كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس


مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 مايو 2022

مجلد 2.لسان العرب محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري

 

2

مجلد 2.لسان العرب محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري  

 ( بيب ) البِيبُ مَجْرى الماء إِلى الحَوْضِ وحكى ابن جني فيه البِيبةَ ابن الأَعرابي بابَ فلانٌ إِذا حَفَر كُوَّةً وهو البِيبُ وقال في موضع آخر البِيبُ كُوَّةُ الحوض وهو مَسِيلُ الماءِ وهي الصُّنْبورُ والثَّعْلَبُ والأُسْلُوبُ والبِيبةُ المَثْعَبُ الذي يَنْصَبُّ منه الماءُ إِذا فُرِّغَ من الدَّلْو في الحَوْض وهو البِيبُ والبِيبةُ وبَيْبةُ اسم رجل وهو بَيْبَةُ بنُ سفيانَ بن مُجاشِع قال جرير
نَدَسْنا أَبا مَنْدُوسَةَ القَيْنَ بالقَنا ... ومَارَ دَمٌ مِن جارِ بَيْبةَ ناقِعُ
قوله مار أَي تحرَّكَ والبابةُ أَيضاً ثَغْرٌ من ثُغُور المسلمين

( تأب ) تَيْأَب اسم موضِعٍ قال عباس بن مِرْداسٍ السُّلَمِي
فإِنَّكَ عَمْري هل أُرِيكَ ظَعائِناً ... سَلَكْنَ على ركْنِ الشَطاةِ فَتَيْأَبَا
والتَّوْأَبانِيَّانِ رَأْسا الضَّرْعِ من الناقة وقيل التَّوْأَبانِيَّانِ قادِمَتا الضَّرْعِ قال ابن مُقْبِل
فَمَرَّتْ على أَظْرابِ هِرٍّ عَشِيَّةً ... لها تَوْأَبانِيَّانِ لم يَتَفَلْفَلا
لم يَتَفَلْفَلا أَي لم يَظْهَرا ظُهوراً بَيِّناً وقيل لم تَسْوَدَّ حَلَمتاهُما ومنه قول الآخر
طَوَى أُمَّهاتِ الدَّرِّ حتى كأَنها ... فَلافِلُ ( 1 )
( 1 قوله « طوى أمهات إلخ » هو في التهذيب كما ترى )
أَي لَصِقَت الأَخْلافُ بالضَّرَّةِ كأَنها فَلافِلُ
قال أَبو عُبَيدةَ سَمَّى ابنُ مُقْبِل خِلْفَي الناقةِ توأَبانِيَّيْنِ ولم يَأْت به عربي كأَنَّ الباءَ مُبْدَلةٌ من الميم قال أَبو منصور والتاءُ في التوأَبانِيَّيْنِ ليست بأَصلية قال ابن بري قال الأَصمعي التَّوْأَبانِيَّانِ الخِلْفانِ قال ولا أَدري ما أَصل ذلك يريد لا أَعرف اشْتِقاقَه ومن أَين أُخِذَ قال وذكر أَبو علي الفارسي أَن أَبا بكر بن السَّرَّاجِ عَرَفَ اشتِقاقَه فقال تَوْأَبانِ فَوْعَلانِ من الوَأْبِ وهو الصُّلْبُ الشديدُ لأَن خِلْفَ الصغيرةِ فيه صَلابةٌ والتاء فيه بدل من الواو وأَصله وَوْأَبانِ فلما قُلبت الواو تاءً صار تَوْأَبانِ وأُلحِق ياءً مشدَّدة زائدةً كما زادوها في أَحْمَرِيٍّ وهم يُريدون أَحمَرَ وفي عارِيَّةٍ وهم يُرِيدون عارةً ثم ثَنَّوْه فقالوا تَوْأَبانِيَّانِ والأَظْرابُ جمع ظَرِبٍ وهو الجُبَيْلُ الصغير ولم يَتَفَلْفَلا أَي لم يَسْوَدّا قال وهذا يدل على أَنه أَراد القادِمَتَيْنِ من الخِلْفِ

( تألب ) التَّأْلَبُ شجرٌ تُتَّخَذُ منه القِسِيُّ ذكر الأَزهريُّ في الثلاثي الصحيح عن أَبي عبيد عن الأَصمعي قال مِن أَشجارِ الجِبالِ الشَّوْحَطُ والتَّأْلَبُ بالتاءِ والهمزة قال وأَنشد شمر لامْرِئِ القَيْس [ ص 226 ]
ونَحَتْ لَه عَنْ أَرْزِ تَأْلَبَةٍ ... فِلْقٍ فِراغِ مَعابِلٍ طُحْلِ ( 1 )
( 1 قوله « ونحت إلخ » أورده الصاغاني في مادة فرغ بهذا الضبط وقال في شرحه الفراغ القوس الواسعة جرح النصل نحت تحرّفت أي رمته عن قوس وله لامرئ القيس وأرز قوة وزيادة وقيل الفراغ النصال العريضة وقيل الفراغ القوس
البعيدة السهم ويروى فراغ بالنصب أي نحت فراغ والمعنى كأن هذه المرأة رمته بسهم في قلبه )
قال شمر قال بعضهم الأَرْزُ ههنا القَوْسُ بعَيْنِها قال والتَّأْلَبَةُ شجرة تُتَّخذ منها القِسِيُّ والفِراغُ النِّصالُ العِراضُ الواحدُ فَرْغٌ وقوله نَحَتْ له يعني امْرأَةً تَحَرَّفَتْ له بِعَيْنِها فأَصابتْ فُؤَادَه قال العجاج يَصِفُ عَيْراً وأُتُنَه
بِأَدَماتٍ قَطَواناً تَأْلَبا ... إِذا عَلا رَأْسَ يَفاعٍ قَرَّبَا ( 2 )
( 2 قوله « بأدمات إلخ » كذا في غير نسخة وشرح القاموس أيضاً )
أدَماتٌ أَرض بِعَيْنِها والقَطَوانُ الذي يُقارِب خُطاه
والتَّأْلَبُ الغَلِيظُ المُجْتَمِعُ الخَلْقِ شُبِّهَ بالتَّأْلَب وهو شَجَرٌ تُسَوَّى مِنه القِسِيُّ العَرَبِيَّةُ

( تبب ) التَّبُّ الخَسارُ والتَّبابُ الخُسْرانُ والهَلاكُ وتَبّاً له على الدُّعاءِ نُصِبَ لأَنه مصدر محمول على فِعْلِه كما تقول سَقْياً لفلان معناه سُقِيَ فلان سَقْياً ولم يجعل اسماً مُسْنَداً إِلى ما قبله وتَبّاً تَبيباً على المُبالَغَةِ وتَبَّ تَباباً وتَبَّبَه قال له تَبّاً كما يقال جَدَّعَه وعَقَّره تقول تَبّاً لفلان ونصبه على المصدر باضمار فعل أَي أَلْزَمه اللّهُ خُسْراناً وهَلاكاً وتَبَّتْ يَداهُ تَبّاً وتَباباً خَسِرتَا قال ابن دريد وكأَنَّ التَّبَّ المَصْدرُ والتَّباب الاسْمُ وتَبَّتْ يَداهُ خَسِرتا وفي التنزيل العزيز تَبَّتْ يَدا أَبي لَهَبٍ أي ضَلَّتا وخَسِرَتا وقال الراجز أَخْسِرْ بِها مِنْ صَفْقةٍ لم تُسْتَقَلْ تَبَّتْ يدا صافِقِها ماذا فَعَلْ وهذا مَثَلٌ قِيل في مُشْتَري الفَسْوِ والتَّبَبُ والتَّبابُ والتَّتْبِيبُ الهَلاكُ وفي حديث أَبي لَهَبٍ تَبّاً لكَ سائرَ اليَوْمِ أَلِهذا جَمَعْتَنا التَّبُّ الهَلاكُ وتَتَّبُوهم تَتْبِيباً أَي أَهْلَكُوهم والتَّتْبِيبُ النَّقْصُ والخَسارُ وفي التنزيل العزيز وما زادُوهم غير تَتْبِيبٍ قال أَهل التفسير ما زادُوهم غير تَخْسِير ومنه قوله تعالى وما كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلا في تَبابٍ أَي ما كَيْدُه إِلا في خُسْرانٍ وتَبَّ إِذا قَطَعَ والتابُّ الكبير من الرجال والأُنثى تابَّةٌ والتَّابُّ الضعِيفُ والجمْع أَتْبابٌ هذلية نادرة
واسْتَتَبَّ الأَمرُ تَهَيَّأً واسْتَوَى واسْتَتَبَّ أَمْرُ فلان إِذا اطَّرَد واسْتَقامَ وتَبَيَّنَ وأَصل هذا من الطَّرِيق المُسْتَتِبِّ وهو الذي خَدَّ فيه السَّيَّارةُ خُدُوداً وشَرَكاً فوَضَح واسْتَبانَ لمن يَسْلُكه كأَنه تُبِّبَ من كثرة الوطءِ وقُشِرَ وَجْهُه فصار مَلْحُوباً بَيِّناً من جَماعةِ ما حَوالَيْهِ من الأَرض فَشُبِّهَ الأَمرُ الواضِحُ البَيِّنُ المُسْتَقِيمُ به وأَنشد المازِنيُّ في المَعَاني
ومَطِيَّةٍ مَلَثَ الظَّلامِ بَعَثْتُه ... يَشْكُو الكَلالَ إِليَّ دامي الأَظْلَلِ
[ ص 227 ]
أَوْدَى السُّرَى بِقِتالِه ومِراحِه ... شَهْراً نَواحِيَ مُسْتَتِبٍّ مُعْمَلِ
نَهْجٍ كَأَنْ حُرُثَ النَّبِيطِ عَلَوْنَه ... ضاحِي المَوارِدِ كالحَصِيرِ المُرْمَلِ
نَصَبَ نَواحِيَ لأَنه جَعَلَه ظَرْفاً أَراد في نواحي طَرِيقٍ مُسْتَتِبٍّ شَبَّه ما في هذا الطَّرِيقِ المُسْتَتِبِّ مِنَ الشَّرَكِ والطُّرُقاتِ بآثار السِّنِّ وهو الحَديدُ الذي يُحْرَثُ به الأَرضُ وقال آخر في مثله
أَنْضَيْتُها من ضُحاها أَو عَشِيَّتِها ... في مُسْتَتِبٍّ يَشُقُّ البِيدَ والأُكُما
أَي في طَرِيقٍ ذي خُدُودٍ أَي شُقُوق مَوْطُوءٍ بَيِّنٍ وفي حديث الدعاءِ حتى اسْتَتَبَّ له ما حاوَلَ في أَعْدائِكَ أَي اسْتقامَ واسْتَمَرَّ والتَّبِّيُّ والتِّبِّيُّ ضَرْبٌ من التمر وهو بالبحرين كالشّهْرِيزِ بالبَصْرة قال أَبو حنيفة وهو الغالبُ على تمرهم يعني أَهلَ البَحْرَيْنِ وفي التهذيب رَدِيءٌ يَأْكُله سُقَّاطُ الناسِ قال الشاعر
وأَعْظَمَ بَطْناً تَحْتَ دِرْعٍ تَخالُه ... إِذا حُشِيَ التَّبِّيَّ زِقّاً مُقَيَّرا
وحِمارٌ تابُّ الظَّهْرِ إِذا دَبِرَ وجَمَلٌ تابٌّ كذلك ومن أَمثالهم مَلَكَ عَبْدٌ عَبْداً فأَوْلاهُ تَبّاً يقول لم يَكُنْ له مِلْكٌ فلما مَلَكَ هانَ عليه ما مَلَكَ وتَبْتَبَ إِذا شاخَ

( تجب ) التِّجابُ من حجارة الفِضَّة ما أُذيب مَرَّةً وقد بَقِيتْ فيه فِضَّةٌ القِطْعَةُ منه تِجابةٌ ابن الأَعرابي التِّجْبابُ الخَطُّ مِن الفِضَّةِ يكون في حَجَر المَعْدِن وتَجُوبُ قبِيلةٌ مِن قَبائِل اليَمَنِ

( تخرب ) ناقةٌ تَخْرَبُوتٌ خِيارٌ فارِهةٌ قال ابن سيده وإِنما قضي على التاء الأُولى أَنها أَصل لأَنها لا تُزادُ أَوّلاً إِلا بِثَبْتٍ

( تذرب ) تَذْرب موضع قال ابن سيده والعِلَّةُ في أَن تاءه أَصلية ما تقَدَّمَ في تخرب

( ترب ) التُّرْبُ والتُّرابُ والتَّرْباءُ والتُّرَباءُ والتَّوْرَبُ والتَّيْرَبُ والتَّوْرابُ والتَّيْرابُ والتِّرْيَبُ والتَّرِيبُ الأَخيرة عن كراع كله واحد وجَمْعُ التُّرابِ أَتْرِبةٌ وتِرْبانٌ عن اللحياني ولم يُسمع لسائر هذه اللغات بجمع والطائفة من كل ذلك تُّرْبةٌ وتُرابةٌ وبفيهِ التَّيْرَبُ والتِّرْيَبُ الليث التُّرْبُ والتُّرابُ واحد إِلا أَنهم إِذا أَنَّثُوا قالوا التُّرْبة يقال أَرضٌ طَيِّبةُ التُّرْبةِ أَي خِلْقةُ تُرابها فإِذا عَنَيْتَ طاقةً واحدةً من التُّراب قلت تُرابة وتلك لا تُدْرَكُ بالنَّظَر دِقّةً إِلا بالتَّوَهُّم وفي الحديث خَلَقَ اللّهُ التُّرْبةَ يوم السبت يعني الأَرضَ وخَلَق فيها الجِبالَ يوم الأَحَد وخلق الشجَر يوم الاثْنَيْنِ الليث التَّرْباءُ نَفْسُ التُّراب يقال لأَضْرِبَنَّه حتى يَعَضَّ بالتَّرْباءِ والتَّرْباءُ الأَرضُ نَفْسُها وفي الحديث احْثُوا في وُجُوهِ المَدَّاحِينَ التُّرابَ قيل أَراد به الرَّدَّ والخَيْبةَ كما يقال للطالِبِ المَرْدُودِ الخائِبِ لم يَحْصُل في كَفّه غيرُ التُّراب وقَريبٌ منه قولُه صلى اللّه عليه وسلم وللعاهر الحَجَرُ وقيل أَراد به التُّرابَ خاصّةً واستعمله المِقدادُ على ظاهره [ ص 228 ] وذلك أَنه كان عندَ عثمانَ رضي اللّه عنهما فجعل رجل يُثْني عليه وجعل المِقْدادُ يَحْثُو في وجْهِه التُّرابَ فقال له عثمانُ ما تَفْعَلُ ؟ فقال سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلّم يقول احْثُوا في وجُوه المدّاحِينَ التُّرابَ وأَراد بالمدّاحين الذين اتَّخَذُوا مَدْحَ الناسِ عادةً وجعلوه بِضاعةً يَسْتَأْكِلُون به المَمْدُوحَ فأَمّا مَن مَدَح على الفِعل الحَسَنِ والأَمْرِ المحمود تَرغِيباً في أَمثالهِ وتَحْريضاً للناس على الاقْتداءِ به في أَشْباهِه فليس بمَدّاح وإِن كان قد صار مادحاً بما تكلم به من جَمِيلِ القَوْلِ وقولُه في الحديث الآ خر إِذا جاءَ مَن يَطْلُبُ ثَمَنَ الكلب فامْلأْ كَفَّه تُراباً قال ابن الأَثير يجوز حَمْلُه على الوجهينِ وتُرْبةُ الإِنسان رَمْسُه وتُربةُ الأَرض ظاهِرُها وأَتْرَبَ الشيءَ وَضَعَ عليه الترابَ فَتَتَرَّبَ أَي تَلَطَّخَ بالتراب وتَرَّبْتُه تَتْريباً وتَرَّبْتُ الكتابَ تَتْريباً وتَرَّبْتُ القِرْطاسَ فأَنا أُّتَرِّبهُ وفي الحديث أَتْرِبوا الكتابَ فإِنه أَنْجَحُ للحاجةِ وتَتَرَّبَ لَزِقَ به التراب قال أَبو ذُؤَيْبٍ
فَصَرَعْنَه تحْتَ التُّرابِ فَجَنْبُه ... مُتَتَرِّبٌ ولكلِّ جَنْبٍ مَضْجَعُ
وتَتَرَّبَ فلان تَتْريباً إِذا تَلَوَّثَ بالترابِ وتَرَبَتْ فلانةُ الإِهابَ لِتُصْلِحَه وكذلك تَرَبْت السِّقاءَ وقال ابن بُزُرْجَ كلُّ ما يُصْلَحُ فهو مَتْرُوبٌ وكلُّ ما يُفْسَدُ فهو مُتَرَّبٌ مُشَدَّد وأَرضٌ تَرْباءُ ذاتُ تُرابٍ وتَرْبَى ومكانٌ تَرِبٌ كثير التُّراب وقد تَرِبَ تَرَباً ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبةٌ على النَّسَب تَسُوقُ التُّرابَ ورِيحٌ تَرِبٌ وتَرِبةٌ حَمَلت تُراباً قال ذو الرمة مَرًّا سَحابٌ ومَرًّا بارِحٌ تَرِبُ ( 1 )
( 1 قوله « مراً سحاب إلخ » صدره لا بل هو الشوق من دار تخوّنها )
وقيل تَرِبٌ كثير التُّراب وتَرِبَ الشيءُ وريحٌ تَرِبةٌ جاءَت بالتُّراب وتَرِبَ الشيءُ بالكسر أَصابه التُّراب وتَرِبَ الرَّجل صارَ في يده التُّراب وتَرِبَ تَرَباً لَزِقَ بالتُّراب وقيل لَصِقَ بالتُّراب من الفَقْر وفي حديث فاطمةَ بنتِ قَيْس رضي اللّه عنها وأَمّا معاوِيةُ فَرجُلٌ تَرِبٌ لا مالَ له أَي فقيرٌ وتَرِبَ تَرَباً ومَتْرَبةً خَسِرَ وافْتَقَرَ فلَزِقَ بالتُّراب وأَتْرَبَ استَغْنَى وكَثُر مالُه فصار كالتُّراب هذا الأَعْرَفُ وقيل أَتْرَبَ قَلَّ مالُه قال اللحياني قال بعضهم التَّرِبُ المُحتاجُ وكلُّه من التُّراب والمُتْرِبُ الغَنِيُّ إِما على السَّلْبِ وإِما على أَن مالَه مِثْلُ التُّرابِ والتَّتْرِيبُ كَثْرةُ المالِ والتَّتْرِيبُ قِلةُ المالِ أَيضاً ويقال تَرِبَتْ يَداهُ وهو على الدُعاءِ أَي لا أَصابَ خيراً وفي الدعاءِ تُرْباً له وجَنْدَلاً وهو من الجَواهِر التي أُجْرِيَتْ مُجْرَى المَصادِرِ المنصوبة على إِضمار الفِعْل غير المسْتَعْمَلِ إِظهارُه في الدُّعاءِ كأَنه بدل من قولهم تَرِبَتْ يَداه وجَنْدَلَتْ ومِن العرب [ ص 229 ] مَن يرفعه وفيه مع ذلك معنى النصب كما أَنَّ في قولهم رَحْمَةُ اللّهِ عليه معنى رَحِمه اللّهُ وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال تُنْكَحُ المرأَةُ لمِيسَمِها ولمالِها ولِحَسَبِها فعليكَ بِذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداكَ قال أَبو عبيد قوله تَرِبَتْ يداكَ يقال للرجل إِذا قلَّ مالُه قد تَرِبَ أَي افْتَقَرَ حتى لَصِقَ بالتُّرابِ وفي التنزيل العزيز أَو مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ قال ويرَوْنَ واللّه أَعلم أَنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم لم يَتَعَمَّدِ الدُّعاءَ عليه بالفقرِ ولكنها كلمة جارِيةٌ على أَلسُنِ العرب يقولونها وهم لا يُريدون بها الدعاءَ على المُخاطَب ولا وُقوعَ الأَمر بها وقيل معناها للّه دَرُّكَ وقيل أَراد به المَثَلَ لِيَرى المَأْمورُ بذلك الجِدَّ وأَنه إِن خالَفه فقد أَساءَ وقيل هو دُعاءٌ على الحقيقة فإِنه قد قال لعائشة رضي اللّه عنها تَربَتْ يَمينُكِ لأَنه رأَى الحاجة خيراً لها قال والأوّل الوجه ويعضده قوله في حديث خُزَيْمَة رضي اللّه عنه أَنْعِم صباحاً تَرِبَتْ يداكَ فإِنَّ هذا دُعاءٌ له وتَرْغيبٌ في اسْتِعْماله ما تَقَدَّمَتِ الوَصِيَّةُ به أَلا تراه قال أَنْعِم صَباحاً ثم عَقَّبه بتَرِبَتْ يَداكَ وكثيراً تَرِدُ للعرب أَلفاظ ظاهرها الذَّمُّ وإِنما يُريدون بها المَدْحَ كقولهم لا أَبَ لَكَ ولا أُمَّ لَكَ وهَوَتْ أُّمُّه ولا أَرضَ لك ونحوِ ذلك وقال بعضُ الناس إِنَّ قولهم تَرِبَتْ يداكَ يريد به اسْتَغْنَتْ يداكَ قال وهذا خطأٌ لا يجوز في الكلام ولو كان كما قال لقال أَتْرَبَتْ يداكَ يقال أَتْرَبَ الرجلُ فهو مُتْرِبٌ إِذا كثر مالهُ فإِذا أَرادوا الفَقْرَ قالوا تَرِبَ يَتْرَبُ ورجل تَرِبٌ فقيرٌ ورجل تَرِبٌ لازِقٌ بالتُّراب من الحاجة ليس بينه وبين الأَرض شيءٌ وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه لم يكن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم سَبَّاباً ولا فَحَّاشاً كان يقولُ لأَحَدنا عند المُعاتَبةِ تَرِبَ جَبِينُه قيل أَراد به دعاءً له بكثرة السجود وأَما قوله لبعض أَصْحابه تَرِبَ نَحْرُكَ فقُتِل الرجُل شهيداً فإِنه محمول على ظاهره وقالوا الترابُ لكَ فرَفَعُوه وإِن كان فيه معنى الدعاء لأَنه اسم وليس بمصدر وليس في كلِّ شيءٍ من الجَواهِر قيل هذا وإِذ امتنع هذا في بعض المصادر فلم يقولوا السَّقْيُ لكَ ولا الرَّعْيُ لك كانت الأَسماء أَوْلى بذلك وهذا النوعُ من الأَسماء وإِن ارْتَفَعَ فإِنَّ فيه معنى المنصوب وحكى اللحياني التُّرابَ للأَبْعَدِ قال فنصب كأَنه دعاء والمَتْرَبةُ المَسْكَنةُ والفاقةُ ومِسْكِينٌ ذُو مَتْرَبةٍ أَي لاصِقٌ بالتراب وجمل تَرَبُوتٌ ذَلُولٌ فإِمَّا أَن يكون من التُّراب لذلَّتِه وإِما أَن تكون التاء بدلاًمن الدال في دَرَبُوت من الدُّرْبةٍ وهو مذهب سيبويه وهو مذكور في موضعه قال ابن بري الصواب ما قاله أَبو علي تَرَبُوتٍ أَنّ أَصله دَرَبُوتٌ من الدربة فأَبدل من الدال تاء كما أَبدلوا من التاء دالاً في قولهم دَوْلَجٌ وأَصله تَوْلَجٌ ووزنه تَفْعَلٌ من وَلَجَ والتَّوْلَجُ الكِناسُ الذي يَلِجُ فيه الظبي وغيره من الوَحْش وقال اللحياني بَكْرٌ تَرَبُوتٌ مُذَلَّلٌ فَخصَّ به البَكْر وكذلك ناقة تَرَبُوت قال وهي التي إِذا أُخِذَتْ بِمِشْفَرِها أَو بُهدْب عينها تَبِعَتْكَ قال وقال الأَصمعي كلُّ ذَلُولٍ من الأَرض وغيرها تَرَبُوتٌ وكلُّ هذا من التُّراب الذكَرُ والأُنثى فيه سواءٌ [ ص 230 ] « والتُّرْتُبُ الأَمْرُ الثابتُ بضم التاءين والتُّرْتُبُ العبدُ السُّوء ( 1 ) »
( 1 هذه العبارة من مادة « ترتب » ذكرت هنا خطأ في الطبعة الاولى )
وأَتْرَبَ الرجلُ إِذا مَلَك عبداً مُلِكَ ثلاث مَرَّات والتَّرِباتُ الأَنامِلُ الواحدة تَرِبةٌ والتَّرائبُ مَوْضِعُ القِلادةِ من الصَّدْر وقيل هو ما بين التَّرْقُوة إِلى الثَّنْدُوةِ وقيل التَّرائبُ عِظامُ الصدر وقيل ما وَلِيَ الّتَرْقُوَتَيْن منه وقيل ما بين الثديين والترقوتين قال الأَغلب العِجْليّ
أَشْرَفَ ثَدْياها على التَّرِيبِ ... لَمْ يَعْدُوَا التَّفْلِيكَ في النُّتُوبِ
والتِّفْلِيكُ مِن فَلَّك الثَّدْيُ والنُّتُوبُ النُّهُودُ وهو ارْتِفاعُه وقيل التَّرائبُ أَربعُ أَضلاعٍ من يَمْنةِ الصدر وأَربعٌ من يَسْرَتِه وقوله عز وجل خُلِقَ مِن ماءٍ دافِقٍ يَخْرُج من بينِ الصُّلْب والتَّرائبِ قيل التَّرائبُ ما تقدَّم وقال الفرَّاء يعني صُلْبَ الرجلِ وتَرائبَ المرأَةِ وقيل التَّرائبُ اليَدانِ والرِّجْلانِ والعَيْنانِ وقال واحدتها تَرِيبةٌ وقال أَهل اللغة أَجمعون التَّرائبُ موضع القِلادةِ من الصَّدْرِ وأَنشدوا
مُهَفْهَفةٌ بَيْضاءُ غَيْرُ مُفاضةٍ ... تَرائِبُها مَصْقُولةٌ كالسَّجَنْجَلِ
وقيل التَّرِيبَتانِ الضِّلَعانِ اللَّتانِ تَلِيانِ التَّرْقُوَتَيْنِ وأَنشد
ومِنْ ذَهَبٍ يَلُوحُ على تَرِيبٍ ... كَلَوْنِ العاجِ ليس له غُضُونُ
أَبو عبيد الصَّدْرُ فيه النَّحْرُ وهو موضِعُ القِلادةِ واللَّبَّةُ موضع النَّحْرِ والثُّغْرةُ ثُغْرَةُ النَّحْرِ وهي الهَزْمةُ بين التَّرْقُوَتَيْنِ وقال
والزَّعْفَرانُ علَى تَرائِبِها ... شَرِقٌ به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
قال والتَّرْقُوَتانِ العَظْمانِ المُشْرِفانِ في أَعْلَى الصَّدْرِ مِن صَدْرِ رَأْسَيِ المَنْكِبَيْنِ إِلى طَرَفِ ثُغْرة النَّحْر وباطِنُ التَّرْقُوَتَيْنِ الهَواء الذي في الجَوْفِ لو خُرِقَ يقال لهما القَلْتانِ وهما الحاقِنَتانِ أَيضاً والذَّاقِنةُ طَرَفُ الحُلْقُوم قال ابن الأَثير وفي الحديث ذكر التَّرِيبةِ وهي أَعْلَى صَدْرِ الإِنْسانِ تَحْتَ الذَّقَنِ وجمعُها التَّرائبُ وتَرِيبةُ البَعِير مَنْخِرُه ( 2 )
( 2 قوله « وتربية البعير منخره » كذا في المحكم مضبوطاً وفي شرح القاموس الطبع بالحاء المهملة بدل الخاء )
والتِّرابُ أَصْلُ ذِراعِ الشاة أُنثى وبه فسر شمر قولَ عليّ كرَّم اللّه وجهه لَئِنْ وَلِيتُ بني أُمَيَّةَ لأَنْفُضَنَّهُمْ نَفْضَ القَصَّابِ التِّرابَ الوَذِمةَ قال وعنى بالقَصّابِ هنا السَّبُعَ والتِّرابُ أَصْلُ ذِراعِ الشاةِ والسَّبُعُ إِذا أَخَذَ شاةً قَبَضَ على ذلك المَكانِ فَنَفَضَ الشَّاةَ الأَزهريُّ طَعامٌ تَرِبٌ إِذا تَلَوَّثَ بالتُّراب قال ومنه حديث عليّ رضي اللّه عنه نَفْضَ القَصَّاب الوِذامَ التَّرِبةَ الأَزهري التِّرابُ التي سَقَطَتْ في التُّرابِ فَتَتَرَّبَتْ فالقَصَّابُ يَنْفُضُها ابن الأَثير التِّرابُ جمع تَرْبٍ تخفيفُ تَرِبٍ يريد اللُّحُومَ التي تَعَفَّرَتْ بسُقُوطِها في التُّراب والوَذِمةُ المُنْقَطِعةُ الأَوْذامِ وهي السُّيُورُ التي يُشَدُّ بها عُرى الدَّلْوِ قال الأَصمعي سأَلْتُ [ ص 231 ] شُعبةَ ( 1 )
( 1 قوله « قال الأصمعي سألت شعبة إلخ » ما هنا هو الذي في النهاية هنا والصحاح والمختار في مادة وذم والذي فيها من اللسان قلبها فالسائل فيها مسؤول ) عن هذا الحَرْفِ فقال ليس هو هكذا انما هو نَفْضُ القَصَّابِ الوِذامَ التَّرِبةَ وهي التي قد سَقَطَتْ في التُّرابِ وقيل الكُرُوشُ كُلُّها تُسَمَّى تَرِبةً لأَنها يَحْصُلُ فيها الترابُ مِنَ المَرْتَعِ والوَذِمةُ التي أُخْمِلَ باطِنُها والكُرُوشُ وَذِمةٌ لأَنها مُخْمَلَةٌ ويقال لِخَمْلِها الوَذَمُ ومعنى الحديث لئن وَلِيتُهم لأُطَهِّرَنَّهم من الدَّنَسِ ولأُطَيِّبَنَّهُم بعد الخُبْثِ والتِّرْبُ اللِّدةُ والسِّنُّ يقال هذه تِرْبُ هذه أَي لِدَتُها وقيل تِرْبُ الرَّجُل الذي وُلِدَ معَه وأَكثر ما يكون ذلك في المُؤَنَّثِ يقال هي تِرْبُها وهُما تِرْبان والجمع أَتْرابٌ وتارَبَتْها صارت تِرْبَها قال كثير عزة
تُتارِبُ بِيضاً إِذا اسْتَلْعَبَتْ ... كأُدْم الظّباءِ تَرِفُّ الكَباثا
وقوله تعالى عُرُباً أَتْرَاباً فسَّره ثعلب فقال الأَتْرابُ هُنا الأَمْثالُ وهو حَسَنٌ إذْ ليست هُناك وِلادةٌ والتَّرَبَةُ والتَّرِبةُ والتَّرْباء نَبْتٌ سُهْلِيٌّ مُفَرَّضُ الوَرَقِ وقيل هي شَجرة شاكةٌ وثمرتها كأَنها بُسْرَة مُعَلَّقةٌ مَنْبِتُها السَّهْلُ والحَزْنُ وتِهامةُ وقال أَبو حنيفة التَّرِبةُ خَضْراءُ تَسْلَحُ عنها الإِبلُ التهذيب في ترجمة رتب الرَّتْباءُ الناقةُ المُنْتَصِبةُ في سَيْرِها والتَّرْباء الناقةُ المُنْدَفِنةُ قال ابن الأَثير في حديث عمر رضي اللّه عنه ذِكر تُرَبةَ مثال هُمَزَة وهو بضم التاء وفتح الراء وادٍ قُرْبَ مكة على يَوْمين منها وتُرَبةُ وادٍ من أَوْدية اليمن وتُربَةُ والتُّرَبَة والتُّرْباء وتُرْبانُ وأَتارِبُ مواضع ويَتْرَبُ بفتح الراء مَوْضعٌ قَريبٌ من اليمامة قال الأَشجعي
وعَدْتَ وكان الخُلْفُ منكَ سَجِيَّةً ... مواعِيدَ عُرقُوبٍ أخاهُ بِيَتْرَبِ
قال هكذا رواه أَبو عبيدة بَيَتْرَبِ وأَنكر بيَثْرِبِ وقال عُرقُوبٌ من العَمالِيقِ ويَتْرَبُ من بِلادِهم ولم تَسْكُن العمالِيقُ يَثْرِبَ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كُنَّا بِتُرْبانَ قال ابن الأَثير هو موضع كثير المياه بينه وبين المدينة نحو خمسة فَراسِخَ وتُرْبةُ موضع ( 2 )
( 2 قوله « وتربة موضع إلخ » هو فيما رأيناه من المحكم مضبوط بضم فسكون كما ترى والذي في معجم ياقوت بضم ففتح ثم أورد المثل ) من بِلادِ بني عامرِ بن مالك ومن أَمثالهم عَرَفَ بَطْنِي بَطْنَ تُرْبةَ يُضْرَب للرجل يصير إِلى الامرِ الجَليِّ بعد الأَمرِ المُلْتَبِس والمَثَلُ لعامر بن مالك أَبي البراء والتُّرْبِيَّة حِنْطة حَمْراء وسُنْبلها أَيضاً أَحمرُ ناصِعُ الحُمرة وهي رَقِيقة تَنْتَشِر مع أَدْنَى بَرْد أَو ريح حكاه أَبو حنيفة

( ترتب ) أَبو عبيد التُّرْتُب الأَمر الثابت ابن الأَعرابي التُّرْتُب التُّراب والتُّرْتُب العَبْدُ السُّوءُ

( ترعب ) تَرْعَبٌ وتَبْرَعٌ موضعان بَيَّنَ صَرْفُهم إِياهُما أَن التاءَ أَصلٌ

( تعب ) التَّعَبُ شدَّةُ العَناءِ ضِدُّ الراحةِ تَعِبَ يَتْعَبُ تَعَباً فهو تَعِبٌ أَعْيا [ ص 232 ] وأَتْعَبه غيرُه فهو تَعِبٌ ومُتْعَبٌ ولا تقل مَتْعُوبٌ وأَتْعَبَ فلان في عَمَلٍ يُمارِسُه إِذا أَنْصَبَها فيما حَمَّلَها وأَعْمَلَها فيه وأَتْعَبَ الرجُلُ رِكابَه إِذا أَعْجَلَها في السَّوْقِ أَو السَّيْرِ الحَثيثِ وأَتْعَبَ العَظْمَ أَعْنَتَه بعدَ الجَبْرِ وبعيرٌ مُتْعَبٌ انْكَسَرَ عَظْمٌ من عِظامِ يَدَيْهِ أَو رِجْلَيْهِ ثم جَبَرَ فلم يَلْتَئِم جَبْرُه حتى حُمِلَ عليه في التَّعَبِ فوقَ طاقتِه فتَتَمَّم كَسْرُه قال ذو الرمَّة
إِذا نالَ منها نَظْرةً هِيضَ قَلْبُه ... بها كانْهِياضِ المُتْعَبِ المُتَتَمِّمِ
وأَتْعَبَ إِناءَه وقَدَحَه ملأَه فهو مُتْعَبٌ

( تغب ) التَّغَبُ الوَسَخُ والدَّرَنُ وتَغِبَ الرجلُ يَتْغَبُ تَغَباً فهو تَغِبٌ هَلَكَ في دِينٍ أَو دُنْيا وكذلك الوَتَغُ وتَغِبَ تَغَباً صار فيه عَيْبٌ وما فيه تَغْبةٌ أَي عَيْبٌ تُرَدُّ به شَهادتُه وفي بعض الأَخبار لا تُقْبَلُ شَهادةُ ذي تَغْبَةٍ قال هو الفاسدُ في دِينهِ وَعَمَلِه وسُوءِ أَفعالِه قال الزمخشري ويروى تَغِبَّةٍ مُشَدَّداً قال ولا يخلو أَن يكون تَغِبَّةً تَفْعِلةً من غَبَّبَ مبالغة في غَبَّ الشيءُ إِذا فَسَد أَو من غَبَّبَ الذِّئبُ الغَنَم إِذا عاثَ فيها ويقال لِلقَحْطِ تَغَبةٌ وللجُوع البُرْقُوعِ تَغَبةٌ وقول المُعَطَّلِ الهُذَلِيّ
لَعَمْري لقد أَعْلَنْتَ خِرْقاً مُبَرَّأً ... منَ التَّغْبِ جَوّابَ المَهالِكِ أَرْوَعا
قال أَعْلَنْتَ أَظْهَرْتَ مَوْتَه والتَغْبُ القَبيحُ والرِّيبَةُ لواحدة تَغْبةٌ وقد تَغِبَ يَتْغَبُ

( تلب ) التَوْلَبُ ولَدُ الأَتانِ من الوَحْشِ إِذا اسْتَكْمَل الحَوْلَ وفي الصحاح التَّوْلَبُ الجَحْشُ وحُكي عن سيبويه أَنه صروف لأَنه فَوْعَلٌ ويقال للأَتانِ أُمُّ تَوْلَبٍ وقد يُسْتَعارُ للإِنسانِ قال أَوْسُ بن حَجَر يصف صبيّاً
وذاتُ هِدْمٍ عارٍ نَواشِرُها ... تُصْمِتُ بالماءِ تَوْلَباً جَدِعَا
وإِنما قُضِيَ على تائه أَنها أَصْلٌ وواوِه بالزيادة لأَن فَوْعَلاً في الكلام أَكثر من تَفْعَلُ الليث يقال تَبّاً لفلان وتَلْباً يُتْبِعونه التَّبَّ والمَتالِبُ المَقاتِلُ والتِّلِبُّ رَجل من بني العَنْبرِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد لاهُمَّ ان كان بَنُو عَميرَهْ رَهْطُ التِّلِبِّ هَؤُلا مَقْصُورَهْ قد أَجْمَعُوا لِغَدْرةٍ مَشْهُورَهْ فابْعَثْ عليهم سَنةً قاشُورَهْ تَحْتَلِقُ المالَ احْتِلاقَ النُّورَهْ أَي أُخْلِصُوا فلم يُخالِطْهم غيرُهم من قومهم هَجا رَهْطَ التِّلِبِّ بسَبَبِه التهذيب التِّلِبُّ اسم رجلٍ من بني تميم وقد رَوى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم شيئاً

( تلأب ) هذه ترجمة ذكرها الجوهري في أَثناء ترجمة تلب وغَلَّطه الشيخ أَبو محمد بن بري في ذلك وقال حق اتْلأَبَّ أَن يذكر في فصل تلأَب لأَنه رباعي والهمزة الأُولى وصل والثانية أَصل ووزنه افْعَلَلَّ مثلُ اطْمَأَنّ اتْلأَبَّ الشيءُ اتْلِئْباباً اسْتَقامَ وقيل انْتَصَبَ [ ص 233 ] واتْلأَبَّ الشيءُ والطريقُ امْتَدّ واسْتَوى ومنه قول الأَعرابي يصف فرساً إِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ والاسم التُّلأْبيبةُ مثل الطُّمَأْنِينةِ واتْلأَبَّ الحِمارُ أَقام صَدْرَه ورأْسَه قال لبيد
فأَوْرَدَها مَسْجُورةً تحتَ غابةٍ ... من القُرْنَتَيْنِ واتْلأَبَّ يَحُومُ
وذكر الأَزهري في الثلاثي الصحيح عن الأَصمعي المُتْلَئِبُّ المُسْتَقِيمُ قال والمُسْلَحِبُّ مثلُه وقال الفرَّاء التُّلأْبِيبةُ من اتْلأَبَّ إِذا امتدَّ والمُتْلَئِبُّ الطريقُ المُمْتَدّ

( تنب ) التَّنُّوبُ شجر عن أَبي حنيفة

( توب ) التَّوْبةُ الرُّجُوعُ من الذَّنْبِ وفي الحديث النَّدَمُ تَوْبةٌ والتَّوْبُ مثلُه وقال الأَخفش التَّوْبُ جمع تَوْبةٍ مثل عَزْمةٍ وعَزْمٍ وتابَ إِلى اللّهِ يَتُوبُ تَوْباً وتَوْبةً ومَتاباً أَنابَ ورَجَعَ عن المَعْصيةِ إِلى الطاعةِ فأَما قوله
تُبْتُ إِلَيْكَ فَتَقَبَّلْ تابَتي ... وصُمْتُ رَبِّي فَتَقَبَّلْ صامَتي
إِنما أَراد تَوْبَتي وصَوْمَتي فأَبدَلَ الواو أَلفاً لضَرْبٍ من الخِفّة لأَنّ هذا الشعر ليس بمؤَسَّس كله أَلا ترى أَن فيها
أَدْعُوكَ يا رَبِّ مِن النارِ الَّتي ... أَعْدَدْتَ لِلْكُفَّارِ في القِيامة
فجاء بالتي وليس فيها أَلف تأْسيس وتابَ اللّهُ عليه وفَّقَه لَها ( 1 )
( 1 أي للتوبة )
ورَجل تَوَّابٌ تائِبٌ إِلى اللّهِ واللّهُ تَوّابٌ يَتُوبُ علَى عَبْدِه وقوله تعالى غافِرِ الذَّنْبِ وقابِلِ التَّوْب يجوز أَن يكون عَنَى به المَصْدَرَ كالقَول وأَن يكون جمع تَوْبةٍ كَلَوْزةٍ ولَوْزٍ وهو مذهب المبرد وقال أَبو منصور أَصلُ تابَ عادَ إِلى اللّهِ ورَجَعَ وأَنابَ وتابَ اللّهُ عليه أَي عادَ عليه بالمَغْفِرة وقوله تعالى وتُوبُوا إِلى اللّه جَمِيعاً أَي عُودُوا إِلى طَاعتِه وأَنيبُوا إِليه واللّهُ التوَّابُ يَتُوبُ على عَبْدِه بفَضْله إِذا تابَ إِليهِ من ذَنْبه واسْتَتَبْتُ فُلاناً عَرَضْتُ عليهِ التَّوْبَةَ مما اقْتَرَف أَي الرُّجُوعَ والنَّدَمَ على ما فَرَطَ منه واسْتَتابه سأَلَه أَن يَتُوبَ وفي كتاب سيبويه والتَّتْوِبةُ على تَفْعِلةٍ من ذلك وذكر الجوهريّ في هذه الترجمة التابوت أَصله تابُوَةٌ مثل تَرْقُوَةٍ وهو فَعْلُوَةٌ فلما سكنت الواو انْقلبت هاءُ التأْنيث تاءً وقال القاسم بن معن لم تَختلف لغةُ قُريشٍ والأَنصارِ في شيءٍ من القرآن إِلاَّ في التَّابُوتِ فلغةُ قريش بالتاءِ ولغةُ الأَنصار بالهاءِ قال ابن بري التصريفُ الذي ذكره الجوهري في هذه اللفظة حتى ردّها إِلى تابوت تَصْرِيفٌ فاسِدٌ قال والصواب أَن يُذكر في فصل تبت لأَنَّ تاءَه أَصلية ووزنه فاعُولٌ مثل عاقُولٍ وحاطُومٍ والوقْفُ عليها بالتاءِ في أَكثر اللغات ومن وقف عليها بالهاءِ فإِنه أَبدلها من التاءِ كما أَبدلها في الفُرات حين وقف عليها بالهاءِ وليست تاءُ الفرات بتاءِ تأْنيث وإِنما هي أَصلية من نفس الكلمة قال أَبو بكر بن مجاهد التَّابُوتُ بالتاءِ قِراءة الناس جميعاً ولغة الأَنصار التابُوةُ بالهاءِ [ ص 234 ]

( ثأب ) ثَئِبَ الرَّجُل ( 1 )
( 1 قوله « ثئب الرجل » قال شارح القاموس هو كفرح عازياً ذلك للسان ولكن الذي في المحكم والتكملة وتبعهما المجد ثأب كعنى )
ثَأَباً وتَثاءَبَ وتَثَأّبَ أَصابَه كَسَلٌ وتَوصِيمٌ وهي الثُّؤَباءُ مَمْدود والثُّؤَباءُ من التَّثاؤُب مثل المُطَواءِ من التَّمَطِّي قال الشاعِر في صفة مُهْر فافْتَرَّ عن قارِحِه تَثاؤُبُهْ وفي المثل أَعْدَى مِن الثُّؤَباءِ ابن السكيت تَثاءَبْتُ على تَفاعَلْتُ ولا تقل تَثاوَبْتُ والتَّثاؤُبُ أَن يأْكُلَ الإِنْسان شيئاً أَو يَشْربَ شيئاً تَغْشاهُ له فَتْرة كَثَقْلةِ النُّعاس من غَير غَشْيٍ عليه يقال ثُئِبَ فلان قال أَبو زيد تَثَأّبَ يَتَثَأّبُ تثَؤُّباً من الثُّؤَباءِ في كتاب الهمز وفي الحديث التَّثاؤُبُ من الشَّيْطان وإِنما جعله من الشَّيْطانِ كَراهِيةً له لأَنه إِنما يكون مِن ثِقَلِ البَدَنِ وامْتِلائه واستِرخائِه ومَيْلِه إِلى الكَسَل والنوم فأَضافه إِلى الشيطان لأَنه الذي يَدْعُو إِلى إِعطاء النَّفْس شَهْوَتَها وأَرادَ به التَحْذِيرَ من السبَب الذي يَتَولَّدُ منه وهو التَّوَسُّع في المَطْعَمِ والشِّبَعِ فيَثْقُل عن الطَّاعاتِ ويَكْسَلُ عن الخَيْرات والأَثْأَبُ شجر يَنْبُتُ في بُطُون الأَوْدية بالبادية وهو على ضَرْب التِّين يَنْبُت ناعِماً كأَنه على شاطئِ نَهر وهو بَعِيدٌ من الماءِ يَزْعُم النَّاسُ أَنها شجرة سَقِيَّةٌ واحدتُه أَثْأَبةٌ قال الكُمَيْتُ
وغادَرْنا المَقاوِلَ في مَكَرٍّ ... كَخُشْبِ الأَثْأَبِ المُتَغَطْرسِينا
قال الليث هي شَبِيهةٌ بشَجَرة تسميها العجم النَّشْك وأَنشد في سَلَمٍ أَو أَثْأَبٍ وغَرْقَدِ قال أَبو حنيفة الأَثْأَبةُ دَوْحةٌ مِحْلالٌ واسِعةٌ يَسْتَظِلُّ تَحتَها الأُلُوفُ من الناسِ تَنْبُتُ نباتَ شجَر الجَوْز ووَرَقُها أَيضاً كنحو وَرقِه ولها ثمَر مثلُ التين الأَبْيَضِ يُؤْكل وفيه كَراهةٌ وله حَبٌّ مثل حَبِّ التِّين وزِنادُه جيدة وقيل الأَثْأَبُ شِبْه القَصَبِ له رؤوسٌ كَرؤُوس القَصَب وشَكِير كشَكِيرِه فأَمّا قوله قُلْ لأَبي قَيْسٍ خَفِيفِ الأَثَبَهْ فعلى تخفيف الهمزة إِنما أَراد خَفِيفَ الأَثْأَبة وهذا الشاعر كأَنه ليس من لغته الهمز لأَنه لو همز لم ينكسر البيت وظنَّه قوم لغة وهو خَطَأٌ وقال أَبو حنيفة قال بعضهم الأَثْب فاطَّرَح الهمزة وأَبْقى الثاءَ على سُكونها وأَنشد
ونَحْنُ مِنْ فَلْجٍ بأَعْلى شِعْبِ ... مُضْطَرِب الْبانِ أَثِيثِ الأَثْبِ

( ثبب ) ابن الأَعرابي الثَّبابُ الجُلُوس وثَبَّ إِذا جَلَس جُلُوساً مُتَمَكِّناً وقال أَبو عمرو ثَبْثَبَ إِذا جلَس مُتمكِّناً

( ثرب ) الثَّرْبُ شَحْم رَقِيقٌ يَغْشَى الكَرِشَ والأَمْعاءَ وجمعُه ثُرُوبٌ والثَّرْبُ الشَّحْمُ المَبسُوط على الأَمْعاءِ والمَصارِينِ وشاة ثَرْباءُ عَظيمة الثَّرْبِ وأَنشد شمر وأَنْتُم بِشَحْمِ الكُلْيَتَيْن معَ الثَّرْبِ وفي الحديث نَهى عن الصَّلاةِ إِذا صارَتِ الشمسُ [ ص 235 ] كالأَثارِبِ أَي إِذا تَفَرَّقَت وخَصَّت مَوْضِعاً دون موضع عند المَغِيب شَبَّهها بالثُّرُوبِ وهي الشحْمُ الرَّقيق الذي يُغَشّي الكَرِشَ والأَمْعاءَ الواحد ثَرْبٌ وجمعها في القلة أَثْرُبٌ والأَثارِبُ جمع الجمع وفي الحديث انَّ المُنافِقَ يؤَخِّر العَصْرَ حتى إِذا صارَتِ الشمسُ كَثَرْبِ البَقَرة صلاَّها والثَّرَباتُ الأَصابعُ والتَّثْريبُ كالتَّأْنيب والتَّعْيِيرِ والاسْتِقْصاءِ في اللَّوْمِ والثَّارِبُ المُوَبِّخُ يقال ثَرَبَ وثَرَّب وأَثْرَبَ إِذا وَبَّخَ قال نُصَيْبٌ
إِني لأَكْرَهُ ما كَرِهْتَ مِنَ الَّذي ... يُؤْذِيكَ سُوء ثَنائِه لم يَثْرِبِ
وقال في أَثْرَبَ
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً مِنْ تِلادِه ... سَوامُ أَخٍ داني الوسِيطةِ مُثْرِبِ
قال مُثْرِبٌ قَلِيلُ العَطاءِ وهو الذي يَمُنُّ بما أَعْطَى وثَرَّبَ عليه لامَه وعَيَّره بذَنْبه وذكَّرَه به وفي التنزيل العزيز قال لا تَثْرِيبَ عليكم اليَوْمَ قال الزجاج معناه لا إِفسادَ عليكم وقال ثعلب معناه لا تُذْكَرُ ذنُوبُكم قال الجوهريّ وهو من الثَّرْبِ كالشَّغْفِ من الشِّغاف قال بِشْر وقيل هو لتُبَّعٍ
فَعَفَوْتُ عَنْهُم عَفْوَ غَيْرِ مُثَرِّبٍ ... وتَرَكْتُهُم لعِقابِ يَوْمٍ سَرْمَدِ
وثَرَّبْتُ عليهم وعَرَّبْتُ عليهم بمعنى إِذا قَبَّحْتَ عليهم فعْلَهم وَالمُثَرِّبُ المُعَيِّرُ وقيل المُخَلِّطُ المُفْسِدُ والتَّثْرِيبُ الإِفْسادُ والتَخْلِيطُ وفي الحديث إِذا زَنَتْ أَمَةُ أَحدِكم فَلْيَضْرِبْها الحَدَّ ولا يُثَرِّبْ قال الأَزهري معناه ولا يُبَكِّتْها ولا يُقَرِّعْها بعد الضَّرْبِ والتقْريعُ أَن يقول الرجل في وَجه الرجْل عَيْبَه فيقول فَعَلْتَ كذا وكذا والتَّبْكِيتُ قَرِيبٌ منه وقال ابن الأَثير أَي لا يُوَبِّخْها ولا يُقَرِّعْها بالزّنا بعد الضرب وقيل أَراد لا يَقْنَعْ في عُقُوبتها بالتثرِيبِ بل يضرِبُها الحدّ فإِنّ زنا الإِماء لم يكن عند العرب مَكْروهاً ولا مُنْكَراً فأَمَرَهم بحَدّ الاماء كما أَمَرَهم بحدّ الحَرائر ويَثْرِبُ مدينة سيدنا رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم والنَّسَبُ إِليها يَثْرَبِيٌّ ويَثْرِبِيٌّ وأَثْرَبِيٌّ وأَثرِبِيٌّ فتحوا الراء استثقالاً لتوالي الكسرات وروى عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى أَن يقالَ للمدينة يَثْرِبُ وسماها طَيْبةَ كأَنه كَرِه الثَرْبَ لأَنه فَسادٌ في كلام العرب قال ابن الأَثير يَثْرِبُ اسم مدينة النبي صلى اللّه عليه وسلم قديمة فغَيَّرها وسماها طَيْبةَ وطابةَ كَراهِيةَ التَّثْرِيبِ وهو اللَّوْمُ والتَعْيير وقيل هو اسم أَرضِها وقيل سميت باسم رجل من العَمالِقة ونَصْلٌ يَثْرِبِيٌّ وأَثْرِبِيٌّ مَنْسوب إِلى يَثْربَ وقوله وما هو إِلاَّ اليَثْرِبِيُّ المُقَطَّعُ زعَم بعضُ الرُّواة أَن المراد باليثربي السَّهْمُ لا النَّصْلُ وأَن يَثْرِبَ لا يُعْمَلُ فيها النِّصالُ قال أَبو حنيفة وليس كذلك لأَنّ النِّصالَ تُعملُ بِيَثْرِبَ وبوادي القُرى وبالرَّقَمِ وبغَيْرِهِنَّ من [ ص 236 ] أَرض الحجاز وقد ذكر الشعراء ذلك كثيراً قال الشاعر وأَثْرَبِيٌّ سِنْخُه مَرْصُوفُ أَي مشدودٌ بالرِّصافِ والثَّرْبُ أَرض حِجارتُها كحجارة الحَرّة إِلا أَنها بِيضٌ وأَثارِبُ موضع

( ثرقب ) الثُّرْقُبِيَّةُ والفُرْقُبِيَّةُ ثِيابُ كَتَّانٍ بيضٌ حكاها يعقوب في البدل وقيل من ثياب مصر يقال ثوب ثُرْقُبيٌّ وفُرْقُبِيٌّ

( ثعب ) ثَعَبَ الماءَ والدَّمَ ونحوَهما يَثْعَبهُ ثَعْباً فَجَّره فانْثَعَبَ كما يَنْثَعِبُ الدَّمُ من الأَنْف قال الليث ومنه اشْتُقَّ مَثْعَبُ المطَر وفي الحديث يجيءُ الشَّهيدُ يومَ القيامةِ وجُرْحُه يَثْعَبُ دَماً أَي يَجْري ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه صَلَّى وجُرْحُه يَثْعَب دَماً وحديث سعدٍ رضي اللّه عنه فقَطَعْتُ نَساهُ فانْثَعَبَتْ جَدِّيةُ الدَّمِ أَي سالَتْ ويروى فانْبَعَثَتْ وانْثَعَبَ المطَرُ كذلك وماءٌ ثَعْبٌ وثَعَبٌ وأُثْعُوبٌ وأُثْعُبانٌ سائل وكذلك الدّمُ الأَخيرة مَثَّلَ بها سيبويه وفسرها السيرافي وقال اللحياني الأُثْعُوبُ ما انْثَعَبَ والثَّعْبُ مَسِيلُ الوادي ( 1 )
( 1 قوله « والثعب مسيل إلخ » كذا ضبط في المحكم والقاموس وقال في غير نسخة من الصحاح والثعب بالتحريك مسيل الماء ) والجمع ثُعْبانٌ وجَرى فَمُه ثَعابِيبَ كسَعابِيبَ وقيل هو بَدَلٌ وهو أَن يَجْري منه ماءٌ صافٍ فيه تمَدُّدٌ والمَثْعَبُ بالفتح واحد مَثاعِبِ الحِياضِ وانْثَعَبَ الماءُ جَرى في المَثْعَبِ والثَّعْبُ والوَقيعةُ والغَدير كُلُّه من مَجامع الماء وقال الليث والثَّعْبُ الذي يَجْتَمعُ في مَسيلِ المطر من الغُثاء قال الأَزهري لم يُجَوِّد الليث في تفسير الثَّعْبِ وهو عندي المَسِيلُ نفسُه لا ما يجتمع في المَسِيل من الغُثاء والثُّعْبانُ الحَيَّةُ الضَّخْمُ الطويلُ الذكرُ خاصّةً وقيل كلُّ حَيَّةٍ ثُعْبانٌ والجمع ثَعابينُ وقوله تعالى فأَلْقَى عَصاه فإِذا هي ثُعْبانٌ مُبِينٌ قال الزجاج أَراد الكبيرَ من الحَيَّاتِ فإِن قال قائل كيف جاء فإِذا هي ثُعْبانٌ مبين وفي موضع آخر تَهْتَزُّ كأَنها جانٌّ والجانُّ الصغيرُ من الحيّات فالجواب في ذلك أَنّ خَلْقَها خَلْقُ الثُّعبانِ العظيمِ واهْتِزازُها وحَرَكَتُها وخِفَّتُها كاهْتِزازِ الجانِّ وخِفَّتِه قال ابن شميل الحَيَّاتُ كلها ثُعْبانٌ الصغير والكبير والإِناث والذُّكْرانُ وقال أَبو خَيْرة الثعبانُ الحَيَّةُ الذكَر
ونحو ذلك قال الضحاك في تفسير قوله تعالى فإِذا هي ثُعْبان مبين وقال قطرب الثُّعبانُ الحَيّةُ الذكرُ الأَصْفَر الأَشْعَرُ وهو من أَعظمِ الحَيّات وقال شمر الثُّعبانُ من الحَيّاتِ ضَخْمٌ عظيم أَحمر يَصِيدُ الفأْر قال وهي ببعض المواضع تُسْتَعار للفَأْر وهو أَنفَعُ في البَيْتِ من السَّنانِير قال حميد بن ثور
شَدِيدٌ تَوَقِّيهِ الزِّمامَ كأَنما ... نَرى بتَوَقِّيهِ الخِشاشةَ أَرْقَمَا
فلمّا أَتَتْه أَنْشَبَتْ في خِشاشِه ... زِماماً كَثُعْبانِ الحَماطةِ مُحْكَمَا
والأُثْعبانُ الوَجْهُ الفَخْم في حُسْن بيَاضٍ وقيل [ ص 237 ] هو الوَجْهُ الضَّخْم قال
إِنِّي رَأَيتُ أُثْعباناً جَعْدَا ... قد خَرَجَتْ بَعْدي وقالَتْ نَكْدَا
قال الأَزهري والأَثْعَبِيُّ الوَجْه الضَّخْمُ في حُسْن وبَياضٍ قال ومنهم مَن يقول وجهٌ أُثْعُبانِيٌّ ابن الأعرابي من أَسماءِ الفأْر البِرُّ والثُّعْبةُ والعَرِمُ والثُّعْبةُ ضَرْبٌ من الوَزَغ تُسمى سامَّ أَبْرَصَ غير أَنها خَضْراءُ الرأْس والحَلْقِ جاحظةُ العينين لا تَلْقاها أَبداً إِلاَّ فاتِحةً فاها وهي مِن شَرِّ الدَّوابِّ تَلْدَغُ فلا يَكادُ يَبْرَأُ سَلِيمُها وجمعها ثُعَبٌ وقال ابن دريد الثُّعْبةُ دابّةٌ أَغْلَظُ من الوَزَغةِ تَلْسَعُ ورُبما قَتَلَتْ وفي المثل ما الخَوافي كالقِلَبةِ ولا الخُنَّازُ كالثُّعَبةِ فالخَوافي السَّعَفاتُ اللَّواتي يَلِينَ القِلَبةَ والخُنَّازُ الوَزَغةُ ورأَيت في حاشية نسخة من الصحاح موثوق بها ما صورته قال أَبو سهل هكذا وجدته بخط الجوهريّ الثُّعْبة بتسكين العين قال والذي قرأْته على شيخي في الجمهرة بفتح العين والثُّعْبةُ نبتةٌ ( 1 )
( 1 قوله « والثعبة نبتة إلخ » هي عبارة المحكم والتكملة لم يختلفا في شيء إلا في المشبه به فقال في المحكم شبيهة بالثعلة وفي التكملة بالثوعة ) شَبِيهة بالثُّعْلةِ إِلا أَنها أَخْشَن ورقاً وساقُها أَغْبَرُ وليس لها حَمْل ولا مَنْفعةَ فيها وهي من شجر الجبل تَنْبُت في مَنابِت الثُّوَعِ ولها ظِلٌّ كَثِيفٌ كلُّ هذا عن أَبي حنيفة والثَّعْبُ شجر قال الخليل الثُّعْبانُ ماء الواحد ثَعْبٌ وقال غيره هو الثَّغْبُ بالغين المعجمة

( ثعلب ) الثَّعْلَبُ من السِّباع مَعْروفة وهي الأُنثى وقيل الأُنثى ثَعْلبةٌ والذكر ثَعْلَبٌ وثُعْلُبانٌ قال غاوِي بن ظالِم السُّلَمِيّ وقيل هو لأَبي ذر الغفاري وقيل هو لعَبَّاس بن مِرْداس السُّلَمي رضي اللّه عنهم
أَرَبٌّ يَبُولُ الثُّعْلبانُ برَأْسِه ... لَقَدْ ذَلَّ مَن بالَتْ عليهِ الثَّعالِبُ ( 2 )
( 2 قوله « أرب الخ » كذا استشهد الجوهري به على قوله والذكر ثعلبان وقال الصاغاني والصواب في البيت الثعلبان تثنية ثعلب )
الأَزهري الثَّعْلَبُ الذكرُ و الأُنثى ثُعالةٌ والجمع ثَعالِبُ و ثَعالٍ عن اللحياني قال ابن سيده ولا يُعْجِبُني قوله وأَما سيبويه فإِنه لم يجز ثَعالٍ إِلاّ في الشعر كقول رجل من يَشْكُرَ
لَها أَشارِيرُ مِنْ لَحْمٍ تُتَمِّرهُ ... مِن الثَّعالي ووَخْزٌ مِنْ أَرانِيها
ووجَّهَ ذلك فقال إِن الشاعر لَمَّا اضْطُرَّ إِلى الياءِ أَبْدلَها مَكانَ الباءِ كما يُبْدِلُها مكانَ الهمزة وأَرضٌ مُثَعْلِبةٌ بكسر اللام ذاتُ ثَعالِبَ وأَما قَوْلُهم أَرضٌ مَثْعَلةٌ فهو من ثُعالةَ ويجوز أَيضاً أَن يكون من ثَعْلَبَ كما قالوا مَعْقَرةٌ لأَرض كثيرة العَقاربِ وثَعْلَبَ الرَّجلُ وتَثَعْلَبَ جَبُنَ وراغَ على التَّشْبِيه بعَدْوِ الثَّعْلَب قال فَإِنْ رَآني شاعِرٌ تَثَعْلَبا ( 3 )
( 3 قوله « فإِن رآني » في التكملة بعده وإن حداه الحين أو تذايله )
وثَعْلَبَ الرَّجلُ من آخَر فَرَقاً والثَّعْلَبُ طَرَفُ الرُّمْح الداخِلُ في جُبَّةِ [ ص 238 ]
السِّنانِ وثَعْلَبُ الرُّمْحِ مادَخَلَ في جُبَّةِ السِّنان منه والثَّعْلَبُ الجُحْرُ الذي يَسِيلُ منه ماءُ المطر والثَّعْلَبُ مَخْرَجُ الماءِ من جَرِينِ التمر وقيل إِنه إِذا نُشِرَ التَّمْر في الجَرِينِ فَخشُوا عليه المطَر عَمِلُوا له جُحْراً يَسِيلُ منه ماءُ المطر فاسم ذلك الجُحْر الثَّعْلَبُ والثَّعْلَبُ مَخْرَج الماءِ من الدِّبارِ أَو الحَوْضِ وفي الحديث أَن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم اسْتَسْقَى يَوْماً ودَعا فقامَ أَبو لُبابَة فقال يارسولَ اللّهِ إِنَّ التمرَ في المَرابِدِ فقال رسولُ اللّهِ صلى اللّهُ عليه وسلم اللهم اسْقِنا حتى يَقُومَ أَبُو لُبابةَ عُرياناً يَسُدُّ ثَعْلَبَ مِرْبَدِه بإِزارِه أَو رِدائِه فمُطِرْنا حتى قامَ أَبو لُبابةَ عُرْياناً يَسُدَّ ثَعْلَبَ مِرْبدِه بإِزارِه والمِرْبَدُ موضع يُجَفَّفُ فيه التمرُ وثَعْلبُه ثَقْبُه الذي يَسِيلُ منه ماءُ المطَر أَبو عمرو الثَّعْلَب أَصْلُ الراكُوب في الجِذْع من النَّخْل وقال في موضع آخر هو أَصلُ الفَسِيلِ إِذا قُطِع من أُمِّه والثَّعْلَبةُ العُصْعُصُ والثَّعْلَبةُ الاسْتُ وداءُ الثَّعْلَبِ عِلَّةٌ مَعْرُوفةٌ يَتناثَرُ منها الشعَرُ وثَعْلَبة اسم غلب على القَبيلة والثَّعْلَبتان ثَعْلبةُ بن جَدْعاءَ بن ذُهْلِ بن رُومانَ بن جُنْدَبِ بن خارِجةَ بن سَعْدِ بن فُطْرةَ بن طَيِّىءٍ وثَعْلبةُ بن رُومانَ بن جُنْدَبٍ قال عَمرو بن مِلْقَط الطائي من قصيدة أَوَّلها
يا أَوْسُ لَوْ نالَتْكَ أَرْماحُنا ... كُنْتَ كَمَنْ تَهْوي به الهاوِيَهْ
يَأْبي لِيَ الثَّعْلَبَتَانِ الَّذي ... قال خُباجُ الأَمَةِ الرَّاعِيَهْ
الخُباجُ الضُّراط وأَضافَه إِلى الأَمة ليكون أَخَسَّ لها وجَعَلها راعِيةً لكونها أَهْوَنَ من التي لا تَرْعَى وأُمُّ جُنْدَب جَدِيلةُ بنْتُ سُبَيْعِ بن عَمرو من حِمْيَر وإِليها يُنْسَبون والثَّعالِبُ قَبائِلُ من العَرَبِ شَتَّى ثَعْلَبةُ في بني أَسَدٍ وثَعْلَبةُ في بني تَمِيمٍ وثَعْلبةُ في طيئٍ وثَعلبةُ في بني رَبِيعةَ وقول الأَغلب
جاريةٌ من قَيْسٍ ابنِ ثَعْلَبَهْ ... كَرِيمةٌ أَنْسابُها والعَصَبَهْ ( 1 )
( 1 قوله « أنسابها » في المحكم أخوالها )
إِنماأَرادَ من قَيْسِ بن ثَعْلبةَ فاضْطُرَّ فأَثبت النون قال ابن جني الذي أُرى أَنه لم يُردفي هذا البيت وما جَرى مَجْراه أَن يُجْرِيَ ابناً وَصْفاًعلى ما قبله ولو أَراد ذلك لَحَذف التنوين ولكنَّ الشاعر أَراد أَن يُجْرِيَ ابناًعلى ما قَبْلَه بدلاً منه وإِذا كان بدلاً منه لم يُجعل معه كالشيءِ الواحد فوجَب لذلك أَن يُنْوى انْفِصالُ ابن مما قبله وإِذا قُدِّر بذلك فقد قام بنفسه ووجَبَ أَن يُبْتَدأَ فاحتاج إِذاً إِلى الأَلِفِ لئلا يلزم الابتداءُ بالساكن وعلى ذلك تقول كَلَّمت زيداً ابن بكر كأَنك تقول كلَّمت زيداً كلَّمت ابن بكر لأَن ذلك حكم البَدَل إِذ البَدَلُ في التقدير من جملة ثانية غير الجملة التي المُبْدَلُ منه منها والقول الأَوّل مذهب سيبويه وثُعيلِبات موضع والثَّعْلَبِيَّةُ أَن يَعْدُوَالفرسُ عَدْوَ الكلب والثَّعْلَبِيَّةُ موضع بطريق مكة
[ ص 239 ]

( ثغب ) الثَّغْبُ والثَّغَبُ والفتح أَكثرُ ما بَقِيَ من الماءِ في بطنِ الوادي وقيل هو بَقِيَّةُ الماءِ العَذْبِ في الأَرض وقيل هو أُخْدُودٌ تَحْتَفِرهُ المَسايِلُ من عَلُ فإِذا انْحَطَّتْ حَفَرَتْ أَمثالَ القُبورِ والدِّبار فيَمْضي السَّيْلُ عنها ويُغادِرُ الماءَ فيها فتُصَفِّقُه الرِّيحُ ويَصْفُو ويَبْرُد فليس شيءٌ أَصْفَى منه ولا أَبْرَدَ فسُمِّيَ الماءُ بذلك المكانِ وقيل الثَّغَبُ الغَدِيرُ يكون في ظلِّ جَبَل لا تُصِيبُه الشمس فيَبْرُد ماؤُه والجمع ثِغْبانٌ مثل شَبَثٍ وشِبْثانٍ وثُغْبانٌ مثل حَمَل وحُمْلان قال الأَخطل
وثالثةٍ من العَسَل المُصَفَّى ... مُشَعْشَعةٍ بثِغْبانِ البِطاح
ومنهم من يرويه ( 1 )
( 1 قوله « ومنهم من يرويه إلخ » هو ابن سيده في محكمه كما يأتي التصريح به بعد ) بثُغْبانٍ بضم الثاءِ وهو على لغة ثَغْبٍ بالاسكان كعَبْدٍ وعُبْدانٍ وقيل كلُّ غَدِيرٍ ثَعْبٌ والجمع أَثْغابٌ وثِغابٌ الليث الثَّغَبُ ماءٌ صار في مُسْتَنْقَعٍ في صَخْرَةٍ أَو جَهْلةٍ قليلٌ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه ما شَبَّهْتُ ما غَبَرَ من الدنيا إِلا بثَغْبٍ قد ذَهَبَ صَفْوُه وبَقِيَ كَدَرُه أَبو عبيد الثَّغْبُ بالفتح والسكون المُطْمَئِنُّ من المواضع في أَعلى الجبل يَسْتَنْقِعُ فيه ماءُ المطر قال عَبيدٌ
ولقد تَحُلُّ بها كأَنَّ مُجاجَها ... ثَغْبٌ يُصَفَّقُ صفْوُه بِمُدامِ
وقيل هو غَديرٌ في غَلْظٍ من الأَرضِ أَو على صَخْرة ويكون قليلاً وفي حديث زياد فُثِئَتْ بِسُلالةٍ من ماء ثَغْبٍ وقال ابن الأَعرابي الثَّغَبُ ما استَطال في الأَرض مما يَبْقَى مِن السَّيْل إِذا انْحَسَر يَبْقَى منه في حَيْدٍ من الأَرض فالماءُ بمكانِه ذلك ثَغَبٌ قال واضْطُرَّ شاعر إِلى إِسْكان ثانِيه فقال
وفي يَدي مِثْلُ ماءِ الثَّغْبِ ذُو شُطَبٍ ... أَنِّي بِحَيْثُ يَهُوسُ اللَّيْثُ والنَّمِرُ
شَبَّه السيفَ بذلك الماءِ في رِقَّتِه وصَفائه وأَراد لأَني ابن السكيت الثَّغْبُ تَحْتَفِرُه المَسايِلُ مِن عَلُ فالماءُ ثَغْبٌ والمكانُ ثَغْبٌ وهما جميعاً ثَغْبٌ وثَغَبٌ قال الشاعر
وما ثَغَبٌ باتَتْ تُصَفِّقُه الصَّبا ... قَرارةَ نِهْيٍ أَتْأَقَتْها الرَّوائِحُ
والثَّغَبُ ذَوْبُ الجَمْدِ والجمعُ ثُغْبانٌ وأَنشد ابن سيده بيت الأَخطل بثُغْبان البطاح ابن الأَعرابي الثُغْبان مَجاري الماء وبين كلِّ ثَغْبَيْنِ طَريقٌ فإِذا زادتِ المِياهُ ضاقتِ المسالِكُ فدَقَّتْ وأَنشد مَدافِعُ ثُغْبانٍ أَضَرَّ بها الوَبْلُ

( ثغرب ) الثِّغْرِبُ الأَسنان الصُّفْر قال
ولا عَيْضَموزٌ تُنْزِرُ الضَّحْكَ بَعْدَما ... جَلَتْ بُرْقُعاً عن ثِغْرِبٍ مُتناصِلِ

( ثقب ) الليث الثَّقْبُ مصدر ثَقَبْتُ الشيءَ أَثْقُبهُ ثَقْباً والثَّقْبُ اسم لما نفَذ الجوهري الثَّقْبُ بالفتح واحد الثُّقُوبِ غيره الثَّقْبُ الخَرْقُ النافِذُ بالفتح والجمع أَثْقُبٌ وثُقُوبٌ والثُّقْبُ بالضم جمع ثُقْبةٍ ويُجمع أَيضاً عَلى [ ص 240 ] ثُقَبٍ وقد ثَقَبَه يَثْقُبه ثَقْباً وثَقَّبه فانْثَقَبَ شُدّد للكثرة وتَثَقَّب وتَثَقَّبَه كثَقَبَه قال العجاج بِحَجِناتٍ يَتَثَقَّبْن البُهَرْ ودُرٌّ مُثَقَّبٌ أَي مَثْقوبٌ والمِثْقَبُ الآلةُ التي يُثْقَبُ بها ولُؤْلُؤاتٌ مثَاقِيبُ واحدها مَثْقُوبٌ والمُثَقِّبُ بكسر القاف لقب شاعر من عبدالقَيْسِ معروف سُمي به لقوله
ظَهَرْنَ بِكِلّةٍ وسَدَلْنَ رَقْماً ... وثَقَّبْنَ الوَصاوِصَ للعُيُونِ
واسمه عائذ بن مِحْصَنٍ العَبْدي والوصاوِصُ جمع وَصْوَصٍ وهو ثَقْبٌ في السِّتْر وغيره على مِقْدار العَيْن يُنْظَر منه وثَقَّبَ عُودُ العَرْفَجِ مُطِرَ فَلانَ عُودُه فإِذا اسْوَدَّ شيئاً قيل قد قَمِلَ فإِذا زاد قليلاً قيل قد أَدْبى وهو حينئذ يَصْلُح أَن يُؤكل فإِذا تَمَّتْ خُوصَتُهُ قيل قد أَخْوَصَ وتَثَقَّبَ الجِلْدُ إِذا ثَقَّبَه الحَلَمُ والثُّقُوب مصدر النارِ الثاقبةِ والكَوْكَبُ الثاقِبُ المُضِيءُ وتَثْقِيبُ النار تَذْكِيَتُها وثَقَبَتِ النارُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وثَقابةً اتَّقَدَتْ وثَقَّبَها هو وأَثْقَبها وتَثَقَّبها أَبو زيد تَثَقَّبْتُ النارَ فأَنا أَتثَقَّبُها تَثَقُّباً وأُثْقِبُها إِثْقاباً وثَقَّبْتُ بها تَثْقِيباً ومَسَّكْتُ بها تَمْسِيكاً وذلك إِذا فَحَصْت لها في الأَرض ثم جَعَلْت عليها بَعَراً وضِراماً ثم دَفَنْتَها في التراب ويقال تَثَقَّبْتُها تَثَقُّباً حين تَقْدَحُها والثِّقابُ والثَّقُوب ما أَثْقَبَها به وأَشْعَلَها به من دِقاقِ العِيدان ويقال هَبْ لي ثَقُوباً أَي حُرَاقاً وهو ما أَثْقَبْتَ به النارَ أَي أَوقَدْتَها به ويقال ثَقَبَ الزَّنْدُ يَثْقُب ثُقُوباً إِذا سَقَطَتِ الشَّرارةُ وأَثْقَبْتُها أَنا إِثقاباً وزَنْدٌ ثاقِبٌ وهو الذي إِذا قُدِحَ ظَهَرت نارُه وشِهابٌ ثاقِبٌ أَي مُضِيءٌ وثَقَبَ الكَوْكَبُ ثُقُوباً أَضاء وفي التنزيل العزيز وما أَدراكَ ما الطَّارِقُ النجمُ الثاقِبُ قال الفرَّاء الثاقِبُ المُضِيءُ وقيل النجم الثاقِبُ زُحَلُ والثاقِبُ أَيضاً الذي ارتفع على النجوم والعرب تقول للطائر إِذا لَحِقَ بِبَطْن السماء فقد ثَقَبَ وكلُّ ذلك قد جاءَ في التفسير والعرب تقول أَثْقِبْ نارَكَ أَي أَضِئْها للمُوقِد وفي حديث الصّدّيق رضي اللّه عنه نحنُ أَثْقَبُ الناسِ أَنساباً أَي أَوضَحُهم وأَنوَرُهم والثَّاقِبُ المُضِيءُ ومنه قَولُ الحجاج لابن عباس رضي اللّه عنهما إِنْ كان لَمِثْقَباً أَي ثاقِبَ العِلْم مُضِيئَه والمِثْقَبُ بكسر الميم العالِمُ الفَطِنُ وثَقَبتِ الرائحةُ سَطَعَتْ وهاجَتْ وأَنشد أَبو حنيفة
بِريحِ خُزامَى طَلَّةِ مِنِ ثِيابِها ... ومِنْ أَرَجٍ من جَيِّد المِسْكِ ثاقِب
الليث حَسَبٌ ثاقِبٌ إِذا وُصِفَ بشُهْرَتِه وارْتِفاعِه الأَصمعي حَسَبٌ ثاقِبٌ نَيِّر [ ص 241 ] مُتَوَقِّدٌ وعِلمٌ ثاقِبٌ منه أَبو زيد الثَّقِيبُ من الإِبل الغَزِيرةُ اللَّبنِ وثَقَبتِ الناقةُ تَثْقُبُ ثُقُوباً وهي ثاقِبٌ غَزُرَ لَبنُها على فاعل ويقال إِنها لثَقِيبٌ مِن الإِبلِ وهي التي تُحالِبُ غِزارَ الإِبلِ فَتَغْزُرُهنَّ وثَقَبَ رَأْيُه ثُقُوباً نَفَذَ وقولُ أَبي حَيّةَ النُّمَيْري
ونَشَّرْتُ آياتٍ عَلَيْهِ ولَمْ أَقُلْ ... مِنَ العِلْمِ إِلاّ بالّذِي أَنا ثاقِبُه
أراد ثاقِبٌ فيه فحَذَف أَو جاءَ به على يا سارِقَ الليلةِ ورجل مِثْقَبٌ نافِذُ الرَّأْي وأُثْقُوبٌ دَخَّالٌ في الأُمُور وثَقَّبَه الشَّيْبُ وثَقَّبَ فيه الأَخيرة عن ابن الأَعْرابي ظَهَرَ عليه وقيل هو أَوَّلُ ما يَظْهَرُ والثَّقِيبُ والثَّقِيبةُ الشَّدِيدُ الحُمْرة من الرِّجال والنساءِ والمصدر الثَّقابةُ وقد ثَقَبَ يَثْقُبُ والمِثْقَبُ طريق في حَرّةٍ وغَلْظٍ وكان فيما مَضى طَريقٌ بين اليَمامةِ والكُوفة يُسمَّى مِثْقَباً وثُقَيْبٌ طَرِيقٌ بِعَيْنِه وقيل هو ماء قال الراعي
أَجَدَّتْ مَراغاً كالمُلاءِ وأَرْزَمَتْ ... بِنَجْدَيْ ثُقَيْبٍ حَيْثُ لاحَتْ طَرائِقُهْ
التهذيب وطَريقُ العِراق من الكوفة إِلى مكة يقال له مِثْقَبٌ ويَثْقُبُ موضع بالبادِية

( ثلب ) ثَلَبَه يَثْلِبُه ثَلْباً لامَه وعابَه وصَرَّحَ بالعيب وقالَ فيه وتَنَقَّصَه قال الراجز لا يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إِلاّ ثَلْبا غيره الثَّلْبُ شِدّةُ اللَّوْمِ والأَخْذُ باللِّسان وهو المِثْلَبُ يَجْري في العُقُوباتِ والثَّلْب ومَثَل لا يُحْسِنُ التَّعْرِيضَ إِلاَّ ثلابا ( 1 )
( 1 قوله « إلا ثلابا » كذا في النسخ فان يكن ورد ثالب فهو مصدره والا فهو تحريف ويكون الصواب ما تقدم أعلاه كما في الميداني والصحاح )
والمَثالِبُ منه والمَثالِبُ العُيُوبُ وهي المَثْلَبةُ والمَثْلُبةُ ومَثالِبُ الأَمِيرِ والقاضِي مَعايِبُه ورَجلٌ ثِلْبٌ وثَلِبٌ مَعِيبٌ وثَلَبَ الرَّجُلَ ثَلْباً طَرَدَهُ وثَلَبَ الشيءَ قَلَبَه وثَلَبَه كَثَلَمَه على البدل
ورمْحٌ ثَلِبٌ مُتَثَلِّمٌ قال أَبو العِيال الهُذَلِي
وقد ظَهَرَ السَّوابِغُ فِي ... هِمُ والبَيْضُ واليَلَبُ
ومُطَّرِدٌ مِنَ الخَطِّيِّ ... لا عارٍ ولا ثَلِبُ
اليَلَبُ الدُّرُوعُ المَعْمُولةُ مِنْ جُلود الإِبل وكذلك البَيْضُ تُعْمَلُ أَيضاً من الجُلُود وقوله لا عارٍ أَي لا عارٍ مِنَ القِشْر ومنه امْرأَةٌ ثالبِةُ الشَّوَى أَي مُتَشَقِّقةُ القَدَمَيْنِ قال جرير
لَقَدْ ولَدَتْ غَسَّانَ ثالِبةُ الشَّوَى ... عَدُوسُ السُّرَى لا يَعْرِفُ الكَرْمَ جِيدُها
ورجل ثِلْبٌ مُنْتَهي الهَرَمِ مُتَكَسِّرُ الأَسْنانِ [ ص 242 ] والجمع أَثْلابٌ والأُنثى ثِلْبةٌ وأَنكرها بعضُهم وقال إِنما هي ثِلْبٌ وقد ثَلَّبَ تَثْلِيباً والثِّلْبُ الشَّيخ هُذَلِيَّةٌ قال ابن الأَعرابي هو المُسِنُّ ولم يَخُصَّ بهذه اللغة قَبِيلةً من العرب دون أُخرى وأَنشد إِمَّا تَرَيْنِي اليَوْمَ ثِلْباً شاخِصاً الشاخِصُ الذي لا يُغِبُّ الغَزْوَ وبعير ثِلْبٌ إِذا لم يُلْقِحْ والثِّلْبُ بالكسر الجمل الذي انْكَسَرَتْ انيابُه مِن الهَرَمِ وتَناثَر هُلْبُ ذَنَبِه والأُنثى ثِلْبةٌ والجمع ثِلَبةٌ مثلُ قِرْدٍ وقِرَدةٍ تقول منه ثَلَّبَ البعيرُ تَثْلِيباً عن الأَصمعي قاله في كتاب الفَرْق وفي الحديث لهم من الصَّدَقةِ الثِّلْبُ والنَّابُ الثِّلْبُ من ذُكور الإِبِل الذي هَرِمَ وتكسَّرَتْ أَسنانُه والنابُ المُسِنَّةُ من إِناثِها ومنه حديث ابن العاص كتب إِلى معاويةَ رضي اللّه عنهما إِنك جَرَّبْتَني فوجَدْتَني لستُ بالغُمْرِ الضَّرَعِ ولا بالثِّلْبِ الفاني الغُمْرُ الجاهلُ والضَّرَعُ الضعيف وَثَلِبَ جِلْدُه ثَلَباً فهو ثَلِبٌ إِذا تَقَبَّض والثَّلِيبُ كَلأُ عامَيْنِ أَسْوَدُ حكاه أَبو حنيفة عن أَبي عمرو وأَنشد
رَعَيْنَ ثَلِيباً ساعةً ثم إِنَّنا ... قَطَعْنا علَيْهِنَّ الفِجاجَ الطَّوامِسا
والإِثْلِبُ والأَثْلَبُ التُّرابُ والحجارة وفي لغةٍ فُتاتُ الحِجارةِ والترابُ قال شمر الأَثْلَبُ بلغة أَهل الحجاز الحَجَر وبلغة بني تميم التراب وبفيه الإِثْلِبُ والكلامُ الكثير الأَثْلَبُ أَي الترابُ والحجارة قال
ولكِنَّما أُهْدي لقَيْسٍ هَدِيَّةً ... بِفِيَّ مِنِ اهْداها لَه الدَّهْرَ إِثْلِبُ
بِفِيَّ متصل بقوله أُهْدي ثم استأْنف فقال له الدهرَ إِثْلِبُ من إِهدائي إِياها وقال رؤبة
وإِنْ تُناهِبْهُ تَجِدْه مِنْهَبا ... تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأَثْلَبا
أَراد تُناهِبْه العَدْوَ والهاء للعَير تَكْسُو حُروفَ حاجِبَيْه الأَثْلَبَ وهو التراب تَرمي به قوائمُها على حاجبَيْه وحكى اللحياني الإِثْلِبَ لكَ والترابَ قال نصبوه كأَنَّه دعاء يريد كأَنه مصْدَرٌ مَدْعُوٌّ به وإِن كان اسماً كما سنذكره لك في الحِصْحِصِ والتُّراب حين قالوا الحِصْحِصَ لك والترابَ لك وفي الحديث الوَلَدُ للفِراش وللعاهِر الإِثْلِبُ الإِثْلِبُ بكسر الهمزة واللام وفتحهما والفتح أَكثر الحجر والعاهرُ الزاني كما في الحديث الآخر وللعاهِرِ الحجَرُ قيل معناه الرَّجْمُ وقيل هو كنايةٌ عن الخَيْبةِ وقيل الأَثْلَبُ الترابُ وقيل دُقاقُ الحِجارة وهذا يُوَضِّحُ أَن معناه الخَيْبةُ إِذ ليس كل زانٍ يُرْجَمُ وهمزته زائدة والأَثْلَمُ كالأَثْلَبِ عن الهجَريّ قال لا أَدْري أَبَدَلٌ أَم لغة وأَنشد
أَحْلِفُ لا أُعْطِي الخَبيثَ دِرْهَما ... ظُلْماً ولا أُعْطِيهِ إِلاّ الأَثْلَما
والثَلِيبُ القَدِيمُ من النَّبْتِ والثَّلِيبُ نَبْتٌ وهو مِن نَجِيلِ السِّباخِ كلاهما عن كراع والثِّلْبُ لَقَبُ رَجل [ ص 243 ] والثَّلَبُوتُ أَرضٌ قال لبيد
بأَحِزَّةِ الثَّلَبُوتِ يَرْبَأُ فَوْقَها ... قَفْرَ المَراقِبِ خَوْفُها آرامُها
وقال أَبو عبيد ثَلَبُوتٌ أَرض فاسقط منه الأَلف واللام ونوّن ثم قال أرضٌ ولا أَدري كيف هذا والثَّلَبُوتُ اسم وادٍ بين طَيِّئٍ وذُبْيانَ

( ثوب ) ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه ويقال ثابَ فلان إِلى اللّه وتابَ بالثاء والتاء أَي عادَ ورجعَ إِلى طاعته وكذلك أَثابَ بمعناه ورجلٌ تَوّابٌ أَوّابٌ ثَوّابٌ مُنيبٌ بمعنى واحد ورجل ثَوّابٌ للذي يَبِيعُ الثِّيابَ وثابَ الناسُ اجْتَمَعُوا وجاؤُوا وكذلك الماءُ إِذا اجْتَمَعَ في الحَوْضِ وثابَ الشيءُ ثَوْباً وثُؤُوباً أَي رَجَعَ قال
وزَعْتُ بِكالهِراوةِ أعْوَجِيٍّ ... إِذا وَنَتِ الرِّكابُ جَرَى وَثابا
ويروى وِثابا وهو مذكور في موضعه وثَوَّبَ كثابَ أَنشد ثعلب لرجل يصف ساقِيَيْنِ إِذا اسْتَراحا بَعْدَ جَهْدٍ ثَوَّبا والثَّوابُ النَّحْلُ لأَنها تَثُوبُ قالَ ساعِدةُ بن جُؤَيَّةَ
من كل مُعْنِقَةٍ وكُلِّ عِطافةٍ ... منها يُصَدِّقُها ثَوابٌ يَرْعَبُ
وثابَ جِسْمُه ثَوَباناً وأَثابَ أَقْبَلَ الأَخيرة عن ابن قتيبة وأَثابَ الرَّجلُ ثابَ إِليه جِسْمُه وصَلَح بَدَنُهُ التهذيب ثابَ إِلى العَلِيلِ جِسْمُه إِذا حسُنَتْ حالُه بعْدَ تَحوُّلِه ورجَعَتْ إِليه صِحَّتُه وثابَ الحَوْضُ يَثُوبُ ثَوْباً وثُؤُوباً امْتَلأَ أَو قارَبَ وثُبةُ الحَوْض ومَثابُه وَسَطُه الذي يَثُوبُ إِليه الماءُ إِذا اسْتُفرِغَ حُذِفَتْ عَينُه والثُّبةُ ما اجْتَمع إِليه الماءُ في الوادي أَو في الغائِط قال وإِنما سميت ثُبةً لأَن الماءَ يَثُوبُ إِليها والهاء عوض من الواو الذاهبة من عين الفعل كما عوّضوا من قولهم أَقام إِقامةً وأَصله إِقْواماً ومَثابُ البئر وَسَطها ومَثابُها مقامُ السَّاقي من عُرُوشها على فَم البئر قال القطامي يصف البِئر وتَهَوُّرَها
وما لِمَثاباتِ العُرُوشِ بَقِيَّةٌ ... إِذا اسْتُلَّ مِنْ تَحْتِ العُرُوشِ الدَّعائُم
ومَثابَتُها مَبْلَغُ جُمُومِ مائِها ومَثابَتُها ما أَشْرَفَ من الحجارة حَوْلَها يَقُوم عليها الرَّجل أَحياناً كي لا تُجاحِفَ الدَّلْوَ الغَرْبَ ومَثابةُ البِئْرِ أَيضاً طَيُّها عن ابن الأَعرابي قال ابن سيده لا أَدري أَعَنَى بطَيّها موضِعَ طَيِّها أَم عَنى الطَّيَّ الذي هو بِناؤُها بالحجارة قال وقَلَّما تكون المَفْعَلةُ مصدراً وثابَ الماءُ بَلَغ إِلى حاله الأَوّل بعدما يُسْتَقَى التهذيب وبِئْرٌ ذاتُ ثَيِّبٍ وغَيِّثٍ إِذا اسْتُقِيَ منها عادَ مكانَه ماءٌ آخَر وثَيّبٌ كان في الأَصل ثَيْوِبٌ قال ولا يكون الثُّؤُوبُ أَوَّلَ الشيءِ حتى يَعُودَ مَرَّةً بعد أُخرى ويقال بِئْر لها ثَيْبٌ أَي يَثُوبُ الماءُ فيها والمَثابُ صَخْرة يَقُوم السَّاقي عليها يثوب إِليها الماء [ ص 244 ] قال الراعي مُشْرفة المَثاب دَحُولا قال الأَزهري وسمعت العرب تقول الكَلأُ بمَواضِعِ كذا وكذا مثل ثائِبِ البحر يَعْنُون أَنه غَضٌّ رَطْبٌ كأَنه ماءُ البحر إِذا فاضَ بعد جزْرٍ وثابَ أَي عادَ ورَجَع إِلى مَوْضِعِه الذي كان أَفْضَى إِليه ويقال ثابَ ماءُ البِئر إِذا عادَتْ جُمَّتُها وما أَسْرَعَ ثابَتَها والمَثابةُ الموضع الذي يُثابُ إِليه أَي يُرْجَعُ إِليه مرَّة بعد أُخرى ومنه قوله تعالى وإِذ جَعَلْنا البيتَ مَثابةً للناسِ وأَمْناً وإِنما قيل للمنزل مَثابةٌ لأَنَّ أَهلَه يَتَصَرَّفُون في أُمُورهم ثم يَثُوبون إِليه والجمع المَثابُ قال أَبو إِسحق الأَصل في مَثابةٍ مَثْوَبةٌ ولكن حركةَ الواو نُقِلَت إِلى الثاء وتَبِعَت الواوُ الحركةَ فانقَلَبَتْ أَلفاً قال وهذا إِعلال باتباع باب ثابَ وأَصل ثابَ ثَوَبَ ولكن الواو قُلبت أَلفاً لتحركها وانفتاح ما قبلها قال لا اختلاف بين النحويين في ذلك والمَثابةُ والمَثابُ واحد وكذلك قال الفرَّاءُ وأَنشد الشافعي بيت أَبي طالب
مَثاباً لأَفْناءِ القَبائِلِ كلِّها ... تَخُبُّ إِليه اليَعْمَلاَتُ الذَّوامِلُ
وقال ثعلب البيتُ مَثابةٌ وقال بعضهم مَثُوبةٌ ولم يُقرأْ بها ومَثابةُ الناسِ ومثابُهم مُجتَمَعُهم بعد التَّفَرُّق وربما قالوا لموضع حِبالة الصائد مَثابة قال الراجز مَتَى مَتَى تُطَّلَعُ المَثابا لَعَلَّ شَيْخاً مُهْتَراً مُصابَا يعني بالشَّيْخِ الوَعِلَ والثُّبةُ الجماعةُ من الناس من هذا وتُجْمَعُ ثُبَةٌ ثُبًى وقد اختلف أَهل اللغة في أَصلها فقال بعضهم هي من ثابَ أَي عادَ ورَجَعَ وكان أَصلها ثَوُبةً فلما ضُمت الثاءُ حُذفت الواو وتصغيرها ثُوَيْبةٌ ومن هذا أُخذ ثُبةُ الحَوْض وهو وسَطُه الذي يَثُوب إِليه بَقِيَّةُ الماءِ وقوله عز وجل فانْفِرُوا ثُباتٍ أَو انْفروا جميعاً قال الفرّاءُ معناه فانْفِرُوا عُصَباً إِذا دُعِيتم إِلى السَّرايا أَو دُعِيتم لتَنْفِروا جميعاً وروي أَنَّ محمد بن سلام سأَل يونس عن قوله عز وجل فانْفِروا ثُباتٍ أَو انْفِرُوا جميعاً قال ثُبَةٌ وثُباتٌ أَي فِرْقةٌ وفِرَقٌ وقال زهير
وقد أَغْدُو على ثُبَةٍ كِرامٍ ... نَشاوَى واجِدِينَ لِما نَشاءُ
قال أَبو منصور الثُّباتُ جَماعاتٌ في تَفْرِقةٍ وكلُّ فِرْقةٍ ثُبةٌ وهذا من ثابَ وقال آخرون الثُّبةُ من الأَسْماءِ الناقصة وهو في الأَصل ثُبَيةٌ فالساقط لام الفعل في هذا القول وأَما في القول الأَوّل فالساقِطُ عين الفعل ومَن جعل الأَصل ثُبَيةً فهو من ثَبَّيْتُ على الرجل إِذا أَثْنَيْتَ عليه في حياتِه وتأْوِيلُه جَمْعُ مَحاسِنِهِ وإِنما الثُّبةُ الجماعةُ وثاب القومُ أَتَوْا مُتواتِرِين ولا يقالُ للواحد والثَّوابُ جَزاءُ الطاعةِ وكذلك المَثُوبةُ قال اللّه تعالى لَمَثُوبةٌ مِن عندِ اللّهِ خَيْرٌ وأَعْطاه ثَوابَه ومَثُوبَتَهُ ومَثْوَبَتَه أَي جَزاءَ ما عَمِلَه وأَثابَه اللّهُ ثَوابَه وأَثْوَبَه وثوَّبَه مَثُوبَتَه أَعْطاه إِيّاها وفي التنزيل العزيز هل ثُوِّبَ الكُفَّارُ ما [ ص 245 ] كانوا يَفْعلون أَي جُوزُوا وقال اللحياني أَثابَهُ اللّهُ مَثُوبةً حَسَنَةً ومَثْوَبةٌ بفتح الواو شاذ منه ومنه قراءة مَن قرأَ لمَثْوَبةٌ من عند اللّه خَيْرٌ وقد أَثْوَبه اللّهُ مَثْوَبةً حسَنةً فأَظْهر الواو على الأَصل وقال الكلابيون لا نَعرِف المَثْوبةَ ولكن المَثابة وثَوَّبه اللّهُ مِن كذا عَوَّضه وهو من ذلك واسْتَثابَه سأَله أَن يُثِيبَه وفي حديث ابن التَّيِّهانِ رضي اللّه عنه أَثِيبُوا أَخاكم أَي جازُوه على صَنِيعِهِ يقال أَثابَه يُثِيبه إِثابةً والاسم الثَّوابُ ويكون في الخير والشرِّ إِلا أَنه بالخير أَخَصُّ وأَكثر استِعمالاً وأَما قوله في حديث عمر رضي اللّه عنه لا أَعرِفَنَّ أَحداً انْتَقَص مِن سُبُلِ الناسِ إِلى مَثاباتِهم شيئاً قال ابن شميل إِلى مَثاباتِهم أَي إِلىمَنازِلهم الواحد مَثابةٌ قال والمَثابةُ المَرْجِعُ والمَثابةُ المُجْتمَعُ والمَنْزِلُ لأَنَّ أَهلَه يَثُوبُون إِليه أَي يرجِعُون وأَراد عُمر رضي اللّه عنه لا أَعْرِفَنَّ أَحداً اقْتَطع شيئاً من طُرُق المسلمين وأَدخله دارَه ومنه حديث عائشة رضي اللّه عنها وقولُها في الأَحْنَف أَبي كانَ يَسْتَجِمُّ مَثابةَ سَفَهِه وفي حديث عَمْرو ابن العاص رضي اللّه عنه قِيلَ له في مَرَضِه الذي مات فيه كَيْفَ تَجِدُكَ ؟ قال أَجِدُني أَذُوبُ ولا أَثُوبُ أَي أَضْعُفُ ولا أَرجِعُ إِلى الصِّحة ابن الأَعرابي يقال لأَساس البَيْتِ مَثاباتٌ قال ويقال لتُراب الأَساس النَّثِيل قال وثابَ إِذا انْتَبَه وآبَ إِذا رَجَعَ وتابَ إِذا أَقْلَعَ والمَثابُ طَيُّ الحجارة يَثُوبُ بَعْضُها على بعض من أَعْلاه إِلى أَسْفَلِه والمَثابُ الموضع الذي يَثُوبُ منه الماءُ ومنه بِئْر ما لها ثائِبٌ والثَّوْبُ اللِّباسُ واحد الأَثْوابِ والثِّيابِ والجمع أَثْوُبٌ وبعض العرب يهمزه فيقول أَثْؤُبٌ لاستثقال الضمة على الواو والهمزةُ أَقوى على احتمالها منها وكذلك دارٌ وأَدْؤُرٌ وساقٌ وأَسْؤُقٌ وجميع ما جاءَ على هذا المثال قال معروف بن عبدالرحمن لكُلِّ دَهْرٍ قد لَبِسْتُ أَثْؤُبا حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْيَبا أَمْلَحَ لا لَذًّا ولا مُحَبَّبا وأَثْوابٌ وثِيابٌ التهذيب وثلاثةُ أَثْوُبٍ بغير همز وأَما الأَسْؤُقُ والأَدْؤُرُ فمهموزان لأَنَّ صرف أَدْؤُرٍ على دار وكذلك أَسْؤُق على ساقٍ والأَثْوبُ حُمِل الصَّرْفُ فيها على الواو التي في الثَوْب نَفْسِها والواو تحتمل الصرف من غير انهماز قال ولو طرح الهمز من أَدْؤُر وأَسْؤُق لجاز على أَن تردّ تلك الأَلف إِلى أَصلها وكان أَصلها الواو كما قالوا في جماعة النابِ من الإِنسان أَنْيُبٌ همزوا لأَنَّ أَصل الأَلف في الناب ياء ( 1 )
( 1 قوله « همزوا لأَن أصل الألف إلخ » كذا في النسخ ولعله لم يهمزوا كما يفيده التعليل بعده ) وتصغير نابٍ نُيَيْبٌ ويجمع أَنْياباً ويقال لصاحب الثِّياب ثَوَّابٌ وقوله عز وجل وثيابَكَ فَطَهِّرْ قال ابن عباس رضي اللّه عنهما يقول لا تَلْبَسْ ثِيابَك على مَعْصِيةٍ ولا على فُجُورِ كُفْرٍ واحتجَّ بقول الشاعر
إِني بِحَمْدِ اللّهِ لا ثَوْبَ غادِرٍ ... لَبِسْتُ وَلا مِنْ خَزْيةٍ أَتَقَنَّعُ
[ ص 246 ] وقال أَبو العباس الثِّيابُ اللِّباسُ ويقال للقَلْبِ وقال الفرَّاءُ وثِيابَك فَطَهِّرْ أَي لا تكن غادِراً فَتُدَنِّسَ ثِيابَك فإِنَّ الغادِرَ دَنِسُ الثِّيابِ ويقال وثِيابَك فطَهِّرْ يقول عَمَلَكَ فأَصْلِحْ ويقال وثِيابَكَ فطهر أَي قَصِّرْ فإِن تَقْصِيرها طُهْرٌ وقيل نَفْسَكَ فطَهِّر والعرب تَكْني بالثِّيابِ عن النَفْسِ وقال فَسُلِّي ثيابي عن ثِيابِكِ تَنْسَلِي وفلان دَنِسُ الثِّيابِ إِذا كان خَبيثَ الفِعْل والمَذْهَبِ خَبِيثَ العِرْض قال امْرُؤُ القَيْس
ثِيابُ بَني عَوْفٍ طَهارَى نَقِيّةٌ ... وأَوْجُهُهُمْ بِيضُ المَسافِرِ غُرّانُ
وقال
رَمَوْها بأَثْوابٍ خِفافٍ ولا تَرَى ... لها شَبَهاً الا النَّعامَ المُنَفَّرا
رَمَوْها يعني الرّكابَ بِأَبْدانِهِم ومثله قول الراعي
فقامَ إِليها حَبْتَرٌ بِسلاحِه ... وللّه ثَوْبا حَبْتَرٍ أَيّما فَتَى
يريد ما اشْتَمَل عليه ثَوْبا حَبْتَرٍ من بَدَنِه وفي حديث الخُدْرِيِّ لَمَّا حَضَره المَوتُ دَعا بِثيابٍ جُدُدٍ فَلَبِسَها ثم ذكر عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال إِن المَيّتَ يُبْعَثُ في ثِيابِه التي يَموتُ فيها قال الخطابي أَما أَبو سعيد فقد استعمل الحديث على ظاهرهِ وقد رُوي في تحسين الكَفَنِ أَحاديثُ قال وقد تأَوّله بعضُ العلماء على المعنى وأَراد به الحالةَ التي يَمُوت عليها من الخَير والشرّ وعَمَلَه الذي يُخْتَم له به يقال فلان طاهِرُ الثيابِ إِذا وَصَفُوه بِطَهارةِ النَّفْسِ والبَراءةِ من العَيْبِ ومنه قوله تعالى وثِيابَكَ فَطَهِّرْ وفلان دَنِسُ الثّياب إِذا كان خَبِيثَ الفعل والمَذْهبِ قال وهذا كالحديث الآَخَر يُبْعَثُ العَبْدُ على ما مات عليه قال الهَروِيُّ وليس قَولُ من ذَهَبَ به إِلى الأَكْفانِ بشيءٍ لأَنَّ الإِنسان إِنما يُكَفَّنُ بعد الموت وفي الحديث مَن لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرةٍ أَلْبَسَه اللّهُ تعالى ثَوْبَ مَذَلَّةٍ أَي يَشْمَلُه بالذلِّ كما يشملُ الثوبُ البَدَنَ بأَنْ يُصَغِّرَه في العُيون ويُحَقِّرَه في القُلوب والشهرة ظُهور الشيء في شُنْعة حتى يُشْهِره الناسُ وفي الحديث المُتَشَبِّعُ بما لم يُعْطَ كلابِسِ ثَوْبَيْ زُورٍ قال ابن الأَثير المُشْكِلُ من هذا الحديث تثنية الثوب قال الأَزهريّ معناه أَن الرجل يَجعَلُ لقَميصِه كُمَّيْنِ أَحدُهما فوق الآخر لِيُرَى أَن عليه قَميصَين وهما واحد وهذا إِنما يكونُ فيه أَحدُ الثَّوْبَيْن زُوراً لا الثَّوْبانِ وقيل معناه أَن العرب أَكثر ما كانت تَلْبَسُ عند الجِدَّةِ والمَقْدُرةِ إِزاراً ورداءً ولهذا حين سُئل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن الصلاة في الثوب الواحد قال أَوكُلُّكُم يَجِدُ ثَوْبَيْنِ ؟ وفسره عمر رضي اللّه عنه بإِزارٍ ورِداء وإِزار وقميص وغير ذلك وروي عن إِسحق بن راهُويه قال سأَلتُ أَبا الغَمْرِ الأَعرابيَّ وهو ابنُ ابنةِ ذي الرُّمة عن تفسير ذلك فقال كانت العربُ إِذا اجتَمَعوا في المحافِلِ كانت لهم جماعةٌ يَلْبَسُ أَحدُهم ثوبين حَسَنَيْن فإِن احتاجوا إِلى شَهادةٍ شَهِدَ لهم بِزُور فيُمْضُون شَهادتَه بثَوْبَيْهِ فيقولون ما أَحْسَنَ [ ص 247 ] ثِيابَه وما أَحسنَ هَيْئَتَه فَيُجيزون شهادته لذلك قال والأَحسن أَن يقال فيه إِنَّ المتشبّعَ بما لم يُعْطَ هو الذي يقول أُعْطِيتُ كذا لشيءٍ لم يُعْطَه فأَمّا أَنه يَتَّصِفُ بصِفاتٍ ليست فيه يريدُ أَنَّ اللّه تعالى منَحَه إِيّاها أَو يُريد أَنّ بعضَ الناسِ وصَلَهُ بشيءٍ خَصَّه به فيكون بهذا القول قد جمع بين كذبين أَحدهما اتّصافُه بما ليس فيه أَو أَخْذُه ما لم يأْخُذْه والآخَر الكَذِبُ على المُعْطِي وهو اللّهُ أَو الناسُ وأَراد بثوبي زُورٍ هذين الحالَيْن اللَّذَيْنِ ارْتَكَبَهما واتَّصفَ بهما وقد سبق أَن الثوبَ يُطلق على الصفة المحمودة والمذمومة وحينئذ يصح التشبيه في التثنية لإِنه شَبَّه اثنين باثنين واللّه أَعلم ويقال ثَوَّبَ الدَّاعِي تَثْوِيباً إِذا عاد مرَّة بعد أُخرى ومنه تَثْوِيبُ المؤذّن إِذا نادَى بالأَذانِ للناس إِلى الصلاة ثم نادَى بعد
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ثوب ثابَ الرَّجُلُ يَثُوبُ ثَوْباً وثَوَباناً رجَع بعد ذَهابه التأْذين فقال الصلاةَ رَحمكم اللّه الصلاةَ يَدْعُو إِليها عَوْداً بعد بَدْء والتَّثْوِيبُ هو الدُّعاء للصلاة وغيرها وأَصله أَنَّ الرجلَ إِذا جاءَ مُسْتَصْرِخاً لوَّحَ بثوبه لِيُرَى ويَشْتَهِر فكان ذلك كالدُّعاء فسُمي الدعاء تثويباً لذلك وكلُّ داعٍ مُثَوِّبٌ وقيل إِنما سُمِّي الدُّعاء تَثْوِيباً من ثاب يَثُوبُ إِذا رجَع فهو رُجُوعٌ إِلى الأَمر بالمُبادرة إِلى الصلاة فإِنّ المؤَذِّن إِذا قال حَيَّ على الصلاة فقد دَعاهم إِليها فإِذا قال بعد ذلك الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم فقد رجَع إِلى كلام معناه المبادرةُ إِليها وفي حديث بِلال أَمرَني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَنْ لا أُثَوِّبَ في شيءٍ من الصلاةِ إِلاَّ في صلاةِ الفجر وهو قوله الصلاةُ خيرٌ من النَّوْم مرتين وقيل التَّثْويبُ تثنية الدعاء وقيل التثويب في أَذان الفجر أَن يقول المؤَذِّن بعد قوله حيّ على الفلاح الصلاةُ خير من النَّوْم يقولها مرتين كما يُثوِّب بين الأَذانين الصلاةَ رحمكم اللّه الصلاةَ وأَصلُ هذا كلِّه من تَثْوِيب الدعاء مرة بعدَ اخرى وقيل التَّثوِيبُ الصلاةُ بعدَ الفَريضة يقال تَثَوَّبت أَي تَطَوَّعْت بعد المكتُوبة ولا يكون التَّثْوِيبُ إِلا بعد المكتوبة وهو العود للصلاة بعد الصلاة وفي الحديث إِذا ثُوِّبَ بالصلاة فأْتُوها وعليكم السَّكِينةُ والوَقارُ قال ابن الأَثير التَّثْويبُ ههنا إِقامةُ الصلاة وفي حديث أُم سلمة أَنها قالت لعائشة رضي اللّه عنها حين أَرادت الخُروجَ إِلى البصرة إِنَّ عَمُودَ الدِّين لا يُثابُ بالنساءِ إِنْ مالَ تريد لا يُعادُ إِلى اسْتِوائه من ثابَ يَثُوبُ إِذا رجَع ويقال ذَهَبَ مالُ فلانٍ فاسْتَثابَ مالاً أَي اسْتَرْجَع مالاً وقال الكميت
إِنّ العَشِيرةَ تَسْتَثِيبُ بمالِه ... فتُغِيرُ وهْوَ مُوَفِّرٌ أَمْوالَها
وقولهم في المثلِ هو أَطْوَعُ من ثَوابٍ هو اسم رجل كان يُوصَفُ بالطَّواعِيةِ قال الأَخفش بن شهاب
وكنتُ الدَّهْرَ لَسْتُ أُطِيع أُنْثَى ... فَصِرْتُ اليومَ أَطْوَعَ مِن ثَوابِ
التهذيب في النوادر أَثَبْتُ الثَّوْبَ إِثابةً إِذا كَفَفْتَ مَخايِطَه ومَلَلْتُه خِطْتُه الخِياطَة الأُولى بغير كَفٍّ والثائبُ الرّيحُ الشديدةُ تكونُ في أَوّلِ المَطَر وثَوْبانُ اسم رجل [ ص 248 ]

( ثيب ) الثَّيِّبُ من النساءِ التي تَزَوّجَتْ وفارَقَتْ زَوْجَها بأَيِّ وجْهٍ كان بَعْدَ أَنْ مَسَّها قال أَبو الهيثم امرأَةٌ ثَيِّبٌ كانت ذاتَ زَوْج ثم ماتَ عنها زوجُها أَو طُلِّقت ثم رجَعَتْ إِلى النكاح قال صاحب العين ولا يقال ذلك للرجل إلا أَن يقال ولَدُ الثَّيِّبَيْنِ وولد البِكْرَيْنِ وجاء في الخبر الثَّيِّبانِ يُرْجَمانِ والبِكْرانِ يُجْلَدانِ ويُغَرَّبانِ وقال الأَصمعي امرأَة ثَيِّبٌ ورجل ثيّب إِذا كان قد دُخِلَ به أَو دُخِلَ بها الذكَرُ والأُنثى في ذلك سواء وقد ثُيِّبَتِ المرأَةُ وهي مُثَيَّبٌ التهذيب يقال ثُيِّبَتِ المرأَةُ تَثْيِيباً إِذا صارت ثَيِّباً وجمع الثَّيِّبِ من النساءِ ثَيّباتٌ قال اللّه تعالى ثَيِّباتٍ وأَبْكاراً وفي الحديث الثَّيِّبُ بالثيبِ جَلْدُ مائةٍ ورَجْمٌ بالحجارة ابن الأَثير الثَّيِّبُ مَن ليس بِبِكْر قال وقد يُطْلَقُ الثَّيِّبُ على المرأَةِ البالِغةِ وإِن كانت بِكْراً مَجازاً واتِّساعاً قال والجمع بين الجَلد والرَّجْم منسوخ قال وأَصل الكلمة الواو لأَنه من ثابَ يَثُوبُ إِذا رَجع كأَنَّ الثَّيِّب بِصَدَد العَوْدِ والرُّجوع وثِيبانُ اسم كُورة

( جأب ) الجَأْبُ الحِمار الغَلِيظُ من حُمُر الوَحْشِ يهمز ولا يهمز والجمع جُؤُوبٌ وكاهِلٌ جَأْبٌ غَلِيظٌ وخَلْقٌ جَأْبٌ جافٍ غليظٌ قال الراعي
فلم يَبْقَ إِلا آلُ كلِّ نَجيبةٍ ... لها كاهِلٌ جَأْبٌ وصُلْبٌ مُكَدَّحُ
والجَأْبُ المَغَرةُ ابن الأَعرابي جَبَأَ وجَأَبَ إِذا باعَ الجَأْبَ وهو المَغَرةُ ويقال للظَّبْيةِ حين يَطْلُعُ قَرْنُها جَأْبةُ المِدْرَى وأَبو عبيدة لا يهمزه قال بِشْر
تَعَرُّضَ جَأْبةِ المِدْرَى خَذُولٍ ... بِصاحةَ في أَسِرَّتِها السَّلامُ
وصاحةُ جبلٌ والسَّلامُ شَجر وإِنما قيل جَأْبةُ المِدْرَى لأَنَّ القَرْنَ أَوَّلَ ما يَطْلُعُ يكونُ غَلِيظاً ثم يَدِقُّ فنَبَّه بذلك على صِغَرِ سِنها ويقال فلان شَخْتُ الآلِ جَأْبُ الصَّبْرِ أَي دقيقُ الشخْصِ غليظ الصَّبْر في الأُمور والجَأْبُ الكَسْبُ وجَأَبَ يَجْأَبُ جَأْباً كسَبَ قال رؤْبة بن العجاج حتى خَشِيتُ أَن يكونَ رَبِّي يَطْلُبُنِي مِنْ عَمَلٍ بذَنْبِ واللّه راعٍ عَمَلِي وجَأْبي ويروى وَاعٍ والجَأْبُ السُّرَّةُ ابن بُزُرْجَ جَأْبةُ البَطْنِ وجَبْأَتُه مَأْنَتُه والجُؤْبُ دِرْعٌ تَلْبَسُه المرأَةُ ودارةُ الجَأْبِ موضعٌ عن كراع وقول الشاعر
وكأَنّ مُهْري كانَ مُحْتَفِراً ... بقَفا الأَسِنَّةِ مَغْرةَ الجَأْبِ ( 1 )
( 1 قوله « وكأن مهري إلخ » لم نظفر بهذا البيت فانظر قوله بقفا الاسنة )
قال الجَأْبُ ماء لبني هُجَيم عند مَغْرةَ عندهم

( جأنب ) التهذيب في الرباعي عن الليث رجل جَأْنَبٌ قصِيرٌ [ ص 249 ]

