستثناء.
«و لكن من شرح بالكفر صدرا فعليهم» : من ، مبتدأ ، و«فعليهم» : الخبر.
116 - وَلا تَقُولُوا لِما تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هذا حَلالٌ وَهذا حَرامٌ ...
«الكذب» : نصب ب «تصف» ، و«ما تصف» : مصدر.
ومن رفع «الكذب» ، وضم الكاف والدال ، جعله نعتا ل «ألسنة».
وقرأ الحسن ، وطلحة ، ومعمر : «الكذب» ، بالخفض وفتح الكاف ، وجعلوه نعتا ل «ما» ، أو بدلا منها.
123 - ثُمَّ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ أَنِ اتَّبِعْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ «حنيفا» ، حال من المضمر المرفوع فى اتبع ، ولا يحسن أن يكون حالا من «إبراهيم» لأنه مضاف إليه.

(1/1572)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 256
و معنى «حنيفا» : مائلا عن الأديان ، إلا دين إبراهيم.
وأصل «الحنف» : الميل فى الأمر ومنه : الأحنف.
127 - وَاصْبِرْ وَما صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِمَّا يَمْكُرُونَ «و لا تحزن عليهم» : الهاء والميم : يعودان على «الكفار» أي : لا تحزن على تخلفهم عن الإيمان ، وذلك على ذلك قوله «يمكرون».
و قيل : الضمير ل «الشهداء» الذين نزل فيهم (وَ إِنْ عاقَبْتُمْ) الآية : 126 ، إلى آخر السورة أي : لا تحزن على قتل الكفار إياهم.
و«الضيق» ، بالفتح : المصدر وبالكسر : الاسم.
وحكى الكوفيون «الضيق» ، بالفتح : يكون فى القلب والمصدر وبالكسر : يكون فى الثوب والدار ، ونحو ذلك.
- 17 - سورة الإسراء
1 - سُبْحانَ الَّذِي أَسْرى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ ...
«سبحان» : تنزيه للّه من السوء ، وهو مروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم - وانتصب على المصدر ، كأنه وضع موضع «بحت اللّه تسبيحا» ، وهو معرفة ، إذا أفرد وفى آخره زائدتان : الألف والنون ، فامتنع من الصرف للتعريف والزيادتين.
وحكى سيبويه أن من العرب من ينكره ، فيقول : سبحانا ، بالتنوين.
وقال أبو عبيد : انتصب على النداء ، كأنه قال : يا سبحان اللّه ، ويا سبحان الذي أسرى بعبده.
2 ، 3 - وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلًا ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً «ذرية» : مفعول ثان ل «تتخذوا» ، على قراءة من قرأ بالتاء ، و«وكيلا» : مفعول أول ، وهو مفرد معناه الجمع.

(1/1573)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 257
و «اتخذ» يتعدى إلى مفعولين ، مثل قوله تعالى : (وَ اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلًا) 4 : 125 ، ويجوز نصب «ذرية» على النداء.
فأما من قرأ «يتخذوا» بالياء ، ف «ذرية» : مفعول ثان لا غير ، ويبعد النداء لأن الياء للغيبة ، والنداء للخطاب ، فلا يجتمعان إلا على بعد.
وقيل : «ذرية» ، فى القراءتين : بدل من «وكيلا».
وقيل : نصب على إضمار : أعنى.
ويجوز الرفع فى الكلام ، على قراءة ، من قرأ بالياء ، على البدل من المضمر فى «يتخذوا» ، لا يحسن ذلك فى قراءة المخاطب ، لأن المخاطب لا يبدل منه الغائب.
و يجوز الخفض ، على البدل من «بنى إسرائيل» و«أن» فى قوله «ألا يتخذوا» ، فى قراءة من قرأ بالياء ، فى موضع نصب على حذف الخافض أي : لأن لا يتخذوا.
فأما من قرأ بالتاء ، فيحتمل فى «أن» ثلاثة أوجه :
أحدها : أن تكون لا موضع لها من الإعراب ، وهى للتفسير ، بمعنى «أي» ، فتكون «لا» نهيا ، ويكون معنى الكلام قد خرج فيه من الخبر إلى النهى.
والوجه الثاني : أن تكون «أن» زائدة ليست للتفسير ، ويكون الكلام خبرا بعد خبر على إضمار القول تقديره : وقلنا لهم لا تتخذوا.
والوجه الثالث : أن تكون فى موضع نصب ، و«لا» زائدة ، وحرف الجر محذوف مع «أن» تقديره :
و جعلناه هدى لبنى إسرائيل لأن تتخذوا دونى وكيلا أي : كراهة أن تتخذوا.
5 - فَإِذا جاءَ وَعْدُ أُولاهُما بَعَثْنا عَلَيْكُمْ عِباداً لَنا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجاسُوا خِلالَ الدِّيارِ وَكانَ وَعْداً مَفْعُولًا «خلال الدّيار» : نصب على الظرف.
7 - إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوؤُا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَما دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا ما عَلَوْا تَتْبِيراً «وعد الآخرة» : معناه : وعد المرة الآخرة ، ثم حذف فهو فى الأصل صفة قامت مقام موصوف لأن

(1/1574)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 258
«الآخرة» نعت ل «المرة» ، فحذفت «المرة» وأقيمت «الآخرة» مقامها. والكلام هو رد على قوله :
«ليفسدون فى الأرض مرتين» الآية : 4 «و ليتبرّوا ما علوا» : ما ، والفعل ، مصدر أي : وليتبروا علوهم أي : وقت علوهم أي : وليهلكوا ويفسدوا من تمكنهم فهو بمنزلة قولك : جئتك مقدم الحاج ، وخفوق النجم أي : وقت ذلك.
8 - عَسى رَبُّكُمْ أَنْ يَرْحَمَكُمْ وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنا وَجَعَلْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ حَصِيراً «أن» : فى موضع نصب ب «عسى» ، والرحمة ، هنا : نعت محمد عليه السلام. و«عسى» من اللّه ، واجبة ، فقد كان ذلك.
11 - وَيَدْعُ الْإِنْسانُ بِالشَّرِّ دُعاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكانَ الْإِنْسانُ عَجُولًا «دعاءه بالخير» : نصب على المصدر وفى الكلام حذف تقديره : ويدع الإنسان بالشر دعاء مثل دعائه بالخير ، ثم حذف الموصوف ، وهو «دعاء» ، ثم حذف الصفة المضافة وأقام المضاف إليه مقامها.
14 - اقْرَأْ كِتابَكَ كَفى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيباً «حسيبا» : نصب على البيان.
وقيل : على الحال.
20 - كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَهَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً «هؤلاء وهؤلاء» : بدل من «كل» ، على معنى : المؤمن والكافر يرزق.
21 - انْظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلًا «كيف» : فى موضع نصب ب «فضلنا» ، ولا يعمل فيه «انظر» لأن الاستفهام لا يعمل فيه ما قبله.
«أكبر» : خبر الابتداء ، وهو ول «الآخرة» ، و«درجات» : نصب على البيان ، ومثله : «تفضيلا».
23 - وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيماً «يبلغنّ عندك» : قرأه حمزة والكسائي «يبلغان» ، بتشديد النون وبألف على التثنية ، لتقدم ذكر «الوالدين» ،

(1/1575)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 259
و أعاد الضمير فى «أحدهما» على طريق التأكيد ، فيكون «أحدهما» بدلا من الضمير ، «أو كلاهما» عطف على «أحدهما».
و قيل : ثنى الفعل ، وهو مقدم ، على لغة من قال : «فأما أحدهما» : كما ثنيت علامة التأنيث فى الفعل المقدم عند جميع العرب ، فيكون «أحدهما» رفعا بفعله على هذا ، و«أو كلاهما» عطف على «أحدهما».
28 - وَإِمَّا تُعْرِضَنَّ عَنْهُمُ ابْتِغاءَ رَحْمَةٍ مِنْ رَبِّكَ تَرْجُوها فَقُلْ لَهُمْ قَوْلًا مَيْسُوراً «ابتغاء رحمة» : مفعول من أجله.
31 - وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كانَ خِطْأً كَبِيراً «خشية إملاق» : مفعول من أجله.
32 - وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبِيلًا «الزّنا» ، من قصره جعله مصدر : زنى يزنى زنا ، ومن مده جعله مصدر : زانى يزانى مزاناة وزناء.
33 - وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كانَ مَنْصُوراً «مظلوما» : نصب على الحال.
«إنه كان منصورا» : «الهاء» تعود على «الولي» وقيل : على المقتول وقيل : على الدم وقيل :
على القتل.
وقال أبو عبيدة : هى للقاتل ، ومعناه : أن القاتل ، إذا افتيد منه فى الدنيا فقتل ، فهو منصور ، وفيه بعد فى التأويل.
37 - وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولًا «مرحا» : نصب على المصدر.

