كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس


مراجع في المصطلح واللغة

مراجع في المصطلح واللغة

كتاب الكبائر_لمحمد بن عثمان الذهبي/تابع الكبائر من... /حياة ابن تيمية العلمية أ. د. عبدالله بن مبارك آل... /التهاب الكلية الخلالي /الالتهاب السحائي عند الكبار والأطفال /صحيح السيرة النبوية{{ما صحّ من سيرة رسول الله صلى ... /كتاب : عيون الأخبار ابن قتيبة الدينوري أقسام ا... /كتاب :البداية والنهاية للامام الحافظ ابي الفداء ا... /أنواع العدوى المنقولة جنسياً ومنها الإيدز والعدوى ... /الالتهاب الرئوي الحاد /اعراض التسمم بالمعادن الرصاص والزرنيخ /المجلد الثالث 3. والرابع 4. [ القاموس المحيط - : م... /المجلد 11 و12.لسان العرب لمحمد بن مكرم بن منظور ال... /موسوعة المعاجم والقواميس - الإصدار الثاني / مجلد{1 و 2}كتاب: الفائق في غريب الحديث والأثر لأبي... /مجلد واحد كتاب: اللطائف في اللغة = معجم أسماء الأش... /مجلد {1 و 2 } كتاب: المحيط في اللغة لإسماعيل بن ... /سيرة الشيخ الألباني رحمه الله وغفر له /اللوكيميا النخاعية الحادة Acute Myeloid Leukemia.... /قائمة /مختصرات الأمراض والاضطرابات / اللقاحات وما تمنعه من أمراض /البواسير ( Hemorrhoids) /علاج الربو بالفصد /دراسة مفصلة لموسوعة أطراف الحديث النبوي للشيخ سع... / مصحف الشمرلي كله /حمل ما تريد من كتب /مكتبة التاريخ و مكتبة الحديث /مكتبة علوم القران و الادب /علاج سرطان البروستات بالاستماتة. /جهاز المناعة و الكيموكين CCL5 .. /السيتوكين" التي يجعل الجسم يهاجم نفسه /المنطقة المشفرة و{قائمة معلمات Y-STR} واختلال الص... /مشروع جينوم الشمبانزي /كتاب 1.: تاج العروس من جواهر القاموس محمّد بن محمّ... /كتاب :2. تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب تاج العروس من جواهر القاموس /كتاب : تاج العروس من جواهر القاموس

بحث هذه المدونة الإلكترونية

الأحد، 8 مايو 2022

مجلد 3. لسان العرب محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري

 

3

مجلد 3. لسان العرب محمد بن مكرم بن منظور الأفريقي المصري   

 ( رهب ) رَهِبَ بالكسر يَرْهَبُ رَهْبَةً ورُهْباً بالضم ورَهَباً بالتحريك أَي خافَ ورَهِبَ الشيءَ رَهْباً ورَهَباً ورَهْبةً خافَه والاسم الرُّهْبُ والرُّهْبى والرَّهَبوتُ والرَّهَبُوتى ورَجلٌ رَهَبُوتٌ يقال رَهَبُوتٌ خَيرٌ مِنْ رَحَمُوتٍ أَي لأَن تُرْهَبَ خَيرٌ من أَنْ تُرْحَمَ وتَرَهَّبَ غيرَه إِذا تَوَعَّدَه وأَنشد الأَزهري للعجاج يَصِفُ عَيراً وأُتُنَه تُعْطِيهِ رَهْباها إِذا تَرَهَّبَا على اضْطِمَارِ الكَشْحِ بَوْلاً زَغْرَبا ( 1 )
عُصارةَ الجَزْءِ الذي تَحَلَّبا
( 1 قوله « الكشح » هو رواية الأزهري وفي التكملة اللوح )
رَهْباها الذي تَرْهَبُه كما يقال هالكٌ وهَلْكَى إِذا تَرَهَّبا إِذا تَوَعَّدا وقال الليث الرَّهْبُ جزم لغة في الرَّهَب قال والرَّهْباءُ اسم من الرَّهَبِ تقول الرَّهْباءُ من اللّهِ والرَّغْباءُ إِليه وفي حديث الدُّعاءِ رَغْبةً ورَهْبةً إِليك الرَّهْبةُ الخَوْفُ والفَزَعُ جمع بين الرَّغْبةِ والرَّهْبةِ ثم أَعمل الرَّغْبةَ وحدها كما تَقدَّم في الرَّغْبةِ وفي حديث رَضاعِ الكبير فبَقِيتُ سنَةً لا أُحَدِّثُ بها رَهْبَتَه قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في روايةٍ أَي من أَجل رَهْبَتِه وهو منصوب على المفعول له وأرْهَبَه ورَهَّبَه واستَرْهَبَه أَخافَه وفَزَّعه [ ص 437 ] واسْتَرْهَبَه اسْتَدْعَى رَهْبَتَه حتى رَهِبَه الناسُ وبذلك فسر قوله عز وجل واسْترْهَبُوهُم وجاؤُوا بسحْرٍ عظيمٍ أَي أَرْهَبُوهم وفي حديث بَهْز بن حَكِيم إِني لأَسمع الرَّاهِبةَ قال ابن الأَثير هي الحالة التي تُرْهِبُ أَي تُفْزِعُ وتُخَوِّفُ وفي رواية أَسْمَعُك راهِباً أَي خائفاً وتَرَهَّب الرجل إِذا صار راهِباً يَخْشَى اللّه والرَّاهِبُ المُتَعَبِّدُ في الصَّوْمعةِ وأَحدُ رُهْبانِ النصارى ومصدره الرَّهْبةُ والرَّهْبانِيّةُ والجمع الرُّهْبانُ والرَّهابِنَةُ خطأٌ وقد يكون الرُّهْبانُ واحداً وجمعاً فمن جعله واحداً جعله على بِناءِ فُعْلانٍ أَنشد ابن الأَعرابي
لو كَلَّمَتْ رُهْبانَ دَيْرٍ في القُلَلْ ... لانْحَدَرَ الرُّهْبانُ يَسْعَى فنَزَلْ
قال ووجهُ الكلام أَن يكون جمعاً بالنون قال وإِن جمعت الرُّهبانَ الواحد رَهابِينَ ورَهابِنةً جاز وإِن قلت رَهْبانِيُّون كان صواباً وقال جرير فيمن جعل رهبان جمعاً
رُهْبانُ مَدْيَنَ لو رَأَوْكَ تَنَزَّلُوا ... والعُصْمُ من شَعَفِ العقُولِ الفادِرُ
وَعِلٌ عاقِلٌ صَعِدَ الجبل والفادِرُ المُسِنُّ من الوُعُول والرَّهْبانيةُ مصدر الراهب والاسم الرَّهْبانِيَّةُ وفي التنزيل العزيز وجعَلْنا في قُلُوب الذين اتَّبَعُوه رَأْفةً ورَحْمةً ورَهْبانيَّةً ابْتَدَعوها ما كَتَبْناها عليهم إِلا ابتغاء رِضوانِ اللّهِ قال الفارسي رَهْبانِيَّةً منصوب بفعل مضمر كأَنه قال وابْتَدَعُوا رَهْبانيَّةً ابْتَدَعوها ولا يكون عطفاً على ما قبله من المنصوب في الآية لأَن ما وُضِعَ في القلب لا يُبْتَدَعُ وقد تَرَهَّبَ والتَّرَهُّبُ التَّعَبُّدُ وقيل التَّعَبُّدُ في صَوْمَعَتِه قال وأَصلُ الرَّهْبانِيَّة من الرَّهْبةِ ثم صارت اسماً لِما فَضَل عن المقدارِ وأَفْرَطَ فيه ومعنى قوله تعالى ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها قال أَبو إِسحق يَحتمل ضَرْبَيْن أَحدهما أَن يكون المعنى في قوله « ورَهْبانِيَّةً ابْتَدَعُوها » وابتدعوا رهبانية ابتدعوها كما تقول رأَيتُ زيداً وعمراً أَكرمته قال ويكون « ما كتبناها عليهم » معناه لم تُكتب عليهم البَتَّةَ ويكون « إِلا ابتغاءَ رِضوان اللّه » بدلاَ من الهاءِ والأَلف فيكون المعنى ما كَتَبْنا عليهم إِلا ابتغاءَ رِضوانِ اللّهِ وابتغاءُ رِضوانِ اللّه اتِّباعُ ما أَمَرَ به فهذا واللّه أَعلم وجه وفيه وجه آخر ابتدعوها جاءَ في التفسير أَنهم كانوا يَرَوْن من ملوكهم ما لا يَصْبِرُون عليه فاتخذوا أَسراباً وصَوامِعَ وابتدعوا ذلك فلما أَلزموا أَنفسهم ذلك التَّطَوُّعَ ودَخَلُوا فيه لَزِمَهم تمامُه كما أَن الإِنسانَ إِذا جعل على نفسِه صَوْماً لم يُفْتَرَضْ عليه لزمه أَن يُتِمه والرَّهْبَنَةُ فَعْلَنَةٌ منه أَو فَعْلَلَةٌ على تقدير أَصْلِيَّةِ النون وزيادتها قال ابن الأَثير والرَّهْبانِيَّةُ مَنْسوبة إِلى الرَّهْبَنةِ بزيادة الأَلف وفي الحديث لا رَهْبانِيَّةَ في الإِسلام هي كالاخْتِصاءِ واعْتِناقِ السَّلاسِلِ وما أَشبه ذلك مما كانت الرَّهابِنَةُ تَتَكَلَّفُه وقد وضعها اللّه عز وجل عن أُمة محمد صلى اللّه عليه وسلم قال ابن الأَثير هي من رَهْبَنةِ النصارى قال وأَصلها من الرَّهْبةِ الخَوْفِ كانوا يَتَرَهَّبُون بالتَّخَلي [ ص 438 ] من أَشْغالِ الدنيا وتَرْكِ مَلاذِّها والزُّهْدِ فيها والعُزلةِ عن أَهلِها وتَعَهُّدِ مَشاقِّها حتى إِنَّ منهم مَن كان يَخْصِي نَفْسَه ويَضَعُ السِّلسلةَ في عُنقه وغير ذلك من أَنواع التعذيب فنفاها النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم عن الإِسلام ونهى المسلمين عنها وفي الحديث عليكم بالجهاد فإِنه رَهْبانِيَّة أُمتي يُريد أَنَّ الرُّهْبانَ وإِن تركوا الدنيا وزَهِدُوا فيها وتَخَلَّوْا عنها فلا تَرْكَ ولا زُهْدَ ولا تَخَلِّيَ أَكثرُ من بذل النفس في سبيل اللّه وكما أَنه ليس عند النصارى عَمَلٌ أَفضلُ من التَّرَهُّب ففي الإِسلام لا عَمَلَ أَفضلُ من الجهاد ولهذا قال ذِرْوة سَنامُ الإِسلامِ الجِهادُ في سبيل اللّه ورَهَّبَ الجَمَلُ ذَهَبَ يَنْهَضُ ثم بَرَكَ مِن ضَعْفٍ بصُلْبِه والرَّهْبَى الناقةُ المَهْزُولةُ جِدّاً قال
ومِثْلِكِ رَهْبَى قَدْ تَرَكْتُ رَذِيَّةً ... تُقَلِّبُ عَيْنَيْها إِذا مَرَّ طائِرُ
وقيل رَهْبَى ههنا اسم ناقة وإِنما سماها بذلك والرَّهْبُ كالرَّهْبَى قال الشاعر
وأَلْواحُ رَهْبٍ كأَنَّ النُّسوعَ ... أَثْبَتْنَ في الدَّفِّ منها سِطارا
وقيل الرَّهْبُ الجمل الذي استُعْمِلَ في السَّفر وكَلَّ والأُنثى رَهْبةٌ وأَرْهَبَ الرَّجُلُ إِذا رَكِبَ رَهْباً وهو الجَمَلُ العالي وأَما قول الشاعر
ولا بُدَّ مِن غَزْوَةٍ بالمَصِيفِ ... رَهْبٍ تُكِلُّ الوَقاحَ الشَّكُورا
فإِنَّ الرَّهْبَ مِن نَعْت الغَزْوَةِ وهي التي كَلَّ ظَهْرُها وهُزِلَ وحكي عن أَعرابي أَنه قال رَهَّبَتْ ناقةُ فلان فقَعَد عليها يُحابِيها أَي جَهَدَها السَّيرُ فَعَلَفَها وأَحْسَنَ إِليها حتى ثابَتْ إِليها نفْسُها وناقةٌ رَهْبٌ ضامِرٌ وقيل الرَّهْبُ الجَمَلُ العَريضُ العِظامِ المَشْبُوحُ الخَلْقِ قال رَهْبٌ كبُنْيانِ الشَّآمي أَخْلَقُ
والرَّهْبُ السَّهمُ الرَّقيقُ وقيل العظيمُ والرَّهْبُ النَّصْلُ الرقيقُ مِن نِصالِ السِّهام والجمعُ رِهابٌ قال أَبو ذؤَيب
فَدَنا له رَبُّ الكِلابِ بكَفِّه ... بِيضٌ رِهابٌ رِيشُهُنّ مُقَزَّعُ
وقال صَخْر الغَيّ الهُذَليّ
إِني سَيَنْهَى عَنّي وَعِيدَهُمُ ... بِيضٌ رِهابٌ ومُجْنَأٌ أُجُدُ
وصارِمٌ أُخْلِصَت خَشِيبتُه ... أَبيضُ مَهْوٌ في مَتْنِه رُبَدُ
المُجْنَأُ التُّرْسُ والأُجْدُ المُحْكَمُ الصَّنعةِ وقد فسَّرْناه في ترجمة جنأَ وقوله تعالى واضْمُمْ إِليكَ جَناحَك من الرَّهَبِ قال أَبو إِسحق من الرُّهْبِ والرَّهَبِ إِذا جزم الهاءَ ضمّ الراءَ وإِذا حرك الهاءَ فتح الراءَ ومعناهما واحد مثل الرُّشْدِ والرَّشَدِ قال ومعنى جَناحَك ههنا يقال العَضُدُ ويقال اليدُ كلُّها جَناحٌ قال الأَزهري وقال مقاتل في قوله من الرَّهَبِ الرَّهَبُ كُمُّ مَدْرَعَتِه قال [ ص 439 ] الأَزهري وأَكثرُ الناس ذهبوا في تفسير قوله من الرَّهَب أَنه بمعنى الرَّهْبةِ ولو وَجَدْتُ إِماماً من السلف يجعل الرَّهَبَ كُمّاً لذهبت إِليه لأَنه صحيح في العَربية وهو أَشبه بسياق الكلام والتفسيرِ واللّه أَعلم بما أَراد والرُّهْبُ الكُمُّ ( 1 )
( 1 قوله « والرهب الكم » هو في غير نسخة من المحكم كما ترى بضم فسكون وأَما ضبطه بالتحريك فهو الذي في التهذيب والتكملة وتبعهما المجد ) يقال وضعت الشيءَ في رُهْبِي أَي في كُمِّي أَبو عمرو يقال لِكُمِّ القَمِيصِ القُنُّ والرُّدْنُ والرَّهَبُ والخِلافُ ابن الأَعرابي أَرْهَبَ الرجلُ إِذا أَطالَ رَهَبَه أَي كُمَّه والرُّهابةُ والرَّهابة على وَزْنِ السَّحابةِ عُظَيْمٌ في الصَّدْرِ مُشْرِفٌ على البطن قال الجوهري مِثلُ اللِّسان وقال غيره كأَنه طرَف لسان الكَلْبِ والجمع رَهابٌ وفي حديث عَوْف ابن مالك لأَنْ يَمْتَلِئَ ما بين عانَتي إِلى رَهابَتي قَيْحاً أَحَبُّ إِليَّ من أَن يَمْتَلئَ شِعْراً الرَّهابةُ بالفتح غُضْرُوفٌ كاللِّسان مُعَلَّق في أَسْفَلِ الصَّدْرِ مُشْرِفٌ على البطن قال الخطابي ويروى بالنون وهو غَلَط وفي الحديث فَرَأَيْتُ السَّكاكِينَ تَدُورُ بين رَهابَتِه ومَعِدَتِه ابن الأَعرابي الرَّهابةُ طَرَفُ المَعِدة والعُلْعُلُ طَرَفُ الضِّلَع الذي يُشْرِفُ على الرَّهابةِ وقال ابن شميل في قَصِّ الصدْرِ رَهابَتُه قال وهو لِسانُ القَصِّ من أَسْفَل قال والقَصُّ مُشاشٌ وقال أَبو عبيد في باب البَخِيل يُعْطِي من غير طَبْعِ جُودٍ قال أَبو زيد يقال في مثل هذا رَهْباكَ خَيرٌ من رَغْباكَ يقول فَرَقُه منكَ خيرٌ من حُبّه وأَحْرَى أَن يُعْطِيَكَ عليه قال ومثله الطَّعْنُ يَظْأَرُ غيره ويقال فَعَلْتُ ذلك من رُهْباكَ أَي من رَهْبَتِك والرُّغْبَى الرَّغْبةُ قال ويقال رُهْباكَ خيرٌ من رُغْباكَ بالضم فيهما ورَهْبَى موضعٌ ودارةُ رَهْبَى موضع هناك ومُرْهِبٌ اسم

( روب ) الرَّوْبُ اللَّبنُ الرائبُ والفعل رابَ اللَّبن يَرُوبُ رَوْباً ورُؤُوباً خَثُرَ وأَدْرَكَ فهو رائبٌ وقيل الرائبُ الذي يُمْخَضُ فيُخْرَجُ زُبْدُه ولبَنٌ رَوْبٌ ورائبٌ وذلك إِذا كَثُفَتْ دُوايَتُه وتكَبَّدَ لبَنُه وأَتى مَخْضُه ومنه قيل اللبن المَمْخُوض رائبٌ لأَنه يُخْلَط بالماءِ عند المَخْضِ ليُخْرَجَ زُبْدُه تقول العرب ما عندي شَوْبٌ ولا رَوْبٌ فالرَّوْبُ اللَّبنُ الرائبُ والشَّوْبُ العَسَلُ المَشُوبُ وقيل الرَّوْبُ اللَّبن والشَّوْبُ العَسَلُ من غير أَن يُحَدَّا وفي الحديث لا شَوْبَ ولا رَوْبَ في البيعِ والشِّراءِ تقول ذلك في السِّلْعةِ تَبِيعُها أَي إِني بَريءٌ من عَيْبِها وهو مَثَلٌ بذلك وقال ابن الأَثير في تفسير هذا الحديث أَي لا غِشَّ ولا تَخْلِيطَ ومنه قيل للبن المَمْخُوضِ رائبٌ كما تقدَّم الأَصمعي من أَمثالهم في الذي يُخْطِئُ ويُصِيب هو يَشُوبُ ويَروب قال أَبو سعيد معنى يَشُوبُ يَنْضَحُ ويَذُبُّ يقال للرجل إِذا نَضَح عن صاحبه قد شَوَّب عنه قال ويَرُوبُ أَي يَكْسَل والتَّشْويبُ أَنْ يَنْضَحَ نَضْحاً غير مُبالَغٍ فيه [ ص 440 ] فهو بمعنى قوله يَشُوبُ أَي يُدافِعُ مُدافعةً لا يُبالِغُ فيها ومرة يَكْسَلُ فلا يُدافِعُ بَتَّةً قال أَبو منصور وقيل في قولهم هو يَشُوبُ أَي يَخْلِطُ الماءَ باللبن فيُفْسِدُه ويَرُوبُ يُصْلِحُ من قول الأَعرابي رابَ إِذا أَصْلَح قال والرَّوْبةُ إِصْلاحُ الشأْن والأَمر ذكرهما غير مهموزين على قول من يُحَوِّل الهمزةَ واواً ابن الأَعرابي رابَ إِذا سكن ورابَ اتَّهَمَ قال أَبو منصور إِذا كان رابَ بمعنى أَصْلَحَ فأَصْله مهموز من رَأَبَ الصَّدْعَ وقد مضى ذكرها ورَوَّبَ اللبنَ وأَرابه جَعله رائِباً وقيل المُرَوَّبُ قبْل أَن يُمْخَضَ والرَّائِبُ بعد المَخْضِ وإِخْراجِ الزبد وقيل الرَّائبُ يكون ما مُخِضَ وما لم يُمْخَضْ قال الأَصمعي الرائبُ الذي قد مُخِضَ وأُخْرِجَتْ زُبْدَتُه والمُروَّبُ الذي لم يُمْخَضْ بعد وهو في السقاءِ لم تُؤْخَذْ زُبْدَتُه قال أَبو عبيد إِذا خَثُرَ اللبن فهو الرَّائبُ فلا يزال ذلك اسمَه حتى يُنْزَعَ زُبده واسمه على حاله بمنزلة العُشَراءِ من الإِبل وهي الحامل ثم تَضَعُ وهو اسمها وأَنشد الأَصمعي
سَقاك أَبو ماعزٍ رَائباً ... ومَنْ لك بالرائِبِ الخاثِرِ ؟
يقول إِنما سَقاكَ المَمْخُوضَ ومَن لك بالذي لمْ يُمْخَضْ ولم يُنْزَعْ زُبْدُه ؟ وإِذا أَدْرَكَ اللَّبَنُ ليُمْخَضَ قيل قد رابَ أَبو زيد التَّرْويبُ أَن تَعْمِدَ إِلى اللبن إِذا جَعَلْته في السِّقاءِ فَتُقَلِّبَه ليُدْرِكَه المَخْضُ ثم تَمْخَضُه ولم يَرُبْ حَسَناً هذا نص قوله وأَراد بقوله حَسَناً نِعِمّا والمِرْوَبُ الإِناءُ والسِّقاءُ الذي يُرَوَّبُ فيه اللبنُ وفي التهذيب إِناءٌ يُرَوَّبُ فيه اللبن قال
عُجَيِّزٌ منْ عامر بن جَنْدَبِ ... تُبْغِضُ أَن تَظْلِمَ ما في المِرْوَبِ
وسِقاءٌ مُرَوَّبٌ رُوِّبَ فيه اللبَنُ وفي المثل للعرب أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقاءٌ مُرَوَّبٌ وأَصله السِّقاءُ يُلَفُّ حتى يَبْلُغ أَوانَ المَخْضِ والمَظْلُومُ الذي يُظْلَم فيُسْقَى أَو يُشْرَب قبل أَن تَخْرُجَ زُبْدَتُه أَبو زيد في باب الرجل الذليل المُسْتَضْعَفِ أَهْوَنُ مَظْلُومٍ سِقاءٌ مُرَوَّبٌ وظَلَمْتُ السِّقاءَ إِذا سَقَيْتُه قبل إِدْراكِه والرَّوْبَةُ بَقِيةُ اللبن المُرَوَّب تُتْرَكُ في المِرْوَبِ حتى إِذا صُبَّ عليه الحَلِيبُ كان أَسْرَعَ لرَوْبِه والرُّوبةُ والرَّوْبةُ خَميرةُ اللبن الفتح عن كراع ورَوْبةُ اللبن خَمِيرة تُلْقَى فيه من الحامِض ليَرُوبَ وفي المثل شُبْ شَوْباً لك رُوبَتُه كما يقال احْلُبْ حَلَباً لك شَطْرُه غيره الرَّوْبَةُ خَمِيرُ اللبن الذي فيه زُبْدُه وإِذا أُخْرِجَ زُبْدُه فهو رَوْبٌ ويسمى أَيضاً رائباً بالمعنيين وفي حديث الباقر أَتَجْعَلُونَ في النَّبِيذِ الدُّرْدِيَّ ؟ قيل وما الدُّرْدِيُّ ؟ قال الرُّوبةُ الرُّوبةُ في الأَصل خَمِيرةُ اللَّبَنِ ثم يُسْتَعمَلُ في كل ما أَصْلَحَ شيئاً وقد تهمز قال ابن الأَعرابي روي عن أَبي بكر في وَصِيَّتِه لعُمَرَ رضي اللّه عنهما عَلَيْكَ بالرَّائِبِ مِن الأُمُورِ وإِيَّاكَ والرَّائِبَ [ ص 441 ] منها قال ثعلب هذا مَثَل أَراد عَلَيْكَ بالأَمْرِ الصافي الذي ليس فيه شُبْهَةٌ ولا كَدَرٌ وإِيَّاكَ والرَّائبَ أَي الأَمْرَ الذي فيه شُبْهَةٌ وكَدَرٌ ابن الأَعرابي شابَ إِذا كَذَبَ وشابَ إِذا خَدَع في بَيْعٍ أَو شِراءٍ والرُّوبةُ والرَّوْبةُ الأَخيرة عن اللحياني جِمامُ ماءِ الفَحْلِ وقيل هو اجْتِماعُه وقيل هو ماؤُه في رَحِمِ الناقةِ وهو أَغْلَظُ من المَهاةِ وأَبْعَدُ مَطْرَحاً وما يَقُومُ بِرُوبةِ أَمْرِه أي بِجِماعِ أَمْرِه أَي كأَنه من رُوبةِ الفحل الجوهري ورُوبةُ الفرس ماءُ جِمامِه يقال أَعِرْني رُوبةَ فَرَسِك ورُوبةَ فَحْلِك إِذا اسْتَطْرَقْته إِياه ورُوبةُ الرجل عَقْلُه تقول وهو يُحدِّثُني وأَنا إِذ ذاك غلام ليست لي رُوبةٌ والرُّوبةُ الحاجةُ وما يقوم فلان برُوبةِ أَهلِه أَي بشأْنِهم وصَلاحِهم وقيل أَي بما أَسْنَدوا إِليه من حَوائِجهم وقيل لا يَقومُ بقُوتهم ومَؤُونَتهم والرُّوبةُ إِصْلاحُ الشأْنِ والأَمرِ والرُّوبةُ قِوامُ العَيْشِ والرُّوبةُ الطائفةُ مِن الليلِ ورُوبةُ بن العجاج مُشْتَقٌّ منه فيمن لم يهمز لأَنه وُلِدَ بعد طائفةٍ من الليل وفي التهذيب رُؤْبةُ بن العجاج مهموز وقيل الرُّوبةُ الساعةُ من الليل وقيل مَضت رُوبةٌ من الليل أَي ساعةٌ وبَقِيَتْ رُوبةٌ من الليل كذلك ويقال هَرِّق عَنَّا من رُوبةِ الليل وقَطِّعِ اللحمَ رُوبةً رُوبةً أَي قِطْعةً قِطْعةً ورابَ الرَّجلُ رَوْباً ورُؤُوباً تَحَيَّر وفَتَرَتْ نَفْسُه من شِبَعٍ أَو نُعاسٍ وقيل سَكِرَ من النَّوم وقيل إِذا قام من النوم خاثِرَ البدَنِ والنَّفْسِ وقيل اخْتَلَطَ عَقْلُه ورَأْيُه وأَمْرُه ورَأَيت فلاناً رائباً أَي مُخْتَلِطاً خائِراً وقوم رُوَباءُ أَي خُثَراء الأَنْفُسِ مُخْتَلِطُون ورَجلٌ رائبٌ وأَرْوَبُ ورَوْبانُ والأُنثى رائِبةٌ عن اللحياني لم يزد على ذلك من قوم رَوبى إِذا كانوا كذلك وقال سيبويه هم الذين أَثْخَنَهُم السفَرُ والوَجَعُ فاسْتَثْقَلُوا نوماً ويقال شَرِبُوا من الرَّائبِ فسَكِرُوا قال بشر
فأَمَّا تَمِيمٌ تَمِيمُ بنُ مُرٍّ ... فأَلْفاهُمُ القومُ رَوْبى نِياما
وهو في الجمع شبيه بِهَلْكَى وسَكْرَى واحدهم رَوْبانُ وقال الأَصمعي واحدهم رائبٌ مثل مائقٍ ومَوْقَى وهالِكٍ وهَلْكَى ورابَ الرجل ورَوَّبَ أَعيا عن ثعلب والرُّوبةُ التَّحَيُّر والكَسَلُ من كثرةِ شُرْبِ اللبن ورابَ دَمُه رَوْباً إِذا حانَ هَلاكُه أَبو زيد يقال دَعِ الرَّجلَ فقد رابَ دَمُه يَرُوبُ رَوْباً أَي قد حان هلاكُه وقال في موضع آخر إِذا تَعَرَّضَ لما يَسْفِكُ دَمَه قال وهذا كقولهم فلان يَحْبِسُ نَجِيعَه ويَفُورُ دَمُه ورَوَّبَت مَطِيَّةُ فلان تَرْويباً إِذا أَعْيَتْ والرُّوبةُ مَكرمَةٌ من الأَرض كثيرة النبات والشجر هي أَبْقَى الأَرضِ كَلأً وبه سمي رُوبةُ بن العَجّاج قال وكذلك رُوبةُ القَدَحِ ما يُوصَلُ به والجمع رُوَبٌ والرُّوبةُ شجر النِّلْك والرُّوبةُ كَلُّوبٌ يُخْرَجُ به الصَّيْدُ من الجُحْر وهو المِحْرَشُ عن أَبي العميثل الأَعرابي ورُوَيْبةُ أَبو بطن من العرب واللّه أَعلم [ ص 442 ]

( ريب ) الرَّيْبُ صَرْفُ الدَّهْرِ والرَّيْبُ والرِّيبةُ الشَّكُّ والظِّنَّةُ والتُّهْمَةُ والرِّيبةُ بالكسر والجمع رِيَبٌ والرَّيْبُ ما رابَك مِنْ أَمْرٍ وقد رابَنِي الأَمْر وأَرابَنِي وأَرَبْتُ الرجلَ جَعَلْتُ فيه رِيبةً ورِبْتُه أَوصَلْتُ إِليه الرِّيبةَ وقيل رابَني عَلِمْتُ منه الرِّيبة وأَرابَنِي أَوهَمَني الرِّيبةَ وظننتُ ذلك به ورابَنِي فلان يَريبُني إِذا رَأَيتَ منه ما يَريبُك وتَكْرَهُه وهذيل تقول أَرابَنِي فلان وارْتابَ فيه أَي شَكَّ واسْتَرَبْتُ به إِذا رأَيتَ منه ما يَريبُك وأَرابَ الرجلُ صار ذا رِيبةٍ فهو مُريبٌ وفي حديث فاطمةَ يُريبُني ما يُريبُها أَي يَسُوءُني ما يَسُوءُها ويُزْعِجُني ما يُزْعِجُها هو من رابَني هذا الأَمرُ وأَرابني إِذا رأَيتَ منه ما تَكْرَهُ وفي حديث الظَّبْي الحاقِفِ لا يَريبُه أَحدٌ بشيء أَي لا يَتَعَرَّضُ له ويُزْعِجُه ورُوي عن عمر رضي اللّه عنه أَنه قال مَكْسَبَةٌ فيها بعضُ الرِّيبةِ خيرٌ من مسأَلةِ الناسِ قال القتيبي الرِّيبةُ والرَّيبُ الشَّكُّ يقول كَسْبٌ يُشَكُّ فيه أَحَلالٌ هو أَم حرامٌ خيرٌ من سُؤَالِ الناسِ لمن يَقْدِرُ على الكَسْبِ قال ونحو ذلك المُشْتَبهاتُ وقوله تعالى لا رَيْبَ فيه معناه لا شَكَّ فيه ورَيْبُ الدهرِ صُرُوفُه وحَوادِثُه ورَيْبُ المَنُونِ حَوادِثُ الدَّهْر وأَرابَ الرجلُ صار ذا رِيبةٍ فهو مُريبٌ وأَرابَنِي جعلَ فيَّ رِيبةً حكاهما سيبويه التهذيب أَرابَ الرجلُ يُريبُ إِذا جاءَ بِتُهْمَةٍ وارْتَبْتُ فلاناً أَي اتَّهَمْتُه ورابني الأَمرُ رَيْباً أَي نابَنِي وأَصابني ورابني أَمرُه يَريبُني أَي أَدخل عليَّ شَرّاً وخَوْفاً قال ولغة رديئة أَرابني هذا الأَمرُ قال ابن الأَثير وقد تكرّر ذكر الرَّيْب وهو بمعنى الشَّكِّ مع التُّهمَةِ تقول رابني الشيءُ وأَرابني بمعنى شَكَّكَنِي وقيل أَرابني في كذا أَي شككني وأَوهَمَني الرِّيبةَ فيه فإِذا اسْتَيْقَنْتَه قلت رابنِي بغير أَلف وفي الحديث دَعْ ما يُريبُك إِلى ما لا يُرِيبُكَ يروى بفتح الياءِ وضمّها أَي دَعْ ما تَشُكُّ فيه إِلى ما لا تَشُكُّ فيه وفي حديث أَبي بكر في وَصِيَّتِه لعمر رضي اللّه عنهما قال لعمر عليك بالرّائبِ من الأُمور وإِيَّاك والرائبَ منها قال ابن الأَثير الرائبُ من اللبَنِ ما مُخِضَ فأُخِذَ زُبْدُه المعنى عليك بالذي لا شُبْهةَ فيه كالرّائبِ من الأَلْبانِ وهو الصَّافي وإِياك والرائبَ منها أَي الأَمر الذي فيه شُبْهَةٌ وكَدَرٌ وقيل المعنى إِن الأَوَّلَ من رابَ اللبنُ يَرُوبُ فهو رائِبٌ والثاني من رَابَ يَريبُ إِذا وقع في الشكّ أَي عليك بالصّافي من الأُمورِ وَدَعِ المُشْتَبِهَ منها وفي الحديث إِذا ابْتَغَى الأَميرُ الرّيبةَ في الناسِ أَفْسَدَهم أَي إِذا اتَّهَمَهم وجاهَرهم بسُوءِ الظنِّ فيهم أَدّاهم ذلك إِلى ارتكابِ ما ظَنَّ بهم ففَسَدُوا وقال اللحياني يقال قد رابَنِي أَمرُه يَريبُني رَيْباً ورِيبَةً هذا كلام العرب إِذا كَنَوْا أَلْحَقُوا الأَلف وإِذا لم يَكْنُوا أَلْقَوا الأَلفَ قال وقد يجوز فيما يُوقَع أَن تدخل الأَلف فتقول أَرابني الأَمرُ قال خالد بن زُهَيْر الهُذَلي
يا قَوْمِ ما لي وأَبا ذُؤَيْبِ ... كنتُ إِذا أَتَيْتُه من غَيْبِ
[ ص 443 ]
يَشَمُّ عِطْفِي ويَبُزُّ ثَوْبي ... كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ
قال ابن بري والصحيح في هذا أَنَّ رابني بمعنى شَكَّكَني وأَوْجَبَ عندي رِيبةً كما قال الآخر قد رابَني مِنْ دَلْوِيَ اضْطرابُها وأَمّا أَراب فإِنه قد يأْتي مُتَعَدِّياً وغير مُتَعَدٍّ فمن عَدَّاه جعله بمعنى رابَ وعليه قول خالد كأَنَّني أَرَبْتُه بِرَيْبِ وعليه قول أَبي الطيب أَتَدرِي ما أَرابَكَ مَنْ يُرِيبُ ويروى كأَنني قد رِبْتُه بريب فيكون على هذا رابَني وأَرابَني بمعنى واحد وأَما أَرابَ الذي لا يَتَعَدَّى فمعناه أَتى برِيبةٍ كما تقول أَلامَ إِذا أَتى بما يُلامُ عليه وعلى هذا يتوَجَّهُ البيت المنسوب إِلى المُتَلمِّس أَو إِلى بَشَّار بن بُرْدٍ وهو
أَخُوكَ الذي إِنْ رِبْتَه قال إِنَّما ... أَرَبْتَ وإِنْ لايَنْتَه لانَ جانِبُهْ
والرواية الصحيحةُ في هذا البيت أَرَبْتُ بضم التاءِ أَي أَخُوكَ الذي إِنْ رِبْتَه برِيبةٍ قال أَنا الذي أَرَبْتُ أَي أَنا صاحِبُ الرِّيبَةِ حتى تُتَوَهَّمَ فيه الرِّيبةُ ومن رواه أَرَبْتَ بفتح التاءِ فإِنه زعم أَن رِبْتَه بمعنى أَوْجَبْتَ له الرِّيبةَ فأَما أَرَبْتُ بالضم فمعناه أَوْهَمْتُه الرِّيبةَ ولم تكن واجِبةً مَقْطُوعاً بها قال الأَصمعي أَخبرني عيسى بن عُمَرَ أَنه سَمِع هُذَيْلاً تقول أَرابَني أَمْرُه وأَرابَ الأَمْرُ صار ذا رَيْبٍ وفي التنزيل العزيز إِنهم كانوا في شَكٍّ مُريبٍ أَي ذي رَيْبٍ وأَمْرٌ رَيَّابٌ مُفْزِعٌ وارْتابَ به اتَّهَمَ والرَّيْبُ الحاجةُ قال كَعْبُ بن مالِكٍ الأَنصاريّ
قَضَيْنا مِنْ تِهامَةَ كُلَّ رَيْبٍ ... وخَيْبَرَ ثم أَجْمَمْنا السُّيُوفا
وفي الحديث أَنَّ اليَهُودَ مَرُّوا بِرَسُولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم فقال بعضُهم سَلُوه وقال بعضهم ما رَابُكُمْ إِليه ؟ أَي ما إِرْبُكُم وحاجَتُكم إِلى سُؤَالِه ؟ وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه ما رابُكَ إِلى قَطْعِها ؟ قال ابن الأَثير قال الخطابي هكذا يَرْوُونه يعني بضم الباءِ وإِنما وَجْهُه ما إِرْبُكَ ؟ أَي ما حاجَتُكَ ؟ قال أَبو موسى يحتمل أَن يكون الصوابُ ما رابَكَ بفتح الباءِ أَي ما أَقْلَقَكَ وأَلجأَكَ إِليه ؟ قال وهكذا يرويه بعضهم والرَّيْبُ اسم رَجُل والرَّيبُ اسم موضع قال ابن أَحمر
فَسارَ بِه حتى أَتى بَيْتَ أُمِّه ... مُقِيماً بأَعْلى الرَّيْبِ عِنْدَ الأَفاكِلِ

( زأب ) زأَبَ القِرْبةً يَزْأَبُها زَأْباً وازْدَأَبها حَمَلَها ثم أَقْبَلَ بها سَرِيعاً والازْدِئابُ الاحْتِمالُ وكلُّ ما حَمَلْتَه بِمَرَّةٍ شِبْهَ الاحْتِضانِ فقد زَأَبْتَه وزَأَبَ الرَّجُلُ وازْدَأَبَ إِذا حَمَل ما [ ص 444 ] يُطِيقُ وأَسْرَعَ في المشي قال وازْدَأَبَ القِرْبَةَ ثم شَمَّرا وزَأَبْتُ القِرْبةَ وزَعَبْتُها وهو حَمْلُكها مُحْتَضِناً والزَّأْبُ أَن تَزْأَبَ شيئاً فتَحْمِلَه بمرّةٍ واحدة وزَأَبَ الرَّجلُ إِذا شَرِبَ شُرْباً شَديداً الأَصمعي زَأَبْتُ وقَأَبْتُ أَي شَرِبْتُ وزَأَبْتُ به زَأْباً وازْدأَبْتُه وزَأَبَ بِحِمْلِه جَرَّه

( زأنب ) الزَّآنِبُ القَوارِيرُ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
ونحْنُ بَنُو عَمٍّ على ذَاكَ بَيْنَنا ... زآنِبُ فيها بِغْضةٌ وتَنافُسُ
ولا واحد لها

( زبب ) الزَّبَبُ مصدر الأَزَبِّ وهو كَثرة شَعَر الذّراعَيْنِ والحاجبين والعينين والجمعُ الزُّبُّ والزَّبَبُ طولُ الشعَرِ وكَثرتُه قال ابن سيده الزَّبَبُ الزَّغَب والزَّبَبُ في الرجل كثرةُ الشعر وطُولُه وفي الإِبل كثرة شَعَرِ الوجه والعُثْنُونِ وقيل الزَّبَبُ في الناس كَثرَةُ الشَّعَرِ في الأُذنين والحاجبين وفي الإِبل كَثرةُ شَعَرِ الأُذنين والعينين زَبَّ يَزُبُّ زَبِيباً وهو أَزَبُّ وفي المثل كلُّ أَزَبَّ نَفُورٌ وقال الأَخطل
أَزَبُّ الحاجِبين بِعَوْفِ سَوءٍ ... من النَّفَرِ الذين بأَزْقُبانِ
وقال الآخر
أَزَبُّ القَفا والمَنْكِبَيْنِ كأَنه ... من الصَّرْصَرانِيَّاتِ عَوْدٌ مُوَقَّعُ
ولا يكادُ يكون الأَزَبُّ إِلاَّ نَفُوراً لأَنه يَنْبُتُ على حاجِبَيْهِ شُعَيْراتٌ فإِذا ضَرَبَتْه الرِّيحُ نَفَرَ قال الكميت أَو يَتَنَاسَى الأَزَبُّ النُّفورا
قال ابن بري هذا العجز مُغَيَّرٌ ( 1 )
( 1 قوله « مغير » لم يخطئ الصاغاني فيه إلا النفورا فقال الصواب النفارا وأورد صدره وسابقه ما أورده ابن الصلاح ) والبيتُ بكمالِه
بَلَوْناكَ من هَبَواتِ العَجَاج ... فلم تَكُ فيها الأَزَبَّ النَّفُورا
ورأَيت في نسخة الشيخ ابن الصلاح المُحَدِّث حاشِيةً بخط أَبيه أَنَّ هذا الشعر
رَجائيَ بالعَطْفِ عَطْفَ الحُلُوم ... ورَجْعةَ حَيرانَ إِن كان حارا
وخَوْفيَ بالظَّنِّ أَنْ لا ائْتِلا ... فَ أَو يَتناسَى الأَزَبُّ النُّفُورا
وبين قول ابن بري وهذه الحاشية فرق ظاهر والزَّبَّاءُ الاست لشعرها وأُذُنٌ زَبَّاءُ كثيرةُ الشَّعَر وفي حديث الشعبي كان إِذا سُئِلَ عن مسأَلةٍ مُعْضِلَةٍ قال زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر لو سُئِل عنها أَصحابُ رسولِ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم لأَعْضَلَتْ بهم يقال للدَّاهيةِ الصَّعْبةِ زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر يعني أَنها جَمَعَتْ بين الشَّعَر والوَبَرِ أَراد أَنها مسأَلةٌ مُشْكِلَةٌ شبَّهها بالناقة النَّفُور لصُعُوبَتِها وداهيةٌ زبَّاءُ شديدة كما قالوا شَعْراءُ ويقال للدَّاهية المُنْكَرةِ زَبَّاءُ ذاتُ وَبَر ويقال للناقة الكثيرة الوبَر زَبَّاءُ والجملُ أَزبُّ وعامٌ أَزَبُّ مُخْصِبٌ كثير النباتِ [ ص 445 ] وزَبَّتِ الشمسُ زَبّاً وأَزَبَّتْ وزَبَّبَتْ دَنَتْ للغُروبِ وهو من ذلك لأَنها تَتَوارَى كما يَتَوارَى لَوْنُ العُضْوِ بالشَّعر وفي حديث عُروةَ يَبْعَثُ أَهلُ النار وَفْدَهُم فَيَرْجِعُون إِليهم زُبّاً حُبْناً الزُّبُّ جمع الأَزَبِّ وهو الذي تَدِقُّ أَعاليه ومَفاصِلُه وتَعْظُم سُفْلَتُه والحُبْنُ جَمع الأَحْبَنِ وهو الذي اجتمعَ في بطنِه الماءُ الأَصفر والزُّبُّ الذَّكَرُ بلغة أَهل اليَمَنِ وخصَّ ابن دريد به ذَكَرَ الإِنسان وقال هو عربي صحيح وأَنشد
قد حَلَفَتْ باللّهِ لا أُحِبُّهْ ... أَن طالَ خُصْياهُ وقَصرَ زُبُّهْ
والجمع أَزُبٌّ وأَزْبابٌ وزَبَبَةٌ والزُّبُّ اللِّحْيَةُ يَمانِيَّةٌ وقيل هو مُقَدَّم اللِّحْية عند بعض أَهل اليمن قال الشاعر
ففاضَتْ دُمُوع الجَحْمَتَيْنِ بِعَبْرةٍ ... على الزُّبِّ حتى الزُّبُّ في الماءِ غامِسُ
قال شمر وقيل الزُّبُّ الأَنْف بلغة أَهل اليمن والزَّبُّ مَلْؤُكَ القِرْبَةَ إِلى رَأْسِها يقال زَبَبْتُها فازْدَبَّتْ والزَّبِيبُ السَّمُّ في فَمِ الحيَّةِ والزَّبِيبُ زَبَدُ الماء ومنه قوله حتى إِذا تَكَشَّفَ الزَّبِيبُ والزَّبِيبُ ذاوِي العِنَب معروف واحدته زَبِيبَةٌ وقد أَزَبَّ العِنَبُ وزَبَّبَ فلان عنبه تَزْبِيباً قال أَبو حنيفة واستعمل أَعرابي من أَعرابِ السَّراة الزَّبِيبَ في التين فقال الفَيْلحانِيُّ تِينٌ شَديدُ السَّوادِ جَيِّدُ الزَّبِيبِ يعني يابِسَه وقد زَبَّبَ التِّينُ عن أَبي حنيفة أَيضاً والزَّبِيبةُ قُرْحَةٌ تَخرُج في اليَد كالعَرْفَةِ وقيل تسمى العَرْفةَ والزَّبِيبُ اجتماعُ الرِّيقِ في الصِّماغَيْنِ والزَّبِيبَتانِ زَبَدَتانِ في شِدْقَي الإِنسان إِذا أَكثرَ الكلام وقد زَبَّبَ شِدْقاه اجْتَمَعَ الرِّيقُ في صامِغَيْهِما واسمُ ذلك الرِّيقِ الزَّبِيبَتانِ وزَبَّبَ فَمُ الرَّجُلِ عند الغَيْظِ إِذا رأَيتَ له زَبِيبَتَيْنِ في جَنْبَيْ فيهِ عند مُلْتَقَى شَفَتَيْه مما يلي اللسان يعني ريقاً يابساً وفي حديث بعض القُرَشِيِّينَ حتى عَرِقْتَ وزَبَّبَ صِماغاكَ أَي خرَج زَبَدُ فِيكَ في جانِبَيْ شَفَتَيْكَ وتقول تكَلَّمَ فلان حتى زَبَّبَ شِدْقاه أَي خَرج الزَّبَدُ عليهما وتزَبَّبَ الرجلُ إِذا امْتَلأَ غَيْظاً ومنه الحيَّةُ ذو الزَّبِيبَتَيْنِ وقيل الحيَّةُ ذاتُ الزَّبِيبَتَيْنِ التي لها نُقْطَتانِ سَوْداوانِ فوقَ عَيْنَيْها وفي الحديث يَجيءُ كَنْزُ أَحَدِهم يومَ القيامةِ شُجاعاً أَقْرَعَ له زَبِيبَتانِ الشُّجاعُ الحيَّةُ والأَقْرَعُ الذي تمَرَّطَ جِلْدُ رأْسِه وقوله زَبِيبَتانِ قال أَبو عبيد النُّكْتَتانِ السَّوْداوانِ فوق عَيْنَيْهِ وهو أَوْحَشُ ما يكون من الحيَّاتِ وأَخْبَثُه قال ويقال إِنَّ الزَّبِيبَتَيْنِ هما الزَّبَدَتانِ تكونان في شِدْقَي الإِنسان إِذا غَضِبَ وأَكثرَ الكلامَ حتى يُزْبِدَ قال ابن الأَثير الزَّبِيبَةُ نُكْتَةٌ سَوْداءُ فوق عَيْنِ الحيَّةِ وهما نُقْطَتانِ تَكْتَنِفانِ فاها وقيل هما زَبَدَتانِ في شِدْقَيْها وروي عن أُمِّ غَيْلان بنتِ جَريرٍ أَنها قالت رُبَّما أَنشَدْتُ أَبي حتى يَتَزَبَّبَ شِدقاي قال الراجز [ ص 446 ] إِنِّي إِذا ما زَبَّبَ الأَشْداقُ وكَثُرَ الضِّجاجُ واللَّقْلاقُ ثَبْتُ الجَنانِ مِرْجَمٌ وَدَّاقُ أَي دانٍ من العَدُوِّ ودَقَ أَي دَنا والتَّزَبُّبُ التَّزَيُّدُ في الكلام وزَبْزَبَ إِذا غَضِبَ وزَبْزَبَ إِذا انْهَزَمَ في الحَرْب والزَّبْزَبُ ضَرْبٌ من السُّفُن والزَّبابُ جِنْس من الفَأْر لا شعرَ عليه وقيل هو فأْر عظيم أَحمر حَسَن الشعرِ وقيل هو فأْرٌ أَصَمُّ قال الحرِث بنِ حِلِّزةَ
وهُمُ زَبابٌ حائرٌ ... لا تَسْمَع الآذانُ رَعْدا
أَي لا تسمعُ آذانُهم صوتَ الرعْد لأَنهم صُمٌّ طُرْشٌ والعرب تضْرِب بها المَثَل فتقول أَسْرَقُ من زَبابة ويُشَبَّه بها الجاهلُ واحدته زَبابة وفيها طَرَش ويجمع زَباباً وزَباباتٍ وقيل الزَّبابُ ضَرْب من الجِرْذانِ عظام وأَنشد وثْبةَ سُرْعُوبٍ رَأَى زَبابا السُّرْعُوب ابنُ عُرْس أَي رأَى جُرَذاً ضَخْماً وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه أَنا إِذاً واللّهِ مثلُ الذي أُحيطَ بها فقيلَ زَبابِ زَبابِ حتى دَخَلَت جُحْرها ثم احْتُفِرَ عنها فاجْتُرَّ برِجلِها فذُبِحَت أَرادَ الضَّبُعَ إِذا أَرادوا صَيْدَها أَحاطُوا بها في جُحْرِها ثم قالوا لها زَبابِ زَبابِ كأَنهم يُؤْنِسُونَها بذلك قال والزَّبابُ جِنسٌ من الفَأْرِ لا يَسْمَعُ لَعَلَّها تأْكُله كما تأْكُلُ الجرادَ المعنى لا أَكون مِثْلَ الضَّبُعِ تُخادَعُ عن حَتْفِها والزَّبَّاءُ اسم المَلِكَةِ الرُّومِيَّةِ يُمَدُّ ويُقْصَر وهي مَلكة الجزيرةِ تُعَدُّ مِن مُلوكِ الطَّوائف والزَّبَّاء شُعْبَةُ ماء لِبَني كُلَيْبٍ قال غَسّانُ السَّلِيطِيُّ يَهجُو جريراً
أَمَّا كُلَيْبٌ فإِنَّ اللُّؤْمَ حالَفها ... ما سال في حَقْلةِ الزَّبَّاءِ وادِيها
واحدته زبابة ( 1 )
( 1 قوله « واحدته زبابة » كذا في النسخ ولا محل له هنا فإِن كان المؤلف عنى أَنه واحد الزباب كسحاب الذي هو الفأر فقد تقدم وسابق الكلام في الزباء وهي كما ترى لفظ مفرد علم على شيء بعينه اللهم إلا أن يكون في الكلام سقط )
وبنو زَبِيبةَ بَطْنٌ وزبَّانٌ اسم فَمَن جعل ذلك فَعَّالاً من زَبَنَ صرَفَه ومن جعله فَعْلانَ من زَبَّ لم يَصْرِفْه ويقال زَبَّ الحِملَ وَزأَبه وازْدَبَّه إِذا حَمَلَه

( زجب ) ما سَمِعْت له زُجْبةً أَي كلمةً

( زحب ) زَحَب إِليه زَحْباً دَنا ابن دريد الزَّحْبُ الدُّنُوُّ من الأَرض زَحَبْتُ إِلى فلان وزَحَبَ إِليَّ إِذا تَدانَيْنا قال الأَزهري جعل زَحَبَ بمعنى زَحَفَ قال ولَعَلَّها لغة ولا أَحفظها لغيره

( زحزب ) الزُّحْزُبُّ الذي قد غَلُظَ وقَوِيَ واشْتَدَّ الأَزهري روى أَبو عبيد هذا الحرف في كتابه بالخاءِ زُخْزُبٌّ وجاءَ به في حديث مرفوع وهو الزُّخْزُب للحُوار الذي قد عَبُلَ واشْتَدَّ لَحْمه قال وهذا هو الصحيح والحاء عندنا تصحيف

( زخب ) روى ثعلب عن ابن الأَعرابي الزَّخْباءُ الناقةُ الصُّلْبةُ على السَّيْر [ ص 447 ]

( زخزب ) الزُّخْزُبُّ بالضم وتشديد الباء القَويُّ الشديدُ وقيل الغليظُ وقيل هو من أَولاد الإِبل الذي قد غَلُظَ جِسْمُه واشتدَّ لحمه يقال صار ولد الناقة زُخْزُبّاً إِذا غَلُظَ جسمُه واشتدَّ لحمه وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم سئل عن الفَرَعِ وذَبْحِه فقال هو حقٌّ ولأَن تَتْرُكَه حتى يكون ابنَ مَخاضٍ أَو ابنَ لَبونٍ زُخْزُبّاً خيرٌ من أَن تَكْفَأَ إِناءَكَ وتُوَلِّهَ ناقَتَكَ الفَرَعُ أَوَّلُ ما تَلِده الناقةُ كانوا يذبحونه لآلهتهم فكَرِهَ ذلك وقال لأَنْ تَتْرُكَه حتى يَكْبَر ويُنْتَفَعَ بلحمه خيرٌ من أَن تَذْبحَه فيَنْقَطِعَ لبنُ أُمِّه فتَكُبَّ إِناءَكَ الذي كنت تَحْلُبُ فيه وتَجْعَلَ ناقَتَكَ والِهَةً بِفَقْدِ ولدها

( زخلب ) فُلانٌ مُزَخْلِبٌ يَهْزَأُ بالناس

( زرب ) الزَّرْبُ المَدْخَلُ والزَّرْبُ والزِّرْبُ موضعُ الغنم والجمع فيهما زُرُوبٌ وهو الزَّرِيبَةُ أَيضاً والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ حَظيرةُ الغنم من خشب تقول زَرَبْتُ الغنمَ أَزْرُبُها زَرْباً وهو من الزَّرْبِ الذي هو المَدْخَلُ وانْزَرَب في الزَّرْبِ انْزِراباً إِذا دخل فيه والزَّرْبُ والزَّرِيبةُ بئر يَحْتَفِرُها الصائدُ يَكْمُن فيها للصَّيْد وفي الصحاح قُترةُ الصائِدِ وانْزَرَبَ الصائدُ في قُتْرَتِه دخل قال ذو الرمة
وبالشَّمائِلِ من جَلاَّنَ مُقْتَنِصٌ ... رَذْلُ الثِّيابِ خَفيُّ الشخصِ مُنْزَرِبُ
وجَلاَّنُ قَبيلةٌ والزَّرْبُ قُتْرةُ الرامي قال رؤبة في الزَّرْبِ لو يَمْضَغُ شَرْباً ما بَصَقْ والزَّريبةُ مَكْتَنُّ السَّبُع وفي الصحاح زَريبةُ السَّبُعِ بالإِضافة إِلى السبع موضعه الذي يَكْتَنُّ فيه والزَّرابيُّ البُسُطُ وقيل كلُّ ما بُسِطَ واتُّكِئَ عليه وقيل هي الطَّنافِسُ وفي الصحاح النَّمارِقُ والواحد من كل ذلك زَرْبِيَّةٌ بفتح الزاي وسكون الراء عن ابن الأَعرابي الزجاج في قوله تعالى وزَرابيُّ مَبْثُوثةٌ الزَّرابيُّ البُسُطُ وقال الفراء هي الطَّنافِسُ لها خَمْلٌ رقيقٌ وروي عن المؤرج أَنه قال في قوله تعالى وزَرابيُّ مَبْثوثةٌ قال زَرابيُّ النَّبْت إِذا اصْفَرَّ واحْمَرَّ وفيه خُضْرةٌ وقد ازْرَبَّ فلما رأَوا الأَلوانَ في البُسُطِ والفُرُش شبَّهُوها بزَرابيِّ النَّبْتِ وكذلك العَبْقَرِيُّ من الثِّياب والفُرُشِ وفي حديث بني العنبر فأَخَذوا زِرْبِيَّةَ أُمِّي فأَمرَ بها فرُدَّتْ الزِّرْبيَّةُ الطِّنْفِسةُ وقيل البِساطُ ذو الخَمْلِ وتُكْسَرُ زايُها وتفتح وتضم وجمعها زَرابيُّ والزِّرْبِيَّةُ القِطْعُ الحِيريُّ وما كان على صَنْعَتِه وأَزْرَبَ البَقْلُ إِذا بدا فيه اليُبْسُ بخُضرة وصُفْرة وذاتُ الزَّرابِ مِن مَساجِد سيِّدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بين مَكةَ والمدينة والزِّرْبُ مَسِيلُ الماء وزَرِبَ الماءُ وسَرِبَ إِذا سالَ ابن الأَعرابي الزِّرْيابُ الذَّهَبُ والزِّرْيابُ الأَصْفَر من كل شيء ويقال للمِيزاب المِزْرابُ والمِرْزابُ قال والمِزرابُ لغة في المِيزابِ قال ابن السكيت المِئْزابُ وجمعه مآزِيبُ [ ص 448 ] ولا يقال المِزْرابُ وكذلك الفراء وأَبو حاتم وفي حديث أَبي هريرة رضي اللّه عنه وَيْلٌ للعَرب مِنْ شَرٍّ قد اقْتَرَبَ وَيْلٌ للزِّرْبِيَّةِ قيل وما الزِّرْبِيَّةُ ؟ قال الذين يَدخُلون على الأُمراءِ فإِذا قالوا شرّاً أَو قالوا شيئاً قالوا صَدقَ شبَّهَهُم في تلَوُّنهم بواحِدة الزَّرابيِّ وما كان على صَنْعَتِها وأَلوانِها أَو شبَّههم بالغَنَمِ المَنْسُوبةِ إِلى الزَّرب والزِّرْبِ وهو الحظِيرةُ التي تأْوي إِليها في أَنهم يَنْقادون للأُمراءِ ويَمْضُون على مِشْيَتِهم انْقِيَادَ الغَنمِ لراعِيها وفي رجز كعب تَبِيتُ بينَ الزِّرْبِ والكَنِيفِ وتكسر زاؤه وتُفتح والكَنِيفُ المَوْضِعُ السَّاتِرُ يريد أَنها تُعْلَفُ في الحَظَائر والبُيوتِ لا بالكَلإِ ولا بالمَرعَى

( زردب ) زَرْدَبَه خَنَقَه وزَرْدَمَه كذلك

( زرغب ) الزَّرْغَبُ الكَيْمَخْتُ

( زرنب ) الزَّرْنَبُ ضَرْبٌ من النَّباتِ طَيِّبُ الرَّائحة وهو فَعْلَلٌ وقيل الزَّرْنَبُ ضَرْبٌ من الطِّيبِ وقيل هو شجر طَيِّبُ الرِّيح وفي حديث أُمّ زَرْعٍ المَسُّ مَسُّ أَرْنَبٍ والرِّيحُ ريحُ زَرْنَبٍ وقال ابن الأَثير في تفسيره هو الزَّعْفرانُ ويجوز أَن يُعْنى طِيبُ رائحتِه ويجوز أَن يُعْنى طِيبُ ثنائه في الناس قال الراجز وابِأَبي ثَغْرُكِ ذاك الأَشْنَبُ كأَنما ذُرَّ علَيه الزَّرْنَبُ والزَّرْنَبُ فَرْجُ المرأَةِ وقيل هو فَرْجُها إِذا عَظُمَ وهو أَيضاً ظاهِرُه ابن الأَعرابي الكَيْنَةُ لَحْمَةٌ داخلَ الزَّرَدان والزَّرْنبةُ خَلْفَها لَحْمةٌ أُخرى

( زعب ) زَعَبَ الإِناءَ يَزْعَبُهُ زَعْباً ملأَه ومَطَرٌ زاعِبٌ يَزْعَبُ كلَّ شيء أَي يَمْلؤُه وأَنشد يصف سَيْلاً
ما جازَتِ العُفْرُ من ثُعالةَ فالرَّ ... وْحاء منه مَزْعُوبةُ المُسُلِ
أَي مَملوءة وزَعَبَ السَّيْلُ الواديَ يَزعَبُه زَعْباً ملأَه وزَعَبَ الوادي نفسُه يَزْعَبُ تَمََّلأَ ودَفَعَ بعضُه بعضاً وسَيْلٌ زَعُوبٌ زاعِبٌ وجاءَنا سَيْلٌ يَزْعَبُ زَعْباً أَي يَتدافَعُ في الوادي ويجْري وإِذا قلت يَرْعَبُ بالراءِ تعني يَملأُ الوادِيَ وزَعَبَ المرأَةَ يَزْعَبُها ( 1 )
( 1 قوله « يزعبها » وقع في مادتي فرن وجمل يرعبها بالراء ) زَعْباً جامَعها فملأَ فَرْجها بِفَرْجِه وقيل مَلأَ فَرْجَها ماء وقيل لا يكون الزَّعْبُ إِلاَّ منْ ضِخَمٍ وازْدَعَبْتُ الشيء إِذا حَمَلْتَه يقال مَرَّ به فازْدَعَبَه وقِرْبةٌ مَزْعُوبةٌ وممْزُورَةٌ مملوءة وزَعَبَ القِربةَ مَلأَها وأَنشد مِنَ الفُرْنيِّ يَزْعَبُها الجَميلُ أَي يَمْلَؤُها وزَعَبَ القِرْبَةَ احْتَمَلَها وهي مُمتلِئةٌ يقال جاءَ فلان يَزْعَبُها ويَزْأَبُها أَي يَحْمِلُها مملوءة وزَعَبَتِ القِرْبةُ دَفَعَتْ ماءها وفي حديث أَبي الهيثم رضي اللّه عنه فلم يَلْبَثْ أَنْ جاءَ ئ [ ص 449 ] بقِرْبَةٍ يَزْعَبُها أَي يَتَدافَعُ بها ويَحْمِلُها لثِقَلها وقيل زَعَبَ بحِمْلِه إِذا استقام وزَعَبَ بحملِه يَزْعَبُ وازْدَعَبَ تَدافَعَ ومَرَّ يَزْعبُ به مَرَّ سريعاً وزَعَبَ البعيرُ بحملِه يَزْعَبُ به مَرَّ به مُثْقَلاً وزعَبْتُه عني زَعْباً دفَعْتُه والزَّاعِبيُّ من الرِّماح الذي إِذا هُزَّ تَدافَعَ كلُّه كأَنَّ آخِرَه يَجْري في مُقَدَّمِه والزاعِبِيَّةُ رِماحٌ منسوبة إِلى زاعِبٍ رجلٍ أَو بلَدٍ قال
الطرماح ( 1 )
( 1 قوله « قال الطرماح » تبع المؤلف الجوهري وفي التكملة ردّاً على الجوهري وليس البيت للطرماح )
وأَجْوِبةٌ كالزَّاعِبِيَّة وخْزُها ... يُبادهُها شَيْخُ العِراقَينِ أَمْرَدا
وقال المبردُ تُنْسَبُ إِلى رجل من الخزْرَج يقال له زاعِبٌ كان يَعْمَلُ الأَسِنَّةَ ويقال سِنانٌ زاعِبيٌّ وقال الأَصمعي الزاعِبيُّ الذي إِذا هُزَّ كأَنَّ كُعُوبَه يَجرِي بعضُها في بعض للِينِه وهو من قولك مَرَّ يَزْعَبُ بحِمْلِه إِذا مَرَّ مَرّاً سَهْلاً وأَنشد ونَصْل كنَصْلِ الزَّاعِبيِّ فَتِيق أَراد كنَصْلِ الرُّمْحِ الزاعِبيِّ ويقال الزَّاعِبِيَّةُ الرِّماحُ كلُّها والزَّاعِبُ الهادي السَّيَّاحُ في الأَرض قال ابن هَرْمة يَكادُ يَهْلِكُ فيها الزَّاعِبُ الهادي وزَعَبَ الرَّجلُ في قَيْئه إِذا أَكثر حتى يَدْفَعَ بعضُه بعضاً وزَعَبَ له من المالِ قليلاً قَطَع وفي الحديث أَنَّ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم قال لعَمْرو بن العاص رضي اللّه عنه إِني أَرْسَلْتُ إِليْكَ لأَبْعَثَكَ في وَجْهٍ يُسَلِّمُكَ اللّهُ ويُغَنِّمُكَ وأَزْعَبُ لك زَعْبةً مِنَ المالِ أَي أُعْطِيكَ دُفْعةً من المالِ والزَّعْبةُ الدُّفْعةُ من المال قال وأَصل الزَّعْبِ الدَّفْعُ والقَسْمُ يقال زَعَبْتُ له زَعْبةً من المال وزُعْبةً وَزَهبْتُ زُهْبَةً دَفَعْتُ له قِطْعةً وافِرةً مِن المالِ وأَصلُ الزَّعْبِ الدَّفْعُ والقَسْمُ يقال أَعْطاه زِعْباً مِن مالِه فازْدَعَبَه وزِهْباً من مالِه فازْدَهَبَه أَي قِطْعةً وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه وعَطِيَّتِه أَنه كان يَزْعَبُ لِقَوْمٍ ويُخَوِّصُ لآخَرينَ الزَّعْبُ الكَثْرَةُ وزَعَبَ النَّحْلُ يَزْعَبُ زَعْباً صَوَّتَ والزَّعِيبُ والنَّعِيبُ صوت الغُرابِ وقد زَعَبَ ونَعَبَ بمعنى واحد وقال شمر في قوله زَعَبَ الغُرابُ ولَيْتَه لم يَزْعَبِ يكون زَعَبَ بمعنى زعَم أَبدل الميم باءً مثل عَجْبِ الذَّنَبِ وعَجْمِه وزَعَبَ الشَّرابَ يَزْعَبُه زَعْباً شَرِبَه كلَّه ووَتَرٌ أَزْعَبُ غَلِيظٌ وذَكَرٌ أَزْعَبُ كذلك والأَزْعَبُ والزُّعْبُوبُ القَصِيرُ من الرجال وقال ابن السكيت الزُّعْبُ اللِّئامُ القِصارُ واحدهم زُعْبُوبٌ على غير قياس وأَنشد الفراءُ في الزُّعْبِ
من الزُّعْبِ لم يَضْرِبْ عَدُوّاً بسَيْفِه ... وبالفَأْسِ ضَرَّابٌ رُؤُوسَ الكَرانِفِ
[ ص 450 ] وروى أَبو تراب عن أَعرابي أَنه قال هذا البيت مجتزئ بزَعْبِه وزَهْبِه أَي بنَفْسِه والتَّزَعُّب النَّشاطُ والسُّرْعةُ والتَّزَعُّبُ التَّغَيُّظُ وزُعَيْبٌ اسم وزُعْبةُ اسم حِمار معروف قال جرير زُعْبةَ والشَّحاجَ والقُنابِلا وفي حديث سِحْرِ النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان تحتَ زَعُوبةٍ أَو زَعُوفةٍ قال ابن الأَثير هي بمعنى راعُوفة وهي صَخْرة تكون في أَسفل البئر إِذا حفرت وهو مذكور في موضعه وفي حواشي بعض نسخ الصحاح الموثوق بها وزَعْبان اسم رجل

( زغب ) الزَّغَبُ الشُّعَيْرات الصفر على ريش الفرخ وقيل هو صِغارُ الشَّعَر والرِّيشِ ولَيِّنه وقيل هو دُقاق الريش الذي لا يطول ولا يجود والزَّغَبُ ما يعلو ريش الفرخ وقيل الزَّغَبُ أَوَّل ما يَبْدُو من
شَعَر الصبيّ والمُهْرِ وريشِ الفَرْخِ واحدته زَغَبةٌ وأَنشد
كان لنا وهْوَ فُلُوٌّ نِرْبَبُه ... مُجَعْثَنُ الخَلْقِ يَطِيرُ زَغَبُه ( 1 )
( 1 قوله « نرببه » كسر حرف المضارعة وفتح الباء الأولى لغة هذيل فيه بل في كل فعل مضارع ثاني ماضيه مكسور كعلم كما تقدم في ربب عن ابن دريد معبراً بزعم وضبط في التكملة بفتحه وضم الباء الأولى )
وقال أَبو ذؤَيب
تَظَلُّ على الثَّمْراءِ منها جَوارِسٌ ... مَراضِيعُ صُهْبُ الرِّيش زُغُبٌ رِقابُها
والفِراخُ زُغْبٌ وقد زَغَّبَ الفَرْخُ تَزْغِيباً ورَجُل زَغِبُ الشَّعَر ورَقَبةٌ زَغْباءُ والزَّغَبُ ما يَبْقَى في رأْس الشيخ عند رِقّةِ شَعَرِه والفِعْلُ من ذلك كلِّه زَغِبَ زَغَباً فهو زَغِبٌ وزَغَّبَ وازْغابَّ وأَزْغَبَ الكَرْمُ وازْغابَّ صارَ في أُبَنِ الأَغْصانِ التي تَخرُج منها العَناقِيدُ مثل الزَّغَبِ قال وذلك بعد جَرْيِ الماءِ فيه وقال أَبو عبيد في المُصَنَّفِ في باب الكَمْأَةِ بناتُ أَوْبَرَ وهي المُزَغِّبَة فجعل الزَّغَب لهذا النوع من الكَمْأَة واستَعمل منها فِعْلاً والزُّغابةُ أَقَلُّ من الزَّغَبِ وقيل أَصغَر من الزَّغَبِ وما أَصَبْتُ منه زُغابةً أَي قَدْرَ ذلك وقال أَبو حنيفة من التِّينِ الأَزْغَبُ وهو أَكبر من الوَحْشِيِّ عليه زَغَبٌ فإِذا جُرِّدَ من زَغَبِه خرج أَسْوَدَ وهو تِين غَلِيظ حُلوٌ وهو دَنِيُّ التين وفي الحديث أُهْدِيَ إِلى النبيّ صلى اللّه عليه وسلم قِناعٌ من رُطَبٍ وأَجْرٍ زُغْب فالقِناعُ الطَّبَقُ والأَجْري ههنا صِغارُ القِثَّاءِ شُبِّهت بِصغارِ أَولاد الكِلاب لنَعْمَتِها واحدها جروٌ كذلك جِراءُ الحَنْظَل صِغارُها والزُّغْبُ من القِثَّاءِ التي يعلوها مثل زَغَب الوبر فإِذا كَبِرت القِثَّاءُ تَساقَط زَغَبُها وامْلاسَّتْ وواحد الزُّغْبِ أَزْغَبُ وزَغْباء شبَّه ما على القِثاءِ من الزَّغَبِ بِصِغارِ الرِّيشِ أَوَّلَ ما تَطْلُع وازْدَغَبَ ما على الخِوانِ اجْتَرَفَه كازْدَعَفَه والزُّغْبةُ دُويْبَّةٌ تُشْبِه الفأْرة وزُغْبةُ موضع عن ثعلب وأَنشد
عَلَيْهِنَّ أَطْرافٌ من القَوْم لم يكن ... طَعامُهمُ حَبّاً بِزُغْبَة أَسْمرا
[ ص 451 ] وزُغْبةُ من حُمُرِ جَرير بن الخَطَفَى قال زُغْبةُ لا يُسْأَلُ إِلاَّ عاجِلا يَحْسَبُ شَكْوى الموجَعاتِ باطِلا قد قَطَعَ الأَمْراسَ والسَّلاسِلا وزُغْبةُ وزُغَيْبٌ اسمان وزُغابةُ موضع بقُرْب المدينة

( زغدب ) الزَّغْدَبُ والزُّغادِبُ الهَديرُ الشديد قال العجاج يَرُجُّ زَأْراً وهَديراً زَغْدَبا وقال رؤبة يصف فحلاً وزَبَداً من هَدْرِه زُغادِبا والزَّغْدَبُ من أَسماءِ الزَّبَد والزَّغْدَبُ الإِهالةُ أَنشد ثعلب
وأَتَتْه بزَغْدَبٍ وحَتِيٍّ ... بعدَ طِرْمٍ وتامِكٍ وثُمالِ
أَراد وسَنامٍ تامِكٍ وذهب ثعلب إِلى أَن الباءَ من زَغْدَب زائدة وأَخَذَه من زَغْدِ البعير في هَديره قال ابن سيده وهذا كلامٌ تَضِيقُ عن احتمالِه المَعاذيرُ وأَقْوَى ما يُذْهَبُ إِليه فيه أَن يكون أَرادَ أَنهما أَصلانِ مُتَقارِبانِ كسَبِطٍ وسِبَطْرٍ قال ابن جني وإِن أَراد ذلك أَيضاً فإِنه قد تَعَجْرَفَ والزُّغادِبُ الضَّخْمُ الوجهِ السَّمِجُه العظيمُ الشَّفَتَيْنِ وقيل هو العظيمُ الجسْمِ وزَغْدَبَ على الناس أَلحفَ في المَسأَلةِ

( زغرب ) البُحُور الزَّغارِبُ الكَثِيرةُ المِياهِ وَبَحْرٌ زَغْرَبٌ كَثِيرُ الماءِ قال الكميت
وفي الحَكَمِ بْنِ الصَّلْتِ مِنْكَ مَخِيلةٌ ... نَراها وبَحْرٌ مِنْ فَعالِكَ زَغْرَبُ
الفَعالُ للواحد والفَعالُ للاثنين ويقال بَحْرٌ زَغْرَبٌ وزَغْرَفٌ بالباءِ والفاءِ وسنذكره في الفاءِ والزَّغْرَبُ الماءُ الكثير وعَيْنٌ زَغْرَبةٌ كثيرة الماءِ وكذلك البئر وماءٌ زَغْرَبٌ كَثِير قال الشاعر
بَشِّرْ بَنِي كَعْبٍ بِنَوْءِ العَقْرَبِ ... مِنْ ذِي الأَهاضِيبِ بِماءٍ زَغْرَبِ
وبَوْلٌ زَغْرَبٌ كَثيرٌ قال الشاعر على اضْطِمارِ اللَّوحِ بَوْلاً زَغْرَبا ورَجُل زَغْرَبٌ بالمَعْرُوفِ على المثل وفي التهذيب رَجُل زَغْرَبُ المَعْروفِ كَثيرُه

( زغلب ) ( 1 )
( 1 قوله « زغلب » هذه المادة أوردها المؤلف في باب الباء ولم يوافقه على ذلك أحد وقد أوردها في باب الميم على الصواب كما في تهذيب الأزهري وغيره ) الأَزهري لا يَدْخُلَنَّك من ذلك زُغْلُبةٌ أَي لا يَحِيكَنَّ في صدرك منه شَكٌّ ولا وَهْم

( زقب ) زَقَبْتُه في جُحْرِهِ وزَقَبْتُ الجُرَذَ في الكُوَّةِ فانْزَقَبَ أَي أَدْخَلْتُه فدَخَل وانْزَقَب في جُحْره دَخَل وزَقَبَه هو التهذيب ويقال انْزَبَق وانْزَقَب إِذا دخل في الشيءِ والزَّقَبُ الطَّريقُ والزَّقَبُ الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ واحدتها زَقَبةٌ وقيل الواحد والجمع [ ص 452 ] سواءٌ وطريقٌ زَقَبٌ أَي ضيِّقٌ قال أَبو ذؤَيب
ومَتْلَفٍ مِثْلِ فَرْقِ الرَّأْسِ تَخْلُجُه ... مَطارِبٌ زَقَبٌ أَمْيالُها فِيحُ ( 1 )
( 1 قوله « تخلجه » ضبط في بعض نسخ الصحاح بضم اللام وقال في المصباح خلجت الشيء خلجاً من باب قتل انتزعته وقال المجد خلج يخلج جذب وغمز وانتزع وقاعدته إِذا ذكر المضارع فالفعل من باب ضرب )
أَبدل زَقَباً مِن مَطارِبَ قال أَبو عبيد المَطارِبُ طُرُقٌ ضَيِّقةٌ واحدتها مَطْرَبةٌ والزَّقَبُ الضَّيِّقةُ ويروى زُقُبٌ بالضم
وقال اللحياني طَريقٌ زَقَبٌ ضَيِّقٌ فجعله صفةً فزَقَبٌ على هذا من قول أَبي ذُؤَيْبٍ مَطارِبٌ زَقَبٌ نَعْت لِمَطارِبَ وإِن كان لفظه لفظَ الواحد ويروى زُقُبٌ بالضم وأَزْقُبانُ موضع قال الأَخطل
أَزَبُّ الحاجِبَيْنِ بِعَوْفِ سَوْءٍ ... مِنَ النَّفَرِ الذين بأَزْقُبانِ
أَبو زيد زَقَّبَ المُكَّاءُ تَزْقِيباً إِذا صاح وأَنشد
وما زَقَّبَ المُكَّاءُ في سَوْرَةِ الضُّحَى ... بنَوْرٍ مِنَ الوَسْمِيِّ يَهتَزُّ مائدِ

( زكب ) ابن الأَعرابي الزَّكْبُ إِلقاءُ المرأَةِ وَلدَها بِزَحْرةٍ واحدة يقال زَكَبَتْ به وأَزْلَخَتْ وأَمْصَعَتْ به وحَطَأَتْ به الجوهري زَكَبَتِ المرأَةُ ولدها رَمَتْ به عند الوِلادةِ والإِناءَ مَلأَتْه وزكب المرأَةَ نَكَحَها وزَكَبَتْ به أُمُّه زَكْباً رَمَتْه وزَكَبَ بنُطْفَتِه زَكْباً وزَكَمَ بها رَمَى بها وأَنْفَصَ بها والزُّكْبةُ النُّطْفةُ والزُّكْبةُ الوَلد لأَنه عن النُّطْفةِ يكون وهو أَلأَمُ زُكْبةٍ في الأَرض وزُكْمَةٍ أَي أَلأَمُ شيءٍ لَفَظَه شيءٌ وزعم يعقوب أَن الباءَ هنا بدل من ميم زُكْمةٍ والزَّكْبُ النِّكاحُ وانْزَكَب البحرُ اقْتَحَم في وَهْدةٍ أَو سَرَب والزَّكْبُ المَلْءُ وزَكَبَ إِناءَه يَزْكُبُه زَكْباً وزُكُوباً مَلأَه والمَزْكُوبةُ المَلْقُوطةُ من النساءِ والمَزْكُوبةُ من الجَواري ( 2 )
( 2 قوله « والمزكوبة من الجواري » هذه العبارة أوردها في التهذيب في مقلوب المزكوبة بلفظ المكزوبة بتقديم الكاف على الزاي فليست من هذا الفصل فزل القلم فأوردها هنا كما ترى نعم في نسخة من التهذيب كما ذكر المؤلف لكن لم يوردها أحد إلا في فصل الكاف ) الخِلاسِيَّةُ في لونِها

( زلب ) رأَيت في أَصل من أُصول الصحاح مقروءٍ على الشيخ أَبي محمد بن بري رحمه اللّه زَلِبَ الصَّبيُّ بأُمه يَزْلَبُ زلَباً لَزِمَها ولم يُفارِقْها عن الجرشي الليث ازْدَلَبَ في معنى اسْتَلَبَ قال وهي لغة رَدِيَّةٌ

( زلدب ) زَلْدَبَ اللّقْمة ابْتَلَعَها حكاه ابن دريد قال وليس بثَبت

( زلعب ) ازْلِعْبابُ السَّيْلِ كثرتُه وتدافُعُه سَيْلٌ مُزْلَعِبٌّ كثيرٌ قَمْشُه والمُزْلَعِبُّ أَيضاً الفَرْخ إِذا طَلَع رِيشُه والغين أَعلى وازْلَعَبَّ السَّحابُ كَثُفَ وأَنشد
تَبْدُو إِذا رَفَعَ الضَّبابُ كُسُورَه ... وإِذا ازْلَعَبَّ سَحابُه لم تَبْدُ لي
[ ص 453 ]

( زلغب ) ازْلَغَبَّ الطائرُ شَوَّكَ رِيشُه قبل أَن يَسْوَدَّ والمُزْلَغِبُّ الفَرْخ إِذا طلع رِيشُه وازْلَغَبَّ الفَرْخُ طَلَعَ رِيشُه بزيادة اللام وقال الليث ازْلَغَبَّ الطيرُ والرِّيشُ في كلٍّ يقال إِذا شَوَّكَ وقال
تُرَبِّبُ جَوْناً مُزْلَغِبّاً تَرَى له ... أَنابِيبَ مِن مُسْتَعْجِلِ الرِّيش جَمَّما ( 1 )
( 1 قوله « جمما » هو هكذا في التهذيب بالجيم )
وازْلَغَبَّ الشعَرُ وذلك في أَوَّل ما يَنْبُتُ لَيِّناً
وازْلَغَبَّ شعَرُ الشَّيخ كازْغابَّ وازْلَغَبَّ الشعَرُ إِذا نَبَتَ بعد الحَلْقِ

( زنب ) زُنابةُ العَقْرب وزُناباها كلتاهما إِبْرتُها التي تَلْدَغُ بها والزُّنابى شِبْهُ المُخاطِ يقع من أُنوف الإِبل فُعالى هكذا رواه بعضهم والصواب الذُّنابى وقد تقدّم وزَنْبةُ وزَيْنَبُ كلتاهما امرأَة وأَبو زُنَيبةَ كُنيةٌ من كُناهم قال
نَكِدْتَ أَبا زُنَيْبةَ أَن سَأَلْنا ... بحاجَتنا ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وهو تصغير زَيْنَبَ بعد الترخيم فأَما قوله بعد هذا
فَجُنِّبْتَ الجُيُوشَ أَبا زُنَيْبٍ ... وجادَ على مَنازِلِكَ السَّحابُ
فإِنما أَراد أَبا زُنَيْبةَ فرَخَّمه في غير النداءِ اضطراراً على لغة من قال يا حارُ أَبو عمرو الأَزْنَبُ القصير السمين وبه سميت المرأَة زَيْنَبَ وقد زَنِبَ يَزْنَبُ زَنَباً إِذا سَمِنَ والزَّنَبُ السِّمَنُ ابن الأَعرابي الزَّيْنَبُ شجر حَسَنُ المَنْظَر طَيِّبُ الرائحة وبه سميت المرأَة وواحد الزَّيْنَبِ للشجر زَيْنَبة

( زنجب ) أَبو عمرو الزُّنْجُبُ والزَّنْجُبانُ المِنْطَقة والزُّنْجُبُ ثَوْبٌ تَلْبَسُه المرأَة تحت ثيابها إِذا حاضت

( زنقب ) زُنْقُبٌ ماءٌ بعينه قال
شَرْجٌ رَواءٌ لَكُما وزُنْقُبُ ... والنَّبَوانُ قَصَبٌ مُثَقَّبُ
النَّبَوانُ ماءٌ أَيضاً والقَصَب هنا مَخارجُ ماءِ العُيونِ ومُثَقَّبٌ مفتوحٌ يَخْرُجُ منه الماءُ وقيل يَتَثَقَّبُ بالماءِ وهو تعبير ضعيف لأَن الراجز إِنما قال مُثَقَّب لا مُتَثَقِّبٌ فالحُكْمُ أَن يُعَبَّر عن اسم المفعول بالفعل المصوغ للمفعُول

( زهب ) الأزهري عن الجعفري أَعطاه زِهْباً من ماله فازْدَهَبَه إِذا احتمله وازْدَعَبَه مثله

( زهدب ) زَهْدَبٌ اسم

( زهلب ) رجلٌ زَهْلَبٌ خفيفُ اللِّحية زعموا

( زوب ) التهذيب الفراءُ زابَ يَزُوبُ إِذا انْسَلَّ هَرَباً قال وقال ابن الأَعرابي زابَ إِذا جَرَى وسابَ إِذا انْسَلَّ في خَفاءٍ

( زيب ) الأَزْيَبُ الجَنُوبُ هُذَلِيّة أَو هي النَّكْباءُ التي تَجْري بين الصَّبا والجَنُوب وفي الحديث إِن للّه تعالى ريحاً يقال لها الأَزْيَبُ [ ص 454 ] دونها بابٌ مُغْلَقٌ ما بين مِصْراعَيْه مسيرةُ خمسمائة عام فرياحُكم هذه ما يَتَفَصَّى من ذلك الباب فإِذا كان يوم القيامة فُتِح ذلك البابُ فصارت الأَرضُ وما عليها ذَرْواً قال ابن الأَثير وأَهلُ مكة يَستعملون هذا الاسم كثيراً وفي رواية اسمُها عند اللّه الأَزْيَب وهي فيكم الجَنُوبُ قال شمر أَهلُ اليمن ومن يَرْكَبُ البَحر فيما بين جُدَّة وعَدَن يُسَمُّون الجَنُوبَ الأَزْيَبَ لا يعرفون لها اسماً غيره وذلك أَنها تَعْصِفُ الرِّياحَ وتُثيرُ البحر حتى تُسَوِّده وتَقْلب أَسفلَه فتجعله أَعلاه وقال ابن شميل كلُّ ريحٍ شديدة ذاتُ أَزْيَب فإِنما زَيَبُها شدَّتُها والأَزْيَبُ الماءُ الكثير حكاه أَبو علي عن أَبي عمرو الشيباني وأَنشد أَسْقانيَ اللّهُ رَواءً مَشْرَبُهْ ببطْنِ كَرٍّ حين فاضت حِبَبُهْ عن ثَبَج البحرِ يَجِيشُ أَزْيَبُه الكَرُّ الحِسْيُ والحِبَبَةُ جمع حُبٍّ لخابيةِ الماءِ والأَزْيَبُ على أَفْعَل السُّرعة والنشاط مؤَنث يقال مَرَّ فلانٌ وله أَزْيَبٌ مُنْكَرةٌ إِذا مَرَّ مَرّاً سريعاً من النَّشاط والأَزْيَبُ النَّشيطُ وأَخذَه الأَزْيَبُ أَي الفَزَعُ والأَزْيَبُ الرجلُ المُتقارِبُ المَشْيِ ويقال للرجل القصير المُتقارِبِ الخَطْوِ أَزْيَب والأَزْيَبُ العَداوة والأَزْيَبُ الدَّعِيُّ قال الأَعشى يَذْكُر رجلاً
من قَيْس عَيْلانَ كان جاراً لعمرو بن المنذر وكان اتَّهمَ هَدَّاجاً
قائد الأَعشى بأَنه سَرَقَ راحلةً له لأَنه وَجَد بعض لحمها في بَيْتِه فأُخِذَ هَدَّاجٌ وضُرِبَ والأَعْشى جالسٌ فقام ناسٌ منهم فأَخَذوا من الأَعْشى قيمةَ الراحلة فقال الأَعشى
دَعا رَهْطَه حَوْلي فجاؤُوا لنَصْرِه ... ونادَيْتُ حَيّاً بالمُسَنَّاةِ غُيَّبا
فأَعْطَوْهُ مِني النِّصْفَ أَو أَضْعَفُوا له ... وما كنتُ قُلاًّ قبلَ ذلك أَزْيَبا
أَي كنتُ غَريباً في ذلك الموضع لا ناصر لي وقال قبل ذلك
ومن يَغْتَرِبْ عن قَوْمِه لا يَزَلْ يَرَى ... مَصارِعَ مَظْلومٍ مَجَرّاً ومَسْحَبا
وتُدْفَنُ منه الصالحاتُ وإِن يُسئْ ... يَكُنْ ما أَساءَ النارَ في رأْسِ كَبْكَبا
والنِّصْفُ النَّصَفة يقول أَرْضَوْه وأَعْطَوه النِّصْفَ أَو فَوْقَه وامرأَةٌ إِزْيَبَّة بخيلة ابن الأَعرابي الأَزْيَبُ القُنْفُذ والأَزْيَبُ من أَسماءِ الشيطان والأَزْيَبُ الداهية وقال أَبو المكارم الأَزْيَبُ البُهْثةُ وهو وَلَدُ المُساعاة وأَنشد غيره وما كنتُ قُلاًّ قبل ذلك أَزْيَبا وفي نوادر الأَعراب رجل أَزْبة وقوم أَزْبٌ إِذا كان جَلْداً ورجل زَيْبٌ أَيضاً ويقال تَزَيَّبَ لحمُه وتَزَيَّم إِذا تَكَتَّلَ واجْتَمع واللّه أَعلم

( سأب ) سَأَبه يَسْأَبُه سَأْباً خَنَقَه وقيل سَأَبه خَنَقَه حتى قَتَلَه وفي حديث المَبْعَثِ فأَخذ جبريلُ بحَلْقِي فسأَبَني حتى أَجْهَشْتُ بالبكاءِ [ ص 455 ] أَراد خَنَقَني يقال سأَبْتُه وسَأَتُّه إِذا خَنَقْتَهُ قال ابن الأَثير السَّأْبُ العَصْر في الحَلْق كالخَنْق وسَئِبْتُ من الشراب وسَأَبَ من الشراب يَسْأَبُ سَأْباً وسَئِبَ سَأَباً كلاهما رَويَ والسَّأْبُ زِقُّ الخَمْر وقيل هو العظيم منها وقيل هو الزِّقُّ أَيّاً كان وقيل هو وعاءٌ من أَدمٍ يُوضع فيه الزِّقُّ والجمع سُؤُوبٌ وقوله
إِذا ذُقْتَ فاها قلتَ عِلْقٌ مُدَمَّسٌ ... أُريدَ به قَيْلٌ فغُودِرَ في ساب
إِنما هو في سَأْبٍ فأَبدل الهمزة إِبدالاً صحيحاً لإِقامة الرِّدْف والمِسْأَبُ الزِّقُّ كالسَّأْب قال ساعدة بن جؤية الهذلي
معه سِقاءٌ لا يُفَرِّطُ حَمْلَه ... صُفْنٌ وأَخراصٌ يَلُحْنَ ومِسْأَبُ
صُفْنٌ بدلٌ وأَخراصٌ معطوف على سِقاء وقيل هو سِقاءُ العسل قال شمر المِسْأَب أَيضاً وِعاءٌ يُجْعَل فيه العسلُ وفي الصحاح المِسْأَبُ سِقاءُ العسل وقول أَبي ذؤيب يصف مُشْتار العَسَل
تأَبَّطَ خافةً فيها مِسابٌ ... فأَصْبَحَ يَقْتَري مَسَداً بشِيقِ
أَراد مِسْأَباً بالهمز فخفف الهمزة على قولهم فيما حكاه صاحب الكتاب المراةُ والكَماة وأَراد شِيقاً بمَسَدٍ فقَلب والشِّيقُ الجَبَل وسأَبْتُ السِّقاءَ وسَّعْتُه وإِنه لَسُؤْبانُ مالٍ أَي حَسَنُ الرِّعْية والحِفْظ له والقيام عليه هكذا حكاه ابن جني قال وهو فُعْلانٌ من السَّأْبِ الذي هو الزِّقُّ لأَن الزِّقَّ إِنما وضع لحِفْظِ ما فيه

( سبب ) السَّبُّ القَطْعُ سَبَّه سَبّاً قَطَعه قال ذو الخِرَقِ
الطُّهَوِيُّ
فما كان ذَنْبُ بَني مالِكٍ ... بأَنْ سُبَّ منهم غُلامٌ فَسَبْ ( 1 )
( 1 قوله « بأن سب » كذا في الصحاح قال الصاغاني وليس من الشتم في شيء والرواية بأن شب بفتح الشين المعجمة )
عَراقِيبَ كُومٍ طِوالِ الذُّرَى ... تَخِرُّ بَوائِكُها للرُّكَبْ
بأَبْيضَ ذِي شُطَبٍ باتِرٍ ... يَقُطُّ العِظَامَ ويَبْري العَصَبْ
البَوائِكُ جمع بائكة وهي السَّمِينةُ يريدُ مُعاقَرةَ أَبي الفَرَزْدق غالِب بن صَعْصعة لسُحَيْم بن وَثِيلٍ الرِّياحِيّ لما تَعاقَرا بصَوْأَر فعَقَرَ سُحَيْم خمساً ثم بدا له وعَقَرَ غالِبٌ مائة التهذيب أَراد بقوله سُبَّ أَي عُيِّر بالبُخْلِ فسَبَّ عَراقيبَ إِبله أَنَفةً مما عُيِّر به كالسيف يسمى سَبَّابَ العَراقيب لأَنه يَقْطَعُها
التهذيب وسَبْسَبَ إِذا قَطَع رَحِمه والتَّسابُّ التَّقاطُعُ والسَّبُّ الشَّتْم وهو مصدر سَبَّه يَسُبُّه سَبّاً شَتَمَه وأَصله من ذلك وسَبَّبه أَكثر سَبَّه قال
إِلاَّ كَمُعْرِضٍ المُحَسِّرِ بَكْرَهُ ... عَمْداً يُسَبِّبُني على الظُّلْمِ
أَراد إِلا مُعْرِضاً فزاد الكاف وهذا من الاستثناءِ [ ص 456 ] المنقطع عن الأَوَّل ومعناه لكن مُعْرِضاً وفي الحديث سِبابُ المُسْلِم فُسوقٌ وقِتاله كُفرٌ السَّبُّ الشَّتْم قيل هذا محمول على من سَبَّ أَو قاتَلَ مسلماً من غير تأْويل وقيل إِنما قال ذلك على جهة التغليظ لا أَنه يُخْرِجُه إِلى الفِسْقِ والكفر وفي حديث أَبي هريرة لا تَمْشِيَنَّ أَمام أَبيك ولا تجْلِسْ قَبْله ولا تَدْعُه باسمه ولا تَسْتَسِبَّ له أَي لا تُعَرِّضْه للسَّبِّ وتَجُرَّه إِليه بأَن تَسُبَّ أَبا غَيْرك فيَسُبَّ أَباك مُجازاةً لك قال ابن الأَثير وقد جاءَ مفسراً في الحديث الآخر انَّ من أَكبر الكبائر أَن يَسُبَّ الرجلُ والديه قيل وكيف يَسُبُّ والديه ؟ قال يَسُبُّ أَبا الرجلِ فيسُبُّ أَباه ويَسُبُّ أُمَّه فيَسُبُّ أُمَّه وفي الحديث لا تَسُبُّوا الإِبلَ فإِن فيها رُقُوءَ الدَّم والسَّبَّابةُ الإِصْبَعُ التي بين الإبهام والوُسْطى صفةٌ غالبة وهي المُسَبِّحَةُ عند المُصَلِّين والسُّبَّة العارُ ويقال صار هذا الأَمر سُبَّةً عليهم بالضم أَي عاراً يُسبُّ به ويقال بينهم أُسْبوبة يَتَسابُّونَ بها أَي شيء يَتشاتَمُونَ به والتَّسابُّ التَّشاتُم وتَسابُّوا تَشاتَمُوا وسابَّه مُسابَّةً وسِباباً شاتَمه والسَّبِيبُ والسِّبُّ الذي يُسابُّكَ وفي الصحاح وسِبُّكَ الذي يُسابُّكَ قال عبدالرحمن بن حسان يهجو مِسْكِيناً الدَّارِمِيَّ
لا تَسُبَّنَّنِي فَلسْتَ بِسِبِّي ... إِنَّ سِبِّي من الرِّجالِ الكَرِيمُ
ورجل سِبٌّ كثيرُ السِّبابِ ورجلٌ مِسَبٌّ بكسر الميم كثيرُ السِّبابِ ورجل سُبَّة أَي يَسُبُّه الناسُ وسُبَبَة أَي يَسُبُّ الناسَ وإِبِلٌ مُسَبَّبَة أَي خِيارٌ لأَنَّه يقال لها عندَ الإِعْجابِ بها قاتلَها اللّه وقول الشَّمَّاخ يَصِفُ حُمُر الوَحْشِ وسِمَنَها وجَوْدَتَها
مُسَبَّبَة قُبّ البُطُونِ كأَنها ... رِماحٌ نَحاها وجْهَة الريحِ راكزُ
يقولُ من نَظَر إِليها سَبَّها وقال لها قاتَلها اللّهُ ما أَجودَها والسِّبُّ السِّتْرُ والسِّبُّ الخمارُ والسِّبُّ العِمامة والسِّبُّ شُقَّة كَتَّانٍ رقِيقة والسَّبِيبَةُ مِثلُه والجمع السُّبُوبُ والسَّبائِبُ قال الزَّفَيانُ السَّعْدِي يَصِفُ قَفْراً قَطَعَه في الهاجرة وقد نَسَجَ السَّرابُ به سَبائِبَ يُنيرُها ويُسَدِّيها ويُجيدُ صَفْقَها
يُنيرُ أَو يُسْدي به الخَدَرْنَقُ ... سَبائِباً يُجِيدُها ويصْفِقُ
والسِّبُّ الثَّوْبُ الرَّقِيقُ وجَمْعُه أَيضاً سُبُوبٌ قال أَبو عمرو السُّبُوبُ الثِّيابُ الرِّقاقُ واحدُها سِبٌّ وهي السَّبائِبُ واحدُها سَبيبَة وأَنشد
ونَسَجَتْ لوامِعُ الحَرُورِ ... سَبائِباً كَسَرَقِ الحَريرِ
وقال شمر السَّبائِب متاعُ كَتَّانٍ يُجاءُ بها من ناحية النيلِ وهي مشهورة بالكَرْخِ عند التُّجّار ومنها ما يُعْملُ بِمصْر وطولها ثمانٌ في سِتٍّ والسَّبِيبَة الثوبُ الرقِيقُ وفي الحديث ليس في السُّبوبِ زَكاةٌ وهي الثِّيابُ الرِّقاقُ الواحِدُ سِبٌّ بالكسرِ يعني إِذا [ ص 457 ] كانت لغير التجارةِ وقيل إِنما هي السُّيُوبُ بالياءِ وهي الرِّكازُ لأَن الركاز يَجِبُ فيه الخُمس لا الزكاةُ وفي حديث صِلَة بن أَشْيَمَ فإِذا سِبٌّ فيه دَوْخَلَّةُ رُطَبٍ أَي ثوبٌ رَقِيقٌ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه سُئِلَ عن سَبائِبَ يُسْلَفُ فيها السَّبائِبُ جمع سَبِيبَةٍ وهي شُقَّة من الثِّيابِ
أَيَّ نوعٍ كان وقيل هي منَ الكتَّانِ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فعَمَدَتْ إِلى سَبِيبةٍ من هذه السَّبائبِ فَحَشَتْها صوفاً ثم أَتتني بها وفي الحديث دَخَلْتُ على خالد وعليه سَبِيبة وقول المخبل السعدي
أَلم تَعْلَمِي يا أُمَّ عَمْرَةَ أَنني ... تخَاطأَني رَيْبُ الزَّمانِ لأَكْبَرا
وأَشْهَدُ من عَوْفٍ حُلُولاً كثيرةً ... يَحُجُّونَ سِبَّ الزِّبْرِقانِ المُزَعْفَرا
قال ابن بري صواب إِنشاده وأَشْهَدَ بنَصْبِ الدالِ والحُلولُ الأَحْياءُ المجتمعةُ وهو جمع حالٍّ مثلُ شاهِدٍ وشُهودٍ ومعنى يَحُجُّون يَطْلُبونَ الاختلافَ إِليه ليَنْظُروه وقيل يعني عمامَتَه وقيل اسْتَه وكان مَقروفاً فيما زَعَم قُطْرُبٌ والمُزَعْفَر المُلَوَّن بالزَّعْفَران وكانت سادةُ العرب تَصْبُغُ عَمائمَها بالزَّعْفَرانِ والسَّبَّةُ الاسْتُ وسَأَلَ النُّعمانُ بنُ المُنْذِرِ رجُلاً طَعَنَ رجُلاً فقال كيف صَنَعْتَ ؟ فقال طَعَنْتُه في الكَبَّةِ طَعْنةً في السَّبَّة فأَنْفَذْتُها من اللَّبَّة فقلت لأَبي حاتمٍ كيف طَعَنَه في السَّبَّة وهو فارس ؟ فَضَحِكَ وقال انْهَزَم فاتَّبَعه فلما رَهِقَه أَكبَّ ليَأْخُذَ بمَعْرَفَةِ فَرَسِه فَطَعَنَه في سَبَّتِه وسَبَّه يَسُبُّه سَبّاً طَعَنَه في سَبَّتِه وأَورد الجوهري هنا بَيْتَ ذِي الخِرَقِ الطُّهَوِيّ بأَنْ سُبَّ مِنْهُم غُلامٌ فَسَبْ ثم قال ما هذا نصه يعني مُعاقَرَة غالِبٍ وسُحَيْمٍ فقوله سُبّ شُتِمَ وسَبَّ عَقَرَ قال ابن بري هذا البيت فسره الجوهري على غير ما قَدَّم فيه من المعنى فيكون شاهداً على سَبَّ بمعنى عَقَر لا بمعنى طَعَنه في السَّبَّة وهو الصحيح لأَنه يُفَسَّر بقوله في البَيْتِ الثاني عَراقِيبَ كُومٍ طوالِ الذُّرَى ومما يدل على أَنه عَقْرٌ نَصْبُه لِعَراقيبَ وقد تقدَّمَ ذلك مُستَوْفًى في صدْر هذه الترجَمة وقالت بعض نساءِ العرَب لأَبِيها وكان مَجْرُوحاً أَبَتَ أَقَتَلُوكَ ؟ قال نعم إِي بُنَيَّةُ وسبُّوني أَي طَعَنُوه في سَبَّتِه الأَزهري السَّبُّ الطِّبِّيجاتُ عن ابن الأَعرابي قال الأَزهري جعل السَّبَّ جمعَ السَّبَّة وهي الدُّبرُ ومَضَتْ سَبَّة وسَنْبَة من الدَّهْر أَي مُلاوَةٌ نونُ سَنْبَةٍ بَدَلٌ مِنْ باءِ سَبَّة كإِجّاصٍ وإِنجاصٍ لأَنه ليس في الكلام « س ن ب » الكسائي عِشْنا بها سَبَّة وسَنْبَة كقولك بُرهةً وحِقْبَةً وقال ابن شميل الدهرُ سَبّاتٌ أَي أَحْوالٌ حالٌ كذا وحالٌ كذا يقال أَصابَتْنَا سَبَّة من بَرْدٍ في الشِّتاءِ وسَبَّةٌ مِنْ صَحْوٍ وسَبَّةٌ من حَرٍّ وسَبَّةٌ من رَوْحٍ إِذا دامَ ذلك أَيَّاماً والسِّبُّ والسَّبِيبَةُ الشُّقَّةُ وخَصَّ بعضُهم به الشُّقَّة البَيْضاء وقولُ عَلْقَمَة بنِ عَبَدة
كأَنَّ إِبريقَهُم ظَبْيٌ على شَرَفٍ ... مُفَدَّمٌ بِسَبا الكَتَّانِ مَلْثُومُ
[ ص 458 ] إِنما أَراد بِسَبائِب فحَذف وليس مُفَدَّمٌ من نَعْت الظَّبْي لأَنَّ الظَّبيَ لا يُفَدَّم إِنما هو في موضع خَبرِ المُبْتَدَإِ كأَنه قال هو مُفَدَّمٌ بسَبا الكَتَّانِ والسَّبَبُ كلُّ شيءٍ يُتَوَصَّلُ به إِلى غيره وفي نُسْخةٍ كلُّ شيءٍ يُتَوَسَّل به إِلى شيءٍ غيرِه وقد تَسَبَّبَ إِليه والجمعُ أَسْبابٌ وكلُّ شيءٍ يُتَوصّلُ به إِلى الشيءِ فهو سَبَبٌ وجَعَلْتُ فُلاناً لي سَبَباً إِلى فُلانٍ في حاجَتي وَوَدَجاً أَي وُصْلَة وذَريعَة قال الأَزهري وتَسَبُّبُ مالِ الفَيءِ أُخِذَ من هذا لأَنَّ المُسَبَّبَ عليه المالُ جُعِلَ سَبَباً لوُصول المال إِلى مَن وَجَبَ له من أَهل الفَيءِ وقوله تعالى وتَقَطَّعَتْ بهمُ الأَسْبابُ قال ابن عباس المودّةُ وقال مجاهدٌ تواصُلُهم في الدنيا وقال أَبو زيد الأَسبابُ المنازلُ وقيل المودّةُ قال الشاعر وتقَطَّعَتْ أَسبابُها ورِمامُها فيه الوجهان مَعاً المودة والمنازِلُ واللّه عز وجل مُسَبِّبُ الأَسْبابِ ومنه التَّسْبِيبُ
والسَّبَبُ اعْتِلاقُ قَرابة وأَسبابُ السماء مَراقِيها قال زهير
ومَن هابَ أَسبابَ المَنِيَّةِ يَلْقَها ... ولو رَامَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّم
والواحدُ سَبَبٌ وقيل أَسبابُ السماءِ نواحيها قال الأَعشى
لئن كنتَ في جُبٍّ ثمانينَ قامةً ... ورُقِّيتَ أَسبابَ السماءِ بسُلَّمِ
لَيَسْتَدْرِجَنْكَ الأَمرُ حتى تَهُرَّه ... وتَعْلَمَ أَني لستُ عنكَ بمُحْرِمِ
والمُحْرِمُ الذي لا يَسْتَبيح الدِّماءَ وتَهُرّه تَكْرَهه وقوله عز وجل لَعَلِّي أَبْلُغ الأَسبابَ أَسبابَ السموات قال هي أَبوابُها وارْتَقَى في الأَسبابِ إِذا كان فاضِل الدين والسِّبُّ الحَبْلُ في لغة هُذَيْلٍ وقيل السِّبُّ الوَتِد وقول أَبي ذُؤَيْب يصف مُشْتارَ العَسَل
تَدَلَّى عليها بين سِبٍّ وخَيْطةٍ ... بجَرْداءَ مثلِ الوَكْفِ يَكْبُو غُرابُها
قيل السِّبُّ الحَبْل وقيل الوَتِدُ وسيأْتي في الخَيْطة مثلُ هذا الاختلاف وإِنما يصف مُشْتارَ العَسَل أَراد أَنه تَدَلَّى من رأْسِ جبلٍ على خلِيَّةِ عَسَلٍ ليَشْتارَها بحَبْلٍ شدَّه في وَتِدٍ أَثْبَته في رأْس الجبَل وهو الخَيْطة وجَمْع السِّبِّ أَسبابٌ والسَّبَبُ الحَبْلُ كالسِّبِّ والجمع كالجمع والسُّبوبُ الحِبال قال ساعدة
صَبَّ اللهيف لها السُّبوبَ بطَغْيةٍ ... تُنْبي العُقابَ كما يُلَطُّ المِجْنَبُ
وقوله عز وجل مَن كان يظُنُّ أَن لنْ يَنْصُرَه اللّه في الدنيا والآخرة فلْيَمدُدْ بسببٍ إِلى السماءِ معناه من كان يَظُنّ أَن لن يَنْصُرَ اللّهُ سبحانه محمداً صلى اللّه عليه وسلم حتى يُظْهِرَه على الدين كلِّه فلْيَمُتْ غَيظاً وهو معنى قوله تعالى فلْيَمدُدْ بسَبَب إِلى السماءِ والسَّبَبُ الحَبْل والسماءُ السَّقْف أَي فلْيَمْدُدْ حَبْلاً في سَقفِهِ ثم [ ص 459 ] ليَقْطَعْ أَي ليَمُدَّ الحَبْل حتى ينْقَطِع فيَموتَ مخْتَنِقاً وقال أَبو عبيدة السَّببُ كلُّ حَبْل حَدَرْتَه من فوق وقال خالدُ بنُ جَنَبَة السَّبَب من الحِبال القويُّ الطويلُ قال ولا يُدعى الحبلُ سَبباً حتى يُصْعَد به ويُنْحَدَرَ به وفي الحديث كلُّ سببٍ ونَسَبٍ يَنْقَطِعُ إِلاّ سَبَبي ونَسَبي النَّسَبُ بالولادةِ والسَّبَبُ بالزواج وهو من السَّبَبِ وهو الحَبْل الذي يُتَوَصَّل به إِلى الماءِ ثم اسْتُعِير لكلّ ما يُتوصَّل به إِلى شيءٍ كقوله تعالى وتقَطَّعَتْ بهِمُ الأَسبابُ أَي الوُصَل والمَوَدَّاتُ وفي حديث عُقْبَة رضي اللّه عنه وإِن كان رزْقُه في الأَسباب أَي في طُرُقِ السماءِ وأَبوابها وفي حديث عَوْفِ بن مالك رضي اللّه عنه أَنه رأَى في المنامِ كأَنَّ سَبباً دُلِّيَ من السماءِ أَي حَبْلاً وقيل لا يُسَمَّى الحبلُ سبباً حتى يكونَ طَرَفُه مُعَلَّقاً بالسَّقْفِ أَو نحوِه والسببُ من مُقَطَّعات الشِّعْرِ حَرْفٌ مُتَحَرِّكٌ وحرفٌ ساكنٌ وهو على ضَرْبَيْن سَبَبانِ مَقرونانِ وسَببانِ مَفْروقان فالمقْرونانِ ما توالَتْ فيه ثلاثُ حَرَكاتٍ بعدَها ساكِنٌ نحو مُتَفَا من مُتَفاعِلُنْ وعَلَتُنْ من مُفاعَلَتُن فحركة التَّاءِ من مُتَفا قد قَرَنَت السَّبَبَين وكذلك حركةُ اللامِ مِن عَلَتُنْ قد قَرَنَتِ السَّبَبَيْنِ أَيضاً والمَفْرُوقان هما اللذانِ يقومُ كلُّ واحدٍ منهما بنفسِه أَي يكونُ حرفٌ متحركٌ وحرفٌ ساكنٌ ويَتْلُوه حرفٌ متحرك نحو مُسْتَفْ من مُسْتَفْعِلُنْ ونحو عِيلُنْ مِن مَفاعِيلُنْ وهذه الأَسبابُ هي التي يَقَع فيها الزِّحافُ على ما قد أَحْكَمَته صِناعةُ العَروض وذلك لأَن الجُزْءَ غيرُ مُعْتَمِدٍ عليها وقوله جَبَّتْ نِساءَ العالَمِينَ بِالسَّبَبْ يجوز أَن يكونَ الحَبْلَ وأَن يكونَ الخَيْطَ قال ابنُ دُرَيْدٍ هذه امرأَةٌ قَدَّرَتْ عَجِيزَتَها بخَيْطٍ وهو السبب ثم أَلْقَتْه إِلى النساءِ لِيَفْعَلْنَ كما فَعَلَتْ فَغَلَبَتْهُنّ وقَطَعَ اللّه به السببَ أَي الحَياة والسَّبِيبُ من الفَرَس شَعَر الذَّنَبِ والعُرْفِ والنَّاصِيَةِ وفي الصحاح السبِيبُ شَعَر الناصِيةِ والعُرْفِ والذَّنَبِ ولم يَذْكُر الفَرَس وقال الرياشِيُّ هو شَعْرُ الذَّنَب وقال أَبو عبيدة هو شَعَر الناصِية وأَنشد بِوافي السَّبِيبِ طَوِيلِ الذَّنَبْ والسَّبِيبُ والسَّبِيبَةُ الخُصْلة من الشَّعَر وفي حديثِ استسْقاءِ عُمَرَ رضي اللّه عنه رأَيتُ العباسَ رضي اللّه عنه وقد طالَ عُمَرَ وعَيْناه تَنْضَمَّان وسَبائِبُهُ تَجُولُ على صَدْرِه يعني ذَوائِبَهُ واحدُها سَبِيبٌ قال ابن الأَثير وفي كتاب الهَرَوِيّ على اختلافِ نسخه وقد طالَ عُمْرُه وإِنما هو طال عُمَرَ أَي كان أَطْوَلَ منه لأَنَّ عُمَرَ لمَّا استَسْقَى أَخَذَ العباس إِليه وقال اللهم إِنَّا نَتَوسَّل إِليك بعَمِّ نَبِيِّكَ وكان إِلى جانِبِه فرآهُ الراوي وقد طالَهُ أَي كان أَطوَلَ منه والسَّبِيبة العِضاهُ تَكْثُرُ في المكانِ

( سبسب ) السَّباسِبُ والسَّبْسَبُ شجرٌ يُتَّخَذُ منه السهامُ قالَ يَصِفُ قانِصاً ظَلّ يُصادِيهَا دُوَيْنَ المَشْرَبِ لاطٍ بصَفْراءَ كَتُومِ المَذْهَبِ وكلِّ جَشْءٍ من فُروعِ السَّبْسَبِ [ ص 460 ] أَرادَ لاطِئاً فأَبدَل من الهمزِ ياءً وجَعَلَها من بابِ قاضٍ للضَّرورة وقول رؤبة راحتْ وراحَ كعصَا السَّبْسابِ يحتمل أَن يكون السَّبْسابُ فيه لغةً في السَّبْسَبِ ويحتمل أَن يكون أَراد السَّبْسَب فزاد الأَلف للقافية كما قال الآخر
أَعوذ باللّهِ من العَقْرابِ ... الشائِلاتِ عُقَدَ الأَذْنابِ
قال الشائِلاتِ فوصَفَ به العَقْرَبَ وهو واحدٌ لأَنه على الجنْسِ وسَبْسَبَ بَوْلَه أَرْسَلَه والسَّبْسَبُ المَفازَة وفي حديث قُسٍّ فبَيْنا أَنا أَجُولُ سَبْسَبَها السَّبْسَبُ القَفْرُ والمَفازة قال ابنُ الأَثير ويُرْوَى بَسْبَسَها قال وهُما بمعنًى والسَّبْسَبُ الأَرضُ المُسْتَوِية البعيدة ابن شميل السَّبْسَب الأَرض القَفْرُ البعيدة مُسْتَوِيَةً وغيرَ مستويةٍ وغَليظة وغيرَ غليظةٍ لا ماءَ بها ولا أَنِيسَ أَبو عبيد السَّباسِبُ والبَسابِسُ القِفارُ واحِدُها سَبْسَبٌ وبَسْبَسٌ ومنه قيل للأَباطيل التُّرَّهات البَسابِسُ وحكى اللحياني بلدٌ سَبْسَبٌ وبَلَد سَباسِبُ كأَنهم جَعَلوا كلَّ جُزْءٍ منهُ سَبْسَباً ثم جَمَعُوه على هذا وقال أَبو خَيْرة السَّبْسَبُ الأَرْضُ الجَدْبة أَبو عمرو سَبْسَبَ إِذا سار سَيْراً ليِّناً وسَبْسَبَ إِذا قَطَعَ رَحِمَه وسَبْسَبَ إِذا شَتَم شَتْماً قبيحاً والسَّباسِبُ أَيامُ السَّعانينِ أَنْبأَ بذلك أَبو العَلاءِ وفي الحديث إِن اللّه تعالى أَبْدَلَكُمْ بيومِ السَّباسِب يومَ العيدِ يومُ السَّباسِبِ عيدٌ للنصارَى ويسمُّونَه يومَ السَّعانِينِ وأَما قول النابغة
رِقاقُ النِّعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهُمْ ... يُحَيّونَ بالرَّيْحان يومَ السَّباسِبِ
فإِنما يَعْني عِيداً لَهم والسَّيْسَبانُ والسَّيْسَبَى الأَخيرة عن ثعلب شجرٌ وقال أَبو حنيفة السَّيْسَبانُ شجرٌ يَنْبُتُ من حَبَّة ويَطولُ ولا يَبْقَى على الشتاءِ له ورقٌ نحو ورق الدِّفْلَى حَسَنٌ والناسُ يَزْرَعُونَه في البَساتِينِ يريدون حُسْنَه وله ثمرٌ نحو خَرائط السِّمْسِم إِلاَّ أَنها أَدَقّ وذكره سيبويه في الأَبْنِيَة وأَنشد أَبو حنيفة يصفُ أَنه إِذا جَفَّتْ خَرائِطُ ثَمَرِه خَشْخَشَ كالعِشْرِق قال
كأَنَّ صَوْت رَأْلِها إِذا جَفَلْ ... ضَرْبُ الرِّياحِ سَيْسباناً قد ذَبَلْ
قال وحكى الفراء فيه سَيْسَبَى يذكَّر ويؤَنث ويؤْتى به من بلاد الهند وربما قالوا السَّيْسَبُ وقال طَلْق وعِتْق مثلُ عُودِ السَّيْسَبِ وأَما أَحمد بن يحيى فقال في قول الراجز وقد أُناغي الرَّشَأَ المُرَبَّبا خَوْداً ضِنَاكاً لا تَمُدُّ العُقَبا يَهْتَزُّ مَتْناها إِذا ما اضْطَرَبَا كهَزِّ نَشْوانٍ قَضِيبَ السَّيْسَبَى إِنما أَراد السَّيْسَبانَ فحَذف للضرورة [ ص 461 ]

( سحب ) السَّحْبُ جَرُّكَ الشيءَ على وجه الأَرض كالثوب وغيره سَحَبَه يَسْحَبُه سَحْباً فانْسَحَبَ جَرَّه فانْجَرَّ والمرأَةُ تَسْحَبُ ذَيْلَها والريحُ تَسْحَبُ التُّراب والسَّحابةُ الغَيْمُ والسحابةُ التي يكون عنها المطر سُمِّيَتْ بذلك لانْسِحابِها في الهواءِ والجمع سَحائبُ وسَحابٌ وسُحُبٌ وخَلِيقٌ أَن يكونَ سُحُبٌ جمعَ سَحابٍ الذي هو جمعُ سَحابةٍ فيكونَ جمعَ جمعٍ وفي الحديث كانَ اسمُ عِمامَتِه السَّحابَ سُمِّيَتْ به تشبيهاً بسَحابِ المطر لانْسِحابِه في الهواءِ وما زِلْتُ أَفْعَلُ ذلك سَحابةَ يَومِي أَي طُولَه قال
عَشِيَّةَ سَالَ المِرْبَدانِ كِلاهُما ... سَحابةَ يَومٍ بالسُّيوفِ الصَّوارِمِ
وتسَحَّب عليه أَي أَدَلَّ الأَزهري فلانٌ يَتَسَحَّبُ علينا أَي يَتَدَلَّلُ وكذلك يَتَدَكَّلُ ويَتَدَعَّبُ وفي حديث سعيدٍ وأَرْوَى فقامت فتسَحَّبَتْ في حَقِّه أَي اغْتَصَبَتْه وأَضافَتْه إِلى حَقِّها وأَرْضِها والسَّحْبةُ فَضْلَةُ ماءٍ تَبْقَى في الغَدِير يقال ما بَقِيَ في الغَديرِ إِلاّ سُحَيْبةٌ من ماءٍ أَي مُوَيْهَةٌ قليلةٌ والسَّحْبُ شدَّة الأَكْلِ والشُّرْبِ ورجلٌ أُسْحُوبٌ أَي أَكُولٌ شَرُوبٌ قال الأَزهري الذي عَرَفْناه وحَصَّلْناه رَجُلٌ أُسْحُوتٌ بالتَّاء إِذا كان أَكُولاً شَرُوباً ولَعَلَّ الأُسْحُوبَ بالبَاءِ بهذا المعنى جائزٌ ورجلٌ سَحْبانُ أَي جُرَافٌ يَجْرُف كُلَّ ما مَرَّ به وبه سُمِّيَ سَحْبانُ وسَحْبانُ اسْمُ رَجُلٍ من وائِلٍ كان لَسِناً بَلِيغاً يُضْرَبُ به المَثَلُ في البَيانِ والفَصَاحةِ فيقال أَفْصَحُ من سَحْبانِ وائِلٍ قال ابن بري ومن شِعْرِ سَحْبانَ قوله
لَقَدْ عَلِمَ الحَيُّ اليَمَانونَ أَنَّنِي ... إِذا قُلْتُ أَمَّا بعدُ أَنِّي خَطِيبُها
وسَحابَةُ اسمُ امْرَأَةٍ قال أَيا سَحابُ بَشِّري بِخَيْرِ

( سحتب ) السَّحْتَبُ الجَريءُ الماضي

( سخب ) السِّخَابُ قِلادَةٌ تُتَّخَذُ من قَرَنْفُلٍ وسُكٍّ ومَحْلَبٍ ليس فيها من اللُّؤْلُؤِ والجوهر شيءٌ والجمعُ سُحُبٌ الأَزهري السِّخَابُ عند العرب كُلُّ قِلادَةٍ كانت ذاتَ جَوْهَرٍ أَو لَمْ تَكُنْ قال الشاعر
ويومُ السِّخَابِ مِنْ تَعاجِيبِ رَبِّنا ... عَلى أَنَّه مِنْ بَلْدَة السُّوءِ نَجَّانِي
وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم حَضَّ النساءَ على الصَّدَقَةِ فَجَعَلَت المَرْأَةُ تُلْقِي الخُرْصَ والسِّخَابَ يعني القِلادَةَ قال ابن الأَثير هو خَيْطٌ يُنْظَمُ فيه خَرَزٌ وتُلْبَسُه الصِّبْيانُ والجَواري وقيل هو ما بُدِئَ بتفسيره وفي حديث فاطمَة فَأَلْبَسَتْهُ سِخَاباً يعني ابْنَها الحُسَيْنَ وفي الحديث الآخر أَنَّ قَوْماً فَقَدوا سِخَابَ فَتَاتهِمْ فاتَّهَمُوا به امْرَأَةً وفي الحديث في ذكر المنافقين خُشُبٌ بالليلِ سُخُبٌ بالنهار يقول إِذا جنَّ عليهمُ الليلُ سَقَطُوا [ ص 462 ] نِياماً كأَنهم خُشُبٌ فإِذا أَصْبَحُوا تَسَاخَبُوا على الدُّنيا شُحّاً وحِرْصاً والسَّخَب والصَّخَب بمعنى الصياح والصادُ والسينُ يجوزُ في كُلِّ كَلِمَة فيها خاءٌ وفي حديث ابن الزبير فكأَنهم صِبْيانٌ يَمْرُثونَ سُخُبَهُم هو جمعُ سِخَاب الخَيْطُ الذي نُظِمَ فيه الخَرَزُ والسَّخَبُ لُغَةٌ في الصَّخَبِ مضارعة