( جبب ) الجَبُّ القَطْعُ جَبَّه يَجُبُّه جَبّاً وجِباباً واجْتَبَّه وجَبَّ خُصاه جَبّاً اسْتَأْصَلَه وخَصِيٌّ مَجْبُوبٌ بَيِّنُ الجِبابِ والمَجْبُوبُ الخَصِيُّ الذي قد اسْتُؤْصِلَ ذكَره وخُصْياه وقد جُبَّ جَبّاً وفي حديث مَأْبُورٍ الخَصِيِّ الذي أَمَر النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم بقَتْلِه لَمَّا اتُّهمَ بالزنا فإِذا هو مَجْبُوبٌ أَي مقطوع الذكر وفي حديث زِنْباعٍ أَنه جَبَّ غُلاماً له وبَعِيرٌ أَجَبُّ بَيِّنُ الجَبَبِ أَي مقطوعُ السَّنامِ وجَبَّ السَّنامَ يَجُبُه جَبّاً قطَعَه والجَبَبُ قَطْعٌ في السَّنامِ وقيل هو أَن يأْكُلَه الرَّحْلُ أَو القَتَبُ فلا يَكْبُر بَعِير أَجَبُّ وناقةٌ جَبَّاء الليث الجَبُّ استِئْصالُ السَّنامِ من أَصلِه وأَنشد
ونَأْخُذُ بَعْدَهُ بِذنابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهْرِ ليسَ لَه سَنامُ
وفي الحديث أَنهم كانوا يَجُبُّونَ أَسْنِمةَ الإِبلِ وهي حَيّةٌ وفي حديث حَمْزةَ رضي اللّه عنه أَنه اجْتَبَّ أَسْنِمةَ شارِفَيْ عليٍّ رضي اللّه عنه لَمَّا شَرِبَ الخَمْرَ وهو افْتَعَلَ مِن الجَبِّ أَي القَطْعِ ومنه حديثُ الانْتِباذِ في المَزادةِ المَجْبُوبةِ التي قُطِعَ رأْسُها وليس لها عَزْلاءُ مِن أَسْفَلِها يَتَنَفَّسُ منها الشَّرابُ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما نَهَى النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم عن الجُبِّ قيل وما الجُبُّ ؟ فقالت امرأَةٌ عنده هو المَزادةُ يُخَيَّطُ بعضُها إِلى بعض كانوا يَنْتَبِذُون فيها حتى ضَرِيَتْ أَي تَعَوَّدَتِ الانْتباذ فيها واشْتَدَّتْ عليه ويقال لها المَجْبُوبةُ أَيضاً ومنه الحديث إِنَّ الإِسْلامَ يَجُبُّ ما قَبْلَه والتَّوبةُ تَجُبُّ ما قَبْلَها أَي يَقْطَعانِ ويَمْحُوانِ ما كانَ قَبْلَهما من الكُفْر والمَعاصِي والذُّنُوبِ وامْرأَةٌ جَبّاءُ لا أَلْيَتَيْنِ لها ابن شميل امْرأَة جَبَّاءُ أَي رَسْحاءُ والأَجَبُّ مِنَ الأَرْكَابِ القَلِيلُ اللحم وقال شمر امرأَةٌ جَبَّاءُ إِذا لم يَعظُمْ ثَدْيُها ابن الأَثير وفي حديث بعض الصحابة رضي اللّه عنهم وسُئل عن امرأَة تَزَوَّجَ بها كيف وجَدْتَها ؟ فقال كالخَيْرِ من امرأَة قَبّاءَ جَبَّاءَ قالوا أَوَليس ذلكَ خَيْراً ؟ قال ما ذاك بِأَدْفَأَ للضَّجِيعِ ولا أَرْوَى للرَّضِيعِ قال يريد بالجَبَّاءِ أَنها صَغِيرة الثَّدْيَين وهي في اللغة أَشْبَهُ بالتي لا عجز لها كالبعير الأَجَبّ الذي لا سَنام له وقيل الجَبّاء القَلِيلةُ لحم الفخذين والجِبابُ تلقيح النخل وجَبَّ النَخْلَ لَقَّحَه وزَمَنُ الجِباب زَمَنُ التَّلْقِيح للنخل الأَصمعي إِذا لَقَّحَ الناسُ النَّخِيلَ قيل قد جَبُّوا وقد أَتانا زَمَنُ الجِبابِ والجُبَّةُ ضَرْبٌ من مُقَطَّعاتِ الثِّيابِ تُلْبَس وجمعها جُبَبٌ وجِبابٌ والجُبَّةُ من أَسْماء الدِّرْع وجمعها جُبَبٌ وقال الراعي
لنَا جُبَبٌ وأَرْماحٌ طِوالٌ ... بِهِنَّ نُمارِسُ الحَرْبَ الشَّطُونا ( 1 )
( 1 قوله « الشطونا » في التكملة الزبونا ) والجُبّةُ مِن السِّنانِ الذي دَخَل فيه الرُّمْحُ
[ ص 250 ] والثَّعْلَبُ ما دخَل مِن الرُّمْحِ في السِّنانِ وجُبَّةُ الرُّمح ما دخل من السنان فيه والجُبّةُ حَشْوُ الحافِر وقيل قَرْنُه وقيل هي من الفَرَس مُلْتَقَى الوَظِيف على الحَوْشَب من الرُّسْغ وقيل هي مَوْصِلُ ما بين الساقِ والفَخِذ وقيل موصل الوَظيف في الذراع وقيل مَغْرِزُ الوَظِيفِ في الحافر الليث الجُبّةُ بياضٌ يَطأُ فيه الدابّةُ بحافِره حتى يَبْلُغَ الأَشاعِرَ والمُجَبَّبُ الفرَسُ الذي يَبْلُغ تَحْجِيلُه إِلى رُكْبَتَيْه أَبو عبيدة جُبّةُ الفَرس مُلْتَقَى الوَظِيفِ في أَعْلى الحَوْشَبِ وقال مرة هو مُلْتَقَى ساقَيْه ووَظِيفَي رِجْلَيْه ومُلْتَقَى كل عَظْمَيْنِ إِلاّ عظمَ الظَّهْر وفرسٌ مُجَبَّبٌ ارْتَفَع البَياضُ منه إِلى الجُبَبِ فما فوقَ ذلك ما لم يَبْلُغِ الرُّكبتين وقيل هو الذي بلغ البياضُ أَشاعِرَه وقيل هو الذي بلَغ البياضُ منه رُكبةَ اليد وعُرْقُوبَ الرِّجْلِ أَو رُكْبَتَي اليَدَيْن وعُرْقُوَبي الرّجْلَيْنِ والاسم الجَبَبُ وفيه تَجْبِيبٌ قال الكميت
أُعْطِيتَ مِن غُرَرِ الأَحْسابِ شادِخةً ... زَيْناً وفُزْتَ مِنَ التَّحْجِيل بالجَبَبِ
والجُبُّ البِئرُ مذكر وقيل هي البِئْر لم تُطْوَ وقيل هي الجَيِّدةُ الموضع من الكَلإِ وقيل هي البِئر الكثيرة الماءِ البَعيدةُ القَعْرِ قال فَصَبَّحَتْ بَيْنَ الملا وثَبْرَهْ جُبّاً تَرَى جِمامَه مُخْضَرَّهْ فبَرَدَتْ منه لُهابُ الحَرَّهْ وقيل لا تكون جُبّاً حتى تكون ممّا وُجِدَ لا مِمَّا حفَرَه الناسُ والجمع أَجْبابٌ وجِبابٌ وجِبَبةٌ وفي بعض الحديث جُبِّ طَلعْةٍ مَكانَ جُفِّ طَلعْةٍ وهو أَنّ دَفِينَ سِحْرِ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم جُعِلَ في جُبِّ طَلْعةٍ أَي في داخِلها وهما معاً وِعاءُ طَلْعِ النخل قال أَبو عبيد جُبِّ طَلْعةٍ ليس بمَعْرُوفٍ إِنما المَعْرُوفُ جُفِّ طَلْعةٍ قال شمر أَراد داخِلَها إِذا أُخْرِجَ منها الكُفُرَّى كما يقال لداخل الرَّكِيَّة من أَسْفَلِها إِلى أَعْلاها جُبٌّ يقال إِنها لوَاسِعةُ الجُبِّ مَطْوِيَّةً كانت أَو غير مَطْوِيّةٍ وسُمِّيَت البِئْر جُبّاً لأَنها قُطِعَتْ قَطْعاً ولم يُحْدَثُ فيها غَيْر القَطْعِ من طَيٍّ وما أَشْبَهه وقال الليث الجُبّ البئر غيرُ البَعيدةِ الفرَّاءُ بِئْرٌ مُجَبَّبةُ الجَوْفِ إِذا كان وَسَطُها أَوْسَعَ شيء منها مُقَبَّبةً وقالت الكلابية الجُبُّ القَلِيب الواسِعَةُ الشَّحْوةِ وقال ابن حبيب الجُبُّ رَكِيَّةٌ تُجابُ في الصَّفا وقال مُشَيِّعٌ الجُبُّ جُبُّ الرَّكِيَّةِ قبل أَن تُطْوَى وقال زيد بن كَثْوةَ جُبُّ الرَّكِيَّة جِرابُها وجُبة القَرْنِ التي فيها المُشاشةُ ابن شميل الجِبابُ الركايا تُحْفَر يُنْصَب فيها العنب أَي يُغْرس فيها كما يُحْفر للفَسِيلة من النخل والجُبُّ الواحد والشَّرَبَّةُ الطَّرِيقةُ من شجر العنب على طَرِيقةِ شربه والغَلْفَقُ ورَقُ الكَرْم والجَبُوبُ وَجْهُ الأَرضِ وقيل هي الأَرضُ الغَلِيظةُ وقيل هي الأَرضُ الغَليظةُ من الصَّخْر لا من الطّينِ وقيل هي الأَرض عامة لا تجمع وقال اللحياني الجَبُوبُ الأَرضُ والجَبُوب التُّرابُ وقول امرئِ القيس
فَيَبِتْنَ يَنْهَسْنَ الجَبُوبَ بِها ... وأَبِيتُ مُرْتَفِقاً على رَحْلِي
يحتمل هذا كله [ ص 251 ]
والجَبُوبةُ المَدَرةُ ويقال للمَدَرَةِ الغَلِيظةِ تُقْلَعُ من وَجْه الأَرضِ جَبُوبةٌ وفي الحديث أَن رجلاً مَرَّ بِجَبُوبِ بَدْرٍ فإِذا رجلٌ أَبيضُ رَضْراضٌ قال القتيبي قال الأَصمعي الجَبُوب بالفتح الأَرضُ الغَلِيظةُ وفي حديث عليّ كرَّم اللّه وجهه رأَيتُ المصطفى صلى اللّه عليه وسلم يصلي أَو يسجد على الجَبُوبِ ابن الأَعرابي الجَبُوبُ الأَرضُ الصُّلْبةُ والجَبُوبُ المَدَرُ المُفَتَّتُ وفي الحديث أَنه تَناوَلَ جَبُوبةً فتفل فيها هو من الأَوّل ( 1 )
( 1 قوله « هو من الأول » لعل المراد به المدرة الغليظة ) وفي حديث عمر سأَله رجل فقال عَنَّتْ لي عِكْرِشةٌ فشَنَقْتُها بِجَبُوبةٍ أَي رَمَيْتُها حتى كَفَّتْ عن العَدْوِ وفي حديث أَبي أُمامةَ قال لَما وُضِعَتْ بِنْتُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في القَبْر طَفِقَ يَطْرَحُ إِليهم الجَبُوبَ ويقول سُدُّوا الفُرَجَ ثم قال إِنه ليس بشيءٍ ولكنه يُطَيِّبُ بنَفْسِ الحيّ وقال أَبو خِراش يصف عُقاباً أَصابَ صَيْداً
رأَتْ قَنَصاً على فَوْتٍ فَضَمَّتْ ... إِلى حَيْزُومِها رِيشاً رَطِيبا
فلاقَتْه بِبَلْقَعةٍ بَراحٍ ... تُصادِمُ بين عَيْنيه الجَبُوبا
قال ابن شميل الجَبُوبُ وجه الأَرضِ ومَتْنها من سَهْل أَو حَزْنٍ أَو جَبَل أَبو عمرو الجَبُوبُ الأَرض وأَنشد لا تَسْقِه حَمْضاً ولا حَلِيبا انْ ما تَجِدْه سابِحاً يَعْبُوبا ذا مَنْعةٍ يَلْتَهِبُ الجَبُوبا وقال غيره الجَبُوب الحجارة والأَرضُ الصُّلْبةُ وقال غيره
تَدَعُ الجَبُوبَ إِذا انْتَحَتْ ... فيه طَرِيقاً لاحِبا
والجُبابُ بالضم شيء يَعْلُو أَلبانَ الإِبل فيصير كأَنه زُبْد ولا زُبْدَ لأَلبانها قال الراجز يَعْصِبُ فاهُ الرِّيقُ أَيَّ عَصْبِ عَصْبَ الجُبابِ بِشفاهِ الوَطْبِ وقيل الجُبابُ للإِبل كالزُّبْدِ للغَنم والبقَر وقد أَجَبَّ اللَّبَنُ التهذيب الجُبابُ شِبه الزبد يَعْلُو الأَلبانَ يعني أَلبان الإِبل إِذا مَخَضَ البعيرُ السِّقاءَ وهو مُعَلَّقٌ عليه فيَجْتمِعُ عند فَمِ السِّقاء وليس لأَلبانِ الإِبل زُبْدٌ إِنما هو شيء يُشْبِه الزُّبْدَ والجُبابُ الهَدَرُ الساقِطُ الذي لا يُطْلَبُ وجَبَّ القومَ غَلَبَهم قال الراجز مَنْ رَوّلَ اليومَ لَنا فقد غَلَبْ خُبْزاً بِسَمْنٍ وهْو عند الناس جَبْ وجَبَّتْ فلانة النساء تَجُبُّهنّ جَبّاً غَلَبَتْهنّ من حُسْنِها قالَ الشاعر جَبَّتْ نساءَ وائِلٍ وعَبْس وجابَّنِي فجَبَبْتُه والاسم الجِبابُ غالَبَني فَغَلَبْتُه وقيل هو غَلَبَتُك إِياه في كل وجْهٍ من حَسَبٍ أَو جَمال أَو غير ذلك وقوله جَبَّتْ نساءَ العالَمين بالسَّبَبْ قال هذه امرأَة قدَّرَتْ عَجِيزَتها بخَيْط وهو السَّبَبُ ثم أَلقَتْه إِلى نساء الحَيِّ لِيَفْعَلْن كما [ ص 252 ] فَعَلت فأَدَرْنَه على أَعْجازِهنَّ فَوَجَدْنَه فائضاً كثيراً فغَلَبَتْهُنَّ وجابَّتِ المرأَةُ صاحِبَتَها فَجَبَّتْها حُسْناً أَي فاقَتْها بِحُسْنها والتَّجْبِيبُ النِّفارُ وجَبَّبَ الرجلُ تَجْبيباً إِذا فَرَّ وعَرَّدَ قال الحُطَيْئةُ
ونحنُ إِذ جَبَّبْتُمُ عن نسائِكم ... كما جَبَّبَتْ من عندِ أَولادِها الحُمُرْ
وفي حديث مُوَرِّقٍ المُتَمَسِّكُ بطاعةِ اللّهِ إِذا جَبَّبَ الناسُ عنها كالكارِّ بعد الفارِّ أَي إِذا تركَ الناسُ الطاعاتِ ورَغِبُوا عنها يقال جَبَّبَ الرجلُ إِذا مَضَى مُسْرِعاً فارًّا من الشيءِ الباهلي فَرَشَ له في جُبَّةِ لدارِ أَي في وسَطِها وجُبَّةُ العينِ حجاجُها ابن الأَعرابي الجَبابُ القَحْطُ الشديدُ والمَجَبَّةُ المَحَجَّةُ وجادَّتُ الطرِيق أَبو زيد رَكِبَ فلان المَجَبَّةَ وهي الجادّةُ وجُبَّةُ والجُبَّةُ موضع قال النمر بن تَوْلَب
زَبَنَتْكَ أَرْكانُ العَدُوِّ فأَصْبَحَتْ ... أَجَأٌ وجُبَّةُ مِنْ قَرارِ دِيارِها
وأَنشد ابن الأَعرابي
لا مالَ إِلاَّ إِبِلٌ جُمَّاعَهْ ... مَشْرَبُها الجُبَّةُ أَو نُعاعَهْ
والجُبْجُبةُ وِعاءٌ يُتَّخذُ مِن أَدمٍ يُسْقَى فيه الإِبلُ ويُنْقَعُ فيه الهَبِيدُ والجُبْجُبة الزَّبيلُ من جُلودٍ يُنْقَلُ فيه الترابُ والجمع الجَباجِبُ وفي حديث عبدالرحمن بن عوف رضي اللّه عنه أَنه أَوْدَعَ مُطْعِم بنَ عَديّ لما أَراد أَن يُهاجِر جُبْجُبةً فيها نَوًى مِن ذَهَبٍ هي زَبِيلٌ لطِيفٌ من جُلود ورواه القتيبي بالفتح والنوى قِطَعٌ من ذهب وَزْنُ القِطعة خمسةُ دراهمَ وفي حديث عُروة رضي اللّه عنه إِنْ ماتَ شيءٌ من الإِبل فخذ جِلْدَه فاجْعَلْه جَباجِبَ يُنْقَلُ فيها أَي زُبُلاً والجُبْجُبةُ والجَبْجَبةُ والجُباجِبُ الكَرِشُ يُجْعَلُ فيه اللحم يُتَزَوَّدُ به في الأَسفار ويجعل فيه اللحم المُقَطَّعُ ويُسَمَّى الخَلْعَ وأَنشد
أَفي أَنْ سَرَى كَلْبٌ فَبَيَّتَ جُلَّةً ... وجُبْجُبةً للوَطْبِ سَلْمى تُطَلَّقُ
وقيل هي إِهالةٌ تُذابُ وتُحْقَنُ في كَرشٍ وقال ابن الأَعرابي هو جِلد جَنْبِ البعير يُقَوَّرُ ويُتَّخذ فيه اللحمُ الذي يُدعَى الوَشِيقةَ وتَجَبْجَبَ واتخذَ جُبْجُبَةً إِذا اتَّشَق والوَشِيقَةُ لَحْمٌ يُغْلى إِغْلاءة ثم يُقَدَّدُ فهو أَبْقى ما يكون قال خُمام بن زَيْدِ مَنَاةَ اليَرْبُوعِي
إِذا عَرَضَتْ مِنها كَهاةٌ سَمِينةٌ ... فلا تُهْدِ مِنْها واتَّشِقْ وتَجَبْجَب
وقال أَبو زيد التَّجَبْجُبُ أَن تجْعَل خَلْعاً في الجُبْجُبةِ فأَما ما حكاه ابن الأَعرابي من قَولهم إِنّك ما عَلِمْتُ جَبانٌ جُبْجُبةٌ فإِنما شبهه بالجُبْجُبة التي يوضعُ فيها هذا الخَلْعُ شَبَّهه بها في انْتِفاخه وقِلة غَنائه كقول الآخر كأَنه حَقِيبةٌ مَلأَى حَثا ورَجلٌ جُباجِبٌ ومُجَبْجَبٌ إِذا كان ضَخْمَ الجَنْبَيْنِ ونُوقٌ جَباجِبُ قال الراجز [ ص 253 ] جَراشِعٌ جَباجِبُ الأَجْوافِ حُمُّ الذُّرا مُشْرِفةُ الأَنْوافِ
وإِبل مُجَبْجَبةٌ ضَخْمةُ الجُنُوبِ قالت
حَسَّنْتَ إِلاَّ الرَّقَبَهْ ... فَحَسِّنَنْها يا أَبَهْ
كي ما تَجِيءَ الخَطَبَهْ ... بإِبِلٍ مُجَبْجَبَهْ
ويروى مُخَبْخبه أَرادت مُبَخْبَخَةً أَي يقال لها بَخٍ بَخٍ إِعْجاباً بها فَقَلَبت أَبو عمرو جمل جُباجِبٌ وبُجابِجٌ ضَخْمٌ وقد جَبْجَبَ إِذا سَمِنَ وجَبْجَبَ إِذا ساحَ في الأَرض عبادةً
وجَبْجَبَ إِذا تَجَرَ في الجَباجِبِ أَبو عبيدة الجُبْجُبةُ أَتانُ الضَّحْل وهي صَخْرةُ الماءِ وماءٌ جَبْجابٌ وجُباجِبٌ كثير قال وليس جُباجِبٌ بِثَبْتٍ وجُبْجُبٌ ماءٌ معروف وفي حديث بَيْعَةِ الأَنصارِ نادَى الشيطانُ يا أَصحابَ الجَباجِب قال هي جمع جُبْجُبٍ بالضم وهو المُسْتَوى من الأَرض ليس بحَزْنٍ وهي ههنا أَسماءُ مَنازِلَ بمنى سميت به لأَنَّ كُروشَ الأَضاحِي تُلْقَى فيها أَيامَ الحَجّ الأَزهري في أَثناءِ كلامه على حيَّهلَ وأَنشد لعبداللّه بن الحجاج التَّغْلَبي من أَبيات
إِيَّاكِ أَنْ تَستَبْدِلي قَرِدَ القَفا ... حَزابِيةً وهَيَّباناً جُباجِبا
أَلفَّ كأَنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه ... من الصُّوفِ نِكْثاً أَو لَئِيماً دُبادِبا
وقال الجُباجِبُ والدُّبادِبُ الكثيرُ الشَّرِّ والجَلَبةِ

( جحجب ) جَحْجَبَ العَدُوَّ أَهْلَكَه قال رؤْبة كمْ مِن عِدًى جَمْجَمَهُم وجَحْجَبَا وجَحْجَبَى حيٌّ من الأَنصار

( جحدب ) رجُل جَحْدَبٌ قصيرٌ عن كراع قال ولا أَحُقُّها إِنماالمعروف جَحْدَرٌ بالراءِ وسيأْتي ذكرها في موضعها

( جحرب ) فَرَسٌ جَحْرَبٌ وجُحارِبٌ عظيمُ الخَلْقِ والجَحْرَبُ من الرّجال القصيرُ الضَّخْمُ وقيل الواسع الجَوْفِ عن كراع ورأَيت في بعض نسخ الصحاح حاشية رجُل جَحْرَبةٌ عظيم البَطْن

( جحنب ) الجَحْنَبُ والجَحَنَّبُ كلاهما القصيرُ القليلُ وقيل هو القصِيرُ فقط من غير أَن يُقَيَّدَ بالقِلَّةِ وقيل هو القصير المُلَزَّزُ وأَنشد
وصاحِبٍ لي صَمْعَرِيٍّ جَحْنَبِ ... كاللَّيْثِ خِنَّابٍ أَشمَّ صَقْعَبِ
النضر الجَحْنَبُ القِدْرُ العظيمةُ وأَنشد
ما زالَ بالهِياطِ والمِياطِ ... حتى أَتَوْأ بِجَحْنَبٍ قُساطِ ( 1 )
( 1 قوله « قساط » كذا في النسخ وفي التكملة أيضاً مضبوطاً ولكن الذي في التهذيب تساط بتاء المضارعة والقافية مقيدة ولعله المناسب )
وذكر الأَصمعي في الخماسي الجَحَنْبرةَ من النساء القصيرةَ وهو ثلاثي الأَصل ( 2 )
( 2 قوله « وهو ثلاثي إلخ » عبارة أبي منصور الأزهري بعد أن ذكر الحبربرة والحورورة والحولولة قلت وهذه الاحرف الثلاثة ثلاثية الأصل إِلى آخر ما هنا وهي لا غبار عليها وقد ذكر قبلها الجحنبرة في الخماسي ولم يدخلها في هذا القيل فطغا قلم المؤلف جل من لا يسهو ) أُلحق بالخماسي لتكرار بعض حروفه
[ ص 254 ]

( جخب ) الجَخابةُ مثل السَّحابة الأَحْمَقُ الذي لا خيْرَ فيه وهو أَيضاً الثقيلُ الكثير اللحم يقال إِنه لجَخَابةٌ هِلْباجةٌ

( جخدب ) الجُخْدُبُ والجُخْدَبُ والجُخادِبُ والجُخادِيُّ كله الضَّخْم الغليظُ من الرِّجال والجِمال والجمع جَخادِبُ بالفتح قال رؤْبة شَدَّاخةً ضَخْمَ الضُّلُوعِ جُخْدَبا قال ابن بري هذا الرجز أَورده الجوهري على أَن الجَخْدَبَ الجمل الضخم وإِنما هو في صفة فرس وقبله
ترَى له مَناكِباً ولَبَبا ... وكاهِلاً ذا صَهَواتٍ شَرْجَبا
الشَّدّاخةُ الذي يَشْدَخُ الأَرضَ والصَّهْوةُ موضع اللِّبد من ظهر الفرس الليث جمل جَخْدَبٌ عظيمُ الجِسْم عَرِيضُ الصَّدْر وهو الجُخادِب والجُخْدُبُ والجُخْدَبُ والجُخادِبُ وأَبو جُخادِبٍ وأَبو جُخادِباءَ وأَبو جُخادِبى مقصور الأَخيرة عن ثعلب كلُّه ضَرْبٌ من الجَنادِبِ والجَرادِ أَخْضَرُ طويلُ الرجلين وهو اسم له معرفة كما يقال للأَسد أَبو الحرِثِ يقال هذا أَبو جُخادِبٍ قد جاءَ وقيل هو ضَخْم أَغْبَرُ أَحْرَشُ قال
إِذا صَنَعَتْ أُمُّ الفُضَيْلِ طَعامَها ... إِذا خُنْفُساءُ ضَخْمةٌ وجُخادِبُ
كذا أَنشده أَبو حنيفة على أَن يكون قوله فُساءُ ضَخْ مَفاعلن وتكلَّف بعضُ مَن جَهِل العَرُوض صَرْفَ خُنْفُساءَ ههنا ليتم به الجُزءُ فقال خُنْفُساءٌ ضَخْمةٌ وأَبو جُخادِبٍ اسم له معرفة كما يقال للأَسد أَبو الحرث تقول هذا أَبو جُخادِبٍ وقال الليث جُخادَى وأَبو جُخادَى ( 1 )
( 1 قوله « وقال الليث جخادى إلخ » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب ولكن الذي في التكملة عن الليث نفسه جخادبى وأبو جخادبى من الجنادب الباء ممالة والاثنان جخادبيان ) من الجَنادِب الياءُ مُمالةٌ والاثنان أَبو جُخادَيَيْنِ لم يَصْرِفوه وهو الجَرادُ الأَخْضَرُ الذي يكسِر الكران ( 2 )
( 2 قوله « يكسر الكران » كذا في بعض نسخ اللسان والذي في بعض نسخ التهذيب يكسر الكيزان وفي نسخة من اللسان يسكن الكران ) وهو الطويل الرجلين ويقال له أَبو جُخادب بالباءِ وقال شمر الجُخْدُبُ والجُخادِبُ الجُنْدَبُ الضَّخْمُ وأَنشد
لَهَبانٌ وَقَدَتْ حِزَّانُه ... يَرْمَضُ الجُخْدُبُ فيه فَيَصِرْ
قال كذا قيده شمر الجُخْدُب ههنا وقال آخر وعانَقَ الظِّلَّ أَبُو جُخادِبِ ابن الأَعرابي أَبو جُخادِبٍ دابّةٌ واسمه الحُمْطُوط والجُخادِباءُ أَيضاً الجُخادِبُ عن السيرافي وأَبو جُخادِباءَ دابة نحو الحِرْباءِ وهو الجُخْدُبُ أَيضاً وجمعه جَخادِبُ ويقال للواحد جُخادِبٌ والجَخْدبةُ السُّرعة واللّه أَعلم

( جدب ) الجَدْبُ المَحْل نَقِيضُ الخِصْبِ وفي حديث الاسْتِسْقاءِ هَلَكَتِ المَواشِي وأَجْدَبَتِ البِلادُ أَي قَحِطَتْ وغَلَتِ الأَسْعارُ فأَما قول الراجز أَنشده سيبويه [ ص 255 ]
لَقَدْ خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا ... في عامِنا ذا بَعدَما أَخْصَبَّا
فإنه أَراد جَدْباً فحرَّكَ الدالَ بحركة الباءِ وحذَف الأَلف على حدِّ قولك رأَيت زَيْدْ في الوقف قال ابن جني القول فيه أَنه ثَقَّلَ الباءَ كما ثَقَّل اللام في عَيْهَلِّ في قوله بِبازِلٍ وَجْناءَ أَوْ عَيْهَلِّ فلم يمكنه ذلك حتى حَرَّك الدال لَمّا كانت ساكنة لا يَقعُ بعدها المُشدَّد ثم أَطْلَقَ كإِطْلاقه عَيْهَلِّ ونحوها ويروى أَيضاً جَدْبَبَّا وذلك أَنه أَراد تثقيل الباء والدالُ قبلها ساكنة فلم يمكنه ذلك وكره أَيضاً تحريك الدال لأَنّ في ذلك انْتِقاضَ الصِّيغة فأَقَرَّها على سكونها وزاد بعد الباءِ باءً أُخرى مُضَعَّفَةً لإِقامة الوزن فإِن قلت فهل تجد في قوله جَدْبَبَّا حُجَّةً للنحويين على أَبي عثمان في امْتناعه مما أَجازوه بينهم من بنائهم مثل فَرَزْدَق من ضَرَبَ ونحوه ضَرَبَّبٌ واحْتِجاجِه في ذلك لأَنه لم يَجِدْ في الكلام ثلاث لامات مُتَرادفةٍ على الاتِّفاق وقد قالوا جَدْبَبَّا كما ترى فجمع الراجز بين ثلاث لامات متفقة فالجواب أَنه لا حجة على أَبي عثمان للنحويين في هذا مِن قِبَل أَن هذا شيءٌ عرَضَ في الوَقْف والوَصْلُ مُزِيلهُ وما كانت هذه حالَه لم يُحْفَلْ به ولم يُتَّخذْ أَصلاً يُقاسُ عليه غيره أَلا ترى إِلى إِجماعهم على أَنه ليس في الكلام اسم آخره واو قبلها حركة ثم لا يَفْسُد ذلك بقول بعضهم في الوقف هذه أَفْعَوْ وهو الكَلَوْ من حيث كان هذا بدلاً جاءَ به الوَقْفُ وليس ثابتاً في الوصل الذي عليه المُعْتَمَد والعَملُ وإِنما هذه الباءُ المشدّدة في جَدْبَبَّا زائدة للوقف وغيرِ ضَرورة الشعر ومثلها قول جندل جارِيةٌ ليست من الوَخْشَنِّ لا تَلبَس المِنْطَقَ بالمَتْنَنِّ إِلا ببَتٍّ واحدٍ بَتَّنِّ كَأَنَّ مَجْرَى دَمْعِها المُسْتَنِّ قُطْنُنَّةٌ من أَجْودِ القُطْنُنِّ فكما زاد هذه النوناتِ ضرورة كذلك زاد الباءَ في جَدبَبَّا ضرورة ولا اعتِداد في الموضعين جميعاً بهذا الحَرْف المُضاعَف قال وعلى هذا أَيضاً عندي ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الراجز لكِنْ رَعَيْنَ القِنْعَ حيث ادْهَمَّما أَراد ادْهَمَّ فزاد ميماً أُخرى قال وقال لي أَبو علي في جَدْبَبَّا إِنه بنى منه فَعْلَلَ مثل قَرْدَدَ ثم زاد الباءَ الأَخيرة كزيادة الميم في الأَضْخَمَّا قال وكما لا حجة على أَبي عثمان في قول الراجز جَدْبَبَّا كذلك لا حجة للنحويين على الأَخفش في قوله إِنه يُبْنَى من ضرب مثل اطْمأَنَّ فتقول اضْرَبَبَّ وقولهم هم اضْرَبَّبَ بسكون اللام الأُولى بقول الراجز حيث ادْهَمَّما بسكون الميم الأُولى لأَنّ له أَن يقول إِن هذا إِنما جاءَ لضرورة القافية فزاد على ادْهَمَّ وقد تراه ساكن الميم الأُولى ميماً ثالثة لإِقامة الوزن وكما لا حجة لهم عليه في هذا كذلك لا حجة له عليهم أَيضاً في قول الآخر
إِنَّ شَكْلي وإِنَّ شَكْلَكِ شَتَّى ... فالْزَمي الخُصَّ واخْفِضي تَبْيَضِضِّي
بتسكين اللام الوسطى لأَن هذا أَيضاً إِنما زاد [ ص 256 ] ضاداً وبنى الفِعل بَنْيةً اقْتضاها الوَزْنُ على أَن قوله تَبْيَضِضِّي أَشْبهُ من قوله ادْهَمَّمَا لأَن مع الفعل في تَبْيَضِضِّي الياء التي هي ضمير الفاعل والضمير الموجود في اللفظ لا يُبنى مع الفعل إِلا والفعل على أَصل بِنائه الذي أُريد به والزيادةُ لا تكاد تَعْتَرِضُ بينهما نحو ضرَبْتُ وقتلْتُ إِلا أَن تكون الزيادة مَصُوغة في نفس المثال غير مُنْفَكَّةٍ في التقدير منه نحو سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ واحْرَنْبَيْتُ وادْلَنْظَيْتُ ومن الزيادة للضرورة قول الآخر باتَ يُقاسِي لَيْلَهُنَّ زَمَّام والفَقْعَسِيُّ حاتِمُ بنُ تَمَّامْ مُسْتَرْعَفاتٍ لِصِلِلَّخْمٍ سامْ يريد لِصِلَّخْمٍ كَعِلَّكْدٍ وهِلَّقْسٍ وشِنَّخْفٍ قال وأَمّا من رواه جِدَبَّا فلا نظر في روايته لأَنه الآن فِعَلٌّ كخِدَبٍّ وهِجَفٍّ قال وجَدُبَ المكان جُدُوبةً وجَدَبَ وأَجْدَبَ ومكانٌ جَدْبٌ وجَدِيبٌ بَيِّن الجُدوبةِ ومَجْدوبٌ كَأَنه على جُدِبَ وإِن لم يُستعمل قال سَلامةُ بن جَنْدل
كُنَّا نَحُلُّ إِذا هَبَّتْ شآمِيةً ... بكلِّ وادٍ حَطيبِ البَطْنِ مَجْدُوبِ
والأَجْدَبُ اسم للمُجْدِب وفي الحديث كانت فيها أَجادِبُ أَمْسَكَتِ الماءَ على أَن أَجادِبَ قد يكون جمعَ أَجْدُب الذي هو جمع جَدْبٍ قال ابن الأَثير في تفسير الحديث الأَجادِبُ صِلابُ الأَرضِ التي تُمْسِك الماءَ فلا تَشْرَبه سريعاً وقيل هي الأَراضي التي لا نَباتَ بها مأْخُوذ من الجَدْبِ وهو القَحْطُ كأَنه جمعُ أَجْدُبٍ وأَجْدُبٌ جمع جَدْبٍ مثل كَلْبٍ وأَكْلُبٍ وأَكالِبَ قال الخطابي أَما أَجادِبُ فهو غلط وتصحيف وكأَنه يريد أَنّ اللفظة أَجارِدُ بالراءِ والدال قال وكذلك ذكره أَهل اللغة والغريب قال وقد روي أَحادِبُ بالحاء المهملة قال ابن الأَثير والذي جاءَ في الرواية أَجادِبُ بالجيم قال وكذلك جاءَ في صحيحَي البخاري ومسلم وأَرض جَدْبٌ وجَدْبةٌ مُجْدِبةٌ والجمع جُدُوبٌ وقد قالوا أَرَضُونَ جَدْبٌ كالواحد فهو على هذا وَصْفٌ بالمصدر وحكى اللحياني أَرضٌ جُدُوب كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منها جَدْباً ثم جمعوه على هذا وفَلاةٌ جَدْباءُ مُجْدِبةٌ قال
أَوْ في فَلاَ قَفْرٍ مِنَ الأَنِيسِ ... مُجْدِبةٍ جَدْباءَ عَرْبَسِيسِ
والجَدْبةُ الأَرض التي ليس بها قَلِيلٌ ولا كثير ولا مَرْتَعٌ ولا كَلأٌ وعامٌ جُدُوبٌ وأَرضٌ جُدُوبٌ وفلانٌ جَديبُ الجَنَاب وهو ما حَوْلَه وأَجْدَبَ القَوْمُ أَصابَهُمُ الجَدْبُ وأَجْدَبَتِ السَّنةُ صار فيها جَدْبٌ وأَجْدَبَ أَرْضَ كَذا وجَدَها جَدْبةً وكذلك الرَّجُلُ وأَجْدَبَتِ الأَرضُ فهي مُجْدِبةٌ وجَدُبَتْ وجادَبَتِ الإِبلُ العامَ مُجادَبةً إِذا كان العامُ مَحْلاً فصارَتْ لا تأْكُل إِلا الدَّرينَ الأَسْوَدَ دَرِينَ الثُّمامِ فيقال لها حينئذ جادَبَتْ [ ص 257 ] ونزلنا بفلان فأَجْدَبْناه إِذا لم يَقْرِهمْ والمِجْدابُ الأَرضُ التي لا تَكادُ تُخْصِب كالمِخْصاب وهي التي لا تكاد تُجْدِبُ والجَدْبُ العَيْبُ وجَدَبَ الشَّيءَ يَجْدِبهُ جَدْباً عابَه وذَمَّه وفي الحديث جَدَب لنا عُمَرُ السَّمَر بعد عَتَمةٍ أَي عابَه وذَمَّه وكلُّ عائِبٍ فهو جادِبٌ قال ذو الرمة
فَيا لَكَ مِنْ خَدٍّ أَسِيلٍ ومَنْطِقٍ ... رَخِيمٍ ومِنْ خَلْقٍ تَعَلَّلَ جادِبُه
يقول لا يَجِدُ فيه مَقالاً ولا يَجِدُ فيه عَيْباً يَعِيبه به فيَتَعَلَّلُ بالباطلِ وبالشيءِ يقولُه وليس بِعَيْبٍ والجادِبُ الكاذِبُ قال صاحب العين وليس له فِعْلٌ وهو تصحيف والكاذبُ يقال له الخادب بالخاءِ أَبو زيد شَرَجَ وبَشَكَ وخَدَبَ إِذا كَذَبَ وأَما الجادب بالجيم فالعائب والجُنْدَبُ الذَّكر من الجَراد قال والجُنْدُبُ والجُنْدَبُ أَصْغَرُ من الصَّدى يكون في البَرارِي وإِيَّاه عَنى ذو الرمة بقوله
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ ... إِذا تَجَاوبَ من بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
وحكى سيبويه في الثلاثي جِنْدَب ( 1 )
( 1 قوله « في الثلاثي جندب » هو بهذا الضبط في نسخة عتيقة من المحكم ) وفسره السيرافي بأَنه الجُنْدب وقال العَدَبَّسُ الصَّدَى هو الطائرُ الذي يَصِرُّ بالليل ويَقْفِزُ ويَطِيرُ والناس يرونه الجُنْدَبَ وإِنما هو الصَّدى فأَمَّا الجُنْدب فهو أَصغر من الصدى قال الأَزهري والعرب تقول صَرَّ الجُنْدَبُ يُضرب مثلاً للأَمر يشتدّ حتى يُقْلِقَ صاحِبَه والأَصل فيه أَن الجُنْدبَ إِذا رَمِضَ في شدّة الحر لم يَقِرَّ على الأرض وطار فَتَسْمَع لرجليه صَرِيراً ومنه قول الشاعر
قَطَعْتُ إِذا سَمِعَ السَّامِعُون ... مِن الجُنْدبِ الجَوْنِ فيها صَريرا
وقيل الجُندب الصغير من الجَراد قال الشاعر
يُغالِينَ فيه الجَزْءَ لَولا هَواجِرٌ ... جَنادِبُها صَرْعَى لَهُنّ فَصِيصُ ( 2 )
( 2 قوله « يغالين » في التكملة يعني الحمير يقول ان هذه الحمير تبلغ الغاية في هذا الرطب أي بالضم والسكون فتستقصيه كما يبلغ الرامي غايته والجزء الرطب ويروى كصيص )
أَي صَوتٌ اللحياني الجُنْدَبُ دابَّة ولم يُحَلِّها ( 3 )
( 3 أراد أنه لم يُعطها حليةً تميّزها والحلية هي ما يرى من لون الشخص وظاهرهِ وهيئتهِ ) والجُنْدَبُ والجُنْدُبُ بفتح الدال وضمها ضَرْبٌ من الجَراد واسم رجل قال سيبويه نونها زائدة وقال عكرمة في قوله تعالى فأَرْسَلْنا عليهِمُ الطُّوفانَ والجَرادَ والقُمَّلَ
القُمَّلُ الجَنادِبُ وهي الصِّغار من الجَراد واحِدتُها قُمَّلةٌ وقال يجوز أَن يكون واحد القُمَّلِ قامِلاً مثل راجِعٍ ورُجَّعٍ وفي الحديث فَجَعَلَ الجَنادِبُ يَقَعْنَ فيه هو جَمعُ جُنْدَب وهو ضَرْبٌ مِن الجَراد وقيل هو الذي يَصِرُّ في الحَرِّ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه كان يُصَلي الظُّهرَ والجَنادِبُ تَنْقُزُ من الرَّمْضاءِ أَي تَثِبُ وأُمُّ جُنْدَبٍ الداهِيةُ وقيل الغَدْرُ وقيل [ ص 258 ] الظُّلم وركِبَ فُلان أُمَّ جُنْدَبٍ إِذا رَكِبَ الظُّلْمَ يقال وقع القوم في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا ظُلِموا كأَنها اسمٌ من أَسماءِ الإِساءة والظُّلْمِ والداهِيةِ غيره يقال وقع فلان في أُمِّ جُنْدَبٍ إِذا وقَع في داهيةٍ ويقال وَقَع القوم بأُم جندب إِذا ظَلَموا وقَتَلُوا غيرَ قاتِلٍ وقال الشاعر
قَتَلْنا به القَوْمَ الذين اصْطَلَوْا به ... جِهاراً ولم نَظْلِمْ به أُمَّ جُنْدَبِ
أَي لم نَقْتُلْ غير القاتِلِ

( جذب ) الجَذْبُ مَدُّكَ الشيءَ والجَبْذُ لغة تميم المحكم الجَذْبُ المَدُّ جَذَبَ الشيءَ يَجْذِبُه جَذْباً وجَبَذَه على القلب واجْتَذَبَه مَدَّه وقد يكون ذلك في العَرْضِ سيبويه جَذَبَه حَوَّلَه عن موضِعه واجْتَذَبَه اسْتَلَبَه وقال ثعلب قال مُطَرِّفٌ قال ابن سيده وأُراه يعني مُطَرِّفَ بن الشِّخِّيرِ وجدتُ الإِنسان مُلْقىً بين اللّهِ وبين الشيطانِ فإِن لم يَجْتَذِبْهُ إِلَيْه جَذَبَه الشيطانُ وجاذَبَه كَجَذبه وقوله
ذَكَرْتُ والأَهْواءُ تَدْعُو للْهَوَى ... والعِيسُ بالرَّكْب يُجاذِبْنَ البُرَى
قال يكون يُجاذِبْن ههنا في معنى يَجْذِبْنَ وقد يكون للمُباراة والمُنازعة فكأَنه يُجاذِبْنَهُنَّ البُرى وجاذَبْتُه الشيءَ نازَعْتُه إِياه والتَجاذُبُ التَّنازُعُ وقد انْجَذَبَ وتَجاذَبَ وجَذَبَ فلان حَبْلَ وِصالِه وجَذَمَه إِذا قَطَعَه ويقال للرجل إِذا كَرَعَ في الإِناءِ نَفَساً أَو نَفَسَيْن جَذَب منه نَفَساً أَو نَفَسَيْن ابن شميل بَيْنَنا وبين بني فلان نَبْذةٌ وجَذْبةٌ أَي هُمْ منَّا قَرِيبٌ ويقال بَيْني وبين المَنْزِلِ جَذْبةٌ أَي قِطْعةٌ يعني بُعْدٌ ويقال جَذْبةٌ من غَزْل للمَجْذوب منه مرَّةً وجَذَب الشهرُ يَجْذِبُ جَذباً إِذا مَضَى عامَّتُه وجَذابِ المَنِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ لأَنها تَجْذِبُ النُّفُوسَ وجاذَبَتِ المرأَةُ الرجلَ خَطَبَها فرَدَّتْه كأَنه بانَ منها مَغْلُوباً التهذيب وإِذا خَطَبَ الرجلُ امرأَةً فرَدَّتْه قيل جَذَبَتْه وجَبَذَتْه قال وكأَنه من قولك جاذَبْتُه فَجَذبْتُه أَي غَلَبْتُه فبان منها مَغْلُوباً والانْجِذابُ سُرْعةُ السَّيْرِ وقد انْجَذَبُوا في السَّيْر وانْجَذَب بهم السَّيْر وسَيْرٌ جَذْبٌ سَرِيعٌ قال قَطَعْتُ أَخْشاهُ بِسَيْرٍ جَذْب أَخْشاهُ في موضع الحال أَي خاشِياً له وقد يجوز أَن يريد أَخْشاه أَخْوَفَه يعني أَشدَّه إِخافةً فعلى هذا ليس له فِعْلٌ والجَذْبُ انْقِطاعُ الرِّيقِ وناقةٌ جاذِبةٌ وجاذِبٌ وجَذُوبٌ جَذَبَتْ لبَنَها من ضَرْعِها فذهَب صاعِداً وكذلك الأَتانُ والجمع جَواذِبُ وجِذابٌ مثل نائم ونِيام [ ص 259 ] قال الهذلي
بطَعْنٍ كرَمْحِ الشَّوْلِ أَمْسَتْ غَوارِزاً ... جَواذِبُها تَأْبى على المُتَغَبِّرِ
ويقال للناقة إِذا غَرَزَتْ وذهب لبنُها قد جَذَبَتْ تَجْذِبُ جِذاباً ( 1 )
( 1 قوله « جذاباً » هو في غير نسخة من المحكم بألف بعد الذال كما ترى ) فهي جاذِبٌ اللحياني ناقة جاذِبٌ إِذا جَرَّتْ فزادتْ على وقت مَضْرِبها النضر تَجذَّبَ اللبنَ إِذا شَرِبَه قال العُدَيْل
دَعَتْ بالجِمالِ البُزْلِ للظَّعْنِ بَعْدَما ... تَجَذَّبَ راعي الإِبْلِ ما قد تَحَلَّبا
وجَذَبَ الشاةَ والفَصِيلَ عن أَُمهما يَجْذِبُهما جَذْباً قطَعهما عن الرَّضاعِ وكذلك المُهْرَ فَطَمَه قال أَبو النجم يصِف فَرساً
ثم جَذَبْناه فِطاماً نَفْصِلُهْ ... نَفْرَعُه فَرْعاً ولَسْنا نَعْتِلُهْ
أَي نَفْرَعُه باللجام ونَقْدَعُه ونَعْتِلُه أَي نَجْذِبهُ جَذْباً عَنِيفاً وقال اللحياني جَذَبَتِ الأُمُّ ولدَها تَجْذِبُه فطَمَتْه ولم يَخُصَّ من أَي نوعٍ هو التهذيب يقال للصبيّ أَو السَّخْلةِ إِذا فُصِلَ قد جُذِبَ والجَذَبُ الشَّحْمةُ التي تكون في رأْس النَّخْلة يُكْشَطُ عنها اللِّيفُ فتؤكل كأَنها جُذِبَتْ عن النخلة وجَذَبَ النخلةَ يَجْذِبُها جَذْباً قَطَعَ جَذَبَها ليأْكله هذه عن أَبي حنيفة والجَذَبُ والجِذابُ جميعاً جُمَّارُ النخلةِ الذي فيه خُشونةٌ واحدتها جَذَبةٌ وعمّ به أَبو حنيفة فقال الجَذَبُ الجُمَّارُ ولم يزد شيئاً وفي الحديث كان رسولُ اللّه صلة اللّه عليه وسلم يُحِبُّ الجَذَبَ وهو بالتحريك الجُمَّارُ والجُوذابُ طَعامٌ يُصْنَعُ بسُكَّرٍ وأَرُزٍّ ولَحْمٍ أَبو عمرو يقال ما أَغْنى عَنِّي جِذِبَّاناً وهو زِمامُ النَّعْلِ ولا ضِمْناً وهو الشَّسْعُ

( جرب ) الجَرَبُ معروف بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ جَرِبَ يَجْرَبُ جَرَباً فهو جَرِبٌ وجَرْبان وأَجْرَبُ والأُنثى جَرْباءُ والجمع جُرْبٌ وجَرْبى وجِرابٌ وقيل الجِرابُ جمع الجُرْبِ قاله الجوهري وقال ابن بري ليس بصحيح إِنما جِرابٌ وجُرْبٌ جمع أَجْرَبَ قال سُوَيد بن الصَّلْت وقيل لعُميِّر بن خَبَّاب قال ابن بري وهو الأَصح
وفِينا وإِنْ قِيلَ اصْطَلَحْنا تَضاغُنٌ ... كما طَرَّ أَوْبارُ الجِرابِ على النَّشْرِ
يقول ظاهرُنا عند الصُّلْح حَسَنٌ وقلوبنا مُتضاغِنةٌ كما تنبُتُ أَوْبارُ الجَرْبى على النَّشْر وتحته داء في أَجْوافِها والنَّشْرُ نبت يَخْضَرُّ بعد يُبْسه في دُبُر الصيف وذلك لمطر يُصيِبه وهو مُؤْذٍ للماشية إِذا رَعَتْه وقالوا في جمعه أَجارِب أَيضاً ضارَعُوا به الأَسْماءَ كأَجادِلَ وأَنامِلَ وأَجْرَبَ القومُ جَرِبَتْ إِبلُهم وقولهم في الدعاءِ على الإِنسان ما لَه جَرِبَ وحَرِبَ يجوز أَن يكونوا دَعَوْا عليه بالجَرَب وأَن يكونوا أَرادوا أَجْرَبَ أَي جَرِبَتْ إِبلُه فقالوا حَرِبَ إِتْباعاً [ ص 260 ] لجَرِبَ وهم قد يوجبون للإِتباع حُكْماً لا يكون قبله ويجوز أَن يكونوا أَرادوا جَرِبَتْ إِبلُه فحذَفوا الإِبل وأَقامُوه مُقامَها والجَرَبُ كالصَّدإِ مقصور يَعْلُو باطن الجَفْن ورُبَّما أَلبَسَه كلَّه وربما رَكِبَ بعضَه والجَرْباءُ السماءُ سُمِّيت بذلك لما فيها من الكَواكِب وقيل سميت بذلك لموضع المَجَرَّةِ كأَنها جَرِبَتْ بالنُّجوم قال الفارسي كما قيل للبَحْر أَجْرَدُ وكما سموا السماءَ أَيضاً رَقيعاً لأَنها مَرقوعةٌ بالنجوم قال أُسامة بن حبيب الهذلي
أَرَتْه مِنَ الجَرْباءِ في كلِّ مَوْقِفٍ ... طِباباً فَمَثْواهُ النَّهارَ المَراكِدُ
وقيل الجَرْباءُ من السماء الناحيةُ التي لا يَدُور فيها فلَكُ ( 1 )
( 1 قوله « لا يدور فيها فلك » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في المحكم وتبعه المجد يدور بدون لا ) الشَّمْسِ والقمر أَبو الهيثم الجَرْباءُ والمَلْساءُ السماءُ الدُّنيا وجِرْبةُ مَعْرِفةً اسمٌ للسماءِ أَراه من ذلك وأَرضٌ جَرْباءُ ممْحِلةٌ مَقْحُوطةً لا شيءَ فيها ابن الأَعرابي الجَرْباءُ الجاريةُ الملِيحة سُميت جَرْباءَ لأَن النساءَ يَنْفِرْنَ عنها لتَقْبِيحها بَمحاسنِها مَحاسِنَهُنَّ وكان لعَقيلِ بن عُلَّفَةَ المُرّي بنت يقال لها الجَرْباءُ وكانت من أَحسن النساءِ والجَرِيبُ من الطعام والأَرضِ مِقْدار معلوم الأَزهري الجَريبُ من الأَرضِ مقدار معلومُ الذِّراع والمِساحةِ وهو عَشَرةُ أَقْفِزةٍ كل قَفِيز منها عَشَرةٌ أَعْشِراء فالعَشِيرُ جُزءٌ من مائة جُزْءٍ من الجَرِيبِ وقيل الجَريبُ من الأَرض نصف الفِنْجانِ ( 2 )
( 2 قوله « نصف الفنجان » كذا في التهذيب مضبوطاً ) ويقال أَقْطَعَ الوالي فلاناً جَرِيباً من الأَرض أَي مَبْزَرَ جريب وهو مكيلة معروفة وكذلك أَعطاه صاعاً من حَرَّة الوادِي أَي مَبْزَرَ صاعٍ وأَعطاه قَفِيزاً أَي مَبْزَرَ قَفِيزٍ قال والجَرِيبُ مِكْيالٌ قَدْرُ أَربعةِ أَقْفِزةٍ والجَرِيبُ قَدْرُ ما يُزْرَعُ فيه من الأَرض قال ابن دريد لا أَحْسَبُه عَرَبِيّاً والجمعُ أَجْرِبةٌ وجُرْبانٌ وقيل الجَرِيبُ المَزْرَعَةُ عن كُراعٍ والجِرْبةُ بالكسر المَزْرَعَةُ قال بشر بن أَبي خازم
تَحَدُّرَ ماءِ البِئْرِ عن جُرَشِيَّةٍ ... على جِرْبةٍ تَعْلُو الدِّبارَ غُروبُها
الدَبْرةُ الكَرْدةُ من المَزْرعةِ والجمع الدِّبارُ والجِرْبةُ القَراحُ من الأَرض قال أَبو حنيفة واسْتَعارها امرؤُ القيس للنَّخْل فقال كَجِرْبةِ نَخْلٍ أَو كَجنَّةِ يَثْرِبِ وقال مرة الجِرْبةُ كلُّ أَرضٍ أُصْلِحَتْ لزرع أَو غَرْسٍ ولم يذكر الاستعارةَ قال والجمع جِرْبٌ كسِدْرةٍ وسِدْرٍ وتِبْنةٍ وتِبْنٍ ابن الأَعرابي الجِرْبُ القَراحُ وجمعه جِربَةٌ الليث الجَرِيبُ الوادي وجمعه أَجْرِبةٌ والجِرْبةُ البُقْعَةُ الحَسَنةُ النباتِ وجمعها جِرَبٌ وقول الشاعر
وما شاكِرٌ إِلا عصافِيرُ جِرْبةٍ ... يَقُومُ إِليها شارِجٌ فيُطِيرُها
يجوز أَن تكون الجِرْبةُ ههنا أَحد هذه الاشياءِ [ ص 261 ] المذكورة والجِرْبةُ جِلْدةٌ أَوبارِيةٌ تُوضَعُ على شَفِير البِئْر لئلا يَنْتَثِر الماءُ في البئر وقيل الجِرْبةُ جِلدةٌ توضع في الجَدْوَلِ يَتَحَدَّرُ عليها الماءُ والجِرابُ الوِعاءُ مَعْرُوف وقيل هو المِزْوَدُ والعامة تفتحه فتقول الجَرابُ والجمع أَجْرِبةٌ وجُرُبٌ وجُرْبٌ غيره والجِرابُ وِعاءٌ من إِهاب الشَّاءِ لا يُوعَى فيه إِلا يابسٌ وجِرابُ البئر اتِّساعُها وقيل جِرابُها ما بين جالَيْها وحَوالَيْها وفي الصحاح جَوْفُها من أَعْلاها إِلى أَسْفَلِها ويقال اطْوِ جِرابَها بالحجارة الليث جِرابُ البئر جَوْفُها من أَوَّلها إِلى آخرها والجِرابُ وِعاءُ الخُصْيَتَيْنِ وجِرِبَّانُ الدِّرْعِ والقميصِ جَيْبُه وقد يقال بالضم وهو بالفارسية كَرِيبان وجِرِبَّانُ القَمِيص لَبِنَتُهُ فارسي معرب وفي حديث قُرَّةً المزني أَتَيْتُ النَّبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فَأَدخلت يدي في جُرُبَّانه الجُرُبَّانُ بالضم هو جَيْبُ القميص والأَلف والنون زائدتان الفرَّاءُ جُرُبَّانُ السَّيْفِ حَدُّه أَو غِمْدُه وعلى لفظه جُرُبَّانُ القمِيص شمر عن ابن الأَعرابي الجُرُبَّانُ قِرابُ السيفِ الضَّخمُ يكون فيه أَداةُ الرَّجل وسَوْطُه وما يَحْتاجُ إِليه وفي الحديث والسَّيْفُ في جُرُبَّانه أَي في غِمْده غيره جُرُبَّانُ السَّيْفِ بالضم والتشديد قِرابُه وقيل حَدُّه وقيل جُرْبانُه وجُرُبَّانُه شيءٌ مَخْرُوزٌ يُجعَلُ فيه السَّيْفُ وغِمْدُه وحَمائلُه قال الرَّاعي
وعلى الشَّمائلِ أَنْ يُهاجَ بِنا ... جُرْبانُ كُلِّ مُهَنَّدٍ عَضْبِ
عنَى إِرادة أَن يُهاجَ بِنا ومَرْأَة جِرِبَّانةٌ صَخَّابةٌ سَيِّئةُ الخُلُقِ كجِلِبّانةٍ عن ثعلب قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ الهِلالي
جِرِبَّانةٌ وَرْهاءُ تَخْصِي حِمارَها ... بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال الفارسي هذا البيت يقع فيه تصحيف من الناس يقول قَوْم مكان تَخْصي حِمارَها تُخْطِي خِمارَها يظنونه من قولهم العَوانُ لا تُعَلَّمُ الخِمْرةَ وإِنما يَصِفُها بقلَّة الحَياء قال ابن الأعرابي يقال جاءَ كَخاصي العَيْرِ إِذا وُصِفَ بقلة الحياءِ فعلى هذا لا يجوز في البيت غيْرُ تَخْصِي حِمارَها ويروى جِلِبَّانةٌ وليست راء جِرِبَّانةٍ بدلاً من لام جِلِبَّانةٍ إِنما هي لغة وهي مذكورة في موضعها ابن الأَعرابي الجَرَبُ العَيْبُ غيره الجَرَبُ الصَّدَأُ يركب السيف وجَرَّبَ الرَّجلَ تَجْرِبةً اخْتَبَرَه والتَّجْرِبةُ مِن المَصادِرِ المَجْمُوعةِ قال النابغة إِلى اليَوْمِ قد جُرِّبْنَ كلَّ التَّجارِبِ وقال الأَعشى
كَمْ جَرَّبُوه فَما زادَتْ تَجارِبُهُمْ ... أَبا قُدامَةَ إِلاَّ المَجْدَ والفَنَعا
فإِنه مَصْدر مَجْمُوع مُعْمَل في المَفْعول به وهو غريب قال ابن جني وقد يجوز أَن يكون أَبا قُدامةَ منصوباً بزادَتْ أَي فما زادت أَبا قُدامةَ تَجارِبُهم إِياه إِلا المَجْدَ قال والوجه أَنْ يَنْصِبه بِتَجارِبُهم لأَنها العامل الأَقرب ولأنه لو أَراد [ ص 262 ] إِعمال الأَول لكان حَرًى أَن يُعْمِلَ الثاني أَيضاً فيقول فما زادت تَجارِبُهم إِياه أَبا قُدامةَ إِلا كذا كما تقول ضَرَبْتُ فأَوْجَعْته زيداً ويَضْعُفُ ضَرَبْتُ فأَوجَعْتُ زيداً على إِعمال الأَول وذلك أَنك إِذا كنت تُعْمِلُ الأَوَّل على بُعْدِه وَجَبَ إِعمال الثاني أَيضاً لقُرْبه لأَنه لا يكون الأَبعدُ أَقوى حالاً من الأَقرب فإِن قلت أَكْتَفِي بمفعول العامل الأَول من مفعول العامل الثاني قيل لك فإِذا كنت مُكْتَفِياً مُخْتَصِراً فاكتِفاؤُك بإِعمال الثاني الأَقرب أَولى من اكتِفائك بإِعمال الأَوّل الأَبعد وليس لك في هذا ما لَكَ في الفاعل لأَنك تقول لا أُضْمِر على غَير تقدّمِ ذكرٍ إِلا مُسْتَكْرَهاً فتُعْمِل الأَوّل فتقول قامَ وقَعدا أَخَواكَ فأَما المفعول فمنه بُدٌّ فلا ينبغي أَن يُتباعَد بالعمل إِليه ويُترك ما هو أَقربُ إِلى المعمول فيه منه ورجل مُجَرَّب قد بُليَ ما عنده ومُجَرِّبٌ قد عَرفَ الأُمورَ وجَرَّبها فهو بالفتح مُضَرَّس قد جَرَّبتْه الأُمورُ وأَحْكَمَتْه والمُجَرَّبُ مثل المُجَرَّس والمُضَرَّسُ الذي قد جَرَّسَتْه الأُمور وأَحكمته فإِن كسرت الراءَ جعلته فاعلاً إِلا أَن العرب تكلمت به بالفتح التهذيب المُجَرَّب الذي قد جُرِّبَ في الأُمور وعُرِفَ ما عنده أَبو زيد من أَمثالهم أَنت على المُجَرَّب قالته امرأَة لرجُل سأَلَها بعدما قَعَدَ بين رِجْلَيْها أَعذْراءُ أَنتِ أَم ثَيِّبٌ ؟ قالت له أَنت على المُجَرَّبِ يقال عند جَوابِ السائل عما أَشْفَى على عِلْمِه
ودَراهِمُ مُجَرَّبةٌ مَوْزُونةٌ عن كراع وقالت عَجُوز في رجل كان بينَها وبينه خُصومةٌ فبلَغها مَوْتُه
سَأَجْعَلُ للموتِ الذي التَفَّ رُوحَه ... وأَصْبَحَ في لَحْدٍ بجُدَّة ثَاوِيا
ثَلاثِينَ دِيناراً وسِتِّينَ دِرْهَماً ... مُجَرَّبةً نَقْداً ثِقالاً صَوافِيا
والجَرَبَّةُ بالفتح وتشديد الباءِ جَماعة الحُمُر وقيل هي الغِلاظُ الشِّداد منها وقد يقال للأَقْوِياءِ من الناس إِذا كانوا جَماعةً مُتساوِينَ جَرَبَّةٌ قال
جَرَبَّةٌ كَحُمُرِ الأَبَكِّ ... لا ضَرَعٌ فينا ولا مُذَكِّي
يقول نحن جماعة مُتساوُون وليس فينا صغير ولا مُسِنٌّ والأَبَكُّ موضع والجَرَبَّةُ من أَهْلِ الحاجةِ يكونون مُسْتَوِينَ ابن بُزُرْج الجَرَبَّةُ الصَّلامةُ من الرجال الذين لا سَعْيَ لهم ( 1 )
( 1 قوله « لا سعي لهم » في نسخة التهذيب لا نساء لهم ) وهم مع أُمهم قال الطرماح
وحَيٍّ كِرامٍ قد هَنأْنا جَرَبَّةٍ ... ومَرَّتْ بهم نَعْماؤُنا بالأَيامِنِ
قال جَرَبَّةٌ صِغارهُم وكِبارُهم يقول عَمَّمْناهم ولم نَخُصَّ كِبارَهم دون صِغارِهم أَبو عمرو الجَرَبُّ من الرِّجال القَصِيرُ الخَبُّ وأَنشد
إِنَّكَ قد زَوَّجْتَها جَرَبَّا ... تَحْسِبُه وهو مُخَنْذٍ ضَبَّا
وعيالٌ جَرَبَّةٌ يأْكُلُون أَكلاً شديداً ولا يَنْفَعُون والجَرَبَّةُ والجَرَنْبة الكَثيرُ يقال عليه عِيالٌ جَرَبَّةٌ مثَّل به سيبويه وفسره السِّيرافي وإِنما قالوا جَرَنْبة كَراهِية التَّضعِيف والجِرْبِياءُ [ ص 263 ] على فِعْلِياء بالكسر والمَدّ الرِّيحُ التي تَهُبُّ بين الجَنُوبِ والصَّبا وقيل هي الشَّمالُ وإِنما جِرْبياؤُها بَرْدُها والجِرْبِياءُ شَمالٌ بارِدةٌ وقيل هي النَّكْباءُ التي تجري بين الشَّمال والدَّبُور وهي ريح تَقْشَعُ السحاب قال ابن أَحمر
بِهَجْلٍ من قَساً ذَفِرِ الخُزامى ... تَهادَى الجِرْبِياءُ به الحَنِينا
ورماه بالجَرِيب أَي الحَصَى الذي فيه التراب قال وأُراه مشتقاً من الجِرْبِياءِ وقيل لابنة الخُسِّ ما أَشدُّ البَرْدِ ؟ فقالت شَمالٌ جِرْبياءُ تحتَ غِبِّ سَماءٍ والأَجْرَبانِ بَطْنانِ من العرب
والأَجْربانِ بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانَ قال العباسُ بن مِرْداسٍ
وفي عِضادَتِه اليُمْنَى بَنُو أسَدٍ ... والأَجْرَبانِ بَنُو عَبْسٍ وذُبْيانِ
قال ابن بري صوابه وذُبيانُ بالرفع معطوف على قوله بنو عبس والقصيدة كلها مرفوعة ومنها
إِنّي إِخالُ رَسُولَ اللّهِ صَبَّحَكُم ... جَيْشاً له في فَضاءِ الأَرضِ أَرْكانُ
فيهم أَخُوكُمْ سُلَيمٌ ليس تارِكَكُم ... والمُسْلِمُون عِبادُ اللّهِ غسَّانُ
والأَجارِبُ حَيٌّ من بني سَعْدٍ والجَريبُ موضع بنَجْدٍ وجُرَيْبةُ بن الأَشْيَمِ من شُعرائهم وجُرابٌ بضم الجيم وتخفيف الراءِ اسم ماء معروف بمكة وقيل بئر قديمة كانت بمكة شرَّفها اللّه تعالى وأَجْرَبُ موضع والجَوْرَبُ لِفافةُ الرِّجْل مُعَرَّب وهو بالفارسية كَوْرَبٌ والجمع جَواربةٌ زادوا الهاءَ لمكان العجمة ونظيره من العربية القَشاعِمة وقد قالوا الجَوارِب كما قالوا في جمع الكَيْلَجِ الكَيالِج ونظيره من العربية الكَواكب واستعمل ابن السكيت منه فعْلاً فقال يصف مقتنص الظباء وقد تَجَوْرَبَ جَوْرَبَيْنِ يعني لبسهما وجَوْرَبْته فتَجَوْرَبَ أَي أَلْبَسْتُه الجَوْرَبَ فَلَبِسَه والجَريبُ وادٍ معروفٌ في بلاد قَيْسٍ وَحَرَّةُ النارِ بحِذائه وفي حديث الحوض عَرْضُ ما بينَ جَنْبَيْه كما بينَ جَرْبى ( 1 )
( 1 قوله « جربى » بالقصر قال ياقوت في معجمه وقد يمد ) وأَذْرُح هما قريتان بالشام بينهما مسيرة ثلاث ليال وكتَب لهما النبي صلى اللّه عليه وسلم أَماناً فأَما جَرْبةُ بالهاءِ فقرية بالمَغْرب لها ذكر في حديث رُوَيْفِع ابن ثابت رضي اللّه عنه قال عبداللّه بن مكرم رُوَيْفِعُ بن ثابت هذا هو جَدُّنا الأَعلى من الأَنصار كما رأَيته بخط جدّي نَجِيبِ الدِّين ( 2 )
( 2 قوله « بخط جدي إلخ » لم نقف على خط المؤلف ولا على خط جدّه والذي وقفنا عليه من النسخ هو ما ترى ) والدِ المُكَرَّم أَبي الحسن علي بن أَحمد بن أَبي القاسم بن حَبْقةَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جرب الجَرَبُ معروف بَثَرٌ يَعْلُو أَبْدانَ الناسِ والإِبِلِ بن محمد بن منظور بن مُعافى بن خِمِّير بن ريام بن سلطان بن كامل بن قُرة بن كامل بن سِرْحان بن جابر بن رِفاعة بن جابر بن رويفع بن ثابت هذا الذي نُسِب هذا الحديثُ إِليه وقد ذكره أَبو عُمَر بن عبدالبر رحمه اللّه في كتاب الاسْتيعاب في معرفة الصحابة رضي اللّه [ ص 264 ] عنهم فقال رويفع بن ثابت بن سَكَن بن عديّ بن حارثة الأَنصاري من بني مالك بن النجار سكن مصر واخْتَطَّ بها داراً وكان معاوية رضي اللّه عنه قد أَمَّره على طرابُلُس سنة ست وأَربعين فغزا من طرابلس افريقية سنة سبع وأَربعين ودخلها وانصرف من عامه فيقال مات بالشام ويقال مات ببَرْقةَ وقبره بها وروى عنه حَنَش بن عبداللّه الصَّنْعاني وشَيْبانُ بن أُمَيَّة القِتْباني رضي اللّه عنهم أَجمعين قال ونعود إِلى تتِمَّةِ نَسَبِنا من عديّ بن حارثةَ فنقول هو عديُّ بن حارثةَ بن عَمْرو بن زيد مناة بن عديّ بن عمرو بن مالك بن النجار واسم النجار تَيْمُ اللّه قال الزبير كانوا تَيْمَ اللاتِ فسماهم النبي صلى اللّه عليه وسلم تَيْمَ اللّهِ ابن ثَعْلَبَةَ بن عمرو بن الخَزْرج وهو أَخو الأَوْس وإِليهما نسب الأَنصار وأُمهما قَيْلةُ بنت كاهِل بن عُذْرةَ بن سعيد بن زيدِ بن لَيْث بن سُود بن أَسْلَمِ بنِ الحافِ بن قُضاعةَ ونعود إِلى بقية النسب المبارك الخَزْرَجُ بن حارثةَ ابن ثَعْلَبَة البُهْلُول بن عَمرو مُزَيْقِياء بن عامرٍ ماءِ السماءِ بن حارثةَ الغِطْريف بن امرئِ القَيْسِ البِطْريق بن ثَعْلبة العَنقاءِ بن مازِنٍ زادِ الرَّكْب وهو جِماعُ غَسَّانَ بن الأَزْدِ وهو دُرُّ بن الغَوْث بن نَبْتِ بن مالك بن زَيْدِ بن كَهْلانَ بن سبَأ واسمه عامرُ بن يَشْجُبَ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ واسمه يَقْطُن وإِليه تُنسب اليمن ومن ههنا اختلف النسابون فالذي ذكره ابن الكلبي أَنه قحطان بن الهميسع بن تيمن بن نَبْت ابن اسمعيل بن إِبراهيم الخليل ( 1 )
( 1 قوله « فالذي ذكره إلخ » كذا في النسخ وبمراجعة بداية القدماء وكامل ابن الأثير وغيرهما من كتب التاريخ تعلم الصواب ) عليه الصلاة والسلام قال ابن حزم وهذه النسبة الحقيقية لأَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال لقوم من خُزاعةَ وقيل من الأَنصار ورآهم يَنْتَضِلُون ارْمُوا بَنِي اسمعيل فإِن أَباكم كان رامياً وابراهيمُ صلوات اللّه عليه هو ابراهيمُ بن آزَرَ بن ناحور بن سارُوغ بن القاسم الذي قسم الأَرض بين أَهلها ابن عابَرَ بن شالحَ ابن أَرْفَخْشَذ ابن سام بن نوح عليه الصلاة والسلام ابن ملكان بن مثوب بن إِدريس عليه السلام ابن الرائد بن مهلاييل بن قينان بن الطاهر ابن هبة اللّه وهو شيث بن آدم على نبينا وعليه الصلاة والسلام

( جرجب ) الجُرْجُبُّ والجُرْجُبانُ الجَوْفُ يقال ملأ جَرَاجِبَه وجَرْجَبَ الطعامَ وجَرْجَمه أَكله الأَخيرة على البدل والجَراجِبُ العِظامُ من الإِبل قال الشاعر يَدْعُو جَراجِيبَ مُصَوَّياتِ وبَكَراتٍ كالمُعَنَّساتِ لَقِحْنَ للقِنْيةِ شاتِياتِ

( جردب ) جَرْدَب على الطعام وضع يده عليه يكون بينَ يَدَيْه على الخِوانِ لئلا يَتَناوَلَه غيره وقال يعقوب جَرْدَبَ في الطعام وجَرْدَمَ وهو أَن يَسْتُر ما بين يدَيْه من الطعام بِشماله لئلا يَتناولَه غيرُه ورجل جَرْدَبانُ وجُرْدُبانُ مُجَرْدِبٌ وكذلك اليَدُ قال
إِذا ما كنتَ في قوم شَهاوَى ... فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ جَرْدَبانا
[ ص 265 ] وقال بعضهم جُرْدُبانا وقيل جَرْدَبانُ بالدال المهملة أَصله كَرْدَهْ بانْ أَي حافِظُ الرَّغِيفِ وهو الذي يَضَعُ شِمالَه على شيءٍ يكون على الخِوان كي لا يَتناولَه غيرُه وقال ابن الأَعرابي الجَرْدَبانُ الذي يأْكل بيمينه ويمنع بشماله قال وهو معنى قول الشاعر
وكنتَ إِذا أَنْعَمْتَ في الناسِ نِعْمةً ... سَطَوْتَ عليها قابضاً بشِمالِكا
وجَرْدَبَ على الطعام أَكلَه شمر هو يُجَرْدِبُ ويُجَرْدِمُ ما في الإِناءِ أَي يأْكله ويُفْنِيه وقال الغَنَوِيُّ فلا تَجْعَلْ شِمالَكَ جَرْدَبِيلا قال معناه أَن يأْخذ الكِسرة بيده اليُسرى ويأْكل بيده اليمنى فإِذا فَنِيَ ما بين أَيدي القوم أَكَلَ ما في يده اليسرى ويقال رجُل جَرْدَبِيلٌ إِذا فعَل ذلك ابن الأَعرابي الجِرْدابُ وسَطُ البحر

( جرسب ) الأَصمعي الجَرْسَبُ الطويل

( جرشب ) جَرْشَبَتِ المرأَةُ بلغت أَربعين أَو خمسين إِلى أَن تموت
وامرأَة جَرْشَبِيَّةٌ قال
إِنَّ غُلاماً غَرَّه جَرْشَبِيَّةٌ ... على بُضْعِها مِنْ نَفْسِه لَضَعِيفُ
مُطَلَّقةً أَو ماتَ عنها حَلِيلُها ... يَظَلُّ لِنابَيْها عليه صَريفُ
ابن شميل جَرْشَبَتِ المرأَةُ إِذا ولَّتْ وهَرِمَتْ وامرأَةٌ جَرْشَبِيَّةٌ وجَرْشَبَ الرجل هُزِلَ أَو مَرِضَ ثم انْدَمَلَ وكذلك جَرْشَمَ ابن الأَعرابي الجُرْشُبُ القصيرُ السمينُ

( جرعب ) الجَرْعَبُ الجافي والجَرْعَبِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « والجرعبيب » كذا ضبط في المحكم ) الغَلِيظُ وداهيةٌ جَرْعَبِيبٌ شَدِيدةٌ الأَزهري اجْرَعَنَّ وارْجَعَنَّ واجْرَعَبَّ واجْلَعَبَّ إِذا صُرِعَ وامْتَدَّ على وجه الأَرض

( جزب ) الجِزْبُ النَّصيبُ من المال والجمع أَجْزابٌ ابن المستنير الجِزْبُ والجِزْمُ النَّصِيبُ قال والجُزْبُ العَبِيدُ وبنو جُزَيْبةَ مأْخوذ من الجُزْبِ وأَنشد
ودُودانُ أَجْلَتْ عن أَبانَيْنِ والحِمَى ... فِراراً وقد كُنَّا اتَّخَذْناهُمُ جُزْبا
ابن الأَعرابي المِجْزَب الحَسَنُ السَّبْر ( 2 )
( 2 قوله « السبر » ضبط في التكملة بفتح السين وكسرها ) الطَّاهِرُه

( جسرب ) الجَسْرَبُ الطويلُ

( جشب ) جَشَبَ الطعامَ طَحَنه جَريشاً وطَعامٌ جَشِبٌ ومَجْشُوبٌ أَي غليظ خَشِنٌ بَيِّنُ الجُشُوبةِ إِذا أُسِيءَ طَحْنُه حتى يَصير مُفَلَّقاً وقيل هو الذي لا أُدْمَ له وقد جَشُبَ جَشابةً ويقال للطعام جَشْبٌ وجَشِبٌ وجَشِيبٌ وطَعامٌ مَجْشُوبٌ وقد جَشَبْتُه وأَنشد ابن الأَعرابي لا يَأْكُلُونَ زادَهُمْ مَجْشُوبا الجوهري ولو قيل اجْشَوْشِبُوا كما قيل اخْشَوْشِبُوا بالخاء لم يبعد إِلا أَني لم أَسمعه بالجيم وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم كان يأْكل الجَشِبَ هو [ ص 266 ] الغَلِيظُ الخَشِنُ من الطَّعامِ وقيل غيرُ المأْدوم وكلُّ بَشِعِ الطَّعْم فهو جَشِبٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كان يأْتينا بطعام جَشِبٍ وفي حديث صلاة الجماعة لو وَجَد عَرْقاً سَمِيناً أَو مِرْماتَيْنِ جَشِبَتَيْنِ أَو خَشِبَتَيْنِ لأَجاب قال ابن الأَثير هكذا ذكره بعض المتأَخرين في حرف الجيم لو دُعِيَ إِلى مِرْماتَيْنِ جَشِبَتَيْنِ أَو خَشِبَتَيْنِ لأَجاب وقال الجَشِبُ الغليظ والخَشِبُ اليابس من الخَشَبِ والمِرْماةُ ظِلْفُ الشاةِ لأَنه يُرْمى به انتهى كلامه قال ابن الأَثير والذي قرأْناه وسمعناه وهو المُتداوَل بين أَهل الحديث مِرْماتَين حَسَنَتَيْن من الحُسْنِ والجَوْدة لأَنه عطفهما على العَرْقِ السَّمِين قال وقد فسره أَبو عبيدة ومَنْ بعده من العلماء ولم يتعرّضوا إِلى تفسير الجَشِب أَو الخَشِب في هذا الحديث قال وقد حكيت ما رأَيت والعُهدة عليه والجَشِيبُ البَشِعُ من كلِّ شيءٍ والجَشِيبُ من الثياب الغليظ ورجلٌ جَشِيبٌ سَيِّئُ المَأْكلِ وقد جَشُبَ جُشُوبةً شمر رَجُلٌ مُجَشَّبٌ خَشِنُ المَعيشةِ قال رؤبة ومن صُباحٍ رامِياً مُجَشَّبا وجَشِبُ المَرْعى يابِسُه وجَشَبَ الشيءُ يَجْشُبُ غَلُظَ والجَشْبُ والمِجْشابُ الغليظُ الأُولى عن كراع وسيأْتي ذكر الجَشَنِ في النون التهذيب المِجْشابُ البَدَنُ الغَلِيظُ قال أَبو زُبَيْد الطائي
قِرابَ حِضْنِك لا بِكْرٌ ولا نَصَفٌ ... تُولِيكَ كَشْحاً لَطيفاً ليس مِجْشابا
قال ابن بري وقِرابَ منصوب بفعل في بيت قبله
نِعْمَتْ بِطانةُ يَوْمِ الدَّجْنِ تَجْعَلُها ... دُونَ الثِّيابِ وقد سَرَّيْتَ أَثْوابا
أَي تَجْعَلُها كبِطانةِ الثوب في يوم بارِدٍ ذي دَجْنٍ والدَّجْنُ إِلباسُ الغَيْمِ السَّماء عند المَطر ورُبما لم يكن معه مطر وسَرَّيْتُ الثوب عني نَزَعْتُه والحِضْنُ شِقُّ البَطْنِ والكَشْحانِ الخاصِرتانِ وهما ناحِيتا البطن وقِرابَ حِضْنِكَ مفعول ثان بتَجْعَلُها
ابن السكيت جَمَلٌ جَشِبٌ ضَخْمٌ شَدِيدٌ وأَنشد
بِجَشِبٍ أَتْلَعَ في إِصْغائِه
ابن الأَعرابي المِجْشَبُ الضَّخْمُ الشجاع وقول رؤبة
ومَنْهَلٍ أَقْفَرَ مِنْ أَلْقائه ... ورَدْتُه واللَّيْلُ في أَغْشائِه
بجشب أَتلع في إِصغائه ... جاءَ وقد زادَ على أَظْمائِه
يُجاوِرُ الحَوْضَ إِلى إِزائِه ... رَشْفاً بِمَخْضُوبَينِ مِنْ صَفْرائِه
وقَدْ شَفَتْه وَحْدَها مِنْ دائِه ... منْ طائِف الجَهْلِ ومِنْ نُزائِه
الأَلْقاء الأَنِيسُ يُجاوِرُ الحوضَ إِلى إِزائه أَي يستقبل الدلو حين يُصَبُّ في الحَوْضِ من عَطشه ومَخْضُوباه مِشْفراه وقد اخْتَضَبا بالدم من بُرَته وقد شَفَتْه يعني البُرة أَي ذَلَّلَتْه وسَكَّنَتْه ونَدًى [ ص 267 ] جَشَّابٌ لا يَزالُ يَقَعُ على البَقْل قال رؤبة رَوْضاً بِجَشّابِ النَّدى مَأْدُوما وكلامٌ جَشِيبٌ جافٍ خَشِنٌ قال
لها مَنْطِقٌ لا هِذْرِيانٌ طَما به ... سَفاهٌ ولا بادِي الجَفاءِ جَشِيبُ
وسِقاءٌ جَشِيبٌ غَلِيظٌ خَلَقٌ ومَرةٌ جَشُوبٌ خَشِنَةٌ وقيل قَصيرةٌ أَنشد ثعلب
كواحِدةِ الأُدْحيِّ لا مُشْمَعِلَّةٌ ... ولا جَحْنةٌ تحت الثِّيابِ جَشُوبُ
والجُشْبُ قُشورُ الرّمان يمانية وبَنُو جَشِيبٍ بَطْنٌ

( جعب ) الجَعْبةُ كِنانةُ النُّشَّابِ والجمع جِعابٌ وفي الحديث فانْتَزَعَ طَلَقاً من جَعْبَتِه وهو متكرر في الحديث وقال ابن شمَيل الجَعْبَةُ المُسْتَدِيرةُ الواسِعةُ التي على فمها طَبَقٌ من فَوْقِها قال والوَفْضَةُ أَصغر منها وأَعلاها وأَسْفَلُها مُسْتَوٍ وأَما الجَعْبةُ ففي أَعلاها اتِّساعٌ وفي أَسفلها تَبْنِيقٌ ويُفَرَّجُ أَعْلاها لئلا يَنْتَكِثَ رِيشُ السِّهام لأَنها تُكَبُّ في الجَعْبةِ كَبّاً فظُباتُها في أَسْفَلِها ويُفَلْطَح أَعْلاها مِن قِبَل الريش وكلاهما من شَقِيقَتَيْن من خَشَبٍ والجَعَّابُ صانِعُ الجِعابِ وجَعَّبَها صَنَعَها والجِعابةُ صِناعَتُه والجَعابِيبُ القِصارُ من الرجال والجُعْبُوب القَصِيرُ الدمِيمُ وقيل هو النَّذْلُ وقيل هو الدَّنِيءُ من الرجال وقيل هو الضَّعِيفُ الذي لا خَيْر فيه ويقال للرجل إِذا كان قَصيراً دَمِيماً جُعْبُوبٌ ودُعْبُوبٌ وجُعْسوسٌ والجَعْبةُ الكَثِيبةُ من البَعَر والجُعَبَى ضَرْبٌ من النمل ( 1 )
( 1 قوله « والجعبى ضرب إلخ » هذا ضبط المحكم ) قال الليث هو نمل أَحمر والجمع جُعَبَياتٌ والجِعِبَّاءُ والجِعِبَّى والجِعْباءة والجَعْواءُ والناطِقةُ الخَرْساء الدُّبر ونحو ذلك وضربه فجَعَبَهُ جَعْباً وجَعَفَه إِذا ضَرَبَ به الأَرضَ ويُثَقَّلُ فيقال جَعَّبه تَجْعيباً وجَعْبأَه إِذا صَرَعَه وتَجَعَّبَ وتَجَعْبَى وانْجَعَب وجَعَبْتُه أَي صَرَعْتُه مثل جَعَفْتُه ورُبما قالوا جَعْبَيْتُه جِعْباءً فتَجَعْبَى يزيدون فيه الياء كما قالوا سَلْقَيْتُه مِن سَلَقَه وجَعَبَ الشيءَ جَعْباً قَلَبه وجَعَبَه جَعْباً جَمعه وأَكثره في الشيءِ اليسير والمِجْعَبُ الصِّرِّيعُ من الرجال يَصْرَعُ ولا يُصْرَعُ وفي النوادر جَيْشٌ يَتَجَعْبَى ويَتَجَرْبى ويَتَقَبْقَبُ ويَتَهَبْهَبُ ويَتَدرْبَى يركب بعضُه بعضاً والمُتَجَعِّبُ الميِّتُ

( جعدب ) الجُعْدُبةُ الحَجاةُ والحَبابةُ وفي حديث عَمْرو أَنه قال لمعاوية رضي اللّه عنهما لقد رأَيتُكَ بالعراقِ وإِنّ أَمْرَكَ كحُقِّ الكَهُولِ أَو كالجُعْدُبةِ أَو كالكُعْدُبةِ الجُعْدُبةُ والكُعْدُبةُ النُّفّاخاتُ [ ص 268 ] التي تكون من ماء المطر والكَهُولُ العَنْكَبوتُ وحُقُّها بَيْتُها وقيل الكُعْدُبةُ والجُعْدُبةُ بيتُ العنكبوت وأَثبت الأَزهري القولين معاً والجُعْدُبَةُ من الشيءِ المُجْتَمِعُ منه عن ثعلب وجُعْدُبٌ وجُعْدُبةُ اسمان الأَزهري وجُعْدبةُ اسمُ رجل من أَهل المدينة

( جعنب ) الجَعْنبةُ ( 1 )
( 1 قوله « الجعنبة إلخ » لم نظفر به في المحكم ولا التهذيب وقال في شرح القاموس هو تصحيف الجعثبة بالمثلثة قال وجعنب تصحيف جعثب بها أَيضاً ) الحِرْصُ على الشيءِ وجُعْنُبٌ اسم

( جغب ) رجل شَغِبٌ جَغِبٌ إِتباع لا يُتكلم به مفرداً وفي التهذيب رجل جَغِبٌ شَغِبٌ

( جلب ) الجَلْبُ سَوْقُ الشيء من موضع إِلى آخَر جَلَبَه يَجْلِبُه ويَجْلُبه جَلْباً وجَلَباً واجْتَلَبَه وجَلَبْتُ الشيءَ إِلى نفْسِي واجْتَلَبْتُه بمعنى وقولُه أَنشده ابن الأعرابي يا أَيها الزاعِمُ أَنِّي أَجْتَلِبْ فسره فقال معناه أَجْتَلِبُ شِعْري من غيري أَي أَسُوقه وأَسْتَمِدُّه ويُقَوِّي ذلك قول جرير
أَلَمْ تَعْلَمْ مُسَرَّحِيَ القَوافِي ... فَلا عِيّاً بِهِنَّ ولا اجْتِلابا
أَي لا أَعْيا بالقَوافِي ولا اجْتَلِبُهنَّ مِمَّن سواي بل أَنا غَنِيٌّ بما لديَّ منها وقد انْجَلَب الشيءُ واسْتَجْلَب الشيءَ طلَب أَن يُجْلَبَ إِليه والجَلَبُ والأَجْلابُ الذين يَجْلُبُون الإِبلَ والغَنم للبيع والجَلَبُ ما جُلِبَ مِن خَيْل وإِبل ومَتاعٍ وفي المثل النُّفاضُ يُقَطِّرُ الجَلَبَ أَي انه إِذا أَنْفَضَ القومُ أَي نَفِدَتْ أَزْوادُهم قَطَّرُوا إِبلَهم للبيع والجمع أَجْلابٌ الليث الجَلَبُ ما جَلَبَ القومُ من غَنَم أَو سَبْي والفعل يَجْلُبون ويقال جَلَبْتُ الشيءَ جَلَباً والمَجْلوبُ أَيضاً جَلَبٌ والجَلِيبُ الذي يُجْلَبُ من بَلد إِلى غيره وعَبْدٌ جَلِيبٌ والجمع جَلْبَى وجُلَباء كما قالوا قَتْلَى وقُتَلاء وقال اللحياني امرأَةٌ جَلِيبٌ في نسوة جَلْبَى وجَلائِبَ والجَلِيبةُ والجَلُوبة ما جُلِبَ قال قيْس بن الخَطِيم
فَلَيْتَ سُوَيْداً رَاءَ مَنْ فَرَّ مِنْهُمُ ... ومَنْ خَرَّ إِذْ يَحْدُونَهم كالجَلائِبِ
ويروى إِذ نَحْدُو بهم والجَلُوبةُ ما يُجْلَب للبيع نحو الناب والفَحْل والقَلُوص فأَما كِرامُ الإِبل الفُحولةُ التي تُنْتَسَل فليست من الجلُوبة ويقال لصاحِب الإِبل هَلْ لك في إِبلِكَ جَلُوبةٌ ؟ يعني شيئاً جَلَبْتَه للبيع وفي حديث سالم قَدِمَ أَعرابيٌّ بجَلُوبةٍ فَنَزلَ على طلحةَ فقال طلحةُ نَهى رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَن يَبِيعَ حاضِرٌ لِبادٍ قال الجَلُوبة بالفتح ما يُجْلَبُ للبَيْع من كل شيءٍ والجمعُ الجَلائِبُ وقيل الجَلائبُ الإِبل التي تُجْلَبُ إِلى الرَّجل النازِل على الماءِ ليس له ما يَحْتَمِلُ عليه فيَحْمِلُونه عليها قال والمراد في الحديث الأَوّلُ كأَنه أَراد أَن يَبيعها له طلحةُ قال ابن الأَثير هكذا جاء في كتاب أَبي [ ص 269 ] موسى في حرف الجيم قال والذي قرأْناه في سنن أَبي داود بحَلُوبةٍ وهي الناقةُ التي تُحْلَبُ والجَلُوبةُ الإِبل يُحْمَلُ عليها مَتاعُ القوم الواحد والجَمْع فيه سَواءٌ وجَلُوبة الإِبل ذُكُورها وأَجْلَبَ الرجلُ إِذا نُتِجَتْ ناقتُه سَقْباً وأَجْلَبَ الرجلُ نُتِجَت إِبلُه ذُكُوراً لأَنه تُجْلَبُ أَولادُها فَتُباعُ وأَحْلَبَ بالحاءِ إِذا نُتِجت إِبلُه إِناثاً يقال للمُنْتِجِ أَأَجْلَبْتَ أَم أَحْلَبْتَ ؟ أَي أَوَلَدَتْ إِبلُكَ جَلُوبةً أَم وَلَدَتْ حَلُوبةً وهي الإِناثُ ويَدْعُو الرجلُ على صاحبه فيقول أَجْلَبْتَ ولا أَحْلَبْتَ أَي كان نِتاجُ إِبلِك ذُكوراً لا إِناثاً ليَذْهَبَ لبنُه وجَلَبَ لأَهلِه يَجْلُبُ وأَجْلَبَ كَسَبَ وطَلَبَ واحْتالَ عن اللحياني والجَلَبُ والجَلَبةُ الأَصوات وقيل هو اختِلاطُ الصَّوْتِ وقد جَلَبَ القومُ يَجْلِبُون ويَجْلُبُون وأَجْلَبُوا وجَلَّبُوا والجَلَبُ الجَلَبةُ في جَماعة الناس والفعْلُ أَجْلَبُوا وجَلَّبُوا من الصِّيَاحِ وفي حديث الزُّبير أَنَّ أُمَّه صَفِيَّة قالت أَضْرِبُه كي يَلَبَّ ويَقُودَ الجَيشَ ذا الجَلَبِ هو جمع جَلَبة وهي الأَصوات ابن السكيت يقال هم يُجْلِبُون عليه ويُحْلِبُون عليه بمعنىً واحد أَي يُعِينُون عليه وفي حديث علي رضي اللّه تعالى عنه أَراد أَن يُغالِط بما أَجْلَبَ فيه يقال أَجْلَبُوا عليه إِذا تَجَمَّعُوا وتأَلَّبوا وأَجْلَبَه أَعانَه وأَجْلَبَ عليه إِذا صاحَ به واسْتَحَثَّه وجَلَّبَ على الفَرَس وأَجْلَبَ وجَلَبَ يَجْلُب جَلْباً قليلة زَجَرَه وقيل هو إِذا رَكِب فَرساً وقادَ خَلْفَه آخَر يَسْتَحِثُّه وذلك في الرِّهان وقيل هو إِذا صاحَ به مِنْ خَلْفِه واسْتَحَثَّه للسَّبْق وقيل هو أَن يُرْكِبَ فَرسَه رجلاً فإِذا قَرُبَ من الغايةِ تَبِعَ فَرَسَه فَجَلَّبَ عليه وصاحَ به ليكون هو السابِقَ وهو ضَرْبٌ من الخَدِيعةِ وفي الحديث لا جَلَبَ ولا جَنَبَ فالجَلَبُ أَن يَتَخَلَّفَ الفَرَسُ في السِّباق فيُحَرَّكَ وراءَه الشيءُ يُسْتَحَثُّ فَيسبِقُ والجَنَبُ أَن يُجْنَبَ مع الفَرَس الذي يُسابَقُ به فَرَسٌ آخَرُ فيُرْسَلَ حتى إِذا دَنا تَحوّلَ راكِبُه على الفرَس المَجْنُوب فأَخَذَ السَّبْقَ وقيل الجَلَبُ أَن يُرْسَلَ في الحَلْبةِ فتَجْتَمِعَ له جماعَةٌ تصِيحُ به لِيُرَدَّ عن وَجْهِه والجَنَبُ أَن يُجْنَبَ فرَسٌ جامٌّ فيُرْسَلَ من دونِ المِيطانِ وهو الموضع الذي تُرْسَلُ فيه الخيل وهو مَرِحٌ والأُخَرُ مَعايا وزعم قوم أَنها في الصَّدقة فالجَنَبُ أَن تأْخُذَ شاءَ هذا ولم تَحِلَّ فيها الصدقةُ فتُجْنِبَها إِلى شاءِ هذا حتى تأْخُذَ منها الصدقةَ وقال أَبو عبيد الجَلَبُ في شيئين يكون في سِباقِ الخَيْلِ وهو أَن يَتْبَعَ الرجلُ فرَسَه فيَزْجُرَه ويُجْلِبَ عليه أَو يَصِيحَ حَثّاً له ففي ذلك مَعونةٌ للفرَس على الجَرْيِ فنَهِيَ عن ذلك والوَجْهُ الآخر في الصَّدَقةِ أَن يَقْدَمَ المُصَدِّقُ على أَهْلِ الزَّكاةِ فَيَنْزِلَ موضعاً ثم يُرْسِلَ إِليهم من يَجْلُب إَِليه الأَموال من أَماكِنها لِيأْخُذَ صَدَقاتِها فنُهِيَ عن ذلك وأُمِرَ أَن يأْخُذَ صَدَقاتِهم مِن أَماكِنِهم وعلى مِياهِهِم وبِأَفْنِيَتِهِمْ وقيل قوله ولا جَلَبَ أَي لا تُجْلَبُ إِلى المِياه ولا إِلى الأَمْصار ولكن يُتَصَدَّقُ بها في مَراعِيها وفي الصحاح والجلَبُ الذي جاءَ النهيُ عنه هو أَن لا يأْتي المُصَّدِّقُ القومَ في مِياهِهم لأَخْذِ الصَّدقاتِ ولكن يَأْمُرُهم بِجَلْب نَعَمِهم إِليه وقوله في حديث [ ص 270 ] العَقَبةِ إِنَّكم تُبايِعون محمداً على أَن تُحارِبُوا العَربَ والعَجَم مُجْلِبةً أَي مجتمعين على الحَرْب قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في بعض الطرق بالباءِ قال والرواية بالياءِ تحتها نقطتان وهو مذكور في موضعه ورَعْدٌ مُجَلِّبٌ مُصَوِّتٌ وغَيْثٌ مُجَلِّبٌ كذلك قال
خَفاهُنَّ مِنْ أَنْفاقهِنَّ كأَنَّما ... خَفاهُنَّ وَدْقٌ مِنْ عَشِيٍّ مُجَلِّبُ
وقول صخر الغي
بِحَيَّةِ قَفْرٍ في وِجارٍ مُقِيمة ... تَنَمَّى بِها سَوْقُ المَنى والجَوالِبِ
أَراد ساقَتْها جَوالبُ القَدَرِ واحدتها جالبةٌ وامرأَةٌ جَلاَّبةٌ ومُجَلِّبةٌ وجلِّبانةٌ وجُلُبَّانةٌ وجِلِبْنانةٌ وجُلُبْنانةٌ وتِكِلاَّبةٌ مُصَوِّتةٌ صَخّابةٌ كثيرة الكلام سيئة الخُلُق صاحِبةُ جَلَبةٍ ومُكالَبةٍ وقيل الجُلُبّانَة من النساء الجافِيةُ الغَلِيظةُ كأَنَّ عليها جُلْبةً أَي قِشْرة غَلِيظة وعامّةُ هذه اللغات عن الفارسي وأَنشد لحُميد بن ثور
جِلِبْنانةٌ وَرْهاءُ تَخْصِي حِمارَها ... بِفي مَنْ بَغَى خَيْراً إِلَيْها الجَلامِدُ
قال وأَما يعقوب فإِنه روى جِلِبَّانةٌ قال ابن جني ليست لام جِلِبَّانةٍ بدلاً من راءِ جِرِبَّانةٍ يدلك على ذلك وجودك لكل واحد منهما أَصْلاً ومُتَصَرَّفاً واشْتِقاقاً صحيحاً فأَمّا جِلِبَّانة فمن الجَلَبةِ والصِّياحِ لأَنها الصَّخَّابة وأَما جِرِبَّانةٌ فمِن جَرَّبَ الأُمورَ وتصَرَّفَ فيها أَلا تراهم قالوا تَخْصِي حِمارَها فإِذا بلغت المرأَة من البِذْلةِ والحُنْكةِ إِلى خِصاءِ عَيْرها فَناهِيكَ بها في التَّجْرِبةِ والدُّرْبةِ وهذا وَفْقُ الصَّخَب والضَّجَر لأَنه ضِدُّ الحيَاء والخَفَر ورَجلٌ جُلُبَّانٌ وجَلَبَّانٌ ذُو جَلَبةٍ وفي الحديث لا تُدْخَلُ مَكّةُ إِلاَّ بجُلْبان السِّلاح جُلْبانُ السِّلاح القِرابُ بما فيه قال شمر كأَنَّ اشتقاق الجُلْبانِ من الجُلْبةِ وهي الجِلْدَة التي تُوضع على القَتَبِ والجِلْدةُ التي تُغَشِّي التَّمِيمةَ لأَنها كالغِشاءِ للقِراب وقال جِرانُ العَوْد
نَظَرتُ وصُحْبَتي بِخُنَيْصِراتٍ ... وجُلْبُ الليلِ يَطْرُدُه النَّهارُ
أَراد بجُلْبِ الليل سَوادَه وروي عن البَراء بن عازب رضي اللّه عنه أَنه قال لَمَّا صالَحَ رَسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم المُشْرِكِين بالحُدَيْبِيةِ صالحَهم على أَن يَدْخُلَ هو وأَصحابُه من قابل ثلاثةَ أَيام ولا يَدْخُلُونها إِلاَّ بِجُلُبَّانِ السِّلاحِ قال فسأَلته ما جُلُبَّانُ السّلاحِ ؟ قال القِرابُ بما فِيه قال أَبو منصور القِرابُ الغِمْدُ الذي يُغْمَدُ فيه السَّيْفُ والجُلُبَّانُ شِبْه الجِرابِ من الأَدَمِ يُوضَعُ فيه السَّيْفُ مَغْمُوداً ويَطْرَحُ فيه الرَّاكِبُ سَوْطَه وأَداتَه ويُعَلِّقُه مِنْ آخِرةِ الكَوْرِ أَو في واسِطَتِه واشْتِقاقُه من الجُلْبة وهي الجِلْدةُ التي تُجْعَلُ على القَتَبِ ورواه القتيبي بضم الجيم واللام وتشديد الباء قال وهو أَوْعِيةُ السلاح بما فيها قال ولا أُراه سُمي به إِلا لجَفائِه ولذلك قيل للمرأَة الغَلِيظة الجافِيةِ جُلُبّانةٌ وفي بعض الروايات ولا يدخلها إِلا بجُلْبانِ السِّلاح السيفِ والقَوْس ونحوهما يريد ما يُحتاجُ إِليه في إِظهاره والقِتال به إِلى [ ص 271 ] مُعاناة لا كالرِّماح لأَنها مُظْهَرة يمكن تعجيل الأَذى بها وإِنما اشترطوا ذلك ليكون عَلَماً وأَمارةً للسِّلْم إِذ كان دُخولُهم صُلْحاً وجَلَبَ الدَّمُ وأَجْلَبَ يَبِسَ عن ابن الأَعرابي والجُلْبةُ القِشْرةُ التي تَعْلُو الجُرْحَ عند البُرْءِ وقد جَلَبَ يَجْلِبُ ويَجْلُبُ وأَجْلَبَ الجُرْحُ مثله الأَصمعي إِذا عَلَتِ القَرْحةَ جِلْدةُ البُرْءِ قيل جَلَبَ وقال الليث قَرْحةٌ مُجْلِبةٌ وجالِبةٌ وقُروحٌ جَوالِبُ وجُلَّبٌ وأَنشد
عافاكَ رَبِّي مِنْ قُرُوحٍ جُلَّبِ ... بَعْدَ نُتُوضِ الجِلْدِ والتَّقَوُّبِ
وما في السَّماءِ جُلْبةٌ أَي غَيْمٌ يُطَبِّقُها عن ابن الأَعرابي وأَنشد
إِذا ما السَّماءُ لَمْ تَكُنْ غَيْرَ جُلْبةٍ ... كجِلْدةِ بَيْتِ العَنْكَبُوتِ تُنِيرُها
تُنِيرُها أَي كأَنَّها تَنْسِجُها بِنِيرٍ والجُلْبةُ في الجَبَل حِجارة تَرَاكَمَ بَعْضُها على بَعْض فلم يكن فِيه طَرِيقٌ تأْخذ فيه الدَّوابُّ والجُلْبةُ من الكَلإِ قِطْعةٌ متَفَرِّقةٌ ليست بِمُتَّصِلةٍ والجُلْبةُ العِضاهُ إِذا اخْضَرَّتْ وغَلُظَ عُودُها وصَلُبَ شَوْكُها والجُلْبةُ السَّنةُ الشَّديدةُ وقيل الجُلْبة مثل الكُلْبةِ شَدَّةُ الزَّمان يقال أَصابَتْنا جُلْبةُ الزَّمانِ وكُلْبةُ الزمان قال أَوْسُ بن مَغْراء التَّمِيمي
لا يَسْمَحُون إِذا ما جُلْبةٌ أَزَمَتْ ... ولَيْسَ جارُهُمُ فِيها بِمُخْتارِ
والجُلْبةُ شِدّة الجُوعِ وقيل الجُلْبةُ الشِّدّةُ والجَهْدُ والجُوعُ قال مالك بن عويمر بن عثمان بن حُنَيْش الهذلي وهو المتنخل ويروى لأَبي ذؤيب والصحيح الأَوّل
كأَنَّما بَيْنَ لَحْيَيْهِ ولَبَّتهِ ... مِنْ جُلْبةِ الجُوعِ جَيَّارٌ وإِرْزِيزُ
والإِرْزِيزُ الطَّعْنة والجَيَّارُ حُرْقةٌ في الجَوْفِ وقال ابن بري الجَيَّارُ حَرارةٌ مَن غَيْظٍ تكون في الصَّدْرِ والإِرْزِيزُ الرِّعْدةُ والجوالِبُ الآفاتُ والشّدائدُ والجُلْبة حَدِيدة تكون في الرَّحْل وقيل هو ما يُؤْسر به سِوى صُفَّتِه وأَنْساعِه والجُلْبةُ جِلْدةٌ تُجْعَلُ على القَتَبِ وقد أَجْلَبَ قَتَبَه غَشَّاه بالجُلْبةِ وقيل هو أَن يَجْعَل عليه جِلْدةً رَطْبةً فَطِيراً ثم يَتْرُكها عليه حتى تَيْبَسَ التهذيب الإِجْلابُ أَن تأْخذ قِطْعةَ قِدٍّ فتُلْبِسَها رأْسَ القَتَب فَتَيْبَس عليه وهي الجُلْبةُ قال النابغة الجَعْدِي
أُّمِرَّ ونُحِّيَ مِنْ صُلْبِه ... كتَنْحِيةِ القَتَبِ المُجْلَبِ
والجُلْبةُ حديدةٌ صغيرة يُرْقَعُ بها القَدَحُ والجُلْبةُ العُوذة تُخْرَز عليها جِلْدةٌ وجمعها الجُلَبُ وقال علقمة يصف فرساً
بغَوْجٍ لَبانُه يُتَمُّ بَرِيمُه ... على نَفْثِ راقٍ خَشْيةَ العَيْنِ مُجْلَبِ ( 1 )
( 1 قوله « مجلب » قال في التكملة ومن فتح اللام أراد أن على العوذة جلدة )
يُتَمُّ بَرِيمُه أَي يُطالُ إِطالةً لسَعةِ صدرِه
والمُجْلِبُ الذي يَجْعَل العُوذةَ في جِلْدٍ ثم تُخاطُ [ ص 272 ] على الفَرَس والغَوْجُ الواسِعُ جِلْد الصَّدرِ والبَرِيمُ خَيْطٌ يُعْقَدُ عليه عُوذةٌ وجُلْبةُ السِّكِّينِ التي تَضُمُّ النِّصابَ على الحديدة والجِلْبُ والجُلْبُ الرَّحْلُ بما فيه وقيل خَشَبُه بلا أَنْساعٍ ولا أَداةٍ وقال ثعلب جِلْبُ الرَّحْلِ غِطاؤُه وجِلْبُ الرَّحْلِ وجُلْبُه عِيدانُه قال العجاج وشَبَّه بَعِيره بثَوْر وحْشِيٍّ رائحٍ وقد أَصابَه المَطَرُ
عالَيْتُ أَنْساعِي وجِلْبَ الكُورِ ... على سَراةِ رائحٍ مَمْطُورِ
قال ابن بري والمشهور في رجزه بَلْ خِلْتُ أعْلاقِي وجِلْبَ كُورِي وأَعْلاقِي جمع عِلْقٍ والعِلْقُ النَّفِيسُ من كل شيءٍ والأَنْساعُ الحِبال واحدها نِسْعٌ والسَّراةُ الظّهر وأَراد بالرائح الممطور الثور الوَحْشِيّ وجِلْبُ الرَّحْلِ وجُلْبُه أَحْناؤُه والتَّجْلِيبُ أَن تُؤْخَذ صُوفة فتُلْقَى على خِلْفِ الناقة ثم تُطْلَى بطِين أَو عجين لئلا يَنْهَزَها الفَصِيلُ يقال جَلِّبْ ضَرْعَ حَلُوبَتك ويقال جَلَّبْته عن كذا وكذا تَجْلِيباً أَي مَنَعْتُه
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جلب الجَلْبُ سَوْقُ الشيء من موضع إِلى آخَر ويقال إِنه لفي جُلْبةِ صِدْق أَي في بُقْعة صدْق وهي الجُلَبُ والجَلْبُ الجنايةُ على الإِنسان وكذلك الأَجْلُ وقد جَلَبَ عليه وجَنَى عليه وأَجَلَ والتَّجَلُّب التِماسُ المَرْعَى ما كان رَطْباً من الكَلإِ رواه بالجيم كأَنه معنى احنائه ( 1 )
( 1 قوله « كأنه معنى احنائه » كذا في النسخ ولم نعثر عليه )
والجِلْبُ والجُلْبُ السَّحابُ الذي لا ماء فيه وقيل سَحابٌ رَقِيقٌ لا ماءَ فيه وقيل هو السَّحابُ المُعْتَرِضُ تَراه كأَنه جَبَلٌ قال تَأَبَّطَ شَرًّا
ولَسْتُ بِجِلْبٍ جِلْبِ لَيْلٍ وقِرَّةٍ ... ولا بِصَفاً صَلْدٍ عن الخَيْرِ مَعْزِلِ
يقول لست برجل لا نَفْعَ فيه ومع ذلك فيه أَذًى كالسَّحاب الذي فيه رِيحٌ وقِرٌّ ولا مطر فيه والجمع أَجْلابٌ وأَجْلَبَه أَي أَعانَه وأَجْلَبُوا عليه إِذا تَجَمَّعُوا وتَأَلَّبُوا مثل أَحْلَبُوا قال الكميت
على تِلْكَ إِجْرِيَّايَ وهي ضَرِيبَتِي ... ولو أَجْلَبُوا طُرًّا عليَّ وأَحْلَبُوا
وأَجْلَبَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ إِذا تَوَعَّدَه بِشَرٍّ وجَمَعَ الجَمْعَ عليه وكذلك جَلَبَ يَجْلُبُ جَلْباً وفي التنزيل العزيز وأَجْلِبْ عليهم بخَيْلِكَ ورَجْلِكَ أَي اجْمَعْ عليهم وتَوَعَّدْهم بالشر وقد قُرئَ واجْلُبْ والجِلْبابُ القَمِيصُ والجِلْبابُ ثوب أَوسَعُ من الخِمار دون الرِّداءِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وصَدْرَها وقيل هو ثوب واسِع دون المِلْحَفةِ تَلْبَسه المرأَةُ وقيل هو المِلْحفةُ قالت جَنُوبُ أُختُ عَمْرٍو ذي الكَلْب تَرْثِيه
تَمْشِي النُّسورُ إليه وهي لاهِيةٌ ... مَشْيَ العَذارَى عليهنَّ الجَلابِيبُ
[ ص 273 ] معنى قوله وهي لاهيةٌ أَن النُّسور آمِنةٌ منه لا تَفْرَقُه لكونه مَيِّتاً فهي تَمْشِي إِليه مَشْيَ العذارَى وأَوّل المرثية
كلُّ امرئٍ بطُوالِ العَيْش مَكْذُوبُ ... وكُلُّ من غالَبَ الأَيَّامَ مَغْلُوبُ
وقيل هو ما تُغَطِّي به المرأَةُ الثيابَ من فَوقُ كالمِلْحَفةِ وقيل هو الخِمارُ وفي حديث أُم عطيةَ لِتُلْبِسْها صاحِبَتُها من جِلْبابِها أَي إِزارها وقد تجَلْبَب قال يصِفُ الشَّيْب
حتى اكْتَسَى الرأْسُ قِناعاً أَشْهَبا ... أَكْرَهَ جِلْبابٍ لِمَنْ تجَلْبَبا ( 1 )
( 1 قوله « أشهبا » كذا في غير نسخة من المحكم والذي تقدّم في ثوب أشيبا وكذلك هو في التكملة هناك )
وفي التنزيل العزيز يُدْنِينَ علَيْهِنَّ من جَلابِيبِهِنَّ قال ابن
السكيت قالت العامرية الجِلْبابُ الخِمارُ وقيل جِلْبابُ المرأَةِ مُلاءَتُها التي تَشْتَمِلُ بها واحدها جِلْبابٌ والجماعة جَلابِيبُ وقد تَجلْبَبَتْ وأَنشد والعَيْشُ داجٍ كَنَفا جِلْبابه وقال آخر مُجَلْبَبٌ من سَوادِ الليلِ جِلْبابا والمصدر الجَلْبَبةُ ولم تُدغم لأَنها مُلْحقةٌ بدَخْرَجةٍ وجَلْبَبَه إِيَّاه قال ابن جني جعل الخليل باءَ جَلْبَب الأُولى كواو جَهْوَر ودَهْوَرَ وجعل يونس الثانية كياءِ سَلْقَيْتُ وجَعْبَيْتُ قال وهذا قَدْرٌ مِن الحِجاجِ مُخْتَصَرٌ ليس بِقاطِعٍ وإِنما فيه الأُنْسُ بالنَّظِير لا القَطْعُ باليَقين ولكن مِن أَحسن ما يقال في ذلك ما كان أَبو عليّ رحمه اللّه يَحْتَجُّ به لكون الثاني هو الزائدَ قولهم اقْعَنْسَسَ واسْحَنْكَكَ قال أَبو علي ووجهُ الدلالة من ذلك أَنّ نون افْعَنْلَلَ بابها إِذا وقعت في ذوات الأَربعة أَن تكون بين أَصْلَينِ نحو احْرَنْجَمَ واخْرَنْطَمَ فاقْعَنْسَسَ ملحق بذلك فيجب أَن يُحْتَذَى به طَريق ما أُلحِقَ بمثاله فلتكن السين الأُولى أَصلاً كما أَنَّ الطاءَ المقابلة لها من اخْرَ نْطَمَ أَصْلٌ وإِذا كانت السين الأُولى من اقعنسسَ أَصلاً كانت الثانية الزائدةَ من غير ارْتياب ولا شُبهة وفي حديث عليّ مَن أَحَبَّنا أَهلَ البيتِ فَلْيُعِدَّ للفَقْرِ جِلْباباً وتِجْفافاً ابن الأَعرابي الجِلْبابُ الإِزارُ قال ومعنى قوله فليُعِدَّ للفَقْر يريد لفَقْرِ الآخِرة ونحوَ ذلك قال أَبو عبيد قال الأَزهريّ معنى قول ابن الأَعرابي الجِلْبابُ الإِزار لم يُرِدْ به إِزارَ الحَقْوِ ولكنه أَراد إِزاراً يُشْتَمَلُ به فيُجَلِّلُ جميعَ الجَسَدِ وكذلك إِزارُ الليلِ وهو الثَّوْبُ السابِغُ الذي يَشْتَمِلُ به النائم فيُغَطِّي جَسَدَه كلَّه وقال ابن الأَثير أَي ليَزْهَدْ في الدنيا وليَصْبِرْ على الفَقْر والقِلَّة والجِلْبابُ أَيضاً الرِّداءُ وقيل هو كالمِقْنَعةِ تُغَطِّي به المرأَةُ رأْسَها وظهرها وصَدْرَها والجمع جَلابِيبُ كنى به عن الصبر لأَنه يَستر الفقر كما يَستر الجِلْبابُ البَدنَ وقيل إِنما كَنى بالجلباب عن اشتماله بالفَقْر أَي فلْيَلْبس إِزارَ الفقرِ ويكون منه على حالة تَعُمُّه وتَشْمَلُه لأَنَّ الغِنى من أَحوال أَهل الدنيا ولا يتهيأُ الجمع بين حُب أَهل الدنيا وحب أَهل البيت والجِلْبابُ المُلْكُ والجِلِبَّابُ مَثَّل به سيبويه ولم يفسره أَحد قال السيرافي وأَظُنه يَعْني الجِلْبابَ [ ص 274 ] والجُلاَّبُ ماءُ الورد فارسي معرَّب وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كان النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِذا اغْتَسَلَ مِن الجنابة دَعا بشيءٍ مِثْلِ الجُلاَّبِ فأَخَذَ بكَفِّه فبدأَ بشِقِّ رأْسه الأَيمن ثم الأَيسر فقال بهما على وسَط رأْسه قال أَبو منصور أَراد بالجُلاَّبِ ماءَ الوردِ وهو فارسيٌّ معرّب يقال له جُلْ وآب وقال بعض أَصحاب المعاني والحديث إِنما هو الحِلابُ لا الجُلاَّب وهو ما يُحْلَب فيه الغنم كالمِحْلَب سواء فصحَّف فقال جُلاَّب يعني أَنه كان يغتسل من الجنابة فيذلك الحِلاب والجُلْبانُ الخُلَّرُ وهو شيءٌ يُشْبِه الماشَ التهذيب والجُلْبانُ المُلْكُ الواحدة جُلْبانةٌ وهو حَبٌّ أَغْبرُ أَكْدَرُ على لَوْنِ الماشِ إِلا أَنه أَشدُّ كُدْرَةً منه وأَعظَمُ جِرْماً يُطْبَخُ وفي حديث مالك تؤْخذ الزكاة من الجُلْبان هو بالتخفيف حَبٌّ كالماش والجُلُبَّانُ من القَطاني معروف قال أَبو حنيفة لم أَسمعه من الأَعراب إِلاَّ بالتشديد وما أَكثر مَن يُخَفِّفه قال ولعل التخفيف لغة واليَنْجَلِبُ خَرَزَةٌ يُؤَخَّذُ بها الرجال حكى اللحياني عن العامرية أَنَّهُن يَقُلْنَ أَخَّذْتُه باليَنْجَلِبْ فلا يَرْم ولا يَغِبْ ولا يَزَلْ عند الطُّنُبْ وذكر الأَزهري هذه الخرزة في الرباعي قال ومن خرزات الأَعراب اليَنْجَلِبُ وهو الرُّجوعُ بعد الفِرارِ والعَطْفُ بعد البُغْضِ والجُلْبُ جمع جُلْبةٍ وهي بَقْلةٌ

( جلحب ) رجل جلْحابٌ وجِلْحابةٌ وهو الضَّخْم الأَجْلَحُ وشيخ جِلْحابٌ وجِلْحابةٌ كَبيرٌ مُوَلٍّ هِمٌّ وقيل قدِيمٌ وإِبلٌ مُجْلَحِبَّةٌ طويلة مُجْتَمِعةٌ والجِلْحَبُّ القَوِيُّ الشديد قال
وهْيَ تُريدُ العَزَبَ الجِلْحَبَّا ... يَسْكُبُ ماءَ الظَّهْرِ فيها سَكْبا
والمُجْلَحِبُّ المُمْتَدُّ قال ابن سيده ولا أَحُقُّه وقال أَبو عَمْرو الجِلْحَبُّ الرجل الطوِيلُ القامةِ غيره والجِلْحَبُّ الطويل التهذيب والجِلْحابُ فُحَّالُ النَخْلِ

( جلخب ) ضرَبَه فاجْلَخَبَّ أَي سَقَطَ

( جلدب ) الجَلْدَبُ الصُّلْب الشديدُ

( جلعب ) الجَلْعَبُ والجَلَعْباءُ والجَلَعْبَى والجَلْعابةُ كلُّه الرَّجُل الجافي الكثِيرُ الشرِّ وأَنشد الأَزهريُّ جِلْفاً جَلَعْبَى ذا جَلَبْ والأُنثى جَلَعْباةٌ بالهاءِ قال ابن سيده وهي من الإِبل ما طالَ في هَوَجٍ وعَجْرَفِيَّةٍ ابن الأَعرابي اجْرَعَنَّ وارْجَعَنَّ واجْرَعَبَّ واجْلَعَبَّ الرَّجُلُ اجْلِعْباباً إِذا صُرِعَ وامْتَدَّ على وجهِ الأَرض وقيل إِذا اضْطَجَعَ وامْتَدَّ وانْبَسَطَ الأَزهري المُجْلَعِبُّ المَصْرُوع إِما مَيِّتاً وإِما صَرَعاً شديداً والمُجْلَعِبُّ المُسْتَعْجِلُ الماضي قال والمُجْلَعِبُّ أَيضاً من نَعْتِ الرجل الشِّرِّيرِ وأَنشد مُجْلَعِبّاً بين راووقٍ ودَنْ [ ص 275 ] قال ابن سيده المُجْلَعِبُّ الماضي الشِّرِّيرُ والمُجْلَعِبُّ المُضْطَجِعُ فهو ضِدٌّ الأَزهري المُجْلَعِبُّ الماضي في السَّير والمُجْلَعِبُّ المُمْتَدُّ والمُجلَعِبُّ الذاهِبُ واجْلَعَبَّ في السير مَضَى وجَدَّ واجْلَعَبَّ الفَرَسُ امْتَدَّ مع الأَرض ومنه قول الأَعرابي يصف فرساً وإِذا قِيدَ اجْلَعَبَّ الفرَّاءُ رجل جَلَعْبَى العَينِ على وزن القَرَنْبَى والأَنثى جَلَعْباةٌ بالهاءِ وهي الشَّديدةُ البَصَر قال الأَزهري وقال شمر لا أَعرف الجَلَعْبَى بما فَسَّرها الفرَّاءُ والجَلَعْباةُ من الإِبل التي قد قَوَّسَتْ ودَنَتْ من الكِبَر ابن سيده الجَلَعْباةُ الناقةُ الشديدةُ في كل شيء واجْلَعَبَّت الإِبلُ جَدَّتْ في السَّير وفي الحديث كان سَعْدُ بن معاذ رجلاً جِلْعاباً أَي طويلاً والجَلْعَبَة من النُّوقِ الطويلةُ وقيل هو الضَّخْم الجسيم ويروى جِلْحاباً وهو بمعناه وسَيلٌ مُجْلَعِبٌّ كبيرٌ وقيل كَثِير قَمْشُه وهو سَيْلٌ مُزْلَعِبٌّ أَيضاً وجَلْعَبٌ اسم موضع

( جلنب ) التهذيب في الرباعي ناقة جَلَنْباةٌ سَمِينةٌ صُلْبةٌ وأَنشد شمر للطِّرِمَّاحِ
كأَنْ لم تَجُدْ بالوَصْل يا هِنْدُ بَيْنَنا ... جَلَنْباةُ أَسْفارٍ كجَنْدَلةِ الصَّمْدِ