(1/1576)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 260
و قرأ يعقوب : مرحا ، بكسر الراء ، فيكون نصبه على الحال.
41 - وَلَقَدْ صَرَّفْنا فِي هذَا الْقُرْآنِ لِيَذَّكَّرُوا وَما يَزِيدُهُمْ إِلَّا نُفُوراً «نفورا» : نصب على الحال.
46 - وَجَعَلْنا عَلى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَنْ يَفْقَهُوهُ وَفِي آذانِهِمْ وَقْراً وَإِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى أَدْبارِهِمْ نُفُوراً «نفورا» : نصب على الحال.
53 - وَقُلْ لِعِبادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ...
«و قل لعبادى» : قد مضى الاختلاف فى نظيره فى سورة «إبراهيم» : 31 ، فهو مثله.
57 - أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ ...
«أيهم أقرب» : ابتداء وخبر ، ويجوز أن يكون «أيهم» ، بمعنى «الذي» ، بدلا من «الواو» فى «يبتغون» تقديره : يبتغى الذي هو أقرب الوسيلة ، ف «أي» على هذا التقدير : مثبتة ، عند سيبويه ، وفيه اختلاف ونظر سيأتى فى سورة مريم : 73» إن شاء اللّه.
59 - وَما مَنَعَنا أَنْ نُرْسِلَ بِالْآياتِ إِلَّا أَنْ كَذَّبَ بِهَا الْأَوَّلُونَ وَآتَيْنا ثَمُودَ النَّاقَةَ مُبْصِرَةً ...
أي ما منعنا أن نرسل الآيات التي اقترحتها قريش ، إلا تكذيب الأولين بمثلها ، فكان ذلك سبب إهلاكهم ، فلو أرسلها إلى قريش فكذبوا لأهلكوا.
وقد تقدم فى علم اللّه تأخير عذابهم إلى يوم القيامة ، فلم يرسلها لذلك.
«مبصرة» : نصب على الحال.
60 - وَإِذْ قُلْنا لَكَ إِنَّ رَبَّكَ أَحاطَ بِالنَّاسِ وَما جَعَلْنَا الرُّؤْيَا الَّتِي أَرَيْناكَ إِلَّا فِتْنَةً لِلنَّاسِ وَالشَّجَرَةَ الْمَلْعُونَةَ ...
نصب «الشجرة» على العطف على «الرؤيا» أي : وما جعلنا الشجرة الملعونة.

(1/1577)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 261
61 - وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ قالَ أَأَسْجُدُ لِمَنْ خَلَقْتَ طِيناً «طينا» : نصب على الحال.
71 - يَوْمَ نَدْعُوا كُلَّ أُناسٍ بِإِمامِهِمْ فَمَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَأُولئِكَ يَقْرَؤُنَ كِتابَهُمْ وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا العامل فى «يوم» : فعل دل عليه الكلام ، كأنه قال : لا يظلمون يوم ندعو لأن «يوما» مضاف إليه ، ولا يعمل المضاف إليه فى المضاف لأنهما كاسم واحد ، ولا يعمل الشيء فى نفسه.
و «الباء» فى «بإمامهم» «تتعلق ب «ندعو» ، فى موضع المفعول الثاني ل «ندعو» ، تعدى إليه بحرف جر.
ويجوز أن تتعلق «الباء» بمحذوف ، والمحذوف فى موضع الحال ، فيكون التقدير : ندعو كل الناس مختلطين بإمامهم أي : فى هذه الحال ومعناه : ندعوهم وإمامهم فيهم.
ومعناه على القول الأول : ندعوهم باسم إمامهم ، وهو معنى ما روى عن ابن عباس فى تفسيره.
وقد روى عن الحسن أن «الإمام» هنا : الكتاب الذي فيه أعمالهم ، فلا يحتمل على هذا أن تكون «الباء» إلا متعلقة بمحذوف ، وذلك المحذوف فى موضع الحال تقديره : ندعوهم ومعهم كتابهم الذي فيه أعمالهم كأنه فى التقدير : ندعوهم باتباعهم كتابهم ، أو مستقرا معهم كتابهم ، ونحو ذلك فلا يتعدى «ندعو» ، على هذا التأويل ، إلا إلى مفعول واحد.
72 - وَمَنْ كانَ فِي هذِهِ أَعْمى فَهُوَ فِي الْآخِرَةِ أَعْمى وَأَضَلُّ سَبِيلًا «أعمى» : هو من : عمى القلب ، فهو ثلاثى من «عمى» ، فلذلك أتى بعد فعل ثلاثى وفيه معنى التعجب.
ولو كان من : عمى العين ، لقال : فهو فى الآخرة أشد ، أو أبين ، عمى لأن فيه معنى التعجب ، وعمى العين شىء ثابت ، كاليد والرجل ، فلا يتعجب منه إلا بفعل ثلاثى وكذلك حكم ما جرى مجرى التعجب.
وقيل : لما كان عمى العين أصله الرباعي لم يتعجب منه إلا بإدخال فعل ثلاثى ، لينقل التعجب إلى الرباعي ، فإذا كان فعل المتعجب منه رباعيا لم يمكن نقله إلى أكثر من ذلك فلا بد من إدخال فعل ثلاثى ، نحو : أبين ، وأشد ، أو كثر ، وشبهه. هذا مذهب البصريين.

(1/1578)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 262
و قد حكى الفراء : ما أعماه : وأعوره ، ولا يجوزه البصريون.
77 - سُنَّةَ مَنْ قَدْ أَرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنْ رُسُلِنا وَلا تَجِدُ لِسُنَّتِنا تَحْوِيلًا «سنّة» : نصب على المصدر أي : سن اللّه ذلك سنة يعنى : سن اللّه أن من أخرج نبيه هلك.
وقال الفراء : المعنى : كسنة من ، فلما حذف «الكاف» نصب.
78 - أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً «و قرآن الفجر» : نصب بإضمار فعل تقديره : واقرءوا قرآن الفجر.
وقيل : تقديره : أتم قرآن الفجر.
92 - أَوْ تُسْقِطَ السَّماءَ كَما زَعَمْتَ عَلَيْنا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلًا «قبيلا» : نصب على الحال.
94 - وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى إِلَّا أَنْ قالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولًا «أن يؤمنوا» : أن ، فى موضع ، نصب مفعول «منع» ثان.
«إلّا أن قالوا» : أن ، فى موضع رفع ، فاعل «منع» أي : ما منع الناس الإيمان إلا قولهم كذا وكذا.
96 - قُلْ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ إِنَّهُ كانَ بِعِبادِهِ خَبِيراً بَصِيراً «كفى باللّه شهيدا» : اللّه ، جل ذكره ، فى موضع رفع ب «كفى» : و«شهيدا» حال ، أو بيان تقديره : قل كفى اللّه شهيدا.
100 - قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً «لو» : لا يليها إلا الفعل لأن فيها معنى الشرط ، فإن لم يظهر أضمر ، فهو مضمر فى هذا و«أنتم» :
رفع بالفعل المضمر.
101 - وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى تِسْعَ آياتٍ بَيِّناتٍ ...
يجوز أن يكون «بينات» ، فى موضع خفض على النعت ل «آيات» ، أو فى موضع نصب نعت ل «تسع».

(1/1579)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 263
104 - وَقُلْنا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذا جاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنا بِكُمْ لَفِيفاً «لفيفا» : نصب على الحال :
105 - وَبِالْحَقِّ أَنْزَلْناهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا مُبَشِّراً وَنَذِيراً «بالحق» ، الأول : حال مقدمة من المضمر فى «أنزلناه» ، و«بالحق» ، الثاني : حال مقدمة من المضمر فى «نزل».
و يجوز أن يكون الباء فى الثاني متعلقة ب «نزل» ، على جهة التعدي.
106 - وَقُرْآناً فَرَقْناهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلى مُكْثٍ وَنَزَّلْناهُ تَنْزِيلًا انتصب «قرآن» بإضمار فعل ، تفسيره : فرقناه تقديره : وفرقناه قرآنا فرقناه.
ويجوز أن يكون معطوفا على «مبشرا ونذيرا» الآية : 105 ، على معنى : فصاحب قرآن ، ثم حذف المضاف فيكون «فرقناه» نعتا للقرآن.
107 - قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لا تُؤْمِنُوا إِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِنْ قَبْلِهِ إِذا يُتْلى عَلَيْهِمْ يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ سُجَّداً «سجدا» : نصب على الحال :
110 - قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى ...
«أي» : نصب ب «تدعوا» و«ما» : زائدة للتأكيد.
- 18 - سورة الكهف
2 - قَيِّماً لِيُنْذِرَ بَأْساً شَدِيداً مِنْ لَدُنْهُ ...
«قيما» : نصب على الحال من «الكتاب» الآية : 1 5 - ... كَبُرَتْ كَلِمَةً تَخْرُجُ مِنْ أَفْواهِهِمْ إِنْ يَقُولُونَ إِلَّا كَذِباً «كلمة» : نصب على التفسير ، وفى «كبرت» ضمير فاعل تقديره : كبرت مقالتهم اتخذ اللّه ولدا.

(1/1580)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 264
و من رفع «كلمة» جعل «كبرت» بمعنى : عظمت ، ولم يضمر فيه شيئا ، فارتفعت «الكلمة» بفعلها ، و«تخرج» : نعت ل «الكلمة».
«إن يقولون إلا كذبا» : إن ، بمعنى «ما» و«كذبا» : نصب بالقول.
6 - فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ إِنْ لَمْ يُؤْمِنُوا بِهذَا الْحَدِيثِ أَسَفاً «أسفا» : مصدر فى موضع الحال :
7 - إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا «زينة لها» : مفعول ثان ل «جعلنا» ، إن جعلته بمعنى : صيرنا.
وإن جعلته بمعنى «خلقنا» نصبت «زينة» على أنه مفعول من أجله لأن ، خلقنا لا يتعدى إلا إلى مفعول واحد.
11 - فَضَرَبْنا عَلَى آذانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَداً «سنين» : نصب على الظرف ، و«عددا» : مصدر.
وقيل : هو نعت ل «سنين» ، على معنى : ذات عدد.
وقال الفراء : معناه : معدودة ، فهو على هذا نعت ل «سنين».
12 - ثُمَّ بَعَثْناهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى لِما لَبِثُوا أَمَداً «أمدا» : نصب لأنه مفعول ل «أحصى» كأنه قال : لنعلم أهؤلاء أحصى للأمد أم هؤلاء؟
و قيل : هو منصوب ب «لبثوا».
وأجاز الزجاج نصبه على التمييز ومنعه غيره لأنه إذا نصبه على التمييز جعل «أحصى» اسما على «أفعل» و«أحصى» أصله مثال الماضي ، من : احصى يحصى وقد قال اللّه جل وعز : (أَحْصاهُ اللَّهُ وَنَسُوهُ) 58 : 6 ، و(أَحْصى كُلَّ شَيْءٍ عَدَداً) 72 : 28 فإذا صح أنه يقع فعلا ماضيا لم يمكن أن يستعمل منه : أفعل من كذا إنما يأتى «أفعل من كذا» أبدا من الثلاثي ، ولا يأتى من الرباعي البتة إلا فى شذوذ ، نحو قولهم : ما أولاه للخير ، وما أعطاه للدرهم فهو شاذ لا يقاس عليه. وإذا لم يمكن أن يأتى «أفعل من كذا» من الرباعي ، علمأن «أحصى» ليس هو : أفعل من كذا إنما هو فعل ماض ، وإذا كان فعلا ماضيا لم يأت معه التمييز ، وكان تعديه إلى «أمدا» أبين وأظهر.