( سرب ) السَّرْبُ المالُ الرَّاعي أَعْني بالمال الإِبِلَ وقال ابن الأَعرابي السَّرْبُ الماشيَةُ كُلُّها وجمعُ كلِّ ذلك سُروبٌ تقول سَرِّبْ عليَّ الإِبِلَ أَي أَرْسِلْهَا قِطْعَةً قِطْعَة وسَرَب يَسْرُب سُرُوباً خَرَجَ وسَرَبَ في الأَرضِ يَسْرُبُ سُرُوباً ذَهَبَ وفي التنزيل العزيز ومَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بالليل وسارِبٌ بالنهار أَي ظاهرٌ بالنهارِ في سِرْبِه ويقال خَلِّ سِرْبَه أَي طَرِيقَه فالمعنى الظاهرُ في الطُّرُقاتِ والمُسْتَخْفِي في الظُّلُماتِ والجاهرُ بنُطْقِه والمُضْمِرُ في نفسِه عِلْمُ اللّهِ فيهم سواءٌ ورُوي عن الأَخْفش أَنه قال مُسْتَخْفٍ بالليل أَي ظاهرٌ والساربُ المُتواري وقال أَبو العباس المستخفي المُسْتَتِرُ قال والساربُ الظاهرُ والخَفيُّ عنده واحدٌ وقال قُطْرب سارِبٌ بالنهار مُسْتَتِرٌ يقال انْسَرَبَ الوحشيُّ إِذا دخل في كِناسِه قال الأَزهري تقول العرب سَرَبَتِ الإِبلُ تَسْرُبُ وسَرَبَ الفحل سُروباً أَي مَضَتْ في الأَرضِ ظاهرة حيثُ شاءَتْ والسارِبُ الذاهبُ على وجهِه في الأَرض قال قَيْس بن الخَطيم
أَنَّى سرَبْتِ وكنتِ غيرَ سَرُوبِ ... وتَقَرُّبُ الأَحلامِ غيرُ قَرِيبِ
قال ابن بري رواه ابن دريد سَرَبْتِ بباءٍ موحدة لقوله وكنتِ غيرَ سَروب ومن رواه سَرَيْت بالياء باثنتين فمعناه كيف سَرَيْت ليلاً وأَنتِ لا تَسرُبِينَ نَهاراً وسَرَبَ الفحْلُ يَسْرُبُ سُروباً فهو ساربٌ إِذا توجَّه للمَرْعَى قال الأَخْنَسُ بن شهاب التَّغْلبي
وكلُّ أُناسٍ قارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهِمْ ... ونحنُ خَلَعْنا قَيْدَه فهو سارِبُ
قال ابن بري قال الأَصْمعي هذا مَثَلٌ يريدُ أَن الناسَ أَقاموا في موضِعٍ واحدٍ لا يَجْتَرِئون على النُّقْلة إِلى غيره وقارَبُوا قَيْدَ فَحْلِهم أَي حَبَسُوا فَحْلَهم عن أَن يتقدَّم فتَتْبَعه إِبلُهم خوفاً أَن يُغَارَ عليها ونحن أَعِزَّاءُ نَقْتَري الأَرضَ نَذْهَبُ فيها حيث شِئْنا فنحن قد خَلَعْنا قيدَ فَحْلِنا ليَذْهَب حيث شاء فحيثُما نَزَع إِلى غَيْثٍ تَبِعْناه وظَبْية سارِبٌ ذاهبة في مَرْعاها أَنشد ابن الأَعرابي في صفة عُقابٍ
فخاتَتْ غَزالاً جاثِماً بَصُرَتْ به ... لَدَى سَلَماتٍ عند أَدْماءَ سارِبِ
ورواه بعضهم سالِبِ وقال بعضهم سَرَبَ في حاجته مضَى فيها نهاراً وعَمَّ به أَبو عبيد وإِنه لقَرِيبُ السُّرْبةِ أَي قريبُ المذهب يُسرِعُ في حاجته حكاه ثعلب ويقال أَيضاً بعيدُ السُّرْبة أَي بعيدُ المَذْهَبِ في الأَرض قال الشَّنْفَرَى وهو ابن أُخْت تأَبَّط شَرّاً [ ص 463 ]
خرَجْنا من الوادي الذي بينَ مِشْعَلٍ ... وبينَ الجَبَا هَيْهاتَ أَنْسَأْتُ سُرْبَتي ( 1 )
( 1 قوله « وبين الجبا » أورده الجوهري وبين الحشا بالحاء المهملة والشين المعجمة وقال الصاغاني الرواية وبين الجبا بالجيم والباء وهو موضع )
أَي ما أَبْعَدَ الموضعَ الذي منه ابتَدَأْت مَسِيري ابن الأَعرابي
السَّرْبة السَّفَرُ القريبُ والسُّبْأَةُ السَّفَرُ البَعيد والسَّرِبُ الذاهِبُ الماضي عن ابن الأَعرابي والانْسِرابُ الدخول في السَّرَب وفي الحديث مَنْ أَصْبَحَ آمِناً في سَرْبِه بالفتح أَي مَذْهَبِه قال ابن الأَعرابي السِّرْب النَّفْسُ بكسر السين وكان الأَخفش يقول أَصْبَح فلانٌ آمِناً في سَرْبِه بالفتح أَي مَذْهَبِه ووجهِه والثِّقاتُ من أَهل اللغة قالوا أَصْبَح آمِناً في سِرْبِه أَي في نَفْسِه وفلان آمن السَّرْبِ لا يُغْزَى مالُه ونَعَمُه لعِزِّه وفلان آمن في سِرْبِه بالكسر أَي في نَفْسِه قال ابن بري هذا قول جماعةٍ من أَهل اللغة وأَنكر ابنُ دَرَسْتَوَيْه قولَ من قال في نَفْسِه قال وإِنما المعنى آمِنٌ في أَهلِه ومالِه وولدِه ولو أَمِنَ على نَفْسِه وَحْدَها دون أَهله ومالِه وولدِه لم يُقَلْ هو آمِنٌ في سِرْبِه وإِنما السِّرْبُ ههنا ما للرجُل من أَهلٍ ومالٍ ولذلك سُمِّيَ قَطِيعُ البَقَرِ والظِّباءِ والقَطَا والنساءِ سِرْباً وكان الأَصلُ في ذلك أَن يكون الراعِي آمِناً في سِرْبِه والفحلُ آمناً في سِرْبِه ثم استُعْمِلَ في غير الرُّعاةِ استعارةً فيما شُبِّهَ به ولذلك كُسرت السين وقيل هو آمِنٌ في سِرْبِه أَي في قومِه والسِّرْبُ هنا القَلْبُ يقال فلانٌ آمِنُ السِّرْبِ أَي آمِنُ القَلْبِ والجمع سِرابٌ عن الهَجَري وأَنشد
إِذا أَصْبَحْتُ بينَ بَني سُلَيمٍ ... وبينَ هَوازِنٍ أَمِنَتْ سِرابي
والسِّرْب بالكسر القَطِيعُ من النساءِ والطَّيرِ والظِّباءِ والبَقَرِ والحُمُرِ والشاءِ واستعارَه شاعِرٌ من الجِنِّ زَعَمُوا
للعظاءِ فقال أَنشده ثعلب رحمه اللّه تعالى
رَكِبْتُ المَطايا كُلَّهُنَّ فلم أَجِدْ ... أَلَذَّ وأَشْهَى مِن جِناد الثَّعالِبِ
ومن عَضْرَفُوطٍ حَطَّ بي فَزَجَرْتُه ... يُبادِرُ سِرْباً من عَظاءٍ قَوارِبِ
الأَصمعي السِّرْبُ والسُّرْبةُ من القَطَا والظِّباءِ والشاءِ القَطيعُ يقال مَرَّ بي سِرْبٌ من قَطاً وظِبَاءٍ ووَحْشٍ ونِساءٍ أَي قَطِيعٌ وقال أَبو حنيفة ويقال للجماعةِ من النخلِ السِّرْبُ فيما ذَكَرَ بعضُ الرُّواةِ قال أَبو الحَسَنِ وأَنا أَظُنُّه على التَّشبِيه والجمعُ من كلِّ ذلك أَسْرابٌ والسُّرْبةُ مِثلُه ابن الأَعرابي السُّرْبةُ جماعة يَنْسَلُّونَ من العَسْكَرِ فيُغيرون ويَرْجعُون والسُّرْبة الجماعة من الخيلِ ما بين العشرين إِلى الثلاثينَ وقيل ما بين العشرةِ إِلى العِشرينَ تقول مَرَّ بي سُرْبة بالضم أَي قِطْعة من قَطاً وخَيْلٍ وحُمُرٍ وظِباءٍ قال ذو الرُّمَّة يصف ماءً
سِوَى ما أَصابَ الذِّئْبُ منه وسُرْبةٍ ... أَطافَتْ به من أُمَّهاتِ الجَوازِلِ
وفي الحديث كأَنهم سِرْبٌ ظِباءٍ السِّرْبُ [ ص 464 ] بالكسرِ والسُّرْبة القَطِيعُ من الظِّباءِ ومن النِّساءِ على التَّشْبيه بالظِّباءِ وقيل السُّرْبةُ الطائفة من السِّرْبِ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يُسَرِّبُهُنَّ إِليَّ فيَلْعَبْنَ مَعِي أَي يُرْسلُهُنَّ إِليَّ ومنه حديث عليٍّ إِني لأُسَرِّبُه عليه أَي أُرْسِلُه قِطْعةً قِطْعةً وفي حديث جابر فإِذا قَصَّرَ السَّهْمُ قال سَرِّبْ شيئاً أَي أَرْسِلْه يقال سَرَّبْتُ إِليه الشيءَ إِذا أَرْسَلْتَه واحداً واحداً وقيل سِرْباً سِرباً وهو الأَشْبَه ويقال سَرَّبَ عليه الخيلَ وهو أَن يَبْعَثَها عليه سُرْبةً بعدَ سُربةٍ الأَصمعي سَرِّبْ عليَّ الإِبلَ أَي أَرْسِلْها قِطْعةً قِطْعةً والسَّرْبُ الطريقُ وخَلِّ سَرْبَه بالفتح أَي طريقَه ووجهَه وقال أَبو عمرو خَلِّ سِرْبَ الرجلِ بالكسرِ قال ذو الرمة
خَلَّى لَها سِرْبَ أُولاها وهَيَّجَها ... من خَلْفِها لاحِقُ الصُّقْلَينِ هِمْهِيمُ
قال شمر أَكثر الرواية خَلَّى لَها سَرْبَ أُولاها بالفتح قال الأَزهري وهكذا سَمِعْتُ العربَ تقول خلِّ سَرْبَه أَي طَريقَه وفي حديث ابن عمر إِذا ماتَ المؤمنُ يُخَلَّى له سَرْبُه يَسْرَحُ حيثُ شاءَ أَي طريقُه ومذهبُه الذي يَمُرُّ به وإِنه لواسعُ السِّرْبِ أَي الصَّدْرِ والرأْي والهَوَى وقيل هو الرَّخِيُّ البال وقيل هو الواسعُ الصَّدْرِ البَطِيءُ الغَضَب ويُروى بالفتح واسعُ السَّرْبِ وهو المَسْلَك والطريقُ والسَّرْبُ بالفتح المالُ الراعي وقيل الإِبل وما رَعَى من المالِ يقال أُغِيرَ على سَرْبِ القومِ ومنه قولُهم اذْهَب فلا أَنْدَهُ سَرْبَكَ أَي لا أَرُدُّ إِبلكَ حتى تَذْهَب حيثُ شاءَت أَي لا حاجة لي فيك ويقولون للمرأَة عند الطلاقِ اذْهَبي فلا أَنْدَهُ سَرْبَكِ فتَطْلُق بهذه الكلمة وفي الصحاح وكانوا في الجاهليةِ يقولون في الطَّلاقِ فَقَيَّده بالجاهليةِ وأَصْلُ النَّدْهِ الزَّجْرُ الفراءُ في قوله تعالى فاتخذَ سبيلَه في البحرِ سَرَباً قال كان الحُوت مالحاً فلما حَيِيَ بالماءِ الذي أَصابَه من العَينِ فوقَع في البحرِ جَمَد مَذْهَبُه في البحرِ فكان كالسَّرَبِ وقال أَبو إِسحق كانت سمكةً مملوحةً وكانت آيةً لموسى في الموضعِ الذي يَلْقَى الخَضِرَ فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً أَحْيا اللّه السمكة حتى سَرَبَتْ في البحر قال وسَرَباً منصوبٌ على جهتَين على المفعولِ كقولك اتخذْتُ طريقِي في السَّرَب واتخذتُ طريقي مكانَ كذا وكذا فيكون مفعولاً ثانياً كقولك اتخذت زيداً وكيلاً قال ويجوز أَن يكونَ سَرَباً مصدراً يَدُلُّ عليه اتخذ سبيلَه في البحر فيكون المعنى نَسِيَا حُوتَهما فجَعَل الحوتُ طريقَه في البحر ثم بَيَّن كيف ذلك فكأَنه قال سَرِبَ الحوتُ سَرَباً وقال المُعْتَرِض الظَّفَرِي في السَّرَب وجعله طريقاً
تَرَكْنا الضَّبْع سارِبةً إِليهم ... تَنُوبُ اللحمَ في سَرَبِ المَخِيمِ
قيل تَنُوبُه تأْتيه والسَّرَب الطريقُ والمخيم اسم وادٍ وعلى هذا معنى الآية فاتخذ سبيلَه في البحر سَرَباً أَي سبيل الحوت طريقاً لنفسِه لا يَحِيدُ عنه المعنى اتخذ الحوتُ سبيلَه الذي سَلَكَه طريقاً طَرَقَه قال أَبو حاتم اتخذ طريقَه في البحر [ ص 465 ] سَرباً قال أَظُنُّه يريد ذَهاباً كسَرِب سَرَباً كقولك يَذهَب ذَهاباً ابن الأَثير وفي حديث الخضر وموسى عليهما السلام فكان للحوت سَرَباً السَّرَب بالتحريك المَسْلَك في خُفْيةٍ والسُّرْبة الصَّفُّ من الكَرْمِ وكلُّ طريقةٍ سُرْبةٌ والسُّرْبة
والمَسْرَبةُ والمَسْرُبة بضم الراءِ الشَّعَر المُسْتدَقُّ النابِت وَسَطَ الصَّدْرِ إِلى البطنِ وفي الصحاح الشَّعَر المُسْتَدِقُّ
الذي يأْخذ من الصدرِ إِلى السُّرَّة قال سيبويه ليست المَسْرُبة على المكان ولا المصدرِ وإِنما هي اسم للشَّعَر قال الحرث بنُ وَعْلة الذُّهْلي
أَلآنَ لمَّا ابْيَضَّ مَسْرُبَتي ... وعَضَضْتُ من نابي على جِذْمِ
وحَلَبْتُ هذا الدَّهْرَ أَشْطُرَه ... وأَتَيْتُ ما آتي على عِلْمِ
تَرْجُو الأَعادي أَن أَلينَ لها ... هذا تَخَيُّلُ صاحبِ الحُلْمِ
قوله وعَضَضْتُ من نابي عَلى جِذْمِ أَي كَبِرْتُ حتى أَكَلْت على جِذْمِ نابي قال ابن بري هذا الشعر ظنَّه قوم للحرث بن وَعْلة الجَرْمي وهو غلط وإِنما هو للذُّهلي كما ذكرنا والمَسْرَبة بالفتح واحدة المَسارِبِ وهي المَراعِي ومَسارِبُ الدوابِّ مَراقُّ بُطونِها أَبو عبيد مَسْرَبَة كلِّ دابَّةٍ أَعالِيهِ من لَدُن عُنُقِه إِلى عَجْبِه ومَراقُّها في بُطونِها وأَرْفاغِها وأَنشد
جَلال أَبوهُ عَمُّه وهو خالُه ... مَسارِبُهُ حُوٌّ وأَقرابُه زُهْرُ
قال أَقْرابهُ مَراقُّ بُطُونه وفي حديث صفةِ النبيّ صلى اللّه عليه وسلم كان دَقِيقَ المَسْرُبَة وفي رواية كانَ ذا مَسْرُبَة وفلانٌ مُنْساحُ السرب يُريدون شَعر صَدْرِه وفي حديث الاسْتِنْجاءِ بالحِجارة يَمْسَحُ صَفْحَتَيْهِ بحَجَرَيْن ويَمْسَحُ بالثَّالِثِ المَسْرُبة يريدُ أَعْلى الحَلْقَة هو بفتح الراءِ وضمِّها مَجْرَى الحَدَث من الدُّبُر وكأَنها من السِّرْب المَسْلَك وفي بعض الأَخبار دَخَل مَسْرُبَتَه هي مثلُ الصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفَةِ ولَيْسَتْ التي بالشين المعجمة فإِنَّ تِلك الغُرْفَةُ والسَّرابُ الآلُ وقيل السَّرابُ الذي يكونُ نِصفَ النهارِ لاطِئاً بالأَرضِ لاصقاً بها كأَنه ماءٌ جارٍ والآلُ الذي يكونُ بالضُّحَى يَرفَعُ الشُّخُوصَ ويَزْهَاهَا كالمَلا بينَ السماءِ والأَرض وقال ابن السكيت السَّرَابُ الذي يَجْرِي على وجهِ الأَرض كأَنه الماءُ وهو يكونُ نصفَ النهارِ الأَصمعي الآلُ والسَّرابُ واحِدٌ وخالَفه غيرُه فقال الآلُ من الضُّحَى إِلى زوالِ الشمسِ والسَّرَابُ بعدَ الزوالِ إِلى صلاة العصر واحْتَجُّوا بإِنَّ الآل يرفعُ كلَّ شيءٍ حتى يصِير آلاً أَي شَخْصاً وأَنَّ السَّرابَ يَخْفِضُ كلَّ شيءٍ حتى يَصِيرَ لازِقاً بالأَرضِ لا شَخْصَ له وقال يونس تقول العرب الآلُ من غُدوة إِلى ارْتفاع الضُّحَى الأَعْلى ثم هو سرابٌ سائرَ اليومِ ابن السكيت الآلُ الذي يَرْفَع الشُّخوصَ وهو يكون بالضُّحَى والسرابُ الذي يَجْري على وجهِ الأَرض كأَنه الماءُ وهو نصفُ النهارِ قال الأَزهري وهو الذي رأَيتُ العرب بالبادية يقولونه وقال أَبو الهيثم سُمِّيَ السَّرابُ سَراباً لأَنَّه يَسْرُبُ سُروباً أَي يَجْري جَرْياً [ ص 466 ] يقال سَرَب الماءُ يَسْرُب سُروباً والسَّريبة الشاة التي تصدرها إِذا رَوِيَت الغَنَم فتَتْبَعُها والسَّرَبُ حَفِير تحتَ الأَرض وقيل بَيْتٌ تحتَ الأَرضِ وقد سَرَّبْتُه وتَسْريبُ الحَافِرِ أَخْذُه في الحَفْرِ يَمْنَة ويَسْرَة الأَصمعي يقال للرجل إِذا حَفر قد سَرَبَ أَي أَخذ يميناً وشمالاً والسَّرَب جُحْر الثَّعْلَبِ والأَسَد والضَّبُعِ والذِّئْبِ والسَّرَب الموضعُ الذي قَدْ حَلَّ فيه الوحشِي والجمع أَسْرابٌ وانْسَرَب الوَحْشِي في سَرَبه والثعلب في جُحْرِه وتَسَرَّبَ دخل ومَسارِب الحَيَّاتِ مَواضِعُ آثارها إِذا انْسابَتْ في الأَرض على بُطُونِها والسَّرَبُ القَناةُ الجَوْفاءُ التي يدخل منها الماءُ الحائِطَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) سرب السَّرْبُ المالُ الرَّاعي أَعْني بالمال الإِبِلَ وقال ابن والسَّرَب بالتحريك الماءُ السائِلُ ومِنهم مَن خَصَّ فقال السائِلُ من المَزادَة ونحوها سَرِبَ سَرَباً إِذا سَالَ فهو سَرِبٌ وانْسَرَب وأَسْرَبَه هو وسَرَّبَه قال ذو الرمة
ما بالُ عَيْنِكَ منها الماءُ يَنْسَكِبُ ؟ ... كأَنَّه منْ كُلى مَفْرِيَّةٍ سَرَبُ
قال أَبو عبيدة ويروى بكسر الراءِ تقول منه سَرِبَت المَزادة بالكسر تَسْرَب سرَباً فهي سَرِبَةٌ إِذا سَالَت وتَسْريبُ القِرْبة أَن يَنْصَبَّ فيها الماءُ لتَنْسَدَّ خُرَزُها ويقال خرجَ الماءُ سَرِباً وذلك إِذا خرج من عُيونِ الخُرَزِ وقال اللحياني سَرِبَتِ العَيْنُ سَرَباً وسَرَبَتْ تَسْرُبُ سُروباً وتَسَرَّبَت سالَتْ والسَّرَبُ الماءُ يُصَبُّ في القِرْبة الجديدة أو المَزادةِ ليَبْتَلَّ السَّيْرُ حتى يَنْتَفِخَ فتَسْتَدَّ مواضع الخَرْزِ وقد سَرَّبَها فَسَرِبَتْ سَرَباً ويقال سَرِّبْ قِرْبَتَك أَي اجعلْ فيها ماءً حتى تَنْتَفِخَ عيونُ الخُرَز فتَستَدَّ قال جرير
نَعَمْ وانْهَلَّ دَمْعُكَ غيرَ نَزْرٍ ... كما عَيَّنْت بالسَّرَبِ الطِّبابَا
أَبو مالك تَسَرَّبْتُ من الماءِ ومن الشَّرابِ أَي تَمََّلأْتُ وطَريقٌ سَرِبٌ تَتابَعَ الناسُ فيه قال أَبو خِراشٍ
فِي ذَاتِ رَيْدٍ كزلق الرخ مُشْرِفَةٍ ... طَريقُها سَرِبٌ بالناسِ دُعْبُوبُ ( 1 )
( 1 قوله « كزلق الرخ إلخ » هكذا في الأصل ولعله كرأس الزج )
وتَسَرَّبُوا فيه تَتابَعُوا
والسَّرْبُ الخَرْزُ عن كُراعٍ والسَّرْبةُ الخَرْزة وإِنَّكَ لتُريدُ سَرْبةً أَي سَفَراً قَريباً عن ابن الأَعرابي شمر الأَسْرابُ من الناسِ الأَقاطِيعُ واحدها سِرْبٌ قال ولم أَسْمَعْ سِرْباً في الناسِ إِلا للعَجّاجِ قال ورُبَّ أَسْرابِ حَجِيجٍ نظمِ والأُسْرُبُ والأُسْرُبُّ الرَّصاصُ أَعْجَمِيٌّ وهو في الأَصْل سُرْبْ والأُسْرُبُ دُخانُ الفِضَّةِ يَدخُلُ في الفَمِ والخَيْشُومِ والدُّبُرِ فيُحْصِرُه فرُبَّما أَفْرقَ [ ص 467 ] ورُبَّما ماتَ وقد سُرِبَ الرجل فهو مَسْرُوبٌ سَرْباً وقال شمر الأُسْرُبُ مخفَّف الباءِ وهو بالفارسية سُرْبْ واللّه أَعلم

( سرحب ) السُّرْحُوبُ الطويلُ الحَسَنُ الجسْمِ والأُنثى سُرْحُوبةٌ ولم يَعْرِفْه الكِلابِيُّون في الإِنْسِ والسُّرْحُوبةُ من الإِبل السَّريعةُ الطويلة ومن الخيلِ العَتِيقُ الخفيفُ قال الأزهري وأَكثرُ ما يُنْعَتُ به الخيلُ وخَصَّ بعضُهم به الأُنثى من الخيل وقيل فَرَسٌ سُرْحوبٌ سُرُحُ اليَدَيْن بالعَدْوِ وفَرَسٌ سُرْحُوبٌ طويلة على وجه الأَرض وفي الصحاح تُوصَفُ به الإِناثُ دون الذُّكور

( سردب ) قال ابن أَحمر هي السِّرْدابُ ( 1 )
( 1 قوله « هي السرداب » هكذا في الأصل وليس بعده شيء وعبارة القاموس وشرحه ( السرداب بالكسر خباء تحت الأرض للصيف ) كالزرداب والأول عن الأحمر والثاني تقدم بيانه وهو معرب الى آخر عبارته اه )

( سرعب ) السُّرعُوبُ ابنُ عِرْسٍ أَنشد الأَزهري وَثْبة سُرْعُوبٍ رأَى زَبَابَا أَي رأَى جُرَذاً ضَخْماً ويُجْمَع سَراعِيبَ

( سرندب ) التهذيب في الخماسي سَرَنْديبُ بَلَدٌ معروف بناحيةِ الهِنْدِ

( سرهب ) أَبو زيد قال سمعت أَبا الدُّقَيْش يقول امرأَةٌ سَرْهَبةٌ كالسَّلْهَبَةِ من الخيلِ في الجِسمِ والطُّول

( سطب ) ابن الأَعرابي المَساطِبُ سَنادينُ الحَدّادينَ أَبو زيد هي المَسْطَبةُ والمِسطَبة وهي المَجَرَّة ويقال للدُّكَّانِ يَقْعُدُ الناسُ عليه مَسْطَبة قال سمعت ذلك من العرب

( سعب ) السَّعابِيبُ التي تَمْتَدُّ شِبْهَ الخُيُوطِ من العَسَل والخِطْمِيّ ونَحْوِه قال ابن مقبل
يَعْلُون بالمَرْدَقُوشِ الوَرْدَ ضاحيةً ... على سَعابِيبِ ماءِ الضالةِ اللَّجِنِ
يقول يَجْعَلْنَه ظاهراً فوقَ كلِّ شيءٍ يَعْلُون به المُشْطَ وقوله ماءِ الضالةِ يُريدُ ماءَ الآسِ شَبَّه خُضْرَتَه بخُضْرَةِ ماءِ السِّدْرِ وهذا البيت وقَعَ في الصِّحاحِ وأَظُنُّه في المُحْكَم أَيضاً ماء الضالَة اللَّجِزِ بالزاي وفَسَّره فقال اللجِزُ المُتَلَزِّجُ وقال الجوهري أَراد اللَّزِجَ فَقَلَبه ولم يَكْفِه أَنْ صَحَّف إِلى أَنْ أَكَّد التَّصْحيف بهذا القَوْل قال ابن بري هذا تصحيف تَبع فيه الجوهري ابن السكيت وإِنما هو اللَّجِن بالنونِ من قصيدة نُونِيَّةٍ وقَبْلَه
مِن نِسْوةٍ شُمُسٍ ولا مَكْرَهٍ عُنُفٍ ... ولا فَواحِشَ في سِرٍّ ولا عَلَنِ
قوله ضاحِيةً أَراد أَنها بارِزة للشمسِ والضَّالَة السِّدْرة أَراد ماءَ السِّدْرِ يُخْلَطُ به المَرْدَقوشُ ليُسَرِّحْن به رؤُوسَهنّ والشُّمُس جمع شَمُوسٍ وهي النافِرة من الرِّيبةِ والخَنَا والمَكْرَه الكَريهاتُ المَنْظَرِ وهو مما يوصَف به الواحدُ والجمعُ وسال فَمُه سَعابِيبَ وثَعابِيبَ امْتَدَّ لُعابُه كالخُيوطِ وقيل جَرى منه ماءٌ صافٍ فيه تَمدُّدٌ واحدها سُعْبُوبٌ وانْسَعَبَ الماءُ وانْثَعَبَ إِذا سالَ وقال ابن شميل السَّعابِيبُ ما أَتْبَعَ يَدَكَ من اللَّبنِ عند الحَلْبِ مثلَ النُّخاعة يَتَمَطَّطُ والواحدةُ سُعْبُوبةٌ [ ص 468 ] وتَسَعَّبَ الشيءُ تَمَطَّطَ والسَّعْبُ كلُّ ما تَسَعَّبَ من شرابٍ أَو غيرِه وفي نوادر الأَعراب فلانٌ مُسَعَّبٌ له كذا وكذا ومُسَغَّبٌ ومُسَوَّعٌ له كذا وكذا ومُسَوَّغٌ ومُرَغَّب كلُّ ذلك بمعنًى واحدٍ ( 1 )
( 1 أي مُعطى له عطاءً خالصاً )

( سغب ) سَغِبَ الرجلُ يَسْغَب وسَغَبَ يَسْغُبُ سَغْباً وسَغَباً وسَغابةً وسُغُوباً ومَسْغَبةً جاعَ والسَّغْبة الجُّوعُ وقيل هو الجوعُ مع التَّعَب وربما سُمِّيَ العَطَش سَغَباً وليس بمُسْتعمَلٍ ورجلٌ ساغِبٌ لاغِبٌ ذو مَسْغَبة وسَغِبٌ وسَغْبانُ لَغْبانُ جَوْعانُ أَوعَطْشانُ وقال الفراءُ في قوله تعالى في يومٍ ذِي مَسْغَبةٍ أَي مَجاعةٍ وأَسْغَبَ الرجلُ فهو مُسْغِبٌ إِذا دخَل في المَجاعةِ كما تقولُ أَقْحطَ الرجلُ إِذا دخَل في القَحْط وفي الحديث ما أَطعمته إِذ كان ساغِباً أَي جائعاً وقيل لا يكونُ السَّغَبُ إِلاَّ مع التَّعَب وفي الحديث أَنه قَدِم خَيْبَر بأَصحابِه وهم مُسْغِبُون أَي جِياعٌ وامرأَةٌ سَغْبَى وجَمْعُها سِغابٌ ويَتِيمٌ ذو مَسْغَبةٍ أَي ذو مَجاعةٍ

( سقب ) السَّقْبُ ولدُ الناقةِ وقيل الذكَرُ من ولدِ الناقةِ بالسين لا غَيْرُ وقيل هو سَقْبٌ ساعةَ تَضَعُه أُمُّه قال الأَصمعي إِذا وَضَعَتِ الناقةُ ولدَها فولدُها ساعةَ تَضَعُه سَليلٌ قَبْلَ أَن يُعْلَم أَذَكَرٌ هو أَم أُنثى فإِذا عُلم فإِن كانَ ذَكَراً فهو سَقْبٌ وأُمُّه مِسْقَبٌ الجوهري ولا يقال للأُنثى سَقْبةٌ ولكن حائلٌ فأَما قوله أَنشده سيبويه
وساقِيَيْنِ مثلِ زَيْدٍ وجُعَلْ ... سَقْبانِ مَمْشُوقانِ مَكْنوزا العضَلْ
فإِنَّ زيداً وجُعَلاً ههنا رجُلان وقوله سَقْبانِ إِنما أَراد هنا مثلُ سَقْبَيْن في قوَّة الغَناءِ وذلك لأَنَّ الرجُلَين لا يكونان سَقْبَيْنِ لأَنَّ نوعاً لا يَسْتَحِيلُ إِلى نوعٍ وإِنما هو كقولك مررْت برجلٍ أَسَدٍ شِدَّةً أَي هو كأَسَدٍ في الشِّدَّة ولا يكون ذلك حقيقة لأَن الأَنْواع لا تستحيل إِلى الأَنواع في اعتقادِ أَهلِ الإِجماعِ قال سيبويه وتقولُ مررتُ برجلٍ الأَسَدُِ شِدَّة كما تقولُ مررتُ برجُلٍ كامِلٍ لأَنك أَردتَ أَن تَرْفَعَ شأْنَه وإِن شئت اسْتَأْنَفْتَ كأَنه قيل له ما هو ولا يكونُ صفة كقولك مررت برجُلٍ أَسَدٍ شِدَّةً لأَن المعرفة لا توصف بها النَّكِرةُ ولا يجوز نَكِرةً أَيضاً لما ذكَرْتُ لك وقد جاءَ في صفة النكرة فهو في هذا أَقوى ثم أَنشد ما أَنْشَدتُكَ من قولِه وجَمْعُ السَّقْبِ أَسْقُبٌ وسُقُوبٌ وسِقَابٌ وسُقْبَانٌ والأُنثى سَقْبَةٌ وأُمُّها مِسْقَبٌ ومِسْقَابٌ والسَّقْبَةُ عندهم هي الجَحشَة قال الأَعشى يَصِفُ حِماراً وَحْشِيّاً
تَلا سَقْبَةً قَوْداءَ مَهْضُومَةَ الحَشَا ... مَتى ما تُخَالِفْهُ عن القصد يَعْذِمِ
وناقةٌ مِسْقابٌ إِذا كانت عادتُها أَن تَلِدَ الذُّكورَ وقد أَسْقَبَتِ الناقةُ إِذا وَضَعَتْ أَكثَرَ ما تَضَعُ الذُّكورَ قال رؤْبة بن العجاج يصف أَبَوَيْ رجل مَمْدُوحٍ
وكانتِ العِرْسُ التي تَنَخَّبا ... غَرَّاءَ مِسْقاباً لفَحْلٍ أَسْقَبا
[ ص 469 ] قوله أَسقَبا فِعْلٌ ماض لا نَعْتٌ لفَحْلٍ على أَنه اسمٌ مثلُ أَحْمَر وإِنما هو فِعْلٌ وفاعِلٌ في مَوْضِعِ النَّعْتِ له واسْتَعْمَل الأَعشى السَّقْبَةَ للأَتانِ فقال
لاحَه الصَّيْفُ والغِيارُ وإِشْفا ... قٌ على سَقْبَةٍ كَقَوْسِ الضَّالِ
الأَزهري كانتِ المرأَة في الجاهليةِ إِذا ماتَ زَوْجُها حَلَقَتْ رَأْسَها وخَمَشَتْ وجْهَها وحَمَّرَتْ قُطْنةً من دمِ نفسِها ووضَعَتها على رأْسِها وأَخرجت طَرف قُطْنتِها مِن خَرْقِ قِناعِها ليَعْلم الناسُ أَنها مُصابة ويُسَمى ذلك السِّقابَ ومنه قول خَنْساءَ
لمَّا اسْتَبانَتْ أَن صاحِبَها ثَوَى ... حَلَقَتْ وعَلَّتْ رَأْسَها بِسِقابِ
والسَّقَبُ القُرْبُ وقد سَقِبَتِ الدَّارُ بالكسر سُقُوباً أَي قَرُبَتْ وأَسْقَبَتْ وأَسْقَبْتُها أَنا قرَّبتها وأَبْياتُهم مُتساقِبة أَي مُتدانِية ومنه الحديث الجارُ أَحقُّ بِسَقَبِه السَّقَبُ بالسين والصاد في الأَصل القُرْب يقال سَقِبَتِ الدارُ وأَسْقَبَتْ إِذا قَرُبَتْ ابن الأَثير ويَحْتَجُّ بهذا الحديثِ من أَوجبَ الشُّفْعَة للجارِ وإِن لم يَكُنْ مقاسِماً أَي إِن الجارَ أَحقُّ بالشُّفْعَةِ من الذي ليس بجارٍ ومَنْ لم يُثْبِتْها للجارِ تأَوَّلَ الجارَ على الشَّرِيكِ فإِنَّ الشَّريكَ يُسَمَّى جاراً قال ويحتمل أَن يكونَ أَرادَ أَنه أَحقّ بالبِرِّ والمعونةِ بسبب قُرْبه من جارِه كما جاءَ في الحديث الآخر أَن رجلاً قال للنبي صلى اللّه عليه وسلم إِن لي جارَيْنِ فإِلى أَيهما أُهدي ؟ قال إِلى أَقْرَبِهِما منك باباً والسَّقْبُ والصَّقْبُ والسَّقِيبَة عَمُودُ الخِباءِ وسُقُوبُ الإِبِل أَرْجُلُها عن ابن الأَعرابي وأَنشد لها عَجُزٌ رَيَّا وسَاقٌ مُشِيحَةٌ على البِيدِ تَنْبُو بالمَرادِي سُقُوبُها والسَّعْبُ كلُّ ما تَسَعَّبَ من شرابٍ أَو غيرِه والصادُ في كلِّ ذلك لغة والسَّقْبُ الطَّويلُ من كلِّ شيءٍ مع تَرَارَةٍ الأَزهري في ترجمة صَقَب يقال للْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ سَقْبٌ وقال ذو الرمة سَقْبانِ لم يَتَقَشَّرْ عنهما النَّجَبُ قال وسئل أَبو الدُّقَيْشِ عنه فقال هو الذي قد امتلأَ وتم عامٌّ في كلِّ شيءٍ من نحوِه 1
( 1 قوله « من نحوه » الضمير يعود إلى الغصن في عبارة الأزهري التي قبل هذه ) شمر في قوله سَقْبانِ أَي طَويلانِ ويقال صَقْبَانِ

( سقعب ) السَّقْعَبُ الطَّوِيلُ من الرجال بالسينِ والصاد

( سقلب ) السَّقْلَبُ جِيلٌ من الناسِ وسَقْلَبَه صَرَعَهُ

( سكب ) السَّكْبُ صَبُّ الماءِ سَكَبَ الماءَ والدَّمْعَ ونحوَهما يَسْكُبُه سَكْباً وتَسْكاباً فسَكَبَ وانْسَكَبَ صَبَّه فانْصَبَّ وسَكَبَ الماءُ بنفسِه سُكوباً وتَسْكاباً وانْسَكَبَ بمعنًى وأَهلُ المدينة يقولون اسْكُبْ على يَدِي وماءٌ سَكْبٌ وساكِبٌ وسَكُوبٌ وسَيْكَبٌ وأُسْكُوبٌ مُنْسَكِبٌ أَو مَسكُوبٌ يجري على وجهِ الأَرضِ من غَيرِ حَفر [ ص 470 ] ودمْعٌ ساكِبٌ وماءٌ سَكْبٌ وُصِفَ بالمصدرِ كقولِهم ماءٌ صَبٌّ وماءٌ غَوْرٌ أَنشد سيبويه بَرْقٌ يُضِيءُ أَمامَ البَيْتِ أُسْكوبُ كأَنَّ هذا البَرْقَ يَسْكُب المطَر وطَعْنَةٌ أُسْكُوبٌ كذلك وسَحابٌ أُسْكُوبٌ وقال اللحياني السَّكْبُ والأُسْكوبُ الهَطَلانُ الدَّائمُ وماءٌ أُسْكُوبٌ أَي جارٍ قالتْ جَنُوبُ أُخْتُ عمرٍو ذي الكلب تَرثِيه
والطَّاعِنُ الطَّعْنَةَ النَّجْلاءَ يَتْبَعها ... مُثْعَنْجِرٌ من دَمِ الأَجْوافِ أُسْكوبُ
ويروى من نَجِيعِ الجَوْفِ أُثْعُوبُ والنَّجْلاءُ الواسعة والمُثْعَنْجِرُ الدَّمُ الذي يَسِيلُ يَتْبَعُ بعضُه بَعْضاً والنَّجِيعُ الدَّمُ الخالِصُ والأُثْعُوبُ من الإِثْعابِ وهو جَرْي الماءِ في المَثْعَبِ وفي الحديث عن عروة عن عائشة رضي اللّه عنها أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان يُصَلِّي فيما بين العشاءِ إِلى انْصِدَاعِ الفَجر إِحدى عَشْرَةَ رَكْعَةً فإِذا سَكَبَ المُؤَذِّنُ بالأُولى من صلاةِ الفجْرِ قامَ فرَكَعَ رَكْعَتَيْن خَفِيفَتَيْنِ قال سُوَيْدٌ سَكَبَ يريدُ أَذَّنَ وأَصْلُه من سَكْبِ الماءِ وهذا كما يقال أَخَذَ في خُطْبَة فسَحَلَها قال ابن الأَثير أَرادت إِذا أَذَّن فاسْتُعِيرَ السَّكْبُ للإِفاضَةِ في الكلامِ كما يقال أَفْرَغَ في أُذُني حديثاً أَيْ أَلْقَى وصَبَّ وفي بعض الحديث ما أَنا بِمُنْطٍ عنك شَيئاً يكون على أَهل بَيْتِكَ سُنَّةً سَكْباً يقال هذا أَمْرٌ سَكْبٌ أَي لازِمٌ وفي رواية إِنَّا نُمِيطُ عنكَ شيئاً وفَرَسٌ سَكْبٌ جوادٌ كثير العَدْوِ ذَرِيعٌ مثلُ حَتٍّ والسَّكْبُ فَرَسُ سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكان كُمَيْتاً أَغَرَّ مُحَجَّلاً مُطْلَقَ اليُمْنَى سمي بالسَّكْبِ من الخَيْلِ وكذلك فَرَسٌ فَيْضٌ وبَحْرٌ وغَمْرٌ وغُلامٌ سَكْبٌ إِذا كان خفيف الرُّوحِ نَشِيطاً في عَمَلِه ويقال هذا أَمْرٌ سَكْبٌ أَي لازمٌ ويقالُ سُنَّةٌ سَكْبٌ وقال لَقِيطُ بنُ زُرارَة لأَخيه مَعْبَدٍ لما طَلَبَ إِليه أَن يَفْدِيَه بمائتين من الإِبل وكان أَسِيراً ما أَنا بِمُنْطٍ عنك شيئاً يكون على أَهل بيتِك سُنَّةً سَكْباً ويَدْرَبُ الناسُ له بِنا دَرْباً والسَّكْبَةُ الكُرْدَة العُلْيا التي تُسْقى بها الكُرودُ من الأَرض وفي التهذيب التي يُسْقَى منها كُرْدُ الطِّبابَةِ من الأَرض والسَّكْبُ النُّحاسُ عن ابن الأَعرابي والسَّكْبُ ضَرْبٌ من الثيابِ رَقِيقٌ والسَّكْبَةُ الخِرْقَةُ التي تُقَوَّر للرأْس كالشَّبَكَة من ذلك التهذيب السَّكْبُ ضربٌ من الثيابِ رَقِيقٌ كأَنه غُبارٌ من رِقَّتِه وكأَنه سَكْبُ ماءٍ مِنَ الرِّقَّة والسَّكْبَة من ذلك اشْتُقَّتْ وهي الخِرْقَةُ التي تُقَوَّر للرأْسِ تُسَمِّيها الفُرْسُ الشُّسْتَقَةَ ابن الأَعرابي السَّكَبُ ضَرْبٌ من الثِّياب محرّك الكاف والسَّكَبُ الرَّصاصُ والسَّكْبة الغِرْسُ الذي يَخْرُجُ على الوَلَد أُرى من ذلك والسَّكَبة الهِبْرِية التي في الرأْس والأُسْكُوب والإِسْكاب لغة في الإِسكاف وأُسكُبَّة الباب أُسْكُفَّته [ ص 471 ] والإِسْكابة الفَلْكَةُ التي تُوضَعُ في قِمَع الدُّهْنِ ونحوه وقيل هي الفَلْكةُ التي يُشْعَبُ بها خَرْقُ القِرْبةِ والإِسْكابةُ خَشَبة على قدرِ الفَلْس إِذا انْشَقَّ السِّقاءُ جعلوها عليه ثم صَرُّوا عليها بسَيْرٍ حتى يَخْرُزوه معه فهي الإِسكابةُ يقال اجعلْ لي إِسكابةً فيُتَّخَذُ ذلك وقيل الإِسكابة والإِسكابُ قِطْعَةٌ من خَشَبٍ تُدْخَلُ في خَرْقِ الزِّقِّ أَنشد ثعلب قُمَّرِزٌ آذانُهُم كالإِسْكاب وقيل الإِسْكابُ هنا جمعُ إِسكابةٍ وليس بلُغةٍ فيه أَلا تراه قال آذانُهُم ؟ فتَشْبِيهُ الجمع بالجمع أَسْوَغُ من تَشْبِيهِه بالواحد والسَّكَبُ بالتحريك شَجَرٌ طَيِّبُ الريح كأَنَّ ريحَه رِيحُ الخَلُوقِ يَنْبُتُ مُسْتَقِلاًّ على عِرْقٍ واحدٍ له زَغَبٌ ووَرَقٌ مثلُ وَرَقِ الصَّعْتَر إِلا أَنه أَشدُّ خُضْرةً يَنْبُتُ في القِيعانِ والأَودِيَة ويَبيسُه لا يَنْفَعُ أَحداً وله جَنًى يُؤْكَلُ ويَصْنَعُه أَهل الحِجازِ نَبيذاً ولا يَنْبُتُ جَنَاهُ في عام حَياً إِنما يَنْبُتُ في أَعوامِ السنينَ وقال أَبو حنيفة السَّكَبُ عُشْبٌ يرتفِعُ قَدْرَ الذراع وله ورقٌ أَغْبَر شبيهٌ بورق الهِنْدباءِ وله نَوْرٌ أَبيضُ شديدُ البياضِ في خِلْقة نَوْرِ الفِرْسِكِ قال الكميت يصف ثوراً وَحْشيّاً
كأَنه منْ نَدَى العَرارِ معَ ال ... قُرَّاصِ أَو ما يُنَفِّضُ السَّكَبُ
الواحدة سَكَبة الأَصمعي من نباتِ السهلِ السَّكَبُ وقال غيرُه السَّكَبُ بَقْلَةٌ طَيِّبَة الريحِ لها زَهْرةٌ صَفراءُ وهي من شجر القَيْظِ ابن الأَعرابي يقال للسِّكَّةِ من النخلِ أُسْلُوبٌ وأُسْكُوبٌ فإِذا كان ذلك من غير النخل قيل له أُنْبوبٌ ومِدادٌ وقيل السَّكْبُ ضربٌ من النباتِ وسَكاب اسم فرسِ عُبيدةَ بن ربيعة وغيره قال وسَكابِ اسمُ فرسٍ مثلُ قَطامِ وحَذامِ قال الشاعر
أَبَيْتَ اللَّعْنَ إِنَّ سَكابِ عِلْقٌ ... نفيسٌ لا تُعارُ ولا تُباعُ

( سلب ) سَلَبَه الشيءَ يَسْلُبُه سَلْباً وسَلَباً واسْتَلَبَه إِياه وسَلَبُوتٌ فَعَلوتٌ مِنه وقال اللحياني رجل سَلَبوتٌ وامرأَةٌ سَلَبوتٌ كالرجل وكذلك رجلٌ سَلاَّبةٌ بالهاءِ والأُنثى سَلاَّبة أَيضاً والاسْتِلابُ الاختِلاس والسَّلَب ما يُسْلَبُ وفي التهذيب ما يُسْلَبُ به والجمع أَسلابٌ وكل شيءٍ على الإِنسانِ من اللباسِ فهو سَلَبٌ والفعل سَلَبْتُه أَسْلُبُه سَلْباً إِذا أَخَذْتَ سَلَبَه وسُلِبَ الرجلُ ثيابه قال رؤْبة يراع سير كاليراع للأَسلاب ( 1 )
( 1 قوله « يراع سير إلخ » هو هكذا في الأصل )
اليَراعُ القَصَب والأَسْلابُ التي قد قُشِرَتْ وواحدُ الأَسْلابِ سَلَبٌ وفي الحديث مَن قَتَل قَتيلاً فله سَلَبُه وقد تكرر ذكر السَّلَب وهو ما يأْخُذُه أَحدُ القِرْنَيْن في الحربِ من قِرْنِه مما يكونُ عليه ومعه من ثِيابٍ وسلاحٍ ودابَّةٍ وهو فَعَلٌ بمعنى مفعولٍ أَي مَسْلُوب والسَّلَبُ بالتحريك المَسْلُوب وكذلك السَّلِيبُ ورجلٌ سَلِيبٌ مُسْتَلَب العقل والجمع سَلْبى [ ص 472 ] وناقة سالِبٌ وسَلُوبٌ ماتَ وَلَدُها أَو أَلْقَتْهُ لغير تَمامٍ وكذلك المرأَة والجمع سُلُبٌ وسَلائبُ وربما قالوا امرأَة سُلُب قال الراجز ما بالُ أَصْحابِكَ يُنْذِرُونَكا ؟ أَأَنْ رَأَوْكَ سُلُباً يَرْمُونَكا ؟ وهذا كقولهم ناقةٌ عُلُطٌ بلا خِطامٍ وفَرس فُرُطٌ متَقَدِّمة وقد عَمِلَ أَبو عبيد في هذا باباً فأَكْثَرَ فيه من فُعُلٍ بغير هاءٍ للمُؤَنَّث والسَّلُوب من النُّوق التي أَلْقَتْ ولدها لغير تَمامٍ والسَّلُوب من النُّوق التي تَرْمي وَلَدها وأَسْلَبت النَّاقَةُ فهي مُسْلِبٌ أَلْقَتْ وَلَدَها من غيرِ أَن يَتِمَّ والجمع السَّلائِبُ وقيل أَسْلَبَت سُلِبَتْ وَلَدَها بِمَوتٍ أَو غير ذلك وظَبيةٌ سَلُوبٌ وسالِبٌ سُلِبَتْ وَلَدَها قال صخر الغيِّ
فَصادَتْ غَزالاً جاثماً بَصُرَتْ بِهِ ... لدى سَلَماتٍ عِنْدَ أَدْماءَ سالِبِ
وشَجَرةٌ سَلِيبٌ سُلِبَتْ وَرَقَها وأَغصانَها وفي حديث صِلَةَ خَرَجْتُ إِلى جَشَرٍ لَنا والنخلُ سُلُبٌ أَي لا حَمْلَ عليها وهو جمعُ سَلِيبٍ الأَزهري شَجَرَةٌ سُلُبٌ إِذا تَناثَرَ ورقُها وقال ذو الرمة أَو هَيْشَرٌ سُلُبُ قال شمر هَيْشَرٌ سُلُبٌ لا قِشْرَ عليه ويقال اسْلُبْ هذه القصبة أَي قَشِّرْها وسَلَبَ القَصَبَةَ والشَّجَرَة قشرها وفي حديث صفة مكة شرَّفها اللّه تعالى وأَسْلَب ثُمامُها أَي أَخْرَجَ خُوصَه وسَلَبُ الذَّبيحَةِ إِهابُها وأَكراعُها وبطْنُهَا وفَرَسٌ سَلْبُ القَوائم ( 1 )
( 1 قوله « سلب القوائم » هو بسكون اللام في القاموس وفي المحكم بفتحها ) خَفيفُها في النَّقل وقيل فَرَسٌ سَلِب القَوائم أَي طَويلُها قال الأَزهري وهذا صحيحٌ والسَّلْبُ السيرُ الخفيفُ السريعُ قال رؤْبة
قَدْ قَدَحَتْ مِنْ سَلْبِهِنَّ سَلْبا ... قارُورَةُ العينِ فصارت وَقْبَا
وانْسَلَبَتِ الناقَة إِذا أَسْرَعَت في سيرها حتى كأَنها تَخْرُج من جِلْدِها وثَوْرٌ سَلِبُ الطَّعْنِ بِالقَرْنِ ورجُلٌ سَلِبُ اليَدَيْنِ بالضَّرْبِ والطَّعْنِ خَفيفُهما ورُمْحٌ سَلِبٌ طَويلٌ وكذلك الرجلُ والجمعُ سُلُب قال
ومَنْ رَبَطَ الجِحاشَ فإِنَّ فِينا ... قَناً سُلُباً وأَفْراساً حِسانا
وقال ابن الأَعرابي السُّلْبَةُ الجُرْدَةُ يقال ما أَحْسَنَ سُلْبَتَها وجُرْدَتَها والسَّلِبُ بكسر اللام الطويل قال ذو الرمة يصف فراخ النعامة
كأَنَّ أَعناقَها كُرّاتُ سائِفَةٍ ... طارَتْ لفائِفُه أَو هَيْشَرٌ سَلِبُ
ويروى سُلُب بالضم من قولهم نَخْلٌ سُلُب لا حَمْلَ عليه وشَجَرٌ سُلُبٌ لا وَرَق عليه وهو جمع سَلِيبٍ فعيلٌ بمعنى مفعول والسِّلابُ والسُّلُب ثِيابٌ سودٌ تَلْبَسُها النساءُ في [ ص 473 ] المأْتَمِ واحدَتُها سَلَبة وسَلَّبَتِ المرأَةُ وهي مُسَلِّبٌ إِذا كانت مُحِدًّا تَلْبَس الثِّيابَ السُّودَ للحِدادِ وتَسَلَّبت لَبِسَتِ السِّلابَ وهي ثِيابُ المأْتَمِ السُّودُ قال لبيد
يَخْمِشْنَ حُرَّ أَوجُهٍ صِحاحِ ... في السُّلُبِ السودِ وفي الأَمساحِ
وفي الحديث عن أَسْماءَ بِنْتِ عُمَيْس أَنها قالت لمَّا أُصيبَ جعفرٌ أَمَرَني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال تَسَلَّبي ثلاثاً ثم اصْنَعِي بعدُ ما شِئْتِ تَسَلَّبي أَي الْبَسِي ثِيابَ الحِدادِ السُّودَ وهي السِّلاب وتَسَلَّبَتِ المرأَةُ إِذا لَبِسَتْهُ وهو ثَوْبٌ أَسودُ تُغَطِّي به المُحِدُّ رَأْسَها وفي حديث أُمِّ سلمة أَنها بَكَتْ على حَمْزَةَ ثلاثة أَيامٍ وتَسَلَّبَتْ وقال اللحياني المُسَلِّب والسَّلِيبُ والسَّلُوبُ التي يموتُ زَوجُها أَو حَمِيمُها فتَسَلَّبُ عليه وتَسَلَّبَتِ المرأَة إِذا أَحدّتْ وقيل الإِحدادُ على الزَّوْجِ والتَّسَلُّبُ قد يكون على غيرِ زَوجٍ أَبو زيدٍ يقال للرجل ما لي أَراكَ مُسْلَباً ؟ وذلك إِذا لم يَأْلَفْ أَحداً ولا يَسْكُن إِليه أَحد وإِنما شبِّه بالوَحْش ويقال إِنه لوَحْشِيٌّ مُسْلَبٌ أَي لا يأْلفُ ولا تَسْكُنُ نفسُه والسلبة خَيْطٌ يُشَدُّ على خَطْمِ البعيرِ دونَ الخِطامِ والسلبة عَقَبَةٌ تُشَدُّ على السهم والسِّلْبُ خَشَبَةٌ تُجْمَع إِلى أَصلِ اللُّؤَمةِ طَرَفُها في ثَقْبِ اللُّؤَمةِ قال أَبو حنيفة السِّلْبُ أَطْوَلُ أَداةِ الفَدَّانِ وأَنشد يا لَيْتَ شعْري هلْ أَتى الحسانا أَنَّى اتَّخَذْتُ اليَفَنَيْنِ شانا ؟ السِّلْبَ واللُّؤْمةَ والعيانا ويقال للسَّطْر من النخيل أُسْلوبٌ وكلُّ طريقٍ ممتدٍّ فهو أُسلوبٌ قال والأُسْلوبُ الطريق والوجهُ والمَذْهَبُ يقال أَنتم في أُسْلُوبِ سُوءٍ ويُجمَعُ أَسالِيبَ والأُسْلُوبُ الطريقُ تأْخذ فيه والأُسْلوبُ بالضم الفَنُّ يقال أَخَذ فلانٌ في أَسالِيبَ من القول أَي أَفانِينَ منه وإِنَّ أَنْفَه لفي أُسْلُوبٍ إِذا كان مُتكبِّراً قال
أُنوفُهُمْ بالفَخْرِ في أُسْلُوبِ ... وشَعَرُ الأَسْتاهِ بالجَبوبِ
يقول يتكبَّرون وهم أَخِسَّاء كما يقال أَنْفٌ في السماءِ واسْتٌ في الماءِ والجَبوبُ وجهُ الأَرضِ ويروى أُنوفُهُمْ مِلفَخْرِ في أُسْلُوبِ أَراد مِنَ الفَخْرِ فحَذف النونَ والسَّلَبُ ضَرْبٌ من الشجر ينبُتُ مُتَناسقاً ويَطولُ فيُؤخَذُ ويُمَلُّ ثم يُشَقَّقُ فتخرجُ منه مُشاقةٌ بيضاءُ كالليفِ واحدتُه سَلَبةٌ وهو منْ أَجودِ ما يُتخذ منه الحبال وقيل السَّلَبُ لِيفُ المُقْلِ وهو يُؤْتى به من مكة الليث السَّلَبُ ليفُ المُقْل وهو أَبيض قال الأَزهري غَلِطَ الليث فيه وقال أَبو حنيفة السَّلَبُ نباتٌ ينبتُ أَمثالَ الشَّمَع الذي يُسْتَصْبَحُ به في خِلْقَتِه إِلاَّ أَنه أَعظمُ وأَطولُ يُتَّخَذ منه الحبالُ على كلّ ضَرب والسَّلَبُ لِحاءُ شجرٍ معروف باليمن [ ص 474 ] تعمل منه الحبالُ وهو أَجفَى من ليفِ المُقْلِ وأَصْلَبُ وفي حديث ابن عمر أن سعيد بن جبير دخل عليه وهو مُتوسِّدٌ مِرْفَقَةَ أَدَم حَشْوُها لِيفٌ أَو سَلَبٌ بالتحريك قال أَبو عبيد سأَلتُ عن السَّلَبِ فقيل ليس بلِيفِ المُقْلِ ولكنه شجر معروفٌ باليمن تُعْمَلُ منه الحبالُ وهو أَجفى من لِيفِ المُقْلِ وأَصْلَبُ وقيل هو ليفُ المُقْل وقيل هو خُوصُ الثُّمام وبالمَدينة سُوقٌ يقال له سوقُ السَّلاَّبِين قال مُرَّة بن مَحْكان التَّميمي
فنَشْنَشَ الجِلدَ عَنْها وهْيَ بارِكةٌ ... كما تُنَشْنِشُ كفَّا فاتِلٍ سَلَبا
تُنَشْنِشُ تحرِّكُ قال شمر والسَّلَب قِشْرٌ من قُشورِ الشَّجَر تُعْمَلُ منهُ السِّلالُ يقال لسُوقِهِ سُوقُ السَّلاَّبِينَ وهي بمكَّة معروفَةٌ ورواه الأَصْمعي فَاتِل بالفاءِ وابن الأَعرابي قَاتِل بالقافِ قال ثعلب والصحيح ما رواه الأَصمعي ومنه قَولُهم أَسْلَبَ الثُّمامُ قال ومن رواه بالفاءِ فإِنه يريدُ السَّلَب الذي تُعْمَلُ منه الحِبال لا غير ومن رواه بالقاف فإِنه يريد سَلَبَ القَتِيل شَبَّه نَزْع الجازِرِ جِلْدَها عنها بأَخْذِ القاتِل سَلَبَ المَقْتُول وإِنما قال بارِكَة ولم يَقُلْ مُضْطَجِعَة كما يُسْلَخُ الحَيوانُ مُضْطَجِعاً لأَن العرب إِذا نَحَرَتْ جَزُوراً تركُوها باركة على حالها ويُرْدِفُها الرجالُ من جانِبَيْها خوفاً أَن تَضْطَجِعَ حين تموت كلُّ ذلك حرصاً على أَن يَسْلُخوا سَنامَها وهي باركة فيأْتي رجلٌ من جانِبٍ وآخَرُ من الجانب الآخر وكذلك يفعلون في الكَتِفَين والفَخِذَين ولهذا كان سَلْخُها باركةً خيراً عندهم من سَلْخِها مضطجعةً والأُسْلُوبةُ لُعْبَةٌ للأَعراب أَو فَعْلَةٌ يفعلونها بينهم حكاها اللحياني وقال بينهم أُسْلُوبة

( سلحب ) المُسْلَحِبُّ المُنْبَطِحُ والمُسْلَحِبُّ الطَّريقُ البَيِّنُ المُمتَدُّ وطريقٌ مُسْلَحِبٌّ أَي مُمْتَدٌّ والمُسْلَحِبُّ المُسْتَقِيمُ مثلُ المُتْلَئِبِّ وقد اسْلَحَبَّ اسْلِحْباباً قال جِرانُ العَوْد
فَخَرَّ جِرانٌ مُسْلَحِبّاً كأَنه ... على الدَّفِّ ضِبْعانٌ تَقَطَّرَ أَمْلَحُ
والسُّلْحُوبُ من النساءِ الماجِنة قال ذلك أَبو عمرو وقال خليفة الحُصَيْنِيُّ المُسْلَحِبُّ المُطْلَحِبُّ المُمْتَدُّ وسمعتُ غير واحدٍ من العرب يقول سِرْنا من موضع كذا غُدْوَةً فظَلَّ يَوْمُنا مُسْلَحِبّاً أَي مُمْتدّاً سَيْرُه واللّه أَعلم

( سلقب ) سَلْقَبٌ اسمٌ

( سلهب ) السَّلْهَبُ الطويلُ عامَّةً وقيل هو الطويلُ من الرجال وقيل هو الطويلُ من الخيلِ والناس الجوهري السَّلْهَبُ من الخيلِ الطويلُ على وجهِ الأَرض وربما جاءَ بالصادِ والجمع السَّلاهِبَةُ والسَّلْهَبةُ من النساءِ الجَسِيمةُ وليست بِمدْحَةٍ ويقال فَرَسٌ سَلْهَبٌ وسَلْهَبةٌ للذَّكَر إِذا عَظُم وطالَ وطالَتْ عِظَامُه وفَرَسٌ مُسْلَهِبٌّ ماضٍ ومنه قولُ الأَعرابيِّ في صِفَةِ الفَرَس وإِذا عَدَا اسْلَهَبَّ وإِذا قُيِّدَ اجْلَعَبَّ وإِذا انْتَصَبَ اتْلأَبَّ واللّه أَعلم [ ص 475 ]

( سنب ) السَّنْبةُ الدَّهْرُ وعِشْنا بذلك سَنْبةً وسَنْبَتةً أَي حِقْبةً التاءُ في سَنْبَتةٍ مُلْحَقةٌ على قول سيبويه قال يدُلُّ على زِيادةِ التاءِ أَنك تقول سَنْبةٌ وهذه التاءُ تَثبُتُ في التصغير تقول سُنَيْبِتَةٌ لقولهم في الجمع سَنَابِتُ ويقال مَضَى سَنْبٌ مِنَ الدَّهْر أَو سَنْبةٌ أَي بُرْهةٌ وأَنشد شمر ماءَ الشَّبابِ عُنْفُوانَ سَنْبَتِه والسَّنْبَاتُ والسَّنْبةُ سُوءُ الخُلُقِ وسُرْعةُ الغَضَبِ عن ابن الأَعرابي وأَنشد قد شِبْتُ قَبْلَ الشَّيْبِ مِنْ لِداتي وذاكَ ما أَلْقَى من الأَذاةِ من زَوْجةٍ كثيرةِ السَّنْباتِ أَراد السَّنَباتِ فخفَّف للضرورة كما قال ذو الرمة
أَبَتْ ذِكْرَ مَنْ عوَّدْنَ أَحْشاءَ قَلْبِه ... خُفوقاً ورَقْصاتِ الهَوى في المَفاصِل
ورجُل سَنُوبٌ أَي مُتَغَضِّبٌ والسِّنْبابُ الرَّجل الكثير الشرّ قال والسَّنُوبُ الرَّجل الكَذَّابُ المُغْتابُ والمَسْنَبةُ الشِّرَّةُ ابن الأَعرابي السَّنْباءُ الاسْتُ وفرسٌ سَنِبٌ بكسر النون أَي كثير الجَرْي والجمع سُنُوبٌ الأَصمعي فرس سَنِبٌ إِذا كان كثيرَ العَدْوِ جواداً

( سنتب ) أَبو عمرو السَّنْتَبةُ الغِيبةُ المُحْكَمةُ

( سندب ) جَمَلٌ سِنْدَأْبٌ شديدٌ صُلْب وشكَّ فيه ابن دريد

( سنطب ) السَّنْطَبةُ طُولٌ مُضْطَرِبٌ التهذيب والسِّنْطابُ مِطْرَقةُ الحَدَّادِ واللّه تعالى أَعلم

( سهب ) السَّهْبُ والمُسْهَبُ والمُسْهِبُ الشديدُ الجَرْيِ البَطِيءُ العَرَقِ من الخَيْل قال أَبو داود
وقد أَغْدُو بِطِرْفٍ هَيْ ... كَلٍ ذِي مَيْعَةٍ سَهْبِ
والسَّهْبُ الفرسُ الواسعُ الجَرْيِ وأَسْهَبَ الفرسُ اتَّسَعَ في الجَرْي وسَبَقَ والمُسْهِبُ والمُسْهَبُ الكثيرُ الكلامِ قال الجعْدِيُّ غَيْرُ عَيِيٍّ ولا مُسْهِب ويروى مُسْهَب قال وقد اختُلف في هذه الكلمة فقال أَبو زيد المُسْهِبُ الكثير الكلام وقال ابن الأَعرابي أَسْهَب الرجلُ أَكثرَ الكلام فهو مُسْهَب بفتح الهاءِ ولا يقال بكسرها وهو نادر قال ابن بري قال أَبو علي البغدادي رجل مُسْهَبٌ بالفتح إِذا أَكثر الكلام في الخطإِ فإِن كان ذلك في صواب فهو مُسْهِبٌ بالكسر لا غير ومما جاءَ فيه أَفْعَلَ فهو مُفْعَلٌ أَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ وأَلْفَجَ فهو مُلْفَجٌ إِذا أَفْلَس وأَحْصَنَ فهو مُحْصَنٌ وفي حديث الرُّؤْيا أَكَلُوا وشَرِبُوا وأَسْهَبُوا أَي أَكثَروا وأَمْعَنُوا أَسْهَبَ فهو مُسْهَبٌ بفتح الهاءِ إِذا أَمْعَنَ في الشيءِ وأَطال وهو من ذلك وفي حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما قيل له ادْعُ اللّهَ لنا فقال أَكْرَه أَن أَكونَ من المُسْهَبِين بفتح الهاءِ أَي الكَثِيري الكلام وأَصله من السَّهْب [ ص 476 ] وهو الأَرضُ الواسِعةُ ويُجمع على سُهُبٍ وفي حديث علي رضي اللّه عنه وفرَّقَها بسُهُبِ بِيدِها وفي الحديث أَنه بعث خيلاً فأَسْهَبَتْ شَهْراً أَي أَمْعَنَتْ في سَيْرِها والمُسْهِبُ والمُسْهَبُ الذي لا تَنْتَهِي نَفْسُه عن شيءٍ طَمَعاً وشَرَهاً ورَجل مُسْهَبٌ ذاهِبُ العَقْلِ من لَدْغِ حَيَّةٍ أَو عَقْرَبٍ تقول منه أُسْهِبَ على ما لم يُسمَّ فاعله وقيل هو الذي يَهْذي من خَرَفٍ والتَّسْهِيبُ ذَهابُ العقل والفعلُ منه مُماتٌ قال ابن هَرْمةَ
أَمْ لا تَذَكَّرُ سَلْمَى وهْيَ نازِحةٌ ... إِلاَّ اعْتَراكَ جَوَى سُقْمٍ وتَسْهِيبِ
وفي حديث علي رضي اللّه عنه وضُرِبَ على قَلْبِه بالإِسْهابِ قيل هو ذَهابُ العقل ورجُل مُسْهَبُ الجسْمِ إِذا ذَهَبَ جِسْمُهُ مِن حُبٍّ عن يعقوب وحكى اللحياني رجل مُسْهَبُ العقل بالفتح ومُسْهَمٌ على البدل قال وكذلك الجسْم إِذا ذَهَبَ مِن شِدّةِ الحُبِّ وقال أَبو حاتم أُسْهِبَ السَّلِيمُ إِسْهاباً فهو مُسْهَبٌ إِذا ذهب عَقْلُه وعاشَ وأَنشد فباتَ شَبْعانَ وبات مُسْهَبَا وأَسْهَبْتُ الدَّابَّةَ إِسْهاباً إِذا أَهْمَلْتَها تَرْعَى فهي مُسْهَبةٌ قال طفيل الغنوي
نَزائِعَ مَقْذُوفاً على سَرَواتِها ... بِما لَمْ تُخالِسْها الغُزاةُ وتُسْهَبُ
أَي قد أُعْفِيَتْ حتى حَمَلَتِ الشَّحْمَ على سَرَواتِها قال بعضهم ومن هذا قيل للمِكْثارِ مُسْهَبٌ كأَنه تُرِكَ والكلام يتكلم بما شاءَ كأَنه وُسِّعَ عليه أَن يقول ما شاءَ وقال الليث إِذا أَعْطَى الرجلُ فأَكثرَ قيل قد أَسْهَبَ ومَكانٌ مُسْهِبٌ لا يَمْنَع الماءَ ولا يُمْسِكُه والمُسْهَبُ المُتَغَيِّرُ اللَّوْنِ مِن حُبٍّ أَو فَزَعٍ أَو مَرَضٍ والسُّهْبُ مِن الأَرضِ المُسْتَوي في سُهُولَةٍ والجمع سُهُوبٌ والسَّهْبُ الفَلاةُ وقيل سُهُوبُ الفَلاةِ نَواحِيها التي لا مَسْلَكَ فيها والسَّهْبُ ما بَعُدَ من الأَرضِ واسْتَوَى في طُمَأْنِينَةٍ وهي أَجْوافُ الأَرضِ وطُمَأْنِينَتُها الشيءَ القَلِيلَ تَقُودُ الليلةَ واليومَ ونحو ذلك وهو بُطُونُ الأَرضِ تكون في الصَّحارِي والمُتُونِ وربما تَسِيلُ وربما لا تَسِيلُ لأَنَّ فيها غِلَظاً وسُهُولاً تُنْبِتُ نَباتاً كثيراً وفيها خَطَراتٌ مِنْ شَجَرٍ أَي أَماكِنُ فيها شَجَرٌ وأَماكِنُ لا شجر فيها وقيل السُّهُوبُ المُسْتَوِيَةُ البَعِيدَةُ وقال أَبو عمرو السُّهُوبُ الواسِعةُ من الأَرضِ قال الكميت
أَبارِقُ إِن يَضْغَمْكُمُ اللَّيْثُ ضَغْمةً ... يَدَعْ بارِقاً مِثْلَ اليَبابِ مِنَ السَّهْبِ
وبِئْرٌ سَهْبةٌ بَعِيدَةُ القَعْر يخرج منها الريحُ ومُسْهَبةٌ أَيضاً بفتح الهاءِ والمُسْهَبةُ من الآبارِ التي يَغْلِبُكَ سِهْبَتُها حتى لا تَقْدِرَ على الماءِ وتُسْهِلَ وقال شمر المُسْهَبةُ من الرَّكايا التي يَحْفِرُونَها حتى يَبْلُغوا تُراباً مائقاً فيَغْلِبُهم [ ص 477 ] تَهَيُّلاً فيَدَعُونَها الكسائي بئر مُسْهَبةٌ التي لا يُدْرَكُ قَعْرُها وماؤُها وأَسْهَبَ القومُ حَفَروا فهَجَمُوا على الرَّمْلِ أَو الرِّيحِ قال الأَزهري وإِذا حَفَر القومُ فَهَجَمُوا على الرِّيحِ وأَخْلَفَهُم الماءُ قيل أَسْهَبُوا وأَنشد في وصْفِ بِئر كثيرة الماءِ
حَوْضٌ طَوِيٌّ نِيلَ من إِسْهابِها ... يَعْتَلِجُ الآذِيُّ مِنْ حَبابِها
قال وهي المُسْهَبةُ حُفِرت حتى بَلَغَتْ عَيْلَم الماءِ أَلا ترى أَنه قال نِيلَ مِن أَعْمَقِ قَعْرِها وإِذا بَلغَ حافِرُ البئرِ إِلى الرَّمْل قيل أَسْهَبَ وحَفَر القومُ حتى أَسْهَبُوا أَي بَلَغُوا الرَّمْل ولم يَخْرُجِ الماءُ ولم يُصِيبوا خيراً هذه عن اللحياني والمُسْهِبُ الغالب المُكْثِرُ في عَطائِه ومَضى سَهْبٌ من الليل أَي وَقْتٌ والسَّهْباءُ بِئر لبني سعد وهي أَيضاً رَوْضةٌ مَعْرُوفة مَخْصوصة بهذا الاسم قال الأَزهري ورَوْضةٌ بالصَّمَّان تسمى السَّهْباءَ والسَّهْبى مفازةٌ قال جرير
سارُوا إِليكَ مِنَ السَّهْبى ودُونَهُمُ ... فَيْجانُ فالحَزْنُ فالصَّمَّانُ فالوَكَفُ
والوَكَفُ لبني يَرْبُوعٍ

( سوب ) النهاية لابن الأَثير في حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما ذكْرُ السُّوبِيةِ وهي بضم السين وكسر الباءِ الموحدة وبعدها ياءٌ تحتها نقطتان نَبِيذٌ معروف يُتَّخذ من الحِنْطة وكثيراً ما يَشْرَبُه أَهلُ مِصر

( سيب ) السَّيْبُ العَطاءُ والعُرْفُ والنافِلةُ وفي حديث الاستسقاءِ واجْعَلْه سَيْباً نافِعاً أَي عَطاءً ويجوز أَن يريد مَطَراً سائباً أَي جارياً والسُّيُوبُ الرِّكاز لأَنها من سَيْبِ اللّهِ وعطائه وقال ثعلب هي المَعادِنُ وفي كتابه لوائلِ بن حُجْرٍ وفي السُّيُوبِ الخُمُسُ قال أَبو عبيد السُّيُوبُ الرِّكازُ قال ولا أُراه أُخِذَ إِلا من السَّيبِ وهو العطاءُ وأَنشد
فما أَنا منْ رَيْبِ المَنُونِ بجُبَّإٍ ... وما أَنا مِنْ سَيْبِ الإِلهِ بآيِسِ
وقال أَبو سعيد السُّيُوبُ عُروق من الذهب والفضة تَسِيبُ في المَعْدِن أَي تَتكون فيه ( 1 )
( 1 قوله « أي تتكون إلخ » عبارة التهذيب أي تجري فيه إلخ ) وتَظْهَر سميت سُيوباً لانْسِيابِها في الأَرض قال الزمخشري السُّيُوبُ جمع سَيْبٍ يريد به المالَ المدفون في الجاهلية أَو المَعْدِن لأَنه من فضلِ اللّه وعَطائه لمن أَصابَه وسَيْبُ الفرَس شَعَرُ ذَنَبِه والسَّيْبُ مُرديُّ السَّفينة والسَّيْبُ مصدر ساب الماءُ يَسِيبُ سَيْباً جَرى والسِّيبُ مَجْرَى الماءِ وجَمْعُه سُيُوبٌ وسابَ يَسِيبُ مشى مُسرِعاً وسابَتِ الحَيَّةُ تَسِيبُ إِذا مَضَتْ مُسْرِعةً أَنشد ثعلب
أَتَذْهَبُ سَلْمَى في اللِّمامِ فلا تُرَى ... وباللَّيْلِ أَيْمٌ حَيْثُ شاءَ يَسِيبُ ؟
وكذلك انْسابَتْ تَنْسابُ وسابَ الأَفْعَى وانْسابَ إِذا خرَج من مَكْمَنِه وفي الحديث [ ص 478 ] أَن رَجلاً شَرِبَ من سِقاءٍ فانْسابَتْ في بَطنِه حَيَّةٌ فَنُهِيَ عن الشُّرْبِ من فَمِ السِّقاءِ أَي دخَلَتْ وجَرَتْ مع جَرَيانِ الماءِ يقال سابَ الماءُ وانْسابَ إِذا جرَى وانْسابَ فلان نحوكُم رجَعَ وسَيَّبَ الشيءَ تركَه وسَيَّبَ الدَّابَّةَ أَو الناقةَ أَو الشيءَ تركَه يَسِيبُ حيث شاءَ وكلُّ دابَّةٍ تركْتَها وسَوْمَها فهي سائبةٌ والسائبةُ العَبْدُ يُعْتَقُ على أَن لا وَلاءَ له والسائبةُ البعيرُ يُدْرِكُ نِتاجَ نِتاجِه فيُسَيَّبُ ولا يُرْكَب ولا يُحْمَلُ عليه والسائبة التي في القرآن العزيز في قوله تعالى ما جَعَلَ اللّهُ منْ بَحِيرةٍ ولا سائبةٍ كان الرجلُ في الجاهلية إِذا قَدِمَ من سَفَرٍ بَعيدٍ أَو بَرِئَ من عِلَّةٍ أَو نَجَّتْه دابَّةٌ من مَشَقَّةٍ أَو حَرْبٍ قال ناقَتي سائبةٌ أَي تُسَيَّبُ فلا يُنْتَفَعُ بظهرها ولا تُحََّلأُ عن ماءٍ ولا تُمْنَعُ من كَلإٍ ولا تُركَب وقيل بل كان يَنْزِعُ من ظَهْرِها فقارةً أَو عَظْماً فتُعْرَفُ بذلك فأُغِيرَ على رَجل من العرب فلم يَجِدْ دابَّةً يركبُها فرَكِب سائبةً فقيل أَتَرْكَبُ حَراماً ؟ فقال يَركَبُ الحَرامَ مَنْ لا حَلالَ له فذهَبَتْ مَثَلاً وفي الصحاح السائبةُ الناقةُ التي كانت تُسَيَّبُ في الجاهِلِيَّةِ لِنَذْرٍ ونحوه وقد قيل هي أُمُّ البَحِيرَةِ كانتِ الناقةُ إِذا ولَدَتْ عَشْرَةَ أَبْطُن كُلُّهنَّ إِناثٌ سُيِّبَتْ فلم تُرْكَبْ ولم يَشْرَبْ لَبَنَها إِلا ولَدُها أَو الضَّيْفُ حتى تَمُوتَ فإِذا ماتتْ أَكَلَهَا الرجالُ والنساءُ جَميعاً وبُحِرَتْ أُذن بِنْتِها الأَخيرةِ فتسمى البَحِيرةَ وهي بمَنْزلةِ أُمِّها في أَنها سائبةٌ والجمع سُيَّبٌ مثلُ نائمٍ ونُوَّمٍ ونائحةٍ ونُوَّحٍ وكان الرَّجلُ إِذا أَعْتَقَ عَبْداً وقال هو سائبةٌ فقد عَتَقَ ولا يكون وَلاؤُه لِمُعْتِقِه ويَضَعُ مالَه حيث شاءَ وهو الذي وردَ النَّهْيُ عنه قال ابن الأَثير قد تكرر في الحديث ذكر السَّائبةِ والسَّوائِبِ قال كان الرَّجُلُ إِذا نذَرَ لقُدُومٍ مِن سَفَرٍ أَو بُرْءٍ من مَرَضٍ أَو غير ذلك قال ناقَتي سائبةٌ فلا تُمْنَعُ مِن ماءٍ ولا مَرْعًى ولا تُحْلَبُ ولا تُرْكَب وكان إِذا أَعْتَقَ عَبْداً فقال هو سائِبةٌ فلا عَقْل بينهما ولا مِيراثَ وأَصلُه من تَسْيِيبِ الدَّوابِّ وهو إِرسالُها تَذْهَبُ وتجيءُ حيث شاءَتْ وفي الحديث رأَيتُ عَمْرو بن لُحَيٍّ يَجُرُّ قُصْبَه في النَّارِ وكان أَوَّلَ من سَيَّبَ السَّوائِب وهي التي نَهى اللّهُ عنها بقوله ما جَعَلَ اللّهُ مِنْ بَحِيرَةٍ ولا سائبةٍ فالسَّائبة أُمُّ البَحِيرَةِ وهو مَذْكور في موضعه وقيل كان أَبو العالِيةِ سائبةً فلما هَلَكَ أُتِيَ مَولاه بميراثِه فقال هو سائبةٌ وأَبى أَنْ يأْخُذَه وقال الشافعيّ إِذا أَعْتَقَ عَبْدَه سائبةً فمات العبدُ وخَلَّفَ مالاً ولم يَدَعْ وارثاً غير مولاه الذي أَعْتَقَه فميراثُه لمُعْتِقِه لأَن النبيّ صلى اللّه عليه وسلم جَعَلَ الوَلاءَ لُحْمةً كَلُحْمةِ النَّسَب فكما أَنَّ لُحْمةَ النَّسبِ لا تَنْقَطِعُ كذلك الوَلاءُ وقد قال صلى اللّه عليه وسلم الوَلاءُ لمن أَعْتَقَ وروي عن عُمَرَ رَضي اللّه عنه أَنه قال السَّائِبةُ والصَّدقةُ ليومِهِما قال أَبو عبيدة في قوله ليَوْمهما أَي يَوْمِ القيامةِ واليَوْمِ الذي كان أَعْتَقَ سائبتَه وتصدّق بصدقتِه فيه يقول فلا يَرجِعُ إِلى الانتِفاع بشيءٍ منها بَعْدَ ذلك في الدنيا وذلك كالرَّجل [ ص 479 ] يُعْتِقُ عَبْدَه سائبةً فيَمُوتُ العَبْدُ ويَتْرُك مالاً ولا وارثَ له فلا ينبغي لِمُعتقه أَن يَرْزَأَ من مِيراثِه شيئاً إِلا أَن يَجْعَلَهُ في مِثْله وقال ابن الأَثير قوله الصَّدَقةُ والسَّائبةُ ليومِهما أَي يُرادُ بهما ثوابُ يومِ القيامةِ أَي مَن أَعْتَقَ سائِبَتَه وتَصَدَّقَ بِصَدقةٍ فلا يَرْجِعُ إِلى الانْتِفاعِ بشيءٍ منها بعدَ ذلك في الدنيا وإِن وَرِثَهما عنه أَحدٌ فَلْيَصْرِفْهُما في مِثْلِهما قال وهذا على وَجْهِ الفَضْلِ وطَلَبِ الأَجْرِ لا على أَنه حرامٌ وإِنما كانوا يَكْرَهُون أَن يَرْجِعُوا في شيءٍ جَعَلُوه للّه وطَلَبُوا به الأَجر وفي حديث عبدِاللّه السَّائبةُ يَضعُ مالَه حيثُ شاءَ أَي العَبْدُ الذي يُعْتَقُ سائِبةً ولا يكون ولاؤُه لِمُعْتِقِه ولا وارِثَ له فيَضَعُ مالَه حيثُ شاءَ وهو الذي ورَدَ النَّهْيُ عنه وفي الحديث عُرِضَتْ عَليَّ النارُ فرأَيتُ صاحِبَ السَّائِبَتَيْنِ يُدْفَعُ بِعَصاً السَّائِبتانِ بَدَنَتانِ أَهْداهما النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى البَيْت فأَخذهما رَجلٌ مِن المشركين فذَهَبَ بهما سمَّاهُما سائِبَتَيْنِ لأَنه سَيَّبَهُما للّه تعالى وفي حديثِ عبدالرحمن بن عَوْفٍ أَنَّ الحيلةَ بالمَنْطِقِ أَبْلَغُ من السُّيُوبِ في الكَلِمِ السُّيُوبُ ما سُيِّبَ وخُلِّي فسابَ أَي ذَهَبَ وسابَ في الكلام خاضَ فيه بهَذْرٍ أَي التَّلَطُّفُ والتَّقَلُّلُ منه أَبلَغُ من الإِكثارِ ويقال سابَ الرَّجُل في مَنْطِقِه إِذا ذَهَبَ فيه كلَّ مذهبٍ والسَّيَابُ مثل السَّحابِ البَلَحُ قال أَبو حنيفة هو البُسْر الأَخضرُ واحدته سَيابةٌ وبها سمي الرَّجل قال أُحَيْحةُ
أَقْسَمْتُ لا أُعْطِيكَ في ... كَعْب ومَقْتَلِه سَيابَهْ
فإِذا شَدَّدْته ضَمَمْتَه فقلت سُيَّابٌ وسُيّابةٌ قال أَبو زبيد
أَيَّامَ تَجْلُو لنا عن بارِدٍ رَتِلٍ ... تَخالُ نَكْهَتَها باللَّيْلِ سُيَّابَا
أَراد نَكْهةَ سُيَّابٍ وسُيَّابةٍ أَيضاً الأَصمعي إِذا تعقد الطلع حتى يصير بلحاً فهو السَّيابُ مُخَفَّف واحدته سَيابةٌ وقال شمر هو السَّدَى والسَّداءُ ممدود بلغة أَهل المدينة وهي السيَّابةُ بلغةِ وادي القُرَى وأَنشد للَبيدٍ سَيابةٌ ما بها عَيْبٌ ولا أَثَرُ قال وسمعت البحرانيين تقول سُيَّابٌ وسُيَّابةٌ وفي حديث أُسَيْد بن حُضَيْرٍ لو سَأَلْتَنا سَيابةً ما أَعْطَيْناكَها هي بفتح السين والتخفيف البَلحَةُ وجمعها سَيابٌ والسِّيبُ التُّفَّاحُ فارِسيّ قال أَبو العلاءِ وبه سُمِّيَ سيبويه سِيب تُفَّاحٌ وَوَيْه رائحتُه فكأَنه رائحة تُفَّاحٍ وسائبٌ اسمٌ من سابَ يَسِيبُ إِذا مَشى مُسْرِعاً أَو من سابَ الماءُ إِذا جَرى والمُسَيَّبُ من شُعَرائِهم والسُّوبانُ اسم وادٍ واللّه تعالى أَعلم

( شأب ) الشَّآبِيبُ مِن المَطر الدُّفعاتُ وشُؤْبُوبُ العَدْوِ مثله ابن سيده الشُّؤْبُوبُ الدُّفْعةُ من المطر وغيره وفي حديث عليّ كرم اللّه وجهه تَمْريهِ الجَنُوبُ دِرَر [ ص 480 ] أَهاضيبِه ودُفَعَ شَآبيبِه الشَّآبيبُ جمع شُؤْبُوبٍ وهو الدُّفْعةُ من المَطر وغيره أَبو زيد الشُّؤْبُوبُ المطر يُصيبُ المكان ويُخْطئُ الآخر ومثله النَّجوُ والنَّجاءُ وشُؤْبُوبُ كُل شيءٍ حَدُّه والجمع الشَّآبِيب قال كعب بن زُهير يذكر الحِمار والأُتُن
إِذا ما انتحاهُنَّ شُؤْبُوبُه ... رأَيْتَ لجاعِرَتَيه غُضونا
شُؤْبُوبه دُفْعَتُه يقول إِذا عَدا واشتَدَّ عَدوُه رأَيتَ لجاعِرَتَيْهِ تَكَسُّراً ولا يقال للمَطر شُؤْبُوبٌ إِلا وفيه بَرَدٌ ويقال للجارية إِنها لَحَسنة شآبيب الوجه وهو أَول ما يَظْهَر من حُسْنِها في عين النّاظر إِليها التهذيب في ترجمة غفر قالت الغَنويَّةُ ما سالَ من المُغْفُر فبَقِيَ شبه الخُيُوطِ بين الشَّجَرِ والأَرض يقال له شآبِيب الصَّمْغِ وأَنشدت
كأَنَّ سَبْلَ مَرْغِه المُلعْلعِ ... شُؤْبُوبُ صَمْغٍ طَلْحُه لم يُقْطعِ

( شبب ) الشَّباب الفَتاء والحداثةُ شبَّ يشِبُّ شباباً وشبيبةً وفي حديث شريح تجوزُ شهادةُ الصِّبيان على الكبار يُسْتشَبُّون أَي يُسْتشْهَدُ من شبَّ منهم وكَبر إِذا بَلَغ كأَنه يقول إِذا تحمَّلوها في الصِّبا وأَدَّوْها في الكِبر جاز والاسم الشَّبيبةُ وهو خِلافُ الشَّيبِ و الشباب جمع شابٍّ وكذلك الشُّبان الأَصمعي شَبَّ الغلامُ يَشِبُّ شَباباً وشُبوباً وشَبِيباً وأَشَبَّه اللّهُ وأَشَبَّ اللَّهُ قَرْنَه بمعنى والقَرْنُ زيادة في الكلام ورجل شابٌّ والجمع شُبَّانٌ سيبويه أُجري مجرى الاسم نحو حاجِرٍ وحُجْرانٍ والشَّبابُ اسم للجمع قال
ولقد غَدَوْتُ بسابِحٍ مَرِحٍ ... ومَعِي شَبابٌ كُلُّهُمْ أَخْيَل
وامرأَة شابَّةٌ مِن نِسوةٍ شَوابَّ زعم الخليل أَنه سمع أَعرابياً فَصيحاً يقول إِذا بَلَغَ الرَّجل سِتِّينَ فإِيَّاه وإِيَّا الشَّوابِّ وحكى ابن الأَعرابي رَجُل شَبٌّ وامرأَةٌ شَبَّةٌ يعني من الشَّبابِ وقال أَبو زيد يجوز نِسوةٌ شَبائِبُ في معنى شَوابَّ وأَنشد عَجائِزاً يَطْلُبْنَ شيئاً ذاهبا يَخْضِبْنَ بالحنَّاءِ شَيْباً شائِبا يَقُلْنَ كُنَّا مَرَّةً شَبائِبا قال الأَزهري شَبائِبُ جمع شبَّةٍ لا جمع شابَّةٍ مثل ضَرَّةٍ وضَرائِرَ وأَشَبَّ الرَّجُل بَنِينَ إِذا شَبَّ ولَده ويقال أَشَبَّتْ فُلانةُ أَولاداً إِذا شَبَّ لها أَولادٌ ومرَرْت برجال شَبَبةٍ أَي شُبَّانٍ وفي حديث بَدْرٍ لما بَرَز عُتْبةُ وشَيْبةُ والولِيدُ بَرَزَ إِليهم شَبَبةٌ من الأَنصار أَي شُبَّانٌ واحدهم شابٌّ وقد صَحَّفه بعضهم سِتّة وليس بشيءٍ ومنه حديث ابن عمر رضي اللّه عنهما كنتُ أَنا وابنُ الزُّبَيْر في شَبَبةٍ معَنا وقِدْحٌ شابٌّ شديدٌ كما قالوا في ضدّه قِدْحٌ هَرِمٌ وفي المثل أَعْيَيْتَنِي مِن شُبَّ إِلى دُبَّ ومن شُبٍّ إِلى دُبٍّ أَي من لَدُنْ شَبَبْتُ إِلى أَن دَبَبْتُ على العَصا يُجعَل ذلك بمنزلة الاسم بإِدخال مِن عليه وإِن كان في الأَصل فِعْلاً يقال ذلك للرجل والمرأَة كما قيل نَهَى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن قِيلَ وقالَ وما زالَ على خُلُقٍ واحدٍ [ ص 481 ]
من شُبٍّ إِلى دُبٍّ قال
قالت لَها أُخْتٌ لَها نَصَحَتْ ... رُدِّي فُؤَادَ الهائمِ الصَّبِّ
قالت ولِمْ ؟ قالت أَذَاكَ وقَدْ ... عُلِّقْتُكُمْ شُبّاً إِلى دُبِّ
ويقال فَعَلَ ذلك في شَبِيبَتِه ولَقِيتُ فُلاناً في شَبابِ النهار أَي في أَوَّله وجِئْتُك في شَبابِ النهارِ وبِشَبابِ نَهارٍ عن اللحياني أَي أَوّله والشَّبَبُ والشَّبُوبُ والمِشَبُّ كُلُّهُ الشَّابُّ من الثِّيرانِ والغَنَمِ قال الشاعر
بِمَورِكَتَيْنِ من صَلَوَيْ مِشَبٍّ ... مِنَ الثِّيران عَقْدُهما جَمِيلُ
الجوهري الشَّبَبُ المُسِنُّ من ثِيرانِ الوحشِ الذي انتهى أَسنانه وقال أَبو عبيدة الشَّبَبُ الثَّوْرُ الذي انتهى شَباباً وقيل هو الذي انتهى تمامُه وذَكاؤُه منها وكذلك الشَّبُوبُ والأُنثى شَبُوبٌ بغير هاءٍ تقول منه أَشَبَّ الثَّوْرُ فهو مُشِبٌّ وربما قالوا إِنه لَمِشَبٌّ بكسر الميم التهذيب ويقال للثَّوْرِ إِذا كان مُسِنّاً شَبَبٌ وشَبُوبٌ ومُشِبٌّ وناقة مُشِبَّةٌ وقد أَشَبَّت وقال أُسامة الهذلي
أَقامُوا صُدُورَ مُشِبَّاتِها ... بَواذِخَ يَقْتَسِرُونَ الصِّعابا
أَي أَقاموا هذه الإِبل على القَصْدِ أَبو عمرو القَرْهَبُ المُسِنُّ من الثِّيرانِ والشَّبوبُ الشابُّ قال أَبو حاتم وابن شميل إِذا أَحالَ وفُصِلَ فهو دَبَبٌ والأُنثَى دَبَبَةٌ والجمع دِبابٌ ثم شَبَبٌ والأُنثى شَبَبةٌ وتَشْبِيبُ الشِّعْر تَرْقِيقُ أَوَّله بذكر النساءِ وهو من تَشْبيب النار وتأْرِيثِها وشَبَّبَ بالمرأَة قال فيها الغَزَل والنَّسِيبَ وهو يُشَبِّبُ بها أَي يَنْسُبُ بها والتَّشْبِيبُ النَّسِيبُ بالنساءِ وفي حديث عبدالرحمن بن أَبي بكر رضي اللّه عنهما أَنه كان يُشَبِّبُ بلَيْلَى بنتِ الجُودِيّ في شِعْرِه تَشْبِيبُ الشِّعْر تَرْقِيقُه بذكر النساءِ وشَبَّ النارَ والحَرْبَ أَوقَدَها يَشُبُّها شَبّاً وشُبُوباً وأَشَبَّهَا وشَبَّتْ هي تَشِبُّ شَبّاً وشُبُوباً وشَبَّةُ النارِ اشْتِعالُها والشِّبابُ والشَّبُوبُ ما شُبَّ به الجوهري الشَّبوبُ بالفتح ما يُوقَدُ به النارُ قال أَبو حنيفة حكي عن أَبي عمرو بن العلاءِ أَنه قال شُبَّتِ النارُ وشَبَّتْ هي نفسُها قال ولا يقال شابَّةٌ ولكن مَشْبُوبةٌ وتقول هذا شَبُوبٌ لكذا أَي يَزيدُ فيه ويُقَوّيهِ وفي حديث أُمّ مَعْبَدٍ فلما سمع حَسَّانُ شِعْر الهاتِفِ شَبَّبَ يُجاوِبُه أَي ابتدأَ في جَوابِه من تَشْبِيبِ الكُتُبِ وهو الابتداءُ بها والأَخْذُ فيها وليس من تَشْبِيبٍ بالنساءِ في الشعر ويروى نَشِبَ بالنون أَي أَخذ في الشِّعْر وعَلِقَ فيه ورجل مَشْبوبٌ جميلٌ حسنُ الوَجْهِ كأَنه أُوقِد قال ذو الرمة
إِذا الأَرْوَعُ المَشْبوبُ أَضحَى كأَنه ... على الرَّحْلِ مِمَّا مَنَّه السيرُ أَحْمَقُ
وقال العجاج من قرَيْشٍ كلِّ مَشْبوبٍ أَغرّ ورجلٌ مَشْبُوبٌ إِذا كان ذَكِيَّ الفؤَادِ شَهْماً [ ص 482 ] وأَورد بيت ذي الرمة تقول شَعَرُها يَشُبّ لوْنَها أَي يُظْهِرُه ويُحَسِّنُه ويُظْهِرُ حُسْنَه وبَصِيصَه والمَشْبوبَتانِ الشِّعْرَيانِ لاتِّقادِهِما أَنشد ثعلب
وعَنْسٍ كأَلْواحِ الإِرانِ نَسَأْتُها ... إِذا قيلَ للمَشْبُوبَتَيْنِ هُما هُما
وشَبَّ لَوْنَ المرأَةِ خِمارٌ أَسْوَدُ لَبِسَتْه أَي زاد في بياضِها ولونها فحَسَّنَها لأَنَّ الضدّ يزيد في ضدّه ويُبْدي ما خَفِيَ منه ولذلك قالوا وبِضِدِّها تَتَبَيَّنُ الأَشْياءُ قال رجل جاهلي من طيئٍ
مُعْلَنْكِسٌ شَبَّ لَها لَوْنَها ... كما يَشُبُّ البَدْرَ لَوْنُ الظَّلام
يقول كما يَظْهَرُ لَوْنُ البدرِ في الليلةِ المظلمةِ وهذا شَبُوبٌ لهذا أَي يزيد فيه ويُحَسِّنُه وفي الحديث عن مُطَرِّف أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم ائْتَزَرَ ببُرْدَةٍ سَوْداءَ فجعلَ سَوادُها يَشُبُّ بياضَه وجعل بياضُه يَشُبُّ سَوادَها قال شمر يَشُبُّ أَي يَزْهاه ويُحَسِّنُه ويوقده وفي رواية أَنه لبس مِدْرَعةً سوداءَ فقالت عائشة ما أَحْسَنَها عليك يَشُبُّ سوادُها بياضَك وبياضُك سوادَها أَي تُحَسِّنُه ويُحَسِّنُها ورجل مَشْبُوبٌ إِذا كان أَبْيضَ الوَجْهِ أَسْوَدَ الشَّعَرِ وأَصْلُه من شَبَّ النارَ إِذا أَوْقَدَها فتَلأْلأَتْ ضِياءً ونُوراً وفي حديث أُم سلمة رضي اللّه عنها حين تُوُفِّيَ أَبو سلمة قالت جعَلْتُ على وجهي صَبِراً فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم إِنه يَشُبُّ الوجهَ فلا تَفْعَلِيه أَي يُلَوِّنُه ويُحَسِّنُه وفي حديث عمر رضي اللّه عنه في الجواهر التي جاءته من فَتْحِ نَهاوَنْدَ يَشُبُّ بعضُها بعضاً وفي كتابِه لوائِلِ بن حُجْرٍ إِلى الأَقيالِ العَباهِلةِ والأَرْواعِ المَشابِيبِ أَي السادةِ الرُّؤُوسِ الزُّهْرِ الأَلْوانِ الحِسانِ المَناظِرِ واحدُهم مشبوبٌ كأَنما أُوقِدَتْ أَلوانُهم بالنار ويروى الأَشِبَّاءُ جمع شَبِيبٍ فَعِيل بمعنى مفعول والشِّبابُ بالكسر نَشاطُ الفرَس ورَفْعُ يَدَيْه جميعاً وشَبَّ الفرسُ يَشِبُّ ويَشُبُّ شِباباً وشَبِيباً وشُبُوباً رَفَعَ يَديه جميعاً كأَنه يَنْزُو نَزَواناً ولَعِبَ وقَمَّصَ وأَشْبَيْتُه إِذا هَيَّجْتَه وكذلك إِذا حَرَنَ تقول بَرِئْتُ إِليك من شِبابِه وشَبِيبه وعِضاضِه وعَضِيضِه وقال ثعلب الشَّبِيبُ الذي تجوزُ رِجْلاه يَدَيْهِ وهو عَيْبٌ والصحيحُ الشَّئِيتُ وهو مذكور في مَوْضِعِه وفي حديث سُراقةَ اسْتَشِبُّوا على أَسْوُقِكُم في البَوْلِ يقول اسْتَوفِزُوا عليها ولا تَسْتَقِرُّوا على الأَرضِ بجَميعِ أَقْدامِكُم وتَدْنُو منها هو من شَبَّ الفَرسُ إِذا رَفَع يديه جَمِيعاً من الأَرض وأُشِبَّ لي الرَّجُلُ إِشْباباً إِذا رَفَعْتَ طَرْفَكَ فرأَيتَه من غير أَن تَرْجُوَه أَو تَحْتَسِبَه قال الهذلي
حتَّى أُشِبَّ لَها رامٍ بِمُحْدَلةٍ ... نَبْعٍ وبِيضٍ نَواحيهنَّ كالسَّجَمِ
السَّجَمُ ضَرْبٌ من الورق شَبَّه النِّعالَ بها [ ص 483 ] والسَّجَمُ الماءُ أَيضاً وأُشِبَّ لي كذا أَي أُتِيحَ لي وشُبَّ أَيضاً على ما لم يُسَمَّ فاعِلُه فيهما والشَّبُّ ارْتِفاعُ كلِّ شيءٍ أَبو عمرو شَبْشَبَ الرَّجل إِذا تَمَّمَ وشُبَّ إِذا رُفِعَ وشَبَّ إِذا أَلْهَبَ ابن الأَعرابي من أَسْماءِ العَقْرب الشَّوْشَبُ ويقال للقملة الشَّوْشَبةُ وشَبَّذَا زَيْدٌ أَي حَبَّذا حكاه ثعلب والشَّبُّ حِجارةٌ يُتَّخذ منها الزَّاجُ وما أَشبَهَه وأَجْوَدُه ما جُلِبَ من اليَمَن وهو شَبٌّ أَبيضُ له بَصِيصٌ شَديدٌ قال
أَلا لَيْتَ عَمِّي يَوْمَ فَرَّقَ بَيْنَنا ... سَقَى السُّمَّ مَمْزُوجاً بِشَبٍّ يَمَانِي ( 1 )
( 1 قوله « سقى السم » ضبط في نسخة عتيقة من المحكم بصيغة المبني للفاعل كما ترى )
ويروى بِشَبٍّ يَمانِي وقيل الشَّبُّ دواءٌ مَعْرُوفٌ وقيل الشَّبُّ شيءٌ يُشْبِهُ الزَّاجَ وفي حديث أَسماء رضي اللّه عنها أَنها
دَعَتْ بِمِرْكَنٍ وشَبٍّ يَمانٍ الشَّبُّ حَجَر مَعْرُوفٌ يُشْبِهُ الزّاجَ يُدْبَغُ به الجُلُود وعَسَلٌ شَبابِيٌّ يُنْسَبُ إِلى بني شَبابةَ قوم بالطَّائفِ من بَني مالك بن كِنانةَ ينزلون اليمن وشَبَّةُ وشَبِيبٌ اسما رجلين وبنُو شَبابةَ قَوْم مِن فَهْم بن مالك سَمَّاهم أَبو حنيفة في كتاب النبات وفي الصحاح بَنُو شَبابةَ قَوْمٌ بالطّائفِ واللّه أَعلم

( شجب ) شَجَبَ بالفتح يَشْجُبُ بالضم شُجُوباً وشَجِبَ بالكسر يَشْجَبُ شَجَباً فهو شاجِبٌ وشَجِبٌ حَزِنَ أَو هَلَكَ وشَجَبَه اللّهُ يَشْجُبُه شَجْباً أَي أَهْلَكَه يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى يقال ما له شَجَبَه اللّهُ أَي أَهْلَكَه وشَجَبَه أَيضاً يَشْجُبُه شَجْباً حَزَنَه وشَجَبَه شَغَله وفي الحديث الناسُ ثلاثةٌ شاجِبٌ وغانِمٌ وسالِمٌ فالشاجِبُ الذي يَتَكَلَّم بالرَّدِيءِ وقيل الناطِقُ بالخَنا المُعِينُ على الظُّلْمِ والغانِمُ الذي يَتَكَلَّم بالخَيْرِ ويَنْهَى عن المنكر فيَغْنَمُ والسالِمُ الساكتُ وفي التهذيب قال أَبو عبيد الشاجِبُ الهالِكُ الآثِمُ قال وشَجَبَ الرجلُ يَشْجُبُ شُجُوباً إِذا عَطِبَ وهَلَكَ في دِينٍ أَو دُنْيا وفي لغة شَجِبَ يَشْجَبُ شَجَباً وهو أَجْوَدُ اللُّغَتين قاله الكسائي وأَنشد للكُمَيْت
لَيْلَك ذا لَيْلَكَ الطويلَ كما ... عالَجَ تَبْريحَ غُلِّه الشَّجِبُ
وامرأَةٌ شَجُوبٌ ذاتُ هَمٍّ قَلْبُها مُتَعَلِّقٌ به والشَّجَبُ العَنَتُ يُصِيبُ الإِنسانَ من مَرَضٍ أَو قِتال وشَجَبُ الإِنسانِ حاجتُه وهَمُّه وجمعه شُجُوبٌ والأَعرف شَجَنٌ بالنون وسيأْتي ذكره في موضعه الأَصمعي يقال إِنك لتَشْجُبُني عن حاجتي أَي تَجْذِبُني عنها ومنه يقال هو يَشْجُبُ اللِّجامَ أَي يَجْذِبُه والشَّجَبُ الهَمُّ والحَزَنُ وأَشْجَبه الأَمْرُ فشَجِبَ له شَجَباً حَزِنَ وقد أَشْجَبَك الأَمْرُ فشَجِبْتَ شَجَباً وشَجَبَ الشيءُ يَشْجُبُ شَجْباً وشُجُوباً ذَهَبَ وشَجَبَ الغُرابُ يَشْجُبُ شَجِيباً نَعَقَ بالبَيْنِ وغرابٌ شاجِبٌ يَشْجُبُ شَجِيباً وهو الشديدُ [ ص 484 ] النَّعِيقِ الذي يَتَفَجَّعُ مِن غِرْبانِ البَيْنِ وأَنشد
ذَكَّرْن أَشْجاناً لِمَنْ تَشَجَّبا ... وهِجْنَ أَعْجاباً لِمَنْ تَعَجَّبا
والشِّجابُ خَشَباتٌ مُوَثَّقةٌ منصوبةٌ تُوضَعُ عليها الثِّيابُ وتُنْشَر والجمع شُجُبٌ والمِشْجَبُ كالشِّجابِ وفي حديث جابِرٍ وثَوْبهُ على المِشْجَبِ وهو بكسر الميم عِيدانٌ يُضَمُّ رُؤُوسها ويُفَرَّجُ بين قَوائمِها وتُوضَعُ عليها الثِّيابُ وقد تُعَلَّقُ عليها الأَسْقِيةُ لتَبْريدِ الماءِ وهو من تَشاجَبَ الأَمْرُ إِذا اخْتَلَطَ والشُّجُبُ الخَشَباتُ الثلاثُ التي يُعَلِّق عليها الراعِي دَلْوَه وسِقاءَه
والشّجْبُ عَمُود من عُمُدِ البيت والجمع شُجُوب قال أَبو وِعاسٍ الهُذَلي يَصِفُ الرِّماح
كأَنَّ رِماحَهم قَصْباءُ غِيلٍ ... تَهَزْهَزُ مِن شَمالٍ أَو جَنُوبِ
فَسامُونا الهِدانةَ مِن قَريبٍ ... وهُنَّ مَعاً قِيامٌ كالشُّجُوبِ
قال ابن بري الشعر لأُسامةَ بن الحَرثِ الهذلي وهُنَّ ضميرُ الرِّماح التي تقدّمَت في البيت الأَوَّل وسامُونا عَرضُوا علينا والهِدانةُ المُهادَنةُ والمُوادَعةُ والشَّجْبُ سِقاءٌ يابسٌ يُجعلُ فيه حَصى ثم يُحَرَّكُ تُذْعَرُ به الإِبل وسِقاءٌ شاجِبٌ أَي يابسٌ قال الراجز لَوْ أَنّ سَلْمَى ساوَقَتْ رَكائِبي وشَرِبَتْ مِن ماءِ شَنٍّ شاجِبِ وفي حديث ابن عباس رضي اللّه عنهما أَنه باتَ عند خالتِه مَيْمونةَ قال فقام النبيُّ صلى اللّه عليه وسلم إِلى شَجْبٍ فاصْطَبَّ منه الماءَ وتَوَضَّأَ الشَّجْبُ بالسكون السِّقاءُ الذي أَخْلَقَ وبَلِيَ وصارَ شَنّاً وهو من الشَّجْبِ الهلاكِ ويجمع على شُجُبٍ وأَشْجابٍ قال الأَزهري وسمعتُ أَعرابياً من بني سُلَيْمٍ يقول الشَّجْب من الأَساقِي ما تَشَنَّنَ وأَخْلَقَ قال وربما قُطِعَ فَمُ الشَّجْبِ وجُعِلَ فيه الرُّطَبُ ابن دريد الشَّجْبُ تَداخُلُ الشيء بعضه في بعضٍ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فاسْتَقَوْا من كلّ بِئرٍ ثلاثَ شُجُبٍ وفي حديث جابر رضي اللّه عنه كان رجل من الأَنصارِ يُبَرّدُ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الماء في أَشْجابِه وشَجَبَه بِشِجابٍ أَي سَدَّه بِسِدادٍ وبَنُو الشَّجْبِ قبيلةٌ من كَلْبٍ قال الأَخطل
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ وياسَرَتْ ... بِنا العِيسُ عن عَذْراءَ دارِ بَني الشَّجْبِ
ويَشْجُبُ حَيٌّ وهو يَشْجُبُ بن يَعْرُبَ بن قَحْطانَ واللّه أَعلم

( شحب ) شَحَبَ لَوْنُه وجِسْمُه يَشْحَبُ ويَشْحُبُ بالضم شُحُوباً وشَحُبَ شُحُوبةً تَغَيَّرَ من هُزالٍ أَو عَمَلٍ أَو جُوعٍ أَو سَفَرٍ ولم يُقَيِّد في الصحاح التغير بسَبَب بل قال شَحُبَ جِسْمُه إِذا تغَيَّرَ وأَنشد للنمر بن تولب
وفي جِسْمِ راعِيها شُحُوبٌ كأَنه ... هُزالٌ وما مِنْ قِلَّةِ الطُّعمِ يُهْزَلُ
وقال لبيد في الأَوّل [ ص 485 ]
رَأَتْني قد شَحَبْتُ وسَلَّ جِسْمي ... طِلابُ النّازِحاتِ من الهُمُومِ
وقول تَأَبَّطَ شَرّاً
ولكِنَّني أُرْوِي مِنَ الخَمْرِ هامَتي ... وأَنْضُو المَلا بالشَّاحِبِ المُتَشَلْشِلِ
والمُتَشَلْشِلُ على هذا الذي تَخَدَّدَ لَحْمه وقلَّ وقيل الشاحِبُ هنا السَّيْفُ يَتَغَيَّر لوْنُه بما يَبِسَ عليه من الدَّم فالمُتَشَلْشِلُ على هذا هو الذي يَتَشَلْشَلُ بالدم وأَنْضُو أَنزِعُ وأَكشِفُ والشّاحِبُ المَهْزولُ قال
وقَد يَجْمَعُ المالَ الفَتى وهو شاحِبٌ ... وقد يُدْرِكُ المَوْتُ السَّمِينَ البَلَنْدَحا
وفي الحديث مَنْ سَرَّه أَن يَنظُر إِليَّ فلْيَنْظُر إِلى أَشْعَثَ شاحِبٍ والشّاحِبُ المُتَغَيِّر اللَّونِ لعارضٍ من مَرَضٍ أَو سَفَرٍ أَو نحوهما ومنه حديث ابن الأَكْوَعِ رآني رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم شاحِباً شاكياً وفي حديث ابن مسعود رضي اللّه عنه يَلْقَى شَيْطانُ الكافِرِ شَيطانَ المؤْمِن شاحِباً وفي حديث الحسن لا تَلْقَى المُؤْمِنَ إِلاَّ شاحِباً لأَنَّ الشُّحوبَ من آثار الخَوفِ وقِلَّةِ المأْكل والتَّنَعُّم وشَحَبَ وَجْهَ الأَرضِ يَشْحَبُه شَحْباً قَشَرَه يمانِيةٌ

( شخب ) الشَّخْبُ والشُّخْبُ ما خَرَجَ مِن الضَّرْعِ مِن اللَّبن إِذا احْتُلِبَ والشَّخْبُ بالفتح المصدر وفي المثل شُخْبٌ في الإِناءِ وشُخْبٌ في الأَرض أَي يُصِيبُ مَرَّة ويُخْطِئُ أُخرى والشُّخْبةُ الدُّفْعة منه والجمع شِخابٌ وقيل الشُّخْبُ بالضم من اللبن ما امْتَدَّ منه حين يُحْلَبُ متصلاً بين الإِناءِ والطُّبْيِ شَخَبَه شَخْباً فانْشَخَبَ وقيل الشَّخْبُ صوتُ اللَّبنِ عند الحَلبِ شَخَبَ اللبنُ يَشْخُبُ ويَشْخَبُ ومنه قول الكميت
وَوَحْوَحَ في حِضْنِ الفَتاةِ ضَجِيعُها ... ولمْ يَكُ في النُّكْدِ المَفالِيتِ مَشْخَبُ
والأُشْخُوبُ صوتُ الدِّرَّة يقال إِنها لأُشْخُوب الأَحالِيلِ وفي حديث الحَوض يَشْخُبُ فيه مِيزابانِ من الجنة والشَّخْبُ الدَّمُ وكل ما سالَ فقد شَخَبَ وشَخَبَ أَوداجَه دَماً فانشَخَبَت قطَعَها فسالتْ ووَدَجٌ شَخِيبٌ قُطِعَ فانْشَخَبَ دَمُه قال الأَخطل
جادَ القِلالُ له بذاتِ صُبابةٍ ... حَمْراء مِثْلِ شَخِيبةِ الأَوداجِ
قال وقد يكون شَخِيبة هنا في معنى مَشْخُوبةٍ وثبتت الهاء فيهما كما تثبُت في الذَّبيحةِ وفي قولهم بئسَ الرَّمِيَّةُ الأَرْنَبُ وانْشَخَبَ عِرْقُه دَماً إِذا سال وقولهم عُروقُه تَنْشخِبُ دماً أَي تتفَجَّر وفي الحديث يُبْعَثُ الشَّهِيدُ يوم القيامة وجُرْحُه يَشْخُب دَماً الشَّخْبُ السَّيَلانُ وأَصلُ الشَّخْبِ ما يخرج من تحت يدِ الحالِبِ عند كل غَمْزَةٍ وعَصْرَة لضَرعِ الشاةِ وفي الحديث انَّ المَقْتولَ يجيءُ يوم القيامة تَشْخُب أَوداجُه دَماً والحديث الآخر فأَخَذَ مشاقِصَ فقَطَع بَراجِمَه فشَخَبَت يداهُ حتى ماتَ والشِّخابُ اللبَنُ يمانِيةٌ واللّه أَعلم

( شخدب ) شُخْدُبٌ دُوَيْبَّة من أَحْناشِ الأَرض [ ص 486 ]

( شخرب ) شَخْرَبٌ وشُخارِبٌ غليظٌ شديد

( شخلب ) قال الليث مَشْخَلَبةٌ كلمة عِراقِيَّةٌ ليس على بنائها شيء من العَرَبِيَّة وهي تُتَّخَذ من اللِّيفِ والخَرَزِ أَمثالَ الحُلِيِّ قال وهذا حديثٌ فاشٍ في الناس يا مَشْخَلَبهْ ماذا الجَلَبهْ ؟ تَزَوَّجَ حَرْمله بعَجُوزٍ أَرْمَلَه قال وقد تسمى الجاريةُ مَشْخَلَبةً بما يُرى عليها من الخَرَزِ كالحُلِيِّ

( شذب ) الشَّذَبُ قِطَعُ الشَّجَرِ الواحدة شَذَبةٌ وهو أَيضاً قِشْرُ الشجر والشَّذْبُ المصدر والفعل يَشْذُبُ وهو القَطْعُ عن الشجر وقد شَذَب اللِّحاءَ يَشْذُبُه ويَشْذِبُه وشَذَّبَه قَشَره وشَذَبَ العُودَ يَشْذُبُه شَذْباً أَلقَى ما عليه من الأَغْصانِ حتى يَبْدُوَ وكذلك كلُّ شيءٍ نُحِّي عن شيءٍ فقد شُذِبَ عنه كقوله نَشْذِبُ عن خِنْدِفَ حتى تَرْضَى أَي ندفع عنها العِدا وقال رؤبة يَشْذِبُ أُولاهُنَّ عن ذاتِ النَّهَقْ ( 1 )
( 1 قوله « أُولاهن » كذا في النسخ تبعاً للتهذيب والذي في التكملة أُخراهن )
أَي يَطْرد والشَّذَبةُ بالتحريك ما يُقْطَعُ مما تفرَّق من أَغصان الشجر ولم يكن في لُبّه والجمع الشَّذَبُ قال الكميت
بَلْ أَنتَ في ضِئْضِئِ النُّضارِ مِنَ ... النَّبْعَةِ إِذ حَظُّ غيرِك الشَّذَبُ
الشَّذَبُ القُشورُ والعِيدانُ المتفرّقةُ وشَذَّبَ الشجرةَ تَشذِيباً وجِذْعٌ مُشَذَّبٌ أَي مُقَشَّر إِذا قَشَرْتَ ما عليه من الشَّوْكِ ومنه قولهم رجلٌ شاذِبٌ إِذا كان مُطَّرَحاً مَأْيوساً من فَلاحِه كأَنه عَرِيَ من الخَير شُبِّهَ بالشَّذَبِ وهو ما يُلْقَى من النخلةِ من الكَرانِيفِ وغير ذلك وقال شمر شَذَبْتُه أَشْذِبُه شَذْباً وشلَلْتُه شَلاًّ وشَذَّبْتُه تَشْذِيباً بمعنى واحد وقال بُرَيقٌ الهُذليُّ
يُشَذِّبُ بالسَّيْفِ أَقرانَه ... إِذْ فَرَّ ذُو اللِّمَّةِ الفَيْلَمُ
وأَنشد شمر قول ابن مقبل
تَذُبُّ عنه بلِيفٍ شَوْذَبٍ شَمِلٍ ... يَحْمِي أَسِرَّةَ بَين الزَّوْرِ والثَّفَنِ
بِلِيفٍ أَي بذَنَبٍ والشَّمِلُ الرَّقِيقُ والأَسِرَّةُ الخُطوطُ واحدها سِرَرٌ وشَذَّبَ الجِذْعَ أَلقَى ما عليه من الكَرَبِ والمِشْذَبُ المِنْجَلُ الذي يُشَذَّبُ به وقال أَبو حنيفة التَّشْذيبُ في القِدْحِ العَملُ الأَوَّلُ والتهذيبُ العملُ الثاني وهو مذكور في موضعه وشَذَّبَه عن الشيء طَرَده قال أَنا أَبو ليْلى وسَيْفِي المَعْلُوبْ هل يُخْرِجَنْ ذَوْدَكَ ضَرْبٌ تَشْذيبْ ونَسَبٌ في الحَيِّ غَيرُ مَأْشُوبْ أَراد ضَرْبٌ ذو تَشْذيبٍ والتَّشْذِيبُ التَّفريقُ والتَّمزيقُ في المال ونحوه القتيبي شذَّبْتُ المالَ إِذا فرَّقْته وكأَنَّ المُفْرِطَ في الطُّول فُرِّقَ خَلْقُه ولم يُجْمَع ولذلك قيل [ ص 487 ] له مُشَذَّبٌ وكلُّ شيء تَفَرَّقَ شُذِّبَ قال ابن الأَنباري غلط القتيبي في المُشَذّب أَنه الطويلُ البائنُ الطُّول وأَن أَصله من النخلة التي شُذِّبَ عنها جَريدها أَي قُطِّعَ وفُرِّقَ قال ولا يقال للبائنِ الطُّول إِذا كان كثير اللحم مُشذَّبٌ حتى يكون في لحمه بعضُ النُّقْصان يقال فرسٌ مُشَذَّبٌ إِذا كان طويلاً ليس بكثير اللحم وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه شَذَّبهم عَنا تَخَرُّم الآجال وشَذَبَ عنه شَذْباً أَي ذَبَّ والشَّاذِبُ المُتَنَحِّي عن وطنه ويقال الشَّذَبُ المُسَنَّاة ورجل شَذْبُ العُروقِ أَي ظاهِرُ العُرُوقِ وأَشْذابُ الكلإِ وغيرِه بَقاياه الواحد شَذَبٌ وهو المأْكول قال ذوالرمة
فأَصْبَحَ البَكْرُ فَرْداً من أَلائِفِه ... يَرْتادُ أَحْلِيَةً أَعْجازُها شَذَبُ
والشَّذَبُ مَتاعُ البيتِ من القُماشِ وغيره ورجل مُشَذَّبٌ طَويلٌ وكذلك الفَرس أَنشد ثعلب
دَلوٌ تَمَأّى دُبِغَتْ بالحُلَّبِ ... بَلَّتْ بِكَفَّيْ عَزَبٍ مُشَذَّبِ
والشَّوْذَبُ من الرجال الطويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ وفي صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان أَطْولَ من المَرْبوعِ وأَقصَرَ من المُشَذَّبِ قال أَبو عبيد المُشَذَّبُ المُفْرِطُ في الطُّول وكذلك هو من كل شيء قال جرير
أَلوى بها شَذْبُ العُروقِ مُشَذَّبٌ ... فكأَنها وكَنَتْ على طِرْبالِ
رواه شمر أَلوَى بها شَنِقُ العُروقِ مُشَذَّبٌ والشَّوْذَبُ الطويلُ النَّجِيبُ من كل شيء وشَوْذبٌ اسم