( جنب ) الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ شِقُّ الإِنْسانِ وغيره تقول قعَدْتُ إِلى جَنْب فلان وإِلى جانِبه بمعنى والجمع جُنُوبٌ وجَوانِبُ وجَنائبُ الأَخيرة نادرة وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه في الرجل الذي أَصابَتْه الفاقةُ فخرج إِلى البَرِّية فدَعا فإِذا الرَّحى تَطْحَنُ والتَّنُّورُ مَمْلُوءٌ جُنوبَ شِواءٍ هي جمع جَنْبٍ يريد جَنْبَ الشاةِ أَي إِنه كان في التَّنُّور جُنوبٌ كثيرة لا جَنْبٌ واحد وحكى اللحياني إِنه لمُنْتَفِخُ الجَوانِبِ قال وهو من الواحد الذي فُرِّقَ فجُعل جَمْعاً وجُنِب الرَّجُلُ شَكا جانِبَه وضَرَبَه فجنَبَه أَي كسَرَ جَنْبَه أَو أَصاب جَنْبَه ورجل جَنِيبٌ كأَنه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً عن ابن الأَعرابي وأَنشد
رَبا الجُوعُ في أَوْنَيْهِ حتَّى كأَنَّه ... جَنِيبٌ به إِنَّ الجَنِيبَ جَنِيبُ
أَي جاعَ حتى كأَنَّه يَمْشِي في جانِبٍ مُتَعَقِّفاً وقالوا الحَرُّ جانِبَيْ سُهَيْلٍ أَي في ناحِيَتَيْه وهو أَشَدُّ الحَرِّ وجانَبَه مُجانَبةً وجِناباً صار إِلى جَنْبِه وفي التنزيل العزيز أَنْ تقولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتا على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ قال الفرَّاءُ الجَنْبُ القُرْبُ وقوله على ما فَرَّطْتُ في جَنْبِ اللّهِ أَي في قُرْبِ اللّهِ وجِوارِه والجَنْبُ مُعْظَمُ الشيءِ وأَكثرهُ ومنه قولهم هذا قَليل في جَنْبِ مَوَدّتِكَ وقال ابن الأَعرابي في قوله في جنبِ اللّهِ في قُرْبِ اللّهِ منَ الجَنةِ وقال الزجاج معناه على ما فَرَّطْتُ في الطَّريقِ الذي هو طَريقُ اللّهِ الذي دعاني إِليه وهو توحيدُ اللّهِ والإِقْرارُ بنُبوَّةِ رسوله وهو محمدٌ صلى اللّه عليه وسلم وقولهم اتَّقِ اللّهَ في جَنْبِ أَخِيك [ ص 276 ] ولا تَقْدَحْ في ساقِه معناه لا تَقْتُلْه ( 1 )
( 1 قوله « لا تقتله » كذا في بعض نسخ المحكم بالقاف من القتل وفي بعض آخر منه لا تغتله بالغين من الاغتيال ) ولا تَفْتِنْه وهو على المَثَل قال وقد فُسِّر الجَنْبُ ههنا بالوَقِيعةِ والشَّتمِ وأَنشد ابن الأَعرابي خَلِيليَّ كُفَّا واذكُرا اللّهَ في جَنْبي أَي في الوَقِيعة فيَّ وقوله تعالى والصاحِبِ بالجَنْبِ وابنِ السَّبِيلِ يعني الذي يَقْرُبُ منك ويكونُ إِلى جَنْبِك وكذلك جارُ الجُنُبِ أَي اللاَّزِقُ بك إِلى جَنْبِك وقيل الصاحِبُ بالجَنْبِ صاحِبُك في السَّفَر وابنُ السَّبِيل الضَّيفُ قال سيبويه وقالوا هُما خَطَّانِ جَنابَتَيْ أَنْفِها يعني الخَطَّينِ اللَّذَين اكْتَنَفا جنْبَيْ أَنْفِ الظَّبْيةِ قال كذا وقع في كتاب سيبويه ووقع في الفرخ جَنْبَيْ أَنْفِها والمُجَنِّبتانِ من الجَيْش المَيْمَنةُ والمَيْسَرَةُ والمُجَنَّبةُ بالفتح المُقَدَّمةُ وفي حديث أَبي هريرة رضِي اللّه عنه أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم بَعَثَ خالِدَ بنَ الوَلِيدِ يومَ الفَتْح على المُجَنِّبةِ اليُمْنى والزُّبَيرَ على المُجَنِّبةِ اليُسْرَى واستعمل أَبا عُبَيْدةَ على البَياذِقةِ وهُمُ الحُسَّرُ وجَنَبَتا الوادي ناحِيَتاهُ وكذلك جانِباهُ ابن الأَعرابي يقال أَرْسَلُوا مُجَنِّبَتَينِ أَي كَتيبَتَين أَخَذَتا ناحِيَتَي الطَّريقِ والمُجَنِّبةُ اليُمْنى هي مَيْمَنةُ العسكر والمُجَنِّبةُ اليُسْرى هي المَيْسَرةُ وهما مُجَنِّبَتانِ والنون مكسورة وقيل هي الكَتِيبةُ التي تأْخذ إِحْدَى ناحِيَتي الطَّريق قال والأَوَّل أَصح والحُسَّرُ الرَّجَّالةُ ومنه الحَديث في الباقِياتِ الصَّالحاتِ هُنَّ مُقَدِّماتٌ وهُنَّ مُجَنِّباتٌ وهُنَّ مُعَقِّباتٌ وجَنَبَ الفَرَسَ والأَسيرَ يَجْنُبُه جَنَباً بالتحريك فهو مَجْنُوبٌ وجَنِيبٌ قادَه إلى جَنْبِه وخَيْلٌ جَنائبُ وجَنَبٌ عن الفارسي وقيل مُجَنَّبةٌ شُدِّدَ للكثرة وفَرَسٌ طَوعُ الجِنابِ بكسر الجيم وطَوْعُ الجَنَبِ إِذا كان سَلِسَ القِيادِ أَي إِذا جُنِبَ كان سَهْلاً مُنْقاداً وقولُ مَرْوانَ ( 2 )
( 2 قوله « وقول مروان إلخ » أورده في المحكم بلصق قوله وخيل جنائب وجنب ) بن الحَكَم ولا نَكُونُ في هذا جَنَباً لِمَنْ بَعْدَنا لم يفسره ثعلب قال وأُراه من هذا وهو اسم للجمع وقوله
جُنُوح تُباريها ظِلالٌ كأَنَّها ... مَعَ الرَّكْبِ حَفَّانُ النَّعامِ المُجَنَّب ( 3 )
( 3 قوله « جنوح » كذا في بعض نسخ المحكم والذي في البعض الآخر منه جنوحاً بالنصب )
المُجَنَّبُ المَجْنُوبُ أَي المَقُودُ ويقال جُنِبَ فلان وذلك إِذا
ما جُنِبَ إِلى دَابَّةٍ والجَنِيبَة الدَّابَّةُ تُقادُ واحدة الجَنائِبِ وكلُّ طائِعٍ مُنْقادٍ جَنِيبٌ والأَجْنَبُ الذي لا يَنْقادُ وجُنَّابُ الرَّجلِ الذي يَسِير معه إِلى جَنْبِه وجَنِيبَتا البَعِير ما حُمِلَ على جَنْبَيهِ وجَنْبَتُه طائِفةٌ من جَنْبِه والجَنْبةُ جِلْدة من جَنْبِ البَعير يُعْمل منها عُلْبةٌ وهي فوق المِعْلَقِ من العِلابِ ودُونَ الحَوْأَبةِ يقال أَعْطِني جَنْبةً أَتَّخِذْ مِنْها عُلْبةً وفي التهذيب أَعْطِني جَنْبةً فيُعْطِيه جِلْداً فيَتَّخِذُه عُلْبة [ ص 277 ] والجَنَبُ بالتحريك الذي نُهِيَ عنه أَن يُجْنَبَ خَلْفَ الفَرَسِ فَرَسٌ فإِذا بَلَغَ قُرْبَ الغايةِ رُكِبَ وفي حديث الزَّكاةِ والسِّباقِ لا جَلَبَ ولا جَنَبَ وهذا في سِباقِ الخَيْل والجَنَبُ في السباق بالتحريك أَن يَجْنُبَ فَرَساً عُرْياً عند الرِّهانِ إِلى فَرَسِه الذي يُسابِقُ عَلَيْهِ فإِذا فَتَر المَرْكُوبُ تحَوَّلَ إِلى المَجْنُوبِ وذلك إِذا خاف أَن يُسْبَقَ على الأَوَّلِ وهو في الزكاة أَن يَنزِل العامِلُ بأَقْصَى مواضع أَصحاب الصدقة ثم يأْمُرَ بالأَموال أَن تُجْنَبَ إِليه أَي تُحْضَرَ فَنُهُوا عن ذلك وقيل هو أَن يُجْنِبَ رَبُّ المالِ بمالِه أَي يُبْعِدَه عن موضِعه حتى يَحْتاجَ العامِلُ إِلى الإِبْعاد في اتِّباعِه وطَلَبِه وفي حديث الحُدَيْبِيَةِ كانَ اللّهُ قد قَطَعَ جَنْباً مِنَ المشْركين أَراد بالجَنْبِ الأَمْرَ أَو القِطْعةَ مِنَ الشيءِ يقال ما فَعَلْتَ في جَنْبِ حاجَتي أَي في أَمْرِها والجَنْبُ القِطْعة من الشيءِ تكون مُعْظَمَه أَو شيئاً كَثِيراً منه وجَنَبَ الرَّجلَ دَفَعَه ورَجل جانِبٌ وجُنُبٌ غَرِيبٌ والجمع أَجْنابٌ وفي حديث مُجاهد في تفسير السيارة قال هم أَجْنابُ الناس يعني الغُرَباءَ جمع جُنُبٍ وهو الغَرِيبُ وقد يفرد في الجميع ولا يؤَنث وكذلك الجانِبُ والأَجْنَبيُّ والأَجْنَبُ أَنشد ابن الأَعرابي
هل في القَضِيَّةِ أَنْ إِذا اسْتَغْنَيْتُمُ ... وأَمِنْتُمُ فأَنا البعِيدُ الأَجْنَبُ
وفي الحديث الجانِبُ المُسْتَغْزِرُ يُثابُ من هِبَتِه الجانبُ الغَرِيبُ أَي إِنَّ الغَرِيبَ الطالِبَ إِذا أَهْدَى لك هَدِيَّةً ليَطْلُبَ أَكثرَ منها فأَعْطِه في مُقابَلة هدِيَّتِه ومعنى المُسْتَغْزِر الذي يَطْلُب أَكثر مما أَعْطَى ورجل أَجْنَبُ وأَجْنَبيٌّ وهو البعيد منك في القَرابةِ والاسم الجَنْبةُ والجَنابةُ قال
إِذا ما رَأَوْني مُقْبِلاً عن جَنابةٍ ... يَقُولُونَ مَن هذا وقد عَرَفُوني
وقوله أَنشده ثعلب جَذْباً كَجذْبِ صاحِبِ الجَنابَهْ فسره فقال يعني الأَجْنَبيَّ والجَنِيبُ الغَرِيبُ وجَنَبَ فلان في بني فلان يَجْنُبُ جَنابةً ويَجْنِبُ إِذا نَزَلَ فيهم غَرِيباً فهو جانِبٌ والجمع جُنَّابٌ ومن ثَمَّ قيل رجلٌ جانِبٌ أَي غرِيبٌ ورجل جُنُبٌ بمعنى غريب والجمع أَجْنابٌ وفي حديث الضَّحَّاك أَنه قال لجارِية هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ قال على جانِبٍ الخَبَرُ أَي على الغَرِيبِ القادِمِ ويقال نِعْم القَوْمُ هُمْ لجارِ الجَنابةِ أَي لِجارِ الغُرْبةِ
والجَنابةُ ضِدّ القَرابةِ وقول عَلْقَمَة بن عَبَدةَ
وفي كلِّ حيٍّ قد خَبَطْتَ بِنِعْمةٍ ... فَحُقَّ لشأْسٍ مِن نَداكَ ذَنُوبُ
فلا تَحْرِمَنِّي نائِلاً عن جَنابةٍ ... فإِني امْرُؤٌ وَسْطَ القِبابِ
غرِيبُ عن جَنابةٍ أَي بُعْدٍ وغُربة قاله يُخاطِبُ به الحَرِثَ ابنَ جَبَلةَ يمدحه وكان قد أَسَرَ أَخاه شَأْساً معناه لا تَحْرِمَنِّي بعدَ غُرْبةٍ وبُعْدٍ عن دِياري وعن في قوله عن جنابةِ بمعنى بَعْدَ وأَراد بالنائلِ إِطْلاقَ أَخِيهِ شَأْسٍ من سِجْنِه فأَطْلَقَ له أَخاه [ ص 278 ] شأْساً ومَن أُسِرَ معه من بني تميم وجَنَّبَ الشيءَ وتجَنَّبَه وجانَبَه وتجَانَبَه واجْتَنَبَهُ بَعُد عنه وجَنَبَه الشيءَ وجَنَّبَه إِيَّاه وجَنَبَه يَجْنُبُه وأَجْنَبَه نَحَّاهُ عنه وفي التنزيل العزيز إِخباراً عن إِبراهيم على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام واجْنُبْني وبَنيَّ أَنْ نَعْبُدَ الأَصْنام أَي نَجِّني وقد قُرئَ وأَجْنِبْني وبَنيَّ بالقَطْع ويقال جَنَبْتُه الشَّرَّ وأَجْنَبْتُه وجَنَّبْتُه بمعنى واحد قاله الفرّاءُ والزجاج ويقال لَجَّ فلان في جِنابٍ قَبيحٍ إِذا لَجَّ في مُجانَبَةِ أَهلِه ورجل جَنِبٌ يَتَجنَّبُ قارِعةَ الطريق مَخافةَ الأَضْياف والجَنْبة بسكون النون الناحية ورَجُل ذو جَنْبة أَي اعْتزالٍ عن الناس مُتَجَنِّبٌ لهم وقَعَدَ جَنْبَةً أَي ناحِيةً واعْتَزَل الناسَ ونزل فلان جَنْبةً أَي ناحِيةً وفي حديث عمر رضي اللّه عنه عليكم بالجَنْبةِ فإِنها عَفافٌ قال الهروي يقول اجْتَنِبُوا النساءَ والجُلُوسَ إِلَيْهنَّ ولا تَقْرَبُوا ناحِيَتَهنَّ وفي حديث رقيقة اسْتَكَفُّوا جَنابَيْه أَي حَوالَيْه تثنية جَناب وهي الناحِيةُ وحديث الشعبي أَجْدَبَ بِنا الجَنابُ والجَنْبُ الناحِيةُ وأَنشد الأَخفش الناسُ جَنْبٌ والأَمِيرُ جَنْبُ كأَنه عَدَلَه بجميع الناس ورجل لَيِّنُ الجانِبِ والجَنْبِ أَي سَهْلُ القُرْب والجانِبُ الناحِيةُ وكذلك الجَنَبةُ تقول فلان لا يَطُورُ بِجَنَبَتِنا قال ابن بري هكذا قال أَبو عبيدة وغيره بتحريك النون قال وكذا رَوَوْه في الحديث وعلى جَنَبَتَيِ الصِّراطِ أَبْوابٌ مُفَتَّحةٌ وقال عثمان بن جني قد غَرِيَ الناسُ بقولهم أَنا في ذَراكَ وجَنَبَتِك بفتح النون قال والصواب إِسكانُ النون واستشهد على ذلك بقول أَبي صَعْتَرةَ البُولانيِّ
فما نُطْفةٌ مِنْ حَبِّ مُزْنٍ تقاذَفَتْ ... به جَنْبَتا الجُوديِّ والليلُ دامِسُ
وخبر ما في البيت الذي بعده وهو
بأَطْيَبَ مِنْ فِيها وما ذُقْتُ طَعْمَها ... ولكِنَّني فيما تَرَى العينُ فارِسُ
أَي مُتَفَرِّسٌ ومعناه اسْتَدْلَلْتُ بِرِقَّته وصفَائِه على عُذوبَتِه وبَرْدِه وتقول مَرُّوا يَسِيرُونَ جَنابَيْه وجَنابَتَيْه وجَنْبَتَيْه أَي ناحِيَتَيْهِ والجانِبُ المُجْتَنَبُ المَحْقُورُ وجارٌ جُنُبٌ ذو جَنابةٍ مِن قوم آخَرِينَ لا قَرابةَ لهم ويُضافُ فيقال جارُ الجُنُبِ التهذيب الجارُ الجُنُب هو الذي جاوَرَك ونسبُه في قوم آخَرِينَ والمُجانِبُ المُباعِدُ قال
وإِني لِما قد كان بَيْني وبيْنَها ... لمُوفٍ وإِنْ شَطَّ المَزارُ المُجانِبُ
وفرَسٌ مُجَنَّبٌ بَعِيدُ ما بين الرِّجْلَين من غير فَحَجٍ وهو مدح والتَّجْنِيبُ انحِناءٌ وتَوْتِيرٌ في رِجْلِ الفَرَس وهو مُسْتَحَبٌّ قال أَبو دُواد [ ص 279 ] وفي اليَدَيْنِ إِذا ما الماءُ أَسْهَلَها ثَنْيٌ قَلِيلٌ وفي الرِّجْلَينِ تَجْنِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « أسهلها » في الصاغاني الرواية أسهله يصف فرساً والماء أراد به العرق وأسهله أي أساله وثني أي يثني يديه )
قال أَبو عبيدة التَّجْنِيبُ أَن يُنَحِّيَ يديه في الرَّفْعِ والوَضْعِ وقال الأَصمعي التَّجْنِيبُ بالجيم في الرجلين والتحنيب بالحاء في الصلب واليدين وأَجْنَبَ الرجلُ تَباعَدَ والجَنابةُ المَنِيُّ وفي التنزيل العزيز وإِن كُنْتم جُنُباً فاطَّهَّروا وقد أَجْنَبَ الرجلُ وجَنُبَ أَيضاً بالضم وجَنِبَ وتَجَنَّبَ قال ابن بري في أَماليه على قوله جَنُبَ بالضم قال المعروف عند أَهل اللغة أَجْنَبَ وجَنِبَ بكسر النون وأَجْنَبَ أَكثرُ من جَنِبَ ومنه قول ابن عباس رضي اللّه عنهما الإِنسان لا يُجْنِبُ والثوبُ لا يُجْنِبُ والماءُ لا يُجْنِبُ والأَرضُ لا تُجْنِبُ وقد فسر ذلك الفقهاءُ وقالوا أَي لا يُجْنِبُ الإِنسانُ بمُماسَّةِ الجُنُبِ إِيَّاه وكذلك الثوبُ إِذا لَبِسَه الجُنُب لم يَنْجُسْ وكذلك الأَرضُ إِذا أَفْضَى إِليها الجُنُبُ لم تَنْجُسْ وكذلك الماءُ إِذا غَمَس الجُنُبُ فيه يدَه لم يَنْجُسْ يقول إِنَّ هذه الأَشياءَ لا يصير شيءٌ منها جُنُباً يحتاج إلى الغَسْلِ لمُلامَسةٍ الجُنُبِ إِيَّاها قال الأَزهري إِنما قيل له جُنُبٌ لأَنه نُهِيَ أَن يَقْرَبَ مواضعَ الصلاةِ ما لم يَتَطهَّرْ فتَجَنَّبَها وأَجْنَبَ عنها أَي تَنَحَّى عنها وقيل لمُجانَبَتِه الناسَ ما لم يَغْتَسِلْ والرجُل جُنُبٌ من الجَنابةِ وكذلك الاثْنانِ والجميع والمؤَنَّث كما يقال رجُلٌ رِضاً وقومٌ رِضاً وإِنما هو على تأْويل ذَوِي جُنُبٍ فالمصدر يَقُومُ مَقامَ ما أُضِيفَ إِليه ومن العرب من يُثَنِّي ويجْمَعُ ويجْعَلُ المصدر بمنزلة اسم الفاعل وحكى الجوهري أَجْنَبَ وجَنُبَ بالضم وقالوا جُنُبانِ وأَجْنابٌ وجُنُبُونَ وجُنُباتٌ قال سيبويه كُسِّرَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) جنب الجَنْبُ والجَنَبةُ والجانِبُ شِقُّ الإِنْسانِ وغيره تقول على أَفْعالٍ كما كُسِّرَ بَطَلٌ عليه حِينَ قالوا أَبْطالٌ كما اتَّفَقا في الاسم عليه يعني نحو جَبَلٍ وأَجْبالٍ وطُنُبٍ وأَطْنابٍ ولم يقولوا جُنُبةً وفي الحديث لا تَدْخُلُ الملائكةُ بَيْتاً فيه جُنُبٌ قال ابن الأَثير الجُنُب الذي يَجِبُ عليه الغُسْل بالجِماع وخُروجِ المَنّي وأَجْنَبَ يُجْنِبُ إِجْناباً والاسم الجَنابةُ وهي في الأَصْل البُعْدُ وأَراد بالجُنُبِ في هذا الحديث الذي يَترُك الاغْتِسالَ مِن الجَنابةِ عادةً فيكونُ أَكثرَ أَوقاتِه جُنُباً وهذا يدل على قِلّة دِينِه وخُبْثِ باطِنِه وقيل أَراد بالملائكة ههُنا غيرَ الحَفَظةِ وقيل أَراد لا تحْضُره الملائكةُ بخير قال وقد جاءَ في بعض الرِّوايات كذلك والجَنابُ بالفتح والجانِبُ النّاحِيةُ والفِناءُ وما قَرُبَ مِن مَحِلَّةِ القوْمِ والجمع أَجْنِبةٌ وفي الحديث وعلى جَنَبَتي الصِّراطِ داعٍ أَي جانِباهُ وجَنَبَةُ الوادي جانِبُه وناحِيتُه وهي بفتح النون والجَنْبةُ بسكون النون النّاحِيةُ ويقال أَخْصَبَ جَنابُ القوم بفتح الجيم وهو ما حَوْلَهم وفلان خَصِيبُ الجَنابِ وجَديبُ الجَنابِ وفُلانٌ رَحْبُ الجَنابِ أَي الرَّحْل وكُنا عنهم جَنابِينَ وجَناباً أَي مُتَنَحِّينَ والجَنِيبةُ العَلِيقةُ وهي الناقةُ يُعْطِيها الرّجُلُ القومَ يَمتارُونَ عليها له زاد المحكم ويُعْطِيهم دَراهِمَ ليَمِيرُوه عليها قال الحسن بن مُزَرِّدٍ قالَتْ لَه مائِلَةُ الذَّوائِبِ
[ ص 280 ]
كَيْفَ أَخِي في العُقَبِ النَّوائِبِ ؟ ... أَخُوكَ ذُو شِقٍّ عَلى الرَّكائِبِ
رِخْوُ الحِبالِ مائلُ الحَقائِبِ ... رِكابُه في الحَيِّ كالجَنائِبِ
يعني أَنها ضائعةٌ كالجَنائِب التي ليس لها رَبٌّ يَفْتَقِدُها تقول إِنَّ أَخاكَ ليس بِمُصْلِحٍ لمالِه فمالُهُ كَمالٍ غابَ عنْه رَبُّه وسَلَّمه لِمَن يَعْبَثُ فِيهِ ورِكابُه التي هو مَعَها كأَنها جَنائِبُ في الضُّرِّ وسُوءِ الحالِ وقوله رِخْوُ الحِبالِ أَي هو رِخْوُ الشَّدِّ لرَحْلِه فحقائبُه مائلةٌ لِرخاوةِ الشَّدِّ والجَنِيبةُ صُوفُ الثَّنِيِّ عن كراع وحده قال ابن سَيده والذي حكاه يعقوب وغيره من أَهل اللغة الخَبِيبةُ ثم قال في موضع آخر الخَبِيبةُ صُوفُ الثَّنِيِّ مثل الجَنِيبةِ فثبت بهذا أَنهما لُغَتانِ صَحيحتانِ والعَقِيقةُ صُوفُ الجَذَعِ والجَنِيبةُ من الصُّوفِ أَفْضلُ من العَقِيقة وأَبْقَى وأَكثر والمَجْنَبُ بالفتح الكَثِيرُ من الخَيرِ والشَّرِّ وفي الصحاح الشيءُ الكثير يقال إِن عندنا لخيراً مَجْنَباً أَي كثيراً وخَصَّ به أَبو عبيدة الكَثِير من الخَيرِ قال الفارسي وهو مِمّا وَصفُوا به فقالوا خَيرٌ مَجْنَبٌ قال الفارسي وهذا يقال بكسر الميم وفتحها وأَنشد شمر لكثير
وإِذْ لا ترَى في الناسِ شَيْئاً يَفُوقُها ... وفِيهنَّ حُسْنٌ لو تَأَمَّلْتَ مَجْنَبُ
قال شمر ويقال في الشَّرِّ إِذا كَثُر وأَنشد وكُفْراً ما يُعَوَّجُ مَجْنَبَا ( 1 )
( 1 قوله « وكفراً إلخ » كذا هو في التهذيب أيضاً )
وطَعامٌ مَجْنَبٌ كثير والمِجْنَبُ شَبَحَةٌ مِثْلُ المُشْطِ إِلاّ أَنها ليست لها أَسْنانٌ وطَرَفُها الأَسفل مُرْهَفٌ يُرْفَعُ بها التُّرابُ على الأَعْضادِ والفِلْجانِ وقد جَنَبَ الأَرْضَ بالمِجْنَبِ والجَنَبُ مصدر قولك جَنِبَ البعير بالكسر يَجْنَبُ جَنَباً إِذا ظَلَعَ من جَنْبِه والجَنَبُ أَن يَعطَشَ البعِيرُ عَطَشاً شديداً حتى تَلْصَقَ رِئَتُه بجَنْبِه من شدَّة العَطَشِ وقد جَنِب جَنَباً قال ابن السكيت قالت الأَعراب هو أَن يَلْتَوِيَ من شِدّة العطش قال ذوالرمة يصف حماراً
وَثْبَ المُسَحَّجِ مِن عاناتِ مَعْقُلَةٍ ... كأَنَّه مُسْتَبانُ الشَّكِّ أَو جَنِبُ
والمُسَحَّجُ حِمارُ الوَحْشِ والهاءُ في كأَنه تَعُود على حِمار وحْشٍ تقدم ذكره يقول كأَنه من نَشاطِه ظالِعٌ أَو جَنِبٌ فهو يَمشي في شِقٍّ وذلك من النَّشاطِ يُشَبِّه جملَه أَو ناقَتَه بهذا الحمار وقال أَيضاً
هاجَتْ به جُوَّعٌ غُضْفٌ مُخَصَّرةٌ ... شَوازِبٌ لاحَها التَّغْرِيثُ والجَنَبُ
وقيل الجَنَبُ في الدابة شِبْهُ الظَّلَعِ وليس بِظَلَعٍ يقال حِمارٌ جَنِبٌ وجَنِبَ البعير أَصابه وجعٌ في جَنْبِه من شِدَّةِ العَطَش والجَنِبُ الذئْبُ لتَظالُعِه كَيْداً ومَكْراً من ذلك والجُنابُ ذاتُ الجَنْبِ في أَيِّ الشِّقَّينِ كان عن الهَجَرِيِّ وزعَم أَنه إِذا كان في الشِّقِّ الأَيْسَرِ أَذْهَبَ صاحِبَه قال
مَريضٍ لا يَصِحُّ ولا أُبالي ... كأَنَّ بشِقِّهِ وجَعَ الجُنابِ
[ ص 281 ] وجُنِبَ بالضم أَصابه ذاتُ الجَنْبِ والمَجْنُوبُ الذي به ذاتُ الجَنْب تقول منه رَجُلٌ مَجْنُوب وهي قَرْحَةٌ تُصِيبُ الإِنسانَ داخِلَ جَنْبِه وهي عِلَّة صَعْبة تأْخُذُ في الجَنْب وقال ابن شميل ذاتُ الجَنْب هي الدُّبَيْلةُ وهي على تَثْقُبُ البطن ورُبَّما كَنَوْا عنها فقالوا ذاتُ الجَنْب وفي الحديث المَجْنُوبُ في سَبِيلِ اللّهِ شَهِيدٌ قيل المَجْنُوبُ الذي به ذاتُ الجَنْبِ يقال جُنِبَ فهو مَجْنُوب وصُدِرَ فهو مَصْدُورٌ ويقال جَنِبَ جَنَباً إِذا اشْتَكَى جَنْبَه فهو جَنِبٌ كما يقال رَجُلٌ فَقِرٌ وظَهِرٌ إِذا اشْتَكَى ظَهْرَه وفَقارَه وقيل أَراد بالمَجْنُوبِ الذي يَشْتَكِي جَنْبَه مُطْلَقاً وفي حديث الشُّهَداءِ ذاتُ الجَنْب شَهادةٌ وفي حديث آخر ذُو الجَنْبِ شَهِيدٌ هو الدُّبَيْلةُ والدُّمَّل الكبيرة التي تَظْهَر في باطن الجَنْب وتَنْفَجِر إِلى داخل وقَلَّما يَسْلَمُ صاحِبُها وذُو الجَنْبِ الذي يَشْتَكي جَنْبَه بسبب الدُّبيلة إِلاّ أَنَّ ذو للمذكر وذات للمؤَنث وصارت ذات الجنب علماً لها وإِن كانت في الأَصل صفة مضافة والمُجْنَب بالضم والمِجْنَبُ بالكسر التُّرْس وليست واحدة منهما على الفعل قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ
صَبَّ اللَّهِيفُ لَها السُّبُوبَ بِطَغْيةٍ ... تُنْبي العُقابَ كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
عَنَى باللَّهِيفِ المُشْتارَ وسُبُوبُه حِبالُه التي يَتَدلَّى بها إِلى العَسَلِ والطَّغْيةُ الصَّفاةُ المَلْساءُ والجَنْبةُ عامَّة الشَّجَر الذي يَتَرَبَّلُ في الصَّيْفِ وقال أَبو حنيفة الجَنْبةُ ما كان في نِبْتَتِه بين البَقْل والشَّجر وهما مما يبقى أَصله في الشتاءِ ويَبِيد فَرْعه ويقال مُطِرْنا مَطَراً كَثُرتْ منه الجَنْبةُ وفي التهذيب نَبَتَتْ عنه الجَنْبةُ والجَنْبَةُ اسم لكل نَبْتٍ يَتَرَبَّلُ في الصَّيف الأَزهري الجَنْبةُ اسم واحد لنُبُوتٍ كثيرة وهي كلها عُرْوةٌ سُميت جَنْبةً لأَنها صَغُرت عن الشجر الكبار وارْتَفَعَتْ عن التي أَرُومَة لها في الأَرض فمِنَ الجَنْبةِ النَّصِيُّ والصِّلِّيانُ والحَماطُ والمَكْرُ والجَدْرُ والدَّهْماءُ صَغُرت عن الشجر ونَبُلَتْ عن البُقُول قال وهذا كله مسموع من العرب وفي حديث الحجاج أَكَلَ ما أَشْرَفَ من الجَنْبَةِ الجَنْبَةُ بفتح الجيم وسكون النون رَطْبُ الصِّلِّيانِ من النبات وقيل هو ما فَوْقَ البَقْلِ ودُون الشجر وقيل هو كلُّ نبْت يُورِقُ في الصَّيف من غير مطر والجَنُوبُ ريح تُخالِفُ الشَّمالَ تأْتي عن يمِين القِبْلة وقال ثعلب الجَنُوبُ مِن الرِّياحِ ما اسْتَقْبَلَكَ عن شِمالك إِذا وقَفْت في القِبْلةِ وقال ابن الأَعرابي مَهَبُّ الجَنُوب مِن مَطْلَعِ سُهَيلٍ إِلى مَطْلَعِ الثُرَيَّا الأَصمعي مَجِيءُ الجَنُوبِ ما بين مَطْلَعِ سُهَيْلٍ إِلى مَطْلَعِ الشمس في الشتاءِ وقال عُمارةُ مَهَبُّ الجَنُوبِ ما بين مَطلع سُهَيْل إِلى مَغْرِبه وقال الأَصمعي إِذا جاءَت الجَنُوبُ جاءَ معها خَيْرٌ وتَلْقِيح وإِذا جاءَت الشَّمالُ نَشَّفَتْ وتقول العرب للاثنين إِذا كانا مُتصافِيَيْنِ رِيحُهما جَنُوبٌ وإِذا تفرَّقا قيل شَمَلَتْرِيحُهما ولذلك قال الشاعر
لَعَمْري لَئِنْ رِيحُ المَودَّةِ أَصبَحَتْ ... شَمالاً لقد بُدِّلْتُ وهي جَنُوبُ
[ ص 282 ] وقول أَبي وجزة
مَجْنُوبةُ الأُنْسِ مَشْمُولٌ مَواعِدُها ... مِن الهِجانِ ذواتِ الشَّطْبِ والقَصَبِ
يعني أَن أُنسَها على مَحَبَّتِه فإِن التَمَس منها إِنْجازَ مَوْعِدٍ لم يَجِدْ شيئاً وقال ابن الأَعرابي يريد أَنها تَذْهَب مَواعِدُها مع الجَنُوبِ ويَذْهَبُ أُنْسُها مع الشَّمالِ وتقول جَنَبَتِ الرِّيحُ إِذا تَحَوَّلَتْ جَنُوباً وسَحابةٌ مَجْنُوبةٌ إِذا هَبَّتْ بها الجَنُوب التهذيب والجَنُوبُ من الرياحِ حارَّةٌ وهي تَهُبُّ في كلِّ وَقْتٍ ومَهَبُّها ما بين مَهَبَّي الصَّبا والدَّبُورِ مِمَّا يَلي مَطْلَعَ سُهَيْلٍ وجَمْعُ الجَنُوبِ أَجْنُبٌ وفي الصحاح الجَنُوبُ الريح التي تُقابِلُ الشَّمال وحُكي عن ابن الأَعرابي أَيضاً أَنه قال الجَنُوب في كل موضع حارَّة إِلا بنجْدٍ فإِنها باردة وبيتُ كثير عَزَّةَ حُجَّة له
جَنُوبٌ تُسامِي أَوْجُهَ القَوْمِ مَسُّها ... لَذِيذٌ ومَسْراها من الأَرضِ طَيِّبُ
وهي تكون اسماً وصفة عند سيبويه وأَنشد
رَيحُ الجَنُوبِ مع الشَّمالِ وتارةً ... رِهَمُ الرَّبِيعِ وصائبُ التَّهْتانِ
وهَبَّتْ جَنُوباً دليل على الصفة عند أَبي عثمان قال الفارسي ليس بدليل أَلا ترى إِلى قول سيبويه إِنه قد يكون حالاً ما لا يكون صفة كالقَفِيز والدِّرهم والجمع جَنائبُ وقد جَنَبَتِ الرِّيحُ تَجْنُبُ جُنُوباً وأَجْنَبَتْ أَيضاً وجُنِبَ القومُ أَصابَتْهم الجَنُوبُ أَي أَصابَتْهم في أَمْوالِهِمْ قال ساعدة بن جُؤَيَّةَ
سادٍ تَجَرَّمَ في البَضِيعِ ثَمانِياً ... يُلْوَى بِعَيْقاتِ البِحارِ ويُجْنَبُ
أَي أَصابَتْه الجَنُوبُ وأَجْنَبُوا دَخلوا في الجَنُوبِ وجُنِبُوا أَصابَهُم الجَنُوبُ فهم مَجْنُوبُونَ وكذلك القول في الصَّبا والدَّبُورِ والشَّمالِ وجَنَبَ إِلى لِقائِه وجَنِبَ قَلِقَ الكسر عن ثعلب والفتح عن ابن الأَعرابي تقول جَنِبْتُ إِلى لِقائكَ وغَرِضْتُ إِلى لِقائكَ جَنَباً وغَرَضاً أَي قَلِقْتُ لشدَّة الشَّوْقِ إِليك وقوله في الحديث بِعِ الجَمْعَ بالدَّراهم ثم ابْتَعْ به جَنِيباً هو نوع جَيِّد مَعْروف من أَنواع التمر وقد تكرَّر في الحديث وجَنَّبَ القومُ فهم مُجَنِّبُونَ إِذا قلَّتْ أَلبانُ إِبلهم وقيل إِذا لم يكن في إِبلهم لَبَنٌ وجَنَّبَ الرَّجلُ إِذا لم يكن في إِبله ولا غنمه دَرٌّ وجَنَّبَ الناسُ انْقَطَعَتْ أَلبانُهم وهو عام تَجْنِيب قال الجُمَيْحُ بنُ مُنْقِذ يذكر امرأَته
لَمَّا رَأَتْ إِبِلي قَلَّتْ حَلُوبَتُها ... وكُلُّ عامٍ عَلَيها عامُ تَجْنِيبِ
يقُول كلُّ عامٍ يَمُرُّ بها فهو عامُ تَجْنِيبٍ قال أَبو زيد جَنَّبَتِ الإِبلُ إِذا لم تُنْتَجْ منها إِلا الناقةُ والناقَتانِ وجَنَّبها هو بشدِّ النون أَيضاً وفي حديث الحَرِثِ بن عَوْف إِن الإِبل جَنَّبَتْ قِبَلَنا العامَ أَي لم تَلْقَحْ فيكون لها أَلبان وجنَّب إِبلَه وغَنَمه لم يُرْسِلْ فيها فحلاً والجَأْنَبُ بالهمز الرجل القَصِيرُ الجافي الخِلْقةِ [ ص 283 ] وخَلْقٌ جَأْنَبٌ إِذا كان قَبِيحاً كَزّاً وقال امرؤُ القيس ولا ذاتُ خَلْقٍ إِنْ تَأَمَّلْتَ جَأْنَبِ والجَنَبُ القَصِيرُ وبه فُسِّرَ بيت أَبي العيال
فَتًى ما غادَرَ الأَقْوامُ ... لا نِكْسٌ ولا جَنَبُ
وجَنِبَتِ الدَّلْوُ تَجْنَبُ جَنَباً إِذا انْقَطَعَتْ منها وذَمَةٌ أَو وَذَمَتانِ فمالَتْ والجَناباءُ والجُنابى لُعْبةٌ للصِّبْيانِ يَتَجانَبُ الغُلامانِ فَيَعْتَصِمُ كُلُّ واحِدٍ من الآخر وجَنُوبُ اسم امرأَة قال القَتَّالُ الكِلابِيُّ
أَباكِيَةٌ بَعْدي جَنُوبُ صَبابةً ... عَليَّ وأُخْتاها بماءِ عُيُونِ ؟
وجَنْبٌ بَطْن من العرب ليس بأَبٍ ولا حَيٍّ ولكنه لَقَبٌ أَو هو حَيٌّ من اليمن قال مُهَلْهِلٌ
زَوَّجَها فَقْدُها الأَراقِمَ في ... جَنْبٍ وكانَ الحِباءُ من أَدَمِ
وقيل هي قَبِيلةٌ من قَبائِل اليَمَن والجَنابُ موضع والمِجْنَبُ أَقْصَى أَرضِ العَجَم إِلى أَرض العَرَبِ وأَدنى أَرضِ العَرَب إِلى أَرض العجم قال الكميت
وشَجْو لِنَفْسِيَ لم أَنْسَه ... بِمُعْتَرَك الطَّفِّ والمِجْنَبِ
ومُعْتَرَكُ الطَّفِّ هو الموضع الذي قُتِلَ فيه الحُسَين بن عليّ رضي اللّه عنهما التهذيب والجِنابُ بكسر الجيم أَرض معروفة بِنَجْد وفي حديث ذي المِعْشارِ وأَهلِ جِنابِ الهَضْبِ هو بالكسر اسم موضع

( جهب ) روى أَبو العباس عن ابن الأَعرابي قال المِجْهَبُ القَلِيلُ الحَياءِ وقال النضر أَتَيْتُه جاهِباً وجاهِياً أَي علانِيةً قال الأَزهري وأَهمله الليث

( جوب ) في أَسماءِ اللّه المُجِيبُ وهو الذي يُقابِلُ الدُّعاءَ والسُّؤَال بالعَطاءِ والقَبُول سبحانه وتعالى وهو اسم فاعل مِن أَجاب يُجِيبُ والجَوابُ معروفٌ رَدِيدُ الكلام والفِعْل أَجابَ يُجِيبُ قال اللّه تعالى فإِني قَريبٌ أُجِيبُ دَعْوةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لي أَي فَلْيُجِيبوني وقال الفرَّاءُ يقال إِنها التَّلْبِيةُ والمصدر الإِجابةُ والاسم الجَابةُ بمنزلة الطاعةِ والطاقة والإِجابةُ رَجْعُ الكلام تقول أَجابَه عن سُؤَاله وقد أَجابَه
إِجابةً وإِجاباً وجَواباً وجابةً واسْتَجْوَبَه واسْتَجابَه واسْتَجابَ له قال كعبُ ابن سَعْد الغَنَويّ يرثي أَخاه أَبا المِغْوار
وَداعٍ دَعا يا مَنْ يُجيبُ إِلى النَّدَى ... فلم يَسْتَجِبْه عِنْدَ ذاكَ مُجِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « الندى » هو هكذا في غير نسخة من الصحاح والتهذيب والمحكم )
فقُلتُ ادْعُ أُخرى وارْفَعِ الصَّوتَ رَفعةً ... لَعَلَّ أَبا المِغْوارِ مِنْكَ قَرِيبُ
والإِجابةُ والاستِجابةُ بمعنى يقال اسْتَجابَ اللّه دعاءَه والاسم
الجَوابُ والجابةُ والمَجُوبةُ [ ص 284 ] الأَخيرةُ عن ابن جني ولا تكون مصدراً لأَنَّ المَفْعُلةَ عند سيبويه ليست من أَبنية المصادر ولا تكون من باب المَفْعُول لأَنَّ فِعْلها مزيد وفي أَمثالِ العَرب أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً قال هكذا يُتَكلَّم به لأَنَّ الأَمثال تُحْكَى على موضوعاتها وأَصل هذا المثل على ما ذكر الزُّبَيْر ابن بكار أَنه كان لسَهلِ بن عَمْرٍو ابنٌ مَضْعُوفٌ فقال له إِنسان أَين أَمُّكَ أَي أَين قَصْدُكَ ؟ فظَنَّ أَنه يقول له أَين أُمُّكَ فقال ذهَبَتْ تَشْتَري دَقِيقاً فقال أَبُوه أَساءَ سَمْعاً فأَساءَ جابةً وقال كراع الجابةُ مصدر كالإِجابةِ قال أَبو الهيثم جابةٌ اسم يُقُومُ مَقامَ المصدر وإِنه لَحَسَنُ الجيبةِ بالكسر أَي الجَوابِ قال سيبويه أَجاب مِنَ الأَفْعال التي اسْتُغْني فيها بما أَفْعَلَ فِعْلَه وهو أَفْعَلُ فِعْلاً عَمَّا أَفْعَلَه وعن هُوَ أَفْعَلُ مِنكَ فيقولون ما أَجْوَدَ جَوابَه وهو أَجْوَدُ جَواباً ولا يقال ما أَجْوَبَه ولا هو أَجْوَبُ منك وكذلك يقولون أَجْوِدْ بَجَوابهِ ولا يقال أَجوِب به وأَما ما جاءَ في حديث ابن عمر أَنَّ رجلاً قال يا رسولَ اللّه أَيُّ الليلِ أَجْوَبُ دَعْوةً ؟ قال جَوْفُ الليلِ الغابِرِ فسَّره شمر فقال أَجْوَبُ من الإِجابةِ أَي أَسْرَعُه إِجابةً كما يقال أَطْوَعُ من الطاعةِ وقياسُ هذا أَن يكون من جابَ لا مِن أَجابَ وفي المحكم عن شمر أَنه فسره فقال أَجْوَبُ أَسْرَعُ إِجابةً قال وهو عندي من باب أَعْطَى لفارِهةٍ وأَرسلنا الرِّياحَ لوَاقِحَ وما جاءَ مِثلُه وهذا على المجاز لأَنَّ الإِجابةَ ليست لِلَّيل إِنما هي للّه تعالى فيه فَمعناه أَيُّ الليلِ اللّهُ أَسرع إِجابةً فِيه مِنه في غَيْرِه وما زاد على الفِعْل الثُّلاثي لا يُبْنَى مِنْه أفْعَلُ مِنْ كذا إِلا في أَحرف جاءَت شاذة وحَكى الزمخشريُّ قال كأَنَّه في التَّقْدير مِن جابَتِ الدَّعْوةُ بوزن فَعُلْتُ بالضم كطالَتْ أَي صارَتْ مُسْتَجابةَ كقولهم في فَقِيرٍ وشَديدٍ كأَنهما مِنْ فَقُرَ وشَدُدَ وليس ذلك بمستعمل ويجوز أَن يكون من جُبتُ الأَرضَ إِذ قَطَعْتَها بالسير على معنى أَمْضَى دَعْوَةً وأَنْفَذُ إِلى مَظانِّ الإِجابةِ والقَبُول وقال غيره الأَصل جاب يجوب مثل طاع يَطُوعُ قال الفرَّاءُ قيل لأَعرابي يا مُصابُ فقال أَنتَ أَصْوَبُ مني قال والأَصل الإِصابةُ مِن صابَ يَصُوبُ إِذا قَصَدَ وانجابَتِ الناقةُ مَدَّت عُنُقَها للحَلَبِ قال وأُراه مِن هذا كَأَنَّها أَجابَتْ حالِبَها على أَنَّا لم نَجِدِ انْفَعَل مِنْ أَجابَ قال أَبو سعيد قال لي أَبو عَمْرو بن العلاءِ اكْتُبْ لي الهمز فكتبته له فقال لي سَلْ عنِ انْجابَتِ الناقةُ أَمَهْموز أَمْ لا ؟ فسأَلت فلم أَجده مهموزاً
والمُجاوَبةُ والتَّجارُبُ التَّحاوُرُ
وتَجاوَبَ القومُ جاوَبَ بَعضُهم بَعْضاً واسْتَعمله بعضُ الشُعراءِ في الطير فقال جَحْدَرٌ
ومِمَّا زادَني فاهْتَجْتُ شَوْقاً ... غِنَاءُ حَمامَتَيْنِ تَجاوَبانِ ( 1 )
( 1 قوله « غناء » في بعض نسخ المحكم أيضاً بكاء )
تَجاوَبَتا بِلَحْنٍ أَعْجَمِيٍّ ... على غُصْنَينِ مِن غَرَبٍ وبَانِ
واسْتَعمَلَه بعضُهم في الإِبل والخيل فقال
تَنادَوْا بأَعْلى سُحْرةٍ وتَجاوَبَتْ ... هَوادِرُ في حافاتِهِم وصَهِيلُ
[ ص 285 ] وفي حديث بناءِ الكَعْبَةِ فسَمِعنا جَواباَ مِن السَّماءِ فإِذا بِطائِرٍ أَعظَم مِن النَّسْرِ الجَوابُ صَوْتُ الجَوْبِ وهو انْقِضاضُ الطير وقولُ ذي الرمة
كأَنَّ رِجْلَيْهِ رِجْلا مُقْطِفٍ عَجِلٍ ... إِذا تَجاوَبَ مِنْ بُرْدَيْهِ تَرْنِيمُ
أَراد تَرْنِيمانِ تَرْنِيمٌ من هذا الجَناح وتَرْنِيمٌ مِن هذا الآخر وأَرضٌ مُجَوَّبةٌ أَصابَ المطَرُ بعضَها ولم يُصِبْ بَعْضاً وجابَ الشيءَ جَوْباً واجْتابَه خَرَقَه وكُلُّ مُجَوَّفٍ قَطَعْتَ وسَطَه فقد جُبْتَه وجابَ الصخرةَ جَوْباً نَقَبها وفي التنزيل العزيز وثَمُودَ الذين جابُوا الصَّخْرَ بِالوادِ قال الفرَّاءُ جابُوا خَرَقُوا الصَّخْرَ فاتَّخَذُوه بُيُوتاً ونحو ذلك قال الزجاجُ واعتبره بقوله وتَنْحِتُون مِن الجِبال بُيُوتاً فارِهِينَ وجابَ يَجُوبُ جَوْباً قَطَعَ وخَرَقَ ورجُلٌ جَوَّابٌ مُعْتادٌ لذلك إِذا كان قَطَّاعاً للبِلادِ سَيَّاراً فيها ومنه قول لقمان بن عاد في أَخيه جَوَّابُ لَيْلٍ سَرْمد أَراد أَنه يَسْري لَيْلَه كُلَّه لا يَنامُ يَصِفُه بالشَّجاعة وفلان جوَّابٌ جَأّبٌ أَي يَجُوبُ البِلاد ويَكْسِبُ المالَ وجَوَّابٌ اسم رجل من بني كلابٍ قال ابن السكيت سُمي جَوَّاباً لأَنه كان لا يَحْفِرُ بئْراً ولا صخْرةً إِلا أَماهَها وجابَ النعلَ جَوْباً قَدَّها والمِجْوَب الذي يُجابُ به وهي حَديدةٌ يُجابُ بها أَي يُقْطَعُ وجابَ المفَازةَ والظُّلْمةَ جَوْباً واجْتابَها قَطَعَها وجابَ البِلادَ يَجُوبُها جَوْباً قَطَعَها سَيْراً وجُبْتُ البَلدَ واجْتَبْتُه قَطَعْتُه وجُبْتُ البِلاد أَجُوبُها وأَجِيبُها إِذا قَطَعتها وجَوَّابُ الفَلاةِ دَلِيلُها لقَطْعِه إِيَّاها والجَوْبُ قطْعُك الشيءَ كما يُجابُ الجَيْبُ يقال جَيْبٌ مَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ وكلُّ مُجَوَّفٍ وسَطُه فهو مُجَوَّبٌ قال الراجز واجْتابَ قَيْظاً يَلْتَظِي التِظاؤُهُ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه قال للأَنْصارِ يَوْم السَّقِيفةِ إِنما جِيبَتِ العَرَبُ عنا كما جِيبَت الرَّحَى عن قُطْبها أَي خُرِقَتِ العَربُ عَنَّا فكُنَّا وسَطاً وكانت العرَبُ حَوالَينا كالرَّحَى وقُطْبِها الذي تَدُورُ عليه وانْجابَ عنه الظَّلامُ انْشَقَّ وانْجابَتِ الأَرضُ انْخَرَقَتْ والجَوائِبُ الأَخْبارُ الطَّارِئةُ لأَنها تَجُوبُ البِلادَ تقول هل جاءَكم من جائبِة خَبَرٍ أي مِن طَريقةٍ خارِقةٍ أَو خَبَرٍ يَجُوبُ الأَرْضَ منْ بَلَدٍ إلى بَلَدٍ حكاه ثعلب بالإِضافة وقال الشاعر يَتَنازَعُون جَوائِبَ الأَمْثالِ يعني سَوائِرَ تَجُوبُ البلاد والجابةُ المِدْرى من الظِّباءِ حين جابَ قَرْنُها أَي قَطَعَ اللحم وطَلَع وقيل هي المَلْساءُ اللَّيِّنةُ القَرْن فإِن كان على ذلك فليس لها اشتقاق التهذيب عن أَبي عبيدة جابةُ المِدْرَى من الظِّباءِ غير مهموز حين طَلَعَ قَرْنهُ [ ص 286 ] شمر جابةُ المِدْرَى أَي جائِبَتُه حِينَ جابَ قَرْنُها الجِلدَ فَطَلَعَ وهو غير مهموز وجُبْتُ القَمِيصَ قَوَّرْتُ جَيْبَه أَجُوبُه وأَجِيبُه وقال شَمر جُبْتُه وجِبْتُه قال الراجز باتَتْ تَجِيبُ أَدْعَجَ الظَّلامِ جَيْبَ البِيَطْرِ مِدْرَعَ الهُمامِ قال وليس من لفظ الجَيْبِ لأَنه من الواو والجَيْبُ من الياءِ قال وليس بفَيْعلٍ لأَنه لم يُلْفظ به على فَيْعَلٍ وفي بعض نسخ المُصَنَّف جِبْتُ القَمِيصَ بالكسر أَي قَوَّرْتُ جَيْبَه وجَيَّبْتُه عَمِلت له جَيْباً واجْتَبْتُ القَمِيصَ إِذا لَبِسْتَه قال لبيد
فَبِتِلْكَ إِذْ رَقَصَ اللَّوامِعُ بالضُّحَى ... واجْتابَ أَرْدِيةَ السَّرابِ إِكامُها
قوله فَبِتِلْكَ يعني بناقَتِه التي وصَفَ سَيْرَها والباءُ في بتلك
متعلقة بقوله أَقْضي في البيت الذي بعده وهو
أَقْضِي اللُّبانةَ لا أَفَرِّطُ رِيبةً ... أَو أَنْ يَلُومَ بِحاجةٍ لُوَّامُها
واجْتابَ احْتَفَر قال لبيد
تَجْتابُ أَصْلاً قائماً مُتَنَبِّذاً ... بُعُجُوبِ أَنْقاءٍ يَمِيلُ هَيامُها ( 1 )
( 1 قوله « قائماً » كذا في التهذيب والذي في التكملة وشرح الزوزني قالصاً ) يَصِف بقرة احْتَفَرَت كِناساً تَكْتَنُّ فيه من المطر في أَصْل أَرطاةٍ ابن بزرج جَيَّبْتُ القَمِيصَ وجَوَّبْتُه التهذيب واجتابَ فلانٌ ثوباً إذا لَبِسَه وأَنشد
تَحَسَّرَتْ عِقَّةٌ عنها فأَنْسَلَها ... واجْتاب أُخْرَى جَديداً بَعْدَما ابْتَقَلا
وفي الحديث أَتاه قَومٌ مُجْتابي ( 2 )
( 2 قوله « قوم مجتابي » كذا في النهاية مضبوطاً هنا وفي مادة نمر ) النِّمارِ أَي لابِسِيها يقال اجْتَبْتُ القمِيصَ والظَّلامَ أَي دَخَلْتُ فيهما قال وكلُّ شيءٍ قُطِع وَسَطُه فهو مَجْيُوبٌ ومَجُوبٌ ومُجَوَّبٌ ومنه سُمي جَيْبُ القَمِيصِ وفي حديث عليّ كَرَّم اللّه وجهه أَخَذْتُ إِهاباً مَعْطُوناً فَجَوَّبْتُ وَسَطه وأَدْخَلْتُه في عُنُقي وفي حديث خَيْفانَ وأَما هذا الحَيُّ مِن أَنْمارٍ فَجَوْبُ أَبٍ وأَوْلادُ عَلَّةٍ أَي إِنهم جِيبُوا من أَبٍ واحد وقُطِعُوا منه والجُوَبُ الفُرُوجُ لأَنها تُقْطَع مُتَّصلاً والجَوْبة فَجْوةُ ما بين البُيُوتِ والجَوْبةُ الحُفْرةُ والجَوْبةُ فَضاءٌ أَمْلَسُ سَهْلٌ بَيْنَ أَرْضَيْنِ وقال أَبو حنيفة الجَوْبةُ من الأَرضِ الدارةُ وهي المكانُ المُنْجابُ الوطِيءُ من الأَرض القليلُ الشجرِ مِثْلُ الغائط المُسْتَدير ولا يكون في رَمْلٍ ولا جَبَلٍ إِنما يكون في أَجلاد الأَرض ورِحابِها سمي جَوْبةً لانْجِيابِ الشجر عنها والجمع جَوْباتٌ وجُوَبٌ نادر والجَوْبةُ موضع يَنْجابُ في الحَرَّة والجمع جُوَبٌ التهذيب الجَوْبةُ شِبْهُ رَهْوة تكون بين ظَهْرانَيْ دُورِ القَوْمِ يَسِيلُ منها ماءُ المطَر وكل مُنْفَتِقٍ يَتَّسِعُ فهو جَوْبةٌ وفي حديث الاسْتِسْقاء حتى صارت المَدينةُ مِثلَ الجَوْبةِ قال هي الحُفْرةُ المُسْتَديرةُ الواسِعةُ وكلُّ مُنْفَتِقٍ بلا [ ص 287 ] بِناءٍ جَوْبةٌ أَي حتى صار الغَيْمُ والسَّحابُ مُحِيطاً بآفاق المدينةِ والجَوْبةُ الفُرْجةُ في السَّحابِ وفي الجبال وانْجابَتِ السَّحابةُ انْكَشَفَتْ وقول العَجَّاج
حتى إِذا ضَوْءُ القُمَيْرِ جَوَّبا ... لَيْلاً كأَثْناءِ السُّدُوسِ غَيْهَبا
قال جَوَّبَ أَي نَوَّرَ وكَشَفَ وجَلَّى وفي الحديث فانْجابَ السَّحابُ عن المدينةِ حتى صار كالإِكْلِيل أَي انْجَمَعَ وتَقَبَّضَ بعضُه إِلى بعض وانْكَشَفَ عنها والجَوْبُ كالبَقِيرة وقيل الجَوْبُ الدِّرْعُ تَلْبَسُه المرأَةُ والجَوْبُ الدَّلْو الضَّخْمةُ عن كراع والجَوْبُ التُّرْسُ والجمع أَجْوابٌ وهو المِجْوَبُ قال لبيد
فأَجازَني منه بِطِرْسٍ ناطِقٍ ... وبكلِّ أَطْلَسَ جَوْبُه في المَنْكِبِ
يعني بكل حَبَشِيٍّ جَوْبهُ في مَنْكِبَيْه وفي حديث غَزْوة أُحُدٍ وأَبو طلحةَ مُجَوِّبٌ على النبي صلى اللّه عليه وسلم بحَجَفَةٍ أَي مُتَرِّسٌ عليه يَقِيه بها ويقال للتُّرْسِ أَيضاً جَوبةٌ والجَوْبُ الكانُونُ قال أَبو نخلةَ كالجَوْبِ أَذْكَى جَمرَه الصَّنَوْبَرُ
وجابانُ اسمُ رجل أَلفُه منقلبة عن واو كأَنه جَوَبانُ فقلبت الواو قلباً لغير علة وإِنما قيل فيه إِنه فَعَلانُ ولم يقل إِنه فاعال من ج ب ن لقول الشاعر
عَشَّيْتُ جابانَ حتى اسْتَدَّ مَغْرِضُه ... وكادَ يَهْلِكُ لولا أَنه اطَّافا
قُولا لجَابانَ فلْيَلْحَقْ بِطِيَّتِه ... نَوْمُ الضُّحَى بَعْدَ نَوْمِ الليلِ إِسْرافُ ( 1 )
( 1 قوله « إسراف » هو بالرفع في بعض نسخ المحكم وبالنصب كسابقه في بعضه أيضاً وعليها فلا اقواء )
فَتَركَ صَرْفَ جابانَ فدلَّ ذلك على أَنه فَعَلانُ ويقال فلان فيه
جَوْبانِ من خُلُقٍ أَي ضَرْبان لا يَثْبُتُ على خُلُقٍ واحدٍ قال ذو الرمة جَوْبَيْنِ مِن هَماهِمِ الأَغْوالِ أَي تَسْمَعُ ضَرْبَيْنِ من أَصوات الغِيلانِ وفي صفةِ نَهَرِ الجنة حافَتاه الياقوتُ المُجَيَّبُ وجاءَ في مَعالِم السُّنَن المُجَيَّبُ أَو المُجَوَّبُ بالباءِ فيهما على الشك وأَصله من جُبْتُ الشيءَ إِذا قَطَعْتَه وسنذكره أَيضاً في جيب والجابَتانِ موضِعانِ قال أَبو صَخْرٍ الهُذلي
لمَن الدِّيارُ تَلُوحُ كالوَشْمِ ... بالجَابَتَيْنِ فَرَوْضةِ الحَزْمِ
وتَجُوبُ قَبيلةٌ من حِمْيَر حُلَفاءُ لمُرادٍ منهم ابن مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللّه قال الكميت
أَلا إِنَّ خَيْرَ الناسِ بَعْدَ ثلاثةٍ ... قَتِيلُ التَّجُوِبيِّ الذي جاءَ مِنْ مِصْرِ
هذا قول الجوهري قال ابن بري البيت للوَليد بن عُقْبة وليس للكميت كما ذكر وصواب إِنشاده قَتِيلُ التُّجِيبِيِّ الذي جاءَ من مصرِ [ ص 288 ] وإِنما غَلَّطه في ذلك أَنه ظَنَّ أَن الثلاثة أَبو بكر وعمرُ وعثمانُ رضوانُ اللّه عليهم فظَنَّ أَنه في عليّ رضي اللّه عنه فقال التَّجُوبِيّ بالواو وإِنما الثلاثة سيِّدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما لأَن الوليد رَثَى بهذا الشِّعْر عثمانَ بن عفان رضي اللّه عنه وقاتِلُه كِنانةُ بن بِشر التُّجِيبيّ وأَما قاتل عليّ رضي اللّه عنه فهو التَّجُوبِيُّ ورأَيت في حاشيةٍ ما مِثالُه أَنشد أَبو عبيد البَكْرِيّ رحمه اللّه في كتابه فَصْلِ المقال في شرح كتاب الأَمثال هذا البيت الذي هو أَلا إِنَّ خير الناس بعد ثلاثة لِنائلةَ بنتِ الفُرافِصةِ بن الأَحْوَصِ الكَلْبِيَّةِ زَوْجِ عثمان رضي اللّه عنه تَرثِيه وبعده
وما لِيَ لا أَبْكِي وتَبْكِي قَرابَتي ... وقد حُجِبَتْ عنا فُضُولُ أَبي عَمْرِو

( جيب ) الجَيْبُ جَيْبُ القَمِيصِ والدِّرْعِ والجمع جُيُوبٌ وفي التنزيل العزيز ولْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنّ على جُيُوبِهِنَّ وجِبْتُ القَمِيصَ قَوَّرْتُ جَيْبَه وجَيَّبْتُه جَعَلْت له جَيْباً وأَما قولهم جُبْتُ جَيْبَ القميص فليس جُبْتُ من هذا الباب لأَنَّ عين جُبْتُ إِنما هو من جابَ يَجُوبُ والجَيْبُ عينه ياءٌ لقولهم جُيُوبٌ فهو على هذا من باب سَبِطٍ وسِبَطْرٍ ودَمِثٍ ودِمَثْرٍ وأَن هذه أَلفاظ اقْتَرَبَتْ أُصولُها واتَّفَقَتْ معانِيها وكلُّ واحد منها لفظه غير لفظ صاحبه وجَيَّبْتُ القَمِيصَ تَجْييباً عَمِلْتُ له جَيْباً وفلانٌ ناصحُ الجَيْبِ يُعْنَى بذلك قَلْبُه وصَدْرُه أَي أَمِينٌ قال وخَشَّنْتِ صَدْراً جَيْبُه لكِ ناصحُ وجَيْبُ الأَرضِ مَد خَلُها قال ذو الرمة
طَواها إِلى حَيْزومِها وانْطَوَتْ لها ... جُيوبُ الفَيافي حَزْنُها ورِمالُها
وفي الحديث في صفة نهر الجنة حافَتاه الياقُوتُ المُجَيَّبُ قال ابن الأَثير الذي جاءَ في كتاب البخاري اللُّؤْلُؤُ المُجَوَّفُ وهو معروف والذي جاءَ في سنن أَبي داود المُجَيَّبُ أَو المُجَوَّفُ بالشك والذي جاءَ في معالم السنن المُجَيَّبُ أَو المُجَوَّبُ بالباءِ فيهما على الشك وقال معناه الأَجْوَفُ وأَصله من جُبْتُ الشيءَ إِذا قَطَعْته والشيء مَجُوبٌ أَو مَجِيبٌ كما قالوا مَشِيبٌ ومَشُوبٌ وانقلاب الواو إِلى الياء كثير في كلامهم وأَما مُجَيَّبٌ مشدَّد فهو من قولهم جَيَّبَ يُجَيِّبُ فهو مُجَيَّبٌ أَي مُقَوَّرٌ وكذلك بالواو وتُجِيبُ بطن من كِنْدةَ وهو تُجِيبُ بن كِنْدةَ بن ثَوْرٍ

( حأب ) حافِرٌ حَوْأَبٌ وَأْبٌ مُقَعَّبٌ ووادِ حَوْأَبٌ واسِعٌ الأَزهري الحَوْأَبُ وادٍ في وَهْدةٍ من الأَرضِ واسِعٌ ودَلْوٌ حَوْأَبٌ وحَوْأَبَةٌ كذلك وقيل ضَخْمةٌ قال حَوْأَبةٌ تُنْقِضُ بالضُّلُوعِ أَي تسمع للضُّلُوعِ نَقِيضاً من ثِقَلِها وقيل هي [ ص 289 ] الحَوْأَبُ وإِنما أَنَّث على معنى الدَّلْو والحَوْأَبةُ أَضْخَمُ ما يكونُ مِن العِلابِ وحَوْأَبٌ ماءٌ أَو موضع قريب من البَصرة ويقال له أَيضاً الحَوْأَبُ الجوهري الحَوْأَبُ مهموز ماءٌ مِن مِياهِ العرب على طريق البصرة وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم قال لنسائه أَيَّتُكُنَّ تَنْبَحُها كِلابُ الحَوْأَبِ ؟ قال الحَوْأَبُ مَنْزِل بين البصرة ومكة وهو الذي نزلته عائشةُ رضي اللّه عنها لمَّا جاءَت إِلى البَصرة في وَقْعة الجَمل التهذيب الحَوْأَبُ موضع بئر نبحت كلابُه أُمَّ المؤْمنين مَقْبَلَها مِن البَصرة قال الشاعر
ما هِيَ إِلاَّ شَرْبةٌ بالحَوْأَبِ ... فَصَعِّدِي مِنْ بَعْدِها أَوْ صَوِّبي
وقال كراع الحَوْأَبُ المَنْهَلُ قال ابن سيده فلا أَدري أَهُوَ جِنْس عنده أَم مَنْهَل معروف والحَوْأَبُ بنْتُ كَلْبِ بن وَبْرَةَ

( حبب ) الحُبُّ نَقِيضُ البُغْضِ والحُبُّ الودادُ والمَحَبَّةُ وكذلك الحِبُّ بالكسر وحُكِي عن خالد ابن نَضْلَة ما هذا الحِبُّ الطارِقُ ؟ وأَحَبَّهُ فهو مُحِبٌّ وهو مَحْبُوبٌ على غير قياس هذا الأَكثر وقد قيل مُحَبٌّ على القِياس قال الأَزهري وقد جاء المُحَبُّ شاذاً في الشعر قال عنترة
ولقد نَزَلْتِ فلا تَظُنِّي غيرَه ... مِنِّي بِمَنْزِلةِ المُحَبِّ المُكْرَمِ
وحكى الأَزهري عن الفرَّاءِ قال وحَبَبْتُه لغة قال غيره وكَرِهَ
بعضُهم حَبَبْتُه وأَنكر أَن يكون هذا البيتُ لِفَصِيحٍ وهو قول عَيْلانَ بن شُجاع النَّهْشَلِي
أُحِبُّ أَبا مَرْوانَ مِنْ أَجْل تَمْرِه ... وأَعْلَمُ أَنَّ الجارَ بالجارِ أَرْفَقُ
فَأُقْسِمُ لَوْلا تَمْرُه ما حَبَبْتُه ... ولا كانَ أَدْنَى مِنْ عُبَيْدٍ ومُشْرِقِ
وكان أَبو العباس المبرد يروي هذا الشعر وكان عِياضٌ منه أَدْنَى ومُشْرِقُ وعلى هذه الروايةِ لا كون فيه إِقواء وحَبَّه يَحِبُّه بالكسر فهو مَحْبُوبٌ قال الجوهري وهذا شاذ لأَنه لا يأْتي في المضاعف يَفْعِلُ بالكسر إِلاّ ويَشرَكُه يَفْعُل بالضم إِذا كان مُتَعَدِّياً ما خَلا هذا الحرفَ وحكى سيبويه حَبَبْتُه وأَحْبَبْتُه بمعنى أَبو زيد أَحَبَّه اللّه فهو مَحْبُوبٌ قال ومثله مَحْزُونٌ ومَجْنُونٌ ومَزْكُومٌ ومَكْزُوزٌ ومَقْرُورٌ وذلك أَنهم يقولون قد فُعِلَ بغير أَلف في هذا كله ثم يُبْنَى مَفْعُول على فُعِلَ وإِلاّ فلا وَجْهَ له فإِذا قالوا أَفْعَلَه اللّه فهو كلُّه بالأَلف وحكى اللحياني عن بني سُلَيْم ما أَحَبْتُ ذلك أَي ما أَحْبَبْتُ كما قالوا ظَنْتُ ذلك أَي ظَنَنْتُ ومثله ما حكاه سيبويه من قولهم ظَلْتُ وقال في ساعةٍ يُحَبُّها الطَّعامُ أَي يُحَبُّ فيها واسْتَحَبَّه كأَحَبَّه والاسْتِحْبابُ كالاسْتِحْسانِ وإِنه لَمِنْ حُبَّةِ نَفْسِي أَي مِمَّنْ أُحِبُّ وحُبَّتُك ما أَحْبَبْتَ أَن تُعْطاهُ أَو يكون لك واخْتَرْ [ ص 290 ] حُبَّتَك ومَحَبَّتَك من الناس وغَيْرِهِم أَي الذي تُحِبُّه والمَحَبَّةُ أَيضاً اسم للحُبِّ والحِبابُ بالكسر المُحابَّةُ والمُوادَّةُ والحُبُّ قال أَبو ذؤيب
فَقُلْتُ لقَلْبي يا لَكَ الخَيْرُ إِنَّما ... يُدَلِّيكَ للخَيْرِ الجَدِيدِ حِبابُها
وقال صخر الغي
إِنّي بدَهْماءَ عَزَّ ما أَجِدُ ... عاوَدَنِي مِنْ حِبابِها الزُّؤُدُ
وتَحَبَّبَ إِليه تَودَّدَ وامرأَةٌ مُحِبَّةٌ لزَوْجِها ومُحِبٌّ أَيضاً عن الفرَّاءِ الأَزهري يقال حُبَّ الشيءُ فهو مَحْبُوبٌ ثم لا يقولون حَبَبْتُه كما قالوا جُنَّ فهو مَجْنُون ثم يقولون أَجَنَّه اللّهُ والحِبُّ الحَبِيبُ مثل خِدْنٍ وخَدِينٍ قال ابن بري رحمه اللّه الحَبِيبُ يجيءُ تارة بمعنى المُحِبِّ كقول المُخَبَّلِ
أَتَهْجُرُ لَيْلَى بالفِراقِ حَبِيبَها ... وما كان نَفْساً بالفِراقِ تَطِيبُ
أَي مُحِبَّها ويجيءُ تارة بمعنى المحْبُوب كقول ابن الدُّمَيْنةِ
وانّ الكَثِيبَ الفَرْدَ مِن جانِبِ الحِمَى ... إِلَيَّ وإِنْ لم آتهِ لحَبِيبُ
أَي لمَحْبُوبٌ والحِبُّ المَحْبُوبُ وكان زَيْدُ بن حارِثةَ رضي اللّه عنه يُدْعَى حِبَّ رَسولِ اللّه صلة اللّه عليه وسلم والأَنثى بالهاءِ وفي الحديث ومن يَجْتَرئُ على ذلك إِلا أُسامةُ حِبُّ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَي مَحْبُوبُه وكان رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُحِبُّه كثيراً وفي حديث فاطِمَة رضوان اللّه عليها قال لها رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم عن عائشة إِنَّها حِبَّةُ أَبِيكِ الحِبُّ بالكسر المَحْبُوبُ والأُنثى حِبَّةٌ وجَمْعُ الحِبِّ أَحْبابٌ وحِبَّانٌ وحُبُوبٌ وحِبَبةٌ وحُبٌّ هذه الأَخيرة إِما أَن تكون من الجَمْع العزيز وإِما أَن تكون اسماً للجَمْعِ والحَبِيبُ والحُبابُ بالضم الحِبُّ والأُنثى بالهاءِ الأَزهري يقال للحَبِيب حُبابٌ مُخَفَّفٌ وقال الليث الحِبَّةُ والحِبُّ بمنزلة الحَبِيبةِ والحَبِيب وحكى ابن الأَعرابي أَنا حَبِيبُكم أَي مُحِبُّكم وأَنشد ورُبَّ حَبِيبٍ ناصِحٍ غَيْرِ مَحْبُوبِ والحُبابُ بالضم الحُبُّ قال أَبو عَطاء السِّنْدِي مَوْلى بني أَسَد
فوَاللّهِ ما أَدْرِي وإِنِّي لصَادِقٌ ... أَداءٌ عَراني مِنْ حُبابِكِ أَمْ سِحْرُ
قال ابن بري المشهور عند الرُّواة مِن حِبابِكِ بكسر الحاءِ وفيه وَجْهان أَحدهما أَن يكون مصدر حابَبْتُه مُحابَّةً وحِباباً والثاني أَن يكون جمع حُبٍّ مثل عُشٍّ وعِشاشٍ ورواه بعضهم من جَنابِكِ بالجيم والنون أَي ناحِيَتكِ وفي حديث أُحُد هو جَبَلُّ يُحِبُّنا ونُحِبُّه قال ابن الأَثير هذا محمول على المجاز أَراد أَنه جبل يُحِبُّنا [ ص 291 ] أَهْلُه ونُحِبُّ أَهْلَه وهم الأَنصار ويجوز أَن يكون من باب المَجاز الصَّريح أَي إِنَّنا نحِبُّ الجَبلَ بعَيْنِهِ لأَنه في أَرْضِ مَن نُحِبُّ وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه انْظُروا حُبّ الأَنصار التَّمرَ يُروى بضم الحاءِ وهو الاسم من المَحَبَّةِ وقد جاءَ في بعض الرِّوايات باسقاط انظُروا وقال حُبّ الانصار التمرُ فيجوز أَن يكون بالضم كالأَوّل وحذف الفعل وهو مراد للعلم به أَو على جعل التمر نفس الحُبِّ مبالغة في حُبِّهم إِياه ويجوز أَن تكون الحاءُ مكسورة بمعنى المحبوب أَي مَحْبُوبُهم التمرُ وحينئذ يكون التمر على الأَوّل وهو المشهور في الرواية منصوباً بالحُب وعلى الثاني والثالث مَرْفُوعاً على خبر المبتدإِ وقالوا حَبَّ بِفُلان أَي ما أَحَبَّه إِلَيَّ قال أَبو عبيد معناه ( 1 )
( 1 قوله « قال أبو عبيد معناه إلخ » الذي في الصحاح قال الفراء معناه إلخ )
حَبُبَ بِفُلان بضم الباءِ ثم سُكِّن وأُدغم في الثانية وحَبُبْتُ إِليه صِرْتُ حَبِيباً ولا نَظِير له إِلا شَرُرْتُ مِن الشَّرِّ وما حكاه سيبويه عن يونس قولهم لَبُبْتُ من اللُّبِّ وتقول ما كنتَ حَبيباً ولقد حَبِبْتَ بالكسر أَي صِرْتَ حَبِيباً وحَبَّذَا الأَمْرُ أَي هو حَبِيبٌ قال سيبويه جعلوا حَبّ مع ذا بمنزلة الشيءِ
الواحد وهو عنده اسم وما بعده مرفوع به ولَزِمَ ذا حَبَّ وجَرَى كالمثل والدَّلِيلُ على ذلك أَنهم يقولون في المؤَنث حَبَّذا ولا يقولون حَبَّذِه ومنهُ قولهم حَبَّذا زَيْدٌ فَحَبَّ فِعْل ماضٍ لا يَتصرَّف وأَصله حَبُبَ على ما قاله الفرّاءُ وذا فاعله وهو اسم مُبْهَم مِن أَسْماءِ الإشارة جُعِلا شيئاً واحداً فصارا بمنزلة اسم يُرْفَع ما بعده وموضعه رفع بالابْتداءِ وزيد خبره ولا يجوز أَن يكون بدلاً مِن ذا لأَنّك تقول حَبَّذا امرأَةٌ ولو كان بدلاً لقلت حَبَّذِهِ المرأَةُ قال جرير
يا حَبَّذَا جَبَلُ الرَّيَّانِ مِنْ جَبَلٍ ... وحَبَّذا ساكِنُ الرَّيّانِ مَنْ كانا
وحَبَّذا نَفَحاتٌ مِنْ يَمانِيةٍ ... تَأْتِيكَ مِنْ قِبَلِ الرَّيَّانِ أَحيانا
الأَزهري وأَما قولهم حبّذا كذا وكذا بتشديد الباء فهو حَرْفُ مَعْنىً أُلِّفَ من حَبَّ وذا يقال حَبَّذا الإِمارةُ والأَصل حَبُبَ ذا فأَدْغِمَتْ إِحْدَى الباءَين في الأُخْرى وشُدّدتْ وذا إِشارةٌ إِلى ما يَقْرُب منك وأَنشد بعضهم
حَبَّذا رَجْعُها إِلَيها يَدَيْها ... في يَدَيْ دِرْعِها تَحُلُّ الإِزارَا ( 2 )
( 2 قوله « إليها يديها » هذا ما وقع في التهذيب أيضاً ووقع في الجزء العشرين إليك )
كأَنه قال حَبُبَ ذا ثم ترجم عن ذا فقالَ هو رَجْعُها يديها إِلى
حَلِّ تِكَّتِها أَي ما أَحَبَّه ويَدَا دِرْعِها كُمَّاها وقال أَبو الحسن بن كيسان حَبَّذا كَلِمتان جُعِلَتا شيئاً واحداً ولم تُغَيَّرا في تثنية ولا جمع ولا تَأْنِيث ورُفِع بها الاسم تقول حَبَّذا زَيْدٌ وحَبَّذا الزَّيْدانِ وحَبَّذا الزَّيْدُونَ وحَبَّذا هِنْد وحَبَّذا أَنْتَ وأَنْتُما وأَنتُم وحَبَّذا يُبتدأُ بها وإِن قلت زَيْد حَبَّذا فهي جائزة وهي قَبِيحة لأَن حَبَّذا كلمة مَدْح يُبْتَدأُ بها لأَنها جَوابٌ وإِنما لم تُثَنَّ ولم تُجمع ولم [ ص 292 ] تُؤَنَّثْ لأَنك إِنما أَجْرَيْتَها على ذِكر شيءٍ سَمِعْته فكأَنك قلت حَبَّذا الذِّكْرُ ذُكْرُ زَيْدٍ فصار زيدٌ موضعَ ذكره وصارَ ذا مشاراً إِلى الذِّكْرِيّةِ والذِّكرُ مُذَكَّرٌ وحَبَّذا في الحَقِيقةِ فِعْلٌ واسْم حَبَّ بمنزلة نِعْم وذا فاعل بمنزلة الرَّجل الأَزهري قال وأَمَّا حَبَّذا فإِنه حَبَّ ذا فإِذا وَصَلْتَ رَفَعْتَ به فقلت حَبَّذا زَيْدٌ وحَبَّبَ إِليه الأَمْرَ جعله يُحِبُّه وهم يَتَحابُّون أَي يُحِبُّ بعضُهم بَعْضاً وحَبَّ إِلَيَّ هذا الشيءُ يَحَبُّ حُبّاً قال ساعدة
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ... وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
وأَنشد الأَزهري
دَعانا فسَمَّانَا الشِّعارَ مُقَدِّماً ... وحَبَّ إِلَيْنا أَن نَكُونَ المُقدَّما
وقولُ ساعدة وحَبَّ مَنْ يَتَجَنَّب أَي حَبَّ بها إِليّ مُتَجَنِّبةً وفي الصحاح في هذا البيت وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ وقال أَراد حَبُبَ فأَدْغَمَ ونَقَل الضَّمَّةَ إِلى الحاءِ لأَنه مَدْحٌ ونَسَبَ هذا القَوْلَ إِلى ابن السكيت وحَبابُكَ أَن يكون ذلِكَ أَو حَبابُكَ أَن تَفْعَلَ ذلك أَي غايةُ مَحَبَّتِك وقال اللحياني معناه مَبْلَغُ جُهْدِكَ ولم يذكر الحُبَّ ومثله حماداكَ أَي جُهْدُك وغايَتُكَ الأَصمعي حَبَّ بِفُلانٍ أَي ما أَحَبَّه إِليَّ وقال الفرَّاءُ معناه حَبُبَ بفلان بضم الباء ثم أُسْكِنَتْ وأُدْغِمَتْ في الثانية وأَنشد الفرَّاءُ
وزَادَه كَلَفاً في الحُبِّ أَنْ مَنَعَتْ ... وحَبَّ شيْئاً إِلى الإِنْسانِ ما مُنِعَا
قال وموضِعُ ما رفْع أَراد حَبُبَ فأَدْغَمَ وأَنشد شمر ولَحَبَّ بالطَّيْفِ المُلِمِّ خَيالا أَي ما أَحَبَّه إِليَّ أَي أَحْبِبْ بِه والتَّحَبُّبُ إِظْهارُ الحُبِّ وحِبَّانُ وحَبَّانُ اسْمانِ مَوْضُوعانِ مِن الحُبِّ والمُحَبَّةُ والمَحْبُوبةُ جميعاً من أَسْماءِ مَدِينةِ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم حكاهما كُراع لِحُبّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وأَصحابِه إِيَّاها ومَحْبَبٌ اسْمٌ عَلَمٌ جاءَ على الأَصل لمكان العلمية كما جاءَ مَكْوَزةٌ ومَزْيَدٌ وإِنما حملهم على أَن يَزِنوا مَحْبَباً بِمَفْعَلٍ دون فَعْلَلٍ لأَنهم وجدوا ما تركب من ح ب ب ولم يجدوا م ح ب ولولا هذا لكان حَمْلُهم مَحْبَباً على فَعْلَلٍ أَولى لأَنّ ظهور التضعيف في فَعْلَل هو القِياسُ والعُرْفُ كقَرْدَدٍ ومَهْدَدٍ وقوله أَنشده ثعلب
يَشُجُّ به المَوْماةَ مُسْتَحْكِمُ القُوَى ... لَهُ مِنْ أَخِلاَّءِ الصَّفاءِ حَبِيبُ
فسره فقال حَبِيبٌ أَي رَفِيقٌ والإِحْبابُ البُروكُ وأَحَبَّ البَعِيرُ بَرَكَ وقيل الإِحْبابُ في الإِبلِ كالحِرانِ في الخيل وهو أَن يَبْرُك فلا يَثُور قال أَبو محمد الفقعسي
حُلْتُ عَلَيْهِ بالقَفِيلِ ضَرْبا ... ضَرْبَ بَعِيرِ السَّوْءِ إِذْ أَحَبَّا
القَفِيلُ السَّوْطُ وبعير مُحِبٌّ وقال أَبو عبيدة في [ ص 293 ] قوله تعالى إِنّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الخَيْر عن ذِكْرِ رَبِّي أَي لَصِقْتُ بالأَرض لِحُبّ الخَيْلِ حتى فاتَتني الصلاةُ وهذا غير معروف في الإِنسان وإِنما هو معروف في الإِبل وأَحَبَّ البعِيرُ أَيضاً إِحْباباً أَصابَه كَسْرٌ أَو مَرَضٌ فلم يَبْرَحْ مكانَه حتى يَبْرأَ أَو يموتَ قال ثعلب ويقال للبَعِيرِ الحَسِيرِ مُحِبٌّ وأَنشد يصف امرأَةً قاسَتْ عَجِيزتها بحَبْلٍ وأَرْسَلَتْ به إِلى أَقْرانِها
جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بالسَّبَبْ ... فَهُنَّ بَعْدُ كُلُّهُنَّ كالمُحِبّْ
أَبو الهيثم الإِحْبابُ أَن يُشْرِفَ البعيرُ على الموت مِن شدّة المَرض فَيَبْرُكَ ولا يَقدِرَ أَن يَنْبَعِثَ قال الراجز ما كان ذَنْبِي في مُحِبٍّ بارِك أَتاهُ أَمْرُ اللّهِ وهو هالِك والإِحْبابُ البُرْءُ من كلّ مَرَضٍ ابن الأَعرابي حُبَّ إِذا أُتْعِبَ وحَبَّ إِذا وقَفَ وحَبَّ إِذا تَوَدَّدَ واسْتحَبَّتْ كَرِشُ المالِ إِذا أَمْسَكَتِ الماء وطال ظِمْؤُها وإِنما يكون ذلك إِذا التقت الطَّرْفُ والجَبْهةُ وطَلَعَ معهما سُهَيْلٌ والحَبُّ الزرعُ صغيراً كان أَو كبيراً واحدته حَبَّةٌ والحَبُّ معروف مُستعمَل في أَشياءَ جَمة حَبَّةٌ مِن بُرّ وحَبَّة مِن شَعير حتى يقولوا حَبَّةٌ من عِنَبٍ والحَبَّةُ من الشَّعِير والبُرِّ ونحوهما والجمع حَبَّاتٌ وحَبٌّ وحُبُوبٌ وحُبَّانٌ الأَخيرة نادرة لأَنَّ فَعلة لا تجمع على فُعْلانٍ إِلاّ بعد طَرْحِ الزائد وأَحَبَّ الزَّرْعُ وأَلَبَّ إِذا دخَل فيه الأُكْلُ وتَنَشَّأَ فيه الحَبُّ واللُّبُّ والحَبَّةُ السَّوْداءُ والحَبَّة الخَضْراء والحَبَّةُ من الشيءِ القِطْعةُ منه ويقال للبَرَدِ حَبُّ الغَمامِ وحَبُّ المُزْنِ وحَبُّ قُرٍّ وفي صفتِه صلى اللّه عليه وسلم ويَفْتَرُّ عن مِثْلِ حَبّ الغَمامِ يعني البَرَدَ شَبَّه به ثَغْرَه في بَياضِه وصَفائه وبَرْدِه
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) حبب الحُبُّ نَقِيضُ البُغْضِ والحُبُّ الودادُ والمَحَبَّةُ قال ابن السكيت وهذا جابِرٌ بن حَبَّةَ اسم للخُبْزِ وهو معرفة
وحَبَّةُ اسم امرأَةٍ قال
أَعَيْنَيَّ ساءَ اللّهُ مَنْ كانَ سَرَّه ... بُكاؤُكما أَوْ مَنْ يُحِبُّ أَذاكُما
ولوْ أَنَّ مَنْظُوراً وحَبَّةَ أُسْلِما ... لِنَزْعِ القَذَى لَمْ يُبْرِئَا لي قَذاكُما
قال ابن جني حَبَّةُ امرأَةٌ عَلِقَها رجُل من الجِنِّ يقال له مَنْظُور فكانت حَبَّةُ تَتَطَبَّبُ بما يُعَلِّمها مَنْظُور والحِبَّةُ بُزورُ البقُولِ والرَّياحِينِ واحدها حَبٌّ ( 1 )
( 1 قوله « واحدها حب » كذا في المحكم أيضاً ) الأَزهري عن الكسائي الحِبَّةُ حَبُّ الرَّياحِينِ وواحده حَبَّةٌ وقيل إِذا كانت الحُبُوبُ مختلفةً من كلِّ شيءٍ شيءٌ فهي حِبَّةٌ وقيل الحِبَّةُ بالكسر بُزورُ الصَّحْراءِ مما ليس بقوت وقيل الحِبَّةُ نبت يَنْبُتُ في الحَشِيشِ صِغارٌ وفي حديثِ أَهلِ النارِ فَيَنْبُتون كما تَنْبُتُ الحِبَّةُ في حَمِيل السَّيْلِ قالوا الحِبَّةُ إِذا كانت حُبوب مختلفة من كلّ شيءٍ والحَمِيلُ مَوْضِعٌ يَحْمِلُ فيه السَّيْلُ والجمع حِبَبٌ وقيل ما كان له [ ص 294 ] حَبٌّ من النَّباتِ فاسْمُ ذلك الحَبِّ الحِبَّة وقال أَبو حنيفة الحِبَّة بالكسر جميعُ بُزورِ النَّباتِ واحدتها حَبَّةٌ بالفتح عن الكسائي قال فأَما الحَبُّ فليس إِلا الحِنْطةَ والشَّعِيرَ واحدتها حَبَّةٌ بالفتح وإِنما افْتَرَقا في الجَمْع الجوهري الحَبَّةُ واحدة حَبِّ الحِنْطةِ ونحوها من الحُبُوبِ والحِبَّةُ بَزْر كلِّ نَباتٍ يَنْبُتُ وحْدَه من غير أَن يُبْذَرَ وكلُّ ما بُذِرَ فبَزْرُه حَبَّة بالفتح وقال ابن دريد الحِبَّةُ بالكسر ما كان مِن بَزْرِ العُشْبِ قال أَبو زياد إِذا تَكَسَّرَ اليَبِيسُ وتَراكَمَ فذلك الحِبَّة رواه عنه أَبو حنيفة قال وأَنشد قَوْلَ أَبي النَّجْمِ وَوَصَفَ إِبِلَه
تَبَقَّلَتْ مِن أَوَّلِ التَّبَقُّلِ ... في حِبَّةٍ جَرْفٍ وحَمْضٍ هَيْكَلِ
قال الأَزهري ويقال لِحَبّ الرَّياحِين حِبَّةٌ وللواحدة منها حَبّةٌ والحِبَّةُ حَبُّ البَقْل الذي ينْتَثِر والحَبَّة حَبَّةُ الطَّعام حَبَّةٌ من بُرٍّ وشَعِيرٍ وعَدَسٍ وأَرُزٍّ وكل ما يأْكُله الناسُ قال الأَزهري وسمعت العربَ تقول رَعَيْنا الحِبَّةَ وذلك في آخر الصَّيْف إِذا هاجتِ الأَرضُ ويَبِسَ البَقْلُ والعُشْبُ وتَناثَرتْ بُزُورُها وَوَرَقُها فإِذا رَعَتْها النَّعَم سَمِنَتْ عليها قال ورأَيتهم يسمون الحِبَّةَ بعد الانْتثارِ القَمِيمَ والقَفَّ وتَمامُ سِمَنِ النَّعَمِ بعد التَّبَقُّلِ ورَعْيِ العُشْبِ يكون بِسَفِّ الحِبَّةِ والقَمِيم قال ولا يقع اسم الحِبَّةِ إِلاّ على بُزُورِ العُشْبِ والبُقُولِ البَرِّيَّةِ وما تَناثر من ورَقِها فاخْتَلَطَ بها مثل القُلْقُلانِ والبَسْباسِ والذُّرَق والنَّفَل والمُلاَّحِ وأَصْناف أَحْرارِ البُقُولِ كلِّها وذُكُورها وحَبَّةُ القَلْبِ ثَمَرتُه وسُوَيْداؤُه وهي هَنةٌ سَوْداءُ فيه وقيل هي زَنَمةٌ في جَوْفِه قال الأَعشى فأَصَبْتُ حَبَّةَ قَلْبِها وطِحالَها الأَزهري حَبَّةُ القَلْب هي العَلَقةُ السَّوْداء التي تكون داخِلَ القَلْبِ وهي حَماطةُ القلب أَيضاً يقال أَصابَتْ فلانةُ حَبَّةَ قَلْبِ فُلان إِذا شَغَفَ قَلْبَه حُبُّها وقال أَبو عمرو الحَبَّةُ وَسَطُ القَلْبِ وحَبَبُ الأَسْنانِ تَنَضُّدُها قال طرفة
وإِذا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَباً ... كَرُضابِ المِسْكِ بالماءِ الخَصِرْ
قال ابن بري وقال غير الجوهري الحَبَبُ طَرائقُ مِن رِيقِها لأَنّ قَلَّةَ الرِّيقِ تكون عند تغير الفم ورُضابُ المِسْكِ قِطَعُه والحِبَبُ ما جَرَى على الأَسْنانِ من الماءِ كقِطَعِ القَوارِير وكذلك هو من الخَمْرِ حكاه أَبو حنيفة وأَنشد قول ابن أَحمر
لَها حِبَبٌ يَرَى الرَّاؤُون منها ... كما أَدْمَيْتَ في القَرْوِ الغَزالا
أَراد يَرى الرَّاؤُون منها في القَرْوِ كما أَدْمَيْتَ الغَزالا الأَزهري حَبَبُ الفَمِ ما يَتَحَبَّبُ من بَياضِ الرِّيقِ على الأَسْنانِ وحِبَبُ الماء وحَبَبُه وحَبابه بالفتح طَرائقُه وقيل حَبابُه نُفّاخاته وفَقاقِيعُه التي تَطْفُو كأَنَّها القَوارِيرُ وهي اليَعالِيلُ وقيل حَبابُ الماءِ مُعْظَمُه قال [ ص 295 ] طَرفةُ
يَشُقُّ حَبابَ الماءِ حَيْزُومُها بِها ... كما قَسَمَ التُّرْبَ المُفايِلُ باليَدِ
فَدَلَّ على انه المُعْظَمُ وقال ابن دريد الحَبَبُ حَبَبُ الماءِ وهو تَكَسُّره وهو الحَبابُ وأَنشد الليث
كأَنَّ صلاَ جَهِيزةَ حِينَ قامَتْ ... حَبابُ الماءِ يَتَّبِعُ الحَبابا
ويُروى حين تَمْشِي لم يُشَبِّهْ صَلاها ومَآكِمَها بالفَقاقِيع وإِنما شَبَّهَ مَآكِمَها بالحَبابِ الذي عليه ( 1 )
( 1 عليه أي على الماء )
كأَنَّه دَرَجٌ في حَدَبةٍ والصَّلا العَجِيزةُ وقيل حَبابُ الماءِ مَوْجُه الذي يَتْبَعُ بعضُه بعضاً قال ابن الأَعرابي وأَنشد شمر سُمُوّ حَبابِ الماءِ حالاً على حالِ قال وقال الأَصمعي حَبابُ الماءِ الطَّرائقُ التي في الماءِ كأَنَّها الوَشْيُ وقال جرير كنَسْجِ الرِّيح تَطَّرِدُ الحَبابا وحَبَبُ الأَسْنان تَنَضُّدها وأَنشد
وإِذا تَضْحَكُ تُبْدِي حَبَباً ... كأَقاحي الرَّمْلِ عَذْباً ذا أُشُرْ
أَبو عمرو الحَبابُ الطَّلُّ على الشجَر يُصْبِحُ عليه وفي حديث صِفةِ أَهل الجَنّةِ يَصِيرُ طَعامُهم إِلى رَشْحٍ مثْلِ حَباب المِسْكِ قال ابن الأَثير الحَبابُ بالفتح الطَّلُّ الذي يُصْبِحُ على النَّباتِ شَبّه به رَشْحَهم مَجازاً وأَضافَه إلى المِسْكِ ليُثْبِتَ له طِيبَ الرَّائحةِ قال ويجوز أَن يكون شبَّهه بحَباب الماءِ وهي نُفَّاخاتهُ التي تَطْفُو عليه ويقال لِمُعْظَم الماءِ حَبابٌ أَيضاً ومنه حديث عليّ رضي اللّه عنه قال لأَبي بكر رضي اللّه عنه طِرْتَ بعُبابِها وفُزْتَ بحَبابِها أَي مُعْظَمِها وحَبابُ الرَّمْلِ وحِبَبهُ طَرائقُه وكذلك هما في النَّبِيذ والحُبُّ الجَرَّةُ الضَّخْمةُ والحُبُّ الخابِيةُ وقال ابن دريد هو الذي يُجْعَلُ فيه الماءُ فلم يُنَوِّعْه قال وهو فارِسيّ مُعَرّب قال وقال أَبو حاتم أَصلُه حُنْبٌ فَعُرِّبَ والجَمْعُ أَحْبابٌ وحِبَبةٌ ( 2 )
( 2 قوله « وحببة » ضبط في المحكم بالكسر وقال في المصباح وزان عنبة )
وحِبابٌ والحُبَّةُ بالضم الحُبُّ يقال نَعَمْ وحُبَّةً وكَرامةً وقيل في تفسير الحُبِّ والكَرامةِ إِنَّ الحُبَّ الخَشَباتُ الأَرْبَعُ التي تُوضَعُ عليها الجَرَّةُ ذاتُ العُرْوَتَيْنِ وإِنّ الكَرامةَ الغِطاءُ الذي يَوضَعُ فوقَ تِلك الجَرّة مِن خَشَبٍ كان أَو من خَزَفٍ والحُبابُ الحَيَّةُ وقيل هي حَيَّةٌ ليست من العَوارِمِ قال أَبو عبيد وإِنما قيل الحُبابُ اسم شَيْطانٍ لأَنَّ الحَيَّةَ يُقال لها شَيْطانٌ قال
تُلاعِبُ مَثْنَى حَضْرَمِيٍّ كأَنَّه ... تَعَمُّجُ شَيْطانٍ بذِيِ خِرْوَعٍ قَفْرِ
وبه سُمِّي الرَّجل وفي حديثٍ الحُبابُ شيطانٌ قال ابن الأَثير هو بالضم اسم له ويَقَع على الحَيَّة أَيضاً كما يقال لها شَيْطان فهما مشتركان فيهما وقيل الحُبابُ حيَّة بعينها ولذلك غُيِّرَ اسم [ ص 296 ] حُبابٍ كراهية للشيطان
والحِبُّ القُرْطُ مِنْ حَبَّةٍ واحدة قال ابن دُرَيْد أَخبرنا أَبو
حاتم عن الأَصمعي أَنه سأَل جَنْدَلَ بن عُبَيْدٍ الرَّاعِي عن معنى قول أَبيه الرَّاعِي ( 1 )
( 1 قوله « الراعي » أي يصف صائداً في بيت من حجارة منضودة تبيت الحيات قريبة منه قرب قرطه لو كان له قرط تبيت الحية إلخ وقبله
وفي بيت الصفيح أبو عيال ... قليل الوفر يغتبق السمارا
يقلب بالانامل مرهفات ... كساهنّ المناكب والظهارا
أفاده في التكملة )
تَبِيتُ الحَيّةُ النَّضْناضُ مِنْهُ ... مَكانَ الحِبِّ يَسْتَمِعُ السِّرارا
ما الحِبُّ ؟ فقال القُرْطُ فقال خُذُوا عن الشيخ فإِنه عالِمٌ قال الأَزهريّ وفسر غيره الحِبَّ في هذا البيت الحَبِيبَ قال وأُراه قَوْلَ ابن الأَعرابي والحُبابُ كالحِبِّ والتَّحَبُّبُ أَوَّلُ الرِّيِّ وتَحَبَّبَ الحِمارُ وغَيْرُه امْتَلأَ من الماءِ قال ابن سيده وأُرَى حَبَّبَ مَقُولةً في هذا المَعنى ولا أَحُقُّها وشَرِبَتِ الإِبلُ حتى حَبَّبَتْ أَي تَمَلأَتْ رِيّاً أَبو عمرو حَبَّبْتُه فتَحَبَّبَ إِذا مَلأْتَه للسِّقاءِ وغَيْرِه وحَبِيبٌ قبيلةٌ قال أَبو خِراش
عَدَوْنا عَدْوةً لا شَكَّ فِيها ... وخِلْناهُمْ ذُؤَيْبةَ أَو حَبِيبا
وذُؤَيْبة أَيضاً قَبِيلة وحُبَيْبٌ القُشَيْرِيُّ من شُعَرائهم وذَرَّى حَبّاً اسم رجل قال
إِنَّ لها مُرَكَّناً إِرْزَبَّا ... كأَنه جَبْهةُ ذَرَّى حَبَّا
وحَبَّانُ بافتح اسم رَجل مَوْضُوعٌ مِن الحُبِّ وحُبَّى على وزن فُعْلى اسم امرأَة قال هُدْبةُ بن خَشْرمٍ
فَما وَجَدَتْ وَجْدِي بها أُمُّ واحِدٍ ... ولا وَجْدَ حُبَّى بِابْنِ أُمّ كِلابِ

( حبحب ) الحَبْحَبةُ والحَبْحَبُ جَرْيُ الماءِ قَلِيلاً قَلِيلاً والحَبْحَبةُ الضَّعْفُ والحَبْحَابُ الصَّغير في قَدْرٍ والحَبْحابُ الصغير الجسم المُتداخِلُ العِظام وبِهما سُمِّي الرَّجل حَبْحاباً والحَبْحَبيُّ الصغير الجِسْمِ والحَبحابُ والحَبْحَبُ والحَبْحَبِيُّ مِن الغِلْمانِ والإِبلِ الضَّئِيلُ الجِسمِ وقيل الصغِيرُ والمُحَبْحِبُ السَّيِّئُ الغِذاءِ وفي المثل ( 2 )
( 2 قوله « وفي المثل إلخ » عبارة التهذيب وفي المثل أهلكت إلخ وعبارة المحكم وقال بعض العرب لآخر أهلكت إلخ جمع المؤلف بينهما ) قال بعضُ العَرَب لآخر أَهْلَكْتَ من عَشْرٍ ثَمانياً وجِئْتَ بِسائِرها حَبْحَبةً أَي مَهازِيلَ الأَزهري يقال ذلك عند المَزْرِيةِ على المِتْلافِ لِمالِه قال والحَبْحَبةُ تَقَعُ مَوْقِعَ الجَماعةِ ابن الأَعرابي إِبل حَبْحَبةٌ مَهازِيلُ والحَبْحَبةُ سَوْقُ الإِبلِ وحَبْحَبَةُ النارِ اتِّقادُها [ ص 297 ] والحَباحِبُ بالفتح الصِّغار الواحد حَبْحابٌ قال حبيب بن عبداللّه الهُذَلي وهو الأعلم
دَلَجِي إِذا ما اللَّيْلُ جَنَّ ... عَلى المُقَرَّنةِ الحَباحِبْ
الجوهري يعني بالمُقَرَّنةِ الجِبالَ التي يَدْنُو بَعضُها من بَعْضٍ قال ابن بري المُقَرّنةُ إِكامٌ صِغارٌ مُقْتَرنةٌ ودَلَجِي فاعِل بِفِعْل ذَكَره قبل البيت وهو
وبِجانِبَيْ نَعْمانَ قُلْ ... تُ أَلَنْ يُبَلِّغَنِي مآرِبْ
ودَلَجِي فاعلُ يُبَلِّغَني قال السكري الحبَاحِبُ السَّريعةُ الخَفِيفةُ قال يصف جبالاً كأَنها قُرِنَت لِتقارُبِها ونارُ الحُباحِب ما اقْتَدَحَ من شَرَرِ النارِ في الهَواءِ مِن تَصادُمِ الحِجارة وحَبْحَبَتُها اتّقادُها وقيل الحُباحِبُ ذُباب يَطِيرُ بالليل كأَنه نارٌ له شُعاع كالسِّراجِ قال النابغة يصف السُّيُوفَ
تَقُدُّ السَّلُوقِيَّ المُضاعَفَ نَسْجُه ... وتُوقِدُ بالصُّفّاحِ نارَ الحُبَاحِبِ
وفي الصحاح ويُوقِدْنَ بالصُّفَّاح والسَّلُوقِيُّ الدِّرْعُ المَنْسوبةُ إِلى سَلُوقَ قرية باليمن والصُّفَّاح الحَجَر العَريضُ وقال أَبو حنيفة نارُ حُباحِبٍ ونار أَبي حُباحِبٍ الشَّررُ الذي يَسْقُط مِن الزِّناد قال النابغة
أَلا إِنَّما نِيرانُ قَيْسٍ إِذا شَتَوْا ... لِطارِقِ لَيْلٍ مِثْلُ نارِ الحُباحِبِ
قال الجوهري وربما قالوا نارُ أَبي حُباحِبٍ وهو ذُبابٌ يَطِيرُ بالليل كأَنه نارٌ قال الكُمَيْتُ ووصف السيوف
يَرَى الرَّاؤُونَ بالشَّفَراتِ مِنْها ... كنارِ أَبي حُباحِبَ والظُّبِينا
وإِنما تَرَكَ الكُمَيْتُ صَرْفَه لأَنه جَعَلَ حُباحِبَ اسماً لمؤَنث قال أَبو حنيفة لا يُعْرَفُ حُباحِبٌ ولا أَبو حُباحِبٍ ولم نَسْمَع فيه عن العَرب شيئاً قال ويَزْعُمُ قَوم أَنه اليَراعُ واليراعُ فَراشةٌ إِذا طارَتْ في الليل لم يَشُكَّ مَن لم يَعْرِفْها أَنَّها شَرَرةٌ طارتْ عن نارٍ أَبو طالب يحكى عن الأَعراب أَنَّ الحُباحِبَ طائر أَطْوَلُ مِن الذُّباب في دِقَّةٍ يطير فيما بين المغرب والعشاء كأَنه شَرارةٌ قال الأَزهري وهذا معروف وقوله
يَذْرِينَ جَنْدلَ حائرٍ لِجُنُوبِها ... فكَأَنَّها تُذْكِي سَنابِكُها الحُبَا
إِنما أَراد الحُباحبَ أَي نارَ الحُباحِبِ يقول تُصِيبُ بالحَصى في جَرْيِها جُنُوبَها الفرَّاءُ يقال للخيل إِذا أَوْرَتِ النارَ بِحَوافِرها هي نارُ الحُباحِبِ وقيل كان أَبُو حُباحِبٍ مِن مُحارِبِ خَصَفَةَ وكان بَخِيلاً فكان لا يُوقِدُ نارَه إِلاَّ بالحَطَب الشَّخْتِ لئلا تُرَى وقيل اسمه حُباحِبٌ فضُرِبَ بِنارِه المَثَلُ لأَنه كان لا يُوقِدُ إِلا ناراً ضَعِيفةً مَخَافةَ الضِّيفانِ فقالوا نارُ الحُباحِبِ لِما تَقْدَحُه الخَيْلُ بحَوافِرها واشْتَقَّ ابن الأَعرابي نارَ الحُباحِبِ مِن الحَبْحَبة التي هي الضَّعْفُ ورُبَّما جَعَلُوا الحُباحِبَ اسماً لتلك النَّارِ قال الكُسَعِي
ما بالُ سَهْمي يُوقِدُ الحُباحِبا ؟ ... قدْ كُنْتُ أَرْجُو أَن يكونَ صائبا
[ ص 298 ] وقال الكلبي كان الحُباحِبُ رَجُلاً من أَحْياءِ العرب وكان مِن أَبْخَلِ الناس فبَخِلَ حتى بلَغَ به البُخْلُ أَنه كان لا يُوقِدُ ناراً بِلَيْلٍ إِلاَّ ضَعِيفةً فإِذا انْتَبَه مُنْتَبِهٌ ليَقْتَبِسَ منها أَطْفأَها فكذلك ما أوْرَتِ الخيل لا يُنْتَفَعُ به كما لا يُنتَفَعُ بنار الحُباحِبِ وأُمُّ حُباحِبٍ دُوَيْبَّةٌ مثل الجُنْدَب تَطِير صَفْراءُ خَضْراءُ رَقْطاءُ بِرَقَطِ صُفْرة وخُضْرة ويقولون إِذا رأَوْها أَخْرِجِي بُرْدَيْ أَبي حُباحِبٍ فتَنْشُر جَناحَيْها وهما مُزَيَّنانِ بأَحمر وأَصفر وحَبْحَبٌ اسم موضع قال النابغة
فَسافانِ فالحُرَّانِ فالصِّنْعُ فالرَّجا ... فجَنْبا حِمًى فالخانِقانِ فَحَبْحَبُ
وحُباحِبٌ اسم رجل قال
لَقَدْ أَهْدَتْ حُبابةُ بِنْتُ جَلٍّ ... لأِهْلِ حُباحِبٍ حَبْلاً طَوِيلا
اللحياني حَبْحَبْتُ بالجمَلِ حِبْحاباً وحَوَّبْتُ بِهِ تحْوِيباً إِذا قلت له حَوْبِ حَوْبِ وهو زَجْرٌ

( حترب ) الحَترَبُ القَصِيرُ

( حثرب ) حَثرَبَتِ القَلِيبُ كَدُرَ ماؤُها واخْتَلَطَتْ به الحَمْأَةُ وأَنشد
لم تَرْوَ حَتَّى حَثرَبَتْ قَلِيبُها ... نَزْحاً وخافَ ظَمَأً شَرِيبُها
والحُثْرُبُ الوَضَرُ يَبْقَى في أَسْفَلِ القِدْرِ والحُثْرُبُ والحُرْبُثُ نَباتٌ سُهْليٌّ

( حثلب ) الحِثْلِبُ والحِثْلِمُ عَكَرُ الدُّهْنِ أَو السَّمْنِ في بعض اللُّغات

( حجب ) الحِجابُ السِّتْرُ حَجَبَ الشيءَ يَحْجُبُه حَجْباً وحِجاباً وحَجَّبَه سَترَه وقد احْتَجَبَ وتحَجَّبَ إِذا اكْتنَّ من وراءِ حِجابٍ وامرأَة مَحْجُوبةٌ قد سُتِرَتْ بِسِترٍ وحِجابُ الجَوْفِ ما يَحْجُبُ بين الفؤَادِ وسائره قال الأَزهريّ هي جِلْدة بَين الفؤَادِ وسائر البَطْن والحاجِبُ البَوَّابُ صِفةٌ غالِبةٌ وجمعه حَجَبةٌ وحُجَّابٌ وخُطَّتُه الحِجابةُ وحَجَبَه أَي مَنَعَه عن الدخول وفي الحديث قالت بنُو قُصَيٍّ فينا الحِجابةُ يعنون حِجابةَ الكَعْبةِ وهي سِدانَتُها وتَولِّي حِفْظِها وهم الذين بأَيديهم مَفاتِيحُها والحَجابُ اسمُ ما احْتُجِبَ به وكلُّ ما حالَ بين شيئين حِجابٌ والجمع حُجُبٌ لا غير وقوله تعالى ومِن بَيْننا وبَيْنِك حِجابٌ معناه ومن بينِنا وبينِك حاجِزٌ في النِّحْلَةِ والدِّين وهو مثل قوله تعالى قُلوبُنا في أَكِنَّةٍ إِلاَّ أَنَّ معنى هذا أَنَّا لا نُوافِقُك في مذهب واحْتَجَبَ المَلِكُ عن الناس ومَلِكٌ مُحَجَّبٌ والحِجابُ لحْمةٌ رَقِيقةٌ كأَنها جِلْدةٌ قد اعْتَرَضَتْ مُسْتَبْطِنةٌ بين الجَنْبَينِ تحُولُ بين السَّحْرِ والقَصَبِ وكُلُّ شيءٍ مَنَع شيئاً فقد حَجَبَه كما تحْجُبُ الإِخْوةُ الأُمَّ عن فَريضَتِها فإِن الإِخْوة يحْجُبونَ الأُمَّ عن الثُّلُثِ إِلى السُّدُسِ والحاجِبانِ العَظْمانِ اللَّذانِ فوقَ العَيْنَينِ [ ص 299 ] بِلَحْمِهما وشَعَرهِما صِفةٌ غالِبةٌ والجمع حَواجِبُ وقيل الحاجِبُ الشعَرُ النابِتُ على العَظْم سُمِّي بذلك لأَنه يَحْجُب عن العين شُعاع الشمس قال اللحياني هو مُذكَّر لا غيرُ وحكى إِنه لَمُزَجَّجُ الحَواجِبِ كأَنهم جعلوا كل جزءٍ منه حاجِباً قال وكذلك يقال في كل ذِي حاجِب قال أَبو زيد في الجَبِينِ الحاجِبانِ وهما مَنْبِتُ شعَر الحاجِبَين من العَظْم وحاجِبُ الأَمِير معروف وجمعه حُجَّابٌ وحَجَبَ الحاجِبُ يَحْجُبُ حَجْباً والحِجابةُ وِلايةُ الحاجِبِ واسْتَحجَبَه ولاَّه الحِجْبَة ( 1 )
( 1 قوله « ولاه الحجبة » كذا ضبط في بعض نسخ الصحاح )
والمَحْجُوبُ الضَّرِيرُ
وحاجِبُ الشمس ناحيةٌ منها قال
ترَاءَتْ لنا كالشَّمْسِ تحْتَ غَمامةٍ ... بدَا حاجِبٌ منها وضَنَّتْ بِحاجِبِ
وحَواجِبُ الشمس نَواحِيها الأَزهري حاجِبُ الشمس قَرْنُها وهو ناحِيةٌ من قُرْصِها حِينَ تَبْدَأُ في الطُّلُوع يقال بَدا حاجِبُ الشمسِ والقمرِ وأَنشد الأَزهري للغنوي ( 2 )
( 2 هذا البيت لبشار بن برد لا للغنوي )
إِذا ما غَضِبْنا غَضْبةً مُضَرِيَّةً ... هَتَكْنا حِجابَ الشمسِ أَو مَطَرَتْ دَما
قال حِجابُها ضَوؤُها ههنا وقولُه في حديثِ الصلاةِ حِين توارَتْ بالحِجابِ الحِجابُ ههنا الأُفُقُ يريد حين غابَتِ الشمسُ في الأُفُق واسْتَتَرَتْ به ومنه قوله تعالى حتى توَارَتْ بالحِجابِ وحاجِبُ كل شيءٍ حَرْفُه وذكر الأَصْمعِي أَنَّ امْرأَةَّ قَدَّمَتْ إِلى رجل خُبزَةً أَو قُرْصَةً فجَعلَ يأكُلُ من وَسَطِها فقالت له كُلْ من حَواجِبِها أَي مِن حُرُوفِها والحِجابُ ما أَشْرَفَ مِن الجبل وقال غيرُه الحِجابُ مُنْقَطَعُ الحَرَّةِ قال أَبو ذُؤَيْب
فَشَرِبْنَ ثم سَمِعْنَ حِسّاً دونَه ... شَرَفُ الحِجابِ ورَيْبُ قَرْعٍ يُقْرَعُ
وقِيل إِنما يُريد حِجابَ الصائِدِ لأَنه لا بُدَّ له أَن يَسْتَتر بشيءٍ ويقال احْتَجَبَتِ الحامِلُ من يومِ تاسِعها وبيَومٍ من تاسعها يقال ذلك للمرأَةِ الحامِلِ إِذا مَضَى يومٌ من تاسِعها يقولون أَصْبَحَتْ مُحْتَجِبةً بيومٍ من تاسعها هذا كلام العرب وفي حديث أَبي ذر أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم قال إِن اللّه يَغْفِرُ للعبد ما لم يَقَع الحِجابُ قيل يا رسولَ اللّه وما الحِجابُ ؟ قال أَن تَمُوتَ النفْسُ وهي مُشْرِكةٌ كأَنها حُجِبَتْ بالمَوْت عن الإِيمان قال أَبو عَمرو وشمر حديثُ أَبي ذرّ يَدُل على أَنه لا ذَنْبَ يَحْجُبُ عن العَبْدِ الرحمةَ فيما دون الشِّرْكِ وقال ابن شميل في حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه مَنِ اطَّلعَ الحِجابَ واقَعَ ما وراءَهُ أَي إِذا مات الإِنسانُ واقَعَ ما وراءَ الحجابَينِ حِجابِ الجَنَّةِ وحجابِ النَّارِ لأَنهما قد خَفِيَا وقيل اطِّلاعُ الحِجاب مَدُّ الرأْس لأَن المُطالِعَ يمُدُّ رأْسَه يَنْظُر مِن وراءِ الحجابِ وهو السِّتْرُ والحَجَبةُ بالتحريك رأْسُ الوَرِكِ والحَجَبَتانِ [ ص 300 ] حَرْفا الوَرِكِ اللَّذانِ يُشْرِفانِ على الخاصِرَتَينِ قال طُفيْلٌ
وِراداً وحُوّاً مُشْرِفاً حَجَباتُها ... بَناتُ حِصانٍ قد تُعُولِمَ مُنْجِبِ
وقيل الحَجَبَتانِ العَظْمانِ فَوقَ العانةِ المُشْرِفانِ على مَراقِّ البَطْن مِن يمين وشِمال وقيل الحَجَبَتان رُؤُوسُ عَظْمَي الوَرِكَيْنِ مما يلي الحَرْقَفَتَين والجميعُ الحَجَبُ وثلاثُ حَجَباتٍ قال امرؤُ القيس له حَجَباتٌ مُشْرِفاتٌ على الفالِ وقال آخر ولم تُوَقَّعْ بِرُكُوبٍ حَجَبُهْ والحَجَبَتانِ من الفرَس ما أَشْرَفَ على صِفاقِ البَطْنِ من وَرِكَيْهِ وحاجِبٌ اسم وقَوْسُ حاجِبٍ هو حاجِبُ بنُ زُرارةَ التَّميمِيّ وحاجِبُ الفِيلِ اسم شاعر من الشُّعراءِ وقال الأَزهريّ في ترجمة عتب العَتَبَةُ في الباب هي الأَعْلى والخَشَبةُ التي فَوْقَ الأَعلى الحاجِبُ والحَجِيبُ موضع قال الأَفْوَهُ
فَلَمَّا أَنْ رأَوْنا في وَغاها ... كآسادِ الغَرِيفةِ والحَجِيبِ ( 1 )
( 1 قوله « الغريفة » كذا ضبط في نسخة من المحكم وضبط في معجم ياقوت بالتصغير )
ويروى واللَّهِيبِ

( حدب ) الحَدَبةُ التي في الظَّهْرِ والحَدَبُ خُروجُ الظَّهْرِ ودخولُ البَطْنِ والصَّدْرِ رجُل أَحْدَبُ وحَدِبٌ الأخيرة عن سيبويه واحْدَوْدَبَ ظَهْرُه وقد حَدِبَ ظهرُه حَدَباً واحْدَوْدَبَ وتحادَب قال العُجَيرُ السَّلولي
رَأَتْني تحادَبْتُ الغَداةَ ومَنْ يَكُنْ ... فَتًى عامَ عامَ الماءِ فهو كَبِيرُ
وأَحْدَبه اللّه فهو أَحْدَبُ بيّن الحَدَبِ واسم العُجْزة الحَدَبةُ ( 2 )
( 2 قوله « العجزة الحدبة » كذا في نسخة المحكم العجزة بالزاي ) واسم الموضع الحَدَبةُ أَيضاً الأَزهري الحَدَبةُ مُحَرَّك الحُروف مَوْضِع الحَدَبِ في الظَّهْر النَّاتِئِ فالحَدَبُ دُخُول الصّدْر وخُروج الظهر والقَعَسُ دخُول الظهرِ وخُروجُ الصدْرِ وفي حديث قَيْلةَ كانت لها ابنةٌ حُدَيْباءٌ هو تصغير حَدْباءَ قال والحَدَبُ بالتحريك ما ارْتَفَع وغَلُظَ من الظَّهر قال وقد
يكون في الصَّدْر وقوله أَنشده ثعلب
أَلم تَسْأَلِ الرَّبْعَ القَواءَ فَيَنْطِقُ ... وهَلْ تُخْبِرَنْكَ اليَوْمَ بَيْداءُ سَمْلَقُ ؟
فَمُختَلَفُ الأَرْواحِ بَينَ سُوَيْقةٍ ... وأَحْدَبَ كادَتْ بَعْدَ عَهْدِكَ تُخْلِقُ
فسره فقال يعني بالأَحْدَبِ النُّؤْيَ لاحْدِيدابِه واعْوِجاجِه وكادَتْ رَجَعَ إِلى ذِكْرِ الدَّارِ وحالةٌ حَدْباءُ لا يَطْمَئنُّ لها صاحِبُها كأَنَّ لها حَدَبةً قال
وإِني لَشَرُّ الناسِ إِنْ لم أُبِتْهُمُ ... عَلى آلةٍ حَدْباءَ نابِيةِ الظَّهْرِ
[ ص 301 ] والحَدَبُ حدُورٌ في صَبَبٍ كَحَدَبِ الرِّيحِ والرَّملِ وفي التنزيل العزيز وهُم مِن كُلِّ حَدَبٍ يَنْسِلُون وفي حديث يأْجُوجَ مأْجوجَ وهم مِن كل حَدَب يَنْسِلُون يريد يَظْهَرُون من غَلِيظِ الأَرض ومُرْتَفِعها وقال الفرَّاءُ مِنْ كُلّ حَدَبٍ يَنْسِلُونَ مِنْ كُلِّ أَكَمَةٍ ومن كل مَوْضِع مُرْتَفِعٍ والجَمْعُ أَحْدابٌ وحِدابٌ والحَدَبُ الغِلَظُ من الأَرض في ارْتِفاع والجمع الحِدابُ والحَدَبةُ ما أَشْرَفَ مِن الأَرض وغَلُظَ وارْتَفَعَ ولا تكون الحَدَبةُ إِلاَّ في قُفٍّ أَو غِلَظِ أَرضٍ وفي قصيد كعب بن زهير
كُلُّ ابنِ أُنْثَى وإِنْ طالَتْ سَلامَتُه ... يَوْماً عَلى آلةٍ حَدْباءَ مَحْمُولُ
يريد على النَّعْشِ وقيل أَراد بالآلة الحالةَ وبالحَدْباءِ الصَّعْبةَ الشديدة وفيها أَيضاً
يَوْماً تَظَلُّ حِدابُ الأَرضِ يَرْفَعُها ... من اللَّوامِعِ تَخْلِيطٌ وتَزيِيلُ
وحَدَبُ الماءِ مَوْجُه وقيل هو تراكُبُه في جَرْيهِ الأَزهري حَدَبُ الماءِ ما ارْتَفَع مِن أَمْواجِه قال العجاج نَسْجَ الشَّمالِ حَدَبَ الغَدِيرِ وقال ابن الأَعرابي حَدَبُه كَثرتُه وارْتِفاعُه ويقال حَدَبُ الغَدِير تحَرُّكُ الماءِ وأَمْواجُه وحَدَبُ السَّيْلِ ارْتِفاعُه وقال الفرزدق
غَدا الحَيُّ مِنْ بَينِ الأُعَيْلِمِ بَعْدَما ... جَرَى حَدَبُ البُهْمى وهاجَتْ أَعاصِرُهْ ( 1 )
( 1 قوله « الأعيلم » كذا في النسخ والتهذيب والذي في التكملة والديوان الاعيلام )
قال حَدَبُ البُهْمَى ما تَناثَر منه فَرَكِبَ بعضُه بَعْضاً كَحَدَب الرَّمْلِ
واحْدَوْدَبَ الرَّمْلُ احْقَوْقَفَ وحُدْبُ الأَمُور شَواقُّها واحِدتها حَدْباءُ قال الرّاعي
مَرْوانُ أَحْزَمُها إِذا نَزَلَتْ به ... حُدْبُ الأُمُورِ وخَيْرُها مَأْمُولا
وحَدِبَ فلان على فلان يَحْدَبُ حَدَباً فهو حَدِبٌ وتحَدَّبَ تَعَطَّفَ وحَنا عليه يقال هو له كالوالِد الحَدِبِ وحَدِبَتِ المرأَةُ على ولَدها وتحَدَّبَتْ لم تَزَوَّجْ وأَشْبَلَتْ عليهم وقال الأَزهري قال أَبو عمرو الحَدَأُ مثل الحَدَبِ حَدِئْتُ عليه حَدَأً وحَدِبْتُ عليه حَدَباً أَي أَشْفَقْت عليه ونحو ذَلك قال أَبو زيد في الحَدَإِ والحَدَب وفي حديث علي يصف أَبا بكر رضي اللّه عنهما وأَحْدَبُهم على المسلمين أَي أَعْطَفُهم وأَشْفَقُهم مَن حَدِبَ عليه يَحْدَبُ إِذا عَطَفَ والمُتَحَدِّبُ المُتَعَلِّقُ بالشيءِ المُلازِمُ له والحَدْباءُ الدّابَّةُ التي بَدَتْ حَراقِفُها وعَظْمُ ظَهْرِها وناقة حَدْباءُ كذلك ويقال لها حَدْباءُ حِدْبِيرٌ وحِدبارٌ ويقال هُنَّ حُدْبٌ حَدابِيرُ الأَزهري وسَنةٌ حَدْباءُ شَديدة شُبِّهت بالدابة الحَدْباءِ [ ص 302 ] وقال الأَصمعي الحَدَبُ والحَدَرُ الأَثر في الجِلْد وقال غيره الحَدَرُ السِّلَع قال الأَزهري وصوابه الجَدَرُ بالجيم الواحدة جَدَرةٌ وهي السِّلْعةُ والضَّواةُ ووَسِيقٌ أَحْدَبُ سَرِيعٌ قال
قَرَّبَها ولم تَكَدْ تَقَرَّبُ ... مِنْ أَهْلِ نَيَّانَ وسِيقٌ أَحْدَبُ
وقال النضر وفي وَظِيفَي الفرس عُجايَتاهما وهما عَصَبَتان تَحْمِلان الرِّجل كلها قال وأَما أَحْدَباهما فهما عِرْقانِ قال وقال بعضهم الأَحْدَبُ في الذِّراع عِرْق مُسْتَبْطِنٌ عظمَ الذراع والأَحْدبُ الشِّدَّة وحَدَبُ الشِّتاءِ شدّة بَرْده قال مُزاحِمٌ العُقَيْلي
لم يَدْرِ ما حَدَبُ الشِّتاءِ ونَقْصُه ... ومَضَتْ صَنابِرُه وَلمْ يَتَخَدَّدِ
أَراد أَنه كان يَتَعَهَّدُه في الشتاءِ ويَقومُ عليه والحِدابُ مَوضِع قال جرير
لَقَدْ جُرِّدَتْ يَوْمَ الحِدابِ نِساؤُكم ... فَساءَتْ مجالِيها وقَلَّتْ مُهُورُها
قال أَبو حنيفة والحِدابُ جِبالٌ بالسَّراةِ ينزلها بنو شَبابة قَوم من فَهْمِ بن مالك والحُدَيْبِيةُ موضع وورد ذكرها في الحديث كثيراً وهي قَرية قَريبةٌمن مكة سُمِّيت ببئر فيها وهي مخففة وكثير من المحدثين يشدِّدونها
والحَدَبْدَبى لُعْبةٌ للنَّبِيط قال الشيخ ابن بري وجدت حاشية
مكتوبة ليست من أَصل الكتاب وهي حَدَبْدَبى اسم لعبة وأَنشد لسالم بن دارةَ يَهْجُو مُرّ بن رافِع الفَزارِي
حَدَبْدَبى حَدَبْدَبى يا صِبْيانْ ... إِنَّ بَني فَزارةَ بنِ ذُبْيانْ
قَد طَرّقَتْ ناقَتُهم بإِنْسانْ ... مُشَيَّإٍ أَعْجِبْ بِخَلْق الرَّحْمنْ
غَلَبْتُم الناسَ بأَكْل الجُرْدانْ ... وسَرَقِ الجارِ ونَيْكِ البُعْرانْ
التَّطْرِيقُ أَن يَخرج بعضُ الولد ويَعْسُر انْفِصاله مَن قولهم قَطاة مُطَرِّق إِذا يَبِسَت البَيضةُ في أَسْفَلِها قال المثَقِّب ( 1 )
( 1 قوله « المثقب » في مادتي نسف وطرق نسبة البيت إِلى الممزق ) العَبْدِيّ يذكر راحِلة رَكِبَها حتى أَخَذ عَقِباه في موضعِ ركابها مَغْرَزاً
وقد تَخِذَتْ رِجْلي إِلى جَنْبِ غَرْزِها ... نَسِيفاً كأُفْحُوصِ القَطاةِ المُطَرِّقِ
والجُرْدانُ ذكَر الفَرَسِ والمُشَيَّأُ القَبِيحُ المَنْظَرِ