(1/1581)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 265
و إذا نصبت «أمدا» ب «لبثوا» فهو ظرف ، لكن يلزمك أن تكون عديت «أحصى» بحرف جر لأن التقدير : أحصى للبثهم فى الأمد ، وهو مما لا يحتاج إلى حرف ، فيبعد ذلك بعض البعد ، فنصبه ب «أحصى أولى وأقوى.
فأما قوله «لنعلم أي الحزبين» ، وقوله «فلينظر أيها أزكى» الآية : 19 ، فالرفع ، عند أكثر النحويين فى هذا على الابتداء وما بعده خبر والفعل معلق غير معمل فى اللفظ.
وعلة سيبويه فى ذلك أنه لما حذف العائد على «أي» بناها على الضم.
14 - وَرَبَطْنا عَلى قُلُوبِهِمْ إِذْ قامُوا فَقالُوا رَبُّنا رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً «شططا» : نعت لمصدر محذوف تقديره : قولا شططا.
ويجوز أن تنصبه بالقول.
16 - وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَما يَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ ...
أي : واذكروا إذ اعتزلتموهم.
17 - وَتَرَى الشَّمْسَ إِذا طَلَعَتْ تَتَزاوَرُ عَنْ كَهْفِهِمْ ذاتَ الْيَمِينِ وَإِذا غَرَبَتْ تَقْرِضُهُمْ ذاتَ الشِّمالِ ...
«ذات اليمين وذات الشّمال» : ظرفان.
18 - لَوِ اطَّلَعْتَ عَلَيْهِمْ لَوَلَّيْتَ مِنْهُمْ فِراراً وَلَمُلِئْتَ مِنْهُمْ رُعْباً «فرارا ورعبا» : منصوبان على التمييز.
21 - وَكَذلِكَ أَعْثَرْنا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لا رَيْبَ فِيها إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ فَقالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْياناً ...
العامل فى «إذ» : يتنازعون.
22 - سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ رَجْماً بِالْغَيْبِ وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ ...
«و ثامنهم كلبهم» : إنما جىء بالواو هنا لتدل على تمام القصة وانقطاع الحكاية عنهم ، ولو جىء بها مع

(1/1582)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 266
«رابع» و«سادس» لجاز ، ولو حذفت من «الثامن» لجاز لأن الضمير العائد يكفى من الواو وتقول :
رأيت زيدا وأبوه جالس.
وإن شئت حذفت الواو ، للهاء العائدة على «زيد». ولو قلت : رأيت عمرا وبكر جالس ، لم يجز حذف الواو إذ لا عائد يعود على عمرو. ويقال لهذه الواو : واو الحال ، ويقال : واو الابتداء ، ويقال : واو «إذ» ، إذ هى بمعنى «إذ».
25 - وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً «ثلاث مائة سنين» : من نون «المائة» استبعد الإضافة إلى الجمع لأن أصل هذا العدد أن يضاف إلى واحد يبين جنسه نحو : عندى مائة درهم ، ومائة ثوب فنون «المائة» إذ بعدها جمع ، ونصب «سنين» على البدل من «ثلاث».
وقال الزجاج : «سنين» : فى موضع نصب ، عطف بيان على «ثلاث».
وقيل : هى فى موضع خفض على البدل من «مائة» لأنها فى معنى «سنين».
ومن لم ينون أضاف «مائة» إلى «سنين» ، وهى قراءة حمزة والكسائي ، أضافا إلى الجمع كما يفعلان فى الواحد وجاز لهما ذلك إذا أضافا إلى واحد ، فقالا : ثلاثمائة سنة ، ف «سنة» بمعنى : سنين ، لا اختلاف فى ذلك فحملا الكلام على معناه ، وهو حسن فى القياس قليل فى الاستعمال لأن الواحد أخف من الجميع ، وإنما يبعد من جهة قلة الاستعمال ، وإلا فهو الأصل.
«و ازدادوا تسعا» : تسعا ، مفعول به ، ب «ازدادوا» ، وليس بظرف تقديره : وازدادوا لبث تسع سنين ف «ازدادوا» أصله : «فعل» ، ويتعدى إلى مفعولين قال اللّه جل ذكره (وَ زِدْناهُمْ هُدىً) الآية : 13 ، لكن لما رجع «فعل» إلى «افتعل» نقص من التعدي وتعدى إلى مفعول واحد. وأصل «الدال» الأولى فى «ازدادوا» :
تاء الافتعال وأصله : وازتيدوا فقلبت الياء ألفا ، لتحركها وانفتاح ما قبلها ، وأبدل من التاء دالا لتكون فى الجهر كالدال التي بعدها والزاى التي قبلها ، وكأن الدال أولى بذلك ، لأنها من مخرج التاء ، فيكون عمل اللسان فى موضع واحد فى القوة والجهرة.
30 - إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا خبر «أن» الأولى : «أولئك لهم جنات» الآية : 31

(1/1583)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 267
و قيل : خبرها : «إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا» لأن معناه : إنا لا نضيع أجرهم.
و قيل : الخبر محذوف تقديره : إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات يجازيهم اللّه بأعمالهم ، ودل على ذلك قوله تعالى : «إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا».
31 - أُولئِكَ لَهُمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ يُحَلَّوْنَ فِيها مِنْ أَساوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَيَلْبَسُونَ ثِياباً خُضْراً مِنْ سُنْدُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ ...
«سندس» : جمع واحده : سندسة.
39 - وَلَوْ لا إِذْ دَخَلْتَ جَنَّتَكَ قُلْتَ ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَوَلَداً «قلت ما شاء اللّه» : ما ، اسم ناقص ، بمعنى «الذي» ، فى موضع رفع ، على إضمار مبتدأ تقديره : قلت الأمر ما شاء اللّه إن شاء اللّه ، ثم حذفت ، «الهاء» ، من الصلة.
وقيل : «ما» : شرط ، اسم تام و«شاء» : فى موضع «يشاء» ، والجواب محذوف تقديره : قلت :
ما شاء اللّه كان ، فلا «هاء» مقدرة فى هذا الوجه لأن «ما» إذا كانت للشرط ، والاستفهام اسم ، لا تحتاج إلى صلة ، ولا إلى عائد من صلة.
«إن ترن أنا أقل» : أنا ، فاصلة ، لا موضع لها من الإعراب و«أقل» مفعول ثان ل «ترن».
وإن شئت جعلت «أنا» تأكيدا لضمير المتكلم فى «ترن».
ويجوز فى الكلام رفع «أقل» ، بجعل «أنا» : مبتدأ ، و«أقل» : الخبر والجملة فى موضع المفعول الثاني ل «ترن».
41 - أَوْ يُصْبِحَ ماؤُها غَوْراً فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَباً «غورا» : نصب ، لأنه خبر «يصبح» تقديره : ذا غور.
42 - وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلى ما أَنْفَقَ فِيها ...
«و أحيط» : المفعول الذي لم يسم فاعله ل «أحيط» : مضمر ، وهو المصدر.
ويجوز أن يكون «بثمره» : فى موضع رفع ، على المفعول ل «أحيط».

(1/1584)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 268
«بثمره» : من قرأه بضمتين جعله جمع «ثمرة» ، كخشبة وخشب. ويجوز أن يكون جمع الجمع ، كأنه جمع : ثمار كحمار وحمر وثمار : جمع ثمرة ، كأكمة وإكام.
و من قرأه بفتحتين جعله جمع «ثمرة» ، كخشبة وخشب.
ومن أسكن الثاني وضم الأول ، فعلى الاستخفاف ، وأصله ضمتان.
44 - هُنالِكَ الْوَلايَةُ لِلَّهِ الْحَقِّ هُوَ خَيْرٌ ثَواباً وَخَيْرٌ عُقْباً من رفع «الحق» جعل «الولاية» مبتدأ ، و«هنالك» : خبره ، و«الحق» : نعت ل «الولاية» ، والعامل فى «هنالك» الاستقرار المحذوف ، الذي قام «هنالك» مقامه.
ويجوز أن يكون «للّه» : خبر «الولاية».
ومن خفض «الحق» جعله نعتا «للّه» جل وعز أي : للّه ذى الحق وألغى «هنالك» ، فيكون العامل فى «هنالك» : الاستقرار الذي قام «للّه» مقامه.
ولا يحسن الوقف على «هنالك» فى هذين الوجهين.
ويجوز أن يكون العامل فى «هنالك» ، إذا جعلت «للّه» الخبر : «منتصرا» الآية : 42 ، فيحسن الوقف على «هنالك» ، على هذا الوجه.
و«هنالك» : يحتمل أن يكون ظرف زمان وظرف مكان وأصله المكان ، تقول : اجلس هنالك وهاهنا واللام تدل على بعد المشار إليه.
«على ربك صفا» : نصب على الحال.
47 - وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الْجِبالَ وَتَرَى الْأَرْضَ بارِزَةً وَحَشَرْناهُمْ فَلَمْ نُغادِرْ مِنْهُمْ أَحَداً العامل فى «يوم» : فعل مضمر تقديره : واذكر يا محمد يوم نسير الجبال ولا يحسن أن يكون العامل ما قبله ، لأن حرف العطف يمنح من ذلك.
48 - عُرِضُوا عَلى رَبِّكَ صَفًّا ...
«صفا» : نصب على الحال.