( شرب ) الشَّرْبُ مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً ابن سيده شَرِبَ الماءَ وغيره شَرْباً وشُرْباً وشِرْباً ومنه قوله تعالى فشارِبون عليه من الحَميمِ فشارِبون شُرْبَ الهِيمِ بالوجوه الثلاثة قال سعيد بن يحيى الأُموي سمعت أَبا جريج يقرأُ فشارِبون شَرْبَ الهِيمِ فذكرت ذلك لجعفر بن محمد فقال وليست كذلك إِنما هي شُرْب الهِيمِ قال الفراء وسائر القراء يرفعون الشين وفي حديث أَيّامِ التَّشْريق إِنها أَيامُ أَكل وشُربٍ يُروى بالضم والفتح وهما بمعنى والفتح أَقل اللغتين وبها قرأَ أَبو عمرو شَرْب الهِيمِ يريد أَنها أَيام لا يجوز صَومُها وقال أَبو عبيدة الشَّرْبُ بالفتح مصدر وبالخفض والرفع اسمان من شَرِبْتُ والتَّشْرابُ الشُّرْبُ فأَما قول أَبي ذؤيب
شَرِبنَ بماءِ البحرِ ثم تَرَفَّعَتْ ... مَتى حَبَشِيَّاتٍ لَهُنَّ نئِيجُ ( 1 )
( 1 قوله « متى حبشيات » هو كذلك في غير نسخة من المحكم )
فإِنه وصفَ سَحاباً شَرِبنَ ماء البحر ثم تَصَعَّدْنَ فأَمْطَرْن
ورَوَّيْنَ والباء في قوله بماء البحر زائدة إِنما هو شَرِبنَ ماء البحر قال ابن جني هذا هو الظاهر من الحالِ والعُدُولُ عنه تَعَسُّفٌ قال وقال بعضهم شَرِبنَ مِن ماء البحر فأَوْقَع الباء مَوْقِعَ من قال وعندي أَنه لما كان شَرِبنَ في معنى رَوِينَ وكان رَوِينَ مما يتعدَّى بالباءِ عَدَّى شَرِبنَ بالباءِ ومثله كثير منه ما مَضَى ومنه ما [ ص 488 ] سيأْتي فلا تَسْتَوْحِش منه والاسم الشِّرْبةُ عن اللحياني وقيل الشَّرْبُ المصدر والشِّرْبُ الاسم والشِّرْبُ الماء والجمع أَشرابٌ والشَّرْبةُ من الماءِ ما يُشْرَبُ مَرَّةً والشَّرْبةُ أَيضاً المرةُ الواحدة من الشُّرْبِ والشِّرْبُ الحَظُّ من الماءِ بالكسر وفي المثل آخِرُها أَقَلُّها شِرْباً وأَصلُهُ في سَقْيِ الإِبل لأَنَّ آخِرَها يرد وقد نُزِفَ الحوْضُ وقيل الشِّرْبُ هو وقتُ الشُّرْبِ قال أَبو زيد الشِّرْبُ المَوْرِد وجمعه أَشْرابٌ قال والمَشْرَبُ الماء نَفسُه والشَّرابُ ما شُرِب من أَيِّ نوْعٍ كان وعلى أَيّ حال كان وقال أَبو حنيفة الشَّرابُ والشَّرُوبُ والشَّرِيبُ واحد يَرْفَع ذلك إِلى أَبي زيد ورَجلٌ شارِبٌ وشَرُوبٌ وشَرّابٌ وشِرِّيبٌ مُولَع بالشَّرابِ كخِمِّيرٍ التهذيب الشَّرِيبُ المُولَع بالشَّراب والشَّرَّابُ الكثيرُ الشُّرْبِ ورجل شَروبٌ شديدُ الشُّرْب وفي الحديث مَن شَرِبَ الخَمْرَ في الدنيا لم يَشْرَبها في الآخرة قال ابن الأَثير هذا من باب التَّعْلِيقِ في البيان أَراد أَنه لم يَدْخُلِ الجنَّةَ لأَنَّ الجنةَ شرابُ أَهلِها الخمْرُ فإِذا لم يَشْرَبْها في الآخرة لم يَكن قد دَخَلَ
الجنةَ والشَّرْبُ والشُّرُوبُ القَوم يَشْرَبُون ويجْتَمعون على الشَّراب قال ابن سيده فأَما الشَّرْبُ فاسم لجمع شارِب كرَكْبٍ ورَجْلٍ وقيل هو جمع وأَما الشُّروب عندي فجمع شاربٍ كشاهدٍ وشُهودٍ وجعله ابن الأَعرابي جمع شَرْبٍ قال وهو خطأٌ قال وهذا ممَّا يَضِيقُ عنه عِلْمُه لجهله بالنحو قال الأَعشى
هو الواهِبُ المُسْمِعاتِ الشُّرُو ... بَ بَين الحَريرِ وبَينَ الكَتَنْ
وقوله أَنشده ثعلب
يَحْسَبُ أَطْمَاري عَليَّ جُلُبا ... مِثلَ المَنادِيلِ تُعاطَى الأَشرُبا ( 1 )
( 1 قوله « جلبا » كذا ضبط بضمتين في نسخة من المحكم )
يكون جمع شَرْبٍ كقول الأَعشى
لها أَرَجٌ في البَيْتِ عالٍ كأَنما ... أَلمَّ بهِ مِن تَجْرِ دارِينَ أَرْكُبُ
فأَرْكُبٌ جمع رَكْبٍ ويكون جمع شَارِبٍ وراكِبٍ وكلاهما نادر لأَنَّ سيبويه لم يذكر أَن فاعلاً قد يُكَسَّر على أَفْعُلٍ وفي حديث علي وحمزة رضي اللّه عنهما وهو في هذا البيت في شَرْبٍ من الأَنصار الشَّرْبُ بفتح الشين وسكون الراء الجماعة يَشْرَبُونَ الخمْر التهذيب ابن السكيت الشِّرْبُ الماءُ بعَينهِ يُشْرَبُ والشِّرْبُ النَّصِيبُ من الماء والشَّرِيبةُ من الغنم التي تُصْدِرُها إِذا رَوِيَتْ فتَتْبَعُها الغَنمُ هذه في الصحاح وفي بعض النسخ حاشيةٌ الصواب السَّريبةُ بالسين المهملة وشارَبَ الرَّجُلَ مُشارَبَةً وشِراباً شَرِبَ معه وهو شَرِيبي قال
رُبَّ شَرِيبٍ لكَ ذِي حُساسِ ... شِرابُه كالحَزِّ بالمَواسي
والشَّرِيبُ صاحِبُكَ الذي يُشارِبُكَ ويُورِدُ إِبلَه معَكَ وهو شَرِيبُك قال الراجز [ ص 489 ] إِذا الشَّرِيبُ أَخَذَتْه أَكَّهْ فخلِّه حتى يَبُكَّ بَكَّهْ وبه فسر ابن الأَعرابي قوله رُبَّ شَرِيب لك ذي حُساس قال الشَّرِيبُ هنا الذي يُسْقَى مَعَك والحُساسُ الشُّؤْم والقَتْلُ يقول انتِظارُك إِيَّاه على الحوضِ قَتْلٌ لك ولإِبلِك قال وأَما نحن ففَسَّرْنا الحُساسَ هنا بأَنه الأَذَى والسَّوْرةُ في الشَّراب وهو شَرِيبٌ فَعِيلٌ بمعنى مُفاعِل مثل نَديم وأَكِيل وأَشْرَبَ الإِبِلَ فَشرِبَتْ وأَشْرَبَ الإِبل حتى شَرِبَتْ وأَشْرَبْنَا نحن رَوِيَتْ إِبلُنا وأَشْرَبْنا عَطِشْنا أَو عَطِشَت إِبلُنا وقوله اسْقِنِي فإِنَّنِي مُشْرِب رواه ابن الأَعرابي وفسره بأَنَّ معناه عطشان يعني نفسه أَو إِبله قال ويروى فإِنَّكَ مُشْرِب أَي قد وجَدْتَ مَن يَشْرَبُ التهذيب المُشْرِبُ العَطْشان يقال اسْقِنِي فإِنِّي مُشْرِب والمُشْرِبُ الرجُل الذي قد عَطِشَت إِبلُه أَيضاً قال وهذا قول ابن الأَعرابي قال وقال غيره رَجل مُشْرِبٌ قد شَرِبَت إِبله ورجل مُشرِبٌ حانَ لإِبلِه أَن تَشْرَبَ قال وهذا عنده من الأَضداد والمَشْرَبُ الماء الذي يُشْرَبُ والمَشْرَبةُ كالمَشْرَعةِ وفي الحديث مَلْعُونٌ ملعونٌ مَن أَحاطَ على مَشْرَبةٍ المَشْرَبة بفتح الراءِ من غير ضم الموضع الذي يُشْرَبُ منه كالمَشْرَعةِ ويريد بالإِحاطة تَملُّكَه ومنعَ غيره منه والمَشْرَبُ الوجهُ الذي يُشْرَبُ منه ويكون موضعاً ويكون مصدراً وأَنشد
ويُدْعَى ابنُ مَنْجُوفٍ أَمامي كأَنه ... خَصِيٌّ أَتَى للماءِ مِنْ غَيْرِ مَشْرَبِ
أَي من غير وجه الشُّرْب والمَشْرَبُ شَرِيعةُ النَّهر والمَشْرَبُ المَشْروبُ نفسُه والشَّرابُ اسم لما يُشْرَبُ وكلُّ شيء لا يُمْضَغُ فإِنه يقال فيه يُشْرَبُ والشَّرُوبُ ما شُرِبَ والماء الشَّرُوب والشَّريبُ الذي بَيْنَ العَذْبِ والمِلْح وقيل الشَّروب الذي فيه شيء من عُذوبةٍ وقد يَشْرَبُه الناس على ما فيه والشَّرِيبُ دونه في العُذوبةِ وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند ضرورة وقد تَشْرَبُه البهائم وقيل الشَّرِيبُ العَذْبُ وقيل الماء الشَّرُوب الذي يُشْرَبُ والمأْجُ المِلْحُ قال ابن هرمة
فإِنَّكَ بالقَرِيحةِ عامَ تُمْهى ... شَروبُ الماء ثم تَعُودُ مَأْجا
قال هكذا أَنشده أَبو عبيد بالقَرِيحة والصواب كالقَرِيحةِ التهذيب أَبو زيد الماء الشَّريبُ الذي ليس فيه عُذوبةٌ وقد يَشْرَبُه الناسُ على ما فيه والشَّرُوبُ دُونهُ في العُذوبةِ وليس يَشْرَبُه الناس إِلاّ عند الضَّرُورة وقال الليث ماء شَرِيبٌ وشَرُوب فيه مَرارةٌ ومُلُوحة ولم يمتنع من الشُّرْب وماء شَرُوبٌ وماء طَعِيمٌ بمعنى واحد وفي حديث الشورى جُرْعةٌ شَرُوبٌ أَنْفَع من عَذْبٍ مُوبٍ الشَّرُوبُ من الماءِ الذي لا يُشْرَب إِلاّ عند الضرورة يستوي فيه المذكر والمؤَنث ولهذا وصف به الجُرْعةَ ضرب الحديث [ ص 490 ] مثلاً لرجلين أَحدهما أَدْوَنُ وأَنفعُ والآخر أَرفعُ وأَضرُّ وماءٌ مُشْرِبٌ كَشَروبٍ ويقال في صِفَةِ بَعِيرٍ نِعْمَ مُعَلَّقُ الشَّرْبةِ هذا يقول يكتفي إِلى منزله الذي يريدُ بشَرْبةٍ واحدة لا يَحْتاجُ إِلى أُخرى وتقول شَرَّبَ مالي وأَكَّلَه أَي أَطْعَمه الناسَ وسَقاهُم به وظَلَّ مالي يُؤَكَّل ويُشَرَّب أَي يَرْعَى كيف شاءَ ورجل أُكَلةٌ وشُرَبةٌ مثال هُمَزةٍ كثير الأَكل والشُّرب عن ابن السكيت ورجلٌ شَرُوبٌ شديدُ الشُّرْبِ وقومٌ شُرُبٌ وشُرَّبٌ ويومٌ ذو شَرَبةٍ شديدُ الحَرِّ يُشْرَبُ فيه الماءُ أَكثر مما يُشْرَب على هذا الآخر وقال اللحياني لم تَزَلْ به شَرَبَةٌ هذا اليومَ أَي عَطَشٌ التهذيب جاءَت الإِبل وبها شَرَبةٌ أَي عطَش وقد اشْتَدَّتْ شَرَبَتُها وقال أَبو حنيفة قال أَبو عمرو إِنه لذو شَرَبةٍ إِذا كان كثير الشُّرب وطَعامٌ مَشْرَبةٌ يُشْرَبُ عليه الماء كثيراً كما قالوا شَرابٌ مَسْفَهةٌ وطَعامٌ ذو شَرَبة إِذا كان لا يُرْوَى فيه من الماءِ والمِشْرَبةُ بالكسر إِناءٌ يُشْرَبُ فيه والشَّارِبةُ القوم الذين مسكنهم على ضَفَّة النهر وهم الذين لهم ماء ذلك النهر والشَّرَبةُ عَطَشُ المالِ بعدَ الجَزءِ لأَنَّ ذلك يَدْعُوها إِلى الشُّرْب والشَّرَبةُ بالتحريك كالحُوَيْضِ يُحْفَرُ حولَ النخلةِ والشجرة ويُمْلأُ ماء فيكون رَيَّها فَتَتَرَوَّى منه والجمع شَرَبٌ وشَرَباتٌ قال زهير
يَخْرُجْنَ مِن شَرَباتٍ ماؤها طَحِلٌ ... على الجُذوعِ يَخَفْنَ الغَمَّ والغَرَقا
وأَنشد ابن الأَعرابي مِثْلُ النَّخِيلِ يُرَوِّي فَرْعَها الشَّرَبُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه اذْهَبْ إِلى شَرَبةٍ من الشَّرَباتِ فادْلُكْ رأْسَك حتى تُنَقِّيَه الشَّرَبة بفتح الراءِ حَوْضٌ يكون في أَصل النخلة وحَوْلَها يُمْلأُ ماء لِتَشْرَبه ومنه حديث جابر رضي اللّه عنه أَتانا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم فَعَدَلَ إِلى الرَّبِيع فتَطَهَّرَ وأَقْبَلَ إِلى الشَّرَبةِ الرَّبِيعُ النهرُ وفي حديث لَقِيطٍ ثم أَشْرَفْتُ عليها وهي شَرْبةٌ واحدة قال القتيبي إِن كان بالسكون فإِنه أَرادأَن الماء قد كثر فمن حيث أَردت أَن تشرب شربت ويروى بالياءِ تحتها نقطتان وهو مذكور في موضعه والشَّرَبةُ كُرْدُ الدَّبْرَةِ وهي المِسْقاةُ والجمع من كل ذلك شَرَباتٌ وشَرَبٌ وشَرَّبَ الأَرضَ والنَّخلَ جَعَلَ لها شَرَباتٍ وأَنشد أَبو حنيفة في صفة نخل
مِنَ الغُلْبِ مِن عِضْدانِ هامةَ شُرِّبَتْ ... لِسَقْيٍ وجُمَّتْ لِلنَّواضِحِ بِئْرُها
وكلُّ ذلك من الشُّرْب والشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الحَلْقِ وقيل الشَّوارِبُ عُروقٌ في الحَلْقِ تَشْرَبُ الماء وقيل هي عُرُوقٌ لاصِقةٌ بالحُلْقوم وأَسْفَلُها بالرِّئةِ ويقال بَل مُؤَخَّرُها إِلى الوَتِين ولها قَصَبٌ منه يَخْرُج الصَّوْت وقيل الشَّوارِبُ مَجاري الماء في العُنُقِ وقيل شَوارِبُ الفَرَسِ [ ص 491 ] ناحِيةُ أَوْداجِه حيث يُوَدِّجُ البَيْطارُ واحِدُها في التقدير شارِبٌ وحِمارٌ صَخِبُ الشَّوارِبِ مِن هذا أَي شَديدُ النَّهِيقِ الأَصمعي في قول أَبي ذؤَيب
صَخِبُ الشَّوارِب لا يَزالُ كأَنَّه ... عَبْدٌ لآلِ أَبي رَبِيعةَ مُسْبَعُ
قال الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في الحَلْقِ وإِنما يريد كَثرةَ نُهاقِه وقال ابن دريد هي عُرُوقُ باطِن الحَلْقِ والشَّوارِبُ عُرُوقٌ مُحْدِقَةٌ بالحُلْقُومِ يقال فيها يَقَعُ الشَّرَقُ ويقال بل هي عُرُوق تأْخذ الماء ومنها يَخْرُج الرِّيقُ ابن الأَعرابي الشَّوارِبُ مَجاري الماءِ في العين قال أَبو منصور أَحْسَبُه أَرادَ مَجارِيَ الماءِ في العين التي تَفُور في الأَرض لا مَجارِيَ ماءِ عين الرأْس والمَشْرَبةُ أَرضٌ لَيِّنةٌ لا يَزالُ فيها نَبْتٌ أَخْضَرُ رَيّانُ والمَشْرَبةُ والمَشْرُبَةُ بالفتح والضم الغُرْفةُ سيبويه وهي المَشْرَبةُ جعلوه اسماً كالغُرْفةِ وقيل هي كالصُّفَّة بين يَدَي الغُرْفةِ والمَشارِبُ العَلاليُّ وهو في شعر الأَعشى وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان في مَشْرَبةٍ له أَي كان في غُرْفةٍ قال وجمعها مَشْرَباتٌ ومَشارِبُ والشارِبانِ ما سالَ على الفَم من الشَّعر وقيل إِنما هو الشَّارِبُ والتثنية خطأٌ والشَّارِبان ما طالَ مِن ناحِيةِ السَّبَلةِ وبعضهم يُسمِّي السَّبَلةَ كلَّها شارِباً واحداً وليس بصواب والجمع شَوارِبُ قال اللحياني وقالوا إِنه لَعَظِيمُ الشَّواربِ قال وهو من الواحد الذي فُرِّقَ فَجُعِلَ كلُّ جزءٍ منه شارِباً ثم جُمِع على هذا وقد طَرَّ شارِبُ الغُلامِ وهما شارِبانِ التهذيب الشارِبانِ ما طالَ من ناحِيةِ السَّبَلةِ وبذلك سُمِّي شارِبا السيفِ وشارِبا السيفِ ما اكْتَنَفَ الشَّفْرةَ وهو من ذلك ابن شميل الشارِبانِ في السيفِ أَسْفَلَ القائِم أَنْفانِ طَويلانِ أَحدُهما من هذا الجانب والآخَرُ من هذا الجانِب والغاشِيةُ ما تحتَ الشَّارِبَين والشارِبُ والغاشِيةُ يكونان من حديدٍ وفِضَّةٍ وأَدَمٍ وأَشْرَبَ اللَّونَ أَشْبَعَه وكلُّ لَوْنٍ خالَطَ لَوْناً آخَر فقد أُشْرِبَه وقد اشْرابَّ على مِثالِ اشْهابَّ والصِّبْغُ يَتَشَرَّبُ في الثوبِ والثوبُ يَتَشَرَّبُه أَي يَتَنَشَّفُه والإِشْرابُ لَوْنٌ قد أُشْرِبَ من لَونٍ يقال أُشْرِبَ الأَبيضُ حُمْرةً أَي عَلاه ذلك وفيه شُرْبةٌ من حُمْرَةٍ أَي إِشْرابٌ ورجُل مُشْرَبٌ حُمْرةً وإِنه لَمَسْقِيُّ الدَّم مثله وفيه شُرْبةٌ من الحُمْرةِ إِذا كان مُشْرَباً حُمْرَةً وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم أَبيضُ مُشْرَبٌ حُمرةً
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) شرب الشَّرْبُ مصدر شَرِبْتُ أَشْرَبُ شَرْباً وشُرْباً ابن سيده الإِشْرابُ خَلْطُ لَوْنٍ بلَوْنٍ كأَنَّ أَحد اللَّوْنَينِ سُقِيَ اللونَ الآخَرَ يقال بياضٌ مُشْرَبٌ حُمْرةً مخففاً وإِذا شُدّد كان للتكثير والمبالغة ويقال أَيضاً عنده شُرْبةٌ من ماءٍ أَي مِقدارُ الرِّيِّ ومثله الحُسْوةُ والغُرْفةُ واللُّقْمةُ وأُشْرِبَ فلان حُبَّ فلانةَ أَي خالَطَ قَلْبَه وأُشْرِبَ قلبُه مَحَبَّةَ هذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّرابِ وفي التنزيل العزيز وأُشْرِبُوا في قُلوبِهِم العِجْلَ أَي حُبَّ العِجْلِ فحذَف المضافَ وأَقامَ المضافَ [ ص 492 ] إِليه مُقامَه ولا يجوز أَن يكون العِجْلُ هو المُشْرَبَ لأَنَّ العِجْل لا يَشْرَبُه القَلْبُ وقد أُشْرِبَ في قَلْبِه حُبّه أَي خالَطَه وقال الزجاج وأُشْرِبُوا في قُلوبِهم العِجْلَ بكُفْرِهم قال معناه سُقُو حُبَّ العِجْلِ فحذف حُبَّ وأُقِيمَ العِجْلُ مُقامَه كما قال الشاعر
وكَيْفَ تُواصِلُ مَنْ أَصْبَحَتْ ... خَلالَتُه كأَبي مَرْحَبِ ؟
أَي كَخلالةِ أَبي مَرْحَبٍ والثَّوْب يَتَشرَّبُ الصِّبْغَ يَتَنَشَّفُه وتَشَرَّبَ الصِّبْغُ فيه سَرَى واسْتَشْرَبَتِ القَوْسُ حُمْرةً اشْتَدَّت حُمْرَتُها وذلك إِذا كانت من الشِّرْبانِ حكاه أَبو حنيفة قال بعض النحويين من المُشْرَبةِ حُروف يخرج معها عند الوُقوفِ عليها نحو النفخ إِلاَّ أَنها لم تُضْغَطْ ضَغْطَ المَحْقُورَةِ وهي الزاي والظاءُ والذال والضاد قال سيبويه وبعضُ العرب أَشَدُّ تصويباً من بعض وأُشْرِبَ الزَّرْعُ جَرى فيه الدَّقيقُ وكذلك أُشْرِبَ الزَّرْعُ الدَّقيقَ عَدَّاه أَبو حنيفة سماعاً من العرب أَو الرُّواة ويقال للزرع إِذا خرج قَصَبُه قد شَرِبَ الزرعُ في القَصَبِ وشَرَّبَ قَصَبُ الزرعِ إِذا صارَ الماءُ فيه ابن الأَعرابي الشُّرْبُبُ الغَمْلى من النبات وفي حديث أُحد انَّ المشركين نزلوا على زَرْعِ أَهلِ المدينةِ وخَلَّوا فيه ظَهْرهم وقد شُرِّبَ الزرعُ الدَّقيقَ وفي رواية شَرِبَ الزرعُ الدقيقَ وهو كناية عن اشْتِدادِ حَبِّ الزَّرْع وقُرْبِ إِدْراكِه يقال شَرَّبَ قَصَبُ الزرع إِذا صارَ الماءُ فيه وشُرِّبَ السُّنْبُلُ الدَّقيقَ إِذا صارَ فيه طُعْمٌ والشُّرْبُ فيه مستعارٌ كأَنَّ الدَّقِيقَ كان ماءً فَشَرِبَه وفي خديث الإِفك لقد سَمِعْتُموه وأُشْرِبَتْه قُلوبُكم أَي سُقِيَتْهُ كما يُسْقَى العَطْشانُ الماء يقال شَرِبْتُ الماءَ وأُشْرِبْتُه إِذا سُقِيتَه وأُشْرِبَ قَلْبُه كذا أَي حَلَّ مَحَلَّ الشَّراب أَو اخْتَلَطَ به كَما يَخْتَلِطُ الصِّبغُ بالثوب وفي حديث أَبي بكر رضي الله عنه وأُشْرِبَ قَلْبُه الإِشْفاقَ أَبو عبيد وشَرَّبَ القِرْبةَ بالشين المعجمة إِذا كانت جديدة فجعل فيها طيباً وماء لِيَطِيبَ طَعْمُها قال القطامي يصف الإِبل بكثرة أَلبانها
ذَوارِفُ عَيْنَيْها منَ الحَفْلِ بالضُّحَى ... سُجُومٌ كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّب
هذا قول أَبي عبيد وتفسيره وقوله كتَنْضاحِ الشِّنانِ المُشَرَّبِ إِنما هو بالسين المهملة قال ورواية أَبي عبيد خطأ وتَشَرَّبَ الثوبُ العَرَقَ نَشِفَه وضَبَّةٌ شَرُوبٌ تَشْتَهِي الفحل قال وأُراه ضائنةٌ شَرُوبٌ وشَرِبَ بالرجل وأَشْرَبَ به كَذَبَ عليه وتقول أَشْرَبْتَني ما لم أَشْرَبْ أَي ادَّعَيْتَ عليَّ ما لم أَفْعَلْ والشَّرْبةُ النَّخْلة التي تَنبُتُ من النَّوى والجمع الشَّرَبَّاتُ والشَّرائِبُ والشَّرابِيبُ ( 1 )
( 1 قوله « والجمع الشربَّات والشرائب والشرابيب » هذه الجموع الثلاثة إِنما هي لشربة كجربة أَي بالفتح وشدّ الباء كما في التهذيب ومع ذلك فالسابق واللاحق لابن سيده وهذه العبارة متوسطة أوهمت أنها جمع للشربة النخلة فلا يلتفت إلى من قلد اللسان )
[ ص 493 ] وأَشْرَبَ البعيرَ والدَّابَّةَ الحَبْلَ وَضَعَه في عُنُقها قال يا آلَ وَزْرٍ أَشْرِبُوها الأَقْرانْ وأَشْرَبْتُ الخَيْلَ أَي جعلت الحِبالَ في أَعْناقِها وأَنشد ثعلب
وأَشْرَبْتُها الأَقْرانَ حتى أَنَخْتُها ... بِقُرْح وقد أَلقَيْنَ كُلَّ جَنِينِ
وأَشْرَبْتُ إِبلَكَ أَي جَعَلْتُ لكل جَمَلٍ قَريناً ويقول أَحدهم لناقته لأُشْرِبَنَّكِ الحِبالَ والنُّسُوع أَي لأَقْرُنَنَّكِ بها والشَّارِبُ الضَّعْفُ في جميع الحيوان يقال في بعيرِك شارِبُ خَوَرٍ أَي ضَعْفٌ ونِعْم البعيرُ هذا لولا أَن فيه شارِبَ خَوَرٍ أَي عِرقَ خَوَرٍ قال وشَرِبَ إِذا رَوِيَ وشَرِبَ إِذا عَطِشَ وشَرِبَ إِذا ضَعُفَ بَعيرُه ويقال ما زالَ فلان على شَرَبَّةٍ واحدةٍ أَي على أَمرٍ واحد أَبو عمرو الشَّرْبُ الفهم وقد شَرَبَ يَشْرُبُ شَرْباً إِذا فَهِمَ ويقال للبليد احْلُبْ ثم اشْرُبْ أَي ابْرُك ثم افْهَمْ وحَلَبَ إِذا بَرَكَ وشَرِيبٌ وشُرَيْبٌ والشُّرَّيْبُ بالضم والشُّرْبُوبُ والشُّرْبُبُ كلها مواضع والشُّرْبُبُ في شعر لبيد بالهاءِ قال هل تَعْرِفُ الدَّار بسَفْحِ الشُّرْبُبَه ؟ والشُّرْبُبُ اسم وادٍ بعَيْنِه والشَّرَبَّةُ أَرض لَيِّنَة تُنْبِتُ العُشْبَ وليس بها شجر قال زهير
وإِلاَّ فإِنَّا بالشَّرَبَّةِ فاللِّوَى ... نُعَقِّر أُمّاتِ الرِّباع ونَيْسِرُ
وشَرَبَّةُ بتشديد الباءِ بغير تعريف موضع قال ساعدة بن جؤَية
بِشَرَبَّةٍ دَمِث الكَثِيبِ بدُورِه ... أَرْطًى يَعُوذُ به إِذا ما يُرْطَبُ
يُرْطَبُ يُبَلُّ وقال دَمِث الكَثِيب لأَنَّ الشُّرَبَّةَ موضع أَو مكان ليس في الكلام فَعَلَّةٌ إِلاَّ هذا عن كراع وقد جاءَ له ثان وهو قولهم جَرَبَّةٌ وهو مذكور في موضعه واشْرَأَبَّ الرجل للشيءِ وإِلى الشيءِ اشْرِئْباباً مَدَّ عُنُقَه إِليه وقيل هو إِذا ارْتَفَعَ وعَلا والاسم الشُّرَأْبِيبةُ بضم الشين من اشْرَأَبَّ وقالت عائشة رضي اللّه عنها اشْرَأَبَّ النِّفاقُ وارْتَدَّت العربُ قال أَبو عبيد اشْرَأَبَّ ارتفعَ وعلا وكلُّ رافِعٍ رأْسَه مُشْرَئِبٌّ وفي حديث يُنادِي منادٍ يومَ القيامةِ يا أَهلَ الجنةِ ويا أَهلَ النار فيَشْرَئِبُّون لصوته أَي يَرْفَعُون رؤُوسهم ليَنْظُروا إِليه وكلُّ رافع رأْسه مشرئبٌّ وأَنشد لذي الرمة يصف الظَّبْيةَ ورَفْعَها رأْسَها
ذَكَرْتُكِ إِذْ مَرَّتْ بِنا أُمُّ شادِنٍ ... أَمامَ المَطايا تَشْرَئِبُّ وتَسْنَحُ
قال اشْرأَبَّ مأْخوذ من المَشْرَبة وهي الغُرْفةُ

( شرجب ) الشَّرْجَبُ الطويل وفي التهذيب من الرجال الطويل وفي حديث خالد رضي اللّه عنه فعارَضَنا رجُل شَرْجَبٌ الشَّرْجَبُ الطويل وقيل هو الطويلُ القوائمِ العاري أَعالي العِظام [ ص 494 ] والشَّرْجَبُ نَعت الفَرس الجَوادِ وقيل الشَّرْجَبُ الفَرسُ الكَريمُ والشَّرْجَبانُ شجرة يُدْبَغ بها وربما خُلِطَت بالغَلْقةِ فدُبِغَ بها وقال أَبو حنيفة الشَّرْجَبانُ شُجَيرةٌ كشجَرةِ الباذِنجانِ غير أَنه أَبيضُ ولا يؤْكل ابن الأَعرابي الشُّرْجُبانُ شجرة مُشْعانَّةٌ طويلة ( 1 )
( 1 قوله « ابن الأعرابي الشرجبان إلخ » عبارة التكملة قال ابن الأعرابي الشرجبانة بالضم وقد تفتح شجرة مشعانة إلى آخر ما هنا ) يَتَحَلَّبُ منها كالسَّمِّ ولها أَغصانٌ

( شرعب ) الشَّرْعَبُ الطويل رجُل شَرْعَبٌ طويلٌ خفيفُ الجسمِ والأُنثى بالهاءِ والشَّرْعَبِيُّ الطويلُ الحَسَنُ الجسمِ وشَرْعَبَ الشيءَ طَوَّلَه قال طفيل
أَسِيلةُ مَجْرَى الدَّمْعِ خُمْصانةُ الحَشَى ... بَرُودُ الثَّنايا ذاتُ خَلْقٍ مُشَرْعَبِ
والشَّرْعَبةُ شَقُّ اللحمِ والأَديمِ طُولاً وشَرْعَبَه قطَعَه طُولاً والشَّرْعَبةُ القِطْعةُ منه والشَّرْعَبِيُّ والشَّرْعَبِيَّةُ ضَرْبٌ من البُرُودِ أَنشد الأَزهري كالبُسْتانِ والشَّرْعَبَى ذا الأَذْيال ( 2 )
( 2 قوله « كالبستان إلخ » كذا هو في التهذيب )
وقال رؤْبة يصف ناب البعير قَدًّا بخَدّادٍ وهَذًّا شَرْعَبَا والشَّرْعَبِيَّةُ موضع قال الأَخطل
ولَقَدْ بَكَى الجَحَّافُ ممَّا أَوْقَعَتْ ... بالشَّرْعَبِيَّةِ إِذْ رَأَى الأَطْفالا

( شزب ) الشَّازِبُ الضامِرُ اليابِسُ من الناس وغيرهم وأَكثرُ ما يُستعمل في الخيلِ والناس وقال الأَصمعي الشازِبُ الذي فيه ضُمور وإِن لم يكن مهزولاً والشَّاسِفُ والشاسِبُ الذي قد يَبِسَ قال وسمعت أَعرابياً يقول ما قال الحطيئة أَيْنُقاً شُزُباً إِنما قال أَعْنُزاً شُسُباً وليست الزاي ولا السين بدلا إِحداهما من الأُخرى لتَصَرُّفِ الفعلين جميعاً والجمع شُزَّبٌ وشَوازِبُ وقد شَزَبَ الفرسُ يَشْزُبُ شَزَباً وشُزُوباً وخَيْلٌ شُزَّبٌ أَي ضَوامِرُ وفي حديث عمر يَرْثي عُرْوةَ بن مسعود الثقفي
بالخيلِ عابِسةً زُوراً مَناكِبُها ... تَعْدُو شَوازِبَ بالشُّعْثِ الصَّناديدِ
والشَّوازِبُ المُضَمَّراتُ جمع شازِبٍ ويجمع على شُزَّبٍ أَيضاً وأَتانٌ شَزْبةٌ ضامِرةٌ التهذيب الشَّوزَبُ والمَئِنَّةُ العَلامةُ وأَنشد غُلامٌ بَينَ عَيْنَيْه شَوْزَبُ والشَّزِيبُ القَضِيبُ من الشجر قبل أَن يُصْلح وجمعه شُزُوبٌ حكاه أَبو حنيفة وقَوْسٌ شَزْبةٌ ليست بجَديدٍ ولا خَلَقٍ وفي بعض الحديث وقد تَوَشَّحَ بِشَزْبةٍ كانت معَه الشَّزْبةُ من أَسْماءِ القَوْسِ وهي التي ليست بجَديد ولا خَلَقٍ كأَنها التي شَزَبَ قَضِيبُها أَي ذَبَلَ وهي الشَّزيبُ أَيضاً ومكان شازِبٌ أَي خَشِنٌ

( شسب ) الشَّاسِبُ لغة في الشَّازِبِ وهو النَّحِيف اليابِسُ من الضُّمْر الذي قد يَبِسَ جلده عليه [ ص 495 ] قال لبيد
أَتِيكَ أَمْ سَمْحَجٌ تَخَيَّرَهَا ... عِلْجٌ تَسَرَّى نَحائِصاً شُسُبا ؟
وقال أَيضاً
تَتَّقِي الأَرضَ بِدَفٍّ شاسِبٍ ... وضُلُوعٍ تَحْتَ زَوْرٍ قد نَحَلْ
وهو المَهْزُول مثل الشَّاسِفِ وليس مثل الشَّازِبِ قال الوَقَّافُ العُقَيْلِيُّ
فَقُلْتُ لَه حانَ الرَّواحُ ورُعْتُه ... بأَسْمَرَ مَلْوِيٍّ من القِدِّ شاسِبِ
والجمع شُسُبٌ وشَسَبَ شُسُوباً وشَسُبَ والشَّسِيبُ القَوْسُ

( شصب ) الشِّصْب بالكسر الشِّدَّةُ والجَدْبُ والجمع أَشْصابٌ وهي الشَّصِيبةُ وكَسَّر كُراع الشَّصِيبةَ الشِّدَّةَ على أَشصابٍ في أَدنَى العدد قال والكثير شَصائِبُ قال ابن سيده وهذا منه خطأٌ واختلاط وشَصِبَ الأَمْرُ بالكسر اشْتَدَّ ابن هانئ إِنه لَشَصِبٌ لَصِبٌ وَصِبٌ إِذا أُكِّدَ النَّصِب وشَصِبَ المَكانُ شَصَباً أَجْدَبَ والشَّصِيبةُ شِدَّةُ العيش وعيْش شاصِبٌ وشِصْبٌ وشَصِبَ عَيْشُه شَصَباً وشَصْباً وشَصَبَ بالفتح يَشْصُبُ بالضم شُصُوباً فهو شَصِبٌ وشاصِبٌ وأَشْصَبَهُ اللّهُ وأَشْصَبَ اللّهُ عَيْشَه قال جرير
كِرامٌ يَأْمَنُ الجِيرانُ فِيهِمْ ... إِذا شَصَبَتْ بِهِمْ إِحدى الليالي
وشَصَبَ الشَّاةَ سَلَخَها أَبو العباس المَشْصُوبةُ الشاةُ المَسْمُوطَةُ ويقال للقَصَّاب شَصَّابٌ والشَّصْبُ السَّمْطُ والشَّصائِبُ عِيدانُ الرَّحْلِ ولم يُسمع لها بواحد قال أَبو زبيد
وذا شَصَائِبَ في أَحْنائِهِ شَمَمٌ ... رِخْوَ المِلاطِ رَبِيطاً فَوقَ صُرْصورِ
ورجل شَصِيبٌ أَي غَريبٌ الليث الشَّيْصَبانُ الذَّكَرُ مِن النَّمْلِ ويقال هو جُحْرُ النَّمل الفراء عن الدُّبَيْرِيِّين قالوا هو الشَّيْطانُ الرَّجِيمُ والشَّيْصَبانُ والبَْلأَزُ والجَْلأَزُ والجَانُّ والقازُّ والخَيْتَعُورُ كلها من أَسماءِ الشيطان والشَّيْصَبان أَبو حَيّ من الجِنِّ قال حسان بن ثابت وكانتِ السِّعْلاةُ لَقِيَتْه في بَعْضِ أَزِقَّةِ المَدينةِ فَصَرَعَتْهُ وقَعَدَت على صَدْرِه وقالت له أَنتَ الذي يأْمُل قَوْمُكَ أَن تكون شاعِرَهم ؟ فقال نَعَم قالت واللّهِ لا يُنْجِيكَ مني إِلاَّ أَن تقول ثلاثة أَبيات على رَوِيٍّ واحد فقال حسان
إِذا ما تَرَعْرَعَ فينا الغُلامْ ... فما إِنْ يقالُ له مَنْ هُوَهْ ؟
فقالت ثَنِّه فقال
إِذا لم يَسُدْ قبلَ شَدِّ الإِزارْ ... فذلك فِينا الذي لا هُوَهْ
فقالت ثلِّثْه فقال
ولي صاحِبٌ من بَني الشَّيْصَبان ... فَطَوْراً أَقُولُ وطَوْراً هُوَهْ
[ ص 496 ] هذا قول ابن الكلبي وحكى الأَثرم فقال أَخبرني علماء الأَنصار أَنَّ حَسَّانَ بن ثابت بعدما ضُرَّ بَصَرُه مَرَّ بابنِ الزِّبَعْرَى وعبدِاللّه بن أَبي طلحة ابن سهلِ بن الأَسود بن حَرام ومعه ولدُه يَقُوده فَصاحَ به ابن الزِّبَعْرَى بعدما وَلَّى يا أَبا الوليد مَن هذا الغُلامُ ؟ فقال حَسَّانُ بن ثابِتٍ الأَبيات

( شصلب ) شَصْلَبٌ شَديدٌ قوِيٌّ

( شطب ) الشَّطْبُ من الرجال والخَيْلِ الطويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ وجارِيةٌ شِطْبةٌ وشَطْبةٌ طَويلةٌ حَسَنَةٌ تارَّةٌ غَضَّةٌ الكسر عن ابن جني قال والفتح أَعلى ويقال غُلامٌ شَطْبٌ حَسَنُ الخَلْق ليس بطويل ولا قصير ورَجل مَشْطُوبٌ ومُشَطَّبٌ إِذا كان طويلاً وفَرَسٌ شِطْبةٌ سَبِطَةُ اللحم وقيل طويلة والكسر لغة ولا يوصف به الذكر والشَّطْب مجزوم السَّعَف الأَخضر الرَّطْبُ من جريد النخل واحدته شَطْبةٌ وفي حديث أُم زرع كَمَسَلِّ شَطْبةٍ قال أَبو عبيد الشَّطْبةُ ما شُطِبَ من جَريد النخل وهو سَعَفُه شَبَّهته بتلك الشَّطْبة لِنَعْمَتِه واعْتِدالِ شَبابِه وقيل أَرادت أَنه مَهْزول كأَنه سَعَفَةٌ في دِقَّتِها أَرادت أَنه قليل اللحم دَقِيقُ الخَصْر فشبَّهته بالشَّطْبةِ أَي موضِعُ نومِه دَقِيقٌ لنَحافَتِه وقيل أَرادت سَيْفاً سُلَّ من غِمْدِه والمَسَلُّ مصدر بمعنى السَّلّ أُقِيمَ مُقامَ المفعول أَي كَمَسْلُول الشَّطْبة يعني ما سُلَّ من قِشره أَو غِمْده وقال أَبو سعيد الشَّطْبةُ السيفُ أَرادت أَنه كالسَّيْفِ يُسَلُّ من غِمْده كما قال العُجَيْرُ السَّلُولي يرثي أَبا الحَجناء
فتًى قُدَّ قَدَّ السَّيْفِ لا مُتآزِفٌ ... ولا رَهِلٌ لَبَّاتُه وأَباجلُه
ابن الأَعرابي الشَّطائِبُ دون الكَرانِيفِ الواحدة شَطِيبةٌ والشَّطْبُ دون الشَّطائِب الواحدة شَطْبةٌ ابن السكيت الشَّاطِبةُ التي تَعْمَلُ الحُصْر من الشَّطْب الواحدة شَطْبة وهي السَّعَفُ والشُّطُوبُ أَن تأْخُذَ قِشْرَه الأَعلى قال وتَشْطُب وتَلْحَى واحد والشَّواطِبُ من النساءِ اللواتي يَشْقُقْنَ الخُوصَ ويَقْشُرْنَ العُسُبَ لِيَتَّخِذْن منه الحُصْر ثم يُلْقِينها إِلى المُنَقِّيات قال قيس بن الخطيم
تَرى قِصَدَ المُرَّانِ تُلْقَى كأَنها ... تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ
تقول منه شَطَبَتِ المَرأَةُ الجَريدَ شَطْباً شَقَّته فهي شاطِبةٌ لتعمل منه الحصر الأَصمعي الشَّاطِبةُ التي تَقْشُر العَسِيبَ ثم تُلْقِيه إِلى المنَقِّيةِ فتأْخُذ كل شيء عليه بِسِكِّينها حتى تتركه رقِيقاً ثم تُلْقِيه المُنَقِّيةُ إِلى الشاطبة ثانية وهو قوله تَذَرُّعُ خِرْصانٍ بأَيْدي الشَّواطِبِ وشُطُوبُ السيف وشُطُبُه بِضم الشين والطاء وشُطَبُه طَرائقُه التي في متنه واحدته شُطْبةٌ وشُطَبةٌ وشِطْبةٌ وسيف مُشَطَّبٌ ومَشْطُوبٌ فيه شُطَبٌ وثوبٌ مُشَطَّبٌ فيه طَرائقُ والشَّطائبُ من الناسِ وغيرهم الفِرَقُ والضُّرُوبُ المختلفةُ قال الراعي
فهاجَ به لمَّا تَرَجَّلَتِ الضُّحَى ... شَطائِبُ شَتَّى من كِلابٍ ونابلِ
[ ص 497 ] وسَيْفٌ مُشَطَّب فيه طَرائِقُ وربما كانت مُرْتَفِعةً ومُنْحَدِرَةً ابن شميل شُطْبةُ السيف عَموده الناشِزُ في متْنِه الشَّطبةُ والشِّطْبةُ قِطْعةٌ من سَنام البعير تُقْطَع طُولاً وكلُّ قِطْعة من ذلك أَيضاً تسمى شَطِيبةً وقيل شَطِيبةُ اللحم الشَّرِيحةُ منه وشَطَّبه شَرَّحه ويقال شَطَبْتُ السنام والأَديمَ أَشْطُبه شَطْباً أَبو زيد شُطَبُ السَّنامِ أَن تُقَطِّعَه قِدَداً ولا تُفَصِّلَها واحدتها شُطْبةٌ وقالوا أَيضاً شَطِيبة وجمعها شَطائِبُ وكلُّ قِطْعَةِ أَديمٍ تُقَدُّ طولاً شَطِيبةٌ وشَطَبَ الأَديمَ والسَّنام يَشْطُبهما شَطْباً قَطَعَهما وشَطِيبةٌ مِن نَبْع يُتَّخَذُ منها القَوْسُ والشَّواطِبُ من النساءِ اللواتي يَقْدُدْنَ الأَدِيمَ بعدما يَخْلُقْنَه وناقة شَطِيبةٌ يابِسةٌ وفَرَسٌ مَشْطُوبُ المَتْن والكَفَل انْتَبَر مَتْناه سِمَناً وتَبايَنَتْ غُرورُه وقال الجعدي
مِثلُ هِمْيانِ العَذارَى بَطْنُه ... أَبْلَقُ الحقْوَينِ مَشْطوبُ الكَفَلْ
ورجل شاطِب المَحَلِّ بعيدُه مثل شاطِنٍ والانْشِطابُ السَّيَلانُ والمُنْشَطِبُ السائِلُ ( 1 )
( 1 قوله « والمنشطب السائل » هذه العبارة الثانية للأزهري والأولى لابن سيده جمع المؤلف بين عبارتيهما ) من الماءِ وغيره والمُنْشَطِبُ السائل وطريقٌ شاطِبٌ مائِلٌ وشَطَبَ عن الشيءِ عَدَلَ عنه الأَصمعي شَطَفَ وشَطَبَ إِذا ذَهَبَ وتباعَد وفي النوادر رَمْيةٌ شاطِفةٌ وشاطِبةٌ وصائِفةٌ إِذا زَلَّت عن المَقْتَلِ وفي الحديث فَحَمَلَ عامِرُ بنُ رَبِيعةَ على عامر بن الطُّفَيْلِ فطَعَنَه فشَطَبَ الرُّمْحُ عن مَقْتَله هو من شَطَبَ بمعنى بَعُدَ قال ابراهيم الحَرْبيُّ شَطَبَ الرُّمح عن مَقْتَله أَي لم يَبْلُغْه الأَصمعي شَطَفَ وشَطَبَ إِذا عَدَل ومالَ أَبو الفرج الشَّطائبُ والشَّصائبُ الشَّدائدُ وشَطِبٌ جبلٌ معروف قال
كأَنَّ أَقْرابَه لمَّا عَلا شَطِباً ... أَقْرابُ أَبْلَقَ يَنْفِي الخيْلَ رَمّاحِ
وفي الصحاح شَطِيبٌ اسم جَبَل ورأَيت في حواشي نسخة موثوق بها هكذا وقع في النسخ والذي أَورده الفارابي في ديوان الأَدب والذي رواه ابن دريد وابن فارس شَطِبٌ على فَعِلٍ اسم جَبل واللّه أَعلم

( شعب ) الشَّعْبُ الجَمعُ والتَّفْريقُ والإِصلاحُ والإِفْسادُ ضدٌّ وفي حديث ابن عمر وشَعْبٌ صَغِيرٌ من شَعْبٍ كبيرٍ أَي صَلاحٌ قلِيلٌ من فَسادٍ كَثِيرٍ شَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً فانْشَعَبَ وشَعَّبَه فَتَشَعَّب وأَنشد أَبو عبيد لعليّ بنِ غَديرٍ الغَنَويِّ في الشَّعْبِ بمعنى التَّفْريق
وإِذا رأَيتَ المرْءَ يَشْعَبُ أَمْرَهُ ... شَعْبَ العَصا ويَلِجُّ في العِصْيانِ
قال معناه يُفَرِّقُ أَمْرَه قال الأَصْمَعِيُّ شَعَبَ الرَّجُلُ أَمْرَهُ إِذا شَتَّتَه [ ص 498 ] وفَرَّقَه وقال ابن السِّكِّيت في الشَّعْبِ إِنه يكونُ بمَعْنَيَيْنِ يكونُ إِصْلاحاً ويكونُ تَفْريقاً وشَعْبُ الصَّدْعِ في الإِناءِ إِنما هو إِصلاحُه ومُلاءَمَتُه ونحوُ ذلك والشَّعْبُ الصَّدْعُ الذي يَشْعَبُهُ الشَّعّابُ وإِصْلاحُه أَيضاً الشَّعْبُ وفي الحديث اتَّخَذَ مكانَ الشَّعْبِ سِلْسلةً أَي مكانَ الصَّدْعِ والشَّقِّ الذي فيه والشَّعّابُ المُلَئِّمُ وحِرْفَتُه الشِّعابةُ والمِشْعَبُ المِثْقَبُ المَشْعُوبُ به والشَّعِيبُ المَزادةُ المَشْعُوبةُ وقيل هي التي من أَديمَين وقيل من أَدِمَينِ يُقابَلان ليس فيهما فِئامٌ في زَواياهُما والفِئامُ في المَزايدِ أَن يُؤْخَذَ الأَدِيمُ فيُثْنى ثم يُزادُ في جَوانِبِها ما يُوَسِّعُها قال الراعي يَصِفُ إِبِلاً تَرعَى في العَزيبِ
إِذا لمْ تَرُحْ أَدَّى إِليها مُعَجِّلٌ ... شَعِيبَ أَدِيمٍ ذا فِراغَينِ مُتْرَعا
يعني ذا أَدِيمَين قُوبِلَ بينهما وقيل التي تُفْأَمُ بجِلْدٍ ثالِثٍ بين الجِلْدَين لتَتَّسِعَ وقيل هي التي من قِطْعَتَينِ شُعِبَتْ إِحداهُما إِلى الأُخرى أَي ضُمَّتْ وقيل هي المَخْرُوزَةُ من وَجْهينِ وكلُّ ذلك من الجمعِ والشَّعِيبُ أَيضاً السِّقاءُ البالي لأَنه يُشْعَب وجَمْعُ كلِّ ذلك شُعُبٌ والشَّعِيبُ والمَزادةُ والراويَةُ والسَّطيحةُ شيءٌ واحدٌ سمي بذلك لأَنه ضُمَّ بعضُه إِلى بعضٍ ويقال أَشْعَبُه فما يَنْشَعِبُ أَي فما يَلْتَئِمُ ويُسَمَّى الرحلُ شَعِيباً ومنه قولُ المَرّار يَصِفُ ناقةً
إِذا هي خَرَّتْ خَرَّ مِن عن يمينِها ... شَعِيبٌ به إِجْمامُها ولُغُوبُها ( 1 )
( 1 قوله « من عن يمينها » هكذا في الأصل والجوهري والذي في التهذيب من عن شمالها )
يعني الرحْل لأَنه مَشْعوب بعضُه إِلى بعضٍ أَي مضمومٌ
وتقول التَأَمَ شَعْبُهم إِذا اجتمعوا بعد التفَرُّقِ وتَفَرَّقَ شَعْبُهم إِذا تَفَرَّقُوا بعد الاجتماعِ قال الأَزهري وهذا من عجائب كلامِهم قال الطرماح
شَتَّ شَعْبُ الحيِّ بعد التِئامِ ... وشَجاكَ اليَوْمَ رَبْعُ المُقامِ
أَي شَتَّ الجميعُ وفي الحديث ما هذه الفُتْيا التي شَعَبْتَ بها الناسَ ؟ أَي فرَّقْتَهم والمُخاطَبُ بهذا القول ابنُ عباسٍ في تحليلِ المُتْعةِ والمُخاطِبُ له بذلك رَجُلٌ من بَلْهُجَيْم والشَّعْبُ الصدعُ والتَّفَرُّقُ في الشيءِ والجمْع شُعوبٌ والشُّعْبةُ الرُّؤْبةُ وهي قِطْعةٌ يُشْعَب بها الإِناءُ يقال قَصْعةٌ مُشَعَّبة أَي شُعِبَتْ في مواضِعَ منها شُدِّدَ للكثرة وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها وَوَصَفَتْ أَباها رضي اللّه عنه يَرْأَبُ شَعْبَها أَي يَجْمَعُ مُتَفَرِّقَ أَمْرِ الأُمّةِ وكلِمَتَها وقد يكونُ الشَّعْبُ بمعنى الإِصلاحِ في غير هذا وهو من الأَضْدادِ والشَّعْبُ شَعْبُ الرَّأْسِ وهو شأْنُه الذي يَضُمُّ قَبائِلَه [ ص 499 ] وفي الرَّأْسِ أَربَعُ قَبائل وأَنشد
فإِنْ أَوْدَى مُعَوِيَةُ بنُ صَخْرٍ ... فبَشِّرْ شَعْبَ رَأْسِكَ بانْصِداعِ
وتقول هما شَعْبانِ أَي مِثْلانِ وتَشَعَّبَتْ أَغصانُ الشجرة وانْشَعَبَتْ انْتَشَرَت وتَفَرَّقَتْ والشُّعْبة من الشجر ما تَفَرَّقَ من أَغصانها قال لبيد
تَسْلُبُ الكانِسَ لم يُؤْرَ بها ... شُعْبةَ الساقِ إِذا الظّلُّ عَقَل
شُعْبةُ الساقِ غُصْنٌ من أَغصانها وشُعَبُ الغُصْنِ أَطرافُه المُتَفَرِّقَة وكلُّه راجعٌ إِلى معنى الافتراقِ وقيل ما بين كلِّ غُصْنَيْن شُعْبةٌ والشُّعْبةُ بالضم واحدة الشُّعَبِ وهي الأَغصانُ ويقال هذه عَصاً في رأْسِها شُعْبَتانِ قال الأَزهري وسَماعي من العرب عَصاً في رَأْسِها شُعْبانِ بغير تاء والشُّعَبُ الأَصابع والزرعُ يكونُ على ورَقة ثم يُشَعِّبُ وشَعَّبَ الزرعُ وتَشَعَّبَ صار ذا شُعَبٍ أَي فِرَقٍ والتَّشَعُّبُ التفرُّق والانْشِعابُ مِثلُه وانْشَعَبَ الطريقُ تَفَرَّقَ وكذلك أَغصانُ الشجرة وانْشَعَبَ النَّهْرُ وتَشَعَّبَ تَفرَّقَتْ منه أَنهارٌ وانْشَعَبَ به القولُ أَخَذَ به من مَعْنًى إِلى مَعْنًى مُفارِقٍ للأَولِ وقول ساعدة
هَجَرَتْ غَضُوبُ وحُبَّ مَنْ يَتَجَنَّبُ ... وعَدَتْ عَوادٍ دُونَ وَلْيِكَ تَشْعَبُ
قيل تَشْعَبُ تَصْرِفُ وتَمْنَع وقيل لا تجيءُ على القصدِ وشُعَبُ الجبالِ رؤُوسُها وقيل ما تفرَّقَ من رؤُوسِها الشُّعْبةُ دون الشِّعْبِ وقيل أُخَيَّة الشِّعْب وكلتاهما يَصُبُّ من الجبل والشِّعْبُ ما انْفَرَجَ بين جَبَلَينِ والشِّعْبُ مَسِيلُ الماء في بطنٍ من الأَرضِ له حَرْفانِ مُشْرِفانِ وعَرْضُه بَطْحةُ رجُلٍ إِذا انْبَطَح وقد يكون بين سَنَدَيْ جَبَلَين والشُّعْبةُ صَدْعٌ في الجبلِ يأْوي إِليه الطَّيرُ وهو منه والشُّعْبةُ المَسِيلُ في ارتفاعِ قَرارَةِ الرَّمْلِ والشُّعْبة المَسِيلُ الصغيرُ يقال شُعْبةٌ حافِلٌ أَي مُمتلِئة سَيْلاً والشُّعْبةُ ما صَغُرَ عن التَّلْعة وقيل ما عَظُمَ من سَواقي الأَوْدِيةِ وقيل الشُّعْبة ما انْشَعَبَ من التَّلْعة والوادي أَي عَدَل عنه وأَخَذ في طريقٍ غيرِ طريقِه فتِلك الشُّعْبة والجمع شُعَبٌ وشِعابٌ والشُّعْبةُ الفِرْقة والطائفة من الشيءِ وفي يده شُعْبةُ خيرٍ مَثَلٌ بذلك ويقال اشْعَبْ لي شُعْبةً من المالِ أَي أَعْطِني قِطعة من مالِكَ وفي يدي شُعْبةٌ من مالٍ وفي الحديث الحياءُ شُعْبةٌ من الإِيمانِ أَي طائفةٌ منه وقِطعة وإِنما جَعَلَه بعضَ الإِيمان لأَنَّ المُسْتَحِي يَنْقَطِعُ لِحيائِه عن المعاصي وإِن لم تكن له تَقِيَّةٌ فصار كالإِيمانِ الذي يَقْطَعُ بينَها وبينَه وفي حديث ابن مسعود الشَّبابُ شُعْبة من الجُنونِ إِنما جَعَله شُعْبةً منه لأَنَّ الجُنونَ يُزِيلُ العَقْلَ وكذلك الشَّبابُ قد يُسْرِعُ إِلى قِلَّةِ العَقْلِ لِما فيه من كثرةِ المَيْلِ إِلى الشَّهَوات والإِقْدامِ على المَضارّ وقوله تعالى إِلى ظِلٍّ ذي ثَلاثِ شُعَبٍ قال ثعلب يقال إِنَّ النارَ يومَ القيامة تَتَفَرَّقُ إِلى ثلاثِ فِرَقٍ فكُلَّما ذهبُوا [ ص 500 ] أَن يخرُجوا إِلى موضعٍ رَدَّتْهُم ومعنى الظِّلِّ ههنا أَن النارَ أَظَلَّتْه لأَنَّه ليس هناك ظِلٌّ وشُعَبُ الفَرَسِ وأَقْطارُه ما أَشرَفَ منه كالعُنُقِ والمَنْسِج وقيل نواحِيه كلها وقال دُكَينُ ابنُ رجاء
أَشَمّ خِنْذِيذٌ مُنِيفٌ شُعَبُهْ ... يَقْتَحِمُ الفارِسَ لولا قَيْقَبُه
الخِنْذِيذُ الجَيِّدُ من الخَيْلِ وقد يكون الخصِيَّ أَيضاً وأَرادَ بقَيْقَبِه سَرْجَه والشَّعْبُ القَبيلةُ العظيمةُ وقيل الحَيُّ العظيمُ يتَشَعَّبُ من القبيلةِ وقيل هو القبيلةُ نفسُها والجمع شُعوبٌ والشَّعْبُ أَبو القبائِلِ الذي يَنْتَسِبُون إِليه أَي يَجْمَعُهُم ويَضُمُّهُم وفي التنزيل وجعَلناكم شُعُوباً وقبائِلَ لتعارَفُوا قال ابن عباس رَضي اللّه عنه في ذلك الشُّعُوبُ الجُمّاعُ والقبائلُ البُطُونُ بُطونُ العرب والشَّعْبُ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب والعجم وكلُّ جِيلٍ شَعْبٌ قال ذو الرمة
لا أَحْسِبُ الدَّهْرَ يُبْلي جِدَّةً أَبداً ... ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً شُعَبُ
والجَمْعُ كالجَمْعِ ونَسَب الأَزهري الاستشهادَ بهذا البيت إِلى الليث فقال وشُعَبُ الدَّهْر حالاتُه وأَنشد البيت وفسّره فقال أَي ظَنَنْت أَن لا يَنْقَسِمَ الأَمرُ الواحد إِلى أُمورٍ كثيرةٍ ثم قال لم يُجَوِّد الليثُ في تفسير البيت ومعناه أَنه وصفَ أَحياءً كانوا مُجتَمِعينَ في الربيعِ فلما قَصَدُوا المَحاضِرَ تَقَسَّمَتْهُم المياه وشُعَب القومِ نِيّاتُهم في هذا البيت وكانت لكلِّ فِرْقَةٍ منهم نِيَّة غيرُ نِيّة الآخَرينَ فقال ما كنتُ أَظُنُّ أَنَّ نِيَّاتٍ مختَلِفةً تُفَرِّقُ نِيَّةً مُجْتمعةً وذلك أَنهم كانوا في مُنْتَواهُمْ ومُنْتَجَعِهم مجتمعين على نِيَّةٍ واحِدةٍ فلما هاجَ العُشْبُ ونَشَّتِ الغُدرانُ توزَّعَتْهُم المَحاضِرُ وأَعْدادُ المِياهِ فهذا معنى قوله ولا تَقَسَّمُ شَعْباً واحداً شُعَبُ وقد غَلَبَتِ الشُّعوبُ بلفظِ الجَمْعِ على جِيلِ العَجَمِ حتى قيل لمُحْتَقرِ أَمرِ العرب شُعُوبيٌّ أَضافوا إِلى الجمعِ لغَلَبَتِه على الجِيلِ الواحِد كقولِهم أَنْصاريٌّ والشُّعوبُ فِرقَةٌ لا تُفَضِّلُ العَرَبَ على العَجَم والشُّعوبيُّ الذي يُصَغِّرُ شأْنَ العَرَب ولا يَرَى لهم فضلاً على غيرِهم وأَما الذي في حديث مَسْروق أَنَّ رَجلاً من الشُّعوبِ أَسلم فكانت تؤخذُ منه الجِزية فأَمرَ عُمَرُ أَن لا تؤخذَ منه قال ابن الأَثير الشعوبُ ههنا العجم ووجهُه أَن الشَّعْبَ ما تَشَعَّبَ من قَبائِل العرب أَو العجم فخُصَّ بأَحَدِهِما ويجوزُ أَن يكونَ جمعَ الشُّعوبيِّ وهو الذي يصَغِّرُ شأْنَ العرب كقولِهم اليهودُ والمجوسُ في جمع اليهوديِّ والمجوسيِّ والشُّعَبُ القبائِل وحكى ابن الكلبي عن أَبيه الشَّعْبُ أَكبرُ من القبيلةِ ثم الفَصيلةُ ثم العِمارةُ ثم البطنُ ثم الفَخِذُ قال الشيخ ابن بري الصحيح في هذا ما رَتَّبَه الزُّبَيرُ ابنُ بكَّارٍ وهو الشَّعْبُ ثم القبيلةُ ثم العِمارةُ ثم البطنُ ثم الفَخِذُ ثم الفصيلة قال أَبو أُسامة هذه الطَّبَقات على ترتِيب خَلْق الإِنسانِ فالشَّعبُ أَعظمُها مُشْتَقٌّ من شَعْبِ الرَّأْسِ ثم القبيلةُ من قبيلةِ الرّأْسِ لاجْتماعِها ثم العِمارةُ وهي الصَّدرُ [ ص 501 ] ثم البَطنُ ثم الفخِذُ ثم الفصيلة وهي الساقُ والشعْبُ بالكسرِ ما انْفَرَجَ بينَ جبلين وقيل هو الطَّريقُ في الجَبَلِ والجمعُ الشِّعابُ وفي المَثَل شَغَلَتْ شِعابي جَدْوايَ أَي شَغَلَتْ كَثرةُ المؤُونة عَطائي عن الناسِ وقيل الشِّعْبُ مَسِيلُ الماءِ في بَطْنٍ منَ الأَرضِ لهُ جُرْفانِ مُشْرِفانِ وعَرْضُهُ بطْحَةُ رَجُلٍ والشُّعْبة الفُرْقة تقول شَعَبَتْهم المنية أَي فرَّقَتْهم ومنه سميت المنية شَعُوبَ وهي معرفة لا تنصرف ولا تدخلها الأَلف واللام وقيل شَعُوبُ والشَّعُوبُ كِلْتاهُما المَنِيَّة لأَنها تُفَرِّقُ أَمّا قولهم فيها شَعُوبُ بغير لامٍ والشَّعوبُ باللام فقد يمكن أَن يكونَ في الأَصل صفةً لأَنه من أَمْثِلَةِ الصِّفاتِ بمنزلة قَتُولٍ وضَروبٍ وإِذا كان كذلك فاللامُ فيه بمنزلتِها في العَبّاسِ والحَسَنِ والحَرِثِ ويؤَكِّدُ هذا عندَكَ أَنهم قالوا في اشْتِقاقِها إِنها سُمِّيَتْ شَعُوبَ لأَنها تَشْعَبُ أَي تُفَرِّقُ وهذا المعنى يؤَكِّدُ الوَصْفِيَّةَ فيها وهذا أَقْوى من أَن تُجْعَلَ اللام زائدةً ومَن قال شَعُوبُ بِلا لامٍ خَلَصَتْ عندَه اسْماً صريحاً وأَعْراها في اللفظ مِن مَذْهَبِ الصفةِ فلذلك لم يُلْزمْها اللام كما فَعَلَ ذلك من قال عباسٌ وحَرِثٌ إِلاَّ أَنَّ روائِحَ الصفةِ فيه على كلِّ حالٍ وإِنْ لم تكن فيه لامٌ أَلا ترَى أَنَّ أَبا زيدٍ حَكَى أَنهم يُسَمُّونَ الخُبزَ جابِرَ بن حبَّة ؟ وإِنما سَمَّوهُ بذلك لأَنه يَجْبُر الجائِعَ فقد تَرَى معنى الصِّفَةِ فيه وإِن لم تَدْخُلْهُ اللامُ ومِن ذلك قولهم واسِطٌ قال سيبويه سَمَّوهُ واسِطاً لأَنه وَسَطَ بينَ العِراقِ والبَصْرَة فمعنى الصفةِ فيه وإِن لم يكن في لفظِه لامٌ وشاعَبَ فلانٌ الحياةَ وشاعَبَتْ نَفْسُ فلانٍ أَي زَايَلَتِ الحَياةَ وذَهَبَت قال النابغة الجعدي
ويَبْتَزُّ فيه المرءُ بَزَّ ابْنِ عَمِّهِ ... رَهِيناً بِكَفَّيْ غَيْرِه فَيُشاعِبُ
يشَاعِبُ يفَارِق أَي يُفارِقُه ابنُ عَمِّه فَبزُّ ابنِ عَمِّه سِلاحُه يَبْتَزُّه يأْخُذُه
وأَشْعَبَ الرجلُ إِذا ماتَ أَو فارَقَ فِراقاً لا يَرْجِعُ وقد شَعَبَتْه شَعُوبُ أَي المَنِيَّة تَشْعَبُه فَشَعَب وانْشَعَب وأَشْعَبَ أَي ماتَ قال النابغة الجعدي
أَقَامَتْ بِهِ ما كانَ في الدَّارِ أَهْلُها ... وكانُوا أُناساً مِنْ شَعُوبَ فأَشْعَبُوا
تَحَمَّلَ منْ أَمْسَى بِهَا فَتَفَرَّقُوا ... فَريقَيْن مِنْهُمْ مُصْعِدٌ ومُصَوِّبُ
قال ابن بري صَوابُ إِنْشادِه على ما رُوِيَ في شعره وكانوا شُعُوباً من أُناسٍ أَي ممَّنْ تَلْحَقُه شَعُوبُ ويروى من شُعُوب أَي كانوا من الناس الذين يَهْلِكُون فَهَلَكُوا ويقال للمَيِّتِ قد انْشَعَبَ قال سَهْم الغنوي
حتى تُصادِفَ مالاً أَو يقال فَتًى ... لاقَى التي تشْعَبُ الفِتْيانَ فانْشَعَبَا
ويقال أَقَصَّتْه شَعُوب إِقْصاصاً إِذا أَشْرَفَ على المَنِيَّة ثم نَجَا وفي حديث طلحة فما زِلْتُ واضِعاً رِجْلِي على خَدِّه حتى أَزَرْتُه شَعُوبَ شَعُوبُ من أَسماءِ المَنِيَّةِ غيرَ مَصْروفٍ وسُمِّيَتْ شعُوبَ لأَنَّها تُفَرِّقُ وأَزَرْتُه من الزيارةِ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) شعب الشَّعْبُ الجَمعُ والتَّفْريقُ والإِصلاحُ والإِفْسادُ ضدٌّ وشَعَبَ إِليهم في عدد كذا نَزَع وفارَقَ صَحْبَهُ [ ص 502 ] والمَشْعَبُ الطَّريقُ ومَشْعَبُ الحَقِّ طَريقُه المُفَرِّقُ بينَه وبين الباطلِ قال الكميت
وما لِيَ إِلاَّ آلَ أَحْمَد شِيعةٌ ... وما لِيَ إِلاَّ مَشْعَبَ الحقِّ مَشْعَبُ
والشُّعْبةُ ما بين القَرْنَيْنِ لتَفْريقِها بينهما والشَّعَبُ تَباعُدُ ما بينهما وقد شَعِبَ شَعَباً وهو أَشْعَبُ وظَبْيٌ أَشْعَبُ بَيِّنُ الشَّعَب إِذا تَفَرَّقَ قَرْناه فتَبايَنَا بينُونةً شديدةً وكان ما بين قَرْنَيْه بعيداً جدّاً والجمع شُعْبٌ قال أَبو دُوادٍ
وقُصْرَى شَنِجِ الأَنْساءِ ... نَبَّاجٍ من الشُّعْبِ
وتَيْسٌ أَشْعَبُ إِذا انْكَسَرَ قَرْنُه وعَنْزٌ شَعْبَاءُ والشَّعَبُ أَيضاً بُعْدُ ما بين المَنْكِبَيْنِ والفِعلُ كالفِعلِ والشاعِبانِ المَنْكِبانِ لتَباعُدِهِما يَمانِيَةٌ وفي الحديث إِذا قَعَدَ الرَّجُلُ من المرأَةِ ما بين شُعَبِها الأَرْبعِ وَجَبَ عليه الغُسْلُ شُعَبُها الأَرْبعُ يَداها ورِجْلاها وقيل رِجْلاها وشُفْرا فَرْجِها كَنى بذلك عن تَغْيِيبِه الحَشَفَة في فَرْجِها وماءٌ شَعْبٌ بعيدٌ والجمع شُعُوبٌ قال
كما شَمَّرَتْ كَدْراءُ تَسْقِي فِراخَها ... بعَرْدَةَ رِفْهاً والمياهُ شُعُوبُ
وانْشَعَبَ عنِّي فُلانٌ تباعَدَ وشاعَبَ صاحبَه باعَدَه قال
وسِرْتُ وفي نَجْرانَ قَلْبي مُخَلَّفٌ ... وجِسْمي ببَغْدادِ العِراقِ مُشاعِبُ
وشَعَبَه يَشْعَبُه شَعْباً إِذا صَرَفَه وشَعَبَ اللجامُ الفَرَسَ إِذا كَفَّه وأَنشد شاحِيَ فيه واللِّجامُ يَشْعَبُهْ وشَعْبُ الدار بُعْدُها قال قيسُ بنُ ذُرَيْحٍ
وأَعْجَلُ بالإِشْفاقِ حتى يَشِفَّنِي ... مَخافة شَعْبِ الدار والشَّمْلُ جامِعُ
وشَعْبانُ اسمٌ للشَّهْرِ سُمِّيَ بذلك لتَشَعُّبِهم فيه أَي تَفَرُّقِهِم في طَلَبِ المِياهِ وقيل في الغاراتِ وقال ثعلب قال بعضهم إِنما سُمِّيَ شَعبانُ شَعبانَ لأَنه شَعَبَ أَي ظَهَرَ بين شَهْرَيْ رمضانَ ورَجَبٍ والجمع شَعْباناتٌ وشَعابِينُ كرمضانَ ورَمَاضِينَ وشَعبانُ بَطْنٌ من هَمْدانَ تَشَعَّب منَ اليَمَنِ إِليهم يُنْسَبُ عامِرٌ الشَّعْبِيُّ رحمه اللّه على طَرْحِ الزائدِ وقيل شَعْبٌ جبلٌ باليَمَنِ وهو ذُو شَعْبَيْنِ نَزَلَه حَسَّانُ بنُ عَمْرو الحِمْيَرِيُّ وَولَدُه فنُسِبوا إِليه فمن كان منهم بالكوفة يقال لهم الشَّعْبِيُّونَ منهم عامرُ بنُ شَراحِيلَ الشَّعْبِيُّ وعِدادُه في هَمْدانَ ومن كان منهم بالشامِ يقالُ لهم الشَّعْبانِيُّون ومن كان منهم باليَمَن يقالُ لهم آلُ ذِي شَعْبَيْنِ ومَن كان منهم بمصْرَ والمَغْرِبِ يقال لهم الأُشْعُوبُ وشَعَب البعيرُ يَشْعَبُ شَعْباً اهْتَضَمَ الشجرَ من أَعْلاهُ قال ثعلبٌ قال النَّضْر سمعتُ أَعرابياً حِجازيّاً باعَ بعيراً له يقولُ أَبِيعُكَ [ ص 503 ] هو يَشْبَعُ عَرْضاً وشَعْباً العَرْضُ أَن يَتَناوَلَ الشَّجَرَ من أَعْراضِه وما شَعَبَك عني ؟ أَي ما شَغَلَكَ ؟ والشِّعْبُ سِمَةٌ لبَنِي مِنْقَرٍ كهَيْئةِ المِحْجَنِ وصُورَتِه بكسر الشين وفتحها وقال ابن شميل الشِّعابُ سِمَةٌ في الفَخِذ في طُولِها خَطَّانِ يُلاقى بين طَرَفَيْهِما الأَعْلَيَيْنِ والأَسْفَلانِ مُتَفَرِّقانِ وأَنشد
نار علَيْها سِمَةُ الغَواضِرْ ... الحَلْقَتانِ والشِّعابُ الفاجِرْ
وقال أَبو عليّ في التذكِرةِ الشَّعْبُ وسْمٌ مُجْتَمِعٌ أَسفلُه مُتَفَرِّقٌ أَعلاه وجَمَلٌ مَشْعُوبٌ وإِبلٌ مُشَعَّبةٌ مَوْسُومٌ بها والشَّعْبُ موضعٌ وشُعَبَى بضم الشين وفتح العين مقصورٌ اسمُ موضعٍ في جبل طَيِّئٍ قال جرير يهجو العباس بن يزيد الكِنْدِي
أَعَبْداً حَلَّ في شُعَبَى غَريباً ؟ ... أَلُؤْماً لا أَبا لَكَ واغْتِرابا
قال الكسائي العرب تقولُ أَبي لكَ وشَعْبي لكَ معناه فَدَيْتُك وأَنشد
قالَتْ رأَيتُ رَجُلاً شَعْبي لَكْ ... مُرَجَّلاً حَسِبْتُه تَرْجِيلَكْ
قال معناه رأَيتُ رجُلاً فدَيْتُك شَبَّهتُهُ إِيَّاك وشعبانُ موضعٌ بالشامِ والأَشْعَب قَرْيةٌ باليَمامَةِ قال النابغة الجَعْدي
فَلَيْتَ رسُولاً له حاجةٌ ... إِلى الفَلَجِ العَوْدِ فالأَشْعَبِ
وشَعَبَ الأَمِيرُ رسولاً إِلى موضعِ كذا أَي أَرسَلَه
وشَعُوبُ قَبِيلة قال أَبو خِراشٍ
مَنَعْنا مِنْ عَدِيِّ بَني حُنَيْفٍ ... صِحابَ مُضَرِّسٍ وابْنَيْ شَعُوبَا
فأَثْنُوا يا بَنِي شِجْعٍ عَلَيْنا ... وحَقُّ ابْنَيْ شَعُوبٍ أَن يُثِيبا
قال ابن سيده كذا وجدنا شَعُوبٍ مَصْروفاً في البيت الأَخِير ولو لمْ يُصْرَفْ لاحْتَمل الزّحافَ وأَشْعَبُ اسمُ رجُلٍ كان طَمَّاعاً وفي المَثَل أَطْمَعُ من أَشْعَبَ وشُعَيْبٌ اسمٌ وغَزالُ شعبانَ ضَرْبٌ من الجَنادِب أَو الجَخادِب وشَعَبْعَبُ موضع قال الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّهِ القُشَيْرِي قال ابن بري كثيرٌ ممن يَغْلَطُ في الصِّمَّة فيقولُ القَسْري وهو القُشَيْرِي لا غَيْرُ لأَنه الصِّمَّةُ بنُ عبدِاللّه بنِ طُفَيْلِ بن قُرَّةَ بنِ
هُبَيْرةَ بن عامِر بن سَلَمَةِ الخَير بن قُشَيْرِ بن كَعبٍ
يا لَيْتَ شِعْرِيَ والأَقْدارُ غالِبةٌ ... والعَيْنُ تَذْرِفُ أَحْياناً من الحَزَنِ
هَلْ أَجْعَلَنَّ يَدِي للخَدِّ مِرْفَقَةً ... على شَعَبْعَبَ بينَ الحَوْضِ والعَطَنِ ؟
وشُعْبةُ موضعٌ وفي حديث المغازي خرج رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم يريدُ قُريْشاً وسَلَكَ شُعْبة بضم الشين وسكون العين موضعٌ قُرْب يَلْيَل ويقال له شُعْبةُ ابنِ عبدِاللّه

( شعصب ) الشَّعْصَبُ العاسِي وشَعْصَبَ عَسَا [ ص 504 ]

( شعنب ) الأَزهري يقال للتَّيْسِ إِنه لمُعَنْكِبُ القَرْنِ وهو المُلْتَوِي القَرْنِ حتى يَصِيرَ كأَنه حلْقةٌ والمُشَعْنِبُ المُسْتَقِيمُ وقال النضر الشَّعْنَبَةُ أَن يَسْتَقِيمَ قَرنُ الكبشِ ثم يَلْتَوِيَ على رَأْسِهِ قبلَ أُذُنِه قال ويقال تَيْسٌ مُشَعْنِبُ القَرْنِ بالعين والغين والفتح والكسر

( شغب ) الشَّغْبُ والشَّغَبُ والتَّشْغِيبُ تَهْيِيجُ الشَّرِّ وأَنشد الليث
وإِني على ما نالَ مِنِّي بصَرْفِهِ ... على الشَّاغِبِينَ التارِكِي الحَقِّ مِشْغَبُ
وقد شَغَبَهم وشَغَبَ عليهم والكسر فيه لُغَةٌ وهو شَغْبُ الجُنْدِ ولا يقال شَغَبٌ وتقول منه شَغَبْتُ عليهم وشَغَبْت بِهِم وشَغَبْتُهُم أَشْغَبُ شَغْباً كُلُّه بمعنًى قال لبيد ويُعابُ قائِلُهُم وإِن لم يَشْغَبِ أَي وإِن لم يَجُرْ عن الطريقِ والقَصْدِ شمر شَغَبَ فلانٌ عن الطريقِ يَشْغَبُ شَغْباً وفلانٌ مِشْغَبٌ إِذا كان عانِداً عن الحَقِّ قال الفرزدق
يَرُدُّونَ الحُلُومَ إِلى جِبالٍ ... وإِن شاغَبْتَهم وجَدوا شِغابَا
أَي وإِن خالَفْتَهم عن الحكم إِلى الجور وتركِ القصد إِلى العُنودِ وقال الهذلي وعَدَتْ عَوادٍ دون وَلْيِكَ تَشْغَبُ أَي تَجُورُ بِكَ عن طريقك وفي حديث ابن عباس قيل له ما هذه الفُتْيا التي شَغَبَتْ في الناسِ ؟ الشَّغْبُ بسكون الغين تَهْيِيجُ الشَّرِّ والفِتْنَةِ والخِصام والعامَّة تَفْتَحُها تقولُ شَغَبْتُهم وبهم وفيهم وعليهم وفي الحديث نهى عن المُشاغَبَةِ أَي المُخاصَمَة والمُفاتَنَة ويقال للأَتانِ إِذا وحِمَتْ فاسْتَصْعَبت على الفَحلِ إِنها ذات شَغْبٍ وضِغْنٍ قال أَبو زيد ( 1 )
( 1 قوله « أبو زيد » هكذا في الأصل وشرح القاموس وبعض نسخ الصحاح وفي بعضها أبو زبيد ) يَرْثي ابن أَخيه
كان عَنِّي يَرُدُّ دَرْؤُكَ بعدَ ... اللّه شَغْبَ المُسْتَصْعِبِ المِرِّيدِ
وأَنشد الباهلي قول العجاج
كأَنَّ تَحْتي ذاتَ شَغْبٍ سَمْحَجا ... قَوْداءَ لا تَحْمِلُ إِلاَّ مُخْدَجا
قال الشَّغْبُ الخِلافُ أَي لا تُواتِيهِ وتَشْغَبُ عليه يعني أَتاناً سَمْحَجاً طويلةً على وجهِ الأَرض قَوْداءَ طويلةَ العُنُقِ وقال عمرو بن قميئة
فإِن تَشْغَبي فالشَّغْبُ مِنِّي سَجِيَّةٌ ... إِذا شيمني ما يؤْت منها سجيحها ( 2 )
( 2 قوله « إذا شيمني إلخ » هكذا في الأصل )
تَشْغَبي أَي تُخالِفِيني وتَفْعَلي ما لا يُقامِيني أَي ما لا
يُوافِقُني وأَنشد لهِمْيانَ
إِنَّ جِرانَ الجَمَلِ المُسِنِّ ... يَكْسِرُ شَغْبَ النَّافِرِ المُصِنِّ
يعني بجِران الجَمَلِ سَوْطاً سُوِّيَ من جِرانِهِ والشَّغْبُ الخِلافُ قاله الباهلي وشَغِبْتُ عليهم بالكسر أَشْغَبُ شَغَباً لغةٌ [ ص 505 ] فيه ضعيفة وشاغَبَه فهو شَغَّابٌ ومُشَغِّبٌ ورجل شَغِبٌ ومِشْغَبٌ ومُشاغِبٌ وذو مَشاغِبَ ورجل شِغَبٌّ قال هِمْيانٌ
نَدْفَعُ عَنها المُترَفَ الغُضُبَّا ... ذا الخُنْزُوانِ العَرِكَ الشِّغَبَّا
وأَبو الشَّغْبِ كُنْيَة بعضِ الشُّعَراء وشَغْبٌ موضِعٌ بينَ المدينة والشامِ وفي حديث الزهري أَنه كان له مالٌ بِشَغْبٍ وبَدا هما مَوْضِعانِ بالشام وبه ( 1 )
( 1 أراد وبالشَّغْب )
كان مُقام عليِّ بن عبدِاللّهِ ابنِ عباسٍ وأَولادِهِ إِلى أَن وَصَلَت إِليهم الخِلافة وهو بسكونِ الغين وشَغَبُ بالتحريك اسمُ امْرَأَةٍ لا ينصَرفُ في المعرفة

( شغزب ) الشَّغْزَبَة الأَخْذُ بالعُنْفِ وكلُّ أَمرٍ مُسْتَصْعَبٍ شَغْزَبيٌّ ومَنْهَلٌ شَغْزَبيٌّ مُلْتَوٍ عَن الطَّريق وقالَ العجاجُ يَصِفُ مَنْهَلاً مُنْجَرِدٌ أَزْوَرُ شَغْزَبيُّ وتَشَغْزَبَتِ الرِّيحُ التَوَتْ في هبوبها والشَّغْزَبِيَّةُ ضَرْبٌ من الحِيلَةِ في الصِّراعِ وهي أَن تَلْوِيَ رِجلَهُ بِرجْلِكَ تقول شَغْزَبْتُه شَغْزَبَةً وأَخَذْتُه بالشَّغْزَبِيَّةِ قال ذو الرمة
ولَبَّسَ بَين أَقْوامي فكُلٌّ ... أَعَدَّ له الشَّغازِبَ والمِحالا
وقيل الشَّغْزَبِيَّةُ والشَّغْزَبيُّ اعتِقالُ المُصارِعِ رِجْلَه بِرِجْل آخَرَ وإِلْقاؤُه إِيَّاهُ شَزْراً وصَرعُه إِيَّاهُ صَرعاً قال
عَلَّمَنَا أَخْوالُنَا بنُو عِجِلْ ... الشَّغْزَبيَّ واعْتِقالاً بالرِّجِلْ
تقولُ صَرَعْتُه صَرْعَةً شَغْزَبِيَّةً أَبو زيد شَغْزَبَ الرَّجلُ الرَّجلَ وشَغْرَبَهُ بمعنى واحدٍ وهو إِذا أَخَذَه العُقَيلَى وأَنشد بَيْنَا الفَتى يَسْعَى إِلى أُمْنِيَّهْ يَحْسِبُ أَنَّ الدَّهْرَ سُرْجُوجِيَّهْ عَنَّتْ لَهُ داهِيَةٌ دُهْوِيَّهْ فاعْتَقَلَتْه عُقْلَة شَزْرِيَّهْ لَفْتَاءَ عَنْ هَواهُ شَغْزَبِيَّهْ وفي الحديث حتى يكونَ شُغْزُبّاً قال ابن الأَثير كذا رواه أَبو داود في السننِ قال الحَرْبيُّ والذي عِنْدي أَنه زُخْزُبّاً وهو الذي اشْتَدَّ لحمُه وغَلُظَ وقد تقدم في الزاي قال الخطابي ويحتمل أَن تكونَ الزايُ أُبْدِلَت شِيناً والخاءُ غَيْناً تصحيفاً وهذا من غريب الإِبدال وفي حديث ابن مَعْمرٍ أَنه أَخَذَ رَجُلاً بِيَدِهِ الشَّغْزَبِيَّةَ قيل هي ضَرْبٌ من الصُّراعِ وهو اعْتِقالُ المُصارع رِجْلَه برِجْلِ صاحِبِه ورَمْيُه إِلى الأَرض قال وأَصلُ الشَّغْزَبِيَّةِ الالْتِواءُ والمَكْرُ وكلُّ أَمرٍ مُسْتَصْعَبٍ شَغْزَبيٌّ والشَّغْبَزُ ( 2 )
( 2 قوله « والشغبز إلخ » هكذا في الأصل وأورده في التهذيب في مقلوب شغزب بالزاي وقال الصواب انه شغبر بالراء المهملة ) ابن آوى

( شغنب ) الشُّغْنُوبُ أَعالي الأَغْصَانِ تقول للغُصْنِ النَّاعِم شُغْنُوبٌ وشُنْغُوبٌ وكذلك الشُّنْغُبُ والشُّنْعُوب الأَزهري في شنعبَ بالعين المهملة هي أَن يَسْتَقيمَ قَرْنُ الكَبْشِ ثم يَلْتَوِيَ على رَأْسِهِ قِبَلَ أُذُنِهِ قال ويقال تَيْسٌ مُشَعْنِب بالعينِ والغينِ والفتحِ والكسرِ [ ص 506 ]

( شقب ) الشَّقْبُ والشِّقْبُ مَهْواةُ ما بينَ كلِّ جَبَلَينِ وقيل هو صَدْعٌ يكونُ في لُهُوبِ الجبَالِ ولُصُوبِ الأَوْدِيَةِ دونَ الكَهْفِ يُوكِرُ فيه الطَّير وقيل هو كالفأْرِ أَو كالشَّقِّ في الجبل وقيل هو مكانٌ مُطْمَئِنٌّ إِذا أَشْرَفْتَ عليه ذَهَب في الأَرض والجمعُ شِقَابٌ وشُقُوبٌ وشِقَبَةٌ التهذيب الليث الشِّقْبُ مَواضِعُ دُونَ الغِيرانِ تكون في لُهُوبِ الجِبالِ ولُصُوبِ الأَوْدِية يُوكِرُ فيها الطَّيرُ وأَنشد
فصَبَّحَتْ والطَّيرُ في شِقَابها ... جُمَّة تَيَّارٍ إِذا ظَمَا بِها
الأَصمعي الشِّقْبُ كالشَّقِّ يكونُ في الجِبالِ وجَمْعُه شِقَبَةٌ واللِّهْبُ مَهْواةُ ما بين كلِّ جَبَلَين واللِّصْبُ الشِّعْبُ الصَّغيرُ في الجبلِ والشَّقَبُ والشِّقْبُ شَجَرٌ لَه غِصَنةٌ وَورَقٌ يَنْبُتُ كنِبْتَةِ الرُّمَّانِ وَوَرَقُه كَوَرَقِ السِّدرِ وجَناتُه كالنَّبِقِ وفيه نَوًى واحدَتُه شَقَبة وقال أَبو حنيفة هو شجرٌ من شجرِ الجبالِ يَنبُتُ فيما زَعَموا في شِقَبَتِها وقال مرَّة هو من عُتْقِ العِيدانِ والشَّوْقَبُ الطَّويلُ من الرجالِ والنَّعامِ والإِبِل وحافِر شَوقَبٌ واسِعٌ عن كُراعٍ والشَّوْقَبَانِ خَشَبَتَا القَتَبِ اللَّتانِ تُعَلَّقُ بهما الحِبالُ والشَّقَبَانُ طائِرٌ نَبَطِيٌّ

( شقحطب ) كَبْشٌ شَقَحْطَبٌ ذو قَرْنَينِ مُنْكَرَينِ كأَنه شِقُّ حَطَبٍ أَبو عمرو الشَّقَحْطَبُ الكَبْشُ الذي له أَربعةُ قُرون قال الأَزهري وهذا حَرْفٌ صحيحٌ

( شكب ) التهذيب روى بعضهم قول وِعاس ( 1 )
( 1 قوله « قول وعاس » هكذا في الأصل والذي في التكملة وشرح القاموس أبي سهم الهذلي )
وهُنَّ مَعاً قِيامٌ كالشُّكُوبِ وقال هي الكَراكيُّ ورواه بعضهم كالشُّجُوبِ وهي عَمَد من أَعمِدَةِ البيت الأَزهري في الثلاثي والشُّكْبانُ شِبَاكٌ يُسَوِّيها الحَشَّاشونَ في البادِية من اللِّيفِ والخُوصِ تُجْعَلُ لها عُرًى واسعةٌ يَتَقَلَّدُها الحَشَّاشُ فيَضَعُ فيها الحَشيشَ والنُّونُ في شُكْبان نونُ جَمْعٍ وكأَنها في الأَصل شُبْكَانٌ فقُلِبَت إِلى الشُّكْبان وفي نوادر الأَعراب الشُّكْبانُ ثوبٌ يُعْقَدُ طَرَفاهُ من وراءِ الحِقْوَينِ والطَّرفانِ في الرأْسِ يَحُشُّ فيه الحَشَّاشُ على الظَّهْر ويُسَمَّى الحالَ قال أَبو سليمان الفَقْعَسِي لمَّا رأَيتُ جَفْوَةَ الأَقارِبِ تُقَلِّبُ الشُّقْبَانَ وهْوَ رَاكِبي أَنتَ خَليلٌ فالْزَمَنَّ جانِبي وإِنما قال وهو راكِبي لأَنه على ظَهرِه ويقالُ له الرِّفَلُّ وقاله بالقاف وهُما لُغتان شُكْبان وشُقْبان قال وسماعي من الأَعراب شُكْبان والشُّكْبُ لغة في الشُّكْمِ وهو الجَزاءُ وقيل العَطاءُ

( شلخب ) رجل شَلْخَبٌ فَدْمٌ

( شنب ) الشَّنَبُ ماءٌ ورِقَّةٌ يَجْرِي على الثَّغْرِ وقيل رِقَّةٌ وبَرْدٌ وعُذوبةٌ في الأَسنان وقيل [ ص 507 ] الشَّنَبُ نُقَطٌ بيضٌ في الأَسنانِ وقيل هو حِدَّةُ الأَنياب كالغَرْبِ تَراها كالمِئْشار شَنِبَ شَنَباً فهو شانِبٌ وشَنيبٌ وأَشْنَبُ والأُنْثَى شَنْباءُ بَيِّنَةُ الشَّنَبِ وحكى سيبويه شَمْباءُ وشُمْبٌ على بدلِ النون ميماً لِما يُتَوَقَّعُ من مَجيءِ الباءِ من بعدِها قال الجرمي سمعت الأَصمعي يقولُ الشَّنَبُ بَرْدُ الفَمِ والأَسنانِ فقلتُ إِنَّ أَصحابَنا يقولون هو حِدَّتُها حين تَطْلُع فيُرادُ بذلك حَداثَتُها وطَراءَتُها لأَنَّها إِذا أَتَتْ عليها السِّنون احْتَكَّتْ فقال ما هو إِلاّ بَرْدُها وقول ذي الرمة
لَمْياءُ في شَفَتَيْها حُوَّةٌ لَعَسٌ ... وفي اللِّثاتِ وفي أَنْيابِها شَنَبُ
يُؤَيِّدُ قولَ الأَصمَعي لأَنَّ اللِّثَة لا تكونُ فيها حِدَّةٌ قال أَبو العباس اخْتَلَفوا في الشَّنَب فقالت طائفةٌ هو تَحزيزُ أَطرافِ الأَسنانِ وقيل هو صفاؤُها ونَقاؤُها وقيل هو تَفْلِيجُها وقيل هو طِيبُ نَكْهَتِها وقال الأَصمعي الشَّنَبُ البَرْدُ والعُذوبةُ في الفَمِ وقال ابن شميل الشَّنَبُ في الأَسنانِ أَن تَراها مُسْتَشْرِبة شيئاً من سَوادٍ كما تَرى الشَّيءَ من السَّوادِ في البَرَدِ وقال بعضهم يصف الأَسنانَ
مُنَصَّبُها حَمْشٌ أَحَمُّ يَزينُه ... عَوارِضُ فيها شُنْبةٌ وغُروبُ
والغَرْبُ ماءُ الأَسْنانِ والظَّلْم بياضها كأَنه يعلوه سواد والمَشانِبُ الأَفْواهُ الطيِّبةُ ابن الأَعرابي المِشْنَبُ الغلامُ الحَدَث المُحَدَّدُ الأَسْنانِ المُؤَشَّرُها فَتاءً وحداثَةً وفي صفته صلى اللّه عليه وسلم ضَلِيع الفَمِ أَشْنَب الشَّنَبُ البَياضُ والبَريقُ والتَّحْديدُ في الأَسْنانِ ورُمَّانةٌ شَنْباءُ إِمْلِيسِيَّةٌ وليس فيها حَبٌّ إِنما هي ماءٌ في قِشْرٍ على خِلْقةِ الحَبِّ من غَيْرِ عَجم قال الأَصمعي سَأَلت رؤْبَة عن الشَّنَب فأَخَذ حَبَّةَ رُمَّانٍ وأَوْمَأَ إِلى بَصِيصِها وشَنِبَ يومُنا فهو شَنِبٌ وشانِبٌ بَرَدَ

( شنخب ) الشُّنْخُوب فَرْعُ الكاهِل والشُّنْخُوبةُ والشُّنْخُوبُ والشِّنْخابُ أَعْلى الجَبَلِ وشَناخِيبُ الجبالِ رُؤُوسُها واحِدتُها شُنْخُوبةٌ الجوهري الشُّنْخوبة والشُّنْخوبُ والشِّنْخابُ واحِدُ شَناخِيبِ الجَبلِ وهي رُؤُوسُه وفي حديث عليّ كرّم اللّه وجهه ذَوات الشَّناخِيبِ الصُّمِّ هي رؤُوسُ الجبالِ العالية والشُّنْخوب فِقْرَةُ ظَهْر البَعير رجلٌ شَنْخَبٌ طويلٌ

( شنزب ) الشَّنْزَبُ الصُّلْبُ الشديدُ عربيٌّ

( شنظب ) الشُّنْظُب جُرُفٌ فيه ماءٌ وفي التهذيب كلُّ جُرُفٍ فيه ماءٌ والشُّنْظُبُ الطَّويلُ الحَسَنُ الخَلْقِ والشُّنْظُبُ موضعٌ بالباديةِ

( شنعب ) الشِّنْعابُ من الرجال كالشِّنْعافِ وهو الطويلُ العاجزُ والشِّنْعابُ رأْسُ الجَبَل بالباءِ

( شنغب ) الشُّنْغُبُ والشُّنْغُوب والشُّغْنُوب أَعالي الأَغْصانِ وأَنشد في ترجمة شرع
ترى الشَّرائع تَطْفُو فَوْقَ ظاهِرِه ... مُسْتَحْضراً ناظِراً نَحْو الشَّناغِيبِ
[ ص 508 ] تقول للغُصْن الناعِمِ شُنْغُوبٌ وشُغْنُوبٌ قال الأَزهري ورأَيتُ في البادية رجُلاً يُسَمَّى شُنْغُوباً فسأَلتُ غُلاماً من بَني كُلَيْبٍ عن مَعْنى اسْمِه فقال الشُّنْغُوبُ الغُصْنُ الناعِمُ الرَّطْبُ ونحو ذلك قال ابن الأَعرابي والشُّنْغُب الطويلُ من جميعِ الحَيَوانِ والشِّنْغابُ الطويلُ الدَّقيقُ من الأَرْشِيةِ والأَغْصانِ ونحوها والشِّنْغابُ الرِّخْوُ العاجِزُ والشُّنْغُوبُ عِرْقٌ طويلٌ من الأَرض دَقيقٌ

( شهب ) الشَّهَبُ والشُّهْبةُ لَونُ بَياضٍ يَصْدَعُه سَوادٌ في خِلالِه وأَنشد وعَلا المَفارِقَ رَبْعُ شَيْبٍ أَشْهَبِ والعَنْبَرُ الجَيِّدُ لَوْنُه أَشْهَبُ وقيل الشُّهْبة البَياضُ الذي غَلَبَ على السَّوادِ وقد شَهُبَ وشَهِبَ شُهْبةً واشْهَبَّ وجاءَ في شِعْرِ هُذيلٍ شاهِبٌ قال
فَعُجِّلْتُ رَيْحانَ الجِنانِ وعُجِّلُوا ... رَمَاريمَ فَوَّارٍ من النَّارِ شاهِبِ
وفَرَسٌ أَشْهَبُ وقدِ اشْهَبَّ اشْهِباباً واشْهابَّ اشْهيباباً مثله وأَشْهَبَ الرجلُ إِذا كان نَسْلُ خَيْلِهِ شُهْباً هذا قولُ أَهلِ اللغة إِلاَّ أَنَّ ابن الأَعرابي قال ليس في الخَيْلِ شُهْبٌ وقال أَبو عبيدة الشُّهْبَة في أَلوانِ الخَيْلِ أَن تَشُقَّ مُعْظَمَ لَوْنِه شَعْرَةٌ أَو شَعَراتٌ بِيضٌ كُمَيْتاً كان أَو أَشْقَرَ أَو أَدْهَمَ واشْهابَّ رأْسُه واشْتَهَب غَلَبَ بياضُه سوادَه قال امرؤ القيس
قالتِ الخَنْساءُ لمَّا جِئْتُها ... شابَ بَعْدي رَأْسُ هذا واشْتَهَبْ
وكَتِيبَةٌ شَهْباءُ لِمَا فيها من بَياضِ السِّلاحِ والحديدِ في حال السَّواد وقيل هي البَيْضاءُ الصافيةُ الحديدِ وفي التهذيب وكتيبة شهابة ( 1 )
( 1 قوله « وكتيبة شهابة » هكذا في الأصل وشرح القاموس )
وقيل كَتِيبَةٌ شَهْباءُ إِذا كانت عِلْيَتُها بياضَ الحديد وسَنةٌ شَهْباءُ إِذا كانت مُجْدِبَةً بيضاءَ من الجَدْبِ لا يُرَى فيها خُضْرَة وقيل الشَّهْباءُ التي ليس فيها مطرٌ ثم البَيْضاءُ ثم الحَمْرَاءُ وأَنشد الجوهرِيُّ وغيرُه في فصل جحر لزهير بن أَبي سلمى
إِذا السَّنَة الشَّهْباءُ بالناسِ أَجْحَفَتْ ... ونالَ كرامَ المالِ في الجَحْرَةِ الأَكلُ
قال ابن بري الشَّهْباءُ البَيْضاءُ أَي هي بَيْضاءُ لكَثْرَة الثَّلْج وعَدَمِ النَّباتِ وأَجْحَفَتْ أَضَرَّتْ بِهم وأَهْلَكَتْ أَموالَهم وقوله ونالَ كِرامَ المالِ يريدُ كَرائمَ الإِبِل يعني أَنها تُنْحَر وتُؤْكَل لأَنهم لا يَجدُونَ لَبناً يُغْنِيهِم عن أَكْلِها والجَحْرَةُ السَّنَةُ الشديدة التي تَجْحَر الناسَ في البُيوت وفي حديث العباس قالَ يومَ الفتحِ يا أَهلَ مَكَّة أَسْلِمُوا تَسْلَمُوا فقَدِ اسْتَبْطَنْتُمْ بأَشْهَبَ بازِلٍ أَي رُمِيتُمْ بأَمْرٍ صَعْبٍ لا طَاقةَ لَكُم به ويومٌ أَشْهَبُ وسَنَةٌ شَهْباءُ وجَيْشٌ أَشْهَبُ أَي قَوِيٌّ شديدٌ وأَكثرُ ما يُسْتَعْمل في الشِّدَّة والكَراهَة جعلَه بازِلاً لأَن بُزُولَ البعير نِهايَتُه في القُوَّة [ ص 509 ] وفي حديث حَلِيمَة خَرَجْتُ في سَنَةٍ شَهْباءَ أَي ذاتِ قَحْطٍ وجَدْبٍ والشَّهْباءُ الأَرضُ البيضاءُ التي لا خُضْرة فيها لقِلَّة المَطَر من الشُّهْبَة وهي البياضُ فسُمِّيَت سَنَةُ الجَدْب بها وقوله أَنشده ثعلبٌ
أَتانا وقد لَفَّتْه شَهْباءُ قَرَّة ... على الرَّحْلِ حتى المَرْءُ في الرَّحْلِ جانِحُ
فسَّره فقال شَهْباءُ ريحٌ شديدةُ البَرْدِ فمن شِدّتِها هو مائِلٌ في الرَّحْلِ قال وعندي أَنها رِيحُ سَنَةٍ شَهْباءَ أَو رِيحٌ فيها بَرْدٌ وثَلْج فكأَن الريحَ بَيْضاءُ لذلك أَبو سعيد شَهَّبَ البَرْدُ الشَّجَرَ إِذا غَيَّرَ أَلْوانَها وشَهَّبَ الناسَ البَرْدُ ونَصْلٌ أَشْهَبُ بُرِدَ بَرْداً خَفِيفاً فلم يَذْهَبْ سوادُه كله حكاه أَبو حنيفة وأَنشد
وفي اليَدِ اليُمْنَى لمُسْتَعِيرِها ... شَهْباءُ تُرْوي الرِّيشَ من بَصِيرِها
يعني أَنها تَغِلُّ في الرَّمِيَّةِ حتى يَشْرَبَ ريشُ السَّهْمِ الدَّمَ وفي الصحاح النَّصْلُ الأَشْهَبُ الذي بُرِدَ فَذَهَبَ سَوادُه وغُرَّةٌ شَهْباءُ وهو أَن يكونَ في غُرَّةِ الفرس شَعَر يُخالِفُ البياضَ والشَّهْباءُ من المَعَزِ نحوُ المَلْحاءِ مِن الضأْنِ واشْهَابَّ الزَّرْعُ قَارَبَ الهَيْجَ فابْيَضَّ وفي خِلالِه خُضْرةٌ قليلةٌ ويقال اشْهابَّت مَشَافِرُه والشَّهابُ اللبنُ الضَّيَاحُ وقيل اللبنُ الذي ثُلُثاهُ ماءٌ وثُلُثُه لبنٌ وذلك لتَغَيُّرِ لونِه وقيل الشَّهاب والشُّهابَةُ بالضَّمِّ عن كراع اللبنُ الرَّقِيقُ الكَثِيرُ الماءِ وذلك لتَغَيُّرِ لَوْنِه أَيضاً كما قيل له الخَضارُ قال الأَزهري وسَمِعْتُ غيرَ واحِدٍ من العَرَبِ يقولُ للَّبنِ المَمْزوجِ بالماءِ شَهابٌ كما تَرَى بفَتْحِ الشِّينِ قال أَبو حاتم هو الشُّهابَةُ بضَمِّ الشِّين وهو الفَضِيخُ والخَضارُ والشَّهابُ والسَّجاجُ والسَّجارُ ( 1 )
( 1 قوله « والسجار » هو هكذا في الأصل وشرح القاموس )
والضَّياحُ والسَّمارُ كلُّه واحد ويومٌ أَشْهَبُ ذو رِيحٍ بارِدَةٍ قال أُراهُ لما فِيه منَ الثَّلْجِ والصَّقِيعِ والبَرْدِ وليلَةٌ شَهْباءُ كذلك الأَزهري ويوم أَشْهَبُ ذو حَلِيتٍ وأَزيزٍ وقوله أَنشده سيبويه
فِدًى لِبَني ذُهْلِ بنِ شَيْبانَ ناقَتي ... إِذا كانَ يومٌ ذُو كَواكِبَ أَشْهَبُ
يجوز أَن يكونَ أَشْهَبَ لبياضِ السِّلاحِ وأَن يكونَ أَشْهَبَ لمَكانِ الغُبارِ والشِّهابُ شُعْلَةُ نارٍ ساطِعَةٌ والجمع شُهُبٌ وشُهْبانٌ وأَشْهَبُ ( 2 )
( 2 قوله « وأشهب » هو هكذا بفتح الهاء في الأصل والمحكم وقال شارح القاموس وأَشهب بضم الهاء قال ابن منظور وأَظنه اسماً للجمع )
وأَظُنُّه اسماً للجَمْعِ قال
تُرِكْنا وخَلَّى ذُو الهَوادَةِ بَيْنَنا ... بأَشْهَبِ نارَيْنَا لدَى القَوْمِ نَرْتَمِي
وفي التنزيل العزيز أَوْ آتِيكُمْ بِشِهابٍ قَبَسٍ قال الفراء نَوَّن عاصِمٌ والأَعْمَشُ فِيهِما قال وأَضَافه أَهلُ المَدينَةِ « بِشِهابِ قبسٍ » قال وهذا من إِضافة الشَّيءِ إِلى نفسِه كما قالوا حَبَّةُ الخَضْراءِ ومَسْجِدُ الجامِع يضاف الشَّيءُ إِلى نَفْسِهِ ويُضافُ أَوائِلُها إِلى ثوانِيهَا وهِيَ هِيَ في المعنى ومنه قوله إِنَّ هذا لَهُو حَقُّ اليَقِينِ [ ص 510 ] وروى الأَزهري عن ابن السكيت قال الشِّهابُ العُودُ الذي فيه نارٌ قال وقال أَبو الهَيْثم الشِّهابُ أَصْلُ خَشَبَةٍ أَو عودٍ فيها نارٌ ساطِعَة ويقال لِلْكَوْكَبِ الذي يَنْقَضُّ على أَثر الشَّيْطان بالليْلِ شِهابٌ قال اللّه تعالى فأَتْبَعَهُ شِهابٌ ثاقِبٌ والشُّهُبُ النُّجومُ السَّبْعَة المعْروفَة بالدَّراري وفي حديث اسْتِراقِ السَّمْعِ فَرُبَّما أَدْرَكَه الشِّهابُ قبل أَن يُلْقِيَها يعني الكَلِمَة المُسْتَرَقَة وأَراد بالشِّهابِ الذي يَنْقَضُّ باللَّيْلِ شِبْهَ الكَوكَبِ وهو في الأَصل الشُّعْلَة من النَّارِ ويقال للرجُلِ الماضي في الحرب شِهابُ حَرْبٍ أَي ماضٍ فيها على التَّشْبيهِ بِالكَوْكَبِ في مُضِيِّه والجمعُ شُهُبٌ وشُهْبانٌ قال ذو الرمة
إِذا عَمَّ داعِيها أَتَتْهُ بمالِكٍ ... وشُهْبانِ عَمْرٍو كلُّ شَوْهاءَ صِلْدِمِ
عَمَّ داعِيها أَي دَعا الأَبَ الأَكْبَر وأَرادَ بشُهْبانِ عَمْرٍو بَني عَمْرو بنِ تَميمٍ وأَما بَنُو المُنْذِرِ فإِنَّهُم يُسَمُّوْنَ الأَشاهِبَ لجمالِهِمْ قال الأَعشى
وبَني المُنْذِرِ الأَشاهِب بالحي ... رَةِ يَمْشُونَ غُدْوَةً كالسُّيوفِ
والشَّوْهَبُ القُنْفُذُ والشَّبَهانُ والشَّهَبانُ شجرٌ معروفٌ يُشبِه الثُّمامَ أَنشد المازني
وما أَخَذَ الدِّيوانَ حتى تَصَعْلَكَا ... زَماناً وحَثَّ الأَشْهَبانِ غِناهُما
الأَشْهَبانِ عامانِ أَبيضانِ ليس فيهما خُضْرَةٌ من النَّباتِ وسَنَةٌ شَهْباءُ كثيرة الثَّلْجِ جَدْبةٌ والشَّهْباءُ أَمْثَلُ من البَيْضاءِ والحَمْراءُ أَشدُّ من البَيْضاءِ وسنة غَبراءُ لا مَطَرَ فيها وقال إِذا السَّنَةُ الشَّهْباءُ حَلَّ حَرامُها أَي حَلَّت المَيْتَةُ فيها

( شهرب ) الشَّهْرَبةُ والشَّهْبَرةُ العَجوزُ الكبيرة قال
أُمُّ الحُلَيْسِ لَعَجُوزٌ شَهْرَبَهْ ... تَرْضى من الشاةِ بِعَظْمِ الرَّقَبَهْ
اللامُ مُقْحَمَة في لَعَجوز وأَدْخَلَ اللامَ في غيرِ خَبَر إِنَّ ضرورةً ولا يُقاسُ عليه والوجه أَن يقال لأُمُّ الحُلَيْس عجوزٌ شَهْرَبَهْ كما يقال لَزَيدٌ قائِمٌ ومثله قول الراجز خالي لأَنتَ ومَن جَريرٌ خالُه يَنَلِ العَلاءَ ويُكْرِمِ الأَخْوالا قال وهذا يحتمل أَمرين أَحدهما أَن يكونَ أَراد لَخالي أَنْتَ فأَخَّر اللامَ إِلى الخَبَر ضرورةً والآخَرُ أَن يكونَ أَرادَ لأَنْتَ خالي فقَدَّمَ الخبر على المبتدإِ وإِن كانت فيه اللامُ ضرورة ومن رَوى في البيتِ المتقدِّم شَهْبَرَه فإِنه خطأٌ لأَنَّ هاءَ التأْنيثِ لا تكونُ رَوِيّاً إِلاَّ إِذا كُسِرَ ما قَبْلَها وشَيْخٌ شَهْرَبٌ وشَيْخٌ شَهْبَرٌ عن يعقوب التهذيب في الرباعي الشَّهْرَبة الحُوَيْضُ الذي يكون أَسفلَ النخلة وهي الشَّرَبة فزِيدَتِ الهاءُ

( شوب ) الشَّوْبُ الخَلْطُ شابَ الشيءَ شَوْباً خَلَطَه وشُبْتُه أَشُوبُه خَلَطْتُه فهو مَشُوبٌ [ ص 511 ] واشْتابَ هو وانْشابَ اخْتَلَط قال أَبو زبيد الطائي
جادَتْ مَنَاصِبَه شَفَّانُ غادِيةٍ ... بسُكَّرٍ ورَحِيقٍ شيبَ فاشْتابا
ويروى فانْشابا وهو أَذْهَبُ في بابِ المُطاوَعَة والشَّوْبُ والشِّيابُ الخَلْطُ قال أَبو ذُؤَيْب
وأَطْيِبْ براحِ الشامِ جاءَتْ سَبيئَةً ... مُعَتَّقَةً صِرْفاً وتِلكَ شِيابُها
والرواية المعروفة
فأَطْيِبْ بِراحِ الشامِ صِرْفاً وهذه ... مُعَتَّقَةٌ صَهْباءُ وهْيَ شِيابُها ( 1 )
( 1 قوله « وهذه معتقة إلخ » هكذا في الأصل وفي بعض نسخ المحكم وهاده معتقة إلخ بالنصب مفعولاً لهاده )
قال هكذا أَنشده أَبو حنيفة وقد خلَّط في الرواية وقوله تعالى ثم إِنَّ لهم عليها لَشَوْباً من حَمِيمٍ أَي لَخَلْطاً ومِزاجاً يقال
للمُخَلِّطِ في القولِ أَو العَمَلِ هو يَشُوبُ ويَرُوبُ أَبو حاتم سأَلت الأَصمعي عن المَشاوِبِ وهي الغُلُفُ فقال يقال لِغِلافِ القارورة مُشاوَبٌ على مُفاعَل لأَنه مَشُوبٌ بحُمْرَةٍ وصُفْرةٍ وخُضْرَةٍ قال أَبو حاتم يجوزُ أَنْ يُجْمَع المُشاوَبُ على مَشاوِبَ والمُشاوَبُ بضم الميم وفتحِ الواوِ غِلافُ القارورة لأَنَّ فيه أَلواناً مختلفةً والشِّيابُ اسمُ ما يُمْزَجُ وسَقاه الذَّوْبَ بالشَّوْبِ الذَّوْبُ العَسَلُ والشَّوْبُ ما شُبْتَه به من ماءٍ أَو لَبنٍ وحكى ابنُ الأَعرابي ما عندي شَوْبٌ ولا رَوْبٌ فالشَّوْبُ العَسَل والرَّوْبُ اللَّبنُ الرَّائِبُ وقيل الشَّوْبُ العَسَلُ والرَّوْبُ اللَّبَنُ من غيرِ أَن يُحَدَّا وقيل لا مَرَقٌ ولا لَبَنٌ ويقال سَقَاه الشَّوْبَ بالذَّوْب فالشَّوْبُ اللبنُ والذَّوْبُ العَسَل قاله ابن دريد الفراء شابَ إِذا خانَ وباشَ إِذا خَلَطَ الأَصمعي في باب إِصابةِ الرجلِ في مَنْطِقِه مَرَّة وإِخطائِه أُخْرى هو يَشُوبُ ويَرُوبُ أَبو سعيد يقال للرجل إِذا نَضَحَ عن الرجل قد شابَ عنه ورابَ إِذا كَسِلَ قال والتَّشْوِيبُ أَن يَنْضَحَ نَضْحاً غيرَ مُبالَغٍ فيه فمعنى قولهم هو يشُوبُ ويَرُوبُ أَي يُدَافِعُ مُدافَعَة غيرَ مُبالَغٍ فيها ومَرَّة يَكْسَلُ فلا يُدافِعُ البَتَّة قال غيرُه يَشُوبُ من شَوْبِ اللَّبنِ وهو خَلْطُه بالماءِ ومَذْقُه ويَرُوبُ أَرادَ أَن يقول يُرَوِّب أَي يَجْعلُه رائِباً خاثِراً لا شَوْبَ فيه فأَتْبَع يَرُوبُ يَشُوبُ لازْدواجِ الكلام كما قالوا هو يَأْتيه الغَدايا والعَشايا والغَدايا ليس بِجمْعٍ للغَداة فجاءَ بها على وَزْنِ العَشايا أَبو سعيد العرب تقول رأَيْتُ فُلاناً اليومَ يَشُوبُ عن أَصحابه إِذا دافَعَ عنهم شيئاً من دِفاعٍ قال وليس قولُهم هو يَشُوبُ ويَرُوبُ من اللَّبنِ ولكن معناه رجلٌ يَرُوبُ أَحياناً فلا يتَحَرَّك ولا يَنْبَعِث وأَحياناً يَنْبَعِثُ فيَشُوبُ عن نفسِه غيرَ مُبالغٍ فيه ابن الأَعرابي شابَ إِذا كَذَب وشابَ خَدَع في بَيْعٍ أَو شِراءٍ ابن الأَعرابي شابَ يَشُوب شَوْباً إِذا غَشَّ ومنه الخَبرُ لا شَوْبَ ولا رَوْبَ أَي لا غِشَّ ولا تَخْلِيطَ في بَيعٍ أَو شِراءٍ وأَصلُ الشَّوْبِ الخَلْطُ والرَّوْبُ من اللَّبنِ الرائِبِ لخَلْطِه بالماءِ ويقال للمُخَلِّط في كلامه هو يَشُوبُ ويرُوبُ وقيل معنى لا شَوْبَ ولا رَوْبَ أَنَّكَ [ ص 512 ] برِيءٌ من هذه السِّلْعَة ورُوِي عنه ( 1 )
( 1 قوله « وروي عنه » أي عن ابن الأَعرابي في عبارة التهذيب ) أَنه قال معنى قولهم لا شَوْبَ ولا رَوْبَ في البَيْعِ والشِّراءِ في السِّلْعَةِ تَبِيعُها أَي إِنَّكَ بَريءٌ من عَيْبِها وفي الحديث يَشْهَدُ بَيْعَكُم الحَلْفُ واللَّغْوُ فشَوِّبوه بالصَّدَقَةِ أَمَرَهم بالصَّدَقَةِ لمَا يَجْرِي بَينهُم من الكَذِب والرِّبا والزِّيادَةِ والنُّقْصانِ في القولِ لتكُونَ كَفَّارةً لذلك وقولُ سُلَيْكِ بنِ السُّلَكَة السَّعْدِي
سَيَكْفِيكَ صَرْبَ القَوْمِ لَحْمٌ مُعَرَّصٌ ... وماءُ قُدُورٍ في القِصاعِ مَشِيبُ
إِنما بناهُ على شِيب الذي لم يُسَمَّ فاعِلُه أَي مَخْلُوطر بالتَّوابِلِ والصِّباغِ والصَّرْبُ اللبنُ الحامِضُ ومُعَرَّصٌ مُلْقًى في العَرْصَةِ ليَجِفَّ ويروى مُغَرَّضٌ أَي طَرِيٌّ ويروى مُعَرَّضٌ أَي لم يَنْضَجْ بعدُ وهو المُلَهْوَجُ وفي المثل هو يَشُوبُ ويَرُوبُ يُضْرب مَثَلاً لمَنْ يَخْلِطُ في القولِ والعَمَلِ وفي فلان شَوْبَة أَي خَدِيعةٌ وفي فلان ذَوْبَة أَي حَمْقَةٌ ظاهِرةٌ واسْتَعْمَل بعضُ النَّحْوِيِّينَ الشَّوْبَ في الحركاتِ فقال أَمَّا الفَتْحَة المَشُوبَة بالكسرةِ فالفَتْحة التي قبل الإِمالةِ نحو فَتْحة عَين عَابِدٍ وعَارِفٍ قال وذلك أَنَّ الإِمالة إِنما هي أَن تَنْحُوَ بالفَتْحَةِ نحوَ الكَسرة فتُمِيلَ الأَلِفَ نحوَ الياء لِضَرْبٍ من تَجانُسِ الصَّوْتِ فكما أَنَّ الحركَةَ ليست بفَتْحَةٍ مَحْضَةٍ كذلك الأَلِفُ التي بعدَها ليست أَلِفاً مَحْضَةً وهذا هو القياسُ لأَنَّ الأَلفَ تَابِعَةٌ للفَتحَة فكَما أَنَّ الفَتْحة مَشُوبَة فكذلك الأَلِفُ اللاَّحقة لَها والشَّوْبُ القِطْعَة من العَجِينِ وباتَتِ المَرْأَةُ بلَيْلَةِ شَيْباءَ قيل إِنَّ الياءَ فيها مُعاقِبَة وإِنما هو من الواوِ لأَنَّ ماءَ الرجُلِ خالَط ماءَ المرأَةِ والشَّائِبَة واحِدةُ الشَّوائِبِ وهيَ الأَقْذَارُ والأَدْناسُ وشَيْبانُ قَبيلَة قيل ياؤُه بدَلٌ من الوَاوِ لقَولِهِم الشَّوابِنَة وشَابَةُ مَوْضِعٌ بنَجْدٍ وسنذكره في الياءِ لأَنَّ هذه الأَلف تكون منقَلِبة عن ياءٍ وعن واوٍ لأَنّ في الكلامِ ش و ب وفيه ش ي ب ولو جُهِل انْقِلابُ هذه الأَلِف لَحُمِلَتْ على الواوِ لأَنَّ الأَلِف ههنا عَين وانْقلابُ الأَلِفِ إِذا كانت عَيْناً عن الواوِ أَكثر من انقلابِها عن الياءِ قال
وضَرْب الجماجِمِ ضَرْب الأَصَمِّ ... حَنْظَل شَابَةَ يَجْني هَبِيدا

( شوشب ) قال في ترجمة فَوْلَفٍ ومما جاءَ على بِناءِ فَوْلَفٍ شَوْشَبٌ اسمٌ للعَقْرَبِ

( شيب ) الشَّيْبُ مَعْرُوفٌ قَلِيلُه وكَثِيرُه بَياضُ الشَّعَر والمَشِيبُ مِثْلُه ورُبَّما سُمِّيَ الشَّعَرُ نَفْسُه شيْباً شَابَ يَشِيبُ شَيْباً ومَشِيباً وشَيبةً وهو أَشْيَبُ على غيرِ قياسٍ لأَنَّ هذا النعت إِنما يكونُ من باب فَعِلَ يَفعَلُ ولا فَعْلاءَ له قيلَ الشَّيْبُ بياضُ الشَّعَر ويقال عَلاهُ الشَّيْبُ ويقال رَجلٌ أَشْيَبُ ولا يقال امْرَأَةٌ شَيْباءُ لا تُنْعَتُ به المَرْأَةُ اكْتَفوا بالشَّمْطاءِ عَن الشَّيْباءِ وقد يقال شَابَ رَأْسُها والمَشِيبُ دُخُولُ الرَّجُلِ في حَدِّ الشَّيْبِ من [ ص 513 ] الرِّجالِ قال ابن السكيت في قول عَدِيّ
تَصْبُو وأَنَّى لَكَ التَّصابي ؟ ... والرأْسُ قَدْ شابَهُ المَشِيبُ
يعني بَيَّضَه المَشِيبُ وليس معناه خَالَطَه قال ابن برّي هذا البيتُ زَعَم الجوهري أَنه لعَدِيٍّ وهو لعَبِيدِ بنِ الأَبرَصِ وقول الشاعر
قَدْ رَابَه ولِمِثْلِ ذلِكَ رَابَهُ ... وَقَعَ المَشِيبُ عَلى السَّوادِ فشَابَهُ
أَي بَيَّضَ مُسْوَدَّه والأَشْيَبُ المُبْيَضُّ الرأْس وشَيَّبَهُ الحُزْنُ وشَيَّبَ الحُزْنُ رَأْسَه وبرأْسِهِ وأَشابَ رَأْسَه وبِرَأْسِهِ وقَوْمٌ شِيبٌ ويجوز في الشِّعر شُيُبٌ على التَّمامِ هذا قولُ أَهلِ اللغة قال ابن سيده وعِندِي أَنَّ شُيُباً إِنما هو جمعُ شَائِبٍ كما قالوا بازِلٌ وبُزُلٌ أَو جمع شَيُوبٍ على لُغةِ الحجازيِّين كما قالوا دُجاجَةٌ بَيُوضٌ ودُجاجٌ بُيُضٌ وقول الرائد وجَدْتُ عُشْباً وتَعَاشِيب وكَمْأَةً شِيب إِنما يعني به البِيضَ الكِبارَ والشِّيبُ جمعُ أَشْيَبَ والشِّيبُ الجِبالُ يَسْقُطُ عليها الثَّلْجُ فتَشِيبُ به وقول عَدِيٍّ ابنِ زيد
أَرِقْتُ لمُكْفَهِرٍّ بَاتَ فيهِ ... بَوارِقُ يَرْتَقِينَ رُؤُوسَ شِيبِ
وقال بعضهم الشِّيبُ ههنا سَحائِبُ بيضٌ واحِدُها أَشْيَبُ وقيل هِيَ جِبالٌ مُبْيَضَّةٌ منَ الثَّلْجِ أَو مِنَ الغُبارِ وقيل شِيبٌ اسمُ جَبَلٍ ذكره الكُمَيْت فقال
وما فُدُرٌ عَواقِلُ أَحْرَزَتْها ... عَمَاية أَوْ تَضَمَّنَهُنَّ شِيبُ
وشَيْبٌ شائِبٌ أَرادُوا به المبالغةَ على حَدِّ قَوْلِهِم شِعْرٌ شاعِرٌ ولا فِعْلَ له واشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً نَصْبٌ على التَّمْييز وقيل على المصدر لأَنه حين قال اشْتَعَلَ كأَنه قال شابَ فقال شَيْباً
وأَشابَ الرَّجُلُ شابَ وَلَدُه وكانت العرب تقولُ للبِكْرِ إِذا زُفَّتْ إِلى زَوْجِها فدَخَلَ بها ولم يَفْتَرِعْها ليلةَ زِفافِها باتت بلَيلةِ حُرَّةٍ وإِن افْتَرَعَها تلك الليلة قالوا باتَتْ بلَيلَةِ شَيْباءَ وقال عُرْوةُ بنُ الوَرْد
كلَيْلَةِ شَيْباءَ التي لَسْتُ ناسِياً ... ولَيْلَتِنا إِذْ مَنَّ ما مَنَّ قَرْمَلُ
فكنت كليلةِ الشَّيْباءِ هَمَّتْ ... بِمَنْعِ الشَّكْرِ أَتْأَمَها القَبِيلُ
وقيل ياءُ شَيْباءَ بَدلٌ من واوٍ لأَنَّ ماءَ الرَّجُلِ شابَ ماءَ المرأَةِ غيرَ أَنَّا لَم نَسْمَعْهم قالوا بليلةِ شَوْباءَ جَعَلوا هذا بَدلاً لازِماً كعِيدٍ وأَعيادٍ وليلةُ شَيْباءَ آخِرُ ليلةٍ من الشهرِ ويومٌ أَشْيَبُ شَيْبان فيه غَيْمٌ وصُرَّادٌ وبَرْدٌ وشِيبانُ ومِلْحانُ شَهْرا قِماحٍ وهما أَشدُّ شهورِ الشِّتاءِ بَرْداً وهما اللَّذان يقولُ مَن لا يَعْرِفُهما كانونٌ وكانُونُ قال الكميت
إِذا أَمْسَتِ الآفاقُ غُبْراً جُنُوبُها ... بشِيبانَ أَو مِلْحانَ واليَوْمُ أَشْهَبُ
أَي من الثَّلْج هكذا رواه ابن سَلَمة بكسر الشينِ [ ص 514 ] والميم وإِنما سُمِّيا بذلك لابْيضاضِ الأَرض بما عليها من الثَّلْج والصَّقيعِ وهما عند طلوعِ العَقْرَبِ والنَّسْرِ وقول ساعدة
شابَ الغُرابُ ولا فُؤَادُكَ تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ ولا عِتابُك يُعْتَبُ
أَراد طالَ عليك الأَمرُ حتى كان ما لا يكون أَبداً وهو شَيْبُ الغُرابِ وشَيبانُ قَبِيلةٌ وهم الشَّيَابِنة وشَيْبانُ حيٌّ من بَكْرٍ وهما شَيْبانانِ أَحدهما شَيْبانُ بنُ ثَعْلَبة بنِ عُكابةَ بنِ صَعْبِ بنِ علي بنِ بَكْرِ بن وائِلٍ والآخَر شيبانُ بنُ ذُهْلِ ابنِ ثَعْلَبة بنِ عُكابة وشَيْبةُ اسمُ رَجُلٍ مِفْتاحُ الكَعْبةِ في وَلَده وهو شيبةُ بنُ عثمانَ بنِ طلحة بن عبدِالدارِ بن قُصَيٍّ والشِّيبُ بالكسر حكاية صَوْتِ مَشافِرِ الإِبِل عند الشُّرْبِ قال ذو الرمة وَوَصَفَ إِبِلاً تَشْرَبُ في حَوْضٍ متَثَلِّمٍ وأَصواتُ مَشافِرِها شِيبْ شِيبْ
تَدَاعَيْنَ باسمِ الشِّيبِ في مُتَثَلِّمٍ ... جَوانِبُه من بَصْرةٍ وسِلامِ
وشِيبا السَّوْط سَيْرانِ في رأْسِه وشِيبُ السَّوْطِ معروف عربي صحيح وشِيبٌ والشِّيبُ وشابةُ جَبَلان معروفان قال أَبو ذؤيب
كأَنَّ ثِقالَ المُزْنِ بَينَ تُضارعٍ ... وشابةَ بَرْكٌ مِن جُذَامَ لَبِيجُ
وفي الصحاح شابةُ في شِعْرِ أَبي ذُؤَيْبٍ اسمُ جَبَلٍ بِنَجْدٍ وقد يجوز أَن تكونَ أَلِفُ شابةَ مُنْقَلبةً عن واوٍ لأَنَّ في الكلام ش و ب كما أَن فيه ش ي ب التهذيب شابةُ اسمُ جبلٍ بناحيةِ الحِجاز واللّه سبحانه أَعلم