( حرب ) الحَرْبُ نَقِيضُ السِّلم أُنثى وأَصلُها الصِّفةُ كأَنها مُقاتَلَةٌ حَرْبٌ هذا قول السيرافي وتصغيرها حُرَيْبٌ بغير هاءٍ روايةً عن العَرَب لأَنها في الأَصل مصدر ومثلها ذُرَيْعٌ وقُوَيْسٌ وفُرَيْسٌ أُنثى ونُيَيْبٌ وذُوَيْد تصغير ذَوْدٍ وقُدَيْرٌ تصغير قِدْرٍ وخُلَيْقٌ يقال مِلْحَفةٌ خُلَيْقٌ كل ذلك تأْنيث يُصغَّر بغير هاءٍ قال وحُرَيْبٌ أَحَدُ ما شَذَّ من هذا الضَّرْب وحكى [ ص 303 ] ابن الأَعرابي فيها التذكير وأَنشد
وهْوَ إِذا الحَرْبُ هَفا عُقابُه ... كَرْهُ اللِّقاءِ تَلْتَظِي حِرابُه
قال والأَعرَفُ تأْنِيثُها وإِنما حكاية ابن الأَعرابي نادرة قال وعندي أَنه إِنما حَمَله على معنى القَتْل أَو الهَرْج وجمعها حُرُوبٌ ويقال وقَعَتْ بينهم حَرْبٌ الأَزهري أَنَّثُوا الحَرْبَ لأَنهم ذهَبُوا بها إلى المُحارَبةِ وكذلك السِّلْمُ والسَّلْمُ يُذْهَبُ بهما إِلى المُسالمةِ فتؤَنث ودار الحَرْب بلادُ المشركين الذين لا صُلْح بينهم وبين المسلمِين وقد حاربَه مُحارَبةً وحِراباً وتحَارَبُوا واحْترَبُوا وحارَبُوا بمعنى ورجُلٌ حَرْبٌ ومِحْرَبٌ بكسر الميم ومِحْرابٌ شَديدُ الحَرْبِ شُجاعٌ وقيل مِحْرَبٌ ومِحْرابٌ صاحب حَرْبٍ وقوم مِحْرَبةٌ ورجُلمِحْرَبٌ أَي مُحارِبٌ لعَدُوِّه وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه فابعثْ عليهم رجُلاً مِحْرَباً أَي مَعْرُوفاً بالحَرْب عارِفاً بها والميم مكسورة وهو من أَبْنية المُبالغة كالمِعْطاءِ من العَطاءِ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما قال في عليّ كرم اللّه وجهه ما رأَيتُ مِحْرَباًمِثلَه وأَنا حَرْبٌ لمن حارَبَني أَي عَدُوّ وفلانٌ حَرْبُ فلانٍ أَي مُحارِبُه وفلانٌ حَرْبٌ لي أَي عَدُوٌّ مُحارِبٌ وإِن لم يكن مُحارِباً مذكَّر وكذلك الأَنثى قال نُصَيْبٌ
وقُولا لها يا أُمَّ عُثمانَ خُلَّتي ... أَسِلْمٌ لَنا في حُبِّنا أَنْتِ أَم حَرْبُ ؟
وقوم حَرْبٌ كذلك وذهب بعضهم إِلى أَنه جمَع حارِبٍ أَو مُحارِبٍ على حذف الزائد وقوله تعالى فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِن اللّهِ ورسولِه أَي بِقَتْلٍ وقوله تعالى الذين يُحارِبونَ اللّهَ ورسولَه يعني المَعْصِيةَ أَي يَعْصُونَه قال الأَزهريّ أَما قولُ اللّه تعالى إِنما جَزاءُ الذين يُحارِبُونَ اللّهَ ورسولَه الآية فإِنَّ أَبا إِسحق النَّحْوِيَّ زعَم أَنّ قولَ العلماءِ إِنَّ هذه الآيةَ نزلت في الكُفَّارِ خاصَّةً وروي في التفسير أَنَّ أَبا بُرْدةَ الأَسْلَمِيَّ كان عاهَدَ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أَنْ لا يَعْرِضَ لمن يريدُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم بسُوءٍ وأن لا يَمنَعَ من ذلك وأَن النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم لا يمنعُ مَن يريد أَبا بُرْدةَ فمرّ قومٌ بأَبي بُرْدةَ يريدون النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فعَرَضَ أَصحابهُ لهم فقَتَلوا وأَخَذوا المالَ فأَنزل اللّه على نبِيِّه وأَتاه جبريلُ فأَعْلَمَه أَنّ اللّهَ يأْمُرُه أَنّ مَن أَدْرَكَه منهم قد قَتَلَ وأَخَذ المالَ قَتَله وصَلَبه ومَن قَتَل ولم يأْخذِ المالَ قَتَلَه ومَن أَخَذ المالَ ولم يَقْتُل قَطَعَ يَدَه لأَخْذه المال ورِجْلَه لإِخافةِ السَّبِيلِ والحَرْبةُ الأَلَّةُ دون الرُّمْحِ وجمعها حِرابٌ قال ابن الأَعرابي ولا تُعَدُّ الحَرْبةُ في الرِّماح والحاربُ المُشَلِّحُ والحَرَب بالتحريك أَن يُسْلَبَ الرجل ماله حَرَبَه يَحْرُبه إِذا أَخذ ماله فهو مَحْرُوبٌ وحَرِيبٌ مِن قوم حَرْبى وحُرَباءَ الأَخيرة على التشبيه بالفاعل كما حكاه سيبويه مِن قولهم قَتِيلٌ وقُتَلاءُ وحَرِيبتُه مالهُ الذي سُلِبَه لا يُسَمَّى بذلك إِلاّ بعدما يُسْلَبُه وقيل حَرِيبةُ الرجل مالهُ الذي [ ص 304 ] يَعِيشُ به تقول حَرَبَه يَحْرُبُه حَرَباً مثل طَلَبَه يَطْلُبه طَلَباً إِذا أَخذَ مالَه وتركه بلا شيءٍ وفي حديث بَدْرٍ قال المُشْرِكُونَ اخْرُجوا إِلى حَرائِبكُم قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في الروايات بالباءِ الموحدة جمع حَريبة وهو مالُ الرَّجل الذي يَقُوم به أَمْرُه والمعروف بالثاءِ المثلثة حَرائِثكُم وسيأْتي ذكره وقد حُرِبَ مالَه أَي سُلِبَه فهو مَحْروبٌ وحَرِيبٌ وأَحْرَبَه دلَّه على ما يَحْرُبُه وأَحْرَبْتُه أَي دَلَلْتُه على ما يَغْنَمُه مِن عَدُوٍّ يُغِيرُ عليه وقولُهم واحَرَبا إِنما هو من هذا وقال ثعلب لمَّا ماتَ حَرْبُ بن أُمَيَّة بالمدينة قالوا واحَرْبا ثم ثقلوها فقالوا واحَرَبا قال ابن سيده ولا يُعْجِبُني الأَزهري يقال حَرِبَ فُلان حَرَباً فالحَرَبُ أَن يُؤْخَذَ مالُه كلُّه فهو رَجُل حَرِبٌ أَي نزَلَ به الحَرَبُ وهو مَحْروبٌ حَرِيبٌ والحَرِيبُ الذي سُلِبَ حَريبَته ابن شميل في قوله اتَّقُوا الدَّينَ فإِنَّ أَوَّله هَمٌّ وآخِرَه حَرَبٌ قال تُباعُ دارهُ وعَقارُه وهو من الحَريبةِ مَحْرُوبٌ حُرِبَ دِينَه أَي سُلِبَ دِينَه يعني قوله فإِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دِينَه وقد روي بالتسكين أَي النزاع وفي حديث الحُدَيْبِيةِ وإِلاَّ تَرَكْناهم مَحْرُوبِينَ أَي مَسْلُوبِين مَنْهُوبِينَ والحَرَبُ بالتحريك نَهْبُ مالِ الإِنسانِ وترْكُه لا شيءَ له وفي حديث المُغِيرة رضي اللّه عنه طَلاقُها حَرِيبةٌ أَي له منها أَولادٌ إِذا طَلَّقَها حُرِبُوا وفُجِعُوا بها فكأَنهم قد سُلِبُوا ونُهِبُوا وفي الحديث الحارِبُ المُشَلِّح أَي الغاصِبُ الناهِبُ الذي يُعَرِّي الناسَ ثِيابَهم وحَرِبَ الرَّجلُ بالكسر يَحْرَبُ حَرَباً اشْتَدَّ غَضَبُه فهو حَرِبٌ من قَوْمٍ حَرْبى مثل كَلْبى الأَزهري شُيُوخٌ حَرْبى والواحد حَرِبٌ شَبِيهٌ بالكَلْبى والكَلِبِ وأَنشد قول الأَعشى
وشُيوخٍ حَرْبى بَشَطَّيْ أَرِيكٍ ... ونِساءٍ كَأَنَّهُنَّ السَّعالي
قال الأَزهري ولم أَسمع الحَرْبى بمعنى الكَلْبَى إِلاَّ ههنا قال ولعله شَبَّهه بالكَلْبَى أَنه على مِثاله وبنائِه وحَرَّبْتُ عليه غيرِي أَي أَغْضَبْتُه وحَرَّبَه أَغْضَبَه قال أَبو ذؤَيب
كأَنَّ مُحَرَّباً مِن أُسْدِ تَرْجٍ ... يُنازِلُهُم لِنابَيْهِ قَبِيبُ
وأَسَدٌ حَرِبٌ وفي حديث علي عليه السلام أَنه كتَب إلى ابن عباس رضي اللّه عنهما لما رأَيتَ العَدُوَّ قد حَرِبَ أَي غَضِبَ ومنه حديث عُيَيْنَةَ ابن حِصْنٍ حتى أُدْخِلَ على نِسائه من الحَرَبِ والحُزْنِ ما أُدْخِلَ على نِسائي وفي حديث الأَعشى الحِرمازِيّ فخَلَفْتني بِنزاعٍ وَحَرَبٍ أَي بخُصومة وغَضَبٍ وفي حديث ابن الزُّبير رضي اللّه عنهما عند إِحراق أَهلِ الشامِ الكعبةَ يريد أَن يُحَرِّبَهم أَي يَزِيدَ في غَضَبِهم على ما كان من إِحراقها والتَّحْرِيبُ التَّحْرِيشُ يقال حَرَّبْتُ فلاناً [ ص 305 ] تَحْرِيباً إِذا حَرَّشْته تَحْرِيشاً بإِنْسان فأُولِعَ بِه وبعَداوَته وحَرَّبْتُه أَي أَغْضَبْتُه وحَمَلْتُه على الغَضَب وعَرَّفْتُه بما يَغْضَب منه ويروى بالجيم والهمزة وهو مذكور في موضعه والحَرَبُ كالكَلَبِ وقَوْمٌ حَرْبى كَلْبى والفِعْلُ كالفِعْلِ والعَرَبُ تقول في دُعائها على الإِنسانِ ما لَه حَرِبُ وَجَرِبَ وسِنانٌ مُحَرَّبٌ مُذَرَّبٌ إِذا كان مُحَدَّداً مُؤَلَّلاً وحَرَّبَ السَّنانَ أَحَدَّه مثل ذَرَّبَه قال الشاعر
سَيُصْبحُ في سَرْحِ الرِّبابِ وَراءَها ... إِذا فَزِعَتْ أَلفا سِنانٍ مُحَرَّبِ
والحَرَبُ الطَّلْعُ يَمانِيةٌ واحدته حَرَبَةٌ وقد أَحْرَبَ النخلُ وحَرَّبَهُ إِذا أَطْعَمَه الحَرَبَ وهو الطَّلْع وأَحْرَبَه وجده مَحْروباً الأَزهريّ الحَرَبةُ الطَّلْعَةُ إِذا كانت بِقِشْرِها ويقال لِقِشْرِها إِذا نُزع القَيْقاءة والحُرْبةُ الجُوالِقُ وقيل هي الوِعاءُ وقيل هِي الغِرارةُ وأَنشد ابن الأَعرابي
وصاحِبٍ صاحَبْتُ غَيرِ أَبْعَدا ... تَراهُ بَينَ الحُرْبَتَينِ مُسْنَدا
والمِحْرابُ صَدْرُ البَيْتِ وأَكْرَمُ مَوْضِعٍ فيه والجمع المَحارِيبُ وهو أَيضاً الغُرْفةُ قال وضَّاحُ اليَمَنِ
رَبَّةُ مِحْرابٍ إِذا جِئْتُها ... لم أَلْقَها أَو أَرْتَقي سُلَّما
وأَنشد الأَزهري قول امرئ القيس كَغِزلانِ رَمْلٍ في مَحارِيبِ أَقْوال قال والمِحْرابُ عند العامة الذي يُقِيمُه النّاس اليَوْمَ مَقام الإِمامِ في المَسْجد وقال الزجاج في قوله تعالى وهل أَتاكَ نبَأُ الخَصْمِ إِذْ تَسَوَّروا المِحْرابِ قال المِحْرابُ أَرْفَعُ بَيْتٍ في الدَّارِ وأَرْفَعُ مَكانٍ في المَسْجِد قال والمِحْرابُ ههنا كالغُرْفةِ وأَنشد بيت وضَّاحِ اليَمَنِ وفي الحديث أَنّ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم بَعَثَ عُروة بن مَسْعودٍ رضي اللّه عنه إِلى قومِه بالطَّائِف فأَتاهم ودَخَل مِحْراباً له فأَشْرَفَ عليهم عندَ الفَجْر ثم أَذَّن للصَّلاةِ قال وهذا يدل على أَنه غُرْفةٌ يُرْتَقَى إِليها والمَحارِيب صُدُور المَجالِس ومنه سُمّي مِحْرابُ المَسْجِد ومنه مَحارِيبُ غُمْدانَ باليَمَنِ والمِحْرابُ القِبْلةُ ومِحْرابُ المَسْجِد أَيضاً صَدْرُه وأَشْرَفُ موضع فيه ومَحارِيبُ بني إِسرائيلَ مَسَاجِدُهم التي كانوا يَجلسون فيها وفي التهذيب التي يَجْتَمِعُون فيها للصلاة وقولُ الأَعشى
وَتَرَى مَجْلِساً يَغَصُّ به المِحْ ... رابُ مِلْقَوْمِ والثِّيابُ رِقاقُ
قال أُراهُ يعني المَجْلِسَ وقال الأَزهري أَراد مِنَ القوم وفي حديث أَنس رضي اللّه عنه أَنه كان يَكْرَه المَحارِيبَ أَي لم يكن يُحِبُّ أَن يَجْلِسَ في صَدْرِ المَجْلِس ويَترَفَّعَ على الناسِ والمَحارِيبُ جمع مِحْرابٍ وقول الشاعر في [ ص 306 ] صفة أَسد
وَما مُغِبٌّ بِثِنْيِ الحِنْوِ مُجْتَعِلٌ ... في الغِيلِ في جانِبِ العِرِّيسِ محْرابا
جعَلَه له كالمجلِسِ وقوله تعالى فخرَجَ على قومِهِ مِن المِحْرابِ قالوا من المسجِدِ والمِحْرابُ أَكْرَمُ مَجالِس المُلوكِ عن أَبي حنيفة وقال أَبو عبيدة المِحْرابُ سَيِّدُ المَجالِس ومُقَدَّمُها وأَشْرَفُها قال وكذلك هو من المساجد الأَصمعي العَرَبُ تُسَمِّي القَصْرَ مِحْراباً لشَرَفِه وأَنشد
أَو دُمْية صُوِّرَ مِحْرابُها ... أَو دُرَّة شِيفَت إِلى تاجِر
أَراد بالمِحْرابِ القَصْر وبالدُّمْيةِ الصورةَ وروى الأَصمعي عن أَبي عَمْرو بن العَلاءِ دخلتُ مِحْراباً من مَحارِيب حِمْيرَ فَنَفَحَ في وجْهِي رِيحُ المِسْكِ أَراد قَصْراً أَو ما يُشْبِههُ وقيل المِحْرابُ الموضع الذي يَنْفَرِدُ فيه المَلِكُ فيَتَباعَدُ من الناسِ قال الأَزهري وسُمِّي المِحْرابُ مِحْراباً لانْفِراد الإِمام فيه وبُعْدِه من الناس قال ومنه يقال فلان حَرْبٌ لفلان إِذا كان بينهما تَباعُدٌ واحتج بقوله
وحارَبَ مِرْفَقُها دَفَّها ... وسامَى به عُنُقٌ مِسْعَرُ
أَراد بَعُدَ مِرْفَقُها من دَفِّها وقال الفرَّاءُ في قوله عز وجل من مَحاريبَ وتَماثِيلَ ذُكِرَ أَنها صُوَرُ الأَنبياء والملائكة كانت تُصَوَّرُ في المساجد ليَراها الناسُ فيَزْدادُوا عِبادةً وقال الزجاج هي واحدةُ المِحْراب الذي يُصَلَّى فيه الليث المِحْرابُ عُنُقُ الدَّابة قال الراجز كأَنها لَمَّا سما مِحْرابُها وقيل سُمِّيَ المِحْرابُ مِحْراباً لأَنَّ الإِمام إِذا قام فيه لم يأْمَنْ أَن يَلْحَنَ أَو يُخْطِئَ فهو خائفٌ مكاناً كأَنه مَأْوى الأَسَدِ والمِحْرابُ مَأْوَى الأَسَدِ يقال دخَل فلان على الأَسَدِ في مِحْرابِه وغِيلِه وعَرينِه ابن الأَعرابي المِحْرابُ مَجْلِسُ الناسِ ومُجْتَمَعُهم والحِرْباءُ مِسْمارُ الدّرْع وقيل هو رأْسُ المِسْمارِ في حَلْقةِ الدِّرْع وفي الصحاح والتهذيب الحِرْباءُ مَسامِيرُ الدُّروعِ قال لبيد
أَحْكَمَ الجِنْثيُّ من عَوْراتِها ... كلَّ حِرباءٍ إِذا أُكْرِهَ صَلّْ
قال ابن بري كان الصواب أَن يقول الحِرْباء مِسمارُ الدِّرْع والحَرابِيُّ مَسامِيرُ الدُّروعِ وإِنما تَوْجِيهُ قول الجوهري أَن تُحْمَل الحِرْباءُ على الجنس وهو جمع وكذلك قوله تعالى والذين اجْتَنَبُوا الطاغُوتَ أَن يَعْبُدوها وأَراد بالطاغوت جَمْعَ الطَّواغِيت والطاغُوت اسم مفرد بدليل قوله تعالى وقد أُمِرُوا أَن يَكْفُروا به وحمل الحِرْباء على الجنس وهو جمع في المعنى كقوله سبحانه ثم اسْتَوَى إِلى السماءِ فَسَوَّاهنَّ فجَعل السماء جِنساً يدخُل تحته جميعُ السموات وكما قال سبحانه أَوِ الطِّفْلِ الذين لم يَظْهَرُوا على عَوْراتِ النِّساء فإِنه أَراد بالطفل الجنس الذي يدخل تحته جميع الأَطفال والحِرْباءُ الظَّهْرُ وقيل حَرابيُّ الظَّهْرِ سَناسِنُه وقيل الحَرابيُّ لَحْمُ المَتْنِ وحَرابِيُّ المَتْنِ لَحْماتُه وحَرابِيُّ [ ص 307 ] المَتْنِ لحْمِ المَتْنِ واحدها حِرْباء شُبِّه بِحرْباءِ الفَلاة قال اَوْسُ بن حَجَر
فَفارَتْ لَهُمْ يَوْماً إِلى اللَّيلِ قِدْرُنا ... تَصُكُّ حَرابِيَّ الظُّهُورِ وتَدْسَعُ
قال كُراع واحد حَرابِيِّ الظُّهورِ حِرْباءٌ على القِياس فدَلَّنا ذلك على أَنه لا يَعْرِفُ له واحداً مِن جِهة السَّماعِ والحِرْباء ذَكَرُ أُمِّ حُبَينٍ وقيل هو دُوَيْبَّةٌ نحو العظاءةِ أَو أَكبر يَسْتَقْبِلُ الشمسَ برَأْسه ويكون معها كيف دارت يقال إِنه إِنما يفعل ذلك
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) حرب الحَرْبُ نَقِيضُ السِّلم أُنثى وأَصلُها الصِّفةُ كأَنها ليَقِيَ جَسَدَه برَأْسِه ويَتَلَوَّنُ أَلواناً بحرّ الشمس والجمع الحَرابِيُّ والأُنثى الحِرباءةُ قال حِرْباء تَنْضُب كما يقال ذِئْبُ غَضًى قال أَبو دُوادٍ الإِياديُّ
أَنَّى أُتِيحَ لَهُ حِرْباءُ تَنْضُبةٍ ... لا يُرْسِلُ الساقَ إِلاَّ مُمْسكاً ساقا
قال ابن بري هكذا أَنشده الجوهري وصواب إِنشاده أَنَّى أُتِيحَ لها لأَنه وصف ظُعُناً ساقَها وأَزْعَجها سائقٌ مُجِدٌّ فتعجب كيف أُتِيحَ لَها هذا السائقُ المُجِدُّ الحازِمُ وهذا مَثَل يُضرب للرجل الحازم لأَن الحرباءَ لا تُفارِق الغُصن الأَوّل حتى تَثْبُت على الغُصْن الآخر والعَرَبُ تَقُول انْتَصَبَ العُودُ في الحِرباءِ على القَلْبِ وإِنما هو انْتَصَب الحِرْباء في العُود وذلك أَنّ الحِرباء يَنْتَصِبُ على الحجارةِ وعلى أَجْذالِ الشجَر يَسْتَقْبِلُ الشمسَ فإِذا زَالَت زَالَ مَعَها مُقابِلاً لَها الأَزهري الحِرْباء دويبَّةٌ على شَكْلِ سامِّ أَبْرَصَ ذاتُ قَوائمَ أَرْبَع دَقيقَةُ الرأْسِ مُخطَّطةُ الظهرِ تَسْتَقْبِلُ الشمسَ نَهارَها قال وإِناثُ الحَرابيِّ يقال لها أُمَّهاتُ حُبَيْنٍ الواحدة أُم حُبَيْنٍ وهي قَذِرة لا تأْكلها العَرَب بَتَّةً وأَرضٌ مُحَرْبِئةٌ كثيرة الحرْباء قال وأُرَى ثَعْلَباً قال الحِرْباء الأَرضُ الغَلِيظة وإِنما المعروف الحِزباء بالزاي والحرِثُ الحرّابُ ملِكٌ من كِنْدةَ قال
والحرِثُ الحَرَّابُ حَلَّ بعاقِلٍ ... جَدَثاً أَقامَ به ولمْ يَتَحَوَّلِ
وقَوْلُ البُرَيْقِ
بأَلْبٍ أَلُوبٍ وحرَّابةٍ ... لَدَى مَتْنِ وازِعِها الأَوْرَمِ
يجوز أَن يكون أَراد جَماعةً ذاتَ حِرابٍ وأَن يَعْنَي كَتيبةً ذاتَ انْتِهاب واسْتِلابٍ وحَرْبٌ ومُحارِبٌ اسْمان وحارِبٌ موضع بالشام وحَرْبةُ موضع غير مصروف قال أبو ذؤَيب
في رَبْرَبٍ يَلَقٍ حُورٍ مَدامِعُها ... كَأَنَّهُنَّ بجَنْبَيْ حَرْبةَ البَرَدُ
ومُحاربٌ قبيلة من فِهْر الأَزهري في الرباعي احْرَنْبَى الرَّجلُ تَهيَّأَ للغَضَبِ والشَّرِّ وفي الصحاح واحْرَنْبَى ازْبَأَرَّ والياء للالحاق بافْعَنْلَلَ وكذلك الدِّيكُ والكَلْبُ والهِرُّ وقد يُهْمز وقيل احْرَنْبَى اسْتَلْقَى على ظَهْرِه ورَفَعَ رجْلَيْهِ نحوَ السَّماء [ ص 308 ] والمُحْرَنْبي الذي يَنامُ على ظَهرهِ ويرفَعُ رجْلَيه إِلى السَّماءِ الأَزهري المُحْرَنْبِي مثل المُزْبَئِرّ في المعنى واحْرَنْبَى المَكانُ إِذا اتَّسَعَ وشيخ مُحْرَنْبٍ قد اتَّسَع جلْدُه ورُوِيَ عن الكسائي أَنه قال مَرَّ أَعرابي بآخَر وقد خالَط كَلْبةً صارِفاً فَعَقدت على ذكَره وَتَعَذَّر عليه نَزْعُ ذكَره من عُقْدَتها فقال له المارُّ جأْ جَنْبَيْها تَحْرَنْبِ لَكَ أَي تَتَجافَ عن ذَكَرك فَفَعَلَ وخَلَّتْ عنه والمُحْرَنْبِي الذي إِذا صُرِعَ وَقعَ على أَحد شِقَّيْه أَنشد جابر الأَسدي
إِنِّي إِذا صُرِعْتُ لا أَحْرَنْبي ... ولا تَمَسُّ رِئَتايَ جَنْبي
وَصفَ نَفْسَه بأَنَّه قَوِيّ لأَنَّ الضَّعِيفَ هو الذي يَحْرَنْبِي وقال أَبو الهيثم في قول الجعدي
إِذا أَتَى مَعْرَكاً منها تعرّفُه ... مُحْرَنْبِياً عَلَّمَتْه المَوْتَ فانْقَفَلا
قال المُحْرَنْبِي المُضْمِر على داهيةٍ في ذاتِ نَفْسِه ومثل للعرب ترَكْته مُحْرَنْبِياً لِيَنْباق وقوله عَلَّمَتْه يعني الكِلابَ علَّمتِ الثَّورَ كيف يَقْتُلُ ومعنى عَلَّمَتْه جَرَّأَتْه على المَثَلِ لَمَّا قَتَلَ واحِداً بعد واحد اجْتَرَأَ على قَتْلِها انْقَفَلَ أَي مَضَى لِما هُوَ فيه وانْقَفَل الغُزاةُ إِذا رَجَعُوا

( حردب ) الحَرْدَبُ حَبُّ العِشْرِقِ وهو مثل حَبِّ العَدَسِ وحَرْدَبةُ اسم أَنشد سيبويه
عَلَيَّ دِماءُ البُدْنِ إِنْ لم تُفارِقي ... أَبا حَرْدَبٍ لَيْلاً وأَصحابَ حرْدَبِ
قال زَعَمت الرُّواةُ أَن اسمه كان حَرْدبةَ فرَخَّمه اضْطِراراً في غير النِّداء على قول من قال يا حارُ وزعم ثعلب أَنه من لُصُوصِهم

( حزب ) الحِزْبُ جَماعةُ الناسِ والجمع أَحْزابٌ والأَحْزابُ جُنودُ الكُفَّار تأَلَّبوا وتظاهروا على حِزبْ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم وهم قريش وغطفان وبنو قريظة وقوله تعالى يا قوم إِني أَخاف عليكم مثلَ يومِ الأَحزابِ الأَحْزابُ ههنا قوم نوح وعاد وثمود ومن أُهلك بعدهم وحِزْبُ الرجل أَصْحابُه وجُنْدُه الذين على رأْيِه والجَمْعُ كالجمع والمُنافِقُونَ والكافِرُونَ حِزْبُ الشَّيطانِ وكل قوم تَشاكَلَتْ قُلُوبهُم وأَعْمالُهم فهم أَحْزابٌ وإِن لم يَلْقَ بعضُهم بَعْضاً بمنزلة عادٍ وَثُمودَ وفِرعَوْنَ أُولئك الأَحزابُ وكل حِزْبٍ بما لَدَيْهم فَرِحُون كلُّ طائفةٍ هَواهُم واحدٌ والحِزْبُ الوِرْدُ ووِرْدُ الرَّجلِ من القرآن والصلاة حِزبُه والحِزْبُ ما يَجْعَلُه الرَّجل على نَفْسِهِ من قِراءةٍ وصَلاةٍ كالوِرْد وفي الحديث طَرَأَ عَلَيَّ حِزْبي مِن القُرْآنِ فأَحْبَبْتُ أَن لا أَخْرُج حتى أَقْضِيَه طرأَ عليَّ يريد أَنه بَدأَ في حِزْبه كأَنَّه طَلَعَ عليهِ من قولك طَرَأَ فلان إِلى بلَد كذا وكذا فهو طارئٌ إِليه أَي إِنه طَلَعَ إِليه حديثاً وهو غير تانِئٍ به وقد حَزَّبْتُ القُرْآنَ وفي حديث أَوس بن حذيفة سأَلتُ أَصحابَ رَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم كيف تُحزِّبونَ القُرآن ؟ والحِزْبُ النَّصيبُ يقال أَعْطِني حِزْبِي مِن المال أَي حَظِّي ونَصيبي والحِزْبُ النَّوْبةُ في وُرُودِ [ ص 309 ] الماء والحِزْبُ الصِّنْفُ من الناس قال ابن الأَعرابي الحِزْب الجَماعةُ والجِزْبُ بالجيم النَّصيبُ والحازِبُ مِن الشُّغُلِ ما نابَكَ والحِزْبُ الطَّائفةُ والأَحْزابُ الطَّوائفُ التي تَجتمع على مُحارَبة الأَنبِياء عليهم السلام وفي الحديث ذِكْرُ يوم الأَحزاب وهو غَزْوةُ الخَنْدَقِ وحازَبَ القومُ وتَحَزَّبُوا تَجَمَّعوا وصاروا أَحْزاباً وحَزَّبَهم جعلَهم كذلك وحَزَّبَ فُلان أَحْزاباً أَي جَمَعَهُم وقال رُؤْبة
لَقَدْ وَجَدْتُ مُصْعَباً مُسْتَصْعَبا ... حِينَ رَمَى الأَحْزابَ والمُحَزِّبا
وفي حديث الإِفْكِ وطَفِقَتْ حَمْنةُ تَحازَبُ لها أَي تَتَعَصَّبُ وتَسْعَى سَعْيَ جَماعَتِها الذين يَتَحَزَّبُونَ لها والمشهور بالراءِ من الحَرْب وفي الحديث اللَّهم اهْزِمِ الأَحْزابَ وزَلزِلْهم الأَحْزابُ الطَّوائفُ من الناسِ جمع حِزْب بالكسر وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما يريد أَن يُحَزِّبَهم أَي يُقَوِّيَهُم ويَشُدَّ منهم ويَجْعَلَهم من حِزْبه أَو يَجْعَلَهم أَحْزاباً قال ابن الأَثير والرواية بالجيم والراء وتَحازَبُوا مالأَ بعضُهم بعضاً فصاروا أَحزاباً ومَسْجِدُ الأَحْزاب معروف من ذلك أَنشد ثعلب لعبداللّه بن مسلم الهذلي
إِذ لا يَزالُ غَزالٌ فيه يَفْتِنُني ... يأْوِي إِلى مَسْجِدِ الأحْزابِ مُنْتَقِبا
وحَزَبه أَمرٌ أَي أَصابَه وفي الحديث كان إِذا حَزَبه أَمرٌ صَلَّى أَي إِذا نزل به مُهِمّ أَو أَصابَه غمٌّ وفي حديث الدُّعاء اللهم أَنْتَ عُدَّتِي إِن حُزِبْتُ ويروى بالراءِ بمعنى سُلِبْتُ مِن الحَرَبِ وحَزَبَه الأَمرُ يَحْزُبه حَزْباً نابَه واشتد عليه وقيل ضَغَطَه والاسم الحُزابةُ وأَمرٌ حازِبٌ وحَزيبٌ شديدٌ وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه نَزَلَتْ كرائهُ الأُمُورِ وحَوازِبُ الخُطُوبِ وهو جمع حازِبٍ وهو الأَمر الشديدُ والحَزابِي والحَزابِيَةُ من الرجال والحَمير الغَلِيظُ إِلى القِصَرِ ما هو رجل حَزابٍ وحَزابِيةٌ وزَوازٍ وزَوازِيةٌ ( 1 )
( 1 في المحيط زُوازية بضم الزاي ) إِذا كان غليظاً إِلى القِصَر ما هو ورجل هَواهِيةٌ إِذا كان مَنْخُوبَ الفُؤَادِ وبعير حَزابِيةٌ إِذا كان غليظاً وحِمارٌ حَزابيةٌ جَلْدٌ ورَكَبٌ حَزابِيةٌ غَليظٌ قالت امرأَة تصف رَكَبَها
إِنَّ هَنِي حَزَنْبَلٌ حَزَابِيَهْ ... إِذا قَعَدْتُ فَوْقَه نَبا بِيَهْ
ويقال رجل حَزابٍ وحَزابِيَةٌ أَيضاً إِذا كان غَليظاً إِلى القِصَر والياء للالحاق كالفَهامِيةِ والعَلانيةِ من الفَهْمِ والعَلَنِ قال أُميَّةُ بن أَبي عائذ الهذلي
أَوِ اصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَه ... َزابِيةٍ حَيَدَى بالدِّحال
أَي حامٍ نَفْسه من الرُّماة وجَرامِيزُه نفسهُ [ ص 310 ] وجسدُه حَيَدَى أَي ذُو حَيَدَى وأَنَّث حَيَدَى لأَنه أَراد الفَعْلة وقوله بالدِّحال أَي وهو يكون بالدِّحال جمع دَحْلٍ وهو هُوَّةٌ ضَيِّقةُ الأَعلى واسِعةُ الأَسْفل وهذا البيت أَورده الجوهري وأَصْحَمَ حامٍ جَرامِيزَه قال ابن بري والصواب أَو اصحم كما أَوردناه قال لأَنه معطوف على جَمَزَى في بيت قبله وهو
كأَنِّي ورحْلي إِذا زُعْتُها ... على جَمَزَى جازِئٍ بالرِّمال
قاله يشبه ناقته بحمار وحشٍ ووَصَفَه بجَمَزى وهو السَّريع وتقديره على حمارٍ جَمَزَى وقال الأَصمعي لم أَسمع بفَعَلَى في صفة المذكرِ إِلاّ في هذا البيت يعني أَن جَمَزَى وزَلجَى ومَرَطى وبَشَكَى وما جاءَ على هذا الباب لا يكون إِلا من صفة الناقة دون الجمل والجازئ الذي يَجْزَأُ بالرُّطْب عن الماء والأَصْحَمُ حمارٌ يَضْرب إِلى السَّواد والصُّفرة وحَيَدَى يَحِيدُ عن ظلِّه لنشاطه والحِزْباءة مكان غَليظٌ مرتفعٌ والحَزابِيُّ أَماكنُ مُنْقادةٌ غِلاظ مُسْتَدِقَّةٌ ابن شميل الحِزْباءة مِن أَغْلَظِ القُفِّ مُرْتَفِعٌ ارْتِفاعاً هَيِّناً في قُفٍّ أَيَرَّ ( 1 )
( 1 الأَيَرّ من اليرر أَي الشدة يقال صخر أَيرّ وصخرةٌ يرّاء والفعل منه يَرَّ يَيَرُّ ) شَدِيدٍ وأَنشد
إِذا الشَّرَكُ العادِيُّ صَدَّ رأَيْتَها ... لرُوسِ الحَزابِيِّ الغِلاظِ تَسُومُ
والحِزْبُ والحِزْباءةُ الأَرضُ الغَلِيظةُ الشَّدِيدةُ الحَزْنةُ والجمع حِزْباءٌ وحَزابي وأَصله مُشَدّد كما قيل في الصَّحارِي وأَبو حُزابةَ فيما ذكر ابن الأَعرابي الوَلِيدُ بن نَهِيكٍ أَحدُ بَني رَبِيعَة بن حَنْظَلةَ وحَزُّوبٌ اسم والحَيْزَبونُ العَجُوز والنون زائدة كما زيدت في الزَّيتون

( حسب ) في أَسماءِ اللّه تعالى الحَسِيبُ هو الكافي فَعِيلٌ بمعنى مُفْعِل مِن أَحْسَبَنِي الشيءُ إِذا كَفاني والحَسَبُ الكَرَمُ والحَسَبُ الشَّرَفُ الثابِتُ في الآباءِ وقيل هو الشَّرَفُ في الفِعْل عن ابن الأَعرابي والحَسَبُ ما يَعُدُّه الإِنسانُ مِن مَفاخِرِ آبائهِ والحَسَبُ الفَعالُ الصَّالِحُ حكاه ثعلب وما لَه حَسَبٌ ولا نَسَبٌ الحَسَبُ الفَعالُ الصَّالِحُ والنَّسَبُ الأَصْلُ والفِعْلُ من كلِّ ذلك حَسُبَ بالضم حَسَباً وحَسابةً مثل خَطُبَ خَطابةً فهو حَسِيبٌ أَنشد ثعلب ورُبَّ حَسِيبِ الأَصلِ غيرُ حَسِيبِ أَي لَه آباءٌ يَفْعَلُونَ الخَيْرَ ولا يَفْعَلُه هو والجمع حُسَباءُ ورجل كَرِيم الحَسَبِ وقوم حُسَباءُ وفي الحديث الحَسَبُ المالُ والكَرَمُ التَّقْوَى يقول الذي يَقُوم مَقام الشَّرَفِ والسَّراوةِ إِنما هو المالُ والحَسَبُ الدِّينُ والحَسَبُ البالُ عن كراع ولا فِعْلَ لهما قال ابن السكيت والحَسَبُ والكَرمُ يكونان في الرجلِ وإِن لم يكن له آباءٌ لهم شَرَفٌ قال والشَّرَفُ والمَجْدُ لا يكونان إِلا [ ص 311 ] بالآباءِ فَجَعَل المالَ بمنزلة شَرَفِ النَّفْسِ أَو الآباءِ والمعنى أَنَّ الفَقِير ذا الحَسَبِ لا يُوَقَّر ولا يُحْتَفَلُ به والغنِيُّ الذي لا حَسَبَ له يُوقَّر ويُجَلُّ في العُيون وفي الحديث حَسَبُ الرَّجل خُلُقُه وكَرَمُهُ دِينُه والحديث الآخر حَسَبُ الرَّجل نَقاءُ ثَوْبَيْهِ أَي إِنه يُوَقَّرُ لذلك حيثُ هو دَليل الثَّرْوة والجِدةِ وفي الحديث تُنْكَحُ المَرأَة لمالِها وحَسَبِها ومِيسَمِها ودِينِها فعَليكَ بذاتِ الدِّين تَرِبَتْ يَداكَ قال ابن الأَثير قيل الحَسَبُ ههنا الفَعَالُ الحَسَنُ قال الأَزهري والفُقَهاءُ يَحْتاجُون إِلى مَعْرِفة الحَسَبِ لأَنه مما يُعْتَبر به مَهْرُ مِثْلِ المرأَة إِذا عُقِدَ النِّكاحُ على مَهْرٍ فاسِدٍ قال وقال شمر في كتابه المُؤَلَّف في غَريب الحديث الحَسَبُ الفَعالُ الحَسنُ له ولآبائه مأْخوذ من الحِسابِ إِذا حَسَبُوا مَناقِبَهم وقال المتلمس
ومَن كان ذا نَسْبٍ كَريمٍ ولم يَكُنْ ... لَه حَسَبٌ كان اللَّئِيمَ المُذمَّما
ففَرقَ بَين الحَسَبِ والنَّسَبِ فجعل النَّسَبَ عدَد الآباءِ والأُمهاتِ إِلى حيث انْتَهى والحَسَبُ الفَعالُ مثل الشَّجاعةِ والجُود وحُسْنِ الخُلُقِ والوَفاءِ قال الأَزهري وهذا الذي قاله شمر صحيح وإِنما سُميت مَساعِي الرجُل ومآثِرُ آبائه حَسَباً لأَنهم كانوا إِذا تَفاخَرُوا عَدَّ المُفاخِرُ منهم مَناقِبَه ومَآثِرَ آبائه وحَسَبها فالحَسْبُ العَدُّ والإِحْصاءُ والحَسَبُ ما عُدَّ وكذلك العَدُّ مصدر عَدَّ يَعُدُّ والمَعْدُودُ عَدَدٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قال حَسَبُ المَرْءِ دِينُه ومُرُوءَتُه خُلُقه وأَصلُه عَقْلُه وفي الحديث أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلم قال كَرَمُ المَرْءِ دِينُه ومُرُوءَتُه عَقْلُه وحَسَبُه خُلُقُه ورَجُل شَريفٌ ورجُلٌ ماجِدٌ له آباءٌ مُتَقَدِّمون في الشَّرَفِ ورَجُلٌ حَسِيبٌ ورَجُلٌ كرِيمٌ بنفْسِه قال الأَزهري أَراد أَن الحَسَبَ يحصل للرَّجل بكَرم أَخْلاقِه وإِن لم يكن له نَسَبٌ وإِذا كان حَسِيبَ الآباءِ فهو أَكرَمُ له وفي حديث وَفْدِ هَوازِنَ قال لهم اخْتاروا إِحْدَى الطائِفَتَيْنِ إِما المالَ وإِما السَّبْيَ فقالوا أَمَّا إِذْ خَيَّرْتَنا بَيْنَ المالِ والحَسَبِ فإِنَّا نَخْتارُ الحَسَبَ فاخْتاروا أَبْناءَهم ونِساءَهم أَرادوا أَنَّ فِكاكَ الأَسْرَى وإِيثارَه على اسْتِرْجاعِ المالِ حَسَبٌ وفَعالٌ حَسَنٌ فهو بالاختِيار أَجْدَرُ وقيل المراد بالحَسَب ههنا عَدَد ذَوي القَراباتِ مأْخوذ من الحِساب وذلك أَنهم إِذا تَفاخَرُوا عَدُّوا مَناقِبَهم ومآثِرَهم فالحَسَب العَدُّ والمَعْدُود والحَسَبُ والحَسْبُ قَدْرُ الشيءِ كقولك الأَجْرُ بحَسَبِ ما عَمِلْتَ وحَسْبِه أَي قَدْره وكقولك على حَسَبِ ما أَسْدَيْتَ إِليّ شُكْري لك تقول أَشْكُرُكَ على حَسَبِ بلائك عِنْدي أَي على قَدْر ذلك وحَسْبُ مجزوم بمعنى كَفَى قال سيبويه وأَمَّا حَسْبُ فمعناها الاكْتِفاءُ وحَسْبُكَ دِرْهم أَي كَفاكَ وهو اسم وتقول حَسْبُكَ ذلك أَي كفاكَ ذلك وأَنشد ابن السكيت
ولمْ يَكُنْ مَلَكٌ للقَوم يُنْزِلُهم ... إِلاَّ صَلاصِلُ لا تُلْوَى على حَسَبِ
وقوله لا تُلْوَى على حَسَبٍ أَي يُقْسَمُ بينهم بالسَّوِيَّة لا يُؤْثَر به أَحد وقيل لا تُلْوَى [ ص 312 ] على حَسَب أَي لا تُلْوَى على الكِفايةِ لعَوَزِ الماءِ وقِلَّتِه ويقال أَحْسَبَني ما أَعْطاني أَي كفاني ومررت برجلٍ حَسْبِكَ من رَجلٍ أَي كافِيكَ لا يُثَنَّى ولا يُجْمع لأَنه موضوع موضع المصدر وقالوا هذا عربي حِسْبةً انتصب لأَنه حال وقع فيه الأَمر كما انتصب دِنْياً في قولك هو ابن عَمِّي دِنْياً كأَنك قلت هذا عرَبي اكْتِفاءً وإِن لم يُتكلم بذلك وتقول هذا رَجُل حَسْبُكَ من رَجُل وهو مَدْحٌ للنكرة لأَن فيه تأْويل فِعْل كأَنه قال مُحْسِبٌ لك أَي كافٍ لك من غيره يستوي فيه الواحد والجمع والتثنية لأَنه مصدر وتقول في المعرفة هذا عبدُاللّه حَسْبَك من رجل فتنصب حَسْبَك على الحال وإِن أَردت الفعل في حَسْبك قلت مررت برجل أَحْسَبَكَ من رجل وبرجلين أَحْسَباك وبرِجال أَحْسَبُوكَ ولك أَن تتكلم بحَسْبُ مُفردةً تقول رأَيت زيداً حَسْبُ يا فتَى كأَنك قلت حَسْبِي أَو حَسْبُكَ فأَضمرت هذا فلذلك لم تنوِّن لأَنك أَردت الإِضافة كما تقول جاءَني زيد ليس غير تريد ليس غيره عندي وأَحْسَبَني الشيءُ كفاني قالت امرأَة من بني قشير
ونُقْفِي وَليدَ الحَيِّ إِن كان جائعاً ... ونُحْسِبُه إِنْ كانَ لَيْسَ بِجائعِ
أَي نُعْطِيه حتى يقول حَسْبي وقولها نُقْفِيه أَي نُؤْثِرُه بالقَفِيَّة ويقال لها القَفاوةُ أَيضاً وهي ما يُؤْثَر به الضَّيفُ والصَّبِيُّ وتقول أَعْطَى فأَحْسَبَ أَي أَكثَر حتى قال حَسْبِي أَبو زيد أَحْسَبْتُ الرَّجلَ أَعْطَيْتُه ما يَرْضَى وقال غيره حتى قال حَسْبي وقال ثعلب أَحْسَبَه من كلِّ شيءٍ أَعْطاه حَسْبَه وما كفاه وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى يا أَيها النَّبيُّ حَسْبُكَ اللّهُ ومَنِ اتَّبَعَكَ من المؤْمنين جاءَ التفسير يَكْفِيكَ اللّهُ ويَكْفِي مَن اتَّبَعَكَ قال وموضِعُ الكاف في حَسْبُكَ وموضع من نَصْب على التفسير كما قال الشاعر
إِذا كانَتِ الهَيْجاءُ وانْشَقَّتِ العَصا ... فَحَسْبُكَ والضَّحَّاكَ سَيْفٌ مُهَنَّد
قال أَبو العباس معنى الآية يَكْفيكَ اللّهُ ويَكْفِي مَنِ اتَّبَعَكَ وقيل في قوله ومن اتَّبَعَكَ من المؤْمنين قولان أَحدهما حَسْبُكَ اللّهُ ومَنِ اتَّبَعَكَ من المؤْمنين كفايةٌ إِذا نَصَرَهم اللّه والثاني حَسْبُكَ اللّهُ وحَسْبُ من اتَّبَعَكَ من المؤْمنين أَي يَكفِيكُم اللّهُ جَميعاً وقال أَبو إِسحق في قوله عز وجل وكَفَى باللّهِ حَسِيباً يكون بمعنى مُحاسِباً ويكون بمعنى كافِياً وقال في قوله تعالى إِن اللّه كان على كل شيءٍ حَسِيباً أَي يُعْطِي كلَّ شيءٍ من العِلم والحِفْظ والجَزاءِ مِقْدارَ ما يُحْسِبُه أَي يَكْفِيهِ تقول حَسْبُكَ هذا أَي اكْتَفِ بهذا وفي حديث عبداللّه بن عَمْرو رضي اللّه عنهما قال له النبي صلى اللّه عليه وسلم يُحْسِبُك أَن تَصُومَ من كل شهر ثلاثة أَيام أَي يَكْفِيكَ قال ابن الأَثير ولو روي بحَسْبِكَ أَن تَصُومَ أَي كِفايَتُك أَو كافِيكَ كقولهم بِحَسْبِكَ قولُ السُّوءِ والباءُ زائدة لكانَ وَجْهاً [ ص 313 ] والإِحْسابُ الإِكْفاءُ قال الرَّاعي
خَراخِرُ تُحْسِبُ الصَّقَعِيَّ حتى ... يَظَلُّ يَقُرُّه الرَّاعِي سِجالاَ
وإِبل مُحْسبةٌ لَها لَحْم وشَحْم كثير وأَنشد
ومُحْسِبةٍ قد أَخْطَأَ الحَقُّ غيرَها ... تَنَفَّسَ عنها حَيْنُها فهي كالشَّوِي
يقول حَسْبُها من هذا وقوله قد أَخطأَ الحَقُّ غَيْرَها يقول قد أَخْطَأَ الحَقُّ غيرها من نُظَرائها ومعناه أَنه لا يُوجِبُ للضُّيُوفِ ولا يَقُوم بحُقُوقِهم إِلا نحن وقوله تَنَفَّسَ عنها حَيْنُها فهي كالشَّوِي كأَنه نَقْضٌ للأَوَّلِ وليس بِنَقْضٍ إِنما يريد تَنَفَّس عنها حَيْنُها قبلَ الضَّيْفِ ثم نَحَرْناها بعدُ للضَّيْفِ والشَّوِيُّ هُنا المَشْوِيُّ قال وعندي أَن الكاف زائدة وإِنما أَراد فهي شَوِيٌّ أَي فَريقٌ مَشْويٌّ أَو مُنْشَوٍ وأَراد وطَبيخٌ فاجْتَزَأَ بالشَّوِيّ من الطَّبِيخِ قال أَحمد بن يحيى سأَلت ابن الأَعرابي عن قول عُروةَ بن الوَرْد ومحسبةٍ ما أَخطأَ الحقُّ غيرَها البيت فقال المُحْسِبةُ بمعنيين من الحَسَب وهو الشرف ومن الإِحْسابِ وهو الكِفايةُ أَي إِنها تُحْسِبُ بلَبَنِها أَهْلَها والضيفَ وما صلة المعنى أَنها نُحِرتْ هي وسَلِمَ غَيْرُها وقال بعضهم لأُحْسِبَنَّكُم مِن الأَسْوَدَيْن يعني التَّمْر والماءَ أَي لأُوسِعَنَّ عليكم وأَحْسَب الرجلَ وحَسَّبَه أَطْعَمَه وسقاه حتى يَشْبَعَ ويَرْوَى مِنْ هذا وقيل أَعْطاه ما يُرْضِيه والحِسابُ الكثير وفي التنزيل عطاءً حِساباً أَي كَثِيراً كافِياً وكلُّ مَنْ أُرْضِيَ فقد أُحْسِبَ وشيءٌ حِسابٌ أَي كافٍ ويقال أَتاني حِسابٌ من الناس أَي جَماعةٌ كثيرة وهي لغة هذيل وقال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ الهُذلي
فَلمْ يَنْتَبِهْ حتى أَحاطَ بِظَهْرِه ... حِسابٌ وسِرْبٌ كالجَرادِ يَسُومُ
والحِسابُ والحِسابةُ عَدُّك الشيءَ وحَسَبَ الشيءَ يَحْسُبُه بالضم حَسْباً وحِساباً وحِسابةً عَدَّه أَنشد ابن الأَعرابي لمَنْظور بن مَرْثَدٍ الأَسدي يا جُمْلُ أُسْقِيتِ بِلا حِسابَهْ سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابَهْ قَتَلْتني بالدَّلِّ والخِلابَهْ أَي أُسْقِيتِ بلا حِسابٍ ولا هِنْدازٍ ويجوز في حسن الرفع والنصب والجر وأَورد الجوهري هذا الرجز يا جُمل أَسقاكِ وصواب إِنشادِه يا جُمْلُ أُسْقِيتِ وكذلك هو في رجزه والرِّبابةُ بالكسر القِيامُ على الشيءِ بإِصْلاحِه وتَربِيَتِه ومنه ما يقال رَبَّ فلان النِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِبابةً وحَسَبَه أَيضاً حِسْبةً مثل القِعْدةِ والرِّكْبةِ قال النابغة
فَكَمَّلَتْ مِائةً فِيها حَمامَتُها ... وأَسْرَعَتْ حِسْبَةً في ذلك العَدَدِ
وحُسْباناً عَدَّه وحُسْبانُكَ على اللّه أَي حِسابُكَ قال
على اللّه حُسْباني إِذا النَّفْسُ أَشْرَفَتْ ... على طَمَعٍ أَو خافَ شيئاً ضَمِيرُها
[ ص 314 ] وفي التهذيب حَسِبْتُ الشيءَ أَحْسَبُه حِساباً وحَسَبْتُ الشيءَ أَحْسُبُه حِسْباناً وحُسْباناً وقوله تعالى واللّهُ سَرِيعُ الحِسابِ أَي حِسابُه واقِعٌ لا مَحالَة وكلُّ واقِعٍ فهو سَرِيعٌ وسُرْعةُ حِسابِ اللّه أَنه لا يَشْغَلُه حِسابُ واحد عَن مُحاسَبةِ الآخَر لأَنه سبحانه لا يَشْغَلُه سَمْع عن سمع ولا شَأْنٌ عن شأْنٍ وقوله جل وعز كَفَى بِنَفْسِك اليومَ عليك حَسِيباً أَي كفَى بِك لنَفْسِكَ مُحاسِباً والحُسْبانُ الحِسابُ وفي الحديث أَفْضَلُ العَمَلِ مَنْحُ الرِّغابِ لا يَعْلَمُ حُسْبانَ أَجْرِهِ إِلا اللّهُ الحُسْبانُ بالضم الحِسابُ وفي التنزيل الشمسُ والقَمَرُ بِحُسْبانٍ معناه بِحِسابٍ ومَنازِلَ لا يَعْدُوانِها وقال الزَجاج بحُسْبانٍ يدل على عَدَد الشهور والسنين وجميع الأَوقات وقال الأَخفش في قوله تعالى والشمسَ والقَمَر حُسْباناً معناه بِحِسابٍ فحذَف الباءَ وقال أَبو العباس حُسْباناً مصدر كما تقول حَسَبْتُه أَحْسُبُه حُسْباناً وحِسْباناً وجعله الأَحفش جمع حِسابٍ وقال أَبو الهيثم الحُسْبانُ جمع حِسابٍ وكذلك أَحْسِبةٌ مِثل شِهابٍ وأَشْهِبةٍ وشُهْبانٍ وقوله تعالى يَرْزُقُ من يشاءُ بغير حساب أَي بغير تَقْتِير وتَضْيِيقٍ كقولك فلان يُنْفِقُ بغير حِساب أَي يُوَسِّعُ النَّفَقة ولا يَحْسُبُها وقد اختُلف في تفسيره فقال بعضهم بغير تقدير على أَحد بالنُّقصان وقال بعضهم بغير مُحاسَبةٍ أَي لا يخافُ أَن يُحاسِبه أَحد عليه وقيل بغير أَنْ حَسِبَ المُعْطَى أَنه يُعْطِيه أَعطاهُ من حَيْثُ لم يَحْتَسِبْ قال الأَزهري وأَما قوله عز وجل ويَرْزُقْه من حَيثُ لا يَحْتَسِبُ فجائز أَن يكون معناه من حَيْثُ لا يُقَدِّره ولا يَظُنُّه كائناً مِن حَسِبْتُ أَحْسِبُ أَي ظَنَنْتُ وجائز أَن يكون مأْخوذاً مِن حَسَبْتُ أَحْسُبُ أَراد مِن حيث لم يَحْسُبْه لنفْسِه رِزقاً ولا عَدَّه في حِسابه قال الأَزهري وإِنما سُمِّي الحِسابُ في المُعامَلاتِ حِساباً لأَنهُ يُعلم به ما فيه كِفايةٌ ليس فيه زيادةٌ على المِقْدار ولا نُقْصان وقوله أَنشده ابن الأَعرابي إِذا نَدِيَتْ أَقْرابُهُ لا يُحاسِبُ يَقول لا يُقَتِّر عليك الجَرْيَ ولكنه يأْتي بِجَرْيٍ كثير والمَعْدُود مَحْسُوبٌ وحَسَبٌ أَيضاً وهو فَعَلٌ بمعنى مَفْعولٍ مثل نَفَضٍ بمعنى مَنْفُوضٍ ومنه قولهم لِيَكُنْ عَمَلُكَ بحَسَبِ ذلك أَي على قَدْرِه وعَدَدِه وقال الكسائي ما أَدري ما حَسَبُ حَدِيثك أَي ما قَدْرُه وربما سكن في ضرورة الشعر وحاسَبَه من المُحاسَبةِ ورجل حاسِبٌ من قَوْمٍ حُسَّبٍ وحُسَّابٍ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) حسب في أَسماءِ اللّه تعالى الحَسِيبُ هو الكافي فَعِيلٌ بمعنى والحِسْبةُ مصدر احْتِسابِكَ الأَجر على اللّه تقول فَعَلْته حِسْبةً واحْتَسَبَ فيه احْتِساباً والاحْتِسابُ طَلَبُ الأَجْر والاسم الحِسْبةُ بالكسر وهو الأَجْرُ واحْتَسَبَ فلان ابناً له أَو ابْنةً له إِذا ماتَ وهو كبير وافْتَرَطَ فَرَطاً إِذا مات له ولد صغير لم يَبْلُعِ الحُلُمَ وفي الحديث مَنْ ماتَ له ولد فاحْتَسَبَه أَي احْتسب الأَجرَ بصبره على مُصيبتِه به معناه اعْتَدَّ مُصِيبَتَه به في جُملةِ [ ص 315 ] بَلايا اللّه التي يُثابُ على الصَّبْر عليها واحْتَسَبَ بكذا أَجْراً عند اللّه والجمع الحِسَبُ وفي الحديث مَن صامَ رمضانَ إِيماناً واحْتِساباً أَي طلَباً لوجهِ اللّهِ تعالى وثَوابِه والاحتِسابُ من الحَسْبِ كالاعْتدادِ من العَدِّ وإِنما قيل لمن يَنْوِي بعَمَلِه وجْهَ اللّهِ احْتَسَبَه لأَن له حينئذ أَن يَعْتدَّ عَمَله فجُعِل في حال مُباشرة الفعل كأَنه مُعْتَدٌّ به والحِسْبةُ اسم من الاحْتِسابِ كالعِدّةِ من الاعْتِداد والاحتِسابُ في الأَعمال الصالحاتِ وعند المكْرُوهاتِ هو البِدارُ إِلى طَلَبِ الأَجْرِ وتَحْصِيله بالتسليم والصبر أَو باستعمال أَنواعِ البِرِّ والقِيامِ بها على الوَجْهِ المَرْسُوم فيها طلَباً للثواب المَرْجُوِّ منها وفي حديث عُمَر أَيُّها الناسُ احْتَسِبُوا أَعْمالَكم فإِنَّ مَن احْتَسَبَ عَمَلَه كُتِبَ له أَجْرُ عَمَلِه وأَجْرُ حِسْبَتِه وحَسِبَ الشيءَ كائِناً يَحْسِبُه ويَحْسَبُه والكَسر أَجْودُ اللغتَين ( 1 )
( 1 قوله « والكسر أجود اللغتين » هي عبارة التهذيب ) حِسْباناً ومَحْسَبَةً ومَحْسِبةً ظَنَّه ومَحْسِبة مصدر نادر وإِنما هو نادر عندي على من قال يَحْسَبُ ففتح وأَما على من قال يَحْسِبُ فكَسَر فليس بنادر وفي الصحاح ويقال أَحْسِبه بالكسر وهو شاذّ لأَنّ كل فِعْلٍ كان ماضِيه مكسوراً فإِن مستقبله يأْتي مفتوح العين نحو عَلِمَ يْعلَم إِلا أَربعةَ أَحرف جاءَت نوادر حَسِبَ يَحْسِبُ ويَبِسَ يَيْبِسُ ويَئِسَ يَيْئِسُ ونَعِمَ يَنْعِم فإِنها جاءَت من السالم بالكسر والفتح ومن المعتل ما جاءَ ماضيه ومُسْتَقْبَلُه جميعاً بالكسر وَمِقَ يَمِقُ ووَفِقَ يَفِقُ ووَثِقَ يَثِقُ ووَرِعَ يَرِعُ ووَرِمَ يَرِمُ ووَرِثَ يَرِثُ ووَرِيَ الزَّنْدُ يَرِي وَوِليَ يَلي وقُرِئَ قوله تعالى لا تَحْسَبَنَّ ولا تحْسِبَنَّ وقوله أَم حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحابَ الكَهْفِ الخطابُ للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمراد الأُمة وروى الأَزهريُّ عن جابر بن عبداللّه أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم قرأَ يَحْسِبُ أَنَّ مالَه أَخْلَدَه معنى أَخْلَدَه أَي يُخْلِدُه ومثله ونادَى أَصحابُ النارِ أَي يُنادِي وقال الحُطَيْئَةُ
شَهِدَ الحُطَيْئةُ حِينَ يَلْقَى رَبَّه ... أَنَّ الوَلِيدَ أَحَقُّ بالعُذْرِ
يريد يَشْهَدُ حين يَلْقَى رَبَّه وقولهم حَسِيبُكَ اللّه أَي انْتَقَمَ اللّهُ منك والحُسْبانُ بالضم العَذاب والبَلاءُ وفي حديث يحيى بن يَعْمَرَ كان إِذا هَبَّتِ الرِّيحُ يقول لا تَجْعَلْها حُسْباناً أَي عَذاباً وقوله تعالى أَو يُرْسِلَ عليها حُسْباناً مِنَ السَّماءِ يعني ناراً والحُسْبانُ أَيضاً الجرادُ والعَجاجُ قال أَبو زياد الحُسْبانُ شَرٌّ وبَلاءٌ والحُسبانُ سِهامٌ صِغارٌ يُرْمَى بها عن القِسِيِّ الفارِسِيَّةِ واحدتها حُسْبانةٌ قال ابن دريد هو مولَّد وقال ابن شميل الحُسْبانُ سِهامٌ يَرْمِي بها الرجل في جوفِ قَصَبةٍ يَنْزِعُ في القَوْسِ ثم يَرْمِي بعشرين منها فلا تَمُرُّ بشيءٍ إِلا عَقَرَتْه من صاحِب سِلاحٍ وغيره فإِذا نَزع في القَصَبةِ خرجت الحُسْبانُ كأَنها غَبْيةُ مطر فَتَفَرَّقَتْ في الناس واحدتها حُسْبانةٌ وقال ثعلب الحُسْبانُ المَرامي واحدتها حُسْبانةٌ والمرامِي مثل المَسالِّ دَقيقةٌ فيها شيءٌ من طُول لا حُروف لها قال والقِدْحُ بالحَدِيدة [ ص 316 ] مِرْماةٌ وبالمَرامِي فسر قوله تعالى أَو يُرْسِلَ عليها حُسباناً من السماءِ والحُسْبانةُ الصّاعِقةُ والحُسْبانةُ السَّحابةُ وقال الزجاج يُرْسِلَ عليها حُسْباناً قال الحُسْبانُ في اللغة الحِسابُ قال تعالى الشمسُ والقمرُ بحُسْبان أَي بِحِسابٍ قال فالمعنى في هذه الآية أَن يُرْسِلَ عليها عَذابَ حُسْبانٍ وذلك الحُسْبانُ حِسابُ ما كَسَبَتْ يَداك قال الأَزهري والذي قاله الزجاجُ في تفسير هذه الآية بَعِيدٌ والقولُ ما تقدّم والمعنى واللّه أَعلم أَنَّ اللّهَ يُرْسِلُ على جَنَّةِ الكافر مَرامِيَ من عَذابِ النارِ إِما بَرَداً وإِما حِجارةً أَو غيرهما مما شاءَ فيُهْلِكُها ويُبْطِلُ غَلَّتها وأَصْلَها والحُسْبانة الوِسادةُ الصَّغيرة تقول منه حَسَّبْتُه إِذا وَسَّدْتَه قال نَهِيك الفَزارِيُّ يخاطب عامر بن الطفيل
لتَقَيتَ بالوَجْعاءِ طَعْنةَ مُرْهَفٍ ... مُرَّانَ أَو لَثَويْتَ غَيْرَ مُحَسَّبِ
الوَجْعاءُ الاسْتُ يقول لو طَعَنْتُكَ لوَلَّيْتني دُبُرَكَ واتَّقَيْتَ طَعْنَتِي بوَجعائِكَ ولثَوَيْتَ هالِكاً غير مُكَرَّمٍ لا مُوَسَّدٍ ولا مُكَفَّنِ أَو معناه أَنه لم يَرْفَعْكَ حَسَبُكَ فيُنْجِيَكَ من الموت ولم يُعَظَّم حَسَبُكَ والمِحْسَبة الوِسادةُ من الأَدَمِ وحَسَّبَه أَجْلسه على الحُسْبانةِ أَو المِحْسَبة ابن الأَعرابي يقال لبِساطِ البَيْتِ الحِلْسُ ولِمَخادِّه المَنابِذُ ولمَساوِرِه الحُسْباناتُ ولحُصْرِه الفُحولُ وفي حديث طَلْحةَ هذا ما اشْتَرَى طلحةُ مِن فُلان فَتاه بخَمْسِمائةِ دِرْهم بالحسَبِ والطِّيبِ أَي بالكَرامةِ من المُشْتَرِي والبائع والرَّغْبةِ وطِيبِ النفْسِ منهما وهو من حَسَّبْتُه إِذا أَكْرَمْتَه وقيل من الحُسبانةِ وهي الوِسادة الصغيرةُ وفي حديث سِماكٍ قال شُعْبةُ سمعته يقول ما حَسَّبُوا ضَيْفَهم شيئاً أَي ما أَكْرَمُوه والأَحْسَبُ الذي ابْيَضَّتْ جِلْدَته مِن داءٍ فَفَسَدَتْ شَعَرَته فصار أَحمرَ وأَبيضَ يكون ذلك في الناس والإِبل قال الأَزهري عن الليث وهو الأَبْرَصُ وفي الصحاح الأَحْسَبُ من الناس الذي في شعر رأْسه شُقْرةٌ قال امرؤُ القيس
أَيا هِندُ لا تنْكِحي بُوهةً ... عَلَيْه عَقِيقَتُه أَحْسَبا
يَصِفُه باللُّؤْم والشُّحِّ يقول كأَنه لم تُحْلَقْ عَقِيقَتُه في صِغَره حتى شاخَ والبُوهةُ البُومة العَظِيمة تُضْرب مثلاً للرجل الذي لا خيرَ فيه وعَقِيقَتُه شعره الذي يُولد به يقول لا تَتَزَوَّجي مَن هذه صِفَتُه وقيل هو من الإِبل الذي فيه سَوادٌ وحُمْرة أَو بَياض والاسم الحُسْبةُ تقول منه أَحْسَبَ البَعِيرُ إِحْساباً والأَحْسَبُ الأَبرص ابن الأَعرابي الحُسْبَةُ سَوادٌ يَضْرِبُ إِلى الحُمْرةِ والكُهْبةُ صُفرة تَضرِبُ إِلى حمرة والقُهْبةُ سَواد يضرب إِلى الخُضْرة والشهْبةُ سواد وبياض والحُلْبةُ سواد صِرْف والشُّرْبةُ بَياضٌ مُشْرَبٌ بحُمْرةٍ واللُّهْبة بياض ناصعٌ نَقِيٌّ والنُّوبة لَونُ الخِلاسِيِّ وهو الذي أَخَذ من سَواد شيئاً ومن بياض شيئاً كأَنه وُلِدَ [ ص 317 ] من عَرَبيّ وحَبَشِيَّة وقال أَبو زياد الكلابيُّ الأَحْسَبُ من الإِبل الذي فيه سَواد وحُمرة وبَياضٌ والأَكْلَفُ نحوه وقال شمر هو الذي لا لَونَ له الذي يقال فيه أَحْسَبُ كذا وأَحْسَبُ كذا والحَسْبُ والتَّحْسِيبُ دَفْنُ المَيِّتِ وقيل تَكْفِينُه وقيل هو دَفْنُ الميِّتِ في الحجارة وأَنشد غَداةَ ثَوَى في الرَّمْلِ غيرَ مُحَسَّبِ ( 1 )
( 1 قوله « في الرمل » هي رواية الأزهري ورواية ابن سيده في الترب )
أَي غير مَدْفُون وقيل غير مُكَفَّن ولا مُكَرَّم وقيل غير مُوَسَّدٍ والأَول أَحسن قال الأَزهري لا أَعرف التَّحْسِيبَ بمعنى الدَّفْن في الحجارة ولا بمعنى التَّكْفِين والمعنى في قوله غيرَ مُحَسَّب أَي غير مُوَسَّد وانه لَحَسنُ الحِسْبةِ في الأَمْر أَي حَسَنُ التدبير النَّظَرِ فيه وليس هو من احْتِسابِ الأَجْر وفلان مُحْتَسِبُ البَلَدِ ولا تقل مُحْسِبُه وتَحَسَّب الخبَرَ اسْتَخْبَر عنه حجازِيَّةٌ قال أَبو سدرة الأَسدي
ويقال إِنه هُجَيمِيٌّ ويقال إِنه لرجل من بني الهُجَيْمِ
تَحَسَّب هَوَّاسٌ وأَيْقَنَ أَنَّني ... بها مُفْتَدٍ من واحدٍ لا أُغامِرُهْ
فقلتُ له فاها لِفِيكَ فإِنَّها ... قَلُوصُ امْرِئٍ قاريكَ ما أَنتَ حاذِرُه
يقول تَشَمَّمَ هَوَّاسٌ وهو الأَسَدُ ناقتي وظَنَّ أَني أَتركُها له ولا أُقاتِله ومعنى لا أُغامِرُه أَي لا أُخالِطُه بالسيف ومعنى من واحد أَي من حَذَر واحدٍ والهاءُ في فاها تعود على الداهِية أَي أَلزَم اللّهُ فاها لِفيكَ وقوله قاريكَ ما أَنتَ حاذِرُه أَي لا قِرى لك عندي إِلا السَّيفُ واحْتَسَبْتُ فلاناً اختبرْتُ ما عنده والنِّساءُ يَحْتَسِبْنَ ما عِندَ الرِّجال لهن أَي يَخْتَبِرْنَ أَبو عبيد ذهب فلان يَتَحَسَّبُ الأَخْبارَ أَي يَتَجَسَّسُها بالجيم ويَتَحَسَّسُها ويَطْلُبها تَحَسُّباً وفي حديث الأَذان أَنهم كانوا يجتمعون فيَتَحَسَّبُون الصَلاةَ فَيَجِيئُون بلا داعٍ أَي يَتَعَرَّفُون ويَتَطَلَّبُون وَقْتَها ويَتَوَقَّعُونه فيَأْتُون المَسْجد قبل أَن يَسْمَعُوا الأَذان والمشهور في الرواية يَتَحَيَّنُون من الحِينِ الوَقْتِ أَي يَطْلُبون حِينَها وفي حديث بعْضِ الغَزَواتِ أَنهم كانوا يَتَحَسَّبُونَ الأَخْبار أَي يَتَطلَّبُونها واحْتَسَبَ فلان على فلان أَنكر عليه قَبِيحَ عمله وقد سَمَّتْ ( أَي العربُ ) حَسِيباً وحُسَيْباً

( حشب ) الحَشِيبُ والحَشِيبيُّ والحَوْشَبُ عَظْمٌ في باطن الحافر بين العَصَبِ والوَظِيف وقيل هو حَشْوُ الحافِر وقيل هو عُظَيْم صغير كالسُّلامَى في طَرَف الوَظِيف بينَ رَأْسِ الوَظِيف ومُسْتَقَرِّ الحافر مما يَدخل في الجُبَّةِ قال أَبو عمرو الحَوْشَبُ حَشْوُ الحافِر والجُبَّةُ الذي فيه الحَوْشَبُ والدَّخِيسُ بينَ اللَّحْم والعَصَبِ قال العجاج
في رُسُغٍ لا يَتَشَكَّى الحَوْشَبا ... مُسْتَبطِناً معَ الصَّمِيمِ عَصَبا
وقيل الحَوْشَبُ مَوْصِلُ الوَظِيفِ في رُسْغِ [ ص 318 ] الدَّابةِ وقيل الحَوْشَبانِ من الفرس عَظْما الرُّسْغ وفي التهذيب عَظْما الرُّسْغَيْنِ والحَوْشَبُ العَظِيمُ البَطْنِ قال الأَعلم الهذلي
وتَجُرُّ مُجْريةٌ لها ... لَحْمِي إِلى أَجْرٍ حَواشِبْ
أَجْرٍ جمع جِرْوٍ على أَفْعُلٍ وأَراد بالمُجْرِيةِ ضَبُعاً ذات جِراءٍ وقيل هو العَظِيمُ الجَنْبَينِ والأُنثى بالهاءِ قال أَبو النجم
لَيْسَتْ بَحَوْشَبةٍ يَبِيتُ خِمارُها ... حتى الصَّباحِ مُثَبَّتاً بِغِراءِ
يقول لا شعر على رأْسِها فهي لا تَضَع خِمارَها والحَوْشَبُ المُنْتَفِخُ الجَنْبَيْنِ وقول ساعدة ابن جؤية
فالدَّهْرُ لا يَبْقَى على حَدَثانِه ... أَنَسٌ لَفِيفٌ ذو طَرائفَ حَوْشَبُ
قال السكري حَوْشَبٌ مُنْتَفِخُ الجَنْبَيْنِ فاستعار ذلك للجمع الكثير ومما يُذكر من شعر أَسد بن ناعِصةَ
وخَرْقٍ تَبَهْنَسُ ظِلْمانُه ... يُجاوِبُ حَوْشَبَه القَعْنَبُ
قيل القَعْنَبُ الثَّعْلَب الذَّكر والحَوْشَبُ الأَرْنَب الذكر وقيل الحَوْشَبُ العِجْل وهو وَلد البَقرة وقال الآخر
كأَنَّها لمَّا ازْلأَمَّ الضُّحَى ... أُدْمانةٌ يَتْبَعُها حَوْشَبُ
وقال بعضهم الحَوْشَبُ الضَّامِرُ والحَوْشَبُ العَظِيمُ البَطْنِ فجعله من الأَضداد وقال
في البُدْنِ عِفْضاجٌ إِذا بَدَّنْتَه ... وإِذا تُضَمِّرهُ فحَشْرٌ حَوْشَبُ
فالحَشْرُ الدَّقِيقُ والحَوْشَب الضامِرُ وقال المؤَرج احْتَشَب القومُ احْتِشاباً إِذا اجتمعوا وقال أَبو السميدع الأَعرابي الحَشِيبُ من الثِّياب والخَشِيبُ والجَشِيبُ الغَلِيظُ وقال المؤَرج الحَوْشَبُ والحَوْشَبةُ الجماعةُ من الناس وحَوْشَبٌ اسم

( حصب ) الحَصْبةُ والحَصَبةُ والحَصِبةُ بسكون الصاد وفتحها وكسرها البَثْر الذي يَخْرُج بالبَدَن ويظهر في الجِلْد تقول منه حَصِبَ جِلدُه بالكسر يَحْصَبُ وحُصِبَ فهو مَحْصُوبٌ وفي حديث مَسْرُوقٍ أَتَيْنا عبدَاللّهِ في مُجَدَّرِينَ ومُحَصَّبِينَ هم الذين أَصابَهم الجُدَرِيُّ والحَصْبةُ والحَصَبُ والحَصْبةُ الحجارةُ والحصى واحدته حَصَبةٌ وهو نادر والحَصْباء الحَصى واحدته حَصَبة كقَصَبةٍ وقَصَباءَ وهو عند سيبويه اسم للجمع وفي حديث الكَوْثَرِ فأَخرج من حَصْبائه فإِذا ياقُوتٌ أَحمرُ أَي حَصاه الذي في قَعْره وأَرضٌ حَصِبةٌ ومَحْصَبةٌ بالفتح كثيرة الحَصباءِ قال الأَزهري أَرض مَحْصَبةُ ذاتُ حَصْباء ومَحْصاةٌ ذاتُ حَصى قال أَبو عبيد وأَرضٌ مَحْصَبةٌ ذاتُ حَصْبةٍ ومَجْدَرةٌ ذاتُ جُدَرِيٍّ ومكانٌ حاصِبٌ ذُو حَصْباء وفي الحديث أَنه نَهى عن مَسِّ الحَصْباءِ في الصلاةِ [ ص 319 ] كانوا يُصَلُون على حَصْباءِ المسجد ولا حائلَ بين وجوههم وبَيْنَها فكانوا إِذا سجدوا سَوَّوْها بأَيديهم فنُهُوا عن ذلك لأَنه فِعْلٌ من غير أَفعالِ الصلاة والعَبَثُ فيها لا يجوز وتَبْطُلُ به إِذا تكرَّر ومنه الحديث إِن كان لا بدّ من مَسِّ الحَصْباءِ فواحدةً أَي مَرَّةً واحدة رُخِّصَ له فيها لأَنها غير مكرّرة ومكانٌ حَصِبٌ ذُو حَصْباء على النَّسَب لأَنا لم نَسْمع له فِعْلاً قال أَبو ذُؤَيْب
فكَرَعْنَ في حَجَراتِ عَذْبٍ بارِدٍ ... حَصِبِ البِطاحِ تَغِيبُ فيه الأَكْرُعُ
والحَصْبُ رَمْيُكَ بالحَصْباءِ حَصَبَهُ يَحْصِبُه حَصْباً ( 1 )
( 1 قوله « حصبه يحصبه » هو من باب ضرب وفي لغة من باب قتل ا ه مصباح ) رماه بالحَصْباءِ وتحاصَبُوا تَرامَوْا بالحَصْباءِ والحَصْباءُ صِغارُها وكِبارُها وفي الحديث الذي جاءَ في مَقْتَل عثمان رضي اللّه عنه قال إِنهم تَحاصَبُوا في المسجد حتى ما أُبْصِرَ أَدِيمُ السماءِ أَي تَرامَوْا بالحَصْباءِ وفي حديث ابن عمر أَنه رأَى رَجلين يَتَحدّثان والإِمامُ يَخْطُب فَحَصَبَهما أَي رَجَمَهُما بالحَصْباءِ ليُسَكّتَهُما والإِحْصابُ أَن يُثِيرَ الحَصى في عَدْوِه وقال اللحياني يكون ذلك في الفَرَس وغيره مما يَعْدُو تقول منه أَحْصَبَ الفرسُ وغيره وحَصَّبَ الموضعَ أَلقَى فيه الحَصى الصِّغار وفَرَشَه بالحَصْباءِ وفي الحديث أَن عُمر رضي اللّه عنه أَمَرَ بتَحْصِيبِ المسجد وذلك أَن يُلقَى فيه الحَصى الصغارُ ليكون أَوْثرَ للمُصَلِّي وأَغْفَرَ لِما يُلْقى فيه من الأَقْشابِ والخَراشِيِّ والأَقْذارِ والحَصْباءُ هو الحَصى الصغار ومنه الحديث الآخَرُ أَنه حَصَّبَ المسجدَ وقال هو أَغْفَرُ للنُّخَامةِ أَي أَسْتَرُ للبُزاقة إِذا سقَطَت فيه والأَقْشابُ ما يَسْقُط من خُيوطِ خِرَقٍ وأَشياء تُسْتَقْذَر والمُحصَّب موضع رَمْيِ الجِمار بِمِنىً وقيل هو الشِّعْبُ الذي مَخْرَجُه إِلى الأَبْطَحِ بين مكة ومِنى يُنامُ فيه ساعةً من الليل ثم يُخرج إِلى مكة سُمّيا بذلك للحَصى الذي فيهما ويقال لموضع الجمار أَيضاً حِصاب بكسر الحاءِ قال الأَزهري التَّحْصِيبُ النَّوْمُ بالشِّعْبِ الذي مَخْرَجُه إِلى الأَبْطَحِ ساعةً مِن الليلِ ثم يُخْرَجُ إِلى مكةَ وكان موضعاً نَزَلَ به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مِن غير أَن سَنَّه للناسِ فَمَن شاءَ حَصَّبَ ومن شاءَ لم يُحَصِّبْ ومنه حديث عائشةَ رضي اللّه عنها ليس التَّحْصِيبُ بشيءٍ أَرادت به النومَ بالمُحَصَّبِ عند الخُروجِ من مَكةَ ساعةً والنُّزُولَ به ورُوِي عن عمر رضي اللّه عنه أَنه قال يَنْفِرُ الناسُ كُلُّهم إِلاَّ بَنِي خُزَيْمَةَ يعني قريشاً لا يَنْفِرُون في النَّفْرِ الأَوّل قال وقال يا آلَ خُزَيْمَةَ حَصِّبُوا أَي أَقِيموُا بالمُحَصَّبِ قال أَبو عبيد التَّحْصِيبُ إذا نَفَر الرَّجلُ مِن مِنى إِلى مكة للتَّوْدِيعِ أَقامَ بالأَبْطَحِ حتى يَهْجَعَ بها ساعةً مِنَ الليل ثم يَدْخُل مكة قال وهذا شيءٌ كان يُفْعَل ثم تُرِكَ وخُزَيْمَةُ هم قُرَيْش وكِنانةُ وليس فيهم أَسَدٌ وقال القعنبي التَّحْصِيبُ نُزولُ المُحَصَّب بمكة وأَنشد
فَلِلّهَ عَيْنا مَن رَأَى مِنْ تَفَرُّقٍ ... أَشَتَّ وأَنْأَى مِنْ فِراقِ المُحَصَّبِ
[ ص 320 ] وقال الأَصمعي المُحَصَّبُ حيث يُرْمَى الجمارُ وأَنشد
أَقامَ ثَلاثاً بالمُحَصَّبِ مِن مِنًى ... ولَمَّا يَبِنْ للنَّاعِجاتِ طَرِيقُ
وقال الراعي
أَلم تَعْلَمي يا أَلأَمَ النَّاسِ أَنَّني ... بِمَكَّةَ مَعْرُوفٌ وعِندَ المُحَصَّبِ
يريد موضع الجِمار والحاصِبُ رِيحٌ شَدِيدة تَحْمِل التُّرابَ والحَصْباءَ وقيل هو ما تَناثَر من دُقاقِ البَرَد والثَّلْجِ وفي التنزيل إِنَّا أَرْسَلْنا عليهم حاصِباً وكذلك الحَصِبةُ قال لبيد
جَرَّتْ عَلَيها أَنْ خَوَتْ مِنْ أَهْلِها ... أَذْيالَها كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ ( 1 )
( 1 قوله « جرت عليها » كذا هو في بعض نسخ الصحاح أيضاً والذي في التكملة جرت عليه )
وقوله تعالى إِنَّا أَرْسَلْنا عليهم حاصِباً أَي عَذاباً يَحْصِبُهم
أَي يَرْمِيهم بحجارة مِن سِجِّيل وقيل حاصِباً أَي ريحاً تَقْلَعُ الحَصْباء لقوّتها وهي صغارها وكبارها وفي حديث علي رضي اللّه عنه قال للخَوارج أَصابَكم حاصِبٌ أَي عَذابٌ من اللّه وأَصله رُميتم بالحَصْباءِ من السماءِ ويقال للرِّيحِ التي تَحْمِل الترابَ والحَصى حاصِبٌ وللسَّحابِ يَرْمِي بالبَرَد والثَّلْج حاصِبٌ لأَنه يَرْمِي بهما رَمْياً قال الأَعشى
لنا حاصِبٌ مِثْلُ رِجْلِ الدَّبَى ... وجَأْواءُ تُبْرقُ عنها الهَيُوبا
أَراد بالحاصِب الرُّماةَ وقال الأَزهري الحاصِبُ العَدَدُ الكَثِيرُ من الرَّجَّالةِ وهو معنى قوله لنا حاصِبٌ مِثْلُ رِجْلِ الدَّبَى ابن الأَعرابي الحاصِبُ مِن التّراب ما كان فيه الحَصْباء وقال ابن شميل الحاصِبُ الحَصْباء في الرِّيح كان يَوْمُنا ذا حاصِبٍ ورِيحٌ حاصِبٌ وقد حصَبَتْنا تَحْصِبُنا وريحٌ حَصِبةٌ فيها حَصباء قال ذو الرمة حَفِيفُ نافِجةٍ عُثْنُونُها حَصِب والحَصَبُ كُلُّ ما أَلقَيْتَه في النَّار من حَطَب وغيره وفي التنزيل إِنَّكم وما تَعْبُدُون مِن دُونِ اللّه حَصَبُ جَهَنَّم قال الفرَّاءُ ذكر أَن الحَصَبَ في لغة أَهل اليمن الحَطَبُ ورُوِي عن علي كرّم اللّه وجهه أَنه قرأَ حَطَبُ جَهَنَّمَ وكلُّ ما أَلْقَيْتَه في النار فقد حَصَبْتَها به ولا يكون الحَصَبُ حَصَباً حتى يُسْجَر به وقيل الحَصَبُ الحَطَبُ عامّةً وحَصَبَ النارَ بالحَصَبِ يَحْصُبها حَصْباً أَضْرَمَها الأَزهري الحَصَبُ الحَطَبُ الذي يُلْقَى في تَنُّور أَو في وَقُودٍ فأَمّا ما دام غير مستعمل للسُّجُورِ فلا يسمى حَصَباً وحَصَبْتُه أَحْصِبُه رمَيْته بالحَصْباءِ والحَجرُ المَرْمِيُّ به حَصَبٌ كما يقال نَفَضْتُ الشيءَ نَفْضاً والمنفوضُ نَفَضٌ فمعنى قوله حَصَبُ جهنم أَي يُلْقَوْن فيها كما يُلْقَى الحَطَبُ في النارِ وقال الفرَّاءُ الحَصَبُ في لغة أَهل نجد ما رَمَيْتَ به في النار وقال عكرمة حَصَبُ جهنم هو [ ص 321 ] حَطَبُ جهنم بالحَبَشية وقال ابن عرفة إِن كان أَراد أَن العرب تكملت به فصار عَرَبيةً وإِلا فليس في القرآن غيرُ العربيةِ وحَصَبَ في الأَرض ذَهَبَ فيها وحَصَبةُ اسم رجل عن ابن الأَعرابي وأَنشد أَلَسْتَ عَبْدَعامِرِ بنِ حَصَبَهْ ويَحْصَبُ قبيلةٌ وقيل هي يَحْصُبُ نقلت من قولك حَصَبَه بالحصى يَحْصُبُه وليس بقويّ وفي الصحاح ويَحْصِبُ بالكسر حَيٌّ من اليمن وإِذا نسبت إِليه قلت يَحْصَبِيٌّ بالفتح مثل تَغْلِبَ وتَغْلَبِيٍّ

( حصلب ) الحِصْلِبُ والحِصْلِمُ التراب

( حضب ) الحِضْبُ والحُضْبُ جميعاً صَوْتُ القَوْس والجمع أَحْضابٌ قال شمر يقال حِضْبٌ وحَبْضٌ وهو صَوْتُ القَوْسِ والحَضْبُ والحِضْبُ ضَرْبٌ من الحَيّاتِ وقيل هو الذكر الضَّخْمُ منها قال وكلُّ ذكر من الحَيَّاتِ حِضْبٌ قال أَبو سعيد هو بالضاد المعجمة وهو كالأَسْوَدِ والحُفَّاثِ ونحوهما وقيل هو حَيَّة دقيقة وقيل هو الأَبْيضُ منها قال رؤبة جاءَتْ تَصَدَّى خَوْفَ حِضْبِ الأَحْضابْ وقول رؤبة
وقد تَطَوَّيْتُ انْطِواءَ الحِضْبِ ... بَيْنَ قَتادِ رَدْهةٍ وشِقْبِ
يجوز أَن يكون أراد الوَتَرَ وأَن يكون أَراد الحَيَّةَ والحَضَبُ الحَطَبُ في لغة اليمن وقيل هو كلُّ ما أَلْقَى في النار مِن حَطَبٍ وغيره يُهَيِّجُها به والحَضَبُ لغة في الحَصَب ومنه قرأَ ابن عباس حَضَبُ جَهنمَ منقوطة قال الفرَّاءُ يريد الحَصَبَ وحَضَبَ النارَ يَحْضِبُها رَفَعَها وقال الكسائي حَضَبْتُ النارَ إِذا خَبَتْ فأَلْقَيْتَ عليها الحَطَبَ لتَقِدَ والمِحْضَبُ المِسْعَرُ وهو عُود تُحَرَّكُ به النارُ عند الإِيقاد قال الأَعشى
فلا تَكُ فِي حَرْبِنا مِحْضَباً ... لِتَجْعَلَ قَوْمَكَ شَتَّى شُعُوبَا
وقال الفرّاءُ هو المِحْضَبُ والمِحْضَأُ والمِحْضَجُ والمِسْعَرُ بمعنى واحد وحكى ابن دريد عن أَبي حاتم أَنه قال يُسمى المِقْلَى المِحْضَب وأَحْضابُ الجبَلِ جَوانِبُه وسَفْحُه واحدها حِضْبٌ والنون أَعلى وروى الأَزهري عن الفرَّاءِ الحَضْبُ بالفتح سُرْعةُ أَخْذِ الطَّرْقِ الرَّهْدَنَ إِذا نَقَر الحَبَّة والطَّرْقُ الفَخُّ والرَّهْدَنُ العُصْفُور قال والحَضْبُ أَيضاً انْقِلابُ الحَبْلِ حتى يَسْقُط والحَضْبُ أَيضاً دُخول الحَبْلِ بين القَعْو والبَكْرة وهو مثل المَرَسِ تقول حَضِبَتِ البَكْرةُ ومَرِسَتْ وتأْمر فتقول أَحْضِبْ بمعنى أَمْرِسْ أَي رُدَّ الحَبْل إِلى مَجْراهُ

( حضرب ) حَضْربَ حَبْلَه ووَتَرَه شدَّه وكلُّ مَمْلُوءٍ مُحَضْرَبٌ والظاء أَعلى

( حطب ) الليث الحَطَبُ مَعْرُوفٌ والحَطَبُ ما أُعِدَّ مِن الشجَرِ شَبُوباً للنَّارِ [ ص 322 ] حَطَبَ يَحْطِبُ حَطْباً وحَطَباً المخفف مصدر وإِذا ثُقِّلَ فهو اسم واحْتَطَبَ احْتِطاباً جَمَع الحَطَبَ وحَطَبَ فلاناً حَطَباً يَحْطِبُه واحْتَطَبَ له جَمَعَه له وأَتاهُ به قال ذو الرُّمة
وهَلْ أَحْطِبَنَّ القَوْمَ وهي عَرِيَّةٌ ... أُصُولَ أَلاءٍ في ثَرًى عَمِدٍ جَعْدِ
وحَطَبَنِي فلان إِذا أَتاني بالحَطَبِ وقال الشماخ
خَبٌّ جَرُوزٌ وإِذا جاعَ بَكَى ... لاحَطَبَ القَوْمَ ولا القومَ سَقَى
ابن بري الخَبُّ اللَّئِيمُ والجَرُوزُ الأَكُولُ ويقال للذي يَحْتَطِبُ الحَطَبَ فيَبِيعُه حَطَّابٌ يقال جاءَتِ الحَطَّابةُ والحَطّابةُ الذين يَحْتَطِبُون الأَزهري قال أَبو تراب سمعت بعضهم يقول احْتَطَبَ عليه في الأَمر واحتَقَبَ بمعنى واحد ورَجُل حاطِبُ لَيْلٍ يتَكلّم بالغَثِّ والسمين مُخَلِّطٌ في كلامِه وأَمْرِه لا يَتَفَقَّدُ كَلامَه كالحاطِبِ بالليل الذي يَحْطِبُ كُلَّ رَدِيءٍ وجَيِّدٍ لأَنه لا يُبْصِرُ ما يَجْمعُ في حَبْلِه الأَزهري شُبِّه الجانِي على نَفْسه بِلِسانِه بحاطِبِ اللَّيلِ لأَنه إِذا حَطَبَ ليلاً رُبما وقَعَتْ يَدُه على أَفْعَى فنَهَسَتْه وكذلك الذي لا يَزُمُّ لِسانَه ويَهْجُو الناسَ ويَذُمُّهمْ رُبما كان ذلك سَبَباً لِحَتْفِه وأَرضٌ حَطِيبةٌ كثيرة الحَطَبِ وكذلك وادٍ حَطِيبٌ قال
وادٍ حَطِيبٌ عَشِيبٌ ليسَ يَمْنَعُه ... مِنَ الأَنِيسِ حِذارُ اليَوْمِ ذِي الرَّهَجِ
وقدَحَطِبَ وأَحْطَبَ واحْتَطَبتِ الإِبلُ رَعَتْ دِقَّ الحَطَبِ قال الشاعر وذكر إِبلاً
إِنْ أَخْصَبَتْ تَرَكَتْ ما حَوْلَ مَبْرَكِها ... زَيْناً وتُجْدِبُ أَحْياناً فَتَحْتَطِبُ
وقال القطامي
إِذا احْتَطَبَتْه نِيبُها قَذَفَتْ به ... بَلاعِيمُ أَكْراشٍ كأَوْعِيةِ الغَفْرِ
وبعير حَطَّابٌ يَرْعَى الحَطَبَ ولا يكون ذلك إِلاّ مِن صِحَّةٍ وفَضْلِ قُوَّةٍ والأُنثى حَطَّابةٌ وناقة مُحاطِبةٌ تأْكل الشَّوْكَ اليابِسَ والحِطابُ في الكَرْمِ أَن يُقْطَعَ حتى يُنْتَهى إِلى ما جَرَى فيه الماءُ واسْتَحْطَبَ العِنَبُ احْتاجَ أَن يُقْطَع شيءٌ من أَعالِيهِ وحَطَبُوه قَطَعُوه وأَحْطَبَ الكَرْمُ حانَ أَن يُقْطَعَ منه الحَطَبُ ابن شميل العِنَبُ كُلَّ عامٍ يُقْطَعُ من أَعالِيهِ شيءٌ ويُسمَّى ما يُقْطَعُ منه الحِطابُ يقال قد اسْتَحْطَبَ عِنَبُكم فاحْطِبُوه حَطْباً أَي اقْطَعُوا حَطَبَه والمِحْطَبُ المِنْجَلُ الذي يُقْطَعُ به وحَطَبَ فلان بفلان سَعَى به وقوله تعالى في سُورة تَبَّتْ وامْرَأَتُه حَمَّالَةَ الحَطَبِ قيل هو النَّمِيمةُ وقيل إِنها كانت تَحْمِل الشَّوْك شَوْكَ العِضاهِ فتُلْقِيهِ على طَرِيقِ سَيِّدِنا رَسُول اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم وطَريقِ أَصحابه رضي اللّه عنهم قال الأَزهري جاءَ في التفسير أَنَّها أُمُّ جَميلٍ امرأَةُ أَبي لَهَبٍ وكانتْ تَمْشِي بالنَّمِيمة ومن ذلك قولُ الشاعر
مِن البِيضِ لم تُصْطَدْ على ظَهْرِ لأْمَةٍ ... ولم تَمْشِ بينَ الحَيِّ بالحَطَبِ الرَّطْبِ
[ ص 323 ] يعني بالحَطَبِ الرَّطْبِ النَّمِيمةَ والأَحْطَبُ الشَّدِيدُ الهُزال والحَطِبُ مِثْلُه وخصَّصه الجوهري فقال الرَّجل الشَّديدُ الهُزالِ وقد سمت حاطِباً وحُوَيْطِباً وقولُهم صَفْقةٌ لم يَشْهَدْها حاطِبٌ هو حاطِبُ ابنُ أَبي بَلْتَعةَ وكان حازِماً وبنو حاطِبةَ بطن وحَيْطُوبٌ موضع

( حظب ) الحاظِبُ والمُحْظَئِبُّ السَّمِينُ ذُو البِطْنةِ وقيل هو الذي امْتَلأَ بَطْنُه وقد حَظَبَ يَحْظُبُ حَظْباً وحُظُوباً وحَظِبَ حَظَباً سَمِنَ الأُمَويُّ من أَمْثالِهم في باب الطَّعامِ اعْلُلْ تَحْظُبْ ( 1 )
( 1 قوله « تحظب » ضبطت الظاء بالضم في الصحاح وبالكسر في التهذيب ) أَي كُلْ مرّة بعد أُخرى تَسْمَنْ وقيل أَي اشْرَبْ مَرَّةً بعد مَرَّةٍ تَسْمَنْ وحَظَبَ مِن الماءِ تَمََّلأَ يقال منه حَظَبَ يَحْظِبُ حُظُوباً إِذا امْتلأَ ومثله كَظَبَ يَكْظِبُ كُظُوباً وقال الفرَّاءُ حَظَبَ بَطْنُه حُظُوباً وكَظَب إِذا انْتَفَخَ ابن السكيت رأَيت فلاناً حاظِباً ومُحْظَئِبّاً أَي مُمتَلِئأً بَطِيناً ورَجُل حَظِبٌ وحُظُبٌّ قَصِير عَظِيم البَطنِ وامرأَة حَظِبةٌ وحِظَبّةٌ وحُظُبَّةٌ كذلك الأَزهري رَجُلٌ حُظُبَّةٌ حُزُقَّةٌ إِذا كان ضَيِّقَ الخُلُقِ ورَجل حُظُبٌّ أَيضاً وأَنشد
حُظُبٌّ إِذا ساءلْتِهِ أَو تَرَكْتِه ... قَلاكِ وإِنْ أَعْرَضْتِ راءَى وسَمَّعَا
ووَتَرٌ حُظُبٌّ جافٍ غَلِيظٌ شديد والحُظُبُّ البَخِيل والحُظُبَّى الظَّهْرُ وقيل عِرْقٌ في الظهر وقيل صُلْبُ الرجل قال الفِنْدُ الزِّمانيُّ واسمه شَهْلُ بن شَيْبانَ
ولَوْلا نَبْلُ عَوْضٍ في ... حُظَبَّايَ وأَوْصالِي
أَراد بالعَوْضِ الدَّهْر قال كراع لا نَظِيرَ لها قال ابن سيده وعندي أَنّ لها نَظائِرَ بُذُرَّى من البَذْر وحُذُرَّى من الحَذَر وغُلُبَّى مِن الغَلَبةِ وحُظُبَّاهُ صُلْبُه وروى ابن هانئ عن أَبي زيد الحُظُنْبَى بالنون الظَّهْرُ ويَرْوِي بَيْتَ الفِنْدِ الزِّماني في حُظُنْبايَ وأَوْصالي الأَزهري عن الفرَّاءِ من أَمثال بَني أَسَدٍ اشْدُدْ حُظُبَّى قَوْسَكَ يريد اشْدُدْ يا حُظُبَّى قَوْسَكَ وهو اسم رجل أَي هَيِّئْ أَمْرَكَ

( حظرب ) المُحَظْرَبُ الشَّديدُ الفَتْلِ حَظْرَبَ الوَتَرَ والحَبْلَ أَجادَ فَتْلَه وشَدَّ تَوْتِيرَه وحَظْرَبَ قَوْسَه إِذا شدَّ تَوْتِيرَها ورَجلٌ مُحَظْرَبٌ شَديدُ الشَّكِيمةِ وقيل شَديدُ الخَلْقِ والعَصَبِ مَفْتُولُهما الأَزهري عن ابن السكيت والمُحَظْرَبُ الضّيِّقُ
الخُلُق قال طَرَفةُ بن العبد
وأَعْلَمُ عِلْماً ليسَ بالظَّنِّ أَنه ... إِذا ذَلَّ مَوْلى المَرْءِ فهو ذَلِيلُ
وأَنَّ لِسانَ المَرْءِ ما لم يَكُنْ لَه ... حَصاةُ عَلى عَوْراتِه لَدَلِيلُ
[ ص 324 ]
وكائنْ تَرَى مِنْ لَوْذَعِيٍّ مُحَظْرَبٍ ... وليسَ له عِندَ العَزِيمةِ جُولُ ( 1 )
( 1 قوله « عند العزيمة » كذا في نسخة المحكم أيضاً والذي في الصحاح العزائم بالجمع والتفسير للجوهري )
يقول هو مُسَدَّدٌ حَديدُ اللسان حَديدُ النظَر فإِذا نزلت به
الأُمور وجَدْتَ غيره ممن ليس له نَظَرُه وحِدَّتُه أَقْوَمَ بها منه وكائن بمعنى كم ويروى يَلْمَعيٍّ وأَلْمَعِيٍّ وهو الرجل المُتَوَقِّدُ ذَكاءً وقد فسره أَوس بن حجر في قوله
الأَلْمَعِيُّ الذي يظن بك الظنّ ... كأَنْ قد رَأَى وقد سَمِعا
والجُولُ العَزيمةُ ويقال العَقْلُ والحَصاةُ أَيضاً العَقْلُ يقال هو ثابتُ الحَصاة إِذا كان عاقلاً وضَرْعٌ مُحَظْرَبٌ ضَيِّقُ الأَخلاف وكُلّ مَمْلوءٍ مُحَظْرَبٌ وقد تقدم في الضاد والتَّحَظْرُبُ امْتِلاءُ البَطْنِ هذه عن اللحياني

( حظلب ) الأَزهري ابن دريد الحَظْلَبةُ ( 2 )
( 2 قوله « ابن دريد الحظلبة إلخ » كذا هو في التهذيب والذي في التكملة عن ابن دريد سرعة العدو وتبعها المجد ) العَدْوَ

( حقب ) الحَقَبُ بالتحريك الحِزامُ الذي يَلِي حَقْوَ البَعِير وقيل هو حَبْلٌ يُشَدُّ به الرَّحْلُ في بَطْنِ البَعِير مما يلي ثِيلَه لِئَلاَّ يُؤْذِيَه التَّصْديرُ أَو يَجْتَذِبَه التَّصْديرُ فَيُقَدِّمَه تقول منه أَحْقَبْتُ البَعِيرَ وحَقِبَ بالكسر حَقَباً فهو حَقِبٌ تَعَسَّرَ عليه البَوْلُ مِن وُقُوعِ الحَقَبِ على ثِيلِه ولا يقال ناقةٌ حَقِبةٌ لأَنَّ الناقة لَيس لها ثِيلٌ الأَزهري من أَدَواتِ الرَّحْلِ الغَرْضُ والحَقَبُ فأَما الغَرْضُ فهو حِزامُ الرَّحْلِ وأَما الحَقَبُ فهو حَبْلٌ يَلِي الثِّيلَ ويقال أَخْلَفْتُ عن البَعِير وذلك إِذا أَصابَ حَقَبُه ثِيلَه فيَحْقَبُ هو حَقَباً وهو احْتِباسُ بَوْلِه ولا يقال ذلك في الناقةِ لأَنَّ بَوْلَ الناقةِ من حَيائها ولا يَبْلُغُ الحَقَبُ الحَياءَ والإِخْلافُ عنه أَن يُحَوَّلَ الحَقَبُ فيُجْعَلَ مما يَلِي خُصْيَتَي البَعِير ويقال شَكَلْت عن البَعير وهو أَن تجعل بين الحَقَب والتَّصْدير خَيْطاً ثم تَشُدَّه لئلا يَدْنُوَ الحَقَبُ من الثِّيلِ واسم ذلك الخَيْطِ الشِّكالُ وجاءَ في الحديث لا رَأْي لِحازِقٍ ولا حاقِبٍ ولا حاقِنٍ الحازِقُ الذي ضاقَ عليه خُفُّه فَحَزَقَ قَدَمَه حَزْقاً وكأَنه بمعنى لا رأْي لذي حَزْقٍ والحاقِبُ هو الذي احْتاجَ إِلى الخَلاءِ فلم يَتَبَرَّزْ وحَصَرَ غائطَه شُبِّه بالبَعِير الحَقِبِ الذي قد دَنا الحَقَبُ مِن ثِيلِه فمنَعَه من أَن يَبُولَ وفي الحديث نُهِيَ عن صلاة الحاقِبِ والحَاقِنِ وفي حديث عُبادةَ بن أَحْمَر فجمَعْتُ إِبِلي ورَكِبْتُ الفَحْلَ فحَقِبَ فَتَفاجَّ يَبُولُ فَنَزَلْتُ عنه حَقِبَ البعيرُ إِذا احْتَبَسَ بَوْلُه ويقال حَقِبَ العامُ إِذا احْتَبَس مَطَرُه والحَقَبُ والحِقابُ شيء تُعَلِّقُ به المرأَةُ الحَلْيَ وتَشُدُّه في وسَطِها والجمع حُقُبٌ والحِقابُ شيءٌ مُحَلىًّ تَشُدُّه المرأَةُ على وَسَطِها قال الليث الحِقابُ شيء تتخذه المرأَة تُعَلِّق به مَعالِيقَ الحُليِّ تَشُدُّه على وسَطها والجمع الحُقُبُ قال الأَزهري [ ص 325 ] الحِقابُ هو البَرِيمُ إِلاَّ أَنَّ البَريمَ يكون فيه أَلوانٌ من الخُيُوطِ تَشُدُّه المرأَة على حَقْوَيْها والحِقابُ خَيْط يُشَدُّ في حَقْوِ الصبيِّ تُدْفَعُ به العينُ والحَقَبُ في النَّجائبِ لَطافةُ الحَقْوَيْنِ وشِدَّةُ صِفاقِهما وهي مِدْحةٌ والحِقابُ البياض الظاهر في أَصل الظُّفُر والأَحْقَبُ الحِمار الوَحْشِيُّ الذي في بَطْنِه بياض وقيل هو الأَبيضُ موضعِ الحَقَبِ والأَوّل أَقْوَى وقيل إِنما سُمي بذلك لبياضٍ في حَقْوَيْهِ والأُنثى حَقْباءُ قال رؤبة بن العجاج يُشَبِّه ناقَتَه بأَتانٍ حَقْباءَ
كَأَنَّهَا حَقْباء بَلْقاءُ الزَّلَقْ ... أَو جادِرُ اللِّيتَيْنِ مَطْوِيُّ الحَنقْ
والزَّلَقُ عَجِيزَتُها حيث تَزْلَقُ منه والجادِرُ حِمارُ الوَحْشِ الذي عَضَّضَتْه الفُحُول في صَفْحَتَيْ عُنُقِه فصار فيه جَدَراتٌ والجَدَرةُ كالسِّلْعة تكون في عُنُقِ البعير وأَراد باللِّيتَيْن صَفْحَتَي العُنقِ أَي هو مَطْوِيٌّ عند الحنَقِ كما تقول هو جَرِيءُ المَقْدَمِ أَي جَرِيءٌ عند الإِقْدامِ والعَرب تُسَمِّي الثَّعْلَبَ مُحْقَباً لبيَاضِ بَطْنِه وأَنشد بعضُهم لأُم الصَّريح الكِنْدِيّةِ وكانت تحتَ جَرير فوَقَع بينها وبين أُخت جرير لِحَاءٌ وفِخارٌ فقالت أَتَعْدِلِينَ مُحْقَباً بأَوْسِ والخَطَفَى بأَشْعَثَ بنِ قَيْسِ ما ذاكِ بالحَزْمِ ولا بالكَيْسِ عَنَتْ بذلكَ أَنَّ رِجالَ قَوْمِها عند رِجالِها كالثَّعْلَب عند الذِّئب وأَوْسٌ هو الذئب ويقال له أُوَيْسٌ والحَقِيبةُ كَالبَرْذَعةِ تُتَّخَذ لِلحِلْسِ والقَتَبِ فأَمّا حَقِيبةُ القَتَبِ فَمِنْ خَلْفُ وأَمّا حَقِيبةُ الحِلْسِ فَمُجَوَّبةٌ عن ذِرْوةِ السَّنامِ وقال ابن شميل الحَقِيبةُ تكون على عَجُزِ البَعِير تحت حِنْوَيِ القَتَبِ الآخَرَيْن والحَقَبُ حَبْلُ تُشَدُّ به الحَقِيبةُ والحَقِيبةُ الرِّفادةُ في مُؤَخَّر القَتَبِ والجمع الحَقائبُ وكلُّ شيءٍ شُدّ في مؤَخَّر رَحْل أَو قَتَب فقد احْتُقِبَ وفي حديث حنين ثم انْتَزَع طَلَقاً مِنْ حَقِبه أَي من الحَبْلِ المَشْدُود على حَقْوِ البعير أَو من حَقِيبتِه وهي الزِّيادةُ التي تُجْعَل في مُؤَخَّر القَتَب والوعاءُ الذي يَجْعَل الرجل فيه زادَه والمُحْقِبُ المُرْدِفُ ومنه حديث زيد بن أَرْقَمَ كنتُ يَتِيماً لابنِ رَواحةَ فَخرجَ بي إِلى غَزْوةِ مُؤْتةَ مُرْدِفي على حَقِيبةِ رَحْلِه ومنه حديث عائشة فَأَحْقَبَها عبدُالرحمن على ناقةٍ أَي أَرْدَفَها خَلْفَه على حَقِيبةِ الرَّحْل وفي حديث أَبي أُمامة أَنه أَحْقَبَ زادَه خَلْفَه على راحِلَتِه أَي جعلَه وراءه حَقِيبةً واحتَقَبَ خَيْراً أَو شَرًّا واسْتَحْقَبه ادَّخَره على المثَل لأَنّ الإِنسان حامِلٌ لعَمَلِه ومُدَّخِرٌ له واحْتَقَبَ فلان الإِثْم كأَنَّه جَمَعَه واحْتَقَبَه مَنْ خَلْفهِ قال امْرُؤُ القيس
فاليَوْمَ أُسْقَى غَيْرَ مُسْتَحْقِبٍ ... إِثْماً مِنَ اللّهِ ولا واغِلِ
[ ص 326 ] واحْتَقَبَه واسْتَحْقَبَه بمعنى أَي احْتَمَلَه الأَزهري الاحْتِقابُ شَدُّ الحَقِيبةِ من خَلْفٍ وكذلك ما حُمِلَ مِن شيء من خَلْفٍ يقال احْتَقَبَ واسْتَحْقَبَ قال النابغة
مُسْتَحْقِبِي حَلَقِ الماذِيِّ يَقْدُمُهم ... شُمُّ العَرانِينِ ضَرَّابُون لِلهامِ ( 1 )
( 1 قوله « مستحقي حلق إلخ » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة مستحقبو حلق الماذي خلفهمو )
الأَزهري ومن أَمثالهم اسْتَحْقَبَ الغَزْوَ أَصْحابَ البَراذِينِ
يقال ذلك عند ضِيق المخَارِج ويقال في مثله نَشِبَ الحَديدةُ والتَوَى المِسمارُ يقال ذلك عند تأْكيد كل أَمر ليس منه مَخْرَجٌ والحِقْبةُ من الدَّهر مدّة لا وَقْتَ لها والحِقْبةُ بالكسر السَّنةُ والجمع حِقَبٌ وحُقُوبٌ كحِلْيةٍ وحُلِيٍّ والحُقْبُ والحُقْبُ ثمانون سَنةً وقيل أَكثرُ من ذلك وجمع الحُقْبِ حِقابٌ مثل قُفٍّ وقِفافٍ وحكى الأَزهري في الجمع أَحْقَاباً والحُقُبُ الدَّهرُ والأَحْقابُ الدُّهُور وقيل الحُقُبُ السَّنةُ عن ثعلب ومنهم من خَصَّصَ به لغة قيس خاصَّة وقوله تعالى أَو أَمْضِيَ حُقُباً قيل معناه سنةً وقيل معناه سنين وبسِنينَ فسره ثعلب قال الأَزهري وجاء في التفسير أَنه ثمانون سنة فالحُقُب على تفسير ثعلب يكون أَقَلَّ من ثمانين سنة لأَنّ موسى عليه السلام لم يَنْوِ أَن يَسِيرَ ثَمانين سَنةً ولا أَكثر وذلك أَنّ بَقِيَّةَ عُمُرِه في ذلك الوَقْت لا تَحْتَمِلُ ذلك والجمع من كل ذلك أَحْقابٌ وأَحْقُبٌ قال ابن هَرْمةَ
وقد وَرِثَ العَبّاسُ قَبْلَ مُحمدٍ ... نَبِيَّيْنِ حَلاَّ بَطْنَ مَكَّةَ أَحْقُبا
وقال الفرَّاءُ في قوله تعالى لابِثينَ فيها أَحْقاباً قال الحُقْبُ ثمانُون سنةً والسَّنةُ ثَلثُمائة وستون يوماً اليومُ منها أَلفُ سنة من عَدد الدنيا قال وليس هذا مما يدل على غاية كما يَظُنّ بعضُ الناس وإِنما يدُل على الغايةِ التوْقِيتُ خمسةُ أَحْقاب أَو عشرة والمعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً كُلَّما مضَى حُقْب تَبِعه حُقْب آخَر وقال الزجاج المعنى أَنهم يَلْبَثُون فيها أَحْقاباً لا يذُوقُون في الأَحْقابِ بَرْداً ولا شَراباً وهم خالدون في النار أَبداً كما قال اللّه عز وجل وفي حديث قُسّ وأَعْبَدُ مَن تَعَبَّدَ في الحِقَبْ هو جمع حِقْبةٍ بالكسر وهي السنةُ والحُقْبُ بالضم ثَمانُون سَنةً وقيل أَكثر وجمعه حِقابٌ وقارةٌ حَقْباء مُسْتَدِقّةٌ طَويلةٌ في السماء قال امرؤُ القيس
تَرَى القُنَّةَ الحَقْباء مِنْها كَأَنَّها ... كُمَيْتٌ يُبارِي رَعْلةَ الخَيْلِ فارِدُ
وهذا البيت مَنْحُول قال الأَزهري وقال بعضهم لا يقال لها حَقْباء حتى يَلْتَوِيَ السَّرابُ بِحَقْوَيْها قال الأَزهري والقارةُ الحَقْباء التي في وسَطها تُرابٌ أَعْفَرُ وهو يَبْرُقُ ببياضِه مع بُرْقةِ سائِرِه وحَقِبَت السماءُ حَقَباً إِذا لم تُمْطِرْ وحَقِبَ المطَرُ حَقَباً احْتَبَسَ وكُلّ ما احْتَبَس فقد حَقِبَ عن ابن الأَعرابي وفي الحديث حَقِبَ أَمْرُ النَّاسِ أَي فَسَدَ واحْتَبَس مِن قولهم حَقِبَ المَطَرُ أَي تأَخَّر واحْتَبَسَ [ ص 327 ] والحُقْبَةُ سكون الرِّيحِ يمانيةٌ وحَقِبَ المَعْدِنُ وأَحْقَبَ لم يوجد فيه شيء وفي الأَزهري إِذا لم يُرْكِزْ وحَقِبَ نائِلُ فلان إِذا قلَّ وانْقَطَعَ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه الإِمَّعةُ فيكم اليَوْمَ المُحْقِبُ الناسَ دِينَه وفي رواية الذي يُحْقِبُ دِينَه الرِّجالَ أَراد الذي يُقَلِّد دينَه لكل أَحد أَي يَجْعَلُ دِينَه تابعاً لدينِ غيره بلا حُجّة ولا بُرْهانٍ ولا رَوِيَّةٍ وهو من الإِرْدافِ على الحقيبة وفي صفة الزبير رضي اللّه عنه كانَ نُفُجَ الحَقِيبةِ أَي رابِيَ العَجُز ناتئه وهو بضم النون والفاء ومنه انْتَفَجَ جَنْبا البعير أَي ارتفعا والأَحْقَبُ زعموا اسم بعض الجنّ الذين جاؤُوا يستمعون القرآن من النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ابن الأَثير وفي الحديث ذكر الأَحقب وهو أَحَدُ النفَر الذين جاؤُوا إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم من جنّ نَصِيبِينَ قيل كانوا خمسةً خَسا ومَسا وشاصهْ وباصهْ والأَحقَب والحِقابُ جبل بعَيْنه مَعْروف قال الراجز يَصِفُ كَلْبةً طَلَبَتْ وَعِلاً مُسِنّاً في هذا الجَبَل قد قُلْتُ لمَّا جَدَّتِ العُقابُ وضَمَّها والبَدنَ الحِقابُ جِدِّي لكلِّ عامِلٍ ثَوابُ الرَّأْسُ والأَكْرُعُ والإِهابُ البَدنُ الوَعِلُ المُسِنُّ قال ابن بري هذا الرجز ذكره الجوهري قد ضَمَّها والبَدنَ الحِقابُ قال والصواب وضَمَّها بالواو كما أَوردناه والعُقابُ اسم كَلْبَتِه قال لها لمَّا ضَمَّها والوَعِل الجَبَلُ جِدِّي في لحَاق هذا الوَعِلِ لتأْكُلِي الرَّأْسَ والأَكْرُعَ والإِهابَ

( حقطب ) الأَزهري أَبو عمرو الحَقْطَبَةُ صِياحُ الحَيْقُطان وهو ذَكَر الدُرَّاج والله أَعلم

( حلب ) الحَلَبُ استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ يكونُ في الشاءِ والإِبِل والبَقَر والحَلَبُ مَصْدَرُ حَلَبها يَحْلُبُها ويَحْلِبُها حَلْباً وحَلَباً وحِلاباً الأَخيرة عن الزجاجي وكذلك احْتَلَبها فهو حالِبٌ وفي حديث الزكاة ومِن حَقِّها حَلَبُها على الماءِ وفي رواية حَلَبُها يومَ وِرْدِها يقال حَلَبْت الناقَة والشاةَ حَلَباً بفتح اللام والمراد بحَلْبِها على الماء ليُصِيبَ الناسُ من لَبَنِها وفي الحديث أَنه قال لقَوْمٍ لا تسْقُونِي حَلَبَ امرأَةٍ وذلك أَن حَلَب النساءِ عَيْبٌ عند العَرَب يُعَيَّرون به فلذلك تَنَزَّه عنه وفي حديث أَبي ذَرٍّ هل يُوافِقُكم عَدُوُّكم حَلَبَ شاةٍ نَثُورٍ ؟ أَي وَقْتَ حَلَب شاةٍ فحذف المضاف وقومٌ حَلَبةٌ وفي المثل شَتَّى حتى تؤُوب ( 1 )
( 1 قوله « شتى حتى تؤوب إلخ » هكذا في أُصول اللسان التي بأيدينا والذي في أمثال الميداني شتى تؤوب إلخ وليس في الأَمثال الجمع بين شتى وحتى فلعل ذكر حتى سبق قلم )
الحَلَبةُ ولا تَقُل الحَلَمة لأَنهم إِذا اجْتَمَعوا لحَلْبِ النَّوقِ اشْتَغَل كلُّ واحدٍ منهم بحَلْبِ ناقَتِه أَو حَلائِبِه ثم يؤُوبُ الأَوَّلُ فالأَوَّلُ منهم [ ص 328 ] قال الشيخ أَبو محمد بن بري هذا المثل ذكره الجوهري شتى تؤُوبُ الحَلَبةُ وغَيَّره ابنُ القَطَّاع فَجَعَل بَدَلَ شَتَّى
حَتَّى ونَصَبَ بها تَؤُوب قال والمعروف هو الذي ذَكَرَه الجَوْهريّ وكذلك ذكره أَبو عبيد والأَصْمعي وقال أَصْلُه أَنهم كانوا يُورِدُونَ إِبلَهُم الشريعة والحَوْض جميعاً فإِذا صَدَروا تَفَرَّقُوا إِلى مَنازِلِهم فحَلَب كلُّ واحد منهم في أَهلِه على حِيالِه وهذا المثل ذكره أَبو عبيد في باب أَخلاقِ الناسِ في اجتِماعِهِم وافْتِراقِهم ومثله
الناسُ إِخوانٌ وَشتَّى في الشِّيَمْ ... وكلُّهُم يَجمَعُهم بَيْتُ الأَدَمْ
الأَزهري أَبو عبيد حَلَبْتُ حَلَباً مثلُ طَلَبْتُ طَلَباً وهَرَبْتُ هَرَباً
والحَلُوبُ ما يُحْلَب قال كعبُ بنُ سَعْدٍ الغَنَوِيُّ يَرْثِي أَخاه
يَبِيتُ النَّدَى يا أُمَّ عَمْرٍو ضَجِيعَهُ ... إِذا لم يكن في المُنْقِياتِ حَلُوبُ
حَلِيمٌ إِذا ما الحِلْمُ زَيَّنَ أَهلَه ... مع الحِلْمِ في عَيْنِ العَدُوِّ مَهيبُ
إِذا ما تَراءَاهُ الرجالُ تَحَفَّظُوا ... فلم تَنْطِقِ العَوْراءَ وهْوَ قَريب
المُنْقِياتُ ذَواتُ النِقْيِ وهُو الشَّحْمُ يُقال ناقةٌ مُنْقِيَةٌ إِذا كانت سَمينَةً وكذلك الحَلُوبةُ وإِنما جاءَ بالهاءِ لأَنك تريدُ الشيءَ الذي يُحْلَبُ أَي الشيءَ الذي اتخذوه ليَحْلُبوه وليس لتكثيرِ الفعْلِ وكذلك القولُ في الرَّكُوبةِ وغيرها وناقةٌ حلوبة وحلوبٌ للتي تُحْلَبُ والهاءُ أَكثر لأَنها بمعنى مفعولةٍ قال ثعلب ناقة حَلوبة مَحْلوبة وقول صخر الغيّ
أَلا قُولاَ لعَبْدِالجَهْلِ إِنَّ ... الصَّحيحة لا تُحالِبُها التَّلُوثُ
أَراد لا تُصابِرُها على الحَلْبِ وهذا نادرٌ وفي الحديث إِياكَ والحلوبَ أَي ذاتَ اللَّبَنِ يقالُ ناقةٌ حلوبٌ أَي هي مما يُحلَب والحَلوبُ والحَلوبةُ سواءٌ وقيل الحلوبُ الاسمُ والحَلُوبةُ الصفة وقيل الواحدة والجماعة ومنه حديث أُمِّ مَعْبَدٍ ولا حَلوبَةَ في البيت أَي شاة تُحْلَبُ ورجلٌ حلوبٌ حالِبٌ وكذلك كلُّ فَعُول إِذا كان في معنى مفعولٍ تثبُتُ فيه الهاءُ وإِذا كان في معنى فاعِلٍ لم تَثْبُتْ فيه الهاءُ وجمعُ الحلوبة حَلائِبُ وحُلُبٌ قال اللحياني كلُّ فَعولةٍ من هذا الضَّرْبِ من الأَسماءِ إِن شئت أَثْبَتَّ فيه الهاءَ وإِن شئتَ حذَفْتَه وحَلوبةُ الإِبلِ والغنم الواحدةُ فَما زادتْ وقال ابن بري ومن العرب مَن يجعل الحلوبَ واحدةً وشاهدهُ بيتُ كعبِ ابنِ سعدٍ الغَنَوي يَرثِي أَخاه إِذا لم يكن في المُنْقِياتِ حَلُوبُ ومنهم من يجعله جمعاً وشاهده قول نهيك بنِ إِسافٍ الأَنصاري
تَقَسَّم جيراني حَلُوبي كأَنما ... تَقَسَّمها ذُؤْبانُ زَوْرٍ ومَنْوَرِ
أَي تَقَسَّم جِيراني حَلائِبي وزَوْرٌ ومَنْوَر حيّان مِن أَعدائه وكذلك الحَلُوبة تكونُ واحدةً وجمعاً فالحَلُوبة الواحدة شاهِدُه قول الشاعر [ ص 329 ]
ما إِنْ رَأَيْنَا في الزَّمانِ ذي الكلَبْ ... حَلُوبةً واحدةً فتُحْتَلَبْ
والحَلُوبة للجميع شاهدهُ قول الجُمَيح بن مُنْقِذ
لمَّا رأَت إِبلي قَلَّتْ حَلُوبَتُها ... وكلُّ عامٍ عليها عامُ تَجْنيبِ
والتَّجْنيب قلةُ اللَّبَنِ يقال أَجْنَبَت الإِبلُ إِذا قلَّ لَبَنُها التهذيبُ أَنشد الباهلي للجَعْدي
وبنُو فَزَارة إِنَّها ... لا تُلْبِثُ الحَلَبَ الحَلائِبْ
قال حُكي عن الأَصمعي أَنه قال لا تُلْبِثُ الحَلائِبَ حَلَبَ ناقةٍ حتى تَهْزِمَهُم قال وقال بعضهم لا تُلْبِثُ الحلائبَ أَن يُحْلَب عليها تُعاجِلُها قبلَ أَن تأْتيها الأَمْداد قال وهذا زَعمٌ أَثْبَتُ اللحياني هذه غَنَم حُلْبٌ بسكون اللام للضأْنِ والمَعَز قال وأُراه مُخَفَّفاً عن حُلُب وناقةٌ حلوبٌ ذاتُ لَبَنٍ فإِذا صَيَّرْتهَا اسْماً قلتَ هذه الحَلُوبة لفلان وقد يُخرجون الهاءَ من الحَلُوبة وهم يَعْنُونها ومثله الرَّكوبة والرَّكُوبُ لِما يَرْكَبون وكذلك الحَلوبُ والحلوبةُ لما يَحْلُبُون والمِحْلَب بالكسر والحلابُ الإِناءُ الذي يَحْلَبُ فيه اللبَنُ قال
صَاحِ هَلْ رَيْتَ أَوْ سَمِعْتَ بِراعٍ ... رَدَّ في الضَّرْعِ ما قَرَا في الحِلابِ ؟
ويُروى في العِلابِ وجمعه المَحَالِبُ وفي الحديث فَإِنْ رَضِيَ حِلابَها أَمْسَكَها الحِلابُ اللَّبَنُ الذي تَحْلُبُه وفي الحديث كان إِذا اغْتَسَل دَعَا بِشَيءٍ مثلِ الحِلابِ فأَخَذَ بكَفِّه فَبَدَأَ بشِقِّ رَأْسِهِ الأَيمَنِ ثم الأَيْسَرِ قال ابن الأَثير وقد رُوِيَتْ بالجيم وحُكي عن الأَزهري أَنه قال قال أَصحاب المعاني إِنَّه الحِلابُ وهو ما يُحْلَب فيهِ الغَنم كالمِحْلَب سَواءً فصُحِّفَ يَعْنُون أَنه كانَ يَغْتَسِلُ من ذلك الحِلابِ أَي يضَعُ فيه الماءَ الذي يَغْتَسِل منه قال واخْتارَ الجُلاّب بالجيم وفسَّره بماءِ الوَرْد قال وفي الحديث في كتاب البُخارِيِّ إِشكالٌ وربَّما ظُنَّ انه تأَوَّله على الطيب فقال بابُ مَن بَدأَ بالحِلابِ والطِّيبِ عندَ الغُسْلِ قال وفي بعض النسخ أَو الطيب ولم يذكر في هذا الباب غير هذا الحديث أَنَّه كان إِذا اغْتَسَلَ دَعَا بشيءٍ مثلِ الحِلابِ قال وأَما مسلم فجمعَ الأَحادِيثَ الوارِدَة في هذا المَعْنى في موضِعٍ واحدٍ وهذا الحديث منها قال وذلك من فِعْلِهِ يدُلُّك على أَنَّه أَراد الآنِيَة والمقادِيرَ قال ويحتمل أَن يكون البُخَاري ما أَراد إِلاّ الجُلاَّب بالجيم ولهذا تَرْجَم البابَ بِه وبالطِّيب ولكن الذي يُرْوَى في كتابِه إِنما هو بالحاءِ وهو بها أَشْبَهُ لأَنَّ الطِّيبَ لمَنْ يَغْتَسِلُ بعدَ الغُسْل أَلْيَقُ مِنْه قَبلَهُ وأَوْلى لأَنَّه إِذا بَدَأَ بِه ثم اغْتَسَل أَذْهَبَه الماءُ والحَلَبُ بالتحريك اللَّبَنُ المَحْلُوبُ سُمِّيَ بالمَصْدَرِ ونحوُه كثير والحلِيب كالحَلَب وقيل الحَلَبُ المحلوب من اللَّبن والحَلِيبُ مَا لم يَتَغَيَّر طعْمه وقوله أَنشده ثعلب كانَ رَبيب حَلَبٍ وقارِصِ قال ابن سيده عندي أَنَّ الحَلَب ههنا هو الحَلِيبُ [ ص 330 ] لمُعادلَته إِياه بالقارِصِ حتى كأَنَّه قال كان ربيب لَبَنٍ حلِيبٍ ولبنٍ قارِصٍ وليس هو الحَلَب الذي هو اللَّبن المَحْلُوبُ الأَزهري الحَلَب اللَّبَنُ الحَلِيبُ تَقولُ شَرِبْتُ لَبَناً حَلِيباً وحَلَباً واستعارَ بعضُ الشعراءِ الحَلِيبَ لشَراب التَّمْرِ فقال يصف النَّخْل
لهَا حَلِيبٌ كأَنَّ المِسْكَ خَالَطَه ... يَغْشَى النَّدامَى عَلَيه الجُودُ والرَّهَق
والإِحْلابَة أَن تَحلُب لأَهْلِكَ وأَنتَ في المَرْعى لَبَناً ثم تَبْعَثَ به إِلَيْهم وقد أَحْلَبَهُم واسمُ اللَّبَنِ الإِحْلابَة أَيضاً قال أَبو منصور وهذا مَسْمُوعٌ عن العَرَب صَحِيحٌ ومنه الإِعْجالَةُ والإِعْجالاتُ وقيل الإِحْلابَةُ ما زادَ على السِّقَاءِ من اللَّبَنِ إِذا جاءَ به الراعِي حين يورِدُ إِبلَه وفيه اللَّبَن فما زادَ على السِّقَاءِ فهو إِحْلابَةُ الحَيِّ وقيل الإِحْلابُ والإِحلابَةُ من اللَّبَنِ أَن تكون إِبِلُهم في المَرْعَى فمَهْما حَلَبُوا جَمَعُوا فَبَلَغَ وَسْقَ بَعيرٍ حَمَلوه إِلى الحَيِّ تقولُ مِنهُ أَحْلَبْتُ أَهْلي يقال قد جاءَ بإِحْلابَينِ وثَلاثَة أَحاليبَ وإِذا كانوا في الشاءِ والبَقَر ففَعلوا ما وَصَفْت قالوا جاؤُوا بإِمْخَاضَيْنِ وثَلاثةِ أَماخِيضَ ابن الأَعرابي ناقَةٌ حَلْباةٌ رَكْباةٌ أَي ذاتُ لَبَنٍ تُحْلَبُ وتُرْكَبُ وهي أَيضاً الحَلْبانَةُ والرَّكْبانَة ابن سيده وقالوا ناقةٌ حَلْبانَةٌ وحَلْباةٌ وحَلَبُوت ذاتُ لَبَنٍ كما قالوا رَكْبانَةٌ ورَكْباةٌ ورَكَبُوتٌ قال الشاعر يصف ناقة أَكْرِمْ لنَا بنَاقَةٍ أَلوفِ حَلْبانَةٍ رَكْبانَةٍ صَفُوفِ تَخْلِطُ بينَ وَبَرٍ وصُوفِ قوله رَكْبانَةٍ تَصْلُح للرُّكُوب وقوله صَفُوفٍ أَي تَصُفُّ أَقْداحاً من لَبَنِها إِذا حُلِبَت لكَثْرة ذلك اللَّبن وفي حديث نُقادَةَ الأَسَدِيِّ أَبْغِني ناقَةً حَلْبانَةً رَكْبانَةً أَي غزيرةً تُحْلَبُ وذَلُولاً تُرْكَبُ فهي صالِحَة للأَمْرَين وزيدَت الأَلِفُ والنونُ في بِنائهِما للمبالغة وحكى أَبو زيد ناقَةٌ حَلَبَاتٌ بلَفْظِ الجمع وكذلك حكى ناقَةٌ رَكَباتٌ وشاةٌ تُحْلُبَةٌ ( 1 )
( 1 قوله « وشاة تحلبة إلخ » في القاموس وشاة تحلابة بالكسر وتحلبة بضم التاء واللام وبفتحهما وكسرهما وضم التاء وكسرها مع فتح اللام ) وتِحْلِبة وتُحْلَبة إِذا خَرَج من ضَرْعِها شيءٌ قبلَ أَن يُنْزَى عليها وكذلك الناقَة التي تُحْلَب قبلَ أَن تَحمِلَ عن السيرافي وحَلَبَه الشاةَ والناقَةَ جَعَلَهُما لَه يَحْلُبُهُما وأَحْلَبَه إِيَّاهما كذلك وقوله
مَوَالِيَ حِلْفٍ لا مَوالي قَرابَةٍ ... ولكِنْ قَطِيناً يُحْلَبُونَ الأَتَاوِيا
فإِنه جَعَلَ الإِحْلابَ بمَنْزلة الإِعطاءِ وعدَّى يُحْلَبونَ إِلى مفعولين في معنى يُعْطَوْنَ وفي الحديث الرَّهْن مَحْلُوبٌ أَي لِمُرْتَهنِه أَن يَأْكُلَ لَبَنَهُ بقدر نَظَرهِ عليه وقِيامِه بأَمْره وعَلفِه وأَحْلَبَ الرَّجُلُ ولدَتْ إِبِلُه إِناثاً وأَجْلَبَ وَلدَتْ لهُ ذُكوراً ومِن كلامهم أَأَحْلَبْتَ أَمْ أَجْلَبْتَ ؟ فمعنى أَأَحْلَبْتَ أَنُتِجَت نُوقُك إِناثاً ؟ ومعنى أَمْ أَجْلَبْت أَم نُتِجَت ذكوراً ؟ [ ص 331 ] وقد ذكر ذلك في ترجمة جَلَب قال ويقال ما لَه أَجْلَبَ ولا أَحْلَبَ ؟ أَي نُتِجَتْ إِبلُهُ كلُّها ذكوراً ولا نُتِجَتْ إِناثاً فتُحْلَب وفي الدعاءِ على الإِنْسانِ ما لَه حَلَبَ ولا جَلَبَ عن ابن الأَعرابي ولم يفسره قال ابن سيده ولا أَعْرِفُ وَجْهَه ويدعُو الرَّجُلُ على الرَّجُلِ فيقول ما لَه أَحلب ولا أَجْلَبَ ومعنى أَحْلَبَ أَي وَلدَت إِبِلُه الإِناثَ دون الذُّكور ولا أَجْلَب إِذا دَعا لإِبِلِه أَن لا تَلِدَ الذُّكورَ لأَنه المَحْقُ الخَفِيُّ لذَهابِ اللَّبنِ وانْقِطاعِ النَّسْلِ واستَحْلَبَ اللبنَ اسْتَدَرَّه وحَلَبْتُ الرجُلَ أَي حَلَبْتُ له تقول منه احلُبْني أَي اكْفِني الحَلْبَ وأَحْلِبْني بقَطْعِ الأَلِفِ أَي أَْعِنِّي على الحَلبِ والحَلْبَتانِ الغَداةُ والعَشِيُّ عن ابن الأَعرابي وإِنما سُمِّيَتا بذلك للحَلَبِ الذي يكونُ فيهما وهاجِرةٌ حَلُوبٌ تَحلُبُ العَرَقَ وتَحَلَّبَ العَرَقُ وانْحَلَبَ سال وتَحَلَّبَ بَدَنُه عَرَقاً سالَ عَرَقُه أَنشد ثعلب
وحَبَشِيَّيْنِ إِذا تَحَلَّبا ... قالا نَعَمْ قالا نَعَمْ وصَوَّبَا
تَحَلَّبا عَرِقا وتَحَلَّبَ فُوه سالَ وكذلك تَحَلَّب النَّدَى إِذا سالَ وأَنشد
وظلَّ كتَيْسِ الرَّمْلِ يَنْفُضُ مَتْنَه ... أَذاةً به مِنْ صائِكٍ مُتَحَلِّبِ
شبّه الفَرَسَ بالتَّيْس الذي تَحَلَّبَ عليه صائِكُ المَطَرِ مِن الشَّجَر والصائِك الذي تَغَيَّرَ لَوْنُه ورِيحُه وفي حديث ابن عُمَر رضي اللّه عنهما قال رأَيت عمر يَتَحَلَّبُ فُوه فقال أَشْتَهي جراداً مَقْلُوّاً أَي يَتَهَيَّأُ رُضابُه للسَّيَلانِ وفي حديث طَهْفَة ونَسْتَحْلِبُ الصَّبِيرَ أَي نَسْتَدِرُّ السَّحابَ وتَحَلَّبَتْ عَيْناهُ وانْحَلَبَتا قال وانْحَلَبَتْ عَيْناهُ من طُولِ الأَسى وحَوالِبُ البِئْرِ منابع مائِها وكذلك حَوالِبُ العُيونِ الفَوَّارَةِ وحَوالِبُ العُيونِ الدَّامِعَةِ قال الكميت
تَدَفَّق جُوداً إِذا ما الْبِحا ... رُ غاضَتْ حَوالِبُها الحُفَّلُ
أَي غارَتْ مَوَادُّها ودَمٌ حَلِيبٌ طرِيٌّ عن السُكَّري قال عَبْدُ ابْنُ حَبِيبٍ الهُذَلِيُّ
هُدُوءًا تحتَ أَقْمَرَ مُسْتَكِفٍّ ... يُضِيءُ عُلالَةَ العَلَقِ الحَلِيبِ
والحَلَبُ من الجِبايَةِ مثلُ الصَّدَقَةِ ونحوِها مما لا يكونُ وظِيفَةً مَعْلومَةَ وهي الإِحْلابُ في دِيوانِ الصَّدَقَاتِ وقد تَحَلَّبَ الفَيْءُ الأَزهري أَبو زيد بَقَرةٌ مُحِلٌّ وشاة مُحِلٌّ وقد أَحَلَّتْ إِحْلالاً إِذا حَلَبَتْ بفتح الحاءِ قبلَ وِلادها قال وحَلَبَتْ أَي أَنْزَلَتِ اللبَنَ قبلَ وِلادِها والحَلْبَة الدَّفْعَة من الخَيْلِ في الرِّهانِ خاصَّة والجمعُ حَلائِبُ على غير قياسٍ قال الأَزهري [ ص 332 ]
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) حلب الحَلَبُ استِخراجُ ما في الضَّرْعِ من اللبَنِ يكونُ في الشاءِ ولا يقال للواحدِ منها حَلِيبَة ولا حِلابَة وقال العجاج وسابِقُ الحَلائِبِ اللِّهَمُّ يريد جَماعَة الحَلْبة والحَلْبَة بالتَّسْكِين خَيْلٌ تُجْمع للسِّباقِ من كلِّ أَوْبٍ لا تَخْرُجُ من مَوْضِعٍ واحِدٍ ولكن من كلِّ حَيٍّ وأَنشد أَبو عبيدة
نَحْنُ سَبَقْنَا الحَلَبَاتِ الأَرْبَعَا ... الفَحْلَ والقُرَّحَ في شَوْطٍ مَعَا
وهو كما يقالُ للقومِ إِذا جاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ للنُّصْرَةِ قد أَحْلَبُوا الأَزهري إِذا جاءَ القومُ من كلِّ وَجْهٍ فاجْتَمَعُوا لحَرْبٍ
أَو غير ذلك قيل قد أَحْلَبُوا وأَنشد
إِذا نَفَرٌ منهم رَؤبة أَحْلَبُوا ... عَلى عامِلٍ جاءَتْ مَنِيَّتُهُ تَعْدُو 1
( 1 قوله « رؤبة » هكذا في الأصول )
ابن شميل أَحْلَبَ بنو فلانٍ مع بَني فلانٍ إِذا جاؤُوا أَنْصاراً لهم
والمُحْلِبُ الناصِرُ قال بشرُ بنُ أَبي خازِمٍ
ويَنْصُرُه قومٌ غِضابٌ عَلَيْكُمُ ... مَتى تَدْعُهُمْ يوماً إِلى الرَّوْعِ يَرْكَبوا
أَشارَ بِهِمْ لَمْعَ الأَصَمِّ فأَقْبَلُوا ... عَرانِينَ لا يَأْتِيه للنَّصْرِ مُحْلِبُ
قوله لَمْعَ الأَصَمِّ أَي كما يُشِيرُ الأَصمُّ بإِصْبَعِهِ والضمير في أَشار يعود على مُقَدَّمِ الجَيْش وقوله مُحْلِبُ يقول لا يَأْتِيهِ أَحدٌ ينصره من غير قَوْمِه وبَنِي عَمِّه وعَرانِينَ رُؤَساءَ وقال في التهذيب كأَنَّه قال لَمَعَ لَمْع الأَصَمِّ لأَن الأَصَمَّ لا يسمعُ الجوابَ فهو يُدِيمُ اللَّمْعَ وقوله لا يَأْتِيهِ مُحْلِبُ أَي لا يأْتِيهِ مُعِينٌ من غيرِ قَوْ مِهِ وإِذا كان المُعِين مِن قَوْمِه لم يَكُنْ مُحْلِباً وقال
صَريحٌ مُحْلِبٌ مِنْ أَهْلِ نَجْدٍ ... لِحَيٍّ بينَ أَثْلَةَ والنِّجَامِ ( 2 )
( 2 قوله « صريح » البيت هكذا في أصل اللسان هنا وأورده في مادة نجم
نزيعاً محلباً من أَهل لفت إلخ وكذلك أَورده ياقوت في نجم ولفت وضبط لفت بفتح اللام وكسرها مع اسكان الفاء )
وحالَبْت الرجُلَ إِذا نَصَرْتَه وعاوَنْتَه وحَلائِبُ الرجُلِ أَنْصارُه من بَني عَمِّه خاصَّةً قال الحرِثُ بن حلزة
ونَحْنُ غَداةَ العَيْن لَمَّا دَعَوْتَنَا ... مَنَعْناكَ إِذْ ثابَتْ عَلَيْكَ الحَلائِبُ
وحَلَبَ القَوْمُ يَحْلُبونَ حَلْباً وحُلُوباً اجْتَمَعوا وتأَلَّبُوا من كلِّ وَجْه وأَحْلَبُوا عَلَيك اجْتَمَعُوا وجاؤُوا من كلِّ أَوْبٍ وأَحْلَبَ القَوْمُ أَصْحابَهُم أَعانُوهُم وأَحْلَبَ الرجُلُ غيرَ قَوْمِهِ دَخَل بَيْنَهم فَأَعانَ بعضَهُم على بَعْضٍ وهو رَجُلٌ مُحْلِبٌ وأَحْلَبَ الرَّجُلُ صاحِبَه إِذا أَعانَه على الحَلْبِ وفي المثل لَيْسَ لهَا رَاعٍ ولكِنْ حَلَبَة يُضْرَب للرجُل يَسْتَعِينُك فتُعِينُه ولا مَعُونَةَ عِنْدَه وفي حديث سَعْدِ بن مُعاذٍ ظَنَّ أَنَّ الأَنْصارَ لا [ ص 333 ] يَسْتَحْلِبُونَ لَه على ما يُريدُ أَي لا يَجْتَمِعُون يقال أَحْلَبَ القَو مُ واسْتَحْلَبُوا أَي اجْتَمَعُوا للنُّصْرة والإعانَةِ وأَصلُ الإِحْلابِ الإِعانَةُ على الحَلْبِ ومن أَمثالهم لَبِّثْ قَلِيلاً يَلْحَقِ الحَلائِب يعني الجَماعَاتِ ومن أَمْثالِهِم حَلَبْتَ بالساعِدِ الأَشَدِّ أَي اسْتَعَنْتَ بمَنْ يَقُوم بأَمْرِكَ ويُعْنى بحاجَتِكَ ومن أَمْثالِهِم في المَنْع لَيْسَ في كلِّ حين أُحْلَبُ فأُشْرَبُ قال الأَزهري هكذا رواه المُنْذِريُّ عن أَبي الهَيْثم قال أَبو عبيد وهذا المَثَلُ يُرْوى عن سَعيدِ بنِ جُبَيْرٍ قاله في حديث سُئِلَ عنه وهو يُضْرَبُ في كلِّ شيءٍ يُمْنَع قال وقد يقال ليس كلّ حِينٍ أَحْلُبُ فأَشْرَب ومن أَمثالهم حَلَبَتْ حَلْبَتَها ثم أَقْلَعَتْ يُضْرَبُ مثلاً للرجُلِ يَصْخَبُ ويَجْلُبُ ثم يَسْكُتُ من غير أَن يَكونَ منه شَيءٌ غير جَلَبَتِه وصِياحِه والحالِبانِ عِرْقان يَبْتَدَّانِ الكُلْيَتَيْنِ من ظَاهِرِ البَطْنِ وهُما أَيضاً عِرقانِ أَخْضَرانِ يَكتنِفان السُّرَّة إِلى البَطْن وقيل هُما عِرْقان مُسْتَبْطِنَا القَرْنَيْن الأَزهري وأَما قولُ الشمَّاخ
تُوائِلُ مِنْ مِصَكٍّ أَنْصَبَتْه ... حَوالِبُ أَسْهَرَيْهِ بالذَّنِينِ
فإِن أَبا عمرو قال أَسْهَراهُ ذكَرُه وأَنْفُه وحَوالِبُهُما عُرُوقٌ تَمُدُّ الذَّنِين من الأَنْفِ والمَذْيَ مِن قَضِيبِه ويُروَى حَوالِبُ أَسْهَرَتْهُ يعني عُرُوقاً يَذِنُّ منْها أَنْفُه والحَلْبُ الجُلُوسُ على رُكْبَةٍ وأَنْتَ تَأْكُلُ يقال احْلُبْ فكُلْ وفي الحديث كان إِذا دُعِيَ إِلى طَعام جَلَسَ جُلُوسَ الحَلَبِ هو الجلوسُ على الرُّكْبة ليَحْلُبَ الشاةَ يقال احْلُبْ فكُلْ أَي اجْلِسْ وأَراد به جُلوسَ المُتَواضِعِين ابن الأَعرابي حَلَبَ يَحْلُبُ إِذا جَلَسَ على رُكْبَتَيْهِ أَبو عمرو الحَلْبُ البُروكُ والشَّرْبُ الفَهْم يقال حَلَبَ يَحْلُبُ حَلْباً إِذا بَرَكَ وشَرَب يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ ويقال للبَلِيدِ احْلُبْ ثم اشْرُبْ والحلباءُ الأَمَةُ الباركةُ من كَسَلِها وقد حَلَبَتْ تَحْلُب إِذا بَرَكَت على رُكْبَتَيْها وحَلَبُ كلِّ شيءٍ قشره عن كُراع والحُلْبة والحُلُبة الفَريقةُ وقال أَبو حنيفة الحُلْبة نِبْتة لها حَبٌّ أَصْفَر يُتَعالَجُ به ويُبَيَّتُ فيُؤْكَلُ والحُلْبة العَرْفَجُ والقَتَادُ وصَارَ ورقُ العِضَاهِ حُلْبةً إِذا خرج ورقُه وعَسا واغْبَرَّ وغَلُظَ عُودُه وشَوْكُه والحُلْبة نَبْتٌ معروفٌ والجمع حُلَب وفي حديث خالدِ ابنِ مَعْدانَ لَوْيَعْلَمُ الناسُ ما في الحُلْبةِ لاشْتَرَوْها ولو بوزنِها ذَهَباً قال ابن الأَثير الحُلْبةُ حَبٌّ معروف وقيل هو من ثَمَرِ العِضاه قال وقد تُضَمُّ اللامُ والحُلَّبُ نباتٌ يَنْبُت في القَيْظِ بالقِيعانِ وشُطْآنِ الأَوْدية ويَلْزَقُ بالأَرضِ حتى يَكادَ يَسوخُ ولا تأْكلُه الإِبل إِنما تأْكلُه الشاءُ والظِّباءُ وهي مَغْزَرَة مَسْمَنةٌ وتُحْتَبلُ عليها الظِّباءُ يقال تَيْسُ حُلَّبٍ وتَيْسٌ ذُو [ ص 334 ] حُلَّبٍ وهي بَقْلة جَعْدةٌ غَبْراءُ في خُضْرةٍ تَنْبسِطُ على الأَرضِ يَسِيلُ منها اللَّبَنُ إِذا قُطِعَ منها شيءٌ قال النابغة يصف فرساً
بعارِي النَّواهِقِ صَلْتِ الجَبِينِ ... يَسْتَنُّ كالتَّيْسِ ذي الحُلَّبِ
ومنه قوله أَقَبَّ كَتَيْسِ الحُلَّبِ الغَذَوانِ وقال أَبو حنيفة الحُلَّبُ نبتٌ يَنْبَسِطُ على الأَرض وتَدُومُ خُضْرتُه له ورقٌ صِغارٌ يُدبَغُ به وقال أَبو زيادٍ من الخِلْفةِ الحُلَّبُ وهي شجرة تَسَطَّحُ على الأَرض لازِقةٌ بها شديدةُ الخُضْرةِ وأَكثرُ نباتِها حين يَشْتَدُّ الحرُّ قال وعن الأَعراب القُدُم الحُلَّبُ يَسْلَنْطِحُ على الأَرض له ورقٌ صِغارٌ مرٌّ وأَصلٌ يُبْعِدُ في الأَرض وله قُضْبانٌ صِغارٌ وسِقاءٌ حُلَّبيٌّ ومَحْلوبٌ الأَخيرة عن أَبي حنيفة دُبِغَ بالحُلَّبِ قال الراجز دَلْوٌ تَمَأّى دُبِغَتْ بالحُلَّبِ تَمَأّى أَي اتَّسَعَ الأَصمعي أَسْرَعُ الظِّباءِ تَيْسُ الحُلَّبِ لأَنه قد رَعَى الرَّبيعَ والرَّبْلَ والرَّبْلُ ما تَرَبَّلَ من الرَّيِّحة في أَيامِ الصَّفَرِيَّة وهي عشرون يوماً من آخر القَيْظِ والرَّيِّحَة تكونُ منَ الحُلَّبِ والنَّصِيِّ والرُّخامى والمَكْرِ وهو أَن يظهَر النَّبْتُ في أُصوله فالتي بَقِيَتْ من العام الأَوَّل في الأَرضِ تَرُبُّ الثَّرَى أَي تَلْزَمُه والمَحْلَبُ شَجَرٌ له حَبٌّ يُجْعَلُ في الطِّيبِ واسمُ ذلك الطِّيبِ المَحْلَبِيَّةُ على النَّسَبِ إِليه قال أَبو حنيفة لم يَبْلُغْني أَنه يَنْبُتُ بشيءٍ مِنْ بلادِ العَرَبِ وحَبُّ المَحْلَبِ دواءٌ من الأَفاويهِ وموضِعُه المَحْلَبِيَّة والحِلِبْلابُ نبتٌ تَدومُ خُضْرَتُه في القَيْظِ وله ورقٌ أَعْرَضُ من الكَفِّ تَسْمَنُ عليه الظِّباءُ والغنمُ وقيل هو نَباتٌ سُهْليٌّ ثُلاثيٌّ كسِرِطْرَاطٍ وليس برُباعِيٍّ لأَنه ليس في الكَلامِ كَسِفِرْجالٍ وحَلاَّبٌ بالتشديد اسمُ فَرَسٍ لبَني تَغْلبَ التهذيبُ حَلاَّبٌ من أَسماءِ خيلِ العرب السابقة أَبو عبيدة حَلاَّبٌ من نِتاجِ الأَعْوجِ الأَزهري عن شمر يومٌ حَلاَّبٌ ويومٌ هَلاَّبٌ ويومٌ همَّامٌ ويومٌ صَفْوانُ ومِلْحانُ وشِيبانُ فأَما الهَلاَّبُ فاليابسُ بَرْداً وأَما الحَلاَّب ففيه نَدىً وأَما الهَمَّامُ فالذي قد هَمَّ بالبَرْد وحَلَبُ مدينةٌ بالشامِ وفي التهذيب حَلَبُ اسمُ بَلَدٍ من الثُّغُورِ الشامِيَّة وحَلَبانُ اسمُ مَوْضعٍ قال المُخَبَّل السعدي
صَرَمُوا لأَبْرَهَةَ الأُمورَ مَحَلُّها ... حَلَبانُ فانْطَلَقُوا مع الأَقْوالِ
ومَحْلَبةُ ومُحْلِب مَوْضِعانِ الأَخيرة عن ابن الأَعرابي وأَنشد يا جارَ حَمْراءَ بأَعْلى مُحْلِبِ مُذْنِبَةٌ فالقاعُ غَيْرُ مُذْنِبِ لا شيءَ أَخْزَى مِن زِناءِ الأَشْيَب قوله مُذنِبَة فالْقاعُ غيرُ مُذْنِبِ [ ص 335 ] يقول هي المذنبة لا القاعُ لأَنه نَكَحَها ثَمَّ ابن الأَعرابي الحُلُبُ السُّودُ من كلِّ الحَيوانِ قال والحُلُبُ الفُهَماءُ من الرِّجالِ الأَزهري الحُلْبُوبُ اللَّوْنُ الأَسْودُ قال رؤْبة واللَّوْنُ في حُوَّتِه حُلْبُوبُ والحُلْبُوبُ الأَسْوَدُ من الشَّعَرِ وغيره يقال أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ أَي حالِكٌ ابن الأَعرابي أَسْوَدُ حُلْبُوبٌ وسُحْكُوكٌ وغِرْبيبٌ وأَنشد
أَمَا تَرانِي اليَوْمَ عَشّاً ناخِصَا ... أَسْوَدَ حُلْبوباً وكنتُ وابِصَا
عَشّاً ناخِصاً قليلَ اللحم مَهْزُولاً ووابِصاً بَرَّاقاً