(1/1585)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 269
50 - وَإِذْ قُلْنا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ «إلا إبليس» : نصب على الاستثناء المنقطع ، على مذهب من رأى أن «إبليس» لم يكن من الملائكة.
وقيل : هو من الأول ، لأنه كان من الملائكة.
55 - وَما مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جاءَهُمُ الْهُدى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذابُ قُبُلًا «أن يؤمنوا» : أن ، فى موضع نصب ، مفعول.
«
إلا أن تأتيهم» : أن ، فى موضع رفع ، فاعل «منع».
«قبلا» : من ضم القاف جعله جمع «قبيل» أي : يأتيهم العذاب قبيلا أي صنفا صنفا أي أجناسا.
وقيل : معناه : شيئا بعد شىء من جنس واحد ، فهو نصب على الحال.
وقيل : معناه : مقابلة أي : يقابلهم عيانا من حيث يرونه.
وكذلك المعنى فيمن قرأه بكسر القاف ، أي : يأتيهم مقابلة أي : عيانا.
59 - وَتِلْكَ الْقُرى أَهْلَكْناهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً «تلك» : فى موضع رفع على الابتداء ، و«أهلكناهم» : الخبر.
وإن شئت : كانت «تلك» فى موضع نصب على إضمار فعل يفسره «أهلكناهم».
«لمهلكهم» : من فتح اللام والميم جعله مصدر : هلكوا مهلكا وهو مضاف إلى المفعول ، على لغة من أجاز تعدى «هلك» ومن لم يجز تعديته فهو مضاف إلى الفاعل.
ومن فتح الميم وكسر اللام جعله اسم الزمان ، تقديره : لوقت مهلكهم.
وقيل : هو مصدر «هلك» أيضا أتى نادرا ، مثل : المرجع.
ومن ضم الميم وفتح اللام جعله مصدر «أهلكوا».
61 - فَلَمَّا بَلَغا مَجْمَعَ بَيْنِهِما نَسِيا حُوتَهُما فَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ سَرَباً «سربا» : مصدر.
وقيل : هو مفعول ثان ل «اتخذ».

(1/1586)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 270
63 - قالَ أَرَأَيْتَ إِذْ أَوَيْنا إِلَى الصَّخْرَةِ فَإِنِّي نَسِيتُ الْحُوتَ وَما أَنْسانِيهُ إِلَّا الشَّيْطانُ أَنْ أَذْكُرَهُ وَاتَّخَذَ سَبِيلَهُ فِي الْبَحْرِ عَجَباً «أن أذكره» : أن ، فى موضع نصب على البدل من ، «الهاء» ، فى «أنسانيه» ، وهو بدل الاشتمال.
«عجبا» : مصدر ، إن جعلته من قول موسى - عليه السلام - وتقف على «فى البحر» ، كأنه لما قال فتى موسى :
«و اتخذ سبيله فى البحر» ، قال موسى : أعجب عجبا.
وإن جعلت «عجبا» من قول فتى موسى ، كان مفعولا ثانيا ل «اتخذ».
وقيل : تقديره : واتخذ سبيله فى البحر ففعل شيئا عجبا ، فهو نعت لمفعول محذوف.
و قيل : إنه من قول موسى عليه السلام كله تقديره واتخذ موسى سبيل الحوت فى البحر عجبا ، فالوقف على «عجبا» ، على هذا التأويل ، حسن.
64 - قالَ ذلِكَ ما كُنَّا نَبْغِ فَارْتَدَّا عَلى آثارِهِما قَصَصاً «قصصا» : مصدر أي : رجعا يقصان الأرض قصصا.
66 - قالَ لَهُ مُوسى هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلى أَنْ تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْداً.
«رشدا» : مفعول من أجله معناه : بل أتبعك للرشد على أن تعلمنى مما علمت ، فيكون «على» وما بعدها : حالا.
ويجوز أن يكون مفعولا ل «تعلمنى» تقديره : على أن تعلمنى أمرا ذا رشد والرشد ، والرشد ، لغتان.
68 - وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلى ما لَمْ تُحِطْ بِهِ خُبْراً «خبرا» : مصدر لأن معنى «تحط به» : تخبره.
77 - فَانْطَلَقا حَتَّى إِذا أَتَيا أَهْلَ قَرْيَةٍ اسْتَطْعَما أَهْلَها فَأَبَوْا أَنْ يُضَيِّفُوهُما فَوَجَدا فِيها جِداراً يُرِيدُ أَنْ يَنْقَضَّ فَأَقامَهُ قالَ لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْراً «لاتخذت» : من خفف التاء جعله من «تخذت» ، فأدخل اللام التي هى لجواب «لو» ، على التاء التي هى فاء الفعل.
ومن شدده جعله ، «افتعل» ، فأدغم التاء الأصلية فى الزائدة.

(1/1587)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 271
86 - حَتَّى إِذا بَلَغَ مَغْرِبَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَغْرُبُ فِي عَيْنٍ حَمِئَةٍ وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً «تغرب فى عين حمئة» : هو فى موضع نصب على الحال ، من «الهاء» فى «وجدها».
«إما أن تعذب وإما أن تتخذ» : أن ، فى موضع نصب فيهما.
وقيل : فى موضع رفع.
فالرفع على إضمار مبتدأ ، والنصب على إضمار فعل ، ف «أن تعذب» أي : تفعل العذاب.
88 - وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا يُسْراً «فله جزاء الحسنى» : من رفع «الجزاء» جعله مبتدأ ، و«له» : الخبر وتقديره : فله جزاء الخلال الحسنى و«الحسنى» : فى موضع خفض بإضافة «الجزاء» إليها.
وقيل : هى فى موضع رفع على البدل من «جزاء» ، وحذف التنوين لالتقاء الساكنين ، و«الحسنى» ، على هذا : هى الجنة كأنه قال : فله الجنة.
ومن نصب «جزاء» ونونه ، جعل «الحسنى» : مبتدأ ، و«له» : الخبر ونصب «جزاء» على أنه مصدر فى موضع الحال تقديره : فله الخلال الحسنى جزاء ، أو : فله الجنة جزاء أي : مجزياتها.
وقيل : «جزاء» : نصب على التمييز وقيل : على المصدر.
ومن نصب ولم ينونه فإنما حذف التنوين لالتقاء الساكنين ، ف «الحسنى» : فى موضع رفع وفيه بعد.
93 - حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا «يفقهون» : من ضم «الياء» قدر حذف مفعول تقديره : لا يفقهون أحدا قولا.
ولا حذف مع فتح الياء.
94 - قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا «يأجوج ومأجوج» : لم ينصرفا ، لأنهما اسمان لقبيلتين مع التعريف.
وقيل : مع العجمة.
ومن همز جعله عربيا مشتقا ، من : أجيج النار ، ومن ذلك قولهم : ملح أجاج ، فهما على وزن ، يعفول ومفعول.

(1/1588)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 272
103 - قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمالًا «بالأخسرين أعمالا» : نصب على التفسير.
108 - خالِدِينَ فِيها لا يَبْغُونَ عَنْها حِوَلًا «حولا» : نصب ب «يبغون» أي : متحولا يقال : حال من المكان يحول حولا ، إذا تحول منه.
- 19 - سورة مريم
1 ، 2 - كهيعص ذِكْرُ رَحْمَتِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا «ذكر رحمة ربك» ، قال الفراء : مرفوع ب «كهيعص» وقال الأخفش : مبتدأ ، وخبره محذوف تقديره : فيما نقص عليك ذكر رحمة ربك.
وقيل : تقديره : هذا الذي يتلى ذكره رحمة ربك وتقدير الكلام : ذكر ربك عبده زكريا برحمته :
3 - إِذْ نادى رَبَّهُ نِداءً خَفِيًّا العامل فى «إذ» : هو «ذكر».
4 - قالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُنْ بِدُعائِكَ رَبِّ شَقِيًّا «شيبا» : نصب على التفسير.
وقيل : هو مصدر : شاب شيبا.
6 - يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا «يرثنى ويرث» : من جزمه جعله جواب الطلب لأنه كالأمر فى الحكم.
ومن رفعه جعله نعتا ل «ولى» الآية : 5 وعلى القطع ، تقديره ، إذا جعلته نعتا : فهب لى من لدنك وليا وارثا علمى ونبوتى.
8 - قالَ رَبِّ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلامٌ وَكانَتِ امْرَأَتِي عاقِراً وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا «عتيا» : نصب ب «بلغت» وتقديره : سببا عتيا وأصله : عتوا ، وهو مصدر : عتا يعتو ، فأبدلوا من الواو ياء ، ومن الضمة التي قبلها كسرة ، لتصح الياء لأن ذلك أخف.

(1/1589)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 273
و قد قرئ بكسر العين ، لإتباع الكسر الكسر.
9 - قالَ كَذلِكَ قالَ رَبُّكَ ...
الكاف ، فى موضع رفع أي : قال الأمر كذلك ، فهى خبر ابتداء محذوف.
10 - قالَ رَبِّ اجْعَلْ لِي آيَةً قالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلاثَ لَيالٍ سَوِيًّا «سويا» : نصب على الحال من المضمر فى «تكلم» ، أو نعت ل «ثلاث ليال».
12 - يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا «صبيا» : نصب على الحال.
13 - وَحَناناً مِنْ لَدُنَّا وَزَكاةً وَكانَ تَقِيًّا «و حنانا» : عطف على «الحكم».
22 - فَحَمَلَتْهُ فَانْتَبَذَتْ بِهِ مَكاناً قَصِيًّا «مكانا» : ظرف.
و قيل : هو مفعول به على تقدير : قصدت به مكانا قصيا.
24 - فَناداها مِنْ تَحْتِها أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيًّا من كسر «الميم» فى «من» ، كان الضمير فى «فناداها» : ضمير عيسى - عليه السلام - ، أي : فناداها - عليه السلام - من تحتها أي : من تحت ثيابها.
ويجوز أن يكون الضمير لجبريل - عليه السلام - ويكون التقدير : فناداها جبريل من دونها أي : من أسفل من موضعها ، كما تقول : دارى تحت دارك أي : أسفل من دارك ولدي ، تحت بلدك أي : أسفل منه ، وكما قال تعالى - فى الجنة (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ) أي : من أسفل.
ف «تحت» يراد بها الجهة المحازية للشىء ، فيكون جبريل - عليه السلام - كلمها من الجهة المحازية لها ، لا من أسفل منها.
وإذا كان الضمير لعيسى - عليه السلام - كان «تحت» : أسفل ، لأن موضع ولادة عيسى أسفل منها ، ويدلك على أن «تحت» يقع بمعنى الجهة المحازية للشىء قوله «قد جعل ربك تحتك سريا» أي : فى الموضع المحازى لك ، لأنه أسفلها.