( صأب ) صَئِبَ من الشَّراب صأَباً رَوِيَ وامتَلأَ وأَكثر من شرب الماء وصَئِبَ من الماءِ إِذا أَكثر شربه فهو رجل مِصْأَبٌ على مِفْعَل والصُّؤَابُ والصُّؤَابة بالهمز بيض البرغوث والقمل وجمع الصؤَاب صِئبان قال جرير
كثيرة صِئْبانِ النِّطاقِ كأَنها ... إِذا رَشَحَتْ منها المعابِنُ كِيرُ
وفي الصحاح الصُّؤَابة بالهمز بيضَةُ القملة والجمع الصُّؤَاب والصِّئبان وقد غَلِطَ يعقوب في قوله ولا تقل صئبان وقد صَئِبَ رأْسُه وأَصْأَبَ أَيضاً إِذا كثر صِئْبانُه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
يا ربِّ أَوجِدْني صُؤَاباً حَيَّا ... فما أَرَى الطَّيَّارَ يُغْني شَيَّا
أَي أَوجدني كالصؤَاب من الذهب وعنى بالحي الصحيح الذي ليس بِمُرْفَتٍّ ولا مُنْفَتٍّ والطَّيَّارُ ما طارت به الريح من دقيق الذهب أَبو عبيد الصِّئْبانُ ما يتحبب من الجليد كاللؤلؤ الصِّغار وأَنشد
فأَضحَى وصِئْبانُ الصَّقيع كأَنه ... جُمانٌ بضاحي متْنِه يَتَحدَّرُ
[ ص 515 ]

( صبب ) صبَّ الماءَ ونحوه يَصُبُّه صبّاً فَصُبَّ وانْصَبَّ وتَصَبَّبَ أَراقه وصَبَبْتُ الماءَ سَكَبْتُه ويقال صَبَبْتُ لفلان ماءً في القَدَح ليشربه واصْطَبَبْتُ لنفسي ماءً من القِربة لأَشْرَبه واصْطَبَبْتُ لنفسي قدحاً وفي الحديث فقام إِلى شَجْبٍ فاصطَبَّ منه الماءَ هو افتعل من الصَّبِّ أَي أَخذه لنفسه وتاءُ الافتعال مع الصاد تقلب طاء ليَسْهُل النطق بها وهما من حروف الإِطباق وقال أَعرابي اصطَبَبْتُ من المَزادة ماءً أَي أَخذته لنفسي وقد صَبَبْتُ الماء فاصطَبَّ بمعنى انصَبَّ وأَنشد ابن الأَعرابي
لَيتَ بُنيِّي قد سعى وشبَّا ... ومَنَعَ القِرْبَةَ أَن تَصْطَبَّا
وقال أَبو عبيدة نحوه وقال هي جمع صَبوبٍ أَو صابٍّ ( 1 )
( 1 قوله « وقال هي جمع صبوب أو صاب » كذا بالنسخ وفيه سقط ظاهر ففي شرح القاموس ما نصه وفي لسان العرب عن أَبي عبيدة وقد يكون الصب جمع صبوب أو صاب ) قال الأَزهري وقال غيره لا يكون صَبٌّ جمعاً لصابّ أَو صَبوب إِنما جمع صَبوب أَو صابٍّ صُبُبٌ كما يقال شاة عَزُوز وعُزُز وجَدُودٌ وجُدُد وفي حديث بَرِيرَةَ إِن أَحَبَّ أَهْلُكِ أَن أَصُبَّ لهم ثَمَنَكِ صَبَّةً واحدة أَي دَفعَة واحدة مِن صَبَّ الماء يَصُبُّه صبّاً إِذا أَفرغه ومنه صفة عليّ لأَبي بكر عليهما السلام حين مات كنتَ على الكافرين عذاباً صَبّاً هو مصدر بمعنى الفاعل أَو المفعول ومن كلامهم تَصَبَّبْتُ عَرَقاً أَي تَصَبَّبَ عَرَقي فنقل الفعل فصار في اللفظ لَيٌّ فخرج الفاعل في الأَصل مميزاً ولا يجوز عَرَقاً تصبب لأَنَّ هذا المميِّز هو الفاعل في المعنى فكما لا يجوز تقديم الفاعل على الفعل كذلك لا يجوز تقديم المميز إِذا كان هو الفاعل في المعنى على الفعل هذا قول ابن جني وماءٌ صَبٌّ كقولك ماءٌ سَكْبٌ وماءٌ غَوْر قال دكين بن رجاء
تَنْضَحُ ذِفْراهُ بماءٍ صَبِّ ... مِثْلِ الكُحَيْلِ أَو عَقِيدِ الرُّبِّ
والكُحَيْلُ هو النِّفْط الذي يطلى به الإِبلُ الجَربى واصطَبَّ الماءَ اتَّخذه لنفسه على ما يجيء عليه عامة هذا النحو حكاه سيبويه والماءُ يَنْصَبُّ من الجبل ويَتَصَبَّبُ من الجبل أَي يَتَحَدَّر والصُّبَّة ما صُبَّ من طعام وغيره مجتمعاً وربما سُمِّيَ الصُّبَّ بغير هاء والصُّبَّة السُّفرة لأَن الطعام يُصَبُّ فيها وقيل هي شبه السُّفْرة وفي حديث واثلَةَ بن الأَسْقَع في غزوة تَبُوك فخرجت مع خير صاحب زادي في صُبَّتي ورويت صِنَّتي بالنون وهما سواء قال ابن الأَثير الصُّبَّة الجماعة من الناس وقيل هي شيء يشبه السُّفْرة قال يزيد كنت آكل مع الرفقة الذين صحبتهم وفي السُّفْرة التي كانوا يأْكلون منها قال وقيل إِنما هي الصِّنَّة بالنون وهي بالكسر والفتح شبه السَّلَّة يوضع فيها الطعام وفي الحديث لَتَسْمَعُ آيةً خيرٌ من صَبيبٍ ذَهباً قيل هو ذهب كثير مصْبُوب غير معدود وقيل هو فعيل بمعنى مفعول وقيل يُحتمل أَن يكون اسم جبل كما قال في حديث آخر خَير من صَبيرٍ ذهباً والصُّبَّة القِطْعة من الإِبل والشاء وهي القطعة من الخيل والصِّرمة من الإِبل والصُّبَّة بالضم من الخيل كالسُّرْبَة قال [ صك 516 ]
صُبَّةٌ كاليمام تَهْوِي سِراعاً ... وعَدِيٌّ كمِثْلِ شِبْهِ المَضِيق
والأَسْيَق صُبَبٌ كاليمام إِلاّ أَنه آثر إتمام الجزء على الخبن لأن الشعراء يختارون مثل هذا وإِلاّ فمقابلة الجمع بالجمع أَشكل واليمام طائر والصُّبَّة من الإِبل والغنم ما بين العشرين إِلى الثلاثين والأَربعين وقيل ما بين العشرة إِلى الأَربعين وفي الصحاح عن أَبي زيد الصُّبَّة من المعز ما بين العشرة إِلى الأَربعين وقيل هي من الإِبل ما دون المائة كالفِرْق من الغنم في قول من جعل الفِرْقَ ما دون المائة والفِزْرُ من الضأْنِ مِثلُ الصُّبَّة من المِعْزَى والصِّدْعَةُ نحوها وقد يقال في الإِبل والصُّبَّة الجماعة من الناس وفي حديث شقيق قال لابراهيم التيميّ أَلم أُنْبَّأْ أَنكم صُبَّتان ؟ صُبَّتان أَي جماعتان جماعتان وفي الحديث أَلا هلْ عسى أَحد منكم أَن يَتَّخِذ الصُّبَّة من الغنم ؟ أَي جماعة منها تشبيهاً بجماعة الناس قال ابن الأَثير وقد اختُلِف في عدّها فقيل ما بين العشرين إِلى الأَربعين من الضأْن والمعز وقيل من المعز خاصة وقيل نحو الخمسين وقيل ما بين الستين إِلى السبعين قال والصُّبَّة من الإِبل نحو خمس أَو ست وفي حديث ابن عمر اشتريت صُبَّة من غنم وعليه صُبَّة من مال أَي قليل والصُّبَّة والصُّبَابة بالضم بقية الماء واللبن وغيرهما تبقى في الإِناء والسقاء قال الأَخطل في الصبابة
جاد القِلالُ له بذاتِ صُبابةٍ ... حمراءَ مِثلِ شَخِيبَةِ الأَوداجِ
الفراء الصُّبَّة والشَّول والغرض ( 1 )
( 1 قوله « والغرض » كذا بالنسخ التي بأيدينا وشرح القاموس ولعل الصواب البرض بموحدة مفتوحة فراء ساكنة )
الماء القليل وتصابَبْت الماء إِذا شربت صُبابته وقد اصطَبَّها وتَصَبَّبَها وتَصابَّها قال الأَخطلُ ونسبه الأَزهريّ للشماخ
لَقَوْمٌ تَصابَبْتُ المعِيشَةَ بعدَهم ... أَعزُّ علينا من عِفاءٍ تَغَيَّرا
جعله للمعيشة ( 2 )
( 2 وقوله « جعله للمعيشة إلخ » كذا بالنسخ وشرح القاموس ولعل الأحسن جعل للمعيشة ) صُباباً وهو على المثل أَي فَقْدُ من كنت معه أَشدُّ عليَّ من ابيضاض شعري قال الأَزهري شبه ما بقي من العيش ببقية الشراب يَتَمَزَّزُه ويَتَصابُّه وفي حديث عتبة بن غَزوان أَنه خطب الناس فقال أَلا إِنَّ الدنيا قد آذَنَتْ بِصَرْم وولَّتْ حَذَّاء فلم يَبْقَ منها إِلا صُبابَةٌ كصُبابَة الإِناءِ حَذَّاء أَي مُسرِعة وقال أَبو عبيد الصبابة البَقِيَّة اليسيرة تبقى في الإِناءِ من الشراب فإِذا شربها الرجل قال تَصابَبْتُها فأَما ما أَنشده ابن الأَعرابي من قول الشاعر
ولَيْلٍ هَدَيْتُ به فِتْيَةً ... سُقُوا بِصُبابِ الكَرَى الأَغْيد
قال قد يجوز أَنه أَراد بصُبابة الكَرَى فحذف الهاء كما قال الهذلي
أَلا ليتَ شِعْري هل تَنَظَّرَ خالدٌ ... عِيادي على الهِجْرانِ أَم هو بائسُ ؟
وقد يجوز أَِن يجعله جمع صُبابة فيكون من الجمع الذي لا يفارق واحده إِلا بالهاءِ كشعيرة وشعير ولما استعار السقي للكرى استعار الصُّبابة له أَيضاً وكل ذلك على المثل ويقال قد تَصابَّ فلان [ ص 517 ] المعِيشَةَ بعد فلان أَي عاش وقد تَصابَبْتهم أَجمعين إِلا واحداً ومضت صُبَّة من الليل أَي طائفة وفي الحديث أَنه ذكر فتناً فقال لَتَعُودُنَّ فيها أَسَاوِدَ صُبّاً يضْرِبُ بعضُكم رِقابَ بعض والأَساود الحيَّات وقوله صُبّاً قال الزهري وهو راوي الحديث هو من الصَّبِّ قال والحية إِذا أَراد النَّهْش ارتفع ثم صَبَّ على الملدوغ ويروى صُبَّى بوزن حُبْلى قال الأَزهري قوله أَساوِدَ صُبّاً جمع صَبُوب وصَبِب فحذفوا حركة الباء الأُولى وأَدغموها في الباءِ الثانية فقيل صَبٌّ كما قالوا رجل صَبٌّ والأَصل صَبِبٌ فأَسقطوا حركة الباء وأَدغموها فقيل صَبٌّ كما قال قاله ابن الأَنباري قال وهذا القول في تفسير الحديث وقد قاله الزهري وصح عن أَبي عبيد وابن الأَعرابي وعليه العمل وروي عن ثعلب في كتاب الفاخر فقال سئل أَبو العباس عن قوله أَساوِدَ صُبّاً فحدث عن ابن الأَعرابي أَنه كان يقول أَساوِدَ يريد به جماعاتٍ سَواد وأَسْوِدَة وأَساوِد وصُبّاً يَنْصَبُّ بعضكم على بعض بالقتل وقيل قوله أَساود صُبّاً على فُعْل من صَبا يَصْبو إِذا مال إِلى الدنيا كما يقال غازَى وغَزا أَراد لَتَعُودُنَّ فيها أَساود أَي جماعات مختلفين وطوائفَ متنابذين صابئين إِلى الفِتْنة مائلين إِلى الدنيا وزُخْرُفها قال ولا أَدري من روى عنه وكان ابن الأَعرابي يقول أَصله صَبَأَ على فَعَل بالهمز مثل صَابئٍ من صبا عليه إِذا زَرَى عليه من حيث لا يحتسبه ثم خفف همزه ونوَّن فقيل صُبّاً بوزن غُزًّا يقال صُبَّ رِجْلا فلان في القيد إِذا قُيِّد قال الفرزدق
وما صَبَّ رِجْلي في حَدِيدِ مُجاشِع ... مَعَ القَدْرِ إِلاّ حاجَة لي أُرِيدُها
والصَّبَبُ تَصَوُّبُ نَهر أَو طريق يكون في حَدورٍ وفي صفة النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه كان إِذا مشى كأَنه يَنْحَطُّ في صَبَب أَي في موضع مُنْحدر وقال ابن عباس أَراد به أَنه قويّ البدن فإِذا مشى فكأَنه يمشي على صَدْر قدميه من القوة وأَنشد
الواطِئِينَ على صُدُورِ نِعالِهم ... يَمْشونَ في الدّفْئِيِّ والإِبْرادِ
وفي رواية كأَنما يَهْوِي من صبَب ( 1 )
( 1 قوله « يهوي من صبب » ويروى بالفتح كذا بالنسخ التي بأَيدينا وفيها سقط ظاهر وعبارة شارح القاموس بعد أن قال يهوي من صبب كالصبوب ويروى إلخ ) ويُروى بالفتح والضم والفتح اسم لِما يُصَبُّ على الإِنسان من ماءٍ وغيره كالطَّهُور والغَسُول والضم جمع صَبَبٍ وقيل الصَّبَبُ والصَّبُوبُ تَصوُّبُ نَهر أَو طريق وفي حديث الطواف حتى إِذا انْصَبَّتْ قدماه في بطن الوادي أَي انحدرتا في السعي وحديث الصلاة لم يُصْبِ رأْسَه أَي يُمَيِّلْه إِلى أَسفل ومنه حديث أُسامة فجعل يَرْفَعُ يده إِلى السماءِ ثم يَصُبُّها عليّ أَعرِف أَنه يدعو لي وفي حديث مسيره إِلى بدر أَنه صَبَّ في ذَفِرانَ أَي مضى فيه منحدراً ودافعاً وهو موضع عند بدر وفي حديث ابن عباس وسُئِلَ أَيُّ الطُّهُور أَفضل ؟ قال أَن تَقُوم وأَنت صَبٌّ أَي تنصب مثل الماء يعني ينحدر من الأَرض والجمع أَصباب قال رؤْبة بَلْ بَلَدٍ ذي صُعُدٍ وأَصْبابْ ويقال صَبَّ ذُؤَالةُ على غنم فلان إِذا عاث فيها وصبَّ اللّه عليهم سوط عذابه إِذا عذبهم وصَبَّت الحيَّةُ عليه إِذا ارتفعت فانصبت عليه من فوق والصَّبُوب ما انْصَبَبْتَ فيه والجمع صُبُبٌ [ ص 518 ] وصَبَبٌ وهي كالهَبَط والجمع أَصْباب وأَصَبُّوا أَخذوا في الصَّبِّ وصَبَّ في الوادي انْحَدر أَبو زيد سمعت العرب تقول للحَدُور الصَّبوب وجمعها صُبُب وهي الصَّبِيبُ وجمعه أَصباب وقول علقمة بن عبدة
فأَوْرَدْتُها ماءً كأَنَّ جِمامَه ... من الأَجْن حِنَّاءٌ مَعاً وصَبيبُ
قيل هو الماء المَصْبوب وقيل الصَّبِيبُ هو الدم وقيل عُصارة العَنْدم وقيل صِبْغ أَحمر والصَّبيبُ شجر يشبه السَّذاب يُخْتضب به والصبيب السَّنادُ الذي يختضب به اللِّحاء كالحِنَّاء والصبيب أَيضاً ماء شجرة السمسم وقيل ماء ورق السمسم وفي حديث عقبة بن عامر أَنه كان يختضب بالصَّبِيب قال أَبو عبيدة يقال إِنه ماء ورق السمسم أَو غيره من نبات الأَرض قال وقد وُصِف لي بمصر ولون مائه أَحمر يعلوه سواد ومنه قول علقمة بن عبدة البيت المتقدم وقيل هو عُصارة ورق الحنَّاء والعصفر والصَّبِيبُ العصفر المخلص وأَنشد
يَبْكُونَ مِن بعْدِ الدُّموعِ الغُزَّر ... دَماً سِجالاً كَصَبِيبِ العُصْفُر
والصبيب شيء يشبه الوَسْمَة وقال غيره ويقال للعَرَق صَبيب وأَنشد هَواجِرٌ تَجْتلِبُ الصَّبِيبَا ابن الأَعرابي ضربه ضرباً صَبّاً وحَدْراً إِذا ضربه بحدّ السيف وقال مبتكر ضربه مائة فصبّاً منوَّنٌ أَي فدون ذلك ومائة فصاعداً أَي ما فوق ذلك وفي قتل أَبي رافع اليهودي فوضعت صَبيبَ السيف في بَطنِه أَي طَرَفه وآخِرَ ما يبلغ سِيلانه حين ضرب وقيل سِيلانه مطلقاً والصَّبابة الشَّوْقُ وقيل رقته وحرارته وقيل رقة الهوى صَبِبْتُ إِليه صَبَابة فأَنا صَبٌّ أَي عاشق مشتاق والأُنثى صَبَّة سيبويه وزن صَبَّ فَعِل لأَنَّك تقول صَبِبْتَ بالكسر يا رجل صَبابة كما تقول قَنِعْتَ قناعة وحكى اللحياني فيما يقوله نساءُ الأَعراب عند التأْخِيذِ بالأُخَذِ صَبٌّ فاصْبَبْ إِليه أَرِقٌ فارْقَ إِليه قال الكميت
ولَسْتَ تَصَبُّ إِلى الظَّاعِنِينْ ... إِذا ما صَدِيقُك لَمْ يَصْبَبِ
ابن الأَعرابي صَبَّ الرجل إِذا عَشِقَ يَصَبُّ صَبابة ورجل صَبٌّ ورجلان صَبَّان ورجال صَبُّون وامرأَتان صَبَّتان ونساء صَبَّات على مذهب من قال رجل صَبٌّ بمنزلة قولك رجل فَهِمٌ وحَذِرٌ وأَصله صَبِبٌ فاستثقلوا الجمع بين باءَين متحركتين فأَسقطوا حركة الباء الأُولى وأَدغموها في الباءِ الثانية قال ومن قال رجل صَبٌّ وهو يجعل الصب مصدر صَبِبْتَ صَبّاً على أَن يكون الأَصل فيه صَبَباً ثم لحقه الإِدغام قال في التثنية رجلان صَبٌّ ورجال صَبٌّ وامرأَة صب أَبو عمرو الصَّبِيبُ الجَليدُ وأَنشد في صفة الشتاء
ولا كَلْبَ إِلاّ والِجٌ أَنْفَه اسْتَه ... وليس بها إِلا صَباً وصَبِيبُها
والصَّبِيبُ فَرس من خيل العرب معروف عن أَبي زيد وصَبْصَبَ الشيءَ مَحَقه وأَذْهبه وبصْبَصَ الشيءُ [ ص 519 ] امَّحَق وذَهَب وصُبَّ الرجلُ والشيءُ إِذا مُحِقَ أَبو عمرو والمُتَصَبْصِبُ الذاهب المُمَّحِقُ وتَصَبْصَبَ الليل تَصَبْصُباً ذهب إِلا قليلاً قال الراجز إِذا الأَداوى ماؤُها تَصَبْصَبا الفراء تَصَبْصَبَ ما في سقائك أَي قلّ وقال المرار
تَظَلُّ نِساءُ بني عامِرٍ ... تَتَبَّعُ صَبْصابَه كل عام
صَبْصابهُ ما بقي منه أَو ما صُبَّ منه والتَّصَبْصُبُ شدّة الخِلاف والجُرْأَة يقال تَصَبْصَبَ علينا فلان وتَصَبْصَبَ النهارُ ذهب إِلا قليلاً وأَنشد حتى إِذا ما يَومُها تَصَبْصَبا قال أَبو زيد أَي ذهب إِلا قليلاً وتصَبْصب الحرُّ اشتدّ قال العجاج حتى إِذا ما يومها تصبصبا أَي اشتد عليها الحرّ ذلك اليوم قال الأَزهري وقول أَبي زيد أَحب إِليَّ وتصبصب أَي مضى وذهب ويروى تصبّبا وبعده قوله من صادِرٍ أَو وارِدٍ أَيدي سبا وتصَبْصَب القوم تفرقوا أَبو عمرو صبصب إِذا فرَّق جَيشاً أَو مالاً وقَرَبٌ صَبْصاب شديد صَبصابٌ مثل بَصْباص الأَصمعي خِمْسٌ صبْصاب وبَصْباص وحَصْحاص كل هذا السير الذي ليست فيه وَثِيرة ولا فُتور وبعير صَبْصَب وصُباصِبٌ غليظ شديد

( صحب ) صَحِبَه يَصْحَبُه صُحْبة بالضم وصَحابة بالفتح وصاحبه عاشره والصَّحْب جمع الصاحب مثل راكب وركب والأَصْحاب جماعة الصَّحْب مثل فَرْخ وأَفْراخ والصاحب المُعاشر لا يتعدَّى تَعَدِّيَ الفعل أَعني أَنك لا تقول زيد صاحِبٌ عَمْراً لأَنهم إِنما استعملوه استعمال الأَسماء نحو غلام زيد ولو استعملوه استعمال الصفة لقالوا زيد صاحِبٌ عمراً أَو زيد صاحبُ عَمْرو على إِرادة التنوين كما تقول زيد ضاربٌ عمراً وزيد ضاربُ عمْرٍو تريد بغير التنوين ما تريد بالتنوين والجمع أَصحاب وأَصاحيبُ وصُحْبان مثل شابّ وشُبّان وصِحاب مثل جائع وجِياع وصَحْب وصَحابة وصِحابة حكاها جميعاً الأَخفش وأَكثر الناس على الكسر دون الهاءِ وعلى الفتح معها والكسر معها عن الفراء خاصة ولا يمتنع أَن تكون الهاء مع الكسر من جهة القياس على أَن تزاد الهاء لتأْنيث الجمع وفي حديث قيلة خرجت أَبتغي الصَّحابة إِلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هو بالفتح جمع صاحب ولم يجمع فاعِل على فَعالة إِلا هذا قال امرؤُ القيس
فكانَ تَدانِينا وعَقْدُ عِذارهِ ... وقال صِحابي قَدْ شَأَونَك فاطْلُب
قال ابن بري أَغنى عن خبر كان الواو التي في معنى مع كأَنه قال فكان تدانينا مع عقد عذاره كما قالوا كل رجل وضَيْعَتُه فكل مبتدأ وضيعته معطوف على كل ولم يأْت له بخبر وإِنما أَغنى عن الخبر كون الواو في معنى مع والضيعة هنا الحرفة كأَنه قال كل رجل مع حرفته وكذلك قولهم كل رجل وشأْنه وقال الجوهري الصَّحابة بالفتح [ ص 520 ] الأَصْحاب وهو في الأَصل مصدر وجمع الأَصْحاب أَصاحِيب وأَما الصُّحْبة والصَّحْب فاسمان للجمع وقال الأَخفش الصَّحْبُ جمع خلافاً لمذهب سيبويه ويقال صاحب وأَصْحاب كما يقال شاهِد وأَشهاد وناصِر وأَنْصار ومن قال صاحب وصُحْبة فهو كقولك فارِه وفُرْهَة وغلامٌ رائِق والجمع رُوقَة والصُّحْبَةُ مصدر قولك صَحِبَ يَصْحَبُ صُحْبَةً وقالوا في النساءِ هنَّ صواحِبُ يوسف وحكى الفارسي عن أَبي الحسن هنّ صواحبات يوسف جمعوا صَواحِبَ جمع السلامة كقوله فَهُنَّ يَعْلُكْنَ حَدائِداتِها وقوله جَذْب الصَّرارِيِّين بالكُرور والصِّحابَة مصدر قولك صاحبَك اللّهُ وأَحْسَن صحابَتَك وتقول للرجل عند التوديع مُعاناً مُصاحَباً ومن قال مُعانٌ مَصاحَبٌ فمعناه أَنت معان مُصاحَب ويقال إِنه لَمِصْحاب لنا بما يُحَبّ وقال الأَعشى فقد أَراكَ لنا بالوُدِّ مصْحابا وفُلانٌ صاحِبُ صِدْقٍ واصْطَحَب الرجلان وتصاحبا واصْطَحَبَ القوم صَحِبَ بعضهم بعضاً وأَصله اصْتَحَب لأَن تاء الافتعال تتغير عند الصاد مثل اصطحب وعند الضاد مثل اضْطَربَ وعند الطاء مثل اطَّلَب وعند الظاء مثل اظَّلَم وعند الدال مثل ادَّعى وعند الذال مثل اذّخَر وعند الزاي مثل ازْدَجَر لأَن التاء لانَ مَخْرَجُها فلم توافق هذه الحروف لشدة مخارجها فأُبْدِلَ منها ما يوافقها لتخفّ على اللسان ويَعْذُبَ اللفظ به وحمارٌ أَصْحَبُ أَي أَصْحَر يضرب لونه إِلى الحمرة وأَصْحَبَ صار ذا صاحب وكان ذا أَصحاب وأَصْحَبَ بلغ ابنه مبلغ الرجال فصار مثله فكأَنه صاحبه واسْتَصْحَبَ الرجُلَ دَعاه إِلى الصُّحْبة وكل ما لازم شيئاً فقد استصحبه قال
إِنّ لك الفَضْلَ على صُحْبَتي ... والمِسْكُ قدْ يَسْتَصْحِبُ الرّامِكا
الرامِك نوع من الطيب رديء خسيس وأَصْحَبْتُه الشيء جعلته له صاحباً واستصحبته الكتاب وغيره وأَصْحَبَ الرجلَ واصْطَحَبه حفظه وفي الحديث اللهم اصْحَبْنا بِصُحْبَةٍ واقلِبْنا بذمة أَي احفظنا بحفظك في سَفَرنا وأَرجِعنا بأَمانتك وعَهْدِك إِلى بلدنا وفي التنزيل ولا هم منا يُصْحَبون قال يعني الآلهة لا تمنع أَنفسنا ولا هم منا يُصْحَبون يجارون أَي الكفار أَلا ترى أَن العرب تقول أَنا جارٌ لك ومعناه أُجِيرُك وأَمْنَعُك فقال يُصْحَبون بالإِجارة وقال قتادة لا يُصْحَبُون من اللّهِ بخير وقال أَبو عثمان المازنيّ أَصْحَبْتُ الرجلَ أَي مَنَعْتُه وأَنشد قَوْلَ الهُذَليّ
يَرْعَى بِرَوْضِ الحَزْنِ من أَبِّه ... قُرْبانَه في عابِه يُصْحِبُ
يُصْحِبُ يَمْنَعُ ويَحْفَظُ وهو من قوله تعالى ولا هم منا يُصْحَبون أَي يُمْنعون وقال غيره هو من قوله صَحِبَك اللّه أَي حَفِظَكَ وكان لك جاراً وقال
جارِي وَمَوْلايَ لا يَزْني حَريمُهُما ... وصاحِبي منْ دَواعي السُّوءِ مُصْطَحَبُ
[ ص 521 ] وأَصْحبَ البعيرُ والدابةُ انقادا ومنهم مَن عَمَّ فقال وأَصْحَبَ ذلَّ وانقاد من بعد صُعوبة قال امرؤ القيس
ولَسْتُ بِذِي رَثْيَةٍ إِمَّرٍ ... إِذا قِيدَ مُسْتَكْرَهاً أَصْحبا
الإِمَّرُ الذي يأْتَمِرُ لكل أَحد لضَعْفِه والرَّثْيَةُ وجَع المفاصل وفي الحديث فأَصْحَبَت الناقةُ أَي انقادت واسترسلت وتبعت صاحبها قال أَبو عبيد صحِبْتُ الرجُلَ من الصُّحْبة وأَصْحَبْتُ أَي انقدت له وأَنشد تَوالى بِرِبْعِيِّ السّقابُ فأَصْحَبا والمُصْحِبُ المُستَقِيمُ الذَّاهِبُ لا يَتَلَبَّث وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
يا ابن شهابٍ لَسْتَ لي بِصاحِب ... مع المُماري ومَعَ المُصاحِب
فسره فقال المُمارِي المُخالِفُ والمُصاحِبُ المُنْقاد من الإِصْحابِ وأَصْحَبَ الماءُ علاه الطُّحْلُب والعَرْمَضُ فهو ماءٌ مُصْحِبٌ وأَدِيمٌ مُصْحِبٌ عليه صُوفُه أَو شَعره أَو وبَرُه وقد أَصْحَبْته تركت ذلك عليه وقِربَةٌ مُصْحِبَة بقي فيها من صوفها شيء ولم تُعْطَنْهُ والحَمِيتُ ما ليس عليه شعر ورجل مُصْحِب مجنون وصَحَبَ المَذْبوحَ سلَخه في بعض اللغات وتَصَحَّب من مُجالَسَتِنا استَحْيا وقال ابن برزح ( 1 )
( 1 قوله « برزح » هكذا في النسخ المعتمدة بيدنا )
إِنه يَتَصَحَّبُ من مجالستنا أَي يستَحْيِي منها وإِذا قيل فلان يتسَحَّب علينا بالسين فمعناه أَنه يَتمادَحُ ويَتَدَلَّل وقولهم في النداءِ يا صاحِ معناه يا صاحبي ولا يجوز ترخيم المضاف إِلاّ في هذا وحده سُمِعَ من العرب مُرخَّماً وبنو صُحْب بَطْنان واحدٌ في باهِلَة وآخر في كلْب وصَحْبانُ اسم رجلٍ

( صخب ) الصَّخَبُ الصِّياحُ والجلَبة وشدة الصوت واختلاطُهُ وفي حديث كعب في التوراة محمدٌ عبدي ليس بفَظٍّ ولا غَلِيظ ولا صَخُوبٍ في الأَسواق وفي رواية ولا صَخَّاب الصَّخَب والسَّخَب الضَّجّة واختلاط الأَصوات للخِصام وفَعُول وفَعّال للمبالغة وفي حديث خديجة لا صَخَبَ فيه ولا نَصَب وفي حديث أُمِّ أَيمن وهي تَصْخَب وتَذْمُر عليه وقد صَخِب بالكسر يَصْخَب صخَباً والسَّخَب لغة فيه رَبَعِيَّة قبيحة ورجل صَخَّاب وصَخِبٌ وصَخُوبٌ وصَخْبانُ شديد الصخَب كثيره وجمع الصَّخْبان صُخْبان عن كراع والأُنثى صَخِبَة وصَخّابة وصُخُبَّة وصَخُوب قال
فَعَلَّكَ لوْ تُبَدِّلُنا صَخُوباً ... تَرُدُّ الأَمْرَدَ المخْتارَ كَهْلا
وقول أُسامة الهذلي
إِذا اضْطَرَبَ المُمَرُّ بجانِبَيْها ... تَرَنَّمُ قَيْلَةٌ صَخِبٌ طَروب ( 2 )
( 2 قوله « قيلة » كذا بالنسخ التي بأيدينا باللام وفي شرح القاموس قينة بالنون وهو أَليق بقوله ترنم وبقول المصنف لا يعرف إلخ )
حمله على الشخص فذكَّر إِذ لا يُعْرَف في الكلام امرأَة فَعِلٌ بلا هاء واصْطَخَب افتَعل منه قال الشاعر
إِنَّ الضّفادِعَ في الغُدْرانِ تَصْطَخِب [ ص 522 ] وفي حديث المنافقين صخبٌ بالنهار أَي صيّاحون فيه ومتجادلون وعين صَخْبَةٌ مُصْطَفِقَة عند الجَيَشانِ واصْطَخَب القوم وتَصاخَبُوا إِذا تصايحوا وتضاربوا وماء صَخِبُ الآذِيِّ ومُصْطَخِبُه إِذا تلاطمت أَمواجُه أَي له صوت قال الشاعر مُفْعَوْعِمٌ صَخِبُ الآذِيِّ مُنْبَعِق واصْطِخابُ الطير اختلاط أَصواتها وحمار صَخِبُ الشوارِبِ يُرَدِّدُ نُهاقَه في شواربه والشوارِبُ مجاري الماء في الحَلْق قال
صَخِبُ الشوارِبِ لا يَزال كأَنه ... عبْدٌ لآلِ أَبي رَبيعةَ مُسْبَعُ
والصَّخْبَة العَطْفة

( صرب ) الصَّرْبُ والصَّرَبُ اللبن الحَقينُ الحامِض وقيل هو الذي قد حُقِنَ أَياماً في السقاءِ حتى اشتدَّ حَمَضُه واحدته صَرْبَةٌ وصَرَبَةٌ يقال جاءنا بِصَربة تَزْوي الوجه وفي حديث ابن الزبير فيأْتي بالصَّربة من اللبن هو اللبن الحامض وصَربه يَصْرُبُه صَرْباً فهو مَصْروب وصَريب وصَرَبه حلب بعضَه على بعض وتركه يَحْمَضُ وقيل صَرَبَ اللبنَ والسمنَ في النِّحْي الأَصمعي إِذا حُقِن اللبن أَياماً في السقاءِ حتى اشتَدَّ حَمَضُه فهو الصرْب والصرَب وأَنشد فالأَطْيَبانِ بها الطُّرْثوثُ والصّرَب قال أَبو حاتم غلط الأَصمعي في الصّرب أَنه اللبن الحامض قال وقلت له الصَّرب الصمْغ والصَّرب اللبن فعرفه وقال كذلك ويقال صَرَب اللبنَ في السقاءِ ابن الأَعرابي الصِّرْبُ البيوت القليلة من ضَعْفَى الأَعراب قال الأَزهري والصِّرْم مثل الصِّرْب قال وهو بالميم أَعرب ( 1 )
( 1 قوله « أعرب » كذا في نسخة وفي أخرى وشرح القاموس أعرف بالفاء )
ويقال كَرَصَ فلان في مِكْرَصه وصَرَبَ في مِصْرَبه وقَرَعَ في مِقْرَعه كُلُّه السقاء يُحْقن فيه اللبن وقدم أَعرابي على أَعرابية وقد شَبِقَ لطول الغيبة فراودها فأَقبلت تُطَيِّبُ وتُمتعه فقال فَقَدْتُ طَيِّباً في غير كُنْهه أَي في غير وجهه وموضعه فقالت المرأَة فقدْتَ صرْبة مستعجلاً بها عنت بالصربة الماء المجتمع في الظهر وإِنما هو على المثل باللبن المجتمع في السقاءِ والمِصْرَب الإِناءُ الذي يُصرَب فيه اللبن أَي يُحْقَن وجمعه المصارب تقول صَرَبْتُ اللبن في الوَطْب واصْطَرَبْتُه إِذا جمعته فيه شيئاً بعد شيءٍ وتركْتَه ليَحْمَض والصَّرْب ما يُزَوَّدُ من اللبن في السقاءِ حليباً كان أَو حازِراً وقد اصْطَرَبَ صَرْبة وصرَبَ بولَه يَصْرُبه ويَصْرِبه صرباً حقنَه إِذا طال حبسه وخص بعضهم به الفحل من الإِبل ومنه قيل للبَحِيرة صَرْبى على فَعْلى لأَنهم لا يَحْلُبونها إِلا للضيف فيجتمع اللبن في ضرعها وقال سعيد بن المسيب البَحِيرة التي يُمْنع دَرُّها للطواغيت فلا يحلُبها أَحد من الناس وفي حديث أَبي الأَحوص الجُشَمِيِّ عن أَبيه قال هل تُنْتَج إِبلُك وافِيةً أَعينها وآذانُها فتَجْدَعُها وتقول صربى ؟ قال القتيبي قوله صَرْبى مثل سكرى من صَرَبْت اللبن في الضرع إِذا جمعته ولم تحلبه وكانوا إِذا جدعوها أَعْفَوْها من الحلْب وقال بعضهم [ ص 523 ] تجعلُ الصرْبى من الصَّرْم وهو القطع بجعل الباءِ مُبدلَة من الميم كما يقال ضرْبَةُ لازِم ولازب قال وكأَنه أَصح التفسيرين لقوله فتجْدع هذه فتقول صَرْبى ابن الأَعرابي الصرب جمع صَرْبَى وهي المشقوقة الأُذن من الإِبل مثل البحيرة أَو المقطوعة وفي رواية أُخرى عن أَبي الأَحوص أَيضاً عن أَبيه قال أَتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأَنا قَشِف الهيئة فقال هل تُنْتَج إِبلك صِحاحاً آذانُها فتَعْمِدَ إِلى المُوسَى فتقطَعَ آذانَها فتقول هذه بَحِيرة وتشقها فتقول هذه صَرْم فتحرمها عليك وعلى أَهلك ؟ قال نعم قال فما آتاك اللّه لك حِلٌّ وساعِدُ اللّه أَشدّ ومُوساه أَحدّ قال فقد بين بقوله صرم ما قال ابن الأَعرابي في الصَّرْب ان الباء مبدلة من الميم وصَرَبَ الصبيُّ مكث أَياماً لا يُحْدِث وصَرَبَ بَطْنُ الصبيّ صَرْباً إِذا عَقَد ليسمن وهو إِذا احْتَبَسَ ذُو بَطْنِه فيمكث يوماً لا يحدث وذلك إِذا أَراد أَن يَسْمَن والصَّرْب والصَّرَب الصمغ الأَحمر قال الشاعر يذكر البادية
أَرْضٌ عن الخيْرِ والسُّلْطانِ نائِيَةٌ ... فالأَطْيَبانِ بها الطُّرثُوثُ والصَّرَبُ
واحدته صَرْبَةٌ وقد يجمع على صِراب وقيل هو صَمْغُ الطَّلْح والعُرْفُط وهي حمر كأَنها سبائك تكسر بالحجارة وربما كانت الصربة مثل رأْس السِّنَّوْر وفي جوفها شيء كالغِراءِ والدِّبْس يُمَصُّ ويؤْكَل قال الشاعر
سَيَكْفِيكَ صَرْبُ القَوْمِ لحْمٌ مُغَرّضٌ ... وماءُ قُدورٍ في الجِفانِ مَشُوب
قال والصَّرْب الصمغ الأَحمر صمغ الطلْح والصَّرَبَةُ ما يُتَخير من العشب والشجر بعد اليابس والجمع صَرَبٌ وقد صَرِبت الأَرضُ واصْرَأَبَّ الشيءُ امْلاسَّ وصفا ومن روى بيت امرئِ القَيس صَرَابَةَ حَنْظَل أَراد الصفاء والملوسة ومن روى صَرايةَ أَراد نقيع ماء الحنظل وهو أَحمر صاف

( صطب ) ( 1 )
( 1 قوله « صطب » أهمل الجوهري والمؤلف قبله مادة ص ر خ ب والصرخبة فسرها ابن دريد بالخفة والنزق كالصربخة أفاده شارح القاموس ) التهذيب ابن الأَعرابي المِصْطَب سَنْدان الحَدَّاد قال الأَزهري سمعت أَعرابياً من بني فَزارَةَ يقول لخادم له أَلا وارفع لي عن صَعِيد الأَرض مِصْطَبة أَبِيتُ عليها بالليل فرفع له من السَّهْلةِ شِبْهَ دكان مربع قدر ذراع من الأَرض يتقي بها من الهوامّ بالليل قال وسمعت آخر من بني حَنْظلة سماها المصْطَفَّة بالفاءِ وروي عن ابن سيرين أَنه قال إِني كنت لا أُجالسكم مخافة الشهرة حتى لم يزل بي البلاء حتى أَخذ بلحيتي وأَقمت على مَصْطَبة بالبصرة وقال أَبو الهيثمِ المَصْطَبَّة والمِصْطَبَّة بالتشديد مجتمع الناس وهي شبه الدكان يُجْلس عليها والأُصْطُبَّة مُشاقة الكَتَّان وفي الحديث رأَيت أَبا هريرة رضي اللّه عنه عليه إِزار فيه عَلَقٌ قد خيَّطه بالأُصْطُبَّة حكاه الهروي في الغَريبين

( صعب ) الصَّعْبُ خلاف السَّهْل نقيض الذَّلُول والأُنثى صَعْبَة بالهاءِ وجمعها صِعاب ونساءٌ صَعْبات بالتسكين لأَنه صفة وصَعُب الأَمر وأَصْعَبَ عن اللحياني يَصْعُب صُعوبة صار صَعْباً واسْتَصْعَب وتَصَعَّب وصعَّبه وأَصْعَبَ الأَمرَ [ ص 524 ] وافقه صَعْباً قال أَعْشى باهلة
لا يُصْعِبُ الأَمرَ إِلاّ رَيْثَ يَرْكَبُه ... وكلّ أَمرٍ سِوى الفَحْشاء يأْتَمِرُ
واسْتَصْعَبَ عليه الأَمرُ أَي صَعُب واستصْعَبه رآه صَعْباً ويقال أَخذ فلان بكْراً من الإِبل ليقتَضِيَه فاستَصعَب عليه استِصعاباً وفي حديث ابن عباس فلما رَكِبَ الناسُ الصَّعْبَة والذلُولَ لم نأْخذْ من الناس إِلاَّ ما نعرِفُ أَي شدائدَ الأُمور وسُهُولَها والمراد تَرَكَ المُبالاةَ بالأَشياءِ والاحتراز في القول والعمل والصَّعْبُ من الدوابّ نقيض الذَّلُول والأُنثى صَعْبة والجمع صِعاب وأُصْعِبَ الجمَلُ لم يُرْكب قط وأَصْعَبه صاحبُه تركه وأَعفاه من الركوب أَنشد ابن الأَعرابي
سَنامُه في صُورةٍ من ضُمْرِهِ ... أَصعَبَه ذُو جِدَةٍ في دَثْره
قال ثعلب معناه في صورة حَسَنَة من ضُمْره أَي لم يضعه أَن كان ضامراً وفي الصحاح تركه فلم يركبه ولم يَمْسَسْه حَبْل حتى صار صَعْباً وفي حديث جبير من كان مُصْعِباً فليرجع أَي من كان بعيره صعباً غير منقاد ولا ذلول يُقال أَصْعَب الرجل فهو مُصْعِب وجمل مُصْعَب إِذا لم يكن مُنَوَّقاً وكان مُحَرَّم الظهر وقال ابن السكيت المُصْعَبُ الفحل الذي يُودَعُ من الركوب والعمل للفِحْلة والمُصْعَب الذي لم يمسسه حبل ولم يُركب والقَرْم الفحل الذي يُقْرَم أَي يودع ويُعْفَى من الركوب وهو المُقْرَمُ والقَريعُ والفَنِيقُ وقول أَبي ذؤَيب
كَأَنَّ مَصاعِيبَ زُبِّ الرُّؤو ... سِ في دارِ صَرْمٍ تَلاقَى مُريحا
أَراد مَصاعِب جمع مُصْعَب فزاد الياءَ ليكون الجزءُ فعولن ولو لم يأْتِ بالياءِ لكان حسناً ويقال جمال مَصاعِبُ ومَصاعِيبُ وقوله تَلاقى مُريحا إِنما ذكَّرَ على إِرادة القطيع وفي حديث حنفان صَعابِيبُ وهم أَهل الأَنابيب الصعابيب جمع صُعْبوب وهم الصِّعاب أَي الشدائد والصَّاعِبُ من الأَرضين ذاتُ النَّقَل والحجارة تُحْرَثُ والمُصْعَبُ الفحل وبه سمي الرجل مُصْعَباً ورجل مُصْعَب مسوَّد من ذلك ومصعب اسم رجل منه أَيضاً وصَعْب اسم رجل غلب على الحيّ وصَعْبَة وصُعَيْبَة اسما امرأَتين وبنو صَعْب بَطْن والمُصْعَبان مُصْعَب بنُ الزبير وابنه عيسى بنُ مُصْعَب وقيل مُصْعَبُ بن الزبير وأَخوه عبداللّه وكان ذو القرنين المُنْذِرُ بن ماءِالسماءِ يُلَقَّبُ بالصَّعْب قال لبيد
والصَّعْبُ ذو القَرْنَينِ أَصْبَح ثاوِياً ... بالحِنو في جَدَثٍ أُمَيْمَ مُقِيم
وعَقَبَة صَعْبَة إِذا كانت شاقة

( صعرب ) الصُّعْرُوبُ الصغيرُ الرأْسِ من الناس وغيرهم

( صعنب ) الصَّعْنَبُ الصغير الرأْس قال الأَزهري أَنشد أَبو عمرو
يَتْبَعْنَ عَوْداً كاللِّواءِ مِسْأَبا ... ناجٍ عَفَرْنَى سَرَحاناً أَغْلَبا
رَحْبَ الفُروجِ ذا نَصِيعٍ مِنْهَبا ... يُحْسَبُ بالليل صُوًى مُصَعْنَبا
[ ص 525 ] أَي يأْتي منزلهُ الصُّوَى الحجارة المجموعةُ الواحدة صُوَّة والمُصَعْنَب الذي حُدِّدَ رأْسُه يقال إِنه لَمُصَعْنَبُ الرَّأْسِ إِذا كان مُحَدَّدَ الرأْس وقوله ناجٍ أَراد ناجياً والمِنْهَب السريعُ وقد أَجُوبُ ذا السِّماطَ السَّبْسَبَا فما تَرَى إِلاَّ السِّراجَ اللَّغبا فإِنْ تَرَى الثَّعْلَبَ يَعْفُو محربا وصَعنَبَى قرية باليمامة قال ابن سيده وصَعْنَبى أَرض قال الأَعشى
وما فَلَجٌ يَسْقِي جَداوِلَ صَعْنَبى ... له شَرَعٌ سَهْلٌ على كلِّ مَوْرِدِ
والصَّعْنَبَةُ أَن تُصَعْنَبَ الثَّريدَةُ تُضَمَّ جَوانِبُها وتُكَوَّمَ صَوْمَعَتُها ويُرْفَعَ رَأْسُها وقيل رَفْعُ وسَطِها وقَوْرُ رَأْسِها يقال صَعْنَبَ الثَّريدة وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم سَوّى ثَريدةَ فلَبَّقَها بِسَمْن ثم صَعْنَبَها قال أَبو عبيدة يعني رَفَعَ رَأْسَها وقال ابن المبارك يعني جعل لها ذُرْوَة وقال شمر هو أَن يَضُمَّ جَوانِبَها ويُكَوِّمَ صَوْمَعَتَها والصَّعْنَبَةُ انْقِباضُ البَخيلِ عِندَ المَسْأَلَةِ وعمَّ ابن سيده فقال الصَّعْنَبَةُ الانْقِباض

( صغب ) قال أَبو تراب سمعت الباهليَّ يقول يُقالُ لِبَيْضَةِ القَمْلَةِ صُغاب وصُؤَابٌ

( صقب ) الصَّقْب والصَّقَب لغتان الطَّويلُ التارُّ من كل شيءٍ ويقال لِلْغُصْنِ الرَّيَّانِ الغَلِيظِ الطَّويلِ وصَقْبُ النَّاقَةِ وَلَدُها وجَمْعُه صِقابٌ وصِقْبانٌ والصَّقْبُ عَمُودٌ يُعْمَدُ به البَيْتُ وقيل هُو العَمُودُ الأَطوَلُ في وَسَطِ البَيْتِ والجمع صُقُوبٌ وصَقَبَ البِناءَ وغَيْرَه رَفَعَه وصُقُوبُ الإِبِلِ أَرْجُلُها لغة في سُقُوبِها حكاها ابن الأَعرابي قال وَأَرَى ذلك لمكان القاف وضَعُوا مَكانَ السِّينِ صاداً لأَنَّها أَفْشَى من السين وهي موافِقَةٌ للقافِ في الإِطْباقِ ليَكُونَ العَمَلُ مِن وَجْهٍ واحد قال وهذا تعليلُ سِيبويْه في هذا الضَّرْبِ من المُضارَعَةِ والصَّقَبُ القُرْب وحكى سيبويه في الظُّروفِ التي عَزَلَها مما قَبْلَها لِيُفَسِّرَ معانِيها لأَنَّها غَرائِبُ هو صَقَبُك ومعناه القُرْب ومكانٌ صَقَبٌ وصَقِبٌ قريب وهذا أَصْقَبُ من هذا أَي أَقْرَبُ وأَصْقَبَتْ دارُهم وصَقِبَت بالكسر وأَسْقَبَتْ دَنتْ وقَرُبَتْ وفي الحديث الجارُ أَحقُّ بِصَقَبه قال ابن الأَنباري أَراد بالصَّقَب المُلاصَقَة والقُرْب والمراد به الشُّفْعَةُ كأَنه أَرادَ بما يَلِيه وقال بَعْضُهُمْ أَرادَ الشَّريكَ وقال بَعْضُهُمْ أَرادَ المُلاصِقَ أَبو عبيد يَعْني القُرْبَ ومنه حديث علي عليه السلام أَنَّه كان إِذا أُتِيَ بالقَتِيلِ قَدْ وُجِدَ بَيْنَ القَرْيَتَيْنِ حُمِلَ على أَصْقَبِ القَريَتَيْنِ إِليه أَي أَقْربِهِما ويروى بالسين وأَنشد لابن الرُّقَيَّاتِ
كُوفِيَّةٌ نازِحٌ مَحِلَّتُها ... لا أَمَمٌ دارُها ولا صَقَبُ
قال مَعْنَى الحَديثِ أَنَّ الجارَ أَحَقُّ بالشُّفْعَة من الذي لَيْسَ بجار وداري مِن دارِه بسَقَبٍ وصَقَبٍ وزَمَمٍ وأَمَمٍ وصَدَدٍ أَي قَريبٌ ويقال هو جاري مُصَاقِبي ومُطانبي ومُؤَاصِري [ ص 526 ] أَي صَقْبُ دارِه ( 1 )
( 1 قوله « صقب داره » أي عمود بيته بحذاء عمود بيتي وإصاره أي الحبل القصير يشد به أسفل الخباء إلى الوتد بحذاء حبل بيتي القصير أو الوتد بحذاء وتد بيتي وطنبه أي حبل بيته الطويل بحذاء حبل بيتي الطويل هذا هو المناسب ولا يغتر بما للشارح ) وإِصارهُ وطُنُبُه بحذاء صَقْب بيتي وإِصاري وقيل أَصْقَبَك الصَّيْدُ فارْمِه أَي دَنا مِنْكَ وأَمْكَنَكَ رَمْيُه وتقول أَصْقَبَه فَصَقِب أَي قَرَّبَهُ فَقَرُب وصاقَبْناهُم مُصاقَبَةً وصِقاباً قارَبْناهُمْ ولَقِيتُه مُصاقَبَةً وصِقاباً وصِفاحاً مِثلَ الصِّراح أَي مُواجَهَة والصَّقْب الجَمْعُ وصقَبَ قفَاهُ ضَربَه بِصَقْبِه والصَّقْب الضَّرْبُ على كل شيء مُصْمَتٍ يابِس وصَقَبَ الطائرُ صَوَّتَ عن كُراع والصَّاقِبُ جَبَل معروف زاد ابن بَري في بلاد بني عامر قال رُمِيَتْ بأَثْقَلَ مِن جِبالِ الصَّاقِبِ والسين ( 2 )
( 2 قوله « والسين إلخ » سقط قبله من النسخ التي بأيدينا بعد قوله من جبال الصاقب ما صرح به شارح القاموس نقلاً عن اللسان ما نصه وقال غيره
على السيد الصعب لو أَنه ... يقوم على ذروة الصاقب )
في كل ذلك لغة

( صقعب ) الصَّقْعَب الطَّويلُ مِن الرّجالِ بالصادِ والسينِ وهو في الصحاح الطَّويلُ مُطْلَقاً مِن غير تَقْييدٍ

( صقلب ) بعير صِقْلابٌ شَديدُ الأَكْل ابن الأَعرابي الصِّقْلابُ الرجلُ الأَبْيَضُ وقال أَبو عمرو هو الأَحْمَرُ وأَنشد لجندل بَيْنَ مَقَذَّى رأْسِه الصِّقْلاب قال أَبو منصور الصقالِبَةُ جِيلٌ حُمْرُ الأَلوان صُهْبُ الشُّعُور يُتاخِمُون الخَزَر وبَعْضَ جِبالِ الرُّوم وقيل للرَّجُلِ الأَحمرِ صِقْلابٌ تَشْبِيهاً بهم

( صلب ) الصُّلْبُ والصُّلَّبُ عَظْمٌ من لَدُنِ الكاهِل إِلى العَجْب والجمع أَصْلُب وأَصْلاب وصِلَبَةٌ أَنشد ثعلب
أَما تَرَيْني اليَوْمَ شَيْخاً أَشْيَبَا ... إِذا نَهَضْتُ أَتَشَكَّى الأَصْلُبا
جَمَعَ لأَنه جَعَلَ كُلَّ جُزْءٍ مِن صُلْبه صُلْباً كقول جرير
قال العَواذِلُ ما لِجَهْلِكَ بَعْدَما ... شابَ المَفارِقُ واكْتَسَيْنَ قَتِيرا
وقال حُمَيْدٌ
وانْتَسَفَ الحالِبَ من أَنْدابِه ... أَغْباطُنا المَيْسُ عَلى أَصْلابِه
كأَنه جعل كلَّ جُزْءٍ من صُلْبِه صُلْباً وحكى اللحياني عنِ العرب هؤلاء أَبناءِ صِلَبَتِهِمْ والصُّلْب من الظَّهْر وكُلُّ شيء من الظَّهْر فيه فَقَارٌ فذلك الصُّلْب والصَّلَبُ بالتحريك لغة فيه قال العَجاج يصف امرأَة رَيَّا العظامِ فَخْمَة المُخَدَّمِ في صَلَبٍ مثْلِ العِنانِ المُؤْدَم إِلى سَواءٍ قَطَنٍ مُؤَكَّمِ وفي حديث سعيد بن جبير في الصُّلْب الديةُ قال القُتَيْبِيُّ فيه قولان أَحدُهما أَنَّه إِنْ كُسِرَ الصُّلْبُ فحَدِبَ الرَّجُلُ ففيه الديةُ والآخَرُ إِنْ أُصِيبَ صُلْبه بشيءٍ ذَهَبَ به [ ص 527 ] الجِماعُ فلم يَقْدِرْ عَلَيهِ فَسُمِّيَ الجِماعُ صُلْباً لأَنَّ المَنِيَّ يَخْرُجُ منهُ وقولُ العَباسِ بنِ عَبدِالمُطَّلِبِ يَمدَحُ النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم
تُنْقَلُ مِنْ صَالَبٍ إِلى رَحِم ... إِذا مَضَى عالَمٌ بَدا طَبَق
قيل أَراد بالصَّالَب الصُّلْب وهو قليل الاستعمال ويقال للظَّهْر صُلْب وصَلَب وصالَبٌ وأَنشد
كأَنَّ حُمَّى بكَ مَغْرِيَّةٌ ... بَيْنَ الحَيازيم إِلى الصَّالَبِ
وفي الحديث إِنَّ اللّه خَلَقَ للجَنَّةِ أَهْلاً خَلَقَها لَهُم وهُمْ في أَصلاب آبائِهِم الأَصْلابُ جَمْعُ صُلْب وهو الظهر والصَّلابَةُ ضدُّ اللِّين صَلُبَ الشيءُ صَلابَةً فهو صَلِيبٌ وصُلْب وصُلَّب وصلب ( 1 )
( 1 قوله « وصلب » هو كسكر ولينظر ضبط ما بعده هل هو بفتحتين لكن الجوهري خصه بما صلب من الأرض أو بضمتين الثانية للاتباع إلا أن المصباح خصه بكل ظهر له فقار أو بفتح فكسر ويمكن أن يرشحه ما حكاه ابن القطاع والصاغاني عن ابن الأعرابي من كسر عين فعله ) أَي شديد ورجل صُلَّبٌ مثل القُلَّبِ والحُوَّل ورجل صُلْبٌ وصَلِيبٌ ذو صلابة وقد صَلُب وأَرض صُلْبَة والجمع صِلَبَة
ويقال تَصَلَّبَ فلان أَي تَشَدَّدَ وقولهم في الراعي صُلْبُ العَصا وصَلِيبُ العَصا إِنما يَرَوْنَ أَنه يَعْنُفُ بالإِبل قال الراعي
صَلِيبُ العَصا بادِي العُروقِ تَرَى له ... عَلَيْها إِذا ما أَجْدَبَ النَّاسُ إِصْبَعا
وأَنشد
رَأَيْتُكِ لا تُغْنِينَ عنِّي بِقُرَّةٍ ... إِذا اخْتَلَفَتْ فيَّ الهَراوَى الدَّمامِكُ
فأَشْهَدُ لا آتِيكِ ما دامَ تَنْضُبٌ ... بأَرْضِكِ أَو صُلْبُ العَصا من رجالِكِ
أَصْلُ هذا أَن رَجُلاً واعَدَتْه امْرَأَةٌ فعثَرَ عَليها أَهْلُها فضربوه بعِصِيِّ التَّنْضُب وكان شَجَرُ أَرضها إِنما كان التنضبَ فضربوه بِعِصِيِّها وصَلَّبَه جعله صُلْباً وشدَّه وقوَّاه قال الأَعشى
مِن سَراةِ الهِجانِ صَلَّبَها العُضُّ ... وَرَعْيُ الحِمى وطُولُ الحِيالِ
أَي شدّها وسَراةُ المال خِياره الواحد سَرِيّ يقال بعيرٌ سَرِيّ وناقة سَرِيَّة والهِجانُ الخِيارُ من كل شيءٍ يُقال ناقة هِجانٌ وجَمَل هِجانٌ ونوقٌ هِجان قال أَبو زيد الناقَةُ الهِجانُ هي الأَدْماءُ وهي البَيْضاءُ الخالِصَةُ اللَّوْنِ والعُضُّ عَلَفُ الأَمْصار مثل القَتِّ والنَّوَى وقوله رَعْي الحِمى يُريدُ حِمى ضَرِيَّة وهو مرعى إِبل الملوك وحِمَى الرَّبَذَةِ دُونَه والحِيال مَصْدَرُ حالت الناقة إِذا لم تَحْمِلْ وفي حديث العباس إِنَّ المُغالِبَ صُلْبَ اللّهِ مَغْلُوب أَي قُوَّةَ اللّهِ ومكان صُلْب وصَلَبٌ غَليظٌ حَجِرٌ والجمع صِلَبَةٌ والصُّلْبُ من الأَرض المَكانُ الغَلِيظُ المُنْقاد والجمع صِلَبَةٌ مثل قُلْب وقِلَبَة والصَّلَب أَيضاً ما صَلُبَ من الأَرض شمر الصَّلَب نَحْوٌ من الحَزيزِ الغَلِيظِ المُنْقادِ وقال [ ص 528 ] غيره الصَّلَب من الأَرض أَسْناد الآكام والرَّوابي وجمعه أَصْلاب قال رؤبة نغشى قَرًى عارِيةً أَقْراؤُه تَحْبُو إِلى أَصْلابِه أَمْعاؤُه الأَصمعي الأَصْلابُ هي من الأَرض الصَّلَب الشديدُ المُنْقادُ والأَمْعاءُ مَسايِلُ صِغار وقوله تَحْبُو أَي تَدْنو وقال ابن الأَعرابي الأَصْلاب ما صَلُب من الأَرض وارْتَفَعَ وأَمْعاؤُه ما لانَ منه وانْخَفَضَ والصُّلْب موضع بالصَّمَّان أَرْضُهُ حجارةٌ من ذلك غَلَبَتْ عليه الصِّفَةُ وبين ظَهراني الصُّلْب وقِفافِه رياضٌ وقِيعانٌ عَذْبَةُ المَنابِتِ ( 1 )
( 1 قوله « عذبة المنابت » كذا بالنسخ أيضاً والذي في المعجم لياقوت عذبة المناقب أي الطرق فمياه الطرق عذبة ) كَثِيرةُ العُشْبِ وربما قالوا الصُّلْبانِ أَنشد ابن الأَعرابي سُقْنا به الصُّلْبَيْنِ فالصَّمَّانا فإِما أَن يَكُونَ أَراد الصُّلْب فَثَنَّى للضرورة كما قالوا رامَتانِ وإِنما هي رامة واحدة وإِما أَن يكون أَراد مَوْضِعَيْن يَغْلِبُ عليهما هذه الصِّفَةُ فَيُسَمَّيانِ بها وصَوْتٌ صَلِيبٌ وجَرْيٌ صَلِيب على المثل وصَلُبَ على المالِ صَلابة شَحَّ به أَنشد ابن الأَعرابي
فَإِن كُنْتَ ذا لُبٍّ يَزِدْكَ صَلابَةً ... على المالِ مَنْزورُ العَطاءِ مُثَرِّبُ
الليث الصُّلْبُ من الجَرْي ومن الصَّهِيلِ الشَّديدُ وأَنشد ذو مَيْعَة إِذا ترامى صُلْبُه والصُّلَّبُ والصُّلَّبِيُّ والصُّلَّبَة والصُّلَّبِيَّة حجارة المِسَنِّ قال امْرُؤُ القَيْس كحَدِّ السِّنان الصُّلَّبِيِّ النَّحِيض أَراد بالسنان المِسَنَّ ويقال الصُّلَّبِيُّ الذي جُليَ وشُحِذ بحجارة الصُّلَّبِ وهي حجارة تتخذ منها المِسانُّ قال الشماخ
وكأَنَّ شَفْرَةَ خَطْمِه وجَنِينِه ... لمَّا تَشَرَّفَ صُلَّبٌ مَفْلُوق
والصُّلُّبُ الشديد من الحجارة أَشَدُّها صَلابَةً ورُمْحٌ مُصَلَّبٌ مَشْحوذ بالصَّلَّبيّ وتقول سِنانٌ صُلُّبِيٌّ وصُلَّبٌ أَيضاً أَي مَسْنُون
والصَّلِيب الودك وفي الصحاح ودكُ العِظامِ قال أَبو خراش الهذلي يذكر عُقاباً شَبَّه فَرسَهُ بها
كأَني إِذْ غَدَوْا ضَمَّنْتُ بَزِّي ... من العِقْبانِ خائِتَةً طَلُوبا
جَرِيمَةَ ناهِضٍ في رأْسِ نِيقٍ ... تَرى لِعِظامِ ما جَمَعَتْ صَلِيبا
أَي ودَكاً أَي كأَني إِذْ غَدَوْا للحرب ضَمَّنْتُ بَزِّي أَي سلاحي عُقاباً خائِتَةً أَي مُنْقَضَّةً يقال خاتَتْ إِذا انْقَضَّتْ وجَرِيمَة بمعنى كاسِبَة يقال هو جَرِيمَةُ أَهْلِه أَي كاسِبُهُم والناهِضُ فَرْخُها وانتصاب قوله طَلُوبا على النَّعْتِ لخائتَة والنِّيقُ أَرْفَعُ مَوْضِعٍ في الجَبَل وصَلَبَ العِظامَ يَصْلُبُها صَلْباً واصْطَلَبَها جَمَعَها وطَبَخَها واسْتَخْرَجَ وَدَكَها لِيُؤْتَدَم [ ص 529 ] به وهو الاصْطِلابُ وكذلك إِذا شَوَى اللَّحْمَ فأَسالَه قال الكُمَيْتُ الأَسَدِيّ
واحْتَلَّ بَرْكُ الشِّتاءِ مَنْزِلَه ... وباتَ شَيْخُ العِيالِ يَصْطَلِبُ
احْتَلَّ بمعنى حَلَّ والبَرْكُ الصَّدْرُ واسْتَعارَهُ للشِّتاءِ أَي حَلَّ صَدْرُ الشِّتاء ومُعْظَمُه في منزله يصف شِدَّةَ الزمان وجَدْبَه لأَن غالِبَ الجَدْبِ إِنما يكون في زَمَن الشِّتاءِ وفي الحديث أَنه لمَّا قَدِمَ مَكَّةَ أَتاه أَصحابُ الصُّلُب قيل هم الذين يَجْمَعُون العِظام إِذا أُخِذَت عنها لُحومُها فيَطْبُخونها بالماءِ فإِذا خرج الدَّسَمُ منها جمعوه وائْتَدَمُوا به يقال اصْطَلَبَ فلانٌ العِظام إِذا فَعَل بها ذلك والصُّلُبُ جمع صَليب والصَّلِيبُ الوَدَكُ والصَّلِيبُ والصَّلَبُ الصديد الذي يَسيلُ من الميت والصَّلْبُ مصدر صَلَبَه يَصْلُبه صَلْباً وأَصله من الصَّلِيب وهو الوَدَكُ وفي حديث عليّ أَنه اسْتُفْتِيَ في استعمال صَلِيبِ المَوْتَى في الدِّلاءِ والسُّفُن فَأَبى عليهم وبه سُمِّي المَصْلُوب لما يَسِيلُ من وَدَكه والصَّلْبُ هذه القِتْلة المعروفة مشتق من ذلك لأَن وَدَكه وصديده يَسِيل وقد صَلَبه يَصْلِبُه صَلْباً وصَلَّبه شُدِّدَ للتكثير وفي التنزيل العزيز وما قَتَلُوه وما صَلَبُوه وفيه ولأُصَلِّبَنَّكم في جُذُوعِ النَّخْلِ أَي على جُذُوعِ النخل والصَّلِيبُ المَصْلُوبُ والصَّليب الذي يتخذه النصارى على ذلك الشَّكْل وقال الليث الصَّلِيبُ ما يتخذه النصارى قِبْلَةً والجَمْعُ صُلْبان وصُلُبٌ قال جَريرٌ
لقد وَلَدَ الأُخَيْطِلَ أُمُّ سَوْءٍ ... على بابِ اسْتِها صُلُبٌ وشامُ
وصَلَّب الراهبُ اتَّخَذ في بِيعَته صَليباً قال الأَعشى
وما أَيْبُلِيٌّ على هَيْكَلٍ ... بَناهُ وصَلَّبَ فيه وصارا
صارَ صَوَّرَ عن أَبي عليّ الفارسي وثوب مُصَلَّبٌ فيه نَقْشٌ كالصَّلِيبِ وفي حديث عائشة أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم كان إِذا رَأَى التَّصْلِيبَ في ثَوْب قَضَبه أَي قَطَع مَوْضِعَ التَّصْلِيبِ منه وفي الحديث نَهَى عن الصلاة في الثوب المُصَلَّبِ هو الذي فيه نَقشٌ أَمْثال الصُّلْبان وفي حديث عائشة أَيضاً فَناوَلْتُها عِطافاً فرَأَتْ فيه تَصْلِيباً فقالت نَحِّيه عَني وفي حديث أُم سلمة أَنها كانت تَكرَه الثيابَ المُصَلَّبةَ وفي حديث جرير رأَيتُ على الحسنِ ثوباً مُصَلَّباً والصَّلِيبانِ الخَشَبَتانِ اللَّتانِ تُعَرَّضانِ على الدَّلْوِ كالعَرْقُوَتَيْنِ وقد صَلَبَ الدلْو وصَلَّبَها وفي مَقْتَلِ عمر خَرَج ابنُه عُبيدُاللّه فَضَرَب جُفَيْنَةَ الأَعْجَمِيَّ فَصَلَّب بين عَيْنَيْه أَي ضربه على عُرْضِهِ حتى صارت الضَّرْبة كالصَّلِيب وفي بعض الحديث صَلَّيْتُ إِلى جَنْبِ عمر رضي اللّه عنه فَوضَعْتُ يَدِي على خاصِرتي فلما صَلَّى قال هذا الصَّلْبُ في الصلاة كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يَنْهَى عنه أَي إِنه يُشْبِه الصَّلْبَ لأَنَّ الرجل إِذا صُلِبَ مُدَّ يَدُه وباعُهُ على الجِذْعِ [ ص 530 ] وهيئةُ الصَّلْب في الصلاة أَن يَضَعَ يديه على خاصِرتيه ويُجافيَ بين عَضُدَيْه في القيام والصَّلِيبُ ضَرْبٌ من سِماتِ الإِبل قال أَبو علي في التَّذْكَرةِ الصَّليبُ قد يكون كبيراً وصغيراً ويكون في الخَدَّين والعُنُق والفخذين وقيل الصَّلِيبُ مِيسَمٌ في الصُّدْغِ وقيل في العُنقِ خَطَّانِ أَحدهما على الآخر وبعير مُصَلَّبٌ ومَصْلُوب سِمَتُه الصَّليب وناقة مَصْلُوبة كذلك أَنشد ثعلب
سَيَكْفِي عَقِيلاً رِجْلُ ظَبْيٍ وعُلْبةٌ ... تَمَطَّت به مَصْلُوبةٌ لم تُحارِدِ
وإِبلٌ مُصَلَّبة أَبو عمرو أَصْلَبَتِ الناقةُ إِصْلاباً إِذا قامت ومَدَّتْ عنقها نحوَ السماءِ لتَدِرَّ لولدها جَهْدَها إِذا رَضَعَها وربما صَرَمَها ذلك أَي قَطَع لبَنَها والتَّصْلِيبُ ضَربٌ من الخِمْرةِ للمرأَة ويكره للرجل أَن يُصَلِّي في تَصْلِيبِ العِمامة حتى يَجْعَله كَوْراً بعضَه فوق بعض يقال خِمار مُصَلَّبٌ وقد صَلَّبَتِ المرأَة خمارَها وهي لِبْسةٌ معروفة عند النساءِ وصَلَّبَتِ التَّمْرَةُ بَلَغَت اليُبْسَ وقال أَبو حنيفة قال شيخ من العرب أَطْيَبُ مُضْغةٍ أَكَلَها الناسُ صَيْحانِيَّةٌ مُصَلِّبةٌ هكذا حكاه مُصَلِّبةٌ بالهاءِ ويقال صَلَّبَ الرُّطَبُ إِذا بَلَغَ اليَبِيسَ فهو مُصَلِّب بكسر اللام فإِذا صُبَّ عليه الدِّبْسُ لِيَلِينَ فهو مُصَقِّر أَبو عمرو إِذا بَلَغ الرُّطَبُ اليُبْسَ فذلك التَّصْلِيب وقد صَلَّبَ وأَنشد المازني في صفة التمر
مُصَلِّبة من أَوْتَكى القاعِ كلما ... زَهَتْها النُّعامى خِلْتَ من لَبَنٍ صَخْرا
أَوْتَكَى تَمر الشِّهْريزِ ولَبَنٌ اسم جبل بعَيْنِه شمر يقال صَلَبَتْه الشَّمسُ تَصْلِبُه وتَصلُبُه صَلْباً إِذا أَحْرَقته فهو مَصْلُوب مُحْرَق وقال أَبو ذؤَيب
مُسْتَوْقِدٌ في حَصاهُ الشمسُ تَصْلِبُه ... كأَنه عَجَمٌ بالبِيدِ مَرْضُوخُ
وفي حديث أَبي عبيدة تَمْرُ ذَخِيرةَ مُصَلِّبةٌ أَي صُلْبة وتمر المدينة صُلْبٌ ويقال تَمْرٌ مُصَلِّب بكسر اللام أَي يابس شديد والصالِبُ من الحُمَّى الحارَّةُ غير النافض تذكَّر وتؤَنث ويقال أَخَذَتْه الحُمَّى بصالِبٍ وأَخذته حُمَّى صالِبٌ والأَول أَفصح ولا يكادون يُضِيفون وقد صَلَبَتْ عليه بالفتح تَصْلِبُ بالكسر أَي دامت واشتدت فهو مَصْلوب عليه وإِذا كانت الحُمَّى صالِباً قيل صَلَبَتْ عليه قال ابن بُزُرْجَ العرب تجعل الصالِبَ من الصُّداعِ وأَنشد يَرُوعُكَ حُمَّى من مُلالٍ وصالِبِ وقال غيره الصالِبُ التي معها حرٌّ شديد وليس معها برد وأَخذه صالِبٌ أَي رِعْدة أَنشد ثعلب
عُقاراً غَذاها البحرُ من خَمْرِ عانةٍ ... لها سَوْرَةٌ في رأْسِه ذاتُ صالِبِ
والصُّلْبُ القُوَّة والصُّلْبُ الحَسَبُ قال [ ص 531 ] عَدِيّ بن زيد
اجْلَ أَنَّ اللّهَ قد فَضَّلَكُمْ ... فَوقَ ما أَحْكَى بصُلْبٍ وإِزارْ
فِسِّر بهما جميعاً والإِزار العَفاف ويروى فوقَ من أَحْكأَ صُلْباً بإِزارْ أَي شَدَّ صُلْباً يعني الظَّهْرَ بإِزار يعني الذي يُؤْتَزَر به والعرب تُسَمِّي الأَنْجُمَ الأَربعة التي خَلْفَ النَّسرِ الواقِعِ صَلِيباً ورأَيت حاشية في بعض النسخ بخط الشيخ ابن الصلاح المحدِّث ما صورته الصواب في هذه الأَنجمِ الأَربعة أَن يُقال خَلْف النَّسرِ الطائِرِ لأَنها خَلْفَه لا خَلْفَ الواقع قال وهذا مما وَهِمَ فيه الجوهريُّ الليثُ والصَّوْلَبُ والصَّوْليبُ هو البَذْرُ الذي يُنْثَر على الأَرض ثم يُكْرَبُ عليه قال الأَزهري وما أُراه عربيّاً والصُّلْبُ اسمُ أَرض قال ذو الرمة
كأَنه كلَّما ارْفَضَّتْ حَزيقَتُها ... بالصُّلْبِ مِن نَهْسِه أَكْفالَها كَلِبُ
والصُّلَيبُ اسمُ موضع قال سَلامة بن جَنْدَلٍ
لِمَنْ طَلَلٌ مثلُ الكتابِ المُنَمَّقِ ... عَفا عَهْدُه بين الصُّلَيْبِ ومُطْرِقِ

( صلهب ) الصَّلْهَبُ من الرجال الطويلُ وكذلك السَّلْهَبُ وهو أَيضاً البيتُ الكبير قال الشاعر
وشادَ عَمْرٌو لكَ بَيْتاً صَلْهَبا ... واسِعةً أَظْلالُه مُقَبَّبا
والصَّلْهَبُ والصَّلَهْبَى من الإِبل الشديد والياءُ للإِلحاق وكذلك الصَّلَخْدَى والأُنثى صَلْهَبَةٌ وصَلَهْباة أَبو عمرو الصَّلاهِبُ من الإِبل الشدادُ وحَجَر صَلْهَبٌ وصُلاهِبٌ شَديد صُلْبٌ والمُصْلَهِبُّ الطويلُ

( صنب ) الصِّنابُ صِباغٌ يُتَّخذُ من الخَرْدَلِ والزبيب ومنه قيل للبِرذَوْنِ صِنابيٌّ شُبِّهَ لَونُه بذلك قال جرير
تُكَلِّفُني مَعِيشةَ آلِ زيدٍ ... ومن لي بالصَّلائقِ والصِّنابِ
والمِصْنَبُ المُولَعُ بأَكلِ الصِّناب وهو الخَرْدَلُ بالزبيب وفي الحديث أَتاه أَعرابي بأَرْنَب قد شَواها وجاءَ معها بصِنابها أَي بصِباغِها وهو الخَرْدَل المعمول بالزبيب وهو صِباغٌ يُؤْتَدَمُ به وفي حديث عمر لو شئتُ لَدَعَوْتُ بصِلاءٍ وصِنابٍ والصِّنابيُّ من الإِبل والدواب الذي لونه من الحُمْرة والصُّفْرة مع كثرة الشَّعَر والوبر وقيل الصِّنابيّ هو الكُمَيْتُ أَو الأَشْقَرُ إِذا خالط شُقْرَتَه شَعْرةٌ بيضاء يُنسب إِلى الصِّنابِ واللّه أَعلم

( صنخب ) ابن الأَعرابي الصِّنْخابُ الجمل الضَّخْمُ

( صهب ) الصُّهْبةُ الشُّقْرة في شعر الرأْس وهي الصُّهُوبةُ الأَزهري الصَّهَبُ والصُّهْبة لونُ حُمْرةٍ في شعر الرأْس واللحية إِذا كان في الظاهر حُمْرةٌ وفي الباطن اسودادٌ وكذلك في لون الإِبل بعيرٌ أَصْهَبُ وصُهابيٌّ وناقة صَهْباء وصُهابِيَّةٌ قال طَرَفة
صُهابِيَّةُ العُثْنُونِ مُؤْجَدَةُ القَرَا ... بَعيدةُ وَخْدِ الرِّجْلِ مَوَّارَةُ اليَدِ
[ ص 532 ] الأَصمعي الأَصْهَبُ قريبٌ من الأَصْبَح والصَّهَبُ والصُّهْبَة أَن يَعْلُوَ الشعرَ حُمْرَةٌ وأُصُولُه سُودٌ فإِذا دُهِنَ خُيِّل إِليك أَنه أَسود وقيل هو أَن يَحْمَرَّ الشعر كُلُّهُ صَهِبَ صَهَباً واصْهَبَّ واصْهابَّ وهو أَصْهَبُ وقيل الأَصْهَبُ من الشَّعر الذي يُخالط بياضَه حمرةٌ وفي حديث اللِّعانِ إِن جاءَت به أَصْهَبَ فهو لفلان هو الذي يَعْلُو لونَه صُهْبَةٌ وهي كالشُّقْرة قاله الخطابي والمعروف أَن الصُّهْبة مختصة بالشعر وهي حُمْرَة يعلوها سواد والأَصْهَبُ من الإِبل الذي ليس بشديد البياض وقال ابن الأَعرابي العرب تقول قُريشُ ( 1 )
( 1 قوله « قريش الإبل إلخ » بإضافة قريش للإبل كما ضبطه في المحكم ولا يخفى وجهه ) الإِبل صُهْبُها وأُدْمُها يذهبون في ذلك إِلى تشريفها على سائر الإِبل وقد أَوضحوا ذلك بقولهم خيرُ الإِبل صُهْبُها وحُمْرُها فجعلوها خير الإِبل كما أَن قريشاً خيرُ الناس عندهم وقيل الأَصْهَبُ من الإِبل الذي يخالط بياضَه حُمْرةٌ وهو أَن يَحْمَرَّ أَعلى الوَبَر وتَبْيَضَّ أَجْوافُه وفي التهذيب وليستْ أَجوافُه بالشديدةِ البياضِ وأَقْرابُه ودُفُوفه فيها تَوضِيحٌ أَي بَياض قال والأَصْهَبُ أَقلُّ بياضاً من الآدَم في أَعاليه كُدْرة وفي أَسافله بياضٌ ابن الأَعرابي الأَصْهَبُ من الإِبل الأَبيضُ الأَصمعي الآدَمُ من الإِبل الأَبيضُ فإِن خالطته حُمْرة فهو أَصْهَبُ قال ابن الأَعرابي قال حُنَيْفُ الحَناتِم وكان آبَلَ الناس الرَّمْكَاءُ بُهْيَا والحَمْراءُ صُبْرَى والخَوَّارَةُ غُزْرَى والصَّهْبَاءُ سُرْعَى قال والصُّهْبَةُ أَشْهَرُ الأَلوان وأَحسنُها حين تَنْظُر إِليها ورأَيتُ في حاشيةٍ البُهْيا تأْنيث البَهِيَّةِ وهي الرائعة وجَمَلٌ صُهابيٌّ أَي أَصْهَبُ اللون ويقال هو منسوب إِلى صُهابٍ اسم فَحل أَو موضع التهذيب وإِبل صُهابِيَّةٌ منسوبة إِلى فحل اسمه صُهابٌ قال وإِذا لم يُضِيفُوا الصُّهابِيَّة فهي من أَولاد صُهابٍ قال ذو الرمة
صُهابِيَّةٌ غُلْبُ الرِّقابِ كأَنَّما ... يُناطُ بأَلْحِيها فَراعِلَةٌ غُثْرُ
قيل نُسبت إِلى فَحْل في شِقِّ اليمن وفي الحديث كان يَرْمي الجِمارَ على ناقةٍ له صَهْباء ويقال للأَعداء صُهْبُ السِّبالِ وسُود الأَكباد وإِن لم يكونوا صُهْبَ السِّبال فكذلك يقال لهم قال
جاؤوا يَجُرُّونَ الحَديدَ جَرَّا ... صُهْبَ السِّبالِ يَبْتَغُونَ الشَّرَّا
وإِنما يريد أَنَّ عداوتهم لنا كعداوة الروم والرومُ صُهْبُ السِّبال والشعور وإِلاّ فهم عَرَبٌ وأَلوانهم الأُدْمَةُ والسُّمْرةُ والسَّوادُ وقال ابنُ قَيْسِ الرُّقَيَّاتِ
فَظِلالُ السُّيوفِ شَيَّبْنَ رأْسِي ... واعْتِناقي في القَوْمِ صُهْبَ السِّبالِ
ويقال أَصله للروم لأَن الصُّهُوبةَ فيهم وهم أَعداءُ العرب الأَزهري ويقال للجَراد صُهابِيَّةٌ وأَنشد صُهابِيَّةٌ زُرْقٌ بعيدٌ مَسيرُها والصَّهْباءُ الخَمْر سميت بذلك للونها قيل هي التي عُصِرَت من عنب أَبيضَ وقيل هي التي [ ص 532 ] تكون منه ومن غيره وذلك إِذا ضَرَبَتْ إِلى البَياض قال أَبو حنيفة الصَّهْباءُ اسم لها كالعَلَم وقد جاءَ بغير أَلف ولام لأَنها في الأَصل صفة قال الأَعشى
وصَهْباءَ طافَ يَهودِيها ... وأَبْرَزَها وعليها خَتَمْ
ويقال للظَّلِيم أَصْهَبُ البَلَدِ أَي جِلْدُه والموتُ الصُّهابيُّ الشديد كالموت الأَحمر قال الجَعْدِيُّ
فَجِئْنا إِلى المَوتِ الصُّهابيِّ بعدما ... تَجَرَّدَ عُرْيانٌ من الشَّرِّ أَحدَبُ
وأَصْهَبَ الرجلُ وُلِدَ له أَولادٌ صُهْبٌ والصُّهابيُّ كالأَصْهَب وقولُ هِمْيانَ يُطيرُ عنها الوَبَرَ الصُّهَابِجَا أَراد الصُّهَابيَّ فخفَّف وأَبدل وقول العجاج بِشَعْشَعانيٍّ صُهابيٍّ هَدِلْ إِنما عنى به المِشْفَرَ وحدَه وصفه بما توصف به الجملة وصُهْبى اسم فرسِ النَّمِر بن تَوْلَب وإِياها عَنَى بقوله
لقد غَدَوْتُ بصُهْبَى وهي مُلْهِبَةٌ ... إِلْهَابُها كضِرامِ النارِ في الشِّيحِ
قال ولا أَدري أَشْتَقَّه من الصَّهَبِ الذي هو اللون أَم ارْتَجَلَه عَلَماً والصُّهَابيُّ الوافر الذي لم يَنْقُصْ ونَعَمٌ صُهَابيٌّ لم تُؤْخَذْ صَدَقتُه بل هو بِوَفْرِه والصُّهَابيُّ من الرجال الذي لا ديوان له ورَجُلٌ صَيْهَبٌ طَويلٌ التهذيب جَمَلٌ صَيْهَبٌ وناقة صَيْهَبَة إِذا كانا شديدين شُبِّها بالصَّيْهَبِ الحِجارةِ قال هِمْيَانُ
حَتَّى إِذا ظَلْماؤُها تَكَشَّفَتْ ... عَنِّي وعَنْ صَيْهَبَةٍ قد شَدِفَتْ
أَي عن ناقةٍ صُلْبَةٍ قد تَحَنَّتْ وصَخرةٌ صَيْهَبٌ صُلْبَة والصَّيْهَبُ الحجارة قال شمر وقال بعضهم هي الأَرض المستوية قال القُطاميّ
حَدا في صَحَارَى ذي حماسٍ وعَرْعَرٍ ... لِقاحاً يُغَشِّيها رُؤُوسَ الصَّياهِب ( 1 )
( 1 « ذي حماس وعرعر » موضعان كما في ياقوت والبيت في التكملة أيضاً )
قال شمر ويقال الصَّيْهَبُ الموضع الشديد قال كثير
على لاحِبٍ يَعْلُو الصَّيَاهِبَ مَهْيَعِ ويومٌ صَيْهَبٌ وصَيْهَدٌ شَديد الحَرِّ والصَّيْهَبُ شِدَّةُ الحَرِّ عن ابن الأَعرابي وحده ولم يَحْكِهِ غيرهُ إِلا وَصْفاً وصُهابُ موضع جعلوه اسماً للبُقْعة أَنشد الأَصمعي
وأَبي الذي تَرَكَ المُلُوكَ وجَمْعَهم ... بصُهابِ هامِدةٍ كأَمْسِ الدَّابِر
وبين البَصْرة والبحرين عينٌ تُعرف بعين الأَصْهَبِ قال ذو الرمة فجمعه على الأَصْهَبِيَّات
دَعاهُنَّ من ثَأْجٍ فأَزْمَعْنَ وِرْدَه ... أَو الأَصْهَبِيَّات العُيُونُ السَّوائحُ
وفي الحديث ذِكْرُ الصَّهْباءِ وهو موضع على رَوْحةٍ من خَيْبَر [ ص 534 ] وصُهَيْبُ بنِ سِنانٍ رجل وهو الذي أَراده المشركون مع نَفَرٍ معه على ترك الإِسلام وقتلوا بعض النَّفَرِ الذين كانوا معه فقال لهم صُهَيْبٌ أَنا شيخ كبير إِنْ كنتُ عليكم لم أَضُرَّكُم وإِن كنتُ معكم لم أَنفعكم فخَلُّوني وما أَنا عليه وخُذُوا مالي فقَبلوا منه وأَتى المدينةَ فلقيه أَبو بكر الصديقُ رضي اللّه عنه فقال له رَبِحَ البيع يا صُهَيْبُ فقال له وأَنتَ رَبِحَ بيعُك يا أَبا بكر وتلا قوله تعالى ومن الناسِ من يَشْري نَفْسَه ابتغاءَ مَرْضاةِ اللّه وفي حاشيةٍ والمُصَهَّبُ صَفِيفُ الشِّواءِ والوَحْشِ المُخْتَلِطُ

( صوب ) الصَّوْبُ نُزولُ المَطَر صَابَ المَطَرُ صَوْباً وانْصابَ كلاهما انْصَبَّ ومَطَرٌ صَوْبٌ وصَيِّبٌ وصَيُّوبٌ وقوله تعالى أَو كَصَيِّبٍ من السماءِ قال أَبو إِسحق الصَّيِّبُ هنا المطر وهذا مَثَلٌ ضَرَبه اللّه تعالى للمنافقين كأَنّ المعنى أَو كأَصْحابِ صَيِّبٍ فَجَعَلَ دينَ الإِسلام لهم مثلاً فيما ينالُهم فيه من الخَوْفِ والشدائد وجَعَلَ ما يَسْتَضِيئُون به من البرق مثلاً لما يستضيئُون به من الإِسلام وما ينالهم من الخوف في البرق بمنزلة ما يخافونه من القتل قال والدليل على ذلك قوله تعالى يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عليهم وكُلُّ نازِلٍ من عُلْوٍ إِلى سُفْلٍ فقد صابَ يَصُوبُ وأَنشد
كأَنَّهمُ صابتْ عليهم سَحابَةٌ ... صَواعِقُها لطَيرهنَّ دَبيبُ ( 1 )
( 1 عجز هذا البيت غامض )
وقال الليث الصَّوْبُ المطر
وصابَ الغيثُ بمكان كذا وكذا وصابَتِ السَّماءُ الأَرضَ جادَتْها وصابَ الماءَ وصوَّبه صبَّه وأَراقَه أَنشد ثعلب في صفة ساقيتين
وحَبَشِيَّينِ إِذا تَحَلَّبا ... قالا نَعَمْ قالا نَعَمْ وصَوَّبا
والتَّصَوُّبُ حَدَبٌ في حُدُورٍ والتَّصَوُّبُ الانحدار والتَّصْويبُ خلاف التَّصْعِيدِ وصَوَّبَ رأْسَه خَفَضَه التهذيب صَوَّبتُ الإِناءَ ورأْسَ الخشبة تَصْويباً إِذا خَفَضْتُه وكُرِه تَصْويبُ الرأْسِ في الصلاة وفي الحديث من قَطَع سِدْرةً صَوَّبَ اللّه رأْسَه في النار سُئِلَ أَبو داود السِّجسْتانيّ عن هذا الحديث فقال هو مُخْتَصَر ومعناه مَنْ قَطَعَ سِدْرةً في فلاة يَسْتَظِلُّ بها ابنُ السبيل بغير حق يكون له فيها صَوَّبَ اللّه رأْسَه أَي نكَّسَه ومنه الحديث وصَوَّبَ يَده أَي خَفَضَها والإِصابةُ خلافُ الإِصْعادِ وقد أَصابَ الرجلُ قال كُثَيِّر عَزَّةَ
ويَصْدُرُ شتَّى من مُصِيبٍ ومُصْعِدٍ ... إِذا ما خَلَتْ مِمَّنْ يَحِلُّ المنازِلُ
والصَّيِّبُ السحابُ ذو الصَّوْبِ وصابَ أَي نَزَلَ قال الشاعر
فَلَسْتَ لإِنْسِيٍّ ولكن لمَْلأَكٍ ... تَنَزَّلَ من جَوِّ السماءِ يَصوبُ
قال ابن بري البيتُ لرجلٍ من عبدِالقيس يمدَحُ النُّعْمانَ وقيل هو لأَبي وجزَة يمدح عبدَاللّه بن الزُّبير وقيل هو لعَلْقَمَة بن عَبْدَة قال ابن بري وفي هذا البيتِ شاهدٌ على أَن قولَهم مَلَك حُذِفت منه وخُفِّفَت بنقل حركتِها على ما [ ص 535 ] قبلَها بدليل قولهم مَلائكة فأُعيدت الهمزة في الجمع وبقول الشاعر ولكن لمَْلأَك فأَعاد الهمزة والأَصل في الهمزة أَن تكون قبل اللام لأَنه من الأَلُوكَة وهي الرسالة فكأَنَّ أَصلَ مَلأَكٍ أَن يكون مأْلَكاً وإِنما أَخروها بعد اللام ليكون طريقاً إِلى حذفها لأَن الهمزة متى ما سكن ما قبلها جاز حذفها وإِلقاء حركتها على ما قبلها والصَّوْبُ مثل الصَّيِّبِ وتقول صابَهُ المَطَرُ أَي مُطِرَ وفي حديث الاستسقاء اللهم اسقِنا غيثاً صَيِّباً أَي مُنْهَمِراً متدفقاً وصَوَّبْتُ الفرسَ إِذا أَرسلته في الجَرْيِ قال امرؤُ القيس
فَصَوَّبْتُه كأَنه صَوْبُ غَبْيَةٍ ... على الأَمْعَزِ الضاحي إِذا سِيطَ أَحْضَرا
والصَّوابُ ضدُّ الخطإِ وصَوَّبه قال له أَصَبْتَ
وأَصابَ جاءَ بالصواب وأَصابَ أَراد الصوابَ وأَصابَ في قوله وأَصابَ القِرْطاسَ وأَصابَ في القِرْطاس وفي حديث أَبي وائل كان يُسْأَلُ عن التفسير فيقول أَصابَ اللّهُ الذي أَرادَ يعني أَرادَ اللّهُ الذي أَرادَ وأَصله من الصواب وهو ضدُّ الخطإِ يقال أَصاب فلانٌ في قوله وفِعْلِه وأَصابَ السهمُ القِرْطاسَ إِذا لم يُخْطِئْ وقولٌ صَوْبٌ وصَوابٌ قال الأَصمعي يقال أَصابَ فلانٌ الصوابَ فأَخطأَ الجواب معناه أَنه قَصَدَ قَصْدَ الصوابِ وأَراده فأَخْطَأَ مُرادَه ولم يَعْمِدِ الخطأَ ولم يُصِبْ وقولهم دَعْني وعليَّ خطَئي وصَوْبي أَي صَوابي قال أَوسُ بن غَلْفاء
أَلا قالَتْ أُمامةُ يَوْمَ غُولٍ ... تَقَطَّع بابنِ غَلْفاءَ الحِبالُ
دَعِيني إِنما خَطَئي وصَوْبي ... عليَّ وإِنَّ ما أَهْلَكْتُ مالُ
وإِنَّ ما كذا منفصلة قوله مالُ بالرفع أَي وإِنَّ الذي أَهلكتُ إِنما هو مالٌ واسْتَصْوَبَه واسْتَصابَه وأَصابَه رآه صَواباً وقال ثعلب اسْتَصَبْتُه قياسٌ والعرب تقول اسْتَصْوَبْتُ رأْيَك وأَصابه بكذا فَجَعَه به وأَصابهم الدهرُ بنفوسهم وأَموالهم جاحَهُم فيها فَفَجَعَهم ابن الأَعرابي ما كنتُ مُصاباً ولقد أُصِبْتُ وإِذا قال الرجلُ لآخر أَنتَ مُصابٌ قال أَنتَ أَصْوَبُ مِني حكاه ابن الأَعرابي وأَصابَتْهُ مُصِيبةٌ فهو مُصابٌ والصَّابةُ والمُصِيبةُ ما أَصابَك من الدهر وكذلك المُصابةُ والمَصُوبة بضم الصاد والتاء للداهية أَو للمبالغة والجمع مَصاوِبُ ومَصائِبُ الأَخيرة على غير قياس تَوَهَّموا مُفْعِلة فَعِيلة التي ليس لها في الياءِ ولا الواو أَصل التهذيب قال الزجَّاج أَجمع النحويون على أَنْ حَكَوْا مَصائِبَ في جمع مُصِيبة بالهمز وأَجمعوا أَنَّ الاختيارَ مَصاوِبُ وإِنما مَصائبُ عندهم بالهمز من الشاذ قال وهذا عندي إِنما هو بدل من الواو المكسورة كما قالوا وسادة وإِسادة قال وزعم الأَخفش أَن مَصائِبَ إِنما وقعت الهمزة فيها بدلاً من الواو لأَنها أُعِلَّتْ في مُصِيبة قال الزجّاج وهذا رديء لأَنه يلزم أَن يقال في مَقَام مَقَائِم وفي مَعُونة مَعائِن وقال أَحمدُ بن يحيى مُصِيبَة كانت في الأَصل مُصْوِبة ومثله أَقيموا الصلاة أَصله أَقْوِمُوا فأَلْقَوْا حركةَ الواو على القاف فانكسرت وقلبوا الواو ياء لكسرة القاف وقال الفراء يُجْمَعُ [ ص 536 ]
الفُواق أَفْيِقَةً والأَصل أَفْوِقةٌ وقال ابن بُزُرْجَ تركتُ الناسَ على مَصاباتِهم أَي على طَبقاتِهم ومَنازِلهم وفي الحديث من يُرِدِ اللّهُ به خيراً يُصِبْ منه أَي ابتلاه بالمصائب ليثيبه عليها وهو الأَمر المكروه ينزل بالإِنسان يقال أَصابَ الإِنسانُ من المال وغيره أَي أَخَذَ وتَنَاول وفي الحديث يُصِيبونَ ما أَصابَ الناسُ أَي يَنالون ما نالوا وفي الحديث أَنه كان يُصِيبُ من رأْس بعض نسائه وهو صائم أَراد التقبيلَ والمُصابُ الإِصابةُ قال الحرثُ بن خالد المخزومي
أَسُلَيْمَ إِنَّ مُصابَكُمْ رَجُلاً ... أَهْدَى السَّلامَ تحيَّةً ظُلْمُ
أَقْصَدْتِه وأَرادَ سِلْمَكُمُ ... إِذْ جاءَكُمْ فَلْيَنْفَعِ السِّلْمُ
قال ابن بري هذا البيت ليس للعَرْجِيِّ كما ظنه الحريري فقال في دُرَّة الغواص هو للعَرْجِيِّ وصوابه أَظُلَيْم وظُلَيم ترخيم ظُلَيْمة وظُلَيْمة تصغير ظَلُوم تصغير الترخيم ويروى أَظَلُومُ إِنَّ مُصابَكم وظُلَيْمُ هي أُمُّ عمْران زوجةُ عبدِاللّه بنُ مُطِيعٍ وكان الحرثُ يَنْسِبُ بها ولما مات زوجها تزوجها ورجلاً منصوبٌ بمُصابٍ يعني إِنَّ إِصابَتَكم رجلاً وظُلْم خبر إِنَّ وأَجمعت العرب على همز المَصائِب وأَصله الواو كأَنهم شبهوا الأَصليّ بالزائد وقولُهم للشِّدة إِذا نزلتْ صَابَتْ بقُرٍّ أَي صارت الشِّدَّة في قَرارِها وأَصابَ الشيءَ وَجَدَه وأَصابه أَيضاً أَراده وبه فُسِّر قولُه تعالى تَجْري بأَمْره رُخاءً حيثُ أَصابَ قال أَراد حيث أَراد قال الشاعر
وغَيَّرها ما غَيَّر الناسَ قَبْلَها ... فناءَتْ وحاجاتُ النُّفوسِ تُصِيبُها
أَراد تُريدها ولا يجوز أَن يكون أَصَابَ من الصَّواب الذي هو ضدّ الخطإِ لأَنه لا يكونُ مُصيباً ومُخْطِئاً في حال واحد وصَابَ السَّهْمُ نحوَ الرَّمِيَّةِ يَصُوبُ صَوْباً وصَيْبُوبةً وأَصابَ إِذا قَصَد ولم يَجُزْ وقيل صَابَ جاءَ من عَلُ وأَصابَ من الإِصابةِ وصَابَ السهمُ القِرْطاسَ صَيْباً لغة في أَصابه وإِنه لسَهْمٌ صائِبٌ أَي قاصِدٌ والعرب تقول للسائر في فَلاة يَقْطَعُ بالحَدْسِ إِذا زاغَ عن القَصْدِ أَقِمْ صَوْبَك أَي قَصْدَك وفلان مُستقيم الصَّوْبِ إِذا لم يَزِغْ عن قَصْدِه يميناً وشمالاً في مَسِيره وفي المثل مع الخَوَاطِئِ سهمٌ صائبٌ وقول أَبي ذؤَيب
إِذا نَهَضَتْ فيه تَصَعَّدَ نَفْرُها ... كعَنْزِ الفَلاةِ مُسْتَدِرٌّ صِيابُها
أَرادَ جمعَ صَائِبٍ كصاحِب وصِحابٍ وأَعَلَّ العينَ في الجمع كما أَعَلَّها في الواحد كصائم وصِيامٍ وقائم وقِيامٍ هذا إِن كان صِيابٌ من الواو ومن الصَّوابِ في الرمي وإِن كان من صَابَ السَّهمُ الهَدَفَ يَصِيبُه فالياء فيه أَصل وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
فكيفَ تُرَجِّي العَاذِلاتُ تَجَلُّدي ... وصَبْرِي إِذا ما النَّفْسُ صِيبَ حَمِيمُها
فسره فقال صِيبَ كقولكَ قُصِدَ قال ويكون [ ص 537 ] على لغة من قال صَاب السَّهْمُ قال ولا أَدْري كيف هذا لأَن صاب السهمُ غير متعدٍّ قال وعندي أَن صِيبَ ههنا من قولهم صابتِ السماءُ الأَرْضَ أَصابَتْها بِصَوْبٍ فكأَنَّ المنيةَ كانت صابَتِ الحَمِيمَ فأَصابَتْه بصَوْبِها وسهمٌ صَيُوبٌ وصَوِيبٌ صائبٌ قال ابن جني لم نعلم في اللغة صفة على فعيل مما صحت فاؤُه ولامه وعينه واو إِلاَّ قولهم طَوِيلٌ وقَوِيم وصَوِيب قال فأَما العَوِيصُ فصفة غالبة تَجْرِي مَجْرى الاسم وهو في صُوَّابةِ قومه أَي في لُبابهم وصُوَّابةُ القوم جَماعتُهم وهو مذكور في الياءِ لأَنها يائية وواوية ورجلٌ مُصابٌ وفي عَقْل فلان صابةٌ أَي فَتْرة وضَعْفٌ وطَرَفٌ من الجُنون وفي التهذيب كأَنه مجنون ويقال للمجنون مُصابٌ والمُصابُ قَصَب السُّكَّر التهذيب الأَصمعي الصَّابُ والسُّلَعُ ضربان من الشجر مُرَّان والصَّابُ عُصارة شجر مُرٍّ وقيل هو شجر إِذا اعْتُصِرَ خَرَج منه كهيئة اللَّبَن وربما نَزَت منه نَزِيَّةٌ أَي قَطْرَةٌ فتقع في العين كأَنها شِهابُ نارٍ وربما أَضْعَفَ البصر قال أَبو ذُؤَيب الهُذَلي
إِني أَرِقْتُ فبِتُّ الليلَ مُشْتَجِراً ... كأَنَّ عَيْنِيَ فيها الصّابُ مَذْبُوحُ ( 1 )
( 1 قوله « مشتجراً » مثله في التكملة والذي في المحكم مرتفقاً ولعلهما روايتان )
ويروى
نام الخَلِيُّ وبتُّ الليلَ مُشْتَجراً والمُشْتَجِرُ الذي يضع يده تحت حَنَكِه مُذكِّراً لِشِدَّة هَمِّه وقيل الصَّابُ شجر مُرٌّ واحدته صابَةٌ وقيل هو عُصارة الصَّبِرِ قال ابن جني عَيْنُ الصَّابِ واوٌ قياساً واشتقاقاً أَما القياس فلأَنها عين والأَكثر أَن تكون واواً وأَما الاشتقاق فلأَنَّ الصَّابَ شجر إِذا أَصاب العين حَلَبها وهو أَيضاً شجر إِذا شُقَّ سالَ منه الماءُ وكلاهما في معنى صابَ يَصُوبُ إِذا انْحَدر ابن الأَعرابي المِصْوَبُ المِغْرَفَةُ وقول الهذلي
صابُوا بستَّةِ أَبياتٍ وأَربعةٍ ... حتَّى كأَن عليهم جابِياً لُبَدَا
صابُوا بهم وَقَعوا بهم والجابي الجَراد واللُّبَدُ الكثير والصُّوبةُ الجماعة من الطعام والصُّوبةُ الكُدْسةُ من الحِنْطة والتمر وغيرهما وكُلُّ مُجْتَمعٍ صُوبةٌ عن كراع قال ابن السكيت أَهلُ الفَلْجِ يُسَمُّونَ الجَرِينَ الصُّوبةَ وهو موضع التمر والصُّوبةُ الكُثْبة من تُراب أَو غيره وحكى اللحياني عن أَبي الدينار الأَعرابي دخلت على فلان فإِذا الدنانيرُ صُوبةٌ بين يديه أَي كُدْسٌ مجتمع مَهِيلةٌ ومَن رواه فإِذا الدينار ذهب بالدينار إِلى معنى الجنس لأَن الدينار الواحد لا يكون صُوبةً والصَّوْبُ لَقَبُ رجل من العرب وهو أَبو قبيلة منهم وبَنُو الصَّوْبِ قوم من بَكْر بن وائل وصَوْبةُ فرس العباسِ بن مِرْداس وصَوْبة أَيضاً فرس لبني سَدُوسٍ

( صيب ) الصُّيَّابُ والصُّيَّابة ( 2 )
( 2 قوله الصياب والصيابة إلخ » بشد التحتية وتخفيفها على المعنيين المذكورين كما في القاموس وغيره ) أَصلُ القوم والصُّيَابةُ والصُّيَابُ الخالِصُ من كلِّ شيء أَنشد ثعلب [ ص 538 ]
إِني وَسَطْتُ مالِكاً وحَنْظَلا ... صُيَّابَها والعَدَدَ المُحَجَّلا
وقال الفرَّاء هو في صُيَّابة قومه وصُوَّابة قومه أَي في صَمِيمِ قومه والصُّيَّابة الخِيارُ من كل شيءٍ قال ذو الرمة
ومُسْتَشْحِجاتٍ للفِراقِ كأَنها ... مَثاكِيلُ من صُيَّابة النُّوبِ نُوَّح
المُسْتَشْحِجات الغِرْبانُ شَبَّهَها بالنُّوبة في سَوادها وفلان من صُيَّابةِ قومه وصُوَّابةِ قومه أَي من مُصاصِهم وأَخْلَصِهم
نَسَباً وفي الحديث يُولَدُ في صُيَّابة قومه يُريدُ النبي صلى اللّه عليه وسلم أَي صَمِيمِهم وخالِصِهم وخِيارِهم يقال صُوَّابةُ القوم وصُيَّابتهم بالضم والتشديد ( 1 )
( 1 قوله « بالضم والتشديد » ثبت التخفيف أيضاً في القاموس وغيره ) فيهما وصُيَّابةُ القوم جماعتهم عن كراع وقوم صُيَّابٌ أَي خيار قال جندل بن عُبَيْدِ بن حُصَيْنٍ ويقال هو لأَبيه عُبَيْدٍ الراعي يَهْجُو ابنَ الرِّقاعِ
جُنادِفٌ لاحِقٌ بالرأْسِ مَنْكِبُه ... كأَنه كَوْدَنٌ يُوشَى بكُلاَّبِ
من مَعْشَرٍ كُحِلَتْ باللُّؤْمِ أَعينُهم ... قُفْدِ الأَكُفِّ لِئامٍ غيرِ صُيَّابِ
جُنَادِفٌ أَي قصير أَراد أَنه أَوْقَصُ والكَوْدَنُ البِرْذَون ويُوشَى يُسْتَحَثُّ ويُسْتَخْرَجُ ما عنده من الجَرْي والأَقْفَدُ الكفّ المائِلُها والصُّيَّابةُ السَّيِّدُ وصَاب السهمُ يَصِيبُ كيَصُوب أَصابَ وسهم صَيُوبٌ والجمع صُيُبٌ قال الكميت أَسْهُمُها الصَّائِداتُ والصُّيُبْ واللّه تعالى أَعلم

( ضأب ) ( 2 )
( 2 ضأب استخفى وضأب قتل عدواً اه التهذيب ) الضَّيْأَبُ الذي يَقْتَحِمُ في الأُمور عن كُراع وهو الضَّيْأَزُ وفي بعض نسخ الصحاح الضَّيْأَنُ وجَمَلٌ ضُؤْبان سمين شديد قال زِيادٌ المِلْقَطِيُّ
على كلِّ ضُؤْبانٍ كأَنَّ صَرِيفَه ... بِنابَيْهِ صَوْتُ الأَخْطَبِ المُتَغَرِّدِ ( 3 )
( 3 قوله « المتغرد » الذي في التهذيب المترنم )
وقول الشاعر
لما رأَيتُ الهَمَّ قد أَجْفاني قَرَّبْتُ للرَّحْلِ وللظِّعانِ كُلَّ نِيافِيِّ القَرَى ضُؤْبانِ أَنشده أَبو زيد ضُؤْبان بالهمز والضاد

( ضبب ) الضَّبُّ دُوَيْبَّة من الحشرات معروف وهو يشبه الوَرَلَ والجمع أَضُبٌّ مثل كَفٍّ وأَكُفٍّ وضِبابٌ وضُبَّانٌ الأَخيرة عن اللحياني قال وذلك إِذا كَثُرَتْ جِدّاً قال ابن سيده ولا أَدري ما هذا الفرق لأَنَّ فِعَالاً وفُعْلاناً سواء في أَنهما بناءَان من أَبنية الكثرة والأُنثى ضَبَّة وأَرض مَضَبَّةٌ وضَبِبَةٌ كثيرةُ الضِّباب التهذيب أَرضٌ ضَبِبَةٌ أَحدُ ما جاءَ على أَصله قال أَبو منصور الوَرَلُ سَبْطُ الخَلْق طويلُ [ ص 539 ] الذَّنَب كأَنَّ ذَنبه ذنبُ حَيَّة ورُبَّ وَرَلٍ يُرْبي طُولُه على ذراعين وذَنَبُ الضَّبِّ ذو عُقَد وأَطولُه يكون قَدْرَ شِبْر والعرب تَسْتَخْبِثُ الوَرَلَ وتستقذره ولا تأْكله وأَما الضَّبُّ فإِنهم يَحْرِصُون على صَيْده وأَكله والضَّبُّ أَحْرَشُ الذَّنَب خَشِنُه مُفَقَّرُه ولونُه إِلى الصُّحْمَةِ وهي غُبْرَة مُشْرَبةٌ سَواداً وإِذا سَمِنَ اصْفَرَّ صَدْرُه ولا يأْكل إِلاَّ الجَنادِبَ والدَّبى والعُشْبَ ولا يأْكل الهَوامَّ وأَما الوَرَلُ فإِنه يأْكل العقارب والحيات والحَرابِيَّ والخنافس ولحمه دُرْياق والنساء يَتَسَمَّنَّ بلحمه وضَبِبَ البلدُ ( 1 )
( 1 قوله « وضبب البلد » كفرح وكرم اه القاموس )
وأَضَبَّ كثُرَت ضِبابُه وهو أَحدُ ما جاءَ على الأَصْل من هذا الضرب ويقال أَضَبَّتْ أَرضُ بني فلانٍ إِذا كثر ضِبَابُها وأَرضٌ مُضِبَّةٌ ومُرْبِعةٌ ذات ضِبابٍ ويَرابِيعَ ابن السكيت ضَبِبَ البلدُ كثُرَتْ ضِبابُه ذكره في حروف أَظهر فيها التضعيف وهي متحركة مثل قَطِطَ شعرُه ومَشِشَتِ الدابةُ وأَلِلَ السِّقاءُ وفي الحديث أَن أَعرابيّاً أَتى النبيَّ صلى اللّه عليه وسلم فقال إِني في غَائطٍ مُضِبَّةٍ قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في الرواية بضم الميم وكسر الضاد والمعروف بفتحهما وهي أَرْضٌ مَضَبَّة مثل مَأْسَدَة ومَذْأَبة ومَرْبَعَة أَي ذات أُسود وذِئاب ويَرابِيعَ وجمع المَضَبَّة مَضَابُّ فأَما مُضِبَّة فهو اسم فاعل من أَضَبَّ كأَغَدَّتْ فهي مُغِدَّة فإِن صحت الرواية فهي بمعناها قال ونحوُ هذا البناء الحديثُ الآخر لم أَزَلْ مُضِبّاً بَعْدُ هو من الضَّبِّ الغَضَب والحِقْد أَي لم أَزل ذا ضَبٍّ ووقعنا في مَضابَّ مُنْكَرةٍ وهي قِطَع من الأَرض كثيرةُ الضِّباب الواحدة مَضَبَّة قال الأَصمعي سمعت غيرَ واحدٍ من العربِ يقول خرجنا نصطاد المَضَبَّة أَي نَصيدُ الضِّبابَ جمعوها على مَفْعَلة كما يقال للشُّيوخ مَشْيَخة وللسُّيوف مَسْيَفَةٌ والمُضَبِّبُ الحارِشُ الذي يَصُبُّ الماء في جُحْرِه حتى يَخرُجَ ليأْخذَه والمُضَبِّبُ الذي يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرة الضِّبَاب حتى يُذْلِقَها فَتَبرُزَ فيَصِيدَها قال الكميت
بغَبْيَةِ صَيْفٍ لا يُؤَتِّي نِطافَها ... لِيَبْلُغَها ما أَخْطَأَتْهُ المُضَبِّبُ
يقول لا يحتاج المُضَبِّبُ أَن يُؤَتِّي الماءَ إِلى جِحَرتها حتى يستخرج الضِّبابَ ويَصِيدَها لأَن الماءَ قد كثر والسيلُ قد عَلاَ الزُّبى فكفاه ذلك وضَبَّبْتُ على الضَّبِّ إِذا حَرَشْتَه فخرَجَ إِليك مُذَنِّباً فأَخَذْتَ بذَنَبه والضَّبَّةُ مَسْكُ الضَّبِّ يُدْبَغُ فيُجْعَلُ فيه السَّمْن وفي المثل أَعَقُّ من ضَبٍّ لأَنه ربما أَكل حُسُولَه وقولهم لا أَفْعَلُه حتى يَحنَّ الضَّبُّ في أَثَر الإِبل الصَّادِرَة ولا أَفْعَلُه حتى يَرِدَ الضَّبُّ الماءَ لأَن الضبَّ لا يَشْرَبُ الماءَ ومن كلامهم الذي يَضَعُونه على أَلسنة البهائم قالت السمكةُ
وِرْداً يا ضَبُّ فقال
أَصْبَحَ قلبي صَرِدا ... لا يَشْتَهِي أَن يَرِدَا
إِلاَّ عَراداً عَرِدا ... وصِلِّياناً بَرِدَا ( 2 )
وعَنْكَثاً مُلْتَبِدَا
( 2 قوله « وصلياناً بردا » قال في التكملة تصحيف من القدماء فتبعهم الخلف والرواية زرداً أي بوزن كتف وهو السريع الازدراد )
والضَّبُّ يكنى أَبا حِسْلٍ والعرب تُشَبِّه كَفَّ
[ ص 540 ] البخيل إِذا قَصَّرَ عن العطاءِ بكفِّ الضَّبِّ ومنه قول الشاعر
مَناتِينُ أَبْرامٌ كأَنَّ أَكُفَّهُم ... أَكُفُّ ضِبابٍ أُنْشِقَتْ في الحَبائِلِ
وفي حديث أَنس أَن الضَّبَّ لَيَموتُ هُزالاً في جُحْرِه بذَنْبِ ابن آدم أَي يُحْبَسُ المطر عنه بشُؤْم ذنوبهم وإِنما خص الضَّبَّ لأَنَّه أَطْوَلُ الحيوان نَفَساً وأَصْبَرُها على الجُوع ويروى أَن الحُبارَى بَدَل الضَّب لأَنها أَبعدُ الطير نَجْعَةً ورجل خَبٌّ ضَبٌّ مُنْكَرٌ مُراوِغٌ حَرِبٌ والضَّبُّ والضِّبُّ الغَيْظُ والحِقْدُ وقيل هو الضِّغْن والعَداوة وجَمْعه ضِباب قال الشاعر
فما زالتْ رُقاكَ تَسُلُّ ضِغْني ... وتُخْرِجُ من مَكامِنها ضِبابي
وتقول أَضَبَّ فلانٌ على غِلٍّ في قلبه أَي أَضْمره وأَضَبَّ الرجلُ على حِقْدٍ في القلب وهو يُضِبُّ إِضْباباً ويقال للرجل إِذا كان خَبّاً مَنُوعاً إِنه لَخَبٌّ ضَبٌّ قال والضَّبُّ الحِقْد في الصَّدْر أَبو عمرو ضَبَّ إِذا حَقَد وفي حديث علي كرّم اللّه وجهه كلٌّ منهما حاملُ ضَبٍّ لصاحبه وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها فغَضِبَ القاسمُ وأَضَبَّ عليها وضَبَّ ضَبّاً وأَضَبَّ به سَكَتَ مثلُ أَضْبَأَ وأَضَبَّ على الشيءِ وضَبَّ سكت عليه وقال أَبو زيد أَضَبَّ إِذا تكلم وضَبَّ على الشيءِ وأَضَبَّ وضَبَّبَ احْتواه وأَضَبَّ الشيءَ أَخفاه وأَضَبَّ على ما في يديه أَمسكه وأَضَبَّ القومُ صاحوا وجَلَّبُوا وقيل تكلموا أَو كَلَّم بعضُهم بعضاً وأَضَبُّوا في الغارة نَهَدوا واسْتَغارُوا وأَضَبُّوا عليه إِذا أَكثروا عليه وفي الحديث فلما أَضَبُّوا عليه أَي أَكثروا ويقال أَضَبُّوا إِذا تكلموا متتابعاً وإِذا نَهَضُوا في الأَمر جميعاً وأَضَبَّ فُلانٌ على ما في نفسه أَي سكت الأَصمعي أَضَبَّ فلانٌ على ما في نفسه أَي أَخرجه قال أَبو حاتم أَضَبَّ القومُ إِذا سكتوا وأَمسكوا عن الحديث وأَضَبُّوا إِذا تَكَلَّموا وأَفاضُوا في الحديث وزعموا أَنه من الأَضداد وقال أَبو زيد أَضَبَّ الرَّجلُ إِذا تكلم ومنه يقال ضَبَّتْ لِثَتُه دماً إِذا سالتْ وأَضْبَبْتُها أَنا إِذا أَسَلْتُ منها الدم فكأَنه أَضَبَّ الكلام أَي أَخرجه كما يُخْرجُ الدَّمَ وأَضَبَّ النَّعَمُ أَقبلَ وفيه تَفَرُّقٌ والضَّبُّ والتَّضْبيبُ تغطية الشيء ودخول بعضه في بعض والضَّبابُ نَدًى كالغيم وقيل الضَّبابةُ سَحابة تُغَشِّي الأَرضَ كالدخان والجمع الضَّبابُ وقيل الضَّبابُ والضَّبابةُ نَدًى كالغُبار يُغشِّي الأَرضَ بالغَدَواتِ ويقال أَضَبَّ يَومُنا وسماءٌ مُضِبَّةٌ وفي الحديث كنتُ مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في طريق مكة فأَصابَتْنا ضَبابة فَرَّقت بين الناس هي البُخار المُتَصاعِدُ من الأَرض في يوم الدَّجْنِ يصير كالظُّلَّة تَحْجُبُ الأَبْصارَ لظلمتها وقيل الضَّبابُ هو السحاب الرقيق سمي بذلك لِتَغْطيته الأُفُق واحدتُه ضَبابة وقد أَضَبَّتِ السَّماءُ إِذا كان لها ضَبَابٌ وأَضَبَّ الغيمُ أَطْبَقَ وأَضَبَّ يومُنا صار ذا ضَبابٍ وأَضَبَّتِ الأَرضُ كثر نباتُها ابن بُزُرْج [ ص 541 ] أَضَبَّتِ الأَرضُ بالنبات طَلَعَ نباتُها جميعاً وأَضَبَّ القومُ نَهَضوا في الأَمر جميعاً وأَضَبَّ الشَّعَرُ كَثُرَ وأَضَبَّ السِّقاءُ هُريقَ ماؤُه من خَرْزَةٍ فيه أَو وَهْيَةٍ وأَضْبَبْتُ على الشيءِ أَشْرَفْتُ عليه أَن أَظْفَرَ به قال أَبو منصور وهذا من ضَبَأَ يَضْبَأُ وليس من باب المضاعف وقد جاءَ به الليث في باب المضاعف قال والصواب الأَول وهو مرويّ عن الكسائي وأَضَبَّ على الشَّيءِ لَزِمَه فلم يُفارقْه وأَصلُ الضَّبِّ اللُّصُوق بالأَرض وضَبَّ النَّاقَةَ يَضُبُّها جَمَعَ خِلْفَيْها في كَفِّه للحَلْب قال الشاعر
جَمَعْتُ له كَفَّيَّ بالرُّمْحِ طاعِناً ... كما جَمَعَ الخِلْفَينِ في الضَّبِّ حالِبُ
ويقال فلان يَضُبُّ ناقَتَه بالضم إِذا حَلبَها بِخَمْسِ أَصابعَ والضَّبُّ أَيضاً الحَلْبُ بالكَفِّ كلها وقيل هذا هو الضَّفُّ فأَما الضَّبُّ فأَن تَجْعَل إِبْهامَكَ على الخِلْفِ ثم تَرُدَّ أَصابعك على الإِبهام والخِلْفِ جميعاً هذا إِذا طالَ الخِلْفُ فإِن كان وَسَطاً فالبَزْمُ بمَفْصِل السبَّابة وطَرَفِ الإِبهام فإِن كان قَصيراً فالفَطْرُ بطَرفِ السبَّابة والإِبهام وقيل الضَّبُّ أَنْ تَضُمَّ يَدَكَ على الضَّرْع وتُصَيِّر إِبهامَك في وَسَطِ راحتك وفي حديث موسى وشُعَيب عليهما السلام ليس فيها ضَبُوبٌ ولا ثَعُولٌ الضَّبُوب الضَّيِّقَة ثَقْبِ الإِحْليل والضَّبَّةُ الحَلْبُ بِشِدَّةِ العصر وقوله في الحديث إِنما بَقِيَتْ من الدُّنْيا مِثْلُ ضَبَابةٍ يعني في القِلَّةِ وسُرعَةِ الذهاب قال أَبو منصور الذي جاء في الحديث إِنما بَقِيَتْ من الدنيا صُبَابةٌ كصُبابة الإِناء بالصاد غير معجمة هكذا رواه أَبو عبيد وغيره والضَّبُّ القَبْضُ على الشيء بالكَف ابن شميل التَّضْبيب شِدَّةُ القبض على الشيء كيلا يَنْفَلِتَ من يده يقال ضَبَّبْتُ عليه تَضبيباً والضَّبُّ داء يأْخذ في الشفة فترمُ أَو تَجْسَأُ أَو تَسيلُ دماً ويقال تَجْسَأُ بمعنى تَيْبَسُ وتَصْلُب والضَّبِيبَةُ سَمْنٌ ورُبٌّ يُجْعَل للصبي في العُكَّةِ يُطْعَمُه وضَبَّبْتُه وضَبَّبْتُ له أَطْعَمْتُه الضَّبيبةَ يقال ضَبِّبُوا لصَبيِّكم وضَبَّبْتُ الخَشَبَ ونحوه أَلْبَسْته الحَديدَ والضَّبَّةُ حديدةٌ عَريضةٌ يُضَبَّبُ بها البابُ والخَشَبُ والجمع ضِبابٌ قال أَبو منصور يقال لها الضَّبَّةُ والكَتيفةُ لأَنها عَريضَة كهيئة خَلْقِ الضَّبِّ وسميت كَتيفة لأَنها عُرِّضَتْ على هيئة الكَتِفِ وضَبَّ الشيءُ ضَبّاً سالَ كَبَضَّ وضَبَّتْ شَفَتُه تَضِبُّ ضَبّاً وضُبوباً سالَ منها الدمُ وانحلَبَ رِيقُها وقيل الضَّبُّ دون السَّيلانِ الشديد وضَبَّتْ لثته تَضِبُّ ضَبّاً انْحَلَبَ رِيقُها قال
أَبَيْنا أَبَيْنا أَنْ تَضِبَّ لِثاتُكُمْ ... على خُرَّدٍ مِثْلِ الظِّباءِ وجامِلِ
وجاء تَضِبُّ لِثَتُه بالكسر يُضْرَبُ ذلك مثلاً للحريص على الأَمر وقال بِشْرُ بن أَبي خازِم
وبَني تميمٍ قد لَقِينا منْهُمُ ... خَيْلاً تَضِبُّ لِثاتُها للمَغْنَمِ
[ ص 542 ] وقال أَبو عبيدة هو قَلْبُ تَبِضُّ أَي تَسِيلُ وتَقْطُر وتَرَكْتُ لِثَتَه تَضِبُّ ضَبِيباً من الدَّمِ إِذا سالتْ وفي الحديث ما زال مُضِبّاً مُذِ اليومِ أَي إِذا تكلم ضَبَّتْ لِثاتُه دماً وضَبَّ فَمُه يَضِبُّ ضَبّاً سال ريقه وضَبَّ الماءُ والدَّمُ يَضِبُّ بالكسر ضَبِيباً سالَ وأَضْبَبْتُه أَنا وجاءَنا فلانٌ تَضِبُّ لِثَتُه إِذا وُصِفَ بشِدَّةِ النَّهَمِ للأَكل والشَّبَقِ للغُلْمة أَو الحِرْصِ على حاجته وقضائها قال الشاعر
أَبينا أَبينا أَن تَضِبَّ لِثاتُكم ... على مُرْشِقات كالظِّباءِ عَواطِيا
يُضْرَبُ هذا مثلاً للحريص النَّهِم وفي حديث ابن عمر أَنه كان يُفْضِي بيديه إِلى الأَرض إِذا سجد وهما تَضِبَّانِ دَماً أَي تَسِيلان قال والضَّبُّ دون السَّيَلانِ يعني أَنه لم يَرَ الدَّمَ القاطرَ ناقِضاً للوضوء يقال ضَبَّتْ لِثاتُه دماً أَي قَطَرَتْ والضَّبُوبُ من الدَّوابِّ التي تَبُول وهي تَعْدو قال الأَعشى
مَتى تَأْتِنا تَعْدُو بِسَرجِكَ لَقْوةٌ ... ضَبُوبٌ تُحَيِّينا ورأْسُك مائل
وقد ضَبَّتْ تَضِبُّ ضُبوباً والضَّبُّ وَرَمٌ في صَدْرِ البعير قال
وأَبِيتُ كالسَّرَّاءِ يَرْبُو ضَبُّها ... فإِذا تَحَزْحَزُ عن عِدَاءٍ ضَجَّتِ
وقيل هو أَن يحزَّ مِرْفَقُ البعير في جِلْدِه وقيل هو أَن يَنْحَرِفَ المِرفَقُ حتى يَقع في الجنب فيَخْرِقَه قال ليس بِذي عَرْكٍ ولا ذِي ضَبِّ والضَّبُّ أَيضاً وَرَمٌ يكون في خُفِّ البعير وقيل في فِرْسِنه تقول منه ضَبَّ يَضَبُّ بالفتح فهو بعير أَضَبُّ وناقة ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ والتَّضَبُّب انْفِتاقٌ من الإِبطِ وكثرةٌ من اللحم تقول تَضَبَّبَ الصبيُّ أَي سَمِنَ وانْفَتَقَتْ آباطُه وقَصُرَ عُنُقه الأُمَوِيُّ بعير أَضَبُّ وناقة ضَبَّاءُ بَيِّنةُ الضَّبَبِ وهو وجَع يأْخذ في الفِرْسِنِ وقال العَدَبَّسُ الكِنانِيُّ الضاغِطُ والضَّبُّ شيءٌ واحد وهما انْفِتاقٌ من الإِبط وكثرةٌ من اللحم والتَّضَبُّبُ السِّمَنُ حين يُقْبِلُ قال أَبو حنيفة يكون في البعير والإِنسان وضَبَّبَ الغلامُ شَبَّ والضَّبُّ والضَّبَّةُ الطَّلْعةُ قبلَ أَن تَنْفَلِقَ عن الغَريضِ والجمعُ ضِبابٌ قال البَطِينُ التَّيْمِيُّ وكان وصَّافاً للنَّحل
يُطِفْنَ بفُحَّالٍ كأَنَّ ضِبابَهُ ... بُطُونُ المَوالي يومَ عِيدٍ تَغَدَّتِ
يقول طَلْعُها ضَخْمٌ كأَنه بُطونُ موالٍ تَغَدَّوْا فتَضَلَّعُوا وضَبَّةُ حَيٌّ من العرب وضَبَّةُ بنُ أُدٍّ عَمُّ تَميم بن مُرٍّ الأَزهري في آخر العين مع الجيم قال مُدرِكٌ الجَعْفَريّ يقال فَرِّقُوا لِضَوالِّكُم بُغْياناً يُضِبُّونَ لها أَي يَشْمَعِطُّونَ فسُئِل عن ذلك فقال أَضَبُّوا لفُلانٍ أَي تَفَرَّقُوا في طَلَبه وقد أَضَبَّ القومُ في بُغْيَتِهم أَي في ضالَّتِهم أَي تفَرَّقوا في طلبها وضَبٌّ اسم رجل وأَبو ضَبٍّ شاعر من هُذَيْل [ ص 543 ]
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ضبب الضَّبُّ دُوَيْبَّة من الحشرات معروف وهو يشبه الوَرَلَ والضِّبابُ اسم رجل وهو أَبو بطن سمي بجمع الضَّبِّ قال
لَعَمْري لقَد بَرَّ الضِّبابَ بَنُوهُ ... وبعضُ البَنِينَ غُصَّةٌ وسُعالُ
والنَّسَبُ اليه ضِبابيٌّ ولا يُرَدُّ في النَّسَب إِلى واحده لأَنه جُعِل اسماً للواحد كما تقول في النسب إِلى كِلابٍ كِلابيّ وضَبابٌ والضَّبابُ اسم رجل أَيضاً الأَول عن الأَعرابي وأَنشد
نَكِدْتَ أَبَا زَبِينةَ إِذ سأَلْنا ... بحاجَتِنا ولم يَنْكَدْ ضَبابُ
وروى بيت امرئِ القيس
وعَلَيْكِ سَعْدَ بنَ الضَّبابِ فسَمِّحِي ... سَيْراً إِلى سَعْدٍ عَلَيْكِ بسَعْدِ
قال ابن سيده هكذا أَنشده ابن جني بفتح الضاد وأَبو ضَبٍّ من كُناهم والضُّبَيْبُ فرسٌ معروف من خيل العرب وله حديث وضُبَيْبٌ اسم وادٍ وامرأةٌ ضِبْضِبٌ سمينة ورجلٌ ضُباضِبٌ بالضم غليظ سمين قصيرٌ فَحَّاش جَرِيءٌ والضُّباضِبُ الرجلُ الجَلْد الشديد وربما استعمل في البعير أَبو زيد رجل ضِبْضِبٌ وامرأَةٌ ضِبْضِبةٌ وهو الجريءُ على ما أَتى وهو الأَبلَخُ أَيضاً وامرأَة بَلْخاءُ وهي الجَرِيئَة التي تَفْخَرُ على جيرانها وضَبٌّ اسم الجَبَل الذي مسجدُ الخَيْفِ في أَصْلِه واللّه أَعلم