( حلتب ) حَلْتَبٌ اسمٌ يوصَفُ به البَخيلُ

( حنب ) الحَنَبُ والتَّحْنِيبُ احْديدابٌ في وَظِيفَيْ يَدَيِ الفَرَسِ وليس ذلك بالاعْوجاجِ الشديد وهو ممَّا يوصَفُ صاحِبُه بالشِّدَّةِ وقيل التَّحْنِيبُ في الخَيْل بُعْدُ ما بَيْنَ الرِّجْلَيْنِ من غير فَحَجٍ وهو مَدْحٌ وهو المُحَنَّبُ وقيل الحَنَبُ والتَّحْنِيبُ اعْوِجاجٌ في الساقَيْنِ يقال من ذلك كلِّه فرَسٌ مُحَنَّبٌ قال امرؤُ القيس
فَلأْياً بِلأْيٍ ما حَمَلْنا وَلِيدَنا ... على ظَهْرِ مَحْبُوكِ السَّراةِ مُحَنَّبِ
وقيل التَّحْنِيبُ اعْوِجاجٌ في الضُّلُوعِ وقيل التَّحْنِيبُ في الفَرَسِ انْحِناءٌ وتَوْتِيرٌ في الصُّلْبِ واليَدَيْنِ فإِذا كان ذلك في الرِّجْل فهو التَّجْنِيبُ بالجيم قال طَرفة
وكَرِّي إِذا نادَى المُضافُ مُحَنَّباً ... كسِيدِ الغَضَى نَبَّهْتَه المُتَوَرِّدِ
الأَزهري والتَّحْنِيبُ في الخَيْلِ مما يوصَفُ صاحبُه بالشِّدَّة وليس ذلك باعْوِجاجٍ شدِيدٍ وقيل التَّحنِيبُ تَوتِيرٌ في الرِّجْلَينِ ابن شميل المُحَنَّبُ من الخَيلِ المُعَطَّفُ العِظامِ قال أَبو العباس الحَنْباءُ عند الأَصْمعي المُعْوَجَّة الساقَيْن في اليدين قال وهي عند ابن الأَعرابي في الرِّجْلين وقال في موضع آخر الحَنْباءُ مُعْوَجَّة الساقِ وهو مَدْحٌ في الخَيْلِ وتَحَنَّب فلان أَي تَقَوَّس وانْحَنى وشَيْخٌ مُحَنَّبٌ مُنْحَنٍ قال
يَظَلُّ نَصْباً لرَيْبِ الدَّهْرِ يَقْذِفُه ... قَذْفَ المُحَنَّبِ بالآفاتِ والسَّقَمِ
وحَنَّبَهُ الكِبَرُ وحنَاه إِذا نَكَّسه ويقال حَنَّبَ فُلانٌ أَزَجاً مُحْكَماً أَي بَناهُ مُحْكَماً فحَناهُ

( حنزب ) الحِنْزابُ الحِمارُ المُقْتَدِرُ الخَلْقِ والحِنْزابُ القَصِيرُ القَويُّ وقيل الغَلِيظُ وقال ثعلب هو الرَّجُلُ القصيرُ العَريضُ والحُنْزُوبُ ضَرْبٌ من النَّباتِ والحِنْزابُ والحُنْزُوبُ جَزَرُ البَرِّ واحدته حِنْزابةٌ ولم يُسْمَع حُنْزوبة والقُسْطُ جَزَرُ البحر والحُنْزُوبُ والحِنْزابُ جماعة القَطَا وقيل ذَكَرُ القَطَا والحِنْزابُ الديكُ وقال [ ص 336 ] الأَغْلَب العِجْلي في الحْنزابِ الذي هو الغَليظُ القَصيرُ يَهْجُو سَجاحِ التي تَنَبَّأَتْ في عهد مسيلمة الكذاب قَدْ أَبْصَرَتْ سَجَاحِ مِن بعْد العَمَى تَاحَ لهَا بَعْدَك حِنْزابٌ وَزَا مُلَوَّحٌ في العَيْنِ مَجْلُوزُ القَرَى دَامَ لَه خُبْزٌ ولَحْمٌ ما اشْتَهَى خَاظِي البَضِيعِ لَحْمُه خَظَابَظَا ويُروَى حِنْزابٌ وَأَى قال إِلى القِصَرِ مَا هُو الوَزَأُ الشَّدِيدُ القَصِير والبَضِيعُ اللَّحْمُ والخَاظِي المُكْتَنِزُ ومنه قولهم لَحْمُه خَظَابَظَا أَي مُكْتَنِزٌ قال الأَصمعي هذه الأُرْجُوزَة كانَ يُقال في الجاهِلِيَّة إِنها لجُشَمَ بن الخَزْرَجِ

( حنطب ) أَبو عمرو الحَنْطبة الشَّجَاعَة وقال ابن بري أَهْمَلَ الجوهري أَن يذكر حَنْطَب قال وهي لَفْظَة قد يُصَحِّفُها بعضُ المُحَدِّثينَ فيقول حَنْظَبَ وهو غَلَط قال وقال أَبو علي بن رشيق حَنْطَبُ هذا بحاءٍ مهملة وطاءٍ غير معجمة من مَخْزُومٍ وليس في العرب حَنْطَبٌ غيرُه قال حكى ذلك عنه الفقيه السَّرَقُوسِي وزعم أَنه سَمِعَه مِن فيه قال وفي كِتاب البغويِّ عبدُاللّه بنُ حَنْطَبِ بنِ عُبيد بن عُمَرَ بن مَخْزوم بن زنقطة بن مرَّة ( 1 )
( 1 قوله « زنقطة بن مرة » وقوله بعد في الموضِعين نقطة هكذا في الأصل الذي بيدنا ) وهو أَبو المطَّلِبِ بن عبدِاللّه بن حَنْطَبٍ وفسر بيت الفرزدق
وما زُرْت سَلْمَى أَن تَكونَ حبيبةً ... إِليَّ ولا دَيْنٍ لَها أَنا طَالِبُهْ
فقال إِن الفرزدق نزل بامرأَة من العرب من الغَوْث من طَيِّئٍ فقالت أَلا أدُلُّكَ على رَجُلٍ يُعْطِي ولا يَليقُ شيئاً ؟ فقال بَلى فَدَلَّته على المُطَّلِبِ ابن عبدِاللّه بن حَنْطَبٍ المَخْزُومي وكانت أُمُّه بنت الحكَمِ بن أَبي العاص وكان مروانُ بنُ الحَكَمِ خاله فبَعثَ به مَرْوانُ على صَدَقات طَيِّئٍ ومروانُ عاملُ معاوية يومئذ على المَدينة فلما أَتى الفرزدق المُطَّلِبَ وانْتَسَب له رَحَّبَ به وأَكرمَه وأَعطاه عشرين أَو ثلاثِين بَكْرة وذكر العُتْبِيُّ أَن رجُلاً من أَهل المدينة ادَّعَى حَقّاً على رجلٍ فدعاه إِلى ابن حَنْطَبٍ قاضي المَدينة فقال من يَشْهَد بما تَقولُ ؟ فقال نقطة فلما وَلَّى قال القاضي ما شَهادَتُه له إِلا كشَهادته عليه فلما جاءَ نقطة أَقبل على القَاضِي وقال فداؤكَ أَبي وأُمِّي واللّه لقد أَحسن الشاعر حيث يقول
منَ الحَنْطَبِيِّينَ الَّذينَ وجُوهُهُم ... دَنانِيرُ مما شِيفَ في أَرْضِ قَيْصَرا
فأَقْبَلَ القاضي على الكاتِب وقال كَيِّسٌ وربِّ السماءِ وما أَحسبه شهِدَ إِلا بالحق فأَجِزْ شَهادَتَه قال ابن الأَثير في الحَنْظَب الذي هو ذَكَر الخَنافِس والجَرادِ وقد يقال بالطاءِ المهملة وسنذكره

( حنظب ) الحُنظُباءُ ذكَر الخَنافِس قال الأَزهري في ترجمة عنظب الأَصمعي الذَّكَر من الجَرادِ هو الحُنْظُب والعُنْظُب وقال أَبو عمرو هوالعُنْظُبُ فأَما الحُنْظُب فالذَّكَرُ من الخَنافِسِ [ ص 337 ]
والجمع الحَناظِبُ قال زياد الطماحي يصف كلباً أَسود
أَعْدَدْتُ للذِّئْبِ ولَيلِ الحارِسِ ... مُصَدَّراً أَتْلَعَ مثلَ الفارِسِ
يَسْتَقْبِلُ الرِّيحَ بأَنفٍ خانِسٍ ... في مِثلِ جِلْدِ الحُنْظُباءِ اليابسِ
وقال اللحياني الحُنْظُبُ والحُنْظَبُ والحُنْظُباءُ والحُنْظَباءُ دابةٌ مثلُ الخُنْفُساءِ والمُحْبَنْظِئُ الممتلئُ غَضَباً وفي حديث ابن المسَيَّب سأَلهُ رجلٌ فقال قَتَلْتُ قُراداً أَو حُنْظُباً فقال تَصَدَّقْ بتَمْرةٍ الحُنْظُب بضم الظاءِ وفتحها ذكر الخَنافِس والجَراد وقال ابن الأَثير وقد يقال بالطاءِ المهملة ونونه زائدةٌ عند سيبويه لأَنه لم يثبت فُعْلَلاً بالفتح وأَصلية عند الأَخفش لأَنه أَثبته وفي رواية من قَتَلَ قُراداً أَو حُنْظُباناً وهو مُحْرِم تَصَدَّق بتَمْرةٍ أَو تَمْرَتَيْنِ الحُنْظُبانُ هو الحُنْظُبُ والحُنْظُوبُ من النساءِ الضَّخْمَة الرَّديئة الخَبَرِ وقيل الحُنْظُبُ ضرب من الخَنافِسِ فيه طُولٌ قال حسان بن ثابت
وأُمُّكَ سَوْداءُ نُوبِيةٌ ... كأَنَّ أَنامِلَها الحُنْظُبُ

( حوب ) الحَوْبُ والحَوْبَةُ الأَبَوانِ والأُخْتُ والبِنْتُ وقيل لِي فيهم حَوْبَةٌ وحُوبَةٌ وحِيبَةٌ أَي قرابة من قِبَلِ الأُمِّ وكذلك كلُّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ وإِن لِي حَوْبَةً أَعُولُها أَي ضَعَفَة وعِيالاً ابن السكيت لي في بَني فُلان حَوْبَةٌ وبعضُهم يقول حِيبَةٌ فتذهب الواوُ إِذا انْكَسَر ما قَبْلَها وهي كلُّ حُرْمةٍ تَضِيع من أُمٍّ أَو
أُخْتٍ أَو بِنتٍ أَو غير ذلك من كل ذاتِ رَحِمٍ وقال أَبو زيد لي فيهم حَوْبَة إِذا كانت قرابةً من قِبَلِ الأُمّ وكذلك كلُّ ذِي رَحِمٍ
مَحْرَمٍ
وفي الحديث اتَّقُوا اللّهَ في الحَوْبَاتِ يريدُ النِّساءَ المُحْتاجات اللاَّتي لا يَسْتَغْنِينَ عَمَّنْ يقومُ عليهِنَّ ويَتَعَهَّدُهُنَّ ولا بُدَّ في الكلامِ من حذفِ مُضافٍ تَقْدِيرُه ذات حَوْبَةٍ وذات حَوْباتٍ
والحَوْبَةُ الحاجَة وفي حديث الدعاءِ إِليك أَرْفَعُ حَوْبَتي أَي
حاجَتي وفي رواية نَرْفَعُ حَوْبَتَنا إِليك أَي حاجَتَنا والحَوْبَة رقة
فُؤَادِ الأُمِّ قال الفرزدق
فهَبْ لِي خُنَيْساً واحْتَسِبْ فيه مِنَّةً ... لحَوْبَةِ أُمٍّ ما يَسُوغُ شَرَابُها
قال الشيخ ابن بري والسبب في قول الفرزدق هذا البيت أَن امرأَةً عاذتْ بقبر أَبيه غالبٍ فقال لها ما الذي دَعاكِ إِلى هذا ؟ فقالت إِن لِي ابْناً بالسِّنْدِ في اعْتِقالِ تميم بن زيد القَيْنيِّ ( 1 )
( 1 قوله « تميم بن زيد إلخ » هكذا في الأصل وفي تفسير روح المعاني للعلامة الالوسي عند قوله تعالى نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب الآية روايته بلفظ تميم بن مرّ ) وكان عامِلَ خالدٍ القَسْرِيِّ على السِّنْدِ فكتَبَ من ساعتِه إِليه
كَتَبْتُ وعَجَّلْتُ البِرَادَةَ إِنَّنِي ... إِذا حاجَة حاوَلْتُ عَجَّتْ رِكابُها
ولِي بِبِلادِ السِّنْدِ عند أَميرِها ... حَوائِجُ جَمَّاتٌ وعندِي ثوابُها
[ ص 338 ]
أَتتْنِي فعاذَتْ ذاتُ شَكْوَى بغالِبٍ ... وبالحرَّةِ السَّافِي عليه تُرابُها
فقُلْتُ لَها إِيهِ اطْلُبِي كُلَّ حاجةٍ ... لَدَيَّ فخَفَّتْ حاجةٌ وطِلاَبُها
فقالَتْ بِحُزْنٍ حاجَتِي أَنَّ واحِدِي ... خُنَيْساً بأَرْضِ السِّنْدِ خَوَّى سَحابُها
فَهَبْ لِي خُنَيْساً واحْتَسِبْ فِيهِ مِنَّةً ... لِحَوْبَةِ أُمٍّ ما يَسُوغُ شَرابُهَا
تَمِيمَ بنَ زَيْدٍ لا تَكُونَنَّ حاجَتِي ... بِظَهْرٍ ولا يَعْيَا عَلَيْكَ جَوابُها
ولا تَقْلِبَنْ ظَهْراً لِبَطْنٍ صَحِيفَتِي ... فَشَاهِدُهَا فِيها عَلَيْكَ كِتابُها
فلما ورد الكِتابُ على تَميمٍ قال لكاتبه أَتَعْرِفُ الرَّجُلَ ؟ فقال كَيفَ أَعْرِفُ مَنْ لَمْ يُنْسَبْ إِلى أَبٍ ولا قَبِيلَةٍ ولا تحَقَّقْت اسْمَه أَهُو خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ ؟ فقال أَحْضِرْ كلّ مَن اسْمُه خُنَيْسٌ أَو حُبَيْشٌ فأَحْضَرَهم فوجَدَ عِدَّتَهُم أَرْبَعِين رجُلاً فأَعْطَى كلَّ واحِدٍ منهُم ما يَتَسَفَّرُ بهِ وقال اقْفُلُوا إِلى حَضْرة أَبي فِراسٍ والحَوْبَة والحِيبَة الهَمُّ والحاجَة قال أَبو كَبِير الهُذلي
ثُمَّ انْصَرَفْتُ ولا أَبُثُّكَ حِيبَتِي ... رَعِشَ البَنانِ أَطِيشُ مَشْيَ الأَصْورِ
وفي الدعاءِ على الإِنْسانِ أَلْحَقَ اللّهُ به الحَوْبَة أَي الحاجَةَ والمَسْكَنَة والفَقْرَ
والحَوْبُ الجَهْدُ والحاجَة أَنشد ابن الأَعرابي
وصُفَّاحَة مِثْل الفَنِيقِ مَنَحْتها ... عِيالَ ابنِ حَوْبٍ جَنَّبَتْه أَقارِبُهْ
وقال مرَّة ابنُ حَوْبِ رجلٌ مَجْهودٌ مُحْتاجٌ لا يَعْنِي في كلِّ ذلك رجُلاً بعَيْنِه إِنما يريدُ هذا النوعَ ابن الأَعرابي الحُوبُ الغَمُّ والهَمُّ والبَلاءُ ويقال هَؤُلاءِ عيالُ ابنِ حَوْبٍ قال والحَوْبُ الجَهْدُ والشِّدَّة الأَزهري والحُوبُ الهَلاكُ وقال الهذلي ( 1 )
( 1 قوله « وقال الهذلي إلخ » سيأتي أنه لابي دواد الايادي وفي شرح القاموس أن فيه خلافاً )
وكُلُّ حِصْنٍ وإِنْ طَالَتْ سَلامَتُه ... يَوماً ستُدْرِكُه النَّكْراءُ والحُوبُ
أَي يَهْلِكُ والحَوْبُ والحُوبُ الحُزنُ وقيل الوَحْشة قال الشاعر إِنَّ طَريقَ مِثْقَبٍ لَحُوبُ أَي وَعْثٌ صَعْبٌ وقيل في قول أَبي دُوَاد الإِيادي يوماً سَتُدْرِكه النَّكْراءُ والحُوبُ أَي الوَحْشَة وبه فسر الهَرَوِيُّ قوله صلى اللّه عليه وسلم لأَبي أَيُّوب الأَنصاري وقد ذهب إِلى طَلاق أُمِّ أَيُّوبَ إِنَّ طَلاقَ أُمِّ أَيُّوبَ لَحُوبٌ التفسير عن شمر قال ابن الأَثير أَي لَوَحْشَة أَو إِثْمٌ وإِنما أَثَّمهَ بطلاقِها لأَنَّها كانت مُصْلِحةً له في دِينِهِ والحَوْبُ الوجع والتَّحَوُّبُ التَّوَجُّعُ والشَّكْوَى والتَّحَزُّنُ ويقال فلان يَتَحَوَّب من كذا أَي يَتَغَيَّظُ منه ويَتَوَجَّعُ وحَوْبَةُ الأُمِّ عَلى وَلَدِها وتَحَوُّبُها رِقَّتُها وتَوَجُّعُها وفيه ما زَالَ صَفْوانُ يَتَحَوَّبُ رِحَالَنَا مُنْذ [ ص 339 ] اللَيْلَة التَّحَوُّبُ صَوْتٌ مع تَوَجُّعٍ أَراد به شِدَّةَ صِياحِهِ بالدُّعاءِ ورِحَالَنَا مصوبٌ على الظُّرْفِ والحَوْبَةُ والحِيبَة الهَمُّ والحُزْنُ وفي حديث عُرْوَة لمَّا ماتَ أَبُو لَهَبٍ أُرِيَه بعضُ أَهْلِه بشَرِّ حِيبَةٍ أَي بشَرِّ حالٍ والحِيبَةُ والحَوْبَة الهَمُّ والحُزْنُ والحِيبَة أَيضاً الحاجَةُ والمَسْكَنة قال طُفَيْل الغَنَوي
فَذُوقُوا كما ذُقْنا غَداةَ مُحَجَّرٍ ... مِنَ الغَيْظِ في أَكْبادِنا
والتَّحَوُّبِ وقال أَبو عبيد التَّحَوُّبُ في غير هذا التَّأَثُّم من الشيءِ وهو من الأَوَّلِ وبعضُه قريبٌ من بعض ويقال لابنِ آوَى هو يَتَحَوَّبُ لأَنَّ صَوْتَه كذلك كأَنه يَتَضَوَّرُ وتحَوَّبَ في دعائه تَضَرَّعَ والتَّحَوُّب أَيضاً البكاءُ في جَزَعٍ وصِياحٍ ورُبَّما عَمَّ به الصِّياحَ قال العجاج
وصَرَّحَتْ عنه إِذا تحوَّبا ... رواجبُ الجوفِ السحيلَ الصُّلَّبا ( 1 )
( 1 قوله « وصرحت عنه إلخ » هو هكذا في الأصل وانظر ديوان العجاج )
ويقال تحَوَّبَ إِذا تَعَبَّد كأَنه يُلْقِي الحُوبَ عن نَفسِه كما
يقال تَأَثَّمَ وتحَنَّثَ إِذا أَلْقَى الحِنْثَ عن نَفْسِه بالعِبادةِ وقال الكُمَيْت يذكر ذِئْباً سَقاهُ وأَطْعَمَه
وصُبَّ له شَوْلٌ مِن الماءِ غائرٌ ... به كَفَّ عنه الحِيبةَ المُتَحَوِّبُ
والحِيبة ما يُتَأَثَّم منه وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم اللهم اقْبَلْ تَوْبَتِي وارْحَمْ حَوْبَتِي فَحَوْبَتِي يجوز أَن تكون هنا توَجُّعِي وأَن تكونَ تَخَشُّعِي وتَمَسْكُنِي لَكَ وفي التهذيب رَبِّ تَقَبَّلْ تَوْبَتِي واغْسِلْ حَوْبَتِي قال أَبو عبيد حَوْبَتِي يَعْنِي المَأْثمَ وتُفْتَح الحاء وتُضَم وهو من قوله عز وجل إِنه كان حُوباً كَبيراً قال وكل مَأْثَمٍ حُوبٌ وحَوْبٌ والواحدة حَوْبةٌ ومنه الحديث الآخر أَن رجُلاً أَتَى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال إِني أَتيتُك لأُجاهِدَ مَعَكَ فقال أَلَكَ حَوْبةٌ ؟ قال نعم قال فَفِيها فجاهِدْ قال أَبو عبيد يعني ما يَأْثَمُ به إِنْ ضَيَّعه من حُرْمةٍ قال وبعضُ أَهلِ العِلْمِ يَتَأَوّلُه على الأُمِّ خاصَّةٌ قال وهي عندي كلُّ حُرْمةٍ تَضِيعُ إِن تَركَها مَن أُمٍّ أَو أُخْتٍ أَو ابْنةٍ أَو غيرها وقولهم إِنما فلانٌ حَوْبةٌ أَي ليس عنده خيرٌ ولا شرٌّ ويقال سمعتُ من هذا حَوْبَيْنِ ورأَيتُ منه حَوْبَيْن أَي فَنَّيْن وضَرْبَيْن وقال ذو الرمة
تَسْمَعُ من تَيْهائهِ الأَفْلالِ ... حَوْبَينِ من هَماهِمِ الأَغْوالِ
أَي فنَّيْن وضَرْبَين وقد رُوِيَ بيتُ ذي الرُّمَّة بفتح الحاء والحَوْبَة والحُوبة الرجُلُ الضَّعيفُ والجمع حُوَب وكذلك المرأَة إِذا كانت ضعِيفة زَمِنة وبات فلانٌ بِحيبةُ سوءٍ وحَوبةِ سوءٍ أَي بحالِ سُوءٍ وقيل إِذا باتَ بِشِدَّةٍ وحالٍ سَيِّئةٍ لا يقال إِلا في الشَّر وقد استُعمل منه فعْلٌ قال وإِن قَلُّوا وحابُوا [ ص 340 ] ونزَلنا بِحيبةٍ من الأَرض وحُوبةٍ أَي بأَرض سوءٍ أَبو زيد الحُوبُ النَّفْسُ والحَوْباءُ النفْس ممدودةٌ ساكنةُ الواو والجمع حَوْباوَاتٌ قال رؤْبة
وقاتِلٍ حَوْباءَهُ من أَجْلي ... ليس له مِثْلي وأَينَ مِثْلي ؟
وقيل الحَوْباءُ رُوعُ القَلْبِ قال ونَفْسٍ تَجُودُ بحَوْبائها وفي حديث ابنِ العاص فَعَرَفَ أَنه يريدُ حَوْباءَ نَفْسه والحَوْبُ والحُوبُ والحابُ الإِثْمُ فالحَوْبُ بالفتح لأَهْلِ الحجاز والحُوبُ بالضم لتَميمٍ والحَوْبةُ المَرَّة الواحدة منه قال المخبل
فَلا يَدْخُلَنَّ الدَّهْرَ قَبرَكَ حَوْبَةٌ ... يَقُومُ بها يَوماً عَليْكَ حَسيبُ
وقد حَابَ حَوباً وحِيبَةً قال الزجاج الحُوبُ الإِثْمُ والحَوْبُ فِعْلُ الرَّجُلِ تقولُ حابَ حَوْباً كقولك قد خانَ خَوناً وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه أَنّ النبي صلى اللّه عليه وسلم قال الرِّبا سَبْعُونَ حَوباً أَيْسَرُها مِثْلُ وُقُوعِ الرجُلِ على أُمِّهِ وأَرْبَى الرِّبا عِرْض المُسْلِمِ قال شمر قوله سَبْعون حَوْباً كأَنَّه سبعون ضرباً من الإِثْمِ الفرَّاءُ في قوله تعالى إِنه كان حُوباً الحُوبُ الإِثم العظيم وقرأَ الحسن انَّه كان حَوْباً وروى سعد عن قَتادة أَنه قال انَّه كان حُوباً أَي ظُلْماً وفلان يَتَحوَّب من كذَا أَي يتَأَثَّم وتَحَوَّب الرجُل تَأَثَّمَ قال ابن جني تَحَوَّبَ تَرَكَ الحُوبَ من باب السَّلْبِ ونَظِيرُه تأَثَّمَ أَي ترَكَ الإِثْمَ وإِن كانَ تَفَعَّل لِلإِثباتِ أَكْثرَ منه للسلب وكذلك نحو تَقَدَّم وتأَخَّر وتعَجَّل وتأَجَّل وفي الحديث كان إِذا دَخَلَ إِلى أَهْلِه قال تَوْباً تَوْباً لا يُغادِرُ عَلَيْنا حَوْباً ومنه الحديث إِنَّ الجَفاءَ والحَوْبَ في أَهْلِ الوبرِ والصُّوفِ وتَحَوَّب من الإِثمِ إِذا تَوَقَّاه وأَلقى الحَوْبَ عن نفسِه ويقال حُبْتَ بكذا أَي أَثِمْتَ تَحوبُ حَوْباً وحَوْبَة وحِيابَةً قال النابغة ( 1 )
( 1 قوله « قال النابغة إلخ » سيأتي في مادة جعع عزو هذا البيت
لنهيكة الفزاري )
صَبْراً بَغِيض بنَ رَيْثٍ انَّها رَحِمٌ ... حُبْتُمْ بها فأَناخَتْكُمْ بجَعْجَاعِ
وفلانٌ أَعَقُّ وأَحْوَبُ قال الأَزهري وبنو أَسد يقولون الحائِبُ للقاتِل وقد حَاب يحُوبُ والمُحَوِّب والمُتَحَوِّبُ الذي يَذْهَب مالُه ثم يَعودُ الليث الحَوْبُ الضَّخمُ من الجِمالِ وأَنشد ولا شَرِبَتْ في جِلْدِ حَوْب مُعَلَّبِ قال وسُمِّيَ الجَمَلُ حَوْباً بزَجْره كما سُمِّيَ البَغْلُ عَدَساً بزَجْرِه وسُمِّيَ الغُراب غاقاً بصَوْتِهِ غيره الحَوْبُ الجَمَلُ ثم كَثُر حتى صارَ زجْراً له قال الليث الحَوْبُ زَجْرُ البَعير ليَمْضِيَ وللنَّاقةِ حَلْ جَزْمٌ وحَلٍ وحَلي يقال للبَعير إِذا زُجِرَ حَوْبَ وحوبِ وحَوْبُ وحابِ [ ص 341 ] وحَوَّبَ بالإِبِلِ قال لها حَوْب والعَرَبُ تَجُرُّ ذلك ولو رُفِعَ أَو نُصِبَ لكان جائِزاً لأَنَّ الزَّجْرَ والحِكاياتِ تُحَرَّك أَواخِرُها على غيرِ إِعرابٍ لازمٍ وكذلك الأَدواتُ التي لا تَتَمَكَّن في التَّصْريفِ فإِذا حُوِّلَ من ذلك شيءٌ إِلى الأَسماءِ حُمِلَ عليه الأَلف واللام فأُجْريَ مُجْرَى الأَسْماءِ كقوله والحَوْبُ لمَّا يُقَلْ والحَلُ وحَوَّبْت بالإِبل من الحوب وحَكَى بعضهم حَبْ لا مَشَيْتَ وحَبٍ لا مَشَيْتَ وحَابِ لا مَشَيْت وحَابٍ لا مَشَيْتَ وفي الحديث أَنه كان إِذا قَدِمَ من سَفَرٍ قال آيِبُون تائِبُون لرَبِّنا حامدُون حَوْباً حَوْباً قال كأَنه لما فَرَغَ من كلامه زَجَر بَعِيرَه والحَوْبُ زَجْرٌ لذكُور الإِبِلِ ابن الأَثير حَوْبُ زَجْرٌ لِذُكُورة الإِبل مثلُ حَلْ لإِناثِها وتضمّ الباء وتفتح وتكسر وإِذا نُكِّر دَخَلَهُ التنوين فقوله حَوْباً بمنزلةِ قولك سيراً سيراً فأَما قوله
هِيَ ابْنَةُ حَوْبٍ أُمُّ تِسْعينَ آزَرَتْ ... أَخا ثِقَةٍ تَمْري جَباها ذَوائِبُهْ
فإِنه عَنى كِنانَةً عُمِلَت من جِلْدِ بعيرٍ وفيها تِسْعونَ سَهْماً فجعلها أُمّاً للسهام لأَنها قد جمعتها وقوله أَخَا ثِقَةٍ يعني سَيْفاً وَجَباها حَرْفُها وَذَوائِبُه حمائله أَي إِنه تَقَلَّد السَّيْفَ ثم تَقَلَّدَ بعده الكِنانةَ تمري حَرْفَها يريد حرفَ الكِنانَة وقال بعضهم في كلام له حَوْبُِ حَوْبُِ إِنه يومُ دَعْقٍ وشَوْب لا لعاً لبَني الصَّوبِ الدَّعْق الوَطْءُ الشدِيدُ وذكر الجوهري الحوأَب هنا قال ابن بري وحقه أَن يُذْكر في حأَب وقد ذكرناه هناك

( خبب ) الخَبَبُ ضَرْبٌ من العَدْوِ وقيل هو مِثْلُ الرَّمَلِ وقيل هو أَن يَنْقُل الفَرَسُ أَيامِنَه جميعاً وأَياسِرَه جميعاً وقيل هو أَن يُراوِحَ بين يديهِ ورجليهِ وكذلك البعيرُ وقيل الخَبَب السُّرْعَة وقد خَبَّت الدَّابَّة تَخُبُّ بالضَّمِّ خَبّاً وخَبَباً وخَبِيباً واخْتَبَّتْ حكاه ثعلب وأَنشد
مُذَكَّرَة الثُّنْيَا مُسانَدَة القَرَى ... جُمَالِيَّة تَخْتَبُّ ثم تُنِيبُ
وقد أَخَبَّها صاحِبُها ويقال جاؤُوا مُخِبِّينَ تَخُبُّ بهم دَوَابُّهم وفي الحديث أَنه كان إِذا طافَ خَبَّ ثَلاثاً وهو ضرب من العَدْوِ وفي الحديث وسُئِلَ عن السَّيرِ بالجَنَازَة فقال ما دونَ الخَبَبِ وفي حديث مُفاخَرَةِ رعاءِ الإِبلِ والغَنَمِ هل تَخُبُّون أَو تَصِيدون ؟ أَراد أَنَّ رعاءَ الغَنَم لا يَحْتاجونَ أَن يَخُبُّوا في آثارِها ورِعاء الإِبلِ يَحْتاجُون إِليه إِذا ساقُوها إِلى الماءِ ( 1 )
( 1 قوله « ورعاء الابل يحتاجون إِليه إِذا ساقوها إِلى الماء » اي ويعزبون بها في المرعى فيصيدون الظباء والرثال وأولئك لا يبعدون عن المياه والناس فلا يصيدون ا ه من هامش النهاية )
والخِبُّ الخِدَاعُ والخُبْثُ والغِشُّ ورجلٌ مُخابٌّ مُدْغِلٌ كأَنه على خابَّ ورجلٌ خَبٌّ وخِبٌّ خَدَّاع جُرْبُزٌ خَبيثٌ مُنْكَرٌ وهو الخِبُّ والخَبُّ قال الشاعر
وما أَنتَ بالخَبِّ الخَتُورِ ولا الذي ... إِذا اسْتُودِعَ الأَسْرارَ يوماً أَذاعَها
[ ص 342 ] والأُنثى خَبَّة وقد خَبَّ يَخَبُّ خِبّاً وهو بَيِّنُ الخِبِّ وقد خَبِبْتَ يارجُلُ تَخَبُّ خِبّاً مثلُ عَلِمْتَ تَعْلم عِلْماً ابن الأَعرابي في قوله لا أُحْسِنُ قَتْوَ المُلوكِ والخَبَبا ( 1 )
( 1 قوله « لا أحسن إلخ » هو عجز بيت وصدره اني امرؤ من بني فزارة )
قال الخَبَبُ الخُبْثُ وقال غيره أَراد بالخَبَبِ مصدَر خَبَّ يَخُبُّ إِذا عَدَا وفي الحديث لا يدخُلُ الجنَّةَ خَبٌّ ولا خائنٌ الخَبُّ بالفتْح الخَدَّاعُ وهو الجُرْبُزُ الذي يَسْعَى بينَ الناسِ بالفَساد ورجلٌ خَبٌّ وامرأَةٌ خَبَّةٌ وقد تُكْسَرُ خاؤُه فأَمَّا المصدر فبالكسر لا غير والتَّخبِيبُ إِفْسادُ الرجُل عَبْداً أَو أَمَةً لغيرهِ يقال خَبَّبَها فأَفسَدَها وخَبَّبَ فلانٌ غُلامي أَي خَدَعَه وقال أَبو بكر في قولهم خَبَّبَ فلانٌ على فلانٍ صَديقَه معناه أَفسده عليه وأَنشد أُمَيْمة أَمْ صارتْ لقَوْلِ المُخَبِّبِ والخِبُّ الفسادُ وفي الحديث من خَبَّبَ امرَأَةً ومَمْلوكاً على مُسْلِمٍ فلَيس منَّا أَي خدَعَه وأَفسده ورجل خَبٌّ ضَبٌّ وفي الحديث المُؤْمِنُ غِرٌّ كَرِيمٌ والكافِرُ خَِبٌّ لَئيمٌ فالغِرُّ الذي لا يَفْطُن للشَّرّ والخَِبُّ ضِدُّ الغِرِّ وهو الخَدَّاعُ المُفْسِدُ يقال ما كنْت خَبّاً ولقد خَبِبْتَ تَخَبُّ خِبًّا وقال ابنُ سيرين إِني لَسْت بِخَِبٍّ ولكِنِ الخَِبُّ لا يَخْدَعُني والخِبُّ هَيَجانُ البَحْرِ واضْطِرابُه يقال أَصَابَهُم خِبٌّ إِذا هَاجَ بِهِمُ البَحْر خَبَّ يَخِبُّ التهذيب يقال أَصابهم الخِبُّ إِذا اضطربت أَمواج البحر والْتَوَتِ الرياحُ في وَقْتٍ مَعْلُومٍ تُلْجَأُ السُّفُنُ فيه إِلى الشَّط أَو يُلْقَى الأَنجَر ابن الأَعرابي الخِبابُ ثَوَرانُ البَحْر وفي الحديث أَنَّ يونس على نَبِيِّنا وعَلَيه الصلاة والسلامُ لمَّا رَكِبَ البَحْر أَخَذَهم خِبٌّ شدِيدٌ يقال خَبَّ البَحرُ إِذا اضطرب والخَبُّ حَبْلٌ من الرَّمْلِ لاطِئٌ بالأَرض والخُبَّةُ مُسْتَنْقَعُ الماءِ قال أَبو حنيفة الخُبَّة من الرمْلِ كَهَيْئَةِ الفَالِقِ غير أَنَّها أَوْسع وأَشَدُّ انتِشاراً ولَيْسَتْ لها جِرَفَة وهي الخِبَّة والخَبِيبة وقيل الخِبَّة والخَبَّة والخُبَّة طَريقٌ من رَمْلٍ أَو سَحابٍ أَو خِرْقَةٌ كالعِصابة والخَبِيبَة مثْلُه قال أَبو عبيدة الخَبِيبَة كلُّ ما اجْتَمَع فطَالَ من اللَّحْمِ قال وكلُّ خَبِيبَةٍ من لَحْمٍ فهو خَصيلَةٌ في ذِراعٍ كانَتْ أَو غَيرِها ويقال أَخَذَ خَبِيبَةَ الفَخِذ ولَحْمُ المَتْنِ يقال لهُ الخَبِيبَةُ وهنَّ الخَبائِبُ والخُبُّ الغامِضُ من الأَرض والجمع أَخْباب وخُبُوب والمَخَبَّة بَطْنُ الوادي ( 2 )
( 2 قوله « والمخبة بطن الوادي » هكذا في الأصل والمحكم وفي القاموس والخبة بالضم مستنقع الماء وموضع وبطن الوادي )
وهي الخَبِيبَةُ والخُبَّةُ والخَبِيبُ [ ص 343 ] والخُبَّةُ والخَبِيبُ الخَدُّ في الأَرض والخَبِيبةُ والخَبَّة والخِبَّةُ الطريقَة من الرَّمْلِ والسَّحابِ وهي من الثوب شِبْه الطُّرّة أَنشد ثعلب يَطِرْنَ عن ظَهْري ومَتني خِبَبا الأَصمعي الخِبَّةُ والطِّبَّة والخَبِيبَةُ والطِّبَابَة كل هذا طَرائِقُ من رَمْلٍ وسَحاب وأَنشد قول ذي الرمة من عُجْمَةِ الرَّمْلِ أَنْقَاء لهَا خِبَبُ قال ورواه غيره « لها حِبَبُ » وهي الطَّرائِقُ أَيضاً أَبو عمرو الخَبُّ سَهْلٌ بينَ حَزْنَينِ يكونُ فِيه الكَمْأَةُ وأَنشد قول عَدِيِّ بنِ زيد
تُجْنى لَكَ الكَمْأَةُ رِبْعِيَّةً ... بالخَبِّ تَنْدى في أُصُول القَصِيصْ
وقال شمر خَبَّة الثَّوْبِ طُرَّته وثَوْبٌ خِبَب وأَخبابٌ خَلَقٌ مُتَقَطِّع عن اللحياني وخَبائِبُ أَيضاً مثلُ هَبائبَ إِذا تَمَزَّقَ والخَبِيبَة الشَّرِيحَة من اللَّحْمِ وقيل الخُصْلة من اللَّحمِ يَخْلِطها عَقَبٌ وقيل كلُّ خَصِيلة خَبِيبة وخَبائِب المَتْنَين لحم طَوَارِهما قال النابغة
فأَرْسَلَ غُضْفاً قد طَوَاهُنَّ ليلةً ... تَقَيَّظْنَ حَتى لَحْمُهُنّ خَبائِبُ
والخَبَائِبُ خَبائِبُ اللَّحْمِ طَرَائِقُ تُرَى في الجِلْدِ مِن ذَهابِ اللَّحْمِ يقال للَّحْمِ خَبائِبُ أَي كُتَلٌ وزِيَمٌ وقِطَعُ ونَحْوُه وقال أَوس ابنُ حَجَر
صَدىً غائر العَيْنَينِ خَبَّبَ لَحْمَه ... سَمَائِمُ قَيْظٍ فَهْو أَسْوَدُ شاسِف
قال خَبَّبَ لحمُه وخدَّدَ لَحْمُه أَي ذَهَبَ لحمُه فَرِيئَتْ له طَرَائِقُ في جِلْدِه والخبيبة صُوفُ الثَّنِيِّ وهو أَفضل من العقيقة وهي صُوفُ الجَذَع وأَبْقَى وأَكْثر والخبِيبة والخُبُّ الخِرْقة تُخْرِجُها من الثَّوْب فَتَعْصِبُ بها يدك واخْتَبَّ من ثَوْبه خُبَّةً أَي أَخْرَج وقال اللحياني الخُبُّ الخِرْقة الطويلة مثل العِصابة وأَنشد
لها رِجْلٌ مُجَبَّرَةٌ بخُبٍّ ... وأُخْرَى ما يُسَتِّرها أُجَاحُ
الأَزهري في ترجمة حنن قال الليث الحَنَّةُ خِرْقة تَلْبَسُها المرأَة فتُغَطِّي رأْسَها قال الأَزهري هذا حاقُّ التصحيف والذي أُراه الخَبَّة بالخاءِ والباءِ الفرَّاءُ الخَبيبة القِطْعة من الثَّوْب والخُبَّةُ الخِرْقة تُخْرِجُها من الثوب فتَعْصِبُ بها يدَكَ قال الأَزهري وأَما الحَنَّة بالحاء والنون فلا أَصلَ له في باب الثِّياب أَبو حنيفة الخُبَّة أَرض بين أَرْضَين لا مُخصِبَة ولا مُجْدِبة قال الراعي حتى تَنالَ خُبَّةً من الخُبَبْ ابن شميل الخُبَّة من الأَرض طريقة لَيِّنة مَيْثاءُ ليست بحَزْنةٍ ولا سَهْلةٍ وهي إِلى السُّهولة أَدنى [ ص 344 ] قال وأَنكره أَبو الدُّقَيْش قال وزعموا أَن ذا الرُّمَّة لَقِيَ رؤْبة فقال له ما معنى قول الراعي
أَناخُوا بأَشوالٍ إِلى أَهلِ خُبَّةٍ ... طُروقاً وقد أَقْعَى سُهَيْلٌ فعَرَّدا ؟
قال فجعل رؤْبةُ يذهَب مرَّة ههنا ومرَّةً ههنا إِلى أَن قال هي أَرض بين المُكْلِئَة والمُجْدِبة قال وكذلك هي وقيل أَهل خُبَّة في بيت الراعي أَبياتٌ قليلة والخُبَّة من المَرَاعي ولم يفسر لنا وقال ابن نُجَيمٍ الخَبيبة والخُبَّة كلُّه واحدٌ وهي الشَّقِيقة بين حَبْلَين من الرَّمْل وأَنشد بيت الراعي قال وقال أَبو عمرو خُبَّة كَلأ والخُبَّة مكان يَسْتَنْقع فيه الماء فَتَنْبُت حواليه البُقُول وخُبَّة اسم أَرض قال الأَخطل
فَتنَهْنَهَتْ عنه وَوَلَّى يَقْتَرِي ... رَمْلاً بِخُبَّةَ تارةً ويَصُومُ
وخَبَّ النباتُ والسَّفَى ارتَفع وطال وخَبَّ السَّفَى جَرَى وخَبَّ الرجلُ خَبّاً مَنَع ما عنده وخَبَّ نزل المُنْهَبِطَ من الأَرض لئلا يُشْعَرَ بموضعه بُخلاً ولُؤْماً والخَوابُّ القَراباتُ واحدها خابٌّ يقال لي من فلان خَوابُّ ويقال لي فيهم خَوابُّ واحِدُها خابٌّ وهي القَراباتُ والصِّهْر والخَبْخابُ والخَبْخَبَة رَخاوةُ الشيءِ المُضْطَرِب واضْطِرابُه وقد تَخَبْخَبَ بَدنُ الرجل إِذا سَمِنَ ثم هُزِلَ حتى يَسْتَرْخِيَ جلدُه فتسمع له صوتاً من الهُزال أَبو عمرو خَبْخَبَ ووَخْوَخَ إِذا اسْتَرْخَى بطنُه وخَبْخَب إِذا غَدَرَ وتَخَبْخَب الحَرُّ سكَن بعضُ فَوْرته وخَبْخِبُوا عنكم من الظَّهِيرة أَبْرِدُوا وأَصله خَبِّبُوا بثلاث باءات أَبدلوا من الباءِ الوُسْطَى خاءً للفرق بين فَعْلَل وفَعَّلَ وإِنما زادوا الخاءَ من سائر الحروف لأَن في الكلمة خاءً وهذه عِلَّة جميع ما يُشْبهُه من الكلمات وإِبل مُخَبْخَبة عظيمة الأَجواف وهي المُبَخْبَخَة مقلوبٌ مأْخوذٌ من بَخْ بَخْ فأَما قوله
حتى تَجِيءَ الخَطَبهْ ... بِإِبِلٍ مُخَبْخَبَهْ
فليس على وجْهِه إِنما هو مُبَخْبَخَة أَي يقال لها بَخْ بَخْ إِعْجاباً بها فَقَلَب وأَحسنُ من ذلك مُجَبْجَبَة بالجيم أَي عظيمة الجُنُوب وقد مضى ذكره وخَبَّابٌ اسم وخُبَيْبٌ ابنُ عبداللّه بن الزبير وكان عبداللّه يكنى بأَبي خُبَيْب قال الراعي
ما إِن أَتَيْتُ أَبا خُبَيْبٍ وافِداً ... يَوْماً أُريدُ لبَيْعَتي تَبْديلا
وقيل الخُبَيْبَانِ عبداللّه بن الزبير وابنه وقيل هما عبداللّه وأَخوه مُصْعَب قال حُمَيدٌ الأَرقط قَدْني من نَصْرِ الخُبَيْبَينِ قَدِي فمن روى الخُبَيْبِينَ على الجمع يريد ثلاثتهم وقال ابن السكيت يريد أَبا خُبَيْبٍ ومَن كان على رأْيه [ ص 345 ]

( ختب ) الخُنْتَبُ القَصِيرُ قال الشاعر
فَأَدْرَكَ الأَعْثَى الدَّثُورَ الخُنْتَبا ... يَشُدُّ شَدّاً ذا نَجاءٍ مِلْهَبا
قال ابن سيده وإِنما أَثْبَتُّ الخُنْتُب ههنا وإِن كانت النون لا تُزاد ثانية إِلا بثَبَت لأَن سيبويه رَفَعَ أَن يكون في الكلام فُعْلَل وهو على مذهب أَبي الحسن رباعيّ لأَن النون لا تزاد عنده إِلا بثبَت وفُعْلَلٌ عنده موجود كَجُخْدَبٍ ونحوه وذكره الأَزهري في الرباعي قال ابن الأَعرابي الخُنْتُبُ والخُنْتَبُ نَوْفُ الجارِيةِ قبل أَن تُخْفَضَ قال والخُنْتُبُ المُخَنَّثُ أَيضاً

( خترب ) خَتْرَبَ الشيءَ قَطَعَه وخَتْرَبَه بالسَّيف عَضَّاهُ أَعْضاءً وخُتْرُبٌ مَوْضِعٌ

( خثعب ) الخِنْثَعْبَةُ والخُنْثَعْبةُ والخَنْثَعْبة الناقة الغَزيرةُ اللَّبَن سيبويه النون في خنثعبة زائدة وإِن كانت ثانية لأَنها لو كانت كَجِرْدَحْلٍ كانت خُنْثعبةٌ كجُرْدَحْلٍ وجُرْدَحْلٌ بناءٌ مَعْدُومٌ والخِنْثَعْبة اسم للاِسْتِ عن كراع

( خدب ) خَدَبَه بالسَّيفِ يَخْدِبُه خَدْباً ضَرَبه وقيل قَطَعَ اللحمَ دون العَظْم التهذيب الخَدْبُ الضَّرْبُ بالسيفِ يَقْطَعُ اللَّحْمَ دُونَ العَظم
قال العجاج
نَضْرِبُ جَمْعَيْهمْ إِذا اجْلَحَمُّوا ... خَوادِباً أَهْوَنُهُنَّ الأَمُّ ( 1 )
( 1 قوله « اجلحموا » يروى بالحاء المهملة والخاء المعجمة أيضاً )
أَبو زيد خَدَبْتُه أَي قَطَعْتُه وأَنشد
بِيضٌ بأَيْدِيهمُ بِيضٌ مُؤَلَّلةٌ ... لِلْهامِ خَدْبٌ وللأَعْناقِ تَطْبِيقُ
وقيل الخَدْبُ هو ضَرْبُ الرأْسِ ونحوِه والخَدْبُ بالنَّاب شَقُّ الجِلْدِ مع اللَّحْم ولم يقيده في الصحاح بالناب وشَجَّةٌ خادِبَةٌ شَدِيدةٌ يقال أَصابَتْه خادِبةٌ أَي شَجَّةٌ شَديدة وضَرْبةُ خَدْباءُ هَجَمَتْ على الجَوْف وطَعْنةٌ خَدْباءُ كذلك وقيل واسِعَةٌ وحَرْبةٌ خَدْباءُ وخَدِبةٌ واسِعةُ الجُرْحِ والخَدْباءُ الدِّرْعُ اللَّيِّنة ودِرْعٌ خَدْباءُ واسعةٌ وقيل لَيِّنةٌ قال كَعْب بن مالك الأَنصاري
خَدْباءُ يَحْفِزُها نِجادُ مُهَنَّدٍ ... صافي الحَديدةِ صارِمٍ ذِي رَوْنَقِ
قال ابن بري صواب إِنشاده خَدْباءَ بالنصب لأَن قَبْلَه
في كُلِّ سابِغةٍ يَخُطُّ فُضُولُها ... كالنِّهْيِ هَبَّتْ رِيحُه المُتَرَقْرِق
فخدْباءُ على هذا صفة لسابغة وعلامة الخفض فيها الفتحة ومعنى يَحْفِزُها يَدْفَعُها ونِجادُ السَّيْفِ حَمِيلَتُه ابن الأَعرابي نابٌ خَدِبٌ وسَيْفٌ خَدِبٌ وضَرْبةٌ خَدْباءُ مُتَّسِعة طويلةٌ وسِنانٌ خَدِبٌ واسِعُ الجِراحة قال بشر على خَدِبِ الأَنْيابِ لم يَتَثَلَّمِ ( 2 )
( 2 قوله « على خدب إلخ » صدره كما في التكملة إِذا أرقلت كأن اخطب ضالة )
[ ص 346 ] ابن الأَعرابي الخَدْباءُ العَقُورُ من كلِّ الحَيوانِ وخَدَبَتْه الحَيَّةُ تَخْدِبه خَدباً عَضَّتْه وخَدَبَتِ الحَيَّةُ عَضَّتْ وفي لسانه خَدَبٌ أَي طُولٌ وخَدَبَ الرَّجلُ كَذَبَ والخَدَبُ الهَوَجُ رَجُلٌ خَدِبٌ وأَخْدَبُ ومُتَخَدِّبُ أَهْوَجُ والمرأَة خَدْباءُ يقال كان بنَعامةَ خَدَبٌ وهو المُدْرِكُ الثَّأْر أَي كان أَهْوَجَ ونَعامةُ لَقَبُ بَيْهَس والأَخْدَبُ الذي لا يتَمالَكُ مِنَ الحُمقِ قال امرؤُ القيس
ولَسْتُ بِطَيَّاخةٍ في الرِّجال ... ولَسْتُ بِخزْرافَةٍ أَخْدَبا
والخِزْرافةُ الكَثِيرُ الكلام الخَفِيفُ وقيل هو الرَّخْوُ والأَخْدبُ الذي يَرْكَبُ رَأْسَه جُرْأَةً الأَصمعي من أَمثالِهم في الهَلاكِ قَوْلُهم وَقَعَ القَوْمُ في وادِي خَدَباتٍ قال وقد يقال ذلك فيهم إِذا جاروا عن القَصْدِ والخِدَبُّ الشَّيْخُ والخِدبُّ العَظِيمُ قال
خِدَبٌّ يَضِيقُ السَّرْجُ عنه كأَنَّما ... يَمُدُّ ذِراعَيْه منَ الطُّولِ ماتِحُ
ورَجُلٌ خِدَبٌّ مثال هِجَفٍّ أَي ضَخْمٌ وجارِيةٌ خِدَبَّةٌ وفي صفة عمر رضي اللّه عنه خِدَبٌّ مِنَ الرِّجال كأَنه راعِي غَنَمٍ الخِدَبُّ بكسر الخاء وفتح الدال وتشديد الباء العَظِيمُ الجافي وفي شعر حميد بن ثور وَبَيْنَ نِسْعَيْه خِدَبّاً مُلْبِدا يريد سَنامَ بعيره أَو جَنْبَه أَي إِنه ضَخْمٌ غَلِيظٌ وفي حديث أُم عبداللّه بن الحرث بن نوفل لأُنْكِحَنَّ بَبَّهْ جارِيةً خِدَبَّهْ والخِدَبُّ الضَّخْم من النَّعام وقيل من كل شيءٍ وبعير خِدَبٌّ شَدِيدٌ صُلْب ضَخْمٌ قَوِيٌّ والأَخْدَبُ الطَّويلُ والخُدْبةُ والخَدَبُ الطُّولُ وأَقْبَلَ على خَيْدَبَتِه أَي على أَمْرِه الأَوَّل وخُذْ في هِدْيَتِكَ وقِدْيَتِكَ أَي فيما كنتَ فيه ورواه أَبو تراب في هِدْيَتِكَ وفِدْيَتِكَ بالفاء أَبو زيد أَقْبِلْ على خَيْدَبَتِكَ أَي على أَمْرِك الأَوّل وتَرَكْتُه وخَيْدَبَتَه أَي ورَأْيَه الفرَّاءُ يقال فلان على طَرِيقةٍ صالِحةٍ وخَيْدَبةٍ وسُرْجُوجةٍ وهي الطَّرِيقةُ وخَيْدَبٌ موضع بِرمالِ بِني سَعْدٍ قال بِحَيْثُ ناصَى الخَبِراتُ خَيْدَبا والخَيْدَبُ الطَّريقُ الواضِحُ حكاه الشيباني قال الشاعر
يَعْدُو الجَوادُ بها في خَلِّ خَيْدَبةٍ ... كما يُشَقُّ إِلى هُدَّابِه السَّرَقُ

( خدلب ) الخَدْلَبَةُ مِشْيةٌ ( 1 )
( 1 قوله « الخدلبة مشية إلخ » هذه المادة بالدال المهملة في هذا الكتاب والمحكم والتكملة ولعل اعجامها في القاموس تصحيف ) فيها ضَعْفٌ وناقة خِدْلِبٌ مُسِنَّةٌ مُسْتَرخِيةٌ فيها ضَعْفٌ

( خذعب ) خَذْعَبَه بالسَّيفِ وبَخْذَعَه ضَرَبَه [ ص 347 ]

( خرب ) الخَرابُ ضِدُّ العُمْرانِ والجمع أَخْرِبةٌ خَرِبَ بالكسر خَرَباً فهو خَرِبٌ وأَخْرَبه وخَرَّبَه والخَرِبةُ موضع الخَرابِ والجمع خَرِباتٌ وخَرِبٌ كَكَلِم جمع كَلِمة قال سيبويه ولا تُكَسَّرُ فَعِلةٌ لقِلَّتها في كلامهم ودارٌ خَرِبةٌ وأَخْرَبَها صاحبُها وقد خَرَّبَه المُخَرِّبُ تَخْرِيباً وفي الدعاءِ اللهم مُخَرِّبَ الدنيا ومُعَمِّر الآخرةِ أَي خَلَقْتَها للخَرابِ وفي الحديث مِنَ اقْتِرابِ الساعةِ إِخْرابُ العامِرِ وعِمارةُ الخَراب الإِخْرابُ أَن يُتْرَكَ المَوْضِعُ خَرِباً والتَّخْريبُ الهَدْمُ والمرادُ به ما يُخَرِّبُه المُلُوكُ مِن العُمْرانِ وتَعْمُرُه مِن الخَرابِ شَهْوةً لا إِصلاحاً ويَدْخُل فيه ما يَعْمَلُه المُتْرَفُون مِن تَخْريبِ المَساكِنِ العامِرةِ لغير ضرورةٍ وإِنْشاءِ عِمارَتِها وفي حديث بناء مسجِدِ المدينةِ كان فيه نَخْلٌ وقُبُورُ المشركين وخِرَبٌ فأَمَرَ بالخِرَبِ فسُوِّيَتْ قال ابن الأَثير الخِرَبُ يجوز أَن يكون بكسر الخاءِ وفتح الراءِ جمع خَرِبةٍ كَنَقِمةٍ ونِقَمٍ ويجوز أَن يكون جمع خِرْبةٍ بكسر الخاءِ وسكون الراءِ على التخفيف كنِعْمةٍ ونِعَمٍ ويجوز أَن يكون الخَرِبَ بفتح الخاءِ وكسر الراءِ كَنبِقةٍ ونَبِقٍ وكَلِمةٍ وكَلِمٍ قال وقد روي بالحاءِ المهملة والثاء المثلثة يريد به الموضع المَحْرُوثَ للزِّراعةِ وخَرَّبُوا بيوتَهم شُدِّدَ للمبالغة أَو لِفُشُوِّ الفِعْلِ وفي التنزيل يُخرِّبُونَ بيوتَهم مَن قرأَها بالتشديد معناه يُهَدِّمُونَها ومن قرأَ يُخْرِبُون فمعناه يَخْرُجُونَ منها ويَتْرُكُونها والقراءة بالتخفيف أَكثر وقرأَ أَبو عمرو وحده يُخَرِّبون بتشديد الراءِ وقرأَ سائرُ القُرَّاءِ يُخْرِبون مخففاً وأَخْرَبَ يُخْرِبُ مثله وكلُّ ثَقْبٍ مُستدِير خُرْبةٌ مثل ثَقْبِ الأُذن وجمعها خُرَبٌ وقيل هو الثَّقْبُ مُسْتديراً كان أَو غير ذلك وفي الحديث أَنه سأَله رجل عن إِتْيان النِّساءِ في أَدْبارِهِنَّ فقال في أَيِّ الخُرْبَتَيْنِ أَو في أَيِّ الخُرْزَتَيْنِ أَو في أَيِّ الخُصْفَتَيْنِ يعني في أَيِّ الثُّقْبَتَيْنِ والثلاثةُ بمعنىً واحد وكلها قد رويت والمَخْرُوبُ المَشْقوقُ ومنه قيل رَجُل أَخْرَبُ للمشْقُوقِ الأُذُنِ وكذلك إِذا كان مَثْقُوبَها فإِذا انْخَرَم بعد الثَّقْبِ فهو أَخْرَمُ وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه كأَني بحَبَشِيٍّ مُخَرَّبٍ على هذه الكعبة يعني مَثْقُوبَ الأُذُنِ يقال مُخَرَّبٌ ومُخَرَّمٌ وفي حديث المغيرة رضي اللّه عنه كأَنه أَمةٌ مُخَرَّبةٌ أَي مَثْقوبةُ الأُذُنِ وتلك الثُّقْبَةُ هي الخُرْبةُ وخُرْبَةُ السِّنْدِيِّ ثَقْبُ شَحْمةِ أُذنِه إِذا كان ثَقباً غير مَخْرُوم فإِن كان مَخْروماً قيل خَربَةُ السِّنْدِيِّ أَنشد ثعلب قول ذي الرمة
كأَنه حَبَشِيٌّ يَبْتَغِي أَثَراً ... أَوْ مِنْ مَعاشِرَ في آذانِها الخُرَبُ
ثم فسَّره فقال يَصِف نَعاماً شَبَّهَه برجل حَبَشيٍّ لسَوادِه وقوله يَبْتَغِي أَثَراً لأَنه مُدَلَّى الرأْسِ وفي آذانِها الخُرَبُ يعني السِّنْدَ وقيل الخُرْبةُ سَعةُ خَرْقِ الأُذن [ ص 348 ] وأَخْرَبُ الأُذُنِ كخُرْبَتِها اسم كأَفْكَل وأَمةٌ خَرْباءُ وعَبْدٌ أَخْرَبُ وخُرْبَةُ الإِبْرةِ وخُرَّابَتُها خُرْتُها والخَرَبُ مصدر الأَخْرَبِ وهو الذي فيه شَقٌّ أَو ثَقْبٌ مُسْتَديرٌ وخَرَبَ الشيءَ يَخْرُبُه خَرْباً ثَقَبَه أَو شَقَّه والخُرْبةُ عُرْوةُ المَزادةِ وقيل أُذُنها والجمع خُرَبٌ وخُرُوبٌ هذه عن أبي زيد نادرة وهي الأَخْرابُ والخُرَّابةُ كالخُرْبةِ وفي حديث ابن عمر في الذي يُقَلِّدُ بَدَنَتَه فيَضِنُّ بالنَّعْلِ قال يُقلِّدها خُرابةً قال أَبو عبيد والذي نَعْرِفُ في الكلام أَنها الخُرْبةُ وهي عُرْوةُ المَزادةِ سُميت خُرْبةً لاسْتِدارتها قال أَبو عبيدة لِكلِّ مَزادةٍ خُرْبَتانِ وكُلْيَتان ويقال خُرْبانِ ويُخْرَزُ الخُرْبانِ إِلى الكُلْيَتَيْنِ ويروى قوله في الحديث يُقَلِّدُها خُرابةً بتخفيف الراءِ وتشديدها قال أَبو عبيد المعروف في كلام العرب أَن عُرْوَة المَزادةِ خُرْبةٌ سُميت بذلك لاسْتِدارتِها وكلُّ ثَقْبٍ مُسْتَديرٍ خُرْبةٌ وفي حديث عبداللّه ولا سَتَرْتَ الخَرَبةَ يعني العَوْرةَ والخَرْباءُ من المَعَزِ التي خُرِبَتْ أُذُنها وليس لخُرْبَتِها طُولٌ ولا عَرْضٌ وأُذن خَرْباءُ مَشْقُوقةُ الشَّحْمةِ وعَبْدٌ أَخْرَبُ مَشْقُوقُ الأُذنِ والخَرْبُ في الهَزَجِ أَن يدخل الجُزءَ الخَرْمُ والكَفُّ مَعاً فيصير مَفاعِيلُنْ إِلى فاعِيلُ فيُنْقَل في التقطيع إِلى مَفعولُ وبيتُه لو كانَ أَبُو بِشْرٍ أَمِيراً ما رَضِيناهُ فقوله لو كان مفعولُ قال أَبو إِسحق سُمي أَخْرَبَ لذهاب أَوَّله وآخِره فكأَنَّ الخَرابَ لَحِقَه لذلك والخُرْبَتانِ مَغْرِزُ رأْسِ الفَخِذِ الجوهري الخُرْبُ ثَقْبُ رأْسِ الوَرِكِ والخُرْبةُ مثله وكذلك الخُرابةُ وقد يشدَّد وخُرْبُ الوَرِكِ وخَرَبُه ثَقْبُه والجمع أَخْرابٌ وكذلك خُرْبَتُه وخُرابَتُه وخُرَّابَتُه وخَرَّابَتُه والأَخْرابُ أَطْرافُ أَعْيار الكَتِفَيْنِ السُّفَلُ والخُرْبةُ وِعاءٌ يَجْعَلُ فيه الراعي زاده والحاء فيه لغة والخُرْبةُ والخَرْبةُ والخُرْبُ والخَرَبُ الفسادُ في الدِّين وهو من ذلك وفي الحديث الحَرَمُ لا يُعِيذُ عاصِياً ولا فارّاً بِخَرَبةٍ قال ابن الأَثير الخَرَبةُ أَصلُها العيبُ والمراد بها ههنا الذي يَفِرُّ بشيءٍ يريد أَن يَنْفَرِدَ به ويَغْلِبَ عليه مما لا تُجِيزُه الشَّريعةُ والخارِبُ سارِقُ الإِبِلِ خاصَّةً ثم نُقِل إِلى غيرها اتِّساعاً قال وقد جاءَ في سِياقِ الحديثِ في كتاب البخاري أَنَّ الخَرَبةَ الجِنايةُ والبَلِيَّةُ قال وقال الترمذي وقد روي بِخِزْيةٍ قال فيجوز أَن يكون بكسر الخاء وهو الشيء الذي يُسْتَحْيا منه أَو من الهَوانِ والفضيحةِ قال ويجوز أَن يكون بالفتح وهو الفَعْلةُ الواحدة منهما ويقال ما فيه خَرَبةٌ أَي عَيْبٌ ويقال الخارِبُ من شدائدِ الدهر والخارِبُ اللِّصُّ ولم يُخَصَّصْ به سارِقُ الإِبِلِ ولا غيرِها [ ص 349 ] وقال الشاعر فيمن خَصَّصَ
إِنَّ بها أَكْتَلَ أَوْ رِزامَا ... خُوَيْرِبَيْنِ يَنْقُفانِ الْهاما
الأَكْتَلُ والكَتالُ هما شِدّةُ العيش والرِّزامُ الهُزال قال أَبو منصور أَكْتَلُ ورِزامٌ بكسر الراءِ رجُلانِ خارِبانِ أَي لِصَّانِ وقوله خُوَيْرِبانِ أَي هما خارِبانِ وصغَّرهما وهما أَكْتَلُ ورِزامٌ ونَصَب خُوَيْرِبَيْنِ على الذَّمِّ والجمع خُرَّابٌ وقد خَرَبَ يَخْرُبُ خِرابةً الجوهري خَرَبَ فلانٌ بإِبل فلان يَخْرُبُ خِرابةً مثل كَتَبَ يَكْتُبُ كِتابةً وقال اللحياني خَرَبَ فلان بإِبل فلان يَخْرُب بها خَرْباً وخُرُوباً وخِرابةً وخَرابةً أَي سَرَقَها قال هكذا حكاه مُتَعدِّياً بالباءِ وقال مرة خَرَبَ فلان أَي صارَ لِصّاً وأَنشد أَخْشَى عَلَيْها طَيِّئاً وأَسَدا وخارِبَيْنِ خَرَبَا فمَعَدَا لا يَحْسِبانِ اللّهَ إِلاَّ رَقَدا والخَرَّابُ كالخارِب والخُرابةُ حَبْلٌ من لِيفٍ أَو نحوه وخَلِيَّةٌ مُخْرِبةٌ فارِغةٌ لم يُعَسَّلْ فيها والنَّخاريبُ خُرُوقٌ كبيُوتِ الزَّنابِيرِ واحدتها نخرُوبٌ والنَّخاريبُ الثُّقَب المُهَيَّأَةُ من الشَّمَع وهي التي تَمُجُّ النَّحْلُ العَسَلَ فيها ونَخْرَبَ القادِحُ الشجرةَ ثَقَبَها وقد قيل إِنّ هذا كُلّه رباعيّ وسنذكره والخُرْبُ بالضم مُنْقَطَعُ الجُمْهُورِ من الرَّمْل وقيل مُنْقَطَعُ الجُمْهُورِ المُشْرِفِ منَ الرَّمل يُنْبِتُ الغَضى والخَرِبُ حدّ من الجبل خارجٌ والخَرِبُ اللَّجَفُ من الأَرضِ وبالوجهين فسر قول الراعي
فما نَهِلَتْ حتى أَجاءَتْ جِمامَه ... إِلى خَرِبٍ لاقَى الخَسِيفةَ خارِقُهْ
وما خَرَّبَ عليه خَرْبةً أَي كلمة قَبِيحةً يقال ما رأَينا من فلان خَرْبةً وخَرْباءَ مُنْذُ جاوَرَنا أَي فساداً في دِينه أَو شَيْناً والخَرَبُ من الفَرَس الشعرُ المُخْتَلِفُ وسَطَ مِرْفَقِه أَبو عبيدة من دَوائِر الفرَسِ دائرةُ الخَرَبِ وهي الدائرةُ التي تكون عند الصَّقْرَيْنِ ودائرتَا الصَّقْرَيْنِ هما اللَّتانِ عند الحَجَبَتَيْنِ والقُصْرَيَيْنِ الأَصمعي الخَرَبُ الشَّعَرُ المُقْشَعِرُّ في الخاصرةِ وأَنشد
طويلُ الحِداءِ سَلِيمُ الشَّظَى ... كَريمُ المِراحِ صَلِيبُ الخَرَبْ
والحِدَأَةُ سالِفةُ الفَرَسِ وهو ما تقَدَّمَ من عُنْقِه والخَرَبُ ذكَر الحُبارَى وقيل هو الحُبارَى كُلُّها والجمع خِرابٌ وأَخْرابٌ وخِرْبانٌ عن سيبويه ومُخَرَّبةُ حيٌّ ( 1 )
( 1 قوله « ومخرّبة حيّ » كذا ضبط في نسخة من المحكم )
من بني تميم أَو قبيلة ومَخْرَبةُ اسم والخُرَيبةُ موضع النَّسبُ إِليه خُرَيْبِيٌّ على غير قياس وذلك أَنّ ما كان على فُعَيْلةَ فالنَّسبُ إِليه بطَرْحِ الياءِ إِلا ما شذَّ كهذا ونحوه وقيل [ ص 350 ] خُرَيْبةُ موضع بالبصرة يسمى بُصَيْرةَ الصُّغْرى والخُرْنُوبُ والخَرُّوب بالتشديد نبت معروف واحدته خُرْنُوبةٌ وخَرْنُوبةٌ ولا تقل الخَرْنوب بالفتح ( 1 )
( 1 قوله « ولا تقل الخرنوب بالفتح » هذا عبارة الجوهري وأمَّا قوله واحدته خرنوبة وخرنوبة فهي عبارة المحكم وتبعه مجدالدين ) قال وأُراهُمْ أَبدَلوا النون من إِحدى الراءَين كراهية التضعيف كقولهم إِنْجانة في إِجانَّة قال أَبو حنيفة هما ضربان أَحدهما اليَنْبُوتةُ وهي هذا الشَّوكُ الذي يُسْتَوْقَدُ به يَرْتَفعُ الذِّراعُ ذُو أَفْنانٍ وحَمْلٍ أَحَمُّ خَفيفٌ كأَنه نُفّاخٌ وهو بَشِعٌ لا يُؤْكل إِلا في الجَهْد وفيه حَبٌّ صُلْبٌ زَلاَّلٌ والآخر الذي يقال له الخَرُّوبُ الشامي وهو حُلْوٌ يؤْكل وله حَبٌّ كَحَبِّ اليَنْبُوتِ إِلاَّ أَنه أَكْبَرُ وثَمَرُه طِوالٌ كالقِثّاءِ الصِّغارِ إِلاّ أَنه عَريضٌ ويُتَّخَذُ منه سَويقٌ ورُبٌّ التهذيب والخَرُّوبة شجرة اليَنْبُوتِ وقيل الينبوتُ الخَشْخاشُ قال وبلغنا في حديث سُلَيْمان على نَبِيِّنا وعليه الصلاةُ والسلامُ أَنه كانَ ينْبُتُ في مُصَلاّه كلَّ يَوْمٍ شَجَرةٌ فيَسْأَلُها ما أَنْتِ ؟ فَتقُولُ أَنا شَجرةُ كذا أَنْبُتُ في أَرضِ كذا أَنا دَواءٌ مِنْ داءِ كَذا فيَأْمُرُ بها فَتُقْطَعُ ثم تُصَرُّ ويُكْتَبُ على الصُّرّةِ اسْمُها ودَواؤُها حتى إِذا كان في آخِر ذلك نَبَتَتِ اليَنْبُوتةُ فقال لها ما أَنتِ ؟ فقالت أَنا الخَرُّوبةُ وسَكَتَتْ فقال سُلَيْمانُ عليه السلام الآن أَعْلَمُ أَنَّ اللّه قد أَذِنَ في خَرابِ هذا المَسْجدِ وذَهابِ هذا المُلْكِ فلم يَلْبَثْ أَن ماتَ وفي الحديث ذكر الخُرَيْبة هي بضم الخاءِ مصغَّرة مَحِلَّةٌ مِنْ مَحالِّ البَصْرة يُنْسَبُ إِليها خَلْقٌ كثير
وخَرُّوبٌ وأَخْرُبٌ مَوْضِعان قال الجُمَيْحُ
ما لأُمَيْمةَ أَمْسَتْ لا تُكَلِّمُنا ... مَجْنُونةٌ أَمْ أَحَسَّتْ أَهْلَ خَرُّوبِ ؟ ( 2 )
( 2 قوله « قال الجميح ما لأميمة إلخ » هذا نص المحكم والذي في التكملة قال الجميح الأسدي واسمه منقذ « أمست أمامة صمتا ما تكلمنا » مجنونة وفيها ضبط مجنونة بالرفع والنصب )
مَرَّتْ بِراكِبِ مَلْهُوزٍ فقالَ لها ... ضُرِّي الجُمَيْحَ ومَسِّيهِ بتَعْذيبِ
يقول طَمَحَ بَصَرُها عني فكأَنها تَنْظُر إِلى راكِبٍ قد أَقبلَ من
أَهْلِ خَرُّوبٍ

( خردب ) خَرْدَبٌ اسم

( خرشب ) الخُرْشُبُ اسمٌ ابن الأَعرابي الخُرْشُبُ بالخاءِ الطويلُ السَّمِينُ

( خرعب ) الخُرْعُوبةُ القِطْعةُ من القَرْعةِ والقِثَّاءِ والشَّحْمِ والخَرْعَبُ والخُرْعُوبُ والخُرْعُوبةُ الغُصْنُ لسَنَتِه وقيل هو القَضِيبُ السامِقُ الغَضُّ وقيل هو القَضِيبُ الناعِمُ الحديثُ النَّباتِ الذي لم يَشْتَدَّ والخَرْعَبةُ الشابةُ الحَسَنةُ الجَسِيمةُ في قَوامٍ كأَنَّها الخُرْعُوبةُ وقيل هي الجَسِيمةُ اللَّحِيمةُ وقال اللحياني الخَرْعَبةُ الرَّخْصةُ اللَّيِّنةُ الحَسَنةُ الخَلْقِ وقيل هي البَيْضاء وامرأَةٌ خَرْعَبةٌ وخُرْعُوبةٌ رَقِيقةُ العَظْمِ كثيرةُ اللحم ناعمةٌ وجسمٌ خَرْعَبٌ كذلك الأَصمعي الخَرْعَبةُ الجارِيةُ اللَّيِّنةُ القَصَبِ الطويلةُ وقال الليث هي الشابَّةُ الحَسَنةُ القَوامِ كأَنها خُرْعُوبةٌ من [ ص 351 ] خَراعِيبِ الأَغْصانِ من نَباتِ سَنَتِها والغُصْنُ الخُرْعُوبُ المُنْثَنِي قال امرؤُ القيس
بَرَهْرَهةٌ رُؤْدةٌ رَخْصةٌ ... كخُرْعُوبةِ البانةِ المُنْفَطِرْ
ورجل خَرْعَبٌ طويلٌ في كثرة من لَحْمِه وجمل خُرْعُوبٌ طويلٌ في حُسْنِ خَلْقٍ وقيل الخُرْعُوبُ من الإِبِل العظِيمةُ الطويلةُ

( خرنب ) الأَزهري في الرباعي الخَرُّوبُ والخَرْنُوب شجر يَنْبُت في جِبالِ الشامِ له حَبٌّ كحَبِّ اليَنْبُوتِ يُسمّيه صِبْيانُ أَهلِ العِراقِ القِثَّاءَ الشاميَّ وهو يابسٌ أَسود النهاية لابن الأَثير وفي قصة محمد بن أَبي بكر الصدّيق رضي اللّه عنه ذِكْرُ خَرنَباءَ وهي بفتح الخاء وسكون الراء وفتح النون وبالباء الموحدة والمدِّ موضع من أَرض مصر صانَها اللّه تعالى

( خزب ) الخَزَبُ تَهَيُّجٌ في الجلد كهَيْئةِ ورَمٍ من غيرِ أَلَمٍ خَزِبَ جِلْدُه خَزَباً فهو خَزِبٌ وتَخَزَّبَ وَرِمَ من غيرِ أَلَمٍ وخَزِبَ ضَرْعُ الناقةِ والشاةِ بالكسر خَزَباً وتَخَزَّبَ وَرِمَ وقيل يَبِسَ وقَلَّ لَبَنُه وقيل تَخَزَّبَ ضَرْعُ الناقة عند النتاج إِذا كان فيه شِبْه الرَّهَلِ وفي الصحاح خَزِبَتِ الناقةُ بالكسر تَخْزَبُ خَزَباً وَرِمَ ضَرْعُها وضاقتْ أَحالِيلُها وكذلك الشاةُ وناقة خَزِبةٌ وخَزْباءُ وارِمةُ الضَّرْعِ وقيل الخَزَبُ ضِيقُ أَحاليلِ الناقةِ والشاة مِنْ وَرَمٍ أَو كَثْرةِ لَحْمٍ والخَزْباءُ الناقةُ التي في رَحِمها ثآلِيلُ تَتَأَذَّى بها وقال أَبو حنيفةَ خَزِبَ البعيرُ خَزَباً سَمِنَ حتى كأَنَّ جِلْدَه وارِمٌ مِن السِّمنِ وبَعير مِخزابٌ إِذا كان ذلك من عادتِه أَبو عمرو العَرَبُ تسمي مَعْدِنَ الذَّهَبِ خُزَيْبةَ وأَنشد
فقد تَرَكَتْ خُزَيْبَةُ كلَّ وَغْدٍ ... يُمَشِّي بَيْنَ خاتامٍ وطاقِ
والخَيْزَبُ والخَيْزَبانُ الرَّخْصُ اللَّيِّنُ والخَيْزَبةُ والخَيْزُبةُ اللَّحْمةُ الرَّخْصةُ اللَّيِّنةُ ولَحْمٌ خَزِبٌ رَخْصٌ وكلُّ لَحْمةٍ رَخْصَةٍ خَزِبةٌ والخَزْباءُ ذُبابٌ يكونُ في الرَّوْضِ والخازِبازِ ذباب أَيضاً والخَزَبُ الخَزَفُ في بعض اللغات

( خزرب ) الخَزْرَبةُ اخْتِلاطُ الكلام وخَطَلُه

( خزلب ) خَزْلَب اللحمَ أَو الحَبْلَ قَطَعَه قَطْعاً سريعاً

( خشب ) الخَشَبَةُ ما غَلُظَ مِن العِيدانِ والجمع خَشَبٌ مثل شجرةٍ وشَجَر وخُشُبٌ وخُشْبٌ خُشْبانٌ وفي حديث سَلْمانَ كان لا يَكادُ يُفْقَهُ كلامُه مِن شِدَّةِ عُجْمَتِه وكان يسمي الخَشَبَ الخُشْبانَ قال ابن الأَثير وقد أُنْكِرَ هذا الحديثُ لأَنَّ سَلْمانَ كان يُضارِعُ كلامُه كلامَ الفُصَحاءِ وإِنما الخُشْبانُ جمع خَشَبٍ كحَمَلٍ وحُمْلانٍ قال كأَنَّهم بجَنُوبِ القاعِ خُشْبانُ [ ص 352 ] قال ولا مَزيد على ما تَتَساعدُ في ثُبوتِه الرِّوايةُ والقياسُ وبَيْتٌ مُخَشَّبٌ ذو خَشَب والخَشَّابةُ باعَتُها وقوله عز وجل في صفة المنافقين كأَنهم خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ وقُرئَ خُشْبٌ بإِسكان الشين مثل بَدَنةٍ وبُدْنٍ ومن قال خُشُبٌ فهو بمنزلة ثَمَرَةٍ وثُمُرٍ أَراد واللّه أَعلم أَنَّ المنافقين في تَرْكِ التَّفَهُّمِ والاسْتِبْصارِ وَوَعْي ما يَسْمَعُونَ من الوَحْيِ بمنزلة الخُشُبِ وفي الحديث في ذِكر المنافقين خُشُبٌ بالليل صُخُبٌ بالنهار أَراد أَنهم يَنامُونَ الليلَ كأَنهم خُشُبٌ مُطَرَّحةٌ لا يُصَلُّون فيه وتُضم الشين وتسكن تخفيفاً والعربُ تقول للقَتِيلِ كأَنه خَشَبةٌ وكأَنه جِذْعٌ وتخَشَّبَتِ الإِبلُ أَكلت الخَشَبَ قال الراجز ووصف إِبلاً حَرَّقَها مِن النَّجِيلِ أَشْهَبُهْ أَفْنانُه وجَعَلَتْ تَخَشَّبُهْ ويقال الإِبلُ تَتَخَشَّبُ عِيدانَ الشجرِ إِذا تَناوَلَتْ أَغصانَه وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما كان يُصَلي خَلْفَ الخَشَبِيَّةِ قال ابن الأَثير هم أَصْحابُ المُخْتارِ بن أَبي عُبَيدة ويقال لضَرْبٍ من الشِّيعةِ الخَشَبِيَّةُ قيل لأَنهم حَفِظُوا خَشَبةَ زَيْدِ بن عليّ رضي اللّه عنه حينَ صُلِبَ والوجه الأَوّل لأَنّ صَلْبَ زَيْدٍ كان بعد ابنِ عُمَر بكثير والخَشِيبةُ الطَّبِيعةُ وخَشَبَ السيفَ يَخْشِبُه خَشْباً فهو مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ طَبَعَه وقيل صَقَلَه والخَشِيبُ من السيوفِ الصَّقِيلُ وقيل هو الخَشِنُ الذي قد بُرِدَ ولم يُصْقَلْ ولا أُحْكِمَ عَمَلُه ضدٌّ وقيل هو الحديثُ الصَّنْعة وقيل هو الذي بُدِئَ طَبْعُه قال الأَصمعي سيف خَشِيبٌ وهو عند الناس الصَّقِيلُ وإِنما أَصلُه بُرِدَ قبل أَن يُلَيَّنَ وقول صخر الغي
ومُرْهَفٌ أُخْلِصَتْ خَشِيبَتُه ... أَبْيَضُ مَهْوٌ في مَتْنِهِ رُبَدُ
أَي طَبِيعَتُه والمَهْوُ الرّقِيقُ الشَّفْرَتَينِ قال ابن جني فهو عندي مقلوب من مَوْهٍ لأَنه من الماءِ الذي لامُهُ هاء بدليل قولهم في جمعه أَمْواهٌ والمعنى فيه أَنه أُرِقَّ حتى صارَ كالماءِ في رِقَّتهِ قال وكان أَبو علي الفارسي يرى أَن أَمْهاه من قول امرئِ القَيس
راشَه مِنْ رِيشِ ناهِضةٍ ... ثُمَّ أَمْهاهُ على حَجَرِهْ
قال أَصله أَمْوَهَهُ ثم قدَّم اللام وأَخَّر العين أَي أَرَقَّه كَرِقَّةِ الماءِ قال ومنه مَوَّهَ فلان عَليَّ الحَدِيثَ أَي حَسَّنَه حتى كأَنَّه جعل عليه طَلاوةً وماءً والرُّبَدُ شِبْهُ مَدَبِّ النمل والغُبارِ وقيل الخَشْبُ الذي في السَّيف أَن يَضَعَ عليه سِناناً عَريضاً أَمْلَسَ فيَدْلُكَه به فإِن كان فيه شُقُوقٌ أَو شَعَثٌ أَو حَدَبٌ ذَهَبَ به وامْلَسَّ قال الأَحمر قال لي أَعْرابي قلت لصَيْقَلٍ هل [ ص 353 ] فَرَغْتَ مِنْ سَيْفِي ؟ قال نعم إِلاَّ أَني لم أَخْشِبْه والخشابةُ مِطْرَقٌ دَقِيقٌ إِذا صَقَلَ الصَّيْقَلُ السَّيْفَ وفَرَغَ منه أَجراها عليه فلا يُغَبِّره الجَفْن هذه عن الهجري والخَشْبُ الشَّحْذُ وسيفٌ خَشِيبٌ مَخْشُوبٌ أَي شَحِيذٌ واخْتَشَبَ السيفَ اتَّخَذَه خَشْباً أَنشد ابن الأَعرابي
ولا فَتْكَ إِلاّ سَعْيُ عَمْرٍو ورَهْطِه ... بما اخْتَشَبُوا مِن مِعْضَدٍ ودَدانِ
ويقال سَيْفٌ مَشْقُوقُ الخَشِيبةِ يقول عُرِّضَ حين طُبِعَ قال ابن مِرْداسٍ
جَمَعْتُ إِلَيْهِ نَثْرَتي ونجِيبَتي ... ورُمْحِي ومَشْقُوقَ الخَشِيبةِ صارِما
والخَشْبةُ البَرْدةُ الأُولى قَبْلَ الصِّقال وأَنشد وفُترةٍ مِنْ أَثْلِ ما تَخَشَّبا أَي مما أَخَذه خَشْباً لا يَتَنَوَّقُ فيه يأْخُذُه مِن ههُنا وههُنا وقال أَبو حنيفة خَشَبَ القَوْسَ يَخْشِبُها خَشْباً عَمِلَها عَمَلَها الأَوّلَ وهي خَشِيبٌ مِنْ قِسِيٍّ خُشُبٍ وخَشائِبَ وقِدْحٌ مَخْشُوبٌ وخَشِيبٌ مَنْحُوتٌ قال أَوْسٌ في صفة خيل
فَخَلْخَلَها طَوْرَين ثم أَفاضَها ... كما أُرْسِلَتْ مَخْشُوبةٌ لم تُقَدَّمِ ( 1 )
( 1 قوله « فخلخلها » كذا في بعض النسخ بخاءين معجمتين وفي شرح القاموس بمهملتين وبمراجعة المحكم يظهر لك الصواب والنسخة التي عندنا منه مخرومة ) ويُروى تُقَوَّمِ أَي تُعَلَّمِ
والخَشِيبُ السَّهْمُ حين يُبْرَى البَرْيَ الأَوَّل وخَشَبْتُ النَّبْلَ خَشْباً إِذا بَرَيْتَها البَرْيَ الأَوّل ولم تَفْرُغْ منها ويقول الرجل للنَّبَّالِ أَفَرَغْتَ مِن سَهْمِي ؟ فيقول قد خَشَبْتُه أَي قد بَرَيْتُه البَرْيَ الأَوَّل ولم أُسَوِّه فإِذا فَرَغَ قال قد خَلَقْتُه أَي لَيَّنْتُه من الصَّفاة الخَلْقاءِ وهي المَلْساءُ وخَشَبَ الشِّعْر يَخْشِبُه خَشْباً أَي يُمِرُّه كما يَجِيئُه ولم يَتَأَنَّقْ فيه ولا تَعَمَّلَ له وهو يَخْشِبُ الكلام والعَمَلَ إِذا لم يُحْكِمْه ولم يُجَوِّدْه والخَشِيبُ الرَّدِيءُ والمُنْتَقَى والخَشِيبُ اليابِسُ عن كراع قال ابن سيده وأُراه قال الخشِيبَ والخَشِيبيَّ وجَبْهَةٌ خَشْباءُ كَرِيهةٌ يابِسةٌ والجَبْهةُ الخَشْباءُ الكَرِيهةُ وهي الخَشِبةُ أَيضاً ورجل أَخْشَبُ الجَبْهةِ وأَنشد
إِمَّا ترَيْني كالوَبِيلِ الأَعْصَلِ ... أَخْشَبَ مَهْزُولاً وإِنْ لم أُهْزَلِ
وأَكمَةٌ خَشْباءُ وأَرْضٌ خَشْباءُ وهي التي كأَنَّ حِجارَتها مَنْثُورةٌ مُتَدانِيةٌ قال رؤْبة بكُلِّ خَشْباءَ وكُلِّ سَفْحِ وقولُ أَبي النَّجْمِ إِذا عَلَوْنَ الأَخْشَبَ المَنْطُوحا يريد كأَنه نُطِحَ والخَشِيبُ الغَلِيظُ الخَشِنُ مَنْ كلّ شيءٍ والخَشيبُ من الرِّجال الطَّوِيلُ الجافي العارِي العِظام مع شِدّة وصَلابة وغِلَظٍ [ ص 354 ] وكذلك هو من الجِمالِ وقد اخْشَوْشَبَ أَي صارَ خَشِباً وهو الخَشِنُ ورَجل خَشِيبٌ عارِي العَظْمِ بادِي العَصَبِ والخَشِيبُ منَ الإِبل الجافي السَّمْجُ المُتَجافي الشاسِئُ الخَلْقِ وجمَلٌ خَشِيبٌ أَي غَلِيظٌ وفي حديث وَفْدِ مَذْحِجَ على حَراجِيجَ كأَنها أَخاشِبُ جمع الأَخْشَبِ والحَراجيجُ جمع حُرْجُوجٍ وهي الناقةُ الطويلةُ وقيل الضَّامِرةُ وقيل الحادَّةُ القَلْبِ وظَلِيمٌ خَشِيبٌ أَي خَشِنٌ وكلُّ شيءٍ غَلِيظٍ خَشِنٍ فهو أَخْشَبُ وخَشِبٌ وتخَشَّبَتِ الإِبلُ إِذا أَكلت اليَبِيسَ من المَرْعَى وعَيْشٌ خَشِبٌ غير مُتَأَنَّقٍ فيه وهو من ذلك واخْشَوْشَبَ في عَيْشِه شَظِفَ وقالوا تمَعْدَدُوا واخْشَوْشِبُوا أَي اصْبِرُوا على جَهْدِ العَيْشِ وقيل تَكَلَّفُوا ذلك ليكون أَجْلَدَ لكم وفي حديث عمر رضي اللّه عنه اخْشَوْشِبُوا وتَمعْدَدُوا قال هو الغِلَظُ وابْتِذالُ النَّفْسِ في العَمَل والاحْتِفاءُ في المَشْيِ ليَغْلُظ الجَسَدُ ويُروى واخْشَوْشِنُوا من العِيشةِ الخَشْناءِ ويقال اخْشَوْشَب الرَّجُل إِذا صارَ صُلْباً خَشِناً في دِينهِ ومَلْبَسِه ومَطْعَمِه وجَمِيعِ أَحْوالِه ويُروى بالجيم والخاءِ المعجمة والنون يقول عِيشُوا عَيْشَ مَعَدٍّ يعني عَيْشَ العَرَبِ الأَوَّل ولا تُعَوِّدُوا أَنْفُسَكم التَّرَفُّه أَو عِيشةَ العَجَمِ فإِنَّ ذلك يَقْعُدُ بكم عن المغازي وجَبَلٌ أَخْشَبُ خَشِنٌ عظيم قال الشاعر يصف البعير ويُشَبِّهه فوقَ النُّوق بالجَبَل تَحْسَبُ فَوْقَ الشَّوْلِ مِنه أَخْشَبا والأَخْشَبُ مِن الجِبال الخَشِنُ الغَلِيظُ ويقال هو الذي لا يُرْتَقَى فيه والأَخْشَبُ من القُفِّ ما غَلُظَ وخَشُنَ وتحَجَّر والجمع أَخاشِبُ لأَنه غَلَبَ عليه الأَسْماءُ وقد قيل في مؤَنَّثه الخَشْباءُ قال كثير عزة
يَنُوءُ فَيَعْدُو مِنْ قَريبٍ إِذا عَدا ... ويَكْمُنُ في خَشْباءَ وَعْثٍ مَقِيلُها
فإِما أَن يكون اسماً كالصَّلْفاءِ وإِما أَن يكون صفة على ما يطرد في باب أَفعل والأَوّل أَجود لقولهم في جمعه الأَخاشِبُ وقيل الخَشْباءُ في قول كثير الغَيْضةُ والأَوّلُ أَعْرَفُ والخُشْبانُ الجِبالُ الخُشْنُ التي ليست بِضِخامٍ ولا صِغارٍ ابن الأَنباري وقَعْنا في خَشْباءَ شَدِيدةٍ وهي أَرضٌ فيها حِجارةٌ وحَصى وطين ويقال وقَعْنا في غضْراءَ وهي الطِّين الخالِصُ الذي يقال له الحُرُّ لخُلُوصِه مِن الرَّمْلِ وغيره والحَصْباءُ الحَصى الذي يُحْصَبُ به والأَخْشَبانِ جَبَلا مَكَّةَ وفي الحديث في ذِكْر مَكَّةَ لا تَزُولُ مَكَّةُ حتى يَزُولَ أَخْشَباها أَخْشَبا مَكَّةَ جَبَلاها وفي الحديث أَن جِبْرِيلَ عليه السلام قال يا محمدُ إِنْ شِئْتَ جَمَعْتُ عَليهم الأَخْشَبَينِ فقال دَعْني أُنْذِرْ قَوْمي صلى اللّه عليه وسلم وجَزاه خَيراً عن رِفْقِه بأُمَّتِه ونُصْحِه لهم وإِشْفاقِه عليهم غيره الأَخْشَبانِ الجَبَلانِ المُطِيفانِ بمكَّةَ وهما أَبو قُبَيْس والأَحْمرُ وهو جبَل مُشْرِفٌ وَجْهُه على قُعَيْقِعانَ [ ص 355 ] والأَخْشَبُ كلُّ جَبَلٍ خَشِنٍ غَلِيظٍ والأَخاشِبُ جِبالُ الصَّمَّان وأَخاشِبُ الصَّمَّانِ جِبال اجْتَمَعْنَ بالصَّمَّانِ في مَحِلّة بني تَمِيم ليس قُرْبَها أَكَمةٌ ولا جَبَلٌ وصُلْبُ الصَّمَّانِ مكانٌ خَشِبٌ أَخْشَبُ غَلِيظٌ وكلُّ خَشِنٍ أَخْشَبُ وخَشِبٌ والخَشْبُ الخَلْطُ والانْتِقاءُ وهو ضِدٌّ خَشَبَه يَخْشِبُه خَشْباً فهو خَشِيبٌ ومَخْشُوبٌ أَبو عبيد المَخْشُوب المَخْلوط في نَسَبِه قال الأَعشى يصف فرساً
قافِلٍ جُرْشُعٍ تراه كَيَبْس الرَّ ... بْل لا مُقْرِفٍ ولا مَخْشُوبِ
قال ابن بري أَورد الجوهري عجز هذا البيت لا مقرفٌ ولا مَخْشُوبُ قال وصوابه لا مُقْرِفٍ ولا مَخْشُوبِ بالخفض وبعده
تِلْكَ خَيْلي منه وتِلكَ رِكابي ... هُنَّ صُفْرٌ أَولادُها كالزَّبيبِ
قال ابن خالويه المَخْشُوب الذي لم يُرَضْ ولم يُحَسَّنْ تَعْلِيمه مُشَبَّهٌ بالجَفْنةِ المَخْشُوبة وهي التي لم تُحْكَمْ صَنْعَتُها قال ولم يَصِفِ الفَرَسَ أَحَدٌ بالمَخْشُوبِ إِلاَّ الأَعْشَى ومعنى قافِل ضامِرٌ وجُرْشُعٌ مُنْتَفِخُ الجَنْبَينِ والرَّبْلُ ما تَرَبَّلَ من النَّباتِ في القَيظ وخرج من تحت اليَبيسِ مِنه نباتٌ أَخضَر والمُقْرِفُ الذي دانَى الهُجْنةَ مِنْ قِبَلِ أَبيهِ وخَشَبْتُ الشيءَ بالشيءِ خَلَطْتُه به وطعامٌ مَخْشُوبٌ إِذا كان حَبّاً فهو مُفَلَّقٌ قَفارٌ وإِن كان لحماً فَنيءٌ لم يَنْضَجْ ورجل قَشِبٌ خَشِبٌ لا خَيرَ عنده وخَشِبٌ إِتْباعٌ له الليث الخَشَبِيَّةُ قومٌ مِنَ الجَهْمِيَّةِ ( 1 )
( 1 قوله « الجهمية » ضبط في التكملة بفتح فسكون وهو قياس النسب إِلى جهم بفتح فسكون أيضاً ومعلوم أن ضبط التكملة لا يعدل به ضبط سواها ) يَقُولون إِنَّ اللّه لا يتَكَلَّم ويقُولون القرآنُ مَخْلُوقٌ والخِشابُ بُطُونٌ مِن تَمِيمٍ قال جرير
أَثَعْلَبَةَ الفوارِسِ أَم رِياحاً ... عَدَلْتَ بهم طُهَيَّةَ والخِشابا ؟
ويُروى أَو رَباحاً وبنو رِزامِ بن مالكِ بن حَنْظَلَة يقال لهم الخِشابُ واستشهد الجوهري ببيت جرير هذا على بني رِزامٍ وخُشْبانُ اسم وخُشْبانُ لَقَبٌ وذُو خَشَبٍ موضِع قال الطِّرِمَّاحُ
أَو كالفَتى حاتِمٍ إِذْ قالَ ما ملَكَتْ ... كَفَّايَ للنَّاسِ نُهْبَى يومَ ذي خَشَبِ
وفي الحديث ذكر خُشُبٍ بضمتين وهو وادٍ على مَسِيرةِ لَيْلة من المَدينةِ له ذِكرٌ كَثيرٌ في الحديث والمغازي ويقال له ذُو خُشُبٍ

( خصب ) الخِصْبُ نَقِيضُ الجَدْبِ وهو كَثرةُ العُشْبِ ورفَاغةُ العَيْشِ قال الليث والإِخصابُ والاختِصابُ من ذلك قال أَبو حنيفة والكَمْأَةُ من الخِصْب والجَرادُ من الخِصْبِ وإِنما يُعَدُّ خِصْباً إِذا وقع إِليهم وقد جَفَّ العُشْبُ وأَمِنُوا مَعَرَّتَه وقد خَصَبَتِ الأَرضُ وخَصِبَتْ خِصْباً فهي خَصِبةٌ وأَخْصَبَتْ [ ص 356 ] إِخصاباً وقولُ الشاعر أَنشده سيبويه
لقد خَشِيتُ أَنْ أَرَى جَدَبَّا ... في عامِنا ذا بَعْدَما أَخْصَبَّا
فرواه هنا بفتح الهمزة هو كأَكْرَمَ وأَحسَنَ إِلاَّ أَنه قد يُلْحَقُ في الوَقْفِ الحَرْفُ حَرْفاً آخر مثلَه فيشدَّد حِرْصاً على البيانِ لِيُعْلَم أَنه في الوَصْل مُتَحَرِّك من حيث كان الساكِنانِ لا يَلْتَقِيانِ في الوَصْل فكان سبيلُه إِذا أَطْلَق الباء أَن لا يُثَقِّلَها ولكنه لما كان الوقفُ في غالِب الأَمر إِنما هو عى الباءِ لم يَحْفِل بالأَلف التي زِيدَتْ عليها إِذ كانت غيرَ لازمةٍ فثَقَّل الحَرْفَ على من قال هذا خالدّْ وفَرَجّْ ويجْعَلّْ فلما لم يكن الضم لازماً لأَن النصب والجرّ يُزِيلانِه لم يُبالوا به قال ابن جني وحدثنا أَبو علي أَن أَبا الحسن رواه أَيضاً بعدما إِخْصَبَّا بكسر الهمزة وقطَعها ضرورةً وأَجراه مُجْرَى اخْضَرَّ وازْرَقَّ وغيرِه منَ افْعَلَّ وهذا لا يُنْكَر وإِن كانت افْعَلَّ للأَلوانِ أَلا تراهم قد قالوا اصْوابَّ وامْلاسَّ وارْعَوَى واقْتَوَى ؟ وأَنشدَنا لِيَزيد بن الحَكَمِ
تَبَدَّلْ خَلِيلاً بي كَشَكْلِكَ شَكْلُهُ ... فَإِني خَلِيلاً صالحاً بكَ مُقْتَوِي
فمِثالُ مُقْتَوِي مُفْعَلٌّ مِنَ القَتْوِ وهو الخِدْمةُ وليس مُقْتَوٍ بمُفْتَعِلٍ مِن القُوَّةِ ولا مِن القَواءِ والقِيِّ ومنه قول عَمْرو بن كُلْثُوم متى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا ؟ ورواه أَبو زيد أَيضاً مَقْتَوَيْنا بفتح الواو ومكانٌ مُخصِبٌ وخَصيبٌ وأَرض خِصْبٌ وأَرَضُون خِصْبٌ والجمعُ كالواحد وقد قالوا أَرَضُون خِصْبةٌ بالكسر وخَصْبةٌ بالفتح فَإِما أَن يكون خَصْبةٌ مصدراً وُصِفَ به وإِما أَن يكون مخففاً من خَصِبةٍ وقد قالوا أَخصابٌ عن ابن الأَعرابي يقال بَلَدٌ خِصْبٌ وبَلَدٌ أَخْصابٌ كما قالوا بَلدٌ سَبْسَبٌ وبلدٌ سَباسِبٌ ورُمْح أَقصادٌ وثوب أَسْمالٌ وأَخْلاقٌ وبُرْمةٌ أَعْشارٌ فيكون الواحد يُراد به الجمعُ كأَنَّهم جعلوه أَجْزاء وقال أَبو حنيفة أَخْصَبَتِ الأَرضُ خِصْباً وإِخصاباً قال وهذا ليس بِشيءٍ لأَنّ خِصْباً فعْلٌ وأَخْصَبَتْ أَفْعَلَتْ وفِعلٌ لا يكون مصدراً لأَفْعَلَتْ وحكى أَبو حنيفة أَرض خَصِيبةٌ وخَصِبٌ وقد أَخْصَبَتْ وخَصِبَتْ قال أَبو حنيفة الأَخيرة عن أَبي عبيدة وعيشٌ خَصِبٌ مُخصِبٌ وأَخْصَبَ القومُ نالوا الخِصْبَ وصاروا إِليه وأَخْصَب جَنابُ القوم وهو ما حولهم وفلان خَصِيبُ الجنابِ أَي خَصِيبُ الناحِيةِ والرجلُ إِذا كان كَثِيرَ خَيرِ المنزِلِ يقال إِنه خَصِيبُ الرَّحْل وأَرضٌ مِخْصابٌ لا تكاد تُجْدِبُ كما قالوا في ضدّها مِجْدابٌ ورجل خَصِيبٌ بَيِّنُ الخِصْبِ رَحْبُ الجَنابِ كَثيرُ الخَير ومَكانٌ خَصِيبٌ مِثْلُه وقال لبيد هَبَطَا تَبالةَ مُخْصِباً أَهْضامُها والمُخْصِبةُ الأَرضُ المُكْلِئَةُ والقومُ أَيضاً مُخْصِبُون إِذا كثر طَعامُهم ولَبَنُهُم وأَمْرَعَتْ بِلادُهم [ ص 357 ] وأَخْصَبتِ الشاءُ إِذا أَصابَتْ خِصْباً وأَخْصَبَتِ العِضاهُ إِذا جَرَى الماءُ في عِيدانِها حتى يَصِلَ بالعُرُوقِ التهذيب الليث إِذا جَرَى الماءُ في عُود العِضاهِ حتى يَصِلَ بالعُروق قيل قد أَخْصَبَتْ وهو الإِخْصابُ قال الأَزهري هذا تصحيف مُنكر وصوابه الإِخْضابُ بالضاد المعجمة يقال خَضَبَتِ العِضاهُ وأَخْضَبَتْ الليث الخَصْبةُ بالفتح الطَّلْعة في لغة وقيل هي النَّخْلة الكثِيرة الحَمْلِ في لغة وقيل هي نَخْلة الدَّقَلِ نَجْدِيَّةٌ والجمع خَصْبٌ وخِصابٌ قال الأَعشى
وكلِّ كُمَيْتٍ كَجذْعِ الخِصا ... ب يُرْدي على سَلِطاتٍ لُثُمْ
وقال بشر بن أَبي خازم
كأَنَّ عَلى أَنْسائِها عِذْقَ خَصْبةٍ ... تَدَلَّى من الكافُورِ غيرَ مُكَمَّمِ
أَي غير مَسْتُور قال الأَزهري أَخطأَ الليث في تفسير الخَصْبةِ والخِصابُ عند أَهْلِ البَحْرَينِ الدَّقَلُ الواحدةُ خَصْبةٌ والعرب تَقُول الغَداء لا يُنْفَجُ إِلا بالخِصابِ لكثرة حَمْلِها إِلا أَنَّ تَمْرها رَديءٌ وما قال أَحدٌ إِنَّ الطَّلْعةَ يقال لها الخَصْبة ومن قاله فقد أَخْطأَ وفي حديث وَفْدِ عبدِالقَيسِ فأَقْبَلْنا مِن وِفادَتِنا وإِنما كانت عندَنا خَصْبةٌ نَعْلِفُها إِبِلَنا وحمِيرَنا الخَصْبةُ الدَّقَلُ وجمعها خِصابٌ وقيل هي النخلة الكثيرة الحَمْل والخُصْبُ الجانِبُ عن كراع والجمع أَخْصابٌ والخِصْبُ حَيَّةٌ بيضاء تكون في الجَبَلِ قال الأَزهري وهذا تصحيف وصوابه الحِضْبُ بالحاءِ والضاد قال وهذه الحروف وما شاكلها أُراها منقولة من صُحُفٍ سَقيمة إِلى كتابِ الليث وزِيدَت فيه ومَن نَقَلَها لم يَعْرف العربية فصَحَّفَ وغيَّر فأَكْثر والخَصِيبُ لَقَبُ رَجُل من العرب