(1/1590)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 274
فأما من فتح «الميم» من «من» فإنه جعل «من» هو الفاعل ، وليس فى «فناداها» ضمير فاعل. «و من» ، فى هذه القراءة : هو عيسى لأنه هو الذي أسفل منها ، فرفعت «من» للخصوص فى هذا ، وأصلها أن تكون للعموم.
25 - وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُساقِطْ عَلَيْكِ رُطَباً جَنِيًّا «رطبا» : نصب على البيان وقيل : هو مفعول ل «هزى» ، وهذا إنما يكون على قراءة من قرأ بالياء والتخفيف ، أو التشديد أو بفتح التاء والتشديد.
وفى «تساقط» : ضمير النخلة.
ويجوز أن يكون ضمير «الجذع» ، هذا على قراءة من قرأه بالتاء.
فأما من قرأه بالياء ، فلا يكون فى «يساقط» : إلا ضمير «الجذع».
فأما من قرأ بضم التاء والتخفيف وكسر القاف ف «رطبا» : مفعول ل «تساقط» ، وقيل : هو حال ، والمفعول مضمر تقديره : تساقط ثمرها عليك رطبا.
و النخلة تدل على الثمر ، فحسن الحذف ، «و الباء» فى «بجذع» : زائدة.
26 - فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْناً ...
«عينا» : منصوب على التفسير.
29 - فَأَشارَتْ إِلَيْهِ قالُوا كَيْفَ نُكَلِّمُ مَنْ كانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا «صبيا» : نصب على الحال ، و«كان» : زائدة ، والعامل فى الحال : الاستقرار.
وقيل : «كان» هنا ، بمعنى : وقع وحدث ، فيها اسمها مضمر ، و«صبيا» : حال أيضا ، والعامل فيه «نكلم». وقيل : «كان».
وقال الزجاج : «من» : للشرط ، والمعنى : من كان فى المهد صبيا كيف نكلمه؟
31 - وَجَعَلَنِي مُبارَكاً أَيْنَ ما كُنْتُ وَأَوْصانِي بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ ما دُمْتُ حَيًّا «مباركا» : مفعول ثان ل «جعل».
«ما دمت حيّا» : ما ، فى موضع نصب على الظرف أي : حين دوام حياتى.

(1/1591)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 275
و قيل : فى موضع نصب على الحال ، و«حيا» : خبر «دمت» ، والتاء : اسم «دام».
32 - وَبَرًّا بِوالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّاراً شَقِيًّا «و برا» : عطف على «مباركا».
ومن خفض «برا» ، عطفه على «الصلاة».
34 - ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ «قول الحق» : من رفع «قولا» أضمر مبتدأ ، وجعل «الحق» خبره تقديره : ذلك عيسى بن مريم ، ذلك قول الحق ، وهو قول الحق ، وهذا الكلام قول الحق.
وقيل : إن «هو» المضمرة ، كناية عن عيسى عليه السلام ، لأنه يكلمه اللّه جل ذكره ، وقد سماه اللّه كلمة ، إذ بالكلمة يكون ولذلك قال الكسائي على هذا المعنى : إن «قول الحق» نعت لعيسى - عليه السلام - .
ومن نصب «قولا» فعلى المصدر أي : أقول قول الحق.
36 - وَإِنَّ اللَّهَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ من فتح «أن» عطفها على «الصلاة» ، ومن كسرها استأنف الكلام بها.
41 - وَاذْكُرْ فِي الْكِتابِ إِبْراهِيمَ إِنَّهُ كانَ صِدِّيقاً نَبِيًّا «صديقا» : خبر «كان» ، و«نبيا» : نصب ب «صديق».
و قيل : هو خبر بعد خبر.
46 - قالَ أَراغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يا إِبْراهِيمُ ...
«راغب» : مبتدأ ، و«أنت» : رفع بفعله ، وهو الرغبة ، ويسد مسد الخبر وحسن الابتداء بنكرة ، لاعتمادها على ألف الاستفهام قبلها.
47 - قالَ سَلامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي ...
«سلام عليك» : سلام ، ابتداء والمجرور : خبره ، وحسن الابتداء بنكرة ، لأن فيها معنى المنصوب ، وفيها أيضا معنى التبرئة.
فلما أفادت فوائد جاز الابتداء بها ، والأصل ألا يبتدأ بنكرة إلا أن تفيد فائدة عند المخاطب.

(1/1592)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 276
52 - وَنادَيْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَيْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِيًّا «نجيا» : نصب على الحال.
58 - ... إِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُ الرَّحْمنِ خَرُّوا سُجَّداً وَبُكِيًّا «سجدا وبكيا» : نصب على الحال ، ويكون «بكيا» : جمع «باك».
وقيل : «بكيا» : نصب على المصدر ، وليس جمع «باك» وتقديره : خروا سجد وبكوا بكيا.
62 - لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً إِلَّا سَلاماً ...
«إلا سلاما» : نصب على الاستثناء المنقطع.
وقيل : هو بدل من «لغو».
63 - تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبادِنا مَنْ كانَ تَقِيًّا «نورث» : يتعدى إلى مفعولين ، لأنه رباعى ، من «أورث» ، فالمفعول الأول «ها» محذوفة تقديره :
«نورثها» ، والمفعول الثاني «من» ، فى قوله : «من كان تقيا» ، و«من» متعلقة ب «نورث» والتقدير : تلك الجنة التي نورثها من كان تقيا من عبادنا.
68 - فَوَ رَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّياطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا «جثيا» : نصب على الحال ، إن جعلته جمع : جاث ، ونصب على المصدر ، إن لم تجعله جمعا وجعلته مصدرا.
69 - ثُمَّ لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ أَيُّهُمْ أَشَدُّ عَلَى الرَّحْمنِ عِتِيًّا قرأ هارون القارئ : بنصب «أيهم» ، أعمل فيها «لننزعن».
و الرفع فى «أيهم» عند الخليل ، على الحكاية ، فهو ابتداء ، وخبره : «أشد» تقديره : لننزعن من كل شيعة الذي من أجل عتوه ، يقال له : أي هؤلاء أشد عتيا؟
و ذهب يونس إلى أن «أيا» رفع بالابتداء على الحكاية ، ويعلق الفعل ، وهو «لننزعن» ، فلا يعمله فى اللفظ ، ولا يجوز أن يتعلق مثل «لننزعن» عند سيبويه والخليل ، إنما يجوز أن تعلق مثل أفعال الشد وشبهها بما لم يتحقق وقوعه.
وذهب سيبويه إلى أن «أيا» مبنية على الضم ، لأنها عنده بمنزلة «الذي» و«ما» ، لكن خالفتهما

(1/1593)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 277
فى جواز الإضافة ، فأعربت لما جازت فيها الإضافة ، فلما حذف من صلتها ما يعود عليها لم تقو ، فرجعت إلى أصلها وهو البناء ، ك «الذي» و«ما» ، ولو أظهرت الضمير لم يجز البناء عنده وتقدير الكلام عنده : ثم لننزعن من كل شيعة أيهم هو أشد ، كما تقول : لننزعن الذي هو أشد ويصبح حذف «هو» مع «الذي» ، وقرىء «تماما على الذي أحسن» 6 : 154 ، برفع «أحسن» ، على تقدير حذف «هو» ، والحذف مع «الذي» قبيح ، ومع «أي» حسن فلما خالفت «أي» أخواتها فى حسن الحذف معها فحذفت «هو» ، بنيت «أيا» على الضم.
وقد اعترض على سيبويه فى قوله «و كيف بنينا المضاف وهو متمكن» وفيه نظر ، ولو ظهر الضمير المحذوف مع «أي» لم يكن فى «أي» إلا النصب عند الجميع.
وقال الكسائي : «لننزعن» : واقعة على المعنى.
وقال الفراء : معنى : «لننزعن» : لينادين ، فلم يعمل ، لأنه بمعنى النداء.
وقال بعض الكوفيين : إنما لم تعمل «لننزعن» فى «أيهم» ، لأن فيها معنى الشرط والمجازاة ، فلم يعمل ما قبلها فيها والمعنى : لننزعن من كل فرقة إن شايعوا ، أو لم يتشايعوا كما تقول : ضربت القوم أيهم غضب والمعنى : إن غضبوا ، أو لم يغضبوا.
وعن المبرد : أن «أيهم» رفع ، لأنه متعلق ب «شيعة» والمعنى : من الذين تشايعوا أيهم أي من الذين تعاونوا فنظروا أيهم.
75 - حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ إِمَّا الْعَذابَ وَإِمَّا السَّاعَةَ ...
«إمّا العذاب وإمّا السّاعة» : نصبا على البدل من «ما» ، التي فى قوله «حتى إذا رأوا ما يوعدون».
80 - وَنَرِثُهُ ما يَقُولُ وَيَأْتِينا فَرْداً «و نرثه ما يقول» : حرف الجر محذوف تقديره : ونرث منه ما يقول أي : نرث منه ماله وولده.
«فردا» : حال.
87 - لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً «من» : فى موضع رفع على البدل من المضمر المرفوع فى «يملكون».
ويجوز أن يكون فى موضع نصب على الاستثناء ، على أنه ليس من الأول.