( ضرب ) الضرب معروف والضَّرْبُ مصدر ضَرَبْتُه وضَرَبَه يَضْرِبُه ضَرْباً وضَرَّبَه ورجل ضارِبٌ وضَرُوبٌ وضَريبٌ وضَرِبٌ ومِضْرَبٌ بكسر الميم شديدُ الضَّرْب أَو كثير الضَّرْب والضَّريبُ المَضْروبُ والمِضْرَبُ والمِضْرابُ جميعاً ما ضُرِبَ به وضَارَبَهُ أَي جالَدَه وتَضاربا واضْطَرَبا بمَعنًى وضَرَبَ الوَتِدَ يَضْرِبُه ضَرْباً دَقَّه حتى رَسَب في الأَرض ووَتِدٌ ضَرِيبٌ مَضْرُوبٌ هذه عن اللحياني وضَرُبَتْ يَدُه جاد ضَرْبُها وضَرَبَ الدِّرْهمَ يَضْرِبُه ضَرْباً طَبَعَه وهذا دِرْهَمٌ ضَرْبُ الأَمير ودِرْهَمٌ ضَرْبٌ وَصَفُوه بالمَصْدَر ووَضَعُوه موضعَ الصفة كقولهم ماءٌ سَكْبٌ وغَوْرٌ وإِن شئت نَصَبْتَ على نيَّة المصدر وهو الأَكثر لأَنه ليس من اسم ما قَبْلَه ولا هو هو واضْطَرَبَ خاتَماً سأَل أَن يُضْرَبَ له وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم اضْطَرَبَ خاتماً من ذَهَب أَي أَمَرَ أَن يُضْرَبَ له ويُصاغَ وهو افْتَعَل من الضَّرْبِ الصِّياغةِ والطاءُ بدل من التاءِ وفي الحديث يَضْطَرِبُ بناءً في المسجد أَي يَنْصِبه ويُقِيمهُ على أَوتادٍ مَضْروبة في الأَرض ورجلٌ ضَرِبٌ جَيِّدُ الضَّرْب وضَرَبَت العَقْربُ تَضْرِبُ ضَرْباً لَدَغَتْ وضَرَبَ العِرْقُ والقَلْبُ يَضْرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً نَبَضَ وخَفَقَ وضَرَبَ الجُرْحُ ضَرَباناً وضَرَبه العِرْقُ ضَرَباناً إِذا آلَمَهُ والضَّارِبُ المُتَحَرِّك والمَوْجُ يَضْطَرِبُ أَي يَضْرِبُ بعضُه بعضاً [ ص 544 ] وتَضَرَّبَ الشيءُ واضْطَرَبَ تَحَرَّكَ وماجَ والاضطِرابُ تَضَرُّبُ الولد في البَطْنِ ويقال اضْطَرَبَ الحَبْل بين القوم إِذا اخْتَلَفَت كَلِمَتُهم واضْطَرَب أَمْره اخْتَلَّ وحديثٌ مُضْطَرِبُ السَّنَدِ وأَمْرٌ مُضْطَرِبٌ والاضْطِرابُ الحركةُ والاضطِرابُ طُولٌ مع رَخاوة ورجلٌ مُضْطَرِبُ الخَلْقِ طَويلٌ غير شديد الأَسْرِ واضْطَرَبَ البرقُ في السحاب تَحَرَّكَ والضَّريبُ الرأْسُ سمي بذلك لكثرة اضْطِرابه وضَريبةُ السَّيْفِ ومَضْرَبُه ومَضْرِبُه ومَضْرَبَتُه ومَضْرِبَتُه حَدُّه حكى الأَخيرتين سيبويه وقال جعلوه اسماً كالحَديدةِ يعني أَنهما ليستا على الفعل وقيل هو دُون الظُّبَةِ وقيل هو نحوٌ من شِبْرٍ في طَرَفِه والضَّريبةُ ما ضَرَبْتَه بالسيفِ والضَّريبة المَضْروبُ بالسيف وإِنما دخلته الهاءُ وإِن كان بمعنى مفعول لأَنه صار في عِدادِ الأَسماءِ كالنَّطِيحةِ والأَكِيلَة التهذيب والضَّريبَة كلُّ شيءٍ ضربْتَه بسَيفِك من حيٍّ أَو مَيْتٍ وأَنشد لجرير
وإِذا هَزَزْتَ ضَريبةً قَطَّعْتَها ... فمَضَيْتَ لا كَزِماً ولا مَبْهُورا ( 1 )
( 1 قوله لا كزماً بالزاي المنقوطة أي خائفاً )
ابن سيده وربما سُمِّي السيفُ نفسُه ضَريبةً
وضُرِبَ بِبَلِيَّةٍ رُمِيَ بها لأَن ذلك ضَرْبٌ وضُرِبَتِ الشاةُ بلَوْنِ كذا أَي خولِطَتْ ولذلك قال اللغَويون الجَوْزاءُ من الغنم التي ضُرِبَ وَسَطُها ببَياضٍ من أَعلاها إِلى أَسفلها وضَرَبَ في الأَرضِ يَضرِبُ ضَرْباً وضَرَباناً ومَضْرَباً بالفتح خَرَجَ فيها تاجِراً أَو غازِياً وقيل أَسْرَعَ وقيل ذَهَب فيها وقيل سارَ في ابْتِغاءِ الرزق يقال إِن لي في أَلف درهم لمَضْرَباً أَي ضَرْباً والطيرُ الضَّوارِبُ التي تَطْلُبُ الرِّزْقَ وضَرَبْتُ في الأَرض أَبْتَغِي الخَيْرَ من الرزق قال اللّه عز وجل وإِذا ضَرَبْتُم في الأَرض أَي سافرتم وقوله تعالى لا يسْتَطِيعُونَ ضَرْباً في الأَرض يقال ضَرَبَ في الأَرض إِذا سار فيها مسافراً فهو ضارِبٌ والضَّرْبُ يقع على جميع الأَعمال إِلا قليلاً ضَرَبَ في التجارة وفي الأَرض وفي سبيل اللّه وضارَبه في المال من المُضارَبة وهي القِراضُ والمُضارَبةُ أَن تعطي إِنساناً من مالك ما يَتَّجِرُ فيه على أَن يكون الربحُ بينكما أَو يكونَ له سهمٌ معلومٌ من الرّبْح وكأَنه مأْخوذ من الضَّرْب في الأَرض لطلب الرزق قال اللّه تعالى وآخَرُونَ يَضْرِبون في الأَرضِ يَبْتَغونَ من فَضْلِ اللّهِ قال وعلى قياس هذا المعنى يقال للعامل ضارِبٌ لأَنه هو الذي يَضْرِبُ في الأَرضِ قال وجائز أَن يكون كل واحد من رب المال ومن العامل يسمى مُضارباً لأَنَّ كل واحد منهما يُضارِبُ صاحِبَه وكذلك المُقارِضُ وقال النَّضْرُ المُضارِبُ صاحبُ المال والذي يأْخذ المالَ كلاهما مُضارِبٌ هذا يُضارِبُه وذاك يُضارِبُه ويقال فلان يَضْرِبُ المَجْدَ أَي يَكْسِبُه ويَطْلُبُه وقال الكميت
رَحْبُ الفِناءِ اضْطِرابُ المَجْدِ رَغْبَتُه ... والمَجْدُ أَنْفَعُ مَضْرُوبٍ لمُضْطَرِبِ
[ ص 545 ] وفي حديث الزهري لا تَصْلُح مُضارَبةُ مَن طُعْمَتُه حرام قال المُضارَبة أَن تُعْطِيَ مالاً لغيرك يَتَّجِرُ فيه فيكون له سهم معلومٌ من الربح وهي مُفاعَلة من الضَّرْب في الأَرض والسَّيرِ فيها للتجارة وضَرَبَت الطيرُ ذَهَبَتْ والضَّرْب الإِسراع في السَّير وفي الحديث لا تُضْرَبُ أَكباد الإِبل إِلاَّ إِلى ثلاثة مساجدَ أَي لا تُرْكَبُ ولا يُسارُ عليها يقال ضَرَبْتُ في الأَرض إِذا سافَرْتَ تَبْتَغِي الرزقَ والطَّيْرُ الضَّوارِبُ المُخْتَرِقاتُ في الأَرضِ الطالِباتُ أَرزاقَها وضَرَبَ في سبيل اللّه يَضْرِبُ ضَرْباً نَهَضَ وضَرَبَ بنَفْسه الأَرضَ ضَرْباً أَقام فهو ضِدٌّ وضَرَبَ البعيرُ في جَهازِه أَي نَفَرَ فلم يَزَلْ يَلْتَبِطُ ويَنْزُو حتى طَوَّحَ عنه كُلَّ ما عليه من أَداتِه وحِمْلِه وضَرَبَتْ فيهم فلانةُ بعِرْقٍ ذي أَشَبٍ أَي التِباسٍ أَي أَفْسَدَتْ نَسَبَهُمْ بولادَتِها فيهم وقيل عَرَّقَتْ فيهم عِرقَ سَوْءٍ وفي حديث عليّ قال إِذا كان كذا وذكَرَ فِتْنةً ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبه قال أَبو منصور أَي أَسْرَع الذهابَ في الأَرض فراراً من الفتن وقيل أَسرع الذهابَ في الأَرض بأَتْباعه ويُقالُ للأَتْباع أَذْنابٌ قال أَبو زيد جاءَ فلانٌ يَضْرِبُ ويُذَبِّبُ أَي يُسْرِع وقال المُسَيَّب
فإِنَّ الذي كُنْتُمُ تَحْذَرُونْ ... أَتَتْنا عُيونٌ به تَضْرِبُ
قال وأَنشدني بعضهم
ولكنْ يُجابُ المُسْتَغِيثُ وخَيْلُهم ... عليها كُماةٌ بالمَنِيَّة تَضْرِبُ
أَي تُسْرِعُ وضَرَبَ بيدِه إِلى كذا أَهْوَى وضَرَبَ على يَدِه أَمْسَكَ وضَرَبَ على يَدِه كَفَّهُ عن الشيءِ وضَرَبَ على يَدِ فُلانٍ إِذا حَجر عليه الليث ضَرَبَ يَدَه إِلى عَمَلِ كذا وضَرَبَ على يَدِ فُلانٍ إِذا منعه من أَمرٍ أَخَذَ فيه كقولك حَجَرَ عليه وفي حديث ابن عمر فأَرَدْتُ أَن أَضْرِبَ على يَدِه أَي أَعْقِدَ معه البيع لأَن من عادة المتبايعين أَن يَضَعَ أَحدُهما يَدَه في يد الآخر عند عَقْدِ التَّبايُع وفي الحديث حتى ضَرَبَ الناسُ بعَطَنٍ أَي رَوِيَتْ إِبلُهم حَتى بَرَكَتْ وأَقامت مكانَها وضارَبْتُ الرجلَ مُضارَبةً وضِراباً وتضارَبَ القومُ واضْطَرَبُوا ضَرَبَ بعضُهم بعضاً وضارَبَني فَضَرَبْتُه أَضْرُبُه كنتُ أَشَدَّ ضَرْباً منه وضَرَبَتِ المَخاضُ إِذا شالتْ بأَذْنابها ثم ضَرَبَتْ بها فُروجَها ومَشَت فهي ضَوارِبُ وناقة ضاربٌ وضاربة فضارِبٌ على النَّسَب وضاربةٌ على الفِعْل وقيل الضَّوارِبُ من الإِبل التي تمتنع بعد اللِّقاح فتُعِزُّ أَنْفُسَها فلا يُقْدَرُ على حَلْبها أَبو زيد ناقة ضاربٌ وهي التي تكون ذَلُولاً فإِذا لَقِحَتْ ضَرَبَتْ حالبَها من قُدَّامها وأَنشد بأَبوال المَخاضِ الضَّوارِبِ وقال أَبو عبيدة أَراد جمع ناقةٍ ضارِب رواه ابنُ هانئ وضَرَبَ الفحلُ الناقةَ يضْرِبُها ضِراباً نكحها قال سيبويه ضَرَبها الفحْلُ ضِراباً كالنكاح قال [ ص 546 ] والقياس ضَرْباً ولا يقولونه كما لا يقولون نَكْحاً وهو القياس وناقةٌ ضارِبٌ ضَرَبها الفحلُ على النَّسب وناقةٌ تَضْرابٌ كضارِبٍ وقال اللحياني هي التي ضُرِبَتْ فلم يُدْرَ أَلاقِحٌ هي أَم غير لاقح وفي الحديث أَنه نَهى عن ضِرابِ الجَمَل هو نَزْوُه على الأُنثى والمراد بالنهي ما يؤْخذ عليه من الأُجرة لا عن نفس الضِّرابِ وتقديرُه نَهى عن ثمن ضِرابِ الجمَل كنهيه عن عَسِيبِ الفَحْل أَي عن ثمنه يقال ضَرَبَ الجَمَلُ الناقة يَضْرِبُها إِذا نَزا عليها وأَضْرَبَ فلانٌ ناقتَه أَي أَنْزَى الفَحْلَ عليها ومنه الحديثُ الآخَر ضِرابُ الفَحْلِ من السُّحْتِ أَي إِنه حرام وهذا عامٌّ في كل فحل والضَّارِبُ الناقة التي تَضْرِبُ حالبَها وأَتَتِ الناقةُ على مَضْرِبها بالكسر أَي على زَمَنِ ضِرابها والوقت الذي ضَرَبَها الفحلُ فيه جعلوا الزمان كالمكان وقد أَضْرَبْتُ الفَحْلَ الناقةَ فضَرَبها وأَضْرَبْتُها إِياه الأَخيرةُ على السَّعة وقد أَضْرَبَ الرجلُ الفحلَ الناقةَ فضَرَبها ضِراباً وضَريبُ الحَمْضِ رَدِيئُه وما أُكِلَ خَيْرُه وبَقِيَ شَرُّه وأُصولُه ويقال هو ما تَكَسَّر منه والضَّريبُ الصَّقِيعُ والجَليدُ وضُرِبَتِ الأَرضُ ضَرْباً وجُلِدَتْ وصُقِعَتْ أَصابها الضَّريبُ كما تقول طُلَّتْ من الطَّلِّ قال أَبو حنيفة ضَرِبَ النباتُ ضَرَباً فهو ضَرِبٌ ضَرَبَه البَرْدُ فأَضَرَّ به وأَضْرَبَتِ السَّمائمُ الماءَ إِذا أَنْشَفَتْه حتى تُسْقِيَهُ الأَرضَ وأَضْرَبَ البَرْدُ والريحُ النَّباتَ حتى ضَرِبَ ضَرَباً فهو ضَرِبٌ إِذا اشتَدَّ عليه القُرُّ وضَرَبَهُ البَرْدُ حتى يَبِسَ وضُرِبَتِ الأَرضُ وأَضْرَبَها الضَّريبُ وضُرِبَ البقلُ وجُلِدَ وصُقِعَ وأَصْبَحَتِ الأَرضُ جَلِدَة وصَقِعَةً وضَرِبَةً ويقال للنبات ضَرِبٌ ومَضْرب وضَرِبَ البقلُ وجَلِدَ وصَقِعَ وأَضْرَبَ الناسُ وأَجْلَدُوا وأَصْقَعُوا كل هذا من الضَّريبِ والجَلِيدِ والصَّقِيعِ الذي يَقَعُ بالأَرض وفي الحديث ذاكرُ اللّه في الغافلين مثلُ الشَّجَرة الخَضْراءِ وَسَطَ الشَّجَر الذي تَحاتَّ من الضَّريبِ وهو الأَزيزُ أَي البَرْدُ والجَلِيدُ أَبو زيد الأَرضُ ضَرِبةٌ إِذا أَصابها الجَلِيدُ فأَحْرَقَ نَباتَها وقد ضَرِبَت الأَرضُ ضَرَباً وأَضْرَبَها الضَّريب إِضْراباً والضَّرَبُ بالتحريك العَسل الأَبيض الغليظ يذكر ويؤَنث قال أَبو ذُؤَيْب الهُذَلي في تأْنيثه
وما ضَرَبٌ بَيْضاءُ يَأْوِي مَلِيكُها ... إِلى طُنُفٍ أَعْيا بِراقٍ ونازِلِ
وخَبَرُ ما في قوله
بأَطْيَبَ مِن فيها إِذا جِئْتَ طارِقاً ... وأَشْهَى إِذا نامَتْ كلابُ الأَسافِل
يَأْوي مَلِيكُها أَي يَعْسُوبُها ويَعْسوب النحل أَميره والطُّنُفُ حَيَدٌ يَنْدُر من الجَبَل قد أَعْيا بمن يَرْقَى ومن يَنْزِلُ وقوله كلابُ الأَسافل يريد أَسافلَ الحَيِّ لأَن مَواشيَهم لا تَبِيتُ معهم فرُعاتُها وأَصحابُها لا ينامون إِلا آخِرَ من يَنامُ لاشتغالهم بحَلْبها [ ص 547 ] وقيل الضَّرَبُ عَسَلُ البَرِّ قال الشَّمَّاخُ
كأَنَّ عُيونَ النَّاظِرينَ يَشُوقُها ... بها ضَرَبٌ طابَتْ يَدا مَنْ يَشُورُها
والضَّرْبُ بتسكين الراء لغة فيه حكاه أَبو حنيفة قال وذاك قليل والضَّرَبَةُ الضَّرَبُ وقيل هي الطائفة منه واسْتَضْرَبَ العسلُ غَلُظَ وابْيَضَّ وصار ضَرَباً كقولهم اسْتَنْوَقَ الجملُ واسْتَتْيَسَ العَنْزُ بمعنى التَّحَوُّلِ من حالٍ إِلى حالٍ وأَنشد
كأَنَّما ... رِيقَتُه مِسْكٌ عليه ضَرَب
والضَّريبُ الشَّهْدُ وأَنشد بعضهم قولَ الجُمَيْح
يَدِبُّ حُمَيَّا الكَأْسِ فيهم إِذا انْتَشَوا ... دَبِيبَ الدُّجَى وَسْطَ الضَّريبِ المُعَسَّلِ
وعسلٌ ضَريبٌ مُسْتَضْرِبٌ وفي حديث الحجاج لأَجْزُرَنَّكَ جَزْرَ الضَّرَبِ هو بفتح الراءِ العسل الأَبيض الغليظ ويروى بالصاد وهو العسل الأَحمر والضَّرْبُ المَطَر الخفيف الأَصمعي الدِّيمَةُ مَطَر يَدُوم مع سُكُونٍ والضَّرْبُ فوق ذلك قليلاً والضَّرْبةُ الدَّفْعَةُ من المطر وقد ضَرَبَتْهم السماءُ وأَضْرَبْتُ عن الشيءِ كَفَفْتُ وأَعْرَضْتُ وضَرَبَ عنه الذِّكْرَ وأَضْرَبَ عنه صَرَفَه وأَضْرَبَ عنه أَي أَعْرَض وقولُه عز وجل أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكْرَ صَفْحاً ؟ أَي نُهْمِلكم فلا نُعَرِّفُكم ما يَجب عليكم لأَنْ كنتم قوماً مُسْرِفين أَي لأَنْ أَسْرَفْتُمْ والأَصل في قوله ضَرَبْتُ عنه الذِّكْرَ أَن الراكب إِذا رَكِبَ دابة فأَراد أَن يَصْرِفَه عن جِهَتِه ضَرَبه بعَصاه ليَعْدِلَه عن الجهة التي يُريدها فوُضِعَ الضَّرْبُ موضعَ الصَّرْفِ والعَدْلِ يقال ضَرَبْتُ عنه وأَضْرَبْتُ وقيل في قَولِهِ أَفَنَضْرِبُ عنكم الذِّكر صَفْحاً إِن معناه أَفَنَضْرِبُ القرآنَ عنكم ولا نَدْعُوكم إِلى الإِيمان به صَفْحاً أَي مُعْرِضين عنكم أَقامَ صَفْحاً وهو مصدر مقامَ صافِحين وهذا تَقْريع لهم وإِيجابٌ للحجة عليهم وإِن كان لفظه لفظ استفهام ويقال ضَرَبْتُ فلاناً عن فلان أَي كففته عنه فأَضْرَبَ عنه إِضْراباً إِذا كَفَّ وأَضْرَبَ فلانٌ عن الأَمر فهو مُضْرِبٌ إِذا كَفَّ وأَنشد
أَصْبَحْتُ عن طَلَبِ المَعِيشةِ مُضْرِباً ... لَمَّا وَثِقْتُ بأَنَّ مالَكَ مالِي
ومثله أَيَحْسَبُ الإِنسانُ أَن يُتْركَ سُدًى ؟ وأَضْرَبَ أَي أَطْرَقَ تقول رأَيتُ حَيَّةً مُضْرِباً إِذا كانت ساكنة لا تتحرّك والمُضْرِبُ المُقِيمُ في البيت وأَضْرَبَ الرجلُ في البيت أَقام
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) ضرب الضرب معروف والضَّرْبُ مصدر ضَرَبْتُه وضَرَبَه يَضْرِبُه قال ابن السكيت سمعتها من جماعة من الأَعراب ويقال أَضْرَبَ خُبْزُ المَلَّةِ فهو مُضْرِبٌ إِذا نَضِجَ وآنَ له أَنْ يُضْرَبَ بالعَصا ويُنْفَضَ عنه رَمادُه وتُرابُه وخُبْزٌ مُضْرِبٌ ومَضْرُوبٌ قال ذو الرمة يصف خُبْزَةً
ومَضْرُوبةٍ في غيرِ ذَنْبٍ بَريئةٍ ... كَسَرْتُ لأَصْحابي على عَجَلٍ كَسْرَا
وقد ضَرَبَ بالقِداحِ والضَّريبُ والضَّارِبُ المُوَكَّلُ بالقِداحِ وقيل الذي يَضْرِبُ بها [ ص 548 ] قال سيبويه هو فعيل بمعنى فاعل قال هو ضَريبُ قداحٍ قال ومثله قول طَريفِ بن مالك العَنْبَريّ
أَوَكُلَّما وَرَدَتْ عُكاظَ قَبيلةٌ ... بَعَثُوا إِليَّ عَريفَهم يَتَوَسَّمُ
إِنما يريد عارِفَهم وجمع الضَّريب ضُرَبَاءُ قال أَبو ذُؤَيب
فَوَرَدْنَ والعَيُّوقُ مَقْعَدُ رابئِ ال ... ضُّرَباءِ خَلْفَ النَّجْم لا يَتَتَلَّعُ
والضَّريب القِدْحُ الثالث من قِداحِ المَيْسر وذكر اللحياني أَسماءَ قِداحِ المَيْسر الأَول والثاني ثم قال والثالث الرقيب وبعضُهم يُسميه الضَّريبَ وفيه ثلاثة فروض وله غُنْم ثلاثةِ أَنْصباء إِن فاز وعليه غُرْمُ ثلاثةِ أَنْصِباء إِن لم يَفُزْ وقال غيره ضَريبُ القِداحِ هو المُوَكَّل بها وأَنشد للكميت
وعَدَّ الرقيبُ خِصالَ الضَّري ... ب لا عَنْ أَفانِينَ وَكْساً قِمارَا
وضَرَبْتُ الشيءَ بالشيءِ وضَرَّبته خَلَطْتُه وضَرَبْتُ بينهم في الشَّرِّ خَلَطْتُ والتَّضريبُ بين القوم الإِغْراء والضَّريبة الصوفُ أَو الشَّعَر يُنْفَش ثم يُدْرَجُ ويُشَدُّ بخيط ليُغْزَل فهي ضَرائب والضريبة الصوفُ يُضْرَبُ بالمِطْرَقِ غيره الضَّريبةُ القِطْعة من القُطْنِ وقيل من القطن والصوف وضَريبُ الشَّوْلِ لَبَنٌ يُحْلَبُ بعضُه على بعض فهو الضريبُ ابن سيده الضَّريبُ من اللبن الذي يُحْلَب من عِدَّةِ لِقاح في إِناء واحد فيُضْرَبُ بعضُه ببعض ولا يقال ضَريبٌ لأَقَلَّ من لبنِ ثلاثِ أَنْيُقٍ قال بعض أَهل البادية لا يكون ضَريباً إِلا من عِدَّة من الإِبل فمنه ما يكون رَقيقاً ومنه ما يكون خائِراً قال ابن أَحمر
وما كنتُ أَخْشَى أَن تكونَ مَنِيَّتِي ... ضَريبَ جِلادِ الشَّوْلِ خَمْطاً وصافِيا
أَي سَبَبُ منيتي فَحَذَف وقيل هو ضَريبٌ إِذا حُلِبَ عليه من الليل ثم حُلِبَ عليه من الغَدِ فضُرِبَ به ابن الأَعرابي الضَّريبُ الشَّكْلُ في القَدِّ والخَلْقِ ويقال فلانٌ ضَريبُ فلانٍ أَي نظيره وضَريبُ الشيءِ مثلُه وشكله ابن سيده الضَّرْبُ المِثْل والشَّبيهُ وجمعه ضُرُوبٌ وهو الضَّريبُ وجمعه ضُرَباء وفي حديث ابن عبدالعزيز إِذا ذَهَبَ هذا وضُرَباؤُه هم الأَمْثالُ والنُّظَراء واحدهم ضَريبٌ والضَّرائبُ الأَشْكالُ وقوله عز وجل كذلك يَضْرِبُ اللّهُ الحقَّ والباطلَ أَي يُمَثِّلُ اللّهُ الحقَّ والباطلَ حيث ضَرَبَ مثلاً للحق والباطل والكافر والمؤمن في هذه الآية ومعنى قوله عز وجل واضْرِبْ لهم مثلاً أَي اذْكُرْ لهم و مَثِّلْ لهم يقال عندي من هذا الضَّرْبِ شيءٌ كثير أَي من هذا المِثالِ وهذه الأَشياءُ على ضَرْبٍ واحدٍ أَي على مِثالٍ قال ابن عرفة ضَرْبُ الأَمْثال اعتبارُ الشيء بغيرِه وقوله تعالى واضْرِبْ لهم مثلاً أَصحابَ القَرْيةِ قال أَبو إِسحق معناه اذْكُرْ لهم مَثَلاً ويقال هذه الأَشياء على هذا الضَّرْب أَي على هذا المِثالِ فمعنى اضْرِبْ لهم مَثَلاً مَثِّلْ لهم مَثَلاً قال ومَثَلاً منصوب لأَنه مفعول به ونَصَبَ قوله أَصحابَ القرية لأَنه بدل من قوله مثلاً كأَنه قال اذْكُرْ لهم أَصحابَ القرية أَي خَبَر أَصحاب القرية [ ص 549 ] والضَّرْبُ من بيت الشِّعْر آخرُه كقوله « فَحَوْمَلِ » من قوله بسقْطِ اللِّوَى بين الدَّخُولِ فَحَوْمَلِ والجمع أَضْرُبٌ وضُرُوبٌ والضَّوارِبُ كالرِّحابِ في الأَوْدية واحدها ضارِب وقيل الضارِبُ المكان المُطمئِنّ من الأَرضِ به شَجَرٌ والجمعُ كالجَمع قال ذو الرمة
قد اكْتَفَلَتْ بالحَزْنِ واعْوَجَّ دُونَها ... ضَواربُ من غَسَّانَ مُعْوَجَّةٌ سَدْرَا ( 1 )
( 1 قوله « من غسان » الذي في المحكم من خفان بفتح فشدّ أيضاً ولعله روي بهما اذ هما موضعان كما في ياقوت وأنشده في ك ف ل تجتابه سدرا وأنشده في الأساس مجتابة سدراً )
وقيل الضارِبُ قِطْعة من الأَرض غليظة تَسْتَطِيلُ في السَّهْل
والضارِبُ المكانُ ذو الشجر والضَّارِبُ الوادي الذي يكون فيه الشجر يقال عليك بذلك الضَّارِبِ فأَنْزِلْه وأَنشد
لَعمرُكَ إِنَّ البيتَ بالضارِبِ الذي ... رَأَيتَ وإِنْ لم آتِه لِيَ شَائِقُ
والضاربُ السابحُ في الماءِ قال ذو الرمة
لياليَ اللَّهْوِ تُطْبِينِي فأَتْبَعُه ... كأَنَّنِي ضارِبٌ في غَمْرةٍ لَعِبُ
والضَّرْبُ الرَّجل الخفيفُ اللحم وقيل النَّدْبُ الماضي الذي ليس برَهْل قال طرفة
أَنا الرجلُ الضَّرْبُ الذي تَعْرِفُونَه ... خَشاشٌ كرأْسِ الحَيَّةِ المُتَوَقِّدِ
وفي صفة موسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام أَنه ضَرْبٌ من الرجال هو الخفيف اللحم المَمْشُوقُ المُسْتَدِقُّ وفي رواية فإِذا رجلٌ مُضْطَرِبٌ رَجْلُ الرأْسِ وهو مُفتَعلٌ من الضَّرْبِ والطاء بدل من تاء الافتعال وفي صفة الدجال طُوَالٌ ضَرْبٌ من الرجال وقول أَبي العِيالِ
صُلاةُ الحَرْبِ لم تُخْشِعْ ... هُمُ ومَصَالِتٌ ضُرُبُ
قال ابن جني ضُرُبٌ جمع ضَرْبٍ وقد يجوز أَن يكون جمع ضَرُوب وضَرَّبَ النَّجَّادُ المُضَرَّبةَ إِذا خاطَها والضَّريبة الطبيعة والسَّجِيَّة وهذه ضَريبَتُه التي ضُرِبَ عليها وضُرِبَها وضُرِبَ عن اللحياني لم يزد على ذلك شيئاً أَي طُبِعَ وفي الحديث أَنَّ المُسْلِمَ المُسَدِّدَ لَيُدْرِكُ دَرَجةَ الصُّوَّامِ بحُسنِ ضَرِيبَتِه أَي سَجِيَّته وطبيعته تقول فلانٌ كَريمُ الضَّرِيبة ولَئيم الضَّرِيبةِ وكذلك تقول في النَّحِيتَةِ والسَّلِيقةِ والنَّحِيزَة والتُّوسِ ؟ والسُّوسِ والغَرِيزةِ والنِّحَاسِ والخِيمِ والضَّريبةُ الخلِيقةُ يقال خُلِقَ الناسُ على ضَرَائبَ شَتَّى ويقال إِنه لكريمُ الضَّرائبِ والضَّرْبُ الصِّفَة والضَّرْبُ الصِّنْفُ من الأَشياءِ ويقال هذا من ضَرْبِ ذلك أَي من نحوه وصِنْفِه والجمع ضُروبٌ أَنشد ثعلب
أَراكَ من الضَّرْبِ الذي يَجْمَعُ الهَوَى ... وحَوْلَكَ نِسْوانٌ لَهُنَّ ضُرُوبُ
وكذلك الضَّرِيبُ وضَرَبَ اللّه مَثَلاً أَي وَصَفَ وبَيَّن وقولهم ضَرَبَ له المثلَ بكذا إِنما معناه بَيَّن له ضَرْباً من الأَمثال أَي صِنْفاً منها وقد تَكَرَّر في الحديث [ ص 550 ] ضَرْبُ الأَمْثالِ وهو اعْتبارُ الشيء بغيره وتمثيلُه به والضَّرْبُ المِثالُ والضَّرِيبُ النَّصِيبُ والضَّرِيبُ البَطْنُ من الناس وغيرهم والضَّرِيبةُ واحدةُ الضَّرائِبِ التي تُؤْخَذ في الأَرْصاد والجِزْية ونحوها ومنه ضَريبة العَبْدِ وهي غَلَّتُه وفي حديث الحَجَّامِ كم ضَرِيبَتُكَ ؟ الضَّرِيبة ما يؤَدِّي العبدُ إِلى سيده من الخَراجِ المُقَرَّرِ عليه وهي فَعِيلة بمعنى مَفْعولة وتُجْمَعُ على ضرائبَ ومنه حديث الإِماءِ اللاَّتي كان عليهنَّ لمَواليهنَّ ضَرائبُ يقال كم ضَرِيبةُ عبدك في كل شهر ؟ والضَّرَائبُ ضَرائِبُ الأَرَضِينَ وهي وظائِفُ الخَراجِ عليها وضَرَبَ على العَبدِ الإِتاوَةَ ضَرْباً أَوْجَبَها عليه بالتأْجيل والاسم الضَّرِيبةُ وضَارَبَ فلانٌ لفُلانٍ في ماله إِذا اتجر فيه وقارَضَه وما يُعْرَفُ لفُلانٍ مَضرَبُ ومَضرِبُ عَسَلَةٍ ولا يُعْرَفُ فيه مَضْرَبُ ومَضرِبُ عَسَلةٍ أَي من النَّسبِ والمال يقال ذلك إِذا لم يكن له نَسَبٌ مَعْروفٌ ولا يُعْرَفُ إِعْراقُه في نَسَبه ابن سيده ما يُعْرَفُ له مَضْرِبُ عَسَلة أَي أَصْلٌ ولا قَوْمٌ ولا أَبٌ ولا شَرَفٌ والضارِبُ الليلُ الذي ذَهَبَتْ ظُلْمته يميناً وشمالاً ومَلأَتِ الدنيا وضَرَبَ الليلُ بأَرْواقِه أَقْبَلَ قال حُمَيد
سَرَى مِثْلَ نَبْضِ العِرْقِ والليلُ ضارِبٌ ... بأَرْواقِه والصُّبْحُ قد كادَ يَسْطَعُ
وقال يا ليتَ أُمَّ الغَمْرِ كانَتْ صاحِبي ورَابَعَتْني تَحْتَ ليلٍ ضارِبِ بسَاعِدٍ فَعْمٍ وكَفٍّ خاضِبِ والضَّارِبُ الطَّويلُ من كُلِّ شيءٍ ومنه قوله ورابعتني تحت ليل ضارب وضَرَبَ الليلُ عليهم طال قال ضَرَبَ الليلُ عليهمْ فَرَكَدْ وقوله تعالى فَضَرَبنا على آذانهم في الكَهْفِ سنينَ عَدَداً قال الزّجاج مَنَعْناهم السَّمْعَ أَن يَسْمَعُوا والمعنى أَنَمْناهم ومَنَعْناهم أَن يَسْمَعُوا لأَن النائم إِذا سمع انْتَبه والأَصل في ذلك أَنَّ النائم لا يسمع إِذا نام وفي الحديث فَضَرَبَ اللّه على أَصْمِخَتهم أَي نامُوا فلم يَنْتَبِهُوا والصِّمَاخُ ثَقْبُ الأُذُن وفي الحديث فَضُرِبَ على آذانهم هو كناية عن النوم ومعناه حُجِبَ الصَّوتُ والحِسُّ أَنْ يَلِجَا آذانَهم فَيَنْتَبهوا فكأَنها قد ضُرِبَ عليها حِجابٌ ومنه حديث أَبي ذر ضُرِبَ على أَصْمِخَتهم فما يَطُوفُ بالبيت أَحدٌ وقولهم فَضَرَب الدهرُ ضَرَبانَه كقولهم فَقَضَى من القَضَاءِ وضَرَبَ الدهْرُ من ضَرَبانِه أَنْ كان كذا وكذا وقال أَبو عبيدة ضَرَبَ الدهْرُ بَيْنَنا أَي بَعَّدَ ما بَيْنَنا قال ذو الرمة
فإِنْ تَضْرِبِ الأَيَّامُ يا مَيّ بينَنا ... فلا ناشِرٌ سِرّاً ولا مُتَغَيِّرُ
وفي الحديث فضَرَبَ الدهرُ مِنْ ضَرَبانِه ويروى من ضَرْبِه أَي مَرَّ من مُروره وذَهَبَ بعضُه وجاءَ مُضْطَرِبَ العِنانِ أَي مُنْفَرِداً مُنْهَزِماً وضَرَّبَتْ عينُه غارَتْ كَحجَّلَتْ [ ص 551 ] والضَّرِيبةُ اسمُ رجلٍ من العرب والمَضْرَبُ العَظْمُ الذي فيه مُخٌّ تقول للشاة إِذا كانت مَهْزُولةً ما يُرِمُّ منها مَضْرَبٌ أَي إِذا كُسِرَ عظم من عظامها أَو قَصَبِها لم يُصَبْ فيه مُخٌّ والمِضْرابُ الذي يُضْرَبُ به العُود وفي الحديث الصُّداعُ ضَرَبانٌ في الصُّدْغَيْنِ ضَرَبَ العِرْقُ ضَرْباً وضَرَباناً إِذا تحرَّك بقوَّةٍ وفي حديث عائشة عَتَبُوا على عثمانَ ضَرْبَةَ السَّوطِ والعصا أَي كان مَنْ قَبْلَه يَضْرِبُ في العقوبات بالدِّرَّة والنَّعْل فخالفهم وفي الحديث النهي عن ضَرْبةِ الغائِص هو أَن يقول الغائِصُ في البحر للتاجر أَغُوصُ غَوْصَةً فما أَخرجته فهو لك بكذا فيتفقان على ذلك ونَهَى عنه لأَنه غَرَر ابن الأَعرابي المَضارِبُ الحِيَلُ في الحُروب والتَّضْريبُ تَحْريضٌ للشُّجاعِ في الحرب يقال ضَرَّبه وحَرَّضَه والمِضْرَبُ فُسْطاط المَلِك والبِساطُ مُضَرَّبٌ إِذا كان مَخِيطاً ويقال للرجل إِذا خافَ شيئاً فَخَرِق في الأَرض جُبْناً قد ضَرَبَ بذَقَنِه الأَرضَ قال الراعي يصِفُ غِرباناً خافَتْ صَقْراً
ضَوارِبُ بالأَذْقانِ من ذِي شَكِيمةٍ ... إِذا ما هَوَى كالنَّيْزَكِ المُتَوَقِّدِ
أَي من صَقْر ذي شكيمة وهي شدّة نفسه ويقال رأَيت ضَرْبَ نساءٍ أَي رأَيت نساءً وقال الراعي
وضَرْبَ نِساءٍ لو رآهنَّ ضارِبٌ ... له ظُلَّةٌ في قُلَّةٍ ظَلَّ رانِيا ( 1 )
( 1 قوله « وقال الراعي وضرب نساء » كذا أنشده في التكملة بنصب ضرب وروي راهب بدل ضارب )
قال أَبو زيد يقال ضَرَبْتُ له الأَرضَ كلَّها أَي طَلَبْتُه في كل
الأَرض ويقال ضَرَبَ فلانٌ الغائط إِذا مَضَى إِلى موضع يَقْضِي فيه حاجتَه ويقال فلانٌ أَعْزَبُ عَقْلاً من ضارِبٍ يريدون هذا المعنى ابن الأَعرابي ضَرْبُ الأَرضِ البولُ ( 2 )
( 2 قوله « ضرب الأرض البول إلخ » كذا بهذا الضبط في التهذيب ) والغائطُ في حُفَرها وفي حديث المُغِيرة أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم انْطَلَقَ حتى تَوارَى عني فضَرَبَ الخَلاَءَ ثم جاء يقال ذَهَبَ يَضْرِبُ الغائطَ والخلاءَ والأَرْضَ إِذا ذهب لقضاء الحاجة ومنه الحديث لا يَذْهَب الرَّجُلانِ يَضرِبانِ الغائطَ يَتَحَدَّثانِ

( ضغب ) الضَّاغِبُ الرَّجُل وفي المحكم الضَّاغِبُ الذي يَخْتَبِئُ في الخَمَرِ فيُفْزِعُ الإِنسانَ بمِثْلِ صَوْتِ السَّبُع أَو الأَسد أَو الوحش حكاه أَبو حنيفة وأَنشد
يا أَيُّها الضاغِبُ بالغُمْلُولْ ... إِنَّكَ غُولٌ وَلَدَتْكَ غُولْ
هكذا أَنشده بالإِسكان والصحيح بالإِطلاق وإِن كان فيه حينئذ إِقْواء وقد ضَغَبَ فهو ضاغِبٌ والضَّغِيبُ والضُّغابُ صَوْتُ الأَرنب والذئب ضَغَبَ يَضْغَبُ ضَغِيباً [ ص 552 ] وقيل هو تَضَوُّر الأَرْنب عند أَخذها واستعاره بعضُ الشعراء للَّبَن فقال أَنشده ثعلب
كأَنَّ ضَغِيبَ المَحْضِ في حَاويائِه ... مَعَ التَّمْرِ أَحْياناً ضَغِيبُ الأَرانِبِ
والضَّغِيبُ صوتُ تَقَلْقُل الجُرْدانِ في قُنْبِ الفَرَسِ وليس له فِعْلٌ قال أَبو حنيفة وأَرضٌ مُضْغَبَةٌ كثيرةُ الضَّغابِيس وهي صِغار القِثَّاء ورجل ضَغْبٌ ( 1 )
( 1 قوله « ورجل ضغب إلخ » ضبط في المحكم بكسر الغين المعجمة وفي القاموس بسكونها ) وامرأَة ضَغْبةٌ إِذا اشْتهيا الضَّغابِيسَ أُسْقِطَتِ السينُ منه لأَنها آخر حروف الاسم كما قيل في تصغير فرَزْدَقٍ فُرَيْزِدٌ ومن كلام امرأَة من العرب وإِنْ ذَكَرْتِ الضَّغابِيسَ فإِنّي ضَغِبةٌ ولَيْسَتِ الضَّغِبة من لفظ الضُّغْبُوسِ لأَن الضَّغِبَةَ ثُلاثِيٌّ والضُّغْبوسُ رُباعيّ فهو إِذَنْ من بابِ لأْآلٍ

( ضنب ) ضَنَبَ به الأَرضَ ضَنْباً ضَرَبها بِهِ وضَبَنَ به ضَبْناً قبَضَ عليه كلاهما عن كراع

( ضهب ) تَضْهِيبُ القَوْسِ والرُّمْح عَرْضُهما على النار عند التَّثْقيف وضَهَّبه بالنار لَوَّحَه وغَيَّره وضَهَّبَ اللحم شَوَاه على حِجارةٍ مُحْماة فهو مُضَهَّبٌ وقيل ضَهَّبَه شَواه ولم يُبالغ في نُضْجِه أَبو عمرو لحم مُضَهَّبٌ مَشْوِيٌّ على النار ولم يَنْضَجْ قال امرؤ القيس
نَمُشُّ بِأَعْرافِ الجِيادِ أَكُفَّنا ... إِذا نَحْنُ قُمْنا عَن شِواءٍ مُضَهَّبِ
أَبو عمرو إِذا أَدْخَلْتَ اللحمَ النارَ ولم تُبالغ في نُضْجِه قلتَ ضَهَّبْتُه فهو مُضَهَّبٌ وقال الليث اللحم المُضَهَّبُ الذي قد شُوِيَ على جَمْرٍ مُحْمًى ابن الأَعرابي الضَّهْباء القَوْسُ التي عَمِلَتْ فيها النارُ والضَّبْحاءُ مِثْلُها الأَزهري في ترجمة هضب وفي النوادر هَضَبَ القومُ وضَهَّبُوا وهَلَبُوا وأَلَبُوا وحَطَبُوا كلُّه الإِكثارُ والإِسْراعُ والضَّيْهَبُ كُلّ قُفٍّ أَو حَزْنٍ أَو موضع من الجَبَل تَحْمَى عليه الشَّمسُ حتى يَنْشَوِيَ عليه اللحمُ وأَنشد وَغْر تَجيشُ قُدورُه بضَياهِبِ قال أَبو منصور الذي أَراد الليثُ إِنما هو الصَّيْهَبُ بالصاد وكذلك هو في البيت « تجيش قُدورُه بصَياهِب » جمعُ الصَّيْهب وهو اليوم الشديد الحرّ قاله أَبو عمرو

( ضوب ) الضَّوْبانُ والضُّوبان الجَمَلُ المُسِنُّ القَوِيّ الضَّخْمُ واحدُه وجمعُه سواء قال
فقَرّبْتُ ضُوباناً قد اخْضَرَّ نابُه ... فَلا ناضِحِي وانٍ ولا الغَرْبُ واشِلُ
وفي رواية ولا الغَرْبُ شَوَّلا وقال الشاعر
عَرَكْرَكٌ مُهْجِرُ الضُّوبانِ أَوَّمَه ... رَوْضُ القِذافِ رَبِيعاً أَيَّ تَأْوِيمِ
وذكره الأَزهري في ترجمة « ضبن » قال من قال ضَوْبان احتمل أَن تكون اللام لام الفعل ويكون على مثال فَوْعال ومن قال ضُوبانٌ جعله من ضابَ يَضُوب وقال أَبو عمرو الضُّوبانُ [ ص 553 ] من الجمال السمينُ الشديدُ وأَنشد
على كلِّ ضُوبانٍ كأَنَّ صَريفَهُ ... بنابَيْهِ صَوْتُ الأَخْطَبِ المُتَرَنِّمِ
وقال لمّا رأَيْتُ الهَمَّ قد أَجْفاني قَرَّبْتُ للرَّحْلِ وللظِّعانِ كلَّ نِيافِيِّ القَرى ضُوبانِ وأَنشده أَبو زيد ضُؤْبان بالهمز الفراء ضابَ الرجلُ إِذا اسْتَخْفَى ابن الأَعرابي ضابَ إِذا خَتَلَ عَدُوًّا

( ضيب ) الضَّيْبُ شيء من دوابِّ البَرِّ على خِلْقةِ الكلبِ وقال الليث بلغني أَن الضَّيْبَ شيء من دوابِّ البحر قال ولسْتُ على يَقِينٍ منه وقال أَبو الفرج سمعت أَبا الهَمَيْسَع ينشد
إِنْ تَمْنَعي صَوبَكِ صَوْبَ المَدْمَعِ ... يَجْري على الخَدِّ كضَيْبِ الثَّعْثَعِ
قال أَبو منصور الثَّعثَعُ الصَّدَفة وضَيْبُه ما في جوفِه من حَبِّ اللُّؤْلُؤ شَبَّه قَطَرات الدَّمْعِ به

( طبب ) الطِّبُّ علاجُ الجسم والنَّفسِ رجل طَبٌّ وطَبِيبٌ عالم بالطِّبِّ تقول ما كنتَ طَبيباً ولقد طَبِبْتَ بالكَسر ( 1 )
( 1 قوله بالكسر زاد في القاموس الفتح )
والمُتَطَبِّبُ الذي يَتعاطى عِلم الطِّبِّ والطَّبُّ والطُّبُّ لغتان في الطِّبِّ وقد طَبَّ يَطُبُّ ويَطِبُّ وتَطَبَّبَ وقالوا تَطَبَّبَ له سأَل له الأَطِبَّاءَ وجمعُ القليل أَطِبَّةٌ والكثير أَطِبَّاء وقالوا إِن كنتَ ذا طِبٍّ وطُبٍّ وطَبٍّ فطُِبَّ لعَيْنِك ابن السكيت إِن كنتَ ذا طِبٍّ فَطِبَّ لنَفسِكَ أَي ابْدأْ أَوَّلاً بإِصلاح نفسكَ وسمعتُ الكِلابيّ يقول اعْمَلْ في هذا عَمَلَ مَن طَبَّ لمن حَبَّ الأَحمر من أَمثالهم في التَّنَوُّق في الحاجة وتحْسينها اصْنَعْه صَنْعَة من طَبَّ لمن حَبَّ أَي صَنْعَة حاذِقٍ لمن يُحِبُّه وجاء رجل إِلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فرأَى بين كتِفَيْه خاتم النُّبُوَّة فقال إِنْ أَذِنْتَ لي عالجتُها فإِني طبيبٌ فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم طَبيبُها الذي خَلَقَها معناه العالمُ بها خالقُها الذي خَلَقها لا أَنت وجاءَ يَسْتَطِبُّ لوجَعه أَي يَسْتَوصِفُ الدواءَ أَيُّها يَصْلُح لدائه والطِّبُّ الرِّفْقُ والطَّبِيبُ الرفيق قال المرّار بن سعيد الفَقْعَسِيُّ يصف جملاً وليس للمَرّار الحَنظلي
يَدِينُ لِمَزْرورٍ إِلى جَنْبِ حَلْقةٍ ... من الشِّبْهِ سَوّاها برفْقٍ طَبيبُها
ومعنى يَدِينُ يُطيع والمَزرورُ الزِّمامُ المربوطُ بالبُرَة وهو معنى قوله حَلْقة من الشِّبْه وهو الصُّفْر أَي يُطيع هذه الناقةَ زِمامُها المربوطُ إِلى بُرَةِ أَنفِها والطَّبُّ والطَّبيبُ الحاذق من الرجال الماهرُ بعلمه أَنشد ثعلب في صفة غِراسةِ نَخْلٍ جاءتْ على غَرْسِ طَبيبٍ ماهِرِ [ ص 554 ] وقد قيل إِن اشتقاقَ الطبيب منه وليس بقويٍّ وكلُّ حاذقٍ بعمَله طبيبٌ عند العرب ورجل طَبٌّ بالفتح أَي عالم يقال فلان طَبٌّ بكذا أَي عالم به وفي حديث سَلْمان وأَبي الدرداء بلغني أَنك جُعِلْتَ طَبيباً الطَّبيبُ في الأَصل الحاذقُ بالأُمور العارف بها وبه سمي الطبيب الذي يُعالج المَرْضى وكُنِيَ به ههنا عن القضاء والحُكْمِ بين الخصوم لأَن منزلة القاضي من الخصوم بمنزلة الطبيب من إِصلاح البَدَن والمُتَطَبِّبُ الذي يُعاني الطِّبَّ ولا يعرفه معرفة جيدة وفَحْلٌ طَبٌّ ماهِرٌ حاذِقٌ بالضِّراب يعرفُ اللاقِح من الحائل والضَّبْعَة من المَبْسورةِ ويَعرفُ نَقْصَ الولد في الرحم ويَكْرُفُ ثم يعودُ ويَضْرِبُ وفي حديث الشَّعْبي وَوصَفَ معاوية فقال كان كالجَمَلِ الطَّبِّ يعني الحاذقَ بالضِّرابِ وقيل الطَّبُّ من الإِبل الذي لا يَضَعُ خُفَّه إِلا حيثُ يُبْصِرُ فاستعار أَحدَ هذين المعنيين لأَفْعاله وخِلاله وفي المثل أَرْسِلْه طَبّاً ولا تُرْسِلْهُ طاطاً وبعضهم يَرْويه أَرْسِلْه طاباً وبعير طَبٌّ يتعاهدُ موضع خُفِّه أَينَ يَطَأُ به والطِّبُّ والطُّبُّ السِّحْر قال ابن الأَسْلَت
أَلا مَن مُبْلِغٌ حسّانَ عَنِّي ... أَطُِبٌّ كانَ دَاؤُكَ أَم جُنونُ ؟
ورواه سيبويه أَسِحْرٌ كان طِبُّكَ ؟ وقد طُبَّ الرجلُ والمَطْبوبُ المَسْحورُ قال أَبو عبيدة إِنما سمي السِّحْرُ طُبّاً على التَّفاؤُلِ بالبُرْءِ قال ابن سيده والذي عندي أَنه الحِذْقُ وفي حديث النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه احْتَجَمَ بقَرْنٍ حين طُبَّ قال أَبو عبيد طُبَّ أَي سُحِرَ يقال منه رجُل مَطْبوبٌ أَي مَسْحور كَنَوْا بالطِّبِّ عن السِّحْر تَفاؤُلاً بالبُرءِ كما كَنَوْا عن اللَّديغ فقالوا سليمٌ وعن المَفازة وهي مَهْلكة فقالوا مَفازة تَفاؤُلاً بالفَوز والسَّلامة قال وأَصلُ الطَّبِّ الحِذْق بالأَشياءِ والمهارةُ بها يقال رجل طَبٌّ وطَبِيبٌ إِذا كان كذلك وإِن كان في غير علاج المرض قال عنترة
إِن تُغْدِفي دوني القِناعَ فإِنَّني ... طَبٌّ بأَخْذِ الفارِسِ المُسْتَلْئِم
وقال علقمة
فإِن تَسْأَلوني بالنساءِ فإِنَّني ... بَصيرٌ بأَدْواءِ النِّساءِ طَبيبُ
وفي الحديث فلعل طَبّاً أَصابَه أَي سِحراً وفي حديث آخر إِنه
مَطْبوبٌ وما ذاكَ بِطِبِّي أَي بدهْري وعادتي وشأْني
والطِّبُّ الطَّويَّة والشهوة والإِرادة قال
إِنْ يَكُنْ طِبُّكِ الفِراقَ فإِن البَ ... ينَ أَنْ تَعْطِفي صُدورَ الجِمالِ
وقول فَرْوةَ بنِ مُسَيْكٍ المُرادِي
فإِنْ نَغْلِبْ فَغَلاّبونَ قِدْماً ... وإِنْ نُغْلَبْ فغَيرُ مُغَلَّبِينا
فما إِنْ طِبُّنا جُبْنٌ ولكن ... مَنايانا ودَوْلةُ آخَرينا
كذاك الدهرُ دَوْلَتُه سِجالٌ ... تَكُرُّ صُروفُه حِيناً فحينا
[ ص 555 ] يجوز أَن يكون معناه ما دَهْرُنا وشأْنُنا وعادَتُنا وأَن يكون معناه شهوتُنا ومعنى هذا الشعر إِن كانت هَمْدانُ ظَهرت علينا في يوم الرَّدْم فغلبتنا فغير مُغَلَّبين والمُغَلَّبُ الذي يُغْلَبُ مِراراً أَي لم نُغْلَبْ إِلا مرة واحدة والطِّبَّةُ والطِّبابة والطَّبيبة الطريقةُ المستطيلة من الثوب والرمل والسحاب وشُعاعِ الشمسِ والجمع طِبابٌ وطِبَبٌ قال ذو الرمة يصف الثور
حتى إِذا مالَها في الجُدْرِ وانحَدَرَتْ ... شمسُ النهارِ شُعاعاً بَيْنَها طِبَبُ
الأَصمعي الخَِبَّة والطِّبَّة والخَبيبة والطِّبابَةُ كل هذا طرائق في رَمْل وسحابٍ والطِّبَّةُ الشُّقَّةُ المستطيلة من الثوب والجمع الطِّبَبُ وكذلك طِبَبُ شُعاع الشمس وهي الطرائق التي تُرَى فيها إِذا طَلَعَت وهي الطِّباب أَيضاً والطُّبَّة الجِلْدةُ المستطيلة أَو المربعة أَو المستديرة في المَزادة والسُّفْرَة والدَّلْو ونحوها والطِّبابةُ الجِلْدة التي تُجْعَل على طَرَفَي الجِلْدِ في القِرْبة والسِّقاءِ والإِداوة إِذا سُوِّيَ ثم خُرِزَ غيرَ مَثْنِيٍّ وفي الصحاح الجِلدةُ التي تُغَطَّى بها الخُرَزُ وهي معترضة مَثْنِيَّةٌ كالإِصْبَع على موضِع الخَرْزِ الأَصمعي الطِّبابةُ التي تُجْعَل على مُلْتَقَى طَرَفَي الجِلدِ إِذا خُرِزَ في أَسفلِ القِربة والسِّقاءِ والإِداوة أَبو زيد فإِذا كان الجِلدُ في أَسافل هذه الأَشياء مَثْنِيّاً ثم خُرِزَ عليه فهو عِراقٌ وإِذا سُوِّيَ ثم خُرِزَ غيرَ مَثْنِيٍّ فهو طِبابٌ وطَبيبُ السِّقاءِ رُقْعَتُه وقال الليث الطِّبابة من الخُرَزِ السَّيرُ بين الخُرْزَتَين والطُّبَّةُ السَّيرُ الذي يكون أَسفلَ القرْبة وهي تَقارُبُ الخُرَز ابن سيده والطِّبابة سَير عريض تَقَعُ الكُتَب والخُرَزُ فيه والجمع طِبابٌ قال جرير
بَلى فارْفَضَّ دَمْعُكَ غَير نَزْرٍ ... كما عَيَّنْتَ بالسَّرَبِ الطِّبابا
وقد طَبَّ الخَرْزَ يَطُبُّه طَبّاً وكذلك طَبَّ السِّقاءَ وطَبَّبَهُ شُدِّد للكثرة قال الكُمَيتُ يصف قَطاً
أَو الناطِقات الصادقات إِذا غَدَتْ ... بأَسْقِيَةٍ لم يَفْرِهِنَّ المُطَّبِّبُ
ابن سيده وربما سميت القِطْعةُ التي تُخْرَزُ على حرف الدلو أَو حاشية السُّفْرة طُبَّة والجمع طُبَبٌ وطِبابٌ والتطبيب أَن يُعَلَّقَ السِّقاءُ في عَمود البيت ثم يُمْخَضَ قال الأَزهري لم أَسمع التَّطبيبَ بهذا المعنى لغير الليث وأَحْسِبُه التَّطْنِيبَ كما يُطَنَّبُ البيتُ ويقال طَبَّبْتُ الديباجَ تَطْبيباً إِذا أَدْخَلْتَ بَنِيقةً تُوسِعُهُ بها وطِبابةُ السماء وطِبابُها طُرَّتُها المستطيلة قال مالك بن خالد الهذلي
أَرَتْهُ من الجَرْباءِ في كلِّ مَوطِنٍ ... طِباباً فَمَثْواه النَّهارَ المَراكِدُ ( 1 )
( 1 قوله « أرته من الجرباء إلخ » أنشده في جرب وركد غير أنه قال هناك يصف حماراً طردته الخيل تبعاً للصحاح وهو مخالف لما نقله هنا عن الأزهري )
يصف حمار وحش خافَ الطِّرادَ فَلَجأَ إِلى جَبل
[ ص 556 ] فصار في بعضِ شِعابه فهو يَرَى أُفُقَ السماءِ مُسْتَطِيلاً قال الأَزهري وذلك أَن الأُتُنَ أَلجأَت المِسْحَلَ إِلى مَضِيقٍ في الجبل لا يَرَى فيه إِلا طُرَّةً من السماء والطِّبابَةُ من السماء طَريقُه وطُرَّتهُ وقال الآخر
وسَدَّ السماءَ السِّجْنُ إِلا طِبابَةً ... كَتُرْسِ المُرامي مُسْتَكِنّاً جُنوبُها
فالحِمارُ رأَى السماء مُستطيلة لأَنه في شِعْب والرجل رآها مستديرة لأَنه في السجن وقال أَبو حنيفة الطِّبَّة والطَّبيبةُ والطِّبابةُ المستطيلُ الضَّيِّقُ من الأَرض الكثيرُ النبات والطَّبْطَبَةُ صَوْتُ تَلاطُمِ السيل وقيل هو صوت الماء إِذا اضْطَرَب واصْطَكَّ عن ابن الأَعرابي وأَنشد
كأَنَّ صَوْتَ الماءِ في أَمْعائها ... طَبْطَبَةُ المِيثِ إِلى جِوائها
عدّاه بإِلى لأَنَّ فيه معنى تَشَكَّى المِيث وطَبْطَبَ الماءَ إِذا حركه الليث طَبْطَبَ الوادي طَبْطَبَةً إِذا سالَ بالماءِ وسمعت لصوته طَباطِبَ والطَّبْطَبَةُ شيءٌ عَريض يُضْرَبُ بعضُه ببعض الصحاح الطَّبْطَبَة صوتُ الماءِ ونحوه وقد تَطَبْطَبَ قال
إِذا طَحَنَتْ دُرْنِيَّةٌ لِعيالِها ... تَطَبْطَبَ ثَدْياها فَطار طَحِينُها
والطَّبْطابَةُ خَشَبَةٌ عَريضَةٌ يُلْعَبُ بها بالكُرَة وفي التهذيب يَلْعَبُ الفارسُ بها بالكُرَة ابن هانئ يقال قَرُبَ طِبٌّ ويقال قَرُبَ طِبّاً كقولك نِعْمَ رَجلاً وهذا مَثَلٌ يقال للرجل يَسْأَلُ عن الأَمر الذي قد قَرُبَ منه وذلك أَن رجلاً قَعَدَ بين رِجْلي امرأَةٍ فقال لها أَبِكر أَم ثَيِّب ؟ فقالت له قَرُبَ طِبٌّ

( طبطب ) الطَّباطِبُ العَجَم

( طحرب ) ما على فلان طُحْرُبة بضم الطاءِ والراءِ يعني من اللباس وقال أَبو الجَرّاح طَحْرِبةٌ بفتح الطاءِ وكسر الراءِ وطَحْرَبةٌ وطِحْرِبةٌ أَي قطعة من خِرقة قال شمر وسمعت طَحْرَبةً وطَحْمَرةً وكلها لغات وفي حديث سَلْمانَ وذكَر يوم القيامة فقال تَدْنُو الشمسُ من رؤُوس الناس وليس على أَحد منهم طُحْرُبة بضم الطاءِ والراءِ وكسرهما وبالحاءِ والخاءِ اللباس وقيل الخرقة وأَكثر ما يُستعمل في النفي وما في السماءِ طِحْرِبةٌ أَي قِطْعة من السحاب وقيل لَطْخةُ غَيمٍ وأَما أَبو عبيد وابن السكيت فخَصّاها بالجَحْدِ واستعملها بعضهم في النفي والإِيجاب والطَِّحْرِبَة الفَسْوَةُ قال وحاصَ مِنّا فَرِقاً وطَحْرَبا وما عليه طِحْرِمة كطِحْرِبة أَي لَطْخٌ من غيم وطِحْرمةٌ أَصلها طِحْرِبة وقال نُصَيْبٌ
سَرَى في سَوادِ الليلِ يَنْزِلُ خَلْفَه ... مَواكِفُ لم يَعْكُفْ عَلَيْهِنَّ طِحْربُ
قال والطِّحْرِبُ ههُنا الغُثاء من الجَفيف ووالِه الأَرض والمَواكِفُ مَواكِفُ المطر وطَحْرَبَ القِربةَ ملأَها وطَحْرَبَ إِذا عدا فارّاً

( طحلب ) الطُّحْلُبُ والطِّحْلِبُ والطِّحْلَبُ خُضْرَة تَعْلو الماء المُزمِنَ وقيل هو الذي [ ص 557 ] يكون على الماءِ كأَنه نسج العنكبوت والقِطعة منه طُحْلُبة وطِحْلِبَة وطَحْلَبَ الماءُ علاه الطُّحْلُبُ وعينٌ مُطَحْلَبَة وماءٌ مُطَحْلَب كثير الطُّحْلُب عن ابن الأَعرابي وحكى غيره مُطَحْلَبٌ وقول ذي الرمة
عَيْناً مُطَلْحَبَةَ الأَرجاءِ طاميةً ... فيها الضَّفادِعُ والحِيتانُ تَصْطَخِبُ
يُرْوى بالوجْهين جميعاً قال ابن سيده وأَرى اللحياني قد حَكى الطُّلْحُب في الطُّحْلُب وطَحْلَبت الأَرض أَوَّلُ ما تَخْضَرُّ بالنَّبات وطَحْلَبَ الغَديرُ وعينٌ مُطَحْلَبَةُ الأَرجاءِ والطَّحْلَبة القَتْلُ

( طخرب ) جاءَ وما عليه طَخْرَبة أَي ليس عليه شيء ويُروى بالحاء المهملة أَيضاً وقد تقدم وفي حديث سلمان وليس على أَحد منهم طَخْرَبة وطِخْرِبَة وقد شرحناه في « طحرب » لأَنه يقال بالحاءِ والخاءِ

( طرب ) الطَّرَبُ الفَرَح والحُزْنُ عن ثعلب وقيل الطَّرَبُ خفة تَعْتَري عند شدَّة الفَرَح أَو الحُزن والهمّ وقيل حلول الفَرَح وذهابُ الحُزن قال النابغة الجعديّ في الهمّ
سَأَلَتْني أَمتي عن جارَتي ... وإِذا ما عَيَّ ذو اللُّبِّ سَأَلْ
سَأَلَتْني عن أُناسٍ هَلَكوا ... شَرِبَ الدَّهْرُ عليهم وأَكلْ
وأَراني طَرِباً في إِثْرِهِمْ ... طَرَبَ الوالِهِ أَو كالمُخْتَبَلْ
والوالِهُ الثاكِلُ والمُخْتَبَلُ الذي اخْتُبِلَ عَقْله أَي جُنَّ وأَطْرَبَهُ هو وتَطَرَّبه قال الكميت
ولم تُلْهِني دارٌ ولا رَسْمُ مَنزِلٍ ... ولم يَتَطَرَّبني بَنانٌ مُخَضَّبُ
وقال ثعلب الطَّرَبُ عندي هو الحركة قال ابن سيده ولا أَعرف ذلك والطَّرَبُ الشَّوقُ والجمع من ذلك أَطْرابٌ قال ذو الرمة
اسْتَحْدَثَ الرَّكْب عن أَشياعِهِم خَبَراً ... أَم راجَعَ القلبَ من أَطرابه طَرَبُ
وقد طَرِبَ طَرَباً فهو طَرِبٌ من قوم طِرابٍ وقولُ الهُذَليّ
حتى شَآها كَليلٌ مَوْهِناً عَمِلٌ ... بانَتْ طِراباً وباتَ الليلَ لم يَنَمِ
يقول باتت هذه البَقَر العِطاشُ طِراباً لِمَا رَأَته من البَرْقِ فَرَجَتْه من الماء ورجل طَروبٌ ومِطْرابٌ ومِطرابةٌ الأَخيرة عن اللحياني كثيرُ الطَّرَبِ قال وهو نادرٌ واسْتَطْرَب طلب الطَّرب واللَّهْوَ وطَرَّبه هو وطَرَّب تَغَنَّى قال امرؤ القيس
يُغَرِّدُ بالأَسْحارِ في كلِّ سُدْفَةٍ ... تَغَرُّدَ مَيَّاحِ النَّدامى المُطَرِّبِ
ويقال طَرَّب فلانٌ في غِنائِه تَطْريباً إِذا رَجَّع صوتَه وزيَّنَه قال امرؤ القيس كما طَرَّبَ الطَّائرُ المُسْتَحِرْ أَي رجَّع والتَّطْريب في الصوت مَدُّه وتَحْسينُه وطَرَّبَ في قراءته مَدَّ ورجَّع وطَرَّبَ الطائِرُ في صوته [ ص 558 ] كذلك وخَصَّ بعضُهم به المُكَّاء وقول سَلْمى ( 1 )
( 1 قوله « وقول سلمى إلخ » كذا بالأصل ) ابنِ المُقْعَدِ
لما رأَى أَن طَرَّبوا من ساعَةٍ ... أَلْوى بِرَيْعانِ العِدى وأَجْذَما
قال السُّكَّريُّ طَرَّبوا صاحُوا ساعةً بعد ساعةٍ والأَطْرابُ نُقاوَةُ الرَّياحينِ وقيل الأَطْرابُ الرَّياحينُ وأَذْكاؤُها وإِبلٌ طرابٌ تَنزِعُ إِلى أَوْطانِها وقيل إِذا طَرِبَتْ لِحُداتها
واستَطْرَبَ الحُداةُ الإِبلَ إِذا خَفَّتْ في سيرها من أَجلِ حُداتِها وقال الطِّرمَّاحُ
واسْتَطْرَبَتْ ظُعْنُهُم لما احْزَأَلَّ بهمْ ... آلُ الضُّحى ناشِطاً من داعِباتِ دَدِ ( 2 )
( 2 قوله « من داعبات » كذا بالأصل كالتهذيب بالموحدة بعد العين والذي في الأساس بالمثناة التحتية ثم قال أي سألته أن يطرب ويغني وهو من داعيات دد أي من دواعيه وأسبابه يعني الناشط وهو الحادي لأنه ينشط من مكان إلى مكان )
يقول حَملَهم على الطرب شوقٌ نازعٌ وقولُ الكُمَيْت
يُريد أَهْزَعَ حَنَّاناً يُعَلِّله ... عندَ الإِدامَة حتى يَرْنَأَ الطَّرِبُ ( 3 )
( 3 قوله « يريد أهزع إلخ » أنشده في دوم يستل أهزع إلخ والأهزع بالزاي السريع )
فإِنما عَنى بالطَّرِبِ السَّهْم سماه طَرِباً لِتَصْويته إِذا دُوِّم أَي فُتِلَ بالأَصابع
والمَطْرَبُ والمَطْرَبةُ الطريق الضيق ولا فعل له والجمعُ المَطارِبُ قال أَبو ذؤيب الهذلي
ومَتْلَفٍ مثلِ فَرْقِ الرَّأْسِ تَخْلِجُه ... مَطارِبٌ زَقَبٌ أَميالُها فيحُ
ابن الأَعرابي المَطْرَبُ والمَقْرَبُ الطريق الواضح والمَتْلَفُ القَفْر سمي بذلك لأَنه يُتْلِفُ سالِكَه في الأكثر كما سموا الصَّحراءَ بَيْداء لأَنها تُبيدُ سالِكَها والزَّقَبُ الضيقة وقوله مثل فَرْقِ الرأْس أَي مثل فرق الرأْس في ضيقه وتَخْلِجُهُ أَي تَجْذِبهُ هذه الطرقُ إِلى هذه وهذه إِلى هذه وأَميالُها فيح أَي واسعة والميلُ المسافة من العَلَم إِلى العَلَم وفي الحديث لَعَنَ اللّهُ من غيَّر المَطْرَبَةَ والمَقْرَبَة المَطْرَبَة واحدة المطارب وهي طُرُقٌ صِغار تَنْفُذُ إِلى الطرقِ الكبارِ وقيل المطارِبُ طُرُقٌ متَفرقة واحدتُها مَطْربة ومَطْرَبٌ وقيل هي الطرق الضيقة المنفردة يقال طَرَّبْتُ عن الطريق عدَلْتُ عنه والطَّرَبُ اسم فرس سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وطَيْروب اسم

( طرطب ) طَرْطَبَ بالغَنم أَشْلاها وقيل الطَّرْطَبةُ بالشَّفَتَين قال ابن حَبْناءَ
فإِنَّ اسْتَكَ الكَوماءَ عَيْبٌ وعَورَةٌ ... يُطَرْطِبُ فيها ضاغِطانِ وناكِثُ
وفي حديث الحسن وقد خرج من عند الحجاج فقال دخلتُ على أُحَيْوِلٍ يُطَرْطِبُ شُعَيْراتٍ له يريد يَنْفُخُ بشفتيه في شاربه غيظاً وكِبراً والطَّرْطَبَةُ الصَّفير بالشَّفَتَين للضأْن أَبو زيد طَرْطَبَ بالنعجة طَرْطَبَةً إِذا دعاها وطَرْطَبَ الحالِبُ بالمِعْزى إِذا دعاها ابن سيده الطَّرْطَبةُ صوتُ الحالب للمعز يُسَكِّنها بشفتيه وقد طَرْطَبَ بها طَرْطَبَةً إِذا دعاها والطَّرْطَبَةُ اضطِرابُ الماءِ في الجوف [ ص 559 ] أَو القربة والطُّرْطُبُّ بالضم وتشديد الباءِ ( 1 )
( 1 قوله « بالضم وتشديد الباء » زاد في القاموس تخفيفها ) الثَّدْيُ الضَّخْمُ المُسْترخي الطويل يقال أَخْزَى اللّه طُرْطُبَّيْها ومنهم من يقول طُرْطُبَّة للواحدة فيمن يؤنث الثَّدي وفي حديث الأَشْتَر في صفة امرأَة أَرادها ضَمْعَجاً طُرْطُباً الطُّرْطُبُ العظيمة الثديين والبعض يقول للواحدة طُرْطُبَى فيمن يؤنث الثدي والطُّرْطُبَّةُ الطويلة الثَّدْيَين قال الشاعر
لَيْسَتْ بقَتَّاتةٍ سَبَهْلَلَةٍ ... ولا بطُرطُبَّةٍ لها هُلْبُ
وامرأَة طُرطُبَّةٌ مسترخية الثديين وأَنشد
أُفٍّ لتلك الدِّلْقِمِ الهِرْدَبَّه ... العَنْقَفيرِ الجَلْبَحِ الطُّرطُبَّه
والطُّرطُبَةُ الضرْعُ الطويل يمانية عن كراع والطُّرطُبانيَّة من المَعَز الطويلةُ شطرَيِ الضَّرع الأَزهري في ترجمة « قرطب » قال الشاعر
إِذا رآني قد أَتَيْتُ قَرطَبَا ... وجالَ في جحاشه وطَرطَبا
قال الطَّرطَبةُ دُعاءُ الحُمُر أَبو زيد في نوادره يقال للرجل يُهْزأُ منه دُهْدُرَّين وطُرطُبَّين رأَيت في حاشيةِ نسخة من الصحاح يُوثَقُ بها قال عثمان بن عبدالرحمن طرطب غير ذي ترجمة في الأُصول والذي ينبغي إفرادها في ترجمة إِذ هي ليست من فصل « طرب » وهو من كتب اللغة في الرباعي

( طسب ) المَطاسِبُ المياهُ السُّدْمُ الواحد سَدومٌ

( طعب ) ابن الأَعرابي يقال ما به من الطَّعْبِ شيءٌ أَي ما به شيء من اللَّذة والطِّيبِ

( طعزب ) الطَّعْزبة الهُزءُ والسُّخْرية حكاه ابن دريد قال ابن سيده ولا أَدري ما حقيقته

( طعسب ) طَعْسَبَ عَدا مُتَعَسِّفاً

( طعشب ) طَعْشَبٌ اسم حكاه ابن دريد قال وليس بثَبَتٍ

( طلب ) الطَّلَبُ مُحاوَلَةُ وِجْدانِ الشَّيءِ وأَخْذِه والطِّلْبَةُ ما كان لكَ عند آخرَ من حَقٍّ تُطالِبه به والمُطالَبة أَن تُطالِبَ إِنساناً بحق لك عنده ولا تزال تَتَقاضاه وتُطالبه بذلك والغالب في باب الهَوى الطِّلابُ وطَلَبَ الشَّيءَ يَطْلُبه طَلَباً واطَّلَبه على افتعله ومنه عبدُالمُطَّلِب بن هاشم والمُطَّلِبُ أَصلهُ مُتْطَلِب فأُدْغِمَتِ التاء في الطاء وشُدِّدَت فقيل مُطَّلِب واسمه عامر وتَطلَّبه حاول وُجُودَه وأَخْذَهُ والتَّطَلُّبُ الطَّلَبُ مَرَّةً بعد أُخرى والتَّطَلُّبُ طَلَبٌ في مُهْلة من مواضع ورجل طالبٌ من قوم طُلَّب وطُلاَّب وطَلَبَةٍ الأَخيرة اسم للجمع وطَلوبٌ من قومٍ طُلُبٍ وطَلاَّبٌ من قوم طَلاَّبين وطَليبٌ من قوم طُلَباءَ قال مُلَيح الهُذليّ
فلم تَنْظُري دَيْناً وَلِيتِ اقتِضاءَه ... ولم يَنْقَلِبْ منكم طَلِيبٌ بطائِل
وطَلَّبَ الشيءَ طَلَبَهُ في مُهْلة على ما يجيء عليه هذا النحوُ بالأَغلب [ ص 560 ] وطالبه بكذا مُطالَبة وطِلاباً طَلَبَه بحق والاسم منه الطَّلَبُ والطِّلْبةُ والطَّلَبُ جمع طالب قال ذو الرمة
فانْصاعَ جانِبُه الوَحْشيُّ وانكَدَرَتْ ... يَلْحَبنَ لا يأْتَلي المَطلوبُ والطَّلَبُ
وطَلَبَ إِليَّ طَلَباً رَغِبَ وأَطْلَبَه أَعطاه ما طَلَب وأَطْلَبَه أَلجأَه إِلى أَن يَطْلُب وهو من الأَضداد والطَّلِبة بكسر اللام ما طَلَبْته من شيء وفي حديث نُقادَةَ الأَسَديّ قلت يا رسول اللّه اطْلُبْ إِليَّ طَلِبةً فإِني أُحب أَن أُطْلِبَكَها الطَّلِبَةُ الحاجةُ وإِطْلابُها إِنجازُها وقضاؤُها يقال طَلَبَ إِليَّ فأَطْلَبْته أَي أَسْعَفْتُه بما طَلب وفي حديث الدُّعاء ليس لي مُطْلِبٌ سواك وكََّلأَ مُطْلِبٌ بَعيد المَطْلَبِ يُكَلِّفُ أَن يُطْلَب وماء مُطْلِبٌ كذلك وكذلك غير الماء والكَلإِ أَيضاً قال الشاعر أَهاجَكَ بَرْقٌ آخِرَ اللَّيْلِ مُطْلِبٌ وقيل ماء مُطْلِبٌ بعيدٌ من الكَلإِ قال ذو الرمة
أَضَلَّه راعياً كَلْبِيةٌ صَدراً ... عن مُطْلِبٍ قارِبٍ وُرَّادُهُ عُصُبُ
ويُرْوى عن مُطْلِبٍ وطُلى الأَعناقِ تَضْطَرِبُ يقول بَعُدَ الماءُ عنهم حتى أَلجَأَهم إِلى طَلَبه وقوله راعياً كَلْبيةٌ يعني إِبلاً سوداً من إِبل كَلْب وقد أَطْلَبَ الكَلأُ تباعَدَ وطَلَبه القوم وقال ابن الأَعرابي ماءٌ قاصدٌ كَلَؤُهُ قريب وماء مُطلِبٌ كَلَؤُه بعيدٌ وقال أَبو حنيفة ماء مُطلِبٌ إِذا بَعُدَ كَلَؤُهُ بقَدْر مِيلَين أَو ثلاثة فإِذا كان مسيرةَ يوم أَو يومين فهو مُطْلِبُ إِبلٍ غيره أَطْلَبَ الماءُ إِذا بَعُد فلم يُنَلْ إِلاّ بطَلَبٍ وبئر طَلوبٌ بعيدةُ الماء وآبارٌ طُلُبٌ قال أَبو وَجْزَة
وإِذا تَكَلَّفْتُ المَديحَ لغَيره ... عالَجْتُها طُلُباً هُناك نِزاحا
وأَطْلَبه الشيءَ أَعانه على طَلَبه وقال اللحياني اطْلُبْ لي شيئاً ابْغِه لي وأَطْلِبني أَعِنِّي على الطَّلَب وقوله في حديث الهجرة قال سُراقَةُ فاللّه لَكُما أَن أَرُدَّ عنكما الطَّلَب قال ابن الأَثير هو جمع طالب أَو مصدرٌ أُقيم مُقامه أَو على حذف المضاف أَي أَهلَ الطَّلَب وفي حديث أَبي بكر في الهجرة قال له أَمْشي خَلْفَكَ أَخْشى الطَّلَب ابن الأَعرابي الطَلَبةُ الجماعةُ من الناس والطُّلْبة السَّفْرة البعيدة وطَلِبَ إِذا اتَّبَعَ وطَلِبَ إِذا تَبَاعَدَ وإِنه لَطِلْبُ نساءٍ أَي يَطْلُبهن والجمع أَطْلاب وطِلبَة وهي طِلْبُه وطِلْبَتُه الأَخيرة عن اللحياني إِذا كان يَطْلُبها ويَهْواها ومَطْلُوب اسم موضع قال الأَعشى يا رَخَماً قاظَ على مَطْلُوب ويقال طالبٌ وطَلَبٌ مثل خادم وخَدَم وطالِبٌ ومُطَّلِبٌ وطُلَيْبٌ وطَلَبةُ وطَلاَّبٌ أَسماء

( طنب ) الطُّنْبُ والطُّنُبُ معاً حَبْل الخِباءِ والسُّرادقِ ونحوهما [ ص 561 ] وأَطنابُ الشجر عروقٌ تَتَشَعَّبُ من أَرُومَتِها والأَواخِيُّ الأَطْنابُ واحدتُها أَخِيَّةٌ والأَطْنابُ الطوالُ من حِبالِ الأَخْبيةِ والأُصُرُ القِصارُ واحدها إِصار والأَطْنابُ ما يُشَدُّ به البيتُ من الحبال بين الأَرض والطرائق ابن سيده الطُّنْبُ حبل طويل يُشَدُّ به البيتُ والسُّرادقُ بين الأَرض والطرائق وقيل هو الوَتِدُ والجمع أَطنابٌ وطِنَبَةٌ وطَنَّبَه مَده بأَطنابه وشَدَّه وخِباءٌ مُطَنَّبٌ ورِواقٌ مُطَنَّب أَي مشدود بالأَطْناب وفي الحديث ما بين طُنْبَي المدينة أَحْوجُ مني إِليها أَي ما بين طَرَفيها والطُّنُب واحدُ أَطناب الخَيْمَة فاستعاره للطَّرَف والناحية والطُنْبُ عِرْق الشجر وعَصَبُ الجَسَد ابن سيده أَطْنابُ الجسد عَصَبُه التي تتصل بها المفاصِلُ والعظام وتَشُدُّها والطُّنْبانِ عَصَبتانِ مُكْتَنِفتان ثَغْرة النَّحْر تمتدّان إِذا تَلَفَّتَ الإِنسانُ والمِطْنَبُ والمَطْنَبُ أَيضاً المَنْكِبُ والعاتِقُ قال امرؤُ القيس
وإِذْ هِيَ سَوْداءُ مِثلُ الفَحِيمِ ... تُغَشِّي المَطانِبَ والمَنْكِبا
والمَطْنَبُ حَبْلُ العاتِق وجمعه مَطانِبُ ويقال للشمس إِذا تَقَضَّبَتْ عند طُلوعها لها أَطْنابٌ وهي أَشِعَّة تمتدُّ كأَنَّها القُضُبُ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَن الأَشْعَثَ بن قَيْس تَزَوَّجَ امرأَةً على حُكْمِها فَردَّها عمر إِلى أَطنابِ بيتِها يعني رَدَّها إِلى مَهْرِ مِثلها من نسائها يريد إِلى ما بُنِيَ عليه أَمْرُ أَهْلِها وامتدَّت عليه أَطنابُ بيوتِهم ويقال هو جاري مُطانِبِي أَي طُنُبُ بيته إِلى طُنُبِ بيتي وفي الحديث ما أُحِبُّ أَنَّ بيتي مُطَنَّبٌ ببيتِ محمدٍ صلى اللّه عليه وسلم اني أَحْتَسِبُ خُطايَ مُطَنَّبٌ مشدود بالأَطناب يعني ما أُحِبُّ أَن يكون بيتي إِلى جانب بيته لأَني أَحْتَسِبُ عند اللّه كثرةَ خُطايَ من بيتي إِلى المسجد والمِطْنَبُ المِصْفاةُ والطَّنَبُ طُول في الرجلين في اسْتِرْخاء والطُّنُب والإِطْنابةُ جميعاً سَيْرٌ يُوصَلُ بوَتَرِ القَوْسِ العربية ثم يُدارُ على كُظْرِها وقيل إِطْنابةُ القَوْسِ سَيْرُها الذي في رِجْلِها يُشَدُّ من الوَتَر على فُرضَتِها وقد طَنَّبْتُها الأَصمعي الإِطْنابةُ السَّيْرُ الذي على رأْس الوَتَر من القوس وقوسٌ مُطَنَّبة والإِطْنابةُ سير يُشَدُّ في طَرَفِ الحِزام ليكون عَوْناً لسَيْرِه إِذا قَلِقَ قال النابغة يصف خيلاً
فهُنَّ مُسْتَبْطِناتٌ بَطْنَ ذِي أُرُلٍ ... يَرْكُضْن قد قَلِقَتْ عَقْدُ الأَطانيبِ
والإِطْنابَةُ سَير الحِزام المعقود إِلى الإِبْزِيمِ وجمعُه الأَطانيبُ وقال سلامة ( 1 )
( 1 قوله « وقال سلامة » كذا بالأصل والذي في الأساس قال
النابغة )
حتى اسْتَغَثْنَ بأَهْلِ المِلْحِ ضاحِيةً ... يَرْكُضْن قد قَلِقَتْ عَقْدُ الأَطانِيبِ
وقيل عَقْدُ الأَطَانِيبِ الأَلْبابُ والحُزُمُ إِذا اسْتَرْخَتْ والإِطْنابَةُ المِظَلَّة وابنُ الإِطْنابة رجل شاعر سمي بواحدة من هذه والإِطْنابةُ أُمُّه وهي امرأَة من بني كنانة بن القيس بن جَسْرِ بن [ ص 562 ] قُضاعة واسم أَبيه زَيْدُ مَناةَ والطَّنَبُ بالفتح اعْوجاج في الرُّمْح وطَنَّبَ بالمكان أَقام به وعَسْكرٌ مُطَنِّبٌ لا يُرَى أَقصاه من كثرته وجَيْشٌ مِطْنابٌ بعيدُ ما بين الطَّرَفين لا يَكاد ينقطعُ قال الطِّرِمّاحُ
عَمِّي الذي صَبَح الحَلائبَ غُدْوَةً ... من نَهْروانَ بجَحْفَلٍ مِطنابِ
أَبو عمرو التَّطْنِيبُ أَنْ تعلِّقَ السِّقاءَ في عَمُود البيت ثم تَمْخَضَهُ والإِطْنابُ البلاغة في المَنْطِق والوَصْفِ مدحاً كان أَو ذمّاً وأَطْنَبَ في الكلام بالَغَ فيه والإِطْنابُ المبالغة في مدح أَو ذم والإِكثارُ فيه والمُطْنِبُ المَدَّاحُ لكل أَحد ابن الأَنباري أَطْنَبَ في الوصف إِذا بالغ واجْتَهد وأَطْنَبَ في عَدْوه إِذا مَضى فيه باجتهاد ومبالغة وفرس في ظَهْرِه طَنَبٌ أَي طولٌ وفرس أَطْنَبُ إِذا كان طويلَ القَرَى وهو عيب ومنه قول النابغة
لَقَدْ لَحِقْتُ بأُولَى الخَيْلِ تَحْمِلُنِي ... كَبْداءُ لا شَنَجٌ فيها ولا طَنَبُ
وطَنِبَ الفرسُ طَنَباً وهو أَطْنَبُ والأُنثى طَنْباءُ طال ظهرُه وأَطْنَبَتِ الإِبلُ إِذا تَبِعَ بعْضُها بعضاً في السير وأَطْنَبَتِ الريحُ إِذا اشتَدَّتْ في غُبارٍ وخَيْلٌ أَطانيبُ يَتْبَعُ بعضُها بعضاً ومنه قول الفرزدق
وقد رَأَى مُصْعَبٌ في ساطِعٍ سَبِطٍ ... منها سَوابقَ غاراتٍ أَطَانِيبِ
يقال رَأَيت إِطْنابةً من خَيْلٍ وطَيْرٍ وقال النمرُ بن تَوْلَبٍ
كأَنَّ امْرَأً في الناسِ كنتَ ابْنَ أُمّه ... على فَلَجٍ مِنْ بَطْنِ دِجْلَةَ مُطْنِبِ
وفَلَجٌ نهر ومُطْنِبٌ بعيدُ الذهاب يعني هذا النهر ومنه أَطْنَبَ في الكلام إِذا أَبْعَدَ يقول مَنْ كنتَ أَخاه فإِنما هو على بَحْر من البُحور من الخِصْبِ والسَّعَةِ والطُّنُبُ خَبْراءُ من وادي ماوِيَّةَ وماوِيَّةُ ماءٌ لبَنِي العَنْبر ببطن فَلْج عن ابن الأَعرابي وأَنشد
لَيْسَتْ من اللاَّئِي تَلَهَّى بالطُّنُبْ ... ولا الخَبِيراتِ مع الشَّاءِ المُغِبّ
الخَبِيراتُ خَبْراواتٌ بالصَّلْعاءِ صَلْعاء ماوِيَّة سُمِّينَ بذلك لأَنهنَّ انْخَبَرْنَ في الأَرض أَي انْخَفَضْنَ فاطْمَأَنَنَّ فيها وطَنَّبَ الذِّئبُ عَوَى عن الهَجَريّ قال واسْتَعاره الشاعر للسَّقْب فقال وطَنَّبَ السَّقْبُ كما يَعْوي الذيب

( طهلب ) الطَّهْلَبَةُ الذهاب في الأَرض عن كراع

( طوب ) يقال للداخل طَوْبَةً وأَوْبَةً يُريدونَ الطَّيِّبَ في المعنى دون اللَّفظ لأَن تلك ياءٌ وهذه واو والطُّوبَةُ الآجُرَّة شامية أَو رومية قال ثعلب قال أَبو عمرو لو أَمْكَنْتُ من نَفْسي ما تَركُوا لي طُوبَةً يعني آجرة الجوهري والطُّوبُ الآجر بلغة أَهل مصر والطُّوبَةُ الآجُرَّة ذكرها الشافعي قال ابن شميل فلان لا آجُرَّة له ولا طُوبَة قال الآجر الطين [ ص 563 ]

( طيب ) الطِّيبُ على بناء فِعْل والطَّيِّب نعت وفي الصحاح الطَّيِّبُ خلاف الخَبيث قال ابن بري الأَمر كما ذكر إِلا أَنه قد تتسع معانيه فيقال أَرضٌ طَيِّبة للتي تَصْلُح للنبات ورِيحٌ طَيِّبَةٌ إِذا كانت لَيِّنةً ليست بشديدة وطُعْمة طَيِّبة إِذا كانت حلالاً وامرأَةٌ طَيِّبة إِذا كانت حَصاناً عفيفةً ومنه قوله تعالى الطيباتُ للطَّيِّبين وكلمةٌ طَيِّبة إِذا لم يكن فيها مكروه وبَلْدَة طَيِّبة أَي آمنةٌ كثيرةُ الخير ومنه قوله تعالى بَلْدَة طَيِّبة ورَبٌّ غَفُور ونَكْهة طَيِّبة إِذا لم يكن فيها نَتْنٌ وإِن لم يكن فيها ريح طَيِّبة كرائحةِ العُود والنَّدِّ وغيرهما ونَفْسٌ طَيِّبة بما قُدِّرَ لها أَي راضية وحِنْطة طَيِّبة أَي مُتَوَسِّطَة في الجَوْدَةِ وتُرْبة طَيِّبة أَي طاهرة ومنه قوله تعالى فَتَيَمَّمُوا صَعيداً طَيِّباً وزَبُونٌ طَيِّبٌ أَي سَهْل في مُبايعَته وسَبْيٌ طَيِّبٌ إِذا لم يكن عن غَدْر ولا نَقْض عَهْدٍ وطعامٌ طَيِّب للذي يَسْتَلِذُّ الآكلُ طَعْمه ابن سيده طَابَ الشيءُ طِيباً وطَاباً لذَّ وزكَا وطابَ الشيءُ أَيضاً يَطِيبُ طِيباً وطِيَبَةً وتَطْياباً قال عَلْقَمة
يَحْمِلْنَ أُتْرُجَّةً نَضْخُ العَبيرِ بها ... كَأَنَّ تَطْيابَها في الأَنْفِ مَشْمومُ
وقوله عز وجل طِبْتم فادخُلوها خالِدين معناه كنتم طَيِّبين في الدنيا فادخُلوها والطَّابُ الطَّيِّبُ والطِّيبُ أَيضاً يُقالان جميعاً وشيءٌ طابٌ
أَي طَيِّبٌ إِما أَن يكون فاعلاً ذهبت عينه وإِما أَن يكون فِعْلاً
وقوله
يا عُمَرَ بنَ عُمَرَ بنِ الخَطَّابْ ... مُقابِلَ الأَعْراقِ في الطَّابِ الطَّابْ
بَينَ أَبي العاصِ وآلِ الخَطَّابْ ... إِنَّ وقُوفاً بفِناءِ الأَبْوابْ
يَدْفَعُني الحاجِبُ بعْدَ البَوَّابْ ... يَعْدِلُ عندَ الحُرِّ قَلْعَ الأَنْيابْ
قال ابن سيده إِنما ذهب به إِلى التأْكيد والمبالغة ويروى في الطيِّب الطَّاب وهو طَيِّبٌ وطابٌ والأُنثى طَيِّبَةٌ وطابَةٌ وهذا الشعر يقوله كُثَيِّر ابنُ كُثَيِّر النَّوفَليُّ يمدحُ به عمر بن عبدالعزيز ومعنى قوله مُقابِلَ الأَعْراقِ أَي هو شريفٌ من قِبَل أَبيه وأُمه فقد تَقَابلا في الشَّرَفِ والجلالة لأَنَّ عمر هو ابن عبدالعزيز بن مروان بن الحكم بن أَبي العاص وأُمه أُم عاصم بنت عاصم بن عمر بن الخطاب فَجَدُّه من قِبل أَبيه أَبو العاص جَدُّ جَدِّه وجَدُّه من قِبل أُمه عُمَرُ بن الخطاب وقولُ جَنْدَلِ بن المثنى هَزَّتْ بَراعيمَ طِيابِ البُسْرِ إِنما جمع طِيباً أَو طَيِّباً والكلمةُ الطَّيِّبةُ شهادةُ أَنْ لا إِله إِلاّ اللّهُ وأَنَّ محمداً رسول اللّه قال ابن الأَثير وقد تكرر في الحديث ذكر الطَّيِّبِ والطَّيِّبات وأَكثر ما يرد بمعنى الحلال كما أَن الخبيث كناية عن الحرام وقد يَرِدُ الطَّيِّبُ بمعنى الطاهر ومنه الحديث انه قال لِعَمَّار مَرحباً بالطَّيِّبِ المُطَيَّبِ أَي الطاهر المُطَهَّرِ ومنه حديث عليّ ( 1 )
( 1 قوله « ومنه حديث علي الخ » المشهور حديث أبي بكر كذا هو في الصحيح آه من هامش النهاية ) كرم اللّه وجهه لما مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال بأَبي أَنتَ وأُمي طِبْتَ حَيّاً وطِبْتَ مَيِّتاً أَي طَهُرتَ والطَّيِّباتُ في التحيات أَي الطَّيِّباتُ من الصلاة [ ص 564 ] والدعاءِ والكلام مصروفاتٌ إِلى اللّه تعالى وفلانٌ طَيِّبُ الإِزار إِذا كان عفيفاً قال النابغة رِقاقُ النِّعالِ طَيِّبٌ حُجُزاتُهم أَراد أَنهم أَعِفَّاءُ عن المحارم وقوله تعالى وهُدُوا إِلى الطَّيِّب من القول قال ثعلب هو الحسن وكذلك قولُه تعالى إِليه يَصْعَدُ الكَلِم الطَّيِّب والعملُ الصالِحُ يَرْفَعُه إِنما هو الكَلِمُ الحَسَنُ أَيضاً كالدعاء ونحوه ولم يفسر ثعلب هذه الأَخيرة وقال الزجاج الكَلِمُ الطَّيِّبُ توحيدُ اللّه وقول لا إِله إِلاَّ اللّه والعملُ الصالح يَرْفَعُه أَي يرفع الكَلِمَ الطَّيِّبَ الذي هو التوحيدُ حتى يكون مُثبِتاً للموحد حقيقةَ التوحيد والضمير في يرفعه على هذا راجع إِلى التوحيد ويجوز أَن يكون ضمير العملِ الصالِح أَي العملُ الصالحُ يرفعه الكَلِمُ الطَّيِّبُ أَي لا يُقْبَلُ عملٌ صالحٌ إِلاَّ من موحد ويجوز أَن يكون اللّهُ تعالى يرفعه وقوله تعالى الطَّيِّباتُ للطَّيِّبين والطيِّبون للطيِّبات قال الفراء الطَّيِّبات من الكلام للطيبين من الرجال وقال غيره الطيِّبات من النساءِ للطيِّبين من الرجال وأَما قوله تعالى يسأَلونك ماذا أُحِلَّ لهم ؟ قل أُحِلَّ لكم الطَّيِّباتُ الخطاب للنبي صلى اللّه عليه وسلم والمراد به العرب وكانت العرب تستقذر أَشياء كثيرة فلا تأْكلها وتستطيب أَشياءَ فتأْكلها فأَحلَّ اللّه لهم ما استطابوه مما لم ينزل بتحريمه تِلاوةٌ مِثْل لحوم الأَنعام كلها وأَلبانها ومثل الدواب التي كانوا يأْكلونها من الضِّباب والأَرانب واليرابيع وغيرها وفلانٌ في بيتٍ طَيِّبٍ يكنى به عن شرفه وصلاحه وطِيبِ أَعْراقِه وفي حديث طاووس أَنه أَشْرَفَ على عليِّ بن الحُسَين ساجداً في الحِجْر فقلتُ رجلٌ صالح من بَيْتٍ طَيِّبٍ والطُّوبى جماعة الطَّيِّبة عن كراع قال ولا نظير له إِلاَّ الكُوسى في جمع كَيِّسَة والضُّوقى في جمع ضَيِّقة قال ابن سيده وعندي في كل ذلك أَنه تأْنيثُ الأَطْيَبِ والأَضْيَقِ والأَكْيَسِ لأَنَّ عْلى ليسَت من أَبنية الجموع وقال كراع ولم يقولوا الطِّيبى كما قالوا الكِيسَى في الكوسى والضِّيقَى في الضُّوقى والطُّوبى الطيِّبُ عن السيرافي وطُوبى فُعْلى من الطِّيبِ كأَن أَصله طُيْبَى فقلبوا الياء واواً للضمة قبلها ويقال طُوبى لَك وطُوبَاك بالإِضافة قال يعقوب ولا تَقُل طُوبِيكَ بالياءِ التهذيب والعرب تقول طُوبى لك ولا تقل طُوبَاك وهذا قول أَكثر النحويين إِلا الأَخفش فإِنه قال من العرب من يُضيفها فيقول طُوباك وقال أَبو بكر طُوباكَ إِن فعلت كذا قال هذا مما يلحن فيه العوام والصواب طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا وطُوبى شجرة في الجنة وفي التنزيل العزيز طُوبى لهم وحُسْن مآبٍ وذهب سيبويه بالآية مَذْهبَ الدُّعاء قال هو في موضع رفع يدلّك على رفعه رفعُ وحُسْنُ مآبٍ قال ثعلب وقرئَ طُوبى لهم وحُسْنَ مآبٍ فجعل طُوبى مصدراً كقولك سَقْياً له ونظيره من المصادر الرُّجْعَى واستدل على أَن موضعه نصب بقوله وحُسْنَ مآبٍ قال ابن جني وحكى أَبو حاتم سهلُ بن محمد السِّجِسْتاني في كتابه الكبير في القراءَات قال قرأَ عليَّ أَعرابي بالحرم طِيبَى لهم فأَعَدْتُ فقلتُ طُوبى فقال طِيبى فأَعَدْتُ فقلت طُوبى فقال طِيبَى فلما طال عليَّ قلت طُوطُو فقال طِي طِي قال الزجاج [ ص 565 ] جاءَ في التفسير عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَن طُوبى شجرة في الجنة وقيل طُوبى لهم حُسْنَى لهم وقيل خَيْر لهم وقيل خِيرَةٌ لهم وقيل طُوبى اسم الجنة بالهِنْدية ( 1 )
( 1 قوله « بالهندية » قال الصاغاني فعلى هذا يكون أصلها توبى بالتاء فعربت فإنه ليس في كلام أهل الهند طاء ) وفي الصحاح طُوبى اسم شجرة في الجنة قال أَبو إِسحق طُوبى فُعْلى من الطِّيبِ والمعنى أَن العيشَ الطَّيِّبَ لهم وكلُّ ما قيل من التفسير يُسَدِّد قولَ النحويين إِنها فُعْلى من الطِّيبِ وروي عن سعيد بن جبير أَنه قال طُوبى اسم الجنة بالحبشية وقال عكرمة طُوبى لهم معناه الحُسْنَى لهم وقال قتادة طُوبى كلمة عربية تقول العرب طُوبى لك إِن فعلت كذا وكذا وأَنشد
طُوبى لمن يَسْتَبْدِلُ الطَّوْدَ بالقُرَى ... ورِسْلاً بيَقْطِينِ العِراقِ وفُومها
الرِّسْلُ اللبن والطَّوْدُ الجَبلُ واليَقْطِينُ القَرْعُ أَبو عبيدة كل ورقة اتَّسَعَتْ وسَتَرَتْ فهي يَقطِينٌ والفُوم الخُبْزُ والحِنْطَةُ ويقال هو الثُّومُ وفي الحديث إِن الإِسلام بَدأَ غريباً وسَيَعُود غريباً كما بدأَ فطُوبى للغُرباءِ طُوبى اسم الجنة وقيل شجرة فيها وأَصلها فُعْلى من الطيب فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واواً وفي الحديث طُوبى للشَّأْمِ لأَن الملائكة باسطةٌ أَجنحتَها عليها المراد بها ههنا فُعْلى من الطيب لا الجنة ولا الشجرة واسْتَطَابَ الشيءَ وجَدَه طَيِّباً وقولهم ما أَطْيَبَه وما أَيْطَبه مقلوبٌ منه وأَطْيِبْ به وأَيْطِبْ به كله جائز وحكى سيبويه اسْتَطْيَبَه قال جاءَ على الأَصل كما جاءَ اسْتَحْوَذَ وكان فعلهما قبل الزيادة صحيحاً وإِن لم يُلفظ به قبلها إِلا معتلاً وأَطَابَ الشيءَ وطَيَّبَه واسْتَطَابه وجَدَه طَيِّباً والطِّيبُ ما يُتَطَيَّبُ به وقد تَطَيَّبَ بالشيءِ وطَيَّبَ الثوبَ وطابَهُ عن ابن الأَعرابي قال فكأَنَّها تُفَّاحةٌ مَطْيُوبة جاءَت على الأَصل كمَخْيُوطٍ وهذا مُطَّرِدٌ وفي الحديث شَهِدْتُ غلاماً مع عُمومتي حِلْفَ المُطَيَّبِين اجتمَع بنو هاشم وبنو زُهْرَة وتَيْمٌ في دارِ ابن جُدْعانَ في الجاهلية وجعلوا طِيباً في جَفْنةٍ وغَمَسُوا أَيديَهم فيه وتَحالَفُوا على التناصر والأَخذ للمظلوم من الظالم فسُمُّوا المُطَيَّبين وسنذكره مُسْتَوْفىً في حلف ويقال طَيَّبَ فلانٌ فلاناً بالطِّيب وطَيَّبَ صَبِيَّه إِذا قارَبه وناغاه بكلام يوافقه والطِّيبُ والطِّيبَةُ الحِلُّ وقول أَبي هريرة رضي اللّه عنه حين دخل على عثمان وهو محصور الآن طَابَ القِتالُ أَي حَلَّ وفي رواية أُخرى فقال الآن طابَ امْضَرْبُ يريد طابَ الضَّربُ والقتلُ أَي حَلَّ القتالُ فأَبدل لام التعريف ميماً وهي لغة معروفة وفي التنزيل العزيز يا أَيها الرُّسُل كُلُوا من الطَّيِّباتِ أَي كلوا من الحلال وكلُّ مأْكولٍ حلالٍ مُسْتَطابٌ فهو داخل في هذا وإِنما خُوطب بهذا سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال يا أَيها الرُّسُلُ فتَضَمَّنَ الخطابُ أَن الرسل جميعاً كذا أُمِرُوا قال الزجاج ورُوي أَن عيسى على نبينا وعليه الصلاة والسلام كان يأْكل من غَزْلِ أُمِّه وأَطْيَبُ الطَّيِّبات الغَنائمُ وفي حديث هَوازِنَ من أَحَبَّ أَن يُطَيِّبَ ذلك منكم أَي يُحَلِّله ويُبِيحَه [ ص 566 ] وسَبْيٌ طِيَبةٌ بكسر الطاءِ وفتح الياءِ طَيِّبٌ حِلٌّ صحيحُ السِّبَاءِ وهو سَبْيُ مَنْ يجوز حَرْبُه من الكفّار لم يكن عن غَدْرٍ ولا نَقْضِ عَهْدٍ الأَصمعي سَبْيٌ طِيَبة أَي سَبْيٌ طَيِّبٌ يَحِلُّ سَبْيُه لم يُسْبَوْا ولهم عَهْدٌ أَو ذمة وهو فِعَلَة من الطِّيبِ بوزن خِيَرةٍ وتِوَلةٍ وقد ورد في الحديث كذلك والطيِّبُ من كل شيءٍ أَفضَلُه والطَّيِّباتُ من الكلام أَفضَلُه وأَحسنُه وطِيَبَةُ الكَلإِ أَخْصَبُه وطِيَبَةُ الشَّرابِ أَجمُّه وأَصْفاه وطابَت الأَرضُ طِيباً أَخْصَبَتْ وأَكْلأَتْ والأَطْيَبانِ الطعامُ والنكاحُ وقيل الفَمُ والفَرْجُ وقيل هما الشَّحْمُ والشَّبابُ عن ابن الأَعرابي وذهَبَ أَطْيَباه أَكْلُه ونِكاحُه وقيل هما النَّوم والنكاحُ وطايَبه مازَحَه وشَرابٌ مَطْيَبةٌ للنَّفْسِ أَي تَطِيبُ النفسُ إِذا شربته وطعام مَطْيَبةٌ للنفس أَي تَطِيبُ عليه وبه وقولهم طِبْتُ به نفساً أَي طابَتْ نفسي به وطابت نَفْسُه بالشيءِ إِذا سَمَحَت به من غير كراهة ولا غَضَب وقد طابَتْ نفسي عن ذلك تَرْكاً وطابَتْ عليه إِذا وافقَها وطِبْتُ نَفْساً عنه وعليه وبه وفي التنزيل العزيز فإِنْ طِبْنَ لكم عن شيءٍ منه نفساً وفَعَلْتُ ذلك بِطِيبةِ نفسي إِذا لم يُكْرِهْك أَحدٌ عليه وتقول ما به من الطِّيبِ ولا تقل من الطِّيبَةِ وماءٌ طُيَّابٌ أَي طَيِّبٌ وشيءٌ طُيَّابٌ بالضم أَي طَيِّبٌ جِدًّا قال الشاعر
نحنُ أَجَدْنا دُونَها الضِّرَابا ... إِنَّا وَجَدْنا ماءَها طُيَّابا
واسْتَطَبْناهم سأَلْناهُم ماءً عذباً وقوله فلما اسْتَطابُوا صَبَّ في الصَّحْنِ نِصْفَهُ قال ابن سيده يجوز أَن يكون معناه ذاقُوا الخمر فاسْتَطابوها ويجوز أَن يكون من قولهم اسْتَطَبْناهم أَي سأَلْناهم ماء عذباً قال وبذلك فسره ابن الأَعرابي وماءٌ طَيِّبٌ إِذا كان عذباً وطَعامٌ طَيِّبٌ إِذا كان سائغاً في الحَلْق وفلانٌ طَيِّبُ الأَخْلاق إِذا كان سَهْلَ المُعاشرة وبلدٌ طَيِّبٌ لا سِباخَ فيه وماءٌ طَيِّبٌ أَي طاهر ومَطايِبُ اللحْم وغيره خِيارُه وأَطْيَبُه لا يفرد ولا واحد له من لفظه وهو من باب مَحاسِنَ ومَلامِحَ وقيل واحدها مَطابٌ ومَطابةٌ وقال ابن الأَعرابي هي من مَطايِبِ الرُّطَبِ وأَطَايِبِ الجَزُور وقال يعقوب أَطْعِمنا من مَطايِبِ الجَزُور ولا يقال من أَطايِبِ وحكى السيرافي أَنه سأَل بعض العرب عن مَطَايِبِ الجَزُور ما واحدها ؟ فقال مَطْيَبٌ وضَحِكَ الأَعرابي من نفسه كيف تكلف لهم ذلك من كلامه وفي الصحاح أَطْعَمَنا فلانٌ من أَطايِبِ الجَزُور جمع أَطْيَبَ ولا تَقُلْ من مَطايِبِ الجَزُور وهذا عكس ما في المحكم قال الشيخ ابن بري قد ذكر الجَرْمِيُّ في كتابه المعروف بالفَرْق في بابِ ما جاءَ جَمْعُه على غير واحده المستعمل أَنه يقال مَطايِبُ وأَطايِبُ فمن
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) طيب الطِّيبُ على بناء فِعْل والطَّيِّب نعت وفي الصحاح قال مَطايِبُ فهو على غير واحده المستعمل ومن قال أَطايب أَجراه على واحده المستعمل الأَصمعي يُقال أَطْعِمْنا من مطايبها وأَطَايِبها واذكُرْ مَنانَتها وأَنانَتَها وامرأَة حَسَنَة المَعاري والخيلُ تجْري على مَساويها الواحدةُ مَسْواة أَي على ما فيها من السُّوءِ كيفما [ ص 567 ] تكون عليه من هُزالٍ أَو سُقوطٍ منه والمحاسِنُ والمَقالِيدُ لا يُعرف لهذه واحدة وقال الكسائي واحد المَطايِب مَطْيَبٌ وواحد المَعاري مَعْرًى وواحد المَسَاوي مَسْوًى واستعار أَبو حنيفة الأَطايِبَ للكَلإِ فقال وإِذا رَعَتِ السائمةُ أَطايبَ الكَلإِ رَعْياً خفيفاً والطَّابة الخَمْر قال أَبو منصور كأَنها بمعنى طَيِّبة والأَصل طَيِّبةٌ وفي حديث طاووس سُئِلَ عن الطابة تُطْبَخُ على النِّصْفِ الطَّابةُ العَصِيرُ سمي به لطِيبِه وإِصلاحه على النصف هو أَن يُغْلى حتى يَذْهَب نِصْفه والمُطِيبُ والمُسْتَطِيبُ المستنجي مُشتق من الطِّيبِ سمي اسْتِطَابة لأَنه يَطِيبُ جَسَدُه بذلك مما عليه من الخبث والاسْتِطَابة الاسْتِنْجاء وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى أَن يَسْتَطِيبَ الرجل بيمينه الاستطابةُ والإِطَابةُ كناية عن الاستنجاء وسمي بهما من الطِّيبِ لأَنه يُطِيبُ جَسَدَه بإِزالة ما عليه من الخَبَث بالاستنجاءِ أَي يُطَهِّره ويقال منه استطابَ الرجل فهو مُسْتَطِيب وأَطابَ نَفْسَه فهو مُطِيب قال الأَعشى
يا رَخَماً قاظَ عَلى مَطْلُوبِ ... يُعْجِلُ كَفَّ الخارِئِ المُطِيبِ ( 1 )
( 1 قوله « على مطلوب » كذا بالتهذيب أيضاً ورواه في التكملة على ينخوب )
وفي الحديث ابْغِني حَديدَةً أَسْتَطِيبُ بها يريد حَلْقَ العانة
لأَنه تنظيف وإِزالة أَذىً ابن الأَعرابي أَطابَ الرجلُ واسْتَطابَ إِذا استنجى وأَزالَ الأَذى وأَطابَ إِذا تكلم بكلام طَيِّب وأَطابَ قَدَّمَ طعاماً طَيِّباً وأَطابَ ولَدَ بنين طَيِّبِين وأَطابَ تزَوَّجَ حَلالاً وأَنشدت امرأَة
لمَا ضَمِنَ الأَحْشاءُ مِنكَ عَلاقةً ... ولا زُرْتَنا إِلا وأَنتَ مُطِيبُ
أَي متزوّج هذا قالته امرأَة لخِدْنِها قال والحرام عند العُشَّاق أَطْيَب ولذلك قالت ولا زرتنا إِلا وأَنت مُطِيب وطِيبٌ وطَيْبةٌ موضعان وقيل طَيْبةُ وطَابةُ المدينة سماها به النبي صلى اللّه عليه وسلم قال ابن بري قال ابن خالويه سماها النبي صلى اللّه عليه وسلم بعدّةِ أَسماء وهي طَيْبة وطَيِّبَّةُ وطابَةُ والمُطَيَّبة والجابِرةُ والمَجْبورة والحَبِيبة والمُحَبَّبة قال الشاعر فأَصْبحَ مَيْموناً بطَيْبةَ راضِيا ولم يذكر الجوهري من أَسمائها سوى طَيْبة بوزن شَيْبة قال ابن الأَثير في الحديث أَنه أَمر أن تُسَمّى المدينة طَيْبةَ وطابَة هما من الطِّيبِ لأَن المدينة كان اسمها يَثْرِبَ والثَّرْبُ الفساد فنَهى أَن تسمى به وسماها طابةَ وطَيْبةَ وهما تأْنيثُ طَيْبٍ وطاب بمعنى الطِّيبِ قال وقيل هو من الطَّيِّبِ الطاهر لخلوصها من الشرك وتطهيرها منه ومنه جُعِلَتْ لي الأَرضُ طَيِّبةً طَهُوراً أَي نظيفة غير خبيثة وعِذْقُ ابن طابٍ نخلةٌ بالمدينة وقيل ابنُ طابٍ ضَرْبٌ من الرُّطَبِ هنالك وفي الصحاح وتمر بالمدينة يقال له عِذْقُ ابن طابٍ ورُطَبُ ابن طابٍ قال وعِذْقُ ابن طابٍ وعِذْقُ ابن زَيْدٍ ضَرْبانِ من التمر وفي حديث الرُّؤْيا رأَيتُ كأَننا في دارِ ابنِ زَيْدٍ وأُتِينَا بِرُطَبِ ابنِ طاب قال ابن [ ص 568 ] الأَثير هو نوعٌ من تمر المدينة منسوبٌ إِلى ابن طابٍ رجلٍ من أَهلها وفي حديث جابر وفي يده عُرْجُونُ ابنِ طابٍ والطِّيَابُ نخلة بالبصرة إِذا أَرْطَبَتْ فَتُؤخّر عن اخْتِرافِها تَساقَطَ عن نَواه فبَقِيتِ الكِباسَةُ ليس فيها إِلا نَوًى مُعَلَّقٌ بالتَّفاريق وهو مع ذلك كِبارٌ قال وكذلك إِذا اخْتُرِفَتْ وهي مُنْسَبتَة لم تَتْبَعِ النَّواةُ اللِّحاءَ واللّه أَعلم

( ظأب ) الظَّأْبُ الزَّجَلُ والظَّأْبُ والظَّأْمُ مهموزان السِّلْفُ تقول هو ظَأْبُه وظَأْمُه وقد ظاءَبه وظَاءَمَه وتَظاءَبا وتَظاءَما إِذا تزوّجت أَنت امرأَة وتزوّج هو أُختها اللحياني ظاءَبني فُلانٌ مُظاءَبةً وظاءَمَني إِذا تزوّجت أَنت امرأَة وتزوّج هو أُختها وفلانٌ ظَأْبُ فلانٍ أَي سلْفُه وجمعه أَظْؤُبٌ وحُكي عن أَبي الدُّقَيْشِ في جمعه ظُؤُوبٌ والظَّأْبُ الكلامُ والجَلَبةُ والصَّوْتُ ابن الأَعرابي ظَأَب إِذا جَلَّبَ وظَأَب إِذا تزوّج وظَأَب إِذا ظَلَم والأَعْرَفُ أَن الظَّأْب السِّلْفُ مهموز وأَن الصوتَ والجَلَبة وصِياحَ التَّيْسِ كل ذلك مهموز الأَصمعي قال سمعت ظَأْبَ تَيْسِ فلانٍ وظَأْمَ تيسِه وهو صياحُه في هِياجِه وأَنشد لأَوْس بن حَجَرٍ
يَصُوعُ عُنُوقَها أَحْوى زَنِيمُ ... له ظَأْبٌ كما صَخِبَ الغَرِيمُ
قال وليس أَوْسُ بنُ حَجَر هذا هو التيميّ لأَن هذا لم يجئ في شعره قال ابن بري هذا البيت للمُعَلَّى بن جَمالٍ العَبْدي يَصُوعُ أَي يَسُوقُ ويَجْمَعُ وعُنُوق جمع عَناقٍ للأُنثى من وَلد المَعزِ والأَحْوى أَراد به تَيْساً أَسْوَدَ والحُوَّةُ سوادٌ يَضْرِبُ إِلى حُمْرةٍ والزَّنيم الذي له زَنَمتانِ في حَلْقه