( خضب ) الخِضابُ ما يُخْضَبُ به مِن حِنَّاءٍ وكَتَمٍ ونحوه وفي الصحاحِ الخِضابُ ما يُخْتَضَبُ به واخْتَضَب بالحنَّاءِ ونحوه وخَضَبَ الشيءَ يَخْضِبُه خَضْباً وخَضَّبَه غيَّر لوْنَه بحُمْرَةٍ أَو صُفْرةٍ أَو غيرِهما قال الأَعشى
أَرَى رَجُلاً منكم أَسِيفاً كأَنما ... يَضُمُّ إِلى كَشْحَيْهِ كفّاً مُخَضَّبا
ذَكَّر على إِرادة العُضْوِ أَو على قوله
فلا مُزْنةٌ ودَقَتْ وَدْقَها ... ولا أَرضَ أَبْقَلَ إِبْقالَها
ويجوز أن يكون صفةً لرجلٍ أَو حالاً من المضْمَر في يَضُمُّ أَو المخفوضِ في كَشْحَيْهِ وخَضَبَ الرَّجلُ شَيْبَه بالحِنّاءِ يَخْضِبُه والخِضِابُ الاسم قال السهيلي عبدُالمطَّلب أَوّلُ مَن خَضَبَ بالسَّوادِ من العرب ويقال اخْتَضَبَ الرَّجلُ واخْتَضَبَتِ المرأَةُ من غير ذكر الشَّعَرِ وكلُّ ما غُيِّرَ لَوْنهُ فهو مَخْضُوبٌ وخَضِيبٌ وكذلك الأُنثى يقال كَفٌّ خَضِيبٌ وامرأَةٌ [ ص 358 ] خَضِيبٌ الأَخيرة عن اللِّحْياني والجمع خُضُبٌ التهذيب كلُّ لوْنٍ غَيَّر لوْنَه حُمْرةٌ فهو مَخْضُوبٌ وفي الحَديث بَكَى حتى خضَبَ دَمْعُه الحَصى قال ابن الأَثير أَي بَلَّها مِن طَريقِ الاسْتِعارةِ قال والأَشْبَهُ أَن يكون أَراد المُبالغةَ في البُكاءِ حتى احْمَرَّ دمعهُ فَخَضَبَ الحَصى والكَفُّ الخَضِيبُ نَجْمٌ على التَّشْبِيه بذلك وقد اخْتَضَبَ بالحِنَّاءِ ونحوه وتَخَضَّبَ واسْمُ ما يُخْضَبُ به الخِضابُ والخُضَبةُ مثال الهُمَزةِ المرأَةُ الكثيرةُ الاخْتِضابِ وبنانٌ خَضيبٌ مُخَضَّبٌ شُدِّد للمبالغةِ الليث والخاضِبُ مِنَ النَّعامِ غيره والخاضِبُ الظَّلِيمُ الذي اغْتَلَمَ فاحْمَرَّتْ ساقاهُ وقيل هو الذي قد أَكلَ الرَّبِيعَ فاحْمَرَّ ظُنْبُوباهُ أَو اصْفَرَّا أَو اخْضَرَّا قال أَبو دُواد
له ساقا ظَلِيمٍ خا ... ضِبٍ فُوجئَ بالرُّعْبِ
وجمعه خَواضِبُ وقيل الخاضِبُ مِن النَّعامِ الذي أَكلَ الخُضْرةَ قال أَبو حنيفة أَمّا الخاضِبُ مِن النَّعامِ فيكون مِن أَنّ الأَنوارَ تَصْبُغُ أَطْرافَ رِيشِه ويكون مِنْ أَنّ وَظِيفَيْهِ يحْمَرَّانِ في الرَّبيعِ مِن غير خَضْبٍ شيءٍ وهو عارِضٌ يَعْرِضُ للنَّعامِ فتحْمَرُّ أَوْظِفَتُها وقد قيل في ذلك أَقوالٌ فقال بعضُ الأَعراب أَحْسِبُه أَبا خَيْرةَ إِذا كان الرَّبِيعُ فأَكلَ الأَساريعَ احْمَرَّت رِجلاه ومِنقارُه احْمِرارَ العُصْفُر قال فلو كان هذا هكذا كان ما لم يأْكل منها الأَساريعَ لا يَعْرِضُ له ذلك وقد زعم رِجالٌ مِن أَهْلِ العلم أَنّ البُسْرَ إِذا بدَأَ يَحْمَرُّ بَدأَ وَظِيفا الظَّلِيمِ يَحْمَرَّانِ فإِذا انْتَهَت حُمرةُ البُسْرِ انْتَهَتْ حُمْرَة وَظِيفَيْه فهذا على هذا غَريزةٌ فيه وليس من أَكل الأَسارِيعِ قال ولا أَعْرِف النَّعام يأْكل من الأَسارِيعِ وقد حُكي عن أَبي الدُّقَيْشِ الأَعرابي أَنه قال الخاضِبُ مِنَ النّعامِ إِذا اغْتَلَمَ في الرَّبيع اخضرَّتْ ساقاهُ خاص بالذكر والظَّلِيمُ إِذا اغْتَلمَ احْمَرَّتْ عُنُقُه وصَدْرُه وفَخِذاه الجِلْدُ لا الرِّيشُ حُمرةً شديدةً ولا يَعْرِضُ ذلك للأُنثى ولا يقال ذلك إِلاّ للظَّلِيمِ دون النَّعامةِ قال وليس ما قيل مِن أَكله الأَسارِيعَ بشيءٍ لأَنَّ ذلك يعرض للدَّاجِنةِ في البُيوت التي لا تَرى اليَسْرُوعَ بَتَّةً ولا يَعْرض ذلك لإِناثِها قال وليس هو عند الأَصمعي إِلاّ مِنْ خَضْبِ النَّوْرِ ولو كان كذلك لكان أَيضاً يَصْفَرُّ ويَخْضَرُّ ويكون على قدر أَلوان النَّوْر والبَقْل وكانتِ الخُضْرةُ تكون أَكثرَ لأَن البقْلَ أَكثرُ مِن النَّورِ أَوَلا تراهم حين وصَفُوا الخَواضِبَ مِن الوَحْشِ وَصَفُوها بالخُضرة أَكثر ما وَصَفُوا ومِن أَيِّ ما كان فإِنه يقال له الخاضِبُ مِن أَجْل الحُمرة التي تَعْترِي ساقَيْهِ والخاضِبُ وَصْفٌ له عَلَمٌ يُعرَفُ به فإِذا قالوا خاضِبٌ عُلِمَ أَنه إِيّاه يريدُون قال ذو الرمة
أَذاكَ أَم خاضِبٌ بالسِّيِّ مَرْتَعُه ... أَبو ثَلاثين أَمْسَى وهو مُنْقَلِبُ ؟
فقال أَم خاضِبٌ كما أَنه لو قال أَذاكَ أَمْ ظَلِيمٌ كان سواءً هذا كلُّه قول أَبي حنيفة قال وقد [ ص 359 ] وَهِمَ في قوله بَتَّةً لأَنّ سيبويه إِنما حكاه بالأَلف واللام لا غيرُ ولم يُجز سُقوط الأَلف واللام منه سَماعاً من العرب وقوله وَصْفٌ له عَلم لا يكون الوَصْفُ عَلماً إِنما أَراد أَنه وَصْفٌ قد غَلَبَ حتى صار بمنزلة الاسْم العَلمِ كما تقول الحرث والعباس أَبو سعيد سُمِّيَ الظَّلِيمُ خاضِباً لأَنه يَحْمَرُّ مِنقارُه وساقاهُ إِذا ترَبَّع وهو في الصَّيْفِ يَفْرَعُ ( 1 )
( 1 قوله « يفرع إلخ » هكذا في الأصل والتهذيب ولعله يقزع ) ويَبْيَضُّ ساقاهُ ويقال للثور الوحشي خاضِبٌ إِذا اخْتَضَبَ بالحنَّاءِ ( 2 )
( 2 قوله « ويقال للثور الوحشي خاضب إِذا اختضب بالحناء إلخ » هكذا في أصل اللسان بيدنا ولعل فيه سقطاً والأصل ويقال للرجل خاضب إِذا اختضب بالحناء ) وإِذا كان بغير الحِنَّاء قيل صَبَغَ شَعَره ولا يقال خَضَبَه وخَضَبَ الشجَرُ يَخْضِبُ خُضُوباً وخَضِبَ وخُضِبَ واخْضَوْضَبَ اخْضَرَّ وخَضَبَ النَّخْلُ خَضْباً اخْضَرَّ طَلْعُه واسمُ تلك الخُضْرَة الخَضْبُ والجمع خُضُوبٌ قال حميد بن ثور
فَلَمَّا غَدَتْ قَدْ قَلَّصَتْ غَيرَ حِشْوةٍ ... مِنَ الجَوْفِ فيه عُلَّفٌ وخُضُوبُ
وفي الصحاح مع الجوف فيها عُلَّف وخضوب وخَضَبَتِ الأَرضُ خَضْباً طَلَعَ نَباتُها واخْضَرَّ وخَضَبَتِ الأَرضُ اخْضَرَّتْ والعرب تقول أَخْضَبَتِ الأَرضُ إِخْضاباً إِذا ظَهَرَ نَبْتُها وخَضَبَ العُرْفُطُ والسَّمُرُ سَقَطَ ورَقُه فاحْمَرَّ واصْفَرَّ ابن الأَعرابي يقال خَضَبَ العَرْفَجُ وأَدْبى إِذا أَورَقَ وخَلَعَ العِضَاه قال وأَوْرَسَ الرِّمْثُ وأَحْنَطَ وأَرْشَمَ الشَّجَرُ وأَرْمَشَ إِذا أَوْرَقَ وأَجْدَرَ الشَّجَرُ وجَدَّرَ إِذا أَخْرَجَ وَرَقَه كأَنه حِمَّصٌ والخَضْبُ الجَديدُ من النَّباتِ يُصيبه المَطَرُ فيَخْضَرُّ وقيل الخَضْبُ ما يَظْهر في الشَّجَر من خُضْرة عند ابتداءِ الإِيراقِ وجمعه خُضُوبٌ وقيل كلُّ بَهِيمةٍ أَكَلَتْه فهي خاضِبٌ وخَضَبَتِ العِضاهُ وأَخْضَبَتْ والخَضُوبُ النَّبْتُ الذي يُصِيبُه المطر فيَخْضِبُ ما يَخْرجُ مِنَ البَطْنِ وخُضُوب القَتادِ أَنْ تخْرُجَ فيه وُرَيْقةٌ عند الرَّبِيعِ وتُمِدَّ عِيدانه وذلك في أَوَّل نَبْتِه وكذلك العُرْفُطُ والعَوْسَجُ ولا يكون الخُضُوب في شيءٍ من أَنواع العِضاهِ غَيرِها والمِخْضَبُ بالكسر شِبهُ الإِجّانةِ يُغْسَلُ فيها الثِّيابُ والمِخْضَبُ المِرْكَنُ ومنه الحديث أَنه قال في مَرضه الذي ماتَ فيه أَجْلِسُوني في مِخضَبٍ فاغْسِلُوني

( خضرب ) الخَضْرَبةُ اضْطِرابُ الماءِ وماءٌ خُضارِبٌ يَموجُ بعضُه في بَعْض ولا يكون ذلك إِلاّ في غَديرٍ أَو وادٍ قال أَبو الهيثم رَجُل مُخَضْرَبٌ إِذا كان فَصِيحاً بَليغاً مُتَفَنِّناً وأَنشد لطرفة
وكائِنْ تَرَى مِنْ أَلْمَعِيٍّ مُخَضْرَبٍ ... وليسَ لَه عِندَ العَزائمِ جُولُ
قال أَبو منصور كذا أَنشده بالخاءِ والضاد ورواه ابن السكيت مِن يَلْمَعيٍّ مُحَظْرَبٍ بالحاءِ والظاءِ وقد تقدم [ ص 360 ]

( خضعب ) الخَضْعَبُ الضَّخْمُ ( 1 )
( 1 قوله « الخضعب الضخم » كذا في النسخ وشرح القاموس والذي في نسخة المحكم التي بأيدينا والخعضب بتقديم العين على الضاد ولكن لم يفرد المجد لخعضب مادة فراجع نسخ المحكم ) الشديدُ والخَضْعَبةُ المرأَةُ السَّمِينةُ والخَضْعَبةُ الضَّعِيفُ وتخَضْعَبَ أَمرُهُم اخْتَلَطَ وضَعُفَ

( خضلب ) تَخَضْلَبَ أَمْرُهم ضَعُفَ كتَخَضْعَبَ

( خطب ) الخَطْبُ الشَّأْنُ أَو الأَمْرُ صَغُر أَو عَظُم وقيل هو سَبَبُ الأَمْر يقال ما خَطْبُك ؟ أَي ما أَمرُكَ ؟ وتقول هذا خَطْبٌ جليلٌ وخَطْبٌ يَسير والخَطْبُ الأمر الذي تَقَع فيه المخاطَبة والشأْنُ والحالُ ومنه قولهم جَلَّ الخَطْبُ أَي عَظُم الأَمرُ والشأْن وفي حديث عمر وقد أَفْطَروا في يومِ غيمٍ من رمضان فقال الخَطْبُ يَسيرٌ وفي التنزيل العزيز قال فما خَطْبُكُم أَيُّها المُرسْلون ؟ وجمعه خُطُوبٌ فأَما قول الأَخطل
كَلَمْعِ أَيْدي مَثاكِيلٍ مُسَلَّبةٍ ... يَنْدُبْنَ ضَرْسَ بَناتِ الدّهْرِ والخُطُبِ
إِنما أَراد الخُطوبَ فحذفَ تخفيفاً وقد يكونُ من باب رَهْنٍ ورُهُنٍ وخَطَب المرأَةَ يَخْطُبها خَطْباً وخِطْبة بالكسر الأَوَّل عن اللحياني وخِطِّيبَى وقال الليث الخِطِّيبَى اسمٌ قال عديُّ بن زيد يذكر قَصْدَ جَذِيمة الأَبرَشِ لخِطْبةِ الزَّبَّاءِ
لخِطِّيبَى التي غَدَرَتْ وخانَتْ ... وهنّ ذَواتُ غائلةٍ لُحِينا
قال أَبو منصور وهذا خطاٌ مَحْضٌ وخِطِّيبَى ههنا مصدرٌ كالخِطْبَةِ هكذا قال أَبو عبيد والمعنى لخِطْبةِ زَبَّاءَ وهي امرأَةٌ غَدَرَت بجَذِيمة الأَبْرَشِ حين خَطَبَها فأَجابَتْه وخاستْ بالعهد فقَتَلَتْه وجَمعُ الخاطب خُطَّاب الجوهري والخَطيبُ الخاطِبُ والخِطِّيبَى الخُطْبة وأَنشد بيتَ عَدِيّ بن زيد وخَطَبَها واخْتَطَبَها عليه والخِطْبُ الذي يَخْطُب المرأَةَ وهي خِطْبُه التي يَخْطُبُها والجمع أَخطابٌ وكذلك خِطْبَتُه وخُطْبَتُه الضمّ عن كُراع وخِطِّيباهُ وخِطِّيبَتُه وهو خِطْبُها والجمعُ كالجمع وكذلك هو خِطِّيبُها والجمع خِطِّيبون ولا يُكَسَّر والخِطْبُ المرأَةُ المَخطوبة كما يقال ذِبْح للمذبوحِ وقد خَطَبها خَطْباً كما يقال ذَبَحَ ذَبْحاً الفرَّاءُ في قوله تعالى من خِطْبة النساءِ الخِطْبة مصدر بمنزلة الخَطْبِ وهو بمنزلة قولك إِنه لحَسَن القِعْدة والجِلْسةِ والعرب تقول فلان خِطْبُ فُلانة إِذا كان يَخْطُبها ويقُول الخاطِبُ خِطْبٌ فيقول المَخْطُوب إِليهم نِكْحٌ وهي كلمة كانتِ العرب تَتزَوَّجُ بها وكانت امرأَةٌ من العرب يقال لها أُمُّ خارجِةَ يُضْرَبُ بها المَثَل فيقال أَسْرَعُ من نِكاحِ أُمِّ خارجة وكان الخاطِب يقوم على باب خِبائِها فيقول خِطْبٌ فتقول نِكْحٌ وخُطْبٌ فيقال نُكْحٌ ورجلٌ خَطَّابٌ كثير التَّصَرُّفِ في الخِطْبةِ قال بَرَّحَ بالعَيْنَينِ خَطَّابُ الكُثَبْ يقولُ إِني خاطِبٌ وقد كذَبْ وإِنما يخْطُبُ عُسًّا من حَلَبْ [ ص 361 ] واخْتَطَب القومُ فُلاناً إِذا دَعَوْه إِلى تَزْويجِ صاحبَتهِم قال أَبو زيد إِذا دَعا أَهلُ المرأَة الرجلَ إِليها ليَخْطُبَها فقد اخْتَطَبوا اختطاباً قال وإِذا أَرادوا تَنْفيق أَيِّمِهم كذَبوا على رجلٍ فقالوا قد خَطَبها فرَدَدْناه فإِذا رَدَّ عنه قَوْمُه قالوا كَذبْتُم لقد اخْتَطَبْتُموه فما خَطَب إِليكم وقوله في الحديث نَهَى أَن يَخْطُبَ الرجلُ على خِطْبةِ أَخيهِ قال هو أَن يخْطُب الرجلُ المرأَةَ فَترْكَنَ إِليه ويَتَّفِقا على صَداقٍ معلومٍ ويَترَاضَيا ولم يَبْقَ إِلاّ العَقْد فأَما إِذا لم يتَّفِقَا ويَترَاضَيا ولم يَرْكَنْ أَحَدُهما إِلى الآخر فلا يُمنَع من خِطْبَتِها وهو خارج عن النَّهْي وفي الحديث إِنَّه لحَرِيٌّ إِنْ خَطَبَ أَنْ يُخَطَّبَ أَي يجابَ إِلى خِطْبَتِه يقال خَطَب فلانٌ إِلى فلانٍ فَخَطَّبَه وأَخْطَبَه أَي أَجابَه الخِطابُ والمُخاطَبَة مُراجَعَة الكَلامِ وقد خاطَبَه بالكَلامِ مُخاطَبَةً وخِطاباً وهُما يَتخاطَبانِ الليث والخُطْبَة مَصْدَرُ الخَطِيبِ وخَطَب الخاطِبُ على المِنْبَر واخْتَطَب يَخْطُبُ خَطابَةً واسمُ الكلامِ الخُطْبَة قال أَبو منصور والذي قال الليث إِنَّ الخُطْبَة مَصْدَرُ الخَطِيبِ لا يَجوزُ إِلاَّ عَلى وَجْهٍ واحدٍ وهو أَنَّ الخُطْبَة اسمٌ للكلام الذي يَتَكَلَّمُ به الخَطِيب فيُوضَعُ موضِعَ المَصْدر الجوهري خَطَبْتُ على المِنْبَرِ خُطْبةً بالضم وخَطَبْتُ المرأَةَ خِطْبةً بالكَسْرِ واخْتَطَبَ فيهما قال ثعْلب خَطَب على القوْم خُطْبةً فَجَعَلَها مصدراً قال ابن سيده ولا أَدْرِي كيف ذلك إِلاَّ أَن يكونَ وَضَعَ الاسْمَ مَوْضِعَ المَصْدر وذهب أَبو إِسْحق إِلى أَنَّ الخُطْبَة عندَ العَرَب الكلامُ المَنْثُورُ المُسَجَّع ونحوُه التهذيب والخُطْبَة مثلُ الرِّسَالَةِ التي لَها أَوّلٌ وآخِرٌ قال وسمعتُ بعضَ العَرَب يقولُ اللهم ارْفَعْ عَنَّا هذه الضُّغْطة كأَنه ذَهَب إِلى أَنَّ لها مُدَّة وغايةً أَوّلاً وآخراً ولو أَراد مَرَّة لَقال ضَغْطَة ولو أَرادَ الفعلَ لَقالَ الضِّغْطَة مثلَ المِشْيَةِ قال وسمعتُ آخَرَ يقولُ اللهم غَلَبَني فُلانٌ على قُطْعةٍ من الأَرض يريدُ أَرضاً مَفْرُوزة ورَجُلٌ خَطِيبٌ حَسَن الخُطْبَة وجَمْع الخَطِيب خُطَباءُ وخَطُبَ بالضم خَطابَةً بالفَتْح صار خَطِيباً وفي حديث الحَجّاج أَمِنْ أَهْلِ المَحاشِد والمَخاطِبِ ؟ أَراد بالمَخَاطب الخُطَبَ جمعٌ على غيرِ قياسٍ كالمَشَابِهِ والمَلامِحِ وقيل هو جَمْع مَخْطَبة والمَخْطَبة الخُطْبَة والمُخاطَبَة مُفاعَلَة من الخِطاب والمُشاوَرَة أَراد أَنْتَ من الذينَ يَخْطُبون الناسَ ويَحُثُّونَهُم على الخُروجِ والاجْتِمَاعِ لِلْفِتَنِ التهذيب قال بعض المفسرين في قوله تعالى وفَصْلَ الخِطابِ قال هو أَن يَحْكُم بالبَيِّنة أَو اليَمِين وقيل معناه أَن يَفْصِلَ بينَ الحَقِّ والبَاطِل ويُمَيِّزَ بيْن الحُكْمِ وضِدِّهِ وقيلَ فصلُ الخِطَاب أَمّا بَعْدُ وداودُ عليه السلام أَوَّلُ من قال أَمَّا بَعْدُ وقيل فَصلُ الخِطاب الفِقْهُ في القَضَاءِ وقال أَبو العباس معنى أَمَّا بعدُ أَمَّا بَعْدَ ما مَضَى من الكَلامِ فهو كذا وكذا والخُطْبَةُ لَوْنٌ يَضْرِب إِلى الكُدْرَةِ مُشْرَبٌ [ ص 362 ] حُمْرةً في صُفْرةٍ كَلَوْنِ الحَنْظَلَة الخَطْبَاءِ قبلَ أَن تَيْبَسَ وكَلَوْنِ بَعضِ حُمُرِ الوَحْشِ والخُطْبَةُ الخُضْرَةُ وقيل غُبْرَة تَرْهَقُها خُضْرَة والفعلُ من كلِّ ذلك خَطِبَ خَطَباً وهو أَخْطَب وقيلَ الأَخْطَبُ الأَخْضَرُ يُخالِطُه سَوَادٌ وأَخْطَبَ الحَنْظَل اصْفَرَّ أَي صَار خُطْبَاناً وهو أَن يَصْفَرَّ وتصير فيه خُطوطٌ خُضْرٌ وحَنْطَلةٌ خَطْباءُ صفراءُ فيها خُطوطٌ خُضْرٌ وهي الخُطْبانةُ وجمعها خُطْبانٌ وخِطْبانٌ الأَخيرة نادرة وقد أَخْطَبَ الحَنْظَل وكذلك الحِنْطة إِذا لَوَّنَتْ والخُطْبانُ نِبْتةٌ في آخرِ الحشِيشِ كأَنها الهِلْيَوْنُ أَوأَذْناب الحَيَّاتِ أَطْرافُها رِقَاقٌ تُشْبه البَنَفْسَج أَو هو أَشدُّ منه سَواداً وما دون ذلك أَخْضَرُ وما دون ذلك إِلى أُصُولِها أَبيضُ وهي شديدةُ المَرارةِ وأَوْرَقُ خُطْبانِيٌّ بالَغُوا به كما قالوا أَرْمَكُ رادِنِيٌّ والأَخْطَبُ الشِّقِرَّاقُ وقيل الصُّرَدُ لأَنّ فيهما سَواداً وبَياضاً وينشد
ولا أَنْثَنِي مِن طِيرَةٍ عن مَرِيرَةٍ ... إِذا الأَخْطَبُ الداعِي على الدَّوْحِ صَرْصَرَا
ورأَيت في نسخةٍ من الصحاح حاشيةً الشِّقِرّاقُ بالفارسِيَّة كأَسْكِينَهْ وقد قالوا للصَّقْرِ أَخْطَبُ قال ساعِدَةُ بنُ جُؤَيَّة الهذلي
ومِنَّا حَبِيبُ العَقْرِ حينَ يَلُفُّهم ... كما لَفَّ صِرْدانَ الصَّريمةِ أَخْطَبُ
وقيل لليَدِ عند نُضُوِّ سوادها من الحِنَّاءِ خَطْباءُ ويقال ذلك في الشَّعَرِ أَيضاً والأَخْطَب الحِمارُ تَعْلُوه خُضْرَة أَبو عبيد من حُمُرِ الوَحْشِ الخَطْباءُ وهي الأَتانُ التي لها خَطٌّ أَسودُ على مَتْنِها والذكَر أَخْطَبُ وناقةٌ خَطْباءُ بَيِّنة الخَطَبِ قال الزَّفَيانُ
وصاحِبِي ذاتُ هِبابٍ دَمْشَقُ ... خَطْباءُ وَرْقاءُ السَّراةِ عَوْهَقُ
وأَخْطَبانُ اسم طائرٍ سُمِّي بذلك لِخُطْبةٍ في جَناحَيْه وهي الخُضْرَة ويدٌ خَطْباءُ نَصَل سَوادُ خِضابِها من الحِنّاءِ قال
أَذَكرْت مَيَّةَ إِذْ لَها إِتْبُ ... وجَدائِلٌ وأَنامِلٌ خُطْبُ
وقد يقال في الشَّعَر والشَّفَتَيْن وأَخْطَبَكَ الصَّيْدُ أَمْكَنَكَ ودَنا منكَ ويقال أَخْطَبَكَ الصَّيْدُ فارْمِه أَي أَمْكَنَكَ فهو مُخْطِبٌ والخَطَّابِيَّة من الرافِضةِ يُنْسَبون إِلى أَبي الخَطَّابِ وكان يَأْمُر أَصحابَه أَن يَشهدوا على مَنْ خالَفَهم بالزُّورِ

( خطرب ) الخَطْرَبةُ الضِّيقُ في المَعاشِ وخُطْرُبٌ وخُطَارِبٌ المُتَقَوِّلُ بما لم يكن جاءَ وقد تَخَطْرَبَ

( خطلب ) تَرَكْتُ القوم في خَطْلَبةٍ أَي اخْتِلاطٍ والخَطْلَبة كثرةُ الكلامِ واختِلاطُه [ ص 363 ]

( خعب ) الخَيْعابةُ ( 1 )
( 1 قوله « الخيعابة » هو هكذا بفتح الخاء المعجمة وبالياء المثناة التحتية في اللسان والمحكم والتهذيب والتكملة وشرح القاموس والذي في متن القاموس المطبوع الخنعابة بالنون وضبطها بكسر الخاء )
الرَّدِيءُ ولم يُسْمَع إِلاَّ في قولِ تأَبَّط شرّاً
ولا خَرِعٍ خَيْعابةٍ ذِي غَوائِلٍ ... هَيام كَجَفْرِ الأَبْطَحِ المُتَهيِّل
التهذيب الخَيْعابة والخَيْعامة المأْبون وأَورد البيت وقال ويروى خَيْعامة قال والخَرِعُ السريع التَّثَنِّي والانْكِسارِ والخَيْعامة القَصِفُ المُتَكَسِّر وأَورد البيت الثاني
ولا هَلِع لاعٍ إِذا الشَّوْلُ حارَدَتْ ... وضَنَّتْ بباقِي دَرِّها المُتَنَزِّلِ
هَلِع ضَجِر لاعٍ جَبان

( خلب ) الخِلْبُ الظُّفُر عامَّةً وجَمْعُه أَخْلابٌ لا يُكَسَّر على غير ذلك وخَلَبَه بظُفُرِه يَخْلِبُه خَلْباً جَرَحَه وقيل خَدَشَه وخَلَبه يَخْلِبُه ويَخْلُبه خَلْباً قَطَعَه وشَقَّه والمِخْلَب ظُفُرُ السَّبُعِ من المَاشِي والطَّائِرِ وقيل المِخْلَب لِمَا يَصِيدُ من الطَّيْرِ والظُّفُرُ لِمَا لا يَصِيدُ التهذيب ولِكلِّ طائر من الجَوارِحِ مِخْلَبٌ ولكُلّ سَبُعٍ مِخْلَبٌ وهو أَظافِيرهُ الجوهري والمِخْلَبُ للطَّائِرِ والسِّباعِ بمنزلة الظُّفُرِ للإِنْسانِ وخَلَب الفَريسَة يَخْلِبُها ويَخْلُبها خَلْباً أَخَذَها بِمِخْلَبهِ الليث الخَلْبُ مَزْقُ الجِلْدِ بالنَّابِ والسَّبُع يَخْلِبُ الفَريسةَ إِذا شَقَّ جِلْدَها بنابِه أَو فَعَلَه الجَارِحَةُ بِمِخْلَبِهِ قال وسَمِعْتُ أَهْلَ البَحْرَيْنِ يقولون للحديدة المُعَقَّفَة التي لا أُشَرَ لها ولا أَسْنانَ المِخْلَب قال وأَنشدني أَعرابي من بني سعد
دَبَّ لها أَسْودُ كالسِّرْحانْ ... بِمِخْذَمٍ يَخْتَذِمُ الإِهانْ
والمِخْلَب المِنْجَلُ السَّاذَجُ الذي لا أَسْنانَ له وقيل المِخْلَبُ المِنْجَلُ عامَّةً وخَلَبَ به يَخْلُب عَمِلَ وقَطَع وخَلَبْتُ النَّباتَ أَخْلُبُه خَلْباً واسْتَخْلَبْته إِذا قطَعْته وفي الحديث نَسْتَخْلِبُ الخَبِيرَ أَي نْقطَع النَّباتَ ونَحْصُدُه ونَأْكُلُه وخَلَبَتْه الحَيَّة تَخْلِبُه خَلْباً عَضَّتْه والخِلابَةُ المُخَادَعَة وقيل الخَديعَة باللسانِ وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال لرجل كان يُخْدَع في بَيْعِهِ إِذا بايَعْتَ فَقُلْ لا خِلابَة أَي لا خِداعَ وفي رواية لا خيابَة قال ابن الأَثير كأَنها لُثْغَة من الرَّاوِي أَبدلَ اللامَ ياءً وفي الحديث أَنّ بيعَ المُحَفَّلاتِ خِلابَةٌ ولا تَحلّ خِلابَة مُسْلم والمُحَفَّلات التي جُمِعَ لَبَنُها في ضَرْعِها وخَلَبَه يَخْلُبُه خَلْباً وخِلابَةً خَدَعَه وخالَبَه واخْتَلَبه خادَعَه قال أَبو صَخْر
فلا مَا مَضَى يُثْنَى ولا الشَّيْبُ يُشْتَرَى ... فأَصْفِقَ عندَ السَّوْمِ بَيْعَ المُخالِب
وهي الخِلِّيبَى ورجل خالبٌ وخَلاَّب وخَلَبُوتٌ [ ص 364 ] وخَلَبُوبٌ الأَخيرة عن كُراع خَدَّاعٌ كَذَّابٌ قال الشاعر
مَلَكْتُم فلما أَنْ مَلَكْتُمْ خَلَبْتُمُ ... وشَرُّ المُلوكِ الغادِرُ الخَلَبُوتُ
جاءَ على فَعَلُوت مثل رَهَبوتٍ وامرأَة خَلَبُوتٌ على مثال جَبَرُوتٍ هذه عن اللحياني وفي المثل إِذا لَمْ تَغْلِبْ فاخْلِبْ بالكسر وحُكي عن الأَصمعي فاخْلُب أَي اخْدَعْه حتى تذهَبَ بِقَلْبه من قاله بالضَّمّ فمعناه فاخْدَعْ ومن قال فاخْلِبْ فمعناه فانْتِشْ قليلاً شيئاً يسيراً بعْدَ شيءٍ كأَنه أُخِذ من مِخْلَب الجارِحةِ قال ابن الأَثيرِ معناهُ إِذا أَعْياكَ الأَمرُ مُغالَبةً فاطْلُبْه مُخادعة وخَلَب المرأَة عَقْلَها يَخْلِبُها خَلْباً سَلَبَها إِياهُ وخَلَبَتْ هي قَلْبَه تَخْلِبُه خَلْباً واخْتَلَبَتْه أَخَذَتْه وذَهَبَت به الليث الخِلابَة أَن تَخْلُب المرأَةُ قَلْبَ الرجل بأَلطفِ القولِ وأَخْلَبِهِ وامرأَةٌ خَلاَّبة للفؤادِ وخَلُوبٌ والخَلْباءُ من النساءِ الخَدُوعُ وامرأَةٌ خالِبةٌ وخَلُوبٌ وخَلاَّبة خَدَّاعة وكذلك الخَلِبَة قال النمر
أَوْدَى الشَّبابُ وحُبُّ الخالَةِ الخَلِبَهْ ... وقد بَرِئْتُ فما بالقَلْبِ مِنْ قَلَبَهْ
ويروى الخَلَبَة بفتح اللامِ على أَنه جَمْعٌ وهم الذين يَخْدعُون النساءَ وفلان خِلْبُ نِساءٍ إِذا كان يُخالِبُهُنَّ أَي يُخَادِعُهُنّ وفلانٌ حِدْثُ نِساءٍ وزِيرُ نِساءٍ إِذا كان يُحادِثُهُنّ ويُزاوِرُهُنَّ وامرأَة خالةٌ أَي مُخْتالَةٌ وقوم خالَةٌ مُخْتالون مثل باعَةٍ من البَيْع والبَرْقُ الخُلَّبُ الذي لا غَيْثَ فيه كأَنه خادِعٌ يُومِضُ حتى تَطْمعَ بِمَطَرِه ثم يُخْلِفُك ويقال بَرْقُ الخُلَّبِ وبَرْقُ خُلَّبٍ فَيُضافانِ ومنه قيل لِمَنْ يَعِدُ ولا يُنْجِزُ وعْدَه إِنما أَنْتَ كَبَرْق خُلَّب ويقال إِنه كَبَرْقٍ خُلَّبٍ وبرقِ خُلَّبٍ وهو السَّحابُ الذي يَبْرُق ويُرْعِدُ ولا مَطَر مَعَه والخُلَّبُ أَيضاً السَّحَابُ الذي لا مَطَر فيه وفي حديث الاستسقاءِ اللهمَّ سُقْيَا غيرَ خُلَّبٍ بَرْقُها أَي خالٍ عن المَطَر ابن الأَثير الخُلَّبُ السحابُ يُومِضُ بَرْقُه حتى يُرْجَى مَطَره ثم يُخْلِفُ ويَتَقَشَّعُ وكأَنه من الخِلابَةِ وهي الخِداعُ بالقَولِ اللَّطِيفِ ومنه حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما كان أَسْرَعَ من بَرْقِ الخُلَّبِ وإِنما خصه بالسُّرْعَة لخِفَّتِه لِخُلُوّه من المَطَر وَرَجُلٌ خِلْبُ نِساءٍ يُحِبُّهُنّ للحديث والفُجُورِ ويُحْبِبْنَه لذلك وهم أَخْلابُ نِساءٍ وخُلَباءُ نِساءٍ الأَخيرةُ نادِرَة قال ابن سيده وعندي أَنَّ خُلَباءَ جمعُ خالِبٍ والخِلْبُ بالكسرِ حِجابُ القَلْبِ وقيل هي لُحَيْمةٌ رَقِيقَةٌ تَصِلُ بينَ الأَضْلاعِ وقيل هو حِجَاب ما بين القَلْبِ والكَبِدِ حكاهُ ابن الأَعرابي وبه فسَّر قَولَ الشاعر يا هِنْدُ هِنْدٌ بينَ خِلْبٍ وكَبِدْ ومنه قيل للرَّجُل الذي يُحِبُّه النساءُ إِنه لَخِلْبُ [ ص 365 ] نِساءٍ أَي يُحِبُّه النساءُ وقيل الخِلْبُ حِجابٌ بينَ القَلْبِ وسَوادِ البَطْنِ وقيل هو شيءٌ أَبْيَضُ رقِيقٌ لازِقٌ بالكَبِدِ وقيل الخِلْبُ زِيادَةُ الكَبِدِ والخِلْبُ الكَبِدُ في بعضِ اللُّغاتِ وقيل الخِلْبُ عُظَيْمٌ مثلُ ظُفُر الإِنْسان لاصِقٌ بناحِيَة الحِجابِ مما يَلِي الكَبِدَ وهي تَلِي الكبِدَ والحِجابَ والكَبِدُ مُلْتَزِقَةٌ بجانِبِ الحِجابِ والخُلْبُ لبُّ النَّخْلَةِ وقيل قَلْبُها والخُلُب مُثَقَّلاً ومُخَفَّفاً الليفُ واحدَتُه خُلْبَة والخُلْبُ حَبْلُ الليفِ والقُطْنِ إِذا رَّقَ وصَلُبَ الليث الخُلْبُ حَبْلٌ دَقيقٌ صُلْبُ الفَتْلِ من لِيفٍ أَو قِنَّبٍ أَو شيءٍ صُلْبٍ قال الشاعر كالمَسَدِ اللَّدْنِ أُمِرَّ خُلبُه ابن الأعرابي الخُلْبة الحَلْقة من الليفِ والليفَة خُلْبَة وخُلُبَة وقال كأَنْ ورِيدَاهُ رِشَاءا خُلْبِ ويُروى وريدَيْه على إِعمال كأَنْ وتَرْكِ الاضْمار وفي الحديث أَتاهُ رَجُلٌ وهو يَخْطُب فنَزلَ إِليه وقَعَد على كُرْسِيِّ خُلْبٍ قَوائمهُ من حَديدٍ الخُلْب اللّيفُ ومنه الحديث وأَما مُوسَى فَجَعْدٌ آدَمُ على جَمَلٍ أَحْمَر مَخْطُوم بخُلْبة وقد يُسَمَّى الحَبْل نفسُه خُلْبة ومنه الحديث بِليفٍ خُلبْةٍ على البَدَل وفيه أَنه كان له وِسادَةٌ حَشْوُها خُلْبٌ والخُلْبُ والخُلُب الطِّينُ الصُّلْبُ اللاَّزِبُ وقيل الأَسْودُ وقيل طِينُ الحَمْأَة وقيل هو الطِّينُ عامَّة ابن الأَعرابي قال رَجلٌ من العرب لطَبَّاخِه خَلِّبْ مِيفاكَ حتى يَنْضَجَ الرَّوْدَقُ قال خَلِّبْ أَي طَيِّنْ ويقال للطينِ خُلْبٌ قال والميفَى طَبَقُ التَّنُّور والرَّوْدَقُ الشواءُ وماءٌ مُخْلِبٌ أَي ذُو خُلُبٍ وقد أَخْلَب قال تُبَّع أَو غيره
فرَأَى مَغِيب الشمسِ عندَ مآبِهَا ... في عَيْنِ ذِي خُلُبِ وثأْطٍ حَرْمَدِ
الليث الخُلْبُ وَرَق الكَرْمِ العريضُ ونحوهُ وفي حديث ابن عباس وقد حاجَّه عمر في قوله تعالى تَغْرُب في عَيْنٍ حَمِئَةٍ فقال عمر حامِية فأَنشد ابن عباس بيتَ تُبَّع في عَيْنِ ذِي خُلُبٍ الخُلُب الطينُ والحَمْأَة وامرأَةٌ خَلْباءُ وخَلْبَنٌ خَرْقاءُ والنون زائدة للالحاق وليست بأَصلية وفي الصحاح الخَلْبَنُ الحَمْقاءُ قال ابن السكيت وليس من الخِلابة قال رؤبة يصف النوق
وخَلَّطَتْ كلُّ دِلاثٍ عَلْجَنِ ... تَخْليطَ خَرْقاءِ اليَدَيْنِ خَلْبَنِ
ورواه أَبو الهيثم خَلْباءِ اليَدَيْن وهي الخَرْقاء وقد خَلِبَتْ خَلَباً والخَلْبَنُ المهزولةُ منه والخُلْبُ الوَشْيُ والمُخَلَّب الكثيرُ الوشْيِ من الثِّياب وثَوْبٌ مُخَلَّب كثير الوَشْي قال لبيد
وغَيْثٍ بِدَكْداكٍ يَزِينُ وِهادَهُ ... نَباتٌ كَوَشْيِ العَبْقَرِيِّ المُخَلَّبِ
[ ص 366 ] أَي الكثيرِ الأَلْوانِ وأَوْرَدَ الجوهري هذا البَيْتَ وغيثٌ برفع الثاءِ قال ابن بري والصواب خَفْضُها لأَن قبله
وكائِنْ رَأَيْنا من مُلُوكٍ وسُوقَةٍ ... وصاحَبْتُ من وَفْدٍ كِرامٍ ومَوْكِبِ
قال الدَّكداك ما انْخَفَضَ من الأَرضِ وكذلك الوِهادُ جَمْعُ وَهْدةٍ شَبَّه زَهر النباتِ بوَشْي العَبْقَرِيِّ

( خنب ) الخِنَّابُ الضَّخْمُ الطويلُ من الرجالِ ومنهم مَن لم يُقَيِّدْ وهو أَيضاً الأَحْمَق المُخْتَلِجُ مرَّةً هُنا ومَرَّةً هُنا والخِنَّابُ الضَّخْمُ الأَنفِ وهذا مما جاءَ على أَصلِه شاذّاً لأَن كلَّ ما كان على فِعَّالٍ من الأَسْماءِ أُبْدِلَ من أَحدِ حَرْفَيْ تَضْعِيفِه ياء مثل دِينارٍ وقِيراطٍ كَراهِيَة أَنْ يَلْتَبِس بالمصادِرِ إِلاَّ أَن يكونَ بالهاء فيَخْرُجَ على أَصلِه مثلَ دِنَّابةٍ وصِنَّارَةٍ ودِنَّامةٍ وخِنَّابةٍ لأَنه الآن قد أُمِنَ التِباسُه بالمَصادِرِ التهذيب يقال رجل خِنَّأْبٌ مكسورُ الخاءِ مُشَدَّدُ النون مهموز وهو الضَّخْمُ في عَبالةٍ والجمع خَنانِبُ ويقال الخِنَّأْبُ من الرجالِ الأَحْمَقُ المُتَصَرِّفُ يختلج هكذا مرَّة وهكذا مرَّة أَي يذهب الأَزهري الليث الخُنَّأْبةُ الخاءُ رفعٌ والنون شديدةٌ وبعد النون همزة وهي طَرَفُ الأَنْفِ وهما الخُنَّأْبَتانِ قال والأَرْنَبة تحت الخُنَّأْبةِ وقال ابن سيده الخِنَّابة الأَرْنَبَةُ العظيمة وقيل طَرَفُ الأَرْنَبةِ من أَعلاها بينها وبين النُّخْرَة والخِنَّابَتانِ طَرَفا الأَنْفِ من جانِبَيْه والأَرْنَبَة ما تَحْتَ الخِنَّابة والعَرْتَمَة أَسْفَلُ من ذلك وهي حَدُّ الأَنْفِ والرَّوْثَة تَجْمَعُ ذلك كلَّه وهي المُجْتَمعة قُدَّامَ المارِنِ وبعضهم يقول العَرْتَمَة ما بين الوَتَرة والشَّفَةِ والخِنَّابة حرفُ المُنْخُر وهما الخنَّابتان وقيل خِنَّابَتَا الأَنْفِ خَرْقاهُ عن يَمينٍ وشِمال بينهما الوَتَرةُ قال الراجز أَكْوي ذَوي الأَضْغان كَيّاً مُنْضِجا منهم وذَا الخِنَّابةِ العَفَنْجَجَا ويقال الخِنَّأْبة بالهمز وفي حديث زيدِ بنِ ثابت في الخِنَّابَتَيْنِ إِذا خُرِمَتَا قال في كلِّ واحدةٍ ثُلُثُ دِيةِ الأَنْفِ هما بالكسر والتشديد جانِبا المُنْخُرَيْنِ عن يَمينِ الوَتَرةِ وشمالِها وهَمَزَها الليث وأَنكرها الأَصمعي قال أَبو منصور الهمزةُ التي ذكرها الليث في الخِنَّابة والخِنَّاب لا تَصحُّ عِندي إِلاَّ أَن تُجْتَلَب كما أُدخِلَتْ في الشَّمْأَلِ وغِرقِئِ البَيْضِ وليستْ بأَصْلِيَّة قال أَبو منصور وأَما الخُنَّأْبةُ بالهمز وضم الخاءِ فإِن أَبا العباس روى عن ابن الأَعرابي قال الخِنَّابَتانِ بكسر الخاءِ وتشديد النون غير مهموز هما سَمَّا المُنْخُرَيْن وهما المُنْخُرانِ والخَوْرَمَتانِ قال هكذا ذكرهما أَبو عبيد في كتاب الخيل وروى سَلَمة عن الفرَّاءِ أَنه قال الخِنَّابُ والخِنَّبُ الطويلُ قال ولا أَعرف الهمز لأَحد في هذه الحروف والخَنَبُ كالخُنانِ في الأَنْفِ وقد خَنِبَ خَنَباً والخِنْبُ مَوْصِلُ أَسافِلِ أَطْرافِ الفخِذَيْنِ [ ص 367 ] وأَعالي الساقَيْنِ والخِنْبُ باطِنُ الرُّكْبةِ وقيل هو فُروجُ ما بين الأَضْلاع وجمعُ ذلك كلِّه أَخْنابٌ قال رؤْبة عُوجٌ دِقاقٌ من تَحَنِّي الأَخْناب الفرَّاءُ الخِنْبُ بكسر الخاءِ ثِنْيُ الرُّكْبَة وهو المَأْبِضُ وخَنِبَتْ رِجْلُه بالكسر وهَنَتْ وأَخْنَبَها هو أَوْهَنَها وأَخْنَبْتُها أَنا قال ابن أَحمر
أَبي الذي أَخْنَبَ رِجْلَ ابن الصَّعِقْ ... إِذ كانتِ الخَيْلُ كعِلْباءِ العُنُقْ
قال ابن بري قال أَبو زكريا الخطيب التبريزي هذا البيت لتميم بن العَمَرَّدِ بنِ عامِرِ بن عبدِشَمْسٍ وكان العَمَرَّد طَعَن يَزيدَ بنَ الصَّعِقِ فأَعْرَجَه قال ابن بري وقد وَجَدته أَيضاً في شعر ابن أَحمر الباهلي ابن الأَعرابي أَخْنَبَ رجلَه قَطَعَها وخَنِبَ الرَّجُلُ عَرِجَ واخْتَنَبَ القومُ هَلَكُوا ( 1 )
( 1 قوله « واختنب القوم هلكوا » نقل الصاغاني عن الزجاج أخنب القوم هلكوا أيضاً )
أَبو عمرو المَخْنَبة القطيعة وجاريةٌ خَنِبة غَنِجة رَخيمة وظَبْيةٌ خَنِبة أَي عاقدة عُنُقَها وهي رابضة لا تَبْرَحُ مَكانَها كأَن الجارية شُبِّهَتْ بها وقال
كأَنها عَنْزُ ظِباءٍ خَنِبَهْ ... ولا يَبِيتُ بَعْلُها على إِبَهْ
الإِبةُ الرِّيبةُ ويقال رأَيتُ فلاناً على خَنْبةٍ وخَنْعةٍ ومثله عَقِرَ وبَقِرَ ومثله ما ذُقْتُ عَلُوساً ولا بَلُوساً وجئْ به من عَسِّكَ وبَسِّكَ فعاقَب العَينُ الباءَ شمر الخَنَباتُ الغَدْرُ والكَذِبُ ويقال لَنْ يَعْدَمَكَ من اللئيم خَنابةٌ أَي شَرٌّ والخَنَابةُ الأَثَر القبيحُ قال ابنُ مقبل
ما كنتُ مَولى خَناباتٍ فَآَتِيَها ... ولا أَلِمْنا لقَتْلى ذَاكُمُ الكَلِمِ
ويروى جَناباتٍ يقول لست أَجنبياً منكم ويروى خَناناتٍ بِنُونَيْن وهي كالخَناباتِ ورجل ذُو خَنَبَاتٍ وخَبَناتٍ وهو الذي يصلح مَرَّةً ويفسدُ أُخْرى

( خنثب ) الفرَّاءُ الخِنْثَبة والخِنْثَعْبةُ الغَزيرَة اللَّبَنِ من النوق قال شمر لمْ أَسْمَعْها إِلا للْفَرَّاءِ قال أَبو منصور وجَمْع الخِنْثَبةِ خَناثِب

( خندب ) رجلُ خُنْدُبٌ سَيِّئُ الخُلُقِ وخُنْدُبانٌ كثِيرُ اللَّحْمِ

( خنزب ) ابن الأَثير في حديث الصلاة ذاكَ شَيْطانٌ يقال له خَنْزَب قال أَبو عمرو وهو لَقَبٌ له والخَنْزَبُ قِطْعَةُ لَحْمٍ مُنْتِنَة ويُروى بالكسر والضم

( خنضب ) امرأَة خُنْضُبَةٌ سَمِينَة

( خنظب ) الخُنْظُبَة دُوَيْبَّة حكاها ابن دُرَيْد

( خنعب ) الخُنْعُبَةُ الهَنَة المُتَدَلِّية وَسَط الشَّفَة العُلْيا في بعضِ اللغاتِ وهي مَشَقُّ ما بين الشَّاربَيْنِ بِحيال الوَتَرةِ الأَزهري هي الخُنْعُبَة [ ص 368 ] والنُّونَةُ والثُّومَةُ والهَزْمَة والوَهْدَة والقَلْدَة والهَرْتَمة والعَرْتَمَةُ والحِثْرِمَة

( خوب ) الخَوْبَة الأَرضُ التي لم تُمْطَرْ بَيْنَ أَرْضَيْنِ مَمْطورَتَيْن والخَوْبَةُ الجُوعُ عن كُراع قال أَبو عمرو إِذا قُلْتَ أَصابَتْنا خَوْبَةٌ بالخاءِ المعجمة فمعناه المجاعةُ وإِذا قُلْتها بالحاءِ المهملة فمعناهُ الحاجَة أَبو عبيد أَصابَتْهُم خَوْبةٌ إِذا ذَهَبَ ما عندَهم فلم يبقَ عندهم شيءٌ قال شمر لا أَدْرِي ما أَصابَتْهُم خوبة وأَظُنُّ أَنه حَوْبَة قال أَبو منصور والخَوْبَة بالخاءِ صحيح ولم يَحْفَظْه شمر قال ويقال للجُوع الخَوْبَة وقال الشاعر طَرُود لِخَوْباتِ النُّفُوسِ الكَوانِعِ وفي حديث التَّلِبِ بن ثَعْلبة أَصابَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم خَوْبَةٌ فاسْتَقْرَضَ مِنِّي طَعاماً الخَوْبةُ المَجاعَة وخابَ يَخُوبُ خَوْباً افْتَقَرَ عن ابن الأَعرابي وفي الحديث نَعُوذُ باللّه من الخَوْبةِ ويقال نَزَلْنا بخَوْبةٍ من الأَرضِ أَي بمَوْضِعِ سُوءٍ لا رِعْيَ به ولا ماءَ أَبو عمرو الخَوْبَة والقَوايَةُ والخَطِيطَةُ الأَرضُ التي لم تُمْطَرْ وقَوِيَ المَطر يَقْوَى إِذا احْتَبَسَ

( خيب ) خابَ يَخِيبُ خَيْبَةً حُرِم ولم يَنَلْ ما طَلَب وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه مَنْ فازَ بِكُمْ فقد فازَ بالقِدْحِ الأَخْيَبِ أَي بالسَّهْمِ الخائِبِ الذي لا نَصِيبَ له من قِداحِ المَيْسِر وهي ثلاثة المَنِيحُ والسَّفِيحُ والوَغْدُ والخَيْبَة الحِرْمانُ والخُسْران وقد خابَ يَخِيبُ ويَخُوبُ وفي الحديث خَيْبةً لَك ويا خَيْبَةَ الدَّهْرِ وخَيَّبَه اللّه حَرَمَه وخَيَّبْتُه أَنا تَخْيِيباً وخابَ إِذا خَسِرَ وخابَ إِذا كَفَر والخَيْبَة حِرْمان الجَدِّ وفي المثل الهَيْبَةُ خَيْبَة وسَعْيُه في خَيَّابِ ابن هَيَّابٍ أَي في خَسَارٍ وبَيَّابِ بن بَيَّابٍ في مَثلٍ للعرب ولا يقولون منه خابَ ولا هابَ والخَيَّابُ القِدْحُ الذي لا يُورِي وقوله أَنشده ثعلب
اسْكُتْ ولا تَنْطِقْ فأَنْتَ خَيَّابْ ... كُلُّكَ ذُو عَيْبٍ وأَنْتَ عَيَّابْ
يجوز أَن يكون فَعَّالاً مِن الخَيْبَةِ ويجوز أَن يُعْنَى به أَنه مثل هذا القِدْح الذي لا يُورِي ووَقَع في وَادِي تُخُيِّبَ على تُفُعِّلَ بضم التاءِ والفاءِ وكسر العين غير مصروفٍ وهو الباطِلُ وتقول خَيْبَةً لزَيْدٍ وخَيْبَةٌ لِزَيْدٍ فالنَّصْبُ على إِضْمارِ فِعْلٍ والرَّفْعُ على الابتداءِ

( دأب ) الدَّأْبُ العادَة والمُلازَمَة يقال ما زال ذلك دِينَكَ ودَأْبَكَ ودَيْدَنَكَ ودَيْدَبُونَكَ كلُّه من العادَة دَأَبَ فلانٌ في عَمَلِه أَي جَدَّ وتَعِبَ يَدْأَبُ دَأْباً ودَأَباً ودُؤُوباً فهو دَئِبٌ قال الراجز راحَتْ كما راحَ أَبو رِئَالِ قَاهِي الفُؤَادِ دَئِبُ الإِجْفالِ [ ص 369 ] وفي الصحاح فهو دائب وأَنشد هذا الرجَزَ دائبُ الاجْفالِ وأَدْأَبَ غيره وكلُّ ما أَدَمْتَه فقد أَدْأَبْتَه وأَدْأَبَه أَحْوَجَه إِلى الدُّؤُوبِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد إِذا تَوافَوْا أَدَبُوا أَخاهُم قال أَراد أَدْأَبُوا أَخاهُم فخفَّف لأَن هذا الراجز لم تكن لُغَتُه الهمز وليس ذلك لضَرورةِ شِعْرٍ لأَنه لو همز لكان الجُزْءُ أَتمَّ والدُّؤُوبُ المبالَغَة في السَّيْر وأَدْأَبَ الرجلُ الدَّابَّة إِدْآباً إِذا أَتْعَبَها والفِعلُ اللازم دَأَبَتِ الناقَةُ تَدْأَبُ دُؤُوباً ورجلٌ دَؤُوبٌ على الشيءِ وفي حديث البعيرِ الذي سَجَدَ له صلى اللّه عليه وسلم فقال لصاحبه إِنه يَشْكو إِليَّ أَنَّكَ تُجِيعُه وتُدْئِبُه أَي تَكُدُّه وتُتْعِبُه وقوله أَنشده ثعلب يُلِحْنَ مِن ذي دَأَبٍ شِرْواطِ فسَّره فقال الدَّأَبُ السَّوْق الشديدُ والطَّرْدُ وهو من الأَوَّل ورواية يعقوب من ذِي زَجَلٍ والدَّأْبُ والدَّأَب بالتَّحْرِيك العادةُ والشَّأْن قال الفرّاءُ أَصله من دَأَبْت إِلاّ أَن العرب حَوَّلَتْ معناه إِلى الشَّأْنِ وفي الحديث عليكم بقيامِ الليلِ فإِنه دَأْبُ الصالحِينَ قَبْلَكم الدَّأْبُ العادةُ والشَّأْنُ هو مِنْ دَأَبَ في العَمَل إِذا جَدَّ وتَعِبَ وفي الحديث فكان دَأْبي ودَأْبهم وقوله عز وجل مثلَ دَأْبِ قومِ نوحٍ أَي مِثلَ عادةِ قوم نوحٍ وجاءَ في التفسير مثلَ حالِ قَومِ نوحٍ الأَزهري قال الزجاج في قوله تعالى كَدَأْبِ آلِ فِرْعَون أَي كشأْنِ آل فِرْعون وكأَمْرِ آل فِرْعون كذا قال أَهل اللغة قال الأَزهري والقولُ عندِي فيه واللّه أَعلم أَن دَأْبَ ههنا اجتِهادهم في كُفْرِهِم وتَظاهُرُهُم على النبي صلى اللّه عليه وسلم كتَظَاهُرِ آلِ فرعون على موسى عليه السلامُ يقال دَأَبْتُ أَدْأَبُ دَأْباً ودَأَباً ودُؤُوباً إِذا اجتهدت في الشيءِ والدائِبانِ الليلُ والنهارُ وبَنُو دَوْأَبٍ حَيٌّ من غَنِيٍّ قال ذو الرُّمة
بَني دَوْأَبٍ إِنِّي وجَدْتُ فَوارسِي ... أَزِمَّةَ غارَاتِ الصَّباحِ الدَّوَالِقِ

( دبب ) دَبَّ النَّمْلُ وغيره من الحَيَوانِ على الأَرضِ يَدِبُّ دَبّاً ودَبِيباً مشى على هِينَتِه وقال ابن دريد دَبَّ يَدِبُّ دَبِيباً ولم يفسره ولا عَبَّر عنه ودَبَبْتُ أَدِبُّ دِبَّةً خَفِيَّةً وإِنه لخَفِيُّ الدِّبَّة أَي الضَّرْبِ الذي هو عليه من الدَّبِيبِ ودَبَّ الشيخُ أَي مَشَى مَشْياً رُوَيْداً وأَدْبَبْتُ الصَّبيَّ أَي حَمَلْتُه على الدَّبيب ودَبَّ الشَّرابُ في الجِسْم والإِناءِ والإِنْسانِ يَدِبُّ دَبيباً سَرى ودَبَّ السُّقْمُ في الجِسْمِ والبِلى في الثَّوْبِ والصُّبْحُ في الغَبَشِ كُلُّه من ذلك ودَبَّتْ عَقارِبُه سَرَتْ نَمائِمُه وأَذاهُ ودَبَّ القومُ إِلى العَدُوِّ دَبيباً إِذا مَشَوْا على هيِنَتِهِم لم يُسْرِعُوا وفي الحديث عندَه غُلَيِّمٌ يُدَبِّبُ أَي يَدْرُجُ في المَشْيِ رُوَيْداً وكلُّ ماشٍ على الأَرض دابَّةٌ ودَبِيبٌ والدَّابَّة اسمٌ لما دَبَّ من الحَيَوان مُمَيِّزةً وغيرَ [ ص 370 ] مُمَيِّزة وفي التنزيل العزيز واللّه خلق كلَّ دابَّةٍ مِنْ ماءٍ فَمِنْهُم مَنْ يَمْشِي على بَطْنِه ولمَّا كان لِما يَعقِلُ ولما لا يَعْقِلُ قيل فَمِنْهُم ولو كان لِما لا يَعْقِلُ لَقِيل فَمِنْها أَو فَمِنْهُنَّ ثم قال مَنْ يَمْشِي على بَطْنِه وإِن كان أَصْلُها لِما لا يَعْقِلُ لأَنَّه لمَّا خَلَط الجَماعَةَ فقال منهم جُعِلَت العِبارةُ بِمنْ والمعنى كلَّ نفس دَابَّةٍ وقوله عز وجل ما تَرَكَ على ظَهْرِها من دَابَّةٍ قيل من دَابَّةٍ من الإِنْسِ والجنِّ وكُلِّ ما يَعْقِلُ وقيل إِنَّما أَرادَ العُمومَ يَدُلُّ على ذلِكَ قول ابن عباس رضي اللّه عنهما كادَ الجُعَلُ يَهْلِكُ في جُحْرِهِ بذَنْبِ ابنِ آدمَ ولما قال الخَوارِجُ لِقَطَرِيٍّ اخْرُجْ إِلَيْنا يا دَابَّةُ فأَمَرَهُم بالاسْتِغْفارِ تَلَوا الآية حُجَّةً عليه والدابَّة التي تُرْكَبُ قال وقَدْ غَلَب هذا الاسْم على ما يُرْكَبُ مِن الدَّوابِّ وهو يَقَعُ عَلى المُذَكَّرِ والمُؤَنَّثِ وحَقِيقَتُه الصفَةُ وذكر عن رُؤْبة أَنَّه كان يَقُول قَرِّبْ ذلك الدَّابَّةَ لِبِرْذَوْنٍ لهُ ونَظِيرُه من المَحْمُولِ عَلى المَعْنى قولهُم هذا شاةٌ قال الخليل ومثْلُه قوله تعالى هذا رَحْمَة من رَبِّي وتَصْغِير الدابَّة دُوَيْبَّة الياءُ ساكِنَةٌ وفيها إِشْمامٌ مِن الكَسْرِ وكذلك ياءُ التَّصْغِيرِ إِذا جاءَ بعدَها حرفٌ مثَقَّلٌ في كلِّ شيءٍ وفي الحديث وحَمَلَها على حِمارٍ مِنْ هذه الدِّبابَةِ أَي الضِّعافِ التي تَدِبُّ في المَشي ولا تُسْرع ودابَّة الأَرْض أَحَدُ أَشْراطِ السَّاعَةِ وقوله تعالى وإِذا وَقَع القَوْلُ عَلَيْهم أَخْرَجْنا لَهُم دَابَّةً من الأَرض قال جاءَ في التَّفْسِير أَنَّها تَخرُج بِتِهامَةَ بين الصَّفَا والمَرْوَةِ وجاءَ أَيضاً أَنها تخرج ثلاثَ مرَّات من ثَلاثة أَمْكِنَةٍ وأَنَّها تَنْكُت في وَجْهِ الكافِرِ نُكْتَةً سَوْدَاءَ وفي وجْهِ المؤْمِن نُكْتَةً بَيْضاءَ فَتَفْشُو نُكْتَة الكافر حتّى يَسْوَدَّ منها وجهُه أَجمعُ وتَفْشُو نُكْتَةُ المُؤْمِن حَتى يَبْيَضَّ منها وجْهُه أَجْمَع فتَجْتَمِعُ الجماعة على المائِدَة فيُعْرفُ المؤْمن من الكافر وَوَرَدَ ذكرُ دابَّةِ الأَرض في حديث أَشْراطِ الساعَة قيل إِنَّها دابَّة طولُها ستُّون ذِراعاً ذاتُ قوائِمَ وَوَبرٍ وقيل هي مُخْتَلِفَة الخِلْقَةِ تُشْبِهُ عِدَّةً من الحيوانات يَنْصَدِعُ جَبَلُ الصَّفَا فَتَخْرُج منهُ ليلَةَ جَمْعٍ والناسُ سائِرُون إِلى مِنىً وقيل من أَرْضِ الطائِفِ ومَعَها عَصَا مُوسى وخاتمُ سُليمانَ علَيْهِما السلامُ لا يُدْرِكُها طالِبٌ ولا يُعْجزُها هارِبٌ تَضْرِبُ المؤْمنَ بالعصا وتكتب في وجهه مؤْمن والكافِرُ تَطْبَعُ وجْهَه بالخاتمِ وتَكْتُبُ فيهِ هذا كافِرٌ ويُروى عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال أَوَّل أَشْراطِ السَّاعَة خُروجُ الدَّابَّة وطلُوعُ الشَّمْسِ من مَغْرِبها وقالوا في المَثَل أَعْيَيْتَني مِنْ شُبٍّ إِلى دُبٍّ بالتنوين أَي مُذْ شَبَبْتُ إِلى أَن دَبَبْت على العصا ويجوز من شُبَّ إِلى دُبَّ على الحكاية وتقول فعلت كذا من شُبَّ إِلى دُبَّ وقولهم أَكْذَبُ مَنْ دَبَّ ودَرَجَ أَي أَكذب الأَحْياءِ والأَمْواتِ فدَبَّ مَشَى ودَرَجَ مَاتَ وانْقَرَضَ عَقِبُه ورجل دَبُوبٌ ودَيْبُوبٌ نَمَّامٌ كأَنه يَدِبُّ بالنَّمائِم بينَ القَوْمِ وقيل دَيْبوبٌ يَجْمَعُ بينَ الرِّجالِ والنِّساءِ فَيْعُولٌ من الدَّبِيبِ لأَنَّه يَدِبُّ بَيْنَهُم ويَسْتَخْفِي وبالمعنيين فُسِّر [ ص 371 ] قوله صلى اللّه عليه وسلم لا يَدْخُلُ الجَنَّة دَيْبُوبٌ ولا قَلاَّعٌ وهو كقوله صلى اللّه عليه وسلم لا يدخُّل الجنَّة قَتَّات ويقال إِنَّ عَقارِبَه تَدِبُّ إِذا كان يَسْعى بالنَّمائِم قال الأَزهري أَنشدني المنذريُّ عن ثعلب عن ابن الأَعرابي
لَنا عِزٌّ ومَرْمانا قَريبٌ ... ومَوْلىً لا يَدِبُّ مع القُرادِ
قال مَرْمانا قريبٌ هؤُلاء عَنَزةُ يقول إِنْ رأَيْنا منكم ما نكره انْتَمَيْنا إِلى بني أَسَدٍ وقوله يَدِبُّ مع القُرادِ هو الرجُل يأْتي بشَنَّةٍ فيها قِرْدانٌ فيَشُدُّها في ذَنَبِ البَعيرِ فإِذا عضَّه منها قُرادٌ نَفَر فَنَفَرَتِ الإِبِلُ فإِذا نَفَرَتْ اسْتَلَّ منها بَعيراً يقال لِلِّصِّ السَّلاَّلِ هو يَدِبُّ معَ القُرادِ وناقَةٌ دَبُوبٌ لا تَكادُ تَمْشِي من كثرة لَحمِها إِنما تَدِبُّ وجمعُها دُبُبٌ والدُّبابُ مَشْيُها والمدبب ( 1 )
( 1 قوله « والمدبب » ضبطه شارح القاموس كمنبر ) الجَمَل الذي يمشي دَبادِبَ ودُبَّة الرَّجُل طريقُه الذي يَدِبُّ عليه وما بالدَّارِ دُبِّيٌّ ودِبِّيٌّ أَي ما بها أَحدٌ يَدِبُّ قال الكسائي هو من دَبَبْت أَي ليس فيها مَن يَدِبُّ وكذلك ما بها دُعْوِيٌّ ودُورِيٌّ وطُورِيٌّ لا يُتَكَلَّم بها إِلا في الجَحْد وأَدَبَّ البِلادَ مَلأَها عَدْلاً فَدَبَّ أَهلُها لِمَا لَبِسُوه من أَمْنِه واسْتَشْعَرُوه من بَرَكَتِه ويُمْنِه قال كُثَيِّر عزة
بَلَوْهُ فأَعْطَوْهُ المَقادةَ بَعْدَما ... أَدَبَّ البِلادَ سَهْلَها وجِبالَها
ومَدَبُّ السَّيْلِ ومَدِبُّه موضع جَرْيهِ وأَنشد الفارسي
وقَرَّبَ جانِبَ الغَرْبِيِّ يأْدُو ... مَدَبَّ السَّيْلِ واجْتَنَبَ الشَّعارا
يقال تَنَحَّ عن مَدَبِّ السَّيْلِ ومَدِبِّه ومَدَبِّ النَّمْلِ ومَدِبِّه فالاسم مكسورٌ والمصدر مفتوحٌ وكذلك المَفْعَل من كلِّ ما كان على فَعَلَ يَفْعِل ( 2 )
( 2 قوله « على فعل يفعل » هذه عبارة الصحاح ومثله القاموس وقال ابن الطيب ما نصه الصواب ان كل فعل مضارعه يفعل بالكسر سواء كان ماضيه مفتوح العين أَو مكسورها فان المفعل منه فيه تفصيل يفتح للمصدر ويكسر للزمان والمكان إِلا ما شذ وظاهر المصنف والجوهري أَن التفصيل فيما يكون ماضيه على فعل بالفتح ومضارعه على يفعل بالكسر والصواب ما أصلنا ا ه من شرح القاموس ) التهذيب والمَدِبُّ موضعُ دَبِيبِ النَّمْلِ وغيره والدَّبَّابة التي تُتَّخَذ للحُروبِ يَدْخُلُ فيها الرِّجالُ ثم تُدفَع في أَصلِ حِصْنٍ فيَنْقُبونَ وهم في جَوْفِها سِمِّيَت بذلك لأَنها تُدْفع فتَدِبُّ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه قال كيفَ تَصْنَعون بالحُصونِ ؟ قال نَتَّخِذُ دَبَّاباتٍ يدخُل فيها الرجالُ الدَّبابةُ آلةٌ تُتَّخَذُ من جُلودٍ وخَشَبٍ يدخلُ فيها الرجالُ ويُقَرِّبُونها من الحِصْنِ المُحاصَر ليَنْقُبُوه وتَقِيَهُم ما يُرْمَوْنَ به من فوقِهم والدَّبْدبُ مَشْيُ العُجْرُوفِ من النَّمْلِ لأَنَّه أَوْسَعُ النَّمْلِ خَطْواً وأَسْرَعُها نقْلاً وفي التهذيب الدَّبْدَبةُ العُجْرُوفُ من النَّمْلِ وكلُّ سرعة في تَقارُبِ خَطْوٍ دَبْدَبَةٌ والدَّبْدَبَةُ كلُّ صوتٍ أَشْبَهَ صوتَ وَقْعِ الحافِرِ [ ص 372 ] على الأَرضِ الصُّلْبةِ وقيل الدَّبْدَبَةُ ضَرْبٌ من الصَّوْت وأَنشد أَبو مَهْدِيٍّ
عاثُور شَرٍّ أَيُما عاثُورِ ... دَبْدَبَة الخَيْلِ على الجُسورِ
أبو عَمْرو دَبْدَبَ الرجلُ إِذا جَلَبَ ودَرْدَبَ إِذا ضَرَبَ بالطَّبْلِ والدَّبْدابُ الطَّبْلُ وبه فُسِّرَ قول رؤْبة أَوْ ضَرْبِ ذي جَلاجِلٍ دَبْدابِ وقول رؤبة
إِذا تَزابَى مِشْيَةً أَزائِبا ... سَمِعْتَ من أَصْواتِها دَبادِبا
قال تَزَابَى مَشَى مَشْيَةً فيها بُطْءٌ قال والدَّبادِبُ صَوْت كأَنه دَبْ دَبْ وهي حكاية الصَّوْتِ وقال
ابن الأَعرابي الدُّبادِبُ والجُباجِبُ ( 1 )
( 1 قوله « والجباجب » هكذا في الأَصل والتهذيب بالجيمين ) الكثيرُ الصِّياح والجَلَبَة وأَنشد
إِيَّاكِ أَنْ تَسْتَبدلي قَرِدَ القَفا ... حَزابِيَةً وهَيَّباناً جُباجِبا
أَلَفَّ كأَنَّ الغازِلاتِ مَنَحْنَه ... من الصُّوف نِكْثاً أَو لَئيماً دُبادِبا
والدُّبَّة الحالُ ورَكِبْتُ دُبَّتَهُ ودُبَّه أَي لَزِمْت حالَه وطَريقَتَه وعَمِلْتُ عَمَلَه قال إِنّ يَحْيَى وهُذَيلْ رَكبَا دُبَّ طُفَيْلْ وكان طُفَيْلٌ تَبّاعاً للعُرُسات من غيرِ دَعْوة يقال دَعْني ودُبَّتي أَي دَعني وطَريقَتي وسَجِيَّتي ودُبَّة الرجلِ طَريقَتُه من خَيرٍ أَو شرٍّ بالضم وقال ابن عباس رضي اللّه عنهما اتَّبعوا دُبَّة قُرَيشٍ ولا تُفارِقوا الجماعة الدُّبّة بالضم الطَّريقة والمذْهَب والدَّبَّةُ الموضعُ الكثيرُ الرَّمْل يُضْرَبُ مَثَلاً للدَّهْر الشَّديدِ يقال وَقَع فلانٌ في دَبَّةٍ من الرَّمْلِ لأَن الجَمَل إِذا وَقَع فيه تَعِبَ والدُّبُّ الكبِيرُ من بَناتِ نَعْشٍ وقيل إِنَّ ذلك يَقَع على الكُبرَى والصُّغْرَى فيُقالُ لكل واحد منهما دُبٌّ فإِذا أَرادوا فصْلَها قالوا الدُّبُّ الأَصغر والدُّبُّ الأَكبر والدُّبُّ ضربٌ من السِّباع عربية صحيحة والجمع دِبابٌ ودِبَبَة والأُنْثى دُبَّة وأَرض مَدَبَّة كثيرة الدِّبَبَة والدَّبَّة التي يُجْعَل فيها الزَّيْت والبِزْر والدُّهن والجمع دِبابٌ عن سيبويه والدَّبَّة الكثِيبُ من الرَّمْل بفتح الدال والجمع
دِبابٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
كأَنْ سُلَيْمَى إِذا ما جِئتَ طارِقها ... وأَخْمَدَ الليلُ نارَ المُدْلِجِ السارِي
تِرْعِيبَةٌ في دَمٍ أَو بَيْضَةٌ جُعِلَت ... في دَبَّةٍ من دِبابِ الليلِ مِهْيارِ
قال والدُّبَّة بالضم الطريق قال الشاعر
طَهَا هِذْرِيانٌ قَلَّ تَغْميضُ عَيْنِه ... على دُبَّةٍ مِثْلِ الخَنِيفِ المُرَعْبَلِ
والدَّبُوبُ السَّمينُ من كلِّ شيءٍ [ ص 373 ] والدَّبَبُ الزَّغَب على الوجه وأَنشد قشر النساءِ دَبَب العَرُوسِ وقيل الدَّبَبُ الشَّعَر على وجْه المرأة وقال غيره ودَبَبُ الوَجْه زَغَبُه والدَّبَبُ والدَّبَبانُ كثرةُ الشَّعَر والوَبرِ رَجُلٌ أَدَبُّ وامرأَةٌ دبَّاءُ ودَبِبَةٌ كثيرة الشَّعَرِ في جَبِينِها وبعيرٌ أَدَبُّ أَزَبُّ فأَما قول النبي صلى اللّه عليه وسلم في الحديث لنسائه لَيْتَ شِعْرِي أَيَّتُكُنَّ صاحبةُ الجَمَلِ الأَدْبَبِ تَخْرُجُ فَتَنْبَحُها كِلابُ الحَوْأَبِ ؟ فإِنما أَراد الأَدَبَّ فأَظْهَر التَّضْعيفَ وأَراد الأَدَبَّ وهو الكثير الوَبرِ وقيل الكثيرُ وَبَرِ الوجهِ لِيُوازِن به الحَوْأَبِ قال ابن الأَعرابي جَمَلٌ أَدَبُّ كثيرُ الدَّبَبِ وقد دَبَّ يَدَبُّ دَبَباً وقيل الدَّبَبُ الزَّغَبُ وهو أَيضاً الدَّبَّةُ على مثال حَبَّةٍ والجمع دَبٌّ مثل حَبٍّ حكاه كراع ولم يقل الدَّبَّة الزَّغَبَةُ بالهاءِ ويقال للضَّبُعِ دَبابِ يُريدون دبِّي كما يقال نَزَالِ وحَذارِ ودُبٌّ اسمٌ في بَني شَيْبان وهو دُبُّ بنُ مُرَّةَ ابنِ ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ وهُمْ قوم دَرِمٍ الذي يُضْرَبُ به المثل فيقال أَوْدَى دَرِمٌ وقد سُمِّيَ وَبْرةُ بنُ حَيْدانَ أَبو كلبِ بنِ وبرةَ دُبّاً
ودبوبٌ موضعٌ قال ساعدَة بنُ جُؤَيَّة الهذلي
وما ضَرَبٌ بيضاءُ يَسْقِي دَبُوبَها ... دُفاقٌ فَعُرْوانُ الكَراثِ فَضِيمُها
ودَبَّابٌ أَرض قال الأَزهري وبالخَلْصَاءِ رَمْلٌ يقال له الدَّبَّاب وبِحذائِهِ دُحْلانٌ كثيرة ومنه قول الشاعر
كأَنّ هِنْداً ثَناياها وبَهْجَتَها ... لمَّا الْتَقَيْنَا لَدَى أَدْحالِ دَبَّابِ
مَوْلِيَّةٌ أُنُفٌ جادَ الربيعُ بها ... على أَبارِقَ قد هَمَّتْ بإِعْشابِ
التهذيب ابن الأَعرابي الدَّيدَبون اللهو والدَيْدَبانُ الطَّلِيعَة وهو الشَّيِّفَةُ قال أَبو منصور أَصله دِيدَبان فغَيَّروا الحركة ( 1 )
( 1 قوله « أصله ديدبان فغيروا الحركة إلخ » هكذا في نسخة الأصل والتهذيب بأيدينا وفي التكملة قال الأزهري الديدبان الطليعة فارسي معرب وأصله ديذه بان فلما أَعرب غيرت الحركة وجعلت الذال دالاً ) وقالوا دَيْدَبان لمَّا أُعْرِب وفي الحديث لا يدخلُ الجنَّة دَيْبُوبٌ ولا قَلاَّعٌ الدَّيْبُوبُ هو الذي يَدِبُّ بين الرجالِ والنساءِ للجمع بينهم وقيل هو النَّمَّام لقولهم فيه إِنه لَتَدِبُّ عَقَارِبُه والياء فيه زائدة

( دجب ) الدَّجُوبُ الوعاءُ أَو الغِرارَة وقيل هو جُوَيْلِقٌ خفيفٌ يكون مع المرأَة في السَّفَر قال هل في دَجُوبِ الحُرَّةِ المَخِيطِ وذِيلَةٌ تَشْفِي منَ الأَطِيطِ مِنْ بَكْرَةٍ أَو بازِلٍ عَبِيطِ الوَذِيلَة القِطْعَة من الشَّحْم شبَّهها بسَبِيكةِ الفِضَةِ وعَنَى بالأَطِيطِ تَصْوِيتَ أَمْعائِه من الجوع وقيل الوَذِيلَة قِطْعة من سَنامٍ تُشَقُّ طَويلاً والأَطِيطُ عَصافير الجوع [ ص 374 ]

( دحب ) الدَّحْبُ الدَّفْعُ وهو الدَحْمُ دَحَبَ الرَّجلَ دَفَعه وباتَ يَدْحَب المرأةَ ويَدْحَمُها في الجِماعِ كناية عن النِّكاح والاسمُ الدُّحابُ دَحَبَها يَدْحَبُها نكَحَها ودُحَيْبَة اسم امرأَةٍ

( دحجب ) الدِّحْجابُ والدُّحْجُبانُ ما عَلا من الأَرضِ كالحَرَّة والحَزِيزِ عن الهَجَري

( دخدب ) جارِيةٌ دِخْدِبَة ودَخْدَبَة بكسر الدَّالين وفتحهما مُكْتَنِزَة

( درب ) الدَّرْبُ مَعروف قالوا الدَّرْبُ بابُ السِّكَّة الواسِعُ وفي التهذيب الواسِعة وهو أَيضاً البابُ الأَكبَر والمعنى واحدٌ والجمع دِرابٌ أَنشد سيبويه
مِثْل الكِلابِ تَهِرُّ عند دِرابِها ... ورِمَتْ لهَازِمُها مِنَ الخِزْبازِ
وكلُّ مَدْخلٍ إِلى الرُّومِ دَرْبٌ من دُرُوبِها وقيل هو بفتح الراءِ للنافِذِ منه وبالسكون لغيرِ النَّافِذِ وأَصل الدَّرْبِ المضِيقُ في الجِبالِ ومنه قَولُهُم أَدْرَب القومُ إِذا دَخَلُوا أَرضَ العَدُوِّ من بلادِ الرُّوم وفي حديث جَعْفرِ بنِ عمرو وأَدْرَبْنا أَي دَخَلْنا الدَّرْبَ والدَّرْبُ المَوْضِعُ الذي يُجْعلُ فيه التَّمْرُ لِيَقِبَّ ودَرِبَ بالأَمْرِ دَرَباً ودُرْبَةً وتَدَرَّبَ ضَرِيَ ودَرَّبَه به وعليه وفيه ضَرَّاهُ والمُدَرَّبُ من الرِّجالِ المُنَجَّذُ والمُدَرَّبُ المُجَرَّبُ وكلُّ ما في معناه مما جاءَ على بِناءِ مُفَعَّلٍ فالكسر والفتح فيه جائزٌ في عَيْنِه كالمُجَرَّبِ والمُجَرَّسِ ونحوه إِلاَّ المُدَرَّبَ وشيخٌ مُدَرَّبٌ أَي مُجَرَّبٌ والمُدَرَّب أَيضاً الذي قد أَصابَتْه البَلايا ودَرَّبَتْه الشَّدائِد حتى قَوِيَ ومَرِنَ عليها عن اللحياني وهو من ذلك والدُّرَّابَة الدُّرْبَة والعادة عن ابن الأَعرابي وأَنشد
والحِلْمُ دُرَّابةٌ أَو قُلْتَ مَكْرُمةٌ ... ما لم يُواجِهْكَ يوماً فيه تَشْمِيرُ
والتَّدْريبُ الصَّبْرُ في الحَرْبِ وقْتَ الفِرارِ ويقال دَرِبَ وفي الحديث عن أَبي بكر رضي اللّه عنه لا تَزالون تَهْزِمونَ الرُّومَ فإِذا صاروا إِلى التَّدْريبِ وقَفَتِ الحَرْبُ أَراد الصَّبْر في الحربِ وقتَ الفِرارِ قال وأَصلُه من الدُّرْبة التَّجْرِبةِ ويجوز أَن يكون من الدُّروبِ وهي الطُّرُقُ كالتَّبْويبِ من الأَبْوابِ يعني أَن المسالِكَ تَضِيقُ فَتَقِفُ الحَرْبُ وفي حديث عمران بن حصين وكانتْ ناقة مُدَرَّبةً أَي مُخَرَّجةً مُؤَدَّبةً قد أَلِفَتِ الرُّكُوبَ والسَّيرَ أَي عُوِّدَتِ المَشْيَ في الدُّروبِ فصارَتْ تَأْلَفُها وتَعْرِفُها ولا تَنْفِرُ والدُّرْبةُ الضَّراوة والدُّرْبةُ عادةٌ وجُرْأَةٌ على الحَرْبِ وكلِّ أَمرٍ وقد دَرِبَ بالشيءِ يَدْرَبُ ودَرْدَبَ به إِذا اعتادَه وضَرِيَ به تقول ما زِلْتُ أَعْفُو عن فلانٍ حتى اتَّخذَها دُرْبةً قال كعب بن زهير
وفي الحِلْمِ إِدْهانٌ وفي العَفْوٍ دُرْبةٌ ... وفي الصِّدقِ منْجاةٌ من الشَّرِّ فاصْدُقِ
[ ص 375 ] قال أَبو زيد دَرِبَ دَرَباً ولَهِجَ لَهجاً وضَرِيَ ضَرًى إِذا اعْتادَ الشيءَ وأُولِعَ به والدَّارِبُ الحاذِقُ بصناعتِه والدَّارِبةُ العاقِلة والدَّارِبةُ أَيضاً الطَّبَّالة وأَدْرَب إِذا صَوّت بالطَّبْل ومن أَجناسِ البَقَر الدِّرابُ مما رَقَّتْ أَظْلافُه وكانت له أَسْنِمَةٌ ورَقَّتْ جُلُودُه واحدُها دَرْبانِيٌّ وأَما العِرابُ فما سَكَنَتْ سَرَواتُه وغَلُظَت أَظلافُه وجُلودُه واحدُها عَرَبِيٌّ وأَما الفِراشُ فما جاءَ بين العِرابِ والدِّرَابِ وتكون لها أَسْنِمَةٌ صغارٌ وتَسْتَرْخي أَعيابُها الواحِدُ فَريشٌ ودَرَّبْتُ البازِيَّ على الصيد أَي ضَرَّيْته ودَرَّبَ الجارحة ضَرَّاها على الصيد وعُقابٌ دارِبٌ ودَرِبة كذلك وجَمَلٌ دَرُوبٌ ذَلولٌ وهو من الدُّرْبة قال اللحياني بَكْرٌ دَرَبوتٌ وتَرَبُوت أَي مُذَلَّلٌ وكذلك ناقةٌ دَرَبُوتٌ وهي التي إِذا أَخَذْتَ بِمشْفَرِها ونَهَزْتَ عينها تَبِعَتْكَ وقال سيبويه ناقةٌ تَرَبُوتٌ خِيارٌ فارِهةٌ تاؤُه بَدَلٌ من دال دَرَبُوتٍ وقال الأَصمعيّ كل ذَلُول تَرَبُوتٌ من الأَرض وغيرها التاءُ في كلّ ذلك بدلٌ من الدَّالِ ومن أَخَذَه من التُّرْبِ أَي إِنه في الذِّلَّة كالتُّرْب فتاؤُه وضع غير مُبدلة وتَدَرَّبَ الرجلُ تَهَدّأَ ودَرَابْ جِردَ بَلَدٌ من بلادِ فارِسَ النَّسَبُ إِليه دَرَاوَرْدِيٌّ وهو من شاذّ النَّسَب ابن الأَعرابي دَرْبَى فلانٌ فلاناً يُدَرْبِيه إِذا أَلقاه وأَنشد
اعْلَوَّطَا عَمْراً ليُشْبِياهُ ... في كلِّ سوءٍ ويُدَرْبِياهُ
يُشْبِياهُ ويُدَرْبياه أَي يُلْقِيانه ذكرها الأَزهري في الثلاثي هنا وفي الرُّباعي في دَرْبى الأَزهري في كتاب الليث الدَّرَبُ داءٌ في المَعِدة قال وهذا عندي غلط وصوابه الذَّرَبُ داءٌ في المَعِدة وسيأْتي ذكره في كتاب الذال المعجمة

( دردب ) الدَّرْدَبة عَدْوٌ كعَدْوِ الخائفِ والدَّرْدابُ صَوْتُ الطَّبْلِ الفرَّاءُ الدَّرْدَبِيُّ الضَّرَّابُ بالكُوبة التهذيب وفي نوادرهم دَرْبَجَتِ الناقةُ إِذا رَئِمَتْ ولدها ودَرْدَبَت والدَّرْدَبةُ الخُضوعُ وأَنشد دَرْدَبَ لمَّا عَضَّه الثِّقافُ وهو مَثلَ أَي ذَلَّ وخَضَعَ والثِّقافُ خشبةٌ يُسَوَّى بها الرِّماح وهو فَعْلَلَ أَبو عمرو الدَّرْدَبةُ تَحَرُّكُ الثَّدْيِ الطُّرْطُبِّ وهو الطَّويلُ وقول الراجز قد دَرْدَبتْ والشَّيخُ دَرْدَبِيسُ دَرْدَبتْ خَضَعتْ وذَلَّت

( درعب ) ادْرَعَبَّت الإِبِل كادْرَعَفَّتْ مَضَتْ على وجوهها

( دعب ) داعَبَه مُداعَبةً مازَحَه والاسم الدُّعابةُ والمُداعَبةُ المُمازَحةُ وفي الحديث أَنه عليه السلام كان فيه دُعابةٌ حكاه ابن الأَثير في النهاية [ ص 376 ] وقال الدُّعابةُ المِزاحُ وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم قال لجابرٍ رضي اللّه عنه وقد تَزوّجَ أَبِكْراً تَزوّجْتَ أَم ثَيِّباً ؟ فقال بل ثَيِّباً قال فَهَلاَّ بِكراً تُداعِبُها وتُداعِبُك ؟ وفي حديث عمر وذُكِر له علي للخلافة فقال لولا دُعابةٌ فيه والدُّعابةٌ اللَّعِبُ وقد دَعَبَ فهو دَعَّابٌ لَعّابٌ والدُّعْبُبُ الدُّعابةُ عن السيرافي والدُّعْبُبُ المَزَّاحُ وهو المُغَنِّي المُجِيدُ والدُّعْبُبُ الغلامُ الشَّابُّ البَضُّ ورجلٌ دَعَّابةٌ ودَعِبٌ وداعِبٌ لاعبٌ وأَدْعَبَ الرجلُ أَمْلَحَ أَي قال كلمة مليحةً وهو يَدْعَبُ دَعْباً أَي قال قولاً يُسْتَمْلَحُ كما يقال مَزَحَ يَمْزَحُ وقال الطِّرمَّاح
واسْتَطْرَبَتْ ظُعْنُهُم لمَّا احْزَأَلَّ بهم ... مع الضُّحَى ناشطٌ من داعِباتِ دَدِ
يعني اللَّواتِي يَمْزَحْنَ ويَلْعَبْن ويُدِأْددْن بأَصابعهنَّ ورجل أَدْعَبُ بيَّن الدُّعابةِ أَحمقُ ابن شميل يقال تَدَعَّبْتُ عليه أَي تَدَلَّلْتُ وإِنه لَدَعِبٌ وهو الذي يتمايل على الناس ويَرْكَبُهم بثَنِيَّتِه أَي بناحيتِه وإِنه ليَتَداعَبُ على الناسِ أَي يَرْكَبُهم بِمزاحٍ وخُيَلاء ويَغُمُّهم ولا يَسُبُّهم والدَّعِبُ اللَّعَّابةُ قال الليث فأَما المُداعَبةُ فعلى الاشتراك كالمُمازَحةِ اشترك فيها اثنان أَو أَكثر والدَّعْبُ الدّفْعُ ودَعَبَها يَدْعَبُها دَعْباً نَكَحها والدُّعابةُ نَمْلة سَوْداء والدُّعْبُوبُ ضربٌ من النَّمل أَسود والدُّعابُ والطَّثْرَجُ والحَرامُ والحَذالُ من أَسماءِ النَّمل والدُّعْبوبُ حبَّةٌ سوداء تؤكل الواحدةُ دُعبوبةٌ وهي مثلُ الدُّعاعة وقيل هي أَصل بَقْلةٍ تُقْشَر فيؤْكل وليلةٌ دُعْبوبٌ ليلةُ سوءٍ شديدةٌ وقيل مُظْلمةٌ سُميت بذلك لسَوادها قال ابن هَرْمةَ
ويَعْلَمُ الضَّيْفُ إِمّا ساقه صَرَدٌ ... أَو ليلةٌ من مُحاق الشَّهْر دُعْبوبُ
أَراد ظلام ليلة فحذف المضافَ وأَقامَ المضافَ إِليه مقامه والدُّعْبوبُ الطَّريقُ المُذَلَّلُ الموطوءُ الواضحُ الذي يَسْلُكُه الناسُ قالت جَنوبُ الهُذَليَّةُ
وكلُّ قَوْم وإِنْ عَزُّوا وإِنْ كَثُروا ... يَوْماً طَريقُهُمُ في الشَّرِّ دُعْبوبُ
قال الفرَّاءُ وكذلك الذي يَطَؤُه كلُّ أَحد والدُّعْبوبُ الضَّعيفُ
الذي يَهْزَأُ منه الناسُ وقيل هو القصيرُ الدَّمِيمُ وقيل الدُّعْبُوبُ والدُّعْبُوثُ من الرجال المأْبُونُ المُخَنَّثُ وأَنشد يا فَتىً ما قَتَلْتُمُ غير دُعْبُو ... بٍ ولا مِن قُوارةِ الهِنَّبْرِ
وقيل الدُّعْبُوب النَّشِيطُ قال الراجز يا رُبَّ مُهْرٍ حَسَنٍ دُعْبُوبِ رَحْبِ اللَّبانِ حَسَنِ التَّقْريبِ ودُعْبُبٌ ثَمَر نَبْتٍ قال السِّيرافي هو عِنَبُ [ ص 377 ] الثَّعْلَبِ قال الأَزهري وقول أَبي صخر
ولكن يُقِرُّ العَيْنَ والنفْسَ أَن تَرى ... بعُقْدَتِه فَضْلاتِ زُرْقٍ دَواعِبِ
قال دَواعِب جَوارٍ ماءٌ داعِبٌ يَسْتَنُّ في سَبيله وقال لا أَدري دَواعِب أَم ذَواعِب فلينظر في شعر أَبي صخر

( دعتب ) دَعْتَبٌ موضع

( دعرب ) الدَّعْرَبة العَرامة

( دعسب ) الدَّعْسَبةُ ضَرْبٌ من العَدْوِ

( دعلب ) الأَزهري ابن الأَعرابي يقال للناقة إِذا كانت فَتِيَّةً شابَّةً هي القِرْطاسُ والدِّيباجُ والدِّعْلِبةُ والدِّعْبِلُ والعَيْطَمُوسُ

( دلب ) الدُّلْبُ شجر العَيْثام وقيل شجر الصِّنار وهو بالصِّنار أَشْبَهُ قال أَبو حنيفة الدُّلْبُ شجر يعظم ويَتَّسِع ولا نَوْرَ له ولا ثمر وهو مُفَرَّضُ الوَرَقِ واسِعُه شبيه بورق الكَرْم واحدتُه دُلْبة وقيل هو شجر ولم يوصف وأَرضٌ مَدْلَبةٌ ذاتُ دُلْبٍ والدُّولابُ والدَّوْلابُ كلاهما واحد الدَوالِيبِ وفي المحكم على شكل النَّاعُورةِ يُسْتقَى به الماءُ فارسيّ معرّب وقول مسْكِين الدارمي
بأَيديهم مَغارِفُ من حدِيدٍ ... أُشَبِّهُها مُقَيَّرةَ الدّوالي
ذهب بعضهم إِلى أَنه أَراد مُقَيَّرةَ الدَّوالِيبِ فأَبدل من الباءِ ياءً ثم أَدغم الياء فصار الدَّواليّ ثم خفف فصار دَوالي ويجوز أَن يكون أَراد الدَّوالِيب فحذف الباءَ لضرورة القافية من غير أَن يقلب والدُّلْبة السَّوادُ والدُّلْبُ جنس من سُودانِ السِّند وهو مقلوب عن الدَّيْبُل قال الشاعر
كأَنَّ الدَّارِعَ المَشْكُوكَ منها ... سَلِيبٌ مِن رِجالِ الدَّيْبُلانِ
قال شَبَّه سَوادَ الزِّقِّ بالأَسْوَدِ المُشَلَّحِ من رجال السِّنْد والمُشَلَّحُ العُرْيانُ الذي أُخِذَ ثيابه قال وهي كلمة نَبَطِيَّةٌ

( دنب ) الدِّنَّبُ والدِّنَّبَةُ والدِّنَّابَةُ بتشديد النون القصير قال الشاعر والمَرْءُ دِنَّبَةٌ في أَنفِه كَزَمُ

( دهلب ) دَهْلَبٌ اسم شاعر معروف حكاه ابن جني وأَنشد رجزاً وهو قوله أَبي الذي أَعْمَلَ أَخْفافَ المَطِي حتى أَناخ عند بابِ الحِمْيَري فأُعْطِيَ الحِلْقَ أُصَيلالَ العَشِي

( دوب ) دَابَ دَوْباً كَدَأَبَ

( ذأب ) الذِّئْبُ كَلْبُ البَرِّ والجمعُ أَذْؤُبٌ في القليل وذِئابٌ وذُؤْبانٌ والأُنثَى ذِئْبَةٌ يُهْمَزُ ولا يُهْمَزُ وأَصله الهَمْز وفي حديث الغار فيُصْبِحُ في ذُوبانِ الناسِ يقال لِصعالِيك العرب ولُصُوصِها ذُوبانٌ لأَنهم كالذِّئابِ وذكره ابن الأَثير في ذَوَبَ قال [ ص 378 ] والأَصل في ذُوبان الهمزُ ولكنه خُفِّفَ فانْقَلَبت واواً وأَرْضٌ مَذْأَبةٌ كثِيرة الذِّئابِ كقولك أَرضٌ مَأْسَدَةٌ من الأَسَد قال أَبو علي في التذكرة وناسٌ من قَيْس يقولون مذيَبة فلا يَهْمِزون وتعليل ذلك أَنه خُفِّفَ الذِّئْبُ تَخْفيفاً بَدَلِيّاً صحيحاً فجاءَت الهمزة ياءً فلَزِمَ ذلك عندَه في تَصْرِيفِ الكلمة وذُئِبَ الرَّجُلُ إِذا أَصابَه الذِّئْبُ ورجلٌ مَذْؤُوبٌ وقَع الذِّئْبُ في غَنَمِه تقول منه ذُئِبَ الرَّجُلُ على فُعِلَ وقوله أَنشده ثعلب
هاعٍ يُمَظِّعُني ويُصْبِحُ سادِراً ... سَدِكاً بلَحْمِي ذِئْبُه لا يَشْبَعُ
عَنَى بِذِئْبِه لسانَه أَي إِنه يأْكلُ عِرْضَه كما يأْكلُ الذِّئْبُ الغنمَ وذُؤْبانُ العرب لُصُوصُهم وصَعالِيكُهُمُ الذين يَتَلَصَّصون ويَتَصَعْلَكُونَ وذِئابُ الغَضَى بنو كعب بن مالك بن حنظلة سُمُّوا بذلك لخُبْثِهم لأَن ذِئْبَ الغَضَى أَخْبَثُ الذِّئَابِ وذَؤُبَ الرجلُ يَذْؤُبُ ذَآبَةً وذَئِبَ وتَذَأَّبَ خَبُثَ وصار كالذِّئْبِ خُبْثاً ودَهاءً واسْتَذْأَبَ النَّقَدُ صارَ كالذِّئْب يُضْرَبُ مثلاً للذُّلاّن إِذا عَلَوا الأَعِزَّة وتَذَأَّبَ الناقةَ وتَذَأَّبَ لَها وهو أَن يَسْتَخْفِيَ لها إِذا عَطَفَها على غير ولَدِها مُتَشَبِّهاً لها بالسَّبُعِ لتكون أَرْأَمَ عليه هذا تعبير أَبي عبيد قال وأَحسن منه أَن يقول مُتَشَبِّهاً لها بالذِّئْبِ ليَتَبَيَّن الاِشْتقاقُ وتَذَأَّبَتِ الرِّيحُ وتَذَاءَبَتْ اخْتَلَفَتْ وجاءَتْ من هُنا وهُنا وتَذَأَّبْتُه وتَذاءَبْتُه تَدَاولْتُه وأَصْلُه من الذِّئْبِ إِذا حَذِرَ من وجهٍ جاءَ من آخَر أَبو عبيد المُتَذَئِّبَة والمُتَذائِبَةُ بوَزنِ مُتَفَعِّلة ومُتَفاعِلَة من الرِّياح التي تَجِيءُ من هَهُنا مرَّةً ومن ههنا مرَّةً أُخِذَ من فِعْل الذِّئْبِ لأَنه يأْتي كذلك قال ذوالرُّمة يذكر ثوراً وَحْشِيّاً
فباتَ يُشْئِزهُ ثَأْدٌ ويُسْهِرُه ... تَذَؤُّبُ الرِّيح والوَسْواسُ والهِضَبُ
وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه خَرَجَ منكم جُنَيْدٌ مُتَذائِبٌ ضَعِيفٌ المُتَذائِبُ المُضْطَرِبُ من قولهم تَذَاءَبَتِ الرِّيحُ اضْطرب هبوبُها وغَرْبٌ ذَأْبٌ مُخْتَلَفٌ به قال أَبو عبيدة قال الأَصمعي ولا أُراهُ أُخِذَ إِلا من تَذَؤُّبِ الرِّيحِ وهو اخْتِلافُها فشُبِّه اخْتلافُ البَعيرِ في المَنْحاةِ بها وقيل غَرْبٌ ذَأْبٌ على مثالِ فَعْلٍ كثيرةُ الحركةِ بالصُّعُودِ والنُّزول والمَذْؤُوبُ الفَزِعُ وذُئِبَ الرجُل فَزِعَ من الذِّئْبِ وذَأَّبْتُه فَزَّعْتُه وذَئِب وأَذْأَبَ فَزِع من أَيِّ شيءٍ كان قال الدُّبَيْرِيُّ
إِني إِذا ما لَيْثُ قَوْمٍ هَرَبا ... فسَقَطَتْ نَخْوَتُه وأَذْأَبا
قال وحقيقتُه من الذِّئبِ ويقال للذي أَفْزَعَتْه الجِنُّ تَذَأَّبَتْه وتَذَعَّبَتْه [ ص 379 ] وقالوا رَماه اللّهُ بداءِ الذِّئبِ يَعْنُونَ الجُوعَ لأَنهم يَزْعُمونَ أَنه لا داءَ له غيرُ ذلك وبنُو الذِّئبِ بَطْنٌ من الأَزْدِ منهم سَطِيحٌ الكاهنُ قال الأَعشى
ما نَظَرَتْ ذاتُ أَشْفارٍ كنَظْرَتِها ... حَقّاً كما صَدَقَ الذِّئْبِيُّ إِذ سَجَعا
وابنُ الذِّئْبةِ الثَّقَفِيُّ من شُعرائِهِم ودارةُ الذِّئبِ موضعٌ ويقال للمرأَةِ التي تُسَوِّي مَرْكَبَها ما أَحْسَنَ ما ذَأَبَتْه قال الطِّرمَّاح
كلُّ مَشْكُوكٍ عَصافِيرُه ... ذَأَبَتْه نِسْوَةٌ من جُذامْ
وذَأَبْتُ الشيءَ جَمَعْته والذُّؤَابةُ النَّاصِيةُ لنَوَسانِها وقيل الذُّؤَابةُ مَنْبِتُ الناصيةِ من الرأْس والجَمْعُ الذَّوائِبُ وكان الأَصلُ ذَآئبَ وهو القياسُ مثل دُعابةٍ ودَعائِبَ لكنه لمَّا التَقَتْ همزتان بينهما أَلِفٌ لَيِّنةٌ لَيَّنُوا الهمزة الأولى فقَلَبُوها واواً اسْتِثقالاً لالتقاءِ همزتين في كلمة واحدةٍ وقيل كان الأَصلُ ( 1 )
( 1 قوله « وقيل كان الأصل إلخ » هذه عبارة الصحاح والتي قبلها عبارة المحكم ) ذَآئبَ لأَن أَلِف ذُؤَابةٍ كأَلِفِ رِسالَةٍ فحقُّها أَنْ تُبْدَل منها همزةٌ في الجمع لكنهم اسْتَثْقَلوا أَن تقَع أَلِف الجمع بين الهمزتين فأَبدلوا من الأُولى واواً أَبو زيد ذُؤَابة الرأْسِ هي التي أَحاطَتْ بالدَوَّارة من الشَّعَر وفي حديث دَغْفَلٍ وأَبي بكرٍ إِنَّكَ لستَ من ذَوائِبِ قُرَيْشٍ هي جمع ذُؤَابةٍ وهي الشَّعَر المَضْفورُ من شَعَرِ الرأْسِ وذُؤَابَةُ الجَبَلِ أَعْلاه ثم اسْتُعيرَ للعِزِّ والشَّرَف والمَرْتَبة أَي لستَ من أَشرافِهِم وذَوِي أَقْدارِهم وغُلامٌ مُذَأَّبٌ له ذُؤَابة وذُؤَابةُ الفَرَسِ شَعَرٌ في الرأْسِ في أَعْلى النَّاصِية أَبو عمرو الذِّئْبانُ الشَّعَر على عُنُقِ البعيرِ ومِشْفَرِه وقال الفَرَّاءُ الذِّئْبانُ بَقِيَّة الوَبَر قال وهو واحدٌ قال الشيخ أَبو محمد بن بري لم يذكر الجوهريّ شاهداً على هذا قال ورأَيتُ في الحاشية بيتاً شاهداً عليه لكُثير يصف ناقة
عَسُوف بأَجْوازِ الفَلا حِمْيَرِيَّة ... مَريش بذئْبانِ السَّبِيبِ تَلِيلُها
والعَسُوفُ التي تَمُرُّ على غيرِ هدايةٍ فتَرْكَبُ رأْسها في السَّيْر ولا يَثْنِيها شيءٌ والأَجْوازُ الأَوْساطُ وحِمْيَرِيَّة أَراد مَهْرِية لأَن مَهْرة من حِمْيَر والتَّلِيلُ العُنق والسَّبِيبُ الشَّعَرُ الذي يكونُ مُتَدَلِّياً على وجه الفَرَسِ من ناصِيَتِه جَعل الشَّعَر الذي على عيْنَي الناقة بمنزلة السَّبِيبِ وذُؤَابةُ النَّعْلِ المُتَعَلِّقُ من القِبالِ وذُؤَابة النَّعْلِ ما أَصابَ الأَرضَ من المُرْسَلِ على القَدَم لتَحَرُّكِه وذُؤَابةُ كلِّ شيءٍ أَعلاه وجَمْعُها ذُؤَابٌ قال أَبو ذؤيب
بأَرْي التي تَأْري اليَعاسيبُ أَصْبَحَتْ ... إِلى شاهِقٍ دُونَ السَّماءِ ذُؤَابُها
قال وقد يكون ذُؤَابُها من بابِ سَلٍّ وسَلَّةٍ والذُّؤَابَةُ الجِلْدَة المُعَلَّقَة على آخِر الرَّحْلِ وهي العَذبَة وأَنشد الأَزهري في ترجمة عذب في [ ص 380 ] هذا المكان
قَالُوا صَدَقْتَ ورَفَّعُوا لمَطِيِّهِمْ ... سَيْراً يُطِيرُ ذَوائِبَ الأَكْوارِ
وذُؤَابَة السَّيْفِ عِلاقَةُ قائِمِه والذُّؤَابَةُ شَعَرٌ مَضْفُور ومَوْضِعُها من الرَّأْسِ ذُؤَابَةٌ وكذلك ذُؤَابةُ العِزِّ والشَّرَف وذُؤَابة العِزِّ والشَّرَف أَرْفَعُه على المَثَلِ والجَمْع من ذلك كلِّه ذَوائِبُ ويقال هم ذُؤَابَة قَوْمِهِمْ أَي أَشْرافُهُم وهو في ذُؤَابَةِ قَوْمِه أَي أَعْلاهُم أُخِذوا من ذُؤَابَةِ الرَّأْسِ واسْتَعارَ بعضُ الشُّعراءِ الذَّوائِبَ للنَّخْل فقال
جُمّ الذَّوائِب تَنْمِي وهْيَ آوِيَةٌ ... ولا يُخافُ على حافاتِها السَّرَق
والذِّئْبَةُ من الرَّحْلِ والقَتَبِ والإِكافِ ونحوِها ما تَحْتَ مُقَدَّمِ مُلْتَقَى الحِنْوَيْن وهو الذي يَعَضُّ على مِنْسَجِ الدَّابَّةِ قال وقَتَبٍ ذِئْبَتُه كالمِنْجَلِ وقيل الذِّئْبَةُ فُرْجَةُ ما بَيْنَ دَفَّتَي الرَّحْلِ والسَّرْجِ والغَبِيطِ أَيّ ذلك كان وقال ابن الأَعرابي ذِئْبُ الرَّحْلِ أَحْناؤُه من مُقَدَّمِه وذَأَبَ الرَّحْلَ عَمِلَ لَه ذِئْبةً وقَتَبٌ مُذَأَّبٌ وغَبِيطٌ مُذَأَبٌ إِذا جُعِلَ له فُرْجَة وفي الصحاح إِذا جُعِلَ له ذُؤَابَةٌ قال لبيد
فكَلَّفْتُها هَمِّي فآبَتْ رَذِيَّةً ... طَلِيحاً كأَلْواحِ الغَبِيطِ المُذَأَبِ
وقال امرؤُ القيس
له كَفَلٌ كالدِّعْصِ لَبَّدَه النَّدى ... إِلى حارِكٍ مِثلِ الغَبِيطِ المُذأَبِ
والذِّئْبةُ دَاءٌ يأْخُذُ الدَّوابَّ في حُلُوقِها يقال بِرْذوْنٌ مَذْؤُوبٌ أَخَذَتْهُ الذِّئْبَةُ التهذيب من أَدْواءِ الخَيْلِ الذِّئْبَةُ وقد ذُئِبَ الفَرسُ فهو مَذْؤُوبٌ إِذا أَصابَه هذا الدَّاءُ ويُنْقَبُ عنه بحديدةٍ في أَصلِ أُذُنِهِ فيُسْتَخْرَجُ منه غُدَدٌ صِغارٌ بيضٌ أَصْغَرُ من لُبِّ الجَاوَرْسِ وذَأَبَ الرَّجُلَ طَرَدَه وضَرَبَه كذَأَمَه حكاه اللحياني وذَأَبَ الإِبِلَ يَذْأَبُها ذَأْباً ساقَها وذَأَبَه ذَأْباً حَقَّرَه وطَرَدَه وذَأَمَه ذَأْماً ومنه قوله تعالى مَذْؤُوماً مَدْحوراً والذَّأْبُ الذَّمُّ هذه عن كُراع والذَّأْبُ صَوْتٌ شديدٌ عنه أَيضاً وذُؤَابٌ وذُؤَيْبٌ اسْمانِ وذُؤَيْبَة قبيلَةٌ من هذيل قال الشاعر
عَدَوْنا عَدْوَةً لا شَكَّ فِيها ... فَخِلْناهُم ذُؤَيْبَةَ أَو حَبِيبَا
وحَبِيبٌ قبيلَةٌ أَيضاً

( ذبب ) الذَّبُّ الدَّفْعُ والمَنْعُ والذَّبُّ الطَّرْدُ وذَبَّ عنه يَذُبُّ ذَبّاً دَفَعَ ومنع وذَبَبْت عنه وفُلانٌ يَذُبُّ عن حَرِيمِه ذَبّاً أَي يَدْفَعُ عنهم وفي حديث عمر رضي اللّه عنه إِنما النِّساءُ لَحْمٌ على وَضَمٍ إِلا ما ذُبَّ عنه قال
مَنْ ذَبَّ منكم ذَبَّ عَنْ حَمِيمِهِ ... أَو فَرَّ منكم فَرَّ عَنْ حَريمِهِ
[ ص 381 ] وذَبَّبَ أَكْثَرَ الذَّبَّ ويقال طِعانٌ غيرُ تَذْبِيبٍ إِذا بُولِغَ فيه ورجلٌ مِذَبٌّ وذَبَّابٌ دَفَّاعٌ عن الحرِيمِ وذَبْذَبَ الرَّجلُ إِذا مَنَعَ الجِوارَ والأَهْلَ أَي حَماهم والذَّبِّيُّ الجِلْوازُ وذَبَّ يَذِبُّ ذَبّاً اختَلَفَ ولم يَسْتَقِمْ في مكانٍ واحدٍ وبعيرٌ ذَبٌّ لا يَتَقارُّ في مَوْضِع قال
فكأَننا فيهم جِمالٌ ذَبَّةٌ ... أُدْمٌ طَلاهُنَّ الكُحَيْل وَقار
فقوله ذَبَّةٌ بالهاءِ يَدل على أَنه لم يُسَمَّ بالمَصْدر إِذ لو كان مَصْدَراً لقال جِمالٌ ذَبٌّ كقولك رِجالٌ عَدْلٌ والذَّبُّ الثَّوْرُ الوَحْشِيُّ ويقال له أَيضاً ذَبُّ الرِّيادِ غير مهموزٍ وسُمِّيَ بذلك لأَنه يَخْتَلِف ولا يَسْتَقِرُّ في مكانٍ واحدٍ وقيل لأَنه يَرُودُ فيذهَبُ ويَجِيءُ قال ابن مقبل
يُمشّي بها ذَبُّ الرِّياد كأَنه ... فَتىً فارِسِيٌّ في سَراويلَ رامِحُ
وقال النابغة
كأَنما الرَّحْلُ منها فَوْق ذِي جُدَدٍ ... ذَبِّ الرِّيادِ إِلى الأَشْباح نَظَّارِ
وقال أَبو سعيد إِنما قيل له ذَبُّ الرِّياد لأَن رِيَادَه أَتانُه التي تَرُودُ معه وإِن شئتَ جَعَلْتَ الرِّيادَ رَعْيه نَفْسَه للكَلإِ وقال غيره قيل له ذَبُّ الرِّيادِ لأَنه لا يَثْبُتُ في رَعْيِه في مكانٍ
واحدٍ ولا يُوطِن مَرْعًى واحداً وسَمَّى مُزاحِمٌ العُقَيْليّ الثَّوْرَ الوَحْشِيَّ الأَذبَّ قال
بِلاداً بها تَلْقَى الأَذَبَّ كأَنه ... بها سابِريٌّ لاحَ منه البَنائِقُ
أَراد تَلْقَى الذَّبَّ فقال الأَذَبَّ لحاجته وفُلانٌ ذَبُّ الرِّيادِ يذهَبُ ويَجيءُ هذه عن كُراع أَبو عمرو رَجُلٌ ذَبُّ الرِّيادِ إِذا كان زَوَّاراً للنساءِ وأَنشد لبعض الشعراءِ فيه
ما للْكَواعبِ يا عَيْسَاءُ قد جَعَلَتْ ... تَزْوَرُّ عنّي وتُثْنَى دُونيَ الحُجَرُ ؟
قد كنتُ فَتَّاحَ أَبوابٍ مُغَلَّقَةٍ ... ذَبَّ الرِّيادِ إِذا ما خُولِسَ النَّظَرُ
وذَبَّتْ شَفَتُه تَذِبُّ ذَبّاً وذَبَباً وذُبوباً وذَبِبَتْ يَبِسَتْ وجَفَّتْ وذَبَلَتْ من شدَّةِ العطش أَو لغيرِه وشَفَةٌ ذَبَّانةٌ ذابِلة وذَبَّ لسانُه كذلك قال
هُمُ سَقَوْني عَلَلاً بعدَ نَهَلْ ... مِن بعدِ ما ذَبَّ اللِسانُ وذَبَلْ
وقال أَبو خَيْرَة يصف عَيْراً
وشَفَّهُ طَرَدُ العاناتِ فَهْوَ به ... لوْحانُ مِن ظَمَإٍ ذَبٍّ ومِن عَضَبِ
أَراد بالظَّمَإِ الذَّبِّ اليابِسَ وذَبَّ جِسمُه ذَبَلَ وهَزُلَ وذَبَّ النَّبْتُ ذَوَى وذَبَّ الغَدِيرُ يَذِبُّ جَفَّ في آخرِ الجَزْءِ عن ابن الأعرابي وأَنشد
مَدارِينُ إِن جاعُوا وأَذْعَرُ مَن مَشَى ... إِذا الرَّوْضَةُ الخضراءُ ذَبَّ غَدِيرُها
[ ص 382 ] يروى وأَدْعَرُ مَنْ مَشى وذَبَّ الرجُلُ يَذِبُّ ذَبّاً إِذا شَحَبَ لَوْنُه وذَبَّ جَفَّ وصَدَرَت الإِبِلُ وبها ذُبابةٌ أَي بَقِية عَطَشٍ وذُبابةُ الدَّيْنِ بقِيتُه وقيل ذُب ابَةُ كل شيءٍ بقِيتُه والذُّبابةُ البقِية من الدَّيْن ونحوِه قال الراجز أَو يَقْضِيَ اللّهُ ذُباباتِ الدَّيْنْ أَبو زيد الذُّبابة بقِيَّةُ الشيء وأَنشد الأَصمعي لذي الرُّمة
لَحِقْنا فراجَعْنا الحُمولَ وإِنما ... يُتَلِّي ذُباباتِ الوداعِ المُراجِعُ
يقول إِنما يُدْرِكُ بقايا الحَوائج من راجَع فيها والذُّبابة أَيضاً البقِية من مِياه الأَنهارِ وذَبَّبَ النَّهارُ إِذا لم يَبْقَ منه إِلا بقِية وقال وانْجابَ النهارُ فَذَبَّبا والذُّبابُ الطَّاعون والذُّبابُ الجُنونُ وقد ذُبَّ الرجُلُ إِذا جُنَّ وأَنشد شمر
وفي النَّصْرِيِّ أَحْياناً سَماحٌ ... وفي النَّصْريِّ أَحْياناً ذُبابُ
أَي جُنونٌ والذُّبابُ الأَسْوَدُ الذي يكون في البُيوتِ يَسْقُط في الإِناءِ والطَّعامِ الواحدةُ ذُبابةٌ ولا تَقُلْ ذِبَّانة والذُّبابُ أَيضاً النَّحْل ولا يقال ذبابة في شيءٍ من ذلك إِلا أَن أَبا عُبيدة رَوَى عن الأَحْمَرِ ذبابة هكذا وقع في كتاب المُصَنَّف رواية أَبي عليّ وأَما في رواية عليِّ بنِ حمزة فَحَكى عن الكسائي الشَّذاةُ ذُبابةُ بعضِ الإِبلِ وحُكِيَ عن الأَحمر أَيضاً النُّعَرة ذُبابةٌ تَسْقُط على الدَّوابِّ وأَثْبت الهاءَ فيهما والصَّواب ذُبابٌ هو واحدٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه كَتَب إِلى عامِلِه بالطَّائف في خَلايا العَسَل وحِمايتِها إِنْ أَدَّى ما كان يُؤَدِّيه إِلى رسولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم من عُشورِ نَحْلِه فاحْمِ له فإِنما هو ذُبابُ غَيْثٍ يأْكُلُه مَنْ شاءَ قال ابن الأَثير يريدُ بالذُّبابِ النَّحْلَ وأَضافَه على الغَيْثِ إِلى معنى أَنه يكونُ مَعَ المَطَر حيثُ كان ولأَنه يَعِيشُ بأَكْلِ ما يُنْبِتُه الغَيْثُ ومعنى حِماية الوادي له أَنَّ النَّحْلَ إِنما يَرْعَى أَنْوارَ النَّباتِ وما رَخُصَ منها ونَعُمَ فإِذا حُمِيَتْ مَراعِيها أَقامت فيها ورَعَتْ وعَسَّلَتْ فكَثُرَتْ منافعُ أَصحابِها وإِذا لم تُحْمَ مَراعِيها احتاجَت أَنْ تُبْعِدَ في طَلَبِ المَرْعَى فيكونَ رَعْيُها أَقَلَّ وقيل معناه أَنْ يُحْمَى لهم الوادي الذي يُعَسِّلُ فيه فلا يُتْرَكَ أَحدٌ يَعْرِضُ للعَسَل لأَن سبيلَ العسَل المُباحِ سبيلُ المِياهِ والمَعادِنِ والصُّيودِ وإِنما يَمْلِكُه من سَبَقَ إِليه فإِذا حَماه ومَنَع الناسَ منه وانْفَرَدَ به وَجَبَ عليه إِخْراجُ العُشْرِ منه عند مَن أَوجب فيه الزَّكاة التهذيب واحدُ الذِّبَّانِ ذُبابٌ بغير هاءٍ قال ولا يُقال ذُبَابة وفي التنزيل العزيز وإِن يَسْلُبْهُم الذُّبابُ شيئاً فسَّروه للواحد والجمع أَذِبَّةٌ في القِلَّة مثلُ غُرابٍ وأَغْرِبَةٍ قال النابغة ضَرَّابة بالمِشْفَرِ الأَذِبَّهْ وذِبَّانٌ مثلُ غِرْبانٍ سيبويه ولم يَقْتَصِرُوا به على أَدْنى العدد لأَنهم أَمِنُوا التَّضْعيف يعني أَنَّ فُعالاً لا يكَسَّر في أَدنى العدد على فِعْلانٍ [ ص 383 ] ولو كان ممَّا يَدْفَعُ به البناءُ إِلى التَّضعيف لم يُكسَّر على ذلك البناءِ كما أَنَّ فِعَالاً ونحوه لمَّا كان تكسيره على فُعُل يُفْضِي به إِلى التَّضْعِيف كسروه على أَفعلة وقد حكى سيبويه مع ذلك عن العرب ذُبٌّ في جمع ذُبابٍ فهو مع هذا الإِدغامِ على اللُّغَة التَّمِيمِيَّة كما يَرْجِعون إِليها فيما كان ثانِيه واواً نحو خُونٍ ونُورٍ وفي الحديث عُمْرُ الذُّبابِ أَربعون يَوْماً والذُّبابُ في النار قيل كَوْنُه في النار ليس لعذاب له وإِنما لِيُعَذَّبَ به أَهل النار بوقوعه عليهم والعرب تَكْنُو الأَبْخَر أَبا ذُبابٍ وبعضهم يَكْنيه أَبا ذِبَّانٍ وقد غَلَبَ ذلك على عبدالملك بن مَرْوانَ لِفَسادٍ كان في فَمِه قال الشاعر
لَعَلِّيَ إِنْ مالَتْ بِيَ الرِّيحُ مَيلةً ... على ابنِ أَبي الذِّبّانِ أَن
يَتَنَدّما يعني هشامَ بنَ عبدالملك وذَبَّ الذُّبابَ وذَبَّبه نَحَّاه ورجل مَخْشيُّ الذُّبابِ أَي الجَهْلِ وأَصابَ فُلاناً من فلانٍ ذُبابٌ لادِغٌ أَي شَرٌّ وأَرض مَذَبَّةٌ كثيرةُ الذُّبابِ وقال الفرَّاءُ أَرضٌ مَذْبوبة كما يقال مَوْحُوشةٌ من الوَحْشِ وبَعيرٌ مَذْبُوبٌ أَصابه الذُّبابُ وأَذَبُّ كذلك قاله أَبو عبيد في كتاب أَمراضِ الإِبل وقيل الأَذَبُّ والمَذْبوبُ جميعاً الذي إِذا وَقَع في الرِّيفِ والريفُ لا يكونُ إِلاَّ في المصادرِ اسْتَوْبَأَهُ فمات مكانَه قال زياد الأَعْجمُ في ابنِ حَبْنَاء
كأَنَّكَ مِن جِمالِ بني تَمِيمٍ ... أَذَبُّ أَصابَ مِن رِيفٍ ذُبابا
يقول كأَنَّك جَمَلٌ نزلَ ريفاً فأَصابَهُ الذُّبابُ فالْتَوَتْ عُنُقُه فمات والمِذَبَّةُ هَنَةٌ تُسَوَّى من هُلْبِ الفَرَسِ يُذَبُّ بها الذُّبابُ وفي الحديث أَنّ النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم رأَى رَجُلاً طويلَ الشَّعَر فقال ذُبابٌ الذُّبابُ الشُّؤْم أَي هذا شُؤْمٌ ورجل ذُبابيٌّ مأْخوذٌ من الذُّبابِ وهو الشُّؤْمُ وقيل الذُّبابُ الشَّرُّ الدَّائِم يقال أَصابكَ ذُبابٌ من هذا الأَمْرِ وفي حديث المغيرة شَرُّها ذُبابٌ وذُبابُ العَينِ إِنْسانُها على التَّشبِيهِ بالذُّباب والذُّبابُ نُكْتَةٌ سوداءُ في جَوْفِ حَدَقَةِ الفَرَسِ والجمع كالجمع وذبابُ أَسْنانِ الإِبِلِ حَدُّها قال المثَقّب العبدي
وتَسْمَعُ للذُّبابِ إِذا تَغَنَّى ... كَتَغْريدِ الحَمَامِ على الغُصُونِ
وذبابُ السَّيْفِ حَدُّ طَرَفِه الذي بين شَفْرَتَيْهِ وما حَوْلَه من حَدَّيْهِ ظُبَتَاه والعَيْرُ النَّاتئُ في وَسَطِه من باطنٍ وظاهرٍ وله غِرَارانِ لكلِّ واحدٍ منهما ما بينَ العَيْرِ وبين إِحدى الظُّبَتَين من ظاهِر السَّيفِ وما قُبالَةَ ذلك من باطنٍ وكلُّ واحدٍ من الغِرارَينِ من باطنِ السَّيف وظاهره وقيل ذُبابُ السَّيفِ طَرَفُه المُتَطَرِّفُ الذي يُضْرَبُ به وقيل حَدُّه وفي الحديث رأَيتُ ذُبابَ سَيْفي كُسِرَ فأَوَّلْتُه أَنه يصابُ رجلٌ من أَهل بيتي فقُتِل حَمْزَةُ والذُّبابُ من أُذُنِ الانسانِ والفَرَس ما حَدَّ من طَرَفِها أَبو عبيد [ ص 384 ] في أُذُنَي الفرسِ ذُباباهُما وهما ما حُدَّ من أَطرافِ الأُذُنَيْن وذُبابُ الحِنَّاء بادِرةُ نَوْرِه وجاءَنا راكبٌ مُذَبِّبٌ عَجِلٌ مُنْفَرِدٌ قال عنترة
يُذَبِّبُ وَرْدٌ على إِثرِهِ ... وأَدْرَكُه وَقْعُ مِرْدىً خَشِبْ
إِمّا أَنْ يكونَ على النَّسَب وإِمّا أَنْ يكون أَراد خَشِيباً فحذف للضرورة وذَبَّبْنا لَيْلَتَنَا أَي أَتْعَبْنا في السَّير ولا يَنالونَ الماءَ إِلاَّ بقَرَبٍ مُذَبِّبٍ أَي مُسْرِع قال ذو الرُّمة
مُذَبِّبَة أَضَرَّ بِهَا بُكُورِي ... وتَهْجِيري إِذا اليَعْفُورُ قالا
اليَعْفُورُ الظَّبيُ وقال من القَيْلُولة أَي سَكَنَ في كِنَاسِه مِن شِدَّةِ الحَرِّ وظِمْءٌ مُذَبِّبٌ طَويلٌ يُسارُ فيه إِلى الماءِ من بُعْدٍ فيُعَجَّل بالسَّيرِ وخِمْسٌ مُذَبِّبٌ لا فُتُورَ فيه وذَبَّبَ أَسْرَع في السَّيرِ وقوله مَسِيرَة شَهْرٍ للبَعِيرِ المُذَبْذِبِ أَرادَ المُذَبِّبَ وأَذَبُّ البعيرِ نابُهُ قال الراجز كأَنَّ صَوْتَ نابِهِ الأَذَبِّ صَرِيفُ خُطَّافٍ بِقَعْوٍ قَبِّ والذَّبْذَبَةُ تَرَدُّدُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ والذَّبْذَبَة والذَّباذِبُ أَشياءُ تُعَلَّقُ بالهودَجِ أَو رأْسِ البعيرِ للزينةِ والواحد ذُبْذُبٌ والذَّبْذَبُ اللِّسانُ وقيلَ الذَّكَر وفي الحديث مَنْ وُقِيَ شَرَّ ذَبْذَبِهِ وقَبْقَبِه فقد وُقيَ فَذَبْذَبُه فَرْجُه وقَبْقَبُه بَطْنُه وفي رواية مَن وُقِيَ شَرَّ ذَبْذَبِه دَخَلَ الجنَّةَ يعني الذَّكَر سُمِّيَ بِه لتَذَبْذُبِهِ أَي حَرَكَتِه والذَّباذِبُ المذاكِيرُ والذَّباذِبُ ذكر الرجلِ لأَنَّه يَتَذَبْذَبُ أَي يَترَدَّد وقيل الذَّباذِب الخُصَى واحِدتُها ذَبْذَبَةٌ ورجلٌ مُذَبْذِبٌ ومُتَذَبْذِبٌ مُترَدِّدٌ بين أَمْرَين أَو بين رجُلَين ولا تَثْبُتُ صُحْبَتُه لواحِدٍ منهما وفي التنزيل العزيز في صفة المنافقين مُذَبْذَبِين بين ذلك لا إِلى هؤُلاء ولا إِلى هؤُلاء المعنى مُطَرَّدين مدَفَّعين عن هؤُلاء وعن هؤُلاء وفي الحديث تَزَوَّجْ وإِلاَّ فأَنتَ من المُذَبذِبِينَ أَي المَطْرُودين عن المؤْمنين لأَنَّكَ لم تَقْتَدِ بِهِم وعن الرُّهْبانِ لأَنَك تَركتَ طَرِيقَتَهُمْ وأَصلُه من الذَّبِّ وهو الطَّرْدُ قال ابن الأَثير ويجوز أَن يكونَ من الحركة والاضْطِرابِ والتَّذَبْذُبُ التَّحرُّكُ والذَّبْذَبةُ نَوْسُ الشيءِ المُعَلَّقِ في الهواءِ وتَذَبْذَبَ الشيءُ ناسَ واضْطَرَبَ وذَبْذَبَهُ هو أَنشد ثعلب
وحَوْقَلٍ ذَبْذَبَهُ الوَجِيفُ ... ظَلَّ لأَعْلَى رأْسِهِ رَجِيفُ
وفي الحديث فكأَني أَنْظُرُ إِلى يَدَيْه تَذَبْذَبانِ أَي تَتَحَرَّكانِ وتَضْطَرِبان يريد كُمَّيْهِ وفي حديث جابر كان عليَّ بُرْدَة لها ذباذِبُ أَي أَهْدابٌ [ ص 385 ] وأَطْرافٌ واحدُها ذِبْذِبٌ بالكسرِ سُمِّيَتْ بذلك لأَنَّها تَتَحَرَّك على لابسِها إِذا مَشى وقول أَبي ذؤَيب
ومِثْل السَّدُوسِيَّيْن سادَا وذَبْذَبا ... رِجال الحِجازِ مِنْ مَسُودٍ وَسائدِ
قيل ذَبْذَبا عَلَّقَا يقول تقطع دونهما رجالُ الحجازِ وفي الطَّعام ذُبَيْباءُ ممدودٌ حكاه أَبو حنيفة في باب الطَّعام الذي فيه ما لا خَيْرَ فيه ولم يفسِّره وقد قيل إِنها الذُّنَيْناءُ وستُذْكر في موضِعِها وفي الحديث أَنه صَلَبَ رجُلاً على ذُبابٍ هو جبلٌ بالمدينة