(1/1594)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 278
90 - تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا «هدا» : مصدر أي : تهد هدا أو : مفعول له أي : لأنها تهد.
91 - أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً «أن» : فى موضع نصب ، مفعول من أجله.
92 - وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً «أن» : فى موضع رفع ب «ينبغى».
93 - إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً «إن» : بمعنى «ما» ، و«كل» : رفع بالابتداء والخبر : «إلا آتى الرحمن».
و«آتى» : اسم فاعل ، و«الرحمن» فى موضع نصب ب «الإتيان» ، و«عبدا» نصب على الحال ، ومثله : «فردا» الآية : 95
- 20 - سورة طه
3 - إِلَّا تَذْكِرَةً لِمَنْ يَخْشى «تذكرة» : منصوب على المصدر ، أو على الاستثناء المنقطع الذي فيه «إلا» بمعنى «لكن».
ويجوز أن يكون حالا أو مفعولا معه ، على تقدير : إنا أنزلنا عليك التنزيل لتحتمل متاعب التبليغ ، وما أنزلنا عليك هذا الشاق إلا ليكون تذكرة.
4 - تَنْزِيلًا مِمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّماواتِ الْعُلى «تنزيلا» ، فيمن قرأ بالنصب : وجوه :
أن يكون بدلا من «تذكرة» الآية : 3 ، إذا جعل حالا ، لا إذا كان مفعولا له ، لأن الشيء لا يعلل بنفسه.
وأن ينصب ب «أنزل» مضمرا.
و أن ينصب ب «أنزلنا» ، لأن معنى : ما أنزلنا إلا تذكرة : أنزلناه تذكرة.
12 - إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُوىً «طوى» ، من ترك تنوينه ، فعلته أنه معدول ، كعمر ، وهو معرفة.
وقيل : هو مؤنث ، اسم للبقعة ، وهو معرفة.

(1/1595)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 279
و من نونه جعله اسما للمكان غير معدول.
وهو بدل من «الوادي» فى الوجهين.
17 - وَما تِلْكَ بِيَمِينِكَ يا مُوسى «تلك» : عند الزجاج ، بمعنى «التي» و«بيمينك» : صلتها.
وهى عند الفراء بمعنى : هذه ، وهذه وتلك ، عنده يحتاجان إلى صلة كالتى.
وذكر قطرب عن ابن عباس أن «تلك» بمعنى : «هذه» و«ما» : فى موضع رفع بالابتداء ، وما بعدها الخبر ومعنى الاستفهام فى هذا : التنبيه.
22 - وَاضْمُمْ يَدَكَ إِلى جَناحِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ آيَةً أُخْرى «بيضاء» : نصب على الحال من المضمر فى «تخرج» و«آية» : بدل من «بيضاء» ، حال أيضا أي :
تخرج مضيئة عن قدرة اللّه جل ذكره.
وقيل : «آية» : انتصب بإضمار فعل التقدير : آتيناك آية أخرى.
والرفع جائز فى غير القرآن ، على : هذه آية.
29 ، 30 - وَاجْعَلْ لِي وَزِيراً مِنْ أَهْلِي هارُونَ أَخِي «هارون» : بدل من «وزيرا».
وقيل : هو منصوب ب «اجعل» ، على التقديم والتأخير أي : واجعل لى هارون أخى وزيرا.
31 ، 32 - اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي من قرأ بوصل ألف «اشدد» وفتح ألف «أشركه» : جعله على الدعاء والطلب ، فهو مبنى.
ومن قطع ألف «أشدد» وضم ألف «أشركه» ، وهو ابن عامر ، جعله مجزوما جوابا ل «اجعل» ، والألفان :
ألفا المتكلم.
وهما فى القراءة الأولى ، الأولى ألف وصل ، والثانية قطع.
33 - كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيراً «كثيرا» : نعت لمصدر محذوف تقديره : تسبيحا كثيرا ، أو نعت ل «وقت» محذوف تقديره : نسبحك وقتا طويلا.

(1/1596)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 280
39 - أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ ...
«أن» : فى موضع نصب على البدل من «ما» ، و«الهاء» الأولى فى «اقذفيه» : لموسى ، والثانية : للتابوت.
52 - قالَ عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي فِي كِتابٍ لا يَضِلُّ رَبِّي وَلا يَنْسى ما بعد «كتاب» صفة له من الجملتين ، و«ربى» : فى موضع نصب ، بحذف الخافض تقديره : لا يضل الكتاب عن ربى ولا ينسى.
ويجوز أن يكون «ربى» : فى موضع رفع ينفى عنه الضلال والنسيان.
58 - فَلَنَأْتِيَنَّكَ بِسِحْرٍ مِثْلِهِ فَاجْعَلْ بَيْنَنا وَبَيْنَكَ مَوْعِداً لا نُخْلِفُهُ نَحْنُ وَلا أَنْتَ مَكاناً سُوىً «المكان» : نصب ، على أنه مفعول ثان ب «اجعل» ، ولا يجوز نصبه ب «الموعد» ، لأنه قد وصف بقوله «لا» نخلفه نحن ولا أنت ، والأسماء التي تعمل عمل الأفعال إذا وصفت أو صغرت لم تعمل ، لأنها تخرج عن شبه الفعل بالصفة والتصغير ، إذ الأفعال لا تصغر ولا توصف ، فإذا أخرجت بالصفة والتصغير عن شبه الفعل امتنعت من العمل. وهذا أصل لا يختلف فيه البصريون ، وكذلك إذا أخبرت عن المصادر أو عطفت عليها لم يجز أن تعملها فى شىء ، لا بد أن تفرق بين الصلة والموصول ، لأن المعمول فيه داخل فى صلة المصدر ، والخبر والمعطوف عليه داخلان فى الصلة ، ولا يحسن أن يكون «مكانا» فى هذا الموضع ، لم تجره العرب مع الظروف مجرى سائر المصادر معها ألا ترى أنه قال اللّه تعالى : (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) 11 : 81 ، لم يجز إلا النصب فى «الصبح» ، على تقدير : وقت الصبح وقد جاء «الموعد» اسما للمكان ، كما قال اللّه - جل وعز - : (وَ إِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ) 15 : 43 وقد قيل : معناه : المكان موعدهم.
وقوله «سوى» ، هو صفة لمكان ، لكن من حذف كسر السين ، جعله نادرا لأن «فعلا» لم يأت صفة إلا قليلا مثل : هم قوم عدى ومن ضم السين أتى به على الأكثر ، لأن «فعلا» كثير فى الصفات ، مثل : رجل حطم ، ولبد ، وشبكع وهو كثير.
59 - قالَ مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى الرفع فى «يوم» على خبر «موعدكم» ، على تقدير حذف مضاف تقديره : موعدكم وقت يوم الزينة.

(1/1597)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 281
و قد نصب الحسن «يوم الزينة» ، على الظرف.
«أن يحشر» : أن ، فى موضع رفع عطف على «يوم» على تقدير : موعدكم وقت يوم الزينة ، ووقت حشر الناس.
وقيل : «أن» : فى موضع خفض ، على النعت على «الزينة».
ومن نصب «يوم الزينة» جعل «أن» فى موضع نصب على العطف على «يوم».
ويجوز أن يكون فى موضع رفع ، على تقدير : وموعدكم يوم حشر الناس.
أو فى موضع خفض ، على العطف على «الزينة».
63 - قالُوا إِنْ هذانِ لَساحِرانِ يُرِيدانِ أَنْ يُخْرِجاكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِما وَيَذْهَبا بِطَرِيقَتِكُمُ الْمُثْلى من رفع «هذان» حمله على لغة لبنى الحارث بن كعب ، يأتون بالمثنى بالألف على كل حال.
وقيل : «إن» : بمعنى : نعم ، وفيه بعد ، لدخول اللام فى الخبر ، وذلك لا يكون إلا فى شعر كقوله :
أم الحليس لعجوز شهر به
و كان وجه الكلام : لأم الحليس عجوز وكذلك كان وجه الكلام ، فى الآية ، إن حمّلت «إن» معنى :
«نعم» : إن لهذان ساحران ، كما تقول : لهذان ساحران ، نعم ولمحمد رسول اللّه. وفى تأخر اللام مع لفظ «إن» بعض القوة على «نعم».
وقيل : إن المبهم لما لم يظهر فيه إعراب فى الواحد ولا فى الجمع ، جرت التثنية على ذلك ، فأتى بالألف على كل حال.
وقيل : إنها مضمرة مع «إن» وتقديره : إن هذان لساحران ، كما تقول : إن زيد منطلق وهو قول حسن ، لو لا أن دخول اللام فى الجر يبعد.
فأما من خفف «أن» فهى قراءة حسنة ، لأنه أصلح فى الإعراب ، ولم يخالف الخط ، لكن دخول اللام فى الجر - يعنى - ما على مذهب سيبويه لأنه إن يقدر أنها المخففة من الثقيلة ، لا بد أن يرفع ما بعدها بالابتداء والخبر ، لنقص بنيانها ، فرجع ما بعدها إلى أصله. فاللام لا يدخل فى خبر ابتداء أتى على أصله إلا فى شعر.
على ما ذكرنا.