( ظبب ) ابن الأَثير في حديث البراء فَوَضَعْتُ ظَبِيبَ السَّيْفِ في بَطْنِه قال قال الحَرْبِيُّ هكذا رُوِي وإِنما هو ظُبَةُ السيف وهو طَرَفُه ويُجْمع على الظُّباةِ والظُّبِينَ وأَما الضَّبِيبُ بالضاد فسيلانُ الدم من الفم وغيره وقال أَبو موسى إِنما هو بالصاد المهملة وقد تقدم في موضعه

( ظبظب ) التهذيب أَما ظَبَّ فإِنه لم يُستعمل إِلاَّ مكرَّراً والظَّبْظَابُ كلامُ المُوعِدِ بِشَرٍّ قال الشاعر مُواغِدٌ جاءَ له ظَبْظابُ قال والمُواغِدُ بالغين المُبادِرُ المُتَهَدِّدُ أَبو عمرو ظَبْظَبَ إِذا صاح وله ظَبْظابٌ أَي جَلَبةٌ وأَنشد
جاءَتْ معَ الصُّبْحِ لها ظَبَاظِبُ ... فغَشِيَ الذَّارَةَ مِنها عَاكِبُ
ابن سيده يقال ما به ظَبْظابٌ أَي ما به قَلَبَةٌ وقيل ما به شيءٌ من الوَجَع قال رؤبة كأَنَّ بي سُلاًّ وما بي ظَبْظابْ قال ابن بري صواب إِنشاده « وما مِنْ ظَبْظَابْ » وبعده بي والبِلى أَنْكَرُ تِيكَ الأَوْصابْ قال ابن بَري وفي هذا البيت شاهد على صحة السِّلِّ لأَنَّ الحريري ذكر في كتابه دُرَّة الغَوَّاص أَنه من غلط العامة وصوابُه عنده السُّلال ولم يُصِبْ [ ص 569 ] في إِنكاره السِّلَّ لكثرة ما جاءَ في أَشْعار الفُصحاءِ وقد ذكره سيبويه في كتابه أَيضاً والأَوْصابُ الأَسقام الواحد وَصَبٌ والأَصل في الظَّبْظاب بَثْرٌ يخرج بين أَشفار العين وهو القَمَعُ يُدَاوى بالزعفران وقيل ما به ظَبْظابٌ أَي ما به عَيْب قال بُنَيَّتِي ليس بها ظَبْظابُ والظَّبْظابُ البَثْرة في جَفْن العين تُدْعَى الجُدْجُدَ وقيل هو بَثْرٌ يخرج بالعين ابن الأَعرابي الظَّبْظابُ البثرة التي تخرج في وجوه المِلاحِ والظَّبْظابُ داء يُصِيبُ الإِبلَ ابن سيده الظَّبْظابُ أَصواتُ أَجْواف الإِبل من شدَّة العطش حكاها ابن الأَعرابي والظَّبْظابُ الصياحُ والجَلَبة وظَباظِبُ الغَنم لَبالِبُها وهي أَصواتُها وجَلَبَتُها وقوله « جاءَتْ معَ الشَّرْبِ لها ظباظِبُ » يجوز أَن يعني به أَصواتَ أَجواف الإِبل من العطش ويجوز أَن يعني بها أَصوات مشيها وقوله أَيضاً « مُواغِدٌ جاءَ له ظَباظِبُ » فسره ثعلب بالجَلَبة وبأَنَّ ظَباظِبَ جمعُ ظَبْظَبَةٍ قال ابن سيده وقد يجوز أَن يكون جمع ظَبْظابٍ على حذف الياءِ للضرورة كقوله والبَكَراتِ الفُسَّجَ العَطامِسَا

( ظرب ) الظَّرِبُ بكسر الراءِ كلُّ ما نَتأَ من الحجارة وحُدَّ طَرَفُه وقيل هو الجَبَل المُنْبَسِط وقيل هو الجَبَلُ الصغير وقيل الرَّوابي الصغار والجمعُ ظِرابٌ وكذلك فسر في الحديث الشَّمْسُ على الظِّرَابِ وفي حديث الاستسقاءِ اللهم على الآكام والظِّرابِ وبُطونِ الأَوْدية والتِّلالِ والظِّرابُ الرَّوابي الصِّغارُ واحدها ظَرِبٌ بوزن كَتِفٍ وقد يجمع في القلة على أَظْرُبٍ وفي حديث أَبي بكر رضي اللّه عنه أَيْنَ أَهْلُكَ يا مَسْعُودُ ؟ فقال بهذه الأَظْرُبِ السَّوَاقِطِ السَّواقِطُ الخاشعةُ المنخفضةُ وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها رأَيتُ كأَني على ظَرِبٍ ويُصَغَّر على ظُرَيْبٍ وفي حديث أَبي أُمامة في ذكر الدجال حتى ينزلَ على الظُّرَيْبِ الأَحمر وفي حديث عمر رضي اللّه عنه إِذا غَسَقَ الليلُ على الظِّرابِ إِنما خَصَّ الظِّراب لِقَصرها أَراد أَنّ ظُلْمة الليل تَقْرُبُ من الأَرض الليث الظَّرِبُ من الحجارة ما كان ناتِئاً في جَبَلٍ أَو أَرضٍ خَرِبةٍ وكان طَرَفُه الثاني مُحَدَّداً وإِذا كان خِلْقَةُ الجَبَلِ كذلك سُمِّيَ ظَرِباً وقيل الظَّرِبُ أَصْغَرُ الإِكامِ وأَحَدُّه حَجراً لا يكون حَجَرُه إِلاَّ طُرَراً أَبيضُه وأَسْودُه وكلُّ لونٍ وجمعه أَظْرابٌ والظَّرِبُ اسم رجل منه ومنه سُمِّي عامِرُ بن الظَّرِبِ العَدْوانيّ أَحدُ فُرْسانِ بني حِمَّانَ بنِ عبدِالعُزَّى وفي الصحاح
أَحَدُ حُكَّامِ العَرَب قال مَعْد يِكرب المعروفُ بغَلْفاءَ يَرْثي أَخاه
شُرَحْبيلَ وكان قُتِلَ يومَ الكُلابِ الأَوَّل
إِنَّ جَنْبِي عن الفِراشِ لَنابِ ... كَتَجافي الأَسَرّ فَوْقَ الظِّرابِ
من حديثٍ نَمَى إِليَّ فما تَرْقأُ ... عَيْني ولا أُسِيغُ شَرابِي
من شُرَحْبيلَ إِذ تَعاوَرَهُ الأَرْ ... ماحُ في حالِ صَبْوةٍ وشَبَابِ
والكُلابُ اسمُ ماءٍ وكان ذلك اليومَ رئيس بَكْرٍ والأَسَرُّ البعير الذي في كِرْكِرَتِه [ ص 570 ] دَبْرَةٌ وقال المُفَضَّلُ المُظَرَّبُ الذي لَوَّحَتْهُ الظِّرابُ قال رؤْبة شَدَّ الشَّظِيُّ الجَنْدَلَ المُظَرَّبا وقال غيره ظُرِّبَتْ حَوافِرُ الدابةِ تَظْريباً فهي مُظَرَّبة إِذا صَلُبَتْ واشْتَدَّتْ وفي الحديث كان له فرسٌ يقال له الظَّرِبُ تشبيهاً بالجُبَيْل لقُوَّته وأَظْرابُ اللِّجَامِ العُقَدُ التي في أَطْرافِ الحَديدِ قال بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ وهذا البيتُ ذكره الجوهريّ شاهداً على قوله والأَظْرابُ أَسْناخُ الأَسْنانِ قال عامر بن الطُّفَيْلِ
ومُقَطِّعٍ حَلَقَ الرِّحالةِ سابِحٍ ... بادٍ نَواجِذُه عنِ الأَظْرابِ
وقال ابن بري البيت للَبيد يصف فرساً وليس لعامر بن الطفيل وكذلك أَورده الأَزهري للبيد أَيضاً وقال يقول يُقَطِّعُ حَلَقَ الرِّحالةِ بوثُوبِه وتَبْدو نَواجِذُه إِذا وَطِئَ على الظِّرابِ أَي كَلَح يقول هو هكذا وهذه قُوَّتُه قال وصوابه ومُقَطِّعٌ بالرفع لأَن قبله
تَهْدي أَوائِلَهُنَّ كلُّ طِمِرَّةٍ ... جَرْداءُ مثلُ هِراوةِ الأَعْزابِ
والنَّواجذُ ههنا الضَّواحِكُ وهو الذي اختاره الهروي وفي الحديث أَنه صلى اللّه عليه وسلم ضَحِكَ حتى بَدَتْ نواجذُه قال لأَن جُلَّ ضَحِكِه كان التَّبَسُّمَ والنواجذُ هنا آخر الأَضراس وذلك لا يَبينُ عند الضَّحِك ويقوّي أَن الناجذَ الضاحكُ قول الفرزدق
ولو سأَلَتْ عنِّي النَّوارُ وقَوْمُها ... إِذَنْ لم تُوارِ الناجِذَ الشَّفَتانِ
وقال أَبو زُبَيْدٍ الطائي
بارِزاً ناجذاه قد بَرَدَ المَوْ ... تُ على مُصْطَلاهُ أَيَّ بُرودِ
والظُّرُبُ على مثال عُتُلٍّ القصير الغليظُ اللَّحِيمُ عن اللحياني وأَنشد يا أُمَّ عبدِاللّهِ أُمَّ العبدِ يا أَحسَنَ الناسِ مَناطَ عِقْدِ لا تَعْدِليني بظُرُبٍّ جَعْدِ أَبو زيد الظَّرِباءُ ممدود على فَعِلاءَ ( 1 )
( 1 قوله « الظرباء ممدود الخ » أي بفتح الظاء وكسر الراء مخفف الباء ويقصر كما في التكملة وبكسر الظاء وسكون الراء ممدوداً ومقصوراً كما في الصحاح والقاموس ) دابة شبه القرد قال أَبو عمرو هو الظَّرِبانُ بالنون وهو على قدر الهِرِّ ونحوه وقال أَبو الهيثم هو الظَّرِبَى مقصور والظَّرِباءُ ممدود لحن وأَنشد قول الفرزدق
فكيف تُكَلِّمُ الظَّرِبَى عليها ... فِراءُ اللُّؤْمِ أَرْباباً غِضابا
قال والظَّرِبَى جمع على غير معنى التوحيد قال أَبو منصور وقال الليث هو الظَّرِبَى مقصور كما قال أَبو الهيثم وهو الصواب وروى شمر عن أَبي زيد هي الظَّرِبانُ وهي الظَّرابِيُّ بغير نون وهي الظِّرْبَى الظاء مكسورة والراء جزم والباء مفتوحة وكلاهما جِماعٌ وهي دابة تشبه القرد وأَنشد
لو كنتُ في نارٍ جحيمٍ لأَصْبَحَت ... ظَرابِيُّ من حِمّانَ عنِّي تُثيرُها
[ ص 571 ] قال أَبو زيد والأُنثى ظَرِبانةٌ وقال البَعِيثُ
سَواسِيَةٌ سُودُ الوجوهِ كأَنهم ... ظَرابِيُّ غِربانٍ بمَجْرودةٍ مَحْلِ
والظَّرِبانُ دُوَيْبَّة شِبْهُ الكلب أَصَمُّ الأُذنين صِماخاه يَهْوِيانِ طويلُ الخُرْطوم أَسودُ السَّراة أَبيضُ البطن كثير الفَسْوِ مُنْتِنُ الرائحة يَفْسُو في جُحْرِ الضَّبِّ فيَسْدَرُ من خُبْث رائحته فيأْكله وتزعم الأَعراب أَنها تفسو في ثوب أَحدهم إِذا صادها فلا تذهب رائحته حتى يَبْلى الثوبُ أَبو الهيثم يقال هو أَفْسى من الظَّرِبانِ وذلك أَنها تَفْسُو على باب جُحْرِ الضَّبِّ حتى يَخْرُجَ فيُصادَ الجوهري في المثل فَسا بَيْنَنا الظَّرِبانُ وذلك إِذا تَقاطَعَ القومُ ابن سيده قيل هي دابة شِبْهُ القِرْد وقيل هي على قَدْرِ الهِرِّ ونحوه قال عبداللّه بن حَجَّاج الزُّبَيْدِيّ التَّغْلَبيّ
أَلا أََبْلِغا قَيْساً وخِنْدِفَ أَنني ... ضَرَبْتُ كَثِيراً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ
يعني كثير بن شهاب المَذْحِجيّ وكان معاويةُ ولاّه خُراسان فاحْتازَ مالاً واستتر عند هانئ بن عُروة المُراديّ فأَخذه من عنده وقتله وقوله مَضْرِبَ الظَّرِبانِ أَي ضَرَبْتُه في وجهه وذلك أَن للظَّرِبان خَطّاً في وجهه فشَبَّه ضربته في وجهه بالخَطِّ الذي في وَجْهِ الظَّرِبانِ وبعده
فيا لَيْتَ لا يَنْفَكُّ مِخْطَمُ أَنفِه ... يُسَبُّ ويُخْزَى الدَّهْرَ كُلُّ يَمانِ
قال ومن رواه ضَرَبْتُ عُبَيْداً فليس هو لعبداللّه ابن حَجَّاج
وإِنما هو لأَسَدِ بن ناغِصةَ وهو الذي قَتَلَ عُبيداً بأَمر النُّعْمان يوم بُوسَةَ والبيت
أَلا أَبلغا فِتْيانَ دُودانَ أَنَّني ... ضَرَبْتُ عُبيداً مَضْرِبَ الظَّرِبانِ
غَداةَ تَوَخَّى المُلْكَ يَلتَمِسُ الحِبا ... فَصادَفَ نَحْساً كانَ كالدَّبَرانِ
الأَزهري قال قرأْت بخط أَبي الهيثم قال الظِّرْبانُ دابة صغير القوائم يكون طُولُ قوائمه قدر نصف إِصبع وهو عريضٌ يكون عُرْضُه شبراً أَو فتراً وطُولُه مقدار ذراع وهو مُكَربَسُ الرأْس أَي مجتمعه قال وأُذناه كأُذُنَي السِّنَّوْر وجمعه الظِّرْبَى وقيل الظِّرْبَى الواحدُ وجمعه ظِرْبانٌ ابن سيده والجمعُ ظَرابينُ وظَرابِيُّ الياء الأُولى بدل من الأَلف والثانية بدل من النون والقول فيه كالقول في إِنسانٍ وسيأْتي ذكره الجوهري الظِّرْبَى على فِعْلَى جمع مثل حِجْلَى جمع حَجَلٍ قال الفرزدق وما جعل الظِّرْبَى القِصارُ أُنوفُها إِلى الطِّمِّ من مَوْجِ البحارِ الخَضارمِ وربما مُدَّ وجُمع على ظَرابِيّ مثل حِرْباءٍ وحَرابيّ كأَنه جمع ظِرْباء وقال
وهل أَنتُم إِلاّ ظَرابِيُّ مَذْحِجٍ ... تَفَاسَى وتَسْتَنْشِي بآنُفِها الطُّخْمِ
وظِرْبَى وظِرْباء اسمان للجمع ويُشْتَمُ به الرجلُ فيقال يا ظَرِبانُ ويقال تَشاتَما فكأَنما جَزَرا بينهما ظَرِباناً شَبَّهوا فُحْشَ تشاتمهما بنَتْنِ الظَّربان وقالوا هما يَتنازعان جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي يَتَسابَّانِ فكَأَنَّ بينهما جِلْدَ ظَرِبانٍ يَتَناولانِه ويَتَجاذَبانِه ابن الأَعرابي من أَمثالهم هما يَتَماشَنانِ جِلْدَ الظَّرِبانِ أَي [ ص 572 ] يَتَشاتمان والمَشْنُ مَسْحُ اليدين بالشيءِ الخَشِنِ

( ظنب ) الظُّنْبة عَقَبةٌ تُلَفُّ على أَطرافِ الرِّيش مما يَلي الفُوقَ عن أَبي حنيفة والظُّنْبوبُ حَرْفُ الساقِ اليابِسُ من قُدُمٍ وقيل هو ظاهرُ الساق وقيل هو عَظْمه قال يصف ظليماً
عارِي الظَّنَابيبِ مُنْحَصٌّ قَوادِمُه ... يَرْمَدُّ حتى تَرَى في رَأْسِه صَتَعا
أَي التِواءً وفي حديث المُغِيرة عارية الظُّنْبوبِ هو حَرْفُ العظم اليابِسُ من السَّاقِ أَي عَرِيَ عَظْمُ ساقِها من اللَّحْم لهُزالها وقَرَع لذلك الأَمْر ظُنْبُوبَه تَهَيَّأَ له قالَ سلامة بن جَنْدل
كُنَّا إِذا ما أَتانا صارِخٌ فَزِعٌ ... كانَ الصُّراخُ له قَرْعَ الظَّنابِيبِ
ويقال عنى بذلك سُرْعةَ الإِجابة وجَعَل قَرْعَ السَّوْطِ على ساقِ الخُفِّ في زجْر الفرس قَرْعاً للظُّنْبوبِ وقَرَعَ ظَنابِيبَ الأَمْر
ذلَّلَهُ أَنشد ابن الأَعرابي
قَرَعْتُ ظَنابِيبَ الهَوَى يومَ عالِجٍ ... ويومَ اللِّوَى حتى قَسَرْتُ الهَوَى قَسْرا
فإِنْ خِفْتَ يَوْماً أَن يَلِجَّ بكَ الهَوَى ... فإِنَّ الهوَى يَكْفِيكَهُ مِثلُه صَبرَا
يقول ذَلَّلْتُ الهوَى بقَرْعي ظُنْبوبَه كما تَقْرَعُ ظُنْبوبَ البعير ليَتَنَوَّخَ لك فتَرْكَبَه وكل ذلك على المَثَل فإِن الهوَى وغيرَه من الأَعْراض لا ظُنْبوبَ له والظُّنْبوب مِسْمارٌ يكون في جُبَّةِ
السِّنانِ حيثُ يُرَكَّبُ في عاليةِ الرُّمح وقد فُسِّرَ به بيتُ سَلامةَ وقيل قَرْعُ الظُّنْبوبِ أَن يَقْرَعَ الرَّجلُ ظُنْبوبَ راحلته بعَصاه إِذا أَناخَها ليركبها رُكوبَ المُسْرِعِ إِلى الشيءِ وقيل أَن يَضْرِبَ ظُنْبوبَ دابته بسَوْطِه لِيُنزِقَه إِذا أَراد رُكوبَه ومن أَمثالهم قَرَعَ فُلانٌ لأَمْرِه ظُنْبوبَه إِذا جَدَّ فيه قال أَبو زيد لا يقال لذواتِ الأَوْظِفَة ظُنْبوبٌ ابن الأَعرابي الظِّنْبُ أَصلُ الشجرة قال
فلَوْ أَنها طافَتْ بِظِنْبٍ مُعَجَّمٍ ... نَفَى الرِّقَّ عنه جَدْبُه فهو كالِحُ
لَجاءَتْ كأَنَّ القَسْورَ الجَوْنَ بَجَّها ... عَسالِيجَه والثَّامِرُ المُتَناوِحُ
يصف مِعْزَى بحُسْنِ القَبول وقلة الأَكل والمُعَجَّم الذي قد أُكِلَ حتى لم يَبْقَ منه إِلاَّ قليل والرِّقُّ ورق الشجر والكالِحُ المُقَشَّرُ من الجَدْبِ والقَسْوَرُ ضَرْبٌ من الشَّجَر

( ظوب ) ظابُ التَّيْسِ صِياحُه عند الهياج ويُستعمل في الإِنسان قال أَوْسُ بن حجرٍ
يَصُوعُ عُنوقَها أَحْوى زَنِيمُ ... له ظَابٌ كما صَخِبَ الغَريمُ
والظَّابُ الكلامُ والجَلَبَة قال ابن سيده وإِنما حملناه على الواو لأَنا لا نعرف له مادَّةً فإِذا لم توجد له مادَّة وكان انقِلابُ الأَلف عن الواو عيناً أَكثر كان حَمْلُه على الواو أَولى

( عبب ) العَبُّ شُرْبُ الماء من غير مَصٍّ وقيل أَن يَشْرَبَ الماءَ ولا يَتَنَفَّس وهو يُورِثُ الكُبادَ وقيل العَبُّ أَن يَشْرَبَ الماءَ دَغْرَقَةً بلا غَنَثٍ الدَّغْرَقَةُ أَن يَصُبَّ الماءَ مرة واحدة والغَنَثُ [ ص 573 ] أَن يَقْطَعَ الجَرْعَ وقيل العَبُّ الجَرعُ وقيل تَتابُعُ الجَرْعِ عَبَّه يَعُبُّه عَبّاً وعَبَّ في الماءِ أَو الإِناءِ عَبّاً كرَع قال
يَكْرَعُ فيها فَيَعُبُّ عَبّا ... مُحَبَّباً في مائها مُنْكَبَّا ( 1 )
( 1 قوله « محبباً في مائها الخ » كذا في التهذيب محبباً بالحاء المهملة بعدها موحدتان ووقع في نسخ شارح القاموس مجبأ بالجيم وهمز آخره ولا معنى له هنا وهو تحريف فاحش وكان يجب مراجعة الأصول )
ويقال في الطائر عَبَّ ولا يقال شرِبَ وفي الحديث مُصُّوا الماءَ مَصّاً ولا تَعُبُّوه عَبّاً العَبُّ الشُّرْبُ بلا تَنَفُّس ومنه
الحديث الكُبادُ من العبِّ الكُبادُ داءٌ يعرض للكَبِدِ وفي حديث الحوض يَعُبُّ فيه مِيزابانِ أَي يَصُبّانِ فلا يَنْقَطِعُ انْصِبابُهما هكذا جاء في رواية والمعروف بالغين المعجمة والتاء المثناة فوقها والحمامُ يَشْرَبُ الماء عبّاً كما تَعُبُّ الدَّوابُّ قال الشافعي الحمامُ من الطير ما عَبَّ وهَدَر وذلك ان الحمام يَعُبُّ الماء عَبّاً ولا يَشرب كما يشرب الطَّير شيئاً فشيئاً وعَبَّتِ الدَّلْوُ صَوَّتَتْ عند غَرْفِ الماء وتَعَبَّبَ النبيذَ أَلَحَّ في شُرْبه عن اللحياني ويقال هو يَتَعَبَّبُ النبيذ أَي يَتَجَرَّعُه وحكى ابن الأَعرابي أَن العرب تقول إِذا أَصابت الظِّباءُ الماءَ فلا عَبابَ وإِن لم تُصِبْهُ فلا أَباب أَي إِن وَجَدَتْه لم تَعُبَّ وإِن لم تجده لم تَأْتَبَّ له يعني لم تَتَهَيَّأْ لطلبه ولا تشربه من قولك أَبَّ للأَمر وائْتَبَّ له تَهَيَّأَ وقولهم لا عَبابَ أَي لا تَعُبّ في الماء وعُبَابُ كلّ شيء أَوَّلُه وفي الحديث إِنَّا حَيٌّ من مَذحِجٍ عُبَابُ سَلَفِها ولُبابُ شرَفِها عُبابُ الماءِ أَوَّلهُ ومُعْظَمُه ويقال جاؤوا بعُبابهِم أَي جاؤوا بأَجمعهم وأَراد بسَلَفِهم مَنْ سَلَفَ من آبائهم أَو ما سَلَفَ من عِزِّهم ومَجْدِهم وفي حديث علي يصف أَبا بكر رضي اللّه تعالى عنهما طِرْتَ بعُبابها وفُزْتَ بحبابها أَي سبَقْتَ إِلى جُمَّة الإِسلام وأَدْرَكْتَ أَوائلَه وشَرِبتَ صَفْوَه وحَوَيْتَ فَضائِلَه قال ابن الأَثير هكذا أَخرج الحديث الهَرَوي والخَطَّابيُّ وغيرُهما من أَصحاب الغريب وقال بعضُ فُضلاء المتأَخرين هذا تفسير الكلمة على الصواب لو ساعدَ النقلُ وهذا هو حديث أُسَيْدِ بنِ صَفْوانَ قال لما مات أَبو بكر جاءَ عليٌّ فمدحه فقال في كلامه طِرْتَ بِغَنائها بالغين المعجمة والنون وفُزْتَ بحِيائها بالحاءِ المكسورة والياء المثناة من تحتها هكذا ذكره الدارقطني من طُرُق في كتاب ما قالت القرابة في الصحابة وفي كتابه المؤتلف والمختلف وكذلك ذكره ابنُ بَطَّة في الإِبانةِ والعُبابُ الخُوصَةُ قال المَرّارُ
رَوافِعَ للحِمَى مُتَصَفِّفاتٍ ... إِذا أَمْسى لصَيِّفه عُبابُ
والعُبابُ كثرة الماءِ والعُبابُ المَطَرُ الكثير وعَبَّ النَّبْتُ أَي طال وعُبابُ السَّيْل مُعْظمُه وارتفاعُه وكثرته وقيل عُبابُه مَوجُه وفي التهذيب العُبابُ معظم السيل ابن الأَعرابي العُبُبُ المياهُ المتدفقة والعُنْبَبُ ( 2 )
( 2 قوله « والعنبب » وعنبب كذا بضبط المحكم بشكل القلم بفتح العين في الأول محلى بأل وبضمها في الثاني بدون أل والموحدة مفتوحة فيهما اه ) كثرة الماء عن ابن الأَعرابي وأَنشد
فَصَبَّحَتْ والشمسُ لم تُقَضِّبِ ... عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ العُنْبَبِ
[ ص 574 ] ويُرْوى نجوج قال أَبو منصور جعل العُنْبَبَ الفُنْعَلَ من العَبِّ والنون ليست أَصلية وهي كنون العُنْصَل والعَنْبَبُ وعُنْبَبٌ كلاهما وادٍ سمي بذلك لأَنه يَعُبُّ الماءَ وهو ثلاثي عند سيبويه وسيأْتي ذكره ابن الأَعرابي العُبَبُ عِنَبُ الثَّعلب قال وشجَرَةٌ يقال لها الرَّاءُ ممدود قال ابن حبيب هو العُبَبُ ومن قال عِنَبُ الثعلبِ فقد أَخطأَ قال أَبو منصور عِنَبُ الثعلب صحيح ليس بخطإٍ والفُرْسُ تسميه رُوسْ أَنْكَرْدَهْ ورُوسْ اسم الثعلب وأَنْكَرْدَهْ حَبُّ العِنَب ورُوِيَ عن الأَصمعي أَنه قال الفَنا مقصور عِنَبُ الثعلب فقال عِنَبُ ولم يَقُلْ عُبَبُ قال الأَزهري وجَدْتُ بيتاً لأَبي وَجْزَة يَدُلُّ على ما قاله ابن الأَعرابي وهو
إِذا تَرَبَّعْتَ ما بَينَ الشُّرَيْقِ إِلى ... أَرْضِ الفِلاجِ أُولاتِ السَّرْحِ والعُبَبِ ( 1 )
( 1 قوله « ما بين الشريق » بالقاف مصغراً والفلاج بكسر الفاء وبالجيم واديان ذكرهما ياقوت بهذا الضبط وأنشد البيت فيهما فلا تغتر بما وقع من التحريف في شرح القاموس اه )
والعُبَبُ ضَرْبٌ من النبات زعم أَبو حنيفة أَنه من الأَغْلاثِ
وبَنُو العَبّابِ قوم من العرب سُمُّوا بذلك لأَنهم خالَطوا فارِسَ حتى عَبَّتْ خيلُهم في الفُرات واليَعْبوبُ الفَرَسُ الطويلُ السريع وقيل الكَثير الجَرْيِ وقيل الجوادُ السَّهْل في عَدْوه وهو أَيضاً الجَوادُ البعيدُ القَدْرِ في الجَرْي واليَعْبُوبُ فرسُ الربيع بن زياد صفةٌ غالبة واليَعْبُوبُ الجَدْوَلُ الكثير الماء الشديدُ الجِريةِ وبه شُبِّه الفَرَسُ الطويلُ اليَعْبُوبُ وقال قُسٌّ عِذْقٌ بساحَةِ حائِرٍ يَعْبُوبِ الحائر المكان المطمئن الوَسَطِ المرتفعُ الحُروف يكون فيه الماءُ وجمعه حُورانٌ واليَعْبوبُ الطويلُ جَعَلَ يَعْبوباً من نَعْتِ حائر واليَعبوبُ السَّحابُ والعَبِيبةُ ضَرْبٌ من الطَّعام والعَبيبةُ أَيضاً شرابٌ يُتَّخَذُ من العُرْفُطِ حُلْوٌ وقيل العَبيبةُ التي تَقْطُرُ من مَغافِيرِ العُرْفُطِ وعَبيبةُ اللَّثَى غُسالَتُه واللَّثَى شيءٌ يَنْضَحُه الثُّمامُ حُلْوٌ كالناطِفِ فإِذا سال منه شيءٌ في الأَرض أُخِذَ ثم جُعِلَ في إِناءٍ وربما صُبَّ عليه ماءٌ فشُرِب حُلْواً وربما أُعْقِدَ أَبو عبيد العَبِيبةُ الرائب من الأَلبان قال أَبو منصور هذا تصحيف مُنْكَر والذي أَقرأَني الإِياديُّ عن شَمِرٍ لأَبي عبيد في كتاب المؤتلف الغَبيبةُ بالغين معجمة الرائب من اللبن قال وسمعت العرب تقول للَّبنِ البَيُّوتِ في السِّقاءِ إِذا رابَ من الغَدِ غَبِيبةٌ والعَبيبةُ بالعين بهذا المعنى تصحيف فاضح قال أَبو منصور رأَيتُ بالبادية جنساً من الثُّمام يَلْثَى صَمْغاً حُلْواً يُجْنى من أَغصانِه ويؤكل يقال له لَثَى الثُّمام فإِن أَتَى عليه الزمانُ تَناثر في أَصل الثُّمام فيؤخَذُ بتُرابه ويُجْعَلُ في ثوب ويُصَبُّ عليه الماءُ ويُشْخَلُ به أَي يُصَفَّى ثم يُغْلى بالنارِ حتى يَخْثُرَ ثم يُؤكل وما سال منه فهو العَبِيبَة وقد تَعَبَّبْتُها أَي شَرِبْتُها وقيل هو عِرْقُ الصَّمْغِ وهو حُلْو يُضْرَبُ بمِجْدَحٍ حتى يَنْضَجَ ثم يُشْرَبَ والعَبِيبةُ الرِّمْثُ إِذا كان في وَطاءٍ من الأَرض والعُبَّى على مثال فُعْلى عن كراع المرأَةُ التي لا تَكادُ يموتُ لها ولدٌ والعُبِّيَّة والعِبِّيَّةُ الكِبْرُ والفَخْرُ حكى اللحياني هذه عُبِّيَّةُ قُريشٍ وعِبِّيَّةُ ورجل فيه [ ص 575 ] عُبِّيَّة وعِبِّيَّة أَي كِبر وفخر وعِبِّيَّةُ الجاهلية نَخْوَتُها وفي الحديث إِن اللّه وضَعَ عَنْكم عُبِّيَّةَ الجاهلية وتَعَظُّمَها بآبائها يعني الكِبْرَ بضم العين وتُكْسَر وهي فُعُّولة أَو فُعِّيلة فإِن كان فُعُّولة فهي من التَّعْبِيةِ لأَن المتكبر ذو تكلف وتَعْبِيَةٍ خلافُ المُسترْسِل على سَجِيَّتِه وإِن كانت فُعِّيلَة فهي من عُبابِ الماءِ وهو أَوَّلُه وارتفاعُه وقيل إِن الباءَ قُلِبَتْ ياء كما فَعَلوا في تَقَضَّى البازي والعَبْعَبُ الشَّبابُ التامُّ والعَبْعَبُ نَعْمَةُ الشَّبابِ قال العجاج بعد الجَمالِ والشَّبابِ العَبْعَبِ وشبابٌ عَبْعَبٌ تامٌّ وشابٌّ عَبْعَبٌ مُمْتَلِئُ الشَّباب والعَبْعَبُ ثَوْبٌ واسِعٌ والعَبْعَبُ كِساءٌ غليظ كثير الغَزْلِ ناعمٌ يُعْمَلُ من وَبَرِ الإِبِلِ وقال الليث العَبْعَبُ من الأَكْسِية الناعمُ الرقيق قال الشاعر بُدِّلْتِ بعدَ العُرْي والتَّذَعْلُبِ ولُبْسِكِ العَبْعَبَ بعدَ العَبْعَبِ نَمارِقَ الخَزِّ فَجُرِّي واسْحَبي وقيل كِساءٌ مُخَطَّطٌ وأَنشد ابن الأَعرابي تَخَلُّجَ المجنونِ جَرَّ العَبْعَبا وقيل هو كساء من صوف والعَبْعَبَةُ الصوفةُ الحمراء والعَبْعَبُ صَنَمٌ وقد يقال بالغين المعجمة وربما سمي موضعُ الصنم عَبْعَباً والعَبْعَبُ والعَبْعابُ الطويلُ من الناس والعَبْعَبُ التَّيسُ من الظِّباءِ وفي النوادر تَعَبْعَبْتُ الشيءَ وتَوَعَّبْتُه واستوعبْتُه وتَقَمْقَمْتُه وتَضَمَّمْتُه إِذا أَتيتَ عليه كله ورجلٌ عَبْعابٌ قَبْقابٌ إِذا كان واسِعَ الحَلْقِ والجَوْفِ جليلَ الكلام وأَنشد شمر بعد شَبابٍ عَبْعَبِ التصوير يعني ضَخمَ الصُّورة جليلَ الكلام وعَبْعَبَ إِذا انهزم وعَبَّ إِذا شرب وعَبَّ إِذا حَسُنَ وجهُه بعد تَغيُّر وعَبُ الشمسِ ضُوءُها بالتخفيف قال ورَأْسُ عَبِ الشَّمْسِ المَخُوفُ ذِماؤُها ( 1 )
( 1 قوله « المخوف ذماؤها » الذي في التكملة المخوف ونابها )
ومنهم من يقول عَبُّ الشمسِ فيشدِّد الباء الأَزهري عَبُّ الشمسِ ضَوءُ الصُّبْح الأَزهري في ترجمة عبقر عند إِنشاده كأَنَّ فاها عَبُّ قُرٍّ بارِدِ قال وبه سمي عَبْشَمْسٌ وقولهم عَبُّ شمسٍ أَرادوا عبدشَمْسٍ قال ابن شميل في سَعْدٍ بنو عَبِّ الشَّمْسِ وفي قريشٍ بنو عبدِالشمسِ ابن الأَعرابي عُبْ عُبْ إِذا أَمرته أَن يَسْتَتِر وعُباعِبُ موضع قال الأَعشى
صَدَدْتَ عن الأَعْداءِ يومَ عُباعِبٍ ... صُدودَ المَذاكي أَفْرَعَتْها المَساحِلُ
وعَبْعَبٌ اسم رجل

( عبرب ) العَبْرَبُ السُّمّاقُ وهو العَبْرَبُ والعَرَبرَبُ وطَبَخ قِدْراً عَرَبْرَبِيَّةً أَي سُمّاقيَّة وفي حديث الحجاج قال لطَبّاخِه اتَّخِذْ لنا عَبرَبيَّةً وأَكْثِرْ فَيْجَنَها والفَيْجَن السَّذابُ [ ص 576 ]

( عتب ) العَتَبَةُ أُسْكُفَّةُ البابِ التي تُوطأُ وقيل العَتَبَةُ العُلْيا والخَشَبَةُ التي فوق الأَعلى الحاجِبُ والأُسْكُفَّةُ السُّفْلى والعارِضَتانِ العُضادَتانِ والجمع عَتَبٌ وعَتَباتٌ والعَتَبُ الدَّرَج وعَتَّبَ عَتَبةً اتخذها وعَتَبُ الدَّرَجِ مَراقِيها إِذا كانت من خَشَب وكلُّ مِرْقاةٍ منها عَتَبةٌ وفي حديث ابن النَّحّام قال لكعب بن مُرَّةَ وهو يُحدِّثُ بدَرَجاتِ المُجاهد ما الدَّرَجةُ ؟ فقال أَما إِنَّها ليستْ كعَتَبةِ أُمِّك أَي إِنها ليست بالدَّرَجة التي تَعْرِفُها في بيتِ أُمِّكَ فقد رُوِيَ أَنَّ ما بين الدرجتين كما بين السماء والأَرض وعَتَبُ الجبالِ والحُزون مَراقِيها وتقول عَتِّبْ لي عَتَبةً في هذا الموضع إِذا أَردت أَنْ تَرْقى به إلى موضع تَصعَدُ فيه والعَتَبانُ عَرَجُ الرِّجْل وعَتَبَ الفحلُ يَعْتِبُ ويَعْتُبُ عَتْباً وعَتَباناً وتَعْتاباً ظَلَع أَو عُقِلَ أَو عُقِرَ فمشى على ثلاثِ قوائمَ كأَنه يَقْفِزُ قَفْزاً وكذلك الإِنسانُ إِذا وثَبَ برجل واحدة ورفع الأُخرى وكذلك الأَقْطَع إِذا مشى على خشبة وهذا كله تشبيه كأَنه يمشي على عَتَب دَرَج أَو جَبَل أَو حَزْنٍ فيَنْزُو من عَتَبةٍ إِلى أُخرى وفي حديث الزهري في رجل أَنْعَلَ ( 1 )
( 1 قوله « في رجل أنعل الخ » تمامه كما بهامش النهاية إن كان ينعل فلا شيء عليه وإن كان ذلك الإنعال تكلفاً وليس من عمله ضمن ) دابةَ رجل فعَتِبَتْ أَي غَمَزَتْ ويروى عَنِتَتْ بالنون وسيذكر في موضعه وعَتَبُ العُودِ ما عليه أَطراف الأَوْتار من مُقَدَّمِه عن ابن الأَعرابي وأَنشد قول الأَعشى
وثَنَى الكَفَّ على ذِي عَتَبٍ ... صَحِلِ الصَّوْتِ بذي زِيرٍ أَبَحّ ( 2 )
( 2 قوله « صحل الصوت » كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يصل الصوت )
العَتَبُ الدَّسْتاناتُ وقيل العَتَبُ العِيدانُ المعروضة على وجْه
العُودِ منها تمدُّ الأَوتار إِلى طرف العُودِ وعَتَبَ البرقُ عَتَباناً بَرَق بَرْقاً وِلاءً وأُعْتِبَ العظمُ أُعْنِتَ بعدَ الجَبْرِ وهو التَّعْتابُ وفي حديث ابن المسيب كلُّ عظمٍ كُسِر ثم جُبِرَ غير منقوصٍ ولا مُعْتَبٍ فليس فيه إِلا إِعْطاءُ المُداوِي فإِن جُبِرَ وبه عَتَبٌ فإِنه يُقَدَّر عَتَبُهُ بقيمة أَهل البَصر العَتَب بالتحريك النقصُ وهو إِذا لم يُحْسِنْ جَبْره وبقي فيه ورَم لازم أَو عَرَجٌ يقال في العظم المجبور أُعْتِبَ فهو مُعْتَبٌ وأَصلُ العَتَبِ الشدَّة وحُمِلَ على عَتَبٍ من الشَّرِّ وعَتَبةٍ أَي شدَّة يقال حُمِلَ فلانٌ على عَتَبةٍ كريهةٍ وعلى عَتَبٍ كريهٍ من البلاءِ والشرِّ قال الشاعر يُعْلى على العَتَبِ الكَريهِ ويُوبَسُ ويقال ما في هذا الأَمر رَتَبٌ ولا عَتَبٌ أَي شِدَّة وفي حديث عائشة رضي اللّه تعالى عنها إِنَّ عَتَبات الموتِ تأْخُذُها أَي شدائدَه والعَتَبُ ما دَخَلَ في الأَمر منَ الفَساد قال
فما في حُسْنِ طاعَتِنا ... ولا في سَمْعِنا عَتَبُ
وقال
أَعْدَدْتُ للحَرْبِ صارِماً ذكَراً ... مُجَرَّبَ الوَقْعِ غير ذِي عَتَبِ
[ ص 577 ] أَي غيرَ ذِي التِواءٍ عند الضَّريبة ولا نَبْوة ويقال ما في طاعةِ فلان عَتَبٌ أَي التِواءٌ ولا نَبْوةٌ وما في مَوَدَّته عَتَبٌ إِذا كانت خالصة لا يَشُوبها فسادٌ وقال ابن السكيت في قول علقمة لا في شَظاها ولا أَرْساغِها عَتَبُ ( 1 )
( 1 قوله « لا في شظاها الخ » عجزه كما في التكملة ولا السنابك أفناهن تقليم ويروى عنت بالنون والمثناة الفوقية )
أَي عَيْبٌ وهو من قولك لا يُتَعَتَّبُ عليه في شيءٍ
والتَّعَتُّبُ التَّجَنِّي تَعَتَّبَ عليه وتَجَنَّى عليه بمعنى واحدٍ وتَعَتَّبَ عليه أَي وَجَدَ عليه
والعَتْبُ المَوْجِدَةُ عَتَبَ عليه يَعْتِبُ ويَعْتُبُ عَتْباً وعِتاباً ومَعْتِبَة ومَعْتَبَةً ومَعْتَباً أَي وجد عليه قال الغَطَمَّشُ الضَّبِّيُّ وهو من بني شُقْرة بنِ كعب بن ثَعْلبة بن ضَبَّة والغَطَمَّشُ الظالِمُ الجائر
أَقُولُ وقد فَاضَتْ بعَيْنِيَ عَبْرةٌ ... أَرَى الدَّهْرَ يَبْقَى والأَخِلاَّءُ تَذْهَبُ
أَخِلاَّيَ لو غَيْرُ الحِمام أَصابَكُمْ ... عَتَبْتُ ولكنْ ليسَ للدَّهْرِ مَعْتَبُ
وقَصَرَ أَخِلاَّيَ ضرورةً ليُثْبِتَ باءَ الإِضافة والرواية الصحيحة أَخِلاَّءَ بالمد وحذف ياء الإِضافة وموضع أَخِلاَّءَ نصبٌ بالقول لأَن قوله أَرى الدهر يبقى متصلٌ بقوله أَقول وقد فاضت تقديره أقول وقد بَكَيْتُ وأَرى الدهرَ باقياً والأَخِلاَّءَ ذاهبين وقوله عَتَبْتُ أَي سَخِطْتُ أَي لو أُصبْتُمْ في حَرْب لأَدْركنا بثأْركم وانتصرنا ولكن الدهرَ لا يُنْتَصَرُ منه وعاتَبهُ مُعاتَبَةً وعِتاباً كلُّ ذلك لامه قال الشاعر
أُعاتِبُ ذا المَودَّةِ من صَديقٍ ... إِذا ما رَابَني منه اجْتِنابُ
إِذا ذَهَبَ العِتابُ فليس وُدٌّ ... ويَبْقَى الوُدُّ ما بَقِيَ العِتابُ
ويقال ما وَجَدْتُ في قوله عُِتْباناً وذلك إِذا ذكر أَنه أَعْتَبَكَ ولم تَرَ لذلك بَياناً وقال بعضهم ما وَجَدْتُ عنده عَتْباً ولا عِتاباً بهذا المعنى قال الأَزهري لم أَسمع العَتْبَ والعُتْبانَ والعِتاب بمعنى الإِعْتابِ إِنما العَتْبُ والعُتْبانُ لومُك الرجلَ على إِساءة كانت له إِليك فاسْتَعْتَبْتَه منها وكلُّ واحد من اللفظين يَخْلُصُ للعاتِب فإِذا اشتركا في ذلك وذَكَّرَ كلُّ واحدٍ منهما صاحبَه ما فَرَطَ منه إِليه من الإِساءة فهو العِتابُ والمُعاتَبة فأَمَّا الإِعْتابُ والعُتْبَى فهو رُجوعُ المَعْتُوب عليه إِلى ما يُرْضِي العاتِبَ والاسْتِعْتابُ طَلَبُك إِلى المُسِيءِ الرُّجُوعَ عن إِساءَته والتَّعَتُّبُ والتَّعاتُبُ والمُعاتَبَةُ تواصف الموجِدَة قال الأَزهري التَّعَتُّبُ والمُعاتَبَةُ والعِتابُ كل ذلك مُخاطَبَةُ الإِدْلالِ وكلامُ المُدِلِّينَ أَخِلاَّءَهم طالبين حُسْنَ مُراجعتهم ومذاكرة بعضِهم بعضاً ما كَرِهُوه مما كسبَهم المَوْجِدَةَ وفي الحديث كان يقول لأَحَدِنا عند المَعْتِبَة ما لَهُ تَرِبَتْ يمينُه ؟ رويت المعْتَبَة بالفتح والكسر من المَوْجِدَة والعِتْبُ الرجلُ الذي يُعاتِبُ صاحِبَه أَو صديقَه في كل شيءٍ إِشفاقاً عليه ونصيحة له [ ص 578 ] والعَتُوبُ الذي لا يَعْمَلُ فيه العِتابُ ويقال فلانٌ يَسْتَعْتِبُ من نَفْسه ويَسْتَقِيلُ من نفسه ويَسْتَدْرِك من نفسه إِذا أَدْرَكَ بنفسه تَغْييراً عليها بحُسْن تقدير وتدبير والأُعْتُوبةُ ما تُعُوتِبَ به وبينهم أُعْتُوبة يَتَعاتَبُون بها ويقال إِذا تَعاتَبُوا أَصْلَحَ ما بينهم العتابُ والعُتْبَى الرِّضا وأَعْتَبَه أَعْطاه العُتْبَى ورَجَع إِلى مَسَرَّته قال ساعدةُ بن جُؤَيَّةَ
شابَ الغُرابُ ولا فُؤادُك تارِكٌ ... ذِكْرَ الغَضُوبِ ولا عِتابُك يُعْتَبُ
أَي لا يُسْتَقْبَلُ بعُتْبَى وتقول قد أَعْتَبني فلانٌ أَي تَرَكَ ما كنتُ أَجد عليه من أَجلِه ورَجَع إِلى ما أَرْضاني عنه بعد إِسْخاطِه إِيَّايَ عليه وروي عن أَبي الدرداءِ أَنه قال مُعاتَبة الأَخِ خيرٌ من فَقْدِه قال فإِن اسْتُعْتِبَ الأَخُ فلم يُعْتِبْ فإِنَّ مَثَلَهم فيه كقولهم لك العُتْبَى بأَنْ لا رَضِيتَ قال الجوهري هذا إِذا لم تُرِدِ الإِعْتابَ قال وهذا فِعْلٌ مُحَوَّلٌ عن موضعه لأَن أَصْلَ العُتْبَى رجوعُ المُسْتَعتِبِ إِلى مَحبَّةِ صاحبه وهذا على ضدِّه تقول أُعْتِبُكَ بخلاف رِضاكَ ومنه قول بِشْر بن أَبي خازمٍ
غَضِبَتْ تَميمٌ أَنْ تَقَتَّلَ عامِرٌ ... يومَ النِّسارِ فأُعْتِبُوا بالصَّيْلَمِ
أَي أَعْتَبْناهم بالسَّيْف يعني أَرْضَيْناهم بالقَتْل وقال شاعر
فَدَعِ العِتابَ فَرُبَّ شَرٍّ ... هاجَ أَوَّلهُ العِتاب
والعُتْبَى اسم على فُعْلى يوضع موضع الإِعْتاب وهو الرجوعُ عن الإِساءة إِلى ما يُرْضِي العاتِبَ وفي الحديث لا يُعاتَبُونَ في أَنفسهم يعني لعِظَمِ ذُنُوبهم وإِصْرارِهم عليها وإِنما يُعاتَبُ من تُرْجَى عنده العُتْبَى أَي الرُّجوعُ عن الذنب والإِساءة وفي المثل ما مُسِيءٌ من أَعْتَبَ وفي الحديث عاتِبُوا الخَيْلَ فإِنها تُعْتِبُ أَي أَدِّبُوها ورَوِّضُوها للحَرْبِ والرُّكُوبِ فإِنها تَتَأَدَّبُ وتَقْبَلُ العِتابَ واسْتَعْتَبَه كأَعْتَبه واسْتَعْتَبه طَلب إِليه العُتْبَى تقول اسْتَعْتَبْتُه فأَعْتَبَنِي أَي اسْتَرْضَيْته فأَرْضاني واسْتَعْتَبْتُه فما أَعْتَبَني كقولك اسْتَقَلْته فما أَقالَني والاستِعتابُ الاستِقالة واسْتَعْتَب فلانٌ إِذا طَلب أَن يُعْتَبَ أَي يُرْضَى والمُعْتَبُ المُرْضَى وفي الحديث لا يَتَمَنَّيَن أَحدُكم الموتَ إِما مُحْسِناً فلَعَلَّه يَزْداد وإِمّا مُسِيئاً فلعله يَسْتَعْتِبُ أَي يرْجِعُ عن الإِساءة ويَطْلُبُ الرضا ومنه الحديث ولا بَعْدَ الموْتِ من مُسْتَعْتَبٍ أَي ليس بعد الموت من اسْتِرْضاءٍ لأَن الأَعمال بَطَلَتْ وانْقَضَى زَمانُها وما بعد الموْت دارُ جزاءٍ لا دارُ عَمَلٍ وقول أَبي الأَسْود
فأَلْفَيْتُه غيرَ مُسْتَعْتِبٍ ... ولا ذَاكِرَ اللّهِ إِلا قليلا
يكون من الوجهين جميعاً وقال الزجاج قال الحسن في قوله تعالى وهو الذي جعلَ الليل والنهارَ خِلْفَةً لمن أَراد أَن يَذَّكَّر أَو أَرادَ شُكوراً قال من فاتَهُ عَمَلُه من الذِّكْر والشُّكْر بالنهار كان له [ ص 579 ] في الليل مُسْتَعْتَبٌ ومن فاته بالليل كان له في النهار مُسْتَعْتَبٌ قال أُراه يَعْنِي وقتَ اسْتِعْتابٍ أَي وقتَ طَلَبِ عُتْبى كأَنه أَراد وقت اسْتِغفار وفي التنزيل العزيز وإِن يُسْتَعْتبُوا فما هم من المُعْتِبِين معناه إِن أَقالَهُم اللّهُ تعالى وردَّهم إِلى الدنيا لم يُعْتِبُوا يقول لم يَعْمَلُوا بطاعةِ اللّهِ لِما سَبَقَ لهم في عِلْمِ اللّهِ من الشَّقاءِ وهو قوله تعالى ولو رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهوا عنه وإِنَّهم لكاذبون ومن قرأَ وإِن يَسْتَعْتِبُوا فما هم من المُعْتَبِين فمعناه إِن يَسْتَقِيلُوا ربهم لم يُقِلْهم قال الفراءُ اعْتَتَبَ فلانٌ إِذا رَجعَ عن أَمر كان فيه إِلى غيره من قولهم لك العُتْبَى أَي الرجوعُ مما تَكْرَهُ إِلى ما تُحِبُّ والاعْتِتابُ الانْصِرافُ عن الشيءِ واعْتَتَبَ عن الشيءِ انْصَرَف قال الكميت
فاعْتَتَبَ الشَّوْقُ عن فُؤَادِيَ وال ... شِّعْرُ إِلى مَنْ إِليه مُعْتَتَبُ
واعْتَتَبْتُ الطريقَ إِذا تركتَ سَهْلَهُ وأَخَذْتَ في وَعْرِه واعْتَتَبَ أَي قَصَدَ قال الحُطَيْئةُ
إِذا مَخارِمُ أَحْناءٍ عَرَضْنَ له ... لم يَنْبُ عنها وخافَ الجَوْرَ فاعتَتَبا
معناه اعْتَتَبَ من الجبل أَي رَكِبَهُ ولم يَنْبُ عنه يقول لم يَنْبُ عنها ولم يَخَفِ الجَوْرَ ويقال للرجل إِذا مَضَى ساعةً ثم رَجَع قد اعْتَتَبَ في طريقه اعْتِتاباً كأَنه عَرَضَ عَتَبٌ فتَراجَعَ وعَتيبٌ قبيلة وفي أَمثال العرب أَوْدَى كما أَوْدَى عَتِيبٌ عَتِيبٌ أَبو حيٍّ من اليمن وهو عَتِيبُ بنُ أَسْلَمَ بن مالك بن شَنُوءة بن تَديلَ وهم حَيٌّ كانوا في دِينِ مالكٍ أَغارَ عليهم بعضُ الملوكِ فَسَبَى الرجالَ وأَسَرَهم واسْتَعْبَدَهُم فكانوا يقولون إِذا كَبِرَ صِبيانُنا لم يتركونا حتى يَفْتَكُّونا فما زالوا كذلك حتى هلكوا فضَرَبَتْ بهم العربُ مثلاً لمن ماتَ وهو مغلوب وقالت أَوْدَى عَتيبٌ ومنه قول عَدِيّ بن زيد
تُرَجِّيها وقد وَقَعَت بقُرٍّ ... كما تَرْجو أَصاغِرَها عَتِيبُ
ابن الأَعرابي الثُّبْنة ما عَتَّبْتَه من قُدَّام السراويل وفي حديث سَلْمان أَنه عَتَّبَ سراويلَه فتَشَمَّرَ قال ابن الأَثير التَّعْتِيبُ أَن تُجْمَعَ الحُجْزَةُ وتُطْوى من قُدَّام وعَتَّبَ الرجلُ أَبْطَأَ قال ابن سيده وَأُرى الباءَ بدلاً من ميم عَتَّمَ والعَتَبُ ما بين السَّبَّابة والوُسْطَى وقيل ما بين الوسطى والبِنْصَر والعِتْبانُ الذكر من الضِّباع عن كراع وأُمُّ عِتْبانٍ وأُمُّ عَتَّابٍ كلتاهما الضَّبُعُ وقيل إِنما سميت بذلك لعَرَجها قال ابن سيده ولا أَحُقُّه وعَتَبَ من مكانٍ إِلى مكانٍ ومن قولٍ إِلى قولٍ إِذا اجتاز من موضع إِلى موضع والفعل عَتَبَ يَعْتِبُ وعَتَبَةُ الوادي جانبه الأَقصى الذي يَلي الجَبَلَ والعَتَبُ ما بين الجبلين والعربُ تَكْنِي عن المرأَة ( 1 )
( 1 قوله « والعرب تكني عن المرأة الخ » نقل هذه العبارة الصاغاني وزاد عليها الريحانة والقوصرة والشاة والنعجة ) بالعَتَبةِ والنَّعْلِ والقارورة والبيت والدُّمْيةِ والغُلِّ والقَيْدِ وعَتِيبٌ قبيلة وعَتَّابٌ وعِتْبانٌ ومُعَتِّبٌ وعُتْبة وعُتَيْبةُ كلُّها أَسماءٌ [ ص 580 ] وعُتَيْبَةُ وعَتَّابةُ من أَسماءِ النساءِ والعِتابُ ماءٌ لبني أَسدٍ في طريق المدينة قال الأَفوه
فأَبْلِغْ بالجنابةِ جَمْعَ قَوْمِي ... ومَنْ حَلَّ الهِضابَ على العِتابِ

( عتلب ) بالتاءِ المثناة جبل مُعَتْلَبٌ رِخْوٌ قال الراجز مُلاحِمُ القارةِ لم يُعَتْلَبِ

( عثب ) عَوْثَبانُ اسم رجل

( عثرب ) العُثْرُبُ شجر نحوُ شجر الرُّمَّان في القدرِ وورقُه أَحمر مثلُ ورق الحُمّاضِ تَرِقُّ عليه بطونُ الماشية أَوَّل شيءٍ ثم تَعْقِدُ عليه الشَّحْمَ بعد ذلك وله عسالِيجُ حُمْرٌ وله حَبٌّ كحَبِّ الحُمَّاضِ واحدته عُثْرُبة كل ذلك عن أَبي حنيفة

( عثلب ) عَثْلَبَ زَنْدَهُ أَخَذَه من شجرة لا يَدرِي أَيُصْلِدُ أَم يُوري وعَثْلَبَ الحَوْضَ وجِدارَ الحَوْضِ ونحوَه كسَرَه وهَدَمَه قال النابغة وسُفْعٌ على آسٍ ونُؤْيٌ مَعَثْلَبُ ( 1 )
( 1 قوله « ونؤي معثلب » ضبطه المجد كالذي بعده بكسر اللام وضبط في بعض نسخ الصحاح الخط كالتهذيب بفتحها ولا مانع منه حيث يقال عثلبت جدار الحوض إذا كسرته وعثلبت زنداً أخذته لا أدري أَيوري أم لا بل هو الوجيه )
أَي مَهْدومٌ وأَمْرٌ مُعَثْلِبٌ إِذا لم يُحْكَم ورُمْح مُعَثْلِبٌ مكسور وقيل المُعَثْلِبُ المكسور من كل شيءٍ وعَثْلَبَ عَمَلَه أَفْسَدَه وعَثْلَبَ طَعامَه رَمَّدَه أَو طَحَنَه فَجَشَّشَ طَحْنَه وعَثْلَبٌ اسم ماء قال الشَّمَّاخ
وصَدَّتْ صُدوداً عن شريعةِ عَثْلَبٍ ... ولابْنَيْ عِياذٍ في الصُّدُورِ حَوامِزُ ( 2 )
( 2 قوله « في الصدور حوامز » كذا بالأصل كالتهذيب والذي في التكملة في الصدور حزائز ) وشَيْخ مُعَثْلِبٌ إِذا أَدْبَرَ كِبَراً

( عجب ) العُجْبُ والعَجَبُ إِنكارُ ما يَرِدُ عليك لقِلَّةِ اعْتِيادِه وجمعُ العَجَبِ أَعْجابٌ قال
يا عَجَباً للدَّهْرِ ذِي الأَعْجابِ ... الأَحْدَبِ البُرْغُوثِ ذِي الأَنْيابِ
وقد عَجِبَ منه يَعْجَبُ عَجَباً وتَعَجَّبَ واسْتَعْجَبَ قال
ومُسْتَعْجِبٍ مما يَرَى من أَناتِنا ... ولو زَبَنَتْهُ الحَرْبُ لم يَتَرَمْرَمِ
والاسْتِعْجابُ شِدَّةُ التَّعَجُّبِ وفي النوادر تَعَجَّبنِي فلانٌ وتَفَتَّنَني أَي تَصَبَّاني والاسم العَجِيبةُ والأُعْجُوبة والتَّعاجِيبُ العَجائبُ لا واحدَ لها من لفظها قال الشاعر
ومنْ تَعاجِيبِ خَلْقِ اللّهِ غَاطِيةٌ ... يُعْصَرُ مِنْها مُلاحِيٌّ وغِرْبِيبُ
الغَاطِيَةُ الكَرْمُ وقوله تعالى بل عَجِبْت ويَسْخَرُون قرأَها حمزة والكسائي بضم التاءِ وكذا قراءة علي بن أَبي طالب وابن عباس وقرأَ ابن كثير ونافع وابن عامر وعاصم وأَبو عمرو بل عَجِبْتَ بنصب التاءِ الفراءُ العَجَبُ وإِن أُسْنِدَ إِلى اللّه فليس معناه من اللّه كمعناه من العباد قال الزجاج أَصلُ العَجَبِ في اللغة أَن الإِنسان إِذا رأَى ما ينكره ويَقِلُّ مِثْلُه قال قد عَجِبْتُ من كذا وعلى هذا معنى قراءة من قرأَ بضم التاءِ لأَن الآدمي إِذا فعل ما يُنْكِرُه اللّهُ جاز أَن يقول فيه عَجِبْتُ واللّه عز وجل قد علم ما أَنْكَره قبل كونه ولكن الإِنكارُ والعَجَبُ الذي تَلْزَمُ به [ ص 581 ] الحُجَّة عند وقوع الشيءِ وقال ابن الأَنباري في قوله بل عَجِبْتُ أَخْبَر عن نفسه بالعَجَب وهو يريد بل جازَيْتُهم على عَجَبِهم من الحَقِّ فَسَمّى فِعْلَه باسمِ فِعْلهم وقيل بل عَجِبْتَ معناه بل عَظُمَ فِعْلُهم عندك وقد أَخبر اللّه عنهم في غير موضع بالعَجَب من الحَقِّ قال أَكَانَ للناسِ عَجَباً وقال بل عَجِبُوا أَنْ جاءهم مُنْذِرٌ منهم وقال الكافرون إِنَّ هذا لشيءٌ عُجابٌ ابن الأَعرابي العَجَبُ النَّظَرُ إِلى شيءٍ غير مأْلوف ولا مُعتادٍ وقوله عز وجل وإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قولُهم الخطابُ للنبي صلى اللّه عليه وسلم أَي هذا موضعُ عَجَبٍ حيث أَنكروا البعْثَ وقد تبين لهم مِنْ خَلْقِ السمواتِ والأَرض ما دَلَّهم على البَعْث والبعثُ أَسهلُ في القُدْرة مما قد تَبَيَّنُوا وقوله عز وجل واتَّخَذَ سبيلَه في البحر عَجَباً قال ابن عباس أَمْسَكَ اللّه تعالى جرْيَةَ البَحْرِ حتى كان مثلَ الطاقِ فكان سَرَباً وكان لموسى وصاحبه عَجَباً وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكَ من قوم يُقادُونَ إِلى الجنةِ في السلاسِل أَي عَظُمَ ذلك عنده وكَبُرَ لديه أَعلم الّله أَنه إِنما يَتَعَجَّبُ الآدميُّ من الشيءِ إِذا عَظُمَ مَوْقِعُه عنده وخَفِيَ عليه سببُه فأَخبرهم بما يَعْرِفون ليعلموا مَوْقعَ هذه الأَشياء عنده وقيل معنى عَجِبَ رَبُّكَ أَي رَضِيَ وأَثابَ فسماه عَجَباً مجازاً وليس بعَجَبٍ في الحقيقة والأَولُ الوجه كما قال ويَمْكُرونَ ويَمْكُرُ اللّهُ معناه ويُجازيهم اللّه على مكرهم وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكَ من شَابٍّ ليستْ له صَبْوَةٌ هو من ذلك وفي الحديث عَجِبَ رَبُّكُمْ من إِلِّكم وقُنُوطِكم قال ابن الأَثير إِطْلاقُ العَجَب على اللّه تعالى مَجَازٌ لأَنه لا يخفى عليه أَسبابُ الأَشياء والتَّعَجُّبُ مما خَفِيَ سببه ولم يُعْلَم وأَعْجَبَه الأَمْرُ حَمَلَهُ على العَجَبِ منه وأَنشد ثعلب
يا رُبَّ بَيْضَاءَ على مُهَشَّمَهْ ... أَعْجَبَها أَكْلُ البَعيرِ اليَنَمَهْ
هذه امرأَةٌ رأَتِ الإِبلَ تأْكل فأَعْجَبها ذلك أَي كَسَبها عَجَباً
وكذلك قولُ ابنِ قَيسِ الرُّقَيَّاتِ
رَأَتْ في الرأْسِ منِّي شَيْ ... بَةً لَسْتُ أُغَيِّبُها
فقالتْ لي ابنُ قَيْسٍ ذا ... وبَعْضُ الشَّيْءِ يُعْجِبُها
أَي يَكْسِبُها التَّعَجُّبَ وأُعْجِبَ به عَجِبَ وعَجَّبَه بالشيءِ تَعْجِيباً نَبَّهَهُ على التَّعَجُبِ منه وقِصَّةٌ عَجَبٌ وشيء مُعْجِبٌ إِذا كان حَسَناً معدًّا والتَّعَجُّبُ أَن تَرَى الشيءَ يُعْجِبُكَ تَظُنُّ أَنك لم تَرَ مِثلَه وقولهم للّه زيدٌ كأَنه جاءَ به اللّه من أَمْرٍ عَجِيبٍ وكذلك قولهم للّه دَرّهُ أَي جاءَ اللّهُ بدَرِّه من أَمْرٍ عَجِيبٍ لكثرته وأَمر عُجَابٌ وعُجَّابٌ وعَجَبٌ وعَجِيبٌ وعَجَبٌ عاجِبٌ وعُجَّابٌ على المبالغة يؤكد به وفي التنزيل إِنَّ هذا لشيءٌ عُجَابٌ قرأَ أَبو عبدالرحمن السُّلَمِيُّ ان هذا لشيء عُجَّابٌ بالتشديد وقال الفراء هو مِثْلُ قولهم رجل كريم وكُرامٌ وكُرَّامٌ وكَبيرٌ وكُبَارٌ وكُبَّارٌ وعُجَّاب بالتشديد أَكثر من عُجَابٍ وقال صاحب العين بين العَجِيب والعُجَاب فَرْقٌ أَمَّا العَجِيبُ فالعَجَبُ يكون مثلَه وأَمَّا العُجَاب فالذي تَجاوَزَ حَدَّ العَجَبِ وأَعْجَبَهُ الأَمْرُ سَرَّه وأُعْجِبَ به كذلك على [ ص 582 ] لفظ ما تَقَدَّم في العَجَبِ والعَجِيبُ الأَمْرُ يُتَعَجَّبُ منه وأَمْرٌ عَجِيبٌ مُعْجِبٌ وقولهم عَجَبٌ عاجِبٌ كقولهم لَيْلٌ لائِلٌ يؤكد به وقوله أَنشده ثعلب
وما البُخْلُ يَنْهاني ولا الجُودُ قادَني ... ولكنَّها ضَرْبٌ إِليَّ عَجيبُ
أَرادَ يَنْهاني ويَقُودُني أَو نَهاني وقَادَني وإِنما عَلَّقَ عَجِيبٌ بإِليَّ لأَنه في معنى حَبِيب فكأَنه قال حَبِيبٌ إِليَّ قال الجوهري ولا يجمع عَجَبٌ ولا عَجِيبٌ ويقال جمعُ عَجِيب عَجائبُ مثل أَفِيل وأَفائِل وتَبيع وتَبائعَ وقولهم أَعاجِيبُ كأَنه جمع أُعْجُوبةٍ مثل أُحْدُوثةٍ وأَحاديثَ والعُجْبُ الزُّهُوُّ ورجل مُعْجَبٌ مَزْهُوٌّ بما يكون منه حَسَناً أَو قَبِيحاً وقيل المُعْجَبُ الإِنسانُ المُعْجَبُ بنفسه أَو بالشيءِ وقد أُعْجِبَ فلانٌ بنفسه فهو مُعْجَبٌ برأْيه وبنفسه والاسم العُجْبُ بالضم وقيل العُجْب فَضْلَةٌ من الحُمْق صَرَفْتَها إِلى العُجْبِ وقولُهم ما أَعجَبَه برأْيه شاذّ لا يُقاس عليه والعُجْب الذي يُحِبُّ مُحادثةَ النساء ولا يأْتي الريبة والعُجْبُ والعَجْبُ والعِجْبُ الذي يُعْجِبُه القُعُود مع النساءِ والعَجْبُ والعُجْبُ من كل دابة ( 1 )
( 1 قوله « والعجب والعجب من كل دابة الخ » كذا بالأصل وهذه عبارة التهذيب بالحرف وليس فيها ذكر العجب مرتين بل قال والعجب من كل دابة الخ وضبطه بشكل القلم بفتح فسكون كالصحاح والمحكم وصرح به المجد والفيومي وصاحب المختار لاسيما وأُصول هذه المادة متوفرة عندنا فتكرار العجب في نسخة اللسان ليس إلا من الناسخ اغتر به شارح القاموس فقال عند قول المجد العجب بالفتح وبالضم من كل دابة ما انضم إلى آخر ما هنا ولم يساعده على ذلك أصل صحيح ان هذا لشيء عجاب ) ما انْضَمَّ عليه الوَرِكان من أَصل الذَّنَبِ المَغْروز في مؤخر العَجُزِ وقيل هو أَصلُ الذَّنَبِ كُلُّه وقال اللحياني هو أَصْلُ الذَّنَبِ وعَظْمُه وهو العُصْعُصُ والجمعُ أَعْجابٌ وعُجُوبٌ وفي الحديث كُلُّ ابنِ آدمَ يَبْلَى إِلا العَجْبَ وفي رواية إِلاَّ عَجْبَ الذَّنَب العَجْبُ بالسكون العظم الذي في أَسفل الصُّلْب عند العَجُز وهو العَسِيبُ من الدَّوابِّ وناقة عَجْباءُ بَيِّنَةُ العَجَبِ غلِيظةُ عَجْبِ الذَّنَب وقد عَجِبَتْ عَجَباً ويقال أَشَدُّ ما عَجُبَتِ الناقةُ إِذا دَقَّ أَعْلى مُؤَخَّرِها وأَشْرَفَتْ جاعِرَتاها والعَجْباءُ أَيضاً التي دَق أَعلى مُؤَخَّرها وأَشرَفَتْ جاعِرَتاها وهي خلْقَةٌ قبيحة فيمن كانت وعَجْبُ الكَثِيبِ آخِرُه المُسْتَدِقُّ منه والجمعُ عُجُوب قال لبيد
يَجْتابُ أَصْلاً قالِصاً مُتَنَبِّذاً ... بعُجُوبِ أَنْقاءٍ يَميلُ هَيامُها
ومعنى يَجتابُ يَقْطَع ومن روى يَجْتافُ بالفاءِ فمعناه يَدْخُلُ يصف مطراً والقالِصُ المرتفعُ والمُتَنَبِّذُ المُتَنَحِّي ناحيةً والهَيَامُ الرَّمْل الذي يَنْهار وقيل عَجْبُ كلّ شيءٍ مُؤَخَّرُه وبَنُو عَجْبٍ قبيلة وقيل بَنُو عَجْبٍ بطن وذكر أَبو زيد خارجةُ بنُ زيدٍ أَن حَسَّان بنَ ثابتٍ أَنشد قوله
انْظُرْ خَليلِي ببَطْنِ جِلَّقَ هلْ ... تُونِسُ دونَ البَلْقاءِ مِن أَحَدِ
فبكى حَسَّان بذِكْرِ ما كان فيه من صِحَّة البصر والشَّبابِ بعدما كُفَّ بَصَرُه وكان ابنه عبدُالرحمن حاضِراً فسُرَّ ببكاءِ أَبيه قال خارجةُ يقول عَجِبْتُ من سُروره ببكاءِ أَبيه قال ومثله قوله
فقالتْ لي ابنُ قَيْسٍ ذا ... وبعضُ الشَّيءِ يُعْجِبُها
[ ص 583 ] أَي تَتَعَجَّبُ منه أَرادَ أَابنُ قَيْسٍ فتَرك الأَلفَ الأُولى

( عدب ) العَدَابُ من الرَّمْل كالأَوْعَسِ وقيل هو المُسْتَدِقُّ منه حيث يَذْهبُ مُعظَمُه ويَبْقَى شيء من لَيْنِه قبل أَن يَنْقَطِعَ وقيل هو جانِبُ الرَّمْلِ الذي يَرِقُّ من أَسْفَل الرملة ويَلي الجَدَدَ من الأَرض قال ابن أَحمر
كثَوْرِ العَدَاب الفَرْدِ يَضْربُه النَّدَى ... تَعَلَّى النَّدَى في مَتْنِه وتَحَدَّرا
الواحدُ والجمعُ سواءٌ وأَنشد الأَزهري وأَقْفَرَ المُودِسُ من عَدَابِها يعني الأَرضَ التي قد أَنبتت أَوّلَ نَبْتٍ ثم أَيْسَرَتْ والعَدُوبُ الرمل الكثير قال الأَزهري والعُدَبيُّ من الرجال الكريمُ الأَخْلاق قال كَثِير بنُ جابر المُحاربيُّ ليس كُثَيِّرَ عَزَّةَ
سَرَتْ ما سَرَتْ من ليلِها ثم عَرَّسَتْ ... إِلى عُدَبيٍّ ذِي غَناءٍ وذي فَضْلِ
وهذا الحرف ذكره الأَزهري في تهذيبه هنا في هذه الترجمة وذكره الجوهري في صحاحه في ترجمة عذب بالذال المعجمة والعَدَابةُ الرَّحِمُ قال الفرزدق
فكُنْتُ كذاتِ العَرْك لم تُبْقِ ماءَها ... ولا هِيَ مِنْ ماءِ العَدَابةِ طاهِرُ
وقد رويت العَذَابَة بالذال المعجمة وهذا البيت أورده الجوهري ولا هي مما بالعَدَابةِ طاهر وكذلك وجدته في عِدَّةِ نُسَخ

( عذب ) العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ كُلُّ مُسْتَسَاغٍ والعَذْبُ الماءُ الطَّيِّبُ ماءةٌ عَذْبَةٌ ورَكِيَّة عَذْبَةٌ وفي القرآن هذا عَذْبٌ فُراتٌ والجمع عِذَابٌ وعُذُوبٌ قال أَبو حَيَّةَ النُّميري
فَبَيَّتْنَ ماءً صافِياً ذا شَريعةٍ ... له غَلَلٌ بَيْنَ الإِجامِ عُذُوبُ أَراد بغَلَلٍ الجنْسَ ولذلك جَمَع الصِّفَةَ
والعَذْبُ الماء الطَّيِّبُ وعَذُبَ الماءُ يَعْذُبُ عُذوبةً فهو عَذْبٌ طَيِّبٌ وأَعْذَبَه اللّه جَعَلَه عَذْباً عن كُراع وأَعْذَبَ القومُ عَذُبَ ماؤُهم واستَعْذَبُوا استَقَوا وشَرِبوا ماءً عَذْباً واستعْذَبَ لأَهلِه طَلب له ماءً عَذْباً واستَعذَب القومُ ماءَهم إِذا استَقَوهُ عَذْباً واستَعْذَبَه عَدّه عَذْباً ويُستَعْذَبُ لفلان من بئر كذا أَي يُسْتَقى له وفي الحديث أَنه كان يُسْتَعْذَبُ له الماءُ من بيوتِ السُّقْيا أَي يُحْضَرُ له منها الماءُ العَذْبُ وهو الطَّيِّبُ الذي لا مُلوحة فيه وفي حديث أَبي التَّيّهان أَنه خرج يَسْتَعذبُ الماءَ أَي يَطْلُبُ الماءَ العَذْبَ وفي كلام عليّ يَذُمُّ الدنيا اعْذَوْذَبَ جانبٌ منها واحْلَوْلَى هما افْعَوعَلَ من العُذُوبة والحَلاوة هو من أَبنية المبالغة وفي حديث الحجاج ماءٌ عِذَابٌ يقال ماءة عَذْبَةٌ وماء عِذَابٌ على الجمع لأَن الماء جنس للماءة وامرأَةٌ مِعْذابُ الرِّيقِ سائغَتُه حُلْوَتُه قال أَبو زُبَيْدٍ
إِذا تَطَنَّيْتَ بَعْدَ النَّوْمِ عَلَّتَها ... نَبَّهْتَ طَيِّبةَ العَلاَّتِ مِعْذابا
والأَعْذَبان الطعامُ والنكاح وقيل الخمر والريقُ وذلك لعُذوبَتهما [ ص 584 ] وإِنه لَعَذْبُ اللسان عن اللحياني قال شُبِّهَ بالعَذْبِ من الماءِ والعَذِبَةُ بالكسر ( 1 )
( 1 قوله « بالكسر » أي بكسر الذال كما صرح به المجد )
عن اللحياني أَرْدَأُ ما يَخْرُجُ من الطعام فيُرْمَى به والعَذِبَة والعَذْبَةُ القَذاةُ وقيل هي القَذاةُ تَعْلُو الماءَ وقال ابن الأَعرابي العَذَبَةُ بالفتح الكُدْرةُ من الطُّحْلُب والعَرْمَضِ ونحوهما وقيل العَذَبة والعَذِبة والعَذْبةُ الطُّحْلُب نفسُه والدِّمْنُ يَعْلُو الماءَ وماءٌ عَذِبٌ وذو عَذَبٍ كثير القَذى والطُّحْلُب قال ابن سيده أَراه على النسب لأَني لم أَجد له فعلاً وأَعْذَبَ الحَوْضَ نَزَع ما فيه من القَذَى والطُّحْلُبِ وكَشَفَه عنه والأَمرُ منه أَعْذِبْ حوضَك ويقال اضْرِبْ عَذَبَة الحَوْضِ حتى يَظْهَر الماء أَي اضْرِبْ عَرْمَضَه وماء لا عَذِبَةَ فيه أَي لا رِعْيَ فيه ولا كَلأَ وكل غُصْنٍ عَذَبةٌ وعَذِبَةٌ والعَذِبُ ما أَحاطَ بالدَّبْرةِ والعاذِبُ والعَذُوبُ الذي ليس بينه وبين السماءِ سِتْر قال الجَعْدِيُّ يصف ثوراً وَحْشِيّاً بات فَرْداً لا يذُوقُ شيئاً
فباتَ عَذُوباً للسَّماءِ كأَنَّه ... سُهَيْلٌ إِذا ما أَفرَدَتْهُ الكَواكِبُ
وعَذَبَ الرجلُ والحِمارُ والفرسُ يَعْذِبُ عَذْباً وعُذُوباً فهو عاذِبٌ والجمعُ عُذُوبٌ وعَذُوبٌ والجمعُ عُذُبٌ لم يأْكل من شِدَّةِ العطَشِ ويَعْذِبُ الرجلُ عن الأَكل فهو عاذِب لا صائم ولا مُفْطِرٌ ويقال للفرس وغيره باتَ عَذُوباً إِذا لم يأْكل شيئاً ولم يشرب قال الأَزهري القول في العَذُوب والعاذِب انه الذي لا يأْكل ولا يشرب أَصْوَبُ من القول في العَذُوب انه الذي يمتنع عن الأَكل لعَطَشِه وأَعْذَبَ عن الشيء امتنع وأَعْذَبَ غيرَه منعه فيكون لازماً وواقعاً مثل أَمْلَقَ إِذا افتقر وأَمْلَقَ غيرَه وأَما قول أَبي عبيد وجمعُ العَذُوبِ عُذُوبٌ فخطأٌ لأَنَّ فَعولاً لا يُكَسَّر على فُعولٍ والعاذِبُ من جميع الحيوان الذي لا يَطْعَمُ شيئاً وقد غَلَبَ على الخيل والإِبل والجمع عُذُوبٌ كساجدٍ وسُجُود وقال ثعلب العَذُوب من الدوابِّ وغيرها القائم الذي يرفع رأْسه فلا يأْكل ولا يشرب وكذلك العاذِبُ والجمع عُذُب والعاذِبُ الذي يبيت ليله لا يَطْعَم شيئاً وما ذاقَ عَذُوباً كَعَذُوفٍ وعَذَبَه عنه عَذْباً وأَعْذَبَه إِعْذاباً وعَذَّبَه تَعْذيباً مَنَعه وفَطَمه عن الأَمر وكل من منعته شيئاً فقد أَعْذَبْتَه وعَذَّبْته وأَعْذَبه عن الطعام منعه وكَفَّه واسْتَعْذَبَ عن الشيء انتهى وعَذَب عن الشيء وأَعْذَب واسْتَعْذَبَ كُلُّه كَفَّ وأَضْرَب وأَعْذَبَه عنه منعه ويقال أَعْذِبْ نَفْسَك عن كذا أَي اظْلِفْها عنه وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه أَنه شَيَّعَ سَرِيَّةً فقال أَعْذِبُوا عن ذِكْرِ النساء أَنْفُسَكم فإِن ذلك يَكْسِرُكم عن الغَزْو أَي امْنَعوها عن ذكر النساءِ وشَغْل القُلوب بهنَّ وكلُّ من مَنَعْتَه شيئاً فقد أَعْذَبْتَه وأَعْذَبَ لازم ومُتَعَدٍّ والعَذَبُ ماءٌ يَخْرُجُ على أَثرِ الوَلَدِ من الرَّحِم وروي عن أَبي الهيثم أَنه قال العَذَابَةُ الرَّحِمُ وأَنشد
وكُنْتُ كذاتِ الحَيْضِ لم تُبْقِ ماءَها ... ولا هِيَ من ماءِ العَذَابةِ طاهِرُ
[ ص 585 ] قال والعَذَابةُ رَحِمُ المرأَة وعَذَبُ النَّوائح هي المَآلي وهي المَعاذِبُ أَيضاً واحدتها مَعْذَبةٌ ويقال لخرقة النائحة عَذَبَةٌ ومِعْوَزٌ وجمعُ العَذَبةِ مَعاذِبُ على غير قياس والعَذَابُ النَّكَالُ والعُقُوبة يقال عَذَّبْتُه تَعْذِيباً وعَذَاباً وكَسَّرَه الزَّجَّاجُ على أَعْذِبَةٍ فقال في قوله تعالى يُضَاعَفْ لها العَذَابُ ضِعْفَيْن قال أَبو عبيدة تُعَذَّبُ ثَلاثَة أَعذِبَةٍ قال ابن سيده فلا أَدري أَهذا نَصُّ قولِ أَبي عبيدة أَم الزجاجُ استعمله وقد عَذَّبَه تَعْذِيباً ولم يُسْتَعمل غيرَ مزيد وقوله تعالى ولقد أَخَذْناهُم بالعَذاب قال الزجاج الذي أُخذُوا به الجُوعُ واسْتعار الشاعِرُ التَّعْذِيبَ فيما لا حِسَّ له فقال
لَيْسَتْ بِسَوْداءَ من مَيْثاءَ مُظْلِمَةٍ ... ولم تُعَذَّبْ بإِدْناءٍ من النارِ
ابن بُزُرْجَ عَذَّبْتُه عَذابَ عِذَبِينَ وأَصابه مني عَذَابُ عِذَبِينَ وأَصابه مني العِذَبونَ أَي لا يُرْفَعُ عنه العَذابُ وفي الحديث أَنَّ الميت يُعَذَّبُ ببكاءِ أَهله عليه قال ابن الأَثير يُشْبِهُ أَن يكون هذا من حيث أَن العرب كانوا يُوصُونَ أَهلَهم بالبكاءِ والنَّوح عليهم وإِشاعةِ النَّعْيِ في الأَحياءِ وكان ذلك مشهوراً من مذاهبهم فالميت تلزمه العقوبةُ في ذلك بما تَقَدَّم من أَمره به وعَذَبةُ اللسان طَرَفُه الدقيق وعَذَبَةُ السَّوْطِ طَرَفُه والجمع عَذَبٌ والعَذَبةُ أَحَدُ عَذَبَتَي السَّوْط وأَطْرافُ السُّيوفِ عَذَبُها وعَذَباتُها وعَذَّبْتُ السَّوْطَ فهو مُعَذَّبٌ إِذا جَعَلتَ له عِلاقَةً قال وعَذَبَة السَّوْطِ عِلاقَتُه وقول ذي الرمة
غُضُفٌ مُهَرَّتةُ الأَشْداقِ ضَارِيَةٌ ... مِثْلُ السَّراحِينِ في أَعْنَاقِها العَذَبُ
يعني أَطرافَ السُّيُور وعَذَبةُ الشَّجَرِ غُصْنُه وعَذَبَةُ قَضِيبِ الجَمَل أَسَلَتُه المُسْتَدِقُّ في مُقَدَّمِه والجمع العَذَبُ وقال ابن سيده عَذَبةُ البعير طَرَفُ قَضِيبِه وقيل عَذَبةُ كل شيء طرفُه وعَذَبَةُ شِرَاكِ النعل المُرْسَلةُ من الشِّرَاك والعَذَبَةُ الجِلْدَةُ المُعَلَّقَةُ خَلْفَ مُؤْخِرَةِ الرَّحْلِ من أَعْلاه وعَذَبَةُ الرُّمْح خِرقة تُشَدُّ على رأْسه والعَذَبة الغُصْنُ وجمعه عَذَبٌ والعَذَبة الخَيْطُ الذي يُرْفَعُ به المِيزانُ والجمعُ من كل ذلك عَذَبٌ وعَذَباتُ الناقة قوائمها وعاذِبٌ اسم مَوْضِع قال النابغة الجَعْدِي
تَأَبَّدَ من لَيْلى رُماحٌ فعاذِبُ ... فأَقْفَر مِمَّنْ حَلَّهُنَّ التَّناضِبُ
والعُذَيْبُ ماء لبَنِي تميم قال كثير
لَعَمْرِي لئِنْ أُمُّ الحَكِيمِ تَرَحَّلَتْ ... وأَخْلَتْ لِخَيْماتِ العُذَيْبِ ظِلالَها
قال ابن جني أَراد العُذَيْبةَ فحذف الهاء كما قال أَبْلِغ النُّعْمانَ عَنّي مَأْلُكاً قال الأَزهري العُذَيْبُ ماء معروف بين القادِسيَّةِ ومُغِيثَةَ وفي الحديث ذِكْرُ العُذَيْبِ وهو ماء لبني تميم على مَرْحلة من الكوفة مُسَمّى بتصغير العَذْبِ وقيل سمي به لأَنه طَرَفُ أَرض العرب من العَذَبة وهي طَرَفُ الشيء وعاذِبٌ مكانٌ وفي الصحاح العُذَبِيُّ الكَرِيمُ الأَخْلاق بالذال معجمة وأَنشد لكثيرٍ
سَرَتْ ما سَرَتْ من لَيْلِها ثم أَعْرَضَتْ ... إِلى عُذَبِيٍّ ذِي غَناءٍ وذي فَضْلِ
[ ص 586 ] قال ابن بري ليس هذا كُثَيِّر عَزَّة إِنما هو كُثَيِّرُ بن جابر المُحارِبيُّ وهذا الحرف في التهذيب في ترجمة عدب بالدال المهملة وقال هو العُدَبِيُّ وضبطه كذلك

( عرب ) العُرْبُ والعَرَبُ جِيْلٌ من الناس معروف خِلافُ العَجَم وهما واحدٌ مثل العُجْمِ والعَجَم مؤنث وتصغيره بغير هاء نادر الجوهري العُرَيْبُ تصغير العَرَبِ قال أبو الهِنْدِيّ واسمه عَبْدُالمؤمن ابن عبدالقُدُوس
فأَمَّا البَهَطُ وحِيتَانُكُم ... فما زِلْتُ فيها كثيرَ السَّقَمْ
وقد نِلْتُ منها كما نِلْتُمُ ... فلَمْ أرَ فيها كَضَبٍّ هَرِمْ
وما في البُيُوضِ كبَيْضِ الدَّجاج ... وبَيْضُ الجَرادِ شِفاءُ القَرِمْ
ومَكْنُ الضِّبابِ طَعامُ العُرَيْ ... بِ لا تَشْتَهيهِ نفوسُ العَجَمْ
صَغَّرهم تعظيماً كما قال أنا جُذَيْلُها المُحَكَّكُ وعُذَيْقُها المُرَجَّبُ والعَرَبُ العارِبة هم الخُلَّصُ منهم وأُخِذ من لَفْظه فأُكِّدَ به كقولك لَيلٌ لائِلٌ تقول عَرَبٌ عارِبةٌ وعَرْباءُ صُرَحاءُ ومُتَعَرِّبةُ ومُسْتَعْرِبةٌ دُخَلاءُ ليسوا بخُلَّصٍ والعربي منسوب إلى العرب وإن لم يكن بدوياً والأعرابي البدوي وهم الأعراب والأعاريب جمع الأعراب وجاء في الشعر الفصيح الأعاريب وقيل ليس الأعراب جمعاً لعرب كما كان الأنباط جمعاً لنبطٍ وإنما العرب اسم جنس والنسب إلى الأعراب أعرابي قال سيبويه إنما قيل في النسب إلى الأعراب أعرابي لأنه لا واحد له على هذا المعنى ألا ترى أنك تقول العرب فلا يكون على هذا المعنى ؟ فهذا يقويه وعربي بين العروبة والعروبية وهما من المصادر التي لا أفعال لها وحكى الأزهري رجل عربي إذا كان نسبه في العرب ثابتاً وإن لم يكن فصيحاً وجمعه العرب كما يقال رجل مجوسي ويهودي والجمع بحذف ياء النسبة اليهود والمجوس ورجل معرب إذا كان فصيحاً وإن كان عجمي النسب ورجل أعرابي بالألف إذا كان بدوياً صاحب نجعة وانتواء وارتياد للكلإ وتتبع لمساقط الغيث وسواء كان من العرب أو من مواليهم ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب والأعرابي إذا قيل له يا عربي فرح بذلك وهش له والعربي إذا قيل له يا أعرابي غضب له فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ومن نزل بلاد الريف واستوطن مدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء وقول اللّه عز وجل قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة طمعاً في الصدقات لا رغبة في الإسلام فسماهم اللّه تعالى العرب ومثلْهم الذين ذكرهم اللّه في سورة التوبة فقال الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً الآية قال الأزهري والذي لا يفرق بين العربي والأعراب والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية وهو لا يميز بين العرب والأعراب ولا يجوز أن يقال للمهاجرين [ ص 587 ] والأنصار أعراب إنما هم عرب لأنهم استوطنوا القرى العربية وسكنوا المدن سواء منهم الناشئ بالبدو ثم استوطن القرى والناشئ بمكة ثم هاجر إلى المدينة فإن لحقت طائفة منهم بأهل البدو بعد هجرتهم واقتنوا نعماً ورعوا مساقط الغيث بعد ما كانوا حاضرة أو مهاجرة قيل قد تعربوا أي صاروا أعراباً بعدما كانوا عرباً وفي الحديث تمثل في خطبته مهاجر ليس بأعرابي جعل المهاجر ضد الأعرابي قال والأعراب ساكنو البادية من العرب الذين لا يقيمون في الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة والعرب هذا الجيل لا واحد له من لفظه وسواء أقام بالبادية والمدن والنسبة إليهما أعرابيٌّ وعربيٌّ وفي الحديث ثلاث ( 1 )
( 1 قوله « وفي الحديث ثلاث الخ » كذا بالأصل والذي في النهاية وقيل ثلاث إلخ ) من الكبائر منها التعرب بعد الهجرة هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجراً وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) عذب العَذْبُ من الشَّرابِ والطَّعَامِ كُلُّ مُسْتَسَاغٍ والعَذْبُ عذر يعدونه كالمرتد ومنه حديث ابن الأكوع لما قتل عثمان خرج إلى الربذة وأقام بها ثم إنه دخل على الحجاج يوماً فقال له يا ابن الأكوع ارتددت على عقبك وتعربت قال ويروى بالزاي وسنذكره في موضعه قال والعرب أهل الأمصار والأعراب منهم سكان البادية خاصة وتعرب أي تشبه بالعرب وتعرب بعد هجرته أي صار أعرابياً والعربية هي هذه اللغة واختلف الناس في العرب لم سموا عرباً فقال بعضهم أول من أنطق اللّه لسانه بلغة العرب يعرب بن قحطان وهو أبو اليمن كلهم وهم العرب العاربة ونشأ إسمعيل ابن إبراهيم عليهما السلام معهم فتكلم بلسانهم فهو وأولاده العرب المستعربة وقيل إن أولاد إسمعيل نشؤوا بعربة وهي من تهامة فنسبوا إلى بلدهم وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال خمسة أنبياء من العرب وهم محمد وإسمعيل وشعيب وصالح وهود صلوات اللّه عليهم وهذا يدل على أن لسان العرب قديم وهؤلاء الأنبياء كلهم كانوا يسكنون بلاد العرب فكان شعيب وقومه بأرض مدين وكان صالح وقومه بأرض ثمود ينزلون بناحية الحجر وكان هود وقومه عاد ينزلون الأحقاف من رمال اليمن وكانوا أهل عمدٍ وكان إسمعيل ابن إبراهيم والنبي المصطفى محمد صلى اللّه عليهم وسلم من سكان الحرم وكل من سكن بلاد العرب وجزريتها ونطق بلسان أهلها فهم عرب يمنهم ومعدهم قال الأزهري والأقرب عندي أنهم سموا عرباً باسم بلدهم العربات وقال إسحق ابن الفرج عربة باحة العرب وباحة دار أبي الفصاحة إسمعيل ابن إبراهيم عليهما السلام وفيها يقول قائلهم
وعربة أرض ما يحل حرامها ... من الناس إلا اللوذعي الحلاحل
يعني النبي صلى اللّه عليه وسلم أحلت له مكة ساعة من نهارٍ ثم هي حرام إلى يوم القيامة قال واضطر الشاعر إلى تسكين الراء من عربة فسكنها وأنشد قول الآخر
ورجت باحة العربات رجا ... ترقرق في مناكبها الدماءُ
[ ص 588 ] قال وأقامت قريش بعربة فتنخت بها وانتشر سائر العرب في جزيرتها فنسبوا كلهم إلى عربة لأن أباهم إسمعيل صلى اللّه عليه وسلم بها نشأ وربل أولاده فيها فكثروا فلما لم تحتملهم البلاد انتشروا وأقامت قريش بها وروي عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه أنه قال قريش هم أوسط العرب في العرب داراً وأحسنه جواراً وأعربه ألسنة وقال قتادة كانت قريش تجتبي أي تختار أفضل لغات العرب حتى صار أفضل لغاتها لغتها فنزل القرآن بها قال الأزهري وجعل اللّه عز وجل القرآن المنزل على النبي المرسل محمد صلى اللّه عليه وسلم عربياً لأنه نسبه إلى العرب الذين أنزله بلسانهم وهم النبي والمهاجرون والأنصار الذين صيغة لسانهم لغة العرب في باديتها وقراها العربية وجعل النبي صلى اللّه عليه وسلم عربياً لأنه من صريح العرب ولو أن قوماً من الأعراب الذين يسكنون البادية حضروا القرى العربية وغيرها وتناءوا معهم فيها سموا عرباً ولم يسموا أعراباً وتقول رجل عربي اللسان إذا كان فصيحاً وقال الليث يجوز أن يقال رجل عرباني اللسان قال والعرب المستعربة هم الذين دخلوا فيهم بعد فاستعربوا قال الأزهري المستعربة عندي قوم من العجم دخلوا في العرب فتكلموا بلسانهم وحكوا هيئاتهم وليسوا بصرحاء فيهم وقال الليث تعربوا مثل استعربوا قال الأزهري ويكون التعرب أن يرجع إلى البادية بعدما كان مقيماً بالحضر فيلحق بالأعراب ويكون التعرب المقام بالبادية ومنه قول الشاعر
تعرب آبائي فهلا وقاهم ... من الموت رملاً وزرود
يقول أقام آبائي بالبادية ولم يحضروا القرى وروي عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال الثيب تعرب عن نفسها أي تفصح وفي حديث آخر الثيب يعرب عنها لسانها والبكر تستأمر في نفسها وقال أبو عبيد هذا الحرف جاء في الحديث يعرب بالتخفيف وقال الفراء إنما هو يعرب بالتشديد يقال عربت عن القوم إذا تكلمت عنهم واحتججت لهم وقيل إن أعرب بمعنى عرب وقال الأزهري الإعراب والتعريب معناهما واحد وهو الإبانة يقال أعرب عنه لسانه وعرب أي أبان وأفصح وأعرب عن الرجل بين عنه وعرب عنه تكلم بحجته وحكى ابن الأثير عن ابن قتيبة الصواب يعرب عنها بالتخفيف وإنما سمي الإعراب إعراباً لتبيينه وإيضاحه قال وكلا القولين لغتان متساويتان بمعنى الإبانة والإيضاح ومنه الحديث الآخر فإنما كان يعرب عما في قلبه لسانه ومنه حديث التيمي كانوا يستحبون أن يلقنوا الصبي حين يعرب أن يقول لا إله إلا اللّه سبع مرات أي حين ينطق ويتكلم وفي حديث السقيفة أعربهم أحساباً أي أبينهم وأوضحهم ويقال أعرب عما في ضميرك أي أبن ومن هذا يقال للرجل الذي أفصح بالكلام أعرب وقال أبو زيد الأنصاري يقال أعرب الأعجمي إعراباً وتعرب تعرباً واستعرب استعراباً كل ذلك للأغتم دون [ ص 589 ]
الصبي قال وأفصح الصبي في منطقه إذا فهمت ما يقول أول ما يتكلم وأفصح الأغتم إفصاحاً مثله ويقال للعربي أفصح لي أي أبن لي كلامك وأعرب الكلام وأعرب به بينه أنشد أبو زياد
وإني لأكني عن قذوربغيرها ... وأعرب أحياناً بها فأصارح
وعربه كأعربه وأعرب بحجته أي أفصح بها ولم يتقِّ أحداً قال الكميت وجدنا لكم في آل حمِ آية ... تأولها منا تقيٌّ معربُ
هكذا أنشده سيبويه كَمُكَلِّمٍ وأورد الأزهري هذا البيت « تقي ومعرب » وقال تقي يتوقى إظهاره حذر أن يناله مكروه من أعدائكم ومعرب أي مفصح بالحقِّ لا يتوقاهم وقال الجوهري معربٌ مفصحٌ بالتفصيل وتقيٌّ ساكتٌ عنهُ للتقيّة قال الأزهري والخطاب في هذا لبني هاشم حين ظهروا على بني أمية والآية قوله عز وجل قل لا أسألكم عليه أجراً إلا المودة في القربى وعرب منطقه أي هذبه من اللحن والإعراب الذي هو النحو إنما هو الإبانة عن المعاني بالألفاظ وأعرب كلامه إذا لم يلحن في الإعراب ويقال عربت له الكلام تعريباً وأعربت له إعراباً إذا بينته له حتى لا يكون فيه حضرمة وعرب الرجل ( 1 )
( 1 قوله « وعرب الرجل إلخ » بضم الراء كفصح وزناً ومعنى وقوله وعرب إذا فصح بعد لكنة بابه فرح كما هو مضبوط بالأصول وصرح به في المصباح )
يعرب عرباً وعروباً عن ثعلب وعروبة وعرابة وعروبية كفصح وعرب إذا فصح بعد لكنة في لسانه ورجل عريب معرب وعرّبه علمه العربية وفي حديث الحسن أنه قال له البتّيُّ ما تقول في رجل رعف في الصلاة ؟ فقال الحسن إن هذا يعرب الناس وهو يقول رعف أي يعلمهم العربية ويلحن إنما هو رعف وتعريب الاسم الأعجمي أن تتفوه به العرب على منهاجها تقول عربته العرب وأعربته أيضاً وأعرب الأغتم وعرب لسانه بالضم عروبة أي صار عربياً وتعرب واستعرب أفصح قا ل الشاعر
ماذا لقينا من المستعربين ومن ... قياس نحوهم هذا الذي ابتدعوا
وأعرب الرجل أي ولد له ولد عربي اللون وفي الحديث لا تنقشوا في خواتمكم عربياً أي لا تنقشوا فيها محمد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأنه كان نقش خاتم النبي صلى اللّه عليه وسلم ومنه حديث عمر رضي اللّه عنه لا تنقشوا في خواتمكم العربية وكان ابن عمر يكره أن ينقش في الخاتم القرآن وعربية الفرس عتقه وسلامته من الهجنة وأعرب صهل فعرف عتقه بصهيله والإعراب معرفتك بالفرس العربي من الهجين إذا صهل وخيل عراب معربة قال الكسائي والمعرب من الخيل الذي ليس فيه عرق هجين والأنثى معربة وإبل عراب كذلك وقد قالوا خيل أعرب وإبل أَعربٌ قال
ما كان إلا طلقُ الإهماد ... وكرنا بالأعرب الجياد
[ ص 590 ]
حتى تحاجزن عن الرواد ... تحاجز الري ولم تكاد
حول الإخبار إلى المخاطبة ولو أراد الإخبار فاتزن له لقال ولم تكد وفي حديث سطيح تقود خيلاً عراباً أي عربية منسوبة إلى العرب وفرقوا بين الخيل والناس فقالوا في الناس عرب وأعراب وفي الخيل عراب والإبل العراب والخيل العراب خلاف البخاتي والبراذين وأعرب الرجل ملك خيلاً عراباً أو إبلاً عراباً أو اكتسبها فهو معرب قال الجعدي
ويصهل في مثل جوف الطويّ ... صهيلاً تبين للمعرب
يقول إذا سمع صهيله من له خيل عراب عرف أنه عربي والتعريب أن يتخذ فرساً عربياً ورجل معربٌ معه فرسٌ عربيٌّ وفرسٌ معربٌ خلصتْ عربيتهُ وعرّب الفرسَ بزَّغَهُ وذلك أنْ تنسفَ أسفلَ حافرهُ ومعناهُ أنهُ قدْ بانَ بذلك ما كان خفيّاً من أمرهِ لظهورهِ إلى مرآةِ العينِ بعد ما كان مستوراً وبذلك تُعرفُ حالهُ أصلبٌ هو أم رِخْوٌ وصحيح هو أم سقيم قال الأزهريُّ والتعريبُ تعريبُ الفرسِ وهو أن يكوى على أشاعر حافره في مواضعَ ثمَّ يُبزَغُ بمَبْزِغٍ بَزْغَاً رفيقاً لا يؤثر في عصبه ليشتدّ أشعره وعرب الدابة بزغها على أشاعرها ثم كواها والإعراب والتعريب الفحش والتعريب والإعراب والإعرابة والعرابة بالفتح والكسر ما قبح من الكلام وأعرب الرجل تكلم بالفحش وقال ابن عباس في قوله تعالى فلا رفث ولا فسوق هو العرابة في كلام العرب قال والعرابة كأنه اسم موضوع من التعريب وهو ما قبح من الكلام يقال منه عربت وأعربت ومنه حديث عطاء أنه كره الإعراب للمحرم وهو الإفحاش في القول والرفث ويقال أراد به الإيضاح والتصريح بالهجر من الكلام وفي حديث ابن الزبير لا تحل العرابة للمحرم وفي الحديث أن رجلاً من المشركين كان يسب النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال له رجل من المسلمين واللّه لتكفنَّ عن شتمه أو لأرحلنَّك بسيفي هذا فلم يزدد إلا استعراضاً فحمل عليه فضربه وتعاوى عليه المشركون فقتلوه الإستعراب الإفحاش في القول وقال رؤبة يصف نساء جمعن العفاف عند الغرباء والإعراب عند الأزواج وهو ما يستفحش من ألفاظ النكاح والجماع فقال والعرب في عفافة وإعراب وهذا كقولهم خير النساء المتبذلة لزوجها الخفرة في قومها وعرب عليه قبح قوله وفعله وغيره عليه ورده عليه والإعراب كالتعريب والإعراب ردك الرجل عن القبيح وعرب عليه منعه وأما حديث عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه ما لكم إذا رأيتم الرجل يخرق أعراض الناس أنْ لا تعربوا عليه فليس من التعريب الذي جاء في الخبر وإنما هو من قولك عربت على الرجل قوله إذا قبحت عليه وقال الأصمعي وأبو زيد في قوله أن لا تعربوا عليه معناه أن لا تفسدوا عليه كلامه [ ص 591 ] وتقبحوه ومنه قول أوس ابن حجر
ومثل ابن عثمٍ إنْ ذحولٌ تذكرت ... وقتلى تياس عن
صلاح تعرب ويروى يعرب يعني أن هؤلاء الذين قتلوا منا ولم نثئر بهم ولم نقتل الثأر إذا ذكر دماؤهم أفسدت المصالحة ومنعتنا عنها والصلاح المصالحة ابن الأعرابي التعريب التبيين والإيضاح في قوله الثيب تعرب عن نفسها أي ما يمنعكم أن تصرحوا له بالإنكار والرد عليه ولا تستأثروا قال والتعريب المنع والإنكار في قوله أن لا تعربوا أي لا تمنعوا وكذلك قوله عن صلاح تعرب أي تمنع وقيل الفحش والتقبيح من عرب الجرح مصعب أبو عمار

( عرتب ) العَرْتَبةُ الأَنْفُ وقيل ما لانَ منه وقيل هي الدائرةُ تحته في وَسَطِ الشفةِ الأَزهري ويجمع الأعرابي على الأعراب والأعاريب والأعرابي إذا قيل له يا عربي فرح بذلك وهش له والعربي إذا قيل له يا أعرابي غضب له فمن نزل البادية أو جاور البادين وظعن بظعنهم وانتوى بانتوائهم فهم أعراب ومن نزل بلاد الريف واستوطن مدن والقرى العربية وغيرها ممن ينتمي إلى العرب فهم عرب وإن لم يكونوا فصحاء وقول اللّه عز وجل قَالَتِ الأَعْرَابُ آمَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قُولُوا أَسْلَمْنَا فهؤلاء قوم من بوادي العرب قدموا على النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة طمعاً في الصدقات لا رغبة في الإسلام فسماهم اللّه تعالى العرب ومثلْهم الذين ذكرهم اللّه في سورة التوبة فقال الأَعْرابُ أَشدّ كُفراً ونِفاقاً الآية قال الأزهري والذي لا يفرق بين العربي والأعراب والعربي والأعرابي ربما تحامل على العرب بما يتأوله في هذه الآية وهو لا يميز بين العرب والأعراب ولا يجوز أن يقال للمهاجرين [ ص 594 ] ويقال للدائرة التي عند الأَنف وَسَطَ الشَّفَةِ العُلْيا العَرْتَمَةُ والعَرْتَبةُ لغة فيها الجوهري سأَلتُ عنها أَعرابياً من أَسَد فوَضَع أُصْبُعَه على وَتَرةِ أَنفه

( عرزب ) العَرْزَبُ المُخْتَلِطُ الشَّديد والعَرْزَبُ الصُّلْبُ

( عرطب ) العَرْطَبةُ طَبْلُ الحَبَشة والعَرْطَبَة والعُرْطُبة جميعاً اسم للعُود عُودِ اللَّهْوِ وفي الحديث ان اللّه يغفر لكل مُذْنِبٍ إِلاَّ لصاحب عَرْطَبةٍ أَو كُوبةٍ العَرْطَبة بالفتح والضم العُود وقيل الطُّنْبورُ

( عرقب ) العُرْقُوب العَصَبُ الغليظُ المُوَتَّرُ فوق عَقِبِ الإِنسان وعُرْقُوبُ الدابة في رجلها بمنزلة الرُّكْبة في يدها قال أَبو دُواد
حَديدُ الطَّرْفِ والمَنْكِ ... بِ والعُرْقُوب والقَلْبِ
قال الأَصمعي وكل ذي أَربع عُرْقُوباه في رجليه ورُكبتاه في يديه
والعُرْقُوبانِ من الفرس ما ضَمَّ مُلْتَقَى الوَظِيفَين والساقَيْن من
مآخِرِهما من العَصَب وهو من الإِنسان ما ضَمَّ أَسفَل الساقِ
والقَدَم وعَرْقَبَ الدابة قَطَعَ عُرْقُوبَها وتَعَرْقَبَها ركبها من
خَلْفها الأَزهري العُرْقُوب عَصَبٌ مُوَتَّرٌ خَلْفَ الكعبين ومنه قول النبي صلى اللّه عليه وسلم ويْلٌ للعَراقِيبِ من النارِ يعني في الوُضوءِ
وفي حديث القاسم كان يقول للجَزَّارِ لا تُعَرْقِبْها أَي لا تَقْطَعْ
عُرْقُوبَها وهو الوَتَرُ الذي خَلْفَ الكعبين مِن مَفْصِل القدم
والساق من ذوات الأَربع وهو من الإِنسان فُوَيْقَ العَقِب وعُرْقُوبُ القَطا ساقُها وهو مما يُبالَغُ به في القِصَر فيقال يومٌ أَقْصَرُ من عُرقُوبِ القَطا قال الفِنْدُ الزِّمَّانيُّ
ونَبْلِي وفُقَاها ك ... عَراقِيبِ قَطاً طُحْلِ
قال ابن بري ذكر أَبو سعيد السيرافيّ في أَخبار النحويين أَن هذا البيت لامرئِ القيس بن عابس وذَكَر قبله أَبياتاً وهي
أَيا تَمْلِكُ يا تَمْلِي ... ذَريني وذَري عَذْلي
ذَريني وسِلاحي ثُم ... شُدِّي الكَفَّ بالعُزلِ
ونَبْلِي وفُقاها ك ... عَراقيبِ قَطاً طُحْلِ
وثَوْبايَ جَديدانِ ... وأُرخي شَرَكَ النَّعْلِ
ومني نظْرَةٌ خَلْفي ... ومِنِّي نَظْرةٌ قَبْلي
فإِمَّا مِتُّ يا تَمْلِي ... فَمُوتِي حُرَّةً مِثْلي
وزاد في هذه الأَبيات غيره
وقد أَخْتَلِسُ الضَّرْبَ ... ةَ لا يَدْمَى لها نَصْلي
وقد أَخْتَلِسُ الطَّعْنَ ... ةَ تَنْفي سَنَنَ الرِّجْلِ
كَجَيْبِ الدِّفْنِسِ الوَرْها ... ءِ رِيعَتْ وهي تَسْتَفْلِي
قال والذي ذكره السيرافيّ في تاريخ النحويين سَنَنَ الرِّجْل بالراءِ قال ومعناه أَن الدم يسيل على رِجْله فيُخْفِي آثارَ وَطْئِها وعُرْقُوبُ الوادِي ما انْحَنَى منه والتَوَى والعُرْقُوبُ مِن الوادي موضع فيه انْحِناءٌ والتِواءٌ شديدٌ والعُرْقُوب طَريقٌ في الجَبل قال الفراء يُقال ما أَكْثَرَ عَراقيبَ هذا الجبل وهي الطُّرُقُ الضَّيِّقةُ في مَتْنِه قال الشاعر
ومَخُوفٍ من المناهِلِ وَحْشٍ ... ذِي عَراقيبَ آجِنٍ مِدْفانِ
[ ص 595 ] والعُرْقُوبُ طريقٌ ضَيّقٌ يكون في الوَادي البعيدِ القَعْرِ لا يَمْشِي فيه إِلا واحدٌ أَبو خَيْرة العُرْقُوبُ والعَراقِيبُ خَياشيم الجبالِ وأَطرافُها وهي أَبْعدُ الطُّرق لأَنك تَتَّبِع أَسْهَلَها أَيْنَ كان وتَعَرقَبْتُ إِذا أَخَذْتَ في تلك الطُّرُق وتَعَرْقَبَ لخَصْمِه إِذا أَخَذَ في طَريق تَخْفى عليه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي إِذا حَبَا قُفٌّ له تَعَرْقَبا معناه أَخَذَ في آخَرَ أَسْهَلَ منه وأَنشد
إِذا مَنْطِقٌ زَلَّ عن صاحِبي ... تَعَرْقَبْتُ آخَرَ ذا مُعْتَقَبْ
أَي أَخَذْتُ في مَنْطِقٍ آخَرَ أَسْهَلَ منه ويُرْوَى تَعَقَّبْتُ وعَراقيبُ الأُمور وعَراقيلُها عظامُها وصعابُها وعَصاويدُها وما دَخَلَ من اللَّبْس فيها واحدُها عُرْقُوب وفي المثل الشَّرُّ أَلْجأَهُ إِلى مُخِّ العُرْقُوبِ وقالوا شَرٌّ ما أَجاءَك إِلى مُخَّة عُرْقُوبٍ يُضْرَبُ هذا عند طَلبِكَ إِلى اللَّئِيم أَعْطاكَ أَو مَنَعك وفي النوادر عَرْقَبْتُ للبعير وعَلَّيْتُ له إِذا أَعَنْتَه بِرَفْعٍ ويُقال عَرْقِبْ لبعيرِك أَي ارْفَعْ بعُرْقُوبِه حتى يقُومَ والعَرَبُ تسمي الشِّقِرَّاقَ طَيْرَ العَراقيبِ وهم يَتَشاءَمون به ومنه قول الشاعر
إِذا قَطَناً بَلَّغْتِنِيهِ ابنَ مُدْرِكٍ ... فلاقَيْتِ مِن طَيرِ العَراقيبِ أَخْيَلا
وتقول العربُ إِذا وقَعَ الأَخْيَلُ على البَعِير لَيُكْسَفَنَّ عُرْقوباه أَبو عمرو تقول إِذا أَعْياكَ غَريمُكَ فَعَرْقِبْ أَي احْتَلْ ومنه قول الشاعر
ولا يُعْيِيكَ عُرْقُوبٌ لِوَأْيٍ ... إِذا لم يُعْطِكَ النَّصَفَ الخَصِيمُ
ومن أَمثالهم في خُلْفِ الوَعْدِ مواعِيدُ عُرْقوب وعُرْقُوبٌ اسم رجل من العَمالِقة قيل هو عُرْقُوبُ بن مَعْبَدٍ كان أَكذبَ أَهل زمانه ضَرَبَتْ به العَرَبُ المَثَلَ في الخُلْف فقالوا مَواعِيدُ عُرْقوبٍ وذلك أَنه أَتاه أَخٌ له يسأَله شيئاً فقال له عُرْقوبٌ إِذا أَطْلَعَتْ هذه النخلةُ فلكَ طَلْعُها فلما أَطْلَعَتْ أَتاه للعِدَةِ فقال له دَعْها حتى تصيرَ بَلَحاً فلما أَبْلَحَتْ قال دَعْها حتى تَصيرَ زَهْواً فلما أَبْسَرَتْ قال دَعْها حتى تَصير رُطَباً فلما أَرْطَبَتْ قال دَعْها حتى تصير تمراً فلما أَتْمَرَتْ عَمدَ إِليها عُرْقُوبٌ من الليل فَجَدَّها ولم يُعْطِ أَخاه منه شيئاً فصارت مَثَلاً في إِخْلاف الوعد وفيه يقول الأَشْجَعي
وعَدْتَ وكان الخُلْفُ منكَ سَجِيَّةً ... مَواعيدَ عُرْقُوبٍ أَخاه بيَتْرَبِ
بالتاءِ وهي باليمامة ويروى بيَثْرِبِ وهي المدينة نَفسُها والأَوَّلُ أَصَحّ وبه فُسِّر قول كعب بن زهير
كانتْ مَواعِيدُ عُرْقُوبٍ لها مَثَلاً ... وما مَواعِيدُها إِلاَّ الأَباطيلُ
وعُرْقُوبٌ فرس زيدِ الفَوارِسِ الضَّبِّيِّ

( عزب ) رجل عَزَبٌ ومِعْزابة لا أَهل له ونظيرهُ مِطْرابة ومِطْواعة ومِجْذامة ومِقْدامة وامرأَة عَزبَةٌ وعَزَبٌ لا زَوْجَ لها قال الشاعر في صفة امرأَة ( 1 )
( 1 قوله « قال الشاعر في صفة امرأة إلخ » هو العجير السلولي بالتصغير )
[ ص 596 ]
إِذا العَزَبُ الهَوْجاءُ بالعِطْرِ نافَحَتْ ... بَدَتْ شَمْسُ دَجْنٍ طَلَّةً ما تَعَطَّرُ
وقال الراجز
يا مَنْ يَدُلُّ عَزَباً على عَزَبْ ... على ابْنَةِ الحُمارِسِ الشَّيْخِ الأَزَبّ
قوله الشيخ الأَزَبّ أَي الكَريهُ الذي لا يُدْنى من حُرْمَتِه ورجلان عَزَبانِ والجمع أَعْزابٌ والعُزَّابُ الذين لا أَزواجَ لهم من الرجال والنساءِ وقد عَزَبَ يَعْزُبُ عُزوبةً فهو عازِبٌ وجمعه عُزّابٌ والاسم العُزْبة والعُزُوبة ولا يُقال رجل أَعْزَبُ وأَجازه بعضهم ويُقال إِنه لَعَزَبٌ لَزَبٌ وإِنها لَعَزَبة لَزَبة والعَزَبُ اسم للجمع كخادمٍ وخَدَمٍ ورائِحٍ ورَوَحٍ وكذلك العَزيبُ اسم للجمع كالغَزِيِّ وتَعَزَّبَ بعد التأَهُّلِ وتَعَزَّبَ فلانٌ زماناً ثم تأَهل وتَعَزَّبَ الرجل تَرَك النكاحَ وكذلك المرأَةُ والمِعْزابةُ الذي طالتْ عُزُوبَتُه حتى ما لَه في الأَهلِ من حاجة قال وليس في الصفاتِ مِفْعالة غير هذه الكلمة قال الفراء ما كان من مِفْعالٍ كان مؤَنثه بغير هاء لأَنه انْعَدَلَ عن النُّعوت انْعِدالاً أَشدَّ من صبور وشكور وما أَشبههما مما لا يؤنث ولأَنه شُبِّهَ بالمصادر لدخولِ الهاءِ فيه يقال امرأَة مِحْماقٌ ومِذْكار ومِعطارٌ قال وقد قيل رجل مِجْذامةٌ إِذا كان قاطعاً للأُمور جاءَ على غير قياس وإِنما زادوا فيه الهاء لأَن العَرَبَ تُدْخِل الهاء في المذكر على جهتين إِحداهما المدح والأُخرى الذم إِذا بولغ في الوصف قال الأَزهري والمِعْزابة دخلتها الهاء للمبالغة أَيضاً وهو عندي الرجل الذي يُكْثر النُّهوضَ في مالِه العَزيبِ يَتَتَبَّعُ مَساقطَ الغَيْثِ وأُنُفَ الكَلإِ وهو مدْحٌ بالِغٌ على هذا المعنى والمِعْزابَةُ الرجلُ يَعْزُبُ بماشيته عن الناس في المَرْعَى وفي الحديث أَنه بَعَثَ بَعْثاً فَأَصْبَحوا بأَرْضٍ عَزُوبة بَجْراءَ أَي بأَرضٍ بعيدةِ المَرْعَى قليلَتِه والهاء فيها للمبالغة مثلُها في فَرُوقَةٍ ومَلُولة وعازِبةُ الرَّجُل ( 1 )
( 1 قوله « وعازبة الرجل » امرأته أو أمته وضُبطت المعزبة بكسر فسكون كمِغرفة وبضم ففتح فكسر مثقلاً كما في التهذيب والتكملة واقتصر المجد على الضبط الأول والجمع المعازب وأشبع أبو خراش الكسرة فولد ياء حيث يقول
بصاحب لا تنال الدهر غرّته ... إِذا افتلى الهدف القنَّ المعازيب
افتلى اقتطع والهدف الثقيل أي إذا شغل الإماء الهدف القنّ اه التكملة ) ومِعْزَبَتُه ورُبْضُه ومُحَصِّنَتُه وحاصِنَته وحاضِنَتُه وقابِلَتُه ولِحافُه امرأَتُه وعَزَبَتْه تَعزُبه وعَزَّبَتْه قامت بأُموره قال ثعلب ولا تكون المُعَزِّبةُ إِلاّ غريبةً قال الأَزهري ومُعَزِّبةُ الرجل امرأَتُه يَأْوي إِليها فتقوم بإِصلاح طعامه وحِفظِ أَداته ويقال ما لفلان مُعَزِّبة تُقَعِّدُه ويقال ليس لفلان امرأَة تُعَزِّبه أَي تُذْهِبُ عُزُوبتَه بالنكاح مثل قولك هي تُمَرِّضُه أَي تَقُوم عليه في مرضه وفي نوادر الأَعراب فلانٌ يُعَزِّبُ فلاناً ويُرْبِضُه ويُرَبِّصُه يكون له مثلَ الخازن وأَعْزَبَ عنه حِلْمُه وعَزَبَ عنه يَعْزُبُ عُزوباً ذهَب وأَعْزَبَه اللّهُ أَذْهَبَه وقوله تعالى عالِمُ الغَيْبِ لا يَعْزُب عنه مِثْقالُ ذَرَّةٍ في السمواتِ ولا في الأَرض معناه لا يَغِيبُ عن عِلْمِه شيءٌ وفيه لغتان عَزَبَ يَعْزُب ويَعْزِبُ إِذا غابَ وأَنشد وأَعْزَبْتَ حِلْمِي بعدما كان أَعْزَبا [ ص 597 ] جَعل أَعْزَبَ لازماً وواقعاً ومثله أَمْلَقَ الرجلُ إِذا أَعْدَم وأَمْلَقَ مالَه الحوادثُ والعازِبُ من الكَلإِ البعيدُ المَطْلَب وأَنشد وعازِبٍ نَوَّرَ في خَلائِه والمُعْزِبُ طالِبُ الكَلإِ وكَلأٌ عازِبٌ لم يُرْعَ قَطُّ ولا وُطِئَ وأَعْزَبَ القومُ إِذا أَصابوا كَلأً عازِباً وعَزَبَ عني فلانٌ يَعْزُبُ ويَعْزِبُ عُزوباً غابَ وبَعُدَ وقالوا رجلٌ عَزَبٌ للَّذي يَعْزُبُ في الأَرضِ وفي حديث أَبي ذَرّ كُنتُ أَعْزُبُ عن الماءِ أَي أُبْعِدُ وفي حديث عاتكة فهُنَّ هَواءٌ والحُلُومُ عَوازِبُ جمع عازب أَي إِنها خالية بعيدةُ العُقُول وفي حديث ابن الأَكْوَع لما أَقامَ بالرَّبَذَةِ قال له الحجاجُ ارْتَدَدْتَ على عَقِبَيْكَ تَعَزَّبْتَ قال لا ولكن رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَذِنَ لي في البَدْوِ وأَراد بَعُدْتَ عن الجماعات والجُمُعاتِ بسُكْنى البادية ويُروى بالراءِ وفي الحديث كما تَتراءَوْنَ الكَوْكَبَ العازِبَ في الأُفُق هكذا جاءَ في رواية أَي البعيدَ والمعروف الغارِب بالغين المعجمة والراء والغابر بالباء الموحدة وعَزَبَتِ الإِبلُ أَبْعَدَتْ في المَرعَى لا تروح وأَعْزَبَها صاحِبُها وعَزَّبَ إِبلَه وأَعْزَبَها بَيَّتها في المَرْعَى ولم يُرِحْها وفي حديث أَبي بكر كان له غَنَمٌ فأَمَرَ عامرَ بن فُهَيْرة أَن يَعْزُبَ بها أَي يُبْعدَ بها في المَرْعى ويروى يُعَزّبَ بالتشديد أَي يَذْهَبَ بها إِلى عازبٍ من الكَلإِ وتَعَزَّب هو باتَ معها وأَعْزَبَ القومُ فهم مُعْزِبون أَي عَزَبَتْ إِبلُهم وعَزَبَ الرجلُ بإِبله إِذا رعاها بعيداً من الدار التي حَلَّ بها الحَيُّ لا يأْوي إِليهم وهو مِعْزابٌ ومِعْزابة وكلُّ مُنْفرد عَزَبٌ وفي الحديث أَنهم كانوا في سفر مع النبي صلى اللّه عليه وسلم فسَمِعَ منادياً فقال انْظُروه تَجِدوه مُعْزِباً أَو مُكْلِئاً قال هو الذي عَزَبَ عن أَهله في إِبله أَي غاب والعَزِيبُ المالُ العازبُ عن الحَيّ قال الأَزهري سمعته من العرب ومن أَمثالِهِم إِنما اشْتَرَيْتُ الغَنَمَ حِذارَ العازِبةِ والعازبةُ الإِبلُ قاله رجل كانت له إِبل فباعها واشترى غنماً لئلا تَعْزِبَ عنه فعَزَبَتْ غنمه فعاتَبَ على عُزُوبها يقال ذلك لمن تَرَفَّقَ أَهْوَنَ الأُمورِ مَؤونةً فلَزِمَه فيه مشقةٌ لم يَحْتَسِبْها والعَزيبُ من الإِبل والشاءِ التي تَعْزُبُ عن أَهلها في المَرْعَى قال
وما أَهْلُ العَمُودِ لنَا بأَهْلٍ ... ولا النَّعَمُ العَزِيبُ لنا بمالِ
وفي حديث أُمِّ مَعْبدٍ والشاءُ عازِبٌ حِيَالٌ أَي بَعِيدَةُ المَرْعَى لا تأْوي إِلى المنزل إِلاَّ في الليل والحِيالُ جمع حائل وهي التي لم تَحْمِلْ وإِبل عَزِيبٌ لا تَرُوحُ على الحَيِّ وهو جمع عازب مثل غازٍ وغَزِيٍّ وسَوَامٌ مُعَزَّبٌ بالتشديد إِذا عُزِّبَ به عن الدار والمِعْزابُ من الرجال الذي تَعَزَّبَ عن أَهلِه في ماله قال أَبو ذؤَيب
إِذا الهَدَفُ المِعْزابُ صَوَّبَ رأْسَه ... وأَعْجَبه ضَفْوٌ من الثَّلَّةِ الخُطْلِ
وهِراوةُ الأَعْزاب هِرَاوة الذين يُبْعِدُون بإِبلهم [ ص 598 ] في المَرْعَى ويُشَبَّهُ بها الفَرَسُ قال الأَزهري وهِرَاوةُ الأَعْزَابِ فَرسٌ كانت مشهورةً في الجاهلية ذكرها لبيدٌ ( 1 )
( 1 قوله « ذكرها لبيد » أي في قوله تهدي أوائلهن كل طمرّة جرداء مثل هراوة الأعزاب ) وغيره من قُدَماءِ الشعراء وفي الحديث من قَرَأَ القرآن في أَربعين ليلة فقد عَزَّبَ أَي بَعُدَ عَهْدُه بما ابْتَدَأَ منه وأَبْطَأَ في تِلاوَتهِ وعَزَبَ يَعْزُبُ فهو عازِبٌ أَبْعَدَ وعَزَبَ طُهْرُ المرأَةِ إِذا غابَ عنها زوجها قال النابغة الذُّبيانيّ
شُعَبُ العِلافِيَّاتِ بين فُروجِهِمْ ... والمُحْصَنَاتُ عَوَازِبُ الأَطْهارِ
العِلافِيَّاتُ رِحال منسوبة إِلى عِلافٍ رجل من قُضاعةَ كان يَصْنَعُها والفُروج جمع فَرْج وهو ما بين الرجلين يريد أَنهم آثروا الغَزْوَ على أَطْهارِ نسائهم وعَزَبَتِ الأَرضُ إِذا لم يكن بها أَحدٌ مُخْصِبةً كانت أَو مُجْدِبةً