( ذرب ) الذَّرِبُ الحادُّ من كلِّ شيءٍ ذَرِبَ يَذْرَبُ ذَرَباً وذَرابةً فهو ذَرِبٌ قال شَبيب بن البَرْصاءِ
كأَنها من بُدُنٍ وإِيقارْ ... دَبَّتْ عليها ذَرِباتُ الأَنْبارْ
قال ابن بري أَي كأَنّ هذه الإِبِلَ من بُدْنِها وسِمَنِها وإِيقارِها
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ذبب الذَّبُّ الدَّفْعُ والمَنْعُ والذَّبُّ الطَّرْدُ باللحم قد دَبَّتْ عليها ذَرِباتُ الأَنْبارِ والأَنْبارُ جمعُ نَبْرٍ وهو ذُبابٌ يَلْسَعُ فيَنْتَفِخُ مكانُ لسْعِه فقوله ذَرِبات الأَنْبار أَي حَديداتُ اللَّسْع ويُروى وإِيفار بالفاءِ أَيضاً وقَوْمٌ ذُرُبٌ ابن الأَعرابي ذَرِبَ الرَّجلُ إِذا فَصُحَ لسانُه بعدَ حَصرِه ولسانٌ ذَرِبٌ حديدُ الطَّرَف وفيه ذَرابةٌ أَي حِدَّةٌ وذَرَبُه حِدَّتُه وذَرَبُ المَعِدَة حِدَّتُها عن الجُوعِ ذَرِبَتْ مَعِدَته تَذْرَبُ ذَرباً فهي ذَرِبة إِذا فَسَدَتْ وفي الحديث في أَلبانِ الإِبِل وأَبْوالِها شِفاءُ الذَّرَبِ هو بالتحريكِ الدَّاءُ الذي يَعْرِضُ للمَعدة فلا تَهْضِمُ الطَّعامَ ويَفْسُدُ فيها ولا تُمْسِكُه قال أَبو زيد يقال للغُدَّة ذِرْبةٌ وجَمْعُها ذِرَبٌ والتَّذْريبُ التَّحْديدُ يقال لسانٌ ذَرِبٌ وسِنانٌ ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ قال كعب بنُ مالك
بمُذَرَّباتٍ بالأَكُفِّ نواهِلٍ ... وبكلِّ أَبْيضَ كالغَدير مُهَنَّدِ
وكذلك المَذْروبُ قال الشاعر
لقد كان ابنُ جَعْدَةَ أَرْيَحِيَّا ... على الأَعْداءِ مَذْروبَ السِّنانِ
وذَرَبَ الحَديدَة يَذْرُبُها ذَرْباً وذرَّبَها أَحدَّها فهي مَذرُوبَة وقَوم ذَرْبٌ أَحِدَّاءُ وامرأَةٌ ذِرْبَةٌ مثلُ قِرْبَة وذَرِبَةٌ أَي صَخَّابةٌ حديدةٌ سَلِيطَة اللّسانِ فاحِشَة طَويلَة اللّسانِ وذَرَبُ اللّسانِ حِدَّتُه وفي الحديث عن حذيفة قال كنتُ ذَرِبَ اللّسانِ على أَهلِي فَقُلْت يا رسول اللّه إِنِّي لأَخْشَىأَنْ يُدْخِلَنِي النارَ فقال رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأَيْنَ أَنتَ من الاسْتِغفارِ ؟ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللّهَ في اليومِ مائَةً فذكرْتُه لأَبي بُرْدَة فقال وأَتُوبُ إِليه قال أَبو بكر في قولِهم فلانٌ ذَرِبُ اللسانِ قال سمعتُ أَبا العباسِ يقول معناهُ فاسِدُ اللِّسانِ قال وهو عَيْبٌ وذَمٌّ يقال قد ذَرِبَ لسانُ الرَّجلِ يَذْرَبُ إِذا فَسَد
[ ص 386 ]
ومِنْ هذا ذَرِبَتْ مَعِدَتُه فَسَدَتْ وأَنشد
أَلم أَكُ باذِلاً وِدِّي ونَصْري ... وأَصْرِف عنكم ذَرَبِي ولَغْبِي
قال واللَّغْبُ الرَّدِيءُ من الكلامِ وقيل الذَّرِبُ اللسانِ هو الحادُّ اللسان وهو يَرْجِعُ إِلى الفَسادِ وقيل الذَّرِبُ اللِّسانِ الشَّتَّامُ الفاحِشُ وقال ابن شميل الذَّرِبُ اللسان الفاحِشُ البَذِيُّ الذي لا يبالي ما قال وفي الحديث ذَرِبَ النِّساءُ على أَزْواجِهِنَّ أَي فَسَدَتْ أَلسِنَتُهنَّ وانْبَسَطْن عليهم في القول والرواية ذَئِرَ بالهمز وسنذكره وفي الحديث أَنّ أَعشى بني مازن قدم على النبي
صلى اللّه عليه وسلم فأَنشد أَبياتاً فيها
يا سَيِّدَ الناسِ ودَيَّانَ العَرَبْ ... إِلَيْكَ أَشْكُو ذِرْبةً من الذِّرَبْ
خَرَجْتُ أَبْغِيها الطَّعامَ في رَجَبْ ... فخَلَفَتْنِي بنِزاعٍ وحَرَبْ
أَخْلَفَتِ العَهْدَ ولَطَّتْ بالذَّنَبْ ... وتَرَكَتْنِي وَسْطَ عِيصٍ ذي أَشَبْ
تَكُدُّ رِجْلَيَّ مَسامِيرُ الخَشَبْ ... وهُنَّ شَرُّ غالِبٍ لِمَنْ غَلَبْ
قال أَبو منصور أَراد بالذِّرْبَةِ امرأَتَه كَنَى بها عن فسادِها وخِيانَتِها إِيَّاه في فَرْجِها وجَمْعُها ذِرَبٌ وأَصلُه من ذَرَبِ المَعِدة وهو فسادُها وذِرْبةٌ منقول من ذَرِبَةٍ كمِعْدةٍ من مَعِدَة وقيل أَراد سَلاطة لسانِها وفسادَ مَنْطِقِها من قولهم ذَرِبَ لسانُه إِذا كان حادَّ اللِّسانِ لا يُبالِي ما قال وذكر ثعلب عن ابن الأَعرابي أَن هذا الرَّجَزَ للأَعْوَرِ بنِ قراد بنِ سفيان من بني الحِرْمازِ وهو أَبو شَيْبانَ الحِرْمازِيّ أَعْشى بني حِرْمازٍ وقوله فخَلَفَتْني أَي خالَفَت ظَنِّي فيها وقوله لَطَّتْ بالذَّنَب يقال لَطَّت النَّاقَةُ بذَنَبِها أَي أَدْخَلَتْهُ بين فَخِذَيْها لتَمْنَع الحالِبَ ويقال أَلْقَى بينَهم الذَّرَبَ أَي الاخْتِلافَ والشَّرَّ وسُمٌّ ذَرِبٌ حديدٌ والذُّرَابُ السُّمُّ عن كراع اسمٌ لا صِفَةٌ وسيف ذَرِبٌ ومُذَرَّبٌ أُنْقِعَ في السُّمِّ ثم شُحِذَ التهذيب تَذْريبُ السَّيف أَن يُنْقَعَ في السُّمِّ فإِذا أُنْعِمَ سَقْيُهُ أُخْرِجَ فشُحِذَ قال ويجوز ذَرَبْتُه فهو مَذْرُوبٌ قال عبيد
وخِرْقٍ من الفِتْيانِ أَكرَمَ مَصْدَقاً ... من السَّيْفِ قد آخَيْتُ ليسَ بِمَذْرُوبِ
قال شمر ليسَ بفاحِشٍ والذَّرَبُ فسادُ اللِّسانِ وبَذَاؤُه وفي لسانِهِ ذَرَبٌ وهو الفُحْشُ قال وليسَ من ذَرَبِ اللِّسانِ وحِدَّتِه وأَنشد
أَرِحْني واسْتَرِحْ منِّي فإِني ... ثَقِيلٌ مَحْمِلي ذَرِبٌ لِساني
وجمعه أَذْرابٌ عن ابن الأَعرابي وأَنشد لِحَضْرَمِيَّ ابن عامرٍ
الأَسَدي
ولَقَدْ طَوَيْتُكُمُ على بَلُلاتِكُمْ ... وعَرَفْتُ ما فِيكُمْ من الأَذْرابِ
كَيْمَا أُعِدَّكُمُ لأَبْعَدَ مِنْكُمُ ... ولقد يُجاءُ إِلى ذَوِي الأَلبابِ
معنى ما فِيكُم مِن الأَذرابِ مِن الفسادِ ورواه ثعلب الأَعيابِ جَمعُ عَيْبٍ قال ابن بري وروى ابن الأَعرابي هذين البيتين على غير هذا [ ص 387 ]
الحَوْكِ ولم يُسَمِّ قائِلَهما وهما
ولقد بَلَوْتُ الناسَ في حالاتِهِم ... وعَلِمْتُ ما فِيهم من الأَسبابِ
فإِذا القَرَابَةُ لا تُقَرِّبُ قاطِعاً ... وإِذا المَوَدَّةُ أَقْرَبُ الأَنْسابِ
وقوله ولقد طَوَيْتُكُمُ على بَلُلاتِكُم أَي طَوَيْتُكُم على مَا فِيكُم مِن أَذًى وعَداوَةٍ وبَلُلاتٌ بضم اللام جمعُ بَلُلَةٍ بضم اللام أَيضاً قال ومنهم مَنْ يَرْويه على بَلَلاتِكُم بفتح اللام الواحِدَةُ بَلَلة أَيضاً بفتح اللام وقيل في قوله على بَلَلاتِكُم إِنه يُضْرَبُ مثلاً لإِبْقاءِ المَوَدَّة وإِخْفاءِ ما أَظْهَرُوه من جَفائِهِمْ فيكون مثلَ قولهم اطْوِ الثَّوْبَ على غَرِّه لينْضَمَّ بعضُه إِلى بعضٍ ولا يَتبايَنَ ومنه قولهم أَيضاً اطْوِ السِّقاءَ على بَلَلِه لأَنه إِذا طُوِيَ وهو جافٌّ تَكَسَّر وإِذا طُوِيَ على بَلَلِه لم يَتَكَسَّر ولم يَتَبايَنْ والتَّذْريبُ حَمْلُ المَرْأَة وَلَدَها الصَّغيرَ حتى يَقْضِيَ حَاجَتَه ابن الأَعرابي أَذْرَبَ الرَّجُلُ إِذا فسد عَيْشُه وذَرِبَ الجُرْحُ ذَرَباً فهو ذَرِبٌ فَسَد واتسع ولم يَقْبَل البُرْءَ والدَّوَاءَ وقيل سالَ صَديداً والمَعْنَيان مُتَقارِبانِ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه ما الطَّاعُون ؟ قال ذَرَبٌ كالدُّمَّل يقال ذَرِبَ الجُرْحُ إِذا لم يَقْبَلِ الدَّواءَ ومنه الذَّرَبَيَّا على فَعَلَيَّا وهي الدَّاهِيَةُ قال الكُمَيْت
رَمَانِيَ بالآفَاتِ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ ... وبالذَّرَبَيَّا مُرْدُ فِهْرٍ وَشِيبُهَا
وقيل الذَّرَبَيَّا هو الشَّرُّ والاخْتِلافُ ورَمَاهُم بالذَّرَبِينَ مثلُه ولَقِيتُ منه الذَّرَبَى والذَّرَبَيَّا والذَّرَبِينَ ( 1 )
( 1 قوله « والذربين » ضبط في المحكم والتكملة وشرح القاموس بفتح الذال والراء وكسر الباء الموحدة وفتح النون وضبط في بعض نسخ القاموس المطبوعة وعاصم أَفندي بسكون الراء وفتح الباء وكسر النون ) أَي الداهِيَةَ وذَرِبَتْ مَعِدَتُه ذَرَباً وذَرَابَةً وذُرُوبَةً فهي ذَرِبَة فَسَدَتْ فهو من الأَضْدادِ والذَّرَبُ المَرَضُ الذي لا يَبْرَأُ وذَرَب أَنْفُه ذَرابةً قَطَرَ والذِّرْيَبُ الأَصْفَرُ من الزَّهْرِ وغيره قال الأَسود ابن يَعْفُرَ ووصَف نباتاً
قَفْرٌ حَمَتْهُ الخَيْلُ حتَّى كأَنْ ... زاهِرَه أُغْشِيَ بالذِّرْيَبِ
وأَما ما ورد في حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه لَتَأْلَمُنَّ النَّومَ على الصُّوفِ الأَذْرَبِيِّ كما يَأْلَمُ أَحَدُكُمْ النَّومَ على حَسَكِ السَّعْدانِ فإِنه ورَد في تفسيره الأَذْرَبيّ مَنْسوبٌ إِلى أَذْرَبِيجان على غيرِ قياس قال ابن الأَثير هكذا تقول العرب والقياس أن تقول أَذَرِيٌّ بغير باءٍ كما يقال في النَّسَبِ إِلى رَامَ هُرْمُزَ رَامِيٌّ وهو مطرد في النَّسب إِلى الأَسماءِ المركبة

( ذعب ) قال الأَصمعي رأَيتُ القومَ مُذْعابِّينَ كأَنهم عُرْفُ ضِبْعانٍ ومُثْعابِّين بمعناه وهو أَن يَتْلُوَ بعضُهم بعضاً قال الأَزهري وهذا عنْدي مأْخوذٌ من انْثَعَبَ الماءُ وانْذَعَب إِذا سال واتَّصَلَ جَرَيانُه في النَّهَر قُلِبَتِ الثاءُ ذالاً [ ص 388 ]

( ذعلب ) الذِّعْلِبُ والذِّعْلِبَة النَّاقةُ السريعةُ شُبِّهَتْ بالذِّعْلِبَة وهي النَّعامةُ لسُرْعَتِها وفي حديث سَوَادِ بنِ مُطَرّفٍ الذِّعْلِبُ الوَجْناءُ هي الناقةُ السريعةُ وقال خالدُ بنُ جَنَبة الذِّعْلِبَة النُّوَيْقَةُ التي هي صَدَعٌ في جسمِها وأَنت تَحْقِرُها وهي نَجِيبَة وقال غيره هي البَكْرَة الحَدَثَة وقال ابن شميل هي الخفيفةُ الجَوَادُ قال ولا يقال جَمَلٌ ذِعْلِبٌ وجَمْعُ الذِّعْلِبَة الذَّعالِيبُ والتَّذَعْلُب الانْطِلاقُ في اسْتِخْفاءٍ وقد تَذَعْلَبَ تَذَعْلُباً وجَمَلٌ ذِعْلِبٌ سريعٌ باقٍ على السَّيْرِ والأُنْثَى بالهاءِ والذِّعْلِبة النَّعَامة لسُرْعتِها والذِّعْلِبة والذُّعْلوبُ طَرَف الثَّوْبِ وقيل هُما ما تقَطَّع من الثَّوْب فَتَعَلَّق والذِّعْلِبُ من الخِرَق القِطَع المُشَقَّقَة والذُّعْلوبُ أَيضاً القِطعة من الخِرْقةِ والذَّعالِيب قِطَعُ الخِرَق قال رؤْبة
كأَنه إِذْ راحَ مَسْلُوسُ الشَّمَقْ ... مُنْسَرِحاً عنه ذَعالِيبُ الخِرَقْ ( 1 )
( 1 قوله « منسرحاً عنه ذعاليب الخرق » قال في التكملة الرواية منسرحاً إِلا ذعاليب بالنصب اه وسيأتي في مادة سرح كذلك )
والمَسْلوسُ المَجْنُونُ والشَّمَقُ النَّشاطُ والمُنْسَرِحُ الذي انْسَرَحَ عنه وَبَرُه والذَّعالِيبُ ما تَقَطَّع من الثِّيابِ
قال أَبو عَمْرو وأَطْرافُ الثِّيابِ وأَطْرافُ القَميصِ يقالُ لها الذَّعالِيبُ واحدُها ذُعْلُوبٌ وأَكثرُ ما يُسْتَعمل ذلك جَمْعاً أَنشد ابن الأَعرابي لجرير
لقد أَكونُ على الحاجاتِ ذا لَبَثٍ ... وأَحْوَذِيّاً إِذا انْضَمَّ الذَّعالِيبُ
واسْتَعارَه ذو الرُّمَّة لِما تَقَطَّع من مَنْسِج العنكبوتِ قال
فجاءت بنَسْجٍ من صَناعٍ ضعيفةٍ ... تَنُوسُ كأَخْلاقِ الشُّفُوفِ ذَعالِبُهْ
وثَوْبٌ ذَعاليبُ خَلَقٌ عن اللحياني وأَما قول أَعْرابيّ من بنِي عَوْفِ بنِ سَعْدٍ
صَفْقَة ذِي ذَعالِتٍ سُمُولِ ... بَيْع امْرِئٍ ليس بِمُسْتَقِيلِ
قيل هو يريدُ الذَّعالِبَ فينبغي أَن تكونا لغتين وغيرُ بعيدٍ أَنْ تُبْدَل التاءُ من الباء إِذ قد أُبْدِلَتْ من الواو وهي شريكة الباء في الشَّفَة قال ابن جني والوجه أَن تَكونَ التاءُ بدلاً من الباءِ لأَن الباءَ أَكثر استعمالاً كما ذكرنا أَيضاً من إِبدالِهم الباءَ من الواوِ

( ذلعب ) اذْلَعَبَّ الرَّجلُ انْطَلَق في جِدٍّ اذْلِعْباباً وكذلك الجَمَل من النَّجاءِ والسُّرْعةِ قال الأَغْلَب العِجْلِيّ ماضٍ أَمامَ الرَّكْبِ مُذْلَعِبّ ( 2 )
( 2 قوله « ماض أمام الركب مذلعب » هكذا أورده الجوهري وقال الصاغاني في التكملة الرواية ناج أمام الركب مجلعب )
والمُذْلَعِبُّ المُنْطَلِقُ والمُصْمَعِدُّ مثلُه قال واشتقاقُه من الذِّعْلِب قال وكلّ فعلٍ رُباعيّ ثُقِّلَ آخرُه فإِنَّ تَثْقيلَه معتمد على حرف من حروف الحَلْق والمُذْلَعِبُّ المضطجِعُ وهاتان التَّرْجَمَتان أَعْني ذَعْلَب واذْلَعَبَّ ورَدَتا في أُصول الصِّحاحِ في ترجمة واحدة ذعلب ولم يترجم على ذلعب واللّه تعالى أَعلم [ ص 389 ]

( ذنب ) الذَّنْبُ الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية والجمعُ ذُنوبٌ وذُنُوباتٌ جمعُ الجمع وقد أَذْنَب الرَّجُل وقوله عزّ وجلّ في مناجاةِ موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام ولهم علَيَّ ذَنْبٌ عَنَى بالذَّنْبِ قَتْلَ الرَّجُلِ الذي وَكَزَه موسى عليه السلام فقضَى عليه وكان ذلك الرجلُ من آلِ فرعونَ والذَّنَبُ معروف والجمع أَذْنابٌ وذَنَبُ الفَرَسِ نَجْمٌ على شَكْلِ ذَنَبِ الفَرَسِ وذَنَبُ الثَّعْلَبِ نِبْتَةٌ على شكلِ ذَنَبِ الثَّعْلَبِ والذُّنابَى الذَّنَبُ قال الشاعر جَمُوم الشَّدِّ شائلة الذُّنابَى الصحاح الذُّنابَى ذنبُ الطَّائر وقيل الذُّنابَى مَنْبِتُ الذَّنَبِ وذُنابَى الطَّائرِ ذَنَبُه وهي أَكثر من الذَّنَب والذُّنُبَّى والذِّنِبَّى الذَّنَب عن الهَجَري وأَنشد
يُبَشِّرُني بالبَيْنِ مِنْ أُمِّ سالِمٍ ... أَحَمُّ الذُّنُبَّى خُطَّ بالنِّقْسِ حاجِبُهْ
ويُروى الذِّنِبَّى وذَنَبُ الفَرَس والعَيْرِ وذُناباهما وذَنَبٌ فيهما أَكثرُ من ذُنابَى وفي جَناحِ الطَّائِرِ أَربعُ ذُنابَى بعدَ الخَوافِي الفرَّاءُ يقال ذَنَبُ الفَرَسِ وذُنابَى الطَّائِرِ وذُنابَة الوَادي ومِذْنَبُ النهْرِ ومِذْنَبُ القِدْرِ وجمعُ ذُنابَة الوادي ذَنائِبُ كأَنَّ الذُّنابَة جمع ذَنَبِ الوادي وذِنابَهُ وذِنابَتَه مثلُ جملٍ وجمالٍ وجِمَالَةٍ ثم جِمالات جمعُ الجمع ومنه قوله تعالى جِمالاتٌ صفر أَبو عبيدة فَرسٌ مُذانِبٌ وقد ذانَبَتْ إِذا وَقَعَ ولدُها في القُحْقُح ودَنَا خُرُوج السِّقْيِ وارتَفَع عَجْبُ الذَّنَبِ وعَلِقَ به فلم يحْدُروه والعرب تقول رَكِبَ فلانٌ ذَنَبَ الرِّيحِ إِذا سَبَق فلم يُدْرَكْ وإِذا رَضِيَ بحَظٍّ ناقِصٍ قيلَ رَكِبَ ذَنَب البَعير واتَّبَعَ ذَنَب أَمْرٍ مُدْبِرٍ يتحسَّرُ على ما فاته وذَنَبُ الرجل أَتْباعُه وأَذنابُ الناسِ وذَنَبَاتُهم أَتباعُهُم وسِفْلَتُهُم دون الرُّؤَساءِ على المَثَلِ قال
وتَساقَطَ التَّنْواط والذَّ ... نَبات إِذ جُهِدَ الفِضاح
ويقال جاءَ فلانٌ بذَنَبِه أَي بأَتْباعِهِ وقال الحطيئة يمدَحُ قوماً
قومٌ همُ الرَّأْسُ والأَذْنابُ غَيْرُهُمُ ... ومَنْ يُسَوِّي بأَنْفِ النَّاقَةِ الذَّنَبا ؟
وهؤُلاء قومٌ من بني سعدِ بن زيدِ مَناةَ يُعْرَفُون ببَني أَنْفِ النَّاقَةِ لقول الحُطَيْئَةِ هذا وهمْ يَفْتَخِرُون به ورُوِيَ عن عليٍّ كرّم اللّه وجهه أَنه ذَكَرَ فِتْنَةً في آخِرِ الزَّمان قال فإِذا كان ذلك ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّينِ بِذَنَبِهِ فتَجْتَمِعُ الناسُ أَراد أَنه يَضْرِبُ أَي يسِيرُ في الأَرض ذاهباً بأَتباعِهِ الذين يَرَوْنَ رَأْيَه ولم يُعَرِّجْ على الفِتْنَةِ والأَذْنابُ الأَتْباعُ جمعُ ذَنَبٍ كأَنهم في مُقابِلِ الرُّؤُوسِ وهم المقَدَّمون والذُّنابَى الأَتْباعُ وأَذْنابُ الأُمورِ مآخيرُها على المَثَلِ أَيضاً والذَّانِبُ التَّابِعُ للشيءِ على أَثَرِهِ يقال هو يَذْنِبُه أَي يَتْبَعُهُ قال الكلابي وجاءَتِ الخيلُ جَمِيعاً تَذْنِبُهْ [ ص 390 ] وأَذنابُ الخيلِ عُشْبَةٌ تُحْمَدُ عُصارَتُها على التَّشْبِيهِ وذَنَبَه يَذْنُبُه ويَذنِبُه واسْتَذْنَبَه تلا ذَنَبَه فلم يفارقْ أَثَرَه والمُسْتَذْنِبُ الذي يكون عند أَذنابِ الإِبِلِ لا يفارق أَثَرَها قال مِثْل الأَجيرِ اسْتَذْنَبَ الرَّواحِلا ( 1 )
( 1 قوله « مثل الأجير إلخ » قال الصاغاني في التكملة هو تصحيف والرواية « شل الأجير » ويروى شدّ بالدال والشل الطرد والرجز لرؤبة اه وكذلك أنشده صاحب المحكم )
والذَّنُوبُ الفَرسُ الوافِرُ الذَّنَبِ والطَّويلُ الذَّنَبِ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما كان فرْعَونُ على فرَسٍ ذنُوبٍ أَي وافِر شَعْرِ الذَّنَبِ ويومٌ ذَنُوبٌ طويلُ الذَّنَبِ لا يَنْقَضي يعني طول شَرِّه وقال غيرُه يومٌ ذَنُوبٌ طويل الشَّر لا ينقضي كأَنه طويل الذَّنَبِ ورجل وَقَّاحُ الذَّنَب صَبُورٌ على الرُّكُوب وقولهم عُقَيْلٌ طَويلَةُ الذَّنَبِ لم يفسره ابن الأَعرابي قال ابن سيده وعِنْدي أَنَّ معناه أَنها كثيرة رُكُوبِ الخيل وحديثٌ طويلُ الذَّنَبِ لا يَكادُ يَنْقَضِي على المَثَلِ أَيضاً ابن الأَعرابي المِذْنَبُ الذَّنَبُ الطَّويلُ والمُذَنِّبُ الضَّبُّ والذِّنابُ خَيْطٌ يُشَدُّ به ذَنَبُ البعيرِ إِلى حَقَبِه لئَلاَّ يَخْطِرَ بِذَنَبِه فَيَمْلأَ راكبَه وذَنَبُ كلِّ شيءٍ آخرُه وجمعه ذِنابٌ والذِّنابُ بكسر الذال عَقِبُ كلِّ شيءٍ وذِنابُ كلِّ شيءٍ عَقِبُه ومؤَخَّره بكسر الذال قال
ونأْخُذُ بعدَه بذِنابِ عَيْشٍ ... أَجَبِّ الظَّهْرِ ليسَ له سَنامُ
وقال الكلابي في طَلَبِ جَمَلِهِ اللهم لا يَهْدينِي لذنابتِه ( 2 )
( 2 قوله « لذنابته » هكذا في الأصل ) غيرُك قال وقالوا مَنْ لك بذِنابِ لَوْ ؟ قال الشاعر
فمَنْ يَهْدِي أَخاً لذِنابِ لَوٍّ ؟ ... فأَرْشُوَهُ فإِنَّ اللّه جارُ
وتَذَنَّبَ المُعْتَمُّ أَي ذَنَّبَ عِمامَتَه وذلك إِذا أَفْضَلَ منها شيئاً فأَرْخاه كالذَّنَبِ والتَّذْنُوبُ البُسْرُ الذي قد بدا فيه الإِرطابُ من قِبَلِ ذَنَبِه وذنَبُ البُسْرة وغيرِها من التَّمْرِ مؤَخَّرُها وذنَّبَتِ البُسْرَةُ فهي مُذَنِّبة وكَّتَتْ من قِبَلِ ذَنَبِها الأَصمعي إِذا بَدَتْ نُكَتٌ من الإِرْطابِ في البُسْرِ من قِبَلِ ذَنَبِها قيل قد ذَنَّبَتْ والرُّطَبُ التَّذْنُوبُ واحدتُه تَذْنُوبةٌ قال
فعَلِّقِ النَّوْطَ أَبا مَحْبُوبِ ... إِنَّ الغَضا ليسَ بذِي تَذْنُوبِ
الفرَّاءُ جاءَنا بتُذْنُوبٍ وهي لغة بني أَسَدٍ والتَّميمي يقول تَذْنُوب والواحدة تَذْنُوبةٌ وفي الحديث كان يكرَه المُذَنِّبَ من البُسْرِ مخافة أن يكونا شَيْئَيْنِ فيكون خَلِيطاً وفي حديث أَنس كان لا يَقْطَعُ التَّذْنُوبِ من البُسْرِ إِذا أَراد أَن يَفْتَضِخَه وفي حديث ابن المسَيَّب كان لا يَرَى بالتَّذْنُوبِ أَن يُفْتَضَخَ بأْساً وذُنابةُ الوادي الموضعُ الذي يَنتهي إِليه سَيْلُهُ [ ص 391 ] وكذلك ذَنَبُه وذُنابَتُه أَكثر من ذَنَبِه وذَنَبَة الوادي والنَّهَر وذُنابَتُه وذِنابَتُه آخرُه الكَسْرُ عن ثعلب وقال أَبو عبيد الذُّنابةُ بالضم ذَنَبُ الوادي وغَيرِه وأَذْنابُ التِّلاعِ مآخيرُها ومَذْنَبُ الوادي وذَنَبُه واحدٌ ومنه قوله المسايل ( 1 )
( 1 قوله « ومنه قوله المسايل » هكذا في الأصل وقوله بعده والذناب مسيل إلخ هي أول عبارة المحكم )
والذِّنابُ مَسِيلُ ما بين كلِّ تَلْعَتَين على التَّشبيه بذلك وهي الذَّنائبُ والمِذْنَبُ مَسِيلُ ما بين تَلْعَتَين ويقال لِمَسيل ما بين التَّلْعَتَين ذَنَب التَّلْعة وفي حديث حذيفة رضي اللّه عنه حتى يَركَبَها اللّهُ بالملائِكةِ فلا يَمْنَع ذَنَبَ تَلْعة وصفه بالذُّلِّ والضَّعْف وقِلَّة المَنَعة والخِسَّةِ الجوهري والمِذْنَبُ مَسِيلُ الماءِ في الحَضيضِ والتَّلْعة في السَّنَدِ وكذلك الذِّنابة والذُّنابة أَيضاً بالضم والمِذْنَبُ مَسِيلُ الماءِ إِلى الأَرضِ والمِذْنَبُ المَسِيل في الحَضِيضِ ليس بخَدٍّ واسِع وأَذنابُ الأَوْدِية أَسافِلُها وفي الحديث يَقْعُد أَعرابُها على أَذنابِ أَوْدِيَتِها فلا يصلُ إِلى الحَجِّ أَحَدٌ ويقال لها أَيضاً المَذانِبُ وقال أَبو حنيفة المِذْنَبُ كهيئةِ الجَدْوَل يَسِيلُ عن الرَّوْضَةِ ماؤُها إِلى غيرِها فيُفَرَّقُ ماؤُها فيها والتي يَسِيلُ عليها الماءُ مِذْنَب أَيضاً قال امرؤُ القيس
وقد أَغْتَدِي والطَّيْرُ في وُكُناتِها ... وماءُ النَّدَى يَجْري على كلِّ مِذْنَبِ
وكلُّه قريبٌ بعضُه من بعضٍ وفي حديث ظَبْيانَ وذَنَبُوا خِشانَه أَي جَعلوا له مَذانِبَ ومجَاريَ والخِشانُ ما خَشُنَ من الأَرضِ والمِذْنَبَة والمِذْنَبُ المِغْرَفة لأَنَّ لها ذَنَباً أَو شِبْهَ الذَّنَبِ والجمع مَذانِبُ قال أَبو ذُؤَيب الهذلي
وسُود من الصَّيْدانِ فيها مَذانِبُ النُّ ... ضَارِ إِذا لم نَسْتَفِدْها نُعارُها
ويروى مَذانِبٌ نُضارٌ والصَّيْدانُ القُدورُ التي تُعْمَلُ من الحجارة واحِدَتُها صَيْدانة والحجارة التي يُعْمَل منها يقال لها الصَّيْداءُ ومن روى الصِّيدانَ بكسر الصاد فهو جمع صادٍ كتاجٍ وتِيجانٍ والصَّاد النُّحاسُ والصُّفْر والتَّذْنِيبُ للضِّبابِ والفَراشِ ونحو ذلك إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والسِّفَادَ قال الشاعر مِثْل الضِّبابِ إِذا هَمَّتْ بتَذْنِيبِ وذَنَّبَ الجَرادُ والفَراشُ والضِّباب إِذا أَرادت التَّعاظُلَ والبَيْضَ فغَرَّزَتْ أَذنابَها وذَنَّبَ الضَّبُّ أَخرجَ ذَنَبَه من أَدْنَى الجُحْر ورأْسُه في داخِلِه وذلك في الحَرِّ قال أَبو منصور إِنما يقال للضَّبِّ مُذَنِّبٌ إِذا ضرَبَ بذَنَبِه مَنْ يريدُه من مُحْتَرِشٍ أَو حَيَّةٍ وقد ذَنَّبَ تَذْنِيباً إِذا فَعَل ذلك وضَبٌّ أَذنَبُ طويلُ الذَّنَبِ وأَنشد أَبو الهيثم
لم يَبْقَ من سُنَّةِ الفاروقِ نَعْرِفُه ... إِلاَّ الذُّنَيْبي وإِلاَّ الدِّرَّةُ الخَلَقُ
قال الذُّنَيْبيُّ ضرب من البُرُودِ قال ترَكَ ياءَ النِّسْبةِ كقوله مَتى كُنَّا لأُمِّكَ مَقْتَوِينا [ ص 392 ] وكان ذلك على ذَنَبِ الدَّهرِ أَي في آخِره وذِنابة العين وذِنابها وذَنَبُها مؤخَّرُها وذُنابة النَّعْل أَنْفُها ووَلَّى الخَمْسِين ذَنَباً جاوزَها قال ابن الأَعرابي قلتُ للكِلابِيِّ كم أَتَى عَليْك ؟ فقال قد وَلَّتْ ليَ الخَمْسون ذَنَبَها هذه حكاية ابن الأَعرابي والأَوَّل حكاية يعقوب والذَّنُوبُ لَحْمُ المَتْنِ وقيل هو مُنْقَطَعُ المَتْنِ وأَوَّلُه وأَسفلُه وقيل الأَلْيَةُ والمآكمُ قال الأَعشى وارْتَجَّ منها ذَنُوبُ المَتْنِ والكَفَلُ والذَّنُوبانِ المَتْنانِ من ههنا وههنا والذَّنُوب الحَظُّ والنَّصيبُ قال أَبو ذؤيب
لَعَمْرُك والمَنايا غالِباتٌ ... لكلِّ بَني أَبٍ منها ذَنُوبُ
والجمع أَذنِبَةٌ وذَنَائِبُ وذِنابٌ والذَّنُوبُ الدَّلْو فيها ماءٌ وقيل الذَّنُوب الدَّلْو التي يكون الماءُ دون مِلْئِها أَو قريبٌ منه وقيل هي الدَّلْو الملأَى قال ولا يقال لها وهي فارغة ذَنُوبٌ وقيل هي الدَّلْوُ ما كانت كلُّ ذلك مذَكَّر عند اللحياني وفي حديث بَوْل الأَعْرابيّ في المسجد فأَمَر بذَنوبٍ من ماءٍ فأُهَرِيقَ عليه قيل هي الدَّلْو العظيمة وقيل لا تُسَمَّى ذَنُوباً حتى يكون فيها ماءٌ وقيل إِنَّ الذَّنُوبَ تُذكَّر وتؤَنَّث والجمع في أَدْنى العَدد أَذْنِبة والكثيرُ ذَنائبُ كَقلُوصٍ وقَلائصَ وقول أَبي ذؤيب
فكُنْتُ ذَنُوبَ البئرِ لمَّا تَبَسَّلَتْ ... وسُرْبِلْتُ أَكْفاني ووُسِّدْتُ ساعِدِي
استعارَ الذَّنُوبَ للقَبْر حين جَعَله بئراً وقد اسْتَعْمَلَها أُمَيَّة بنُ أَبي عائذٍ الهذليُّ في السَّيْر فقال يصفُ حماراً
إِذا ما انْتَحَيْنَ ذَنُوبَ الحِضا ... ر جاشَ خَسِيفٌ فَريغُ السِّجال
يقول إِذا جاءَ هذا الحِمارُ بذَنُوبٍ من عَدْوٍ جاءت الأُتُنُ بخَسِيفٍ التهذيب والذَّنُوبُ في كلامِ العرب على وُجوهٍ مِن ذلك قوله تعالى فإِنَّ للذين ظَلَموا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهم وقال الفَرَّاءُ الذَّنُوبُ في كلامِ العرب الدَّلْوُ العظِيمَةُ ولكِنَّ العربَ تَذْهَبُ به إِلى النَّصيب والحَظِّ وبذلك فسّر قوله تعالى فإِنَّ للذين ظَلَموا أَي أَشرَكُوا ذَنُوباً مثلَ ذَنُوبِ أَصحابِهِم أَي حَظّاً من العذابِ كما نزلَ بالذين من قبلِهِم وأَنشد الفرَّاءُ
لَها ذَنُوبٌ ولَكُم ذَنُوبُ ... فإِنْ أَبَيْتُم فَلَنا القَلِيبُ
وذِنابةُ الطَّريقِ وجهُه حكاه ابن الأَعرابي قال وقال أَبو الجَرَّاح لرَجُلٍ إِنك لم تُرْشَدْ ذِنابةَ الطَّريق يعني وجهَه وفي الحديث مَنْ ماتَ على ذُنابَى طريقٍ فهو من أَهلِهِ يعني على قصْدِ طَريقٍ وأَصلُ الذُّنابَى مَنْبِتُ الذَّنَبِ والذَّنَبانُ نَبْتٌ معروفٌ وبعضُ العرب يُسمِّيه ذَنَب الثَّعْلَب وقيل الذَّنَبانُ بالتَّحريكِ نِبْتَة ذاتُ أَفنانٍ طِوالٍ غُبَيْراء الوَرَقِ تنبت في السَّهْل على الأَرض لا ترتَفِعُ تُحْمَدُ في المَرْعى ولا تَنْبُت إِلا في عامٍ خَصيبٍ وقيل هي عُشْبَةٌ لها سُنْبُلٌ في أَطْرافِها كأَنه سُنْبُل [ ص 393 ] الذُّرَة ولها قُضُبٌ ووَرَق ومَنْبِتُها بكلِّ مكانٍ ما خَلا حُرَّ الرَّمْلِ وهي تَنْبُت على ساقٍ وساقَين واحِدتُها ذَنَبانةٌ قال أَبو محمد الحَذْلَمِي في ذَنَبانٍ يَسْتَظِلُّ راعِيهْ وقال أَبو حنيفة الذَّنَبانُ عُشْبٌ له جِزَرَة لا تُؤْكلُ وقُضْبانٌ مُثْمِرَةٌ من أَسْفَلِها إِلى أَعلاها وله ورقٌ مثلُ ورق الطَّرْخُون وهو ناجِعٌ في السَّائمة وله نُوَيرة غَبْراءُ تَجْرُسُها النَّحْلُ وتَسْمو نحو نِصْفِ القامةِ تُشْبِعُ الثِّنْتانِ منه بعيراً واحِدَتُه ذَنَبانةٌ قال الراجز حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُعْ في ذَنَبانٍ ويبيسٍ مُنْقَفِعْ وفي رُفوضِ كَلإٍ غير قَشِع والذُّنَيْباءُ مضمومَة الذال مفتوحَة النون ممدودةً حَبَّةٌ تكون في البُرّ يُنَقَّى منها حتى تَسْقُط والذَّنائِبُ موضِعٌ بنَجْدٍ قال ابن بري هو على يَسارِ طَرِيقِ مَكَّة والمَذَانِبُ موضع قال مُهَلْهِل بن ربيعة شاهد الذّنائب
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ذنب الذَّنْبُ الإِثْمُ والجُرْمُ والمعصية والجمعُ ذُنوبٌ
فَلَوْ نُبِشَ المَقابِرُ عن كُلَيْبٍ ... فتُخْبِرَ بالذَّنائِبِ أَيَّ زِيرِ
وبيت في الصحاح لمُهَلْهِلٍ أَيضاً
فإِنْ يَكُ بالذَّنائِبِ طَالَ لَيْلي ... فقد أَبْكِي على الليلِ القَصيرِ
يريد فقد أَبْكِي على لَيالي السُّرورِ لأَنها قَصِيرَةٌ وقبله
أَلَيْلَتَنا بِذِي حُسَمٍ أَنيرِي ... إِذا أَنْتِ انْقَضَيْتِ فلا تَحُورِي
وقال لبيد شاهد المذانب
أَلَمْ تُلْمِمْ على الدِّمَنِ الخَوالي ... لِسَلْمَى بالمَذانِبِ فالقُفَالِ ؟
والذَّنُوبُ موضع بعَيْنِه قال عبيد بن الأَبرص
أَقْفَرَ مِن أَهْلِه مَلْحوبُ ... فالقُطَبِيَّاتُ فالذَّنُوبُ
ابن الأَثير وفي الحديث ذكْرُ سَيْلِ مَهْزُورٍ ومُذَيْنِب هو بضم الميم وسكون الياء وكسر النون وبعدها باءٌ موحَّدةٌ اسم موضع بالمدينة والميمُ زائدةٌ الصحاح الفرَّاءُ الذُّنابَى شِبْهُ المُخاطِ يَقَع من أُنوفِ الإِبل ورأَيتُ في نُسَخ متَعدِّدة من الصحاح حواشِيَ منها ما هو بِخَطِّ الشيخ الصَّلاح المُحَدِّث رحمه اللّه ما صورته حاشية من خَطِّ الشيخ أَبي سَهْلٍ الهَرَوي قال هكذا في الأَصل بخَطِّ الجوهري قال وهو تصحيف والصواب الذُّنانَى شِبهُ المُخاطِ يَقَع من أُنوفِ الإِبل بنُونَيْنِ بينهما أَلف قال وهكذا قَرَأْناهُ على شَيخِنا أَبي أُسامة جُنادةَ بنِ محمد الأَزدي وهو مأْخوذ من الذَّنين وهو الذي يَسِيلُ من فَمِ الإِنسانِ والمِعْزَى ثم قال صاحب الحاشية وهذا قد صَحَّفَه الفَرَّاءُ أَيضاً وقد ذكر ذلك فيما ردَّ عليه من تصحيفه وهذا مما فاتَ الشَّيخ ابن برّي ولم يذكره في أَمالِيه

( ذهب ) الذَّهابُ السَّيرُ والمُرُورُ ذَهَبَ يَذْهَبُ ذَهاباً وذُهوباً فهو ذاهِبٌ وذَهُوبٌ والمَذْهَبُ مصدر كالذَّهابِ وذَهَبَ به وأَذهَبَه غيره أَزالَه ويقال أَذْهَبَ [ ص 394 ] به قال أَبو إِسحق وهو قليل فأَمَّا قراءة بعضهم يَكادُ سَنا بَرْقِهِ يُذْهِبُ بالأَبْصار فنادِرٌ وقالوا ذَهَبْتُ الشَّامَ فعَدَّوْهُ بغيرِ حرفٍ وإِن كان الشامُ ظَرْفاً مَخْصُوصاً شَبَّهوه بالمكان المُبْهَم إِذ كان يَقَعُ عليه المكانُ والمَذْهَبُ وحكى اللحياني إِنَّ الليلَ طوِيلٌ ولا يَذْهَبُ بنَفْسِ أَحدٍ منَّا أَي لا ذَهَب والمَذْهَب المُتَوَضَّأُ لأَنَّهُ يُذْهَبُ إِليه وفي الحديث أَنَّ النبي صلى اللّه عليه وسلّم كان إِذا أَراد الغائطَ أَبْعَدَ في المَذْهَبِ وهو مَفْعَلٌ من الذَّهابِ الكسائي يقالُ لمَوضع الغائطِ الخَلاءُ والمَذْهَب والمِرْفَقُ والمِرْحاضُ والمَذْهَبُ المُعْتَقَد الذي يُذْهَبُ إِليه وذَهَب فلانٌ لِذَهَبِه أَي لمَذْهَبِه الذي يَذْهَبُ فيه وحَكى اللحياني عن الكسائي ما يُدْرَى له أَينَ مَذْهَبٌ ولا يُدْرَى لَهُ ما مَذْهَبٌ أَي لا يُدْرَى أَين أَصلُه ويقال ذَهَبَ فُلانٌ مَذْهَباً حَسَناً وقولهم به مُذْهَب يَعْنون الوَسْوَسَة في الماءِ وكثرة استعمالِه في الوُضوءِ قال الأَزْهَرِيُّ وأَهلُ بَغدادَ يقولون للمُوَسْوِسِ من الناس به المُذْهِبُ وعَوَامُّهم يقولون به المُذْهَب بفَتح الهاء والصواب المُذْهِبُ والذَّهَبُ معروفٌ وربما أُنِّثَ غيره الذَّهَبُ التِّبْرُ القِطْعَةُ منه ذَهَبَة وعلى هذا يُذَكَّر ويُؤَنَّث على ما ذُكر في الجمعِ الذي لا يُفارِقُه واحدُه إِلاَّ بالهاءِ وفي حديث عليٍّ كرّم اللّه وجهه فبَعَثَ من اليَمَنِ بذُهَيْبَة قال ابن الأَثير وهي تصغير ذَهَبٍ وأَدْخَلَ الهاءَ فيها لأَنَّ الذَّهَب يُؤَنَّث والمُؤَنَّث الثُّلاثيّ إِذا صُغِّرَ أُلْحِقَ في تصغيرِه الهاءُ نحو قُوَيْسَةٍ وشُمَيْسَةٍ وقيل هو تصغيرُ ذَهَبَةٍ على نِيَّةِ القِطْعَةِ منها فصَغَّرَها على لفظِها والجمع الأَذْهابُ والذُّهُوبُ وفي حديث عليّ كرّم اللّه تعالى وجهه لو أَرادَ اللّه أَن يَفْتَحَ لهم كنوزَ الذِّهْبانِ لفَعَل هو جمعُ ذَهَبٍ كبَرَقٍ وبِرْقانٍ وقد يجمع بالضمِّ نحو حَمَلٍ وحُمْلانٍ وأَذْهَبَ الشيءَ طلاه بالذَّهَبِ والمُذْهَبُ الشيءُ المَطْليُّ بالذَّهَب قال لبيد
أَوْ مُذْهَبٌ جَدَدٌ على أَلْواحِهِ ... أَلنَّاطِقُ المَبْرُوزُ والمَخْتُومُ
ويروى على أَلواحِهِنَّ النَّاطِقُ وإِنما عَدَل عن ذلك بعض الرُّواةِ اسْتِيحاشاً من قَطْعِ أَلِفِ الوَصْل وهذا جائِزٌ عند سيبويه في الشِّعْرِ ولاسِيَّما في الأَنْصافِ لأَنها مواضِعُ فُصُولٍ وأَهلُ الحِجازِ يقولون هي الذَّهَبُ ويقال نَزَلَت بلُغَتِهِم والذين يَكنِزُونَ الذَّهَبَ والفضة ولا يُنْفِقونها في سبيل اللّه ولولا ذلك لَغَلَبَ المُذَكَّرُ المُؤَنَّثَ قال وسائِرُ العَرب يقولون هو الذَّهَب قال الأَزهري الذَّهب مُذَكَّر عندَ العَرَب ولا يجوزُ تأْنِيثُه إِلا أَنْ تَجْعَلَهُ جَمْعاً لذَهَبَةٍ وأَما قوله عزَّ وجلَّ ولا يُنْفِقُونَها ولم يَقُلْ ولا يُنْفِقُونَه ففيه أَقاويل أَحَدُها أَنَّ المعنى يَكْنزُون الذَّهَبَ والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَ الكُنُوزَ في سَبِيلِ اللّه وقيل جائِزٌ أَن يكونَ مَحْمولاً على الأَمْوالِ فيكون ولا يُنْفِقُونَ الأَموال ويجوز أن يَكونَ ولا يُنْفِقُونَ الفِضَّة وحذف الذَّهب كأَنه قال والذين يَكْنِزُونَ الذَّهَب ولا يُنْفِقُونَه والفِضَّة ولا يُنْفِقُونَها فاخْتُصِرَ الكَلام كما قال [ ص 395 ] واللّه ورسولُه أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوه ولم يَقُلْ يُرْضُوهُما وكُلُّ ما مُوِّهَ بالذَّهَبِ فقَدْ أُذْهِبَ وهو مُذْهَبٌ والفاعل مُذْهِبٌ والإِذْهابُ والتَّذْهِيبُ واحدٌ وهو التَّمويهُ بالذَّهَب ويقال ذَهَّبْتُ الشيءَ فهو مُذَهَّب إِذا طَلَيْتَه بالذَّهَبِ وفي حديث جرير وذِكْرِ الصَّدَقَةِ حتى رَأَيْتُ وَجْهَ رَسُولِ اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم يَتَهَلَّل كأَنَّه مُذْهَبَةٌ كذا جاءَ في سنن النسائي وبعضِ طُرُقِ مُسْلم قال والرواية بالدال المهملة والنون وسيأْتي ذكره فَعَلى قوله مُذْهَبَةٌ هو من الشيءِ المُذْهَب وهو المُمَوَّه بالذَّهَبِ أَو هو من قولهم فَرَس مُذْهَبٌ إِذا عَلَتْ حُمْرَتَه صُفْرَةٌ والأُنْثَى مُذْهَبَة وإِنما خَصَّ الأُنْثَى بالذِّكْرِ لأَنَّها أَصْفَى لَوْناً وأَرَقُّ بَشَرَةً ويقال كُمَيْتٌ مُذْهَب للَّذي تَعْلُو حُمْرَتَه صُفْرَة فإِذا اشتَدَّتْ حُمْرَتُه ولم تَعْلُه صُفْرَةٌ فهو المُدَمَّى والأُنْثى مُذْهَبَة وشيءٌ ذَهِيبٌ مُذْهَبٌ قال أُراه على تَوَهُّم حَذْفِ الزِّيادَةِ قال حُمَيْدُ بنُ ثَوْرٍ
مُوَشَّحَة الأَقْرابِ أَمَّا سَرَاتُها ... فَمُلْسٌ وأَمَّا جِلْدُها فَذَهِيبُ
والمَذَاهِبُ سُيُورٌ تُمَوَّه بالذَّهَبِ قال ابن السّكيت في قول قيس بن الخَطِيم أَتَعْرفُ رَسْماً كاطِّرَادِ المَذَاهِبِ المَذاهِبُ جُلُودٌ كانت تُذْهَب واحِدُها مُذْهَبٌ تُجْعَلُ فيه خُطوطٌ مُذَهَّبة فيرى بَعْضُها في أَثرِ بَعْضٍ فكأَنها مُتَتابِعَةٌ ومنه قول الهذلي
يَنْزِعْنَ جِلْدَ المَرْءِ نَزْ ... عَ القَينِ أَخْلاقَ المَذَاهِبْ
يقول الضِّباع يَنزِعْنَ جِلْدَ القَتِيل كما يَنزِعُ القَين خِلَل السُّيُوف قال ويقالُ المَذاهِبُ البُرود المُوَشَّاةُ يقال بُرْدٌ مُذْهَبٌ وهو أَرْفَعُ الأَتحَمِيِّ وذَهِبَ الرجلُ بالكسر يَذْهَبُ ذَهَباً فهو ذَهِبٌ هَجَمَ في المَعْدِن على ذَهبٍ كثير فرآه فَزَالَ عقلُه وبَرِقَ بَصَره من كثرة عِظَمِه في عَيْنِه فلم يَطْرِفْ مُشْتَقٌّ من الذهب قال الرَّاجز ذَهِبَ لمَّا أَن رآها تَزْمُرَهْ وفي رواية ( 1 )
( 1 قوله « وفي رواية إلخ » قال الصاغاني في التكملة الرواية « ذهب لما أن رآها تزمرة » وهذا صريح في أنه ليس فيه رواية أخرى )
ذَهِبَ لمَّا أَن رآها ثُرْمُلَهْ وقال يا قَوْمِ رأَيتُ مُنْكرَهْ شَذْرَةَ وادٍ ورأَيتُ الزُّهَرَهْ وثُرْمُلَة اسمُ رجل وحكى ابن الأَعرابي ذِهِبَ قال وهذا عندنا مُطَّرِدٌ إِذا كان ثانيهِ حَرْفاً من حُروفِ الحَلْقِ وكان الفعْل مكسور الثاني وذلك في لغة بني تميمٍ وسمعه ابن الأَعرابي فظَنَّه غيرَ مُطَّرِدٍ في لغتِهِم فلذلك حكاه والذِّهْبةُ بالكسر المَطْرَة وقيل المَطْرةُ الضَّعيفة وقيل الجَوْدُ والجمع ذِهابٌ قال [ ص 396 ] ذو الرُّمة يصف روضة
حَوَّاءُ قَرْحاءُ أَشْراطِيَّة وكَفَتْ ... فيها الذِّهابُ وحفَّتْها البراعيمُ
وأَنشد الجوهري للبعيث
وذي أُشُرٍ كالأُقْحُوانِ تَشُوفُه ... ذِهابُ الصَّبَا والمُعْصِراتُ الدَّوالِحُ
وقيل ذِهْبةٌ للمَطْرة واحدَةُ الذِّهاب أَبو عبيد عن أَصحابه الذِّهابُ الأَمْطارُ الضَّعيفة ومنه قول الشاعر
تَوَضَّحْنَ في قَرْنِ الغَزَالَةِ بَعْدَمَا ... تَرَشَّفْنَ دِرَّاتِ الذِّهابِ الرَّكائِكِ
وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه في الاستسقاء لا قَزَعٌ رَبابُها ولا شِفّانٌ ذِهابُها الذِّهابُ الأَمْطارُ اللَّيِّنة وفي الكلام مُضافٌ محذوف تقديرُه ولا ذَاتُ شِفّانٍ ذِهابُها والذَّهَب بفتح الهاءِ مِكيالٌ معروفٌ لأَهْلِ اليَمَن والجمع ذِهابٌ وأَذهابٌ وأَذاهِيبُ وأَذاهِبُ جمع الجمع وفي حديث عِكرمة أَنه قال في أَذاهِبَ من بُرٍّ وأَذاهِبَ من شَعِيرٍ قال يُضَمُّ بعضُها إِلى بعضٍ فتُزَكَّى الذَّهَبُ مِكيالٌ معروفٌ لأَهلِ اليمنِ وجمعُه أَذهابٌ وأَذاهِبُ جمعُ الجمع والذِّهابُ والذُّهابُ موضعٌ وقيل هو جبلٌ بعَيْنه قال أَبو دواد
لِمَنْ طَلَلٌ كعُنْوانِ الكتابِ ... ببَطْنِ لُواقَ أَو بَطْنِ الذُّهابِ
ويروى الذِّهابِ وذَهْبانُ ابو بَطْنٍ وذَهُوبُ اسم امرأَةٍ والمُذْهِبُ اسمُ شيطانٍ يقالُ هو من وَلد ابليسَ يَتَصَوَّر للقُرَّاءِ فيَفْتِنهُم عند الوضوءِ وغيرِه قال ابن دُرَيْد لا أَحسبُه عَرَبِيّاً

( ذوب ) الذَّوْبُ ضِدُّ الجُمُودِ ذابَ يَذُوبُ ذَوْباً وذَوَباناً نَقيض جمَدَ وأَذابَه غيرُه وأَذَبْته وذَوَّبْته واسْتَذَبْته طَلَبْت منه ذاكَ على عامَّة ما يدُلُّ عليه هذا البِناءُ والمِذْوَبُ ما ذَوَّبْتُ فيه والذَّوْبُ ما ذَوَّبْت منه وذاب إِذا سال وذابت الشمسُ اشتدَّ حَرُّها قال ذو الرُّمة
إِذا ذابتِ الشمسُ اتَّقى صَقَراتِها ... بأَفْنانِ مَرْبُوعِ الصَّريمةِ مُعْبِلِ
وقال الرَّاجز وذابَ للشمسِ لُعابٌ فنَزَلْ ويقال هاجِرَةٌ ذَوّابة شديدةُ الحَرِّ قال الشاعر
وظَلْماءَ من جَرَّى نَوارٍ سَرَيْتُها ... وهَاجِرَةٍ ذَوّابةٍ لا أَقِيلُها
والذَّوْبُ العَسَل عامَّة وقيل هو ما في أَبياتِ النَّحْل من العَسَلِ خاصَّة وقيل هو العَسَل الذي خُلِّص من شَمْعِه ومُومِه قال المُسَيَّبُ بنُ عَلَسٍ
شِرْكاً بماءِ الذَّوْب تَجْمَعُه ... في طَوْدِ أَيْمَنَ من قُرَى قَسْرِ
[ ص 397 ] أَيْمن موضع أَبو زيد قال الزُّبْدُ حين يَحْصُلُ في البُرْمة فيُطْبَخُ فهو الإِذْوابةُ فإِن خُلِطَ اللَّبَنُ بالزُّبْدِ قيل ارْتجَنَ والإِذْوابُ والإِذْوابةُ الزُّبْدُ يُذابُ في البُرْمةِ ليُطْبَخ سَمْناً فلا يزال ذلك اسمَه حتى يُحْقَن في السِّقاءِ وذَابَ إِذا قام على أَكْمَلِ الذَّوْبِ وهو العَسَل ويقال في المَثل ما يَدْرِي أَيُخْثِرُ أَم يُذِيب ؟ وذلك عند شدَّةِ الأَمر قال بشر بن أَبي خازم
وكُنْتُمْ كَذاتِ القِدْرِ لم تَدْرِ إِذ غَلَتْ ... أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَمْ تُذِيبُها ؟
أَي لا تَدْرِي أَتَترُكُها خاثِرةً أَم تُذِيبُها ؟ وذلك إِذا خافت أَن يَفْسُدَ الإِذْوابُ وقال أَبو الهيثم قوله تُذِيبُها تُبْقيها من قولك ما ذَابَ في يَدِي شيءٌ أَي ما بَقِيَ وقال غيره تُذِيبُها تُنْهِبُها والمِذْوَبةُ المِغْرَفَةُ عن اللحياني وذَابَ عليه المالُ أَي حصَل وما ذابَ في يدِي منه خيرٌ أَي ما حصَل والإِذابةُ الإِغارةُ وأَذابَ علينا بنو فلانٍ أَي أَغارُوا وفي حديث قس أَذُوبُ اللَّيالي أَو يُجِيبَ صَداكُما أَي أَنْتَظِرُ في مُرورِ اللَّيالي وذَهابِها من الإِذابة الإِغارة والإِذابةُ النُّهْبةُ اسمٌ لا مصدَر واستشهد الجوهري هنا ببيت بشر بن أبي خازم وشرح قوله أَتُنْزِلُها مَذْمُومةً أَم تُذِيبُها ؟ فقال أَي تُنْهِبُها وقال غيره تُثْبِتُها مِن قولهم ذابَ لي عليه من الحَقِّ كذا أَي وَجَبَ وثَبَتَ وذابَ عليه من الأَمْركذا ذَوْباً وجَبَ كما قالوا جَمَدَ وبَرَدَ وقال الأَصمعي هو مِن ذابَ نَقِيض جَمَدَ وأَصلُ المَثَل في الزُّبْدِ وفي حديث عبداللّه فيَفْرَحُ المَرْءُ أَن يَذُوبَ له الحَقُّ أَي يَجِبَ وذابَ الرجُل إِذا حَمُقَ بَعْدَ عَقْلٍ وظَهَرَ فيه ذَوْبةٌ أَي حَمْقة ويقال ذابَتْ حدَقَة فلان إِذا سالَتْ وناقةٌ ذَؤُوبٌ أَي سَمِينَةٌ وليست في غايةِ السِّمَنِ والذُّوبانُ بقيَّةُ الوَبَر وقيل هو الشَّعَر على عُنُقِ البَعِيرِ ومِشْفَرِه وسنذكر ذلك في الذِّيبانِ لأَنهما لغتان وعسى أَن يكون مُعاقَبةً فتَدْخُلُ كل واحدةٍ منهما على صاحِبَتها وفي الحديث مَنْ أَسْلَمَ عَلى ذَوْبةٍ أَو مأْثَرَةٍ فهي له الذَّوْبة بقيَّة المال يَسْتَذِيبُها الرجلُ أَي يَسْتَبْقِيها والمَأْثَرة المَكْرُمة والذَّابُ العَيْبُ مثلُ الذَّامِ والذَّيْمِ والذَّانِ وفي حديث ابن الحَنَفِيَّة أَنه كان يُذَوِّبُ أُمَّه أَي يَضْفِرُ ذَوائبَها قال والقياس يُذَئِّبُ بالهمز لأَن عين الذُّؤَابةِ همزة ولكنه جاءَ غيرَ مهموز كما جاءَ الذَّوائب على خلافِ القياس وفي حديث الغار فيُصْبِحُ في ذُوبانِ الناسِ يقال لصَعالِيك العرب ولُصُوصِها ذُوبانٌ لأَنهم كالذِّئْبانِ وأَصلُ الذُّوبانِ بالهمز ولكنه خُفِّف فانْقَلَبَت واواً [ ص 398 ]

( ذيب ) الأَذْيَبُ الماءُ الكَثِيرُ والأَذْيَبُ الفَزَعُ والأَذْيَبُ النَّشاطُ الأَصمعي مَرَّ فلانٌ وله أَذْيَبُ قال وأَحْسِبُه يقال أَزْيَب بالزاي وهو النَّشاطُ والذِّيبانُ الشَّعَر الذي يكون على عُنُقِ البعير ومِشْفَرِه والذيبان أَيضاً بَقِيَّة الوَبَرِ قال شمر لا أَعْرِفُ الذِّيبانَ إِلاَّ في بَيْتِ كثير
عَسُوف لأَجْوافِ الفَلا حِمْيَرِيَّة ... مَرِيش بِذِيبانِ الشَّلِيلِ تَلِيلُها
ويُرْوَى السبيب قال أَبو عبيد هو واحِدٌ وقال أَبو وجزة تَرَبَّعَ أَنْهِيَ الرَّنْقاءِ حتى - نَفَى ونَفَيْنَ ذِيبانَ الشِّتاءِ

( رأب ) رَأَبَ إِذا أَصْلَحَ ورَأَبَ الصَّدْعَ والإِناءَ يَرْأَبُه رَأْباً ورَأْبةً شَعَبَه وأَصْلَحَه قال الشاعر
يَرْأَبُ الصَّدْعَ والثَّأْيَ برَصِينٍ ... مِنْ سَجَايا آرائه ويَغِيرُ
الثَّأَى الفسادُ أَي يُصْلِحُه ويَغِيرُ يَمير وقال الفرزدق
وإِنيَ مِنْ قَوْمٍ بِهِم يُتَّقَى العِدَا ... ورَأْبُ الثَّأَى والجانِبُ المُتَخَوَّفُ
أَرادَ وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى فحذف الباءَ لتَقَدُّمها في قوله بِهِم تُتَّقَى العِدَا وإِن كانت حالاهما مُخْتَلِفَتَيْن أَلا ترى أَن الباءَ في قوله بِهِم يُتَّقى العِدا منصوبةُ الموضِع لتَعَلُّقِها بالفِعْلِ الظاهِرِ الذي هو يُتَّقَى كقولك بالسَّيْفِ يَضْرِبُ زَيْدٌ والباءُ في قوله وبِهِم رَأْبُ الثَّأَى مرفوعةُ الموضِع عند قَوْمٍ وعلى كلِّ حال فهي متعَلِّقَة بمحذوف ورافعة الرأْب والمِرْأَبُ المشْعَبُ ورجلٌ مِرْأَبٌ ورَأّابٌ إِذا كان يَشْعَب صُدوعَ الأَقْداحِ ويُصْلِحُ بينَ القَوْم وقَوْمٌ مَرائِيبُ قال الطرماح يصف قوماً
نُصُرٌ للذَّلِيلِ في نَدْوَةِ الحيِّ ... مَرائِيبُ للثَّأَى المُنْهاضِ
وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه يَصِفُ أَبا بكر رضي اللّه عنه كُنْتَ لِلدِّين رَأّاباً الرَّأْبُ الجمعُ والشَّدُّ ورَأَبَ الشيءَ إِذا جَمَعه وشَدَّه برِفْقٍ وفي حديث عائشة تَصف أَباها رضي اللّه عنهما يَرْأَبُ شَعْبَها وفي حديثها الآخر ورَأَبَ الثَّأَى أَي أَصْلَحَ الفاسِدَ وجَبَر الوَهْيَ وفي حديث أُمِّ سلمة لعائشة رضي اللّه عنهما لا يُرْأَبُ بهنَّ إِن صَدَعَ قال ابن الأَثير قال القُتَيْبي الرواية صَدَعَ فإِن كان محفوظاً فإِنه يقال صَدَعْت الزُّجاجة فصَدَعَت كما يقال جَبَرْت العَظْمَ فَجَبرَ وإِلاّ فإِنه صُدِعَ أَو انْصَدَعَ ورَأَبَ بين القَوْمِ يَرْأَبُ رَأْباً أَصلحَ ما بَيْنَهم وكُلُّ ما أَصْلَحْتَه فقد رَأَبْتَه ومنه قولهم اللهم ارْأَبْ بينَهم أَي أَصلِحْ قال كعب بن زهير ( 1 )
( 1 قوله « كعب بن زهير إلخ » قال الصاغاني في التكملة ليس لكعب على قافية التاء شيء وإنما هو لكعب بن حرث
المرادي )
طَعَنَّا طَعْنَةً حَمْراءَ فِيهِمْ ... حَرامٌ رَأْبُها حتى المَمَاتِ
[ ص 399 ] وكلُّ صَدعٍ لأَمْتَه فقد رأَبْتَه والرُّؤْبةُ القِطْعَةُ تُدْخَل في الإِناءِ لِيُرْأَب والرُّؤْبةُ الرُّقْعة التي يُرْقَعُ بها الرَّحْلُ إِذا كُسِرَ والرُّؤْبةُ مهموزةٌ ما تُسَدُّ به الثَّلْمة قال طُفَيْل الغَنَوِي
لَعَمْرِي لقد خَلَّى ابنُ جندع ثُلْمةً ... ومِنْ أَينَ إِن لم يَرْأَب اللّهُ تُرأَبُ ( 1 ) ؟
( 1 قوله « لعمري البيت » هكذا في الأصل وقوله بعده قال يعقوب هو مثل لقد خلى ابن خيدع إلخ في الأصل أَيضاً )
قال يعقوب هو مثلُ لقد خَلَّى ابنُ خيدع ثُلْمةً قال وخَيْدَعُ هي
امرأَة وهي أُمُّ يَرْبُوعَ يقول من أَين تُسَدُّ تلك الثُّلْمةُ إِن لم يَسُدَّها اللّهُ ؟ ورُؤْبةُ اسمُ رجل والرُّؤْبة القِطْعة من الخَشَب يُشْعَب بها الإِناءُ ويُسَدُّ بها ثُلْمة الجَفْنة والجمعُ رِئابٌ وبه سُمِّيَ رُؤْبة بن العَجَّاج بن رؤْبة قال أُميَّة يصف السماءَ
سَراةُ صَلابةٍ خَلْقاءَ صِيغَتْ ... تُزِلُّ الشمسَ ليس لها رِئابُ ( 2 )
( 2 قوله « ليس لها رئاب » قال الصاغاني في التكملة الرواية ليس لها إِياب )
أَي صُدُوعٌ وهذا رِئابٌ قد جاءَ وهو مهموزٌ اسم رجُلٍ
التهذيب الرُّؤْبةُ الخَشَبة التي يُرْأَبُ بها المشَقَّر وهو القَدَحُ الكبيرُ من الخَشَب والرُّؤْبةُ القِطْعة من الحَجَر تُرْأَبُ بها البُرْمة وتُصْلَحُ بها

( ربب ) الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله الرُّبوبيَّة على جميع الخَلْق لا شريك له وهو رَبُّ الأَرْبابِ ومالِكُ المُلوكِ والأَمْلاكِ ولا يقال الربُّ في غَير اللّهِ إِلاّ بالإِضافةِ قال ويقال الرَّبُّ بالأَلِف واللام لغيرِ اللّهِ وقد قالوه في الجاهلية للمَلِكِ قال الحرث ابن حِلِّزة
وهو الرَّبُّ والشَّهِيدُ عَلى يَوْ ... مِ الحِيارَيْنِ والبَلاءُ بَلاءُ
والاسْم الرِّبابةُ قال
يا هِنْدُ أَسْقاكِ بلا حِسابَهْ ... سُقْيَا مَلِيكٍ حَسَنِ الرِّبابهْ
والرُّبوبِيَّة كالرِّبابة وعِلْمٌ رَبُوبيٌّ منسوبٌ إِلى الرَّبِّ على غير قياس وحكى أَحمد بن يحيى لا وَرَبْيِكَ لا أَفْعَل قال يريدُ لا وَرَبِّكَ فأَبْدَلَ الباءَ ياءً لأَجْل التضعيف وربُّ كلِّ شيءٍ مالِكُه ومُسْتَحِقُّه وقيل صاحبُه ويقال فلانٌ رَبُّ هذا الشيءِ أَي مِلْكُه له وكُلُّ مَنْ مَلَك شيئاً فهو رَبُّه يقال هو رَبُّ الدابةِ ورَبُّ الدارِ وفلانٌ رَبُّ البيتِ وهُنَّ رَبَّاتُ الحِجالِ ويقال رَبٌّ مُشَدَّد ورَبٌ مخفَّف وأَنشد المفضل
وقد عَلِمَ الأَقْوالُ أَنْ ليسَ فوقَه ... رَبٌ غيرُ مَنْ يُعْطِي الحُظوظَ ويَرْزُقُ
وفي حديث أَشراط الساعة وأَن تَلِدَ الأَمَةُ رَبَّها أَو رَبَّتَها قال الرَّبُّ يُطْلَق في اللغة على المالكِ والسَّيِّدِ والمُدَبِّر والمُرَبِّي والقَيِّمِ والمُنْعِمِ قال ولا يُطلَق غيرَ مُضافٍ إِلاّ على اللّه عزّ وجلّ وإِذا أُطْلِق على غيرِه أُضِيفَ فقيلَ ربُّ كذا قال وقد جاءَ في الشِّعْر مُطْلَقاً على غيرِ اللّه تعالى [ ص 400 ] وليس بالكثيرِ ولم يُذْكَر في غير الشِّعْر قال وأَراد به في هذا الحديثِ المَوْلَى أَو السَّيِّد يعني أَن الأَمَةَ تَلِدُ لسيِّدها ولَداً فيكون كالمَوْلى لها لأَنَّه في الحَسَب كأَبيه أَراد أَنَّ السَّبْي يَكْثُر والنِّعْمة تظْهَر في الناس فتكثُر السَّراري وفي حديث إِجابةِ المُؤَذِّنِ اللهُمَّ رَبَّ هذه الدعوةِ أَي صاحِبَها وقيل المتَمِّمَ لَها والزائدَ في أَهلها والعملِ بها والإِجابة لها وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه لا يَقُل المَمْلُوكُ لسَيِّده ربِّي كَرِهَ أَن يجعل مالكه رَبّاً له لمُشاركَةِ اللّه في الرُّبُوبيةِ فأَما قوله تعالى اذْكُرْني عند ربك فإِنه خاطَبَهم على المُتَعارَفِ عندهم وعلى ما كانوا يُسَمُّونَهم به ومنه قَولُ السامِرِيّ وانْظُرْ إِلى إِلهِكَ أَي الذي اتَّخَذْتَه إِلهاً فأَما الحديث في ضالَّةِ الإِبل حتى يَلْقاها رَبُّها فإِنَّ البَهائم غير مُتَعَبَّدةٍ ولا مُخاطَبةٍ فهي بمنزلة الأَمْوالِ التي تَجوز إِضافةُ مالِكِيها إِليها وجَعْلُهم أَرْباباً لها وفي حديث عمر رضي اللّه عنه رَبُّ الصُّرَيْمة ورَبُّ الغُنَيْمةِ وفي حديث عروةَ بن مسعود رضي اللّه عنه لمَّا أَسْلَم وعادَ إِلى قومه دَخل منزله فأَنكَر قَومُه دُخُولَه قبلَ أَن يأْتِيَ الربَّةَ يعني اللاَّتَ وهي الصخرةُ التي كانت تَعْبُدها ثَقِيفٌ بالطائفِ وفي حديث وَفْدِ ثَقِيفٍ كان لهم بَيْتٌ يُسَمُّونه الرَّبَّةَ يُضاهِئُونَ به بَيْتَ اللّه تعالى فلما أَسْلَمُوا هَدَمَه المُغِيرةُ وقوله عزّ وجلّ ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيةً مَرْضِيَّةً فادْخُلي في عَبْدي فيمن قرأَ به فمعناه واللّه أَعلم ارْجِعِي إِلى صاحِبِكِ الذي خَرَجْتِ منه فادخُلي فيه والجمعُ أَربابٌ ورُبُوبٌ وقوله عزّ وجلّ إِنه ربِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ قال الزجاج إِن العزيز صاحِبِي أَحْسَنَ مَثْوايَ قال ويجوز أَنْ يكونَ اللّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوايَ والرَّبِيبُ المَلِكُ قال امرؤُ القيس
فما قاتلُوا عن رَبِّهم ورَبِيبِهم ... ولا آذَنُوا جاراً فَيَظْعَنَ سالمَا
أَي مَلِكَهُمْ ورَبَّهُ يَرُبُّهُ رَبّاً مَلَكَه وطالَتْ مَرَبَّتُهم الناسَ ورِبابَتُهم أَي مَمْلَكَتُهم قال علقمةُ بن عَبَدةَ
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي ... وقَبْلَكَ رَبَّتْنِي فَضِعتُ رُبوبُ ( 1 )
( 1 قوله « وكنت امرأً إلخ » كذا أنشده الجوهري وتبعه المؤلف وقال الصاغاني والرواية وأنت امرؤ يخاطب الشاعر الحرث بن جبلة ثم قال والرواية المشهورة أمانتي بدل ربابتي )
ويُروى رَبُوب وعندي أَنه اسم للجمع
وإِنه لَمَرْبُوبٌ بَيِّنُ الرُّبوبةِ أَي لَمَمْلُوكٌ والعِبادُ مَرْبُوبونَ للّهِ عزّ وجلّ أَي مَمْلُوكونَ ورَبَبْتُ القومَ سُسْتُهم أَي كنتُ فَوْقَهم وقال أَبو نصر هو من الرُّبُوبِيَّةِ والعرب تقول لأَنْ يَرُبَّنِي فلان أَحَبُّ إِليَّ من أَنْ يَرُبَّنِي فلان يعني أَن يكونَ رَبّاً فَوْقِي وسَيِّداً يَمْلِكُنِي وروي هذا عن صَفْوانَ بنِ أُمَيَّةَ أَنه قال يومَ حُنَيْنٍ عند الجَوْلةِ التي كانت من المسلمين فقال أَبو سفيانَ غَلَبَتْ واللّهِ هَوازِنُ فأَجابه صفوانُ وقال بِفِيكَ الكِثْكِثُ لأَنْ يَرُبَّنِي رجلٌ من قريش أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَرُبَّني رجلٌ من هَوازِنَ ابن الأَنباري الرَّبُّ يَنْقَسِم على ثلاثة أَقسام يكون الرَّبُّ المالِكَ ويكون الرَّبُّ السّيدَ المطاع [ ص 401 ] قال اللّه تعالى فيَسْقِي ربَّه خَمْراً أَي سَيِّدَه ويكون الرَّبُّ المُصْلِحَ رَبَّ الشيءَ إِذا أَصْلَحَه وأَنشد
يَرُبُّ الذي يأْتِي منَ العُرْفِ أَنه ... إِذا سُئِلَ المَعْرُوفَ زادَ وتَمَّما
وفي حديث ابن عباس مع ابن الزبير رضي اللّه عنهم لأَن يَرُبَّنِي بَنُو عَمِّي أَحَبُّ إِليَّ مِنْ أَن يَرُبَّنِي غيرُهم أَي يكونون عليَّ أُمَراءَ وسادةً مُتَقَدِّمين يعني بني أُمَيَّةَ فإِنهم إِلى ابنِ عباسٍ في النَّسَبِ أَقْرَبُ من ابن الزبير يقال رَبَّهُ يَرُبُّه أَي كان له رَبّاً وتَرَبَّبَ الرَّجُلَ والأَرضَ ادَّعَى أَنه رَبُّهما والرَّبَّةُ كَعْبَةٌ كانت بنَجْرانَ لِمَذْحِج وبني الحَرث بن كَعْب يُعَظِّمها الناسُ ودارٌ رَبَّةٌ ضَخْمةٌ قال حسان بن ثابت
وفي كلِّ دارٍ رَبَّةٍ خَزْرَجِيَّةٍ ... وأَوْسِيَّةٍ لي في ذراهُنَّ والِدُ
ورَبَّ ولَدَه والصَّبِيَّ يَرُبُّهُ رَبّاً ورَبَّبَه تَرْبِيباً وتَرِبَّةً عن اللحياني بمعنى رَبَّاه وفي الحديث لكَ نِعْمةٌ تَرُبُّها أَي تَحْفَظُها وتُراعِيها وتُرَبِّيها كما يُرَبِّي الرَّجُلُ ولدَه وفي حديث ابن ذي يزن أُسْدٌ تُرَبِّبُ في الغَيْضاتِ أَشْبالا أَي تُرَبِّي وهو أَبْلَغ منه ومن تَرُبُّ بالتكرير الذي فيه وتَرَبَّبَه وارْتَبَّه ورَبَّاه تَرْبِيَةً على تَحْويلِ التَّضْعيفِ وتَرَبَّاه على تحويل التضعيف أَيضاً أَحسَنَ القِيامَ عليه وَوَلِيَه حتى يُفارِقَ الطُّفُولِيَّةَ كان ابْنَه أَو لم يكن وأَنشد اللحياني
تُرَبِّبُهُ من آلِ دُودانَ شَلّةٌ ... تَرِبَّةَ أُمٍّ لا تُضيعُ سِخَالَها
وزعم ابن دريد أَنَّ رَبِبْتُه لغةٌ قال وكذلك كل طِفْل من الحيوان غير الإِنسان وكان ينشد هذا البيت كان لنا وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُهْ كسر حرف المُضارعةِ ليُعْلَم أَنّ ثاني الفعل الماضي مكسور كما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو قال وهي لغة هذيل في هذا الضرب من الفعل والصَّبِيُّ مَرْبُوبٌ ورَبِيبٌ وكذلك الفرس والمَرْبُوب المُرَبَّى وقول سَلامَة بن جندل
ليس بأَسْفَى ولا أَقْنَى ولا سَغِلٍ ... يُسْقَى دَواءَ قَفِيِّ السَّكْنِ مَرْبُوبِ
يجوز أَن يكون أَراد بمربوب الصبيّ وأَن يكون أَراد به الفَرَس ويروى مربوبُ أَي هو مَرْبُوبٌ والأَسْفَى الخفيفُ الناصِيَةِ والأَقْنَى الذي في أَنفِه احْديدابٌ والسَّغِلُ المُضْطَرِبُ الخَلْقِ والسَّكْنُ أَهلُ الدار والقَفِيُّ والقَفِيَّةُ ما يُؤْثَرُ به الضَّيْفُ والصَّبِيُّ ومربوب من صفة حَتٍّ في بيت قبله وهو
مِنْ كلِّ حَتٍّ إِذا ما ابْتَلَّ مُلْبَدهُ ... صافِي الأَديمِ أَسِيلِ الخَدِّ يَعْبُوب
الحَتُّ السَّريعُ واليَعْبُوب الفرسُ الكريمُ وهو الواسعُ الجَِرْي وقال أَحمد بن يَحيى للقَوْمِ الذين اسْتُرْضِعَ فيهم النبيُّ صلّى اللّه عليه وسلّم أَرِبَّاءُ النبيِّ صلّى اللّه عليه وسلّم كأَنه جمعُ رَبِيبٍ فَعِيلٍ بمعنى [ ص 402 ]
فاعل وقولُ حَسَّانَ بن ثابت
ولأَنْتِ أَحسنُ إِذْ بَرَزْتِ لنا ... يَوْمَ الخُروجِ بِساحَةِ القَصْرِ
مِن دُرَّةٍ بَيْضاءَ صافيةٍ ... مِمَّا تَرَبَّب حائرُ البحرِ
يعني الدُّرَّةَ التي يُرَبِّيها الصَّدَفُ في قَعْرِ الماءِ والحائرُ مُجْتَمَعُ الماءِ ورُفع لأَنه فاعل تَرَبَّبَ والهاءُ العائدةُ على مِمَّا محذوفةٌ تقديره مِمَّا تَرَبَّبَه حائرُ البحرِ يقال رَبَّبَه وتَرَبَّبَه بمعنى والرَّبَبُ ما رَبَّبَه الطّينُ عن ثعلب وأَنشد في رَبَبِ الطِّينِ وماء حائِر والرَّبِيبةُ واحِدةُ الرَّبائِب من الغنم التي يُرَبّيها الناسُ في البُيوتِ لأَلبانها وغَنمٌ ربائِبُ تُرْبَطُ قَريباً مِن البُيُوتِ وتُعْلَفُ لا تُسامُ هي التي ذَكَر ابراهيمُ النَّخْعِي أَنه لا صَدَقةَ فيها قال ابن الأَثير في حديث النخعي ليس في الرَّبائبِ صَدَقةٌ الرَّبائبُ الغَنَمُ التي تكونُ في البَيْتِ وليست بِسائمةٍ واحدتها رَبِيبَةٌ بمعنى مَرْبُوبَةٍ لأَن صاحِبَها يَرُبُّها وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها كان لنا جِيرانٌ مِن الأَنصار لهم رَبائِبُ وكانوا يَبْعَثُونَ إِلينا مِن أَلبانِها وفي حديث عمر رضي اللّه عنه لا تَأْخُذِ الأَكُولَة ولا الرُّبَّى ولا الماخضَ قال ابن الأَثير هي التي تُرَبَّى في البيت من الغنم لأَجْل اللَّبن وقيل هي الشاةُ القَريبةُ العَهْدِ بالوِلادة وجمعها رُبابٌ بالضم وفي الحديث أَيضاً ما بَقِيَ في غَنَمِي إِلاّ فَحْلٌ أَو شاةٌ رُبَّى والسَّحَابُ يَرُبُّ المَطَر أَي يَجْمَعُه ويُنَمِّيهِ والرَّبابُ بالفتح سَحابٌ أَبيضُ وقيل هو السَّحابُ واحِدَتُه رَبابةٌ وقيل هو السَّحابُ المُتَعَلِّقُ الذي تراه كأَنه دُونَ السَّحاب قال ابن بري وهذا القول هو المَعْرُوفُ وقد يكون أَبيضَ وقد يكون أَسْودَ وفي حديث النبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم أَنه نَظَرَ في الليلةِ التي أُسْرِيَ به إِلى قَصْرٍ مِثْلِ الرَّبابةِ البَيْضاء قال أَبو
عبيد الرَّبابةُ بالفتح السَّحابةُ التي قد رَكِبَ بعضُها بَعْضاً
وجمعها رَبابٌ وبها سمّيت المَرْأَةُ الرَّبابَ قال الشاعر
سَقَى دارَ هِنْدٍ حَيْثُ حَلَّ بِها النَّوَى ... مُسِفُّ الذُّرَى دَانِي الرَّبابِ ثَخِينُ
وفي حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما أَحْدَقَ بِكُم رَبابه قال
الأَصمعي أَحسنُ بيت قالته العرب في وَصْفِ الرَّبابِ قولُ عبدِالرحمن بن حَسَّان على ما ذكره الأَصمعي في نِسْبَةِ البيت إِليه قال ابن بري ورأَيت من يَنْسُبُه لعُروة بنَ جَلْهَمةَ المازِنيّ
إِذا اللّهُ لم يُسْقِ إِلاّ الكِرام ... فَأَسْقَى وُجُوهَ بَنِي حَنْبَلِ
أَجَشَّ مُلِثّاً غَزيرَ السَّحاب ... هَزيزَ الصَلاصِلِ والأَزْمَلِ
تُكَرْكِرُه خَضْخَضاتُ الجَنُوب ... وتُفْرِغُه هَزَّةُ الشَّمْأَلِ
كأَنَّ الرَّبابَ دُوَيْنَ السَّحاب ... نَعامٌ تَعَلَّقَ بالأَرْجُلِ
والمطر يَرُبُّ النباتَ والثَّرى ويُنَمِّيهِ والمَرَبُّ [ ص 403 ] الأَرضُ التي لا يَزالُ بها ثَرًى قال ذو الرمة
خَناطِيلُ يَسْتَقْرِينَ كلَّ قرارَةٍ ... مَرَبٍّ نَفَتْ عنها الغُثاءَ الرَّوائسُ
وهي المَرَبَّةُ والمِرْبابُ وقيل المِرْبابُ من الأَرضِين التي كَثُرَ نَبْتُها ونَأْمَتُها وكلُّ ذلك مِنَ الجَمْعِ والمَرَبُّ المَحَلُّ ومكانُ الإِقامةِ والاجتماعِ والتَّرَبُّبُ الاجْتِماعُ ومَكانٌ مَرَبٌّ بالفتح مَجْمَعٌ يَجْمَعُ الناسَ قال ذو الرمة
بأَوَّلَ ما هاجَتْ لكَ الشَّوْقَ دِمْنةٌ ... بِأَجرَعَ مِحْلالٍ مَرَبٍّ مُحَلَّلِ
قال ومن ثَمَّ قيل للرّبابِ رِبابٌ لأَنهم تَجَمَّعوا وقال أَبو عبيد سُمُّوا رباباً لأَنهم جاؤُوا برُبٍّ فأَكلوا منه وغَمَسُوا فيه أَيدِيَهُم وتَحالفُوا عليه وهم تَيْمٌ وعَدِيٌّ وعُكْلٌ والرِّبابُ أَحْياء ضَبّةَ سُمُّوا بذلك لتَفَرُّقِهم لأَنَّ الرُّبَّة الفِرقةُ ولذلك إِذا نَسَبْتَ إِلى الرَّباب قلت رُبِّيٌّ بالضم فَرُدَّ إِلى واحده وهو رُبَّةٌ لأَنك إِذا نسبت الشيءَ إِلى الجمع رَدَدْتَه إِلى الواحد كما تقول في المساجِد مَسْجِدِيٌّ إِلا أَن تكون سميت به رجلاً فلا تَرُدَّه إِلى الواحد كما تقول في أَنْمارٍ أَنْمارِيٌّ وفي كِلابٍ كِلابِيٌّ قال هذا قول سيبويه وأَما أَبو عبيدة فإِنه قال سُمُّوا بذلك لتَرابِّهِم أَي تَعاهُدِهِم قال الأَصمعي سموا بذلك لأَنهم أَدخلوا أَيديهم في رُبٍّ وتَعاقَدُوا وتَحالَفُوا عليه وقال ثعلب سُموا ( 1 )
( 1 قوله « وقال ثعلب سموا إلخ » عبارة المحكم وقال ثعلب سموا رباباً لأنهم اجتمعوا ربة ربة بالكسر أي جماعة جماعة ووهم ثعلب في جمعه فعلة ( أي بالكسر ) على فعال وإنما حكمه أن يقول ربة ربة اه أي بالضم )
رِباباً بكسر الراءِ لأَنهم تَرَبَّبُوا أَي تَجَمَّعوا رِبَّةً رِبَّةً وهم خَمسُ قَبائلَ تَجَمَّعُوا فصاروا يداً واحدةً ضَبَّةُ وثَوْرٌ وعُكْل وتَيْمٌ وعَدِيٌّ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ربب الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله وفلان مَرَبٌّ أَي مَجْمعٌ يَرُبُّ الناسَ ويَجْمَعُهم ومَرَبّ الإِبل حيث لَزِمَتْه وأَرَبَّت الإِبلُ بمكان كذا لَزِمَتْه وأَقامَتْ به فهي إِبِلٌ مَرابُّ لَوازِمُ ورَبَّ بالمكان وأَرَبَّ لَزِمَه قال رَبَّ بأَرضٍ لا تَخَطَّاها الحُمُرْ وأَرَبَّ فلان بالمكان وأَلَبَّ إِرْباباً وإِلباباً إِذا أَقامَ به فلم يَبْرَحْه وفي الحديث اللهمّ إِني أَعُوذُ بك من غِنًى مُبْطِرٍ وفَقْرٍ مُرِبٍّ وقال ابن الأَثير أَو قال مُلِبٍّ أَي لازِمٍ غير مُفارِقٍ مِن أَرَبَّ بالمكانِ وأَلَبَّ إِذا أَقامَ به ولَزِمَه وكلّ لازِمِ شيءٍ مُرِبٌّ وأَرَبَّتِ الجَنُوبُ دامَت وأَرَبَّتِ السَّحابةُ دامَ مَطَرُها وأَرَبَّتِ الناقةُ أَي لَزِمَت الفحلَ وأَحَبَّتْه وأَرَبَّتِ الناقةُ بولدها لَزِمَتْه وأَحَبَّتْه وهي مُرِبٌّ كذلك هذه رواية أَبي عبيد عن أَبي زيد ورَوْضاتُ بني عُقَيْلٍ يُسَمَّيْن الرِّبابَ والرِّبِّيُّ والرَّبَّانِيُّ الحَبْرُ ورَبُّ العِلْم وقيل الرَّبَّانِيُّ الذي يَعْبُد الرَّبَّ زِيدت الأَلف والنون للمبالغة في النسب وقال سيبويه زادوا أَلفاً ونوناً في الرَّبَّاني إِذا أَرادوا تخصيصاً بعِلْم الرَّبِّ دون غيره كأَن معناه صاحِبُ عِلم بالرَّبِّ دون غيره من العُلوم وهو كما يقال رجل شَعْرانِيٌّ ولِحْيانِيٌّ ورَقَبانِيٌّ إِذا خُصَّ بكثرة الشعر وطول اللِّحْيَة وغِلَظِ الرَّقبةِ فإِذا [ ص 404 ] نسبوا إِلى الشَّعر قالوا شَعْرِيٌّ وإِلى الرَّقبةِ قالوا رَقَبِيٌّ وإِلى اللِّحْيةِ لِحْيِيٌّ والرَّبِّيُّ منسوب إِلى الرَّبِّ والرَّبَّانِيُّ الموصوف بعلم الرَّبِّ ابن الأَعرابي الرَّبَّانِيُّ العالم المُعَلِّم الذي يَغْذُو الناسَ بِصغارِ العلم قبلَ كِبارها وقال محمد بن عليّ ابن الحنفية لَمّا ماتَ عبدُاللّه بن عباس رضي اللّه عنهما اليومَ ماتَ رَبّانِيُّ هذه الأُمَّة ورُوي عن علي رضي اللّه عنه أَنه قال الناسُ ثلاثةٌ عالِمٌ ربَّانيٌّ ومُتَعَلِّمٌ على سَبيلِ نَجاةٍ وهَمَجٌ رَعاعٌ أَتْباعُ كلِّ ناعق قال ابن الأَثير هو منسوب إِلى الرَّبِّ بزيادة الأَلف والنون للمبالغة قال وقيل هو من الرَّبِّ بمعنى التربيةِ كانوا يُرَبُّونَ المُتَعَلِّمينَ بِصغار العُلوم قبلَ كبارِها والرَّبَّانِيُّ العالم الرَّاسِخُ في العِلم والدين أَو الذي يَطْلُب بِعلْمِه وجهَ اللّهِ وقيل العالِم العامِلُ المُعَلِّمُ وقيل الرَّبَّانِيُّ العالي الدَّرجةِ في العِلمِ قال أَبو عبيد سمعت رجلاً عالماً بالكُتب يقول الرَّبَّانِيُّون العُلَماءُ بالحَلال والحَرام والأَمْرِ والنَّهْي قال والأَحبارُ أَهلُ المعرفة بأَنْباءِ الأُمَم وبما كان ويكون قال أَبو عبيد وأَحْسَب الكلمَة ليست بعربية إِنما هي عِبْرانية أَو سُرْيانية وذلك أَن أَبا عبيدة زعم أَن العرب لا تعرف الرَّبَّانِيّين قال أَبو عبيد وإِنما عَرَفَها الفقهاء وأَهل العلم وكذلك قال شمر يقال لرئيس المَلاَّحِينَ رُبَّانِيٌّ ( 1 )
( 1 قوله « وكذلك قال شمر يقال إلخ » كذا بالنسخ وعبارة التكملة ويقال لرئيس الملاحين الربان بالضم وقال شمر الرباني بالضم منسوباً وأنشد للعجاج صعل وبالجملة فتوسط هذه العبارة بين الكلام على الرباني بالفتح ليس على ما ينبغي إلخ ) وأَنشد صَعْلٌ مِنَ السَّامِ ورُبَّانيُّ ورُوي عن زِرِّ بن عبدِاللّه في قوله تعالى كُونوا رَبَّانِيِّينَ قال حُكَماءَ عُلَماءَ غيره الرَّبَّانيُّ المُتَأَلِّه العارِفُ باللّه تعالى وفي التنزيل كُونوا رَبَّانِيِّين والرُّبَّى على فُعْلى بالضم الشاة التي وضعَت حديثاً وقيل هي الشاة إِذا ولدت وإِن ماتَ ولدُها فهي أَيضاً رُبَّى بَيِّنةُ الرِّبابِ وقيل رِبابُها ما بَيْنها وبين عشرين يوماً من وِلادتِها وقيل شهرين وقال اللحياني هي الحديثة النِّتاج مِن غير أَنْ يَحُدَّ وَقْتاً وقيل هي التي يَتْبَعُها ولدُها وقيل الرُّبَّى من المَعز والرَّغُوثُ من الضأْن والجمع رُبابٌ بالضم نادر تقول أَعْنُزٌ رُبابٌ والمصدر رِبابٌ بالكسر وهو قُرْبُ العَهْد بالولادة قال أَبو زيد الرُّبَّى من المعز وقال غيره من المعز والضأْن جميعاً وربما جاءَ في الإِبل أَيضاً قال الأَصمعي أَنشدنا مُنْتَجع ابن نَبْهانَ حَنِينَ أُمِّ البَوِّ في رِبابِها قال سيبويه قالوا رُبَّى ورُبابٌ حذفوا أَلِف التأْنيث وبَنَوْه على هذا البناءِ كما أَلقوا الهاءَ من جَفْرة فقالوا جِفارٌ إِلاَّ أَنهم ضموا أَوَّل هذا كما قالوا ظِئْرٌ وظُؤَارٌ ورِخْلٌ ورُخالٌ وفي حديث شريح إِنّ الشاةَ تُحْلَبُ في رِبابِها وحكى اللحياني غَنَمٌ رِبابٌ قال وهي قليلة وقال رَبَّتِ الشاةُ تَرُبُّ رَبّاً إِذا وَضَعَتْ وقيل إِذا عَلِقَتْ وقيل لا فعل للرُّبَّى والمرأَةُ تَرْتَبُّ الشعَر بالدُّهْن قال الأَعشى
حُرَّةٌ طَفْلَةُ الأَنامِل تَرْتَبُّ ... سُخاماً تَكُفُّه بخِلالِ
وكلُّ هذا من الإِصْلاحِ والجَمْع [ ص 405 ] والرَّبِيبةُ الحاضِنةُ قال ثعلب لأَنها تُصْلِحُ الشيءَ وتَقُوم به وتَجْمَعُه وفي حديث المُغِيرة حَمْلُها رِبابٌ رِبابُ المرأَةِ حِدْثانُ وِلادَتِها وقيل هو ما بين أَن تَضَعَ إِلى أَن يأْتي عليها شهران وقيل عشرون يوماً يريد أَنها تحمل بعد أَن تَلِد بيسير وذلك مَذْمُوم في النساءِ وإِنما يُحْمَد أَن لا تَحْمِل بعد الوضع حتى يَتِمَّ رَضاعُ ولدها والرَّبُوبُ والرَّبِيبُ ابن امرأَةِ الرجل مِن غيره وهو بمعنى مَرْبُوب ويقال للرَّجل نَفْسِه رابٌّ قال مَعْنُ بن أَوْس يذكر امرأَته وذكَرَ أَرْضاً لها
فإِنَّ بها جارَيْنِ لَنْ يَغْدِرا بها ... رَبِيبَ النَّبيِّ وابنَ خَيْرِ الخَلائفِ
يعني عُمَرَ بن أَبي سَلَمة وهو ابنُ أُمِّ سَلَمةَ زَوْجِ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وعاصِمَ بن عمر ابن الخَطَّاب وأَبوه أَبو سَلَمَة وهو رَبِيبُ النبي صلّى اللّه عليه وسلّم والأُنثى رَبِيبةٌ الأَزهري رَبِيبةُ الرجل بنتُ امرأَتِه من غيره وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما إِنما الشَّرْطُ في الرَّبائبِ يريد بَناتِ الزَّوْجاتِ من غير أَزواجِهن الذين معهن قال والرَّبِيبُ أَيضاً يقال لزوج الأُم لها ولد من غيره ويقال لامرأَةِ الرجل إِذا كان له ولدٌ من غيرها رَبيبةٌ وذلك معنى رابَّةٍ ورابٍّ وفي الحديث الرَّابُّ كافِلٌ وهو زَوْجُ أُمِّ اليَتيم وهو اسم فاعل مِن رَبَّه يَرُبُّه أَي إِنه يَكْفُل بأَمْرِه وفي حديث مجاهد كان يكره أَن يتزوَّج الرجلُ امرأَةَ رابِّه يعني امرأَة زَوْج أُمِّه لأنه كان يُرَبِّيه غيره والرَّبيبُ والرَّابُّ زوجُ الأُم قال أَبو الحسن الرماني هو كالشَّهِيدِ والشاهِد والخَبِير والخابِرِ والرَّابَّةُ امرأَةُ الأَبِ وَرَبَّ المعروفَ والصَّنِيعةَ والنِّعْمةَ يَرُبُّها رَبّاً ورِباباً ورِبابةً حكاهما اللحياني ورَبَّبها نَمَّاها وزادَها وأَتَمَّها وأَصْلَحَها ورَبَبْتُ قَرابَتَهُ كذلك أَبو عمرو رَبْرَبَ الرجلُ إِذا رَبَّى يَتيماً وَرَبَبْتُ الأَمْرَ أَرُبُّهُ رَبّاً ورِبابةً أَصْلَحْتُه ومَتَّنْتُه ورَبَبْتُ الدُّهْنَ طَيَّبْتُه وأَجدتُه وقال اللحياني رَبَبْتُ الدُّهْنَ غَذَوْتُه بالياسَمينِ أَو بعض الرَّياحِينِ قال ويجوز فيه رَبَّبْتُه ودُهْنٌ مُرَبَّبٌ إِذا رُبِّبَ الحَبُّ الذي اتُّخِذَ منه بالطِّيبِ والرُّبُّ الطِّلاءُ الخاثِر وقيل هو دبْسُ كل ثَمَرَة وهو سُلافةُ خُثارَتِها بعد الاعتصار والطَّبْخِ والجمع الرُّبُوبُ والرِّبابُ ومنه سقاءٌ مَرْبُوبٌ إِذا رَبَبْتَه أَي جعلت فيه الرُّبَّ وأَصْلَحتَه به وقال ابن دريد رُبُّ السَّمْنِ والزَّيْتِ ثُفْلُه الأَسود وأَنشد كَشائطِ الرُّبّ عليهِ الأَشْكَلِ وارْتُبَّ العِنَبُ إِذا طُبِخَ حتى يكون رُبّاً يُؤْتَدَمُ به عن أَبي حنيفة وَرَبَبْتُ الزِّقَّ بالرُّبِّ والحُبَّ بالقِير والقارِ أَرُبُّه رَبّاً ورُبّاً ورَبَّبْتُه متَّنْتُه وقيل رَبَبْتُه دَهَنْتُه وأَصْلَحْتُه قال عمرو بن شأْس يُخاطِبُ امرأَته وكانت تُؤْذِي ابنه عِراراً
فَإِنَّ عِراراً إِن يَكُنْ غيرَ واضِحٍ ... فإِني أُحِبُّ الجَوْنَ ذا المَنْكِبِ العَمَمْ
[ ص 406 ]
فإِن كنتِ مِنِّي أَو تُريدينَ صُحْبَتي ... فَكُوني له كالسَّمْنِ رُبَّ له الأَدَمْ
أَرادَ بالأَدَم النُّحْي يقول لزوجته كُوني لوَلدي عِراراً كَسَمْنٍ رُبَّ أَدِيمُه أَي طُلِيَ برُبِّ التمر لأَنَّ النِّحْي إِذا أُصْلِحَ بالرُّبِّ طابَتْ رائحتُه ومَنَعَ السمنَ مِن غير أَن يفْسُد طَعْمُه أَو رِيحُه يقال رَبَّ فلان نِحْيه يَرُبُّه رَبّاً إِذا جَعل فيه الرُّبَّ ومَتَّنه به وهو نِحْيٌ مَرْبُوب وقوله سِلاءَها في أَديمٍ غيرِ مَرْبُوبِ أَي غير مُصْلَحٍ وفي صفة ابن عباس رضي اللّه عنهما كأَنَّ على صَلَعَتِهِ الرُّبَّ من مسْكٍ أَو عَنْبرٍ الرُّبُّ ما يُطْبَخُ من التمر وهو الدِّبْسُ أَيضاً وإِذا وُصِفَ الإِنسانُ بحُسْنِ الخُلُق قيل هو السَّمْنُ لا يَخُمُّ والمُربَّبَاتُ الأَنْبِجاتُ وهي المَعْمُولاتُ بالرُّبِّ كالمُعَسَّلِ وهو المعمول بالعسل وكذلك المُرَبَّياتُ إِلا أَنها من التَّرْبيةِ يقال زنجبيل مُرَبًّى ومُرَبَّبٌ والإِربابُ الدُّنوُّ مِن كل شيءٍ والرِّبابةُ بالكسر جماعةُ السهام وقيل خَيْطٌ تُشَدُّ به السهامُ وقيل خِرْقةٌ تُشَدُّ فيها وقال اللحياني هي السُّلْفةُ التي تُجْعَلُ فيها القِداحُ شبيهة بالكِنانة يكون فيها السهام وقيل هي شبيهة بالكنانةِ يجمع فيها سهامُ المَيْسرِ قال أَبو ذؤَيب يصف الحمار وأُتُنَه
وكأَنهنَّ رِبابةٌ وكأَنه ... يَسَرٌ يُفِيضُ على القِداح ويَصْدَعُ
والرِّبابةُ الجِلدةُ التي تُجْمع فيها السِّهامُ وقيل الرِّبابةُ سُلْفَةٌ يُعْصَبُ بها على يَدِ الرَّجُل الحُرْضَةِ وهو الذي تُدْفَعُ إِليه الأَيسارُ للقِدح وإِنما يفعلون ذلك لِكَيْ لا يَجِدَ مَسَّ قِدْحٍ يكون له في صاحِبِه هَوًى والرِّبابةُ والرِّبابُ العَهْدُ والمِيثاقُ قال عَلْقَمَةُ بن عَبَدةَ
وكنتُ امْرَأً أَفْضَتْ إِليكَ رِبابَتِي ... وقَبْلَكَ رَبَّتْني فَضِعْتُ رُبُوبُ
ومنه قيل للعُشُور رِبابٌ والرَّبِيبُ المُعاهَدُ وبه فسر قَوْلُ امرِئِ القيس فما قاتَلوا عن رَبِّهِم ورَبِيبِهِمْ وقال ابن بري قال أَبو علي الفارسي أَرِبَّةٌ جمع رِبابٍ وهو العَهْدُ قال أَبو ذؤَيب يذكر خَمْراً
تَوَصَّلُ بالرُّكْبانِ حِيناً وتُؤْلِفُ ... الجِوارَ ويُعْطِيها الأَمانَ رِبابُها
قوله تُؤْلِفُ الجِوار أَي تُجاوِرُ في مَكانَيْنِ والرِّبابُ العَهْدُ الذي يأْخُذه صاحِبُها من الناس لإِجارتِها وجَمْعُ الرَّبِّ رِبابٌ وقال شمر الرِّبابُ في بيت أَبي ذؤَيب جمع رَبٍّ وقال غيره يقول إِذا أَجار المُجِيرُ هذه الخَمْر أَعْطَى صاحِبَها قِدْحاً ليَعْلَموا أَنه قد أُجِيرَ فلا يُتَعَرَّض لها كأَنَّه ذُهِبَ بالرِّبابِ إِلى رِبابةِ سِهامِ المَيْسِر والأَرِبَّةُ أَهلُ المِيثاق قال أَبو ذُؤَيْب
كانت أَرِبَّتَهم بَهْزٌ وغَرَّهُمُ ... عَقْدُ الجِوار وكانوا مَعْشَراً غُدُرا
[ ص 407 ] قال ابن بري يكون التقدير ذَوِي أَرِبَّتِهِم ( 1 )
( 1 قوله « التقدير ذوي إلخ » أي داع لهذا التقدير مع صحة الحمل بدونه ) وبَهْزٌ حَيٌّ من سُلَيْم والرِّباب العُشُورُ وأَنشد بيت أَبي ذؤَيب ويعطيها الأَمان ربابها وقيل رِبابُها أَصحابُها والرُّبَّةُ الفِرْقةُ من الناس قيل هي عشرة آلافٍ أَو نحوها والجمع رِبابٌ وقال يونس رَبَّةٌ ورِبابٌ كَجَفْرَةٍ وجِفار والرَّبَّةُ كالرُّبَّةِ والرِّبِّيُّ واحد الرِّبِّيِّين وهم الأُلُوف من الناس والأَرِبَّةُ مِن الجَماعاتِ واحدتها رَبَّةٌ وفي التنزيلِ العزيز وكأَيِّنْ مِن نَبيِّ قاتَلَ معه رِبِّيُّون كثير قال الفراءُ الرِّبِّيُّونَ الأُلوف وقال أَبو العباس أَحمد بن يحيى قال الأَخفش الرِّبيون منسوبون إِلى الرَّبِّ قال أَبو العباس ينبغي أَن تفتح الراءُ على قوله قال وهو على قول الفرّاء من الرَّبَّةِ وهي الجماعة وقال الزجاج رِبِّيُّون بكسر الراء وضمّها وهم الجماعة الكثيرة وقيل الربيون العلماء الأَتقياءُ الصُّبُر وكلا القولين حَسَنٌ جميلٌ وقال أَبو طالب الربيون الجماعات الكثيرة الواحدة رِبِّيٌّ والرَّبَّانيُّ العالم والجماعة الرَّبَّانِيُّون وقال أَبو العباس الرَّبَّانِيُّون الأُلوفُ والرَّبَّانِيُّون العلماءُ و قرأَ الحسن رُبِّيُّون بضم الراء وقرأَ ابن عباس رَبِّيُّون بفتح الراءِ والرَّبَبُ الماءُ الكثير المجتمع بفتح الراءِ والباءِ وقيل العَذْب قال الراجز والبُرَّةَ السَمْراء والماءَ الرَّبَبْ وأَخَذَ الشيءَ بِرُبَّانه ورَبَّانِه أَي بأَوَّله وقيل برُبَّانِه بجَمِيعِه ولم يترك منه شيئاً ويقال افْعَلْ ذلك الأَمْرَ بِرُبَّانه أَي بِحِدْثانِه وطَراءَتِه وجِدَّتِه ومنه قيل شاةٌ رُبَّى ورُبَّانُ الشَّبابِ أَوَّله قال ابن أَحمر
وإِنَّما العَيْشُ بِرُبَّانِه ... وأَنْتَ من أَفنانِه مُفْتَقِر
ويُروى مُعْتَصِر وقول الشاعر
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) ربب الرَّبُّ هو اللّه عزّ وجل هو رَبُّ كلِّ شيءٍ أَي مالكُه وله
خَلِيلُ خَوْدٍ غَرَّها شَبابُه ... أَعْجَبَها إِذْ كَبِرَتْ رِبابُه
أَبو عمرو الرُّبَّى أَوَّلُ الشَّبابِ يقال أَتيته في رُبَّى شَبابِه ورُبابِ شَبابِه ورِبابِ شَبابِه ورِبَّان شَبابه أَبو عبيد الرُّبَّانُ من كل شيءٍ حِدْثانُه ورُبّانُ الكَوْكَب مُعْظَمُه وقال أَبو عبيدة الرَّبَّانُ بفتح الراءِ الجماعةُ وقال الأَصمعي بضم الراءِ وقال خالد بن جَنْبة الرُّبَّةُ الخَير اللاَّزِمُ بمنزلة الرُّبِّ الذي يَلِيقُ فلا يكاد يذهب وقال اللهم إِني أَسأَلُك رُبَّةَ عَيْشٍ مُبارَكٍ فقيل له وما رُبَّةُ عَيْشٍ ؟ قال طَثْرَتَهُ وكَثْرَتُه وقالوا ذَرْهُ بِرُبَّان أَنشد ثعلب
فَذَرْهُمْ بِرُبّانٍ وإِلاّ تَذَرْهُمُ ... يُذيقُوكَ ما فيهم وإِن كان أَكثرا
قال وقالوا في مَثَلٍ إِن كنتَ بي تَشُدُّ ظَهْرَك فأَرْخِ بِرُبَّانٍ أَزْرَكَ وفي التهذيب إِن كنتَ بي تشدُّ ظَهْرَكَ فأَرْخِ مِن رُبَّى أَزْرَكَ يقول إِن عَوّلْتَ عَليَّ فَدَعْني أَتْعَبْ واسْتَرْخِ أَنتَ واسْتَرِحْ ورُبَّانُ غير مصروف اسم رجل [ ص 408 ] قال ابن سيده أَراه سُمي بذلك والرُّبَّى الحاجةُ يقال لي عند فلان رُبَّى والرُّبَّى الرَّابَّةُ والرُّبَّى العُقْدةُ المُحْكَمةُ والرُّبَّى النِّعْمةُ والإِحسانُ والرِّبَّةُ بالكسرِ نِبْتةٌ صَيْفِيَّةٌ وقيل هو كل ما اخْضَرَّ في القَيْظِ مِن جميع ضُروب النبات وقيل هو ضُروب من الشجر أَو النبت فلم يُحَدَّ والجمع الرِّبَبُ قال ذو الرمة يصف الثور الوحشي
أَمْسَى بِوَهْبِينَ مُجْتازاً لِمَرْتَعِه ... مِن ذِي الفَوارِسِ يَدْعُو أَنْفَه الرِّبَبُ
والرِّبَّةُ شجرة وقيل إِنها شجرة الخَرْنُوب التهذيب الرِّبَّةُ بقلة ناعمةٌ وجمعها رِبَبٌ وقال الرِّبَّةُ اسم لِعدَّةٍ من النبات لا تَهِيج في الصيف تَبْقَى خُضْرَتُها شتاءً وصَيْفاً ومنها الحُلَّبُ والرُّخَامَى والمَكْرُ والعَلْقى يقال لها كلها رِبَّةٌ التهذيب قال النحويون رُبَّ مِن حروف المَعاني والفَرْقُ بينها وبين كَمْ أَنَّ رُبَّ للتقليل وكَمْ وُضِعت للتكثير إِذا لم يُرَدْ بها الاسْتِفهام وكلاهما يقع على النَّكِرات فيَخْفِضُها قال أَبو حاتم من الخطإِ قول العامة رُبَّما رأَيتُه كثيراً ورُبَّما إِنما وُضِعَتْ للتقليل غيره ورُبَّ ورَبَّ كلمة تقليل يُجَرُّ بها فيقال رُبَّ رجلٍ قائم ورَبَّ رجُلٍ وتدخل عليه التاء فيقال رُبَّتَ رجل ورَبَّتَ رجل الجوهري ورُبَّ حرفٌ خافض لا يقع إِلاَّ على النكرة يشدَّد ويخفف وقد يدخل عليه التاء فيقال رُبَّ رجل ورُبَّتَ رجل ويدخل عليه ما ليُمْكِن أَن يُتَكَلَّم بالفعل بعده فيقال رُبما وفي التنزيل العزيز رُبَّما يَوَدُّ الذين كفروا وبعضهم يقول رَبَّما بالفتح وكذلك رُبَّتَما ورَبَّتَما ورُبَتَما وَرَبَتَما والتثقيل في كل ذلك أَكثر في كلامهم ولذلك إِذا صَغَّر سيبويه رُبَّ من قوله تعالى رُبَّما يودّ ردَّه إِلى الأَصل فقال رُبَيْبٌ قال اللحياني قرأَ الكسائي وأَصحاب عبداللّه والحسن رُبَّما يودُّ بالتثقيل وقرأَ عاصِمٌ وأَهلُ المدينة وزِرُّ بن حُبَيْش رُبَما يَوَدُّ بالتخفيف قال الزجاج من قال إِنَّ رُبَّ يُعنى بها التكثير فهو ضِدُّ ما تَعرِفه العرب فإِن قال قائل فلمَ جازت رُبَّ في قوله ربما يود الذين كفروا ورب للتقليل ؟ فالجواب في هذا أَن العرب خوطبت بما تعلمه في التهديد والرجل يَتَهَدَّدُ الرجل فيقول له لَعَلَّكَ سَتَنْدَم على فِعْلِكَ وهو لا يشك في أَنه يَنْدَمُ ويقول رُبَّما نَدِمَ الإِنسانُ مِن مِثْلِ ما صَنَعْتَ وهو يَعلم أَنَّ الإِنسان يَنْدَمُ كثيراً ولكنْ مَجازُه أَنَّ هذا لو كان مِمَّا يُوَدُّ في حال واحدة من أَحوال العذاب أَو كان الإِنسان يخاف أَن يَنْدَمَ على الشيءِ لوجَبَ عليه اجْتِنابُه والدليل على أَنه على معنى التهديد قوله ذَرْهُم يأْكُلُوا ويَتَمَتَّعُوا والفرق بين رُبَّما ورُبَّ أَن رُبَّ لا يليه غير الاسم وأَما رُبَّما فإِنه زيدت ما مع رب ليَلِيَها الفِعْلُ تقول رُبَّ رَجُلٍ جاءَني وربما جاءَني زيد ورُبَّ يوم بَكَّرْتُ فيه ورُبَّ خَمْرةٍ شَرِبْتُها ويقال ربما جاءَني فلان وربما حَضَرني زيد وأَكثرُ ما يليه الماضي ولا يَلِيه مِن الغابرِ إِلاَّ ما كان مُسْتَيْقَناً كقوله تعالى رُبَما يَوَدُّ الذين كفروا ووَعْدُ اللّهِ حَقٌّ كأَنه قد كان فهو بمعنى ما مَضَى وإِن كان لفظه مُسْتَقْبَلاً وقد تَلي ربما الأَسماءَ وكذلك ربتما [ ص 409 ] وأَنشد ابن الأَعرابي
ماوِيّ يا رُبَّتَما غارةٍ ... شَعْواءَ كاللَّذْعَةِ بالمِيسَمِ
قال الكسائي يلزم مَن خَفَّف فأَلقى إِحدى الباءَين أَن يقول رُبْ رجل فيُخْرِجَه مُخْرَجَ الأَدوات كما تقول لِمَ صَنَعْتَ ؟ ولِمْ صَنَعْتَ ؟ وبِأَيِّمَ جِئْتَ ؟ وبِأَيِّمْ جئت ؟ وما أَشبه ذلك وقال أَظنهم إِنما امتنعوا من جزم الباءِ لكثرة دخول التاءِ فيها في قولهم رُبَّتَ رجل ورُبَتَ رجل يريد الكسائي أَن تاءَ التأْنيث لا يكون ما قبلها إِلاَّ مفتوحاً أَو في نية الفتح فلما كانت تاءُ التأْنيث تدخلها كثيراً امتنعوا من إِسكان ما قبل هاءِ التأْنيث وآثروا النصب يعني بالنصب الفتح قال اللحياني وقال لي الكسائي إِنْ سَمِعتَ بالجزم يوماً فقد أَخبرتك يريد إِن سمعت أَحداً يقول رُبْ رَجُلٍ فلا تُنْكِرْه فإِنه وجه القياس قال اللحياني ولم يقرأْ أَحد رَبَّما بالفتح ولا رَبَما وقال أَبو الهيثم العرب تزيد في رُبَّ هاءً وتجعل الهاءَ اسماً مجهولاً لا يُعرف ويَبْطُل معَها عملُ رُبَّ فلا يخفض بها ما بعد الهاءِ وإِذا فَرَقْتَ بين كَمِ التي تَعْمَلُ عَمَلَ رُبَّ بشيءٍ بطل عَمَلُها وأَنشد
كائِنْ رَأَبْتُ وَهايا صَدْعِ أَعْظُمِه ... ورُبَّه عَطِباً أَنْقَذْتُ مِ العَطَبِ
نصب عَطِباً مِن أَجْل الهاءِ المجهولة وقولهم رُبَّه رَجُلاً ورُبَّها امرأَةً أَضْمَرت فيها العرب على غير تقدّمِ ذِكْر ثم أَلزَمَتْه التفسير ولم تَدَعْ أَنْ تُوَضِّح ما أَوْقَعت به الالتباسَ ففَسَّروه بذكر النوع الذي هو قولهم رجلاً وامرأَة وقال ابن جني مرة أَدخلوا رُبَّ على المضمر وهو على نهاية الاختصاص وجاز دخولها على المعرفة في هذا الموضع لمُضارَعَتِها النَّكِرَة بأَنها أُضْمِرَت على غير تقدّم ذكر ومن أَجل ذلك احتاجت إِلى التفسير بالنكرة المنصوبة نحو رجلاً وامرأَةً ولو كان هذا المضمر كسائر المضمرات لَمَا احتاجت إِلى تفسيره وحكى الكوفيون رُبَّه رجلاً قد رأَيت ورُبَّهُما رجلين ورُبَّهم رجالاً ورُبَّهنَّ نساءً فَمَن وَحَّد قال إِنه كناية عن مجهول ومَن لم يُوَحِّد قال إِنه ردّ كلام كأَنه قيل له ما لكَ جَوَارٍ ؟ قال رُبَّهُنّ جَوارِيَ قد مَلَكْتُ وقال ابن السراج النحويون كالمُجْمعِينَ على أَن رُبَّ جواب والعرب تسمي جمادى الأُولى رُبّاً ورُبَّى وذا القَعْدةِ رُبَّة وقال كراع رُبَّةُ ورُبَّى جَميعاً جُمادَى الآخِرة وإِنما كانوا يسمونها بذلك في الجاهلية والرَّبْرَبُ القَطِيعُ من بقر الوحش وقيل من الظِّباءِ ولا واحد له قال
بأَحْسَنَ مِنْ لَيْلى ولا أُمَّ شادِنٍ ... غَضِيضَةَ طَرْفٍ رُعْتَها وَسْطَ رَبْرَبِ
وقال كراع الرَّبْرَبُ جماعة البقر ما كان دون العشرة

( رتب ) رَتَبَ الشيءُ يَرْتُبُ رتُوباً وتَرَتَّبَ ثبت فلم يتحرّك يقال رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَي انْتَصَبَ انْتِصابَه ورَتَّبَه تَرتِيباً أَثْبَتَه وفي حديث لقمان بن عاد رَتَبَ رُتُوبَ الكَعْبِ أَيْ انْتَصَب كما يَنْتَصِبُ الكَعْبُ إِذا رَمَيْتَه وصفه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النَّفْس ومنه حديث ابن الزبير رضي اللّه عنهما كان يُصَلّي في المسجدِ [ ص 410 ] الحرام وأَحجارُ المَنْجَنِيقِ تَمُرُّ على أُذُنِه وما يَلْتَفِتُ كأَنه كَعْبٌ راتِبٌ وعَيْشٌ راتِبٌ ثابِتٌ دائمٌ وأَمْرٌ راتِبٌ أَي دارٌّ ثابِت قال ابن جني يقال ما زِلْتُ على هذا راتِباً وراتِماً أَي مُقيماً قال فالظاهر من أَمر هذه الميم أَن تكون بدلاً من الباءِ لأَنه لم يُسمع في هذا الموضع رَتَمَ مثل رَتَب قال وتحتمل الميم عندي في هذا أَن تكون أَصلاً غير بدل من الرَّتِيمَة وسيأْتي ذكرها والتُّرْتُبُ والتُّرْتَبُ كلُّه الشيءُ المُقِيم الثابِتُ والتُّرْتُبُ الأَمْرُ الثابِتُ وأَمْرٌ تُرْتَبٌ على تُفْعَلٍ بضم التاءِ وفتح العين أَي ثابت قال زيادة ابن زيد العُذْرِيّ وهو ابن أُخْت هُدْبةَ
مَلَكْنا ولَمْ نُمْلَكْ وقُدْنا ولَمْ نُقَدْ ... وكان لنَا حَقّاً على الناسِ تُرْتَبا
وفي كان ضمير أَي وكان ذلك فينا حَقّاً راتِباً وهذا البيت مذكور في أَكثر الكتب وكان لنا فَضْلٌ ( 1 ) على الناسِ تُرْتَبا
( 1 قوله « وكان لنا فضل » هو هكذا في الصحاح وقال الصاغاني والصواب في الاعراب فضلاً )
أَي جميعاً وتاءُ تُرْتَبٍ الأُولى زائدة لأَنه ليس في الأُصول مثل جُعْفَرٍ والاشتقاقُ يَشهد به لأَنه من الشيءِ الرَّاتِب والتُّرْتَبُ العَبْدُ يَتوارَثُه ثلاثةٌ لثَباتِه في الرِّقِّ وإِقامَتِه فيه والتُّرْتَبُ التُّرابُ ( 2 )
( 2 قوله « والترتب التراب » في التكملة هو بضم التاءَين كالعبد السوء ثم قال فيها والترتب الأبد والترتب بمعنى الجميع بفتح التاء الثانية فيهما ) لثَباتِه وطُولِ بَقائه هاتانِ الأَخيرتان عن ثعلب والتُّرْتُبُ بضم التاءَين العبد السوء ورَتَبَ الرجلُ يَرْتُبُ رَتْباً انْتَصَبَ ورَتَبَ الكَعْبُ رُتُوباً انْتَصَبَ وثَبَتَ وأَرْتَبَ الغُلامُ الكَعْبَ إِرتاباً أَثْبَتَه التهذيب عن ابن الأَعرابي أَرْتَبَ الرجلُ إِذا سأَل بعدَ غِنًى وأَرْتَبَ الرجلُ إِذا انْتَصَبَ قائماً فهو راتِبٌ وأَنشد
وإِذا يَهُبُّ من المَنامِ رأَيتَه ... كرُتُوبِ كَعْبِ الساقِ ليسَ بزُمَّلِ
وصَفَه بالشَّهامةِ وحِدَّةِ النفسِ يقول هو أَبداً مُسْتَيْقِظٌ مُنْتَصِبٌ والرَّتَبَةُ الواحدة من رَتَباتِ الدَّرَجِ والرُّتْبةُ والمَرْتَبةُ المَنْزِلةُ عند المُلوكِ ونحوها وفي الحديث مَن ماتَ على مَرْتَبةٍ من هذه المَراتِبِ بُعِثَ عليها المَرْتَبةُ المَنْزِلةُ الرَّفِيعةُ أَراد بها الغَزْوَ والحجَّ ونحوهما من العبادات الشاقة وهي مَفْعلة مِن رتَبَ إِذا انْتَصَبَ قائماً والمَراتِبُ جَمْعُها قال الأَصمعي والمَرْتبةُ المَرْقَبةُ وهي أَعْلَى الجَبَل وقال الخليل المَراتِبُ في الجَبل والصَّحارِي هي الأَعْلامُ التي تُرَتَّبُ فيها العُيُونُ والرُّقَباءُ والرَّتَبُ الصُّخُورُ المُتقارِبةُ وبعضُها أَرفعُ من بعض واحدتها رَتَبةٌ وحكيت عن يعقوب بضم الراءِ وفتح التاءِ وفي حديث حذيفة قال يومَ الدَّارِ أَما انه سيكُونُ لها وقَفَاتٌ ومَراتِبُ فمن ماتَ في وقَفاتِها خيرٌ ممَّن ماتَ في مَراتِبها المَراتِبُ مَضايِقُ الأَوْدية في حُزُونةٍ والرَّتَبُ ما أَشرفَ من الأَرضِ كالبَرْزَخِ [ ص 411 ] يقال رَتَبةٌ ورَتَبٌ كقولك دَرَجةٌ ودَرَجٌ والرَّتَبُ عَتَبُ الدَّرَجِ والرَّتَب الشدّةُ قال ذو الرمة يصف الثور الوحشي
تَقَيَّظَ الرَّمْلَ حتى هَزَّ خِلْفَتَه ... ترَوُّحُ البَرْدِ ما في عَيْشِه رَتَبُ
أَي تَقَيَّظ هذا الثورُ الرَّمْل حتى هَزَّ خِلْفَتَه وهو النباتُ الذي يكون في أَدبارِ القَيْظِ وقوله ما في عَيْشِه رَتَب أَي هو في لِينٍ من العيشِ والرَّتْباءُ الناقةُ المُنْتَصِبةُ في سَيْرِها والرَّتَبُ غِلَظُ العَيْشِ وشِدَّتُه وما في عَيْشِه رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي ليس فيه غِلَظٌ ولا شِدّةٌ أَي هو أَمْلَسُ وما في هذا الأَمر رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي عَناءٌ وشِدّةٌ وفي التهذيب أَي هو سَهْلٌ مُستقِيمٌ قال أَبو منصور هو بمعنى النَّصَب والتَّعَب وكذلك المَرْتبةُ وكلُّ مَقامٍ شديدٍ مَرْتَبةٌ قال الشماخ
ومَرْتبة لا يُسْتَقالُ بها الرَّدَى ... تلاقى بها حِلْمِي عن الجَهْلِ حاجز
والرَّتَبُ الفَوْتُ بين الخِنْصِرِ والبِنْصِر وكذلك بين البِنْصِر والوُسْطَى وقيل ما بين السَّبَّابة والوُسْطَى وقد تسكن