(1/1598)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 282
و أما على مذهب الكوفيين فهو من أحسن شىء ، لأنهم يقدرون «أن» الخفيفة بمعنى «ما» ، واللام بمعنى «إلا» فتقدير الكلام : ما هذان إلا ساحران فلا خلل فى هذا التقدير إلا ما ادعوا أن اللام تأتى بمعنى «إلا».
66 - قالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذا حِبالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّها تَسْعى من قرأ «يخيل» ، بالياء ، جعل «أن» فى موضع رفع ، لأنها مفعول لم يسم فاعله ل «يخيل».
ومن قرأ «تخيل» بالتاء ، وهو ابن ذكوان ، فإنه جعل «أن» فى موضع رفع ، على البدل من الضمير فى «تخيل» ، وهو بدل الاشتمال.
ويجوز مثل ذلك فى قراءة بالياء ، على أن يجعل الفعل ذكّر على المعنى.
ويجوز أن يكون فى قراءة من قرأ بالتاء فى موضع نصب ، على تقدير حذف «الباء» تقديره : يخيل إليه من سحرهم بأنها تسعى ، ويجعل المصدر ، و«إليه» ، فى موضع مفعول لم يسم فاعله.
67 - فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسى «موسى» : فى موضع رفع ب «أوجس» ، و«خيفة» : مفعول ل «أوجس» وأصل «خيفة» : خوفة ، ثم أبدل من الواو ياء وكسر ما قبلها ليصح بناء «فعلة».
وإنما خاف موسى أن يفتتن الناس.
وقيل : لما أبطأ عليه الوحى فألقى عصاه خاف.
وقيل : بل غلبه طبع البشرية عند معاينته ما لم يعتد.
69 - وَأَلْقِ ما فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ ما صَنَعُوا إِنَّما صَنَعُوا كَيْدُ ساحِرٍ وَلا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتى «تلقف» : من جزم «تلقف» جعله جوابا للأمر ، ومن رفعه ، وهو ابن ذكوان ، رفع على الحال من «ما» ، وهى العصا.
وقيل : هو حال من «الملقى» ، وهو موسى ، نسب إليه التلقف ، لما كان عن فعله وحركته ، كما قال (وَ ما رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ رَمى ) 8 : 17 ، وهى حال مقدرة ، لأنها إنما تلقف حبالهم بعد أن ألقاها.
«
إن ما صنعوا» : ما : اسم «إن» ، بمعنى «الذي» ، و«كيد» : خبرها و«الهاء» : محذوفة من «صنعوا» تقديره ، صنعوه كيد ساحر.

(1/1599)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 283
و من قرأ «كيد سحر» ، فمعناه : كيد ذى سحر.
ويجوز فى الكلام نصب «كيد» ب «صنعوا» ، ولا تضمر «هاء» ، على أن تجعل «ما» كافة ل «أن» عن العمل.
ويجوز فتح «أن» ، على معنى : لأن ما صنعوا.
72 - قالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلى ما جاءَنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالَّذِي فَطَرَنا فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا «الذي فطرنا» : الذي ، فى موضع نصب ، على العطف على «ما» ، وإن شئت على القسم.
«إنما تقضى هذه الحياة الدّنيا» : ما كافة ل «أن» عن العمل ، و«هذه» : نصب على الظرف ، «و الحياة» :
بدل من «هذه» ، أو نعت تقديره : إنما تقضى الحياة الدنيا.
ويجوز فى الكلام رفع «هذه» و«الحياة» ، على أن تجعل «ما» بمعنى : الذي و«الهاء» محذوفة مع «تقضى» ، و«هذه» : خبر «أن» ، و«الحياة» : بدل من «هذه» ، أو نعت تقديره : إن الذي تقضيه أمر هذه الحياة.
73 - إِنَّا آمَنَّا بِرَبِّنا لِيَغْفِرَ لَنا خَطايانا وَما أَكْرَهْتَنا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقى «ما» : فى موضع نصب ، على العطف على «الخطايا».
وقيل : هو حرف ناف فإذا جعلت «ما» نافية «تعلقت» «من» ب «الخطايا» وإذا جعلت «ما» بمعنى «الذي» تعلقت «من» ب «أكرهتنا».
77 - وَلَقَدْ أَوْحَيْنا إِلى مُوسى أَنْ أَسْرِ بِعِبادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخافُ دَرَكاً وَلا تَخْشى من رفع «تخاف» جعله حالا من الفاعل ، وهو موسى التقدير : اضرب لهم طريقا فى البحر لا خائفا دركا ولا خاشيا ويقوى رفع «تخاف» إجماع القراء على رفع «تخشى» وهو معطوف على «تخاف».
ويجوز رفع «تخاف» على القطع أي : أنت لا تخاف دركا.
وقيل : إن رفعه على أنه نعت ل «طريق» على تقدير حذف «فيه».

(1/1600)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 284
و من جزم «تخاف» ، وهو حمزة ، جعله جواب الأمر ، وهو «فاضرب» والتقدير : إن تضرب لا تخف دركا ممن خلفك ويرفع «تخشى» على القطع أي : وأنت لا تخشى غرقا.
وقيل : إن الجزم فى «لا تخف» ، على النهى.
وأجاز الفراء أن يكون «و لا تخشى» : فى موضع جزم ، وبنيت الألف كما بنيت الياء والواو ، على تقدير حذف الحركة منهما وهذا لا يجوز فى الألف ، لأنها لا تتحرك أبدا إلا بتغيرها إلى غيرها ، والواو والياء يتحركان ولا يتغيران.
80 - يا بَنِي إِسْرائِيلَ قَدْ أَنْجَيْناكُمْ مِنْ عَدُوِّكُمْ وَواعَدْناكُمْ جانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى انتصب «جانب» على أنه مفعول ثان ل «واعد» ، ولا يحسن أن ينتصب على الظرف لأنه ظرف مكان مختص وإنما تتعدى الأفعال والمصادر إلى ظروف المكان إذا كانت مبهمة ، هذا أصل الاختلاف.
وتقدير الآية : وواعدناكم إتيان جانب الطور ، ثم حذف المضاف.
86 - فَرَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ يا قَوْمِ أَلَمْ يَعِدْكُمْ رَبُّكُمْ وَعْداً حَسَناً يجوز أن يكون «الوعد» بمعنى : الموعود كما جاء «الخلق» بمعنى المخلوق ، فنصبت «وعدا» على هذا التقدير ، على أنه مفعول ثان ل «يعد» ، على تقدير حذف مضاف تقديره : ألم يعدكم ربكم تمام وعد حسن.
ويجوز أن يكون انتصب «وعد» على المصدر.
87 - قالُوا ما أَخْلَفْنا مَوْعِدَكَ بِمَلْكِنا وَلكِنَّا حُمِّلْنا أَوْزاراً مِنْ زِينَةِ الْقَوْمِ فَقَذَفْناها فَكَذلِكَ أَلْقَى السَّامِرِيُّ «الملك» : مصدر ، فى قراءة من ضم الميم ، أو فتحها ، أو كسرها ، وهى لغات والتقدير : ما أخلفنا موعدكم بملكنا الصواب ، بل أخلفناه بخطئنا. والمصدر مضاف فى هذا إلى الفاعل ، والمفعول محذوف كما يضاف فى موضع آخر إلى المفعول ويحذف الفاعل نحو قوله تعالى (بِسُؤالِ نَعْجَتِكَ) 38 : 54 ، وقوله (مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ) 41 : 49 وقيل : إن من قرأه بضم الميم جعله مصدر قولهم : هو ملك بين الملوك ، ومن كسر جعله مصدر : هو مالك بين الملك ، ومن فتح جعله اسما.

(1/1601)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 285
«فكذلك ألقى» : الكاف ، فى موضع نصب ، على النعت لمصدر محذوف تقديره : فألقى السامري إلقاء كذلك.
94 - الَ يَا بْنَ أُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي
«يا بن أمّ» : من فتح «الميم» أراد : يا بن أمي ، ثم أبدل من «الياء» التي للإضافة ألفا.
وقيل : بل جعل الاسمين اسما واحدا ، فبناهما على الفتح.
ومن كسر «الميم» فعلى أصل الإضافة ، لكن حذف «الياء» ، لأن الكسرة تدل عليها ، وكان الأصل إثباتها لأن «الأم» غير منادى ، إنما المنادى هو «الابن» ، وحذف «الياء» إنما يحسن ويختار مع المنادى بعينه ، و«الأم» ليست بمناداة.
97 - قالَ فَاذْهَبْ فَإِنَّ لَكَ فِي الْحَياةِ أَنْ تَقُولَ لا مِساسَ وَإِنَّ لَكَ مَوْعِداً لَنْ تُخْلَفَهُ ...
«لن تخلفه» : من قرأ بكسر اللام ، فعلى : أن تجده مخلفا كما تقول : أحمدته أي : وجدته محمودا.
وقيل : إن معناه محمول على التهدد أي : لا بد لك من أن تصير إليه.
ومن فتح اللام ، فمعناه : لن تخلفه اللّه ، والمخاطب مضمر مفعول لم يسم فاعله ، والفاعل هو اللّه جل ذكره ، و«الهاء» : المفعول الثاني.
و المخاطب ، فى القراءة الأولى : فاعل ، على المعنيين جميعا.
«و أخلف» : معدى إلى مفعولين ، فالثانى محذوف فى قراءة من كسر اللام والتقدير : لن تخلف أنت اللّه الموعد الذي قدر أن ستأتيه فيه.
99 - كَذلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ ما قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْناكَ مِنْ لَدُنَّا ذِكْراً «الكاف» : فى موضع نصب ، نعت لمصدر محذوف أي : نقص عليك قصصا كذلك.
102 - يَوْمَ يُنْفَخُ فِي الصُّورِ وَنَحْشُرُ الْمُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقاً «رزقا» : حال من «المجرمين».
103 - يَتَخافَتُونَ بَيْنَهُمْ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلَّا عَشْراً «إلا عشرا» : نصب ب «لبثتم».