( عزلب ) العَزْلَبَةُ النكاح حكاه ابن دريد قال ولا أَحُقُّه

( عسب ) العَسْبُ طَرْقُ الفَحْلِ أَي ضِرابُه يقال عَسَبَ الفَحلُ الناقةَ يَعْسِبُها ويقال إِنه لشديد العَسْب وقد يُسْتَعار للناس قال زهير في عبدٍ له يُدْعَى يَساراً أَسَرَه قومٌ فهَجَاهم
ولولا عَسْبُه لرَدَدْتُموه ... وشَرُّ مَنِيحةٍ أَيْرٌ مُعارُ ( 2 )
( 2 قوله « لرددتموه » كذا في المحكم ورواه في التهذيب لتركتموه )
وقيل العَسْبُ ماء الفَحْلِ فرساً كان أَو بعيراً ولا يَتَصَرَّفُ
منه فِعْلٌ وقَطَعَ اللّهُ عَسْبَه وعُسْبَه أَي ماءَه ونَسْلَه ويقال للوَلد عَسْبٌ قال كُثَيِّرٌ يصف خَيْلاً أَزْلَقَتْ ما في بُطُونِها مِن أَولادها من التَّعَب
يُغادِرْنَ عَسْبَ الوالِقِيِّ وناصِحٍ ... تَخُصُّ به أُمُّ الطَّرِيقِ عِيالَها
العَسْبُ الوَلَدُ أَو ماءُ الفَحْل يعني أَن هذه الخيلَ تَرْمي بأَجِنَّتِها من هذين الفَحْلين فتأْكلُها الطير والسباعُ وأُمُّ الطريق هنا الضَّبُعُ وأُمُّ الطريق أَيضاً مُعْظَمُه وأَعْسَبَهُ جَمَلَه أَعارَه إِياه عن اللحياني واسْتَعْسَبه إِياه اسْتَعاره منه قال أَبو زُبَيْدٍ
أَقْبَلَ يَردي مُغارَ ذِي الحِصانِ إِلى ... مُسْتَعْسِبٍ أَرِبٍ منه بتَمْهِينِ
والعَسْبُ الكِراء الذي يُؤْخَذ على ضَرْبِ الفَحْل وعَسَبَ الرجلَ يَعْسِبُه عَسْباً أَعطاه الكِراءَ على الضِّرابِ وفي الحديث نَهَى النبي صلى اللّه عليه وسلم عن عَسْبِ الفَحْل تقول عَسَبَ فَحْلَه يَعْسِبُه أَي أَكراه عَسْبُ الفَحْل ماؤُه فرساً كان أَو بعيراً أَو غيرهما وعَسْبُه ضِرابُه ولم يَنْهَ عَن واحدٍ منهما وإِنما أَراد النَّهْيَ عن الكراء الذي يُؤْخَذ عليه فإِن إِعارة الفحل مندوب إِليها وقد جاءَ في الحديث ومِن حَقِّها إِطْراقُ فَحْلِها ووَجْهُ الحديث أَنه نهى عن كراء عَسْبِ الفَحْل فحُذِفَ المضافُ وهو كثير في الكلام وقيل يقال لكراء الفحل عَسْبٌ وإِنما نَهَى عنه للجَهالة التي فيه ولا بُدَّ في الإِجارة من تَعْيينِ العمل ومَعْرِفةِ مِقْدارِه وفي حديث أَبي معاذ كنتُ تَيَّاساً فقال لي البَراءُ بنُ عازب لا يَحِلُّ لك عَسْبُ الفَحْل وقال أَبو عبيد معنى العَسْبِ في [ ص 599 ] الحديث الكِراءُ والأَصل فيه الضِّرابُ والعَرَبُ تُسَمِّي الشيءَ باسم غيره إِذا كان معه أَو من سَببه كما قالوا للمَزادة راوِية وإِنما الرَّاوية البعيرُ الذي يُسْتَقَى عليه والكَلْبُ يَعْسِبُ أَي يَطْرُدُ الكلابَ للسِّفادِ واسْتَعْسَبَتِ الفرسُ إِذا اسْتَوْدَقَتْ والعرب تقول اسْتَعْسَبَ فلانٌ اسْتِعْسابَ الكَلْب وذلك إِذا ما هَاجَ واغْتَلَم وكلب مُسْتَعْسِبٌ والعَسِيبُ والعَسِيبةُ عَظْمُ الذَّنَب وقيل مُسْتَدَقُّهُ وقيل مَنْبِتُ الشَّعَرِ منه وقيل عَسِيبُ الذَّنَبِ مَنْبِتُه مِنَ الجِلْدِ والعظم وعَسِيبُ القَدَم ظاهرُها طُولاً وعَسِيبُ الرِّيشةِ ظاهرُها طُولاً أَيضاً والعَسِيبُ جَرِيدَةٌ من النخل مستقيمة دقيقة يُكْشَطُ خُوصُها أَنشد أَبو حنيفة
وقَلَّ لها مِنِّي على بُعْدِ دارِها ... قَنا النَّخْلِ أَو يُهْدَى إِليكِ عسِيبُ
قال إِنما اسْتَهْدَتْهُ عَسِيباً وهو القَنا لتَتَّخِذ منه نِيرةً وحَفَّة والجمع أَعْسِبَةٌ وعُسُبٌ وعُسُوبٌ عن أَبي حنيفة وعِسْبانٌ وعُسْبانٌ وهي العَسِيبة أَيضاً وفي التهذيب العَسِيب جريد النخل إِذا نُحِّيَ عنه خُوصه والعَسِيبُ من السَّعَفِ فُوَيْقَ الكَرَبِ لم ينبت عليه الخوصُ وما نَبَت عليه الخُوصُ فهو السَّعَفُ وفي الحديث أَنه خرج وفي يده عَسِيبٌ قال ابن الأَثير أَي جريدَةٌ من النخل وهي السَّعَفَة مما لا يَنْبُتُ عليه الخُوصُ ومنه حديث قَيْلة وبيده عُسَيِّبُ نخلةٍ مَقْشُوٌّ كذا يروى مصغراً وجمعه عُسُبٌ بضمتين ومنه حديث زيد بن ثابت فَجَعَلْتُ أَتَتَبَّعُ القرآنَ من العُسُبِ واللِّخَافِ ومنه حديث الزهري قُبِضَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم والقرآنُ في العُسُبِ والقُضُم وقوله أَنشده ثعلب على مَثاني عُسُبٍ مُسَاطِ فسره فقال عَنَى قَوائمه والعَسْبَةُ والعَسِبَةُ والعَسِيبُ شَقٌّ يكون في الجَبل قال المُسَيَّب بن عَلَسٍ وذكر العاسِلَ وأَنه صَبَّ العَسلَ في طَرَفِ هذا العَسِيبِ إِلى صاحب له دونه فتَقَبَّله منه
فهَراقَ في طَرَفِ العَسِيبِ إِلى ... مُتَقَبِّلٍ لنَواطِفٍ صُفْرِ
وعَسِيبُ اسمُ جَبَل وقال الأَزهري هو جَبَل بعالِيةِ نَجْدٍ معروف يقال لا أَفْعَلُ كذا ما أَقَامَ عَسِيبٌ قال امرؤ القيس
أَجارَتَنا إِنَّ الخُطُوبَ تَنُوبُ ... وإِنِّي مُقيمٌ ما أَقامَ عَسِيبُ
واليَعْسُوب أَمير النَّحْلِ وذكَرُها ثم كَثُر ذلك حتى سَمَّوْا كل رَئيسٍ يَعْسُوباً ومنه حديثُ الدَّجَّالِ فتَتْبَعُه كُنُوزُها كيَعاسِيبِ النَّحْل جمع يَعْسُوبٍ أَي تَظْهَر له وتجتمع عنده كما تجتمع النحلُ على يَعاسِيبها وفي حديث عليّ يصف أَبا بكر رضي اللّه عنهما كنتَ للدِّينِ يَعْسُوباً أَوَّلاً حين نَفَر الناسُ عنه اليَعْسُوب السَّيِّدُ والرئيسُ والمُقَدَّمُ وأَصله فَحْلُ النَّحْلِ وفي حديث علي رضي اللّه عنه أَنه ذَكرَ فتنةً فقال إِذا كان ذلك ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذَنَبِه فيَجْتَمِعُونَ إِليه كما يجتمع قَزَعُ الخَريفِ قال الأَصمعي أَراد بقوله يَعْسُوبُ الدين أَنه سَيِّدُ الناسِ في الدِّين يومئذٍ وقيل ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدِّين بذنبه أَي فارَقَ الفتنةَ وأَهلَها وضرَبَ في [ ص 600 ] الأَرض ذاهِباً في أَهْلِ دِينِه وذَنَبُه أَتْباعُه الذين يتبعونه على رَأْيه ويَجْتَنِبُونَ اجْتِنابَهُ من اعْتزالِ الفِتَنِ ومعنى قوله ضَرَبَ أَي ذَهَبَ في الأَرض يقال ضَرَب في الأَرض مُسافِراً أَو مُجاهِداً وضَرَبَ فلانٌ الغائطَ إِذا أَبْعَدَ فيها للتَّغَوُّطِ وقوله بذنبه أَي في ذَنَبِه وأَتباعِه أَقامَ الباءَ مقام في أَو مُقامَ مع وكل ذلك من كلام العرب وقال الزمخشري الضَّرْبُ بالذَّنَب ههنا مَثَلٌ للإِقامة والثَّباتِ يعني أَنه يَثْبُتُ هو ومن تَبِعَه على الدِّينِ وقال أَبو سعيد أَراد بقوله ضَرَبَ يَعْسُوبُ الدين بذَنَبه أَراد بيَعْسُوب الدين ضعيفَه ومُحْتَقَره وذليلَه فيومئذ يَعْظُم شأْنُه حتى يصير عَيْنَ اليَعْسُوب قال وضَرْبُه بذَنَبِه أَن يَغْرِزَه في الأَرضِ إِذا باضَ كما تَسْرَأُ الجراد فمعناه أَن القائم يومئذ يَثْبُتُ حتى يَثُوبَ الناسُ إِليه وحتى يظهر الدينُ ويَفْشُوَ ويقال للسَّيِّد يَعْسُوبُ قومه وفي حديث عليٍّ أَنا يَعْسُوبُ المؤمنين والمالُ يَعْسُوبُ الكفار وفي رواية المنافقين أَي يَلُوذُ بي المؤمِنونَ ويَلُوذ بالمالِ الكفارُ أَو المنافقون كما يَلُوذُ النَّحْلُ بيَعْسُوبِها وهو مُقَدَّمُها وسيدُها والباء زائدة وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه أَنه مَرَّ بعبدالرحمن ابن عَتَّابِ بنِ أُسَيْدٍ مَقْتُولاً يوم الجَمل فقال لَهْفِي عليك يَعْسُوبَ قُرَيْشٍ جَدَعْتُ أَنْفي وشَفَيْتُ نَفْسِي يَعْسُوبُ قريش سَيِّدُها شَبَّهه في قُرَيش بالفَحْلِ في النَّحْلِ قال أَبو سعيد وقوله في عبدالرحمن بن أُسَيْدٍ على التَّحْقِير له والوَضْعِ من قَدْرِه لا على التفخيم لأَمره قال الأَزهري وليس هذا القولُ بشيء وأَمَّا ما أَنشده المُفَضَّلُ
وما خَيْرُ عَيْشٍ لا يَزالُ كأَنه ... مَحِلَّةُ يَعْسُوبٍ برأْسِ سِنَانِ
فإِن معناه أَن الرئيس إِذا قُتِلَ جُعِلَ رأسُه على سِنانٍ يعني أَن العَيْشَ إِذا كان هكذا فهو الموتُ وسَمَّى في حديث آخر الذَّهَبَ يَعْسُوباً على المَثَل لِقوامِ الأُمُورِ به واليَعْسُوبُ طائر أَصْغَرُ من الجَرادة عن أَبي عبيد وقيل أَعظمُ من الجرادة طويلُ الذَّنَب لا يَضُمُّ جناحيه إِذا وَقَع تُشَبَّه به الخَيْلُ في الضُّمْرِ قال بِشْر
أَبُو صِبْيةٍ شُعْثٍ يُطِيفُ بشَخْصِه ... كَوالِحُ أَمثالُ اليعاسِيبِ ضُمَّرُ
والياء فيه زائدة لأَنه ليس في الكلام فَعْلُول غير صَعْقُوقٍ وفي حديث مِعْضَدٍ لولا ظَمَأُ الهَواجر ما باليْتُ أَن أَكونَ يَعْسُوباً قال ابن الأَثير هو ههنا فَراشَةٌ مُخْضَرَّةٌ تطِيرُ في الربيع وقيل إِنه طائر أَعظمُ من الجَرادِ قال ولو قيل إِنه النَّحْلةُ لَجاز واليَعْسُوبُ غُرَّةٌ في وجْهِ الفرس مُسْتَطيلَةٌ تنقطع قبل أَن تُساوِيَ أَعْلى المُنْخُرَيْنِ وإِن ارتفع أَيضاً على قَصَبة الأَنف وعَرُضَ واعْتَدلَ حتى يبلغ أَسفلَ الخُلَيْقَاءِ فهو يَعْسُوب أَيضاً قلَّ أَو كَثُر ما لم يَبْلُغِ العَيْنَيْنِ واليَعْسُوبُ دائرةٌ في مَرْكَضِ الفارِسِ حيث يَرْكُضُ برجله من جَنْبِ الفرس قال الأَزهري هذا غلط اليَعْسُوب عند أَبي عبيدة وغيره خَطٌّ من بَياضِ الغُرَّةِ يَنْحَدِرُ حتى يَمَسَّ خَطْمَ الدابة ثم ينقطعُ واليَعْسُوب اسم فرس سيدنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم [ ص 601 ] واليَعْسُوبُ أَيضاً اسم فرس الزُّبير بن العوامّ رضي اللّه تعالى عنه

( عسقب ) العِسْقِبُ والعِسْقِبةُ كلاهما عُنَيْقِيدٌ صغير يكون منفرداً يَلْتَصِقُ بأَصْل العُنْقُود الضَّخْمِ والجمع العَساقِبُ والعَسْقَبَةُ جُمُودُ العين في وقت البُكاء قال الأَزهري جعله الليث العَسْقَفةَ بالفاءِ والباءُ عندي أَصوب

( عشب ) العُشْبُ الكَلأُ الرَّطْبُ واحدته عُشْبَةٌ وهو سَرَعانُ الكَلإِ في الربيع يَهِيجُ ولا يَبْقَى وجمعُ العُشْب أَعْشابٌ والكَلأُ عند العرب يقع على العُشْبِ وغيره والعُشْبُ الرَّطْبُ من البُقول البَرِّيَّة يَنْبُتُ في الربيع ويقال رَوض عاشِبٌ ذو عُشْبٍ وروضٌ معْشِبٌ ويدخل في العُشْب أَحرارُ البُقول وذكورُها فأَحرارُها ما رَقَّ منها وكان ناعماً وذكورُها ما صَلُبَ وغَلُظَ منها وقال أَبو حنيفة العُشْبُ كُلُّ ما أَبادَهُ الشتاءُ وكان نَباته ثانيةً من أَرُومةٍ أَو بَذْرٍ وأَرضٌ عاشِبَةٌ وعَشِبَةٌ وعَشِيبةٌ ومُعْشِبَةٌ بَيِّنةُ العَشابةِ كثيرة العُشْبِ ومكانٌ عَشِيبٌ بَيِّنُ العَشابة ولا يقال عَشَبَتِ الأَرضُ وهو قياسٌ إِن قيل وأَنشد لأَبي النجم يَقُلْنَ للرائدِ أَعْشَبْتَ انْزِلِ وأَرضٌ مِعْشابة وأَرَضُونَ مَعاشِيبُ كريمةٌ مَنابيتُ فإِما أَن يكون جمعَ مِعْشاب وإِما أَن يكون من الجمع الذي لا واحد له وقد عَشَّبَتْ وأَعْشَبَتْ واعْشَوْشَبَتْ إِذا كَثُر عُشْبها وفي حديث خُزَيمة واعْشَوْشَبَ ما حَوْلَها أَي نَبَتَ فيه العُشْبُ الكثير وافْعَوْعَلَ من أَبنية المُبالغة كأَنه يُذْهَبُ بذلك إِلى الكثرة والمبالغة والعُموم على ما ذهب إِليه سيبويه في هذا النحو كقولك خَشُنَ واخْشَوْشَنَ ولا يقال له حَشيش حتى يَهِيجَ تقول بَلَدٌ عاشِبٌ وقد أَعْشَبَ ولا يقال في ماضيه إِلا أَعْشَبَتِ الأَرضُ إِذا أَنبتت العُشْبَ ويُقال أَرض فيها تَعاشِيبُ إِذا كان فيها أَلوانُ العُشْبِ عن اللحياني والتَّعاشِيبُ العُشْبُ النَّبْذُ المُتَفَرِّقُ لا واحدَ له وقال ثعلب في قول الرائِد عُشْباً وتَعاشيبْ وكَمْأَةً شِيبْ تُثِيرُها بأَخْفافِها النِّيبْ إِن العُشْبَ ما قد أَدْرَكَ والتَّعاشِيبُ ما لم يُدْرك ويعني بالكَمْأَةِ الشِّيبِ البِيضَ وقيل البِيضُ الكِبارُ والنِّيبُ الإِبلُ المَسَانُّ الإِناثُ واحدها نابٌ ونَيُوبٌ وقال أَبو حنيفة في الأَرض تَعاشِيبُ وهي القِطَعُ المُتَفَرِّقَة من النَّبْتِ وقال أَيضاً التَّعاشِيبُ الضروبُ من النَّبْت وقال في قولِ الرائدِ عُشْباً وتَعاشِيبْ العُشْبُ المُتَّصِلُ والتَّعاشِيبُ المتفَرِّق وأَعْشَبَ القومُ واعْشَوْشَبُوا أَصابُوا عُشْباً وبعيرٌ عاشِبٌ وإِبِلٌ عاشِبَةٌ تَرْعَى العُشْبَ وتَعَشَّبَت الإِبل رَعَتِ العُشْبَ قال تَعَشَّبَتْ من أَوَّلِ التَّعَشُّبِ - بينَ رِماحِ القَيْنِ وابْنَيْ تَغْلِبِ وتَعَشَّبَتِ الإِبلُ واعْتَشَبَتْ سَمِنَتْ عن العُشْب وعُشْبَةُ الدار التي تَنْبُتُ في دِمْنَتها وحَوْلَها عُشْبٌ في بَياضٍ من الأَرض والتُّراب الطَّيِّبِ وعُشْبةُ الدارِ الهَجينَةُ مَثَلٌ بذلك كقولهم خَضْراءُ الدِّمَنِ وفي بعض الوَصاةِ يا بُنَيَّ لا تَتَّخِذْها حَنَّانةً ولا مَنَّانة ولا عُشْبةَ الدار [ ص 602 ] ولا كَيَّةَ القَفَا وعَشِبَ الخُبْزُ يَبِسَ عن يعقوب ورجل عَشَبٌ قصير دَمِيمٌ والأُنثى بالهاءِ وقد عَشُبَ عَشابةً وعُشوبةً ورجل عَشَبٌ وامرأَة عَشَبةٌ يابسٌ من الهُزال أَنشد يعقوب
جَهِيزَ يا ابْنةَ الكِرامِ أَسْجِحِي ... وأَعْتِقِي عَشَبةً ذا وَذَحِ
والعَشَبة بالتحريك النابُ الكبيرة وكذلك العَشَمة بالميم يقال شيخ عَشَبَة وعَشَمة بالميم والباءِ يقال سأَلتُه فأَعْشَبَنِي أَي أَعْطانِي ناقةً مُسِنَّة وعِيالٌ عَشَبٌ ليس فيهم صغير قال الشاعر جَمَعْت منهم عَشَباً شَهابِرا ورجل عَشَبَةٌ قد انْحَنى وضَمَر وكَبِرَ وعجوز عَشَبة كذلك عن اللحياني والعَشَبةُ أَيضاً الكبيرة المُسِنَّة من النِّعاج

( عشرب ) العَشْرَبُ الخَشِنُ وأَسَدٌ عَشْرَبٌ كعَشَرَّبٍ ورجل عُشارِبٌ جَريءٌ ماضٍ الأَزهري والعَشْرَبُ والعَشْرَمُ السَّهْمُ الماضي

( عشزب ) أَسَدٌ عَشْزَبٌ شديدٌ

( عصب ) العَصَبُ عَصَبُ الإِنسانِ والدابةِ والأَعْصابُ أَطنابُ المَفاصل التي تُلائمُ بينَها وتَشُدُّها وليس بالعَقَب يكون ذلك للإِنسان وغيره كالإِبل والبقر والغنم والنعَم والظِّباءِ والشاءِ حكاه أَبو حنيفة الواحدة عَصَبة وسيأْتي ذكر الفرق بين العَصَب والعَقَب وفي الحديث أَنه قال لثَوْبانَ اشْتَرِ لفاطمةَ قِلادةً من عَصْبٍ وسِوارَيْنِ من عاج قال الخَطَّابيُّ في المَعالم إِن لم تكن الثيابَ اليمانية فلا أَدري ما هو وما أَدري أَن القلادة تكون منها وقال أَبو موسى يُحتَمَل عندي أَن الرواية إِنما هي العَصَب بفتح الصاد وهي أَطنابُ مفاصل الحيوانات وهو شيء مُدَوَّر فيُحتَمَلُ أَنهم كانوا يأْخذون عَصَبَ بعضِ الحيواناتِ الطاهرة فيقطعونه ويجعلونه شِبْه الخرز فإِذا يَبِسَ يتخذون منه القلائدَ فإِذا جاز وأَمْكَنَ أَن يُتَّخَذَ من عِظام السُّلَحْفاة وغيرها الأَسْوِرةُ جاز وأَمكن أَن يُتَّخَذ من عَصَبِ أَشْباهِها خَرَزٌ يُنْظَمُ منها القلائدُ قال ثم ذكر لي بعضُ أَهل اليمن أَن العَصْب سِنُّ دابةٍ بحرية تُسَمَّى فَرَسَ فِرْعَوْنَ يُتَّخَذُ منها الخَرزُ وغيرُ الخَرز مِن نِصابِ سكِّين وغيره ويكون أَبيضَ ولحم عَصِبٌ صُلْبٌ شديد كثير العَصَبِ وعَصِبَ اللحمُ بالكسر أَي كَثُرَ عَصَبُه وانْعَصَبَ اشْتَدَّ والعَصْبُ الطيُّ الشديدُ وعَصَبَ الشيءَ يَعْصِبُه عَصْباً طَواه ولَواه وقيل شَدَّه والعِصابُ والعِصابةُ ما عُصِبَ به وعَصَبَ رأْسَه وعَصَّبَه تَعْصيباً شَدَّه واسم ما شُدَّ به العِصابةُ وتَعَصَّبَ أَي شَدَّ العِصَابةَ والعِصابةُ العِمامةُ منه والعَمائمُ يقال لها العَصائبُ قال الفرزدق
وَرَكبَ كأَنَّنَّ الرِّيحَ تطلُبُ منهُم ... لها سَلَباً من جّبذبِها بالعَصائبِ
أي تَنْقُضُ لَيُّ عمائمهم من شِدّتها فكأنها تسلُبهم إياها وقد اعتصَبَ بها والعِصابة العمامة وكلُّ ما يُعَصّبُ به الرأسُ وقد اعتَصَبَ بالتاج والعمامة والعِصْبةُ هيئةُ الاعْتصَاب وكلُّ ما عُصبَ به كَسْرٌ أو قَرْحٌ [ ص 603 ] من خِرْقة أو خَبيبةٍ فهو عِصابٌ له وفي الحديث أنه رَخّص في المسح على العَصائب والتّساخِين وهِي كلُّ مَا عَصّبْتَ بِهِ رَأْسَكَ من عِمامة أو منْديل أو خِرقة والذي ورد في حديث بدر قال عُتْبة بن ربيعة ارْجِعوا ولا تُقاتلوا واعْصِبوها برأسي قال ابن الأثير يريد السُّبَّةَ التي تلحَقُهم بترك الحرب والجُنوح إلى السّلم فأضْمَرها اعتماداً على معرفة المخاطبين أي اقْرُنوا هذه الحال بي وانسبُوها إليّ وإن كانتْ ذميمة وعَصَبَ الشجرةَ يَعْصِبُها عَصْباً ضَمُّ ما تَفَرّقَ منها بحبل ثم خَبَطَها ليسقط وَرقها وروي عن الحجاج أنه خَطَبَ بالكُوفةِ فقال لأعْصِبَنكمْ عَصْبَ السّلَمَة السَّلَمَةُ شجرة من العضاء ذاتُ شَوكٍ وَوَرقهُا القرَظُ الذي يُدْبَغُ به الأَدَمُ ويَعْسُر خَرْطُ ورَقها لكثرة شوكها فتُعصَبُ أغْصانُها بأ تُجمَعَ ويُشَدَّ بعْضُها إلى بعض بحَبْلٍ شَدَّاً شديداً ثم يَهْصُرها الخابطُ إليه ويَخْبِطُها بعَصاه فيتناثر ورقُها للماشية ولمن أراد جمعه وقيل إنما يُفْعَلُ بها ذلك إذا أرادوا قطعها حتى يُمْكِنَهم الوصول إلى أَصله وأصْلُ العَصْب اللَّيُّ ومنه عَثْبُ التَّيْسِ والكبشِ وغيرهما من البهائم وهو أن تُشَدَّ خُصيْاه شدَّاً شديداً حتى تَنْدُرا مِنْ غير أَن تُنزَعا نَزْعاً أَو تُسَلاَّ سَلاًّ يقال : عَصَبْتُ التَّيْسَ أَعْصِبُه فهو مَعْصُوب . ومن أَمثال العرب : فلانٌ لا تُعْصَبُ سَلَماتُه . يُضْرَبُ مثلاً للرجل الشديد العزيز الذي لا يُقْهَر ولا يُسْتَذَلّ ومنه قول الشاعر : ولا سَلَماتي في بَجِيلَةَ تُعْصَبُ و عَصَبَ الناقة يَعْصِبُها عَصْباً و عِصاباً : شَدَّ فَخِذَيها أَو أَدْنى مُنْخُرَيها بحَبْل لتَدِرَّ . وناقة عَصُوبٌ : لا تَدِرُّ إِلا على ذلك قال الشاعر : فإِنْ صَعُبَتْ عليكم فاعْصِبُوها عِصاباً تُسْتَدَرُّ به شَدِيدا وقال أَبو زيد : العَصوبُ الناقة التي لا تَدِرُّ حتى تُعْصَب أَداني مُنْخُرَيها بخيطٍ ثم تُثَوَّرُ ولا تُحَلُّ حتى تُحْلَبَ . وفي حديث عمر ومعاوية : أَنَّ العَصُوبَ يَرْفُقُ بها حالبُها فتَحْلُب العُلْبَةَ . قال : العَصُوبُ الناقةُ التي لا تَدِرُّ حتى يُعْصَبَ فَخِذاها أَي تُشَدَّا بالعِصابة . و العِصابُ : ما عَصَبَها به . وأَعْطَى على العَصْبِ أَي على القهر مَثَلٌ بذلك قال الحُطَيْئَةُ : تَدِرُّونَ إِنْ شُدَّ العِصابُ عليكمُ ونَأْبَى إِذا شُدَّ العِصابُ فلا نَدِرْ ويقال للرجل إِذا كان شديدَ أَسْرِ الخَلْقِ غيرَ مُسْتَرْخي اللحمِ : إِنه لمَعْصُوبٌ ما حُفْضِجَ . ورجل مَعْصُوبُ الخَلْقِ : شديدُ اكْتِنازِ اللحمِ عُصِبَ عَصْباً قال حسان : دَعُوا التَّخاجُؤَ وامْشُوا مِشْيَةَ سُجُحاً إِنَّ الرجالَ ذَوُو عَصْبٍ وتَذْكِيرِ وجارِيةٌ مَعْصوبة : حَسَنَةُ العَصْبِ أَي اللَّيِّ مَجْدُولة الخَلْق . ورجل مَعْصُوب : شديد . و العَصُوبُ من النساءِ : الزَّلاَّء الرَّسْحاءُ عن كُراع . قال أَبو عبيدة : والعَصُوبُ والرَّسْحاءُ والمَسْحاءُ والرَّصْعاءُ والمَصْواءُ والمِزْلاق والمِزْلاجُ والمِنْداصُ . و تَعَصَّبَ بالشيءِ و اعْتَصَبَ : تَقَنَّعَ به ورَضِي . و المَعْصُوبُ : الجائِعُ الذي كادَتْ أَمعاؤُهُ تَيْبَسُ جُوعاً . وخَصَّ الجوهريُّ هُذَيلاً بهذه اللغة . وقد عَصَبَ يَعْصِبُ عُصُوباً . وقيل : سمي مَعْصُوباً لأَنه عصب بَطْنَهُ بحَجَر من الجوع . و عَصَّبَ القومَ : جَوَّعَهم . ويقال للرجل الجائِعِ يشتدُّ عليه سَخْفَةُ الجُوعِ فَيُعَصِّبُ بَطْنَهُ بحجر : مُعَصَّبٌ ومنه قوله : ففي هذا فَنَحْنُ لُيوثُ حَرْبٍ وفي هذا غُيوثُ مُعَصَّبينا وفي حديث المُغِيرة : فإِذا هو مَعْصُوب الصَّدْرِ قيل : كان من عادتهم إِذا جاع أَحدُهم أَن يَشُدَّ جَوْفَه بعصابة . وربما جعل تحتها حجراً . و المُعَصَّبُ : الذي عَصَبَتْه السِّنونَ أَي أَكلت مالَه . و عَصَبَتْهم السِّنُونَ : أَجاعتهم . و المُعَصَّبُ : الذي يَتَعَصَّبُ بالخِرَقِ من الجُوعِ . و عَصَّبَ الدَّهْرُ مالَه : أَهلكه . ورجل مُعَصَّبٌ : فقير . و عَصَبَهم الجَهْدُ وهو من قوله : يومٌ عَصِيبٌ . و عَصَّبَ الرجلَ : دعاه مُعَصَّباً عن ابن الأَعرابي وأَنشد : يُدْعَى المُعَصَّبَ مَنْ قَلَّتْ حَلُوبَتُه وهَلْ يُعَصَّبُ ماضِي الهَمِّ مِقْدامُ ويقال : عَصَبَ الرجلُ بَيْتَه أَي أَقام في بيته لا يَبرَحُهُ لازماً له . ويُقال : عَصَبَ القَينُ صَدْعَ الزُّجاجة بضَبَّةٍ من فِضَّةٍ إِذا لأَمها مُحِيطةً به . والضَّبَّةُ : عِصابُ الصَّدْع . ويقال لأَمْعاءِ الشاة إِذا طُوِيَتْ وجُمِعَتْ ثم جُعِلَتْ في حَوِيَّةٍ من حَوايا بطنها عُصُبٌ واحدها عَصِيبٌ . و العَصِيبُ من أَمعاءِ الشاءِ : ما لُوِي منها والجمع أَعْصِبةٌ و عُصُبٌ . و العَصِيبُ : الرِّئَةُ تُعَصَّبُ بالأَمْعاءِ فتُشْوَى قال حُمَيْدُ بن ثَوْرٍ وقيل هو للصِّمَّةِ بن عبد الله القُشَيْرِيّ : أُولئك لم يَدْرِينَ ما سَمَكُ القُرَى ولا عُصُبٌ فيها رِئاتُ العَمارِسِ و العَصْبُ : ضَرْبٌ من برود اليمن سُمِّي عَصْباً لأَن غزلهُ يُعْصَبُ أَي يُدْرَجُ ثم يُصْبَغُ ثم يُحاكُ وليس من برود الرَّقْم ولا يُجْمَعُ إِنما يقال : بُرْدُ عَصْبٍ وبُرودُ عَصْبٍ لأَنه مضاف إِلى الفعل . وربما اكْتَفَوْا بأَن يقولوا : عليه العَصْبُ لأَن البُرْدَ عُرِفَ بذلك الاسم قال : يَبْتَذِلْنَ العَصْبَ والخَزَّ مَعاً والحَبِراتِ ومنه قيل للسَّحاب كاللَّطْخ : عَصْبٌ . وفي الحديث : المُعْتَدَّة لا تَلْبَسُ المُصَبَّغَةَ إِلاَّ ثَوْبَ عَصْبٍ . العَصْبُ : بُرُودٌ يمنِيَّة يُعْصَبُ غزلُها أَي يُجْمَعُ ويُشَدُّ ثم يُصْبغُ ويُنْسَجُ فيأْتي مَوشِيّاً لبقاء ما عُصِبَ منه أَبيضَ لم يأْخذه صِبْغٌ وقيل : هي بُرودٌ مُخَطَّطة . و العَصْبُ : الفَتْلُ . و العَصَّابُ : الغَزَّالُ . فيكون النهيُ للمعتدة عما صُبِغَ بعد النَّسْج . وفي حديث عمر رضي الله عنه : أَنه أَراد أَن ينهى عن عصبِ اليمن وقال : نُبِّئْتُ أَنه يُصْبَغُ بالبَوْل ثم قال : نُهِينا عن التَّعَمُّق . و العَصْبُ : غَيْم أَحمر تراه في الأُفُقِ الغَرْبِيِّ يظهر في سِنِيّ الجَدْبِ قال الفرزدق : إِذا العَصْبُ أَمْسَى في السماءِ كأَنه سَدَى أُرْجُوانٍ واسْتَقَلَّتْ عُبورُها وهو العِصابةُ أَيضاً قال أَبو ذؤيب : أَعَيْنَيَّ لا يَبْقَى على الدَّهْرِ فادِرٌ بِتَيْهُورةٍ تحتَ الطِّخَافِ العَصَائِبِ وقد عَصَبَ الأُفُقُ يَعْصِبُ أَي احْمَرَّ . و عَصَبَةُ الرَّجلِ : بَنوه وقَرابتُه لأَبيه . و العَصَبة : الذين يرثون الرجلَ عن كَلالة من غير والد ولا ولد . فأَما في الفرائض فكلُّ مَنْ لم تكن له فريضةٌ مسماةٌ فهو عَصَبةٌ إِن بَقِيَ شيء بعد الفرائض أَخَذَ . قال الأَزهري : عَصَبةُ الرجل أَولياؤُهُ الذكور من ورَثَته سُمُّوا عَصَبةً لأَنهم عَصَبُوا بنَسبه أَي اسْتَكَفُّوا به فالأَبُ طَرَفٌ والابن طَرَفٌ والعَمُّ جانبٌ والأَخُ جانِبٌ والجمع العَصباتُ . والعرب تسمي قَراباتِ الرجلِ : أَطْرافَه ولما أَحاطتْ به هذه القراباتُ وعَصَبَت بنَسَبه سُموا عَصَبةً . وكل شيء اسْتَدارَ بشيء فقد عَصَبَ به . والعمائمُ يقال لها : العَصائِب واحدتُها عِصابة من هذا قال : ولم أَسمع للعَصَبة بواحدٍ والقياس أَن يكون عاصِباً مثل طالِبٍ وطَلَبةٍ وظالم وظَلَمة . ويقال : عَصَبَ القومُ بفلان أَي اسْتَكَفُّوا حَولَه . و عَصَبَتِ الإِبلُ بعَطَنِها إِذا اسْتَكَفَّتْ به قال أَبو النجم : إِذ عَصَبَتْ بالعَطَنِ المُغَرْبَلِ يعنمي المُدقَّق ترابُه . و العُصْبةُ و العِصابةُ : جماعةُ ما بين العَشَرة إِلى الأَربعين . وفي التنزيل العزيز : { ونحن عُصْبةٌ } . قال الأَخفش : و العُصْبة و العِصابَة جماعة ليس لها واحد . قال الأَزهري : وذكر ابن المُظَفَّر في كتابه حديثاً : أَنه يكون في آخر الزمان رَجُلٌ يُقال له أَمير العُصَب قال ابن الأَثير : هو جمع عُصْبةٍ . قال الأَزهري : وَجَدْتُ تَصْدِيقَ هذا الحديث في حديث مَروِيَ عن عُقْبة بن أَوْسٍ عن عبد الله بن عمرو بن العاص أَنه قال : وجدتُ في بعض الكتب يوم اليَرْمُوكِ : أَبو بكر الصديقُ أَصَبْتُم اسْمَه عُمَرُ الفاروقُ قَرْناً من حديدٍ أَصَبْتُم اسْمَه عثمانُ ذو النورين كِفْلَيْنِ من الرحمة لأَنه يُقْتلُ مَظْلُوماً أَصَبْتُم اسْمَه . قال : ثم يكون مَلِكُ الأَرض المُقَدَّسةِ وابنُه . قال عُقْبة : قلتُ لعبد الله : سَمِّهما . قال : معاويةُ وابنُه ثم يكونَ سَفَّاحٌ ثم يكون مَنْصور ثم يكون جابرٌ ثم مَهْدِيّ ثم يكون الأَمينُ ثم يكونُ سين ولام يعني صَلاحاً وعاقِبةً ثم يكون أُمَراءُ العُصَب : ستة منهم من وَلَد كَعْبِ بن لُؤَيّ ورجلٌ من قَحطانَ كلهم صالِحٌ لا يُرَى مِثْلُه . قال أَيّوب : فكان ابنُ سيرين إِذا حَدَّثَ بهذا الحديث قال : يكون على الناس مُلوكٌ بأَعمالهم . قال الأَزهري : هذا حديث عجيبٌ وإِسنادُه صحيح وا عَلاَّمُ الغُيُوب . وفي حديث الفتن قال : فإِذا رَأَى الناسُ ذلك أَتته أَبدالُ الشامِ وعَصَائبُ العِراق فَيَتَّبِعُونه . العَصائبُ : جمع عِصَابة وهي ما بين العشرة إِلى الأَربعين . وفي حديث عَلِيَ عليه السلام : الأَبْدالُ بالشام والنُّجَباءُ بمِصْرَ والعَصائبُ بالعِراق . أَراد أَن التَّجَمُّعَ للحُروب يكون بالعِراقِ . وقيل : أَراد جماعة من الزَّهَّادِ سَمَّاهم بالعَصائب لأَنه قَرَنَهم بالأَبدال والنُّجَباءِ . وكلُّ جماعةِ رجالٍ وخيلٍ بفُرْسانِها أَو جماعةِ طير أَو غيرها : عُصْبة و عِصابَةٌ ومنه قول النابغة : عِصابةُ طَيْرٍ تَهْتَدي بعَصَائِبِ و اعْتَصَبُوا : صاروا عُصْبَةً قال أَبو ذؤيب : هَبَطْنَ بَطْنَ رهاطٍ واعْتَصَبْنَ كما يَسْقِي الجُذُوعَ خِلالَ الدُّورِ نَضَّاحُ و التَّعَصُّبُ : من العَصَبِيَّة . و العَصَبِيَّةُ : أَن يَدْعُوَ الرجلَ إِلى نُصْرةِ عَصَبَتِه والتَّأَلُّبِ معهم على من يُناوِئُهُم ظالمين كانوا أَو مظلومين . وقد تَعَصَّبُوا عليهم إِذا تَجَمَّعُوا فإِذا تجمعوا على فريق آخر قيل : تَعَصَّبُوا . وفي الحديث : العَصَبِيُّ مَنْ يُعِين قومَه على الظُّلْم . العَصَبِيُّ هو الذي يَغْضَبُ لعَصَبتِه ويُحامي عنهم . و العَصَبةُ : الأَقارِبُ من جهة الأَب لأَنهم يُعَصِّبونه و يَعْتَصِبُ بهم أَي يُحِيطُون به ويَشْتَدُّ بهم . وفي الحديث : ليس مِنَّا من دَعا إِلى عَصَبِيَّةٍ أَو قاتَلَ عَصَبِيَّةً . العَصَبِيَّةُ و التَّعَصُّبُ : المُحاماةُ والمُدافعةُ : و تَعَصَّبْنا له ومعه : نَصَرناه . و عَصَبةُ الرَّجُل : قومُه الذين يَتَعَصَّبون له كأَنه على حَذْفِ الزائِد . و عَصَبُ القوم : خِيارُهم . و عَصَبُوا به : اجْتَمَعُوا حَوْلَه قال ساعدة : ولكنْ رأَيتُ القومَ قد عَصَبوا به فلا شَكَّ أَنْ قد كان ثَمَّ لَحِيمُ و اعْصَوصَبُوا : اسْتَجمعوا فإِذا تَجَمَّعُوا على فريقٍ آخرَ قيل : تَعَصَّبُوا . و اعْصَوصبُوا : اسْتَجْمَعُوا وصاروا عِصابةً وعَصائِبَ . وكذلك إِذا جَدُّوا في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَتِ الإِبلُ و أَعْصَبَتْ : جَدَّتْ في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَتْ و عَصَبَتْ و عَصِبَتْ : اجتمعتْ . وفي الحديث : أَنه كان في مَسِيرٍ فَرَفَعَ صَوْتَه فلما سمعوا صَوْتَه اعْصَوْصَبُوا أَي اجْتَمَعُوا وصاروا عِصابةً واحِدةً وجَدُّوا في السَّيْر . و اعْصَوْصَبَ الشَّرُّ : اشْتَدَّ كأَنه من الأَمْرِ العَصِيبِ وهو الشديدُ . ويقال للرجل الذي سَوَّدَه قَوْمُه : قد عَصَّبُوه فهو مُعَصَّبٌ وقد تَعَصَّبَ ومنه قول المُخَبَّلِ في الزِّبْرِقانِ : رَأَيْتُك هَرَّيْتَ العِمامةَ بعدَما أَراكَ زَماناً حاسِراً لم تَعَصَّبِ وهو مأْخوذٌ من العِصابة وهي العمامة . وكانت التِّيجانُ للملوك والعمائمُ الحُمْرُ للسادة من العرب قال الأَزهري : وكان يُحْمل إِلى البادية من هَراةَ عمائم حُمْرٌ يَلْبَسُها أَشرافُهم . ورجل مُعَصَّبٌ ومُعَمَّم أَي مُسَوَّدٌ قال عمرو بن كلثوم : وسَيِّدِ مَعْشَرٍ قد عَصَّبُوه بتاجِ المُلْكِ يَحْمي المُحْجَرينا فجعل المَلِكَ مُعَصَّباً أَيضاً لأَنَّ التاج أَحاطَ برأْسه كالعِصابة التي عَصَبَتْ برأْسِ لابسها . ويقال : اعتَصَبَ التاجُ على رأْسه إِذا اسْتَكَفَّ به ومنه قول قَيْس الرُّقَيَّاتِ : يَعْتَصِبُ التَّاجُ فَوْقَ مَفْرِقه على جَبينٍ كأَنه الذَّهَبُ وفي الحديث : أَنه شَكا إِلى سَعْدِ بنِ عُبادة عَبْدَ الله بنَ أُبَيَ فقال : اعْفُ عنه يا رسول الله فقد كان اصْطَلَحَ أَهلُ هذه البُحَيرة على أَن يُعَصِّبُوه بالعِصابة فلما جاءَ الله بالإِسلام شَرِقَ لذلك . يُعَصِّبُوه أَي يُسَوِّدُوه ويُمَلِّكُوه وكانوا يسمون السيدَ المُطاعَ : مُعَصَّباً لأَنه يُعَصَّبُ بالتاج أَو تُعَصَّبُ به أُمورُ الناس أَي تُرَدُّ إِليه وتُدارُ به . والعمائم تِيجانُ العرب وتسمى العصائبَ واحِدتها عِصابَةٌ . و اعْصَوْصَبَ اليومُ والشَّرُّ : اشْتَدَّ وتَجَمَّع . وفي التنزيل : { هذا يومٌ عَصِيبٌ } . قال الفراءُ : يوم عَصِيبٌ و عَصَبْصَبٌ : شديد وقيل : هو الشديد الحرِّ وليلة عَصِيبٌ كذلك . ولم يقولوا : عَصَبْصَبة . قال كراع : هو مشتق من قولك : عَصَبْتُ الشيءَ إِذا شَدَدْتَه وليس ذلك بمعروف أَنشد ثعلب في صفة إِبل سُقِيَتْ : يا رُبَّ يومٍ لك من أَيامِها عَصَبْصَبِ الشَّمْسِ إِلى ظَلامِها وقال الأَزهري : هو مأْخوذ من قولك : عَصَبَ القومَ أَمْرٌ يَعْصِبُهم عَصْباً إِذا ضَمَّهم واشْتَدَّ عليهم قال ابن أَحمر : يا قومِ ما قَومي على نَأْيِهِم إِذْ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرْ وقوله : ما قَومي على نأْيِهِم تَعَجُّبٌ مِنْ كَرَمهم . وقال : نِعْمَ القومُ هُمْ في المَجاعة إِذ عَصَبَ الناسَ شَمالٌ وقُرٌّ أَي أَطافَ بهم وشَمِلَهم بَرْدُها . وقال أَبو العَلاءِ : يومٌ عَصَبْصَبٌ باردٌ ذو سَحابٍ كثير لا يَظْهَرَ فيه من السماءِ شيءٌ . و عَصَبَ الفَمُ يَعْصِبُ عَصْباً و عُصُوباً : اتَّسَخَت أَسنانُه من غُبار أَو شِدَّةِ عَطَشٍ أَو خَوْفٍ وقيل : يَبِسَ رِيقُه . وفُوه عاصبٌ و عَصَبَ الريقُ بِفيه بالفتح يعْصِبُ عَصْباً و عَصِبَ : جَفَّ ويَبِس عليه قال ابن أَحمر : يُصَلِّي على مَنْ ماتَ مِنَّا عَرِيفُنا ويَقْرَأُ حتى يَعْصِبَ الرِّيقُ بالفَمِ ورجل عاصِبٌ : عَصَبَ الريقُ بفيه قال أَشْرَسُ بن بَشَّامة الحَنْظَلِيُّ : وإِنْ لَقِحَتْ أَيْدِي الخُصوم وجَدْتَني نَصُوراً إِذا ما اسْتَيْبَسَ الرِّيقَ عاصِبُه لَقِحَتْ : ارتفعت شَبَّه الأَيْدِيَ بأَذنابِ اللَّواقِحِ من الإِبل . و عَصَبَ الريقُّ فاه يَعْصِبُه عَصْباً : أَيْبَسَه قال أَبو محمد الفَقْعَسِيُّ : يَعْصِبُ فاه الريقُ أَيَّ عَصْبِ عَصْبَ الجُبابِ بشِفاهِ الوَطْبِ الجُبابُ : شِبْه الزُّبْدِ في أَلبانِ الإِبل . وفي حديث بَدْرٍ : لما فَرَغَ منها أَتاه جبريلُ وقد عَصَبَ رأْسه الغُبارُ أَي رَكِبه وعَلِقَ به مِنْ عَصَبَ الريقُ فاه إِذا لَصِقَ به . ورَوى بعضُ المُحَدِّثين : أَن جبريل جاءَ يوم بَدْرٍ على فرس أُنْثَى وقد عَصَم بثَنيَّتيه الغُبارُ . فإِن لم يكن غلطاً من المُحَدِّثِ فهي لغة في عَصَب والباءُ والميم يتعاقبان في حروف كثيرة لقرْب مخرجيهما . يقال : ضَرْبةُ لازِبٍ ولازمٍ وسَبَّدَ رأْسه وسَمَّدَه . و عَصَبَ الماءَ : لَزِمه عن ابن الأَعرابي وأَنشد : وعَصَبَ الماءَ طِوالٌ كُبْدُ و عَصَبَتِ الإِبلُ بالماء إِذا دارَتْ به قال الفراءُ : عَصَبَتِ الإِبل و عَصِبَتْ بالكسر إِذا اجتمعت . و العَصْبة و العَصَبة و العُصْبة الأَخيرة عن أَبي حنيفة : كل ذلك شجرة تلتوي على الشَّجَرِ وتكون بينها ولها ورَقٌ ضَعِيف والجمع عَصْبٌ و عَصَبٌ قال : إِنَّ سُلَيْمَى عَلِقَتْ فُؤَادي تَنَشُّبَ العَصْب فُروعَ الوادي وقال مَرَّة : العَصْبةُ ما تَعَلَّقَ بالشجر فَرَقِيَ فيه و عَصَبَ به . قال : وسمعتُ بعضَ العرب يقول : العَصْبَةُ هي اللَّبْلابُ . وفي حديث الزبير بن العَوّام لما أَقْبَلَ نحو البَصْرة وسُئِل عن وَجْهِه قال : عَلِقْتُهم إِني خُلِقْتُ عُصْبَهْ قتادةً تَعَلَّقَتْ بنُشْبَه قال شمر : وبلغني أَن بعضَ العرب قال : غَلَبْتُهم إِني خُلِقْتُ عُصْبه قتادةً مَلْويَّةً بنُشْبه قال : و العُصْبة نَبات يَلْتَوي على الشجر وهو اللَّبْلابُ . والنُّشْبةُ من الرجال : الذي إِذا عَلِقَ بشيءٍ لم يَكَدْ يُفارِقه . ويقال للرجل الشديد المِراسِ : قَتادةٌ لُوِيَتْ بعُصْبةٍ . والمعنى : خُلِقْتُ عُلْقةً لخُصومي فوضع العُصْبة موضع العُلْقة ثم شَبَّه نَفْسَه في فَرْطِ تَعَلُّقِه وتَشَبُّثِه بهم بالقَتادة إِذا اسْتَظْهَرَتْ في تَعَلُّقها واسْتَمْسَكَتْ بنُشْبةٍ أَي شيءٍ شديد النُّشُوبِ والباءُ التي في قوله بنُشْبةٍ للاستعانة كالتي في كتبت بالقلم وأَما قول كُثَيِّرٍ : بادِيَ الرَّبْعِ والمعارِفِ منها غَيْرَ رَسْمٍ كعُصْبةِ الأَغْيالِ فقد رُوِيَ عن ابن الجَرَّاح أَنه قال : العُصْبةُ هَنَة تَلْتَفُّ على القَتادَةِ لا تُنزَع عنها إِلاَّ بعد جَهْدٍ وأَنشد : تَلَبَّسَ حُبُّها بِدَمِي ولحمي تَلَبُّسَ عُصْبةٍ بفُروعِ ضالِ و عَصَبَ الغبارُ بالجَبل وغيره : أَطافَ . و العَصَّابُ : الغَزَّالُ قال رُؤْبة : طَيَّ القَسامِيِّ بُرودَ العَصَّابْ القَسامِيُّ : الذي يَطْوِي الثيابَ في أَوَّلِ طَيِّها حتى يَكْسِرها على طَيِّها . و عَصَبَ الشيءَ : قَبَضَ عليه . و العِصابُ : القَبْضُ أَنشد ابن الأَعرابي : وكنَّا يا قُرَيشُ إِذا عَصَبْنَا تَجِيءُ عِصابُنا بدَمٍ عَبِيطِ عِصابُنا : قَبْضُنا على من يُغادِي بالسُّيُوف . و العَصْبُ في عَرُوض الوافر : إِسكانُ لامِ مُفاعَلتن ورَدُّ الجُزْءِ بذلك إِلى مَفاعيلن . وإِنما سمي عَصْباً لأَنه عُصِبَ أَن يَتَحَرَّكَ أَي قُبِضَ . وفي حديث عليَ كرَّم الله وجهَه : فِرُّوا إِلى الله وقُوموا بما عَصَبَه بكم أَي بما افترَضَه عليكم وقَرَنَه بكم من أَوامره ونواهيه . وفي حديث المهاجرين إِلى المدينة : فنزلوا العُصْبَة موضع بالمدينة عند قُباء وضَبَطَهُ بعضُهم بفتح العين والصاد
( عصلب ) العَصْلَبُ ( 1 )
( 1 قوله « العصلب إلخ » ضبط بضم العين واللام وبفتحهما بالأصول كالتهذيب والمحكم والصحاح وصرح به المجد ) والعَصْلَبيُّ والعُصْلُوبُ كُلُّه الشديدُ الخَلْق العظيمُ زاد الجوهري مِنَ الرجال وأَنشد قد حَسَّها الليلُ بعَصْلَبيِّ أَرْوَعَ خَرَّاج من الدَّوِّيِّ مُهاجِرٍ ليس بأَعْرابيِّ والذي ورد في خطبة الحجاج قد لَفَّها الليلُ بعَصْلَبيِّ والضمير في لَفَّها للإِبل أَي جَمَعها الليلُ بسائِقٍ شديدٍ فضربه مثلاً لنفسه ورعيته الليث العَصْلَبيُّ الشديد الباقي على المشي والعمل قال وعَصْلَبَتُهُ شِدَّةُ غَضَبه ورجل عُصْلُبٌ مُضْطرب [ ص 609 ]

( عضب ) العَضْبُ القطع عَضَبَه يَعْضِبُه عَضْباً قَطَعه وتدعو العربُ على الرجل فتقول ما له عَضَبَه اللّهُ ؟ يَدْعونَ عليه بقَطْعِ يده ورجله والعَضْبُ السيفُ القاطع وسَيْفٌ عَضْبٌ قاطع وُصِف بالمصدر ولسانٌ عَضْبٌ ذَلِيقٌ مَثَلٌ بذلك وعَضَبَه بلسانه تَناوَلَه وشَتمه ورجل عَضَّابٌ شَتَّام وعَضُبَ لسانُه بالضم عُضُوبة صار عَضْباً أَي حَديداً في الكلام ويُقال إِنه لَمَعْضُوب اللسانِ إِذا كان مَقْطُوعاً عَيِيِّاً فَدْماً وفي مَثَل إِنَّ الحاجةَ ليَعْضِبُها طَلَبُها قَبْلَ وقْتِها يقول يَقْطَعُها ويُفْسدها ويقال إِنك لتَعْضِبُني عن حاجتي أَي تَقْطَعُني عنها والعَضَبُ في الرُّمْحِ الكسرُ ويُقال عَضَبْتُه بالرُّمْحِ أَيضاً وهو أَن تَشْغَلَه عنه وقال غيره عَضَبَ عليه أَي رجع عليه وفلان يُعاضِبُ فلاناً أَي يُرادُّه وناقة عَضْباءُ مَشْقُوقة الأُذُن وكذلك الشاة وجَملٌ أَعْضَبُ كذلك والعَضْباءُ من آذانِ الخَيْل التي يُجاوز القَطْعُ رُبْعَها وشاة عَضْباءُ مكسورة القَرْن والذَّكر أَعْضَبُ وفي الصحاح العَضْباءُ الشاةُ المكسورةُ القَرْنِ الداخلِ وهو المُشاشُ ويقال هي التي انكسر أَحدُ قَرْنيها وقد عَضِبَتْ بالكسر عَضَباً وأَعْضَبَها هو وعَضَبَ القَرْنَ فانْعَضَبَ قَطَعه فانْقَطَعَ وقيل العَضَبُ يكون في أَحد القَرْنَينِ وكَبْشٌ أَعْضَبُ بَيِّنُ العَضَبِ قال الأَخطل
إِنَّ السُّيُوفَ غُدُوَّها ورَوَاحَها ... تَرَكَتْ هَوَازنَ مثلَ قَرْنِ الأَعْضَبِ
ويُقال عَضِبَ قَرْنُه عَضَباً وفي الحديث عن النبي صلّى اللّه عليه وسلم أَنه نَهَى أَن يُضَحَّى بالأَعْضَبِ القَرْنِ والأُذُنِ قال أَبو عبيد الأَعْضَبُ المكسورُ القَرْنِ الداخلِ قال وقد يكون العَضَبُ في الأُذن أَيضاً فأَما المعروف ففي القَرْن وهو فيه أَكثر والأَعْضَبُ من الرجال الذي ليس له أَخٌ ولا أَحَدٌ وقيل الأَعْضَبُ الذي مات أَخوه وقيل الأَعْضَبُ من الرجال الذي لا ناصِرَ له والمَعضوبُ الضعِيفُ تقول منه عَضَبَه وقال الشافعي في المناسك وإِذا كان الرجل مَعْضُوباً لا يَسْتَمْسِكُ على الراحلة فَحَجَّ عنه رجلٌ في تلك الحالة فإِنه يُجْزِئه قال الأَزهري والمَعْضُوب في كلام العرب المَخْبُولُ الزَّمِنُ الذي لا حَرَاكَ به يقال عَضَبَتْهُ الزَّمانةُ تَعْضِبُه عَضْباً إِذا أَقْعَدَتْه عن الحَرَكة وأَزمَنَتْه وقال أَبو الهيثم العَضَبُ الشَّللُ والعَرَجُ والخَبَلُ ويقال لا يَعْضِبُكَ اللّهُ ولا يَعْضِبُ اللّهُ فلاناً أَي لا يَخْبِلُه اللّه والعَضْبُ أَن يكون البيتُ من الوافر أَخْرَمَ والأَعْضَب الجُزءُ الذي لَحِقَه العَضَبُ فينقل مفاعلتن إِلى مفتعلن ومنه قولُ الحُطَيْئَة
إِن نَزَلَ الشتاءُ بدار قَومٍ ... تَجَنَّبَ جارَ بَيْتِهِمُ الشتاءُ
والعَضْباءُ اسم ناقة النبي صلى اللّه عليه وسلم اسم لها عَلَمٌ وليس من العَضَب الذي هو الشَّقُّ في الأُذُن إِنما هو اسم لها سميت به وقال الجوهري هو لقبها قال ابن الأَثير لم تكن مَشْقُوقَة الأُذُن قال وقال بعضهم إِنها كانت مشقوقةَ الأُذُن والأَولُ أَكثر وقال الزمخشري هو منقول من قولهم ناقة عَضْباءُ وهي القصيرةُ اليَد ابن الأَعرابي يقال للغلام الحادِّ الرأْس الخَفيفِ [ ص 610 ] الجسم عَضْبٌ ونَدْبٌ وشَطْبٌ وشَهْبٌ وعَصْبٌ وعَكْبٌ وسَكْبٌ الأَصمعي يقال لولد البقرة إِذا طَلَعَ قَرنُه وذلك بعدما يأْتي عليه حَولٌ عَضْبٌ وذلك قَبْلَ إِجْذاعِه وقال الطائفيُّ إِذا قُبِضَ على قَرنه فهو عَضْبٌ والأُنثى عَضْبةٌ ثم جَذَعٌ ثم ثَنيٌّ ثم رَباعٌ ثم سَدَسٌ ثم التَّمَمُ والتَّمَمَةُ فإِذا اسْتَجْمَعَتْ أَسنانُه فهو عَمَمٌ

( عطب ) العَطَبُ الهلاك يكون في الناس وغيرهم عَطِبَ بالكسر عَطَباً وأَعْطَبه أَهْلَكه والمَعاطِبُ المَهالِكُ واحدُها مَعْطَبٌ وعَطِبَ الفَرَسُ والبعيرُ انْكَسَرَ أَو قامَ على صاحِبه وأَعْطَبْته أَنا إِذا أَهلكته وفي الحديث ذِكْرُ عَطَبِ الهَدْيِ وهو هَلاكُه وقد يُعَبَّر به عن آفةٍ تَعتَريه تمنعه عن السير فيُنْحَرُ واستعمل أَبو عبيد العَطَبَ في الزَّرْع فقال فنَرَى أَنَّ نَهْيَ النبي صلى اللّه عليه وسلم عن المُزارعة إِنما كان لهذه الشروط لأَنها مجهولة لا يُدْرَى أَتَسْلَم أَم تَعْطَبُ والعَوْطَبُ الداهيةُ والعَوْطَبُ لُجَّةُ البَحْرِ قال الأَصمعي هما من العَطَب وقال ابن الأَعرابي العَوْطَبُ أَعْمَقُ موضع في البحر وقال في موضع آخر العَوْطَبُ المُطْمَئِنُّ بين المَوجَتَيْن والعُطُبُ والعُطْبُ القُطْنُ مثل عُسُرٍ وعُسْر واحِدتُهُ عُطْبة وفي التهذيب العَطْبُ لِينُ القُطْن ( 1 )
( 1 قوله « العطب لين إلخ » أي بفتح فسكون بضبط المجد والصاغاني والتهذيب وأما القطن نفسه فهو العطب بضم أوله وسكون ثانيه وفتحه كما ضبطوه ) والصُّوفِ وفي حديث طاووسٍ أَو عِكْرمة ليس في العُطْب زكاة هو القطْن قال الشاعر
كأَنه في ذُرَى عَمائِمهم ... مُوَضَّعٌ من مَنادِفِ العُطُب
والعُطْبة قطعة منه ويقال عَطَبَ يَعْطُبُ عَطْباً وعُطُوباً لان وهذا الكَبْشُ أَعْطَبُ من هذا أَي أَلْيَنُ وعَطَّبَ الكَرمُ بَدَتْ زَمَعاتُه والعُطْبة خِرقة تؤْخَذُ بها النارُ قال الكميت
ناراً من الحَرب لا بالمَرْخِ ثَقَّبَها ... قَدْحُ الأَكُفِّ ولم تُنْفَخْ بها العُطَبُ
ويقال أَجد ريح عُطْبةٍ أَي قُطْنةٍ أَو خِرقَةٍ مُحتَرِقةٍ والتَّعْطِيبُ علاجُ الشَّراب لتطِيبَ ريحُه يقال عَطَّبَ الشَّرَابَ تَعْطِيباً وأَنشد بيت لبيد
إِذا أَرْسَلَت كفُّ الوليدِ عِصَامَهُ ... يَمُجُّ سُلافاً من رَحِيقٍ مُعَطَّبِ
ورواه غيره من رحِيق مُقَطَّبِ قال الأَزهري وهو المَمْزوجُ ولا أَدري ما المُعَطَّب

( عظب ) عَظَبَ الطّائِرُ يَعْظِبُ عَظْباً حَرَّكَ زِمِكَّاهُ بِسُرْعَة وحَظَبَ على العَمل وعَظَبَ ( 2 )
( 2 قوله « وحظب على العمل وعظب إلخ » العظب بمعنى الصبر على الشيء من بابي ضرب ونصر وما قبله من باب ضرب فقط وبمعنى سمن من باب فرح كما ضبطوه كذلك وصرح به المجد ) يَعْظِبُ عَظْباً وعُظُوباً لَزِمَهُ وصَبَر عليه وعَظَّبَه عليه مَرَّنَه وصَبَّره وعَظَبَتْ يَدُه إِذا غَلُظَتْ على العمل وعَظَبَ جِلْدُه إِذا يَبِسَ وإِنه لَحَسَنُ العُظُوبِ على المُصِيبة إِذا نزلتْ به يعني أَنه حَسَنُ التَّصبُّر جميلُ العَزاء وقال مُبْتكرٌ الأَعرابي عَظَبَ [ ص 611 ] فلانٌ على ماله وهو عاظِبٌ إِذا كان قائماً عليه وقد حَسُنَ عُظُوبُه عليه والمُعَظِّبُ والمُعَظَّبُ المُعَوّدُ للرِّعْيَةِ والقيامِ على الإِبل الملازمُ لعمله القَوِيُّ عليه وقيل اللازم لكل صَنْعة ابن الأَعرابي والعَظُوبُ السَّمِينُ يقال عَظِبَ يَعْظَبُ عَظَباً إِذا سَمِن وفي النوادر كُنْتُ العام عَظِباً وعاظِباً وعَذِباً وشَطِفاً وصَامِلاً وشَذِياً وشَذِباً وهو كُلُّه نُزُولُهُ الفَلاةَ ومَواضِعَ اليَبِيس والعُنْظَبُ والعُنْظُبُ والعُنْظابُ والعِنْظابُ الكسر عن اللحياني والعُنظُوبُ والعُنْظُباء كُلُّه الجَرَادُ الضَّخْمُ وقيل هو ذَكَرُ الجراد الأَصْفَر وفتح الظاء في العُنْظَب لغة والأُنثى عُنْظُوبة والجمع عَناظِبُ قال الشاعر
غَدا كالعَمَلَّسِ في خافَةٍ ... رُؤُوسُ العَناظِبِ كالعُنْجُدِ
العَملَّسُ الذئبُ والخَافَةُ خريطةٌ من أَدَمٍ والعُنْجُدُ الزَّبيبُ وقال اللحياني هو ذكر الجَرادِ الأَصْفَرِ قال أَبو حنيفة العُنْظُبانُ ذَكَر الجَراد
وعُنْظُبة موضع قال لبيد
هَلْ تَعْرِفُ الدارَ بسَفْحِ الشُّرْبُبَهْ ... من قُلَلِ الشِّحْرِ فَذاتِ العُنْظُبهْ
جَرَّتْ عَلَيها إِذ خَوَتْ من أَهْلِها ... أَذْيالَها كلُّ عَصُوفٍ حَصِبَهْ
العَصُوفُ الريح العاصفة والحَصِبَةُ ذات الحَصْباءِ

( عقب ) عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه وعُقْباهُ وعُقْبانُه آخِرُه قال خالدُ ابن زُهَيْر الهُذلي
فإِنْ كنتَ تَشْكُو من خَليلٍ مَخافةً ... فتِلْكَ الجوازِي عُقْبُها ونُصُورُها
يقول جَزَيْتُكَ بما فَعَلْتَ بابن عُوَيْمر والجمعُ العَواقِبُ والعُقُبُ والعُقْبانُ والعُقْبَى كالعاقبةِ والعُقْبِ وفي التنزيل ولا يَخافُ عُقْباها قال ثعلب معناه لا يَخافُ اللّهُ عز وجل عاقِبةَ ما عَمِلَ أَن يَرجعَ عليه في العاقبةِ كما نَخافُ نحنُ والعُقْبُ والعُقُبُ العاقبةُ مثل عُسْرٍ وعُسُرٍ ومِنْه قوله تعالى هو خَيْرٌ ثواباً وخَيْرٌ عُقْباً أَي عاقِبةً وأَعْقَبه بطاعته أَي جازاه والعُقْبَى جَزاءُ الأَمْر وقالوا العُقبى لك في الخَيْر أَي العاقبةُ وجمع العَقِبِ والعَقْبِ أَعقابٌ لا يُكَسَّر على غير ذلك الأَزهري وعَقِبُ القَدَم وعَقْبُها مؤَخَّرُها مؤنثة مِنْه وثلاثُ أَعْقُبٍ وتجمع على أَعْقاب وفي الحديث أَنه بَعَثَ أُمَّ سُلَيْم لتَنْظُرَ له امرأَةً فقال انْظُري إِلى عَقِبَيْها أَو عُرْقُوبَيها قيل لأَنه إِذا اسْوَدَّ عَقِباها اسودَّ سائرُ جَسَدها وفي الحديث نَهَى عن عَقِبِ الشيطانِ وفي رواية عُقْبةِ الشيطانِ في الصلاة وهو أَن يَضَعَ أَلْيَتَيْه على عَقِبَيْه بين السجدتين وهو الذي يجعله بعض الناس الإِقْعاءَ وقيل أَن يَترُكَ عَقِبَيْه غيرَ مَغْسُولَين في الوُضوءِ وجمعُها أَعْقابٌ وأَعْقُبٌ أَنشد ابن الأَعرابي فُرْقَ المَقاديمِ قِصارَ الأَعْقُبِ [ ص 612 ] وفي حديث عليّ رضي اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يا عليّ إِني أُحِبُّ لكَ ما أُحِبُّ لنَفْسي وأَكْرَه لك ما أَكره لنفسي لا تَقْرَأْ وأَنت راكعٌ ولا تُصَلِّ عاقِصاً شَعْرَك ولا تُقْعِ على عَقِبَيْك في الصلاة فإِنها عَقِبُ الشيطان ولا تَعْبَثْ بالحَصَى وأَنت في الصلاة ولا تَفْتَحْ على الإِمام وعَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً ضَرَب عَقِبَه وعُقِبَ عَقْباً شَكا عَقِبَه وفي الحديث وَيْلٌ للعَقِبِ من النار ووَيْلٌ للأَعْقابِ من النار وهذا يَدُلُّ على أَن المَسْحَ على القَدَمَيْن غيرُ جائز وأَنه لا بد من غَسْلِ الرِّجْلَيْن إِلى الكَعْبين لأَنه صلى اللّه عليه وسلم لا يُوعِدُ بالنار إِلا في تَرْكِ العَبْد ما فُرِضَ عليه وهو قَوْلُ أَكثرِ أَهلِ العلم قال ابن الأَثير وإِنما خَصَّ العَقِبَ بالعذاب لأَنه العُضْوُ الذي لم يُغْسَلْ وقيل أَراد صاحبَ العَقِب فحذف المضاف وإِنما قال ذلك لأَنهم كانوا لا يَسْتَقْصُون غَسْلَ أَرجلهم في الوضوءِ وعَقِبُ النَّعْلِ مُؤَخَّرُها أُنْثى ووَطِئُوا عَقِبَ فلانٍ مَشَوْا في أَثَرِه وفي الحديث أَن نَعْلَه كانتْ مُعَقَّبةً مُخَصَّرةً مُلَسَّنةً المُعَقَّبةُ التي لها عَقِبٌ ووَلَّى على عَقِبِه وعَقِبَيه إِذا أَخَذَ في وجْهٍ ثم انثَنَى والتَّعْقِيبُ أَن يَنْصَرِفَ من أَمْرٍ أَراده وفي الحديث لا تَرُدَّهم على أَعْقابِهِم أَي إِلى حالتهم الأُولى من تَرْكِ الهِجْرَةِ وفي الحديث ما زالُوا مُرْتَدِّين على أَعقابهم أَي راجعين إِلى الكفر كأَنهم رجعوا إِلى ورائهم وجاءَ مُعَقِّباً أَي في آخرِ النهارِ وجِئْتُكَ في عَقِبِ الشهر وعَقْبِه وعلى عَقِبِه أَي لأَيامٍ بَقِيَتْ منه عشرةٍ أَو أَقَلَّ وجِئتُ في عُقْبِ الشهرِ وعلى عُقْبِه وعُقُبِه وعُقْبانِه أَي بعد مُضِيِّه كلِّه وحكى اللحياني جِئتُك عُقُبَ رمضانَ أَي آخِرَه وجِئْتُ فلاناً على عَقْبِ مَمَرِّه وعُقُبه وعَقِبِه وعَقْبِه وعُقْبانِه أَي بعد مُرورِه وفي حديث عمر أَنه سافر في عَقِب رمضانَ أَي في آخره وقد بَقِيَتْ منه بقية وقال اللحياني أَتَيْتُك على عُقُبِ ذاك وعُقْبِ ذاك وعَقِبِ ذاكَ وعَقْبِ ذاكَ وعُقْبانِ ذاك وجِئتُكَ عُقْبَ قُدُومِه أَي بعده وعَقَبَ فلانٌ على فلانة إِذا تزوّجها بعد زوجها الأَوَّل فهو عاقِبٌ لها أَي آخِرُ أَزواجها والمُعَقِّبُ الذي أُغِيرَ عليه فَحُرِب فأَغارَ على الذي كان أَغارَ عليه فاسْتَرَدَّ مالَه وأَنشد ابن الأَعرابي في صفة فرس
يَمْلأُ عَيْنَيْكَ بالفِناءِ ويُرْ ... ضِيك عِقاباً إِنْ شِيتَ أَو نَزَقا
قال عِقَاباً يُعَقِّبُ عليه صاحبُه أَي يَغْزُو مرةً بعد أُخرى قال وقالوا عِقاباً أَي جَرْياً بعد جَرْيٍ وقال الأَزهري هو جمع عَقِبٍ وعَقَّبَ فلانٌ في الصلاة تَعْقيباً إِذا صَلَّى فأَقامَ في موضعه ينتظر صلاةً أُخرى وفي الحديث من عَقَّبَ في صلاةٍ فهو في الصلاة أَي أَقام في مُصَلاَّه بعدما يَفرُغُ من الصلاة ويقال صلَّى القَوْمُ وعَقَّبَ فلان وفي الحديث التَّعْقيبُ في المساجد انتظارُ الصلواتِ بعد الصلوات وحكى اللِّحْيانيُّ صلينا عُقُبَ الظُّهْر وصلينا أَعقابَ الفريضةِ تَطَوُّعاً أَي بعدها وعَقَبَ هذا هذا إِذا جاءَ بعده وقد بَقِيَ من الأَوَّل شيءٌ وقيل عَقَبَه إِذا جاءَ بعده وعَقَبَ [ ص 613 ] هذا هذا إِذا ذَهَبَ الأَوَّلُ كلُّه ولم يَبْقَ منه شيء وكلُّ شيءٍ جاءَ بعد شيء وخَلَفَه فهو عَقْبُه كماءِ الرَّكِيَّةِ وهُبوبِ الريح وطَيَرانِ القَطا وعَدْوِ الفَرس والعَقْبُ بالتسكين الجَرْيُ يجيء بعدَ الجَري الأَوَّل تقول لهذا الفرس عَقْبٌ حَسَن وفَرَسٌ ذُو عَقِب وعَقْبٍ أَي له جَرْيٌ بعد جَرْيٍ قال امْرُؤُ القَيْس
على العَقْبِ جَيَّاشٌ كأَنَّ اهتِزامَهُ ... إِذا جاشَ فيه حَمْيُهُ غَلْيُ مِرْجَل ( 1 )
( 1 قوله « على العقب جياش إلخ » كذا أنشده كالتهذيب وهو في الديوان كذلك وأنشده في مادتي ذبل وهزم كالجوهري على الذبل والمادة في الموضعين محررة فلا مانع من روايته بهما )
وفرسٌ يَعْقوبٌ ذو عَقْبٍ وقد عَقَبَ يَعْقِبُ عَقْباً وفرس
مُعَقِّبٌ في عَدْوِه يَزْدادُ جودةً وعَقَبَ الشَّيْبُ يَعْقِبُ ويَعْقُبُ عُقُوباً وعَقَّبَ جاءَ بعد السَّوادِ ويُقال عَقَّبَ في الشَّيْبِ بأَخْلاقٍ حَسَنةٍ والعَقِبُ والعَقْبُ والعاقِبةُ ولَدُ الرجلِ ووَلَدُ ولَدِه الباقونَ بعده وذَهَبَ الأَخْفَشُ إِلى أَنها مؤنَّثة وقولهم ليستْ لفلانٍ عاقبةٌ أَي ليس له ولَد وقولُ العَرَبِ لا عَقِبَ له أَي لم يَبْقَ له وَلَدٌ ذَكَر وقوله تعالى وجَعَلَها كَلمةً باقِيَةً في عَقِبِه أَرادَ عَقِبَ إِبراهيم عليه السلام يعني لا يزال من ولده من يُوَحِّدُ اللّه والجمع أَعقاب وأَعْقَبَ الرجلُ إِذا ماتَ وتَرك عَقِباً أَي ولداً يقال كان له ثلاثةُ أَولادٍ فأَعْقَبَ منهم رَجُلانِ أَي تَرَكا عَقِباً ودَرَجَ واحدٌ وقول طُفَيْل الغَنَوِيِّ
كَريمةُ حُرِّ الوَجْهِ لم تَدْعُ هالِكاً ... من القَومِ هُلْكاً في غَدٍ غيرَ مُعْقِبِ
يعني أَنه إِذا هَلَكَ من قَوْمِها سَيِّدٌ جاءَ سَيِّدٌ فهي لم تَنْدُبْ سَيِّداً واحداً لا نظير له أَي إِنّ له نُظَراء من قومِه وذهب فلانٌ فأَعْقَبه ابنُه إِذا خَلَفه وهو مثْلُ عَقَبه وعَقَبَ مكانَ أَبيه يَعْقُب عَقْباً وعاقِبة وعَقَّبَ إِذا خَلَف وكذلك عَقَبَه يَعْقُبُه عَقْباً الأَوّل لازم والثاني مُتَعَدّ وكلُّ من خَلَف بعد شيء فهو عاقبةٌ وعاقِبٌ له قال وهو اسم جاءَ بمعنى المصدر كقوله تعالى ليس لوَقْعَتها كاذبةٌ وذَهَبَ فلانٌ فأَعْقَبَه ابنُه إِذا خَلَفه وهو مثلُ عَقَبه ويقال لولد الرجل عَقِبُه وعَقْبُه وكذلك آخرُ كلِّ شيء عَقْبُه وكل ما خَلَف شيئاً فقد عَقَبَه وعَقَّبه وعَقَبُوا من خَلْفِنا وعَقَّبُونا أَتَوا وعَقَبُونا من خَلْفِنا وعَقَّبُونا أَي نَزَلُوا بعدما ارتَحَلْنا وأَعْقَبَ هذا هذا إِذا ذَهَبَ الأولُ فلم يَبْقَ منه شيءٌ وصارَ الآخَرُ مكانَه والمُعْقِبُ نَجْمٌ يَعْقُب نَجْماً أَي يَطْلُع بعده وأَعْقَبَه نَدَماً وغَمّاً أَوْرَثَه إِياه قال أَبو ذُؤَيْب
أَودَى بَنِيَّ وأَعْقَبُوني حَسْرَةً ... بعدَ الرُّقادِ وعَبْرَةً ما تُقْلِعُ
ويقال فَعَلْتُ كذا فاعْتَقَبْتُ منه نَدامةً أَي وجَدْتُ في عاقِبَتِه ندامةً ويقال أَكَلَ أُكْلَةً فأَعْقَبَتْه سُقماً أَي أَورَثَتْه ويقال لَقِيتُ منه عُقْبةَ الضَّبُع كما يقال لَقيتُ منه اسْتَ الكَلْب أَي لقِيتُ منه الشِّدَّة وعاقَبَ بين الشَّيْئَيْنِ إِذا جاءَ بأَحَدهما مَرَّةً وبالآخَر أُخْرَى ويقال فلان عُقْبَةُ بني فلانٍ أَي آخِرُ من بَقيَ منهم ويقال للرجل إِذا كان مُنْقَطِعَ الكلام لو كان له [ ص 614 ] عَقْبٌ لَتَكلم أَي لو كان له جوابٌ والعاقِبُ الذي دُون السَّيِّدِ وقيل الذي يَخْلُفُه وفي الحديث قَدِمَ على النبي صلى اللّه عليه وسلم نَصارى نَجْرَانَ السَّيِّدُ والعاقِبُ فالعاقِبُ مَن يَخْلُفُ السَّيِّدَ بعده والعاقِبُ والعَقُوبُ الذي يَخْلُف من كان قبله في الخَيْرِ والعاقِبُ الآخر وقيل السَّيِّدُ والعاقبُ هُمَا مِنْ رُؤَسائِهم وأَصحاب مراتبهم والعاقبُ يتلو السيد وفي الحديث أَنا العاقِبُ أَي آخر الرسل وقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لي خمسةُ أَسماء أَنا مُحَمَّدٌ وأَنا أَحمدُ والمَاحِي يَمْحُو اللّه بي الكُفْرَ والحاشِرُ أَحْشُر الناسَ على قَدَمِي والعاقِبُ قال أَبو عبيد العاقِبُ آخِرُ الأَنبياء وفي المحكم آخرُ الرُّسُل وفلانٌ يَسْتَقي على عَقِبِ آلِ فُلان أَي في إِثْرهم وقيل على عُقْبتهم أَي بَعْدَهم والعَاقِبُ والعَقُوب الذي يَخْلُف مَنْ كان قبله في الخَيْر والمُعَقِّبُ المُتَّبِعُ حَقّاً له يَسْتَرِدُّه وذهب فلانٌ وعَقَّبَ فلانٌ بعْدُ وأَعْقَب والمُعَقِّبُ الذي يَتْبَعُ عَقِبَ الإِنسانِ في حَقٍّ قال لبيدٌ يصفُ حماراً وأَتانَهُ
حتَّى تَهَجَّرَ في الرَّواحِ وهاجَهُ ... طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ
وهذا البيتُ استشهد به الجوهري على قوله عَقَّبَ في الأَمْر إِذا تَرَدَّد في طلبه مُجِدّاً وأَنشده وقال رفع المظلوم وهو نعتٌ للمُعَقِّبِ على المعنى والمُعَقِّبُ خَفْضٌ في اللفظ ومعناه أَنه فاعل ويقال أَيضاً المُعَقِّبُ الغَريمُ المُماطل عَقَّبَني حَقِّي أَي مَطَلَني فيكون المظلومُ فاعلاً والمُعَقِّبُ مفعولاً وعَقَّبَ عليه كَرَّ ورَجَع وفي التنزيل وَلَّى مُدْبراً ولم يُعَقِّبْ وأَعْقَبَ عن الشيءِ رَجَعَ وأَعْقَبَ الرجلُ رَجَعَ إِلى خَيْر وقولُ الحرث بن بَدْر كنتُ مَرَّةً نُشْبه وأَنا اليومَ عُقْبه فسره ابن الأَعرابي فقال معناه كنتُ مَرَّةً إِذا نَشِبْتُ أَو عَلِقْتُ بإِنسان لَقِيَ مني شَرّاً فقد أَعْقَبْتُ اليومَ ورَجَعْتُ أَي أَعْقَبْتُ منه ضَعْفاً وقالوا العُقْبَى إِلى اللّه أَي المَرْجِعُ والعَقْبُ الرُّجُوع قال ذو الرمة
كأَنَّ صِياحَ الكُدْرِ يَنْظُرْنَ عَقْبَنا ... تَراطُنَ أَنْباطٍ عليه طَغَامُ
معناه يَنْتَظِرْنَ صَدَرَنا ليَرِدْنَ بَعْدَنا والمُعَقِّبُ المُنْتَظِرُ والمُعَقِّبُ الذي يغْزُو غَزوةً بعد غَزْوةٍ ويَسير سَيْراً بعدَ سيرٍ ولا يُقِيمُ في أَهله بعد القُفُولِ وعَقَّبَ بصلاةٍ بعدَ صلاةٍ وغَزاةٍ بعد غزاةٍ وَالى وفي الحديث وإِنَّ كلَّ غازيةٍ غَزَتْ يَعْقُبُ بعضُها بعضاً أَي يكونُ الغَزوُ بينهم نُوَباً فإِذا خَرَجَتْ طائفةٌ ثم عادت لم تُكَلَّفْ أَن تَعودَ ثانيةً حتى تَعْقُبَها أُخْرى غيرُها ومنه حديث عمر أَنه كان يُعَقِّبُ الجيوشَ في كل عام وفي الحديث ما كانتْ صلاةُ الخَوْفِ إِلا سَجْدَتَيْن إِلا أَنها كانت عُقَباً أَي تُصَلي طائفةٌ بعد طائفة فهم يَتَعاقبُونَها تَعاقُبَ الغُزاةِ ويقال للذي يغْزو غَزْواً بعدَ غَزْوٍ وللذي يتقاضَى الدَّيْنَ فيعودُ إِلى غريمه في تقاضيه مُعَقِّبٌ وأَنشد بيت لبيد طَلَبُ المُعَقِّبِ حَقَّه المَظْلومُ والمُعَقِّبُ الذي يَكُرُّ على الشيءِ ولا يَكُرُّ أَحدٌ على ما أَحكمَه اللّهُ وهو قول سلامة بن جَنْدل [ ص 615 ] إِذا لم يُصِبْ في أَوَّلِ الغَزْوِ عَقَّبا أَي غَزا غَزوةً أُخْرى وعَقَّبَ في النافِلَةِ بعدَ الفَريضَةِ كذلك وفي حديث أَبي هريرة كان هو وامرأَته وخادِمُه يَعْتَقِبونَ الليل أَثلاثاً أَي يَتَناوَبُونه في القيام إِلى الصلاة وفي حديث أَنس بن مالك أَنه سُئِلَ عن التَّعْقِيبِ في رَمَضانَ فأَمَرَهم أَن يُصَلُّوا في البُيوت وفي التهذيب فقال إِنهم لا يَرْجِعُون إِلا لخير يَرْجُونَه أَو شَرٍّ يَخافُونَه قال ابن الأَثير التَّعْقِيبُ هو أَن تَعْمَلَ عَمَلاً ثم تَعُودَ فيه وأَراد به ههنا صلاةَ
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه النافلة بعد التراويح فكَرِهَ أَن يُصَلُّوا في المسجد وأَحَبَّ أَن يكون ذلك في البيوت وحكى الأَزهري عن إِسحق بن راهويه إِذا صَلَّى الإِمامُ في شهر رمضان بالناس تَرْويحةً أَو تَرويحتين ثم قام الإِمام من آخر الليل فأَرسل إِلى قوم فاجْتمعوا فصَلى بهم بعدما ناموا فإِن ذلك جائز إِذا أَراد به قيامَ ما أُمِرَ أَن يُصَلى من التَّرويح وأَقلُّ ذلك خَمْسُ تَرويحات وأَهلُ العراق عليه قال فاما أَن يكون إِمام صلى بهم أَوَّلَ الليل الترويحات ثمَّ رَجَعَ آخِرَ الليل ليُصليَ بهم جماعةً فإِن ذلك مكروه لما روي عن أَنس وسعيد بن جبير من كراهيتهما التَّعْقِيبَ وكان أَنس يأْمُرُهم أَن يُصَلُّوا في بُيوتهم وقال شمر التَّعْقِيبُ أَن يَعْمَلَ عَمَلاً من صلاة أَو غيرها ثم يعود فيه من يومه يقال عَقَّبَ بصلاة بعد صلاة وغزوة بعد غزوة قال وسمعت ابن الأَعرابي يقول هو الذي يفعلُ الشيءَ ثم يَعُود إِليه ثانيةً يقال صَلى من الليل ثم عَقَّبَ أَي عاد في تلك الصلاة وفي حديث عمر أَنه كان يُعَقِّبُ الجُيوشَ في كل عام قال شمر معناه أَنه يَرُدُّ قوماً ويَبْعَثُ آخرين يُعاقِبُونَهم يقال عُقِّبَ الغازيةُ بأَمثالهم وأُعْقِبُوا إِذا وُجِّه مكانَهم غيرُهم والتَّعْقِيبُ أَن يَغْزُوَ الرجلُ ثم يُثَنِّي من سَنَته قال طفيل يصف الخيل
طِوالُ الهَوادي والمُتُونُ صَلِيبةٌ ... مَغاويرُ فيها للأَميرِ مُعَقَّبُ
والمُعَقَّبُ الرجلُ يُخْرَجُ ( 1 )
( 1 قوله « والمعقب الرجل يخرج إلخ » ضبط المعقب في التكملة كمعظم وضبط يخرج بالبناء للمجهول وتبعه المجد وضبط في التهذيب المعقب كمحدّث والرجل يخرج بالبناء للفاعل وكلا الضبطين وجيه ) من حانةِ الخَمَّار إِذا دَخَلَها مَن هو أَعْظَمُ منه قدراً ومنه قوله
وإِنْ تَبْغِني في حَلْقةِ القَوْمِ تَلْقَني ... وإِنْ تَلْتَمِسْني في الحَوانِيتِ تَصْطَدِ
أَي لا أَكونُ مُعَقَّباً وعَقَّبَ وأَعْقَبَ إِذا فَعَلَ هذا مرَّةً وهذا مَرَّةً والتَّعْقِيبُ في الصَّلاةِ الجلوسُ بعد أَن يَقْضِيَها لدُعاءٍ أَو مَسْأَلة وفي الحديث من عَقَّبَ في صلاة فهو في الصلاةِ وتَصَدَّقَ فلانٌ بصَدقةٍ ليس فيها تَعْقِيبٌ أَي استثناء وأَعْقَبَه الطائفُ إِذا كان الجُنُون يُعاوِدُه في أَوْقاتٍ قال امرؤُ القيس يصف فرساً
ويَخْضِدُ في الآريّ حَتى كأَنَّه ... به عُرَّةٌ أَو طائفٌ غيرُ مُعْقِبِ
وإِبلٌ مُعاقِبةٌ تَرْعَى مرةً في حَمْضٍ ومرةً في خُلَّةٍ وأَما التي تَشْرَبُ الماءَ ثم تَعُودُ إِلى المَعْطَنِ ثم تَعُودُ إِلى الماءِ فهي العواقِبُ عن ابن الأَعرابي وعَقَبَتِ الإِبلُ من مكانٍ إِلى مكانٍ تَعْقُبُ عَقْباً وأَعْقَبَتْ كلاهما تحوّلَتْ [ ص 616 ] منه إِليه تَرْعَى ابن الأَعرابي إِبلٌ عاقِبةٌ تَعْقُب في مَرْتَعٍ بعد الحَمْضِ ولا تكون عاقبةً إِلا في سنةٍ جَدْبة تأْكل الشَّجَر ثم الحَمْضَ قال ولا تكون عاقِبةً في العُشْبِ والتَّعاقُبُ الوِرْدُ مَرَّةً بعد مرة والمُعَقِّباتُ اللَّواتي يَقُمْنَ عند أَعْجازِ الإِبل المُعْتَرِكاتِ على الحَوْض فإِذا انصرفت ناقةٌ دخلت مكانَها أُخرى وهي الناظراتُ العُقَبِ والعُقَبُ نُوَبُ الوارِدَة تَرِدُ قِطْعةٌ فتَشْرَبُ فإِذا وَرَدَتْ قِطْعةٌ بعدها فشربت فذلك عُقْبَتُها وعُقْبَةُ الماشية في المَرْعَى أَن تَرْعَى الخُلَّةَ عُقْبةً ثم تُحَوَّل إِلى الحَمْضِ فالحَمْضُ عُقْبَتُها وكذلك إِذا حُوِّلَتْ من الحَمْض إِلى الخُلَّة فالخُلَّة عُقْبَتُها وهذا المعنى أَراد ذو الرمة بقوله يصف الظليم
أَلْهاهُ آءٌ وتَنُّومٌ وعُقْبَتُه ... من لائحِ المَرْوِ والمَرعى له عُقَبُ
وقد تقدّم والمِعْقَابُ المرأَة التي من عادتها أَن تَلِدَ ذكراً ثم أُنْثَى ونخلٌ مُعاقِبةٌ تَحْمِلُ عاماً وتُخْلِفُ آخر وعِقْبةُ القَمَرِ عَوْدَتُه بالكسر ويقال عَقْبةُ بالفتح وذلك إِذا غاب ثم طَلَع ابن الأَعرابي عُقْبَةُ القمر بالضم نَجْمٌ يُقارِنُ القَمَرَ في السَّنةِ مَرَّةً قال
لا تَطْعَمُ المِسْكَ والكافورَ لِمَّتُه ... ولا الذَّريرَةَ إِلا عُقْبةَ القَمَرِ
هو لبعض بني عامر يقول يَفْعَلُ ذلك في الحَوْلِ مَرَّةً ورواية اللحياني عِقْبَة بالكسر وهذا موضع نظر لأَن القمر يَقْطَعُ الفَلَك في كل شهر مرة وما أَعلم ما معنى قوله يُقارن القمر في كل سنة مرة وفي الصحاح يقال ما يَفْعَلُ ذلك إِلا عُقْبةَ القَمر إِذا كان يفعله في كل شهر مرةً والتَّعاقُبُ والاعْتِقابُ التَّداوُل والعَقِيبُ كلُّ شيءٍ أَعْقَبَ شيئاً وهما يَتَعاقَبانِ ويَعْتَقِبانِ أَي إِذا جاءَ هذا ذَهَب هذا وهما يَتَعاقَبانِ كلَّ الليل والنهار والليلُ والنهارُ يَتَعاقَبانِ وهما عَقيبان كلُّ واحدٍ منهما عَقِيبُ صاحبه وعَقِيبُك الذي يُعاقِبُك في العَمَل يَعْمَلُ مرَّةً وتَعْمَلُ أَنت مَرَّةً وفي حديث شُرَيْح أَنه أَبْطَلَ النَّفْحَ إِلا أَن تَضْرِبَ فتُعاقِبَ أَي أَبْطَلَ نَفْحَ الدابة برجلها وهو رَفْسُها كانَ لا يُلْزِمُ صاحِبَها شيئاً إِلا أَن تُتْبِعَ ذلك رَمْحاً وعَقَبَ الليلُ النهارَ جاءَ بعدَه وعاقَبه أَي جاءَ بعَقِبه فهو مُعاقِبٌ وعَقِيبٌ أَيضاً والتَّعْقِيبُ مثله وذَهَبَ فلانٌ وعَقَبَهُ فلانٌ بعدُ واعْتَقَبَه أَي خَلَفَه وهما يُعَقِّبانِه ويَعْتَقِبانِ عليه ويَتَعاقَبانِ يَتَعاونانِ عليه وقال أَبو عمرو النَّعامَةُ تَعْقُبُ في مَرْعًى بعد مَرْعًى فمرَّةً تأْكل الآءَ ومَرة التَّنُّوم وتَعْقُبُ بعد ذلك في حجارة المَرْوِ وهي عُقْبَته ولا يَغِثُّ عليها شيء من المَرْتَع وهذا معنى قول ذي الرمة
وعُقْبَتُه ... من لائِحِ المَرْوِ والمَرْعَى له عُقَبُ
وقد ذُكِرَ في صدر هذه الترجمة واعْتَقَبَ بخير وتَعَقَّبَ أَتى به مرَّةً بعد مرة وأَعْقَبه اللّهُ بإِحسانِه خَيْراً والاسم منه العُقْبَى [ ص 617 ] وهو شِبْهُ العِوَضِ واسْتَعْقَبَ منه خيراً أَو شَرّاً اعْتاضَه فأَعْقَبَه خَيْراً أَي عَوَّضَهُ وأَبدله وهو بمعنى قوله
ومَنْ أَطاعَ فأَعْقِبْه بطاعَتِه ... كما أَطاعَكَ وادْلُلْهُ على الرَّشَدِ
وأَعْقَبَ الرجلُ إِعْقاباً إِذا رَجَع من شَرٍّ إِلى خير واسْتَعْقَبْتُ الرجلَ وتَعَقَّبْتُه إِذا طَلَبْتَ عورته وعَثْرَته وتقول أَخَذْتُ من أَسِيري عُقْبةً إِذا أَخَذْتَ منه بَدَلاً وفي الحديث سَأُعْطيكَ منها عُقْبَى أَي بَدَلاً عن الإِبقاءِ والإِطلاق وفي حديث الضيافة فإِن لم يَقْرُوه فله أَن يُعْقِبَهُم بمثْل قِراهُ أَي يأْخذ منهم عِوَضاً عَمَّا حَرَمُوه من القِرَى وهذا في المُضْطَرِّ الذي لا يَجِدُ طعاماً ويخاف على نفسه التَّلَفَ يقال عَقَبَهم وعَقَّبهم مُشَدَّداً ومخففاً وأَعْقَبَهم إِذا أَخذ منهم عُقْبَى وعُقْبةً وهو أَن يأْخذ منهم بدلاً عما فاته وتَعَقَّبَ من أَمره نَدِمَ وتقول فعلتُ كذا فاعْتَقَبْتُ منه ندامة أَي وجدْتُ في عاقبته ندامة وأَعْقَبَ الرجلَ كان عَقِيبَه وأَعْقَبَ الأَمْرَ إِعْقاباً وعُقْباناً ( 1 )
( 1 قوله « وعقباناً » ضبط في التهذيب بضم العين وكذا في نسختين صحيحتين من النهاية ويؤيده تصريح صاحب المختار بضم العين وسكون القاف وضمها اتباعاً فانظر من أين للشارح التصريح بالكسر ولم نجد له سلفاً وكثيراً ما يصرح بضبط تبعاً لشكل القلم في نسخ كثيرة التحريف كما اتضح لنا بالاستقراء وبالجملة فشرحه غير محرر ) وعُقْبَى حسَنةً أَو سيئة وفي الحديث ما مِنْ جَرْعةٍ أَحْمَدَ عُقْبَى مِن جَرْعَةِ غَيْظٍ مَكْظُومَةٍ وفي رواية أَحمد عُقْباناً أَي عاقبة وأُعْقِبَ عِزُّه ذُلاًّ أُبْدِلَ قال
كم من عزيزٍ أُعْقِبَ الذُّلَّ عِزُّه ... فأَصْبَحَ مَرْحُوماً وقد كان يُحْسَدُ
ويقال تَعَقَّبْتُ الخَبَرَ إِذا سأَلتَ غيرَ من كنتَ سأَلته أَوَّل مرة ويقال أَتَى فلانٌ إِليَّ خيراً فعَقَبَ بخير منه وأَنشد فَعَقَبْتُم بذُنُوبٍ غيرَ مَرّ ويقال رأَيتُ عاقبةً من طَيْر إِذا رأَيتَ طَيْراً يَعْقُبُ بعضُها بعضاً تَقَعُ هذه فتطير ثم تَقَعُ هذه مَوْقِعَ الأُولى وأَعْقَبَ طَيَّ البئر بحجارة من ورائها نَضَدَها وكلُّ طريق بعضُه خلف بعضٍ أَعْقابٌ كأَنها مَنْضُودة عَقْباً على عَقْبٍ قال الشماخ في وَصْفِ طرائقِ الشَّحْمِ على ظهر الناقة
إِذا دَعَتْ غَوْثَها ضَرَّاتُها فَزِعَتْ ... أَعقابُ نَيٍّ على الأَثْباجِ مَنْضُودِ
والأَعْقابُ الخَزَفُ الذي يُدْخَلُ بين الآجُرِّ في طَيِّ البئر لكي يَشْتَدَّ قال كُراع لا واحد له وقال ابن الأَعرابي العُقابُ الخَزَفُ بين السافات وأَنشد في وصف بئر ذاتَ عُقابٍ هَرِشٍ وذاتَ جَمّ ويُروى وذاتَ حَمّ أَراد وذاتَ حَمْءٍ ثم اعْتَقَدَ إِلْقاءَ حركة الهمزة على ما قبلها فقال وذاتَ حَمّ وأَعقابُ الطَّيِّ دوائرُه إِلى مؤَخَّره وقد عَقَّبْنا الرَّكِيَّةَ أَي طوَيْناها بحَجَر من وراءِ حجر والعُقابُ حجر يَسْتَنْثِلُ على الطَّيِّ في البئر أَي يَفْضُل وعَقَبْتُ الرجلَ أَخذتُ من ماله مثلَ ما أَخَذَ [ ص 618 ] مني وأَنا أَعْقُب بضم القاف ويقال أَعْقَبَ عليه يَضْرِبُه وعَقَبَ الرَّجُلَ في أَهله بغاه بشَرٍّ وخَلَفَه وعَقَبَ في أَثر الرجل بما يكره يَعْقُبُ عَقْباً تناوله بما يكره ووقع فيه والعُقْبةُ قدرُ فَرسخين والعُقْبَةُ أَيضاً قَدْرُ ما تَسِيرُه والجمعُ عُقَبٌ قال خَوْداً ضِناكاً لا تَسِير العُقَبا أَي إِنها لا تَسير مع الرجال لأَنها لا تَحْتَملُ ذلك لنَعْمتها وتَرَفِها كقول ذي الرمة
فلم تَسْتَطِعْ مَيٌّ مُهاواتَنا السُّرَى ... ولا لَيْلَ عِيسٍ في البُرِينَ خَواضِعُ
والعُقْبةُ الدُّولةُ والعُقْبةُ النَّوْبةُ تقول تَمَّتْ عُقْبَتُكَ والعُقبة أَيضاً الإِبل يَرْعاها الرجلُ ويَسْقيها عُقْبَتَه أَي دُولَتَه كأَنَّ الإِبلَ سميت باسم الدُّولَة أَنشد ابن الأَعرابي
إِنَّ عليَّ عُقْبَةً أَقْضِيها ... لَسْتُ بناسِيها ولا مُنْسِيها
أَي أَنا أَسُوقُ عُقْبَتِي وأُحْسِنُ رَعْيَها وقوله لستُ بناسِيها ولا مُنْسِيها يقول لستُ بتاركِها عَجْزاً ولا بِمُؤَخِّرِها فعلى هذا إِنما أَراد ولا مُنْسِئِها فأَبدل الهمزةَ ياء لإِقامة الرِّدْفِ والعُقْبةُ الموضع الذي يُرْكَبُ فيه وتَعاقَبَ المُسافرانِ على الدابة رَكِبَ كلُّ واحد منهما عُقْبةً وفي الحديث فكان الناضِحُ يَعْتَقِبُه مِنَّا الخَمْسةُ أَي يَتَعاقَبُونه في الرُّكوبِ واحداً بعدَ واحدٍ يُقال جاءَتْ عُقْبةُ فلانٍ أَي جاءَتْ نَوْبَتُه ووقتُ رُكوبه وفي الحديث مَنْ مَشى عن دابته عُقْبةً فله كذا أَي شَوْطاً ويُقال عاقَبْتُ الرجلَ مِن العُقْبة إِذا راوَحْتَه في عَمل فكانت لك عُقْبةٌ وله عُقْبةٌ وكذلك أَعْقَبْتُه ويقول الرجل لزَمِيله أَعْقِبْ وعاقِبْ أَي انْزِلْ حتى أَرْكَبَ عُقْبتِي وكذلك كلُّ عَمل ولما تَحَوَّلَتِ الخِلافةُ إِلى الهاشميين عن بني أُمَيَّة قال سُدَيْفٌ شاعرُ بني العباسِ أَعْقِبِي آلَ هاشِمٍ يا مَيَّا يقول انْزِلي عن الخِلافةِ حتى يَرْكَبَها بَنُو هاشم فتكون لهم العُقْبةُ عليكم واعْتَقَبْتُ فلاناً من الرُّكُوبِ أَي نَزَلْتُ فرَكِبَ وأَعْقَبْتُ الرجلَ وعاقَبْتُه في الراحلة إِذا رَكِبَ عُقْبةً ورَكِبْتَ عُقْبةً مثلُ المُعاقَبةِ والمُعاقَبةُ في الزِّحافِ أَن تَحْذِفَ حَرْفاً لثَباتِ حَرْفٍ كأَنْ تَحْذِفَ الياء من مفاعيلن وتُبْقي النونَ أَو تَحْذِفَ النون وتُبْقي الياء وهو يقع في جملة شُطُورٍ من شطور العَروض والعرب تُعْقِبُ بين الفاء والثاء وتُعاقِبُ مثل جَدَثٍ وجَدَفٍ وعاقَبَ رَاوَحَ بين رِجْليْه
وعُقْبةُ الطائر مسافةُ ما بين ارتفاعه وانْحطاطِه وقوله أَنشده ابن الأَعرابي
وعَرُوبٍ غَيْر فاحشةٍ ... قد مَلَكْتُ وُدَّها حِقَبا
ثم آلتْ لا تُكَلِّمُنا ... كلُّ حَيٍّ مُعْقَبٌ عُقَبا
معنى قوله مُعْقَبٌ أَي يصير إِلى غير حالته التي كانَ عليها وقِدْحٌ مُعَقَّبٌ وهو المُعادُ في الرِّبابة مَرَّةً بعد مَرَّة تَيمُّناً بفَوْزِه وأَنشد بمَثْنى الأَيادِي والمَنيحِ المُعَقَّبِ [ ص 619 ] وجَزُورٌ سَحُوفُ المُعَقَّب إِذا كان سميناً وأَنشد بجَلْمَة عَلْيانٍ سَحُوفِ المُعَقَّبِ وتَعَقَّبَ الخَبَر تَتَبَّعَه ويقال تَعَقَّبْتُ الأَمْرَ إِذا َدَبَّرْته والتَّعَقُّبُ التَّدَبُّرُ والنظرُ ثانيةً قال طُفَيْل الغَنَوِيّ
فلَنْ يَجدَ الأَقْوامُ فينا مَسَبَّةً ... إِذا اسْتَدْبَرَتْ أَيامُنا بالتَّعَقُّب
يقول إِذا تَعَقَّبوا أَيامَنا لم يَجِدُوا فينا مَسَبَّة ويقال لم أَجد عن قولك مُتَعَقَّباً أَي رُجوعاً أَنظر فيه أَي لم أُرَخِّصْ لنفسي التَّعَقُّبَ فيه لأَنْظُرَ آتِيه أَم أَدَعُه وفي الأَمر مُعَقَّبٌ أَي تَعَقُّبٌ قال طُفَيْل
مَغَاويرُ من آلِ الوَجِيهِ ولاحقٍ ... عَناجيجُ فيها للأَريبِ مُعَقَّبُ
وقوله لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِه أَي لا رادَّ لقضائِه وقوله تعالى وَلَّى مُدْبِراً ولم يُعَقِّبْ أَي لم يَعْطِفْ ولم يَنْتَظِرْ وقيل لم يمكُثْ وهو من كلام العرب وقال قتادة لم يَلْتَفِتْ وقال مجاهد لم يَرْجِعْ قال شمر وكُلُّ راجع مُعَقِّبٌ وقال الطرماح وإِنْ تَوَنَّى التَّالِياتُ عَقَّبا
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه أَي رَجَعَ واعْتَقَبَ الرجلَ خيراً أَو شرّاً بما صَنَع كافأَه به والعِقابُ والمُعاقَبة أَن تَجْزي الرجلَ بما فَعل سُوءًا والاسمُ العُقُوبة وعاقَبه بذنبه مُعاقَبة وعِقَاباً أَخَذَه به وتَعَقَّبْتُ الرجلَ إِذا أَخَذْتَه بذَنْبٍ كان منه وتَعَقَّبْتُ عن الخبر إِذا شَكَكْتَ فيه وعُدْتَ للسُّؤَال عنه قال
طُفَيل
تَأَوَّبَنِي هَمٌّ مع الليلِ مُنْصِبُ ... وجاءَ من الأَخْبارِ ما لا أُكَذِّبُ
تَتابَعْنَ حتى لم تَكُنْ لِيَ ريبةٌ ... ولم يَكُ عمَّا خَبَّرُوا مُتَعَقَّبُ
وتَعَقَّبَ فلانٌ رَأْيَه إِذا وَجَد عَاقِبَتَه إِلى خَيْر وقوله تعالى وإِنْ فاتكم شيءٌ من أَزواجكم إِلى الكفار فعَاقَبْتُم هكذا قرأَها مَسْرُوقُ بنُ الأَجْدَع وفَسَّرَها فَغَنِمْتم وقرأَها حُمَيْد فعَقَّبْتُم بالتشديد قال الفراء وهي بمعنى عَاقَبْتُم قال وهي كقولك تَصَعَّرَ وتَصَاعَرَ وتَضَعَّفَ وتَضَاعَفَ في ماضي فَعَلْتُ وفاعَلْتُ وقُرِئَ فعَقَبْتُم خفيفةً وقال أَبو إِسحق النحوي من قرأَ فَعاقَبْتُم فمعناه أَصَبْتُموهم في القتال بالعُقُوبة حتى غَنِمْتم ومن قرأَ فَعَقَبْتم فمعناه فَغَنمتم وعَقَّبْتُم أَجودُها في اللغة وعَقَبْتُم جَيِّدٌ أَيضاً أَي صارَتْ لكم عُقْبَى إِلا أَن التشديد أَبلغ وقال طرفة فَعَقَبْتُمْ بِذُنُوبٍ غَيْرَ مَرّ قال والمعنى أَن من مَضَت امرأَتُه منكم إِلى مَنْ لا عَهْدَ بينكم وبينه أَو إِلى مَنْ بينكم وبينه عهدٌ فنَكَثَ في إِعْطاءِ المَهْرِ فغَلَبْتُمْ عليه فالذي ذهبت امرأَتُه يُعْطَى من الغنيمة المَهْرَ مِن غير أَن يُنْقَصَ من حَقِّهِ في الغنائم شيءٌ يُعْطَى حَقَّه كَمَلاً بعد إِخْراج مُهورِ النساء والعَقْبُ والمُعاقِبُ المُدْرِكُ بالثَّأْر وفي التنزيل العزيز وإِنْ عاقَبْتُم فَعاقِبُوا بمثل ما عُوقِبْتُم به وأَنشد ابن الأَعرابي
ونَحْنُ قَتَلْنا بالمَخارِقِ فارساً ... جَزاءَ العُطاسِ لا يَمُوتُ المُعاقِبُ
أَي لا يَمُوتُ ذِكْرُ ذلك المُعاقِبِ بعد موته [ ص 620 ] وقوله جَزَاءَ العُطاسِ أَي عَجَّلْنا إِدْراكَ الثَّأْرِ قَدْرَ ما بين التشميت والعُطاسِ وعن الأَصمعي العَقْبُ العِقَابُ وأَنشد لَيْنٌ لأَهْلِ الحَقِّ ذُو عَقْبٍ ذَكَرْ ويُقال إِنه لَعَالِم بعُقْمَى الكلام وعُقْبَى الكلام وهو غامضُ الكلام الذي لا يعرفه الناس وهو مثل النوادر وأَعْقَبه على ما صَنَع جازاه وأَعْقَبه بطاعته أَي جازاه والعُقْبَى جَزاءُ الأَمر وعُقْبُ كُلِّ شيء وعُقْباه وعُقْبانُه وعاقِبَتُه خاتِمتُه والعُقْبى المَرْجِعُ وعَقَبَ الرجلُ يَعْقُبُ عَقْباً طَلب مالاً أَو غيره ابن الأَعرابي المِعْقَبُ الخِمار وأَنشد كمِعْقَبِ الرَّيْط إِذْ نَشَّرْتَ هُدَّابَهْ قال وسُمِّيَ الخِمار مِعْقَباً لأَنه يَعْقُبُ المُلاءة يكون خَلَفاً مِنْها والمِعْقَبُ القُرْطُ والمِعْقَبُ السائِقُ الحاذِقُ بالسَّوْق والمِعْقَب بعير العُقَبِ والمِعْقَبُ الذي يُرَشَّحُ للخِلافة بعد الإِمام والمُعْقِبُ النَّجْمُ ( 1 )
( 1 قوله « والمعقب النجم إلخ » ضبط في المحكم كمنبر وضبط في القاموس كالصحاح بالشكل كمحسن اسم فاعل )
الذي يَطْلعُ فيَرْكَبُ بطُلُوعه الزَّميلُ المُعاقِبُ ومنه قول الراجز كأَنها بَيْنَ السُّجُوفِ مِعْقَبُ أَو شادِنٌ ذو بَهْجَةٍ مُرَبِّبُ أَبو عبيدة المِعْقَبُ نجْمٌ يَتَعاقَبُ به الزَّميلانِ في السفر إِذا غابَ نجمٌ وطَلَعَ آخَر رَكِبَ الذي كان يمشي وعُقْبَةُ القِدْرِ ما الْتَزَقَ بأَسْفَلِها من تابلٍ وغيره والعُقْبة مَرقَة تُرَدُّ في القِدْرِ المستعارة بضم العين وأَعْقَبَ الرجُلَ رَدَّ إِليه ذلك قال الكُمَيْت
وحارَدَتِ النُّكْدُ الجِلادُ ولم يكنْ ... لعُقْبةِ قِدْرِ المُستَعِيرين مُعْقِبُ
وكان الفراء يُجيزها بالكسر بمعنى البَقِيَّة ومن قال عُقْبة بالضم جعله من الاعْتِقاب وقد جعلها الأَصمعي والبصريون بضم العين وقَرارَةُ القِدْرِ عُقْبَتُها والمُعَقِّباتُ الحَفَظةُ من قوله عز وجل له مُعَقِّباتٌ ( 2 )
( 2 قوله « له معقبات إلخ » قال في المحكم أي للإنسان معقبات أي ملائكة يعتقبون يأتي بعضهم بعقب بعض يحفظونه من أمر اللّه أي مما أمرهم اللّه به كما تقول يحفظونه عن أمر اللّه وبأمر اللّه لا أنهم يقدرون أن يدفعوا عنه أمر اللّه )
من بين يديه ومن خَلْفِه يَحْفَظونه والمُعَقِّبات ملائكةُ الليل والنهار لأَنهم يَتَعاقبون وإِنما أُنِّثَتْ لكثرة ذلك منها نحو نَسّابة وعَلاَّمةٍ وهو ذَكَرٌ وقرأ بعض الأَعراب له مَعاقِيبُ قال الفراء المُعَقِّباتُ الملائكةُ ملائكةُ الليلِ تُعَقِّبُ ملائكةَ النهار وملائكةُ النهار تُعَقِّبُ ملائكةَ الليل قال الأَزهري جعل الفراءُ عَقَّبَ بمعنى عاقَبَ كما يقال عاقَدَ وعَقَّدَ وضاعَفَ وضَعَّفَ فكأَنَّ ملائكة النهارِ تحفظ العباد فإِذا جاءَ الليل جاءَ معه ملائكة الليل وصَعِدَ ملائكةُ النهار فإِذا أَقبل النهار عاد من صَعِدَ وصَعِدَ ملائكةُ الليل كأَنهم جَعَلُوا حِفْظَهم عُقَباً أَي نُوَباً وكلُّ من عَمِلَ عَمَلاً ثم عاد إِليه فقد عَقَّبَ وملائكةٌ مُعَقِّبَةٌ ومُعَقِّباتٌ جمعُ الجمع وقول النبي صلى اللّه عليه وسلم مُعَقِّباتٌ لا يَخِيبُ قائلُهُنَّ وهو أَن يُسَبِّحَ في دُبر صلاته ثلاثاً وثلاثين تسبيحةً ويَحْمَده ثلاثاً وثلاثين تحميدةً ويكبره أَربعاً وثلاثين تكبيرة سُمِّيَتْ مُعَقِّباتٍ لأَنها [ ص 621 ] عادَتْ مرةً بعد مرة أَو لأَنها تُقال عَقِيبَ الصلاة وقال شمر أَراد بقوله مُعَقِّباتٌ تَسْبِيحات تَخْلُفُ بأْعْقابِ الناسِ قال والمُعَقِّبُ من كل شيءٍ ما خَلَفَ بِعَقِبِ ما قبله وأَنشد ابن الأَعرابي للنمر ابن تَوْلَبٍ
ولَسْتُ بشَيْخٍ قد تَوَجَّهَ دالفٍ ... ولكنْ فَتًى من صالحِ القوم عَقَّبا
يقول عُمِّرَ بعدَهم وبَقي والعَقَبة واحدة عَقَباتِ الجبال والعَقَبةُ طريقٌ في الجَبَلِ وَعْرٌ والجمع عَقَبٌ وعِقابٌ والعَقَبَة الجبَل الطويلُ يَعْرِضُ للطريق فيأْخُذُ فيه وهو طَويلٌ صَعْبٌ شديدٌ وإِن كانت خُرِمَتْ بعد أَن تَسْنَدَ وتَطُولَ في السماءِ في صُعود وهُبوط أَطْوَلُ من النَّقْبِ وأَصْعَبُ مُرْتَقًى وقد يكونُ طُولُهما واحداً سَنَدُ النَّقْبِ فيه شيءٌ من اسْلِنْقاء وسَنَدُ العَقَبة مُسْتَوٍ كهيئة الجِدار قال الأَزهري وجمع العَقَبَةِ عِقابٌ وعَقَباتٌ ويقال من أَين كانتْ عَقِبُكَ أَي من أَين أَقْبَلْتَ ؟ والعُقابُ طائر من العِتاقِ مؤنثةٌ وقيل العُقابُ يَقَع على الذكر والأُنثى إِلا أَن يقولوا هذا عُقابٌ ذكَر والجمع أَعْقُبٌ وأَعْقِبةٌ عن كُراع وعِقْبانٌ وعَقابينُ جمعُ الجمع قال عَقابينُ يومَ الدَّجْنِ تَعْلُو وتَسْفُلُ وقيل جمع العُقاب أَعْقُبٌ لأَنها مؤنثة وأَفْعُلٌ بناء يختص به جمعُ الإِناث مثل عَناقٍ وأَعْنُقٍ وذراع وأَذْرُعٍ وعُقابٌ عَقَنْباةٌ ذكره ابن سيده في الرباعي وقال ابن الأَعرابي عِتاقُ الطير العِقْبانُ وسِباعُ الطير التي تصيد والذي لم يَصِدْ الخَشاشُ وقال أَبو حنيفة من العِقبان عِقبانٌ تسمى عِقبانَ الجِرْذانِ ليست بسُودٍ ولكنها كُهْبٌ ولا يُنْتَفَعُ بريشها إِلاَّ أَن يَرْتاشَ به الصبيانُ الجمامِيحَ والعُقابُ الراية والعُقابُ الحَرْبُ عن كراع والعُقابُ عَلَم ضَخْمٌ وفي الحديث أَنه كان اسم رايته عليه السلام العُقابَ وهي العَلَمُ الضَّخْمُ والعرب تسمي الناقةَ السوداءَ عُقاباً على التشبيه والعُقابُ الذي يُعْقَدُ للوُلاة شُبِّهَ بالعُقابِ الطائر وهي مؤنثة أَيضاً قال أَبو ذؤيب
ولا الراحُ راحُ الشامِ جاءَتْ سَبِيئَةً ... لها غايةٌ تَهْدِي الكرامَ عُقابُها
عُقابُها غايَتُها وحَسُنَ تكرارُه لاختلاف اللفظين وجَمْعُها عِقْبانٌ والعُقابُ فرس مِرْداس بن جَعْوَنَةَ والعُقابُ صَخْرة ناتئةٌ ناشِزَةٌ في البئر تَخْرِقُ الدِّلاءَ وربما كانت من قِبَلِ الطَّيِّ وذلك أَن تَزُولَ الصَّخْرَةُ عن موضعها وربما قام عليها المُسْتَقي أُنثى والجمع كالجَمْعِ وقد عَقَّبها تَعْقِيباً سَوّاها والرجُل الذي يَنْزِلُ في البئر فيَرْفَعُها يقال له المُعَقِّبُ ابن الأَعرابي القَبِيلَة صَخْرَةٌ على رأْس البئر والعُقابانِ من جَنَبَتَيْها يَعْضُدانِها وقيل العُقابُ صخرة ناتئة في عُرْضِ جَبل شِبْهُ مِرْقاة وقيل العُقابُ مَرْقًى في عُرْضِ الجَبَل والعُقابانِ خَشَبتان يَشْبَحُ الرجلُ بينهما الجِلْدَ والعُقاب خَيْطٌ صغيرٌ يُدْخَلُ في خُرْتَيْ حَلْقَةِ القُرْطِ يُشَدُّ به وعَقَبَ القُرْطَ شَدَّه بعَقَبٍ خَشْيةَ أَن يَزِيغَ قال سَيّارٌ الأَبانِيُّ [ ص 622 ]
كأَنَّ خَوْقَ قُرْطِها المَعْقوبِ ... على دَباةٍ أَو على يَعْسُوبِ
جَعلَ قُرْطَها كأَنه على دَباة لقِصَرِ عُنُقِ الدَّباة فوصَفَها بالوَقصِ والخَوْقُ الحَلْقَةُ واليَعْسوبُ ذكر النحل والدَّباةُ واحدةُ الدَّبى نَوْعٌ من الجَراد قال الأَزهري العُقابُ الخيطُ الذي يَشُدُّ طَرَفَيْ حَلْقَةِ القُرْط والمِعْقَبُ القُرْطُ عن ثعلب واليَعْقُوبُ الذَّكَرُ من الحَجَل والقَطَا وهو مصروف لأَنه عربيّ لم يُغَيَّرْ وإِن كان مَزيداً في أَوَّله فليس على وزن الفعل قال الشاعر عالٍ يُقَصِّرُ دونه اليَعْقُوبُ والجمع اليعاقيبُ قال ابن بري هذا البيت ذكره الجوهري على أَنه شاهد على اليَعْقُوبِ لذَكَر الحَجَل والظَّاهر في اليَعْقُوبِ هذا أَنه ذَكَر العُقاب مِثْل اليَرْخُوم ذَكَرِ الرَّخَم واليَحْبُورِ ذَكَرِ الحُبارَى لأَن الحَجَلَ لا يُعْرَفُ لها مِثلُ هذا العُلُوِّ في الطَّيران ويشهد بصحة هذا القول قول الفرزدق
يوماً تَرَكْنَ لإِبْراهِيمَ عافِيَةً ... من النُّسُورِ عليهِ واليَعاقيب
فذكر اجْتماعَ الطير على هذا القَتِيل من النُّسور واليَعاقيب ومعلوم أَن الحَجَلَ لا يأْكل القَتْلى وقال اللحياني اليَعْقُوبُ ذَكَرُ القَبْجِ قال ابن سيده فلا أَدْرِي ما عَنى بالقَبْجِ أَلحَجَلَ أَم القَطا أَم الكِرْوانَ والأَعْرَفُ أَن القَبْجَ الحَجَلُ وقيل اليَعاقِيبُ من الخَيل سميت بذلك تشبيهاً بيَعاقِيبِ الحَجَل لسُرْعتها قال سلامة بن جَنْدَل
وَلَّى حَثِيثاً وهذا الشَّيْبُ يَتْبَعُه ... لو كان يُدْرِكُه رَكْضُ اليعاقِيبِ ( 1 )
( 1 قوله « يتبعه » كذا في المحكم والذي في التهذيب والتكملة يطلبه وجوّز في ركض الرفع والنصب )
قيل يعني اليَعاقِيبَ من الخَيْل وقيل ذكور الحجَل
والاعْتِقابُ الحَبْسُ والمَنْعُ والتَّناوُبُ واعتَقَبَ الشيءَ حَبَسه عنده واعْتَقَبَ البائِعُ السِّلْعَة أَي حَبَسها عن المُشتري حتى يقبضَ الثمن ومنه قول إِبراهيم النَّخَعِيّ المُعْتَقِبُ ضامِنٌ لما اعْتَقَبَ الاعْتِقابُ الحَبس والمنعُ يريد أَنَّ البائع إِذا باع شيئاً ثم منعه المشتريَ حتى يَتْلَفَ عند البائع فقد ضَمِنَ وعبارة الأَزهري حتى تَلِفَ عند البائِع هَلكَ من ماله وضمانُه منه وعن ابن شميل يقال باعني فلانٌ سِلْعَةً وعليه تَعْقِبةٌ إِن كانت فيها وقد أَدْرَكَتْني في تلك السِّلْعة تَعْقِبَةٌ ويقال ما عَقَّبَ فيها فعليك في مالك أَي ما أَدركني فيها من دَرَكٍ فعليك ضمانُه وقوله عليه السلام لَيُّ الواجِد يُحِلُّ عُقُوبَتَهُ وعِرْضَه عُقُوبَتُه حَبْسُه وعِرْضُه شِكايتُه حكاه ابن الأَعرابي وفسره بما ذكرناه واعْتَقَبْتُ الرجُلَ حَبَسْتُه وعِقْبَةُ السَّرْو والجَمالِ والكَرَمِ وعُقْبَتُه وعُقْبُه كلُّه أَثَرهُ وهيئتُه وقال اللحياني أَي سِيماهُ وعلامته قال والكَسْرُ أَجْوَدُ ويُقال على فلان عِقْبةُ السَّرْوِ والجَمال بالكسر إِذا كان عليه أَثَرُ ذلك والعِقْبَةُ الوَشْيُ كالعِقْمةِ وزعم يَعْقُوبُ أَن الباءَ بدل من الميم وقال اللحياني العِقْبة ضَرْبٌ من ثِياب الهَوْدَجِ مُوَشًّى [ ص 623 ] ويُقال عَقْبة وعَقْمَة بالفتح والعَقَبُ العَصَبُ الذي تُعْمَلُ منه الأَوتار الواحدة عَقَبَةٌ وفي الحديث أَنه مضغ عَقَباً وهو صائم قال ابن الأَثير هو بفتح القاف العَصَبُ والعَقَبُ من كل شيءٍ عَصَبُ المَتْنَيْنِ والسّاقين والوَظِيفَين يَخْتَلِطُ باللحم يُمْشَقُ منه مَشْقاً ويُهَذَّبُ ويُنَقَّى من اللحم ويُسَوَّى منه الوَتَر واحدته عَقَبةٌ وقد يكون في جَنْبَيِ البعير والعَصَبُ العِلْباءُ الغليظ ولا خير فيه والفرق بين العَقَبِ والعَصَبِ أَن العَصَبَ يَضْرِبُ إِلى الصُّفْرَة والعَقَب يَضْرِبُ إِلى البياض وهو أَصْلَبُها وأَمْتَنُها وأَما العَقَبُ مُؤَخَّرُ القَدَم فهو من العَصَب لا من العَقَب وقال أَبو حنيفة قال أَبو زياد العَقَبُ عَقَبُ المَتْنَيْنِ من الشاةِ والبَعيرِ والناقة والبقرة وعَقَبَ الشيءَ يَعْقِبه ويَعْقُبه عَقْباً وعَقَّبَه شَدَّه بعَقَبٍ وعَقَبَ الخَوْقَ وهو حَلْقَةُ القُرْطِ يَعْقُبُه عَقْباً خافَ أَن يَزيغَ فَشَدَّه بعَقَبٍ وقد تقدَّم أَنه من العُقاب وعَقَبَ السَّهْمَ والقِدْحَ والقَوْسَ عَقْباً إِذا لَوَى شيئاً من العَقَبِ عليه قال دُرَيْدُ بنُ الصِّمَّةِ
وأَسْمَرَ من قِداحِ النَّبْعِ فَرْعٍ ... به عَلَمانِ من عَقَبٍ وضَرْسِ
( يتبع )