( رجب ) رَجِبَ الرجلُ رَجَباً فَزِعَ ورَجِبَ رَجَباً ورَجَبَ يَرْجُبُ اسْتَحْيا قال فَغَيْرُكَ يَسْتَحيِي وغيرُكَ يَرْجُبُ ورَجِبَ الرجلَ رَجَباً ورَجَبَه يرجُبُه رَجْباً ورُجُوباً ورَجَّبه وتَرَجَّبَه وأَرْجَبَه كلُّه هابَه وعَظَّمه فهو مَرْجُوبٌ وأَنشد شمر أَحْمَدُ رَبّي فَرَقاً وأَرْجَبُهْ أَي أُعَظِّمُه ومنه سمي رَجَبٌ ورَجِبَ بالكسر أَكثر قال
إِذا العَجوزُ اسْتَنْخَبَتْ فانْخَبْها ... ولا تَهَيَّبْها ولا تَرْجَبْها
وهكذا أَنشده ثعلب ورواية يعقوب في الأَلفاظ ولا تَرَجَّبْها ولا تَهَبْها شمر رَجِبْتُ الشيءَ هِبْتُه ورَجَّبْتُه عَظَّمْتُه ورَجَبٌ شهر سموه بذلك لتعظيمهم إِيَّاه في الجاهلية عن القتالِ فيه ولا يَسْتَحِلُّون القتالَ فيه وفي الحديث رَجَبُ مُضَرَ الذي بين جُمادَى وشعبانَ قوله بين جُمادَى وشعبانَ تأْكيد للبَيانِ وإِيضاحٌ له لأَنهم كانوا يؤَخرونه من شهر إِلى شهر فيَتَحَوَّل عن موضعه الذي يَخْتَصُّ به فبين لهم أَنه الشهر الذي بين جُمادَى وشعبانَ لا ما كانوا يسمونه على حِساب النَّسِيءِ وإِنما قيل رَجَبُ مُضَرَ إِضافة إِليهم لأَنهم كانوا أَشدّ تعظيماً له من غيرهم فكأَنهم اخْتَصُّوا به والجمع أَرْجابٌ تقول هذا رجب فإِذا ضَمُّوا له شَعْبانَ قالوا رَجَبانِ والتَّرْجِيبُ التعظيمُ وإِن فلاناً لَمُرَجَّبٌ ومنه تَرْجِيبُ العَتِيرةِ وهو ذَبحُها في رَجَبٍ وفي الحديث هل تَدْرُون ما العَتِيرةُ ؟ هي التي يسمونها الرَّجَبِيَّةَ كانوا يَذْبحون في شهر رَجَبٍ ذَبيحَةً ويَنْسُبونَها إِليه والتَّرْجِيبُ ذَبْحُ النَّسائكِ في رَجَبٍ يقال هذه أَيَّامُ تَرْجِيبٍ وتَعْتارٍ وكانت العربُ تُرَجِّبُ وكان ذلك لهم [ ص 412 ] نُسُكاً أَو ذَبائحَ في رَجَبٍ أَبو عمرو الرَّاجِبُ المُعَظِّم لسيده ومنه رَجِبَهُ يَرْجَبُه رَجَباً ورَجَبَهُ يَرْجُبُه رَجْباً ورُجُوباً ورَجَّبَه تَرْجيباً وأَرْجَبَه ومنه قول الحُباب عُذَيْقُها المُرَجَّبُ قال الأَزهري أَما أَبو عبيدة والأَصمعي فإِنهما جَعلاه من الرُّجْبةِ لا مِن التَّرْجِيبِ الذي هو بمعنى التعظيم وقول أَبي ذُؤَيب
فَشَرَّجَها مِنْ نُطْفةٍ رَجَبِيَّةٍ ... سُلاسِلَةٍ من ماءِ لِصْبٍ سُلاسِلِ
يقول مَزَجَ العَسَلَ بماءِ قَلْتٍ قد أَبْقاها مَطَرُ رَجَبٍ هُنالك والجمع أَرْجابٌ ورُجُوبٌ ورِجابٌ ورَجَباتٌ والتَّرْجِيبُ أَنْ تُدْعَمَ الشجرةُ إِذا كَثُرَ حَمْلُها لئلا تَتَكسَّرَ أَغْصانُها ورَجَّبَ النخلةَ كانت كريمةً عليه فمالَتْ فبَنَى تحتَها دُكَّاناً تَعْتَمِد عليه لضَعْفِها والرُّجْبةُ اسم ذلك الدُّكَّان والجمع رُجَبٌ مثل رُكْبةٍ ورُكَبٍ والرُّجَبِيَّةُ من النخل منسوبة إِليه ونَخْلَةٌ رُجَبِيَّةٌ ورُجَّبِيَّةٌ بُنِيَ تحتها رُجْبةٌ كِلاهُما نَسَبٌ نادِرٌ والتثقيل أَذهَبُ في الشُّذُوذ التهذيب والرُّجْبَةُ والرُّجْمةُ أَن تُعْمَدَ النخلةُ الكريمةُ إِذا خِيفَ عليها أَن تَقَعَ لطُولها وكثرة حَمْلِها بِبِناء من حِجارة تُرَجَّبُ بها أَي تُعْمَدُ به ويكون تَرْجِيبُها أَن يُجْعَلَ حَوْلَ النخلة شَوْكٌ لئلا يَرْقَى فيها راقٍ فيَجْنِي ثمرها الأَصمعي الرُّجْمةُ بالميم البناء من الصخر تُعْمَدُ به النخلةُ والرُّجْبةُ أَن تُعمد النخلة بخَشبةٍ ذاتِ شُعْبَتَيْنِ وقد روي بيت سُوَيْدِ بن صامِتٍ بالوجهين جميعاً
ليست بِسَنْهاءٍ ولا رُجَّبِيَّةٍ ... ولكِنْ عَرايا في السِّنينَ الجَوائِح
يَصِفُ نَخْلة بالجَوْدةِ وأَنها ليس فيها سَنْهاءُ والسنهاءُ التي أَصابتها السَّنةُ يعني أَضَرَّ بها الجَدْبُ وقيل هي التي تحمل سنة وتَترك أُخرى والعَرايا جمع عَرِيَّةٍ وهي التي يُوهَبُ ثَمَرُها والجَوائحُ السِّنونُ الشِّدادُ التي تُجِيحُ المالَ وقبل هذا البيت
أَدِينُ وما دَيْنِي عَلَيْكُم بِمَغْرَمٍ ... ولكِنْ عَلى الشُّمِّ الجِلادِ القَراوِحِ
أَي إِنما آخُذُ بدَيْنٍ على أَن أُؤَدِّيَه من مالي وما يَرْزُقُ اللّه من ثَمَرة نَخْلي ولا أُكلِّفُكم قَضاءَ دَيْني عني والشُّمُّ الطِّوالُ والجِلادُ الصَّابِراتُ على العَطَشِ والحَرِّ والبَرْدِ والقَراوِحُ التي انْجَرَدَ كَرَبُها واحِدها قِرْواحٌ وكان الأَصل قَراويحَ فحَذَفَ الياءَ للضرورة وقيل تَرْجِيبُها أَن تُضَمَّ أَعْذاقُها إِلى سَعَفاتِها ثم تُشَدُّ بالخُوصِ لئلا يَنْفُضَها الرِّيحُ وقيل هو أَن يُوضَعَ الشَّوْكُ حَوالي الأَعْذاقِ لئلا يَصِلَ إِليها آكلٌ فلا تُسْرَق وذلك إِذا كانت غَريبةً طَريفةً تقول رَجَّبْتُها تَرْجِيباً وقال الحُبابُ ابن المُنْذِر أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ قال يعقوب التَّرْجِيبُ هنا إِرفادُ النَّخلةِ من جانب لِيَمْنَعَها من السُّقوط أَي إِن لي عَشِيرةً تُعَضِّدُني وتَمْنَعُني وتُرْفِدُني والعُذَيْقُ تصغير عَذْقٍ بالفتح وهي النخلة وقد وَرَدَ في حَديث السَّقِيفَةِ أَنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ وهو تصغير تعظيم وقيل أَراد بالتَّرْجِيبِ التَّعْظِيمَ [ ص 413 ] ورَجِبَ فلانٌ مولاه أَي عَظَّمَه ومِنه سمي رَجَبٌ لأَنه كان يُعَظَّم فأَما قول سَلامةَ بن جَنْدَلٍ
والعادِياتُ أَسابِيُّ الدِّماءِ بِها ... كأَنَّ أَعْناقَها أَنْصابُ تَرْجِيبِ
فإِنه شَبَّهَ أَعْناقَ الخيل بالنخل المُرَجَّبِ وقيل شبَّه أَعْناقَها بالحجارة التي تُذْبَح عليها النَّسائِكُ قال وهذا يدل على صِحَّةِ قولِ مَن جَعل التَّرجِيبَ دَعْماً للنخلة وقال أَبو عبيد ُيفَسِّر هذا البيتَ تَفْسيرانِ أَحدهما أَنت يكون شبَّه انْتِصابَ أَعْناقِها بِجِدارِ تَرْجِيبِ النخل والآخَرُ أَن يكون أَراد الدِّماءَ التي تُراقُ في رجب وقال أَبو حنيفة رُجِّبَ الكَرْمُ سُوِّيت سُرُوغُه ووُضِعَ مَواضِعَه مِنَ الدِّعَمِ والقِلالِ ورَجَبَ العُودُ خَرج مُنْفَرداً والرُّجْبُ ما بين الضِّلَعِ والقَصِّ والأَرْجابُ الأَمْعاءُ وليس لها واحد عند أَبي عبيد وقال كراع واحدها رَجَبٌ بفتح الراءِ والجيم وقال ابن حمدويه واحدها رِجْبٌ بكسر الراءِ وسكون الجيم والرَّواجِبُ مَفاصِلُ أُصولِ الأَصابع التي تلي الأَنامل وقيل هي بَواطِنُ مَفاصِلِ أُصولِ الأَصابِع وقيل هي قَصَبُ الأَصابع وقيل هي ظُهُورُ السُّلاميَّات وقيل هي ما بين البَراجِم من السُّلاميَّات وقيل هي مَفاصِلُ الأَصابع واحدتها راجِبةٌ ثم البَراجِمُ ثم الأَشاجِعُ اللاتي تلي الكَفَّ ابن الأَعرابي الرَّاجِبةُ البُقْعَةُ المَلْساء بينَ البراجِمِ قال والبراجِمُ المُشَنَّجاتُ في مَفاصِل الأَصابع في كل إِصْبَعٍ ثَلاثُ بُرْجُماتٍ إِلاَّ الإِبهامَ وفي الحديث أَلا تُنَقُّونَ رواجِبَكم ؟ هي ما بين عُقد الأَصابع من داخل واحدها راجِبةٌ والبراجِمُ العُقَد المُتَشَنِّجَةُ في ظاهِر الأَصابعِ الليث راجِبةُ الطائِر الإِصْبَعُ التي تلي الدَّائِرةَ مِن الجانبين الوَحْشِيَّيْن مِن الرِّجْلَيْن وقول صخر الغي
تَمَلَّى بها طُولَ الحياةِ فَقَرْنُه ... له حَيَدٌ أَشْرافُها كالرَّواجِبِ
شَبَّه ما نتأَ مِنْ قَرْنِه بما نَتَأَ من أُصُولِ الأَصابع إِذا ضُمَّت الكَفُّ وقال كراع واحدتها رُجْبةٌ قال ولا أَدري كيف ذلك لأَنَّ فُعْلة لا تكسر على فَواعِلَ أَبو العميثل رَجَبْتُ فلاناً بقَوْلِ سَيِّئٍ ورَجَمْتُه بمعنى صكَكْتُه والرَّواجِبُ من الحِمار عُروقُ مَخارج صَوْتِه عن ابن الأَعرابي وأَنشد
طَوَى بَطنَه طُولُ الطِّراد فأَصْبَحَتْ ... تَقَلْقَلُ مِنْ طُولِ الطِّرادِ رَواجِبُهْ
والرُّجْبةُ بناءٌ يُبْنى يُصَادُ به الذئب وغيره يوضع فيه لحم ويُشَدُّ بخَيْط فإِذا جَذَبه سَقَط عليه الرُّجْبةُ

( رحب ) الرُّحْبُ بالضم السَّعةُ رَحُبَ الشيءُ رُحْباً ورَحابةً فهو رَحْبٌ ورَحِيبٌ ورُحابٌ وأَرْحَبَ اتَّسَعَ وأَرْحَبْتُ الشيءَ وسَّعْتُه قال الحَجَّاجُ حِينَ قَتَلَ ابن القِرِّيَّة أَرْحِبْ يا غُلامُ جُرْحَه وقيل للخيل أَرْحِبْ وأَرْحِبي أَي تَوَسَّعِي وتَباعَدي [ ص 414 ] وتَنَحِّي زجر لها قال الكميت بن معروف
نُعَلِّمُها هَبِي وهَلاَ وأَرْحِبْ ... وفي أَبْياتِنا ولَنا افْتُلِينا
وقالوا رَحُبَتْ عليكَ وطُلَّتْ أَي رَحُبَتِ البِلادُ عليك وطُلَّتْ وقال أَبو إِسحق رَحُبَتْ بِلادُكَ وطُلَّت أَي اتَّسَعَتْ وأَصابَها الطَّلُّ وفي حديث ابن زِمْلٍ على طَريقٍ رَحْبٍ أَي واسِعٍ ورجُل رَحْبُ الصَّدْرِ ورُحْبُ الصدر ورحِيبُ الجَوْفِ واسِعُهما وفلان رحِيبُ الصَّدْر أَي واسع الصدر وفي حديث ابن عوف رضي اللّه عنه قَلِّدوا أَمْرَكُم رَحْب الذِّراع أَي واسِعَ القُوَّةِ عند الشَّدائد ورَحُبَت الدَّارُ وأَرْحَبَتْ بمعنى أَي اتَّسَعَتْ وامرأَةٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ والرَّحْبُ بالفتح والرَّحِيبُ الشيء الواسِعُ تقول منه بلد رَحْبٌ وأَرضٌ رَحْبةٌ الأَزهري ذهب الفراء إِلى أَنه يقال بَلَدٌ رَحْبٌ وبِلادٌ رَحْبةٌ كما يقال بَلَدٌ سَهْلٌ وبِلادٌ سَهْلة وقد رَحُبَت تَرْحُبُ ورَحُبَ يَرْحُبُ رُحْباً ورَحابةً ورَحِبَتْ رَحَباً قال الأَزهري وأَرْحَبَتْ لغة بذلك المعنى وقِدْرٌ رُحابٌ أَي واسِعةٌ وقول اللّه عز وجل وضاقَتْ عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ أَي على رُحْبِها وسَعَتها وفي حديث كَعْب بن مالك فنحنُ كما قال اللّه تعالى وضاقَت عليهم الأَرضُ بما رَحُبَتْ وأَرضٌ رَحِيبةٌ واسِعةٌ ابن الأَعرابي والرَّحْبةُ ما اتَّسع من الأَرض وجمعُها رُحَبٌ مثل قَرْيةٍ وقُرًى قال الأَزهري وهذا يجيء شاذاً في باب الناقص فأَما السالم فما سمعت فَعْلةً جُمعت على فُعَلٍ قال وابن الأَعرابي ثقة لا يقول إِلا ما قد سَمِعَه وقولهم في تحية الوارد أَهْلاً ومَرْحَباً أَيْ صادَفْتَ أَهْلاً ومَرْحَباً وقالوا مَرْحَبَك اللّهُ ومَسْهَلَكَ وقولهم مَرْحَباً وأَهْلاً أَي أَتَيْتَ سَعةً وأَتَيْتَ أَهْلاً فاسْتَأْنِس ولا تَسْتَوْحِشْ وقال الليث معنى قول العرب مَرْحَباً انزل في الرَّحْب والسَّعةِ وأَقِمْ فلَكَ عِندنا ذلك وسئل الخليل عن نصب مَرْحَباً فقال فيه كَمِينُ الفِعْل أَراد به انْزِلْ أَو أَقِمْ فنُصِب بفعل مضمر فلما عُرِف معناه المراد به أُمِيتَ الفِعلُ قال الأَزهري وقال غيره في قولهم مَرْحَباً أَتَيْتَ أَو لَقِيتَ رُحْباً وسَعةً لا ضِيقاً وكذلك إِذا قال سَهْلاً أَراد نَزَلْت بلَداً سَهْلاً لا حَزْناً غَلِيظاً شمر سمعت ابن الأَعرابي يقول مَرْحَبَكَ اللّهُ ومَسْهَلَكَ ومَرْحَباً بك اللّهُ ومَسْهَلاً بك اللّهُ وتقول العرب لا مَرْحَباً بك أَي لا رَحُبَتْ عليك بلادُك قال وهي من المصادر التي تقع في الدُّعاءِ للرجل وعليه نحو سَقْياً ورَعْياً وجَدْعاً وعَقْراً يريدون سَقاكَ اللّهُ ورَعاكَ اللّهُ وقال الفراءُ معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً كأَنه وُضِعَ مَوْضِعَ التَّرْحِيبِ ورَحَّبَ بالرجل تَرْحِيباً قال له مَرْحَباً ورَحَّبَ به دعاه إِلى الرَّحْبِ والسَّعَةِ وفي الحديث قال لِخُزَيمةَ بن حُكَيْمٍ مَرْحَباً أَي لَقِيتَ رَحْباً وسَعةً وقيل معناه رَحَّبَ اللّهُ بك مَرْحَباً فجعلَ المَرْحَبَ موضع التَّرْحِيب ورَحَبةُ المسجِد والدارِ بالتحريك ساحَتُهما ومُتَّسَعُهما قال سيبويه رَحَبةٌ ورِحابٌ [ ص 415 ] كرَقَبةٍ ورِقابٍ ورَحَبٌ ورَحَباتٌ الأَزهري قال الفراءُ يقال للصَّحْراءِ بين أَفْنِيَةِ القوم والمَسْجِد رَحْبةٌ ورَحَبةٌ وسميت الرَّحَبةُ رَحَبةً لسَعَتِها بما رَحُبَتْ أَي بما اتَّسَعَتْ يقال منزل رَحِيبٌ ورَحْبٌ ورِحابُ الوادِي مَسايِلُ الماءِ من جانِبَيْه فيه واحدتها رَحَبةٌ ورَحَبةُ الثُّمام مُجْتَمَعُه ومَنْبِتُه ورَحائبُ التُّخوم سَعةُ أَقْطارِ الأَرض والرَّحَبةُ مَوضِعُ العِنَبِ بمنزلة الجَرينِ للتَّمر وكلُّه من الاتساع وقال أَبو حنيفة الرَّحْبةُ والرَّحَبةُ والتثقيل أَكثر أَرض واسِعةٌ مِنْباتٌ مِحْلالٌ وكلمة شاذة تحكى عن نصر بن سَيَّارٍ أَرَحُبَكُم الدُّخولُ في طاعةِ ابن الكِرْمانِي أَي أَوَسِعَكم فعَدَّى فَعُلَ وليست مُتَعدِّيةً عند النحويين إِلا أَن أَبا علي الفارسي حكى أَن هذيلاً تعديها إِذا كانت قابلة للتعدّي بمعناها كقوله ولم تَبْصُرِ العَيْنُ فيها كِلابا قال في الصحاح لم يجئْ في الصحيح فَعُلَ بضم العين متعدياً غير هذا وأَمَّا المعتل فقد اختلفوا فيه قال الكسائي أَصل قُلْتُه قَوُلْتُه وقال سيبويه لا يجوز ذلك لأَنه لا يتعدّى وليس كذلك طُلْته أَلا ترى أَنك تقول طويل ؟ الأَزهري قال الليث هذه كلمة شاذة على فَعُلَ مُجاوِزٌ وفَعُلَ لا يكون مُجاوِزاً أَبداً قال الأَزهري لا يجوز رَحُبَكُم عند النحويين ونصر ليس بحجة والرُّحْبَى على بناءِ فُعْلَى أَعْرَضُ ضِلَعٍ في الصدرِ وإِنما يكون الناحِزُ في الرُّحْبَيَيْنِ وهما مَرْجِعا المِرْفقين والرُّحْبَيانِ الضِّلَعانِ اللتان تَلِيانِ الإِبْطَيْنِ في أَعْلَى الأَضْلاع وقيل هما مَرْجِعا المِرْفقين واحدهما رُحْبَى وقيل الرُّحْبى ما بين مَغْرِز العُنق إِلى مُنْقَطَعِ الشَّراسِيف وقيل هي ما بين ضِلَعَي أَصل العُنق إِلى مَرْجع الكَتِف والرُّحْبى سِمةٌ تَسِمُ بها العرَبُ على جَنْبِ البَعِير والرُّحَيْباءُ من الفرس أَعْلَى الكَشْحَيْنِ وهما رُحَيْباوانِ الأَزهري الرُّحْبَى مَنْبِضُ القَلْبِ من الدَّوابِّ والانسانِ أَي مكانُ نَبْض قلبه وخَفَقانِه ورَحْبةُ مالك بن طَوْقٍ مَدينةٌ أَحْدَثَها مالكٌ على شاطِئِ الفُراتِ ورُحابةُ موضعٌ معروفٌ ابن شميل الرِّحابُ في الأَودية الواحدة رحْبةٌ وهي مواضع مُتَواطِئةٌ يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ وهي أَسْرَعُ الأَرض نباتاً تكون عند مُنْتَهَى الوادِي وفي وَسَطِه وقد تكون في المكانِ المُشْرِف يَسْتَنْقِعُ فيها الماءُ وما حَوْلَها مُشْرِفٌ عليها وإِذا كانت في الأَرضِ المُسْتَوِيَةِ نزلَها الناسُ وإِذا كانت في بطن المَسايِل لم يَنْزلْها الناسُ فإِذا كانت في بطن الوادي فهي أُقْنَةٌ أَي حُفْرةٌ تُمْسِكُ الماءَ ليست بالقَعِيرة جِدّاً وسَعَتُها قَدْرُ غلْوةٍ والناسُ يَنْزِلُون ناحيةً منها ولا تكون الرِّحابُ في الرَّمل وتكون في بطون الأَرضِ وفي ظَواهِرِها وبنُو رَحْبةَ بَطْنٌ مِن حِمْيَر وبنُو رَحَبٍ بَطْن من هَمْدانَ [ ص 416 ] وأَرْحَبُ قَبِيلَةٌ من هَمْدانَ وبنُو أَرْحَبَ بَطْنٌ من هَمْدانَ إِليهم تُنْسَبُ النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ قال الكميت شاهداً على القبيلة بني أَرْحَبَ
يَقُولونَ لَمْ يُورَثْ ولَوْلا تُراثُه ... لقد شَرِكَتْ فيه بَكِيلٌ وأَرْحَبُ
الليث أَرْحَبُ حَيٌّ أَو موضع يُنْسَبُ إِليه النَّجائبُ الأَرْحَبِيَّةُ قال الأَزهري ويحتمل أَن يكون أَرْحَبُ فَحْلاً تُنْسَبُ إِليه النجائب لأَنها من نَسْلِه والرَّحِيبُ الأَكُولُ ومَرْحَبٌ اسم ومَرْحَبٌ فَرَسُ عبدِاللّه بن عَبْدٍ
والرُّحابةُ أُطُمٌ بالمدينة وقول النابغة الجعدي
وبعضُ الأَخِلاَّءِ عِنْدَ البَلا ... ءِ والرُّزْءِ أَرْوَغُ مِنْ ثَعْلَبِ
وكيفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خَلالَتُه كأَبِي مَرْحَبِ ؟
أَراد كخَلالَةِ أَبي مَرْحَبٍ يَعْنِي به الظِّلَّ

( ردب ) الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهلِ مِصْر قيل يَضُمُّ أَربعةً
وعشرين صاعاً قال الأَخطل
قَوْمٌ إِذا اسْتَنْبَحَ الأَضْيافُ كَلْبَهُمُ ... قالوا لأُمِّهِم بُولي على النَّارِ
والخُبزُ كالعَنْبرِ الهِنْدِيِّ عِنْدَهُمُ ... والقَمْحُ سَبْعُونَ إِرْدَبّاً بِدِينارِ
قال الأَصمعي وغيره البَيْتُ الأَوَّل من هذين البَيْتَيْنِ أَهْجَى بيت قالته العَرَبُ لأَنه جَمَع ضُرُوباً من الهِجاءِ لأَنه نَسَبَهم إِلى البُخْل لكونهم يُطْفِئُون نارَهم مَخافةَ الضِّيفان وكونِهم يَبْخَلُون بالماءِ فيُعَوِّضُونَ عنه البولَ وكونِهم يَبْخَلُون بالحَطَبِ فنارُهُمْ ضَعِيفَةٌ يُطْفِئُها بَوْلَة وكونِ تلكَ البَوْلَة بَوْلَة عَجُوزٍ وهي أَقلُّ مِن بَوْلَةِ الشابة ووصَفَهم بامْتِهانِ أُمِّهم وذلك لِلُؤْمِهِم وأَنهم لا خَدَمَ لَهم قال الشيخ أَبو محمد بن بري قوله الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ ضَخْمٌ لأَهْلِ مِصْر ليس بصحيح لأَنَّ الإِرْدَبَّ لا يُكال به وإِنما يُكالُ بالوَيْبَةِ والإِرْدَبُّ بها سِتُّ وَيْباتٍ وفي الحديث مَنَعَتِ العِراقُ دِرْهَمَها وقَفِيزَها ومَنَعَتْ مِصْرُ إِرْدَبَّها وعُدْتُم من حَيْثُ بَدَأْتُمْ الأَزهري الإِرْدَبُّ مِكْيالٌ معروف لأَهْلِ مِصْرَ يقال إِنه يَأْخُذُ أَرْبَعَةً وعِشرِينَ صاعاً مِن الطَّعامِ بصاعِ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم والقَنْقَل نِصفُ الإِرْدَبّ قال والإِرْدَبُّ أَربعةٌ وستُّون مَنّاً بمَنِّ بَلَدِنا ويقال للبالُوعةِ من الخَزَف الواسِعَةِ إِرْدَبَّة شُبِّهَتْ بالإِرْدَبِّ المكيالِ وجمع الإِرْدَبِّ أَرادِبُّ والإِرْدَبُّ القَناةُ التي يَجْري فيها الماءُ على وجهِ الأَرضِ والإِرْدَبَّةُ القِرْمِيدَةُ وفي الصحاح الإِرْدَبَّة القِرْمِيدُ وهو الآجُرُّ الكبيرُ

( رزب ) المِرْزَبَة والإِرْزَبَّة عُصَيَّة من حديدٍ والإِرْزَبَّة التي يُكْسر بها المَدَرُ فإِن قُلْتَها بالميم خَفَّفْتَ الباءَ وقُلْتَ المِرْزَبَة وأَنشد الفراءُ ضَرْبك بالمِرْزَبَةِ العُودَ النَّخِرْ [ ص 417 ] وفي حديث أَبي جهل فإِذا رجلٌ أَسودُ يَضْرِبُه بِمِرْزَبةٍ المِرْزَبة بالتخفيفِ المِطْرَقةُ الكبيرةُ التي تكون للحدَّادِ وفي حديث المَلك وبيدِه مِرْزَبَة ويقال لها الإِرْزَبَّة أَيضاً بالهمز والتشديدِ ورجلٌ إِرْزَبٌّ ملحق بِجِرْدَحْلٍ قصيرٌ غليظٌ شديدٌ وفَرْجٌ إِرْزَبٌّ ضَخْمٌ وكذلك الرَّكَب قال
إِنَّ لها لرَكَباً إِرْزَبَّا ... كأَنه جَبْهَةُ ذَرَّى حبَّا
والإِرْزَبُّ فَرْجُ المرأَةِ عن كراع جَعَلَه اسماً له الجوهري رَكَبٌ إِرْزَبٌّ أَي ضَخْمٌ قال رؤْبة كَزّ المُحَيَّا أُنَّح إِرْزَبّ ورجل إِرْزَبٌّ كبيرٌ قال أَبو العباس الإِرْزَبُّ العظيم الجسيمُ الأَحْمَق وأَنشد الأَصمعي كَزّ المُحَيَّا أُنَّح إِرْزَبّ والمِرْزابُ لغة في الميزابِ وليست بالفصيحة وأَنْكَرَه أَبو عبيد والمِرزابُ السفينة العظيمة والجمعُ المرازيبُ قال جرير
يَنْهَسْنَ من كلِّ مَخْشِيِّ الرَّدَى قُذُفٍ ... كما تَقاذَف في اليَمِّ المَرازيبُ
الجوهري المرازِيبُ السُّفُنُ الطِّوالُ وأَما المَرازِبةُ من الفُرْسِ فمُعَرَّبٌ الواحِدُ مَرْزُبانٌ بضم الزاي وفي الحديث أَتيتُ الحِيرَة فرأَيْتُهم يسْجُدون لمَرْزُبانٍ لهم هو بضم الزاي أَحَدُ مَرَازِبة الفُرْسِ وهو الفارِسُ الشُّجاعُ المقدّمُ على القَوْمِ دون المَلِك وهو مُعَرَّب ومنه قولهم للأَسَدِ مَرْزُبان الزَّأْرَةِ والأَصل فيه أَحَدُ مَرازِبة الفُرْسِ قال أَوسُ بن حَجَر في صفَةِ أَسَد
لَيْثٌ عليه من البَرْدِيِّ هِبْرِيةٌ ... كالمَرْزُبانيِّ عَيَّالٌ بأَوْصالِ
قال ابن بري والهِبْرِيةُ ما سَقَط عليه من أَطْرافِ البَرْدِيِّ ويقال للحَزازِ في الرأْس هِبْرِية وإِبْرِية والعَيَّالُ المُتَبَخْتِرُ في مَشْيِه ومن رواه عَيَّارٌ بالراءِ فمعناه أَنه يَذْهَب بأَوْصالِ الرِّجالِ إِلى أَجَمَتِه ومنه قولهم ما أَدْرِي أَيُّ الرِّجالِ عارَه أَي ذَهَبَ به والمَشهورُ فيمن رواه عَيَّالٌ أَن يكون بعدَه بآصالِ لأَن العَيَّال المُتَبَختر أَي يخرُج العَشِيَّاتِ وهي الأَصائلُ متَبَخْتِراً ومن رواه عَيَّار بالراءِ قال الذي بعدَه بأَوْصالِ والذي ذكره الجوهري عَيَّالٌ بأَوْصالِ وليس كذلك في شعره إِنما هو على ما قَدَّمنا ذِكره قال الجوهري ورواه المفَضَّل كالمَزبراني بتقديم الزاي عَيّارٌ بأَوْصال بالراءِ ذهب إِلى زُبْرَةِ الأَسَد فقال له الأَصْمَعي يا عَجَباهْ الشيءُ يُشَبَّه بنفسِه وإِنما هو المَرْزُبانيُّ وتقول فلانٌ على مَرْزَبة كذا وله مَرْزَبة كذا كما تقول له دَهْقَنة كذا ابن بري حكي عن الأَصمعي أَنه يقال للرئيس من العجم مَرْزُبان ومَزْبُران بالراءِ والزاي قال فعلى هذا يصحّ ما رواه المُفَضَّل

( رسب ) الرُّسُوبُ الذَّهابُ في الماءِ سُفْلاً رَسَبَ ( 1 )
( 1 قوله « رسب » في القاموس أنه على وزن صرد وسبب ) الشيءُ في الماءِ يَرْسُب رُسُوباً ورَسُبَ ذهَبَ سُفلاً ورَسَبَتْ عَيْناه غارَتَا وفي حديث [ ص 418 ] الحسن يَصِفُ أَهلَ النار إِذا طَفَتْ بهم النارُ أَرْسَبَتْهُم الأَغْلالُ أَي إِذا رَفَعَتْهم وأَظْهَرَتْهُم حَطَّتْهم الأَغْلالُ بثِقَلِها إِلى أَسْفَلِها
وسَيْفٌ رَسَبٌ ورَسُوبٌ ماضٍ يَغِيبُ في الضَّريبةِ قال الهذلي
أَبيض كالرَّجْعِ رَسُوب إِذا ... ما ثاخَ في مُحْتَفَلٍ يَخْتَلِي
وكان لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سَيْفٌ يقال له رَسُوبٌ أَي يَمْضِي في الضَّريبةِ ويَغِيبُ فيها وكان لخالد بن الوليد سَيْفٌ سَمَّاه مِرْسَباً وفيه يقول
ضَرَبْتُ بالمِرْسَبِ رأْسَ البِطْريقِ ... بصارِمٍ ذِي هَبَّةٍ فَتِيقِ ( 1 )
( 1 قوله « ضربت بالمرسب رأس البطريق بصارم إلخ » أورد الصاغاني في التكملة بين هذين المشطورين ثالثاً وهو « علوت منه مجمع الفروق » ثم قال وبين أضرب هذه المشاطير تعاد لأَن الضرب الأول مقطوع مذال والثاني والثالث مخنونان مقطوعان اه وفيه مع ذلك أن القافية في الأول مقيدة وفي الأخيرين مطلقة )
كأَنه آلةٌ للرُّسوبِ وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
قُبِّحْت من سالِفةٍ ومِن قَفا ... عَبْدٍ إِذا ما رَسَبَ القَوْمُ طَفَا
قال أَبو العباس معناه أَن الحُلَماءَ إِذا ما تَرَزَّنوا في مَحافِلِهِم طَفا هو بجَهْلِه أَي نَزَا بجَهْلِه والمَرَاسِبُ الأَواسِي والرَّسوبُ الحليم وفي النوادر الرَّوْسَبُ والرَّوْسَمُ الداهِيةُ والرَّسُوب الكَمَرة كأَنها لِمَغيبِها عند الجماعِ وجَبَل راسِبٌ ثابتٌ وبَنُو راسبٍ حيٌّ من العرب قال وفي العربِ حَيَّانِ يُنْسبان إِلى راسبٍ حيّ في قُضاعة وحيٌّ في الأَسْد الذين منهم عبداللّه بن وهب الراسبِي

( رشب ) التهذيبُ أَبو عمرو المَراشِبُ جَعْوُ رُؤُوسِ الخُروسِ والجَعْوُ الطينُ والخُرُوسُ الدِّنانُ

( رضب ) الرُّضابُ ما يَرْضُبُه الإِنسانُ من رِيقِه كأَنه يَمْتَصُّه وإِذا قَبَّل جاريَتَه رَضَبَ رِيقَها وفي الحديث كأَنِّي أَنْظُر إِلى رُضابِ بُزاقِ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم البُزاقُ ما سالَ والرُّضابُ منه ما تَحَبَّبَ وانْتَشَر يريد كأَني أَنْظُر إِلى ما تحَبَّبَ وانْتَشَر من بُزَاقِه حين تَفَلَ فيه قال الهرويّ وإِنما أَضاف في الحديث الرُّضابَ إِلى البُزاقِ لأَن البُزاقَ من الريقِ ما سالَ وقد رَضَبَ ريقَها يَرْضُبُه رَضْباً وتَرَضَّبَه رَشَفَه والرُّضابُ الريقُ وقيل الريقُ المَرْشُوف وقيل هو تَقَطُّع الريقِ في الفَمِ وكثْرةُ ماءِ الأَسنانِ فعُبِّر عنه بالمَصْدرِ قال ولا أَدري كيف هذا وقيل هو قِطَعُ الريق قال ولا أَدري كيف هذا أَيضاً والمَراضِب الأَرْياق العذبة والرُّضَاب قطَع الثلج والسُّكَّر والبَرَد قاله عُمارة بن عَقِيل والرُّضَابُ لُعَابُ العَسَل وهو رَغْوته ورُضَاب المِسْك قِطَعه والرُّضابُ فُتاتُ المِسْكِ قال
وإِذَا تَبْسِمُ تُبْدِي حَبَباً ... كرُضابِ المِسْكِ بِالمَاءِ الخَصِرْ
ورُضابُ الفَمِ ما تَقَطَّع من رِيقِه ورُضابُ [ ص 419 ] النَّدَى ما تَقَطَّع منه على الشَّجَرِ والرَّضْب الفِعْل وماءٌ رُضابٌ عَذْبٌ قال رُؤْبة كالنَّحْلِ في المَاءِ الرُّضَابِ العَذْبِ وقيل الرُّضابُ هَهنا البَرْدُ وقوله كالنَّحْلِ أَي كَعَسَلِ النَّحْل ومثله قول كثير عزة كاليَهُودِيِّ مِنْ نَطَاةَ الرِّقالِ أَراد كنَخْلِ اليَهُوديّ أَلا تَرى أَنه قد وَصَفَها بالرِّقَالِ وهي الطِّوالُ من النَّخْلِ ؟ ونَطَاةُ خَيْبَر بعَيْنِها ويقال لحَبّ الثَّلْجِ رُضَاب الثَّلْج وهو البَرَدُ والرَّاضِبُ من المَطَرِ السَّحُّ قال حذيفة بن أَنس يصف ضبعاً في مغارة
خُنَاعَةُ ضَبْعٌ دَمَّجَتْ في مَغارَةٍ ... وأَدْرَكَها فِيها قِطارٌ ورَاضِبُ
أَراد ضَبُعاً فأَسْكَن الباء ومعنى دَمَّجَتْ بالجيم دَخَلَت ورواه أَبو عمرو دَمَّحَتْ بالحاءِ أَي أَكَبَّتْ وخُناعَة أَبو قَبِيلَة وهو خُناعَةُ بنُ سَعْدِ بنِ هُذَيل بن مُدْرِكَة وقد رَضَبَ المَطَر وأَرْضَب قال رؤبة
كأَنَّ مُزْناً مُسْتَهِلَّ الإِرْضَابْ ... رَوَّى قِلاتاً في ظِلالِ الأَلْصَابْ
أَبو عمرو رَضَبَتِ السَّماءُ وهَضَبَتْ ومَطَرٌ راضِبٌ أَي هَاطِلٌ والرَّاضِبُ ضَرْبٌ من السِّدْرِ واحدته رَاضِبَة ورَضَبة فإِنْ صَحَّت رَضَبَة فَراضِبٌ في جَمِيعِها اسمٌ للجمع ورَضَبَتِ الشَّاةُ كرَبَضَت قَلِيلَةٌ

( رطب ) الرَّطْبُ بالفَتْحِ ضدُّ اليابسِ والرَّطْبُ النَّاعِمُ رَطُبَ بالضَّمِّ يَرْطُب رُطوبَةً ورَطابَةً ورَطِبَ فهو رَطْبٌ ورَطِيبٌ ورَطَّبْتُه أَنا تَرْطِيباً وجارِيَةٌ رَطْبَة رَخْصَة وغلام رَطْبٌ فيه لِينُ النساءِ ويقال للمرْأَةِ يا رَطَابِ تُسَبُّ به والرُّطُبُ كلُّ عُودٍ رَطْبٍ وهو جَمْعُ رَطْبٍ وغُصنٌ رَطِيبٌ ورِيشٌ رَطِيبٌ أَي ناعِمٌ والمَرْطُوبُ صاحِبُ الرُّطُوبَةِ وفي الحديث مَن أَرَادَ أَنْ يَقْرَأَ القُرْآن رَطْباً أَي لَيِّناً لا شِدَّةَ في صَوْتِ قَارِئِه والرُّطْبُ والرُّطُبُ الرِّعْيُ الأَخْضَرُ من بُقُولِ الرَّبِيعِ وفي التهذيب من البَقْلِ والشجر وهو اسْمٌ للجِنْسِ والرُّطْبُ بالضمِّ ساكِنَةَ الطاءِ الكَلأُ ومنه قول ذي الرمة
حَتى إِذا مَعْمَعَانُ الصَّيْفِ هَبَّ لَهُ ... بأَجَّةٍ نَشَّ عَنْها المَاءُ والرُّطْبُ
وهو مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ أَراد هَيْجَ كُلِّ عُودٍ رَطْبٍ والرُّطْبُ جَمعُ رَطْبٍ أَراد ذَوَى كُلُّ عُودٍ رَطْبٍ فَهاجَ وقال أَبو حنيفة الرُّطْب جماعة العُشْبِ الرَّطْبِ وأَرْضٌ مُرْطِبةٌ أَي مُعْشِبَةٌ كَثِيرةُ الرُّطْبِ والعُشْبِ والكَلإِ والرَّطْبة رَوْضَة الفِصْفِصَة ما دامَتْ خَضْراءَ وقيل هي الفِصْفِصَةُ نَفْسُها وجمعُها رِطابٌ [ ص 420 ] ورَطَبَ الدَّابَّة عَلَفها رَطْبَةً وفي الصحاح الرَّطبة بالفَتْح القَضْبُ خَاصَّة ما دامَ طَرِيّاً رَطْباً تقول منه رَطَبْتُ الفَرَس رَطْباً ورُطوباً عن أَبي عبيد وفي الحديث أَنَّ امرَأَةً قالت يا رسولَ اللّه إِنَّا كَلٌّ على آبائِنَا وأَبْنائِنَا فما يَحِلُّ لَنا منْ أَمْوالِهِمْ ؟ فقال الرَّطْبُ تَأْكُلْنَه وتُهْدِينَه أَراد مَا لا يُدَّخَر ولا يَبْقَى كالفواكهِ والبُقول وإِنما خَصَّ الرَّطْبَ لأَنَّ خَطْبَه أَيْسَر والفسادَ إِليه أَسرَعُ فإِذا تُرِكَ ولم يُؤْكَلْ هَلَك ورُمِيَ بخلافِ اليابس إِذا رُفِعَ وادُّخِرَ فَوَقَعَتِ المُسامَحة في ذلك بتركِ الاسْتِئْذانِ وأَن يجري على العادةِ المُسْتحسَنةِ فيه قال وهذا فيما بين الآباءِ والأُمَّهاتِ والأَبناءِ دون الأَزواجِ والزَّوجاتِ فليس لأَحدِهما أَن يَفعل شيئاً إِلاَّ بإِذنِ صاحبِه والرُّطَبُ نَضِيجُ البُسْرِ قبلَ أَنْ يُتْمِر واحدتُه رُطَبةً قال سيبويه ليس رُطَبٌ بتكسيرِ رُطَبةٍ وإِنما الرُّطَب كالتَّمْرِ واحد اللفظ مُذَكَّر يقولون هذا الرُّطَب ولو كان تَكْسيراً لأَنَّثوا وقال أَبو حنيفة الرُّطَبُ البُسْرُ إِذا انهَضَم فَلانَ وحََلا وفي الصحاح الرُّطَبُ من التمر معروفٌ الواحدة رُطَبة وجمع الرُّطَبِ أَرْطابٌ ورِطابٌ أَيضاً مثلُ رُبَعٍ ورِباعٍ وجمعُ الرُّطَبةِ رُطَباتٌ ورُطَبٌ ورَطَبَ الرُّطَبُ ورَطُبَ ورَطَّبَ وأَرْطَبَ حانَ أَوانُ رُطَبِه وتَمرٌ رَطِيبٌ مُرْطِبٌ وأَرْطَبَ البُسْر صار رُطَباً وأَرْطَبَتِ النخلة وأَرْطَبَ القَوْمُ أَرْطَبَ نَخْلُهم وصار ما عليه رُطَباً ورَطَبَهم أَطْعَمَهم الرُّطَب أَبو عمرو إِذا بلَغ الرُّطَب اليَبِيس فوُضِعَ في الجِرارِ وصُبَّ عليه الماءُ فذلك الرَّبيطُ فإِنْ صُبَّ عليه الدِّبْسُ فهو المُصَقَّر ابن الأَعرابي يقال للرَّطْبِ رَطِبَ يَرْطَبُ ورَطُبَ يَرْطُبُ رُطُوبة ورَطَّبَتِ البُسرة وأَرْطَبَت فهي مُرَطِّبةٌ ومُرْطِبة والرَّطْبُ المُبْتَلُّ بالماءِ ورَطَّبَ الثوْبَ وَغيرَه وأَرْطَبَه كِلاهما بَلَّه قال ساعدة بن جُؤَيَّة
بشَرَبَّةٍ دَمِثِ الكَثِيب بدُوره ... أَرْطَى يَعُوذُ به إِذا مَا يُرطَبُ

( رعب ) الرُّعْبُ والرُّعُبُ الفَزَع والخَوْفُ رَعَبَه يَرْعَبُه رُعْباً ورُعُباً فهو مَرْعُوبٌ ورَعِيبٌ أَفْزَعَه ولا تَقُلْ أَرْعَبَه ورَعَّبَه تَرْعِيباً وتَرْعاباً فَرَعَب رُعْباً وارْتَعَبَ فهو مُرَعَّبٌ ومُرْتَعِبٌ أَي فَزِعٌ وفي الحديث نُصِرْتُ بالرُّعْبِ مَسيرةَ شَهرٍ كان أَعداءُ النبيِّ صلى اللّه عليه وسلم قد أَوْقَعَ اللّهُ في قلوبِهمُ الخَوْفَ منه فإِذا كان بينَه وبينَهم مَسِيرَةُ شَهْرٍ هابُوه وفَزِعُوا منه وفي حديث الخَنْدَق إِنَّ الأُولى رَعَّبُوا عَلَيْنا قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في رواية بالعين المهملة ويروى بالغين المعجمة والمشهورُ بَغَوْا من البَغْيِ قال وقد تكرر الرُّعْب في الحديث والتِّرْعابةُ الفَرُوقة من كلِّ شيءٍ والمَرْعَبة القَفْرة المُخِيفة وأَن يَثِب الرجُلُ فيَقْعُدَ بجَنْبِكَ وأَنتَ عنه غافِلٌ فتَفْزَعَ [ ص 421 ] ورَعَبَ الحَوْضَ يَرْعَبُه رَعْباً مَلأَه ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ يَرْعَبُه مَلأَه وهُو منه وسَيْلٌ راعِبٌ يَمَْلأُ الوادِيَ قال مُلَيْحُ بنُ الحَكَم الهُذَلي
بِذِي هَيْدَبٍ أَيْمَا الرُّبى تحتَ وَدْقِه ... فتَرْوى وأَيْمَا كلُّ وادٍ فيَرْعَبُ
ورَعَبَ فِعْلٌ مُتَعَدٍّ وغيرُ متعدٍّ تقول رَعَبَ الوادي فهو راعِبٌ إِذا امْتَلأَ بالماءِ ورَعَبَ السَّيْلُ الوادِيَ إِذا مََلأَهُ مِثْلُ قَولِهم نَقَصَ الشيءُ ونَقَصْتُه فمن رواه فيَرْعَبُ بضم لام كلّ وفتح ياءِ يَرْعَب فمعناه فيَمْتَلِئُ ومن رَوَى فيُرْعَب بضم الياء فمعناه فيُمْلأُ وقد رُوِيَ بنصب كلٍّ على أَن يكونَ مفعولاً مقدَّماً لِيَرْعَبُ كقولك أَمَّا زيداً فضَرَبْت وكذلك أَمّا كلّ وادٍ فيَرْعَب وفي يَرْعَبُ ضميرُ السَّيْلِ والمطَرِ وروي فيُرْوِي بضم الياءِ وكسر الواو بدل قوله فتَرْوَى فالرُّبى على هذه الرواية في موضع نصب بيُرْوِي وفي يُرْوي ضميرُ السَّيْل أَو المطَر ومَن رواه فتَرْوَى رَفَع الرُّبى بالابتداءِ وتَرْوَى خَبره والرَّعِيبُ الذي يَقْطُر دَسَماً ورَعَّبَتِ الحمامةُ رَفَعَت هَديلَها وشَدَّتْه والرَّاعِبيُّ جِنْسٌ من الحَمَامِ وحَمامةٌ راعِبِيَّة تُرَعِّبُ في صَوْتِها تَرْعِيباً وهو شِدّة الصوت جاءَ على لفظِ النَّسَب وليس به وقيلَ هو نَسَبٌ إِلى موضِعٍ لا أَعرِفُ صِيغة اسمِه وتقول إِنه لشَدِيدُ الرَّعْبِ قال رؤبة ولا أُجِيبُ الرَّعْبَ إِن دُعِيتُ ويُرْوى إِنْ رُقِيتُ أَراد بالرَّعْب الوعيد إِن رُقِيتُ أَي خُدِعْتُ بالوعيدِ لمْ أَنْقَدْ ولم أَخَفْ والسَّنامُ المُرَعَّبُ المُقَطَّع ورَعَب السَّنامَ وغيرَهُ يَرْعَبُه ورَعَّبَه قَطَعَه والتِّرعِيبةُ بالكسر القِطْعَةُ منه والجمعُ تِرْعِيبٌ وقيل التِّرْعِيبُ السنامُ المُقَطَّع شَطَائِبَ مُسْتَطِيلَةً وهو اسمٌ لا مَصدر وحكى سيبويه التِّرْعِيبَ في التَّرعِيبِ على الإِتباعِ ولم يَحْفِلْ بالساكِنِ لأَنه حاجِزٌ غيرُ حَصِينٍ وسَنامٌ رَعِيبٌ أَي مُمْتَلِئٌ سَمِينٌ وقال شمر تَرْعِيبُه ارتِجاجُه وسِمَنُه وغِلَظُه كأَنه يَرْتَجُّ من سِمَنِه والرُّعْبُوبَة كالتِّرْعِيبةِ ويقال أَطْعَمَنا رُعْبُوبةً من سَنامٍ عندَه وهو الرُّعْبَبُ وجاريةٌ رُعْبوبةٌ ورُعْبوبٌ ورِعْبيبٌ شَطْبة تارَّةٌ الأَخيرة عن السيرافي من هذا والجمع الرَّعابِيبُ قال حُمَيْد
رَعابِيبُ بِيضٌ لا قِصارٌ زَعانِفٌ ... ولا قَمِعات حُسْنُهُنَّ قَرِيبُ
أَي لا تَسْتَحْسِنُها إِذا بَعُدَتْ عَنْك وإِنما تَسْتَحْسِنُها عند التأَمُّلِ لدَمامَة قامتِها وقيل هي البيضاءُ الحَسَنةُ الرَّطْبة الحُلْوة وقيل هي البيضاءُ فقط وأَنشد الليث
ثُمَّ ظَلِلْنا في شِواءٍ رُعْبَبُه ... مُلَهْوَجٌ مِثل الكُشَى نُكَشِّبُهْ
وقال اللحياني هي البيضاءُ الناعمة ويقال لأَصلِ الطلعة رُعْبوبة أَيضاً والرُّعْبُوبة الطويلة عن ابن الأَعرابي وناقة رُعْبوبة ورُعْبوبٌ خفيفة [ ص 422 ] طَيَّاشة قال عبيد بن الأَبرص
إِذا حَرَّكَتْها الساقُ قلت نَعامَةٌ ... وإِن زُجِرَتْ يوماً فلَيْسَتْ برُعْبُوبِ
والرُّعْبوبُ الضعِيفُ الجبان والرَّعْب رُقْيةٌ من السِّحْر رَعَبَ الرَّاقي يَرْعَب رَعْباً ورجلٌ رَعَّابٌ رَقَّاءٌ من ذلك والأَرْعَبُ القَصِيرُ وهو الرَّعيبُ أَيضاً وجَمْعُه رُعُبٌ ورُعْبٌ قالت امرأَة
إِني لأَهْوَى الأَطْوَلِين الغُلْبَا ... وأُبْغِضُ المُشَيَّبِينَ الرُّعْبا
والرَّعْباءُ موضِعٌ وليس بثَبَتٍ

( رغب ) الرَّغْبُ والرُّغْبُ والرَّغَبُ والرَّغْبَة والرَّغَبُوتُ والرُّغْبَى والرَّغْبَى والرَّغْبَاءُ الضَّراعة والمسأَلة وفي حديث الدعاءِ رَغْبَةً ورَهْبَةً إِلَيْكَ قال ابن الأَثير أَعمل لَفْظَ الرَّغْبَة وَحْدَها ولو أَعْمَلَهُما مَعاً لقال رَغْبة إِليكَ ورَهْبة منكَ ولكن لمَّا جمَعَهُما في النظم حَمَل أَحدَهما على الآخَرِ كقول الراجز وزَجَّجْنَ الحَواجِبَ والعُيونا وقول الآخر مُتَقَلِّداً سَيْفاً ورُمْحاً وفي حديث عمر رضي اللّه عنه قالوا له عند موتِه جزاكَ اللّهُ خيراً فعَلْتَ وفَعَلْتَ فقال راغِبٌ وراهِبٌ يعني انَّ قولَكم لِي هذا القولَ إِمَّا قولُ راغِبٍ فيما عندي أَو راهِبٍ منِّي وقيل أَراد إِنَّنِي راغِبٌ فيما عندَ اللّه وراهِبٌ من عذابِه فلا تَعْويلَ عندي على ما قُلتم من الوصف والإِطْراءِ ورجل رَغَبُوت من الرَّغْبَةِ وقد رَغِبَ إِليه ورَغَّبَه هو عن ابن الأَعرابي وأَنشد
إِذا مالَتِ الدُّنْيا على المَرْءِ رَغَّبَتْ ... إِليه ومالَ الناسُ حيثُ يَمِيلُ
وفي الحديث أَن أَسماءَ بنتَ أَبي بكر رضي اللّه عنهما قالت أَتَتْنِي أُمِّي راغِبةً في العَهْدِ الذي كان بين رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبينَ قريشٍ وهي كافِرة فسأَلَتْنِي فسأَلتُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم أَصِلُها ؟ فقال نعم قال الأَزهري قولُها أَتَتْنِي أُمِّي راغِبةً أَي طائعة تَسْأَلُ شيئاً يقال رَغِبْتُ إِلى فلانٍ في كذا وكذا أَي سأَلتُه إِيَّاه ورُوِي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه قال كيفَ أَنتُم إِذا مَرِجَ الدِّينُ وظَهَرَتِ الرَّغْبة ؟ وقوله ظَهَرَتِ الرَّغْبةُ أَي كثُر السُّؤال وقَلَّتِ العِفَّة ومَعْنَى ظُهورِ الرَّغْبة الحِرْصُ على الجَمْع مع مَنْعِ الحَقِّ رَغِبَ يَرْغَبُ رَغْبة إِذا حَرَصَ على الشيءِ وطَمِعَ فيه والرَّغْبة السُّؤالُ والطَّمَع وأَرْغَبَنِي في الشَّيءِ ورغَّبَنِي بمعنًى ورَغَّبَه أَعْطاه ما رَغِبَ قال ساعدة بنُ جُؤَيَّة
لَقُلْتُ لدَهْري إِنَّه هو غَزْوَتي ... وإِنِّي وإِنْ رَغَّبْتَني غيرُ فاعِلِ
والرَّغِيبةُ من العَطاءِ الكثيرُ والجمعُ الرَّغائبُ قال النَّمِرُ بنُ تَوْلَبٍ
لا تَغْضَبَنَّ على امْرِئٍ في ماله ... وعلى كرائِمِ صُلْبِ مالِكَ فاغْضَبِ
[ ص 423 ]
ومَتى تُصِبْكَ خَصاصةٌ فارْجُ الغِنى ... وإِلى الَّذي يُعْطِي الرَّغائبَ فارْغَبِ
ويقال إِنه لَوَهُوبٌ لكلِّ رَغِيبةٍ أَي لكلِّ مَرْغُوبٍ فيه والمَراغِبُ الأَطْماعُ والمَراغِبُ المُضْطَرَباتُ للمَعاشِ ودَعا اللّهَ رَغْبةً ورُغْبةً عن ابن الأَعرابي وفي التنزيل العزيز يَدْعُونَنا رَغَباً ورَهَباً قال ويجوز رُغْباً ورُهْباً قال ولا نعلم أَحَداً قَرَأَ بها ونُصِبَا على أَنهما مفعولٌ لهما ويجوز فيهما المصدر ورَغِبَ في الشيءِ رَغْباً ورَغْبةً ورَغْبَى على قياس سَكْرَى ورَغَباً بالتحريك أَراده فهو راغِبٌ وارْتَغَبَ فيه مثلُه وتقول إِليك الرَّغْبَاءُ ومنكَ النَّعْماءُ وقال يعقوب الرُغْبَى والرَّغْبَاءُ مثل النُّعْمَى والنَّعْمَاءِ وفي الحديث أَنَّ ابنَ عُمرَ كان يَزِيدُ في تَلْبِبتِه والرُّغْبَى إِليكَ والعَمَل وفي رواية والرَّغْباءُ بالمدّ وهما من الرَّغْبة كالنُّعْمى والنَّعْماءِ من النِّعْمةِ أَبو زيد يقال للبَخِيل يُعْطِي من غيرِ طَبْعِ جُودٍ ولا سَجِيَّةِ كَرَمٍ رُهْباك خير من رُغْباكَ يقول فَرَقُه منكَ خيرٌ لك وأَحْرى أَنْ يُعْطِيَكَ عليه من حُبّه لك قال ومثَلُ العامَّة في هذا فَرَقٌ خيرٌ من حُبٍّ قال أَبو الهيثم يقول لأَنْ تُرْهَبَ خيرٌ من أَن يُرْغَبَ فيكَ قال وفعلتُ ذلك رُهْباكَ أَي من رَهْبَتِك قال ويقال الرُّغْبَى إِلى اللّه تعالى والعملُ أَي الرَّغْبة وأَصَبْتُ منك الرُّغْبَى أَي الرَّغْبة الكَثيرة وفي حديث ابن عمر لا تَدَعْ رَكْعَتَيِ الفجر فإِنَّ فيهما الرَّغائِبَ قال الكلابي الرَّغائِبُ ما يُرْغَبُ فيه من الثوابِ العظيمِ يقال رَغيبة ورَغائِب وقال غيره هي ما يَرْغَبُ فيه ذو رَغَبِ النفسِ ورَغَبُ النفسِ سَعَةُ الأَمَلِ وطَلَبُ الكثير ومن ذلك صلاةُ الرَّغائِب واحدتُها رَغيبةٌ والرَّغيبةُ الأَمرُ المَرْغوبُ فيه ورَغِبَ عن الشيءِ تَرَكَه مُتَعَمّداً وزَهِدَ فيه ولم يُرِدْهُ ورَغِبَ بنفسه عنه رأَى لنفسِه عليه فضلاً وفي الحديث إِني لأَرْغَبُ بك عن الأَذانِ يقال رَغِبْتُ بفلانٍ عن هذا الأَمرِ إِذا كَرِهْتَه له وزَهِدتَ له فيه والرُّغْبُ بالضم كثرة الأَكلِ وشدة النَّهْمة والشَّرَهِ وفي الحديث الرُّغْبُ شُؤْمٌ ومعناه الشَّرَه والنَّهْمة والحِرْصُ على الدنيا والتَّبَقُّرُ فيها وقيل سَعَة الأَمَل وطَلَبُ الكثير وقد رَغُبَ بالضم رُغْباً ورُغُباً فهو رغيب التهذيب ورُغْبُ البطنِ كثرةُ الأَكلِ وفي حديث مازنٍ وكنت امْرَأً بالرُّغْبِ والخَمْرِ مُولَعاً أَي بسَعَةِ البطنِ وكثرةِ الأَكلِ ورُوِي بالزاي يعني الجماع قال ابن الأَثير وفيه نظر والرَّغابُ بالفتح الأَرضُ اللَّيِّنة وأَرضٌ رَغابٌ ورُغُبٌ تأْخُذُ الماءَ الكَثيرَ ولا تَسيلُ إِلاّ من مَطَرٍ كثير وقيل هي اللينة الواسعة الدَّمِثةُ وقد رَغُبَتْ رُغْباً والرَّغيب الواسع الجوفِ ورجلٌ رَغيبُ الجَوْفِ إِذا كان أَكُولاً وقد رَغُبَ يَرْغُب رَغابةً يقال حَوْضٌ رَغيبٌ وسِقاءٌ رَغيبٌ وقال أَبو حنيفة وادٍ رَغيبٌ ضَخْمٌ واسِعٌ كثير الأَخذِ للماءِ ووادٍ زَهيدٌ قليلُ الأَخْذِ وقد [ ص 424 ] رَغُبَ رُغْباً ورُغُباً وكلُّ ما اتَّسَع فقد رَغُبَ رُغْباً ووادٍ رُغُبٌ واسعٌ وطريق رَغِبٌ كذلك والجمع رُغُبٌ قال الحطيئة
مُسْتَهْلِكُ الوِرْدِ كالأُسْتيِّ قد جَعَلَتْ ... أَيْدي المَطِيِّ به عاديَّةً رُغُبا
ويُروى رُكُبا جمع رَكُوبٍ وهي الطريقُ التي بها آثارٌ وتراغَبَ المكانُ إِذا اتَّسَع فهو مُتَراغبٌ وحِمْلٌ رَغِيبٌ ومُرْتَغِبٌ ثقِيلٌ قال ساعدة ابنُ جُؤَيَّة
تَحَوَّبُ قَدْ تَرَى إِنِّي لِحَمْلٍ ... على ما كانَ مُرْتَغِبٌ ثَقِيلُ
وفَرَسٌ رَغِيبُ الشَّحْوة كَثيرُ الأَخذِ من الأَرضِ بِقَوائِمِه والجمعُ رِغَابٌ وإِبِلٌ رِغابٌ كَثِيرَةٌ قال لبيد
ويَوْماً مِنَ الدُّهْمِ الرِّغَابِ كأَنَّها ... اشَاءٌ دَنا قِنْوانُهُ أَوْ مَجادِلُ
وفي الحديث أَفْضَلُ الأَعْمالِ مَنْحُ الرِّغابِ قال ابن الأَثير هي الواسِعَة الدَّرِّ الكَثيرَةُ النَّفْعِ جَمْعُ الرَّغِيبِ وهو الواسِعُ جَوْفٌ رَغيبٌ وواد رَغيبٌ وفي حديث حُذَيْفة ظَعَنَ بهم أَبو بكر ظَعْنَةً رَغيبةً ثم ظَعَنَ بهم عمر كذلك أَي ظَعْنَةً واسعةً كثيرةً قال الحربي هو إِن شاء اللّه تَسْيِير أَبي بكر الناسَ إِلى الشام وفتحه إِيَّاها بهم وتَسْيِيرُ عمر إِيَّاهم إِلى العراق وفتْحُها بهم وفي حديث أَبي الدَّرْداءِ بئسَ العَوْنُ عَلى الدِّينِ قَلْبٌ نَخِيبٌ وبَطْنٌ رَغِيبٌ وفي حديث الحجاج لمَّا أَراد قَتْلَ سعيدِ بن جبير ائتُوني بسيفٍ رَغِيبٍ أَي واسِعِ الحدَّينِ يأْخُذُ في ضَرْبَتِه كثيراً من المَضْرِب ورجلٌ مُرْغِبٌ مَيِّلٌ غَنيٌّ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
أَلا لا يَغُرَّنَّ امْرَأً مِن سَوامِهِ ... سَوامُ أَخٍ داني القَرابةِ مُرْغِبِ
شمر رَجلٌ مُرْغِبٌ أَي مُوسِرٌ له مالٌ كثيرٌ رَغِيبٌ والرُّغْبانةُ من النَّعْل العُقْدَة التي تحتَ الشِّسْع وراغِبٌ ورُغَيْبٌ ورَغْبانُ أَسْماء ورَغباء بِئرٌ معروفة قال كثَيّر عزة
إِذا وَرَدَتْ رَغْباءَ في يومِ وِرْدِها ... قَلُوصِي دَعَا إِعْطاشَه وتَبَلَّدَا
والمِرْغابُ نَهْر بالبَصْرة ومَرْغابِينُ موضعٌ وفي التهذيب اسم لنَهْرٍ بالبَصْرة

( رقب ) في أَسماءِ اللّه تعالى الرَّقِيبُ وهو الحافظُ الذي لا يَغيبُ عنه شيءٌ فَعِيلٌ بمعنى فاعل وفي الحديث ارْقُبُوا مُحَمَّداً في أَهل بيته أَي احفَظُوه فيهم وفي الحديث ما مِن نَبيٍّ إِلاَّ أُعْطِيَ سبعةَ نُجَباءَ رُقَباءَ أَي حَفَظَة يكونون معه والرَّقيبُ الحَفِيظُ ورَقَبَه يَرْقُبُه رِقْبةً ورِقْباناً بالكسر فيهما ورُقُوباً وترَقَّبَه وارْتَقَبَه انْتَظَرَه ورَصَدَه والتَّرَقُّبُ الانتظار وكذلك الارْتِقابُ وقوله تعالى ولم تَرْقُبْ قَوْلي معناه لم تَنتَظِرْ قولي والتَّرَقُّبُ تَنَظُّرُ وتَوَقُّعُ شيءٍ [ ص 425 ] ورَقِيبُ الجَيْشِ طَلِيعَتُهم ورَقِيبُ الرجُلِ خَلَفُه من ولدِه أَو عَشِيرتِه والرَّقِيبُ المُنْتَظِرُ وارْتَقَبَ أَشْرَفَ وعَلا والمَرْقَبُ والمَرْقَبةُ الموضعُ المُشْرِفُ يَرْتَفِعُ عليه الرَّقِيبُ وما أَوْفَيْتَ عليه من عَلَمٍ أَو رابِيةٍ لتَنْظُر من بُعْدٍ وارْتَقَبَ المكانُ عَلا وأَشْرَف قال بالجِدِّ حيثُ ارْتَقَبَتْ مَعْزاؤُه أَي أَشْرَفَتْ الجِدُّ هنا الجَدَدُ من الأَرض شمر المَرْقَبة هي المَنْظَرةُ في رأْسِ جبلٍ أَو حِصْنٍ وجَمْعه مَراقِبُ وقال أَبو عمرو المَراقِبُ ما ارتَفَعَ من الأَرض وأَنشد
ومَرْقَبةٍ كالزُّجِّ أَشْرَفْتُ رأْسَها ... أُقَلِّبُ طَرْفي في فَضاءِ عَريضِ
ورَقَبَ الشيءَ يَرْقُبُه وراقَبَه مُراقَبةً ورِقاباً حَرَسَه حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد يُراقِبُ النَّجْمَ رِقابَ الحُوتِ يَصِفُ رَفِيقاً له يقول يَرْتَقِبُ النَّجْمَ حِرْصاً على الرَّحِيلِ كحِرْصِ الحُوتِ على الماءِ ينظر النَّجْمَ حِرْصاً على طُلوعِه حتى يَطْلُع فيَرْتَحِلَ والرِّقْبةُ التَّحَفُّظُ والفَرَقُ ورَقِيبُ القومِ حارِسُهم وهو الذي يُشْرِفُ على مَرْقَبةٍ ليَحْرُسَهم والرَّقِيبُ الحارِسُ الحافِظُ والرَّقَّابةُ الرجُل الوَغْدُ الذي يَرْقُب للقوم رَحْلَهم إِذا غابُوا والرَّقِيبُ المُوَكَّل بالضَّريبِ ورَقِيبُ القِداحِ الأَمِينُ على الضَّريبِ وقيل هو أَمِينُ أَصحابِ المَيْسِرِ قال كعب بن زهير
لها خَلْفَ أَذْنابِها أَزْمَلٌ ... مكانَ الرَّقِيبِ من الياسِرِينا
وقيل هو الرجُلُ الذي يَقُومُ خَلْفَ الحُرْضَة في المَيْسِرِ ومعناه كلِّه سواءٌ والجمعُ رُقَباءُ التهذيب ويقال الرَّقِيبُ اسمُ السَّهْمِ الثالِثِ من قِدَاحِ المَيْسِرِ وأَنشد
كَمَقَاعِدِ الرُّقَباءِ للضُّ ... رَباءِ أَيْديهِمْ نَواهِدْ
قال اللحياني وفيه ثلاثةُ فُروضٍ وله غُنْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن فَازَ وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباءَ إِن لم يَفُزْ وفي حديث حَفْرِ زَمْزَم فغارَ سَهْمُ اللّهِ ذي الرَّقِيبِ الرَّقِيبُ الثالِثُ من سِهام الميسر والرَّقِيبُ النَّجْمُ الذي في المَشْرِق يُراقِبُ الغارِبَ ومنازِلُ القمرِ كل واحدٍ منها رَقِيبٌ لِصاحِبِه كُلَّما طَلَع منها واحِدٌ سقَطَ آخر مثل الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكلِيلُ إِذا طَلَعَتِ الثُّرَيَّا عِشاءً غَابَ الإِكليلُ وإِذا طَلَع الإِكليلُ عِشاءً غابَت الثُّرَيَّا ورَقِيبُ النَّجْمِ الذي يَغِيبُ بِطُلُوعِه مثل الثُّرَيَّا رَقِيبُها الإِكليلُ وأَنشد الفراء
أَحَقّاً عبادَ اللّهِ أَنْ لَسْتُ لاقِياً ... بُثَيْنَةَ أَو يَلْقَى الثُّرَيَّا رَقِيبُها ؟
وقال المنذري سمعت أَبا الهيثم يقول الإِكليلُ رَأْسُ العَقْرَبِ ويقال إِنَّ رَقِيبَ الثُرَيَّا من الأَنْواءِ الإِكليلُ لأَنه لا يَطْلُع أَبداً حتى تَغِيبَ كما أَنَّ الغَفْرَ رَقِيبُ الشَّرَطَيْنِ لا يَطْلُع الغَفْرُ [ ص 426 ] حتى يَغِيبَ الشَّرَطانِ وكما أَن الزُّبانيَيْن رَقِيبُ البُطَيْنِ لا يَطْلُع أَحدُهما إلا بِسُقُوطِ صاحِبِه وغَيْبُوبَتِه فلا يَلْقَى أَحدُهما صاحبَه وكذلك الشَّوْلَةُ رَقِيبُ الهَقْعَةِ والنَّعائِمُ رَقِيبُ الهَنْعَةِ والبَلْدَة رَقِيبُ الذِّرَاعِ وإِنما قيلَ للعَيُّوق رَقِيبُ الثُّرَيَّا تَشْبِيهاً برَقِيبِ المَيْسِرِ ولذلك قال أَبو ذؤيب
فوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَد رابئِ الضُّ ... رَباءِ خَلْفَ النَّجْمِ لا يَتَتَلَّع
النَّجْمُ ههنا الثُّرَيَّا اسمٌ عَلَم غالِبٌ والرَّقِيب نَجْمٌ من نُجومِ المَطَرِ يُراقبُ نَجْماً آخَر وراقبَ اللّهَ تعالى في أَمرِهِ أَي خافَه وابنُ الرَّقِيبِ فَرَسُ الزِّبْرقانِ بن بَدْرٍ كأَنه كان يُراقِبُ الخَيْلَ أَن تَسْبِقَه والرُّقْبى أَن يُعْطِيَ الإِنسانُ لإِنسانٍ داراً أَو أَرْضاً فأَيُّهما ماتَ رَجَعَ ذلك المالُ إِلى وَرَثَتِهِ وهي من المُراقَبَة سُمِّيَتْ بذلك لأَن كلَّ واحدٍ منهما يُراقِبُ مَوْتَ صاحبِه وقيل الرُّقْبَى أَن تَجْعَلَ المَنْزِلَ لفُلانٍ يَسْكُنُه فإِن ماتَ سكَنه فلانٌ فكلُّ واحدٍ منهما يَرْقُب مَوْتَ صاحبِه وقد أَرْقَبه الرُّقْبَى وقال اللحياني أَرْقَبَه الدارَ جَعَلَها لَه رُقْبَى ولِعَقبِه بعده بمنزلةِ الوقفِ وفي الصحاح أَرْقَبْتُه داراً أَو أَرضاً إِذا أَعطيتَه إِياها فكانت للباقي مِنْكُما وقُلْتَ إِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك وإِن مُتَّ قَبْلِي فهي لِي والاسمُ الرُّقْبى وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم في العُمْرَى والرُّقْبَى انها لمن أُعْمِرَها ولمن أُرْقِبَها ولوَرَثَتِهِما من بعدِهِما قال أَبو عبيد حدثني ابنُ عُلَيَّة عن حَجَّاج أَنه سأَل أَبا الزُّبَيْرِ عن الرُّقْبَى فقال هو أَن يقول الرجل للرجل وقد وَهَبَ له داراً إِنْ مُتَّ قَبْلِي رَجَعَتْ إِليَّ وإِن مُتُّ قَبْلَك فهي لك قال أَبو عبيد وأَصلُ الرُّقْبَى من المُراقَبَة كأَنَّ كلَّ واحدٍ منهما إِنما يَرْقُبُ موت صاحِبِه أَلا ترى أَنه يقول إِنْ مُتَّ قَبْلي رَجَعَتْ إِليَّ وإِنْ مُتُّ قَبْلَك فهي لك ؟ فهذا يُنْبِئك عن المُراقَبة قال والذي كانوا يُريدون من هذا أَن يكون الرَّجُلُ يُريدُ أَنْ يَتَفَضَّل على صاحِبِه بالشيءِ فَيَسْتَمْتِعَ به ما دامَ حَيّاً فإِذا ماتَ الموهوبُ له لم يَصِلْ إِلى وَرَثَتِهِ منه شيءٌ فجاءَتْ سُنَّةُ النَّبِيِّ صلى اللّه عليه وسلّم بنَقْضِ ذلك أَنه مَنْ مَلَك شيئاً حَيَاتَه فهُو لوَرَثَتِهِ من بَعْدِه قال ابن الأَثير وهي فُعْلى من المُراقَبَةِ والفُقهاءُ فيها مُختَلِفون منهم مَنْ يَجْعَلُها تَمْلِيكاً ومنهم مَنْ يَجْعَلُها كالعارِيَّة قال وجاء في هذا الباب آثارٌ كثيرةٌ وهي أَصْلٌ لكُلِّ مَنْ وَهَبَ هِبَةً واشترط فيها شرطاً أَنَّ الهِبَة جائزةٌ وأَنَّ الشرط باطِلٌ ويقال أَرْقَبْتُ فلاناً داراً وأَعْمَرْتُه داراً إِذا أَعْطَيْته إِيَّاها بهذا الشرط فهو مُرْقَب وأَنا مُرْقِبٌ ويقال وَرِثَ فلانٌ مالاً عن رِقْبَةٍ أَي عن كلالةٍ لم يَرِثْهُ عن آبائِه وَوَرِثَ مَجْداً عن رِقْبَةٍ إِذا لم يكن آباؤُهُ أَمْجاداً قال الكميت
كان السَّدَى والنَّدى مَجْداً ومَكْرُمَةً ... تلك المَكارِمُ لم يُورَثْنَ عن رِقَبِ
أَي وَرِثَها عن دُنًى فدُنًى من آبائِهِ ولم يَرِثْهَا من وراءُ وَراءُ [ ص 427 ] والمُراقَبَة في عَرُوضِ المُضارِعِ والمُقْتَضَبِ أَن يكون الجُزْءُ مَرَّةً مَفاعِيلُ ومرَّة مفاعِلُنْ سمي بذلك لأَن آخرَ السَّببِ الذي في آخِرِ الجزءِ وهو النُّونُ من مَفاعِيلُن لا يثبت مع آخِر السَّببِ الذي قَبْلَه وهو الياءُ في مَفاعِيلُن وليست بمعاقَبَةٍ لأَنَّ المُراقَبَة لا يَثْبُت فيها الجزآن المُتراقِبانِ وإِنما هو من المُراقَبَة المُتَقَدّمة الذِّكْر والمُعاقَبة يَجْتمعُ فيها المُتعاقِبانِ التهذيب الليث المُراقَبَة في آخِرِ الشِّعْرِ عند التَّجْزِئَة بين حَرْفَيْنِ وهو أَن يَسْقُط أَحدهما ويَثْبُتَ الآخَرُ ولا يَسْقُطانِ مَعاً ولا يَثْبُتان جَمِيعاً وهو في مَفَاعِيلُن التي للمُضارع لا يجوز أَن يتمَّ إِنما هو مَفاعِيلُ أَو مَفاعِلُنْ والرَّقِيبُ ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ كأَنه يَرْقُب مَن يَعَضُّ وفي التهذيب ضَرْبٌ من الحَيَّاتِ خَبيث والجمعُ رُقُبٌ ورقِيباتٌ والرَّقِيب والرَّقُوبُ مِنَ النِّساءِ التي تُراقِبُ بَعْلَها لِيَمُوت فَتَرِثَه والرَّقُوبُ مِنَ الإِبِل التي لا تَدْنُو إِلى الحوضِ من الزِّحامِ وذلك لكَرَمِها سُميت بذلك لأَنها تَرْقبُ الإِبِلَ فإِذا فَرَغْنَ مِنْ شُرْبِهنّ شَربَت هي والرَّقُوبُ من الإِبل والنِّساءِ التي لا يَبْقَى لها وَلَدٌ قال عبيد لأَنها شَيْخَةٌ رَقُوبُ وقيل هي التي ماتَ وَلَدُها وكذلك الرجُل قال الشاعر
فلم يَرَ خَلْقٌ قَبْلَنا مثلَ أُمِّنا ... ولا كَأَبِينا عاشَ وهو رَقُوبُ
وفي الحديث أَنه قال ما تَعُدُّون الرَّقُوبَ فيكم ؟ قالوا الذي لا يَبْقى لَه وَلَد قال بل الرَّقُوبُ الذي لم يُقَدِّم من وَلَدِهِ شيئاً قال أَبو عبيد وكذلك معناه في كلامِهِم إِنما هو عَلى فَقْدِ الأَوْلادِ قال صخر الغيّ
فَمَا إِنْ وَجْدُ مِقْلاتٍ رَقُوبٍ ... بوَاحِدِها إِذا يَغْزُو تُضِيفُ
قال أَبو عبيد فكان مَذْهَبُه عندهم على مَصائِب الدنيا فَجَعَلها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على فَقْدِهِم في الآخرة وليس هذا بخلافِ ذلك في المعنى ولكنه تحويلُ الموضع إِلى غيرِه نحو حديثه الآخر إِنَّ المَحْرُوبَ مَنْ حُرِبَ دينَه وليس هذا أَن يكونَ من سُلِبَ مالَه ليس بمحْروبٍ قال ابن الأَثير الرَّقُوبُ في اللغة الرجل والمرأَة إِذا لم يَعِشْ لهما ولد لأَنه يَرْقُب مَوْتَه ويَرْصُدُه خَوفاً عليه فنَقَلَه النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى الذي لم يُقَدِّم من الولد شيئاً أَي يموتُ قبله تعريفاً لأَن الأَجرَ والثوابَ لمن قَدَّم شيئاً من الولد وأَن الاعتِدادَ به أَعظم والنَّفْعَ به أَكثر وأَنَّ فقدَهم وإِن كان في الدنيا عظيماً فإِنَّ فَقْدَ الأَجرِ والثوابِ على الصبرِ والتسليم للقضاءِ في الآخرة أَعظم وأَنَّ المسلم وَلَدُه في الحقيقة من قَدَّمه واحْتَسَبَه ومن لم يُرزَق ذلك فهو كالذي لا وَلدَ له ولم يقله صلى اللّه عليه وسلم إِبطالاً لتفسيره اللغوي إِنما هو كقولِه إِنما المَحْروبُ مَن حُرِبَ دينَه ليس على أَن من أُخِذَ مالُه غيرُ مَحْروبٍ والرَّقَبَةُ العُنُقُ وقيل أَعلاها وقيل مُؤَخَّر أَصْلِ العُنُقِ والجمعُ رَقَبٌ ورَقَباتٌ ورِقابٌ وأَرْقُبٌ الأَخيرة على طَرْح الزائِدِ حكاه ابن الأَعرابي وأَنشد [ ص 428 ]
تَرِدْ بنا في سَمَلٍ لم يَنْضُبِ ... منها عِرَضْناتٌ عِظامُ الأَرْقُبِ
وجعلَه أَبو ذُؤَيْب للنحلِ فقال
تَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ ... مَراضيعُ صُهْبُ الريشِ زُغْبٌ رِقابُها
والرَّقَب غِلَظُ الرَّقَبة رَقِبَ رَقَباً وهو أَرْقَب بَيِّنَ الرَّقَب أَي غليظُ الرَّقَبة ورَقَبانيٌّ أَيضاً على غير قياسٍ والأَرْقَبُ والرَّقَبانيُّ الغليظُ الرَّقَبَة قال سيبويه هو من نادِرِ مَعْدُولِ النَّسَب والعَربُ تُلَقِّبُ العَجَمَ بِرِقابِ المَزاوِد لأَنهم حُمْرٌ ويقال للأَمَةِ الرَّقَبانِيَّةِ رَقْباءُ لا تُنْعَتُ به الحُرَّة وقال ابن دريد يقال رجلٌ رَقَبانٌ ورَقَبانيٌّ أَيضاً ولا يقال للمرأَة رَقَبانِيَّة والمُرَقَّبُ الجلدُ الذي سُلِخَ من قِبَلِ رَأْسِه ورَقَبتِه قال سيبويه وإِنْ سَمَّيْتَ بِرَقَبة لم تُضِفْ إِليه إِلاَّ على القياسِ ورَقَبَه طَرَحَ الحَبْلَ في رَقَبَتِه والرَّقَبةُ المملوك وأَعْتَقَ رَقَبةً أَي نَسَمَةً وفَكَّ رقَبةً أَطْلَق أَسيراً سُمِّيت الجملة باسمِ العُضْوِ لشرفِها التهذيب وقوله تعالى في آية الصدقات والمُؤَلَّفةِ قلوبُهم وفي الرقابِ قال أَهل التفسير في الرقابِ إِنهم المُكاتَبون ولا يُبْتَدَأُ منه مملوك فيُعْتَقَ وفي حديث قَسْم الصَّدَقاتِ وفي الرِّقابِ يريدُ المُكاتَبين من العبيد يُعْطَوْنَ نَصِيباً من الزكاةِ يَفُكون بهِ رِقابَهم ويَدفعونه إِلى مَوالِيهم الليث يقال أَعتق اللّهُ رَقَبَتَه ولا يقال أَعْتَقَ اللّه عُنُقَه وفي الحديث كأَنما أَعْتَقَ رَقَبةً قال ابن الأَثير وقد تكَرَّرَتِ الأَحاديث في ذكر الرَّقَبة وعِتْقِها وتحريرِها وفَكِّها وهي في الأَصل العُنُق فجُعِلَتْ كِنايةً عن جميع ذاتِ الإِنسانِ تَسْمية للشيءِ ببعضِه فإِذا قال أَعْتِقْ رَقَبةً فكأَنه قال أَعْتِقْ عبداً أَو أَمَة ومنه قولُهم دَيْنُه في رَقَبَتِه وفي حديث ابنِ سِيرين لَنا رِقابُ الأَرضِ أَي نَفْس الأَرضِ يعني ما كان من أَرضِ الخَراجِ فهو للمسلمين ليس لأَصحابهِ الذين كانوا فيه قَبْلَ الإِسلامِ شيءٌ لأَنها فُتِحَتْ عَنْوَةً وفي حديث بِلالٍ والرَّكائِب المُناخَة لكَ رِقابُهُنَّ وما عليهِنَّ أَي ذَواتُهنَّ وأَحمالُهنّ وفي حديث الخَيْلِ ثم لمْ يَنْسَ حَقَّ اللّه في رِقابِها وظُهورِها أَراد بحَقِّ رِقابِها الإِحْسانَ إِليها وبحَقِّ ظُهورِها الحَمْلَ عليها وذُو الرُّقَيْبة أَحدُ شُعراءِ العرب وهو لَقَب مالِكٍ القُشَيْرِيِّ لأَنه كان أَوْقَصَ وهو الذي أَسَرَ حاجبَ بن زُرارة يَوْمَ جَبَلَة والأَشْعَرُ الرَّقَبانيُّ لَقَبُ رجلٍ من فُرْسانِ العَرَب وفي حديث عُيَينة بنِ حِصْنٍ ذِكْرُ ذي الرَّقِيبة وهو بفتح الراءِ وكسرِ القافِ جَبَل بخَيْبَر

( ركب ) رَكِبَ الدابَّة يَرْكَبُ رُكُوباً عَلا عليها والاسم الرِّكْبة بالكسر والرَّكْبة مرَّةٌ واحدةٌ وكلُّ ما عُلِيَ فقد رُكِبَ وارْتُكِبَ والرِّكْبَةُ بالكسر ضَرْبٌ من الرُّكوبِ يقال هو حَسَنُ الرِّكْبَةِ ورَكِبَ فلانٌ فُلاناً بأَمْرٍ وارْتَكَبَه وكلُّ شيءٍ عَلا شيئاً فقد رَكِبَه ورَكِبَه الدَّيْنُ ورَكِبَ الهَوْلَ واللَّيْلَ ونحوَهما مثلاً بذلك ورَكِب منه أَمْراً قبيحاً وارْتَكَبَه وكذلك رَكِب الذَّنْبَ وارْتَكَبَه كلُّه على المَثَل [ ص 429 ] وارْتِكابُ الذُّنوب إِتْيانُها وقال بعضُهم الراكِبُ للبَعِير خاصة والجمع رُكَّابٌ ورُكْبانٌ ورُكُوبٌ ورجلٌ رَكُوبٌ ورَكَّابٌ الأُولى عن ثَعْلَب كثيرُ الرُّكوبِ والأُنْثَى رَكَّابة قال ابن السكيت وغيره تقول مَرَّ بنا راكبٌ إِذا كان على بعيرٍ خاصَّة فإِذا كان الراكبُ على حافِرِ فَرَسٍ أَو حِمارٍ أَو بَغْلٍ قلت مَرَّ بنا فارِسٌ على حِمارٍ ومَرَّ بنا فارسٌ على بغلٍ وقال عُمارة لا أَقولُ لصاحِبِ الحِمارِ فارسٌ ولكن أَقولُ حَمَّارٌ قال ابن بري قولُ ابنِ السّكيت مَرَّ بنا راكبٌ إِذا كان على بَعيرٍ خاصَّة إِنما يُريدُ إِذا لم تُضِفْه فإِن أَضَفْتَه جاز أَن يكونَ للبعيرِ والحِمارِ والفرسِ والبغلِ ونحو ذلك فتقول هذا راكِبُ جَمَلٍ وراكِبُ فَرَسٍ وراكِبُ حِمارٍ فإِن أَتَيْتَ بجَمْعٍ يَخْتَصُّ بالإِبِلِ لم تُضِفْه كقولك رَكْبٌ ورُكْبان لا تَقُلْ رَكْبُ إِبل ولا رُكْبانُ إِبل لأَن الرَّكْبَ والرُّكْبانَ لا يكون إِلا لِرُكَّابِ الإِبِلِ غيره وأَما الرُّكَّاب فيجوز إِضافتُه إِلى الخَيْلِ والإِبِلِ وغيرِهما كقولك هؤُلاءِ رُكَّابُ خَيْلٍ ورُكَّابُ إِبِل بخلافِ الرَّكْبِ والرُّكْبانِ قال وأَما قولُ عُمارَة إِني لا أَقول لراكبِ الحِمارِ فارِسٌ فهو الظاهر لأَن الفارِسَ فاعلٌ مأْخوذٌ من الفَرَس ومعناه صاحبُ فَرَسٍ مثلُ قَوْلِهِم لابِنٌ وتامِرٌ ودارِعٌ وسائِفٌ ورامِحٌ إِذا كان صاحبَ هذه الأَشْياءِ وعلى هذا قال العنبري
فَلَيْتَ لِي بهم قَوْماً إِذا رَكِبُوا ... شَنُّوا الإِغارَةَ فُرْساناً ورُكْبانا
فجَعَلَ الفُرْسانَ أَصحابَ الخَيْلِ والرُّكْبانَ أَصحابَ الإِبِلِ والرُّكْبانُ الجَماعة منهم قال والرَّكْبُ رُكْبانُ الإِبِلِ اسم للجمع قال وليس بتكسيرِ راكِبٍ والرَّكْبُ أَصحابُ الإِبِلِ في السَّفَر دُونَ الدَّوابِّ وقال الأَخفش هو جَمْعٌ وهُم العَشَرة فما فوقَهُم وأُرى أَن الرَّكْبَ قد يكونُ للخَيْل والإِبِلِ قال السُّلَيْكُ بنُ السُّلَكَة وكان فرَسُه قد عَطِبَ أَوْ عُقِرَ
وما يُدْرِيكَ ما فَقْرِي إِلَيْه ... إِذا ما الرَّكْبُ في نَهْبٍ أَغاروا
وفي التنزيل العزيز والرَّكْبُ أَسْفَلَ منكُم فقد يجوز أَن يكونوا رَكْبَ خَيْلٍ وأَن يكونوا رَكْبَ إِبِلٍ وقد يجوزُ أَن يكونَ الجيشُ منهما جميعاً وفي الحديث بَشِّرْ رَكِيبَ السُّعاةِ بِقِطْعٍ من جهنم مِثْلِ قُورِ حِسْمَى الرَّكِيبُ بوزن القَتِيلِ الراكِبُ كالضَّريبِ والصريم للضارِبِ والصارِم وفلانٌ رَكِيبُ فلانٍ للذي يَرْكَبُ معه وأَراد برَكِيبِ السُّعاةِ مَنْ يَرْكَبُ عُمَّال الزكاة بالرَّفْعِ عليهم ويَسْتَخِينُهم ويَكْتُبُ عليهم أَكثَر مما قبَضُوا ويَنْسُب إِليهم الظُّلْمَ في الأَخْذِ قال ويجوزُ أَن يُرادَ مَنْ يَركَبُ منهم الناسَ بالظُّلْم والغَشْم أَو مَنْ يَصْحَبُ عُمَّال الجَور يعني أَن هذا الوَعِيدَ لمن صَحِبَهم فما الظَّنُّ بالعُمَّالِ أَنفسِهم وفي الحديث سَيَأْتِيكُمْ رُكَيْبٌ مُبْغَضُون فإِذا جاؤُوكُم فرَحِّبُوا بهم يريدُ عُمَّال الزكاة وجَعَلَهم مُبْغَضِينَ لِما في نُفوسِ أَربابِ الأَمْوالِ من حُبِّها وكَراهَةِ فِراقِها [ ص 430 ] والرُّكَيْبُ تصغيرُ رَكْبٍ والرَّكْبُ اسمٌ من أَسماءِ الجَمْعِ كنَفَرٍ ورَهْطٍ قال ولهذا صَغَّرَه على لفظِه وقيل هو جمعُ راكِبٍ كصاحِبٍ وصَحْبٍ قال ولو كان كذلك لقال في تصغيره رُوَيْكِبُونَ كما يقال صُوَيْحِبُونَ قال والرَّكْبُ في الأَصْلِ هو راكبُ الإِبِل خاصَّة ثم اتُّسِعَ فأُطْلِقَ على كلِّ مَن رَكِبَ دابَّةً وقولُ عليٍّ رضي اللّه عنه ما كان مَعَنا يومئذٍ فَرَسٌ إِلا فَرَسٌ عليه المِقْدادُ بنُ الأَسْوَدِ يُصَحِّحُ أَن الرَّكْبَ ههنا رُكّابُ الإِبِلِ والجمعُ أَرْكُبٌ ورُكوبٌ والرَّكَبةُ بالتحريك أَقَلُّ من الرَّكْبِ
والأُرْكُوبُ أَكثرُ من الرَّكْبِ قال أَنشده ابن جني
أَعْلَقْت بالذِّئب حَبْلاً ثم قلت له ... إِلْحَقْ بأَهْلِكَ واسْلَمْ أَيُّها الذِّيبُ
أَما تقولُ به شاةٌ فيأْكُلُها ... أَو أَن تَبِيعَهَ في بعضِ الأَراكِيب
أَرادَ تَبِيعَها فحَذف الأَلف تَشْبِيهاً لها بالياءِ والواو لِما بينَهما وبينها من النِّسْبة وهذا شاذٌّ والرِّكابُ الإِبلُ التي يُسار عليها واحِدَتُها راحِلَةٌ ولا واحِدَ لها من لَفْظِها وجمعها رُكُبٌ بضم الكاف مثل كُتُبٍ وفي حديث النبيّ صلى اللّه عليه وسلم إِذا سافرْتُم في الخِصْب فأَعْطُوا الرِّكابَ أَسِنَّتَها أَي أَمْكِنُوها من المَرْعَى وأَورد الأَزهري هذا الحديث فأَعْطُوا الرُّكُبَ أَسِنَّتَها قال أَبو عبيد الرُّكُبُ جمعُ الرِّكابِ ( 1 )
( 1 قوله « قال أبو عبيد الركب جمع إلخ » هي بعض عبارة التهذيب وأصلها الركب جمع الركاب والركاب الإبل التي يسار عليها ثم تجمع إلخ ) ثم يُجمَع الرِّكابُ رُكُباً وقال ابن الأَعرابي الرُّكُبُ لا يكونُ جمعَ رِكابٍ وقال غيره بعيرٌ رَكُوبٌ وجمعه رُكُب ويُجْمع الرِّكابُ رَكائبَ ابن الأَعرابي راكِبٌ ورِكابٌ وهو نادر ( 2 )
( 2 وقول اللسان بعد ابن الأعرابي راكب وركاب وهو نادر هذه أيضاً عبارة التهذيب أوردها عند الكلام على الراكب للإبل وان الركب جمع له أو اسم جمع ) ابن الأَثير الرُّكُبُ جمعُ رِكابٍ وهي الرَّواحِلُ من الإِبِلِ وقيل جمعُ رَكُوبٍ وهو ما يُركَبُ من كلِّ دابَّةٍ فَعُولٌ بمعنى مَفْعولٍ قال والرَّكُوبة أَخَصُّ منه وزَيْتٌ رِكابيٌّ أَي يُحمل على ظُهورِ الإِبِل من الشَّامِ والرِّكابُ للسَّرْجِ كالغَرْزِ للرَّحْلِ والجمع رُكُبٌ والمُرَكَّبُ الذي يَسْتَعِيرُ فَرَساً يَغْزُو عليه فيكون نِصْفُ الغَنِيمَةِ له ونِصْفُها للمُعِيرِ وقال ابن الأَعرابي هو الذي يُدْفَعُ إِليه فَرَسٌ لبعضِ ما يُصِيبُ من الغُنْمِ ورَكَّبَهُ الفَرَسَ دفعه إِليه على ذلك وأَنشد
لا يَرْكَبُ الخَيْلَ إِلا أَن يُرَكَّبَها ... ولو تَناتَجْنَ مِنْ حُمْرٍ ومِنْ سُودِ
وأَرْكَبْتُ الرَّجُلَ جَعَلْتُ له ما يَرْكَبُه وأَرْكَبَ المُهْرُ حان أَن يُرْكَبَ فهو مُرْكِبٌ ودابَّةٌ مُرْكِبَةٌ بَلَغَتْ أَنْ يُغْزى عليها [ ص 431 ] ابن شميل في كتابِ الإِبِل الإِبِلُ التي تُخْرَجُ لِيُجاءَ عليها بالطَّعامِ تسمى رِكاباً حِين تَخْرُج وبعدَما تَجِيءُ وتُسَمَّى عِيراً على هاتينِ المَنزِلَتَيْن والتي يُسافَرُ عليها إِلى مَكَّةَ أَيضاً رِكابٌ تُحْمَل عليها المَحامِلُ والتي يُكْرُون ويَحْمِلُونَ عليها مَتاعَ التُّجَّارِ وطَعَامَهُم كُلُّها رِكابٌ ولا تُسمّى عِيراً وإِن كان عليها طعامٌ إِذا كانت مؤاجَرَةً بِكِراءٍ وليس العِيرُ التي تَأْتي أَهلَها بالطَّعامِ ولكنها رِكابٌ والجماعةُ الرَّكائِبُ والرِّكاباتُ إِذا كانت رِكابٌ لي ورِكابٌ لك ورِكابٌ لهذا جِئنا في رِكاباتِنا وهي رِكابٌ وإِن كانت مَرْعِيَّة تقول تَرِدُ علينا اللَّيلَةَ رِكابُنا وإِنما تسمى ركاباً إِذا كان يُحَدِّثُ نَفْسَه بأَنْ يَبْعَثَ بها أَو يَنْحَدِرَ عليها وإِن كانت لم تُرْكَبْ قَطُّ هذه رِكابُ بَني فلانٍ وفي حديث حُذَيْفة إِنما تَهْلِكُون إِذا صِرْتُمْ تَمْشُون الرَّكَباتِ كأَنكم يَعاقِيبُ الحَجَلِ لا تَعْرِفُونَ مَعْرُوفاً ولا تُنْكِرُونَ مُنْكَراً معناه أَنكم تَرْكَبُون رُؤُوسَكُمْ في الباطِلِ والفتن يَتْبَعُ بَعْضُكم بعضاً بِلا رَوِيَّةٍ والرِّكابُ الإِبِلُ التي تَحْمِلُ القومَ وهي رِكابُ القوم إِذا حَمَلَتْ أَوْ أُرِيدَ الحَمْلُ عليها سُمِّيت رِكاباً وهو اسمُ جَماعَةٍ قال ابنُ الأَثير الرَّكْبَة المَرَّة من الرُّكُوبِ وجَمْعُها رَكَباتٌ بالتَّحْريك وهي مَنْصوبة بفِعْلٍ مُضْمَرٍ هو خالٌ من فاعِلِ تَمْشُون والرَّكَباتِ واقعٌ مَوقِعَ ذلك الفعلِ مُسْتَغْنًى به عنه والتقديرُ تَمْشُونَ تَرْكَبُون الرَّكَباتِ مثلُ قولِهم أَرْسَلَها العِرَاكَ أَي أَرسَلَها تَعْتَرِكُ العِراكَ والمعنى تَمْشُونَ رَاكِبِينَ رُؤُوسَكُمْ هائمِينَ مُسْتَرْسِلينَ فيما لا يَنْبَغِي لَكُم كأَنَّكم في تَسَرُّعِكُمْ إِليهِ ذُكُورُ الحَجَلِ في سُرْعَتِها وَتَهَافُتِها حتى إِنها إِذا رَأَت الأُنْثَى مَعَ الصائِد أَلْقَتْ أَنْفُسَها عَلَيْها حتى تَسْقُط في يَدِه قال ابن الأَثير هكذا شَرَحَه الزمخشري قال وقال القُتَيْبي أَرادَ تَمْضُونَ على وُجُوهِكُمْ من غَيْر تَثَبُّتٍ والمَرْكَبُ الدَّابة تقول هذا مَرْكَبي والجَمْع المراكِبُ والمَرْكَبُ المَصْدَرُ تَقُول رَكِبْتُ مَرْكَباً أَي رُكُوباً والمَرْكَبُ الموْضِعُ وفي حديث السَّاعَة لَوْ نَتَجَ رَجُلٌ مُهْراً لم يُرْكِبْ حتى تَقُومَ السّاعة يقال أَرْكَبَ المُهْرُ يُرْكِبُ فهو مُرْكِبٌ بكَسْرِ الكاف إِذا حانَ له أَنْ يُرْكَبَ والمَرْكَبُ واحِدُ مَراكِبِ البرِّ والبَحْرِ ورُكَّابُ السّفينةِ الذين يَرْكَبُونَها وكذلك رُكَّابُ الماءِ الليث العرب تسمي مَن يَرْكَبُ السَّفينة رُكَّابَ السَّفينةِ وأَما الرُّكْبانُ والأُرْكُوبُ والرَّكْبُ فراكِبُو الدوابِّ يقال مَرُّوا بنَا رُكُوباً قال أَبو منصور وقد جعل ابن أَحمر رُكَّابَ السفينة رُكْباناً فقال
يُهِلُّ بالفَرْقَدِ رُكْبانُها ... كما يُهِلُّ الراكبُ المُعْتَمِرْ
يعني قوماً رَكِبُوا سفينةً فغُمَّتِ السماءُ ولم يَهْتَدُوا فلما طَلَعَ الفَرْقَدُ كَبَّروا لأَنهم اهْتَدَوْا للسَّمْتِ الذي يَؤُمُّونَه والرَّكُوبُ والرَّكوبة من الإِبِلِ التي تُرْكَبُ وقيل الرَّكُوبُ كلُّ دابَّة تُركب [ ص 432 ] والرَّكُوبة اسم لجميع ما يُرْكَب اسم للواحد والجميع وقيل الرَّكوبُ المَركوبُ والرَّكوبة المُعَيَّنة للرُّكوبِ وقيل هي التي تُلْزَمُ العَمَل من جميعِ الدوابِّ يقال ما لَه رَكُوبةٌ ولا حمولةٌ ولا حلوبةٌ أَي ما يَرْكَبُه ويَحْلُبُه ويَحْمِلُ عليه وفي التنزيل العزيز وَذَلَّلناها لهم فمنها رَكُوبُهم ومنها يأْكُلُون قال الفراء اجتمع القُرَّاءُ على فتح الراءِ لأَن المعنى فمنها يَرْكَبُون ويُقَوِّي ذلك قولُ عائشة في قراءتها فمنها رَكُوبَتُهم قال الأَصمعي الرَّكُوبةُ ما يَرْكَبون وناقةٌ رَكُوبةٌ ورَكْبانةٌ ورَكْباةٌ أَي تُرْكَبُ وفي الحديث أَبْغِني ناقةً حَلْبانة رَكْبانةً أَي تَصْلُح للحَلْب والرُّكُوبِ الأَلف والنون زائدتان للمُبالغة ولتُعْطِيا معنى النَّسَب إِلى الحَلْب والرُّكُوبِ وحكى أَبو زيدٍ ناقةٌ رَكَبُوتٌ وطريقٌ رَكوبٌ مَرْكُوبٌ مُذَلَّل والجمع رُكُبٌ وعَوْدٌ رَكُوبٌ كذلك وبعير رَكُوبٌ به آثار الدَّبَر والقَتَب وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه فإِذا عُمَرُ قد رَكِبني أَي تَبعَني وجاءَ على أَثَري لأَنَّ الراكبَ يَسير بسير المَرْكُوبِ يقال ركِبتُ أَثَره وطريقَه إِذا تَبِعْتَه مُلْتَحِقاً به والرَّاكِبُ والراكِبةُ فَسيلةٌ تكونُ في أَعلى النخلة متَدَلِّيةً لا تَبْلُغُ الأَرض وفي الصحاح الرَّاكِبُ ما يَنْبُتُ من الفَسِيلِ في جُذوعِ النخلِ وليس له في الأَرضِ عِرْقٌ وهي الراكوبةُ والراكوبُ ولا يقال لها الركَّابةُ إِنما الركَّابة المرأَة الكثيرةُ الركوب على ما تقدّم هذا قول بعض اللُّغَويِّين وقال أَبو حنيفة الرَّكَّابة الفَسِيلةُ وقيل شبْهُ فَسِيلةٍ تَخْرُجُ في أَعْلَى النَّخْلَةِ عند قِمَّتِها ورُبَّما حَمَلَتْ مع أُمِّها وإِذا قُلِعَت كان أَفضل للأُمِّ فأَثْبَتَ ما نَفى غيرُه من الرَّكَّابة وقال أَبو عبيد سمعت الأَصمعي يقول إِذا كانتِ الفَسِيلة في الجِذْعِ ولم تكن مُسْتَأْرِضةً فهي من خَسِيسِ النَّخْلِ والعرب تُسَمِّيها الرَّاكِبَ وقيل فيها الراكوبُ وجَمْعُها الرَّواكِيبُ والرِّياحُ رِكابُ السَّحابِ في قولِ أُمَيَّة تَرَدَّدُ والرِّياحُ لها رِكابُ وَتَراكَبَ السَّحابُ وتَراكَم صار بعضُه فَوْقَ بعض وفي النوادِرِ يقال رَكِيبٌ من نَخْلٍ وهو ما غُرِسَ سَطْراً على جَدْوَلٍ أَو غيرِ جَدْوَلٍ ورَكَّبَ الشيءَ وَضَعَ بَعضَه على بعضٍ وقد تَرَكَّبَ وتَراكَبَ والمُتراكِبُ من القافِيَةِ كلُّ قافِيةٍ توالت فيها ثلاثة أَحْرُفٍ متحركةٍ بين ساكنَين وهي مُفاعَلَتُن ومُفْتَعِلُن وفَعِلُنْ لأَنَّ في فَعِلُنْ نوناً ساكنةً وآخر الحرف الذي قبل فَعِلُنْ نون ساكنة وفَعِلْ إِذا كان يَعْتَمِدُ على حَرْفٍ مُتَحَرِّك نحو فَعُولُ فَعِلْ اللامُ الأَخيرة ساكنة والواوُ في فَعُولُ ساكنة والرَّكِيبُ يكون اسماً للمُرَكَّبِ في الشيءِ كالفَصِّ يُرَكَّب في
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ركب رَكِبَ الدابَّة يَرْكَبُ رُكُوباً عَلا عليها والاسم الرِّكْبة كِفَّةِ الخاتَمِ لأَن المُفَعَّل والمُفْعَل كلٌّ يُرَدُّ إِلى فَعِيلٍ وثَوْبٌ مُجَدَّدٌ جَديدٌ ورجل مُطْلَق طَلِيقٌ وشيءٌ حَسَنُ التَّرْكِيبِ وتقولُ في تَركِيبِ الفَصِّ في الخاتَمِ والنَّصْلِ في السَّهْم رَكَّبْتُه فَترَكَّبَ فهو مُرَكَّبٌ ورَكِيبٌ والمُرَكَّبُ أَيضاً الأَصلُ والمَنْبِتُ تقول [ ص 433 ] فلانٌ كرِيمُ المُرَكَّبِ أَي كرِيمُ أَصلِ مَنْصِبِه في قَوْمِهِ ورُكْبانُ السُّنْبُل سوابِقُه التي تَخْرُجُ من القُنْبُعِ في أَوَّلِه يقال قد خرجت في الحَبّ رُكْبانُ السُّنْبُل وروَاكِبُ الشَّحْمِ طَرائِقُ بعضُها فوقَ بعضٍ في مُقدّمِ السَّنامِ فأَمَّا التي في المُؤَخَّرِ فهي الرَّوادِفُ واحِدَتُها رَاكِبةٌ ورادِفةٌ والرُّكْبَتانِ مَوْصِلُ ما بينَ أَسافِلِ أَطْرافِ الفَخِذَيْنِ وأَعالي الساقَيْنِ وقيل الرُّكْبةُ موصِلُ الوظِيفِ والذِّراعِ ورُكبةُ البعيرِ في يدِهِ وقد يقال لذواتِ الأَربعِ كُلها من الدَّوابِّ رُكَبٌ ورُكْبَتا يَدَيِ البعير المَفْصِلانِ اللَّذانِ يَليانِ البَطْنَ إِذا بَرَكَ وأَما المَفْصِلانِ الناتِئَانِ من خَلْفُ فهما العُرْقُوبانِ وكُلُّ ذي أَربعٍ رُكْبَتاه في يَدَيْهِ وعُرْقُوباهُ في رِجْلَيه والعُرْقُوبُ مَوْصِلُ الوظِيفِ وقيل الرُّكْبةُ مَرْفِقُ الذِّراعِ من كلِّ شيءٍ وحكى اللحياني بعيرٌ مُسْتَوْقِحُ الرُّكَبِ كأَنه جعلَ كُلَّ جُزْءٍ منها رُكْبةً ثم جَمَع على هذا والجمعُ في القِلَّة رُكْباتٌ ورُكَبات ورُكُباتٌ والكثير رُكَبٌ وكذلك جَمْعُ كلِّ ما كان على فُعْلَةٍ إِلا في بناتِ الياءِ فإِنهم لا يُحَرِّكونَ مَوْضِعَ العينِ منه بالضم وكذلك في المُضاعَفة والأَرْكَبُ العظِيمُ الرُّكْبة وقد رَكِبَ رَكَباً وبعيرٌ أَرْكَبُ إِذا كانت إِحدى رُكْبَتَيْهِ أَعظمَ من الأُخرى والرَّكَب بياضٌ في الرُّكْبةِ ورُكِبَ الرجلُ شَكَا رُكْبته ورَكَبَ الرجلُ يَرْكُبُه رَكْباً مثالُ كَتَب يَكْتُبُ كَتْباً ضَرَبَ رُكْبَته وقيل هو إِذا ضَرَبَه برُكْبتِه وقيل هو إِذا أَخذ بفَوْدَيْ شَعَرِه أَو بشعرِه ثم ضَرَبَ جَبْهَتَه برُكْبتِه وفي حديث المُغِيرة مع الصديق رضي اللّه عنهما ثم رَكَبْتُ أَنفه برُكْبَتِي هو من ذلك وفي حديث ابن سيرين أَما تَعْرِفُ الأَزدَ ورُكَبَها ؟ اتَّقِ الأَزدَ لا يأْخُذوكَ فيركُبُوكَ أَي يَضربُوك برُكَبِهِم وكان هذا معروفاً في الأَزد وفي الحديث أَن المُهَلَّب بن أَبي صُفْرَةَ دَعا بمُعاويةَ بن أَبي عَمْرو فجَعَلَ يَرْكُبُه بِرِجْلِه فقال أَصلحَ اللّهُ الأَمِير أَعْفِني من أُمّ كَيْسانَ وهي كُنْيةُ الرُّكْبة بلغة الأَزد ويقال للمصلِّي الذي أَثَّر السُّجودُ في جَبْهَتِه بين عَيْنَيْه مثلُ رُكْبةِ العَنزِ ويقال لكلِّ شَيْئَيْنِ يَسْتَوِيانِ ويَتكافآنِ هُما كَرُكْبَتَي العنزِ وذلك أَنهما يَقَعانِ معاً إِلى الأَرض منها إِذا رَبَضَتْ والرَّكِيبُ المَشارةُ وقيل الجَدولُ بين الدَّبْرَتَيْنِ وقيل هي ما بين الحائطينِ من الكَرْمِ والنَّخْل وقيل هي ما بين النَّهْرَين من الكرمِ وهو الظَّهْرُ الذي بين النَّهْرَيْنِ وقيل هي المَزرعة التهذيب وقد يقال للقَراحِ الذي يُزْرَعُ فيه رَكِيبٌ ومنه قول تأَبَّطَ شَرّاً
فيَوْماً على أَهْلِ المَواشِي وتارةً ... لأَهْلِ رَكِيبٍ ذي ثَمِيلٍ وسُنْبُلِ
الثَّمِيلُ بَقِيَّةُ ماءٍ تَبْقَى بعد نُضُوبِ المياهِ قال وأَهل الرَّكِيبِ هُم الحُضَّار والجمعُ رُكُبٌ والرَّكَبُ بالتحريك العانة وقيل مَنْبِتُها وقيل هو ما انحدرَ عن البطنِ فكان تحتَ الثُّنَّةِ [ ص 434 ]
وفوقَ الفَرْجِ كلُّ ذلك مذكَّرٌ صرَّح به اللحياني وقيل الرَّكَبانِ أَصْلا الفَخِذَيْنِ اللذانِ عليهما لحم الفرج من الرجُل والمرأَة وقيل الرَّكَبُ ظاهرُ الفَرْج وقيل هو الفَرْج نَفْسُه قال
غَمْزَكَ بالكَبْساءِ ذاتِ الحُوقِ ... بينَ سِماطَيْ رَكَبٍ مَحْلوقِ
والجمع أَرْكابٌ وأَراكِيبُ أَنشد اللحياني
يا لَيْتَ شِعْري عَنْكِ يا غَلابِ ... تَحمِلُ مَعْها أَحْسَنَ الأَركابِ
أَصْفَرَ قد خُلِّقَ بالمَلابِ ... كجَبْهةِ التُّركيِّ في الجِلْبابِ
قال الخليل هو للمرأَةِ خاصَّةً وقال الفراءُ هو للرجُلِ والمرأَة
وأَنشد الفراءُ
لا يُقْنِعُ الجاريةَ الخِضابُ ... ولا الوِشَاحانِ ولا الجِلْبابُ
من دُونِ أَنْ تَلْتَقِيَ الأَرْكابُ ... ويَقْعُدَ الأَيْرُ له لُعابُ
التهذيب ولا يقال رَكَبٌ للرجُلِ وقيل يجوز أَن يقال رَكَبٌ للرجُلِ والرَّاكِبُ رأْسُ الجَبلِ والراكبُ النخلُ الصِّغارُ تخرُج في أُصُولِ النخلِ الكِبارِ والرُّكْبةُ أَصلُ الصِّلِّيانةِ إِذا قُطِعَتْ ورَكُوبةٌ ورَكُوبٌ جَميعاً ثَنِيَّةٌ معروفة صَعْبة سَلَكَها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم قال ولكنَّ كَرّاً في رَكُوبةَ أَعْسَرُ وقال علقمة فإِنَّ المُنَدَّى رِحْلةٌ فرَكُوبُ رِحْلةُ هَضْبةٌ أَيضاً ورواية سيبويه رِحْلةٌ فرُكُوبُ أَي أَن تُرْحَلَ ثم تُرْكَبَ ورَكُوبة ثَنِيَّةٌ بين مكة والمدينة عند العَرْجِ سَلَكَها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم في مُهاجَرَتِه إِلى المدينة وفي حديث عمر لَبَيْتٌ برُكْبَةَ أَحبُّ إِليَّ من عَشرةِ أَبياتٍ بالشامِ رُكْبة موضعٌ بالحِجازِ بينَ غَمْرَةَ وذاتِ عِرْقٍ قال مالك بن أَنس يريدُ لطُولِ الأَعْمارِ والبَقاءِ ولشِدَّةِ الوَباءِ بالشام ومَرْكُوبٌ موضعٌ قالت جَنُوبُ أُختُ عَمْروٍ ذِي الكَلْبِ
أَبْلِغْ بَني كاهِلٍ عَني مُغَلْغَلَةً ... والقَوْمُ مِنْ دونِهِمْ سَعْيا فمَرْكُوبُ

( رنب ) الأَرْنَبُ معروفٌ يكونُ للذكَرِ والأُنثى وقيل الأَرْنَبُ الأُنْثى والخُزَزُ الذَّكر والجمعُ أَرانِبُ وأَرانٍ عن اللحياني فأَما سيبويه فلم يُجِزْ أَرانٍ إِلاَّ في الشِّعْر وأَنشد لأَبي كاهل
اليَشْكُريّ يشَبِّه ناقَتَه بعُقابٍ
كأَنَّ رَحْلي على شَغْواءَ حادِرَةٍ ... ظَمْياءَ قد بُلَّ مِن طَلّ خَوافِيها
لها أَشارِيرُ من لَحْمٍ تُتَمِّرُهُ ... منَ الثَّعالي وَوَخْزٌ مِنْ أَرَانِيها
يريد الثَّعالِبَ والأَرانِبَ ووَجَّهه فقال إِن الشاعر لما احتاجَ إِلى الوَزْنِ واضْطُرَّ إِلى الياءِ أَبْدَلَها من الباءِ وفي الصحاح أَبدلَ من الباءِ حرفَ اللِّينِ والشَّغْواءُ العُقابُ سميت بذلك من الشَّغَى [ ص 435 ] وهو انْعِطافُ مِنْقارِها الأَعْلى والحادِرة الغليظة والظَّمْياءُ المائلة إِلى السَّوادِ وخَوافِيها يريدُ خَوَافيَ رِيشِ جَنَاحَيْها والأَشاريرُ جمعُ إِشْرارَةٍ وهي اللحمُ المُجَفَّف وتُتَمِّرُه تُقَطِّعُه واللحمُ المُتَمَّر المُقَطَّع والوَخْزُ شيءٌ منه ليس بالكثيرِ وكِساءٌ مَرْنَبانيٌّ لوْنُه لونُ الأَرْنَبِ
ومُؤَرْنَبٌ ومُرْنَبٌ خُلِطَ في غَزْلِه وَبَرُ الأَرْنَبِ وقيل المؤَرْنَبُ كالمَرْنَبانيّ قالت لَيْلَى الأَخْيَلِيَّة تَصِفُ قَطَاةً تَدَلَّت على فِراخِها وهي حُصُّ الرُّؤُوسِ لا رِيشَ عليها
تَدَلَّتْ على حُصِّ الرُّؤُوسِ كأَنها ... كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ
وهو أَحَدُ ما جاءَ على أَصْلِهِ مثلُ قولِ خِطام المجاشعي
لم يَبْقَ مِنْ آيٍ بها يُحَلَّيْنْ ... غيرُ خِطامٍ ورَمادٍ كِنفَيْنْ
وغيرُ وَدٍّ جاذِلٍ أَو وَدَّيْنْ ... وصالِياتٍ كَكَما يُؤَثْفَيْنْ
أَي لم يَبْقَ من هذه الدارِ التي خَلَت من أَهلها مما تُحَلَّى به وتُعْرَفُ غيرُ رَمادِ القِدْرِ والأَثافي وهي حِجارةُ القِدْرِ والوَتِدِ الذي تُشَدُّ إِليه حِبالُ البُيوت والوَدُّ الوَتِدُ إِلاّ أَنه أَدْغَم التاءَ في الدالِ فقال وَدٍّ والجاذِلُ المنتصِبُ قال ابن بري ومثلُه قولُ الآخر فإِنه أَهْلٌ لأَنْ يُؤَكْرَمَا والمعروفُ في كلامِ العَرَب لأَنْ يُكْرَمَ وكذلك هو مع حروفِ المُضارَعَة نحو أُكْرِمُ ونُكْرِمُ وتُكْرِمُ ويُكْرِمُ قال وكان قياس يُؤَثْفَيْن عنده يُثْفَيْن من قولك أَثْفَيْتُ القِدْر إِذا جَعَلْتَها على الأَثافيِّ وهي الحِجارةُ وأَرضٌ مُرْنِبَة ومُؤَرْنِبَة بكسر النونِ الأَخيرة عن كُراع كثيرةُ الأَرانِبِ قال أَبو منصور ومنه قول الشاعر كُراتُ غُلامٍ مِنْ كِسَاءٍ مُؤَرْنَبِ قال كان في العَرَبِيَّة مُرْنَبِ فرُدَّ إِلى الأَصْل قال الليث أَلِفُ أَرْنَبٍ زائدة قال أَبو منصور وهي عندَ أَكثرِ النَّحْوِيِّين قَطْعِيَّة وقال الليث لا تجيءُ كَلِمةٌ في أَوَّلِها أَلِفٌ فتكون أَصْلِيَّة إِلاَّ أَن تكون الكَلِمَةُ ثَلاثَة أَحْرُفٍ مثل الأَرض والأَرْش والأَمْر أَبو عمرو المَرْنَبَةُ القَطِيفَةُ ذاتُ الخَمْلِ والأَرْنَبَةُ طَرَفُ الأَنْفِ وجَمْعُها الأَرانبُ يقال هم شُمُّ الأُنُوفِ وارِدَةٌ أَرانِبُهمْ وفي حديث الخُدْريّ فلقد رأَيتُ على أَنْفِ رسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم وأَرْنَبَتِهِ أَثَرَ الطِّينِ الأَرْنَبَةُ طَرَفُ الأَنْف وفي حديث وائل كان يسجدُ على جَبْهَتِهِ وأَرْنَبَتِه واليَرْنَبُ والمَرْنَبُ جُرَذٌ كاليَرْبُوعِ قَصِيرُ الذَّنَبِ والأَرْنَبُ موضِعٌ قال عَمْرُو بنُ مَعْدي كَرِب
عَجَّتْ نِساءُ بَني زُبَيْدٍ عَجَّةً ... كَعَجِيجِ نِسْوَتِنا غداةَ الأَرْنَبِ
والأَرْنَبُ ضَرْبٌ مِنَ الحُلِيِّ قال رؤبة وعَلَّقَتْ مِنْ أَرْنَبٍ ونَخْلِ [ ص 436 ] والأُرَيْنِبَةُ عُشْبةٌ شَبِيهةٌ بالنَّصِيِّ إِلاَّ أَنها أَرَقُّ وأَضْعَفُ وأَليَنُ وهي ناجِعةٌ في المالِ جِدّاً ولها إِذا جَفَّتْ سَفًى كُلَّما حُرِّكَ تَطايَرَ فارْتَزَّ في العُيونِ والمَناخِر عن أَبي حنيفة وفي حديث اسْتِسْقاءِ عمر رضي اللّه عنه حتى رأَيت الأَرْنَبَةَ تأْكلها صغار الإِبل قال ابن الأَثير هكذا يرويه أَكثر المحدِّثين وفي معناها قولان ذكرهما القتيبي في غريبه أَحدهما أَنها واحدة الأَرانِب حَملَها السَّيْلُ حتى تَعَلقت في الشجر فأُكِلَتْ قال وهو بعيد لأَن الإِبل لا تأْكل اللحم والثاني أَن معناه أَنها نبت لا يكاد يطول فأَطاله هذا المطر حتى صار للإِبل مرعى والذي عليه أَهل اللغة أَن اللفظة إِنما هي الأَرِينةُ بياءٍ تحتها نُقْطتانِ وبعدها نون وهو نَبْتٌ معروف يُشْبِه الخِطْمِيَّ عَرِيضُ الوَرقِ وسنذكره في أَرن الأَزهري قال شمر قال بعضهم سأَلت الأَصمعي عن الأَرْنَبةِ فقال نَبْت قال شمر وهو عندي الأَرِينةُ سَمِعْتُ في الفصيح من أَعْرابِ سَعْدِ بن بكر بِبَطْنِ مَرٍّ قال ورأَيته نَباتاً يُشْبِه الخِطْمِيَّ عَرِيضَ الوَرَقِ قال شمر وسمعت غيرَه من أَعْرابِ كِنانةَ يقول هو الأَرِينُ وقالت أَعْرابِيَّةٌ مِنْ بَطْنِ مَرٍّ هي الأَرِينةُ وهي خِطْمِيُّنا وغَسُولُ الرأْسِ قال أَبو منصور وهذا الذي حكاه شمر صحيح والذي رُوي عن الأَصمعي أَنه الأَرنبة من الأَرانِبِ غير صحيح وشمر مُتْقِنٌ وقد عُنِيَ بهذا الحَرْفِ فسأَلَ عنه غير واحِد من الأَعْراب حتى أَحْكَمَه والرُّواةُ رُبَّما صَحّفُوا وغَيَّرُوا قال ولم أَسمع الأَرْنبةَ في باب النَّباتِ من واحِد ولا رأَيتُه في نُبُوتِ البادِية قال وهو خَطَأٌ عندي قال وأَحْسَبُ القُتَيْبيَّ ذكر عن الأَصمعي أَيضاً الأَرْنَبةَ وهو غير صحيح وأَرْنَبُ اسم امرأَةٍ قال مَعْنُ بن أَوْس
مَتى تَأْتِهِمْ تَرْفَعْ بَناتي بِرَنَّةٍ ... وتَصْدَحْ بِنَوْحٍ يُفْزِعُ النَّوحَ أَرْنَبُ

======

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جلد 3. الحيوان للجاحظ /الجزء الثالث

  الجزء الثالث بسم الله الرحمن الرحيم فاتحة استنشاط القارئ ببعض الهزل وإن كنَّا قد أمَلْلناك بالجِدِّ وبالاحتجاجاتِ الصحيحة والم...