(1/1602)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 286
118 ، 119 - إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيها وَلا تَعْرى وَأَنَّكَ لا تَظْمَؤُا فِيها وَلا تَضْحى «ألا» : فى موضع نصب ، لأنها اسم «إن».
ومن فتح «و انك لا تظمأ» ، عطفها على «ألا تجوع» ، والتقدير : وأن لك من عدم الجوع وعدم الظمأ فى الجنة.
ويجوز أن تكون الثانية فى موضع رفع ، عطف على الموضع.
ومن كسر فعلى الاستئناف.
128 - أَفَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِأُولِي النُّهى فاعل «يهد» : مضمر ، وهو المصدر تقديره : أفلم يهد الهدى لهم.
وقيل : الفاعل مضمر على تقدير : الأمر تقديره : ألم يهد الأمر لهم كم؟
و قال الكوفيون : «كم» : هو فاعل «يهد».
وهو غلط عند البصريين لأن «كم» لها صدر الكلام ، ولا يعمل ما قبلها فيها ، إنما يعمل فيها ما بعدها ، «كأى» فى الاستفهام ، فالعامل فى «كم» الناصب لها عند البصريين : «أهلكنا».
131 - وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى نصبت «زهرة» على فعل مضمر ، ذلك عليه «متعنا» ، بمنزلة : جعلنا وكأنه قال : جعلنا لهم زهرة الحياة.
وهو قول الزجاج.
وقيل : هى بدل من «الهاء» فى «به» على الموضع كما تقول : مررت به أخاك.
وأشار الفراء إلى نصبه على الحال ، والعامل فيه «متعنا» قال : كما تقول : مررت به المسكين وقدّره : متعناهم به زهرة فى الحياة الدنيا وزينة فيها.
قال : فإن كانت معرفة فإن العرب تقول : مررت به الشريف الكريم تعنى : نصبه ، على الحال ، على تقدير زيادة الألف واللام.

(1/1603)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 287
و يجوز أن تنصب «زهرة» على أنها موضوعة موضع المصدر ، موضع «زينة» ، مثل «سمع اللّه» ، و«وعد اللّه».
وفيه نظر.
والأحسن أن تنصب «زهرة» على الحال ، وحذف التنوين لسكونه وسكون اللام فى «الحياة» ، كما قرىء (وَ لَا اللَّيْلُ سابِقُ النَّهارِ) 36 : 40 ، بنصب «النهار» ب «سابق» على تقدير حذف التنوين ، لسكونه وسكون اللام فتكون «الحياة» مخفوضة على البدل من «ما» ، فى قوله «إلى ما متعنا» ، لأن «لنفتنهم» متعلق ب «متعنا» ، وهو داخل فى صلة «ما» ، ف «لنفتنهم» داخل أيضا فى الصلة ، ولا يقدم المبدل على ما هو فى الصلة لأن البدل لا يكون إلا بعد تمام الصلة للمبدل منه ، فامتنع بدل «زهرة» من «ما» ، على الموضع.
133 - وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَ لَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى «ما» : فى موضع خفض ، بإضافة «البينة» إليها.
وأجاز الكسائي تنوين «بينة» ، فتكون «ما» : بدلا من «بينة».
135 - قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى «من» : فى موضع رفع بالابتداء ، ولا يعمل فيها «ستعلمون» ، لأنها استفهام ، والاستفهام لا يعمل فيه ما قبله وأجاز الفراء أن يكون «من» : فى موضع نصب ب «ستعلمون» ، حمله على غير الاستفهام ، جعل «من» للجنس ، كقوله تعالى : (وَ اللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ) 2 : 220.
- 21 - سورة الأنبياء
2 - ما يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنْ رَبِّهِمْ مُحْدَثٍ إِلَّا اسْتَمَعُوهُ وَهُمْ يَلْعَبُونَ «محدث» : نعت للّه.
وأجاز الكسائي نصبه على الحال.
وأجاز الفراء رفعه على النعت ل «ذكر» ، على الموضع لأن «من» زائدة ، و«ذكر» : فاعل.
3 - لاهِيَةً قُلُوبُهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ...
«الّذين» : بدل من المضمر المرفوع فى «أسروا» ، والضمير يعود على «الناس» الآية : 1

(1/1604)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 288
و قيل : «الذين» : رفع على إضمار «هم».
وقيل : «الذين» : فى موضع نصب على : أعنى.
وأجاز الفراء أن يكون «الذين» فى موضع نعت ل «الناس» الآية : 1.
وقيل : «الذين» : رفع ب «أسروا» ، وأتى لفظ الضمير فى «أسروا» على لغة من قال : أكلونى البراغيث.
وقيل : «الذين» : رفع على إضمار : «يقول».
10 - لَقَدْ أَنْزَلْنا إِلَيْكُمْ كِتاباً فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلا تَعْقِلُونَ «الذكر» : مبتدأ ، و«فيه» : الخبر والجملة فى موضع نصب على النعت ل «كتاب».
22 - لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا فَسُبْحانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَرْشِ عَمَّا يَصِفُونَ «إلا» : فى موضع «غير» ، نعت ل «آلهة» ، عند سيبويه والكسائي ، تقديره : غير اللّه ، فلما وضعت «إلا» فى موضع «غير» أعرب الاسم بعدها بمثل إعراب «غير».
قال الفراء : «إلا» ، بمعنى : سوى.
24 - أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً قُلْ هاتُوا بُرْهانَكُمْ هذا ذِكْرُ مَنْ مَعِيَ وَذِكْرُ مَنْ قَبْلِي بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ الْحَقَّ فَهُمْ مُعْرِضُونَ «ذكر ، وذكر» : قرأ عيسى بن يعمر : بالتنوين.
«الحقّ» : نصب ب «يعلمون».
وقرأ الحسن : بالرفع ، على معنى : هو الحق ، وهذا الحق.
26 - وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ عِبادٌ مُكْرَمُونَ أي : بل هم عباد ، ابتداء وخبر.
وأجاز الفراء : بل عبادا مكرمين ، بالنصب ، على معنى : بل اتخذ عبادا.
30 - أَوَ لَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ كانَتا رَتْقاً فَفَتَقْناهُما وَجَعَلْنا مِنَ الْماءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ إنما وحد «رتقا» ، لأنه مصدر وتقديره : كانتا ذواتى رتق.

(1/1605)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 289
«من الماء» : فى موضع المفعول الثاني ل «جعل».
ويجوز فى الكلام «حيا» ، بالنصب ، على أنه المفعول الثاني ، ويكون ، «من الماء» فى موضع البيان.
33 - وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ فى «يسبحون» : الواو والنون ، وهو خبر عما لا يعقل ، وحق الواو والنون ألا يكونا إلا لمن يعقل ، ولكن لما أخبر عنهما أنهما يفعلان فعلا ، كما عبر عمن يعقل ، أتى الخبر عنهما كالخبر عمن يعقل.
34 - وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ حق همزة الاستفهام ، إذا دخلت على حرف شرط ، أن تكون رتبتها قبل جواب الشرط فالمعنى : فهم الخالدون إن مت ، ومثله : (أَ فَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ) 7 : 144 ، وهو كثير.
47 - وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ من رفع «مثقال» جعل «كان» تامة ، لا تحتاج إلى خبر ومن نصبه جعل «كان» ناقصة تحتاج إلى خبر ، واسم «كان» مضمر فيها تقديره : وإن كان الظلم مثقال حبة فلتقدّم ذكر الظلم جاز إضماره.
«أتينا بها» : من قرأه بالقصر ، فمعناه : جئنا بها. وقرأ ابن عباس ومجاهد : «آتينا» ، على معنى :
جازينا بها ، فهو «فاعلنا» ، ولا يحسن أن يكون «أفعلنا» ، لأنه يلزم حذف الباء من «بها» ، لأن «أفعل» لا يتعدى بحرف ، وفى حذف الباء مخالفة للخط.
52 - إِذْ قالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ما هذِهِ التَّماثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَها عاكِفُونَ العامل فى «إذ» : آتينا إبراهيم أي : آتيناه رشده فى وقت قال لأبيه.
60 - قالُوا سَمِعْنا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقالُ لَهُ إِبْراهِيمُ «إبراهيم» : رفع على إضمار «هو» ، ابتداء وخبر محكى.
وقيل : تقديره : الذي يعرف به : إبراهيم.
وقيل : هو رفع على النداء المفرد ، فتكون ضمته بناء ، و«له» : قام مقام المفعول الذي لم يتم فاعله ل «يقال».

(1/1606)


الموسوعة القرآنية ، ج 4 ، ص : 290
و إن شئت : أضمرت المصدر ليقوم مقام الفاعل ، و«له» : فى موضع نصب.
74 - وَلُوطاً آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كانَتْ تَعْمَلُ الْخَبائِثَ إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فاسِقِينَ «لوطا» : نصب بإضمار فعل تقديره : وآتينا لوطا آتيناه.
76 - وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ أي : واذكر يا محمد نوحا.
78 - وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ ...
أي : واذكر يا محمد داود وسليمان.
79 - فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلًّا آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ «و الطّير» : عطف على «الجبال» ، وهو مفعول معه.
ويجوز الرفع بعطفه على المضمر فى «يسبحن».
87 - وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ ...
«ذا النون» : فى موضع نصب على معنى : واذكر ذا النون.
«مغاضبا» : نصب على الحال ومعناه : غضب على قومه لربه إذ لم يجبه قومه ، فالغضب على القوم كان لمخالفتهم أمر ربهم.
88 - فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ «ننجى» : قرأه ابن عامر وأبو بكر «نجى» : بنون واحدة مشددا ، فكان يجب أن يفتح الياء ، لأنه فعل ماض لم يسم فاعله ، ويجب أن يرفع «المؤمنون» على هذه القراءة ، لأنه مفعول لم يسم فاعله ، أو فعل ماض لم يسم فاعله ، لكن أتى على إضمار المصدر ، أقامه مقام الفاعل وهو بعيد لأن المفعول أولى بأن يقوم مقام الفاعل ، وإنما يقوم المصدر مقام الفاعل ، عند عدم المفعول به ، أو عند استعمال المفعول به بحرف الجر ، نحو : قم وسر بزيد فأما «الياء» فأسكنها فى موضع الفتح كمن يسكنها فى موضع الرفع ، وهو بعيد أيضا ، إنما يجوز فى الشعر. =

=

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جلد 3. الحيوان للجاحظ /الجزء الثالث

  الجزء الثالث بسم الله الرحمن الرحيم فاتحة استنشاط القارئ ببعض الهزل وإن كنَّا قد أمَلْلناك بالجِدِّ وبالاحتجاجاتِ الصحيحة والم...