( ( ) تابع 3 ) عقب عَقِبُ كُلِّ شيءٍ وعَقْبُه وعاقِبتُه وعاقِبُه وعُقْبَتُه قال ابن بري صوابُ هذا البيت وأَصْفَرَ من قِداحِ النَّبْعِ لأَنَّ سهام المَيْسِرِ تُوصَفُ بالصُّفرة كقول طرفة
وأَصفَرَ مَضبُوحٍ نَظَرْتُ حُوارَه ... على النار واستَودَعتُهُ كَفَّ مُجمِدِ
وعَقَبَ قِدْحَه يَعقُبه عَقْباً انكَسرَ فَشَدَّه بعَقَبٍ وكذلك كلُّ ما انكَسَر فشُدَّ بعَقَبٍ وعَقَبَ فلانٌ يَعقُبُ عَقْباً إِذا طَلَب مالاً أَو شيئاً غيره وعَقِبَ النَّبْتُ يَعقَبُ عَقَباً دَقَّ عُودُه واصفَرَّ وَرقُه عن ابن الأَعرابي وعَقَّبَ العَرفَجُ إِذا اصفَرَّتْ ثمرته وحان يُبسه وكل شيء كانَ بعد شيء فقد عَقَبه وقال
عَقَبَ الرَّذاذُ خِلافَهُم فكأَنما ... بَسَطَ الشَّواطِبُ بينهنَّ حَصيرا
والعُقَيب مخفف الياء موضع وعَقِبٌ موضِعٌ أَيضاً وأَنشد أَبو حنيفة
حَوَّزَها من عَقِبٍ إِلى ضَبُع ... في ذَنَبانٍ ويَبِيسٍ مُنْقَفِعْ
ومُعَقِّبٌ موضع قال
رَعَتْ بمُعَقِّب فالبُلْقِ نَبْتاً ... أَطارَ نَسِيلَها عنها فَطارا
والعُقَّيْبُ طائر لا يُستعمل إِلاّ مصغراً وكَفْرُتِعْقابٍ وكفرُعاقِبٍ موضعان ورجل عِقَّبانٌ غليظٌ عن كراع قال والجمع عِقْبانٌ قال ولست من هذا الحرف على ثِقَة ويَعْقُوب اسم إِسرائيل أَبي يوسف عليهما السلام لا ينصرف في المعرفة للعجمة والتعريف لأَنه غُيِّرَ عن جهته فوقع في كلام العرب غير معروفِ المذهب وسُمِّيَ يَعْقُوبُ بهذا الاسم لأَنه وُلِدَ مع عِيصَوْ في بطن واحد وُلِدَ عِيصَوْ قبله ويَعْقُوبُ متعلق بعَقِبه خَرَجا معاً فعِيصَوْ أَبو الرُّوم قال اللّه تعالى في قصة إِبراهيم وامرأَته عليهما السلام فَبَشَّرْناها بإِسْحقَ ومن وَرَاءِ إِسْحقَ يَعْقُوبَ قُرِئَ يعقوبُ بالرفع وقُرِئَ يعقوبَ بفتح الباءِ فَمَنْ رَفَع فالمعنى ومن وراءِ إِسحق يعقوبُ مُبَشَّر بِهِ وَمَن فتح يعقوب فإِن أَبا زيد والأَخفش زعما أَنه منصوب وهو في موضِعِ الخفضِ عطفاً على [ ص 624 ] قوله بإِسحق والمعنى بشرناها بإِسحق ومِنْ وراءِ إِسحق بيعقوب قال الأَزهري وهذا غير جائز عند حُذَّاق النحويين من البصريين والكوفيين وأَما أَبو العباس أَحمد بن يحيى فإِنه قال نُصِبَ يعقوبُ بإِضمار فِعْلٍ آخر كأَنه قال فبشرناها بإِسحقَ ووهبنا لها من وراءِ إِسحق يعقوبَ ويعقوبُ عنده في موضع النصب لا في موضع الخفض بالفعل المضمر وقال الزجاج عطف يعقوب على المعنى الذي في قوله فبشرناها كأَنه قال وهبنا لها إِسحق ومِن وراءِ إِسحق يعقوبَ أَي وهبناه لها أَيضاً قال الأَزهري وهكذا قال ابن الأَنباري وقول الفراءِ قريب منه وقول الأَخفش وأَبي زيد عندهم خطأ ونِيقُ العُقابِ موضع بين مكة والمدينة ونَجْدُ العُقابِ موضع بدِمَشْق قال الأَخطل
ويامَنَّ عن نَجْدِ العُقابِ وياسَرَتْ ... بنا العِيسُ عن عَذْراءِ دارِ بني السَّحْبِ

( عقرب ) العَقْرَبُ واحدةُ العَقارِب من الهَوامِّ يكونُ للذكر والأُنثى بلفظ واحد والغالبُ عليه التأْنيث وقد يقال للأُنثى عَقْرَبة وعَقْرَباءُ ممدود غير مصروف والعُقْرُبانُ والعُقْرُبَّانُ الذَّكَرُ منها قال ابن جني لَكَ فيه أَمْران إِن شئتَ قلتَ إِنه لا اعْتِدادَ بالأَلف والنون فيه فيَبْقَى حينئذ كأَنه عُقْرُبٌّ بمنزلة قُسْقُبٍّ وقُسْحُبٍّ وطُرْطُبٍّ وإِن شئتَ ذهبتَ مَذْهَباً أَصْنَعَ من هذا وذلك أَنه قد جَرَتِ الأَلفُ والنونُ من حيثُ ذكرنا في كثير من كلامهم مُجْرَى ما ليس موجوداً على ما بَيَّنا وإِذا كان كذلك كانت الباءُ لذلك كأَنها حرفُ إِعراب وحرفُ الإِعراب قد يَلحقُه التثقيل في الوقف نحو هذا خالدّ وهو يَجْعَلّ ثم إِنه قد يُطْلَقُ ويُقَرُّ تثقيله عليه نحو الأَضْخَمّا وعَيْهَلّ فَكَأَنَّ عُقْرُباناً لذلك عُقْرُبٌ ثم لحقها التثقيل لتصَوُّرِ معنى الوقف عليها عند اعتقاد حذف الأَلف والنون من بعدها فصارت كأَنها عُقْرُبٌّ ثم لحقت الأَلف والنون فبقي على تثقيله كما بقي الأَضْخَمّا عند انطلاقه على تثقيله إِذْ أُجْرِيَ الوصلُ مُجْرَى الوقفِ فقيل عُقْرُبَّانٌ قال الأَزهري ذَكَرُ العَقارِبِ عُقْرُبانٌ مُخَفَّف الباء وأَرض مُعَقْرِبة بكسر الراءِ ذاتُ عَقارِبَ وكذلك مُثَعْلِبَةٌ ذاتُ ثَعالِبَ وكذلك مُضَفْدِعة ومُطَحْلِبة ومكانٌ مُعَقْرِبٌ بكسر الراء ذو عَقارِبَ وبعضهم يقول أَرضٌ مَعْقَرة كأَنه رَدَّ العَقْرَبَ إِلى ثلاثةِ أَحرف ثم بَنى عليه وعَيْشٌ ذو عَقارِبَ إِذا لم يكن سهلاً وقيل فيه شَرٌّ وخُشُونة قال الأَعْلم
حتى إِذا فَقَدَ الصَّبُو ... حَ يقولُ عيْشٌ ذو عَقارِبْ
والعَقارِبُ المِنَنُ على التشبيه قال النابغة
عليَّ لِعَمْرٍو نِعْمةٌ بعد نِعْمة ... لوالِدِه ليست بذاتِ عَقارِبِ
أَي هَنِيئة غيرُ ممْنُونةٍ والعُقْرُبَّانُ دُوَيبَّة تدخلُ الأُذُنَ وهي هذه الطويلة الصَّفْراء الكثيرة القوائم قال الأَزهري هو دَخَّالُ الأُذُنِ وفي الصحاح هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ وليس ذَنَبهُ كذَنَبِ العَقارِبِ قال إِياسُ بنُ الأَرَتِّ
كأَنَّ مَرْعَى أُمِّكُمْ إِذ غَدَتْ ... عَقْرَبةٌ يَكُومُها عُقْرُبان
ومَرْعَى اسم امِّهم ويُرْوى إِذ بَدَتْ رَوَى [ ص 625 ] ابن بري عن أَبي حاتم قال ليس العُقْرُبانُ ذَكَرَ العَقاربِ إِنما هو دابة له أَرْجُلٌ طِوالٌ وليس ذَنَبُه كذَنَبِ العَقارِبِ ويَكُومُها يَنكِحُها والعَقارِبُ النَّمائمُ ودَبَّتْ عَقارِبُه منه على المَثَل ويُقالُ للرجل الذي يَقترِضُ أَعراضَ الناسِ إِنه لتَدِبُّ عَقارِبُه قال ذو الإِصبَعِ العَدوانيُّ
تَسرِي عَقارِبه إِلَ ... يَّ ولا تَدِبُّ له عَقارِبْ
أراد ولا تَدِبُّ له مِني عَقَاربي وصُدْغٌ مُعَقْرَبٌ بفتح الراءِ أَي معطوف وشيءٌ مُعَقْرَبٌ مُعوَجٌّ وعَقَارِبُ الشِّتاءِ شدائدُه وأَفرده ابن بري في أَماليه فقال عَقرَبُ الشِّتاءِ صَوْلَتُه وشِدَّةُ بَرْدِهِ والعَقْرَبُ بُرْجٌ من بُرُوجِ السماءِ قال الأَزهري وله من المنازل الشَّوْلةُ والقَلْب والزُّبانى وفيه يقول ساجعُ العرب إِذا طَلَعت العَقرَب حَمِسَ المِذْنَب وقُرَّ الأَشْيَب وماتَ الجُنْدَب هكذا قاله الأَزهري في ترتيب المنازل وهذا عجيب والعَقرَبُ سَيرٌ مَضفُور في طَرَفِه إِبزيمٌ يُشَدُّ به ثَفَرُ الدابةِ في السَّرْجِ والعَقربة حديدة نحو الكُلاَّبِ تُعَلَّقُ بالسَّرْج والرَّحل وعَقرَبُ النَّعل سَيرٌ من سُيُوره وعَقرَبةُ النَّعلِ عَقدُ الشِّراكِ والمُعَقرَبُ الشديدُ الخَلْقِ المُجتَمِعُه وحِمار مُعَقْرَبُ الخَلْقِ مُلَزَّزٌ مُجتَمِع شديد قال العجاج عَرْدَ التراقي حَشْوَراً مُعَقرَبا
والعَقرَبة الأَمَة العاقِلةُ الخَدُومُ وعَقرَباءُ موضع
وعَقرَبُ بنُ أَبي عَقرَبٍ اسم رجل من تُجَّار المدينة مشهورٌ
بالمَطْلِ يُقال في المثل هو أَمْطَلُ من عَقرَبٍ وأَتجر من عَقربٍ حكى ذلك الزبيرُ بن بَكَّار وذكر أَنه عامَلَ الفَضْلَ بن عباس بن عُتْبة بن أَبي لَهَب وكان الفضلُ أَشَدَّ الناسِ اقتِضاءً وَذَكَر أَنه لَزِمَ بَيتَ عَقرَبٍ زماناً فلم يُعْطِهِ شيئاً فقال فيه
قد تَجِرَتْ في سُوقِنا عَقرَبٌ ... لا مَرْحَباً بالعَقْرَبِ التاجِرَهْ
كُلُّ عَدُوٍّ يُتَّقَى مُقْبِلا ... وعَقْرَبٌ يُخْشَى من الدَّابِرَه
إِنْ عادَتِ العَقْرَبُ عُدْنا لها ... وكانَتِ النَّعْلُ لها حاضِرَه
كُلُّ عَدُوٍّ كَيْدُه في اسْتِه ... فغَيْر مَخْشِيٍّ ولا ضائرَه

( عقنب ) عُقابٌ عَقَنْباةٌ وعَبَنْقاة وقَعَنْباة وبَعَنْقاة على القَلْبِ حديدةُ المَخالِبِ وفي التهذيب هي ذاتُ المَخالِبِ المُنْكَرةِ الخَبيثة قال الطِّرِمَّاحُ وقيل هو لجِرانِ العَوْدِ
عُقابٌ عَقَنْباةٌ كأَنَّ وَظِيفَها ... وخُرْطُومَها الأَعْلى بِنارٍ مُلَوَّحُ
وقيل هي السريعة الخَطْفِ المُنْكَرةُ وقال ابن الأَعرابي كلُّ ذلك على المبالغة كما قالوا أَسَدٌ أَسِدٌ وكَلْبٌ كَلِبٌ وقال الليث العَقَنْباةُ الداهِيةُ من العِقْبان وجَمْعُه عَقَنْبَيات

( عكب ) العَكَبُ تَداني أَصابِعِ الرِّجْلِ بعضِها إِلى بَعْضٍ والعَكَبُ غِلَظٌ في لَحْيِ الإِنسان وشَفته وأَمةٌ عَكْباءُ عِلْجةٌ جافِيةُ الخَلْقِ من آمٍ عُكُبٍ [ ص 626 ] وعَكَبَتِ الطيرُ تَعْكُبُ عُكُوباً عَكَفَتْ وعَكَبَتِ القِدْرُ تَعْكُبُ عُكُوباً إِذا ثارَ عُكَابُها وهو بُخارُها وشِدَّةُ غَلَيانِها وأَنشد
كأَنَّ مُغِيراتِ الجُيُوشِ التَقَتْ بها ... إِذا اسْتَحْمَشَتْ غَلْياً وفاضَتْ عُكُوبُها
والعُكَابُ الدُّخَانُ والعَكْبُ الغُبارُ ومِنْه قيل لِلأَمةِ عَكْباء والعَكُوبُ والعَكُّوبُ بالفتح الغُبار قال بِشْرُ بنُ أَبي خازِمٍ
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها ... على كُلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عَكُوبُها
والمَعْلُوبُ الطريقُ الذي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْهِ والعاكُوبُ لغة فيه عن الهَجَرِيِّ وأَنشد
وإِنْ جاءَ يوماً هاتِفٌ مُتَنَجِّدُ ... فَلِلْخَيْلِ عاكوبٌ من الضَّحْلِ سانِدُ
والعاكِبُ كالعَكُوب قال
جاءَتْ مَعَ الرَّكْبِ لها ظَباظبُ ... فَغَشِيَ الذَّادَة منها عاكِبُ
واعْتَكَبَ المكانُ ثار فيه العَكُوبُ والعاكِبُ من الإِبل الكثيرةُ وللإِبل عُكُوبٌ على الحَوْضِ أَي ازدحام واعْتَكَبَتِ الإِبل اجتمعت في موضع فأَثارَتْ الغُبار فيه قال
إِنّي إِذا بَلَّ النَّفِيُّ غارِبي ... واعْتَكَبَتْ أَغْنَيْتُ عنكَ جانِبي
والعاكِبُ الجمعُ الكثير والعُكُوبُ عُكُوفُ الطير المجتمعة وعُكُوبُ الوِرْدِ وعُكُوبُ الجماعَةِ وعَكَفَتِ الخيلُ عُكوفاً وعَكَبَتْ عُكُوباً بمعنًى واحد وطير عُكُوبٌ وعُكُوفٌ وأَنشد الليث لمُزاحم العُقَيْلِيّ
تَظَلُّ نُسُورٌ من شَمَامٍ عليهمُ ... عُكُوباً مع العِقْبانِ عِقْبانِ يَذْبُلِ
قال والباء لغة بني خَفَاجَة من بني عُقَيْل والبيتُ لمُزَاحِم العُقَيْلي ابن الأَعرابي غلام عَصْبٌ وعَضْبٌ بالصاد والضاد وَعَكْبٌ إِذا كانَ خَفيفاً نَشيطاً في عَمَله والعِكَابُ والعُكْبُ والأَعْكُبُ كله اسم لجمع العَنْكَبُوتِ وليس بجَمْع لأَن العَنْكَبُوتَ رباعِيٌّ والعِكَبُّ الذي لأُمِّه زَوْجٌ ورجلٌ عِكَبٌّ مثال هِجَفّ أَي قَصير ضَخْمٌ جافٍ وكذلك الأَعْكَبُ والعِكَبُّ العِجْليُّ شاعر وعِكَبٌّ وعُكَابة اسمانِ وعُكَابة أَبو حيّ من بَكْرٍ وهو عُكَابة بن صَعْب بن عَليِّ بن بَكْرِ بن وائل وأَما قول المنخَّل اليَشْكُرِيّ
يُطَوِّفُ بي عِكَبٌّ في مَعَدٍّ ... ويَطْعُنُ بالصُّمُلَّةِ في قَفَيَّا
فهو عِكَبٌّ اللَّخْمِيُّ صاحبُ سِجْنِ النُّعْمان بن المنذر والعَكْبُ الشِّدَّةُ في الشَّرِّ والشَّيْطَنَةُ ومنه قيل للمارد من الجِنِّ والإِنس عِكَبٌّ وَوَجَدْتُ في بعض نسخ الصحاح المقروءة
على عدَّة مشايخ حاشيةً بخط بعض المشايخ وعِكَبٌّ اسم إِبليس ( 1 )
( 1 قوله « وعكب اسم ابليس » قال شارح القاموس وهو قول ابن الأعرابي نقله القزاز في جامعه وأنشد
رأيتك أكذب الثقلين رأياً ... أبا عمرو وأعصى من عكب
فليت اللّه أبدلني بزيد ... ثلاثة أعنز أو جرو كلب
ومثله قال ابن القطاع في كتاب الأوزان وفي بعض الأمثال من يطع عكباً يمس مكباً قاله شيخنا )
[ ص 627 ]

( عكدب ) قال الأَزهري ( 1 )
( 1 قوله « عكدب قال الأزهري إلخ » إن كان مراده في التهذيب كما هو المتبادر فليس فيه إلا كعدبة بتقديم الكاف بهذا المعنى ولم يتعرض لها أحد بتقديم العين أصلاً كالمجد تبعاً للمحكم والتكملة التابعة للأزهري وإن تعرّض لها شارح القاموس فهو مقلد لما وقع في اللسان من غير سلف ) يقال لبيْت العَنْكَبُوتِ العُكْدُبة

( عكشب ) الأَزهري عَكْبَشَهُ وعَكْشَبه شَدَّه وَثاقاً

( علب ) عَلِبَ النباتُ عَلَباً فهو عَلِبٌ جَسَأَ وفي الصحاح عَلِبَ بالكسر واسْتَعْلَبَ البَقْلَ وجَدَه عَلِباً واسْتَعْلَبَتِ الماشيةُ البَقْلَ إِذا ذَوَى فأَجَمَتْهُ واسْتَغْلَظَته وعَلِبَ اللحمُ عَلَباً واسْتَعْلَب اشْتَدَّ وغَلُظَ وعَلَبَ أَيضاً بالفتح يَعْلُبُ غَلُظَ وصَلُبَ ولم يكن رَخْصاً ولحمٌ عَلِبٌ وعَلْبٌ وهو الصُّلْبُ وعَلِبَ عَلَباً تَغَيَّرَتْ رائحتُه بعد اشتداده وعَلِبَتْ يَدُه غَلُظَتْ واسْتَعْلَبَ الجلدُ غَلُظَ واشْتدَّ والعَلِبُ المكانُ الغليظُ الشَّديدُ الذي لا يُنْبِتُ البَتَّةَ وفي التهذيب العِلْبُ من الأَرض المكانُ الغليظُ الذي لو مُطِرَ دهراً لم يُنْبِتْ خَضراء وكلّ موضع صُلْبٍ خَشنٍ من الأَرض فهو عِلْبٌ والاعْلِنْباءُ أَن يُشرِفَ الرَّجُلُ ويُشْخِصَ نفسَه كما يفعلُ عند الخُصومة والشَّتم يقال اعْلَنْبَى الديكُ والكلبُ والهِرُّ وغيرُها إِذا انتَفَشَ شَعَرُه وتَهَيَّأَ للشَّرِّ والقتال وقد يُهْمزُ وأَصله من عِلْباءِ العُنُق وهو مُلحَقٌ بافْعَنْلَلَ بياء والعُلْبُ والعَلِبُ الضَّبُّ الضَّخْمُ المُسِنُّ لشدَّته وتيْسٌ عَلِبٌ ووَعْلٌ عَلِبٌ أَي مُسِنٌّ جاسِئٌ ورجل عِلْبٌ جافٍ غَليظٌ ورجل عِلْبٌ لا يُطْمَع فيما عنده من كلمة أَو غيرها وإِنه لَعِلْبُ شَرٍّ أَي قويّ عليه كقولك إِنه لَحِكُّ شَرٍّ ويقال تَشَنَّجَ عِلْباءُ الرجُل إِذا أَسنَّ والعِلباءُ ممدود عَصَبُ العُنُق قال الأَزهري الغليظُ خاصة قال ابن سيده وهو العَقَبُ وقال اللحياني العِلْباءُ مذكر لا غير وهما عِلْباوانِ يميناً وشمالاً بينهما مَنْبِتُ العُنُق وإِن شئت قلت عِلْباءَان لأَنهما همزة مُلحقةٌ شُبهت بهمزة التأْنيث التي في حمراء أَو بالأَصلية التي في كساء والجمع العَلابيُّ وعَلَبَ السيفَ والسِّكِّينَ والرُّمْحَ يَعْلُبه ويَعْلِبُه عَلْباً فهو مَعْلُوبٌ وعَلَّبَه حَزَمَ مَقْبِضَه بعِلْباءِ البعير فهو مُعَلَّبٌ ومنه الحديث لقد فَتَحَ الفُتُوحَ قومٌ ما كانتْ حِلْية سُيُوفِهم الذَّهَبَ والفضةَ إِنما كانت حِلْيتُها العَلابيَّ والآنكَ هو جمعُ العِلْباء وهو العَصَبُ قال وبه سُمِّي الرجلُ عِلْباءً ابن الأَثير هو عَصَبٌ في العُنق يأْخذ إِلى الكاهل وكانت العربُ تَشُدُّ على أَجْفانِ سُيوفها العَلابيَّ الرَّطْبةَ فَتَجِفُّ عليها وتَشُدُّ بها الرِّماح إِذا تَصَدَّعَتْ فَتَيْبَسُ وتَقْوَى عليه ومنه قول الشاعر
فظَلَّ لثِيرانِ الصَّرِيم غَماغِمٌ ... يُدَعِّسُها بالسَّمْهَرِيِّ المُعَلَّبِ
ورمح مُعَلَّبٌ إِذا جُلِزَ ولُوِيَ بعَصَبِ العِلْباء قال القُتَيْبي وبلغني أَن العَلابيَّ الرَّصاصُ قال ولستُ منه على يقين قال الجوهري العَلابيُّ الرَّصاصُ أَو جنس منه قال الأَزهري ما علمت أَحداً قاله وليس بصحيح وفي حديث عُتْبة [ ص 628 ] كنت أَعْمِدُ إِلى البَضْعَةِ أَحْسِبُها سَناماً فإِذا هي عِلْباءُ عُنُقٍ وعَلِبَ البعيرُ عَلَباً وهو أَعْلَبُ وعَلِبٌ وهو داءٌ يأْخذه في عِلْباوَيِ العُنُقِ فتَرِمُ منه الرَّقَبةُ وتَنْحنِي والعِلابُ سمة في طُول العُنق على العِلْباءِ وناقة مُعَلَّبة وعَلْبَى عَبْدَه إِذا ثَقَبَ عِلْباءَه وجَعَل فيه خيطاً وعَلْبَى الرجلُ انْحَطَّ عِلْباواهُ كِبَراً قال
إِذا المَرْءُ عَلْبَى ثم أَصبَح جِلْدُه ... كرَحْضِ غَسيلٍ فالتَّيَمُّنُ أَرْوَحُ
التَّيَمُّنُ أَن يُوضَع على يمينه في القبر وعِلْباء اسم رجل سُمِّيَ بِعِلْباءِ العُنُق قال إِنّي لِمَنْ أَنْكرنِي ابنُ اليَثْرِبِ قَتَلْتُ عِلْباءً وهِنْدَ الجَملِ وابْناً لِصَوْحانَ على دِينِ علِي أَراد ابنَ اليَثْرِبِيِّ والجَمَلِيِّ وعلِيّ فخفف بحذف الياءِ الأَخيرة والعُلْبةُ قَدَحٌ ضخْم من جلود الإِبل وقيل العُلْبة من خشب كالقَدَحِ الضَّخْمِ يُحْلَبُ فيها وقيل إِنها كهيئةِ القَصْعَةِ مِن جِلد ولها طَوْق من خشب وقيل مِحْلَبٌ من جلد وفي حديث وفاة النبي صلى اللّه عليه وسلم وبين يديه رَكْوَة أَو عُلْبةٌ فيها ماءٌ العُلْبة قدحٌ من خشب وقيل من جلدٍ وخشبٍ يُحْلَبُ فيه ومنه حديث خالد أَعطاهم عُلْبَةَ الحالبِ أَي القَدَحَ الذي يُحْلَبُ فيه والجمعُ عُلَبٌ وعِلابٌ وقيل العِلابُ جِفانٌ تُحْلَبُ فيها الناقةُ قال
صاحِ يا صاحِ هل سمعْتَ بِراعٍ ... ردَّ في الضَّرْعِ ما قَرَى في العِلابِ ؟
ويُرْوى في الحِلاب والمُعَلِّب الذي يَتَّخِذُ العُلْبة قال الكُمَيْتُ يصف خيلاً
سَقَتْنا دِماءَ القَوْمِ طَوْراً وتارةً ... صَبُوحاً له أَقتارُ الجلُودِ المُعَلَّبِ ( 1 )
( 1 قوله « له أقتار الجلود المعلب » كذا أنشده في المحكم وضبط لام المعلب بالفتح والكسر )
قال الأَزهري العُلْبةُ جِلدة تُؤْخَذُ من جَنْبِ جِلْدِ البعير إِذا
سُلِخَ وهو فَطِيرٌ فتُسَوَّى مستديرةً ثم تُمْلأُ رَمْلاً سهلاً ثم تُضَمُّ أَطرافُها وتُخَلّ بخلالٍ ويُوكَى عليها مقبوضةً بحَبْل وتُتْرَكُ حتى تَجِفَّ وتَيْبَسَ ثم يُقْطَعُ رأْسُها وقد قامت قائمةً لجَفافِها تُشْبِه قصعةً مُدَوَّرَةً كأَنها نُحِتَتْ نَحْتاً أَو خُرِطَتْ خَرْطاً ويُعَلِّقُها الراعي والراكبُ فَيَحْلُب فيها ويَشْرَبُ بها وللبَدَوِيِّ فيها رِفْقُ خِفَّتِها وأَنها لا تنكسر إِذا حَرَّكها البعيرُ أَو طاحت إِلى الأَرض وعَلَبَ الشيءَ يَعْلُبه بالضم عَلْباً وعُلُوباً أَثَّرَ فيه ووسَمَه أَو خَدَشَه والعَلْبُ أَثَرُ الضَّرْبِ وغيره والجمع عُلُوبٌ يقال ذلك في أَثر المِيسَمِ وغيره قال ابن الرِّقاعِ يصف الرِّكاب
يَتْبَعْنَ ناجِيةً كأَنَّ بدَفِّها ... من غَرْضِ نَسْعَتِها عُلُوبَ مَواسِمِ
وقال طَرَفة
كأَنَّ عُلُوبَ النِّسْعِ في دَأَياتِها ... مَوارِدُ من خَلْقاءَ في ظَهر قَرْدَدِ
وكذلك التَّعْلِيبُ قال الأَزهَري العَلْبُ تأْثير كأَثرِ العِلابِ قال وقال شمر أَقْرَأَني ابن الأَعرابي لطُفَيْلٍ [ ص 629 ] الغَنَوِيّ
نهُوضٌ بأَشْناقِ الدِّياتِ وحَمْلِها ... وثِقْلُ الذي يَجْنِي بمَنْكِبِه لَعْبُ
قال ابن الأَعرابي لَعْبٌ أَراد به عَلْبٌ وهو الأَثَرُ وقال أَبو نصر يقول الأَمْرُ الذي يَجنِي عليه وهو بمنكبه خَفيفٌ وفي حديث ابن عمر أَنه رأَى رجُلاً بأَنْفه أَثر السُّجود فقال لا تَعْلُبْ صُورتَك يقول لا تُؤَثر فيها أَثراً بشِدّةِ اتِّكائِك على أَنفِك في السُّجود وطريقٌ مَعْلوبٌ لاحِبٌ وقيل أَثَّرَ فيه السابلةُ قال بشر
نَقَلْناهُمُ نَقْلَ الكِلابِ جِراءَها ... على كُلِّ مَعْلُوبٍ يَثُورُ عَكُوبُها
العَكوب بالفتح الغُبارُ يقول كنا مقتدرين عليهم وهم لنا أَذِلاَّء كاقتدار الكلاب على جرائها والمَعْلوبُ الطريق الذي يُعْلَبُ بجَنْبَتَيْه ومثله المَلْحُوبُ والعِلْبةُ غُصنٌ عظيم تُتَّخَذ منه مِقْطَرةٌ قال
في رِجْلِهِ عِلْبةٌ خَشْناءُ من قَرَظٍ ... قد تَيَّمَتْه فَبالُ المَرْءِ مَتْبُولُ
ابن الأَعرابي العُلَبُ جمع عُلْبة وهي الجَنْبة والدَّسْماءُ والسَّمْراءُ قال والعِلْبة والجمع عِلَبٌ أُبْنَةٌ غليظة من الشجر تُتَّخَذ منها المِقْطرة وقال أَبو زيد العُلُوبُ مَنابِتُ السِّدْرِ والواحِدُ عِلْبٌ وقال شمر يقال هؤُلاء عُلْبُوبةُ القومِ أَي خِيارُهم وعَلِبَ السيفُ عَلَباً تَثَلَّمَ حَدُّه والمَعْلُوب اسمُ سَيْفِ الحَرِثِ بن ظالم المُرِّيِّ صفةٌ لازمَة فإِما أَن يكون من العَلْبِ الذي هو الشَّدُّ وإِما أَن يكون من التَّثَلُّم كأَنه عُلِبَ قال الكميت
وسَيْفُ الحَرِث المَعْلُوبُ أَرْدَى ... حُصَيْناً في الجَبابِرة الرَّدِينا
ويقال إِنما سماه مَعْلُوباً لآثار كانت في مَتْنِه وقيل لأَنه كان انْحَنَى من كثرة ما ضَرَبَ به وفيه يقول أَنا أَبو لَيْلى وسَيْفِي المَعْلُوبْ وعِلْباءٌ اسم رجل قال امرؤُ القيس
وأَفْلَتَهُنَّ عِلْباءٌ جَرِيضاً ... ولو أَدْرَكْتُه صَفِرَ الوِطابُ
وعُلَيْبٌ وعِلْيَبٌ وادٍ معروفٌ على طريق اليمن وقيل موضع والضم أَعلى وهو الذي حكاه سيبويه وليس في الكلام فُعْيَلٌ بضم الفاءِ وتسكين العين وفتح الياء غيره قال ساعدةُ بنُ جُؤَيَّةَ
والأَثْل من سَعْيَا وحَلْيةَ مَنْزِلٍ ... والدَّوْمَ جاءَ به الشُّجُونُ فَعُلْيَبُ
واشْتَقَّه ابنُ جني من العَلْبِ الذي هو الأَثَرُ والحَزُّ وقال أَلا ترى أَن الوادِيَ له أَثَرٌ ؟

( علنب ) التهذيب في الخماسي اعْلَنْبأَ بالحِمْلِ أَي نَهَضَ به ابن سيده واعْلَنْبَى الديك والكلبُ والهِرُّ تَهَيَّأَ للشر وقد يهمز

( علهب ) العَلْهَبُ التَّيْسُ من الظباءِ الطويلُ القَرْنَيْن من الوَحْشيَّة والإِنْسِيَّة قال وعَلْهَباً من التُّيُوسِ عَلاَّ [ ص 630 ] عَلاًّ أَي عَظِيماً وقد وُصِفَ به الظَّبْيُ والثورُ الوَحْشِي وأَنشد الأَزهري مُوَشَّى أَكارِعُه عَلْهَبا والجمعُ عَلاهِبةٌ زادوا الهاءَ على حَدِّ القَشاعِمَةِ قال
إِذا قَعِسَتْ ظُهورُ بَناتِ تَيْمٍ ... تَكَشَّفُ عن عَلاهِبةِ الوُعُولِ
يقولُ بطونُهن مثل قُرونِ الوُعُول ابن شميل يقال للذكر من الظِّباء تَيْسٌ وعَلْهَبٌ وهَبْرَجٌ والعَلْهَبُ الرجلُ الطويلُ وقيل هو المُسِنُّ من الناس والظِّباءِ والأُنثى بالهاءِ

( عنب ) العِنَبُ معروف واحدتُه عِنَبة ويُجْمَعُ العِنبُ أَيضاً على أَعناب وهو العِنَباءُ بالمدّ أَيضاً قال تُطْعِمْنَ أَحياناً وحِيناً تَسْقِينْ العِنَباءَ المُتَنَقَّى والتِّينْ كأَنها من ثَمَر البساتِينْ لا عَيْبَ إِلاَّ أَنَّهنَّ يُلْهِينْ عن لَذَّةِ الدنيا وعن بعضِ الدِّينْ ولا نظير له إِلاَّ السِّيَراءُ وهو ضَرْبٌ من البرود هذا قول كراع قال الجوهري الحَبَّةُ من العِنَبِ عِنَبةٌ وهو بناء نادر لأَن الأَغْلَبَ على هذا البناء الجمعُ نحو قِرْد وقِرَدة وفِيلٍ وفِيَلة وثَوْر وثِوَرَة إِلاَّ أَنه قد جاءَ للواحد وهو قليل نحو العِنَبة والتِّوَلة والحِبَرة والطِّيبَة والخِيَرة والطِّيَرة قال ولا أَعرف غيره فإِن أَردتَ جمعَه في أَدنى العدد جمعته بالتاءِ فقلت عِنَبات وفي الكثير عِنَبٌ وأَعنابٌ والعِنَبُ الخَمْر حكاها أَبو حنيفة وزعم أَنها لغة يمانية كما أَنّ الخمرَ العِنَبُ أَيضاً في بعض اللغات قال الراعي في العنب التي هي الخمر
ونازَعَني بها إِخوانُ صِدْقٍ ... شِواءَ الطَّيْرِ والعِنَبَ الحَقِينَا
ورجل عَنَّابٌ يبيع العِنَب وعانِبٌ ذو عِنَب كما يقولون تامِرٌ ولابِنٌ أَي ذو لَبَن وتَمْر ورجل مُعَنَّبٌ بفتح النون طويل وإِذا كان القَطِرانُ غليظاً فهو مُعَنَّبٌ وأَنشد
لو أَنّ فيه الحَنْظَلَ المُقَشَّبا ... والقَطِرانَ العاتِقَ المُعَنَّبا
والعِنَبةُ بَثْرة تَخْرُجُ بالإِنسان تُعْدِي ( 1 )
( 1 قوله « تعدي » كذا بالمحكم بمهملتين من العدوى وفي شرح القاموس تغذي بمعجمتين من غذي الجرح إِذا سال ) وقال الأَزهري تَسْمَئِدُّ فتَرِمُ وتَمْتَلِئُ ماء وتُوجِع تأْخُذُ الإِنسانَ في عَيْنه وفي حَلْقه يقال في عينه عِنَبة والعُنَّابُ من الثَّمَر معروف الواحدة عُنَّابةٌ ويقال له السَّنْجَلانُ بلسان الفرس وربما سمي ثَمر الأَراك عُنَّاباً والعُنَّابُ العَبِيراءُ والعُنَابُ الجُبَيْلُ ( 2 )
( 2 قوله « والعناب الجبيل إلخ » هذا وما بعده بوزن غراب وما قبله بوزن رمان كما في القاموس وغيره ) الصغير الدقيقُ المنتصبُ الأَسْوَدُ والعُنَابُ النَّبكةُ الطويلةُ في السماءِ الفاردة المُحدَّدةُ الرأْس يكون أَسودَ وأَحمر وعلى كل لون يكون والغالبُ عليه السُّمْرة وهو جبلٌ طويل في السماءِ لا يُنْبت شيئاً مُسْتدير قال والعُنابُ واحدٌ قال ولا تَعُمّه أَي لا تَجْمعه ولو جَمَعْتَ لقلتَ العُنُب قال الراجز كَمَرَةٌ كأَنها العُنابُ [ ص 631 ]
والعُنَاب وادٍ والعُنَابُ جبل بطريق مكة قال المَرَّار
جَعَلْنَ يَمينَهُنّ رِعانَ حَبْسٍ ... وأَعْرَضَ عن شَمائِلها العُنَابُ ( 1 )
( 1 قوله « رعان حبس » بكسر الحاء وفتحها كما ضبط بالشكل في المحكم وبالعبارة في ياقوت وقال هو جبل لبني أسد ثم قال قال الأصمعي في بلاد بني أسد الحبس والقنان وأبان أي كسحاب فيهما إلى الرمة والحميان حمى ضرية وحمى الربذة والدو والصمان والدهناء في شق بني تميم فارجع إليه )
والعُنَابُ بالتخفيف الرجلُ العظيمُ الأَنْفِ قال
وأَخْرَقَ مَبْهُوتِ التَّراقِي مُصَعَّدِ ال ... بَلاعِيمِ رِخْوِ المَنْكِبَيْنِ عُنَاب
والأَعْنَبُ الأَنفُ الضَّخْم السَّمِجُ والعُنَابُ العَفَلُ وعُنابُ المرأَة بَظْرُها قال
إِذا دَفَعَتْ عنها الفَصيلَ برجْلِها ... بَدَا من فُروجِ البُرْدَتَيْنِ عُنابُها
وقيل هو ما يُقْطَعُ من البَظْرِ وظَبْيٌ عَنَبَانٌ نشيطٌ قال
كما رأَيتَ العَنَبانَ الأَشْعَبا ... يوماً إِذا رِيعَ يُعَنِّي الطَّلَبا
الطَّلَب اسمُ جمع طالبٍ وقيل العَنَبانُ الثَّقيلُ من الظِّباءِ فهو ضِدّ وقيل هو المُسِنُّ من الظِّباءِ ولا فعل لهما وقيل هو تَيْسُ الظِّباءِ وجمعُه عِنْبانٌ والعُنْبَبُ كثرةُ الماءِ وأَنشد ابن الأَعرابي
فَصَبَّحَتْ والشمسُ لم تَقَضَّبِ ... عَيْناً بغَضْيانَ ثَجُوجَ العُنْبَبِ
ويروى تُقَضِّبِ ويُرْوَى نَجُوج وعُنْبَبٌ موضع وقيل وادٍ ثلاثيٌّ عند سيبويه وحمله ابن جني على أَنه فُنْعَل قال لأَنه يَعُبُّ الماءَ وقد ذكر في عبب وعَنَّابٌ اسم رجل وعَنَّابُ بن أَبي حارثة ( 2 )
( 2 قوله « وعناب بن أبي حارثة » كذا في الصحاح أيضاً وقال الصاغاني هو تصحيف والصواب عتاب بمثناة فوقيه وتبعه المجد ) رجلٌ من طَيٍّ والعُنابةُ اسم موضع قال كثير عزة
وقُلْتُ وقد جَعَلْنَ بِراقَ بَدْرٍ ... يَميناً والعُنابةَ عن شِمالِ
وبئر أَبي عِنَبة بكسر العين وفتح النون وردت في الحديث وهي بئر معروفة بالمدينة عَرَضَ رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم أَصحابَه عندَها لمَّا سار إِلى بَدْرٍ وفي الحديث ذكر عُنابةَ بالتخفيف قارةٌ سوداءُ بين مكة والمدينة كان زينُ العابدين يسكنها

( عندب ) الأَزهري المُعَنْدِبُ الغَضْبانُ وأَنشد
لَعَمْرُكَ إِنِّي يومَ واجَهْتُ عِيرَها ... مُعِيناً لَرَجْلٌ ثابتُ الحِلْمِ كاملُه
وأَعرَضْتُ إِعراضاً جميلاً مُعَنْدِباً ... بعُنْقٍ كَشُعْرورٍ كثيرٍ مَواصِلُه
قال الشُّعْرورُ القِثَّاء وقالتِ الكِلابية المُعَنْدِبُ الغَضْبانُ قال وهي أَنشدتني هذا الشعر لعبد يُقال له وفِيقٌ

( عندلب ) العَنْدَلِيبُ طائرٌ يُصَوِّتُ أَلواناً وسنذكره في ترجمة عندل لأَنه رباعي عند الأَزهري

( عنظب ) الليث العُنْظُبُ الجَرادُ الذَّكَر الأَصمعي الذَّكَرُ من الجَراد هو الحُنْظُبُ والعُنْظُبُ [ ص 632 ] وقال الكسائي هو العُنْظُب والعُنْظَابُ والعُنْظُوبُ وقال أَبو عمرو هو العُنْظُبُ فأَما الحُنْظَبُ فذَكَرُ الخَنافس وقال اللحياني يقال عُنْظُبٌ وعُنْظَبٌ وعُنْظابٌ وعِنْظابٌ وهو الجراد الذكر وقد تقدّم في عظب

( عنكب ) العَنْكَبُوتُ دُوَيْبَّة تَنْسُجُ في الهواءِ وعلى رأْس البئر نَسْجاً رقيقاً مُهَلْهَلاً مؤَنثة وربما ذُكِّرت في الشعر قال أَبو النجم مما يُسَدِّي العَنْكَبُوتُ إِذ خَلا قال أَبو حاتم أَظنه إِذ خَلا المَكانُ والموضعُ وأَما قوله كأَنَّ نَسْجَ العَنْكَبُوتِ المُرْمِلِ
فإِنما ذَكَّره لأَنه أَراد النَّسْجَ ولكنه جَرَّه على الجِوارِ قال الفراء العَنْكَبُوت أُنثى وقد يُذَكِّرها بعض العرب وأَنشد قوله
على هَطَّالِهم منهم بُيوتٌ ... كأَنَّ العَنْكَبُوتَ هو ابْتَناها ( 1 )
( 1 قوله « على هطالهم » قال في التكملة هطال كشداد جبل )
قال والتأْنيث في العنكبوت أَكثر والجمع العَنْكبوتاتُ وعَنَاكِبُ وعَنَاكِيبُ عن اللحياني وتصغيرها عُنَيْكِبٌ وعُنَيْكِيبٌ وهي بلغة اليمن عَكَنْباةٌ قال
كأَنما يَسْقُطُ من لُغامِها ... بَيْتُ عَكَنْباةٍ على زِمامِها
ويقال لها أَيضاً عَنْكَباه وعَنْكَبُوه وحكى سيبويه عَنْكَباء مستشهداً على زيادة التاءِ في عَنْكَبُوتٍ فلا أَدري أَهو اسمٌ للواحد أَم للجمع وقال ابن الأَعرابي العَنْكَبُ الذَّكَرُ منها والعَنْكَبةُ الأُنثى وقيل العَنْكَبُ جنس العَنْكَبُوت وهو يذكر ويؤَنث أَعني العَنْكَبُوتَ قال المُبَرِّدُ العَنْكَبُوتُ أُنثى ويذكَّر والعَنْزَروت أُنثى ويذكر والبُرْغُوثُ أُنثى ولا يذكر وهو الجمل الذَّلول وقول ساعدة بن جؤَية
مَقَتَّ نِساءً بالحجاز صَوالِحاً ... وإِنَّا مَقَتْنا كلَّ سَوْداءَ عَنْكَبِ
قال السُّكَّرِيُّ العَنْكَبُ هنا القصيرة وقال ابن جني يجوز أَن يكون العَنْكَبُ ههنا هو العَنْكَبُ الذي ذكر سيبويه أَنه لغة في عَنْكَبُوت وذَكَر معه أَيضاً العَنْكَباء إِلاَّ أَنه وُصِفَ به وإِن كان اسماً لما كان فيه معنى الصفة من السَّوادِ والقِصَر ومثلُه من الأَسماءِ المُجْراة مُجْرَى الصفة قوله لَرُحْتَ وأَنتَ غِربالُ الإِهابِ والعنكبوت دودٌ يتولد في الشُّهْد ويَفْسُدُ عنه العَسل عن أَبي حنيفة الأَزهري يقال للتَّيْس إِنه لمُعَنْكَبُ القَرْنِ حتى صار كأَنه حَلْقةٌ والمُشَعْنَِبُ المُسْتقيم الفراء في قوله تعالى مَثَلُ الذين اتَّخَذوا من دون اللّه أَولياء كمَثل العنكبوت اتَّخَذَتْ بيتاً قال ضَرَبَ اللّهُ بيتَ العَنْكَبُوتِ مثلاً لِمَنِ اتَّخَذَ من دون اللّه وَليّاً أَنه لا ينفعُه ولا يضرُّه كما أَن بيت العنكبوت لا يَقيها حَرّاً ولا بَرْداً ويقال لبيتِ العنكبوتِ العُكْدُبةُ

( عهب ) عِهِبَّى المُلْكِ وعِهِبَّاؤُه زمانه وعِهِبَّى الشَّبابِ وعِهِبَّاؤُه شَرْخُه يقال أَتيته في رُبَّى شَبابه وحِدْثَى شَبابه وعِهِبَّى شَبابه وعِهِبَّاءِ [ ص 633 ] شبابِه بالمد والقصر أَي أَوّله وأَنشد
عَهْدي بسَلْمَى وهي لم تَزَوَّجِ ... على عِهِبَّى عَيْشِها المُخَرْفَجِ
أَبو عمرو يقال عَوْهَبَه وعَوْهَقَه إِذا ضَلَّله وهو العِيهابُ
والعِيهاقُ بالكسر أَبو زيد عَهِبَ الشيءَ وغَهِبَه بالغين المعجمة إِذا جَهِلَه وأَنشد
وكائنْ تَرَى من آمِلٍ جَمْعَ هِمَّةٍ ... تَقَضَّتْ لَيالِيه ولم تُقْضَ أَنْحُبُهْ
لُمِ المَرْءَ إِنْ جاءَ الإِساءة عامِداً ... ولا تُحْفِ لَوْماً إِن أَتى الذَّنْبَ يَعْهَبُهْ
أَي يَجْهَلُه وكأَنَّ العَيْهَبَ مأْخوذٌ من هذا وقال الأَزهري المعروف في هذا الغين المعجمة وسيُذكر في موضعه والعَيْهَبُ الضعيفُ عن طَلَبِ وِتْرِه وقد حكي بالغين المعجمة أَيضاً وقيل هو الثقيل من الرجال الوَخِمُ قال الشُّوَيْعِرُ
حَلَلْتُ به وِتْرِي وأَدْرَكْتُ ثُؤْرَتي ... إِذا ما تَناسَى ذَحْلَهُ كلُّ عَيْهَبِ
قال ابن بري الشُّوَيْعِرُ هذا محمد بن حُمْرانَ ابن أَبي حُمْران الجُعْفِيِّ وهو أَحد من سُمِّي في الجاهلية بمحمد وليس هو الشويعر الحنفي والشويعر الحنفي اسمه هانئ بن تَوبة الشَّيْباني وقد تكلمنا على المُحَمَّدِين في ترجمة حمد ورأَيت في بعض حواشي نسخ الصحاح الموثوق بها وكساءٌ عَيْهَبٌ أَي كثير الصُّوفِ

( عيب ) ابن سيده العَابُ والعَيْبُ والعَيْبَةُ الوَصْمة قال سيبويه أَمالوا العابَ تشبيهاً له بأَلف رَمَى لأَنها منقلبة عن ياء وهو نادر والجمع أَعْيابٌ وعُيُوبٌ الأَول عن ثعلب وأَنشد
كَيْما أَعُدَّكُمُ لأَبْعَدَ منكُمُ ... ولقد يُجاءُ إِلى ذوي الأَعْيابِ
ورواه ابن الأَعرابي إِلى ذوي الأَلباب والمَعابُ والمَعِيبُ العَيْبُ وقول أَبي زُبَيْدٍ الطَّائيّ
إِذا اللَّثى رَقَأَتْ بعدَ الكَرى وذَوَتْ ... وأَحْدَثَ الرِّيقُ بالأَفْواه عَيَّابا
يجوز فيه أَن يكون العَيَّابُ اسماً للعَيْبِ كالقَذَّافِ والجَبَّانِ ويجوز أَن يُريدَ عَيْبَ عَيَّابٍ فحَذَفَ المضاف وأَقام المضاف إِليه مُقامه وعابَ الشيءُ والحائِطُ عَيْباً صار ذا عَيْبٍ وعِبْتُه أَنا وعابه عَيْباً وعاباً وعَيَّبه وتَعَيَّبه نَسَبه إِلى العَيب وجعله ذا عَيْبٍ يَتَعَدَّى ولا يَتَعَدَّى قال الأَعشى
وليس مُجِيراً إِنْ أَتى الحَيَّ خائفٌ ... ولا قائِلاً إِلاَّ هُوَ المُتَعَيَّبا
أَي ولا قائلاً القولَ المَعِيبَ إِلاَّ هو وقال أَبو الهيثم في قوله تعالى فأَرَدْتُ أَن أَعِيبَها أَي أَجْعَلَها ذاتَ عَيْب يعني السفينةَ قال والمُجاوِزُ واللازم فيه واحد ورجل عَيَّابٌ وعَيَّابة وعُيَبة كثير العَيْبِ للناس قال
اسْكُتْ ولا تَنْطِقْ فأَنْتَ خَيّابْ ... كُلُّك ذو عَيْبٍ وأَنتَ عَيَّابْ
وأَنشد ثعلب
قال الجَواري ما ذَهَبْتَ مَذْهَبا ... وعِبْنَني ولم أَكُنْ مُعَيَّبا
[ ص 634 ] وقال
وصاحِبٍ لي حَسَنِ الدُّعابه ... ليس بذي عَيْبٍ ولا عَيَّابَه
والمَعايبُ العُيوبُ وشيءٌ مَعِيبٌ ومَعْيُوبٌ على الأَصل وتقول ما فيه مَعابة ومَعابٌ أَي عَيْبٌ ويقال موضعُ عَيْبٍ قال الشاعر
أَنا الرَّجُلُ الذي قد عِبْتُموه ... وما فيهِ لعَيَّابٍ مَعابُ
لأَن المَفْعَلَ من ذواتِ الثلاثة نحو كالَ يَكِيلُ إِن أُريد به الاسم مكسور والمصدرُ مفتوحٌ ولو فتحتَهما أَو كسرتَهما في الاسم والمصدر جميعاً لجازَ لأَن العرب تقول المَسارُ والمَسِيرُ والمَعاشُ والمَعِيشُ والمَعابُ والمَعِيبُ وعابَ الماءُ ثَقَبَ الشَّطَّ فخرج مُجاوزَه والعَيْبة وِعاءٌ من أَدَم يكون فيها المتاع والجمع عِيابٌ وعِيَبٌ فأَما عِيابٌ فعلى القياس وأَما عِيَبٌ فكأَنه إِنما جاءَ على جمع عِيبة وذلك لأَنه مما سبيله أَن يأْتي تابعاً للكسرة وكذلك كلُّ ما جاءَ من فعله مما عينه ياء على فِعَلٍ والعَيْبَةُ أَيضاً زَبِيل من أَدَم يُنْقَلُ فيه الزرعُ المحصودُ إِلى الجَرين في لغة هَمْدان والعَيْبَةُ ما يجعل فيه الثياب وفي الحديث أَنه أَمْلى في كتابِ الصُّلْح بينه وبين كفار أَهل مكة بالحُدَيْبية لا إِغْلالَ ولا إِسلالَ وبيننا وبينهم عَيْبةٌ مَكفوفةٌ قال الأَزهري فسر أَبو عبيد الإِغْلالَ والإِسلالَ وأَعرضَ عن تفسير العَيْبة المكفُوفةِ ورُوِيَ عن ابن الأَعرابي أَنه قال معناه أَن بيننا وبينهم في هذا الصلح صَدْراً مَعْقُوداً على الوفاءِ بما في الكتاب نَقِيّاً من الغِلِّ والغَدْرِ والخِداعِ والمَكْفُوفةُ المُشرَجَةُ المَعْقُودة والعربُ تَكني عن الصُّدُور والقُلُوب التي تَحْتوي على الضمائر المُخْفاةِ بالعِيابِ وذلك أَن الرجلَ إِنما يَضَعُ في عَيْبَته حُرَّ مَتاعِه وصَوْنَ ثيابه ويَكتُم في صَدْرِه أَخَصَّ أَسراره التي لا يُحِبُّ شُيوعَها فسُمِّيت الصدور والقلوبُ عِياباً تشبيهاً بعِيابِ الثياب ومنه قول الشاعر
وكادَتْ عِيابُ الوُدِّ منَّا ومِنكُمُ ... وإِن قيلَ أَبناءُ العُمومَة تَصْفَرُ
أَرادَ بعِيابِ الوُدِّ صُدُورَهم قال الأَزهري وقرأْتُ بخَطِّ شَمِر وإِنَّ بيننا وبينهم عَيْبَةً مَكْفُوفةً قال وقال بعضهم أَراد به الشَّرُّ بيننا مَكْفُوف كما تُكَفُّ العَيْبةُ إِذا أُشرِجَتْ وقيل أَراد أَن بينهم مُوادَعَةً ومُكافَّة عن الحرب تَجْريانِ مُجْرى المَوَدَّة التي تكون بين المُتَصافِينَ الذين يَثِقُ بعضُهم ببعض وعَيْبةُ الرجل موضعُ سِرِّه على المَثل وفي الحديث الأَنصارُ كَرِشي وعَيْبَتي أَي خاصَّتي وموضعُ سِرِّي والجمع عِيَبٌ مثل بَدْرَةٍ وبِدَرٍ وعِيابٌ وعَيْباتٌ والعِيابُ المِنْدَفُ قال الأَزهري لم أَسمعه لغير الليث وفي حديث عائشة في إِيلاءِ النبي صلى اللّه عليه وسلم على نسائه قالت لعمر رضي اللّه عنهما لمَّا لامَها ما لي ولكَ يا ابنَ الخَطَّاب عليك بعَيْبَتِكَ أَي اشْتَغِلْ بأَهْلِكَ ودَعْني والعائبُ الخاثر من اللبن وقد عاب السِّقاءُ

( غبب ) غِبُّ الأَمْرِ ومَغَبَّتُه عاقبتُه وآخِرُه وغَبَّ الأَمرُ صارَ إِلى آخره وكذلك غَبَّتِ [ ص 635 ] الأُمورُ إِذا صارتْ إِلى أَواخرها وأَنشد غِبَّ الصَّباحِ يَحمَدُ القومُ السُّرى ويقال إِن لهذا العِطرِ مَغَبَّةً طَيِّبَةً أَي عاقبةً وغَبَّ بمعنى بَعُدَ وغِبُّ كلِّ شيءٍ عاقبتُه وجئتُه غِبَّ الأَمر أَي بَعْدَه والغِبُّ وِرْدُ يوم وظِمءُ آخرَ وقيل هو ليوم وليلتين وقيل هو أَن تَرعى يوماً وتَرِدَ من الغَدِ ومن كلامهم لأَضرِبَنَّكَ غِبَّ الحِمارِ وظاهرةَ الفَرس فغِبُّ الحمار أَن يَرعى يوماً ويَشرَبَ يوماً وظاهرةُ الفرَس أَن تَشرَبَ كلَّ يوم نصفَ النهار وغَبَّتِ الماشيةُ تَغبُّ غَبّاً وغُبوباً شَرِبَت غِبّاً وأَغَبَّها صاحبُها وإيلُ بني فلان غابَّةٌ وغَوابُّ الأَصمعي الغِبُّ إِذا شَرِبَت الإِبلُ يوماً وغَبَّتْ يوماً يقال شَرِبَتْ غِبّاً وكذلك الغِبُّ من الحُمَّى ويقال بنو فلان مُغِبُّون إِذا كانت إِبلُهم تَرِدُ الغِبَّ وبعيرٌ غابٌّ وإِبلٌ غوابُّ إِذا كانت تَرِدُ الغِبَّ وغَبَّتِ الإِبلُ بغير أَلف تَغِبُّ غِبّاً إِذا شَرِبَتْ غِبّاً ويقال للإِبل بعد العِشر هي تَرْعى عِشْراً وغِبّاً وعِشْراً ورِبْعاً ثم كذلك إِلى العِشرين والغِبُّ من وِرْدِ الماءِ فهو أَن تَشرَبَ يوماً ويوماً لا وأَغَبَّتِ الإِبلُ مِنْ غِبِّ الوِرْدِ والغِبُّ من الحُمَّى أَن تأْخذ يوماً وتَدَعَ آخرَ وهو مشتق من غِبِّ الوِرْدِ لأَنها تأْخذ يوماً وتُرَفِّه يوماً وهي حُمَّى غِبٌّ على الصفة للحُمَّى وأَغَبَّته الحُمَّى وأَغَبَّتْ عليه وغَِبَّتْ غِبّاً وغَبّاً ورجل مُغِبٌّ أَغَبَّتْهُ الحُمَّى كذلك رُوي عن أَبي زيد على لفظ الفاعل ويقال زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً ويقال ما يُغِبُّهُم بِرِّي وأَغبَّتِ الحُمَّى وغَبَّتْ بمعنًى وغَبَّ الطعامُ والتمرُ يَغِبُّ غَبّاً وغِبّاً وغُبُوباً وغُبُوبَةً فهو غابٌّ باتَ ليلةً فَسَدَ أَو لم يَفْسُدْ وخَصَّ بعضُهم به اللحمَ وقيل غَبَّ الطعامُ تغيرتْ رائحته وقال جرير يهجو الأَخطل
والتَّغْلَبِيَّةُ حين غَبَّ غَبِيبُها ... تَهْوي مَشافِرُها بشَرِّ مَشافِر
أَراد بقوله غَبَّ غَبِيبُها ما أَنْتَنَ من لُحوم مَيْتتها وخَنازيرها ويسمى اللحم البائتُ غابّاً وغَبِيباً وغَبَّ فلانٌ عندنا غَبّاً وغِبّاً وأَغَبَّ باتَ ومنه سمي اللحمُ البائتُ الغابَّ ومنه قولهم رُوَيْدَ الشِّعرِ يُغِبَّ ولا يكونُ يُغِبُّ معناه دَعْه يمكثْ يوماً أَو يومين وقال نَهْشَل بنُ جُرَيٍّ
فلما رَأَى أَنْ غَبَّ أَمْرِي وأَمْرُه ... ووَلَّتْ بأَعجازِ الأُمورِ صُدُورُ
التهذيب أَغَبَّ اللحمُ وغَبَّ إِذا أَنْتَن وفي حديثِ الغِيبةِ فقاءَتْ لحماً غابّاً أَي مُنْتِناً وغَبَّتِ الحُمَّى من الغِبِّ بغير أَلف وما يُغِبُّهم لُطْفِي أَي ما يتأَخر عنهم يوماً بل يأْتيهم كلَّ يوم قال على مُعْتَفِيه ما تُغِبُّ فَواضلُه وفلانٌ ما يُغِبُّنا عَطاؤُه أَي لا يأْتينا يوماً دون يوم بل يأْتينا كلَّ يوم ومنه قول الراجز وحُمَّراتٌ شُرْبُهُنَّ غِبُّ أَي كلَّ ساعةٍ والغِبُّ الإِتيانُ في اليومين ويكون أَكثر [ ص 636 ] وأَغَبَّ القومَ وَغَبَّ عنهم جاءَ يوماً وترك يوماً وأَغَبَّ عَطاؤُه إِذا لم يأْتنا كلَّ يوم وأَغَبَّتِ الإِبلُ إِذا لم تأْتِ كلَّ يوم بلَبن وأَغَبَّنا فلانٌ أَتانا غِبّاً وفي الحديث أَغِبُّوا في عِيادَة المريض وأَرْبِعُوا يقول عُدْ يوماً ودَعْ يوماً أَو دَعْ يومين وعُدِ اليومَ الثالثَ أَي لا تَعُدْهُ في كل يوم لِما يجده من ثِقَل العُوَّاد الكسائي أَغْبَبْتُ القومَ وغَبَبْتُ عنهم من الغِبِّ جئْتُهم يوماً وتركتهم يوماً فإِذا أَردت الدَّفْعَ قلت غَبَّبْتُ عنهم بالتشديد أَبو عمرو غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زائراً يوماً بعد أَيام ومنه قوله زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً وقال ثعلب غَبَّ الشيءُ في نفسه يَغِبُّ غَبّاً وأَغَبَّني وَقَعَ بي وغَبَّبَ عن القوم دَفَع عنهم والغِبُّ في الزيارة قال الحسن في كل أُسبوع يقال زُرْ غِبّاً تَزْدَدْ حُبّاً قال ابن الأَثير نُقِل الغِبُّ من أَوراد الإِبل إِلى الزيارة قال وإِن جاءَ بعد أَيام يقال غَبَّ الرجلُ إِذا جاءَ زائراً بعد أَيام وفي حديث هشام كَتَبَ إِليه يُغَبِّب عن هَلاك المسلمين أَي لم يُخْبِرْه بكثرة من هَلَك منهم مأْخوذ من الغِبِّ الوِرْدِ فاستعاره لموضع التقصير في الإِعلام بكُنْه الأَمر وقيل هو من الغُبَّةِ وهي البُلْغَةُ من العَيْش قال وسأَلتُ فلاناً حاجةً فَغَبَّبَ فيها أَي لم يبالغ والمُغَبَّبةُ الشاةُ تُحْلَبُ يوماً وتُتْرَك يوماً والغُبَبُ أَطْعمة النُّفَساءِ عن ابن الأَعرابي والغَبِيبَةُ من أَلبان الغنم مثلُ المُرَوَّبِ وقيل هو صَبُوحُ الغنم غُدْوةً يُتْركُ حتى يَحْلُبوا عليه من الليل ثم يَمْخَضُوه من الغَدِ ويقال للرائب من اللبن الغَبِيبةُ الجوهري الغَبِيبةُ من أَلبان الإِبل يُحْلَبُ غُدْوة ثم يُحْلَبُ عليه من الليل ثم يُمْخَضُ من الغد ويقال مياهٌ أَغْبابٌ إِذا كانت بعيدة قال
يقول لا تُسْرِفُوا في أَمْرِ رِيِّكُمُ ... إِنَّ المِياهَ بجَهْدِ الرَّكْبِ أَغْبابُ
هؤُلاءِ قومٌ سَفْر ومعهم من الماءِ ما يَعْجِزُ عن رِيِّهِم فهم يَتَواصَوْن بترك السَّرَفِ في الماءِ والغَبِيبُ المسيلُ الصغير الضَّيِّقُ من مَتْنِ الجبل ومَتْنِ الأَرض وقيل في مُسْتَواها والغُبُّ الغامِضُ من الأَرض قال
كأَنَّها في الغُبِّ ذِي الغِيطانِ ... ذِئابُ دَجْنٍ دائم التَّهْتانِ
والجمع أَغبابٌ وغُبوبٌ وغُبَّانٌ ومن كلامهم أَصابنا مطرٌ سال منه الهُجَّانُ والغُبَّانُ والهُجَّانُ مذكور في موضعه والغُبُّ الضاربُ من البحر ( 1 )
( 1 قوله « والغب الضارب من البحر » قال الصاغاني هو من الأسماء التي لا تصريف لها ) حتى يُمْعِنَ في البَرِّ وغَبَّبَ فلانٌ في الحاجة لمْ يبالغ فيها وغَبَّبَ الذئبُ على الغنم إِذا شَدَّ عليها ففَرَسَ وغَبَّبَ الفَرَسُ دَقَّ العُنُقَ والتَّغْبِيبُ أَن يَدَعَها وبها شيءٌ من الحياة وفي حديث الزهري لا تُقْبل شهادةُ ذي تَغِبَّة قال ابن الأَثير هكذا جاءَ في رواية وهي تَفْعِلَة مِن غَبَّب الذِّئبُ في الغَنم إِذا عاثَ فيها أَو مِنْ غَبَّبَ مبالغة في غَبَّ الشيءُ إِذا فَسَد والغُبَّةُ البُلْغة من العَيْش كالغُفَّة أَبو عمرو غَبْغَبَ إِذا خان في شِرائه وبَيعِه [ ص 637 ] الأَصمعي الغَبَبُ والغَبْغَبُ الجِلْدُ الذي تحت الحَنَك وقال الليث الغَبَبُ للبقر والشاءِ ما تَدَلَّى عند النَّصيل تحت حَنَكها والغَبْغَبُ للدِّيكِ والثور والغَبَبُ والغَبْغَبُ ما تَغَضَّنَ من جلد مَنْبِتِ العُثْنُونِ الأَسْفَلِ وخَصَّ بعضُهم به الدِّيَكة والشاءَ والبقر واستعاره العجاج في الفَحل فقال بذاتِ أَثناءٍ تَمَسُّ الغَبْغَبا يعني شِقْشِقة البعير واستعاره آخر للحِرْباءِ فقال
إِذا جَعلَ الحِرْباءُ يَبْيَضُّ رأْسُه ... وتَخْضَرُّ من شمسِ النهار غَباغِبُهْ
الفراءُ يقال غَبَبٌ وغَبْغَبٌ الكسائي عجوز غَبْغَبُها شِبْر وهو الغَبَبُ والنَّصِيلُ مَفْصِلُ ما بين العُنُقِ والرأْس من تحت اللِّحْيَيْن والغَبْغَبُ المَنْحَر بمنًى وقيل الغَبْغَبُ نُصُبٌ كانَ يُذْبَحُ عليه في الجاهلية وقيل كلُّ مَذْبَحٍ بمنًى غَبْغَبٌ وقيل الغَبغَبُ المَنْحَر بمنًى وهو جَبَل فَخَصَّصَ قال الشاعر والراقِصات إِلى مِنًى فالغَبْغَبِ وفي الحديث ذكر غَبْغَبٍ بفتح الغينين وسكون الباءِ الأُولى موضع المنحر بمنى وقيل الموضع الذي كان فيه اللاتُ بالطائف التهذيب أَبو طالب في قولهم رُبَّ رَمْيةٍ من غير رامٍ أَوَّلُ من قاله الحَكَمُ بنُ عَبْدِيَغُوثَ وكان أَرْمَى أَهلِ زمانه فآلى لَيَذْبَحَنَّ على الغَبْغَب مَهاةً فَحَمَل قوسَه وكنانتَه فلم يَصْنَعْ شيئاً فقال لأَذْبَحَنَّ نَفْسِي فقال له أَخوه اذْبَحْ مكانها عَشْراً من الإِبل ولا تَقْتُلْ نَفْسَك فقال لا أَظلم عاترةً وأَتْرُكُ النافرةَ ثم خرجَ ابنُه معه فرمَى بقرةً فأَصابها فقال أَبوه رُبَّ رَمْيةٍ من غَير رامٍ وغُبَّةُ بالضم فَرْخُ عُقابٍ كان لبني يَشْكُر وله حديث واللّه تعالى أَعلم

( غثلب ) غَثْلَبَ الماءَ جَرَعَه ( 1 )
( 1 قوله « غثلب الماء جرعه إلخ » انفرد بهذه العبارة صاحب المحكم فذكرها في رباعي الغين المعجمة وتبعه ابن منظور هنا وكذلك شارح القاموس وذكرها المجد في العين المهملة تبعاً للصاغاني التابع للتهذيب فلعله سمع بهما ) جَرْعاً شديداً

( غدب ) الغُدبة لحمة غَليظة شبيهة بالغُدَّةِ ورجلٌ غُدُبٌّ جافٍ غليظٌ

( غرب ) الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ الشَّرْق وهو المَغْرِبُ وقوله تعالى رَبُّ المَشْرِقَيْن ورَبُّ المَغْرِبَيْنِ أَحدُ المَغْرِبين أَقْصَى ما تَنْتَهي إِليه الشمسُ في الصيف والآخَرُ أَقْصَى ما تَنْتَهِي إِليه في الشتاءِ وأَحدُ المَشْرقين أَقْصى ما تُشرِقُ منه الشمسُ في الصيف وأَقْصَى ما تُشْرِقُ منه في الشتاءِ وبين المغرب الأَقْصَى والمَغْربِ الأَدْنى مائةٌ وثمانون مَغْرباً وكذلك بين المَشْرقين التهذيب للشمس مَشْرِقانِ ومَغْرِبانِ فأَحدُ مشرقيها أَقْصَى المَطالع في الشتاءِ والآخَرُ أَقصى مَطالعها في القَيْظ وكذلك أَحدُ مَغْرِبَيْها أَقصى المَغارب في الشِّتاءِ وكذلك في الجانب الآخر وقوله جَلَّ ثناؤُه فلا أُقْسِمُ برَبِّ المَشارق والمَغارِب جَمعَ لأَنه أُريد أَنها تُشْرِقُ كلَّ يومٍ من موضع وتَغْرُبُ في موضع إِلى انتهاءِ السنة وفي التهذيب أَرادَ مَشْرِقَ كلِّ يوم ومَغْرِبَه فهي مائة وثمانون مَشْرقاً ومائة وثمانون مغْرِباً [ ص 638 ] والغُرُوبُ غُيوبُ الشمس غَرَبَتِ الشمسُ تَغْرُبُ غُروباً ومُغَيْرِباناً غابَتْ في المَغْرِبِ وكذلك غَرَبَ النجمُ وغَرَّبَ ومَغْرِبانُ الشمسِ حيث تَغرُبُ ولقيته مَغرِبَ الشمسِ ومُغَيْرِبانَها ومُغَيرِباناتِها أَي عند غُروبها وقولُهم لقيته مُغَيْرِبانَ الشمسِ صَغَّروه على غير مُكَبَّره كأَنهم صغروا مَغرِباناً والجمع مُغَيْرِباناتُ كما قالوا مَفارِقُ الرأْس كأَنهم جعلوا ذلك الحَيِّز أَجزاءً كُلَّما تَصَوَّبَتِ الشمسُ ذَهَبَ منها جُزْءٌ فَجَمَعُوه على ذلك وفي الحديث أَلا إِنَّ مَثَلَ آجالِكُم في آجالِ الأُمَمِ قَبْلَكم كما بين صلاةِ العَصْر إِلى مُغَيْربانِ الشمس أَي إِلى وَقتِ مَغِيبها والمَغرِبُ في الأَصل مَوْضِعُ الغُروبِ ثم استُعْمِل في المصدر والزمان وقياسُه الفتح ولكن استُعْمِل بالكسر كالمَشْرِق والمسجِد وفي حديث أَبي سعيدٍ خَطَبَنا رسولُ اللّهِ صلى اللّه عليه وسلم إِلى مُغَيربانِ الشمسِ والمُغَرِّبُ الذي يأْخُذُ في ناحية المَغْرِبِ قال قَيْسُ بنُ المُلَوّح
وأَصْبَحْتُ من لَيلى الغَداة كناظِرٍ ... مع الصُّبْح في أَعْقابِ نَجْمٍ مُغَرِّبِ
وقد نَسَبَ المُبَرِّدُ هذا البيتَ إِلى أَبي حَيَّةَ النُّمَيْري وغَرَّبَ القومُ ذَهَبُوا في المَغْرِبِ وأَغْرَبُوا أَتَوا الغَرْبَ وتَغَرَّبَ أَتَى من قِبَلِ الغَرْب والغَرْبيُّ من الشجر ما أَصابته الشمسُ بحَرِّها عند أُفُولها وفي التنزيل العزيز زَيْتُونةٍ لا شَرْقِيَّةٍ ولا غَرْبِيَّةٍ والغَرْبُ الذهابُ والتَّنَحِّي عن الناسِ وقد غَرَبَ عنا يَغْرُبُ غَرْباً وغَرَّبَ وأَغْرَبَ وغَرَّبه وأَغْرَبه نَحَّاه وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم أَمَر بتَغْريبِ الزاني سنةً إِذا لم يُحْصَنْ وهو نَفْيُه عن بَلَده والغَرْبة والغَرْبُ النَّوَى والبُعْد وقد تَغَرَّب قال ساعدة بن جُؤَيَّة يصف سحاباً
ثم انْتَهى بَصَري وأَصْبَحَ جالِساً ... مِنْه لنَجْدٍ طَائفٌ مُتَغَرِّبُ
وقيل مُتَغَرِّبٌ هنا أَي من قِبَل المَغْرب ويقال غَرَّبَ في الأَرض وأَغْرَبَ إِذا أَمْعَنَ فيها قال ذو الرمة أَدْنَى تَقاذُفِه التَّغْريبُ والخَبَبُ ويُروى التَّقْريبُ ونَوًى غَرْبةٌ بعيدة وغَرْبةُ النَّوى بُعْدُها قال الشاعر
وشَطَّ وليُ النَّوَى إِنَّ النَّوَى قُذُفٌ ... تَيَّاحةٌ غَرْبةٌ بالدَّارِ أَحْيانا
النَّوَى المكانُ الذي تَنْوي أَنْ تَأْتِيَه في سَفَرك ودارُهم غَرْبةٌ نائِيَةٌ وأَغْرَبَ القومُ انْتَوَوْا وشَأْوٌ مُغَرِّبٌ ومُغَرَّبٌ بفتح الراءِ بعيد قال الكميت
عَهْدَك من أُولَى الشَّبِيبةِ تَطْلُبُ ... على دُبُرٍ هيهاتَ شَأْوٌ مُغَرِّبُ
وقالوا هل أَطْرَفْتَنا من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ أَي هل من خَبَر جاءَ من بُعْدٍ ؟ وقيل إِنما هو هل من مُغَرِّبةِ خَبَرٍ ؟ وقال يعقوب إِنما هو هل جاءَتْك مُغَرِّبةُ خَبَرٍ ؟ يعني الخَبَر الذي يَطْرَأُ عليك من بلَدٍ سوَى بلدِك وقال ثعلب ما [ ص 639 ] عِنْدَه من مُغَرِّبةِ خَبرٍ تَسْتَفْهِمُه أَو تَنْفِي ذلك عنه أَي طَريفةٌ وفي حديث عمر رضي اللّه عنه أَنه قال لرجل قَدِمَ عليه من بعض الأَطْرافِ هل من مُغَرِّبةِ خَبَر ؟ أَي هل من خبَرٍ جديدٍ جاءَ من بلدٍ بعيدٍ ؟ قال أَبو عبيد يقال بكسر الراءِ وفتحها مع الإِضافة فيهما وقالها الأُمَوِيُّ بالفتح وأَصله فيما نُرَى من الغَرْبِ وهو البُعْد ومنه قيل دارُ فلانٍ غَرْبةٌ والخبرُ المُغْرِبُ الذي جاءَ غريباً حادثاً طريفاً والتغريبُ النفيُ عن البلد وغَرَبَ أَي بَعُدَ ويقال اغْرُبْ عني أَي تباعَدْ ومنه الحديث أَنه أَمَرَ بتَغْريبِ الزاني التغريبُ النفيُ عن البلد الذي وَقَعَتِ الجِنايةُ فيه يقال أَغرَبْتُه وغَرَّبْتُه إِذا نَحَّيْتَه وأَبْعَدْتَه والتَّغَرُّبُ البُعْدُ وفي الحديث أَن رجلاً قال له إِنَّ امرأَتي لا تَرُدُّ يَدَ لامِس فقال غرِّبْها أَي أَبْعِدْها يريدُ الطلاق وغَرَّبَت الكلابُ أَمْعَنَتْ في طلب الصيد وغَرَّبه وغَرَّبَ عليه تَرَكه بُعْداً والغُرْبةُ والغُرْب النُّزوحُ عن الوَطَن والاغْتِرابُ قال المُتَلَمِّسُ
أَلا أَبْلِغا أَفناءَ سَعدِ بن مالكٍ ... رِسالةَ مَن قد صار في الغُرْبِ جانِبُهْ
والاغْتِرابُ والتغرُّب كذلك تقول منه تَغَرَّبَ واغْتَرَبَ وقد غَرَّبه الدهرُ ورجل غُرُب بضم الغين والراء وغريبٌ بعيد عن وَطَنِه الجمع غُرَباء والأُنثى غَريبة قال
إِذا كَوْكَبُ الخَرْقاءِ لاحَ بسُحْرةٍ ... سُهَيْلٌ أَذاعَتْ غَزْلَها في الغَرائبِ
أَي فَرَّقَتْه بينهنّ وذلك أَن أَكثر من يَغْزِل بالأُجرة إِنما هي غريبةٌ وفي الحديث أَن النبي صلى اللّه عليه وسلم سُئِلَ عن الغُرباء فقال الذين يُحْيُونَ ما أَماتَ الناسُ من سُنَّتِي وفي حديث آخر إِنّ الإِسلامَ بَدأَ غريباً وسيعود غريباً كما بَدأَ فطوبَى للغُرباءِ أَي إِنه كان في أَوّلِ أَمْرِه كالغريبِ الوحيدِ الذي لا أَهل له عنده لقلة المسلمين يومئذ وسيعودُ غريباً كما كان أَي يَقِلُّ المسلمون في آخر الزمان فيصيرون كالغُرباء فطُوبى للغُرَباء أَي الجنةُ لأُولئك المسلمين الذين كانوا في أَوّل الإِسلام ويكونون في آخره وإِنما خَصَّهم بها لصبْرهم على أَذى الكفار أَوَّلاً وآخراً ولُزومهم دينَ الإِسلام وفي حديث آخر أُمَّتِي كالمطر لا يُدْرَى أَوَّلُها خير أَو آخِرُها قال وليس شيءٌ من هذه الأُحاديث مخالفاً للآخر وإِنما أَراد أَن أَهلَ الإِسلام حين بَدأَ كانوا قليلاً وهم في آخر الزمان يَقِلُّون إِلاَّ أَنهم خيارٌ ومما يَدُلُّ على هذا المعنى الحديثُ الآخر خِيارُ أُمَّتِي أَوَّلُها وآخِرُها وبين ذلك ثَبَجٌ أَعْوَجُ ليس منكَ ولَسْتَ منه ورَحَى اليدِ يُقال لها غَريبة لأَنّ الجيران يَتعاورُونها بينهم وأَنشد بعضُهم
كأَنَّ نَفِيَّ ما تَنْفِي يَداها ... نَفِيُّ غريبةٍ بِيَدَيْ مُعِينِ
والمُعينُ أَن يَسْتعينَ المُدير بيد رجل أَو امرأَة يَضَعُ يده على يده إِذا أَدارها واغْتَرَبَ الرجلُ نَكَح في الغَرائبِ وتَزَوَّجَ إِلى غير أَقاربه وفي الحديث اغْتَرِبُوا لا تُضْوُوا أَي لا يتزوّج الرجلُ القرابة القريبةَ فيجيءَ ولدُه ضاوِيّاً والاغْتِرابُ افتِعال من الغُرْبة أَراد تَزَوَّجُوا إِلى الغرائب من النساءِ غير الأَقارب فإِنه [ ص 640 ] أَنْجَبُ للأَولاد ومنه حديث المُغِيرة ولا غريبةٌ نَجِيبةٌ أَي إِنها مع كونها غريبةً فإِنها غيرُ نَجيبةِ الأَولاد وفي الحديث إِنّ فيكم مُغَرِّبين قيل وما مُغَرِّبون ؟ قال الذين يَشترِكُ فيهم الجنُّ سُمُّوا مُغَرِّبين لأَنه دخل فيهم عِرْقٌ غريبٌ أَو جاؤُوا من نَسَبٍ بعيدٍ وقيل أَراد بمشاركة الجنّ فيهم أَمْرَهم إِياهم بالزنا وتحسينَه لهم فجاء أَولادُهم عن غير رِشْدة ومنه قولُه تعالى وشارِكْهُم في الأَموال والأَولاد ابن الأَعرابي التغريبُ أَن يأْتي ببنينَ بِيضٍ والتغريبُ أَن يأْتِيَ ببَنينَ سُودٍ والتغريبُ أَن يَجْمَعَ الغُرابَ وهو الجَلِيدُ والثَّلْج فيأْكلَه وأَغْرَبَ الرجلُ صار غريباً حكاه أَبو نصر
وقِدْحٌ غريبٌ ليس من الشجر التي سائرُ القِداحِ منها ورجل غريبٌ ليس من القوم ورجلٌ غريبٌ وغُرُبٌ أَيضاً بضم الغين والراءِ وتثنيته غُرُبانِ قال طَهْمانُ بن عَمْرو الكِلابيّ
وإِنيَ والعَبْسِيَّ في أَرضِ مَذْحِجٍ ... غَريبانِ شَتَّى الدارِ مُخْتلِفانِ
وما كان غَضُّ الطَّرْفِ منا سَجِيَّةً ... ولكننا في مَذْحِجٍ غُرُبانِ
والغُرباءُ الأَباعِدُ أَبو عمرو رجل غَريبٌ وغَريبيٌّ وشَصِيبٌ وطارِيٌّ وإِتاوِيٌّ بمعنى والغَريبُ الغامِضُ من الكلام وكَلمة غَريبةٌ وقد غَرُبَتْ وهو من ذلك وفرس غَرْبٌ مُتَرامٍ بنفسه مُتَتابعٌ في حُضْره لا يُنْزِعُ حتى يَبْعَدَ بفارسه وغَرْبُ الفَرَسِ حِدَّتُه وأَوَّلُ جَرْيِه تقول كَفَفْتُ من غَرْبه قال النابغة الذبياني
والخَيْلُ تَمْزَعُ غَرْباً في أَعِنَّتِها ... كالطَّيْرِ يَنْجُو من الشُّؤْبُوبِ ذي البَرَدِ
قال ابن بري صوابُ انشادِهِ والخيلَ بالنصب لأَنه معطوف على المائة من قوله
الواهِبِ المائةَ الأَبْكارَ زَيَّنَها ... سَعْدانُ تُوضِحَ في أَوبارِها اللِّبَدِ
والشُّؤْبُوبُ الدَّفْعةُ من المَطر الذي يكون فيه البَرَدُ والمَزْعُ سُرْعةُ السَّيْر والسَّعْدانُ تَسْمَنُ عنه الإِبل وتَغْزُر أَلبانُها ويَطِيبُ لحمها وتُوضِحُ موضع واللِّبَدُ ما تَلَبَّدَ من الوَبر الواحدةُ لِبْدَة التهذيب يقال كُفَّ من غَرْبك أَي من حِدَّتك والغَرْبُ حَدُّ كلِّ شيء وغَرْبُ كلِّ شيءٍ حَدُّه وكذلك غُرابه وفرسٌ غَرْبٌ كثيرُ العَدْوِ قال لبِيد
غَرْبُ المَصَبَّةِ مَحْمودٌ مَصارِعُه ... لاهي النَّهارِ لسَيْرِ الليلِ مُحْتَقِرُ
أَراد بقوله غرْبُ المَصَبَّة أَنه جَوَادٌ واسِعُ الخَيْر والعَطاء عند المَصَبَّة أَي عند إِعْطاءِ المال يُكْثِرُه كما يُصَبُّ الماءُ وعينٌ غَرْبةٌ بعيدةُ المَطْرَح وإِنه لغَرْبُ العَين أَي بعيدُ مَطْرَح العين والأُنثى غَربةُ العين وإِياها عَنَى الطِّرمَّاحُ بقوله
ذَاكَ أَمْ حَقْباءُ بَيْدانَةٌ ... غَرْبةُ العَيْنِ جَهادُ المَسَامْ
وأَغْرَبَ الرجلُ جاءَ بشيءٍ غَريب وأَغْرَب عليه وأَغْرَب به صَنَع به صُنْعاً قبيحاً الأَصمعي أَغْرَب الرجلُ في مَنْطِقِه إِذا لم يُبْقِ شَيْئاً إِلاَّ تكلم [ ص 641 ] به وأَغْرَبَ الفرسُ في جَرْيه وهو غاية الاكثار وأَغْرَبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وجَعُه من مرضٍ أَو غيره قال الأَصمعي وغيره وكُلُّ ما وَاراك وسَتَرك فهو مُغْرِبٌ وقال ساعدة الهُذَليُّ
مُوَكَّلٌ بسُدُوف الصَّوْم يُبْصِرُها ... من المَغارِبِ مَخْطُوفُ الحَشَا زَرِمُ
وكُنُسُ الوَحْش مَغارِبُها لاسْتتارها بها وعَنْقاءُ مُغْرِبٌ ومُغْرِبةٌ وعَنْقاءُ مُغْرِبٍ على الإِضافة عن أَبي عليّ طائرٌ عظيم يَبْعُدُ في طَيرانه وقيل هو من الأَلْفاظِ الدالةِ على غير معنى التهذيب والعَنْقاءُ المُغْرِبُ قال هكذا جاءَ عن العَرَب بغير هاء وهي التي أَغْرَبَتْ في البلادِ فَنَأَتْ ولم تُحَسَّ ولم تُرَ وقال أَبو مالك العَنْقاءُ المُغْرِبُ رأْسُ الأَكمَة في أَعْلى الجَبَل الطويل وأَنْكر أَن يكون طائراً وأَنشد
وقالوا الفتى ابنُ الأَشْعَرِيَّةِ حَلَّقَتْ ... به المُغْرِبُ العَنْقاءُ إِنْ لم يُسَدَّدِ
ومنه قالوا طارَتْ به العَنْقاءُ المُغْرِبُ قال الأَزهري حُذفت هاء التأْنيث منها كما قالوا لِحْيةٌ ناصِلٌ وناقة ضامر وامرأَة عاشق وقال الأَصمعي أَغْرَبَ الرجلُ إِغراباً إِذا جاءَ بأَمر غريب وأَغْرَبَ الدابَّةُ إِذا اشْتَدَّ بياضُه حتى تَبْيَضَّ مَحاجِرُه وأَرْفاغُه وهو مُغْرِبٌ وفي الحديث طارتْ به عَنْقاءُ مُغْرِبٌ أَي ذَهَبَتْ به الداهيةُ والمُغْرِبُ المُبْعِدُ في البلاد وأَصابه سَهْمُ غَرْبٍ وغَرَبٍ إِذا كان لا يَدْري مَن رَماه وقيل إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي وقيل إِذا تَعَمَّد به غيرَه فأَصابه وقد يُوصَف به وهو يسكَّن ويحرك ويضاف ولا يضاف وقال الكسائي والأَصمعي بفتح الراءِ وكذلك سَهْمُ غَرَضٍ وفي الحديث أَن رجلاً كان واقِفاً معه في غَزاةٍ فأَصَابَه سَهْمُ غَرْبٍ أَي لا يُعْرَفُ راميه يقال سَهْمُ غرب وسهمٌ غَربٌ بفتح الراءِ وسكونها بالإِضافة وغير الإِضافة وقيل هو بالسكون إِذا أَتاه مِن حيثُ لا يَدْرِي وبالفتح إِذا رماه فأَصاب غيره قال ابن الأَثير والهروي لم يثبت عن الأَزهري إِلا الفتح والغَرْبُ والغَرْبة الحِدَّةُ ويقال لِحَدِّ السيف غَرْبٌ ويقال في لسانه غَرْبٌ أَي حِدَّة وغَرْبُ اللسانِ حِدَّتُه وسيفٌ غَرْبٌ قاطع حديد قال الشاعر يصف سيفاً غَرْباً سريعاً في العِظامِ الخُرْسِ ولسان غَرْبٌ حَديدٌ وغَرْبُ الفرس حِدَّتُه وفي حديث ابن عباس ذَكَر الصِّدِّيقَ فقال كانَ واللّهِ بَرّاً تَقِيّاً يُصَادَى غَرْبُه
( يتبع )

( ( ) تابع 1 ) غرب الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ وفي رواية يُصَادَى منه غَرْبٌ الغَرْبُ الحِدَّةُ ومنه غَرْبُ السيف أَي كانَتْ تُدَارَى حِدَّتُه وتُتَّقَى ومنه حديث عمر فَسَكَّنَ من غَرْبه وفي حديث عائشة قالت عن زينب رضي اللّه عنها كُلُّ خِلالِها مَحْمودٌ ما خَلا سَوْرَةً من غَرْبٍ كانت فيها وفي حديث الحَسَن سُئل عن القُبلة للصائم فقال إِني أَخافُ عليك غَرْبَ الشَّباب أَي حِدَّته والغَرْبُ النَّشاط والتَّمادِي واسْتَغْرَب في الضَّحِك واسْتُغْرِبَ أَكْثَرَ منه وأَغْرَبَ اشْتَدَّ ضَحِكُه ولَجَّ فيه واسْتَغْرَبَ عليه الضحكُ كذلك وفي الحديث أَنه ضَحِكَ حتى استَغْرَبَ أَي بالَغَ فيه يُقال أَغْرَبَ في ضَحِكه واسْتَغْرَبَ وكأَنه من الغَرْبِ البُعْدِ [ ص 642 ] وقيل هو القَهْقهة وفي حديث الحسن إِذا اسْتَغْرَب الرجلُ ضَحِكاً في الصلاة أَعادَ الصلاةَ قال وهو مذهب أَبي حنيفة ويزيد عليه إِعادةَ الوضوء وفي دُعاءِ ابنِ هُبَيْرَة أَعُوذُ بك من كل شيطانٍ مُسْتَغْرِبٍ وكُلِّ نَبَطِيٍّ مُسْتَعْرِبٍ قال الحَرْبيُّ أَظُنُّه الذي جاوَزَ القَدْرَ في الخُبْثِ كأَنه من الاسْتِغْراب في الضَّحِك ويجوز أَن يكون بمعنى المُتَناهِي في الحِدَّةِ من الغَرْبِ وهي الحِدَّةُ قال الشاعر
فما يُغْرِبُونَ الضَّحْكَ إِلاَّ تَبَسُّماً ... ولا يَنْسُبُونَ القولَ إِلاَّ تَخَافِيَا
شمر أَغْرَبَ الرجلُ إِذا ضَحِكَ حتى تَبْدُوَ غُروبُ أَسْنانه والغَرْبُ الرَّاوِيَةُ التي يُحْمَلُ عليها الماء والغَرْبُ دَلْو عظيمة من مَسكِ ثَوْرٍ مُذَكَّرٌ وجمعهُ غُروبٌ الأَزهري الليث الغَرْبُ يومُ السَّقْيِ وأَنشد في يوم غَرْبٍ وماءُ البئر مُشْتَرَكُ قال أُراه أَراد بقوله في يوم غَربٍ أَي في يوم يُسْقَى فيه بالغَرْبِ وهو الدلو الكبير الذي يُسْتَقَى به على السانية ومنه قول لبيد
فصَرَفْتُ قَصْراً والشُّؤُونُ كأَنها ... غَرْبٌ تَخُبُّ به القَلُوصُ هَزِيمُ
وقال الليث الغَرْبُ في بيت لبيدٍ الرَّاوية وإِنما هو الدَّلْو الكَبيرةُ وفي حديث الرؤيا فأَخَذَ الدَّلْوَ عُمَرُ فاسْتَحالَتْ في يَدِه غَرْباً الغَرْبُ بسكون الراءِ الدلو العظيمة التي تُتَّخَذُ من جلدِ ثَوْرٍ فإِذا فتحت الراء فهو الماء السائل بين البئر والحوض وهذا تمثيل قال ابن الأَثير ومعناه أَن عمر لما أَخذ الدلو ليستقي عَظُمَتْ في يده لأَن الفُتُوح كان في زمنه أَكْثَرَ منه في زمن أَبي بكر رضي اللّه عنهما ومعنى اسْتَحالَتْ انقلبتْ عن الصِّغَر إِلى الكِبَر وفي حديث الزكاة وما سُقِيَ بالغَرْبِ ففيه نِصْفُ العُشْر وفي الحديث لو أَنَّ غَرْباً من جهنم جُعِلَ في الأَرض لآذى نَتْنُ رِيحِه وشِدَّة حَرِّه ما بين المَشْرق والمغرب والغَرْبُ عِرْقٌ في مَجْرَى الدَّمْع يَسْقِي ولا يَنْقَطِع وهو كالناسُور وقيل هو عرقٌ في العين لا ينقطع سَقْيُه قال الأَصمعي يقال بعينه غَرْبٌ إِذا كانت تسيل ولا تَنْقَطع دُمُوعُها والغَرْبُ مَسِيلُ الدَّمْع والغَرْبُ انْهِمالُه من العين والغُرُوبُ الدُّموع حين تخرج من العين قال
ما لكَ لا تَذْكُر أُمَّ عَمْرو ... إِلاَّ لعَيْنَيْكَ غُروبٌ تَجْرِي
واحِدُها غَرْبٌ والغُروبُ أَيضاً مَجارِي الدَّمْعِ وفي التهذيب مَجارِي العَيْنِ وفي حديث الحسن ذَكَر ابنَ عباس فقال كان مِثَجّاً يَسِيلُ غَرْباً الغَرْبُ أَحدُ الغُرُوبِ وهي الدُّمُوع حين تجري يُقال بعينِه غَرْبٌ إِذا سالَ دَمْعُها ولم ينقطعْ فشَبَّه به غَزَارَة علمه وأَنه لا ينقطع مَدَدُه وجَرْيُه وكلُّ فَيْضَة من الدَّمْع غَرْبٌ وكذلك هي من الخمر واسْتَغْرَبَ الدمعُ سال وغَرْبَا العين مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها وللعين غَرْبانِ مُقْدِمُها ومُؤْخِرُها والغَرْبُ بَثْرة تكون في العين تُغِذُّ ولا تَرْقأُ [ ص 643 ] وغَرِبَت العينُ غَرَباً وَرِمَ مَأْقُها وبعينه غَرَبٌ إِذا كانت تسيل فلا تنقطع دُموعُها والغَرَبُ مُحَرَّك الخَدَرُ في العين وهو السُّلاقُ وغَرْبُ الفم كثرةُ ريقِه وبَلَلِه وجمعه غُرُوبٌ وغُروبُ الأَسنانِ مَناقِعُ ريقِها وقيل أَطرافُها وحِدَّتُها وماؤُها قال
عَنترة
إِذْ تَستَبِيكَ بِذي غُروبٍ واضِحٍ ... عَذْبٍ مُقَبَّلُه لَذِيذ المَطْعَمِ وغُروبُ الأَسنانِ الماءُ الذي يَجرِي عليها الواحد غَرْبٌ وغُروبُ الثَّنايا حدُّها وأُشَرُها وفي حديث النابغة تَرِفُّ غُروبُه هي جمع غَرْب وهو ماء الفم وحِدَّةُ الأَسنان والغَرَبُ الماءُ الذي يسيل من الدَّلْو وقيل هو كلُّ ما انصَبَّ من الدلو من لَدُنْ رأْسِ البئر إِلى الحوضِ وقيل الغَرَبُ الماءُ الذي يَقْطُر من الدِّلاءِ بين البئر والحوض وتتغير ريحُه سريعاً وقيل هو ما بين البئر والحوض أَو حَوْلَهُما من الماءِ والطين قال ذو الرمة
وأُدْرِكَ المُتَبَقَّى من ثَميلَتِه ... ومن ثَمائِلها واسْتُنشِئَ الغَرَبُ
وقيل هو ريح الماء والطين لأَنه يتغير ريحُهُ سريعاً ويقال للدَّالج بين البئر والحوْض لا تُغْرِبْ أَي لا تَدْفُقِ الماءَ بينهما فتَوْحَل وأَغْرَبَ الحَوضَ والإِناءَ ملأَهما وكذلك السِّقاءَ قال بِشْر بن أَبي خازِم
وكأَنَّ ظُعْنَهُمُ غَداةَ تَحَمَّلُوا ... سُفُنٌ تَكَفَّأُ في خَليجٍ مُغْرَبِ
وأَغربَ الساقي إِذا أَكثر الغَرْبَ والإِغرابُ كثرةُ المال وحُسْنُ الحال من ذلك كأَنَّ المالَ يَمْلأُ يَدَيْ مالِكِه وحُسنَ الحال يَمْلأُ نفسَ ذي الحال قال عَدِيُّ بن زيد العِبادِيّ
أَنتَ مما لَقِيتَ يُبْطِرُكَ الإِغ ... رابُ بالطَّيشِ مُعْجَبٌ مَحبُورُ
والغَرَبُ الخَمْرُ قال
دَعِيني أَصْطَبِحْ غَرَباً فأُغْرِبْ ... مع الفِتيانِ إِذ صَبَحوا ثُمُودا
والغَرَبُ الذَّهَبُ وقيل الفضَّة قال الأَعشى
إِذا انْكَبَّ أَزْهَرُ بين السُّقاة ... تَرامَوْا به غَرَباً أَو نُضارا
نَصَبَ غَرَباً على الحال وإِن كان جَوْهراً وقد يكون تمييزاً ويقال الغَرَب جامُ فِضَّةٍ قال الأَعشى
فَدَعْدَعا سُرَّةَ الرَّكاءِ كما ... دَعْدَعَ ساقي الأَعاجِمِ الغَرَبا
قال ابن بري هذا البيت للبيد وليس للأَعشى كما زعم الجوهري والرَّكاء بفتح الراءِ موضع قال ومِن الناسِ مَن يكسر الراء والفتح أَصح ومعنى دَعدَعَ مَلأَ وصَفَ ماءَينِ التَقَيا من السَّيل فملآ سُرَّة الرَّكاءِ كما ملأَ ساقي الأَعاجِمِ قَدَحَ الغَرَب خمْراً قال وأَما بيت الأَعشى الذي وقع فيه الغَرَبُ بمعنى الفضة فهو قوله تَرامَوا به غَرَباً أَو نُضارا والأَزهر إِبريقٌ أَبيضُ يُعْمَلُ فيه الخمرُ وانكبابُه إِذا صُبَّ منه في القَدَح وتَراميهم بالشَّراب هو مُناوَلةُ بعضهم بعضاً أَقداحَ الخَمْر والغَرَبُ [ ص 644 ] الفضة والنُّضارُ الذَّهَبُ وقيل الغَرَبُ والنُّضار ضربان من الشجر تُعمل منهما الأَقْداحُ التهذيب الغَرْبُ شَجَرٌ تُسَوَّى منه الأَقْداحُ البِيضُ والنُّضار شَجَرٌ تُسَوَّى منه أَقداح صُفْر الواحدةُ غَرْبَةٌ وهي شَجَرة ضَخْمةٌ شاكة خَضراءُ وهي التي يُتَّخَذُ منها الكُحَيلُ وهو القَطِرانُ حِجازية قال الأَزهري والأَبهَلُ هو الغَرْبُ لأَنَّ القَطِرانَ يُسْتَخْرَجُ منه ابن سيده والغَرْبُ بسكون الراءِ شجرة ضَخْمة شاكة خَضْراءُ حِجازِيَّة وهي التي يُعْمَلُ منها الكُحيلُ الذي تُهْنأُ به الإِبلُ واحِدَتُه غَرْبة والغَرْبُ القَدَح والجمع أَغْراب قال الأَعشى
باكَرَتْهُ الأَغْرابُ في سِنَةِ النَّوْ ... مِ فتَجْري خِلالَ شَوْكِ السَّيالِ
ويُروى باكَرَتْها والغَرَبُ ضَرْبٌ من الشجر واحدته غَرَبَةٌ قاله الجوهري ( 1 )
( 1 قوله « قاله الجوهري » أي وضبطه بالتحريك بشكل القلم وهو مقتضى سياقه فلعله غير الغرب الذي ضبطه ابن سيده بسكون الراء ) وأَنشد عُودُكَ عُودُ النُّضارِ لا الغَرَبُ قال وهو اسْبِيدْدارْ بالفارسية والغَرَبُ داء يُصِيبُ الشاةَ فيتَمَعَّط خُرْطُومُها ويَسْقُطُ منه شَعَرُ العَين والغَرَبُ في الشاة كالسَّعَفِ في الناقة وقد غَرِبَت الشاةُ بالكسر والغارِبُ الكاهِلُ من الخُفِّ وهو ما بين السَّنام والعُنُق ومنه قولهم حَبْلُكِ على غارِبكِ وكانت العربُ إِذا طَلَّقَ أَحدُهم امرأَته في الجاهلية قال لها حَبْلُك على غارِبك أَي خَلَّيتُ سبيلك فاذْهَبي حيثُ شِئْتِ قال الأَصمعي وذلك أَنَّ الناقة إِذا رَعَتْ وعليها خِطامُها أُلْقِيَ على غارِبها وتُرِكَتْ ليس عليها خِطام لأَنها إِذا رأَت الخِطامَ لم يُهْنِها المَرْعى قال معناه أَمْرُكِ إِلَيكِ اعمَلي ما شِئْتِ والغارِب أَعْلى مُقَدَّم السَّنام وإِذا أُهْمِلَ البعيرُ طُرِحَ حَبلُه على سَنامه وتُرِكَ يَذْهَبُ حيث شاءَ وتقول أَنتَ مُخَلًّى كهذا البعير لا يُمْنَعُ من شيءٍ فكان أَهل الجاهلية يُطَلِّقونَ بهذا وفي حديث عائشة رضي اللّه عنها قالت ليَزِيدَ بن الأَصَمِّ رُمِيَ بِرَسَنِك على غارِبك أَي خُلِّيَ سَبِيلُك فليس لك أَحدٌ يمنعك عما تريد تَشْبيهاً بالبعير يُوضَعُ زِمامُه على ظهرِه ويُطْلَقُ يَسرَح أَين أَراد في المرْعى وورد في الحديث في كنايات الطلاق حَبْلُكِ على غارِبِك أَي أَنتِ مُرْسَلةٌ مُطْلَقة غير مشدودة ولا مُمْسَكة بعَقْدِ النكاح والغارِبانِ مُقَدَّمُ الظهْر ومُؤَخَّرُه وغَوارِبُ الماءِ أَعاليه وقيل أَعالي مَوْجِه شُبِّهَ بغَوارِبِ الإِبل وقيل غاربُ كلِّ شيءٍ أَعْلاه الليث الغارِبُ أَعْلى المَوْج وأَعلى الظَّهر والغارِبُ أَعلى مُقَدَّمِ السَّنام وبعيرٌ ذُو غارِبَين إِذا كان ما بَينَ غارِبَيْ سَنامِه مُتَفَتِّقاً وأَكثرُ ما يكون هذا في البَخاتِيِّ التي أَبوها الفالِجُ وأُمها عربية وفي حديث الزبير فما زال يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِب حتى أَجابَتْه عائشةُ إِلى الخُروج الغاربُ مُقَدَّمُ السَّنام والذِّرْوَةُ أَعلاه أَراد أَنه ما زال يُخادِعُها ويَتَلطَّفُها حتى أَجابَتهُ والأَصل فيه أَن الرجل إِذا أَراد أَن يُؤَنِّسَ البعيرَ الصَّعْبَ لِيَزُمَّه ويَنْقاد له جَعَل يُمِرُّ يَدَه عليه ويَمسَحُ غاربَه ويَفتِلُ وبَرَه حتى يَسْتَأْنِسَ ويَضَعَ فيه الزِّمام [ ص 645 ] والغُرابانِ طَرَفا الوَرِكَينِ الأَسْفَلانِ اللَّذان يَلِيانِ أَعالي الفَخِذَين وقيل هما رُؤُوس الوَرِكَين وأَعالي فُرُوعهما وقيل بل هما عَظْمانِ رَقيقانِ أَسفل من الفَراشة وقيل هما عَظْمانِ شاخصانِ يَبْتَدّانِ الصُّلْبَ والغُرابانِ من الفَرس والبعير حَرفا الوَرِكَينِ الأَيْسَرِ والأَيمنِ اللَّذانِ فوقَ الذَّنَب حيث التَقَى رأْسا الوَرِكِ اليُمْنى واليُسْرى والجمع غِربانٌ قال الراجز يا عَجَبا للعَجَبِ العُجابِ خَمْسَةُ غِرْبانٍ على غُرابِ وقال ذو الرمة
وقَرَّبْنَ بالزُّرْقِ الحَمائلَ بَعْدما ... تَقَوَّبَ عن غِرْبان أَوْراكها الخَطْرُ
أَراد تَقَوَّبَتْ غِرْبانُها عن الخَطْرِ فقلبه لأَن المعنى معروف كقولك لا يَدْخُلُ الخاتَمُ في إِصْبَعِي أَي لا يَدْخُلُ إِصْبَعي في خاتَمي وقيل الغِرْبانُ أَوْراكُ الإِبل أَنْفُسها أَنشد ابن الأَعرابي
سأَرْفَعُ قَوْلاً للحُصَينِ ومُنْذِرٍ ... تَطِيرُ به الغِرْبانُ شَطْرَ المَواسم
قال الغِرْبانُ هنا أَوْراكُ الإِبِلِ أَي تَحْمِلُه الرواةُ إِلى المواسم والغِرْبانُ غِرْبانُ الإِبِلِ والغُرابانِ طَرَفا الوَرِك اللَّذانِ يَكونانِ خَلْفَ القَطاةِ والمعنى أَن هذا الشِّعْرَ يُذْهَبُ به على الإِبِل إِلى المَواسم وليس يُرِيدُ الغِربانَ دونَ غيرِها وهذا كما قال الآخر
وإِنَّ عِتاقَ العِيسِ سَوْفَ يَزُورُكُمْ ... ثَنائي على أَعْجازِهِنَّ مُعَلَّقُ
فليس يريد الأَعجاز دون الصُّدور وقيل إِنما خصَّ الأَعْجازَ والأَوْراكَ لأَنَّ قائِلَها جَعل كِتابَها في قَعْبَةٍ احْتَقَبها وشدَّها على عَجُز بعيره والغُرابُ حَدُّ الوَرك الذي يلي الظهْرَ والغُرابُ الطائرُ الأَسْوَدُ والجمع أَغْرِبة وأَغْرُبٌ وغِرْبانٌ وغُرُبٌ قال وأَنْتُم خِفافٌ مِثْلُ أَجْنحةِ الغُرُبْ وغَرابِينُ جمعُ الجمع والعرب تقول فلانٌ أَبْصَرُ من غُرابٍ وأَحْذَرُ من غُرابٍ وأَزْهَى من غُرابٍ وأَصْفَى عَيْشاً من غُرابٍ وأَشدُّ سواداً من غُرابٍ وإِذا نَعَتُوا أَرْضاً بالخِصْبِ قالوا وَقَعَ في أَرْضٍ لا يَطِير غُرابُها ويقولون وجَدَ تَمْرَةَ الغُرابِ وذلك أَنه يتَّبِعُ أَجودَ التَّمْر فيَنْتَقِيه ويقولون أَشْأَمُ من غُرابٍ وأَفْسَقُ من غُراب ويقولون طارَ غُرابُ فلانٍ إِذا شاب رأْسُه ومنه قوله ولمَّا رَأَيْتُ النَّسْرَ عَزَّ ابنَ دَايةٍ أَراد بابْنِ دايةٍ الغُرابَ وفي الحديث أَنه غَيَّرَ اسمَ غُرابٍ لمَا فيه من البُعْدِ ولأَنه من أَخْبَث الطُّيور وفي حديث عائشة لمّا نَزَلَ قولُه تعالى ولْيَضْرِبْنَ بخُمُرِهِنَّ على جُيوبِهِنَّ فأَصْبَحْنَ على رؤوسِهِنَّ الغِرْبانُ شَبَّهَتِ الخُمُرَ في سوادها بالغِرْبان جمع غُراب كما قال الكميت كغِرْبانِ الكُروم الدوالِجِ وقوله
زَمانَ عَليَّ غُرابٌ غُدافٌ ... فطَيَّرَهُ الشَّيْبُ عنِّي فطارا
إِنما عَنى به شِدَّةَ سوادِ شعره زمانَ شَبابِه وقوله [ ص 646 ]
( يتبع )

( ( ) تابع 2 ) غرب الغَرْبُ والمَغْرِبُ بمعنى واحد ابن سيده الغَرْبُ خِلافُ فَطَيَّرَه الشَّيْبُ لم يُرِدْ أَن جَوْهَرَ الشَّعر زال لكنه أَراد أَنّ السَّوادَ أَزالَه الدهرُ فبَقِي الشعرُ مُبْيَضّاً وغُرابٌ غاربٌ على المبالغة كما قالوا شِعْرٌ شاعِرٌ ومَوتٌ مائِتٌ قال رؤبة فازْجُرْ من الطَّيرِ الغُرابَ الغارِبا والغُرابُ قَذالُ الرأْس يقال شابَ غُرابُه أَي شَعَرُ قَذالِه وغُرابُ الفأْسِ حَدُّها وقال الشَّمّاخ يصف رجلاً قَطَعَ نَبْعةً
فأَنْحَى عليها ذاتَ حَدٍّ غُرابُها ... عَدُوٌّ لأَوْساطِ العِضاهِ مُشارِزُ
وفأْسٌ حديدةُ الغُرابِ أَي حديدةُ الطَّرَف والغرابُ اسم فرسٍ لغَنِيٍّ على التشبيه بالغُرابِ من الطَّيرِ ورِجْلُ الغُراب ضَرْبٌ من صَرِّ الإِبلِ شديدٌ لا يَقْدِرُ الفَصِيلُ على أَن يَرْضَعَ معه ولا يَنْحَلُّ وأَصَرَّ عليه رِجْلَ الغرابِ ضاقَ عليه الأَمْرُ وكذلك صَرَّ عليه رِجلَ الغُرابِ قال الكُمَيْتُ
صَرَّ رِجْلَ الغُرابِ مُلْكُكَ في النا ... سِ على من أَرادَ فيه الفُجُورا
ويروى صُرَّ رِجْلَ الغُراب مُلْكُكَ ورجلَ الغرابِ مُنْتَصِبٌ على المَصْدَر تقديره صَرّاً مِثْلَ صَرِّ رِجْلِ الغراب وإِذا ضاقَ على الإِنسان معاشُه قيل صُرَّ عليه رِجْلُ الغُرابِ ومنه قول الشاعر
إِذا رِجْلُ الغُرابِ عليَّ صُرَّتْ ... ذَكَرْتُكَ فاطْمأَنَّ بيَ الضَّمِيرُ
وأَغرِبةُ العَرَبِ سُودانُهم شُبِّهوا بالأَغْرِبَةِ في لَوْنِهِم والأَغْرِبَةُ في الجاهلية عَنْترةُ وخُفافُ ابن نُدْبَةَ السُّلَمِيُّ وأَبو عُمَيرِ بنُ الحُبابِ السُّلَمِيُّ أَيضاً وسُلَيْكُ بنُ السُّلَكَةِ وهشامُ ابنُ عُقْبة بنِ أَبي مُعَيْطٍ إِلا أَنَّ هشاماً هذا مُخَضْرَمٌ قد وَلِيَ في الإِسلام قال ابن الأَعرابي وأَظُنُّهُ قد وَلِيَ الصائفَةَ وبعضَ الكُوَر ومن الإِسلاميين عبدُاللّه بنُ خازم وعُمَيْرُ بنُ أَبي عُمَير بنِ الحُبابِ السُّلَمِيُّ وهمّامُ بنُ مُطَرِّفٍ التَّغْلَبِيّ ومُنْتَشِرُ بنُ وَهْبٍ الباهِليُّ ومَطَرُ ابن أَوْفى المازِنيّ وتأَبَّطَ شَرّاً والشّنْفَرَى ( 1 )
( 1 ليس تأبّط شراً والشنفرى من الإسلاميين وإنما هما جاهليّان )
وحاجِزٌ قال ابن سيده كل ذلك عن ابن الأَعرابي قال ولم يَنْسُبْ حاجزاً هذا إِلى أَب ولا أُم ولا حيٍّ ولا مكانٍ ولا عَرَّفَه بأَكثر من هذا وطار غرابُها بجَرادتِكَ وذلك إِذا فات الأَمْرُ ولم يُطْمَعْ فيه حكاهُ ابنُ الأَعرابي وأَسودُ غُرابيٌّ وغِرْبيبٌ شديدُ السوادِ وقولُ بِشْر بن أَبي خازم
رأَى دُرَّة بَيْضاءَ يَحْفِلُ لَوْنَها ... سُخامٌ كغِرْبانِ البَريرِ مُقَصَّبُ
يعني به النضيج من ثَمَر الأَراك الأَزهري وغُرابُ البَرِيرِ عُنْقُودُه الأَسْوَدُ وجمعه غِرْبانٌ وأَنشد بيت بشر بن أَبي خازم ومعنى يَحْفِلُ لَوْنَها يَجْلُوه والسُّخَامُ كُلُّ شيءٍ لَيِّن من صوف أَو قطن أَو غيرهما وأَراد به شعرها والمُقَصَّبُ المُجَعَّدُ وإِذا قلت غَرابيبُ سُودٌ تَجْعَلُ السُّودَ بَدَلاً من غَرابيبِ لأَن توكيد الأَلوان لا يتقدَّم وفي الحديث إِن اللّه يُبْغِضُ الشيخَ الغِرْبِيبَ هو [ ص 647 ] الشديدُ السواد وجمعُه غَرابيبُ أَراد الذي لا يَشيبُ وقيل أَراد الذي يُسَوِّدُ شَيْبَه والمَغارِبُ السُّودانُ والمَغارِبُ الحُمْرانُ والغِرْبِيبُ ضَرْبٌ من العِنَب بالطائف شديدُ السَّوادِ وهو أَرَقُّ العِنَب وأَجْوَدُه وأَشَدُّه سَواداً والغَرَبُ الزَّرَقُ في عَيْنِ الفَرس مع ابْيضاضِها وعينٌ مُغْرَبةٌ زَرْقاءُ بيضاءُ الأَشْفارِ والمَحاجِر فإِذا ابْيَضَّتْ الحَدَقةُ فهو أَشدُّ الإِغرابِ والمُغْرَبُ الأَبيضُ قال مُعَوية الضَّبِّيُّ
فهذا مَكاني أَو أَرَى القارَ مُغْرَباً ... وحتى أَرَى صُمَّ الجبالِ تَكَلَّمُ
ومعناه أَنه وَقَعَ في مكان لا يَرْضاه وليس له مَنْجًى إِلاّ أَن يصير القارُ أَبيضَ وهو شِبه الزفت أَو تُكَلِّمَه الجبالُ وهذا ما لا يكون ولا يصح وجوده عادة ابن الأَعرابي الغُرْبةُ بياض صِرْفٌ والمُغْرَبُ من الإِبل الذي تَبْيَضُّ أَشْفارُ عَيْنَيْه وحَدَقَتاه وهُلْبُه وكلُّ شيء منه وفي الصحاح المُغْرَبُ الأَبيضُ الأَشْفارِ من كل شيءٍ قال الشاعر
شَرِيجَانِ من لَوْنَيْنِ خِلْطانِ منهما ... سَوادٌ ومنه واضِحُ اللَّوْنِ مُغْرَبُ
والمُغْرَبُ من الخَيل الذي تَتَّسِعُ غُرَّتُه في وجهِه حتى تُجاوِزَ عَيْنَيْه وقد أُغْرِبَ الفرسُ على ما لم يُسمَّ فاعله إِذا أَخَذَتْ غُرَّتُه عينيه وابْيَضَّت الأَشفارُ وكذلك إِذا ابيضتْ من الزَّرَق أَيضاً وقيل الإِغرابُ بياضُ الأَرْفاغ مما يَلي الخاصرةَ وقيل المُغْرَب الذي كلُّ شيء منه أَبيضُ وهو أَقْبَحُ البياض والمُغْرَبُ الصُّبْح لبياضه والغُرابُ البَرَدُ لذلك وأُغْرِبَ الرجلُ وُلِدَ له وَلدٌ أَبيضُ وأُغْرِبَ الرجلُ إِذا اشْتَدَّ وَجَعُه عن الأَصمعي والغَرْبِيُّ صِبْغٌ أَحْمَرُ والغَرْبيُّ فَضِيخُ النبيذِ وقال أَبو حنيفة الغَرْبِيُّ يُتَّخَذُ من الرُّطَب وَحْده ولا يَزال شارِبُه مُتَماسِكاً ما لم تُصِبْه الريحُ فإِذا بَرَزَ إِلى الهواءِ وأَصابتْه الريحُ ذَهَبَ عقلُه ولذلك قال بعضُ شُرَّابه
إِنْ لم يكنْ غَرْبِيُّكُم جَيِّداً ... فنحنُ باللّهِ وبالرِّيحِ
وفي حديث ابن عباس اخْتُصِمَ إِليه في مَسِيلِ المَطَر فقال المَطَرُ غَرْبٌ والسَّيْلُ شَرْقٌ أَراد أَن أَكثر السَّحاب يَنْشَأُ من غَرْبِ القِبْلَة والعَيْنُ هناك تقول العربُ مُطِرْنا بالعَيْن إِذا كان السحابُ ناشئاً من قِبْلة العِراق وقوله والسَّيْلُ شَرْقٌ يريد أَنه يَنْحَطُّ من ناحيةِ المَشْرِقِ لأَن ناحيةَ المشرق عاليةٌ وناحية المغرب مُنْحَطَّة قال ذلك القُتَيْبي قال ابن الأَثير ولعله شيء يختص بتلك الأَرض التي كان الخِصَام فيها وفي الحديث لا يزالُ أَهلُ الغَرْبِ ظاهرين على الحق قيل أَراد بهم أَهلَ الشام لأَنهم غَرْبُ الحجاز وقيل أَراد بالغرب الحِدَّةَ والشَّوْكَةَ يريد أَهلَ الجهاد وقال ابن المدائني الغَرْبُ هنا الدَّلْوُ وأَراد بهم العَرَبَ لأَنهم أَصحابها وهم يَسْتَقُون بها وفي حديث الحجاج لأَضْرِبَنَّكم ضَرْبةَ غَرائبِ الإِبلِ قال ابن الأَثير هذا مَثَلٌ ضَرَبه لنَفْسه مع رعيته يُهَدِّدُهم وذلك أَن الإِبل إِذا وردت الماء فدَخَلَ [ ص 648 ] عليها غَريبةٌ من غيرها ضُرِبَتْ وطُرِدَتْ حتى تَخْرُجَ عنها وغُرَّبٌ اسم موضع ومنه قوله في إِثْرِ أَحْمِرَةٍ عَمَدْنَ لِغُرَّبِ ابن سيده وغُرَّبٌ بالتشديد جبل دون الشام في بلاد بني كلب وعنده عين ماء يقال لها الغُرْبة والغُرُبَّةُ وهو الصحيح والغُراب جَبَلٌ قال أَوْسٌ
فَمُنْدَفَعُ الغُلاَّنِ غُلاَّنِ مُنْشِدٍ ... فنَعْفُ الغُرابِ خُطْبُه فأَساوِدُهْ
والغُرابُ والغَرابةُ مَوْضعان ( 1 )
( 1 قوله « والغراب والغرابة موضعان » كذا ضبط ياقوت الأول بضمه والثاني بفتحه وأنشد بيت ساعدة ) قال ساعدةُ ابنُ جُؤَيَّةَ
تذَكَّرْتُ مَيْتاً بالغَرابةِ ثاوِياً ... فما كانَ لَيْلِي بَعْدهُ كادَ يَنْفَدُ
وفي ترجمة غرن في النهاية ذِكْرُ غُران هو بضم الغين وتخفيف الراء وادٍ قريبٌ من الحُدَيْبية نَزَلَ به سيدُنا رسولُ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مسيره فأَما غُرابٌ بالباءِ فجبل بالمدينة على طريق الشام والغُرابُ فرسُ البَراءِ بنِ قَيْسٍ والغُرابِيُّ ضَرْبٌ من التمر عن أَبي حنيفة =

============

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جلد 3. الحيوان للجاحظ /الجزء الثالث

  الجزء الثالث بسم الله الرحمن الرحيم فاتحة استنشاط القارئ ببعض الهزل وإن كنَّا قد أمَلْلناك بالجِدِّ وبالاحتجاجاتِ الصحيحة والم...